25-09-18, 04:45 AM
| #277 | |||||||
 
|  الفصل الثالث عشر ( الجزء الثاني ) يوم افتتاح الجمعية - كنت أقلب الكلمات بذهني باحثة عن كلمات مناسبة لإلقائها فاقتحمت جملة سمعتها ممن كان لها الفضل بإنشاء هاته الجمعية ذاكرتي .... كانت قد قالت لي يومها " أنا لا أحب الهزيمة لذا عندما أختار مع من أعمل فأنا أبحث عن أناس يحبون الفوز ... لا ينظرون إلى الفشل نهاية للسبيل بل انطلاقة أكثر قوة و تحديا جديدا .... أنا أحب من يقارع نفسه ليبنيها ... من يتحدى نفسه لينهض بها .... كانت قد هتفت بي ... توهجي تميزا و تلألئي بالقوة فالأمل عندها لن يظل طريقه لك وأنت تقدحين نارا" عندها اكتشفت شيئا كنت غافلة عنه طوال حياتي أن لا أمل لمن لم يحارب ... لمن لم يجاهد نفسه قبل الجميع لذا فقد ارتأينا تسمية جمعيتنا '''جمعية أمل''' لتكون لنا جميعا أملا جديدا للتطوير من أنفسنا ... لمساعدتنا ربما على إعالة أنفسنا لكن بالنسبة لي فهدفها الأساسي إلى جانب كل هذا هو تعليمنا كيف نحذو حذوها ... حذو رئيسة جمعيتنا التي لولاها لما رأت الجمعية النور ... نحن هنا باختصار للتعلم منها ما يجعلنا نسمو بأفكارنا كما بأفعالنا ... "تيتريت" اسم على مسمى ... نجمة تلمع أينما حلت و ارتحلت ... شكرا لك على أمل كان قد غاب و اندثر فكنت السبب المحفز الذي حثنا على التنقيب عنه ... شكرا لكم على الحضور جميعا. كانت تجاهد العبرات بعينيها وهي تنصت للكلمة الافتتاحية لـ"شريفة" ... كانت قد أصرت على ترك الكلمة لـها بل وأجبرتها على تقديمها وهي الآن تنظر لها تنسحب بعد كلماتها التي ارتفعت لها تصفيقات الحضور كانت تشعر بالفخر يملأ فؤادها. تعلم مدى الرعب الذي جاهدت شريفة لإخفائه خاصة بحضور شقيقها الذي لم يكن راضيا على انخراطها بعمل الجمعية ... كما تعلم كيف حاربت نفسها لتقف أمام هذا الجمع و هي التي ألفت الانعزال ... فلم تجد سوى الفخر و الحب للمرأة التي كانت قد قالت لها قبل كلمتها الافتتاحية " تعلمت منك أن أحارب نفسي و أتغير لأجل نفسي وهذا ما فعلته لكنني اليوم أجاهد نفسي لأجلك فأنا مع كل درس كنت أتعمله منك كنت أرى كم كنت متفانية من أجلي ... وأنا أفعل هذا من أجلي لكن أيضا من أجلك" كانت تقف متوارية في ركن بعيد عن الحضور تنتظر "شريفة" التي سارت مخفضة رأسها بوجه محمر نحوها ... ابتسمت لها بحنو وسرور عندما اقتربت و رفعت رأسها لكنها فاجأتها وقد ارتمت في حضنها معتصرة إياها قبل أن تهمس لها بصوت مرتجف .. متأثر : - شكرا لك تسللت دمعة متمردة من جانب عينها اليسرى بينما ارتجفت عضلة قلبها وهي تشعر بارتجاف جسد المرأة بين يديها متخلصا من توتره. اعتصرت الجسد المرتجف بحنو وهمست لها منوهة ومشجعة : - كنت رائعة يا شريفة ... رائعة بحق . أبعدت "شريفة" عن حضنها تتفحص ملامحها التي لم تعد مشدودة بتوتر و قد ارتخت فابتسمت بوجهها بحنو و سألت بمرح مداعبة : - كيف هو طعم أول خطوات نجاحك ؟ ضحكت "شريفة" بخفة و تبعتها "تيتريت" ليقاطعهما العم جلال الذي دلف للركن حيث كانتا و قال بابتسامة ودودة : - الكل يسأل عن "تيتريت" التي توهجت أملا و أنارت ما حولها. التفتت له "تيتريت" مبتهجة فاقتربت نحوه حتى صارت أمامه لتنحني تقبل جبهته بمودة و قالت : - لا تكثروا من الثناء فقد يجعلني في زمرة المغرورين أمسك كفها معتصرا بحب قبل أن يقول مصرحا : - أنت لم تكوني يوما ضيقة الأفق ليتمكن منك الغرور .... أنت ما أنت عليه ...."تيتريت" .... نجمتي الوضاءة. كانت لكلمات العم قدرة غريبة على خلق حنو متدفق يغمر فؤادها لكن الكلمة الأخيرة كانت مزلزلة ... فضيقت عينيها و صدى الكلمة يتردد بذهنها ..." نجمتي الوضاءة " .... "نجمتي الوضاءة" همست متعثرة بالكلمات تحت نظرات العم الذي كان يراقب بتفحص ردة فعلها : - نجمتي الوضاءة ... إنها .... إنها .... أنا أعرف هاته الكلمة ... إنها ....مألوفة اكتفى العم جلال بابتسامة غامضة و أطلت من عينيه نظرة دافئة وهو يتأملها عندما دلف مقاطعا "صالح" الذي سار ليجاور "تيتريت" فأزاح انتباهها بعيدا عن العم جلال الذي بادل نظرات صالح المحترسة قبل أن يتحول البريق لوجع استطاع إخفائه ... لف "صالح" ذراعه حول كتفيها و قبل جبينها فتلاشت الحيرة التي كانت تتخبط بها وجذب اهتمامها كلماته المرحة : - ربما حان الوقت للتدخل فأمك بكلماتها المتكسرة صارت كل نصائحها توحي بالعكس اتسعت عيني "تيتريت" تحت نظرات "شريفة" و العم جلال المستغربة لتقول هاتفة برجاء : - أرجوك يا أبي قل أنها لم تصل لكلمة 'خمار' ضحك "صالح" بتسلية و ابتسم كل من العم جلال و شريفة ليقول : - عندما كنت أمر من جانبها فقد أنصت لها مسترسلة في شرح ما هي البتة ؟ فلنأمل أن الموضوع لازال بالمأكولات و لم يتحول إلى شيء آخر. رفعت "تيتريت" يديها مستسلمة و قالت متراجعة تهم بالانصراف برفقة "شريفة" وقالت : - ربما علي الانصراف فمواضيع أمي تتحول بسرعة . ********************** بعد انتهاء كلمة "شريفة" و كلمة العم المحجوب الذي قدمها لكونه النائب البرلماني المسئول عن المنطقة انتشر الجميع لرؤية الألواح حيث سطرت المشاريع التي تريد الجمعية تحقيقها. بركن بعيد شيء ما عن الحضور استوقفت "مليكة" "عائشة" التي أجبرتها "تيتريت" على الحضور لتتفحص بانبهار العقد ذو الطابع الأمازيغي الذي كانت ترتديه . فوجدها "أسامة" الذي أنصت لأسئلة "مليكة" المنبهرة بشيء من التسلية قبل أن يقترب منهما أكثر ويقول بسخرية مداعبا "مليكة" : - فلتتريثي بانبهارك الغريب هذا فالمرأة تكاد تسقط منهارة من وفرة أسئلتك و غرابتها. أبعدت "مليكة" يديها عن العقد و ابتعدت عن عائشة المبتسمة بتسامح والتي تحدثت : - ليست غريبة وأنت أكثر من يجب أن يعلم ذلك فأنت على ما أظن تعمل الآن في الصناعة التقليدية و أظن أن لك قسم بالشركة يهتم بالحلي و تصميمها. رفع حاجبه و هو ينقل نظراته بين المرأتين و قال مستفهما وهو ينظر لمليكة : - و هل هذه المجنــ........ أقصد مليكة مهتمة بتصميم الحلي. كانت "عائشة" على وشك إجابته عندما هتفت "مليكة" وقد لمعت عينيها بحنق : - أنت ... ماذا كنت تنوي قوله؟ تصنع "أسامة" البراءة التي كانت تنفيها التسلية بعينيه و رفع يديه نحوها باستسلام ليقول : - أنا ... لاشيء .... إنه سؤال بسيط .... اهدئي . اقتربت تحت نظراته المتسلية نحوه و قد اكتسبت بشرتها لونا زهريا لم يبرزه إلا الغضب لتقول بهمس غاضب : - بل كنت تنوي قول هذه المجنونة ... فتشير لنفسها باستنكار هاتفة : - أنا مجنونة ؟ أنــــــــا ؟ لم يستطع "أسامة" كتم ابتسامته أكثر مما زاد من حنقها فرفعت أصبعها تضرب به على صدره و تتابع هتافها : - المجنون من يسفه الناس .... و المجنون من يتباهى بعضلاته و يغرق أنثى بالوحل ... قاطعها بعد أن التفت ينظر نحوه متفحصا وقد ازداد مرحه ليقول بسؤال استنكاري ... مستفز : - أنثى ... أي أنثى ... و أين هذه الأنثى ؟ ضيقت عينيها أكثر عليه وزمت شفتيها غيظا فاقترب منها يهز رأسه متصنعا الأسف ليهمس : - فليكن الله في عون العم صالح فمن أين يجد لك عريسا يــــــــ كان يرمي كلماته مستلذا بالتوهج بعينيها قبل أن تتوقف كلماته وعينيه تنزاح لثغرها حيث كانت تقضم شفتها الممتلئة بأسنانها بقوة ... فتسللت كلماته بعيدا وانشغل بمقاومة رغبته في رفع كفه و تحرير شفتها لكن كلماته كانت السباقة وهو يطالبها بهدوء : - لا تقضمي شفتك . كانت "مليكة" غافلة عما حصل ... كما كانت غافلة عن نظراته و قد انشغلت بدورها في محاصرة غيظها منه فأجابته ببساطة : - أنا أفعلها من أجلك اتسعت عيني "أسامة" قبل أن ينظر لعينيها غير مصدق ما استخلصه من حديثها و ما وصله من كلماتها لكنها تابعت نافية ما استنبطه و ما لم تتكهن به هي : - لأنني لو لم أفعل هذا لكنت تلقيت جل أنواع الشتائم و التي تستحقها عن جدارة. هز رأسه مستوعبا قبل أن تتسع ابتسامته مستغربا عدم انتباهها إلى أين أوشك الموضوع أن يجرهم ... و مذهولا و متخبطا بين غضبها أم براءتها و الذي كان لأحدهما الدور في إغفالها عن منحى الكلمات. تفكيره بما حصل قبل لحظات جعل عينيه تنظر لها الآن نظرة مختلفة ... كان اللون المحمر الذي تخلل اللون الكريمي لبشرتها يزيدها بهاء بينما كانت عينيها وقد ومضتا حنقا تتألق بلون أخضر مخزني غريب . ملامحها متناسقة بشكل ناعم لا يوحي بتقلب مزاجها و لا بجنونها وشعرها بلونه المحمر ينفي وداعتها ... كانت خليطا متناقضا وغريبا ... فجنونها يوازي اللطف بشخصيتها ... و ربما تكون وديعة إلا انها متفجرة . شاهدها متأملا كيف زاد تألق عينيها وتسارعت الكلمات على شفتيها فأرغم نفسه على العودة واستيعاب ما تتفوه به ليدرك متأخرا أنه تفوه بكلمته الأخيرة التي فكر بها فوجد نفسه يلتقط ذراعها مبتعدا عن الأنظار و ربما السمع وقد بدا صوتها يعلو. ترك ذراعها وقد دلفا لغرفة تخصصت للنسيج فزادت صوتها علوا لخلو الغرفة إلا من أعمدة المخصصة للنسيج : - متفجرة ... ألا تكتفي ... مجنونة وقد عدت لتضيف بكل وقاحة وتسلب مني صفة أنثى و تتم موشحك بمتفجرة ... أ تتقصدني يا هذا أم ماذا؟ أغمض عينيه يائسا قبل أن يفتح عينيه ينظر لها وقد أتمت جملتها بلهاث من ركض لأميال ليقول هامسا من بين أسنانه : - اهدئي ... و أخفضي صوتك الرنان ذاك ستفضحيننا ليتابع مقررا : - أتعلمين ماذا امكثي هنا لدقائق لتتمالكي نفسك و أنا سأغادر ويضيف و قد ابتعد حتى قارب على عبور باب الغرفة : - مجنونة فغادر مسرعا تاركا إياها تصارع جنونها الذي جعله يسير مبتعدا والابتسامة عالقة على شفتيه | |||||||
|
|
25-09-18, 04:46 AM
| #278 | |||||||
| تخونه عينيه فتنجرف نحوها. كانت اليوم متألقة بشكل مغيظ بحيث كانت النظرات تلاحقها. تحفز وهي تلتحق بوالده بعد حديث مع والدتها فسارت بمحاذاة كرسيه المتحرك ليعرفها على أعيان المنطقة وأصدقائهم و الذين قدموا تبرعات مفاجئة له ولهم. شعر "عمر" بضيق في صدره و اختناق غير مستحب ... وغريب عن شخصه. مبهم و مزعج ذاك الشعور المتناقض الذي يدفعه لتقييدها به و لإعلان فخره بها أمام الجميع .... محير ذاك الانفعال الدفين الذي بات يصيبه بجانبها . - "عمر" أزاح أفكاره جانبا و التفت نحوه "عائشة" التي نادته بضيق فابتسم لها برأفة وهو يستشعر ضيقها وسط هذا الكم من الحضور وهي التي اعتزلت حضور التجمعات الكبيرة لتفضيلها وحدتها و العيش مع آلامها دون التعرض للنظرات المشفقة التي لن تزيدها إلا ألما فطالبته هامسة وبنبرة متوترة استغربها : - أريد الانصراف هل تستطيع إيصالي ضيق "عمر" عينيه عليها مدققا ليلاحظ وجهها الذي فقد لونه كما انتبه لنظراتها التائهة فسأل مقتربا : - ماذا بك ؟ ما الذي حصل ؟ أجابته بتوتر جعلها نافذة الصبر : - لا شيء محدد .... أشعر بنفسي متعبة بحيث لا أستطيع السير للمنزل كانت تشعر بنفسها تنهار تدريجيا لذا فضلت الوصول لغرفتها لجدران غرفتها التي ألفت بكائها و أنينها المكتوم ... فنظرت لـ"عمر" باستجداء جعل استغرابه ينزاح جانبا فأومأ لها ملبيا طلبها وسارع ممسكا ذراعها منصرف عندما استوقفه "خليل" الذي اعترض طريقه عند باب الجمعية قائلا : - أتصدق أنني ما كنت لأصدق أنك تتواجد هنا في حين صفقة تصدير المنتوج المحلي تناقش بفرنسا لولا أنني رأيتك بأم عيني . ابتسم "عمر" بخفة و ضم "خليل " بحرارة قبل ان يبتعد ينظر له و يضرب على كتفه قائلا : - لقد شخت يا رجل ضحك "خليل" بمرح قبل أن يشير بيده نحو الشابين الذي كانا خلفه ببضع خطوات و قال : - أتواسي نفسك ... الناس يظنون أبنائي أشقاء لي . أومأ له عمر مبتسما قبل أن ينظر للشابين فبادر خليلا ...معرفا أو مذكرا : - أظنك لا تذكرهم ... هذا فارس ( مشيرا لأكبرهم الذي اقترب يصافح عمر ) وهذا معاذ ( وأشار للشاب الأصغر الذي كان المشد يحمي يده المكسورة فاكتفى بإلقاء التحية ليتابع خليل قائلا لعمر ) - نتائج الدراجة النارية أومأ "عمر" والتفت يبحث عن عائشة التي كانت تقف خلفه متدثرة به فيلف يده على كتفيها جاذبا إياها ّإلى جانبه ويقول للواقفين أمامه : - أنت تتذكر "عائشة" ... عمتي . رفع "خليل" عينيه يتأمل المرأة التي لا يحمل لها بذاكرته إلا بعض الصور الباهتة جراء الزمن لكنها لم تكن باهتة كصورتها اليوم ... ألقى التحية عليها كما فعل أبناءه و ردت عليهم بهمس متكسر قبل أن تقترب أكثر من عمر الذي رفع إليها عينيه فلاحظ تعلق عينيها بمكان يتخطاهم. لاحق نظراتها لتضيق عينيه و هي تحط على طليقها وأباه اللذان كانا يقفان مع عمه المحجوب. ضمها له أكثر مستشعرا ارتجاف جسدها فوجه كلامه لخليل الذي تظاهر بحديث مع فارس منعا للإحراج وهو الذي علم بقصتها من عائلته بالقرية : - مضطر للمغادرة "خليل" علي إيصال عائشة ... ربما إن مكثت لبعض الوقت فسأجدك حين عودتي. - سيعترضك طريقك الكثيرون لما لا تترك "فارس " يقوم بإيصالها فهو ذاهب للمدينة برفقة شقيقه؟ يعلم صحة قول خليل وهو يرى عمه ابراهيم مقتربا نحوه برفقة شريك لهم بأعمالهم فالتفت نحو عائشة و قال بهمس متسائلا : - هل يناسبك الذهاب مع فارس ؟ نظرت له "عائشة" بضياع لثوان قبل أن تومئ موافقة بغية الفرار بسرعة خاصة وهي تشعر بانهيار وشيك فأشار لها فارس بابتسامة ودودة لمرافقته قبل أن تسرع نحوه متعثرة بخطواتها تحت نظرات "عمر" الباردة و نظرات "خليل" المشفقة. | |||||||
|
|
|
25-09-18, 04:48 AM
| #279 | |||||||
| تلك الرسمية الجافة التي صارت تتفنن وهي تعاملهم بها أصبحت لا تطاق. تجنبت رؤيتهم و اقتصرت لقاءاتهم للقاءات عملية لا تتجاوز الحديث عن العمل. كانوا قد حشروا بالزاوية وهي تواجههم بأفعالهم ... جارحة وهي تضع أمامهم حقيقة قاتلة ... صريحة وهي تطعن بخطاياهم. راقبها تنقل نظراتها نحوها قبل أن تعود تنصت لصديق العم جلال الذي كان مسترسلا في حديثه عن مغامرته و عمه ... ابتسم بحنو وشجن لضحكتها الموجهة للشيخين اللذان استأثرا باهتمامها قبل أن يتنبه لملامحها التي عادت لجمودها وهي تنظر متخطية عمها وصديقه للشخص المقترب منهم. اقترب "أيمن" أكثر ليقف ملقيا التحية على عمه وصديقه قبل ان يلتفت نحو "تيتريت" التي التزمت الصمت ... واجمة و يقول رافعا حاجبيه : - أنا شخص أنشر الحبور أينما ذهبت فبالله عليك لا تفسدي سمعتي هاته رفعت "تيتريت" حاجبها ساخرة من قوله دون أن تجيبه ليقترب أكثر نحوها يقول بتسلية تحت نظرات يحيى الذي اقترب بدوره متوجسا : - أ أستطيع معانقتك مباركا عبست بوجهه و ضيقت عينيها عليه ليقول متنهدا دون أن يفقد مرحه : - حسنا هل أستطيع تقبيلك مباركا قابلت طلبه بالتواء شفتها و نظرت لعمها المبتسم ليلتفت "أيمن" بدوره لعمه و يقول مصرحا : - أنت شاهد يا عمي فأنا استوفيت كافة الطرق الحضارية و المؤدبة لأخذ الإذن لما أريد فعله لكنها جاحدة ومستفزة لذاك فسأفعل ما أريد بانتهاء كلماته كان يضمها إليه بفظاظة تحررت على إثرها صرخة خفيفة قبل أن تحرر ابتسامتها وهو يحيط خصرها رافعا إياها بالهواء فهمست متصنعة السخط و الحرج يلون كلماتها : - أيها المجنون ... أنزلني أرضا الجميع ينظرون إلينا . - ليس قبل أن تعتذري . ضربته على كتفه و قالت باستنكار : - أنا من عليها الاعتذار ؟ أم أنت الذي لحقت الحفل بدقائق قبل انتهائه . أنزلها و نظر لعينيها ليقول مبررا : - الطائرة عرفت تأخرا لأسباب جوية لو لم يكن كذلك لكنت معك قبل الحفل ... آسف يا شقراء. ضيقت عينيها عليه قبل أن تبتسم و ترفع كفيها تعدل سترة بذلته و تقول : - حسنا صدقتك ... الأهم أنك هنا. ابتسم بدوره قبل أن يضمه له مقبلا رأسها و يهمس مداريا كلماته عن عمه وصديقه المراقبان : - ثم أين الجزء الممتع في الحضور مبكرا ... لفت الانتباه يكون بالتأخر. أجابته هامسة ... و بمرح : - طبعا يا نجم الحفلات. استمر الاثنان بممازحة بعضهما البعض تحت نظرات العم المبتسمة الذي شهد تطور علاقتها و التي تطورت بسلاسة لم يستغربها. فأيمن يمتلك شخصية مرحة قادرة على التسلل بخفة للآخر لكن ما ميز تقارب الاثنان هو شعورهما بالغضب نحو آل ملاك ... تشاركهما في صفة "ضحية" لعائلتهم .... ثم طبعا هناك ذاك الاهتمام الذي شاب العلاقة بينهما فمنذ زيارته لها صار كثير الحضور ... وكثير الحديث معها ... لقد شهد بنفسه كيف كان أيمن يريد ان يعلم عنها الكثير و أخبرها بدوره الكثير عنه ... مازحها و أكثر المزاح رغم تحفظها بالأيام الأولى قبل أن تطلق لنفسها العنان معه شيئا فشيئا. كان يعلم أن "أيمن" كان الأقرب من بين أشقائها الثلاثة القادر على الاقتراب ... لعلمه حقيقة عدم اطلاعه على وجودها و لتحرره بالتعبير عن نفسه. بينما بالجانب الآخر فقد كان "يحيى" ينظر لما يحدث أمامه متسع العينين وقد أصابه الذهول ... يبحث بذهنه عما فاته و يتساءل بإلحاح عما فعله أيمن ليقترب ... و كيف اقترب ؟ **************************** كان قد مر أسبوع على الافتتاح عندما همت "تيتريت" بمغادرة جمعيتها وقد وعدت "عمر" بالذهاب برفقته لجمعية الأطفال المشردين و المتخلى عنهم. كانت في حاجة لمعرفة تفاصيل العرض الخيري لتعلم ما الذي يمكن لها أن تقدمه فيه ... خرجت من أسوار الجمعية وذهنها مشغول بالتصاميم التي يمكن تقديمها عندما لفت انتباهها صوت تكسر أغصان مصدره بين بؤرة كثيفة من الأشجار. قطبت والصوت يصلها واضحا فرمت نظراتها بالأنحاء دون أن تستطيع رؤية شيء. همت بالابتعاد مرجحة مرور أرنب ما عندما لمحت من فوق إحدى الشجيرات قبعة سوداء متحركة فاقتربت خطوة واحدة قبل أن تتسمر عينيها وهي تواجه نظرات تعرفها جيدا ... وتعرف مكامن الأسرار فيها. اختنقت و الملامح التي تتذكرها من زمن بعيد تتشكل أمامها وكادت قدميها أن تخونها عندما شعرت بذراعين تلتفان حولها و بصوت يزرع بأذنها هامسا : - تنفسي "تيتريت" .... هيا صغيرتي ... خذي نفسا عميقا كانت تحاول طاعته لكنها كانت تشعر بحلقها يأبى مساعدتها فقاومت لتنفجر عينيها بدموع العجز لكن الصوت لم ييأس منها فظل يحثها بقوة على أخذ أنفاسها ... حاولت وقد شعرت بالكف الذي يربت على ظهرها باعثا الدفء بأوصالها التي تجمدت ... لتستطيع أخذ أنفاس متلاحقة قبل أن تشعر بنفسها بين ذراعين قويتين و بعدها استلمها الظلام. انتهى الفصل | |||||||
|
|
 |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدلالية (Tags) |
| عطر،حواء،عطر حواء، epilobe |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
.png)
العرض العادي
