آخر 10 مشاركات
تحت إيوان النخاس (3) * مميزة ومكتملة * ...سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          339 - على ضفاف الرحيل - آن ويل (الكاتـب : سيرينا - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree229Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-09-18, 10:11 PM   #271

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي


أغلقت سعاد الهاتف مطلقة تنهيدة قوية ، لقد علمت الآن بزواج نشوى .. زواجها الذي تم بسرعة و في مدة قليلة ، و لا تعلم السر وراء ذلك !
أطلقت تنهيدة أخرى متذكرة حياة نشوى مع ولدها و ما تعرضا له .. لقد كانت حياتهما صعبة .. و لقد تحملها طارق كثيراً ، لا تقول ذلك لأن طارق ولدها .. يشهد الله أنها تعتبر نشوى ابنتها و تحبها كحبها لطارق ، حتى مع ما كانت تفعله معها و عدم احترامها لها ، لكن هذه هي الحقيقة .. فنشوى كانت من الدلال و الأنانية بحيث أنها كانت تريد أن تُنفذ كل طلباتها .. ألا يتعرض لها أحد .. كما أنها كانت لا تتقبل النصيحة ..
أراحت سعاد رأسها على ظهر المقعد متذكرة ما فعلته نشوى معها من قبل .. و كيف أحرجتها .. و قرار أسيل بالإبتعاد حينها ، معتقدة أن حياتهم انقلبت في ذاك اليوم ..

قبل ست سنوات
و كعادته يختار طارق المواعيد التي لا تكون فيها أسيل في المنزل ليزور والديه تفادياً لغضب حبيبته ، فعلى الرغم من طلاقه لأسيل منذ سنتين إلا أن هذا لم يغير شيئاً .. فنشوى ما زالت على غيرتها و كرهها لأسيل ، بل على العكس لقد أصبحت تخاف أكثر ظناً منها أن أسيل من الممكن أن تندم و تحاول استرجاع طارق يوماً ما !
ضمته سعاد إلى أحضانها و هي تقول بشوق : " حبيبي .. اشتقت إليك ، لقد مر شهر منذ أخر مرة رأيتك فيها " .
تبعها محمد و هو يقول بسخرية : " مَن يرى شوقنا لك يظن أنك كنت مسافراً و ليس معنا في نفس المدينة ، بل لا يفصل بين منزلك و منزلنا سوى بضع دقائق قليلة " .
ابتسم طارق بحرج .. فهما لديهما كل الحق في معاتبته .. حيث أنه مقصر في حقهما كثيراً ، و يشهد الله أن هذا التقصير رغماً عنه .. و أنه يشتاق لهما كما يشتاقون له إن لم يكن أكثر ، و لكن زيارته لهما تجلب له العديد من المشاكل التي سأم هو منها ، فكان الحل الأمثل بالنسبة له أن يقلل زياراته عله يحصل على الراحة التي ينشدها ، و مع ذلك يبدو أن هذه الراحة صعبة المنال !
تأففت نشوى بعدم احترام عند سماعها لحديث زوج خالتها .. و سارت بضيق لتجلس على أحد المقاعد مما زاد من إحراج طارق ..
جلست سعاد بجانب نشوى و أخذت تربت على ظهرها بحنو و هي تقول بلهفة : " ألا يوجد خبر سعيد في الطريق ؟ "
ردت نشوى بنفور : " ليس الآن خالتي ، فأنا و طارق نريد أن نستمتع سوياً قبل أن نلتهي بالأطفال و مشاكلهم " .
هتفت بارتياب : " و إلى متى ستأجلون هذا الموضوع ؟ ، لقد مرت ثلاث سنوات منذ زواجكما ، ألا تكفي هذه المدة ؟ "
تأففت نشوى بانزعاج و هتفت بحدة : " إن هذا الموضوع خاص بي و بطارق و لن أسمح لأحد بأن يتدخل في حياتنا و قراراتنا " .
شحب وجه سعاد عندما تحدثت نشوى معها بهذه الطريقة المهينة ، و حاولت الرد عليها و لكنها لم تعلم ماذا تقول !
كان طارق يتابع ما يحدث بعدم تصديق .. هل هذه حبيبته الرقيقة الخجولة ؟
هل أهانت والدته للتو على مرأى و مسمع منه ؟ ، دون خجل أو خوف ..
كيف استطاعت فعل هذا ؟!
ارتسم الذهول على ملامح محمد و هتف بحدة : " تأدبي و أنتِ تتحدثي مع خالتكِ يا فتاة ، ثم إننا والديه و لنا الحق في التدخل في حياته رغماً عن أنفكِ " .
التمعت عيون نشوى بغضب عندما عنفها محمد ، و نظرت إلى طارق بضيق منتظرة أن يدافع عنها .. أن يقف أمام والديه من أجلها ، فكما تعتقد هذه حياتها الخاصة و عليها أن تمنعهما من التدخل فيها ..
حينها دلفت أسيل إلى المنزل لتتفاجأ بوجود طارق ، مررت نظراتها عليه بشوق .. يا إلهي منذ متى لم تراه ؟ ، منذ حوالي خمسة أشهر .. بل أخر مرة رأته فيها لم تتعدى عدة دقائق قليلة .. أي أنها لا تُحسب ..
هل تشعر بالندم اتجاه طلبها بالطلاق منه ؟
نعم !..، و لِمَ لا تندم و هي ترى أن طلاقها لم يحقق أهدافه ؟
لم يعيد تواصله مع والديه كما كان ، بل على العكس ازداد بعده عنهما أكثر ..
خطت عدة خطوات صغيرة لتصبح في منتصف الصالة .. و انفرجت شفتيها لتهمس و شبه ابتسامة مرتسمة على ملامحها :
" طارق " .
نهضت نشوى بغضب و صاحت بحدة : " طارق لنذهب " .
كان عدم التصديق لا زال يسيطر على طارق مما جعله ينصاع لأمر نشوى و لا يعير للماثلة أمامه اهتمام ، فنهض ليغادرا فوراً .. و لكنه توقف عند الباب هامساً :
" أراكما قريباً " .
ليصدح بعدها صوت الباب معلناً عن رحيله هو و زوجته ..
بقيت أسيل في مكانها للحظات تستوعب مغادرته دون أن يتحدث معها .. يسألها عن حالها ، لم يعير لوجودها أي أهمية و خضع لأمر زوجته ، سيطرت على مشاعرها و التفتت متجهه إلى غرفتها و قرار جديد يلوح في عقلها !
شرعت سعاد في البكاء بعدما خلا المكان ليقترب منها محمد هاتفاً بشفقة : " لا تحزني " .
قالت سعاد من بين بكاءها : " ما الذي قلته لتتحدث معي بهذه الطريقة ؟ ، أ ليس من حقي سؤالها عن سبب التأجيل ؟ ، ألست أم تريد أن تفرح بأحفادها ؟ "
ربت محمد على كتفها بحنو قائلاً : " لديكِ كل الحق بالطبع .. و هي المخطئة " .
بدأت سعاد في إزالة دموعها و هي تقول : " إذاً " .
و لكن .. و قبل أن تكمل حديثها .. فاجئهما خروج أسيل من الغرفة قائلة بنبرة لا تقبل النقاش :
" أنا أريد السفر إلى أمي " .

في الوقت الحالي
دلف طارق إلى البيت ليتوقف في مكانه باستغراب شاعراً بحدوث شئ غريب ، فعلى مدار الأيام السابقة و تحديداً منذ أن عادت أسيل .. لم يهدأ البيت أبداً ، فكانت دائماً تلعب مع والده الشطرنج - اللعبة التي علمها لها - بمرح ، أو تساعد والدته في المطبخ دون إهدار الفرص لمشاكستها ، فيعم البيت .. ضحك .. و سعادة من نوع أخر ..
أما اليوم - و على خلاف الأيام السابقة - البيت يبدو هادئاً ساكناً .. و كأن أسيل لم تعود إليه ، مما جعله يشعر بالإرتياب ..
" أمي .. أمي ، أين أنتِ ؟ "
خرجت والدته من المطبخ و هي تمسح يدها بإحدى المناشف الصغيرة ..
" أنا هنا حبيبي " .
نظر لها طارق باستفراب و تساءل : " ما هذا الهدوء ؟ ، أين أبي و أسيل ؟ "
" و الدك نائم بالغرفة .. و أسيل " .
لتصمت بعدها مصدرة تنهيدة طويلة جعلت الشك يتسلل إلى طارق ..
" و أسيل ماذا يا أمي ؟ "
زمت سعاد شفتيها بضيق و قالت : " لقد أصرت أسيل على السكن لحالها .. و رحلت اليوم " .
توسعت عيون طارق بغضب و صاح : " كيف ؟ ، مَن الذي سمح لها بهذا ؟ "
صدح صوت والده من خلفه قوياً .. حازماً : " أنا مَن سمحت بهذا يا دكتور ، هل لديك أعتراض ؟ "
التفت طارق إليه و حاول السيطرة على أعصابه حتى لا تتدهور صحة والده : " و لكن أبي .. إنها فتاة .. صغيرة السن و .. جميلة ، أ لا تخاف عليها ؟ ، أ لا تفكر فيما من الممكن أن يحدث لها ؟ "
هتف محمد بهدوء مستفز : " لا تقلق بشأن هذا ، أنا متأكد من أمان المكان الذي ذهبت إليه " .
ضغط طارق على رأسه بعصبية : " بحق الله يا أبي ، كيف لك أن تكون مطمئن إلى هذه الدرجة و هي بعيدة عنك ؟ "
حينها صدح رنين جرس الباب .. مما جعل طارق يزفر أنفاسه بعنف .. و يسب بداخله الذي أتى الآن ..
فتح الباب بقوة ليتفاجأ بأسيل تقف أمامه مرتدية ملابس بسيطة مكونة من سرول جينز أسود و بلوزة تصل إلى منتصف فخديها .. تعقد شعرها على هيئة ذيل الحصان و بضع خصلات مبعثرة على وجهها بعشوائية ..
ابتسمت أسيل مستمتعة بغضبه البادي عليه .. مدركة سببه ، حيث أن صوته قد وصلها إلى شقتها .. و هذا ما جعلها تهبط إلى شقة عمها لترى ما يحدث ، أو تستمتع بغضب طارق !
صدح صوت محمد من خلف طارق عالياً : " أهلاً حبيبتي " .
تجاهلت أسيل طارق و ركضت إلى عمها لتحتضنه بقوة ، فقهقه الأخير و سألها :
" هل أعجبتكِ الشقة ؟ "
هتفت أسيل و ابتسامة واسعة تزين شفتيها : " كثيراً عمي ، شكراً لك " .
قاطعهما طارق بسخرية : " و لكن للأسف لن تستمري بهذه الشقة طويلاً " .
هتفت أسيل ببرود : " عفواً ، ماذا قلت ؟ "
ابتسم طارق ببرود مماثل لبرودها و بداخله يقسم أنه سيجعلها تعود إلى المنزل اليوم رغماً عن أنفها .. فهو لن يكون مطمئناً عليها و هي لحالها ..
" ما سمعتيه يا أبنة عمي " .
كتفت أسيل ذراعيها و سألته باستفزاز : " و مَن تكون أنت كي تمنعني " .
هتف بدون تفكير : " ابن عمك " .
رفعت أكتافها بلا مبالاة : " هذا لا يخولك للتحكم في حياتي " .
جز طارق على أسنانه بغضب ، فقال محمد بهدوء رائفاً بحاله : " أ لن تسأل عن عنوان الشقة التي أخذتها أسيل يا طارق ؟ "
قال طارق بعناد : " لن يفرق هذا يا أبي .. فهي ستتركها بكل الأحوال " .
طرقت أسيل الأرض بقدمها بقوة معترضة على تحكمه بها .. خاصة و هو لا يحمل لها أي مشاعر خاصة ، لتهتف بحنق : " عليك أن تتخلى عن ثقتك هذه عندما تتحدث فيما يخصني " .
قاطع محمد طارق قبل أن يرد عليها و قال له : " في الحقيقة شقتها لا تبعد كثيراً عن هنا ، فهي تقع في الطابق العلوي " .
فغر طارق فاهه بذهول .. ثم همس بخفوت : " الطابق العلوي ؟ "
ابتسم محمد على ملامح ولده الغير مصدقة و قال : " نعم .. شقتك التي في الطابق العلوي .. كنت أجهزها طوال الأسبوع الماضي .. كي تستطيع أسيل العيش بها ، و هكذا تأخذ راحتها و تكون قريبة منا في نفس الوقت " .
ارتسمت الراحة أخيراً على ملامح طارق ، و مع ذلك هتف بعتاب : " و لِمَ لم تخبرني بذلك من قبل يا أبي ؟ "
هتف محمد بمكر جعل وجه أسيل يتورد خجلاً : " كنت أريد أن أرى ردة فعلك عندما تعلم بمغادرتها " .
توترت أسيل في وقفتها و همست بخجل : " سأصعد أنا للشقة لأتابع ترتيب أغراضي " .
و أثناء سيرها لخارج شقة عمها .. استوقفتها نبرة طارق الباردة .. اللامبالية :
" لم أفهم أي ردة فعل تقصدها أبي ، فردة فعلي طبيعية كرجل يخاف على أبنة عمه و سمعتها ، ليس أكثر من ذلك " .
اكتفت أسيل بهذه الكلمات لتركض إلى خارج الشقة ..
**********
خرجت أسيل من شقة عمها لتركض صاعدة إلى شقتها و هي تمنع نفسها من البكاء بالقوة ، حسناً هو لا يهتم لها .. لا يحبها .. و لا يراها سوى أبنة عمه ، إذاً هي أيضاً ستكون مثله .. لن تلتفت له .. ستنتزعه من قلبها بالقوة .. ستنساه و كأنها لم تحبه يوماً ..
هتفت لنفسها بتحفيز : " أنتِ قوية أسيل .. تستطعين فعلها .. تستطعين نسيانه و العيش لنفسكِ فقط ، لقد فعلتيها من قبل .. لقد تركتيه .. بل تركتي البلد له و لزوجته و سافرتي ، سنوات استطعتي خلالها العيش من دونه .. و لن تحتاجي لوجوده اليوم ! "
جلست خلف الباب متذكرة أخر مرة رأته فيها قبل أن تسافر .. المرة التي تجاهلها فيها و لم يحييها حتى .. و كأنها لا تقف أمامه !
حينها تأكدت أنها لم و لن تستحوذ على قلبه .. لن ينظر لها إلا على أساس أنها أبنة عمه الصغيرة .. اليتيمة ..
لذا و بكل تصميم و رغبة في النسيان قررت السفر إلى والدتها .. لتستقر في حياتها و تبني شخصيتها ..
و على الرغم من رفض عمها لسفرها و إصراره على أن مكوثها مع والدتها سيؤذيها ، إلا أن أصرارها عادل إصراره إن لم يكن زاده .. فبالأخير استطاعت إقناعه و وافق على سفرها بمضض ..
سنوات قضتها في لندن مع والدتها حاولت فيها بكل جهدها أن تنسى طارق و تخرجه من قلبها ، فلم تسأل عنه عمها أبداً و لم تسعى لمعرفة أخباره .. و أقنعت نفسها أن حبها له حب مراهقة سيزول مع الأيام ..
لكن الأيام مرت و حب طارق لم يتزعزع من قلبها ، فدائماً ما تشتاق إليه .. إلى حنانه .. و الأمان الذي تشعر به عندما يكون بجانبها ..
حتى حدث ما حدث و عادت إلى مصر .. و علمت بطلاقه لنشوى ، رفرف قلبها وقتها بسعادة و تسرب الأمل إليه .. و باتت تتمنى أن يلتفت طارق لها ..
إلا أنه و على ما يبدو أن طارق لن يراها سوى أبنة عمه فقط .. و مهما فعلت لن يراها غير ذلك !
إذاً من اليوم لا طارق في حياتها .. لا قلب ينبض له .. و لا محاولة للفت انتباهه ، ستنساه و كأن قلبها لم يخفق له يوماً ، للمرة الثانية ستبدأ حياتها من جديد من دونه ، و لكن هذه المرة لن تقبل إلا بالنجاح !
**********
فور أن أغلقت أسيل الباب ورائها .. التفت طارق إلى والديه هاتفاً بتوسل أثار شفقتهما : " هل يمكنكما أن تكفا عن محاولاتكما ؟ ، ألا تفكرا في و في زواجي ؟ ، لأنني لن أفعلها مرة أخرى و أتزوج ، وما تفعلانه لا يؤثر سوى على أسيل .. هي مَن تُجرح و تتعذب" .
جلس محمد على أحد المقاعد و تساءل بضعف : " و لِمَ لا تفعلها ؟ ، لِمَ لا تتزوج مرة أخرى ؟ ، ما الذي يمنعك عن هذا ؟
ضحك طارق بقوة .. ضحكة خاوية لا حياة فيها .. تعبر عن ألمه و ما يعانيه ، ليصمت بعدها و يسرع إلى والده .. فيجلس تحت قدميه .. و عيونه تلمع بدموع رجل مقهور ، ثم همس بشرود :
" أ تعرف ما يعنيه زواجي مرة أخرى يا أبي .. من أسيل أو غيرها ، يعني هذا أن آتي بإمرأة أخرى .. إمرأة من الممكن ألا تقدركما .. ألا تحترمكما كما يجب .. أن تعاملكما بفظاظة و تحرجكما ، و الأسوأ أن .. أن " .
ليصمت بعدها بخزي و قد سقطت دمعه وحيدة على وجنته مشاركة إياه لحظة اعترافه بسوء اختياره :
" لقد كدت أن أخسرك أبي .. كدت أن أخسرك في لحظة بسبب أنانيتها " .
انقلبت ملامح محمد و هو يتذكر ما حدث منذ أربع سنوات و جعل طارق يرمي يمين الطلاق على زوجته بلا تردد ..

قبل أربع سنوات
كانا طارق و نشوى قد انتقلا للسكن مع محمد و سعاد بعد أن بدأت صحة محمد في التدهور و لم تعد سعاد قادرة على الإعتناء به بمفردها ..
و ذات يوم خرج طارق مع والدته و ترك نشوى مع والده لتعتني به ، و لم يكن يعلم أن نشوى أخر مَن من الممكن أن تفعل هذا !
" سأذهب مع أمي للكشف على نظرها ، انتبهي أنتِ لأبي .. أدويته كلها موجوده على الطاولة بجانب السرير " .
" حسناً حبيبي لا تقلق " .
هتف طارق و قلبه غير مطمئن : " هناك دواء لابد من أن يأخذه بعد ساعة من الآن لا تنسي ، و إن حدث أي شئ اتصلي بي و سآتي فوراً " .
قهقهت نشوى بخفة و قالت : " لا تقلق حبيبي ، سأنتبه له جيداً ، اذهبا أنتما حتى لا تتأخرا " .
" حسناً .. هيا بنا يا أمي " .
أغلقت نشوى الباب خلف طارق و والدته ، ثم ذهبت لتحضر لنفسها كوباً من العصير .. لتجلس بعدها أمام التلفاز .. تشاهد أحد برامجها المفضلة ..
استيقظ محمد من نومه شاعراً بالعطش الشديد ، فأخذ ينادي بوهن
: " سعاد .. طارق ، يا سعاد " .
وصل صوته لنشوى .. فنهضت متجهه إليه بحنق ، وقفت فوق رأسه لتهتف بنفور : " ماذا تريد ؟ "
هتف محمد بتساؤل : " أين سعاد و .. طارق ؟
ردت بضجر : " لقد ذهبا إلى طبيب العيون " .
تمتم ب" حسناً " ، ثم قال : " أريد ماء " .
تأففت بضيق و أحضرت له كوب الماء ، حاول محمد النهوض كي يشربه و لكنه لم يستطع فهتف بوهن : " ساعديني " .
زفرت أنفاسها بقوة و اقتربت منه لتساعده في شرب الكوب ، بعدها ساعدته على الإستلقاء مجدداً ..
همس محمد بامتنان : " شكراً حبيبتي " .
قهقهت نشوى بقوة قبل أن تجلس على مقعد قريب منه ، ثم قالت و ابتسامة غريبة تزين ملامحها : " أنت .. تشكرني أنا !..، منذ متى هذا الحب ! "
تنهد محمد بتعب و قال : " عدم رضاي عن بعض أفعالكِ لا يعني كرهي لكِ " .
هتفت بحنق : " إذاً .. لِمَ لم توافق على زواجي من طارق ؟ "
ابتسم محمد بسخرية و همس : " إن لم أكن موافقاً على زواجه منكِ ، لم تكوني تزوجتيه " .
هتفت باندفاع : " أ تريد أن تقنعني أنك وافقت على زواجنا و باركت عليه ؟ "
هتف محمد بشرود : " لم أوافق .. و لكنني لم يسعني الوقوف أمام رغبة أبني " .
صاحت بعدم فهم : " ما هذا التناقض ؟ "
تنهد مرة أخرى قبل أن يقول : " ليس تناقضاً ، أنا لم أقتنع من قبل أنكِ قادرة على إسعاد أبني .. و نصحته أكثر من مرة أن يفكر ملياً قبل اتخاذ القرار ، و لكنه أصر على رأيه ، فلم أجد إلا الخضوع له .. فكل ما يهمني سعادته .. و إن كان يرى أن سعادته معكِ .. فمَن أنا لأقف أمامها ! "
ابتسمت نشوى بنعومة مفعمة بالإنتصار و قالت : " و الآن ، أ لست نادماً على اعتراضك على زواجنا و أنت ترى سعادته معي " .
أغمض محمد عينيه و قال بنبرة ظهر فيها الندم جلياً : " و هل تعتقدين أن طارق سعيد في حياته معكِ ؟ ، على العكس .. أنا لا أرى سوى رجل يجاهد ليحصل على راحة البال .. و للأسف لم يحصل عليها ، إن كنت سأندم على شئ ؛ فسأندم لأنني لم أمنعه عن الزواج منكِ " .
نهضت نشوى بقوة وقع على إثرها المقعد الذي كانت جالسة عليه و صاحت بغضب : " أنت حقاً رجل عجوز لم تتعظ من مرضك ، يُفترض بك أن تحمد الله أنك لازلت حياً ، لا أن يكون كل ما يشغل عقلك هو كيف تبعدني عن حبيبي " .
تفاجأ محمد من هجومها عليه و هتف بذهول : " أنا لم أقصد ما فهمتيه " .
قاطعته بحدة و قلة أدب : " أخرس .. لا تتحدث معي " .
و تابعت بشماته : " و لتعلم أنني سأظل زوجة طارق .. لن يتركني و لن أبتعد عنه " .
لتبتسم بعدها بقوة و تقول : " أما أنت فستظل حبيس هذا السرير حتى تموت و نرتاح منك " .
أحمر وجه محمد بشدة و لم يعد قادراً على التقاط أنفاسه ، و هتف بصوت مكتوم : " أنتِ .. ماذا تقولين ؟ "
قاطعته مرة أخرى : " ألم آمرك أن تخرس ؟ "
صرخة من وراءها أيقظتها مما تفعله و جعلتها تتجمد في مكانها بذهول : " نشوى " .
**********
اقترب طارق من والدته و ملامحه يزينها الضيق و قال : " الطبيب لن يأتي اليوم ؟ "
تساءلت سعاد بعدم فهم : " كيف ؟ ، و ماذا عن موعدي معه ؟ "
زفر طارق أنفاسه بغضب و قال : " لقد تأجل أمي ، هيا لنعود إلى البيت " .
نهضت سعاد و سارت برفقة طارق ، صعدا إلى السيارة و بدأ طارق في القيادة إلى منزله ..
وصلا إلى المنزل ليصلهما صوت نشوى المرتفع مما دب الرعب في قلوبهم ..
وضعت سعاد يدها على صدرها و هي تقول بخوف : " الستر يا الله " .
في حين كان طارق يفتح الباب بسرعة ، و خلال لحظة كانا يقفان على باب غرفة محمد .. يستمعان إلى نشوى تقول :
" أما أنت فستظل حبيس هذا السرير حتى تموت و نرتاح منك " .
تجمد طارق في مكانه غير مصدقاً أن حبيبته هي التي تقف أمامه و تدعي على والده بالموت ..
يا الله .. كيف لها أن تكون بمثل هذه القسوة ؟
كيف لم ينتبه إلى كرهها لوالديه من قبل ؟
لقد حذرها من قبل ألا تسئ إلى والديه .. بعد أن أهانتهما أكثر من مرة في وجوده و تعاملت معهما بفظاظة ..
و في كل مرة كانت تعتذر مبينة ندمها على ما قالته و أن غضبها هو الذي سيطر عليها ..
لكن الآن .. ما المبرر الذي ستتخذه و هي تدعي على والده ؟
انتبه على ملامح والده التي تغيرت و التعب الذي سيطر عليه ليصيح بحدة : " نشوى " .
ليركض بعدها إلى والده و الذي تعرق جسده بقوة و صاح : " أبي .. أبي " .
أغمض محمد عينيه بتعب و همس : " طارق " .
استوعبت نشوى وجود طارق فاقتربت منه هامسة بخوف : " طارق " .
صاح طارق دون أن ينظر إليها : " أمي خذيها الآن من هنا " .
كررت نشوى برجاء : " طارق اسمعني " .
ليقاطعها طارق " أمي .. خذبها " .
اقتربت منها سعاد و سحبتها إلى خارج الغرفة بغضب ..
أجرى طارق لوالده بعض الإسعافات و أعطاه دوائه و بقى جانبه حتى نام و تأكد أنه أصبح بخير " .
خرج إلى الصالة ليجد نشوى جالسة برفقة والدته و الصمت مخيم عليهما ..
وقف أمامها و الغضب يعتلي ملامحه و قال : " أريد تفسيراً لما حدث " .
هتفت نشوى بدفاع : " لقد أخبرني بأنه نادم على موافقته على زواجنا و " .
قاطعها صائحاً : " هذا لا يعطيكِ الحق كي تدعين عليه بالموت ، و تشاهدبن تعبه دون أن تتحركي و تساعديه " .
صاحت بغضب هي الأخرى : " و ماذا عساي أن أفعل و هو يخبرني بكل وقاحة أنني لا أناسبك و أنه لو عاد الوقت لم يكن ليزوجني بك " .
توسعت عيونه بعدم تصديق و هو يراها تسب والده أمامه ، ليهتف بحدة : " انتقي ألفاظكِ يا نشوى و لا تنسي أنكِ تتحدثين عن والدي " .
لوحت بيدها بغضب و هي تقول : " لم أنسى ، و لا تنسى أنت أن والدك يكرهني و أنه كان من أشد المعارضين على زواجنا " .
هتف طارق بجدية : " و لكننا تزوجنا .. و لم يخطئ في حقكِ من وقتها ، فليس هناك داعي لما تفعليه الآن " .
تأففت نشوى و كتفت يديها و هي ما زالت واقفة أمامه مستمعة إليه حيث قال : " ستعتذرين من أبي نشوى ، بل ستقبلين يده و رأسه طامعة في مسامحته " .
توسعت عيونها بعدم تصديق : " كيف ؟ ، أ جننت ؟ ، تريدني أنا أن أعتذر له .. بتوجب عليه هو الإعتذار " .
قبض على ذراعها بقوة و قال : " مَن يعتذر لمَن ؟ ، أ تريدين من أبي أن يعتذر لكِ أنتِ ؟ "
حررت نشوى ذراعها من قبضته و قالت ببرود : " نعم " .
توسعت عيون طارق و قال بعدم تصديق : " يا لوقاحتكِ .. دعيتي على الرجل بالموت .. لم تحترمي عمره .. و لم تراعي مرضه .. أخطأتي بحقه .. و تريدين أن يعتذر لكِ !..، أي جرأة تمتلكيها ؟ "
كانت سعاد تتابع حديثهما بصمت مع أنها لم ترضى أبداً بما فعلته نشوى مع زوجها ، إلا أنها فضلت عدم التدخل ..
لكن حينما رأت إصرار نشوى على عدم الإعتذار لزوجها و قلة أدبها الواضحة في الحديث ، نهضت هاتفة بحدة : " ليست جرأة يا طارق .. هذه وقاحة يجب أن تُحاسب عليها " .
التفتت نشوى إليها هاتفة بحدة : " أنا وقحة يا " .
قاطعها طارق بحدة : " إياكِ أن تخطئي فيها يا نشوى " .
لتلتفت نشوى إليه قائلة : " هذا بدلاً من أن تأخذ بحقي منها ؟ ، أ يرضيك أن تنعتني بالوقحة ؟ "
ابتسم طارق بسخرية و قال : " ألم تنعتي أبي بنفس الصلة منذ دقائق " .
و تابع بحزم : " ستعتذري منه يا نشوى " .
رفعت نشوى حاجبيها برفض و قالت بتصميم : " لا " .
تنهد طارق بقوة و قال : " ستعتذري " .
هتفت نشوى بنفس تصميمها : " لن أعتذر يا طارق " .
هتف طارق بتحذير : " هذا قراركِ النهائي " .
أكدت ببرود : " نعم " .
زفر أنفاسه بقوة و قال : " لقد حذرتكِ من قبل من الإساءة إلى والداي يا نشوى و في كل مرة كنتِ تعتذرين مني معللة غضبكِ ، و لكنكِ هذه المرة تماديتِ كثيراً و حتى الإعتذار ترفضيه .. مع أنه أقل ما يمكن فعله " .
ليتنهد مسيطراً على قلبه و اعتراضاته و يقول : " مَن لا تحترم والداي لا مكان لها في حياتي ، أنتِ طالق " .
شهقت سعاد بعدم تصديق .. فعلى الرغم مما فعلته نشوى إلا أنها لم تتوقع أن ولدها من الممكن أن يلجأ إلى الطلاق بسبب حبه الكبير لها ، و لكن على ما يبدو أن حبه لها و لزوجها أكثر !
عقدت نشوى حاجبيها بعدم فهم غير مستوعبة للكلمة التي نطقها حبيبها ، لتسأله بتردد : " ماذا .. ماذا قلت ؟ "
ابتسم طارق بألم و كرر : " أنتِ طالق يا نشوى ، لا أستطيع متابعة حياتي معكِ في حين أنتِ لا تحترمين والداي " .
توسعت عيونها بعدم تصديق و صاحت : " لا .. لا .. اصمت .. لا تنطقها " .
لتقترب منه و تضربه على صدره و هي تقول : " كيف استطعت نطقها بهذه السهولة .. كيف ؟ "
ابتعد عنها طارق قائلاً : " أنتِ مَن اخترتي هذا " .
ليتلقط بعدها هاتفه متصلاً بزوج خالته ، هتف فور أن فتح أمجد الخط :
" أرجو أن تأتي إلى منزل أبي الآن يا عمي ، أريدك في موضوع هام .. انتظرك " .
ليغلق بعدها الخط معلناً خروج نشوى من حياته إلى الأبد !
**********
استيقظ محمد من ذكرياته على صوت طارق و هو يتابع : " لا زلت أتذكر كل كلمة تفوهت بها في ذاك اليوم .. كل حركة صدرت منها في تلك اللحظة ، كيف أنها لم تهتم لمرضك .. و وقفت أمامك مبتسمة بشماتة متمنية موتك و الخلاص منك " .
دفن طارق وجهه في كف والده و همس بنشبج و قد ازداد بكاءه : " أتذكر كل هذا يا أبي .. أتذكر لهاثك وقتها و وجهك المتعب ، و مع ذلك كانت هي واقفة تسئ إليك ، حينها كنت مصعوقاً .. مذهولاً .. لا أصدق أن مَن تقف أمامي هي نشوى زوجتي .. حبيبتي " .
ليقبل كف والده مترجياً إياه : " سامحني أبي .. أرجوك سامحني على ما حدث " .
سقطت دمعة على وجه محمد و هو يستمع إلى نبرة ولده المتشنجة .. المعذبة ..
رفع وجه ولده و مسح دموعه و هو يقول : " على ماذا تعتذر يا أحمق ؟ ، أنت لم تفعل شيئاً يتوجب الإعتذار " .
و تابع بشفقة : " انسى ما حدث بنيّ ، لقد ولى الماضي و انتهى و عليك التفكير في حاضرك و مستقبلك " .
حينها اقتربت سعاد منهما و التي كانت تتابع حوارهما بحزن ظلل ملامحها .. و دموع أغرقت وجنتيها ، لا تنكر أن صدمتها بما فعلته نشوى مع زوجها تماثل صدمة طارق تماماً .. فهي لم تتوقع أبداً أن تكون أبنة شقيقتها تكن كل هذا الكره لزوجها ، و لكن .. و كما قال محمد .. على ولدها نسيان ما حدث !
جلست أمامه و مالت مربتة على كتفه بحنان و هي تقول : " و لا تعتقد أن ما فعلته نشوى من الممكن أن تفعله غيرها ، أصابع يدك ليست مثل بعضها حبيبي " .
نظر لها طارق بحدة و هتف : " لا يا أمي .. أنا لن أقبل بأن آتي بفتاة أخرى .. لا أعلم كيف ستعاملكما " .
لم تيأس سعاد حيث قالت : " و لكن أسيل نحن نعرفها جيداً و أنت ترى حبها لنا .. و معاملتها معنا .. و احترامها لنا " .
هز طارق رأسه باعتراض : " لا يا أمي لا تضغطي عليّ أرجوكِ " .
ليستقيم منهياً الحوار : " ثم أن أسيل .. صغيرة جداً .. الفرق بيننا اثنى عشر عاماً " .
هتف محمد باندفاع : " هذا لا يعيبها " .
نظر له طارق مبتسماً ابتسامة لم تصل إلى عينيه : " أنا لا أقصد هذا أبي ، كل ما قصدته أنها تستحق أن تبدأ حياتها مع شاب في سنها .. يفهمها و يحبها كما ينبغي .. و تعيش معه في سعادة ، ليس رجلاً مثلي .. قلبه مات إلى الأبد " .
قالها طارق ثم اتجه إلى غرفته تاركاً والديه خلفه ينظران إليه بحزن ..
نظرت سعاد إلى زوجها و قالت : " ماذا سنفعل معه يا محمد ؟ ، أ سنتركه على هذا الحال ؟ "
هتف محمد بقلة حيلة : " ماذا يمكنني أن أفعل يا سعاد ؟ ، ترين بنفسكِ رفضه و تصميمه " .
**********
استلقى طارق على سريره متطلعاً إلى سقف غرفته بشرود و قد هاجمته ذكرياته مع نشوى - الحزينة و السعيدة منها - ، إلا أن ذكرياتهما السعيدة كانت محدودة للغاية ، فمعظم السنوات التي قضاها معها كانت في خلافات ، في الأول كان بسبب دلالها الزائد و الذي جاهد للتأقلم معه .. فلقد كانت ترفض إعداد الوجبات له .. تريد الخروج دائماً .. التسوق .. غير مقدرة لتعبه و عمله ، و بعدما تأقلم معها و تأقلمت على طباعه ظهرت له مشكلة جديدة و هي الحمل ، فعلى الرغم من شوقه للأطفال إلا أنها كانت ترفض الحمل معللة أنهما لا زالا صغار و عليهما التمتع بحياتهما ، و عندما تأقلم أيضاً على هذا و كبح شوقه للأطفال و نحاه إلى أقصى أعماق قلبه ، ظهرت له مشكلة جديدة معها .. و التي لم يكن يقدر على تحملها و التأقلم معها .. و هي إهانة والديه ، هذا ما جعل حياتهما تبدأ في الإنتهاء .. فهو يسمح و يسامح على كل شئ ، إلا ما يتعلق بوالديه ..
و قد حذرها أكثر من مرة و نبهها إلى ضرورة أحترامهما و عدم الإساءه إليهما ، و في كل مرة كانت تعتذر منه موضحة ندمها ، لتأتي المرة التي تليها و تهينهما و كأنه لم ينبهها من قبل !
و يستغرب حقاً مما كانت تفعله مع والديه ، فإن كانت دائمة الخلاف مع والده و لا يستغيثا بعضهما البعض و هذا ما يسبب المشاكل بينهما ، فماذا عن والدته إذاً ؟ ، ما مبررات نشوى لردها دائماً على والدته بطريقة فظة مع أن الأخيرة لم تسئ إليها يوماً !
تنهد بقوة مبعداً هذه الأفكار عن رأسه ، فكما قال والده الماضي قد ولى .. و لا يسعه سوى أن يتمنى لنشوى السعادة مع زوجها ..
**********
صدح صوت الجرس معلناً إنتهاء يوم دراسي متعب على المعلمين و الطلبة ..
أخذت هبه بناتها و اللاتي يدرسون في نفس المدرسة التي تعمل فيها ، خرجوا من بوابة المدرسة .. لتقول إيمان براحة :
" و أخيراً سنذهب إلى البيت " .
أخفضت هبه بوجهها ناظرة إلى طفلتها و قالت : " و لكننا لن نذهب إلى البيت ، سنذهب إلى والدكِ ، ما رأيكِ ؟ "
قفزت إيمان بسعادة و قالت : " نعم .. لنذهب له " .
في حين هتفت تقوى بتعب : " لنذهب إلى البيت أمي ، أريد أن أنام " .
عقدت هبه حاجبيها بانزعاج من ابنتها : " كلاّ .. سنذهب لوالدكِ أولاً ، و عندما نعود إلى البيت نامي كما تريدين " .
زمت تقوى شفتيها بضيق .. و لم تستطع الإعتراض على قرار والدتها ..
أوقفت هبه إحدى سيارات الأجرة و صعدت إليها برفقة طفلتيها آمرة السائق بالذهاب إلى البنك - الذي يعمل فيه زوجها -
أخذت تفكر طوال الطريق فيما حدث خلال الأسبوع الماضي ، فبطريقة ما حديث مشيرة أثر عليها .. مما جعلها تشك في كل ما يفعله إسلام ، فبدأت تراقب هاتفه .. تسأله عندما يخرج أين كان .. و مع مَن .. و ماذا فعل .. و لِمَ تأخر ؟!...، و الأسوأ أنها أصبحت تفاجئه بالذهاب إلى مقر عمله لترى ماذا يفعل بعينيها ..
تعلم أن ما تفعله خطأ .. أنها تكاد تخنقه بتصرفانها .. و أن عليها الثقة فيه أكثر ، و لكن الأمر ليس بيدها .. فقلبها الخائف من فقدانه هو مَن يجبرها على فعل هذا ، و للأسف حديث مشيرة دائماً ما يتردد في أذنها !
وصلت السيارة إلى مقر البنك .. فترجلت هبه و طفلتيها منها بعد أن أعطت للسائق حسابه و دلفوا إلى الداخل ..
وصلت إلى مكتب زوجها لتجده يجلس برفقة إمرأة أقل ما يقال عنها فاتنة !..، ترتدي فستان تايجر يلتصق بجسدها و بالكاد يصل إلى ركبتيها .. شعرها يغطي عنقها و أول ظهرها .. و يدها تعبث في إحدى خصلاته .. و أحمر الشفاه يزيد من شفتيها إغراءً .. و كعبها الأسود العالي تلتف خيوطه حول ساقيها .. بينما تنظر إلى إسلام بإعجاب و إغواء ..
في حين كان زوجها مركزاً على الأوراق التي أمامه غير منتبهاً لنظرات هذه المرأة و متطلباتها !
نظرت لها هبه بغيرة و هي تكاد تذهب إليها و تسحبها من شعرها الذي تتفاخر به ، إلا أنها سيطرت على نفسها بالقوة حتى لا يغضب منها إسلام ، تنحنحت بقوة ملفتة نظراتهما ..
نظر لها إسلام بدهشة قائلاً : " هبه ، ما الذي جاء بكِ إلى هنا حبيبتي " .
اقتربت هبه منه بدلال نادراً ما يتلبسها و قالت : " اشتقت إليك حبيبي و أحببت أن أفاجئك " .
لتزيد من دهشته و .. ذهوله عندما مالت إليه مقبلة وجنته بجرأة !
زفر إسلام أنفاسه بقوة .. فلقد أصبحت زوجته تحرجه كثيراً أمام زملائه بمجيئها إليه كل يوم ، حتى أصبح بعضهم يسخر منه قائلاً أن زوجته أصبحت تشتاق إليه و لا تحتمل الإبتعاد عنه بعد مرور سنوات على زواجهما ، و مع ذلك لم يستطع إخبارها بهذا .. فلقد أصبحت حساسة بطريقة غريبة في الأيام الأخيرة و تفسر كل كلمة كما يحلو لها ، و لكنه كان يموت فضولاً لمعرفة ما يجعلها تأتي إليه في عمله كل يومين تقريباً !
تساءلت المرأة الجالسة أمامه مشيرة إلى هبه باحتقار : " مَن هذه سيد إسلام ؟ "
أشارت هبه إليها و هتفت بنفس نبرتها : " أنا زوجته .. و أنتِ مَن ؟ "
ظهر الإشمئزاز على وجه السيدة و قالت بعدم تصديق : " أنتِ زوجته ؟ ، لا أصدق " .
ثم نظرت إلى إسلام متابعة بوقاحة : " لقد فاجئتني سيد إسلام ، لم أتوقع أن ذوقك بهذه البشاعة " .
انتهى الفصل قراءة سعيدة

noor elhuda likes this.

Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-18, 10:13 PM   #272

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

عايزة اشكر كل البنات اللي بتتابع معايا هنا و بيحطوا ردود جميلة زيهم ❤❤
صحيح أنا برد عليكم على فترات، بس بشوف كل ردودكم و بتسعدني جداً
ربنا يخليكم 😍😍


Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-09-18, 12:40 AM   #273

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 6 والزوار 14)

‏موضى و راكان, ‏ام معتوق, ‏ام محمد آمين, ‏ghanyarji, ‏فررراشة, ‏dalia22



رواية جميلة

موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-09-18, 02:18 AM   #274

ام رمانة

? العضوٌ??? » 353241
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,251
?  نُقآطِيْ » ام رمانة has a reputation beyond reputeام رمانة has a reputation beyond reputeام رمانة has a reputation beyond reputeام رمانة has a reputation beyond reputeام رمانة has a reputation beyond reputeام رمانة has a reputation beyond reputeام رمانة has a reputation beyond reputeام رمانة has a reputation beyond reputeام رمانة has a reputation beyond reputeام رمانة has a reputation beyond reputeام رمانة has a reputation beyond repute
افتراضي

نشوى حقيييييييييييرة اتمني ان وحيد وعياله يطلعوه عليها،
هبة اتجننت واسلام المفروض يتكلم معاها بهدوء مش يستغرب
ويسكت، ياسمين مستنيها ايه دي ضعيفة اوي وغلبانة😖😖،
طارق اعتقد هيغير رأيه ان اسيل تتجوز شاب زيها لما يلاقيها
هتبتدي تتعرف على شباب اكيد هتنزل شغل وحياتها هتمشي😏.


ام رمانة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-09-18, 07:49 AM   #275

maekl

? العضوٌ??? » 362928
?  التسِجيلٌ » Jan 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,423
?  نُقآطِيْ » maekl has a reputation beyond reputemaekl has a reputation beyond reputemaekl has a reputation beyond reputemaekl has a reputation beyond reputemaekl has a reputation beyond reputemaekl has a reputation beyond reputemaekl has a reputation beyond reputemaekl has a reputation beyond reputemaekl has a reputation beyond reputemaekl has a reputation beyond reputemaekl has a reputation beyond repute
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم أسعد الله صباحك روعة روعة روعة بجد قصص البنات جميلة رغم الحزن الذي بداخله من اسيل ولارا وريناد وتسنيم وياسمين وحتى نشوى أنا متعاطفة معاها ولا طارق وقلبه الجميل اللذي يحاول يرضي الجميع ولاهبة عدم ثقتها بنفسها قبل ثقتها بأسلام ....شكرا لك ولروايتك الجميلة ... وتسلم الأنامل التي خطت هذه الرواية ...ودمت بحفظ الله

maekl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-09-18, 05:56 PM   #276

Khawla s
 
الصورة الرمزية Khawla s

? العضوٌ??? » 401066
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,978
?  نُقآطِيْ » Khawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond repute
افتراضي

فصلين دسمين تسلم ايدك ياقمر😘😘
اما القفلة نااار وشرااار ولعت اديلوووووو هبة والغيرة والحقيرة شو دخلها تحكي عن هبة 😒ناس واتياااااا ماتستحي
نشوى يخرب بيتك كل هاد عامليتو الحقيرة اخيراً ضهرت على حقيقتها وطارق طلاقها اتمنى وحيد يعذبها عشان تتربى وتتعلم
طارق يامززز خلص بقى هيص وانسى الماضي البت بتحبك وذايبه فيك اعطي نفسك فرصة وبلش حياه جديدة
لارا الله يستر من خالد الواطي ناوي على دمارها 😭😭
ياسمين المسكينة ايامها سودة دخلت عالم مش قدو شو مصيرها مع صاحب الشغل


Khawla s غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-18, 10:30 AM   #277

manar.m.j

? العضوٌ??? » 425938
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 472
?  نُقآطِيْ » manar.m.j is on a distinguished road
B3 star

فصلين ولا اروع❤❤💜💜
مليئه بالاحداث الرائعه
حقا اكره نوع الناس امثال نشوى
تهتم فقط لنفسها واقل موقف عدتها اهانه واساءه لها
وعندما تسيء او تهين ناس اخرين
تعد نفسها محقه ولاتهتم هي من النوع الاشخاص الانانين
الذي يقول انا فقط
والفتيات ياقلبي عليهن 😣😣💔
شكرا حبي
ابدعتي وبالانتضار دائما😘


manar.m.j غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-18, 09:58 PM   #278

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

الفصل العشرون
توسعت عيون هبه بذهول و تورد وجهها بغضب ، في حين رد إسلام بحدة :
" سيدة هناء أنا لا أسمح لكِ بإهانة زوجتي ، ثم أنكِ هنا للعمل ليس لتقييم حياتي الخاصة " .
ليسحب هبه من خصرها موقعاً إياها بين أحضانه : " كما أن زوجتي لا تنافسها إمرأة جمالاً ، أحمد الله ليلاً و نهاراً على أنه رزقني بها " .
ليميل بعدها مقبلاً هبه من شفتيها ، قبلة صغيرة .. سريعة ، و لكنها كانت كافية لإصمات الجالسة أمامه ..
نظرت له السيدة هناء بصدمة و شفتيها مزمومتان بضيق بينما عينيها ترسل إلى هبه نظرات حاقدة لحصولها على مثل هذا الرجل !
كانت هبه تنظر له بعشق ينضج في عينيها ، يا إلهي .. أ هذا إسلام المتحفظ الذي يبثها عشقه بهذه الطريقة أمام إمرأة غريبة لا يعرفونها ؟
كيف شكت فيه و في حبه من قبل ؟
كيف سلمّت أذنها لمشيرة و كادت أن تنساق وراء سمومها بهذا الغباء ؟
أغمضت عينيها بتلقائية عندما قبلها إسلام ، لتهمس حالما ابعد شفتيه عن خاصتها : " أحبك إسلامي " .
ابتسم إسلام لها ثم أبعدها عنه برفق ، و التقط مفاتيح سيارته و نهض قائلاً : " انتظريني بالسيارة حبيبتي ، دقائق و سآتي لكِ " .
أطاعته هبه بسعادة مقسمة بداخلها على عدم الإنسياق وراء أحد من الآن .. و الثقة في زوجها ، فإسلام الذي لا يظهر مشاعره نحوها أمام قريب أو بعيد تغزل بها الآن أمام إمرأة لم تراها من قبل ، و هذا كفيل لتوضيح حبه و احترامه لها ..
لوت السيدة هناء شفتيها بعدم رضى و هي ترى إسلام يخرج من المكتب برفقة عائلته .. دون أن يوجه لها أي كلمة !
حسناً .. و ماذا عما من المفترض أن ينجزه لها ؟ ، مَن الذي سينهيه ؟
أ تذهب إلى رئيسه الآن شاكية إياه عن أحد عاملينه الذي لا يحترم عملاء البنك ؟ ، أم تغادر و تأتي لإسلام في يوم أخر و كأن ما حدث اليوم لم يحدث ؟!
و قبل أن تتخذ قرارها فاجئها دخول إسلام برفقة شخص أخر ، و إسلام يقول له :
" أشكرك عاطف على ما تفعله معي ، سأرد لك جميلك عما قريب " .
هتف عاطف بسماحة : " لا يوجد شكر بيننا يا رجل " .
نظر إسلام إلى هناء و قال : " الأستاذ عاطف سيتابع مع سيادتكِ العمل منذ اليوم " .
هتفت باعتراض : " و لكن " .
قاطعها إسلام بلا مبالاة : " سأغادر أنا يا عاطف ، أراك غداً " .
هتف عاطف بمشاكسة : " نعم أذهب كي لا تتأخر على زوجتك ، فالنساء يصبحن شرسات عندما يغضبن " .
تأفف إسلام بضيق .. ها زميل أخر من زملائه يسخر منه بسبب زوجته ، الوضع أصبح لا يحتمل و عليه الحديث مع هبه و التوضيح لها أن مجيئها إلى مقر عمله يحرجه أمام زملائه ..
**********
جلس خالد بجانب لارا بأريحية و هتف محيياً : " كيف حالكِ اليوم ؟ "
نظرت له لارا مبتسمة ، فخلال الأسبوع الماضي و بعد ما فعله معها و وقوفه بجانبها أثناء ما حدث لها مع الدكتور ؛ أصبحت أكثر ليونة في التعامل معه .. فلم تعد تتجاهله كالسابق ، و مع ذلك لم تتعدى علاقتهما حدود الصداقة !..، و هذا ما أثار غضب خالد و جعله يفكر في طريقة جديدة للتقرب منها أكثر ..
فلقد وضعها في عقله .. نصب عينيه ، و لن يهدأ له بال إلا بعدما يحصل عليها !
" بخير ، كيف حالك أنت ؟ "
تظاهر خالد بالإنزعاج و قال : " لست بخير للأسف ، أشعر بأنني سأحمل هذه المادة هذه السنة أيضاً " ، قالها مشيراً إلى كتاب أمامه يرجع إلى إحدى المواد المشتركة بينه و بين لارا و التي ترجع إلى الدكتور الذي كاد أن يُحملها المادة هي أيضاً من قبل ..
زمت لارا شفتيها بضيق و قالت : " لا تقول هذا .. ستنجح فيها إن شاء الله " .
تنهد خالد بضيق و قال : " لا أعتقد .. فأنا لا أفهم فيها كلمة واحدة " .
شردت ملامح لارا بتفكير ؛ لقد ساعدها خالد من قبل .. و لولاه لكانت حملت هذه المادة بكل تأكيد ، أ ليس عليها أن تساعده و ترد له جميله ؟
بينما كان خالد ينظر إليها بترقب منتظراً سماع عرضها الذي يريده ، و إلا سيطلبه هو بنفسه !...، و لكنها لم تخيب ظنه حينما قالت :
" أنا أفهم المادة جيداً ، إن واجهت أي صعوبة فيها تعال إليّ و سأساعدك " .
رفع خالد حاجبيه بشك : " حقاً ؟ "
ابتسمت لارا ببساطة : " نعم .. أنا كثيراً ما أشرح لصديقاتي ما يصعب عليهن فهمه ، يمكنك الإنضمام إليهن في أي وقت " .
تنهد خالد بانزعاج .. صديقاتها .. و هل سيستطيع فعل ما يريد معها أمامهن !..، و لكنه سريعاً ما هدأ .. مقنعاً نفسه أن انضمامه لصديقاتها سيكون البداية فقط ، و بعدها سيتسلل و يقترب منها كما يريد ..
وصلا لمياء و مروة ، لتهتف لارا : " لِمَ تأخرتا ؟ ، أكاد أموت جوعاً " .
انقلبت ملامح لمياء حالما رأت خالد يجلس برفقة لارا ، فهي لم ترتاح أبداً إلى هذا الرجل .. تشعر أنه ليس سهلاً .. و أن اقترابه من صديقتها سيضرها كثيراً !
على عكس مروة .. و التي كانت ترى أن خالد فتى أحلام العديد من الفتيات .. و أن صديقتها ستكون محظوظة إن استطاعت أن تُسقطه في هواها ، فهي - و منذ ما يقارب العام تحديداً - ترسخ في عقلها أن المظهر هو كل شئ .. و هو ما يجب أن ننظر له دائماً ، و لم تقتنع برأي صديقاتها التي لا ينفكا يخبراها أن الجمال جمال الروح ..
هتفت لمياء بفظاظة لم تتخلى عنها في الحديث مع خالد على الرغم مما فعله مع صديقتها : " هذا مكاني " .
رفع خالد حاجبيه بعدم فهم : " عفواً ؟ "
ابتسمت لمياء ببرود : " أنهض من هنا .. فالمكان الذي تجلس فيه مكاني أنا " .
هتف خالد بسخرية : " هل تم تسجيله بأسمكِ ؟ "
رفعت لمياء كتفيها ببرود : " لا .. و لكن أغراضي الموضوعة بجانبك توضح أنني أجلس هنا من قبلك " .
نظر خالد إلى الحقيبة و الكتب المستقرين أمامه ، ثم نقل نظراته إلى لارا قائلاً : " أ ليست هذه أغراضكِ ؟ "
ابتسمت لارا بحرج و قالت : " لا .. إنها تخص لمياء ، و لقد تركتها و ذهبت برفقة مروة ليحضرا طعاماً " .
تأفف خالد بنزق ثم نهض و هو يقول باستفزاز موجهاً حديثه إلى لمياء : " تحدثي بلطافة مرة أخرى " .
ثم نظر إلى لارا و قال : " أراكِ قريباً لارا " .
هتفت لمياء بصوت عالي ليصله بينما هو يسير بعيداً عنهن : " أنا أتحدث بلطافة مع مَن يستحق " .
ثم تجلس هي و مروة إلى جانب لارا ، هتفت مروة بعتاب : " لِمَ تحدثتي معه بهذه الطريقة الفظة ؟ "
رفعت لمياء أحد حاجبيها و قالت : " و كيف تريدين مني أن أتحدث معه ؟ ، أبتسم في وجهه بإعجاب و أهمس بحالمية و كأنني أرغب في نيل رضاه ! "
تدخلت لارا و لأول مرة تتفق مع مروة فيما يخص خالد : " ليس عليكِ فعل ذلك يا لمياء ، و لكن أيضاً ليس عليكِ أن تتحدثي معه بهذه الفظاظة ، إما أن تتحدثي معه بطبيعية أو تجاهليه " .
لوت لمياء شفتيها بعدم رضى : " بالطبع ستساندين مروة بما تقوله ، ألم يصبح هذا الثعبان صديقكِ في الفترة الأخيرة ؟ "
رددا كلاً من لارا و مروة كلمتها بذهول : " ثعبان " .
تجاهلت لمياء دهشتهما و هتفت بتحذير موجهة حديثها إلى لارا : " احذري منه يا لارا .. هو لا يتقرب منكِ إلا من أجل غرض في نفسه ، و إن استسلمتي له سيضركِ " .
هتفت لارا بثقة مبالغ فيها : " لا تقلقي من هذه الجهة ، لا أحد يستطيع فعل شئ لي " .
لتقول مروة بحسن نية : " أنا لا أعتقد أنه سيضرها في شئ ، على العكس أرى أنه معجب بها ، و إن كنت مكانها لم أكن لأدعه يهرب من يدي " .
هتفت لمياء بجدية : " ليس من الشرط أن ينقلب الإعجاب إلى حب .. من الممكن أن يكون مجرد انجذاب و يختفي ، هذا إن كان خالد حقاً معجباً بها " .
تساءلت مروة بعدم فهم : " ماذا تقصدين ؟ "
لتهتف لارا بضجر قبل أن تستفيض لمياء في الشرح : " أنتما اختلقتوا حواراً و موضوعاً من لا شئ ، أرجوكما لنتحدث في شئ أخر ، فما تتحدثون فيه مجرد أوهام .. نحن مجرد أصدقاء و صداقة بعيدة أيضاً ليس متوطدة ، فلا داعي لكل هذا " .
تنهدت لمياء و قالت : " حسناً لارا .. و لكن ثقي أنني سأكون معكِ دائماً و لن أسمح لأي كان بأذيتكِ " .
سارعت مروة بالقول : " و أنا أيضاً " .
ابتسمت لارا بحب أخوي و قالت : " لا حرمني الله منكما حبيباتي " .
**********
عادت لارا إلى منزلها فوجدته هادئاً لا أحد فيه مما أثار الإستغراب داخلها ، فيفترض أن تكون والدتها و شقيقاتها قد عادن من المدرسة ..
قررت أن تصعد و تجلس مع عمها ثم تتصل بهن لتعرف سبب تأخيرهن ، لتتوقف عند باب الشقة قبل أن تخرج متذكرة أن عمها الآن في المستشفى ، تأففت بضجر و التفتت لتجلس على أحد المقاعد ملتقطة هاتفها لتتصل بوالدتها ..
صوت رنين هاتف هبه كانت تسمعه بوضوح مما جعلها تعقد حاجبيها باستغراب ، إلا أن الإستغراب لم يدم كثيراً .. حيث فُتِح باب الشقة دالفاً منه والديها و شقيقاتها ..
قالت لارا بمشاكسة : " كنتِ أخبرتيني أنكِ تريدين مفاجأة والدي في عمله .. كنت أتيت معكِ " .
ابتسمت هبه ببشاشة .. ابتسامة قد فقدتها منذ أسبوع أو أكثر .. و الفضل في هذا يعود إلى مشيرة !..، و قالت : " مرة أخرى .. سأخبركِ من قبلها و نذهب سوياً " .
هتف إسلام بجدية .. و ملامح غامضة : " لارا .. خذي شقيقاتكِ و بدلي لهن ملابسهن " .
هتفت هبه بعفوية غير منتبهة لملامح زوجها : " لا .. اذهبي أنتِ و ارتاحي و أنا سأساعد شقيقاتكِ و أعد الطعام " .
هتف إسلام بنفس نبرته الجدية : " لا أنا أريد أن أتحدث معكِ " .
" الآن إسلام " .
التفت إسلام متجهاً إلى غرفتهما و هو يقول لها : " نعم الآن .. الموضوع لا يتأجل " .
كان قد فكر ملياً طوال الطريق في سر مجئ هبه الدائم إلى مقر عمله ، الأمر الذي قاده إلى نواحي أخرى ؛ منها .. تصرفات زوجته الغريبة في الفترة الأخيرة .. سؤالها عن كل كبيرة و صغيرة تحدث معه و كأنها تريد معرفة شئ محدد ، الأمر الذي أثار الريبة بداخله و جعله يشك أن زوجته وراءها موضوع كبير .. و أن الأمر لا يقتصر على مجرد زيارات إلى عمله تثير فيها سخرية زملائه منه ، و قد حسم أمره لمعرفة ما تخفيه زوجته اليوم .. بل الآن !
تفاجئت هبه من تصرفاته الغريبة و تسرب التوتر إليها ، تبعته إلى غرفتهما بقلق بعد أن قالت إلى لارا :
" افعلي ما أمركِ به والدكِ " .
لتدلف بعدها إلى الغرفة فتجد إسلام جالساً ينظر أمامه بشرود ..
همست بقلق : " خير يا إسلام " .
نظر لها إسلام مبتسماً ابتسامة صغيرة زادت من توترها بدلاً من أن تطمئنها و قال : " اجلسي أولاً ، هل سنتحدث و أنتِ واقفة هكذا ؟ "
جلست هبه مقابله دون أن تتحدث ، نظر لها إسلام طويلاً ثم هتف بتساؤل : " ماذا هناك يا هبه ؟ "
رددت هبه جملته بعدم فهم : " ماذا هناك ؟ "
هتف بهدوء : " ما الذي يحدث معكِ ؟ ، أشعر أن هناك شيئاً يقلقكِ " .
أجابته باندفاع : " يهيأ لك .. ليس هناك شيئاً " .
رفع أحد حاجبيه بشك : " حقاً ؟ "
ابتسمت بطمأنينة : " نعم حبيبي لا تقلق " .
إلا أن إسلام لم يكتفي بإجابتها المختصرة و طمأنتها الغير صادقة - من وجهة نظره - فهتف : " إذاً ما الذي يأتي ب إذاً بكِ كل يومين إلى عملي ؟ "
بدى التوتر على ملامحها على الرغم من محاولاتها للسيطرة عليه و عاتبته بخفوت : " أ لا يحق لي أن آتي إلى عملك ؟ "
ابتسم لها بصدق و قال : " بالطبع يحق .. يحق إن كان مرة كل أسبوع .. إن كانت زيارتكِ بريئة ليس ورائها هدف ، لكن .. أن تأتي إلى عملي دائماً .. و تحسابيني في خروجي و دخولي .. إلى جانب تصرفاتكِ الغريبة معي ، الأمر مثير للشك " .
شحبت ملامحها إلا أنها احتفظت بتماسكها الواهي أمامه ، لكن إسلام استطاع قراءة ملامحها بسهولة ..فهتف بجدية :
" صارحيني بما يعتمل في قلبكِ يا هبه و لا تخافي " .
ثواني استغرقتها في التفكير .. إن كان عليها أن تخبره بما يقلقها أم لا .. فوجدت أن إخباره من الممكن أن يولد المشاكل بينهما .. فلا داعي له .. خاصة و هي قد تأكدت من أنه لها .. و من المستحيل أن ينظر إلى إمرأة أخرى ..
فابتسمت بمرح قائلة : " لقد أصبحت تتخيل كثيراً حبيبي ، كل ما تقوله أشياء طبيعية أفعلها معك دائماً ، و إن كان مجيئي إلى عملك يزعجك و يجعلك تشعر أن تصرفاتي مريبة .. فلا بأس .. سأتوقف عن المجئ إليك من الغد " .
هل هي على حق ؟
هل انزعاجه من مجيئها إلى عمله جعله يشك في تصرفاتها ؟
زفر أنفاسه بقوة و قال : " حسناً حبيبتي ، لكن لا تنسي أنني معكِ دائماً و إن أقلقكِ أي شئ لا تترددي في إخباري " .
ابتسمت له ثم نهضت و هي تقول : " سأذهب لأعد الطعام ريثما تبدل ثيابك " .
خرجت من الغرفة لتتوقف فجأة .. ناظرة إلى مشيرة الماثلة أمامها ، ليصلها صوت لارا قائلة : " كنت سآتي لأخبركِ بمجيئها أمي " .
اقتربت منها مشيرة مبتسمة .. و قبلت وجنتيها بلطف مصطنع ثم قالت : " كيف حالكِ حبيبتي ؟ "
ردت لها هبه ابتسامتها و قالت : " بخير يا زوجة أخي ، أخباركِ أنتِ ؟ "
" بخير " .
لتبتسم بخبث متابعة : " أخبريني .. ماذا فعلتِ مع زوجكِ ؟ "
سارت هبه بتوتر لتجلس على الأريكة .. و همست بخفوت : " أفعل في ماذا يا زوجة أخي ؟ "
لوت مشيرة شفتيها بعدم رضى و قالت : " فيما قصصته عليكِ الزيارة الماضية " .
لتتحرك جالسة بجانبها قائلة : " ألم تلاحظين شيئاً غريباً عليه ؟ ، ألم تتقصي عن أفعاله ؟ ، أم ستنتظرين حتى تحدث المصيبة و بعدها تبكين كمداً و ندماً " .
هتفت هبه بثقة اكتسبتها حديثاً : " لا قدر الله يا زوجة أخي .. أي مصايب اللاتي تتحدثين عنها !..، لن يحدث شيئاً بمشيئة الله ، أنا واثقة من زوجي .. و أحيا معه في سعادة أنا و بناتي " .
منذ متى و هبه تتحدث بهذه الثقة ؟
منذ متى لا تتأثر بكلماتها ؟
ما الذي حدث و غيرها بهذه الطريقة ؟
و هل هذا يعني فشلها هي في مهمتها و عدم قدرتها على افتعال المشاكل بين هبه و إسلام ؟!
تأففت بنزق ، لكنها سرعان ما ابتسمت عندما لاحظت خروج إسلام من غرفته ، لتنهض قائلة بصوت خافت .. إلا أنه وصل إلى إسلام بوضوح : " استمري على هذا حبيبتي .. راقبيه جيداً و فاجئيه في عمله دائماً .. حتى تطمئني أنه لن يخونكِ أو يترككِ ، وداعاً " .
تفاجئت هبه من حديثها الغريب ، فهي أخبرتها منذ لحظات بوضوح أنها تثق في زوجها و تحيا معه في سعادة ، فما الذي جعلها تقول ما قالته ؟!
ليشحب وجهها عندما تسمع صوت إسلام من خلفها و هو يقول بتجهم : " أنرتِ يا مشيرة " .
ابتسمت له مشيرة بمكر ملاحظة انقلاب ملامحه .. فتتأكد من أنها استطاعت فعل ما تريد ..
" نورك يا إسلام ، لقد رايتكم و أنتم تصعدون سوياً .. فأحببت أن آتي و أطمئن على هبه " .
ابتسم إسلام بسخرية و قال : " صاحبة واجب يا مشيرة ، في الحقيقة لقد فاجئتني هبه بزيارة إلى عملي و عدنا معاً " .
غمزت مشيرة إلى هبه في حركة بدت واضحة إلى إسلام .. ثم قالت : " سأغادر أنا لأعد الطعام قبل أن يأتي محمود " .
لتلتفت إلى هبه قائلة : " أراكِ قريباً حبيبتي " .
غادرت مشيرة مغلقة الباب خلفها ، بينما هبه ما زالت واقفة في مكانها بجمود .. ناظرة إلى إسلام بخوف ..
في حين نظر إليها إسلام بخيبة أمل ، ثم خرج هو الأخر من المنزل دون أن يوجه لها أي كلمة !
ارتمت هبه على المقعد المستقر خلفها و شرعت في بكاء شديد ، فركضت إليها لارا - و التي كانت تتابع كل ما يحدث دون أن ينتبهوا لها - مهدئة إياها .

يتبع


Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-18, 10:02 PM   #279

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

زفرت أنفاسها بانزعاج من تجاهله لها طوال النهار .. حيث أنها لم يرافقها إلى المشفى كما اعتادا .. كما أنه لم يتحدث معها ، و إن رآها أدار وجهه بعيداً عنها ، و كل هذا بسبب محادثتهما الأخيرة عن لارا و ما حدث فيها ..
رأته يتجه إلى كافيتريا المشفى فسارت ورائه ، لتجلس على نفس الطاولة التي يجلس فيها .. على المقعد المستقر أمامه ..
ابتسمت بمرح و كأن لا شئ حدث بينهما و قالت : " يفترض بي أن أعاقبك و أغضب منك لأنك لم تأتي لتقلني اليوم مع أنك تعلم كرهي للقيادة " .
تأفف علاء بانزعاج و لم يرد عليها ، فهو حتى الآن لم ينسى الإتهام الشنيع الذي وجهته إليه بحمله لمشاعر خاصة اتجاه ابنة شقيقه ..
إلا أن ليندا لم تبالي بتجاهله ، فكم من مرة تجاهلها بها من قبل !
" و لكن .. و بما أنني أملك من الطيبة و الحنان الكثير فسأسامحك هذه المرة " .
ابتسم علاء بسخرية و هتف : " حقاً ؟ ، هذا كرم كبير منكِ .. لا أعلم كيف أشكركِ " .
ابتسمت ليندا بمكر : " سنتناول العشاء و نسهر سوياً ، هذا أقل شئ تشكرني به " .
التقط علاء كوب القهوة الخاص به و نهض من على المقعد و هو يقول : " ليس لدي وقت لكِ " .
تألمت ليندا من جملته مع أنها تعلم أنه قالها بسبب غضبه منها ، إلا أنها لم تظهر ألمها له ، بل بكل إرادة نهضت و سارت وراءه إلى الغرفة التي تضمهما مع مجموعة من زملائهما الأطباء ..
دلفت إلى الداخل لتجد علاء يقف مع طبيبة لم تراها من قبل و يتأملها بإعجاب !
اقتربت منهما بتحفر لينظر لها علاء و يهتف بنبرة رسمية : " الدكتورة زينه .. ستعمل معنا من اليوم " .
تفحصتها ليندا بتقييم .. بدءً من وجهها الدائري المحاط بحجاب باللون النبيتي .. و الذي ناسب بشرتها البيضاء بطريقة جعلتها شهية للنظر .. مروراً بفستانها الطويل .. الفضفاض ... و الذي كان يخفي جسدها جيداً .. حتى كعبها الأسود ..
عادت لتنظر إلى عينيها و قلبها قد بدأ يؤلمها دون أن تعرف السبب !
" دكتورة ليندا " .
ابتسمت زينة ببشاشة و قالت : " تشرفت بلقائكِ دكتورة " .
تجاهلتها ليندا و نظرت إلى علاء قائلة : " أريد أن أتحدث معك " .
تأفف علاء و قال : " لا يوجد بيننا حديث " .
طرقت الأرض بقدمها بعصبية صائحة : " لِمَ تعقد المواضيع ؟ ، ما قولته لا يستحق كل ما تفعله " .
نظر إليهما بعض الأطباء باستغراب .. في حين رفعت زينه أحد حاجبيها بذهول ، مما دفع علاء إلى الإبتسام بحرج و الخروج من الغرفة ..
لحقته ليندا للمرة الثالثة هاتفة : " علاء .. علاء " .
ليلتفت إليها علاء هاتفاً : " لدي عمل عليّ إنهائه " .
ثم تحرك دون أن يتفوه بكلمة زائدة تاركاً إياها تتنهد بضيق .
**********
" إلى أين ستذهبين يا رانيا ؟ "
وضعت رانيا المزيد من أحمر الشفاه على شفتيها ثم قالت : " سأذهب لبيت صديقتي .. و بعدها سأذهب إلى مركز التجميل ، و سأنتظرك هناك لتأتي و نذهب إلى الحفل معاً " .
نفى فريد قائلاً : " و لكنني لن أذهب إلى الحفل " .
التفتت له رانيا منصدمة و صاحت : " كيف ؟ "
رفع فريد أكتافه ببرود : " ما سمعتيه .. أنا لن أذهب إلى هذا الحفل " .
وضعت يديها في خصرها و سألته بحدة : " و هل يمكنني معرفة السبب ؟ "
أجابها بنبرة لا مبالية : " ليس لدي مزاج لحضور حفلات اليوم " .
اعتدلت في وقفتها قائلة بجدية : " لا تمزح معي يا فريد " .
ابتسم ببرود : " أنا لا أمزح ، حقاً ليس لدي الرغبة لحضور حفلات اليوم " .
صاحت بغضب : " ماذا تريد إذاً ؟ ، أن أذهب لحالي وسط جميع المدعوين و أكون حديث السهرة ! " .
استرخى في جلسته و قال باستفزاز : " لا تذهبي إذاً ، ابقي و نسهر الليلة سوياً " .
كتفت ذراعيها قائلة بحدة : " أنت تمزح بالتأكيد !..، هل تريد مني أن أبقى معك عوضاً عن الذهاب ؟ "
أمال فريد جسده بمسرحية : " أعتذر سيدتي ، لقد نسيت أن مَن لا تذهب منكن لمثل هذه الحفلات .. تصبح حديث الأسبوع .. و يتناولن النساء أخبارها بشماته " .
رفعت أحد حاجبيها و قالت : " جيد أنك تعلم " .
التفتت إلى المرآة لتتأكد من مظهرها و هي تقول : " متى ستأتي إليّ ؟ "
صاح فريد بضجر : " أي جزء لم تفهميه في أنني لن أذهب " .
نظرت له من خلال المرآة قائلة بعدم تصديق : " أنت جاد إذاً " .
رفع أكتافه ببرود : " كما ترين " .
التفتت سائلة إياه بحدة : " و أنا ماذا سأفعل ؟ "
ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيه قبل أن يقول : " لقد أعطيتكِ الحل و أنتِ رفضتيه " .
صاحت بغضب : " فريد " .
إلا أنها صمتت و هي تراه يخرج من الغرفة بلا مبالاة ..
تأففت بحنق لا تعلم ما الذي عليها فعله اليوم تفادياً للإحراج أمام صديقاتها ، لتلتقط حقيبتها الصغيرة و هي تسب فريد و اليوم الذي تزوجته فيه ..
خرجت من الغرفة و هي تنظر إلى حقيبتها متفقدة أغراضها ، لتصطدم بإحدى الخادمات بقوة عن طريق الخطأ ..
تراجعت رانيا خطوتين إلى الوراء صائحة بغضب : " أنظري أمامكِ يا عمياء " .
مَن العمياء فيهما ؟
أ ليست مَن تنظر في حقيبتها غير منتبهة إلى طريقها ؟
أم هي .. مَن عليها الإنتباه على المزهرية الزجاجية التي تحملها .. و التي إن كُسرت سوف تطردُ على أقل تقدير ؟
و لكن .. مَن هي لتخبر سيدتها بهذا ؟ ، خاصة و هي ترى طباعها الحادة و معاملتها القاسية للجميع!
توترت ياسمين في وقفتها و همست بخوف : " أعتذر سيدتي " .
نفضت رانيا فستانها باشمئزاز و قالت : " أنا لا أقبل الأخطاء و الإعتذارات .. انتبهي مرة أخرى و إلا لتتركي مكانكِ لخادمة أفضل " .
ثم سارت متعدية إياها و مغادرة القصر بأكمله .
عادت ياسمين إلى المطبخ .. لتجلس و حزنها يظهر جلياً على ملامحها ..
نظرت إليها ميرفت باستغراب و سألتها : " ما بكِ ؟ "
أجابتها ياسمين بحزن طفولي : " لقد صرخت السيدة رانيا في وجهي و عنفتني " .
لوت ميرفت شفتيها و هتفت : " أي مصيبة فعلتيها ؟ "
رفعت ياسمين إصبعها ببراءة : " لم أفعل شئ أقسم .. هي من أخطأت بالأساس حيث أنها كانت تنظر في حقيبتها .. و اصطدمت بي " .
قالت ميرفت بهدوء مستفز : " بل أنتِ من أخطأتي و عليكِ الإنتباه مرة أخرى " .
فغرت ياسمين فاهها بذهول .. ثم زمت شفتيها بصمت معترض و بداخلها تشعر أن رحلة الظلم التي بدأت منذ مولدها لم تنتهي بعد .
دلفت إحدى الخادمات إلى المطبخ و قالت : " السيد فريد يريد فنجان قهوة " .
هتفت ميرفت بأمر : " انهضي و أعديه يا ياسمين " .
نهضت ياسمين و شرعت في تحضيره ، ثم أخذته و توجهت إلى حيث يجلس فريد ..
اقتربت منه و هي تراه جالساً على مكتبه يتصفح أحد الملفات ..
وضعته على المكتب بهدوء .. ثم اعتدلت في وقفتها قائلة : " هل تريد شيئاً أخر سيدي ؟ "
ترك فريد الملف الذي بيده و نظر إليها للحظات و قال : " اجلسي يا ياسمين " .
ارتبكت ياسمين و قالت : " لكن .. سيدي " .
تنهد فريد بقوة و كرر : " اجلسي " .
جلست ياسمين بتوتر .. و أطرقت برأسها ناظرة إلى أرضية الغرفة المغطاة بسجاد بني ، مما أتاح الفرصة لفريد لتأملها كما يشاء .. بشعرها الكستنائي المعقود بشريطة سوداء تمنع حركته و تمرده .. و عينيها العسلية المحدقة في سجاد الأرضية بتوتر جليّ .. هذا إلى جانب جسدها المتناسق .. الذي بجذبه بشدة و لا يستطيع إبعاد عينيه عن منحنياته .. و ساقيها البيضاء الظاهرة لعينيه ..
ازداد توتر ياسمين و ارتباكها من صمت سيدها المريب .. و نظراته التي تشعر أنها مركزة عليها ، إلا أنها لم تجد الجرأة لرفع عينيها و التأكد و .. منعه من هذا .
بعد دقائق أشبع فيها فريد نظراته هتف بهدوء : " أخبرتيني من قبل أنكِ نشأتي في دار الأيتام " .
شبكت ياسمين كفيها بتوتر : " نعم سيدي " .
همس فريد بتساؤل : " أي أن عمركِ لا يتعدى الثمانية عشر عاماً " .
همست : " صحيح .. لقد أتممت الثمانية عشر منذ أسبوعين " .
استرخى في جلسته و همس بإعجاب : " صغيرة .. و جميلة " .
نظرت له بدهشة و همست بتوتر : " ماذا ؟ "
ابتسم فريد بمكر و هتف : " أنتِ ليس لديكِ أحداً ، أ ليس كذلك ؟ "
ارتسم الحزن على ملامحها و هي تهمس بخفوت : " ما أعلمه أن والداي توفيا و أنا في الثالثة من عمري في حادث .. و لم يكن لي قرائب " .
لم يستطع السيطرة على سعادته فهمس : " رائع " .
نظرت له ياسمين بقلق و قد بدأ الخوف يتسرب إليها : " عفواً ؟ "
سيطر على انفعالاته بالقوة و هتف : " و كيف تجدين العمل هنا ؟ ، هل هناك ما يزعجكِ ؟ "
نعم .. هناك ما يزعجها .. أو يخيفها إن صح التعبير ، و هو أن تقوم رانيا بطردها .. و وقتها لن تجد إلا الشارع ملاذاً لها ..
كانت تنظر له بصمت .. إلا أن الخوف كان جلياً على ملامحها ، مما جعل فريد يسألها : " أخبريني ما الذي يزعجكِ و لا تخافي " .
همست ياسمين بارتباك : " لا شئ سيدي .. و لكنني أخشى أن تقوما بطردي .. و أنا لا " .
لتصمت بعدها غير قادرة على إيجاد كلمات مناسبة تعبر بها عن مشاعرها ..
إلا أن فريد كان يفهم ما تريد قوله .. و ما يخيفها ، و هذا جعل بعضاً من الثقة يتسرب إليه .. حيث أنه تأكد أن ما يطمح به سوف يناله ..
" و ما الذي جعلكِ تعتقدين أننا سننطردكِ ؟ "
هل عليها إخباره بما فعلته رانيا معها ؟
هل إذا أخبرته سوف يؤثر هذا على عملها هنا ؟
حثها فريد عندما لاحظ توترها : " ياسمين " .
همست كاذبة : " لأنني لست على دراية كاملة بقواعد العمل هنا و أخشى أن أُخطأ فتطردوني " .
ابتسم لها فريد مطئمناً : " لا .. لا تخافي " .
ليرتشف بعدها من فنجان القهوة الذي جلبته و يسألها : " هل أنتِ مَن صنعه ؟ "
أومأت بالإيجاب ، ليقول بإعجاب : " لن أجامل إن قولت أن هذه أفضل قهوة تذوقتها في حياتي " .
ابتسمت بسعادة : " شكراً سيدي " .
لتنهض بعدها قائلة : " أسمح لي .. سأعود إلى عملي " .
أشار لها فريد بالذهاب و عينيه كالعادة لا تنفك عن تأمل جسدها .. و لسانه لا يكف عن ترديد : " صغيرة و .. جميلة و .. وحيدة " .
و لكنه أضاف هذه المرة : " و صانعة قهوة بارعة " .
عادت ياسمين إلى المطبخ .. لتسألها ميرفت فور دخولها : " ما الذي كنتِ تفعليه كل هذا الوقت ؟ "
أجابتها بتبرير : " لقد جلست مع السيد فريد و سألني إن كان هناك ما يزعجني في العمل هنا " .
لتتحرك بعدها و تتابع عملها .. مفكرة في كم أن فريد مختلف عن زوجته .. في تواضعه و تفهمه ، كما أنه وسيم .. وسيم جداً .. بشعره البني الداكن .. و عينبه بلون السماء .. و ملامح وجهه الرجولية .. و جسده الرياضي ، تنهدت بإعجاب ثم بدأت في ممارسة عملها ..
بينما ميرفت تنظر لها بارتياب .. و الشك يراودها فيما يحدث ، ففريد هو مَن أمر بعمل ياسمين .. و لقد طلب من قبل أن تآتي له ياسمين بالقهوة .. و اليوم يجعلها تجلس معه و يسألها عن إن كانت لا تجد الراحة في العمل !..، الأمر غريب .. و يثير الشك .. و عليها الإنتباه و مراقبة ما يحدث .

يتبع

duaa.jabar likes this.

Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-18, 10:04 PM   #280

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

دلفت ريناد إلى المطعم الذي تعمل به بسرعة .. و هي تجاهد لإلتقاط أنفاسها ، فبعد تعب و معاناة مع المواصلات و الإزدحام وصلت إلى عملها ، و لكنها تأخرت ما يقارب النصف ساعة !
وقفت أمام سمير سائلة إياه بقلق : " هل السيد رشدي سأل عني ؟ "
نفى سمير قائلاً : " لا .. و لكن " .
إلا أنها قاطعته قائلة براحة : " الحمد لله " .
ليأتي صوت من خلفها جعلها تبتلع ريقها بتوتر : " أنا من سألت عنكِ يا ريناد " .
التفتت ريناد ببطئ .. متمنية من كل قلبها أن ما سمعته غير صحيح .. و أن بشار ليس من يقف خلفها ..
لتغمض عينيها بقوة عندما رأته واقفاً خلفها .. مستنداً بذراعه على الجدار و ثانياً قدميه .. ينظر إليها بسخرية ..
ما تعلمه أن بشار لديه سلسلة من المطاعم ورثها من والده .. و الذي جاهد لإنشائهما ، و أن بشار لا يأتي لهذا الفرع من المطاعم - الذي تعمل فيه - إلا قليلاً .. حيث أن علية متابعة بقية الفروع و سير العمل بها ، هذا ما أخبرها به رشدي ..
إذاً ما الذي جاء به اليوم ؟
هل يأتي فقط في الأيام التي لا يحالفها فيها حظها ؟
ففي المرة الماضية - و التي كانت أول مرة تراه فيها - حدثت مشكلة معها مع أحد الزبائن ، و كانت من الممكن أن تؤدي إلى طردها لولا ستر الله و تصديق بشار لها ..
و اليوم يأتي و يراها متأخرة على عملها ..
هل سيعتقد الآن أنها مهملة لا تهتم بعملها ؟
فتحت عينيها لتنظر له قائلة بهدوء محاولة إخفاء توترها" صباح الخير سيدي " .
رفع بشار أحد حاجبيه باستغراب .. فمن المفترض أن تبرر له سبب تأخيرها .. لا أن تقف أمامه و تحييه بكل هذا الهدوء ، أم عليه أن يطلق عليه برود و عدم اهتمام !
إلا أنه رد عليها : " صباح الخير يا ريناد " .
و تابع قائلاً : " هل يمكنني معرفة سبب تأخركِ ؟ "
أطرقت برأسها هامسة باعتذار : " أعتذر سيدي .. لكن الطريق كان مزدحماً .. كما أنني لم أجد حافلة لتقلني بسهولة " .
حرك وجهه بإعتراض : " إذاً عليكِ الإستيقاظ مبكراً من الغد .. حتى تتفادي هذا " .
تنهدت بقوة ثم قالت : " حسناً سيدي " .
اعتدل في وقفته ليهتف بجدية مقتتها : " و عقاباً لكِ على تأخيركِ سيُخصم نصف راتب اليوم " .
عقدت حاجبيها باعتراض و كانت تتمنى لو تستطيع لكمه على هذه الجملة .. فراتبها بالكاد يكفيها ..
تابع بشار مشيراً لها بالذهاب : " هيا .. ابدأي عملكِ " .
ابتعدت ريناد عنه و هي تتأفف بضيق ، انضمت إلى سمير لتسأله : " ألن يأتي السيد رشدي اليوم ؟ "
أجابها سمير بسرعة قبل أن يتجه إلى إحدى الطاولات : " لا " .
تنهدت بضيق .. لقد كانت تريد أن تخرج و تبحث عن ياسمين اليوم .. مع أنها لا تعلم أين من الممكن أن تبحث عنها و لا كيف !..، و لكنها تعتقد أن ياسمين لن تكون مبتعدة كثيراً عن الدار .. لذا ستسأل في الفنادق الصغيرة المحيطة بالدار .. لعل ياسمين تكون جالسة في أحدهم .. أو من الممكن أن تكون عملت في أحد المحلات القريبة ، لا تعلم .. إلا أنها ستبحث عنها في كل مكان .. و لن ترتاح إلا عندما تجدها ..
المشكلة الآن في بشار .. و إن كان سيسمح لها بالذهاب أم لا .. خاصة بعد تأخيرها اليوم !
**********
نظرت إلى الساعة لتجد أنه تبقى ساعتين فقط على انتهاء العمل ، هل إن ذهبت إليه الآن و طلبت منه المغادرة سيوافق ؟
في الحقيقة .. هي تشعر بالكثير من التردد و الحرج في الذهاب إليه ، إلا أنها مضطرة لذلك .. فقلبها يأكلها من الخوف على ياسمين .. و تخشى أن يحدث لها مكروه ..
سمت بالله و اتجهت إلى مكتبه .. طرقت على الباب و دلفت إلى الداخل عندما سمح لها ، فرأته جالساً .. ممدداً قدميه على سطح المكتب .. و يعبث بهاتفه ، تأملته بشرود .. بشعره البني الفوضوي و بعض خصلاته المستقرة على جبينه .. و عيونه بلون الشوكولا المحدقة بشاشة هاتفه .. و فمه المزموم بتركيز ..
رفع بشار عينيه عن الهاتف عندما لاحظ الصمت الغريب ، فوقعت نظراته على ريناد .. و التي تتأمله بشرود ممزوج بالإعجاب ، مما جعله يعتدل في جلسته متنحنحاً بحرج ..
انتبهت ريناد إلى نفسها .. لتطرق رأسها بخجل ، دقائق مرت دون أن تتفوه بحرف .. فسألها بشار : " هل تريدين شيئاً يا ريناد ؟ "
همست : " نعم سيدي .. إن تسمح لي .. أريد أن أغادر " .
رفع أحد حاجبيه بتساؤل : " الآن ؟ ، لازال يتبقى ما يزيد عن الساعة و نصف على انتهاء عملكِ " .
همست برجاء : " نعم و لكن .. يجب أن أغادر الآن .. الأمر ضروري .. أرجوك سيد بشاي " .
بشاي !
كانت قد نطقت اسمه بطريقة غريبة .. حيث نطقت حرف الياء بدلاً من الراء !
عقد حاجبيه باستغراب و قال : " ماذا ؟ "
كان يقصد بسؤاله اسمه الذي نطقته خطأ ، إلا أنها لم تنتبه إلى ذلك .. و اعتقدت أنه يقصد أمر مغادرتها : " أرجوك سيدي .. عليّ الذهاب الآن " .
ركز في كلماتها ليجد أن حرف الراء في كلمة ( أرجوك ) نطقته بنفس الطريقة أيضاً .. أي نطقته كياء ..
تجاهل رجاءها و هتف بما لا تتوقعه : " ما اسمي ؟ "
تفاجئت من سؤاله .. حتى أنها ظنت أن ما سمعته خطأ .. فقالت : " ماذا ؟ "
استند بشار على ظهر مقعده و سأل : " هل السؤال صعب أم ماذا ؟ ، أخبريني .. ما اسمي ؟ "
و على الرغم من تفاجئها .. و حيرتها من هذا السؤال .. إلا أنها أجابته : " سيد بشار " .
و قد نطقته بتلك الطريقة الغريبة و التي جعلت الإستمتاع يتسرب إليه ..
ابتسم بشار قائلاً باستمتاع : " أنتِ لدغة " .
عضت على شفتيها بقوة .. شاعرة بالإستغراب من انتباهه إلى لدغتها ، فهذه مشكلتها التي تواجهها منذ صغرها .. و للأسف لم تستطع نطق حرف الراء بالطريقة الصحيحة على الرغم من كل محاولاتها ..
تابع بشار باستفزاز : " من المؤسف أن تكونين لدغة في حرف الراء و اسمكِ يبدأ به " .
هتفت بتهور : " هذا ما أثار انتباهك في كل ما قولته " .
هتف ببرود : " و ماذا كنتِ تقولين ؟ "
نظرت له بغضب .. ليطرق على جبينه باصطناع قائلاً : " نعم .. كنتِ تريدين المغادرة " .
لينظر لها و استمتاعه قد ازداد و هو يرى ملامحها الحانقه .. فارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيه و قال : " حسناً .. اذهبي " .
توسعت عيونها بعدم تصديق : " حقاً ؟ "
أومأ بالإيجاب : " نعم .. هيا .. اذهبي " .
وضعت كفها على صدرها و قالت : " شكراً .. شكراً سيدي " .
و خرجت بعدها بسرعة لتغادر باحثة عن صديقتها .
عاد بشار إلى جلسته السابقة و ابتسامته مازالت مرتسمة على شفتيه ، لتنقلب بعدها إلى ضحكة كبيرة و هو يردد بطريقتها : " أرجوك .. شكراً .. بشار " .
انتهت ضحكته فتنهد محاولاً التقاط أنفاسه .. ثم همس : " ممتعة " .

يتبع

duaa.jabar likes this.

Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.