21-07-18, 01:35 AM
| #11 | |||||||||
| كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء 
|  وبكل ما يمتلكه من ثقة ومهارة أنهى جوليان عمله وصفقته المهمة التي تمت كما يحب ,و خلال اقل من ساعة كان ينهب الطريق خارج حدود العاصمة لوكسمبورغ نحو الشمال بالقرب من الحدود الألمانية حيث تقع أجمل وأروع المقاطعات في البلاد ,جنةٌ خضراء تتربع على عرشها بألقٍ كجوهرة أثيرة قلعة فياندن التاريخية(Vianden) بإعصابٍ مشدودةٍ غير مبدل السرعة لتبدأ السيارة الرياضية الحديثة -التي يفضل قيادتها على سواها - بنهب الارض بنهم لتوصله لغايته ,فرغم كرهه لرؤية ازابيل لكنه يدرك تماماً أن خلف ما يجري كارثةٌ حقيقية ,وهو لا يريد أن يقع ضحيتها بعد ان صار موعد تتويجه باللقب قاب قوسين او ادنى ,فازابيل اكثر الاشخاص مكراً على وجه المعمورة ولن ترتاح ويهنأ لها بال حتى تجرده من حقه الشرعي... كانت اخبار تقربها المخزي من الدوقة تصله دوماً لكنه لم يكن ليكترث بما تقوم به من العابٍ صبيانية لن تفيدها شيئاً ,لمعرفته بأن دوقة البلاد امرأةٌ حكيمةٌ راشدة لن تنحاز لازابيل وتقع فريسة خداعها ابداً مهما فعلت ... لكن قلبه ينبئه بأن ما يحصل الآن يختلف...يختلف تماماً ...هي استدعته بنفس صلفها وتبجحها القديم وكأنه لازال خادمها الأمين... "ابداً لن تنال ما تريد" زمجر بسخط وهو يؤكد لنفسه فابن عمه ادريان مات ولم يخلف له وريثاً لذا سيؤل الامر تلقائياً للذكر الاقرب في العائلة وهذا يعنيه هو ...هو من سيكون الكونت فياندن القادم ,وهي (ازابيل )لن يكون لها اي تأثير عليه مجدداً ..اكد لنفسه وزاد من ضغطه على دواسة البنزين فانطلقت السيارة بسرعة البرق لعل سرعتها تخفف من صوت تخبط أفكاره التي تشبه صوت كرة بولينغ تضرب القناني الخشبية .... "اهدأ جوليان اهدأ ركز ولا تخف ..لم تعد جوليان الصغير الضعيف ,وهي لم تعد المتحكمة بك وبأمورك..انت حر الان ...حر " كان يطمأن نفسه بترديد ذلك.. صحيح انه لم يكن فيما مضى يحفل باللقب او حتى يفكر به ,فقد كان الامر مسلم َبان اللقب سيكون من نصيب ادريان وورثته..لكن وبعد الموت المفاجأ لأبن عمه الشاب دون أن يخلف وريثاً تغير كل شيء...صار اللقب من حقه ..وكأن السماء أرادت مكافأته على صبره وصبر امه بعد كل تلك السنين القاسية ... بتكدر تذكر وجه امه الحزين حين كانت تبكي عليه حين كان يعاقبه عمه بشدة ...كم قاس هو وامه من اضطهاد عمه اللئيم وزوجته الحقود ,دائماً كانا يعيران امه ببساطة نسبها الذي لا يتلائم ورقي اصولهم ...فوالدته انجيلا سيدةٌ طيبة من عائلةٍ كريمة بسيطة من فرنسا,التقاها والده الكساندر حين كان في اجازة في اقليم البروفانس في فرنسا ,وبمجرد أن وقعت عيناه على تلك الشابة الحسناء السمراء وهي تقطف زهور الخزامى (الافندار) حتى وقع بحبها , وفي اقل من شهرين تزوجها من دون الاكتراث لكل افكار وعادات اسرته المتزمتة .. كان ابوه سعيداً بأنه ليس الوريث,فظن ان ذلك سيجعله حراً ليفعل ما يشاء .. لكن تبين انه عاش مع زوجته وابنه في استعباد من قبل اخيه الكونت وزوجته ازابيل ... لكن هذا الزمان قد انتهى ..انتهى لغير رجعة ...لقد اقسم جوليان على أن ينهيه بأي ثمن ..... حرك رأسه بقوة ليطرد تلك الذكريات البائسة وركز على الطريق الممهد امامه خاصةً بعد ان بدأت ابراج قلعة فياندن الرمادية ذات الرؤوس المدببة تلوح امامه وهي تربض بشموخٍ في احضان جنةٍ خضراء يانعة .  فيما مضى كانت هذه القلعة مقراً لكونتات أسرة فياندن النبيلة ,لكن في القرن السادس عشر وبعدما ارتبط لقب فياندين باسرة ناساو –اورانج( the House of Nassau-Orange ) لم تعد القلعة المقر الرئيسي لهم كالسابق ...وقبل 194عاماً قام الملك وليام الاول ببيعها للوالي اللعين وينزل كوستر( Wenzel Coster )الذي عمد لتخريب القلعة الاثرية وقلع سقوفها وابوابها ونوافذها ,حتى أن بلاط الارضية لم يسلم منه فأحالها خراباً .... فندم الملك وليام على بيعها وعاد لشرائها مرةً أخرى في محاولة لانقاذها ...تقطعت اعمال الصيانة والترميم فيها عبر السنين والعقود بسبب النزاعات والحروب التي كانت تموج اوروبا بها ولم تكتمل صيانتها الى في عهدٍ قريب حيث قام الدوق السابق جآن بجعلها معلماً تاريخياً مميزاً لدولة لوكسمبورغ , و صارت اليوم واحدةً من أكبر وأجمل المساكن الإقطاعية الخاصة بالفترات الرومانية والقوطية في أوروبا الوسطى.. اما من تبقى من ورثة لقب كونت فياندن فقد اتخذوا من قصر ماخت (Macht) مقراً لهم , والذي لا يبعد سوى كيلومتراتٍ قليلة من بلدة فياندن التي تحمل لقب الاسرة العريقة نفسه. ازاح جوليان ناظره عن القلعة الأثرية بعد ان خلفها ورائه ,و سار مسافة كيلومترين تقريباً للشمال الغربي في الطريق المشجر من الجانبين قبل ان يظهر امامه قصر ماخت الابيض من بين الاشجار الباسقة فوق تلةٍ قريبة مطلة على نهر (اور UOR)الجميل . قال في نفسه مطمأناً "قريباً ستدخل امي من بوابة هذا القصر الذي نبذها سنين طويلة وهي تحمل لقب الكونتيسة فياندن" ابتسم جوليان بتهكم وهو يرى القصر المهيب شامخاً امامه ,لكن شيءً في قلبه انبأه ان معركته مع ازابيل لن تكون سهلة... اوقف سيارته الرياضية الفاخرة في ساحة القصر الامامية المرصوفة بإتقان ,وخرج منها بخفة كفهد متحفز للهجوم ليجد في استقباله شاباً يرتدي زي الخدم الاحمر القاني الذي ارتداه خدم القصر للعشرات السنين ... بكل احترام اخذ الخادم الشاب مفاتيح السيارة منه وقام بركن السيارة في مكان اخر أُعِد ليكون موقفاً للسيارت الزائرة.. سخر جوليان من هذه الحركة التي كانت ازابيل تصر عليها دوماً , فهي تكره ان ترى اي سيارةٍ مركونةٍ في باحة قصرها المهيب ,وبتهكم أقر في نفسه أنه سيعمد لركن كل السيارات التي يمتلكها هنا حين يصير الكونت..فقط لأغاظتها.. بثباتٍ خطى صوب المدخل الرئيسي وصعد برشاقةٍ وخفةٍ وبخطواتٍ واسعةٍ الدرجات البيضوية الثلاثين و التي تفضي لشرفةٍ كبيرةٍ يحملُ سقفها المزخرف عمودين ضخمين من الرخام الابيض الفاخر, بينما يتربع بابٌ خشبيٌ كبير من النظام القوطي في الوسط ,ويقف عند طرفيه حارسين بلباسهما التقليدي ويحملان رماحاً اثرية .. نظر جوليان للحارسين بازدراء لا من شخصهما بل لوقوفهما كتمثالين جامدين وهما يرتديان ذلك الزي السخيف الذي يعود لمئتي سنة مضت حيث كان الحرس الخاص للكونت يرتدونه...وفكر بسخرية كيف تصر ازابيل بتناقض صارخ من كل الحداثة التي تحبها وتتعلق بها بأن تظل محافظة على هذه المظاهر الفارغة الجوفاء فقط لتحيط نفسها بأبهة الامراء والملوك ..وأكد لنفسه ثانية بإن اول شيء سيفعله الغاء كل هذه المظاهر الجوفاء الخادعة ,لن يطرد الخدم بتأكيد فهو لن يسبب التعاسة لأي انسان كان فقط ليتلذذ بانتقامه ,لكنه سيحاول إيجاد وظائف ملائمة لهم...وسيسعى لألغاء كل مظاهر الاقطاعية الجوفاء التي تسربل بها القصر لعقود ... سار في البهو الكبير الذي أعد ليكون اكبر ساحة رقص في لوكسمبورج بعد قصر الضيافة الملكي..حيث كانت اسرة فياندن تصر دوماً على اقامة الحفلات المهيبة للعائلات الثرية والنبيلة كنوعٍ من فرض الهيمنة على كل ما يحيطهم ,وعاد يؤكد لنفسه ان هذه الحفلات ستلغى حين يستلم زمام الامور لكن ليس قبل ان يقوم بعمل حفلٍ كبيرٍ اخيرٍ ومهيب ترحيباً بأمه الكونتيسة المنتظرة ... نظر جوليان بتمعن للردهة الواسعة بأرضيتها المرمرية المصقولة وقد صفت على كلا الجانبين تماثيلٌ رخاميةٍ بيضاء بينما زينت جدرانها العاجية اللون ذات الحواف الجصية المذهبة والمزخرفة بإتقانٍ باللوحات الزيتية النفيسة لأشهر الفنانين في العالم ,وشعر بأنه يراها لأول مرة حياته...ففي الردهة وحدها ما يقدر باربعة ملايين يورو من التحف والزخارف النفيسة ناهيك عن باقي ارجاء القصر... كيف يعقل ان يتمتع انسانٌ واحد بكل هذا المال...وكيف سيكون الوضع حين يصير هذا المال ملكه وحده...بقدر ما يسعده الامر يخيفه ويزعجه ...لا يريد ان يفكر بالامر الآن وسينتظر حتى تنتهي المدة المحددة لتبدأ مراسم التقليد الرسمية ... يتبع | |||||||||
|  |
|
21-07-18, 01:38 AM
| #12 | |||||||||
| كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء
| زفر بقوة وأنزل عينيه التي اتعبتها الزخارف الكثيرة المعقدة التي زينت السقف والجدارن لتستقر على العجوز برنار قادماً نحوه وهو يهتز بشكل مضحك كورقة في مهب الريح ..كان الرجل العجوز الذي خدم عائلته بأمانة وشرف لأكثر من خمسين عاماً مرعوباً للغاية وبشكل واضح ,وما ان اقترب من جوليان حتى قال بصوت مبحوح مرتبك . "الكونتيسة في انتظارك سيدي..ارجوك تفضل معي من هنا؟ " "هدأ من روعك يا برنار " قال جوليان بمرح لكن العجوز نظر له بكآبة فعزز ذلك في نفسه الشعور أن وراء استدعائها له مصيبة كبيرة ,فسأل بتوجس " ما الامر برنار..؟؟" تلفت العجوز حوله بوجل مخافة أن يكون هناك من يستمع لهما ثم همس "لا اعلم حقاً يا سيدي لكن صدقني لم ارها غاضبةً هكذا ابداً ,وحتى يوم مات السيد ادريان لم تغضب بهذا الشكل ...لقد حطمت مقتنيات غرفة الاستراحة بأكملها واصابت خادمتها برضوض بعد ان القت عليها كل ما طالته يدها ..." صمت جوليان وأخذ يحلل ما يحصل "هل معقول انها فشلت في مساعيها للألتفاف على الامر فأصيبت بنكسة؟؟" ..لكن لا فما كانت لتستدعيه إن ادركت خسارتها ... نظر للعجوز الذي يسير بجانبه وسأله بقلق "الم يحصل شيء يمكن ان يكون السبب في حالتها تلك ؟؟" عاد العجوز ينظر بقلق حوله دون ان يتوقف عن السير ثم همس" وصيفتها تقول انها جنت بعد قراءتها الصحيفة..هذا ما اعرفه " عاد الصمت يلفهما وفكر انه مهما حصل فهو سيعرفه بعد قليل ..لذا تبع الخادم العجوز بصمت الى ان وصلا لغرفة مكتب عمه القديمة ادخله برنار ثم تركه وخرج ليبلغ الكونتيسة بقدومه بعد ان اقفل الباب خلفه... زفر جوليان بضيق ولم يستطع ان يصرف عنه هذا الشعور المزعج الذي تسلل اليه ولطالما شعر به سابقاً حين كان صغيراً ويساق كالمتهم لهذه الغرفة لينتظر محاكمته . تأمل اركان الغرفة المقيتة الكئيبة رغم ترفها وبذخها الواضح والتي لطالما َوقف فيها منتظراً العقوبة التي سيصدرها عمه بحقه ..فعادت فكرة الخطر تلوح له من جديد فازابيل ادخلته هنا لكي تؤكد له انها لا زالت تملك اليد العليا بكل شيء... باستماتة حاول ان يبعد عن نفسه هذا الشعور لكن كيف يستطع ذلك وكل شيء في الغرفة يذكره بالمرات الكثيرة التي كان يقف هنا منتظراً حكم عمه القاسي ... وعادت به الذكريات لعمه المخيف جاريون ..كان هذا المكتب الفاخر مقره المفضل والدائم ,يقوم بكل اعماله به ويستقبل زواره ويصدر قراراته وحكمه ,كان جاريون يظل جالساً في كرسيه الجلدي الفاخر ذو المسند الملوكي يملأه بشخصيته المهيبة المستبدة ,مستنداً بيديه الضخمة للمكتب المهول الحجم المصنوع من خشب الأرو(Oak Wood)الثمين فلا يصدق من يراه ان خلفه يقبع رجلٌ عاجز ... وكما عادت له بوحشية ذكرى عمه المتجبر بهئيته المهيبة المخيفة عادت به الذكرى لذاك الفتى اليافع الذي يقف خلف الباب يخشى دخول المكتب خوفاً من العقاب الرهيب الذي سيصيبه,فكم مرةً شهدت جدران هذه الغرفة وأثاثها ألآمه الكثيرة وخيباته المتعددة وتحطيم احلامه بقسوة ... بقوة إستجمع كل قطرة شجاعةٍ يملكها في جسده ليدفع بتلك الذكريات المقيتة بعيداً ...مذكراً نفسه بأن عمه المرعب الظالم قد مات وأنه ما عاد ذلك الفتى الصغير الخائف الضعيف ,بل صار رجلاً قوياً حر الارادة و يمتلك زمام حياته بالكامل ,وفي القريب العاجل سيصير هو الكونت فياندن وسيجلس خلف هذا المقعد الجلدي المقيت ويكون الآمر الناهي في كل شؤون المقاطعة... "لا ..لن ابقيه سأتخلص منه بالتأكيد " قال بقرف وهو يرمق المقعد الكريه ثم استدار باشمأزازٍ مبتعداً عنه وكأنه سيحرقه ان اقترب منه اكثر, لكنه توقف وعاد ينظر اليه بتحدٍ وأقر بحنق: " او ربما لا ...سأبقيه ,اجل سأبقي كل شيء كما هو لأتذكر كم امضيت من اوقات سقيمة سيئة فيه وانا اقف ذليلاً امام عمي الغاضب ..والآف الإهانات تنهال علي ..ليعلموا اني صرت قوياً ولن ابكي بعد اليوم..." قال بحنقٍ يمتزج بألمٍ ومرارة , كور قبضتيه بعصبية وهو يتذكر كيف كان يلام ويعاقب على اتفه الامور ..لقد تحمل الكثير والكثير مقابل ماذا ...؟؟ "لا شيء.."زفر بسأم حاول ان يتلمس المقعد الجلدي لكن يديه ابت ان تطيعه ووجد ساقيه تمتلك ارادة خاصةً بها فتنسحب مبتعدة نحو الأريكة الوثيرة التي تقابل رفوف الكتب المصفوفة على جانبي النافدة الفرنسية الواسعة...تهالك عليها وزفر بحدة ...فهو حتى الآن لم يستطع أن يتخلص من تأثير تلك الايام الكئيبة عليه. تلمس قماش الكنب الناعم وبانزعاج تذكر كيف كان يمنع حتى من الجلوس عليها طالما هو في حضرة عمه ,كان يجبر على البقاء واقفاً وكأنه خادم ٌ أو متهم ,كره ظلم عمه وعنجهيته وكم تمنى ان يتخلص منه و يهرب بعيداً ..لكن كيف كان لذاك الصبي ان يفعل ؟؟ لقد مات ابوه وهو لم يبلغ العاشرة بعد وتركه ليعاني هو وامه من ظلم عمه وجوره ..فبعد وفاته كان عليه أن ياخذ دوره ويقوم بالواجبات الموكلة اليه كوصيفٍ للكونت كما اقتضت عاداتهم المقيتة ,كان مجبراً على فعل كل ما يطلب منه دون تذمر بحجة الحفاظ على ارث العائلة المجيد ,وحين كبر صار مسؤولاً عن الاشراف على شؤون المزارع واملاك العائلة الواسعة , تفانى في خدمة عمه واسرته ,لكن بلا حمد او شكر... "لكن لا بأس ..كل ذلك انتهى الآن " زفر بحدة وهو يخلل اصابعه في شعره الداكن الكثيف , لقد علمته قسوة عمه أن يعتمد على نفسه وينجح في كل شيء ليثبت له انه ليس فاشلاً كأبنه المدلل ادريان . ابتسم جوليان بتهكمٍ مرير حين لاحت له صورة ابن عمه الراحل بشعره الكستنائي الفاتح وبشرته النضرة التي تحاكي نعومة بشرة النساء لشددة رفاهيته .. فكر بمرارة " يااااه ...كم كان ادريان يشبه ابي ..في امور عدة" ( فخلافاً لمنظرهما المنمق ووسامتهما الطاغية كان كلاهما (ادريان واليكساندر) عديمي المسؤلية والنفع ,ولا يهتما الا بنفسيهما ) هكذا فكر جوليان بحنق لكن بعد وهلةٍ تكدرت ملامحه وترقرق الدمع في عينيه رغماً عنه لذكراهما ,فقد كان رغم كرهه لطباعهما لكنه لم يستطع يوماً ان يمحو محبتهما من قلبه وإن ادعى غير ذلك ... قام بمجاهدةِ عيونه كي لا تبكي رجلين مغروسين في قلبه رغم كل الألم الذين تسببا به فعاد يقر بفتور "كلاهما مات الآن وانتهى كل شيء ...فلا داعي لإثارة الماضي ومحاسبتهما على ما حصل " نجح بصعوبةٍ في حبس دموعه لكنه فشل في منع تنهيدةٍ عميقة متحسرة من ان تخرج من صدره, فرغم كل ما اصابه بسبب ادريان لكنه صدم حقاً لموته وبتلك الطريقة البشعة وفي سن مبكرة كسنه ,واقر لنفسه أنه رغم كل ما تسبب به عمه وزوجته من ألمٍ وأهانةٍ له ولأمه ,ورغم كرهه الشديد لهما لكنه لم يستطع يوماً أن يكره ابنهما ادريان وإن كان يزعجه بتصرفاته المتهورة عديمة المسؤولية .. كان يغضب كثيراً من كونه مجبراً على تنظيف الفوضى التي يخلفها ادريان خلفه دائماً ..لكنه يدرك جيداً انه - رغم تهوره وفوضويته - كان طيباً بالفعل معه على خلاف أبويه اللئيمين ...لقد احبه حقاً وتمنى لو سارت الامور بشكل مختلف معه.. يتبع | |||||||||
|
| |
|
21-07-18, 01:42 AM
| #13 | |||||||||
| كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء
| بينما هو شارد الذهن يتذكر ما كان من شأنهم فُتِحَ باب الغرفة لتظهر منه ازابيل بهيئةٍ دراميةٍ مسرحيةٍ كما تحب ان تفعل دوماً ,اذا يقف بجانب الباب خادمٌ خانعٌ يفتح الباب لسيدته المبجلة بينما تخطو خلفها بتعثرٍ خادمةٌ مرتعبة متورمةُ العين وكأنها تلقت ضربةً ما ولم يستبعد ان تكون ازابيل من ضربتها بنفسها... بحركة واحدةٍ من يدها الناعمة صرفتهما ازابيل وعادت تتأمل بتعاليٍ شديد الشاب الجالس براحةٍ واسترخاءٍ – وهميين – على الاريكة دون أن يكلف نفسه عناء الوقوف تبجيلاً للكونتيسة فياندين.. "الكونتيسة الحالية( عزى جوليان نفسه ) ولكن ليس لوقت طويل." كان يكرهها ,يكرها حقاً بسبب كل ما فعلته معه ومع امه ...نظر بتهكمٍ لشعرها المصبوغ والمصفف بشكل جيد عند افضل المصففين ,ولعينيها اللتان تشبهان عيون الثعالب الماكرة بلمعانها وشكلها الملوز ,ولحاجبيها المنمقين بدقة والمرفوعين بفعل العمليات التجميلية فيزيدان من زهوها وتفاخرها الأجوف ... كانت على اكمل زينة فأخصائي التجميل الذي لديها يهتم بإظهارها بأبهى صورة ,ورغم انها تجاوزت الستين من عمرها لكنه بمهارته الفذة يجعلها تبدو وكأنها في الاربعين فقط او ربما اقل ..كما كان لملابسها الانيقة - التي تشتريها من أشهر دور العرض في باريس – دورٌ في اظهارها اصغر سناً ,كان معروفاً عنها انها لاترتدي شيئاً تظهر فيه للعلن مرتين ,وربما رأها جوليان ترتدي هذا الطقم الفاخر مرةً واحدةً قبل الآن ,وكان وثقاً بأنه لو صرح بذلك الآن لسعت فوراً لتمزيق الطقم باسرع مايمكن واستبداله بواحدٍ جديد يكلف اكثر من راتب مساعدته ستيبي بثلاثة اضعاف...لذا تجاهل الامر تماماً رغم رغبته بإزعاجها .. سارت ازابيل بخيلاء نحوه والهدوء يغمرها وكأنها ليست نفس السيدة التي حطمت نصف مقتنيات القصر كما اخبره برنار ,بدت هادئة ومتماسكة بشكل كبير فعاد القلق ينهشه من المصيبة التي ورائها ..كانت عيناها تتأمله بتمعن وتنبئه بشيء خطير .. شعر بذلك فهو يعرفها جيداً ,يعرف نظرتها تلك فهي ترسلها حين تضمر شراً لاحد...لكن من هو تعيس الحظ ذاك ؟؟؟ أهو ذلك الشخص ؟؟ لا ...لم يعد خائفاً منها كما في السابق ,لم يعد صغيراً ضعيفاً ..لقد اصبح في الحادية والثلا ثين من عمره ولم يعد ذلك الشاب الغر الذي يخدمهم بكل عزمه لينال الرضى فقط. "جوليان!!! ...كيف حالك...؟!!" (قالت بنعومة تشابه نعومة جلد ثعبانٍ سام ,ثم جلست بثقة ووضعت ساقاً فوق ساق في المقعد الفاخر المخصص لها خصيصاً ,وتابعت بخبث وبكل ثقة وغطرسة ) "لمَ لمْ تحضر حالما استدعيتك؟ " قالت بصوت كفحيح الأفعى.. " لو تمكنت لحضرت (رد بتهكم )..ارجو ان لا اكون تأخرت كثيراً سعادتك ,هل اشتقتِ لي..؟؟" كان يتكلم هازئاً كان يريد فعلاً ان يتأخر اكثر ليغيظها لكن شيئاً أنبأه ان عليه الاسراع ليعلم ما تريد... "انظر لهذا" (بدون مواربة دخلت في صلب الموضوع والقت اليه بالمجلة ..ثم وقفت وسارت مبتعدة عنه واخذت تنظر للنافذة تتأمل حديقتها التي امرت بتجديد تصميمها بالكامل منذ شهر ) نظر جوليا للمجلة بعدم اكتراث وهز كتفيه باستخفاف فهو لا تستهوية هذه المجلات ابداً رغم انها كثيراً ما تكتب عنه كأشهر عزاب لوكسمبورج الغامضين ,وتتطرق لمشاريعه الاستثماريه والسياحة المهمة , فقد صنع لنفسه اسماً لا يمكن ان يستهان به في اي مكان .... - لم افهم ما الامر ...؟؟علق بسأم - افتح الصفحة العاشرة "قالت بثقة ففعل ليس لأنها امرته بل لفضوله الشديد لمعرفة ما تريد, نظر للعنوان وقرأ بفتور ( شابة انجليزاية تتهم عائلة نبيلة من لوكسمبورج بمحاولة خطف ابنها) لم يشعر جوليان بالاهتمام للعنوان لكنها اصرت عليه ان يقرأ المقالة كاملة ,فاخذ يقرأها على مضض وفي بادىء الامر لم يثره المقال الذي ظنه احد الأشاعات والثرثرات الفارغة التي تتعرض لها الأسر النبيلة من قبل المغرضين , لكن ما ان استرسل في قراءته حتى بدأت يداه تشتدان على المجلة التي يمسكها حتى كاد يمزقها وتقلصت ملامح وجهه بشدة ما ان رأى الصورة الموضوعة اسفل المقال ,وان كانت غيرة واضحة الا انه عرف الشابة فيها فوراً .. "انها هي.. ليزا...لكن ما علاقتها بالامر ؟؟...و عن اي طفل يتحدثون ؟؟ ..." كان يرى في الصورة شابة تتمسك بقوة بطفل صغير وهي تحاول تجاوز الفضوليين ,تعرف قلبه قبل عينيه على الشابة الجميلة من فوره وبشكل قاطع لكنه لم يتعرف على الطفل الذي تجره خلفها .... فجأةً تبدلت سحنته ما ان ادرك الامر ,فرفع رأسه عن المجلة ما ان انهى المقال و شعر بأن حماماً بارداً القي عليه ...لم يحرك ساكناً وتجمد مكانه وقد علاه الشحوب الشديد ,فنظرت له ازابيل بسرورٍ لمعرفتها أنها فازت عليه اخيراً دون الحاجة لقراءة اطنان المجلات المملة ولا ان تذل نفسها للدوقة المتغطرسة ,فازت بكل شيء وبسهولة وبالضربة القاضية ,فخطت نحوه تتبختر وقالت بصوتٍ آمر اخرجه من جموده .. "ما قولك الآن؟؟" فقال بصوت حاول أن يجعله ثابتاً ..قدر ما استطاع..."ما الذي تقصدينه وما يعنيني في هذا المقال ...؟" "الم تفهم الامر هههه(ضحكت بسخرية ثم تابعت بخبثٍ شديد وسلطوية )يا مسكين ...سأخبرك...انا اريده" "من ؟!! "سأل بحذر وترقب "الطفل طبعاً ... حفيدي ,ابن ادريان " ***************** الى اللقاء يوم الثلاثاء بإذن الله مع الفصل الثاني | |||||||||
|
| |
|
21-07-18, 01:49 AM
| #16 | ||||||||||
| كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء
| اقتباس:
| ||||||||||
|
| |
|
21-07-18, 01:51 AM
| #17 | ||||||||||
| كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء
| اقتباس:
بأنتظارهما الكثير الكثير  | ||||||||||
|
| |
|
21-07-18, 01:51 AM
| #18 | ||||||||||
| كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء
| اقتباس:
| ||||||||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
145Likes
العرض العادي
