شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   ذات ليل * مميزة ومكتملة * (https://www.rewity.com/forum/t418976.html)

Siaa 15-10-18 02:44 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان الرزقي (المشاركة 13698327)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ❤️

نزووف 16-10-18 05:11 AM

ااالف مبروك سيا و يارب كل التوفيق

مفااهيم الخيال 16-10-18 08:01 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

Siaa 18-10-18 09:54 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نزووف (المشاركة 13701592)
ااالف مبروك سيا و يارب كل التوفيق

الله يبارك فيكِ حبيبتي
شكرًا لك ❤️

Siaa 18-10-18 09:11 PM

الفصل العاشر



" كانَ الفضاءُ في عَينِكِ واسعاً جداً ومحدوداً بِجِفنَيْن"

ارتفع صوت صراخ... تكسير.. شتائم... من ذلك المنزل الفخم الأشبه بالقصر... بينما تقف هي خلف الباب بخطوات كثيرة ترتجف من قمة رأسها لأخمص قدميها.... مرعوبة من حالة زوجها المفاجئة... فهو فور أن عاد من العمل دخل مكتبه الخاص فورًا دون حتى أن يلقي عليها نظرة... ولم تمر خمس دقائق إلا وأصوات هديره الغاضب تصل لمسامعها....
صرخة أخرى جعلتها تنتفض بفزع.. شيئًا ما يجعلها لا تتحرك من مكانها... لا تختبئ من غضب سيطالها بكل تأكيد...

فُتح الباب وظهر منه مصعب بهيأته المبعثرة على غير العادة.. و وجهه المحمر غضبًا... فور أن رآها ألقى عليها نظرة حادة نغزتها ثم مر من جانبها بتجاهل وكتفه يصطدم بكتفها بخفة...
مسحت وجهها ولحقته بهدوء وهي تقول بصوت متردد رقيق :
" مصعب... ماذا حدث... أنا قلقة..."

استدار لها كالبرق مما جعلها تكمل جملتها بصوت منخفض ثم قال بهسيس خطر :
" صوتك... لا أريد سماعه.... فهمتِ..."

عندما لم ترد وبقيت على نظراتها المصدومة كرر بصراخ :
" فهمتِ.."

اومأت مرارًا بفزع وراقبته يدخل الحمام ويغلق الباب خلفه بقوة اهتزت لها الجدران..... تهالكت على الأريكة وغمرت وجهها يكفيها هامسة بنحيب :
" لماذا يحدث لي ذلك... لقد تعبت... تعبت جدًا... "

أما هو خلع قميصه ببطء وجمود وجهه لا يدل على النيران التي تشتعل بداخلها... نيران تقتات على كل صبر تحلى به من سنوات.... ستتزوج.... ماريا ستتزوج... من قضى سنوات يعشقها بصمت... من تحمل شقيقتها التي لم يحبها.. ولم يستطع أن يحبها... كله تحمله من أجل أن يأتي يوم ويظفر بماريا... أن تكون له وحده.... لكن أين ذهب كل هذا.... كيف لم تشعر به... بما يحمله لها من عشق..... كيف فكرت أن تتزوج... مِن مَن!!... من وليد... ذلك الرجل الذي لم يكن له ذرة تقبل منذ أن رآه لأول مرة......
وقف تحت الماء وسمح لبرودتها أن تلامس جسده علها تطفئ اشتعاله... يجب أن يهدأ...وأن يفكر بتروي.....ماريا لن تكون لوليد..... ماريا له شاءت ... أم أبت..... وما عليه سوى افساد موضوع الزواج كله....
أهدأ مصعب... أهدأ.... لن يفيدك الغضب بشيء...

************************

الصرخة التي خرجت منها سرعان ما انكتمت وغسان يضع يده على فمها بقوة هامسًا وعينيه تشتعل بالجنون :
" شششششش..... لا تصرخي... سيسمعوننا"
مكبلة تحت جسده الضخم ولا قدرة لها على الحركة ولو قليلًا... اومأت باستسلام عله يبعد كفه فهي تشعر بالاختناق التام.... وبالفعل أبعد كفه فشهقت بقوة والتقطت أنفاسها ثم قالت باضطراب :
" ابتعد عني... أبتعد أرجوك..."

حدق بها للحظات ثم مد كفه المرتعش ولمس خدها قائلًا بنبرة دائخة من السُكر :
" إلى أين كنتِ ستذهبين... لماذا... لماذا تريدين تركي أخبريني...."

اغمضت عينيها والدموع تنساب على جانبي وجهها بحرقة... بينما وجهها يتقلص بنفور من رائحة المشروب الذي تصفعه كل حين...
إنها هنا... بعيدة عن عائلتها... بعيدة عن معاوية..... حبيسة رجل مجنون.... وكل دقيقة تمر تشعر بأن شيئًا من روحها يموت.... بينما الباقي يقاوم بلا توقف....

" شمس... هل تذكرين اللعبة التي اشتريتها لكِ ذات مرة.... كانت دمية صغيرة بشعر أسود... كشعرك..... وقتها فرحتِ بها جدًا.... تذكرينها صحيح..."

أي دمية... هل يعقل أن تتذكر ما حدث قبل سنين... منذ كانت طفلة!!..... لكنها لم تشئ أن تغضبه فأومأت ببطء ليبتسم بلهفة وينهض من فوقها..... وفور أن استقام واعطاها ظهره خبأت مفتاح الباب داخل ملابسها بسرعة البرق ثم استقامت جالسة وهي تتحاشى النظر له ....

استدار لها وقال وهو يترنح قليلًا :
" أنتِ بالتأكيد جائعة.... سأجلب لكِ... الطعام... حسنًا...."
راقبته حتى خرج ثم قبضت على المفتاح المغمور بملابسها بقوة...... إنه آخر فرصة لها للنجاة... آخر فرصة....

يتبع

Siaa 18-10-18 09:13 PM


استنتاجات كثيرة كانت تسبح بدماغه..... كلها تؤدي لشيء واحد... وهو أن شمس ليست ضائعة... بل مخطوفة..... وهذا أسوء.. أسوء بكثير.....
رغم الصدمة التي شعر بها تسيطر على حواسه وتكاد توقف عقله وقلبه عن العمل لكنه لم يركن إليها.... بل سمح لنفسه بالتحرك بعد أن ظل ساكنًا بناءً على أوامر والده الذي أخبره بوجوب الهدوء والتفكير بالبداية...... لكن إلى هنا وانتهى... وطاقته انتهت تمًامًا.....
توجه لمكتب الاستقبال في الفندق وقال للموظف بعجلة :
" كنت أريد أن أسأل إذا ما كان خارج الفندق كاميرات مراقبة...."

عقد الموظف حاجبيه... وتعرف عليه فورًا فهو من اختفت قريبته قبل فترة وجاءت الشرطة للفندق وحصلت بلبلة كبيرة.... قال برسمية :
" نعم سيدي يوجد..."

سارع يهتف :
" أريد مشاهدة السجل.... الأمر ضروري جدًا...."

لم يعترض رغم أن الأمر ليس بهذه السهولة.... لكنه رغب بمساعدته لا أكثر..... قاده لغرفة أخرى وهناك وقف ينظر لشاشة الحاسب وهي تعرض الشارع خارج الفندق قبل اختفاء شمس بيوم ... ظل يحدق بها بصبر حتى ظهرت سيارته بالصورة ونزل منها كل من سناء وشمس.....شد قبضته عندما وصل لمشهد ما بعد مغادرته...... هناك من نادى شمس..... اقترب من الشاشة أكثر وحدق بالرجل بشدة.... الكاميرا لم تتبين ملامحه بشكل جيد.... إلا أنه كان يرتدي طاقية سوداء أخفت راسه وأعلى وجهه.... تسارعت أنفاسه عندما رأى شمس تترك الرجل وتغادر... لكن ليس هذا ما أرعبه.... بل التفات الرجل إليها من بعيد...

هتف بالموظف بنبرة مضطربة :
" قرب الصورة... هيا بسرعة..."

شاهد ملامحه عن قرب.... ليصدم وتتوسع عينيه... فور أن لاحظ... أن وجه الرجل مشوه....

ابتعد عن الشاشة وتراجع خطوات للخلف غير مستوعبًا بعد.... هل شمس بين يدي هذا الشخص....هل يعقل!..... يا رب لا.... لا.....

التقط هاتفه من جيبه وأخذ صورة لوجه الرجل ثم غادر بخطوات سريعة... بل تقفز قفزًا ... نحو مركز الشرطة....
وهناك وضع هاتفه على الطاولة بقوة وهتف وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة :
" هذا الرجل هو من خطف خطيبتي...."

رمقه الشرطي بدهشة ثم أمسك الهاتف بتفحص الصورة ليرفع نظره مرة أخرى لمعاوية قائلًا بشك :
" من هذا... كيف عرفت بأنها مخطوفة أصلًا..."
مسح على وجهه ثم رد بنبرة عجولة :
" لقد رأيت لتوي تسجيل كاميرا الفندق وكان هذا الرجل يظهر بالفيديو وهو يوقف خطيبتي بالشارع...بإمكانك الذهاب معي لنراه وتتأكد "

بدا على الشرطي عدم الاقتناع وبعض الضجر فلاحظ معاوية ذلك بغضب بدأ يشتعل بداخله ليردف بإصرار :
" ماذا... هل ستأتي معي..."

هز الشرطي رأسه بنفي وقال بعدم اهتمام :
" سنبحث عن هذا الرجل... انتظر منا رد... "

ثار كل ما في وفقد أعصابه ليصرخ :
" لا لن أنتظر أكثر... بينما خطيبتي بيد رجل آخر"

وخلال دقائق كانت الشرطة تقيد حركات معاوية العنيفة بينما بدا هو بأقصى مراحل هياجه وفقدان سيطرته..... دخل والده المركز راكضًا وامسك به وهو يهدأ :
" معاوية بني أهدأ... أهدأ"

صرخ بجنون :
" إنهم يماطلون بالبحث عنها يا أبي...ألا ترى.. "

أقترب والده أكثر وهمس بإذنه ما جعله يسترخي قليلًا بينما التفت الأب للشرطيين وقال باعتذار :
" نعتذر عن الانفعال... بني فقط مذعور على خطيبته... اعذروه..."

تكلما الشرطيين ببعض كلمات محفظة ثم جعلاه يغادر ومعاوية..... خرج من المركز وهو يمسك ذراع ابنه بتشبث وهمس فورًا فور أن استقرا بعيدًا :
" بني... تمالك أعصابك.. أعرف بأن هذا صعب... لكنني سأقف بجانبك لا تقلق... كل ما علينا فعله هو البحث عن الزبون الذي اختفى وما أن نعثر عليه سيكون كل شيء بخير...."

استدار له معاوية وهمس بعينين دامعتين أوجعتا قلب والده :
" وهل ستكون شمس بخير يا أبي... إنها تضيع مني وأنا أقف عاجزًا عن ايجادها.... "

شد على عضده وقال بيقين :
" استودعها الله بني.... ثق بالله وهو لن يخذلك أبدًا.... "

تمتم معاوية ببعض كلمات مبعثرة ليستطرد الأب بجدية :
" أرني صورة الرجل..."

مده بالهاتف ليتطلع للصورة بتفحص قوي ثم يزم شفتيه قائلاً بحزم :
" سنجد الرجل... وستعود شمس لأحضاننا... إن شاء الله"

********************
يتبع

Siaa 18-10-18 09:15 PM


لقد وافقت على الزواج به.... لقد وافقت ببساطة.... مازال صوتها وهي تنطق بموافقتها يتردد بإذنه ويعطيه شعور لذيذ منعش... يعطيه شعور عارم.... بالحماس..... حماس لم يشعر به منذ مدة طويلة جدًا.....
أغمض عينه وتذكر وجهها وقتها.. كان لا تعبير به سوى ابتسامة لم يعرف معناها ولكنه رغم ذلك رفض الخوض بتفسير تعابيره وانغمس بلذة كونها ستصبح زوجته......زوجته....
ماريا ستكون زوجته... هي المرأة التي لم يقابلها إلا عدة مرات تركت بكل مرة أثر فيه أقوى من الذي قبله...... يتمنى لو أن الليلة تكون في بيته.. لكن شرطها الذي طرحته وقتها بأنها تريد عقد القران الآن وبعد شهرين سيحتفلا بالزواج أمام الجميع...... لم يرفض.. وكيف يرفض ولمَ.....
أدار رأسه جانبًا حيث يجلس فراس بجانبه في السيارة بهدوئه المعتاد ليناديه بحب :
" فراس.. صغيري..."

التفت له فراس متسائلًا بملامحه الطفولية ليمد ذراعيه ويسحبه لحضنه مطبقًا ذراعيه عليه بقوة.... مسد على خصلات شعره الناعمة ثم على سماعته برفق... كم يحبه وكم يخاف عليه... وكم يشفق عليه من وحدة لم يملك ذنبًا بها بل فـُرضت عليه فرضًا..... إنه آسف... آسف جدًا لأنه اضطر أن يعيشه بجو بارد منذ ولادته.... آسف لأنه وحيد .... ربما لن يبقى وحيدًا بعد الآن..... وربما لا.....

رفع فراس راسه له وهتف بحماس :
" هل سنذهب لماريا..."

قطب وتساءل باستنكار :
"من أخبرك باسمها...!..."
ضحك فراس بمرح ورد بهتاف :
" هي أخبرتني بأن أسمها ماريا... وقالت لي بأنني صديقها.... لكنك لم تسمعها.... لأنها..."

ثم أشار على أذنه وأكمل بطفولية تأسر القلب :
" أخبرتني هنا بصوت.. منخفض جدًا حتى لا تسمعها..."

شعر بقلبه ينبض بقوة وبفمه يفتر عن ابتسامة دافئة لم تكن موجهة فقط لصغيره... بل أيضًا لمن يذهب إليها الآن... لهي....
طبع قبلة لطيفة على خد فراس ثم أعاده لحضنه وهو يراقب الظلام يشق السماء.....

...............................

شفتيه كانتا ترتجفان بشكل غريب... وهما تقتربان من جبينها الدافئ وتطبعان قبلة كالفراشة عليه بعد أن عقد قرانهما وأصبحت ماريا زوجته رسميًا..... وهنا أعطى الحق لنفسه ليتأملها بتفحص أكبر..... بملامحها التي زينت بزينة خفيفة أعطتها اشراقًا أكبر على اشراقها ... وبملابسها الأنيقة الهادئة ....
ابتعد خطوة طفيفة وتأمل فستانها الارجواني وحجابها الذي يفتح عنه لونًا ب...بإنبهار لم يمنع نفسه من الشعور به... ثم قال بهدوء لكن يحمل مشاعر شتى :
" تبدين جميلة جدًا..."

رفعت وجهها له وابتسمت ابتسامة أحسها مهتزة قليلًا ثم قالت بلباقة :
" أشكرك..."

مد كفه ببطء وعانق كفها البارد فلم تبدي أي لمحة أو ردة فعل... أو حتى رفض.. بل استرخت يدها بين كفه.... اقتربت علياء منهما وعلى شفتيها ابتسامة أنيقة ثم قالت بود :
" مبارك لكما..."

لم يكن هناك حفلًا... بل جلسة صغيرة تضم أفراد العائلة ليس إلا ومع هذا هذه الجلسة بدت لعينيه ضخمة بما تحتويه من مظاهر بذخ... وكأن علياء لا تقبل أن تمرر أي مناسبة دون أن تضيف عليها لمستها الشخصية.....
شعر بكف ماريا تتشنج قليلًا فنظر لها وهي تجيب باستكانة عجيبة :
" ومبارك لكِ أيضًا... تعلمين... ابنتك تزوجت وليس أحد آخر..."

مستغرقًا بتفسير كلامها المبطن رد المباركة بشرود وأمضى يحدق بها ويحاول أن يستشف أي شيء من ملامحها... أي شيء... لكنه لم يعثر عليه... أبدًا....
جلسا بجانب بعضهما وهو ما زال يحتضن كفها ويجول بنظره على الجالسين.... رفيقتها سكينة.... والدتها... شقيقتها زوجها... و.... عاد ببصره لزوج شقيقتها فوجده ينظر له بحقد.... لم يخطئ تفسير هذه النظرة... إنه الحقد
ابتسم له مصعب باستخفاف ثم قال ببشاشة :
" مبارك لكما.... مع أني لم أتوقع أن تتزوجي ماريا...غريب..."

رفعت ماريا حاجبها باستفهام وقالت بنبرة متزنة :
" لماذا لم تتوقع مصعب...."

رفع كتفيه بعدم اهتمام ثم قال بمرح مزيف :
" لا أدري... كنت أظنك لا تحبين الزواج وارتباطاته...."

بدأ يشعر بغضب... غضب غير مألوف... لذا شد على يدها وتبرع هو بالإجابة بابتسامة واثقة :
" وجاء من سيغير رأيها.... أليس كذلك ماريا..."

اومأت له بتأكيد ولم يبق إلا شبح ابتسامة على شفتيها..... بينما صمت مصعب وهو يرص أسنانه بغيظ وجنون متفاقم وهو يشاهد انسجامهما الواضح للجميع...

نطقت ماريا بخفوت وعينيها تفضحانها باللهفة :
" أين فراس... هل جلبته معك.... "

رد فراس فور أن سمع اسمه :
" أنا هنا... لكن بابا قال لي بأن أجلس هادئًا....."

شعر بالبرودة فور أن أفلتت كفها من بين يده وأجلست فراس بحضنها تداعبه بحنان بينما بقي يراقبها بلا ملل أو كلل... وشعر بأن ثلاثتهما أحيطا بفقاعة ألوان مبهجة فصلتهما عن العالم....

عند انتهاء السهرة وقف عند باب المنزل ووقف هي بجانبه تودعه وهي تمسك بيد فراس بلطف :
" إلى اللقاء فراس... أراك قريبًا..."

قبلته على خده ثم استقامت متوجهة له بالحديث بهدوء :
" إلى اللقاء..."

اقترب قليلًا وكاد أن يمد ذراعيه ويعانق كتفيها.... أراد بشدة الشعور بدفئها لكنه بدلًا من ذلك قبل جبينها قبلة أخرى بنفس التردد وهمس :
" إلى اللقاء.... اعتني بنفسك.... "

بعد أن ذهبا سارت ماريا بنفس الهدوء الجامد نحو غرفة المعيشة وقالت قبل أن تتحرك لغرفتها :
" سأنام الآن أعذروني.... تصبحون على خير...."

فور أن أغلقت باب غرفتها خلفها أنهار تماسكها مرة واحدة... لتترك عصاها تقع من يدها على الأرضية وتمد يديها وتفك حجابها ببعض العصبية...... حررت أيضًا شعرها من ربطته ومررت أصابعها على خصيلاته بقوة.... لتلامس يدها جبينها الذي ما زال يحمل أثار قبلتيه.... تنفسها أصبح أبطء وهي تلامسه بتردد..... ثم مرة واحدة تحولت ملامحها إلى الغضب الشديد ومسحته بعنف حتى أحمر بشدة ....

مررت يدها بنفس العنف تمسح بها ملابسها.... تريد محو أي أثر له...... هل يظنون بأنهم سيضحكون عليها بهذه السهولة.... هل يظنونها غبية!!
رمت جسدها على السرير وهي تلهث وتلهث وكأنها كانت تقطع أميالًا نحو المجهول....
تلوت تحرر نفسها من الفستان ثم رمته على الأرض بعدم اهتمام وبقيت بالبلوزة الخفيفة التي تحته والبنطلون القصير الذي يماثلها الخفة.......
كانت تبدو كحورية وشعرها يتناثر حولها بفوضوية.... حورية غاضبة... متأملة..... وبين هذين الشعورين هناك شعور يتقافز لهفة وسعادة... واحتياج....
انقلبت جانبًا محتضنة نفسها وقبل أن تغمض عينيها وتغفو همست :
" لا بأس..."

**********************

حطت الطائرة على البلد الغريب.... الذي عاشت به عشر سنوات من الألم والذنب... لم يكن يهون عليها بهم إلا وجود والديها....تعترف بأنها لم تحبه أبدًا ولم تشعر بالانتماء له...إنه لم يكن بلدها... بل بلد بارد ليس به رائحة الوطن... ولا دفء الوطن... لكنه رغم ذلك احتضنها مواسيًا دون أن يؤثر عليها هذا الاحتضان بشيء....

بتعب مرت بإجراءات المطار وهي تكاد تصلب طولها وما أن انتهت أوقفت أول سيارة أجرة متوجهة ناحية بيت والديها فهي لم تخبرهما بأمر عودتها وحرصت على ألا يخبرهما عمها.....
عمها الذي استنكر كثيرًا أمر عودتها وطالبها بالبقاء والمقاومة.... لكنه لا يدري.... لا يدري بأن ذهابها هذه مرة ليس هروبًا بقدر ما هو استيعابًا لما جرى.... وقياس كل ما يحدث وحدث معها من البداية ومن جديد.... والأهم من كل ذلك... لترتاح قليلًا ولتمنح نفسها وقود طاقة جديدة برؤية والديها... فهي اشتاقت لهما جدًا جدًا.....

نقدت السائق أجرته ونزلت من السيارة تجر حقيبتها خلفها بإجهاد وما أن وصلت باب المنزل حتى رفعت يدها ورنت الجرس مستعدة للأبتسامة التي ستمنحهما إياها.....
ثوانٍ وصدر صوت والدتها من الجرس الآلي يتساءل عن القادم فقالت بصوت مرتجف :
" أنا أفنان يا أمي...."

فـُتح الباب وظهرت والدتها تهتف بقلق عارم :
" أفنان حبيبتي.. كيف. كيف أتيت إلى هنا...."

تأملتها لبضع لحظات تقاوم بكاءها... إنها لا تريد البكاء... ليس الآن... ليس الآن يا الله.....
إلا أن كل هذا انهدم فور أن ظهر والدها من بعيد...... تركت الحقيبة من يدها وجثت على عتبة الباب... تبكي بحرقة.... وبقلب معصور... معصور بألم لا يطاق

انتهى الفصل

Siaa 18-10-18 09:18 PM

بانتظار آرائكم
قراءة ممتعة ❤️

Siaa 18-10-18 09:26 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 17 ( الأعضاء 9 والزوار 8)
‏Siaa*, ‏randa duidar, ‏Hayette Bjd, ‏زهرة الغردينيا, ‏حنان الرزقي, ‏حنحون3, ‏صبا., ‏أسـتـر, ‏Moon roro

زهرة الغردينيا 18-10-18 09:32 PM

أعتقد أن شمس سوف تتمكن من الهرب هذة المرة
ماريا تحاول ادعاء السعادة أمام الجميع
ولكنها تتألم
أعتقد هى تريد أن تعاقب والدتها ووليد
تسلم ايدك على الفصل ❤❤❤

عبير سعد ام احمد 18-10-18 09:46 PM

الظاهر الطريق قدامك طويل ياوليد
ماريا بتظن انك شريك امها في خطط زواجها
مصعب الحقير ربنا يستر منه
يارب شمس تقدر تستفيد صح من المفتاح الي معاها وتعرف تهرب

Siaa 18-10-18 10:14 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 23 ( الأعضاء 11 والزوار 12)
‏Siaa*, ‏لولا عصام, ‏سوزان محمد احمد, ‏Moon roro, ‏فررراشة, ‏randa duidar, ‏لا لي لو, ‏عبير سعد ام احمد, ‏حنحون3, ‏صبا., ‏أسـتـر

Khawla s 18-10-18 10:44 PM

تسلم ايدك ياعسل 😘😘
ماريا بتمثل انها مبسوطة قدام وليد وامها وهي مقهورة لزواجها بهالشكل

معصب حقير واطي كيف بعامل مرتو كيف بفكر بماريا وعندو امل تكون الو 😒

ياترى شمس رح تنجح وتهرب ياحسرتي عليها شو بتعاني ومعاونيه بقطع القلب

افنان وعودتها لاهلها وليش هيك انهارت

Soy yo 18-10-18 10:46 PM

مبروك التمييز...رواية تستاهل اسلوبها رائع

Soy yo 18-10-18 11:11 PM

اتمنى ان تهرب شمس....اما ماريا فاضن بأنها ستعلنها حرب على وليد ....مصعب لتمنى ان يحب زوجته ...و يترك ماريا لأحوالها ....فصل رائع شكرا...

Gigi.E Omar 19-10-18 12:07 AM

يا ترى ماريا ناوية على ايه ؟؟؟

معاوية شاف وش غسان في الكاميرات بس الشرطي بارد معاه 😑

شمس بقى معاها مفتاح البيت ... يا ترى هتهرب المرادي 😌

م ام زياد 19-10-18 01:05 AM

يا تري هيقدروا يلحقوا شمس والا هيه ايلي هتهرب
ويخرب بيتك يا مصعب وربنا قلت من بادري عينك عليها 😒طب اتجوزت اختها لييييه
ماريا بدأت تعمل ترابط بينها وبين فراس 😀وده هيخلي ول يتمسك بيها اكتر
بس هيه ماريا بتشك في إيه أنهم متفقين عليها 🤔طب ليه هيه بتفكر كده
يمكن شايفه أنهم بيتبادلوا المصالح هوه وامها

ام زياد محمود 19-10-18 01:51 AM

مصعب ياحقير ربنا ياخدك يارب مايا تفوق من الغمامه اللي علي عنيها وتعرف اد ايه انت حقير ومعدوم الضمير
للأسف ماريا فاقدة الثقة في وليد وهو افتكر ان الموضوع خلص بارتباطة بيها انما قدامه طريق طويل علشان يكسب ثقتها وتعرف انه ملوش علاقه بمخططات امها
شمس ومعاوية في عذاب امتي هينتهي زعلانه عليهم وعلي حيرتهم جدا
افنان حصلها صدمه ياعني ضيعت سنين كتير في الشعور بالذنب والندم ناحية ماريا ودلوقتي ماريا شالت عنها الذنب دا في لحظة محتاجه وقت علشان تستعيد نفسها وقوتها
الفصل في منتهي الجمال تسلم ايدك

affx 19-10-18 07:04 AM

قرار ماريا بالموافقة ع زواجها من وليد انبسطت كتير لالو لانها حترتاح من هل العيلة وان شاالله وليد حيحبها ويهتم فيها ..وليد مش مصدق حالوا من الفرحة بس الحمد لله انو انتبه ع مصعب ونظراته وتصرفاته بالنسبة لماريا ...
مايا الغبية لازم تطلق من هل المجنون ...طيب ازا هو بحب ماريا ليش تزوج مايا !!!متى تطلق منو وتريحنا..
كان لازم من الاول معاوية يشوف الكاميرات لحتى يعرف شكل الخاطف ....الشرطة ولا بتتحرك ولا بتهتم 😐
شمس معها المفتاح ياريت تقدر تهرب من هل المجنون...
افنان هي بتشعر بالذنب لحد الان بس لازم تنسى وتوقف مع ماريا لانها بتحتاجها

Mrham 19-10-18 02:11 PM

افنان جبانه جدا حسيتها مش راجعة علشان ماريا تسامحهاافنان رجعت علشان تعيش الذنب اكتر علشان تحس ان الكل ضدها والكل ظالمها ماريا قالتلها ملكيش ذنب فى الحاظث وانها محتاجة وقت علشان تسامحها عن بعها عنها وعامر بداء يتقرب منها قامت هى هربت علشانتفضل عايسة وحاسة الكل بينبذها
افنان محتاجة علاج نفسى

سفيان محتاج القتل
ياترى لما شمس ترجع هيفضل معاويه متعلق بيها وبيحبها ولا هيبتدى يبعد عنها ويشك ان سفيان عملها حاجة زى اى رجل شرقى هينقذها وبعظين هيتباعد عنها لحجة انو مش عايز يتصدم ؟؟؟؟, افكار تدور فى ذهنى

مصعب انت اهبل ولا عبيط تتجوز اختها ٣سنين وفاكر انها هتبقى ليك. ده عبط

قمر الليالى44 19-10-18 03:30 PM

مصعب حقير وواطى االه يستر منه الواطى حيخرب زواج ماريا ووليد
ماريا تدعى السعادة وبعد زواجها ستنتقم من وليد وامها
شمس هل ستهرب من غسان المجنون وهل سيتوصل معاذ بعد معرفته بهوية الذى خطفها
افنان وعودتها لوالديها وانهيارها
بانتظار القادم

rontii 19-10-18 11:52 PM

نجيب اول تعليق ليا هتلاقوا اني قلت على ابن المجانين انه هيسبب قلق و مشاكل كتير
قتل اهلها و خطفها و عايزها تحبه ناصح اوي ابن الجزمة
مصعب قذر واطي مهزأ
و لما انت حلو و بتحبها اتجوزت اختها ليه يا زباله
مايا ناوية على نية عنب ياتري هتعمل اية و امها خالتي ام مايا هتعمل اية معاها
افنان رجعت تعيد حسابتها ياترى هتوصل لاية
فصل جميل سيا كالعادة بانتظارك

موني جابر 20-10-18 08:48 AM

افنان غبية مهما فعلت حتى وإن كانت تهرب لتستعيد قواها لإعادة المحاولة مع ماريا ولطمس ماضي مؤلم من جلد النفس لسنوات فهي تهوى الهرب بديلا عن المقاومة ومحاولة الاستيعاب والفهم بجوار من يهموها وأعتقد أنها ستعود قريبا ولكن الأهم هل سيكون الوقت ملائم ام بعد فوات الأوان؟
شمس واقعة تحت سيطرة مختل مهووس ولكنها استعادت قوتها واصرارها على الهرب وأعتقد ستنجح أو سيصل إليها قبلا معاوية الذي جن لما قد يكون حدث لها وحينها ستكون مواجهة دامية بينه وبين غسان
ماريا لا تنوي خيرا مع وليد فقط لتثبت لأمها انها لا تستطيع اللعب بها وسيكون المجني عليه وليد ولكن فراس رمانة الميزان ورقة وليد سيعدلان الكفة لصالحهما وسيهبانها أمانا واهتماما لطالما افتقدتهما..
مصعب مهووس آخر وحقير اراد ماريا واختها معا... الحب والمصلحة بما ان ماريا لا تلقى اهتماما من علياء فاختها الأنسب للزواج بشكل مؤقت وان داس على مشاعرها لا يهم ولكن بالمصائب التي سيفتعلها ملحقا لوليد سيواجهها الأخير بحزم
يبدو أن الفصول القادمة ستكون مشتعلة بانتظارك جميلتي 😉

سما صافية 21-10-18 08:27 PM

كان مهوس واحد أصبحوا اتنين غسان ومصعب
مصعب بجح أوى بيقولها رافضة الجواز قدام عريسها شكله مش
هيعديها على خير والضحية زوجته المسكينة المخدوعة
معاوية ابتدا يتحرك لأنقاذ شمس يامسهل
أفنان جبانة وهرابة غير قادرة على مواجهة مشاكلها
سلمت يداك سيا

Siaa 24-10-18 09:47 PM

اقتباس من فصل غدًا :-

" أنا لست معتادة بعد... هذا كل ما في الأمر... "

طرقت عيناه ودون وعي يتأمل وجهها... بالأصح شامتها الصغيرة التي تستقر بجانب خدها لا يدركها إلا من يدقق بوجهها.. يدقق جدًا.... وهو لم يتوقف عن فعل ذلك كل حين... وكأنه لم يرى امرأة بحياته من قبل.... أو ربما يريد أن يحفظ كل ملامحها في دماغه حتى لا ينساها أبدًا..... فماريا امرأة لا تـُنسى..!

همس برزانة لا تعبر عن الرجفة التي يخبئها صدره :
" أتفهمك..."

ظهر شبح ابتسامة على شفتيها واحتفظت بصمتها فأردف بهدوء :
" لكن مع ذلك... أرغب كثيرًا بالتعرف عليكِ..."

استدارت بوجهها إليه بحركة بطيئة رافعة حاجبها الأيمن بما يشبه الاستنكار لكنها عندما ردت كانت نبرتها باردة... باردة جدًا :
" من يمنعك؟! ...."

شد على قبضته يكتم انفعاله وود لو يقول.... أنتِ من يمنعني... لا أحد غيرك...
أخرج نفسًا خافتًا ثم قال متجاهلًا ردها :
" الجو يصبح أكثر برودة مع الوقت لنذهب...."

باغتها وهو يسحبها من ذراعها بلطف لتنهض ثم يشد سترتها على جسدها باهتمام... ليزيد الطين بلة وهو يحيط كتفيها بذراعه الطويلة ويحثها على السير.....
كل ما شعرته أخفته بداخلها جيدًا..... وتمسكت بتعابير القوة واللامبالاة كمن يتمسك بقشة لتنقذه.... ثم مشت معه......
لكنها رغم ذلك لم تستطع أن تتجاهل لمسته على كتفها... بدت وكأنها مظلة دافئة.. تحميها من البرد

م ام زياد 25-10-18 01:34 AM

ياخراشي الجدع ده شكله رايق 😉😂😂

زهرة الغردينيا 25-10-18 07:17 PM

مساء الخير
تسجيل حضور
بانتظار الفصل
❤❤❤❤

Moon roro 25-10-18 08:29 PM

السلاااااام عليكمممممم
تسجيل حضوووور

Siaa 25-10-18 09:21 PM

مساء الخير حبيباتي
رح أنزل الفصل لكن للأسف سيكون الجزء الأول منه وليس كل الفصل
أنا آسفة جدًا.... لكن ححاول بكل قوتي أعوضكم عن تقصيري

* ملاحظة : أفنان رح تغيب فصلين أو ثلاث من الفصول القادمة حسب حبكة الأحداث براسي... 🙂

قراءة ممتعة

Siaa 25-10-18 09:27 PM

الفصل الحادي عشر (الجزء الأول)



" و إن روحي تَمتزج بِـروح مَن يَفهمني "

" لا بأس... الضربة ليست قوية على كل حال..."

رسم على وجهه ابتسامة مجاملة للرجل القلق أمامه بعد أن ضرب سيارته بغير قصد.... أصر على ذهاب الرجل من دون أي تدخل.... ومن ثم انحنى ينظر للضربة بلا تركيز..... ومن أين سيأتيه التركيز.... فهذه الأيام مرت عليه بشكل بطيء.. بطيء جدًا وهو كان يعيشها وكأنه خارج نطاق الزمان.... والمكان..... والبشر!
كل ما كان يدركه ويشعر به....أنه يشتاقها.... يشتاقها بقوة كما لم يشتاق لأحد من قبل.....وغيابها الطويل وعدم ثقته برجوعها لم يساعداه أبدًا
إنه يذهب للعمل كل يوم على أمل رؤيتها..... يصعد إلى سطح الشركة على أمل وجودها هناك.. شاردة.... ضعيفة.... مبتسمة....
لكن لا شيء... وكأن أفنان لم تدخل حياته من قبل.... لم يلتقيها قط...
تنهد بهم واعتدل يركب السيارة مبتعدًا بها ومتوجهًا للبيت....
وعندما دخل المنزل استقبلته والدته بالبسمة الحنونة التي لم تغب عن شفتيها يومًا :
" أهلًا بعودتك بني.... تبدو متعبًا...."

حياها بخفوت وسار للداخل بجانبها هامسًا :
" اليوم كان مليء بالعمل...."

ربتت على كتفه مواسية وقالت :
" هل أجهز لك الغداء...."

هز رأسه نافيًا فارتسم على وجهها الاعتراض المشوب بالقلق ومدت كفها تلامس جبينه قائلة بخوف :
" هل أنت مريض بني... حرارتك ليست مرتفعة.."
قال باستكانة غريبة :
" أنا بخير أمي... كل ما في الأمر هو بأنني مرهق لا غير...."

استأذنها ودخل غرفته الواسعة الفارغة.... غرفة لم يشاركه فيها أخ كما كان يحلم... فهو الابن البكر لوالديه وعندما حملت والدته بطفل آخر لم يلبث إلا شهرين ببطنها ثم توفي .......
كان صغيرًا وقتها... متحمسًا لأخ جديد أو أخت جديدة يمضي معهما وقته... وعندما علم بأنه توفي... بكى... وتألم... تألم حقًا... لكن مع مرور الوقت حماسه خفت.... لكنه لم يختفي.....

رمى جسده على السرير وحدق بالحائط بعينين متأملتين.... فجأة فكرة مجنونة طرأت عقله.... أخرج هاتفه من جيبه ورفعه لمستوى وجهه يطلب رقمها الذي حصل عليه....بطريقة ملتوية.....
رنة رنتين... ثم خانته شجاعته ليقفل الخط بسرعة ويهوي بيده الممسكة بالهاتف على السرير ببعض القوة هاتفًا بأنفاس هادرة :
" تبًا....."

أغمض عينيه وخلال دقائق معدودة كان يسمح لنفسه بالغرق في النوم.....نوم لم يكن عميقًا أبدًا.....

********************
أسبوع مر على آخر مرة رأى فيها ماريا... والتي كانت نفس ليلة عقد القران..... اسبوع ظل متوترًا لا يعرف كيف يتصرف.... هل يتصل بها..... أم هل يذهب ليراها.... أم ماذا....
وماريا أثناء ذلك لم يسمع لها صوت وكأنها نسته.... ونست أنه أصبح زوجها....
العمل مر بشكل اعتيادي وعلياء لم تلمح له عن أي شيء...... لكنها بنهاية الأسبوع طفح الكيل معه واتصل بماريا يخبرها بأنه يريد رؤيتها بعيدًا عن المنزل.....وبكل هدوء وافقت....

وهي الآن تجلس أمامه بإحدى المطاعم المفتوحة ونسمات الهواء تتلاعب بحجابها فيهفهف على وجهها برقة.....
ابتلع ريقه ونظر من النافذة بجانبهما حيث ينتظران قدوم الطعام.. وقال بلطف :
" الجو جميل.. رغم أنه بارد...."

لم تبعد نظرها الشارد بعيدًا وقالت بهمس :
" أحب هذا الجو كثيرًا...."

قطب حاجبيه بخفة وقال برقة :
" تحبين الشتاء! ...."

هنا تحرك رأسها للأمام باتجاهه وردت بنبرة غريبة :
" بل أحب البرد..."

قدوم النادل قطع عليه تفكيره وذهوله بها الذي يتزايد يوم بعد يوم.. وبعد أن غادر قال بلباقة :
" تفضلي...."

أخذت تتناول الطعام ببطء وحركات متمرنة... بينما توقف هو عن الأكل وأخذ يراقبها... يراقب كل حركة ولمسة.. كل شيء بها.......
قال ببشاشة :
" كيف هو الطعام... صاحب المطعم أعرفه منذ زمن وهو صديقي لكنه للأسف ليس متواجد اليوم...."

ابتسمت ابتسامة صغيرة لكنها مشعة بتأثيرها وقالت بصدق :
" لذيذ جدًا.... سلمت يداك..."

وضعت المعلقة على الطاولة ثم رفعت رأسها تقول بصوت شديد التهذيب... لا يعلم لمَ أزعجه :
" شكرًا لك... "

شعر باختفاء شهيته فترك ما بيده ونهض يقول بهدوء :
" ما رأيك بأن نجلس بالخارج...."

بالخارج كان هناك بعض الطاولات ويقف إحدى بائعين الذرة أمام عربته ويبيع الرائح والغادي......
رائحة الذرة كانت شهية فنهض متجهًا إليه واشترى علبتين صغيرتين وقدم إحداهما لها قائلًا باستمتاع :
" إنها ذرة.... جربيها تبدو شهية جدًا... "

تقبلتها منه بشكر وجلس بجانبها بدلًا من أن يستقر بالمقعد المقابل..... لا يعرف لكنه لا يريدها أن تكون بعيدة عنه..... ل. آآآه.... لا يعرف حقًا.....
سيطر الصمت على جلستهما... صمت لم يريده... بل يريد... يريد أن يعرفها أكثر... أن يعرف تلك الإنسانة التي جعلته بخلال شهر يبغض وحدته.... ويفك نفسه من قيود الانعزال.... انسانة لم يفكر كثيرًا بالزواج منها......
" لمَ أشعر بأنك منزعجة من أمر ما...."

لم يبدو على وجهها أي تعبير متفاجئ أو مهتم وردت برد لم يقنعه... :
" أنا لست معتادة بعد... هذا كل ما في الأمر... "

طرقت عيناه ودون وعي يتأمل وجهها... بالأصح شامتها الصغيرة التي تستقر بجانب خدها لا يدركها إلا من يدقق بوجهها.. يدقق جدًا.... وهو لم يتوقف عن فعل ذلك كل حين... وكأنه لم يرى امرأة بحياته من قبل.... أو ربما يريد أن يحفظ كل ملامحها في دماغه حتى لا ينساها أبدًا..... فماريا امرأة لا تـُنسى..!

همس برزانة لا تعبر عن الرجفة التي يخبئها صدره :
" أتفهمك..."

ظهر شبح ابتسامة على شفتيها واحتفظت بصمتها فأردف بهدوء :
" لكن مع ذلك... أرغب كثيرًا بالتعرف عليكِ..."

استدارت بوجهها إليه بحركة بطيئة رافعة حاجبها الأيمن بما يشبه الاستنكار لكنها عندما ردت كانت نبرتها باردة... باردة جدًا :
" من يمنعك؟! ...."

شد على قبضته يكتم انفعاله وود لو يقول.... أنتِ من يمنعني... لا أحد غيرك...
أخرج نفسًا خافتًا ثم قال متجاهلًا ردها :
" الجو يصبح أكثر برودة مع الوقت لنذهب...."

باغتها وهو يسحبها من ذراعها بلطف لتنهض ثم يشد سترتها على جسدها باهتمام... ليزيد الطين بلة وهو يحيط كتفيها بذراعه الطويلة ويحثها على السير.....
كل ما شعرته أخفته بداخلها جيدًا..... وتمسكت بتعابير القوة واللامبالاة كمن يتمسك بقشة لتنقذه.... ثم مشت معه......
لكنها رغم ذلك لم تستطع أن تتجاهل لمسته على كتفها... بدت وكأنها مظلة دافئة.. تحميها من البرد.....

عندما أوصلها للمنزل نزل معها... لم يكن يريد الدخول بل فقط أن يودعها قبل مغادرته لكنها استدارت له وقالت :
" هل ستدخل؟..."

هز رأسه نافيًا ثم قال بخفوت :
" لا... لدي بعض الأعمال..."

قالت بنبرة عادية قبل أن تستدير وتدخل :
" حسنًا.. إلى اللقاء..."

أمسك بذراعها بلطف يمنعها من الابتعاد ثم أدارها أليه وهو يقترب منها قليلًا... دارت حدقتاه على كامل وجهها.... ليجد يداه دون وعي منه ترتفعان وتحتضنان هذا الوجه الناعم.....
أحس باضطرابها لكنها اسبلت جفنيها بصمت فهمس :
" وجهك بارد بعض الشيء... "

لم ترد عليه إلا من نفس مرتعش أطلقته شفتيها فاغمض عينيها وانحنى يقبل خدها بارتجاف لتسري هزة تهز جسده بخفة... رباه.. هل هذا تأثيرها.... أم ماذا..... ما هذه المشاعر المتضخمة التي يشعر بها... وكأنه بداخل فيضان... كبير جدًا....

ابتعد وهمس :
" إلى اللقاء...."

أنزل يديه بجانبه وانتظرها لتغادر لكنها ألتزمت مكانها رافعة نظرها له.... ومع أنه يعلم بأنها لا تراه الآن لكنه شعر بتوتر طفيف.... ورغبة كبيرة بأن يضمها لصدره ولو لثانية.....
طرفت عيناه بينما يشاهدها تقترب أكثر ثم ترتفع كفها ببطء وتحط على خده تلامسه..... وكل هذا وهو تحت الذهول والتأثر بشكل كبير..... ابتسمت بخفة وهمست :
" كنت أظن بأنك حليق اللحية..."

أنزلت يدها وتابعت :
" لا تلحقها... حسنًا.."

في لحظة هو مد ذراعيه... وفي نفس اللحظة في ابتعدت ملقية آخر كلمة :
" إلى اللقاء.. وليد"

أنزل ذراعيه جانبًا واتكئ على سيارته يحاول لملمة نبضات قلبه المبعثرة هنا وهناك......
ماريا... إنها تفعل به الأعاجيب.... وهو لا يعترض ولا يريد الأعتراض يومًا....

*************************
بهدوء وبنظرات متبادلة خفية بينه وبين والده كانا يجلسان بمكتب مدير إحدى المصانع الصغيرة... ينتظران قدوم المدير نفسه..... كل شيء حولهما كان يشير لحداثة المكان وبساطته ويبدو أنه بدء العمل منذ فترة قصيرة.....
هز قدمه بتوتر وبشكل مستمر ليقف فور أن دخل المدير.. رجل يبدو بعمر والده والسماحة تبدو على وجهه....
حياهما وجلسوا جميعهما ولأنه لم يكن لديه من الصبر على المجاملات أخرج من جيبه صورة صغيرة وقدمها للرجل قائلاً :
" هل تعرف هذا الرجل...؟"

حدق الرجل بالصورة لبعض لحظات ثم ارتسم على وجهه الفضول وهو يجيب :
" نعم... لقد كان من بين موظفين هذا المصنع..."

وضع يده على المكتب وتقدم بجذعه نحوه وهو يسارع بالقول :
"وأين هو الآن...."

كما ارتفعت آماله عنان السماء نزلت وتحطمت على أرضية الواقع وهو يسمع رد الرجل المُحبط :
" لقد سافر منذ حوالي الشهر... ولم نعد نسمع عنه شيئًا.... "

خبط بكفه عدة مرات على المكتب بغضب ويأس هاتفًا :
" كم أنا غبي.... غبي... غبي..."

ثم نهض يلحقه والده وعند السيارة وقف يهدر بانهيار أعصاب :
" ضاعت شمس يا أبي... ضاعت.... وها هو الزبون الهارب أختفى أيضًا..... كيف سأجدها... كيف.... "

وهنا اختارت السماء أن تبكي معه..... فبدأت تمطر بخفة ثم تزايد المطر بحدة وبلل ثيابه ليهمس بحرقة وقلب نازف :
" شمس..."


يتبع بالجزء الثاني الخميس القادم بإذن الله

Siaa 25-10-18 09:37 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 11 ( الأعضاء 7 والزوار 4)
‏Siaa*, ‏نورالشهري, ‏الميزان, ‏لطفين, ‏زهرورة, ‏eym, ‏أم سيف

Siaa 25-10-18 09:50 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 8 والزوار 7)
‏Siaa*, ‏Moon roro, ‏نورالشهري, ‏الميزان, ‏لطفين, ‏زهرورة, ‏eym, ‏أم سيف

Siaa 25-10-18 09:55 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 8 والزوار 7)
‏Siaa*, ‏زنبقة الماء 22, ‏نورالشهري, ‏الميزان, ‏لطفين, ‏زهرورة, ‏eym, ‏أم سيف

Khawla s 25-10-18 11:03 PM

تسلم اناملك ياقمر❤😘
وليد بذوب وماريا بتعمل العجايب ولسه مدخلناش بالقوي ولزي منه😂😂
المززز عامر صعبان علي مسكين بدور على افنان الواد قلبه بيوجعو
المزز التاني قرب ينجلط وعرف انه الزبون هو المخططف ياويل قلبي عليك وعى شمس ياترى رح تقدر تهرب 😭😭

Gigi.E Omar 26-10-18 12:09 AM

ربنا يعينك يا سيا و يوفقك .....

عامر حاسس بالفراغ بعد ما افنان سابته بس متردد انه يكلمها او يرجعها ..... دا مكملش حتى رنة 😒

وليد و ماريا 😍 .... اتمنى ان وليد يقدر يكسر برود ماريا و ماريا تفهم ان وليد ملهوش علاقة بخطط امها ......

معاوية جاله احباط من انه يلاقي شمس 😭😭😭

زهرة الغردينيا 26-10-18 12:41 AM

واضح ان غسان ذهب ب شمس ل مكان بعيد
عن مكان وجود معاويه لكى لا يعثر علية ....
ماريا سعيدة ب اقتراب وليد منها بالرغم من
معرفتها انة زواج مصلحة ولا تستطيع التحكم
ب مشاعرها ب وجودة ....
تسلم ايدك ❤❤❤

affx 26-10-18 08:08 AM

عامر المسكين مشتاق للغبية افنان والله ما تستاهل حبك 😎
ماريا ووليد والمشاعر الحلوة اللي عم تصير بيناتهم كيف وليد كتير مهتم بماريا وشكلوا بحبها وهي كمان ردت فعلها الاخيرة جننتوا حبيتهم ...😚😚😚.
معاوية المسكين قلبي تقطع علي هو وشمس لمتى حيضلوا يتعذبوا😔😔😔

Mrham 26-10-18 02:18 PM

الفصل جميل سيا يارب يلاقو شمس بقى

قمر الليالى44 26-10-18 02:52 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل جميل
وليد انت وقعت خلاص وماحدا سمى عليك وماريا ايضا
عامر واشتياقه لافنان الهاربة
شمس اتمنى يجدها معاوية قبل فوات الاوان
يسلمووو وباننظار القادم

rontii 26-10-18 06:36 PM

وليد بيحاول يقرب من ماريا لكن هي واخدة موقف من الجوازة كلها و الاهم بتدبر لحاجة في الخفاء
عامر مشتاق لافنان برغم المدة القصير اللي غرفها لكن المشاعر اقوي من اي منطق
مصعب اتاكد من انه اضحك عليه و في حالة انهيار


الساعة الآن 10:36 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.