آخر 10 مشاركات
حنين الدم ... للدم *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : رؤى صباح مهدي - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          القرصان الذي أحببته (31) للكاتبة الأخاذة::وفاء محمد ليفة(أميرة أحمد) (كاملة) (الكاتـب : monny - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          الانتقام المُرّ (105)-قلوب غربية -للرائعة:رووز [حصرياً]مميزة* كاملة& الروابط* (الكاتـب : رووز - )           »          حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree829Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-01-19, 08:38 PM   #511

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عشقي بيتي مشاهدة المشاركة
كان الفصل تاخر شويه بس ولوتاخر منتظرين على احر من الجمر اهم شي الفاين ياجماعه الااذاام رائد بتعتقنا هذاالفصل من الدموع وهذااللي اتمناه
تسجيييييييل حظوووووووور

مسااااء الورد على غاليتي..
وكل تأخيرة وفيها خيرة...يمكن الكهرباء مقطوعه..
وأجمل حضوووووور



shezo likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-19, 10:32 PM   #512

أم حنين
 
الصورة الرمزية أم حنين

? العضوٌ??? » 429023
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 70
?  نُقآطِيْ » أم حنين is on a distinguished road
افتراضي

وين الفصل مستنيه علئ نااااااااااار واتمنئ ماينزلو دموعي
shezo likes this.

أم حنين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-19, 10:38 PM   #513

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم حنين مشاهدة المشاركة
وين الفصل مستنيه علئ نااااااااااار واتمنئ ماينزلو دموعي
لاااا بإذن الله اتوقع مافي دموووع حبيبتي..
واذا كان في فأنا حسنفر بحياتي :heeheeh:

shezo likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-19, 10:40 PM   #514

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

ان شاء الله تكون سمية بخير وتكون الكهرباء هي السبب
shezo likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-19, 12:12 AM   #515

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اسفة على التأخير يا جماعة خلصت تدقيق الآن بس والفصل ما شاء الله طويييييل
ولي منتظر يشوف ضوء الفجر اليوم ينسى الموضوع نوهاااااائي لهيك ياسمينتي احجزي في أول طيارة هههههه
فصل بقوة انفجار سي4 والله أو يمكن أنا فجر تيم بنفس القوة قال حبيبتي قال حبك حيط يا ثقيل
لو قال حبيبتي مرة ثانية يتشهد على روحه


shezo likes this.

سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-19, 12:13 AM   #516

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



[

shezo likes this.

سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-19, 12:16 AM   #517

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

**الفصل الثامن**

أحبك جداً
وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويـل
وأعرف أنك ست النساء
وليس لدي بديـل
وأعرف أن زمان الحنيـن انتهى
ومات الكلام الجميل
...
لست النساء ماذا نقول
أحبك جدا...
...
أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى
وأنتِ بمنفى
وبيني وبينك
ريحٌ
وغيمٌ
وبرقٌ
ورعدٌ
وثلجٌ ونـار
وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ
وأعرف أن الوصول إليك
انتحـار
ويسعدني
أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية
ولو خيروني
لكررت حبك للمرة الثانية
...
أيا من غزلت قميصك من ورقات الشجر
أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر
أحبك جداً
...
وأعرف أني أسافر في بحر عينيك
دون يقين
وأترك عقلي ورائي وأركض
أركض
أركض خلف جنونـي
...
أيا امرأة تمسك القلب بين يديها
سألتك بالله لا تتركيني
لا تتركيني
فماذا أكون أنا إذا لم تكوني
أحبك جداً
وجداً وجداً
وأرفض من نــار حبك أن أستقيلا
وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقلا...
وما همني
إن خرجت من الحب حيا
وما همني
إن خرجت قتيلا ....
(نزار قباني )

جلست أمام المرآة جثة هائمة بلا روح بعد أن غرقت لوقت طويل تحت شلال من المياه الساخنة وأنا غارقة بالأفكار والهواجس المحرقة.. وخرجت من تحتها منهكة أناظر الحياة القادمة في مرآتي بنظرات خاوية ميتة لا حياة فيها.. وأستعد لليلة طالما رفضت حتى التفكير بها، لكني اليوم أعلن استسلامي والرضوخ لها ....
مددت يدي ببطء نحو فرشاتي وأخذت أمررها على شعري المبلول بتدرج مرارا وتكرارا وقطرات المياه تتناثر على جسدي وتنزلق حتى تصل لنهايتها...
وليتني أعرف متى ستكون نهايتي...؟!
وضعتها جانبا وأخذت زجاجة العطر ورششت منها على جسدي.. بل سكبتها بأكملها وأغرقت جسدي منها... وما زلت أتأمل ملامحي التي طغى عليها الألم.. فوضعت ألوانا من زينة خفيفة فارقت وجهي يوم فارقني جلال... ورسمت سواد الكحل بين عيني الذابلتين، ثم صبغت شفاهي بحمرة قانية.. كحمرة الورد الجوري، ولكم أبدو غريبة...!!!
غريبة...!!
لكن فاتنة إلى حد لا يحتمل.. هكذا كان يقول لي عندما أتزين له...!!
" تبدين فاتنة، وإلى حد لا يحتمله قلب بشر، وأنا لا أرغب لأحد أن يرى عينيك وبمثل هذه الزينة سواي، حتى النساء محرم عليهن رؤيتك.. فجمالك الساحر هذا ملك لي أنا فقط، ولا يحق لأحد أن يراك "

أنت من تركتني يا جلال، وجعلتني ملكا لأخيك..
أنت من جعلتني آخذ هذا القرار وأجلس أمام هذه المرآة لأتزين مرة أخرى، لكن لرجل آخر سواك...!!
أنت يا جلال.... أنت من تركتني وجعلت الحق في ذلك لتيم...! وبات يحق له أن يراني هكذا.. ويعيش معي ويستمتع بي...!!
فأنا..... عدت زوجة له.. وزوجة حقيقية هذه المرة..... وعلي أن أكون ملك له.. لأجله ولأجل أطفالي الذين تخليت عنهم كما فعلت بأمهم... وما دام تيم كان يحبني ويرغب بي، فأنا لن أحرمه حقه... ولن أحمل نفسي ذنبا آخرا بحرمانه...
فهل تدرك ذلك يا جلال؟
هل تدرك ما سيحصل الليلة...؟
تنهدت بأنفاس ميتة ونهضت ببطء أجر قدماي متجهة إلى خزانتي.. إلى درج سكنت فيه أشياء أهدوها لي مع زواجي بتيم، ولم أستخدم احداها إلا مرة..
أخذت أفتش بينها بلا اهتمام... الألوان صارخة بالحب والجمال وقلبي لم يعد يرغب بشيء.. فقط يتمنى أن تنتهي هذه الليلة وقد نسي كل شيء...!!
اخترت قميص نوم أزرق داكن كفيل بحرق الألم في داخل أي انسان ونهضت إلى الحمام خالعة المنشفة التي تكسوني، وارتديت قميص نومي الأزرق..
تقدمت بخطوات مرتجفة إلى المرآة ورأيت جسدي الشبه عاري في هذا القميص.. يبدوا صاخبا جدا...!
كل هذا لك يا تيم...
لك لوحدك، فلا تتأخر كثيرا
فربما أضعف وأتراجع وأعود إلى حيث هربت...
سأبقى هنا على هذا السرير أنتظرك كما انتظرتك سابقا..
لكنني هذه المرة سأسلم نفسي لك.... بلا اجبار... ولا دموع.... ولا حتى ألم...
سأعطيك ما تمنيته أياما وشهورا وأنا جالسة بجوارك ولا أدرك حتى مشاعرك..
سأنتظرك وأنهي عذابك،
فهل تسمع يا جلال؟
عذاب أحدنا عليه أن ينتهي، سواء عشت بعدها أم مت...!!
فأنت عدت فقط لترحل.... وتتركني له.....
وتجعلني أتلوى في العذاب..
فالوداع يا جلال..
هذه الليلة سوف أودعك، وسأنساك وبين أحضانه.... كما أردت...
لن أستحضر طيفك... ولن أتذكر وحيك..... ولن أهمس باسمك..
فقط سأغمض عيني وأسكن إليه.... وأقتلك في داخلي.. وأقتل قلبي معه..
وإما أن أبقى حية تحت جناحه.... أو أرحل ميتة بعيدا عنك وعن كل هذا العالم..
مر الوقت باردا موحشا، وأنا على حالي من الجمود والسكون، حتى سمعت صوت سيارته معلنا وصوله، فانقبضت عضلات معدتي واشتدت أوتار قلبي بلحن حزين ومؤلم تصاعد بذكريات أول ليلة لي مع تيم حتى سرت الرجفة في جسدي بأكمله...!!
فشددت قبضتي وحبست أنفاسي لأقتل الألم في داخلي وأحول جسدي لجثة تيبست أطرافها والخوف والألم المحتد في قلبها.. وأصبحت كقطع من الثلج المتناثر ينتظر أحدهم ليجمعه ويصنع منه انسانا جليديا... بلا مشاعر نابضة ولا إحساس دافئ.. فقط..... مجرد انسانة من الجليد...!!!
وانفتح الباب أخيرا، وأطل منه من كنت أنتظره.. وتلاقيت الأعين، واهتزت وبرقت بصدمتها.... وسقطت عيناه صريعة لي، وظلت تحملق بي بجنون والعرق هو ما صار يتصبب منه بتهور وجسده بات يحترق أمامي كما هي حال أنفاسه المتصاعدة بكل نظرة تقع على جسدي.. أما لسانه...... فقد انعقد تماما!!!
فقلت له مثيرة جنون عاصفة ستزيل كل الحدود الفاصلة بيننا لأربع سنوات
" أخيرا.......أتيت!! "
ونهضت نحوه باستسلام وخضوع... أقترب منه بخطوات ميتة قررت المسير نحوه والسكن إليه... في وسط النيران المشتعلة في قلبه، وفي وسط البراكين المتقدة لهيبها.. لأحرر ذلك الاحساس المؤلم في صدره... وتلك الوعود المقيدة له.... وذلك القسم الذي يسجنه..
فالليلة سأحرره من كل وعوده... وأكتفي بالحياة كما أنا.... هذا إن استطعت أن أعيش...
" هذه الليلة..... سأكون بين يديك.... ملكا لك..... ولأحضانك يا تيم.. بلا دموع... ولا اجبار... ولا حتى ألم "
*****************
لم أستطع حتى الآن استيعاب وجودها هنا... وفي غرفتي وفي هذا الوقت وبهذا الوضع!!!
وجود...... صارخ لم يستوعبه عقلي ولا حتى قلبي...!!
" أخيرا.... أتيت؟! "
همس مبحوح شديد البرودة والاشتعال وصل مسامعي وتخلخل صدري ليفلقه نصفين، وشذى العطر يعبق في المكان، ويثير كل حواسي لتغرق فيها..
وها هي الآن تنهض رافعة وجهها ببطء نحوي تزينه بزينة النساء التي لم أرها على وجهها يوما!!! تقترب مني بخطواتها المتباطئة وعيون الزمرد الناعسة الكحيلة تغزوني بسهامها وتهدم حصون قوتي وتزلزل قلاعي الحصينة.. باستسلامها.. والقلب قد هوى أرضا بين قدمي لا يدرك ماذا يحدث معه.!!
"هذه الليلة... سأكون بين يديك.... ملك لك..... ولأحضانك يا تيم بلا دموع... ولا اجبار... ولا حتى..... همسة ألم..."
ما الذي يحدث هنا...؟!!!
هل ما أراه حقيقة....؟
وما أسمعه... هل هو صوتها..؟
أم أن استحضاري لتلك الليلة جعلها تمتثل أمامي كأوهام تبتلعني إلى دوامتها..
أشعر بأن النيران تشتعل في الغرفة وتحاصرني مع كل خطوة تقترب بها مني...
وأنا أحترق بلهيبها المقترب وجسدي يتزلزل ويتصدع وينهار تدريجيا، ولا أحد يشهد علينا سوى هذا الليل المقمر....
وها أنا أسمعه يعزف وللمرة الثانية سيمفونيته الشهيرة... ضوء القمر.... وسط سكونه المدقع... وهمسه الحاني..
" الليلة سأكون.... زوجة لك كما تريد...."
تحركت يديها أمامي وقبضت بقوة على حزام ينتصف خصرها وفكت عقدته ثم سحبته بعيدا لينسدل أرضا ويتراقص أمامي على أنغام القمر كما تتراقص كلماتها على قلبي...
" والليلة ستنهل من كأس العشق يا.... تيم "
وانسدل قميصها العلوي.... لينزلق عن جسدها ببطء ونعومة للأرض كاشفا الستار أكثر عن صدرها، ولم يعد يغطي جسدها سوى تلك القطعة الزرقاء الممتدة حتى أسفل ركبتيها... لأصبح للمرة الثانية في حياتي واقفا أمام حورية القمر الفاتنة للبشر.. وأنا الوحيد الذي يراها الآن بضياع، وخوف وحيرة...!! لا أفهم ما الذي يحدث معها!! ولا أدرك لم تتصرف هكذا...!
فهل هي مدركة لما تفعل...؟
وهل استطاعت أن تتغلب على قلبها وألمها...؟
هل استطاعت فعلا أن تنسى عشقها الكبير لجلال؟
أم أن ما يحدث الآن هو ضرب من العشق والجنون والغضب؟!!!
لم أستطع التحرك أو الاقتراب حتى خطوة، فجسدي قد التصق بالباب وقدماي قد تسمرتا بالأرض.. وقلبي بات منزو بخوف من تلك النيران المشتعلة من حوله.. فهمست بخفوت ووجل..
" شمس........!!! "
امتدت أصابع يدها الرقيقة نحوي تلامس كفي وتسحبها نحوها لأمشي خلفها ببطء متنازع الأنفاس.. مسلوب الإرادة خلف ذاك الشعر الأسود المتعرج الذي صفع وجهي لحظة التفاتها وأثار في قلبي إعصارا عاصفا، متعطشا لاحتضانها والغرق في خفايا شعرها.... إعصار قوي يرغب أن ينتهي على صدرها بطوفان ألمه وهمومه وكل أوجاعه.....
فتوقفت خطواتها التي شعرت بمداها كسنوات والتفت نحوي مجددا وعيناي أصبحت أخيرا بمواجهة عينيها، وظهرت تلك الحدقات الزمردية اللون تبرق لي بوميض عابث بين ستائر رموشها السوداء الناعسة تغرقني في داخلها، وشبه ابتسامة ساحرة تبعثر قلبي إلى ألف قطعة بين يديها الرقيقة التي تمسك بكفي برقة وترفعها إلى صدري... بل إلى موضع قلبي... وهي تهمس لي.....
" لا تقل شيئا..... ولا تتكلم.. دع هذا القلب هو ما يعبر عن نفسه..."
ثم وضعت رأسها على صدري بكل هدوء ترغب في السكون عليه وتحيطني بذراعيها وهي تعرف بأن إعصارها بدأ يحطم ويقتلع كل تلك الحصون والحواجز التي بنيتها في قلبي لسنوات حتى لا ترى ولا يرى عشقها في قلبي أحد..
جدران من المشاعر المدفونة تنهار صخورها من همساتها ونظراتها حتى استطاعت نيرانها أن تصلني أخيرا، وأخذت تحرقني بأنفاسها المجتاحة لصدري وتذيب آخر حصن لي...
فوجدت نفسي أعلن استسلامي وخضوعي لتلك المشاعر، ورفعت ذراعي ببطء لأحتضنها في صدري وأحتضن ذلك الشعر الذي يغطي ظهرها... أحتضن ذلك الحب الذي تمنيت أن يسكن في صدري بلا ألم ولا ارتجاف وأدخله في قلبي وأغلق عليه بعشقي إلى الأبد...
لا أصدق أنها الآن في أحضاني ولا أشعر برجفتها ولا حتى بأنفاسها المتهدجة كما في تلك الليلة...!!
هل ماتت فعلا كل تلك المشاعر القوية في قلبك لجلال...؟
وهل علي أن أصدق ذلك يا شمس...؟
هل علي أن أغرق في أعماق بحرك الذي يناجيني
ويناديني بهمساته الحالمة...؟
أم علي أن أستعد لشيء أكثر قوة وأشد ألما...؟
" هذه الليلة..... لك ولوحدك.."
همست بحروفها الحارقة ووجهها مازال غارقا في صدري وتحتضنني بجسدها.... فسحبت كفي عن ظهرها ورفعتها بارتجاف لوجهها.. لأرفعه نحوي وأنظر للحب المستحيل الذي أصبح ساكنا بين أحضاني معلنا تحققه...
حاصرت زمرد عيناها بعيني المشتاقتين لوعة ثم حركت أصابعي لأتلمس الحقيقة الملائكية أمامي وأزحت بأصابعي المرتجفة خصلات شعرها الحاضن لملامحها، فأغمضت عينيها، فلامست جفونها المغمضتين ورموشها المنسدلة مع أنفها الطويل، وشفاهها المكتنزة بحمرة داكنة.. حتى انتهت أصابعي إلى صدرها... وإلى قلادتها ثم....... توقفت...!!
توقفت بصدمة وتركت يدي تنساب مبتعدة عنها منسدلة بيأس وألم بعد أن استيقظت من حلمي وأدركت الحقيقة...!!!
وبقيت برهة أتأمل بخيبة وصمت وألم وجهها الجديد وملامحها الغريبة..... كابحا كل سدودي المنجرفة نحوها ومكتفيا بالكشف عن معالم وجهها الغريب عني... كرجل أعمى... لا يبصر، ولا يدرك من الكائن أمامه ويرغب بالتعرف على من تقف أمامه...!!!
فأغمضت عيني بعمق وشهقت بقوة ساحبا أنفاسا باردة من الجليد الذي يحيط بها ليطفئ النيران التي أشعلتها في داخلي ويجمد سدود المشاعر والأحاسيس التي انفجرت في قلبي لها..
وما أن استقرت تلك الأنفاس في صدري حتى خرجت مجددا بقوة مع صوتي المحتد والمقتضب وأنا أبتعد عنها..
" أوقفي هذا الجنون...!! "
ففتحت عينيها ونظرت نحوي بجمود وهي تهمس بلحن غريب لم أفهمه..
" ما الأمر...؟ لم علي أن أتوقف...؟! أنا.... زوجتك... وحبيبتك "
شتت أنظاري بعيدا عنها وقلت خانقا احساسي وغضبي وصدمتي وكل عشقي في جوفي..
" وأنا... لا أرغب بشيء "
فتراءت لي شبه ابتسامة سطعت منها وهي ترد علي
" لا ترغب بي...!!! ألست حبيبتك التي تتمنى الغرق في عينيها يا تيم؟ بلا ذنب..... ولا ألم...؟ ألست أنا زوجتك التي تتمنى الرحيل إليها بلا عودة...؟ وها هي زوجتك الآن تدرك حجم مشاعرك ومعاناتك التي قضيتها بجوارها وأنت تتعذب بمشاعرك المدفونة... فلم علي أن أتوقف...؟!! "
فاتسعت عيناي باندهاش من اعترافها الساخر وانفلق قلبي من تلك الكلمات الجوفاء الميتة التي باغتتني بها والتي رجعت بي إلى ذلك اليوم الذي ودعتها فيه وهمست بحبي لها وهي نائمة...!! أو هكذا ظننت......!!!
" لماذا صمت...؟! أليس ما أقوله صحيحا...؟ وما أفعله الآن هو المفترض بي.... كزوجة شرعية لك يا تيم...؟ "
فانهارت عيناي بانكسار كبير يعكس ما يحصل في داخلي من انهيارات مؤلمة تزلزل كياني وأحلامي، وتهوي بي بعيدا إلى أقصى باطن الأرض الملتهبة... ليفتك بقلبي من زمهرير كلماتها وسياط ألمها وأنا قد أدركت أخيرا أنها فقط تنفذ حكمها في جريمتي...!!!
من أحببتها ورغبت دائما في إسعادها قد قررت قتل نفسها في أحضاني، وهذه المرة قد قررت قتلي معها... قتل تيم واخراجه من حياتها للأبد.. ولجريمة عشق... لا ذنب له فيها سوى أن قلبه قد اختارها....
فهل كرهتني إلى هذا الحد يا شمس...؟ وهل هان عليك قتلي وتعذيبي بهذه الطريقة...؟
خسارة...!!
خسارة!!
ابتسامة ساحقة مريرة هي ما اكتسحت وجهي، ورافقت همسي المختنق بالألم، مع يداي التي انخفضت بانهيار لتمسك بقميصها المرمي أرضا وتضعه على ظهرها..
" لا... ما تفعلينه يا زوجتي..... ليس صوابا.... وليس عادلا "
فأزاحته مجددا وأسقطته أرضا وهي تنظر لي بنفس الجمود المحتد ألما وتقول..
" وما هو العدل... في نظرك؟ "
اشتدت قبضتي وكل أوردتي وزاد انكسار نظراتي انكسارا ويأسا وقنوطا رجل قتله قلبه، فالتفت لأغادر الغرفة وأهرب بعيدا عنها وعن جنونها وعن ضعفي، لكنها تحركت باتجاه الباب وأغلقته بالمفتاح العالق فيه، ثم أسندت ظهرها عليه ورمقتني بنظرات ممتزجة بالغضب والألم وصقيع همسها يجمد كل المشاعر المتصدعة في داخلي..

" كفاك هربا وتمنعا... ودعنا نكمل ما بدأناه في تلك الليلة، وما تتمناه.. ولا تقلق..... ولا تخف لأنني هذه المرة لن أبكي ولن أذرف الدمع... ولن أحاول حتى قتل نفسي..... فكن مرتاح الضمير والبال... فأنا الليلة أحررك من كل وعودك التي حرمت نفسك بها، ومن قسمك الذي جعلك أسيرا له.... أنت حر.... وأنا ملكك الآن يا تيم..."
ثم أغمضت عينيها غير آبهة بما رمتني به، فتصاعدت الحمم في قلبي وثارت في داخلي صارخة فيها بغضب وألم من الظلم الذي يعاني منه ويدميه بلا رحمة..
" تحرريني من وعودي ومن قسمي يا شمس...!! أتظنين أنني امتنعت عنك طوال هذه السنوات بسبب قسمي لك...؟ وأنني كنت فرحا أطير عاليا عندما لامستك أول مرة...؟ هل تظنين أنني كنت أتمناك وأعشقك في ذلك الوقت أو أنني كنت أتلذذ بعذابك وأنت بين أحضاني وتهمسين باسم أخي...؟ هل تظنين ذلك...؟ هل تظنين أن قسمي هو ما منعني عنك طوال هذه السنوات...؟ لا... لا يا شمس.. ليس هذا ما منعني عنك، فذاك القسم كان لك... لتطمئني وتستطيعي العيش بسلام وأمان... أما أنا فلست معدوم الاحساس والرجولة حتى أقترب من امرأة تهذي باسم رجل آخر سواه... لست بهذه الحقارة...؟ وآآآخر شيء.... آخر شيء كنت أتوقعه منك أن تقتليني بهذه الطريقة يا شمس...!! "
لم تجب ولم تتحرك من مكانها، بل ظلت مغمضة عينيها بنفس الهدوء متجاهلة كلامي وغضبي.. فأصبحت كالمجنون أدور حول نفسي ولا أعرف أين أفجر غضبي وقهري، فهويت بما رأته عيناي من مزهرية على المرآة لتنكسر بقوة وتتناثر شظاياها أرضا بانكسار كحالي...!! أحاول أن أفرغ جزء من جنوني عليها وأخرج قهري وألمي عليها.. فربما تشعر!!
لكنها كتمثال جليدي بلا حراك ولا اهتمام، فاقتربت منها ممسكا بها من ذراعيها لأصرخ بكل مشاعري المحتدة والألم النازف من قلبي
" أهذا هو رد فعلك على مشاعري التي أكنها لك؟ أهذا هو عقاب قلبي عليها؟ أهذا هو ما يستحقه منك تيم...؟ أن تعتبريني كنخاس يبيع ويشتري فيك ولا يعشق إلا لغة الجسد؟!!!! هل أنا حقير ومنحط إلى هذه الدرجة...؟ هل أنا وضيع في نظرك...؟! "
فبقيت صامتة أمامي على حالها مغمضة العينين مستندة على الباب ترفض الرد علي أو التحرك، وكأنها تستلذ تعذيبي.. أو تموت بتلذذ بين يدي... فهززتها بعنف وغضب لتجيبني
" تكلمي..... أجيبي... لا تصمتي "
ففتحت عينيها هامسة أخيرا بضعف ظهر جليا من صوتها المهتز....
" ومن قال ..... أنني أعاقبك..؟!! أنا فقط.... أنا أعطيك حقك.... حقك الذي حرمت منه سنوات... وأنا أريد أن أعوضك... على ما مضى.. أريد أن نبدأ معا حياة لا ماضي لنا فيها.... حياة تجمعني بك... والأطفال فقط "
فاعتصرت ذراعيها بقبضتي وأنا أرفعها بكلتا يدي نحوي حتى اصطدم جبيني بجبينها وقلت نافثا أنفاسي المحترقة على وجهها ليتصدع الجليد الذي يكسوها وتنظر إلي
" أنا ... لست حجرا، ولا حيوانا...!! أنا بشر...!! بشر يا شمس...!! ولديه قلب يحب ويتألم مثلك، ومثل جلال.. فلم لا أحد يشعر به ويرحمه..... لم؟! "
"................."
"حسنا يا شمس... حسنا يا حبيبتي... ويا زوجتي المصون..... أنا سآخذ ما أتمناه منك.... وما تعرضينه علي.. والآن.. سآخذ ثمن سنواتي التي مرت على زواجي بك.. وسأستلم حقي الليلة منك وبالكامل، وكما طلبت... وكما تعرضين "
وأفلت قبضتي ليرتخي جسدها الصغير على الباب مجددا ثم احتضنتها مجددا لصدري بإحدى ذراعاي وبقوة وباليد الأخرى رفعت وجهها نحوي ليصبح مواجها لوجهي ولا يفصلها عني سوى بضع سنتيمترات
" الليلة... ستكونين لي... لي وحدي.."
فشعرت أخيرا بارتجافة عينيها، والقشعريرة تسللت إلى جسدها وأنا أهمس مقتربا منها بعبث عاشق غاضب يهدد ويتوعد...
"سأنهل من كأس عشقك... وسأرتوي من عبق شفاهك حد الثمالة.... وستصبح ترانيم فجرك وأيامك... وكل لياليك لي.."
فانقبض جسدها وتحركت يدها بسرعة لتقبض على القلادة الساكنة على صدرها مع اتساع عينيها بقوة وخوف، والبحر عاد يموج ويضطرب بقوة في داخلها فقلت مبتسما وساخرا....
" ماذا...؟ هل ضعفت بهذه السرعة؟ ألم تقولي أنك تريدين أن تسلميني حقي وأن نبدأ حياة جديدة معا؟ فما الذي حدث؟؟؟ أنا حقا موافق... وأطير الآن من السعادة وأنت الآن ساكنة بين أحضاني... لكن قبل ذلك أرني الآن صدق كلامك وجدية فعلك... أرني أنك راغبة في بدء حياة جديدة معي...!! هيا.... عليك أولا أن تخلعي قلادته هذه، وتتخلصي منها... وهذا الخاتم الذي مازال يسكن يدك معها، هيا اخلعيهما، فأنا لا أرغب أن يشاركني فيك أحد أبدا "
فاهتزت نظراتها بقوة وبخوف وربما توسل ورجاء تخالف محاولتها في الثبات أمامي وأمام قرارها... تنظر لي بعمق.... تعانقني وتبحر بي ثم... أخذت قرارها وأسدلت عينيها هاربة بضعفها مجددا ومغمضة إياها كما حال كفها الذي انساب بعيدا عن القلادة وهي تهمس بيأس
" افعلها.... أنت "
فأمسكت بالقلادة بقوة لأوهمها أنني سأقطعها فصرخت دمعة سوداء من عينيها بانحدار سريع راسمة أخدودا أسودا على بياض وجهها حتى وصل لكفي المنقبض على القلادة، وتلتها دمعة أخرة من طريق آخر، وصدرها أخذ يعلو وينخفض بأنفاسها الهامسة باسمه..
" جلال!! "
فارتخت كفي عن قلادتها وانسابت بعيدا عنها كما جسدي الذي تراجع عنها وأنا أغص بحروفي الأخيرة لحالها وحالتي..
"وأنا.... لا أستطيع نزعها منك، أتعرفين لماذا؟ لأنه لا يحق لي.. وأنت..... أنت الوحيدة التي تستطيع ذلك "
ففتحت عينيها الناعستين بانكسار، ونظرت نحوي ببحر من الدموع تموج بين جفنيها الكحيلة ثم تنهار كشلال ليلي جارف على وجهها، حتى انهارت معها جاثية على الأرض أمامي تقبض على قلادتها بارتجاف وتطلق العنان لدموعها وآهاتها والمرار الذي يحرقها أن يرتفع ويئن بكلماتها..
"وأنا لا أستطيع... لا أستطيع... لا أستطيع فهو من أهداني إياها يوم تزوجني، وطلب... ألا تفارقني... لكن... هو من فارقني.... هو..... من تركني ورحل... تركني ورحل!! "
فقلت لها بانكسار يحطمني..
"وأنت.... اخترت أن تعاقبيه...... وتعاقبيني... أردت أن تقتليه بي وتقتلي نفسك..... وجعلت مني القاتل...... مجددا ولم تفكري للحظة أنني أتألم مثلكما... أو ربما... أكثر منكما.."
فرفعت عينيها بقنوط واستنجاد نحوي وذلك القناع الذي ارتدته بدأ يتلاشى بشلال الدموع الذي يتدفق من عينيها ليصل إلى قلبي ويستجيب لها بفيض من المشاعر التي تحترق تحت جوانح جفني وأنا لم أعد احتمل.. لم أعد أحتمل ولا أستطيع الصمت بعد الآن، فهي من فجرت ما بداخلي من احساس.....
" نعم.... أحببتك! أحببتك يا شمس! وتغلغل حبك في شراييني خفية ودون أن أشعر حتى استوطن في قلبي.. أحببتك في كل فجر كان يشرق عليك وأنت تهمسين بحب جلال وتضمين قلادته إلى شفاهك وتقبليها بألم وحزن وعشق جنوني... أحببتك في كل دمعة وحيدة كانت تنساب لأجله، وأنت تقتلين نفسك بألم الخيانة... وفي كل ابتسامة هادئة كنت تشرقين بها..... بل في كل لحظة قضيتها بجوارك بصمت.... كان حبك يتسلل إلى قلبي بصمت أكبر.. وكان يحفر له أخدودا عميقا فيه، ولم أدرك ذلك إلا متأخرا وفي ذلك اليوم...! عندما شعرت أنك ستفارقينني... وسأخسرك للأبد ولن أرى دموعك.... ولا مناجاتك... ولا حتى طيف ابتسامتك.. يوم كنت تموتين بطفلي.... بلا أدنى رغبة بالحياة ولا أدنى مقاومة.... مستسلمة للموت والألم.. يومها فقط أدركت أنني أحبك... ولن أحتمل فراقك... ومستعد أن أموت معك.. فإن.... إن كنت مازلت ترغبين بتعذيبي لخيانة قلبي فاضربي هنا...... اضربي هنا يا شمس بكل غضبك واقتليه بكرهك له.. فربما... ربما يتوقف عن حبك ..."
******************
فشلت...!!
فشلت أمامه وأعلنت انهزامي وضعفي في اللحظة التي ذكر فيها ترنيمة فجري وطلب مني نزع قلادة جلال من صدري... لحظتها تراءى لي جلال في أول لحظة جمعتني به... يوم اعترف لي بحبه.. وتذكرت كلماته وعيناه ولهيب أنفاسه.. فتخاذلت يداي وانهارت دموعي كما انهار كل ذلك الألم الذي كسوت به قلبي.. وظهرت الحقيقة التي واجهني بها تيم... الحقيقة التي حاولت الهروب منها بتيم وحاولت جاهدة مجروحة مكسورة تكذيبها...
حقيقة أنني لا أستطيع التخلي عن جلال.... ولا أستطيع نسيانه....
ذاب الجليد في قلبي وانهارت ثلوج من الدموع وأنا متمسكة بقلادة جلال أشكو ضعفي وعجزي وعشقي الميؤوس أمام تيم.... أمام من هو زوجي الآن!!!
فانهارت الاعترافات من قلب تيم الحارق.. وصرخ الانكسار والوجع في عينيه مما فعلت به ومما يعانيه منذ مدة وبصمت.. وأصبح كل ما أحس به الآن من ألم لا يساوي شيئا أمام ألمه وأنا أراه يجثو أرضا أمامي ليقابلني ويسحب كفي ليضعها على صدره ويصرخ بحرقة من بين عينيه...
" اضربي هنا... وبكل ألمك... قولي أنك تكرهينني وتتمنين موتي.... أفرغي كل قهرك على صدري... وتألمي كيفما تشائين لكن.... لا تطلبي مني أن أكرر تلك الليلة معك.... لا تطلبي مني ذلك، لأنني قد احترقت مثلك، وما زلت أتعذب بها مثلك.... صوت أنينك باسمه وأنت في أحضاني تستنجدين به وبقلادته مازال محفورا في قلبي ومسامعي حتى هذه اللحظة.. وأنفاسك المتهدجة بألم الخيانة وزلزلة جسدك وأنا ألمسه حفرت ندوبا عميقة في روحي لا قعر لها، ودموعك التي كانت تسيل بجنون كانت..... ومازالت تحرقني للآن... وكم حاولت أن أنسى ما حدث.. حالي كحالك... ولم أستطع.... فأنا خنت أخي عندما تزوجت بك، وقتلتك عندما لمست شيئا لا يخصني.. وقتلت أخي عندما أحببتك... وأنت الآن... أنت.. أتيت لتكرري ما حدث... لنتعذب مجددا.... ونموت معا وبدون أن يشعر بنا أحد...؟!! فلماذا...؟ لماذا...؟ ألست أنت من طلب مني ذلك...؟ ألست أنت من انتظرني هنا..... وفي نفس هذه الغرفة؟ ولأجل أطفالك رضخت لأبي وظلمه.. ولأجلك أنت... رضخت لك ولعذابك... ولأجلك الآن مستعد أن أموت بين يديك لكن.... ليس بهذه الطريقة.. ليس بهذه الطريقة يا شمس...!! وإن كنت جددت زواجي بك فلأجلك ولأجل أطفالك.... ولأجل جلال الصغير... ولأنني... لأنني أحبك...... أحبك يا شمس لكنني لن أقبل أن ألمسك وقلبك وروحك مع رجل آخر.... ومع أخي بالذات.. لن أقبل.... فهل فهمت؟ هل تدركين ذلك...؟ وهل تشعرين بحبي وألمي، وبموتي معك.. هل تشعرين بعذابي الذي أتجرعه منك الآن...؟ "
كل هذه الاعترافات الصارخة المحتدة بالألم وطوفان العذاب الذي انبثق من بين عينيه منحدرا حتى وصل لكفي الغارقة في كفه جعلني أسترجع صراخه ودموع قهره في تلك الليلة وأتذكر صباح ذلك اليوم وحرقة أحضانه ودمعته التي انحدرت منه لتصل لوجهي وهو يحتضنني ويطلق قسمه بألا يلمسني مجددا وأن يعيد لي أطفالي، بل كل مالقاه من أبيه بسببي، وبقائه بجوارنا وتحطيم أحلامه... كلها تمثلت أمامي بحرقة وألم، فارتميت إلى أحضانه أبكي وأصرخ وأنشج على صدره وهو قد فتح ذراعيه وغلفني بقوة... لأغوص بين ضلوعه... وبين بحر أحزانها وأمواجها... لأعتذر له... لأبدد أحزانه..... وأمحي ألمه...أو أشاركه ألمه وألمي ونغرق فيه في بحر لا قرار له...
" أنا آسفة...... آسفة يا تيم... لم أقصد ولم أدرك حبك وعذابك لم أدرك ذلك، ولم أقصد ما فهمته... أردت أن أنساه، أن أخرجه من حياتي كما فعل.... أردت أن أنسى كل ما مضى وأتقبل واقعي، أردت...... أردت أن يسعد أحدنا... أن يعيش واحد بيننا.. ولم أكن أدرك.... أنك تموت معنا.. أنا متعبة يا تيم، متعبة ولم أعد أحتمل... أريد أن أنسى كل شيء، أريد أن أنسى وأعيش.... أعيش لأجل أطفالي.. لأجلهم ولأجلك... ولا أدرك كيف...؟! ربما لو يتوقف هذا القلب لانتهى كل شيء.... نعم لانتهى ولتوقف عذابي وعذابك... يا رب.... خذني إليك يا رب "
" توقفي...!! توقفي ولا تتمني الموت أمامي، لا تقتليني بدعائك على نفسك... ستنسين كل ما حدث، وستعيشين مع أطفالك وبسعادة.... وأنا سأبقى معك وبجوارك.... ولن أجبرك على شيء.. فأنت زوجتي، والحب الذي سكن في قلبي.... وإن كان جلال تخلى عنك، فأنا...... أنا لن...... أفعلها ولن أتخلى عنك حتى آخر نفس في حياتي... "
وانتهت تلك الليلة بالإبحار بنا في كل ذكرياتنا، والغوص إلى أعماقها لتتقاذفنا أمواجها حتى رمت بي على شاطئ الأحلام التي أتمناها...
" شمس... حبيبتي إنه الفجر...... الفجر يا حبيبتي.. هيا استيقظي فالفجر قد أتى مجددا، هيا..... كفاك نوما وافتحي عينيك.... فأنا ما زلت أنتظرك.. هيا شمس.... شمس....."
فتحت عيني باتساع وصدى صوت جلال الدافئ مازال يتردد من حولي، تلفت من حولي بضياع أبحث عنه وعن همسه، فهو قد كان بجواري يهمس لي بحب ويحاول إيقاظي.. لكنني لم أجده!
لم أجده!!
بل وجدت نفسي نائمة وحيدة على السرير وفي غرفة تيم.... وهو ليس موجودا...
تنهدت بعمق أسترجع صوت جلال وأدرك أنني كنت غارقة في الأحلام، وأجمل الأحلام..
نهضت من سريري، ثم اتجهت بخطواتي لأزيح الستائر وأفتح النافذة على مصراعيها ليتسلل نور الفجر إلى قلبي وتغمرني أصوات الحياة التي بدأت ترتفع وتشدوا بترانيمها العذبة وصوت جلال الحاني الذي لا يسمعه أحد سواي.. فأغمضت عيني باستسلام وحب ممسكة القلادة ومسلمة روحي لها لترحل بذكراها كما اعتادت إلى حيث تحب
(( حبيبتي وشمس عمري..
دعيني أنعش أحلامي..
على ابتسامة من عينيك الجميلتين..
وأرتشف من رحيق شفتيك ترنيمة مشرقة..
لأبدأ يومي الطويل بكلمة تهمسين بها من نور قلبك.. "أحبك يا جلال" ))
ابتسمت بسعادة لتلك الذكرى وقبلت قلادتي وأنا أهمس لها..
" وأنا أحبك يا جلال... أحبك وسأحبك حتى آخر نبض في قلبي....."
لكن قلبي انقبض هذه المرة وهو يتذكر اعتراف تيم بحبه الصارخ لي وكل ألمه وعذابه معي.. فتنهدت بعمق وألم آخر يسكن قلبي ويشغله... ليتك لم تحبني يا تيم... وليت الأيام لم تجمعنا.... ولم تجعلني زوجة لك.. فأنا لا أستحق حبك، ولا أستحق اخلاصك، ولا بقائك بجواري هكذا.. ليتك تستطيع نسياني..... ليت.... وليت..... وليت..
" ظننتك لن تستيقظي إلا متأخرا...! "
تنبهت على صوت تيم الذي قاطع أمنياتي، فالتفت نحوه قائلة
" لم أنتبه لك..... متى عدت؟ "
بينما قلبي كان يهمس لي..
" لابد أنه كان يراقبني بصمت وأنا أهمس لقلادتي كما فعل طوال السنوات التي مضت... ولابد من أنه يتعذب بصمت كما اعتاد..... آه يا تيم....... كم تحمل قلبك بسببي.. "
ابتسامة دافئة ارتسمت على محياه وهو يقترب مني ويقول..
" تبدين اليوم مشرقة وأجمل من الشمس بذاتها... ولابد من أنها تغار الآن ولن تشرق بوجودك"
رددت بخجل
" حقا...... وبهذا الشكل؟!! مستحيل...... فمازالت آثار الكحل ترتسم على عيني بسوادها "
فضحك تيم وتسللت الابتسامة إلى قلبي ثم استسلمت للضحك معه بسرور وكأن شيئا لم يكن بيننا البارحة...!! وكأن الألم والدموع ليس ما كان يروينا!
وبعد لحظات الضحك الغريبة التي اجتاحتنا نظر لي بنظرات دافئة حانية ثم قال..
" لن أنسى.... هذا الفجر ما حييت..."
فصمت قليلا لا أدرك ما أفعله أمام هاتين العينين الغارقتين في النظر لي... حتى نطقت بارتباك...
" قلت لك.... بهذا الشكل...!!! لن تنساه.."
وضحكت مجددا لأهرب من تلك النظرات التي باتت تعانقني وترسل لي اشارات من حبها وعشقها لي حتى جعلت جسدي يرتجف منها وهو مازال يهمس لي بحنو وعشق..
" إنه أول فجر أراك تضحكين فيه لي منذ أن تزوجنا، بل منذ عرفتك وابتسامتك جميلة.... ساحرة كشمس الربيع..... تشرق ببطء وتتسلل بدفئها وحبها الى القلوب.."
فتشتت حواسي وشعرت بالاضطراب حتى ضعت بملامحي أمامه، فهرب بنظراته بعيدا عني الى النافذة وأنا عاجزة عن قول شيء.. فهذه أول مرة أشعر بالحب يصرخ من كلماته بهذا الوضوح وهذا الصدق وأشعر بالاضطراب منها..
فقلت هاربة منه ومن هذا الاحساس..
" شكرا لك يا تيم.... لأجل ليلة البارحة، شكرا لك....."
وكأن كلامي لامس قلبه بسعادة وحزن معا لأنه اكتفى بجملة واحدة...
" وأنا ..... سعيد بذلك.."
فتركته على حاله ودخلت الحمام مغلقة الباب على نفسي وفي قلبي سبق من المشاعر المتصارعة والأسئلة تصول وتجول فيه..
" ترى لو كنت أعلم بحب تيم لي منذ سنوات، ولو لم يكن شقيق جلال الوحيد...... فهل كنت سأحبه، وأعيش الحياة معه بسعادة مرة أخرى...؟؟!! هل كنت سأحبه..... وأنسى جلال...؟!! مستحيل.... مستحيل.. لا يمكن لأي رجل أن يدخل قلبي سوى جلال..... قلبي لجلال وعشقي وسمائي وروح قلبي...هو جلال حتى وإن تخلى عني... حتى وإن هجرني فلن أشرق بقلبي في سماء أحد سواه "
وهذه هي الاجابة الوحيدة التي بقيت أرددها تحت شلال المياه المتدفق على جسدي وأنا أحاول تجاهل تلك الليلة الحارقة باعترافاته وألمه الحارق بحبه لي..
***************
أجلس في الشرفة وحيدا أحتسي فنجانا من القهوة الساخنة، وأرتشفها بشغف وأنا أراقب بزوغ الفجر ورسمها الجميل بدأ يلوح لي في الأفق مع خيوط الفجر الأولى، وبدأ همسها العاشق يتردد صداه في قلبي ويدعوني لأشدو معه.... مع شمسي، وكأنه لا يعرف بأن هذا القلب قد اختفت الحياة فيه يوم وجدها قد تناسته ومنحت النور لغيره، فهرب بعيدا متخليا عن عشقها وروحه وبقايا أنفاسه معها.. ولن ينتظر منها بعد الآن النور والدفء ولا ترنيمته...... لن يطالب بها بعد الآن، فهي قد أشرقت في سماء غير سمائه وهو قد تنازل عنها وقبل بالعيش ميتا حيا بلا إحساس ولا حياة.. وبلا أمل ولا حب...
ماذا...؟!!
أتعاتبينني يا شمسي؟!
أتلومينني لأنني تركتك..؟
وأنت من رضيت بغيري...؟
ألم تعديني بأنك ستنتظريني...؟
ولن تنسيني مهما حدث..؟
أم أن حبا آخر قد سكن في قلبك، وفي غيابي حتى تناسيتني وسمحت لغيري بأن يتنعم بروحك ويتغزل عشقا في عينيك...؟

ابتسمت بسخرية من حالي المرير الذي وصلت له، ومن حالة الهذيان التي لم تفارقني، فوضعت فنجان القهوة وأنا أتأمل بألم خاتم زواجي الساكن في اصبعي منذ أكثر من عشر سنوات... أتأمله في نظرة وداع أخيرة محاولا إخراجه من قلبي قبل اصبعي، حتى خرج بنفس قوة تلك المشاعر التي رافقت خروج تلك الكلمات من قلبي المتنازع..
" شمس بنت أحمد الجابر.... طالق!!! "
فاحترقت تنهدت بعمق الخناجر التي انتشتلتها من صدري وأمسكته أتأمل الكلمات المحفورة في داخله" جلال وشمس " ... فاستعرت في شفاهي ابتسامة حارقة بألم، ثم وضعته على الطاولة يلمع ببريقه الزائف بأشعة الفجر المشرقة وحيدا بلا أنفاس أو نبضات قلب تحييه.... تركته وخرجت من المنزل مغلقا الباب على صفحة من الماضي، وراغبا في بدء حياة جديدة أعيش فيها لأجل أمي وأبنائي... فقط.... ولا أعرف إن كنت قادرا على أن أعيش معهم أو حتى دونهم؟؟
اتصال أمي الأخير وشهقاتها الباكية جعل الظلام والضياع يزيد من حولي ويحكم خناقه علي...
"بني..... أنا أريد أن أراك مرة أخرى قبل أن أموت!! أشعر أنني سأرحل قريبا... وسأودع هذا العالم.... وأريد أن تكتحل عيناي برؤيتك يا قرة عيني.. أريد أن أحتضنك مجددا وأشتم أنفاسك وأبقيها في صدري.. وهذا هي أمنيتي الأخيرة في الحياة يا بني... فعد لأحضاني واجعل قلبي يرتوي من رؤيتك... عد يا جلال... عد لأجل حياتك..... ولأجلي...... ولأجل فجر.. ابنك يضيع! فجر..... يضيع من بين أيدينا ويموت ببطء ويعاني لوحده..... يرفض أن يأكل أو يشرب.. ويرفض حتى أن يعيش معنا.. يقول أنك خنت وعدك له وتركته ليعود يتيما... وأنت حي.. عد يا جلال.... لأجله قبل أن تندم.. هل تسمعني...عد إليهم وعش حياتك الباقية معهم ولا تحرم نفسك ممن تحبهم كما حرمت قلبك منها قبل أن تعرف الحقيقة!!! الحقيقة التي تجهلها يا جلال...!! حقيقة شمس..... وزواجها من أخيك!!!! فهل تسمعني يا جلال...؟؟؟ هل تفهمني...؟؟ لا تخسر كل شيء...... لا تخسر كل شيء يا بني.."
الحقيقة التي أجهلها!!!
التي أجهلها!!
ما هو الشيء الذي أجهله يا أمي؟
وأنت بذاتك تقولين زوجة أخي!!!
لقد كانت زوجته...!!
زوجته بكل ما تعنيه الكلمة..... وثمرة زواجهما كان طفلا.. طفلا سواء كان زواجهم بالإكراه أم عن حب، فالنتيجة سواء...!!
جحيم الدنيا هو ما سيحرقني بتلبية أمنيتها...... وجحيم الآخرة وندم العمر إن حصل لها شيء ولم أرها... وفجر...!!
ابني الوحيد والذي يتعذب بسببي..... والذي أخلفت أول وعد قطعته له ما ذنبه...؟ وما ذنبي أنا يا أمي لتحرقيني بالعودة إليهم؟؟ وأي حقيقة قد تخبريني بها.. لابد من أنها ستزيد عذابي.. نعم ......عذاب...
وكأن كل سنوات الأسر التي فرقتني عنكم لم تكن كافيه حتى تأتوا وتستمروا بتعذيبي...!!
أقفلت باب المنزل الكئيب، وبدأت رحلة عذابي الطويلة في طريق العودة إليهم، ولم يكن طريق العودة يحمل تلك المشاعر والاجتياح كما في السابق... بل كان سفرا مقتول المشاعر متعب الجسد مجهدا من السهر المتواصل والضياع المستمر..
حطام أحمله معي كالحطام الذي يحيط بالطريق.. وتلاوة منبعثة من مذياع السيارة بصوت قارئ رخيم عذب هي الشيء الوحيد الذي خفف على قلبي ضياعه وألمه...
قلبي المطعون والذي مازال ينزف ببطء ويعيش في حالة غيبوبة يرفض أي حقيقة يرسلها له عقله بأن شمس قد خانته....!!
طالما كنت أتلهف شوقا وأطير فرحا أكتمها في قلبي عندما أسافر مع والدي الى القرية... وكم تعلقت بها... وبسهولها ووديانها وبكل من فيها، بعكس أخي الذي كان يفضل البقاء هنا في المدينة كارها أي شيء له علاقة بالقرية.. والآن قلبت الآية!! وأصبحت أنا الشريد البعيد عنها وعن.... من جعلتني أعشقها... أرفضها.... وأكره الاقتراب منها.... وكل تلك الأشواق والأحلام التي كانت تطير بي أصبحت تقتلني وتدفنني بكل لحظة اقترب منها...
آه يا شمس!!!
ليتني لم أرك يوما، ولم أتعرف بك.. ليتني بقيت هنا في المدينة مع أمي وتيم ورفضت الذهاب مع أبي في ذلك اليوم.. فربما لم أكن لأراك هناك.. تحت تلك الشجرة فارعة الطول وبجوار تلك البحيرة المتلألئة.... طفلة لم تكمل العاشرة من عمرها نائمة بهدوء ملائكي غريب تحت ظلال شجرة كبيرة.. ويتخلل ضوء الشمس وجهها من بين أوراق الشجر... فيبرق وجهها ويتلألأ مع تلك القلادة الفضية المرتصة على جبينها فتزيدها جمالا وبراءة لم أرى لها مثيلا..
ملاك جعلت فتى في الخامسة عشر من عمره يبقى شاردا يتأمل في ملامحها ويتساءل.. من تكون هذه الملاك الصغير؟؟ وماذا تفعل فتاة في عمرها هنا... وفي هذا المكان...؟ وحيدة.... ونائمة......؟
اقتربت أكثر منها وأنا أرى فراشة تحوم حولها وتريد أن تحط على وجهها... وبلا شعور حركت يدي حولها لتبتعد عنها لكنها كانت تأبى الرحيل..
تقدمت خطوات نحوها، مما جعل قدمي تتعثر بجذع ممتد على الأرض فوقعت متكأ بيدي بجوارها.. وأصبح وجهي مقابلا لوجهها ولا يفرقه سوى سنتيمترات قليلة جعلت مني جامدا عاجزا عن الحراك... وكأن الهواء الذي كان بيننا قد اختفى بقربي منها ولذا فتحت عينيها باتساع... لتنظر لوجهي للحظات برهبة وبعيون متسعة لم أرى لها مثيلا!! عينان ناعستان.... طويلتان وبوسطهما زمردتين تبرقان كالنجوم في ليلة صافية...
لكن تلك اللحظة انتهت بصراخها... صرخة طفولية تعالت منها مع اندفاع ضعيف واجهتني به حتى تراجعت بصدري للوراء.. ثم انكمشت على نفسها بدموع أخذت تتكور وتسقط كلآلئ جميلة منثورة على وجهها البريء... فضحكت عاليا متجاهلا خوفها ودموعها لكي تهدأ وتدرك أني لن أؤذيها..
ومع الأيام والسنوات أصبحت أجمل ما يشتاق قلبي لرؤيته في تلك القرية... سنوات امتدت بي مع والدي، حتى تغلغل عشقي لها في قلبي.... وصارت وطني الذي أنتمي إليه..... وعشقي وقلبي الذي كنت أبحث عنه..
والآن.... فقدت وطني... وعشقي... وقلبي وأصبحت بلا مأوى... ضائعا.... غريبا... مجنونا... صريع العقل والفؤاد بالحقيقة القاتلة التي تلقاها يوم عدت ووجدتها زوجة لأخي وأما لطفله...!!
فعن أي حقيقة تتحدثين يا أمي؟؟؟!!!
هراء يا أمي...!!
هراء...!!
تيم خانني.... وهي كذلك..
لكن...!!
لم كانت تلك الدموع الحارقة تناديني؟؟
ولمن ذاك الأنين الذي كان يقتلها...؟
ولهيب تلك الأحضان الحارقة التي غمرتني بها يا شمس... لمن كانت؟؟؟
لمن؟؟؟
هل حقا قلبك مازال عاشقا لي؟؟؟
أمازال يصرخ بحبي...؟؟؟
ويهمس باسمي في كل فجر؟؟؟
أم أن قلبك خانني فعلا؟؟
ونسيت، ومنحت الحب لأخي؟؟؟
آااه يا رب..
توقف يا جلال... توقف
فقلبك غبي.... عنيد... معتوه.... مجنون بعشقها ومستحيل أن ينتزعها من داخله...
الحقيقة واضحة كعين الشمس... وخيانتهم كانت بشهادة الجميع..
فكفاك جنونا وهذيانا بها فهي لم تكن وفية لك...
ولم تحفظ حبك.......
ولم تعد لك، وأخوك امتلكها وصارت له..
زوجة.... وحبيبة.... وأم لطفله...
توقف ودس على قلبك، وعد إليهم متناسيا عشقها كما فعلوا...
عد لأجل فجر... ونور.... ولأجل والدتك... وحاول أن تعيش حتى ولو بقلب مكسور... وتجاهل تلك الحقيقة التي لن تزيدك إلا ألما بذكرهم وفكر بشيء واحد... فجر... ونور...
******************
يومان مرا بسلام بيننا، نتبادل الابتسامات والضحكات ونحاول أن نلملم ما تحطم بيننا وكأن شيئا لم يكن.. وجوه تبتسم للملائكة الصغيرة وفي قلبنا بحيرة من الضياع والتوهان نغرق فيه...
أنا الآن جالس بينهم بجسدي لكن روحي تنظر إلى من عشقها قلبي وهي تفترش الأرض وتبتسم لأطفالها وتلاعبهم بألعاب جديدة أحضرتها لهم... تحاول أن تسعدهم وتعيد الحياة لهم... حياة ماهي إلا جزء من الحياة التي عادت لوجهها بعد تلك الليلة...
منذ فجر ذلك اليوم عادت تبتسم وتضحك وتملأ البيت بسعادتها وكأنها طائر كان محبوسا وتحرر من سجنه، فانطلق بسعادة محلقا بجناحيه...
فهل أعطيك حريتك يا حبيبتي لتحلقي بقلبك عاليا إليه قبل أن تفقدي القدرة على ذلك...؟ أم أبقيك تحت جناحي بقلب مكسور يتمنى التحليق مع غيري ورغم هذا لا يستطيع...؟!!
فإن قررت تركك هل سيقبل جلال بك مجددا، وهو من طلقك بلا تردد ووشم الخيانة في قلبه منا جميعا؟
وهل سأستطيع تحمل فراقك...؟
هل سأقدر على فعل هذا وأنا.... أنا الذي لم أحب غيرك...؟
أنا أحبك يا شمس..... وأعشق كل ما فيك..
قلبك العاشق... وعينيك البريئتين....
وغضبك... وألمك... وعشقك وقلبك المقتول به!!
لكن.... لكن أنت..... معي تموتين...
تموتين ألما وحرقة..
فماذا تبقى لي ...؟؟
وماذا ستنتظر يا تيم؟؟ سوى أن تسقط أمامك بلا حراك... ودمعة أخيرة تحترق بين عينيها وألم كبير يحرقك معها ندما لآخر لحظة....
أنسيت ما قاله طبيبها وما تعرفه أنت حق المعرفة؟؟
" ستبقى في المستشفى لمدة أسبوعين حتى تتعافى، ومازلت أؤكد عليك أن الضغط النفسي والتوتر سيؤثر بشكل سلبي على صحتها...!!! فالأدوية التي تأخذها لن تمنع الألم من العودة إليها.... وما حدث لها بالأمس يؤكد كلامي..."
" ماذا تقصد أيها الطبيب؟؟ "
" أقصد أنه في مثل حالة زوجتك المرضية لا الدواء ولا أي عملية قد تجعل قلبها يتوقف عن الألم...!! ومادامت أعراض الألم تتكرر مؤخرا فهذه إشارة سيئة بأن القلب قد يصاب بنوبة قلبية مفاجئة أو ربما قد... يتوقف!!! وهذا الكلام ليس جديدا عليك يا سيد تيم وأنت تعرف هذا منذ أكثر من سنة... اسمعني جيدا.... وسأقولها لك للمرة الأخيرة.. متلازمة انكسار القلب أفضل علاج لها هو الراحة النفسية للمريض والابتعاد عن أي ضغوط أو صدمات نفسية قد تجعل المريض ينهار كما حصل اليوم... وأنا حذرتك من ذلك مسبقا..."
يا إلهي...
ماذا أفعل؟؟ وكيف أتصرف...؟؟
أنا لا يمكنني أن أراها تموت أمامي.... لا يمكنني..
وماذا أفعل وهي... ومنذ اللحظة الأولى التي عاد فيها جلال قد انهارت..... ومازالت تنهار وتتعذب بصمت...
حاولت دائما أن أجعلها تعيش بسلام نفسي حتى لا تتألم لكن ماذا فعل جلال؟؟!!
أتى في لحظة وجعل كل شيء ينهار...
ولم أتوقع ولو للحظة بأن جلال سوف يطلق شمس.. وهو لا يعرف أنه بطلاقه لها قد زاد من انكسار قلبها وألمه..
ماذا أفعل...؟؟؟ وشمس قد قيدتني بوعدي الأخير لها يوم عاد إلينا..
" لا تخبره يا تيم... هو لا يجب أن يعلم بأمري... دعه يقرر بنفسه، أرجوك عدني بهذا... أرجوك يا تيم.. وهذا آخر طلب أطلبه منك فعدني... ولا تحرمني مما أريد..."
آه يا شمس...
أنا وعدتك وفي داخلي ألف يقين ويقين بأنك ستعودين لجلال... لكن الآن... وأنت عدت زوجتي فكيف أتصرف؟؟
هل أنقض وعدي وأذهب لأخبر جلال عن حالتك وأطلقك لتعودي له وهو قد رفضك سابقا واختار كرامته ورجولته على عشقه...؟؟؟
وهل ستقبلين بنقضي للوعد الذي بيننا وأنت من ترفضين الشفقة من أي أحد؟؟؟
فكيف إن كانت من حبيبك؟؟
وكيف إن عاد لك لأجل مرضك فقط ولم ينسى يوما ما حدث بيننا؟؟
كيف ستتصرفين؟؟
متأكد بأنك حينها لن تحتملي، ولن يقبل قلبك الحياة معه..... أبدا
"تيم.... ما الأمر؟ منذ أن جلست وأنت تراقبني بصمت، وتتنهد بألم.. هل طرأ شيء جديد؟؟ هل يوجد شيء ما يزعجك؟؟ "
شتت نظراتي بعيدا عن شمس محاولا أن أخفي قلقي وحيرتي وبريق الحب الذي يلوح لي مع كل ابتسامة تمنحها لأطفالنا، فشعرت بكفها تلامس كفي وتقبض عليها وهي تهمس جالسة بجواري
" كل شيء سيعود كما كان، وسنعيش كعائلة سعيدة رغم كل شيء، وفجر سيتأقلم وينسى مع الزمن، فلا تشغل بالك هكذا، ولا ترهق نفسك بالتفكير "
ابتسامة زائفة اغتصبتها وأنا أسحب كفي من بين يدها، فقربها وابتسامتها لم يعدا بالأمر الهين على قلبي، وأنا أشعر بأن كل مشاعري باتت مفضوحة أمام عينيها، فخرجت الحروف مني باهتة ضائعة هاربة
" بالتأكيد... لقد تأخرت... علي أن أغادر الآن... انتبهي لنفسك "
ونهضت من جوارها زافرا بكل أفكاري المشتتة، وهاربا بطوفان مشاعري المتضاربة بعشقها، فأنا لا أظن أننا قادرون على العيش كما كنا في السابق، فهي الآن تدرك حقيقة مشاعري، وأن كل كلمة أو فعل سأقوم به ستدرك أنها مشاعر صادقة من قلب عاشق وليس مجرد ادعاء وسعادة اتفقنا عليها سابقا لأجل أطفالنا...
تحركت مودعا الأطفال بابتسامة صادقة رغم وجوم فجر مني ثم اتجهت لأفتح الباب لكن عيناي قد اصطدمت به!! بآخر شخص قد أرغب برؤيته الآن...!!!
جلال!!!!
***************
توالت الساعات علي، وأنا أقود السيارة على حالي من الصراع المجنون بأفكار قلبي وعقلي، أتابع باهتمام مزيف كل ما أسمعه منه هروبا من التفكير في الطريق الذي ولى... والطريق القادم...
في الماضي...
والمستقبل ...
وعن حياتي معهم....
ففي كل طريق كنت أقترب به منهم كانت تحاصرني ألف رغبة مجنونة للهرب والتراجع عن قراري.. لكن كانت تبقى أمنية أمي هي الأقوى...
فوصلت أخيرا وكان الوقت قد أصبح عصرا... ظللت على بابهم واقفا لفترة من الزمن عاجزا حتى عن تحريك يدي لتطرقه.. فكل ما مضى يعصف بذهني ويشتته، وصوت من في الداخل يضربني بمطارق من حديد ويثبتني في الأرض أكثر... وأكثر وصوت ضحكاتهم يعلو..... ضحكات من يتنعم بالحياة وكأن الحياة الآن تعانقهم بروحها....
فانقبض قلبي في لحظات عصيبة عصفت بي واعتصرت قلبي ليزداد اشتعالا بانفتاح ذلك الباب وبروز أخي تيم من وراءه.... واقفا بجسده، ينظر لي باتساع ودهشة ثم ضيق عينيه لتتبدل نظراته إلى شيء لا أدرك ماهي كينونته!!
" ما الأمر يا تيم؟ لماذا تقف هكذا...؟ "
صوتها المبحوح يتناهى لمسامعي...!! صوت جعل طبقات الجليد التي قررت إحاطة قلبي بها تنصهر.... وأخذت الجدران الثلجية تنهار رويدا رويدا مع سماعي لصوتها القادم يقترب نحوي....
كشهاب منطلق بسرعة الضوء اجتاحتني عيناها واجتاحت المكان ليفتت أعتى الصخور المتراكمة على قلبي ويبدد الغيوم الداكنة ويتسع قلبي برؤية شمسه التي أشرقت عليه، وجعلت الظلام الذي يحيط به منذ أيام طويلة ينزاح مرة واحدة حتى أعمت قلبي وجعلته ضائعا للحظات قبل أن يستوعب أنها في هذه المرة تقف متجمدة بعيدا عني كبعد النجوم عن السماء.... تنظر إلي بعمق بحور الأرض وضياع الليل المعتم..... وبجوار تيم... زوجها.... وأخي!
" أهلا...... بعودتك يا جلال "
تحية باردة مترددة نطق بها أخي، وبصعوبة بالغة استطعت رد التحية...
ثم تقدمت ودخلت البيت بخطوات ميتة، وتيم على حاله من الجمود والبرود، فأسرعت أمي لتعانقني وتمطرني بوابل من القبل وتغرقني بحنانها الذي أحتاجه الآن وفي هذه اللحظة.... ومن بعدها ريم التي عانقتني بشوق ودموع حانية..
أشعر الآن أنه لايزال من عائلتي من يحتويني مجددا ومعنوياتي بدأت ترتفع قليلا بأحضانهما الدافئة...
تقدمت معهم خطوات وشمس على حالها متسمرة مكانها بنظراتها المرتجفة والمتسعة والمعانقة لي.. نجمة هائمة في الأفق وتبحث عن طريقها المفقود... طفلة صغيرة تائهة تستنجد أحدا أن يدلها..
أشحت نظري عنها مرغما للأرض وقاتلا لأي شيء يرغب بالسطوع معها، فرأيت يدا تمتد بسرعة لكف شمس المنسدل وتسحبها بقوة إلى جوارها..
إنها........ يد تيم...! زوجها!!!
يبعدها عني..... وعن طريقي.... وعن عيني!!
فرفعت بصري نحوه لأجد في عينيه غضبا يتقد حدة مع كل ملامحه... وكأنه يقول لي
" لا تتجرأ على النظر إليها، فهي قد صارت زوجتي!!! "
لحظتها شعرت أن كل ذلك الحب الذي شعرت به في استقبالهم قد تبخر! واشتعل بدلا عنه نار كفيلة بحرقهم جميعا.... أو ربما حرقي لوحدي..
إنها جهنم ما أعدتني إليها يا أمي...؟ جهنم...!!
فأي ألم سأتحمله بينكم...؟
وأي عذاب عدت إليه؟؟
أنا أحترق يا أمي... أحترق... ولا يسمح لي حتى بالصراخ لأن هذا كان قراري... واختياري الذي فرضتموه علي.. وقدري الذي احترقت به...
فهل ترون جثتي التي بدأت تحترق أمامهم...؟
وهل تسمعون صراخي المكتوم بين نيرانهم...؟
لا..... لا أظن....
فأنا... قد أصبحت شبحا روحه تحترق بينهم ولا أحد يراني...
****************
إنه.... جلال!!
أخي....... جلال...!!
هل ترونه معي...؟
وهل تشعرون بنيرانه المشتعلة في عينيه؟
إنه أمامي الآن، واقف بقوة وهيبته التي تطغى على كل شيء.. كما كان قبل ست سنوات.... شعره البني القصير، ولحيته الخفيفة وتلك العينين البنيتين القويتين المحتدتين..
إنه هو... جلال..... أخي ولا ينقصه سوى بدلته العسكرية...
ينظر لي وهو يضغط على كل عصب حساس فيه ليقتل أية مشاعر من محاولة الظهور أمامي، وينحت ملامح من البرود واللامبالاة على وجهه.. ولربما... هو الآن يختنق من قوة الضغط!
وماذا عني...؟
إذا كان هناك رجل تعيس في الدنيا فهو أنا...!
فها هي محبوبتي وزوجتي.. تقترب مني لتقف متجمدة مرتجفة غارقة لأبعد حد في عيني حبيب قلبها الغالي... تنظر إليه في هذه اللحظة وهي مشتتة الحواس أمامه لا تستوعب عودته ولا اقترابه منها.. وقلبها كشمعة أخذت تحترق وتذوب من حدة الموقف... وأنا وحيد بينهما أشعر أن خلايا قلبي تتمزّق خلية خلية، بل... وأنويتها تنشطر.. وذراتها تتبعثر حول المجرّة بأكملها...
فهل علي أن أظل واقفا متفرجا بينهما وهو قد عاد حاملا الألم لقلبها...؟؟
وهل سأسمح له بأن يقترب منها وهو من تخلى عنها...؟؟
وهل سأكون قادرا على تحمل نار العشق التي تشتعل بينهما؟؟؟
بين زوجتي وأخي؟؟؟!!
يا إلهي.... لماذا قدري بهذه القسوة؟؟
ولماذا لا تشعرين بي يا شمس وبمدى حبي لك...؟
وهل تستشعرين ما يحترق في قلبي الآن؟
" أهلا..... بعودتك إلينا..... يا أخي "
كلمات وجيزة مستعرة مخنوقة هي كل ما استطعت التكلم به أمامه!!
فرد بمثلها وبنفس البرود والجمود وتقدمت أمي وأختي ليغرقاه بالحب، بينما حبيبتي على حالها وضياعها، وهو قد أصبح أمامها.. مواجها لها بكل ما يعتليه في صدره، نظراتهما كسياط من نار تجلدني بقوة، فمددت يدي لأسحب تلك الشمعة التي تحترق أمامه بلا احساس بمن حولها... سحبتها لتبتعد عن طريقه... أو ربما تبتعد عن عينيه الحارقتين..!!
وليست إلا لحظات حتى أصبح في الداخل، فشددت قبضتي الممسكة بها أحرق كل فكرة قد تحاول أن تطرأ في بالي الآن، وأخرج بخطوات مسرعة غير مدرك بأني قد سحبت من خلفي شمس!! فيبدوا أن كفي كانت ترفض فكاكها والرحيل...! أو ربما قلبي هو من منع يدي من مفارقتها، فبقيت للحظات أنظر اليها وهي تنظر لي ورياح المغيب تلفحنا... ولا أعرف ماذا سأقول لها!!! فنطق قلبي بدلا عن عقلي المغيب..
" أحبك!!! "
وكأن تلك الكلمة قد اختصرت الآلاف من المشاعر المتضاربة والصامتة في صدري والتي حاولت الهروب بها إلى البعيد...
أحبك...... ولأجل حبك بقيت بجوارك سنوات بلا أمل...
أحبك.... ولأجل حبك كنت مستعدا أن أدوس على قلبي وتعودين لأخي...!!
أحبك.... ولأجل هذا أعدتك زوجة لي!!
أحبك.... ولأجل حبك أصبحت مستعدا أن أتخلى عن الجميع...!!
أحبك...... ولأجل هذا لن أسمح له أن يقترب منك مجددا ويؤذي قلبك حتى ولو بنظرة...!!
كلمة واحدة خرجت من قلبي لتقابل صدرا ينتفض بنبضاته وحبه لغيري فهربت منطلقا بسيارتي أقودها بجنون وغضب راغبا في الهروب بكل طوفان مشاعري إلى البعيد...
" لماذا عدت يا جلال؟؟ لماذا عدت؟؟ ألم تقل بأن كل شيء انتهى؟!! فلماذا عدت إلينا؟؟؟ "
اعصار مدمر يعصف بعقلي وقلبي واحساسي، فأنا كأي رجل يحمل في قلبه حتى ولو القليل من الغيرة والرجولة سيشعر بالنار تشتعل في داخله من عودته... وتلك المرأة.... تلك المرأة قبل أن تكون حبيبتي هي زوجتي.... زوجتي أنا..
مستحيل يا جلال...!!
مستحيل..... لن أسمح لك بالاقتراب منها، ولن أسمح لك حتى بالنظر إلى عينيها.... ولا أن تؤذيها بكلمة، ولن أدع قلبها يتألم مجددا، وإن كانت عودتك تحمل المعاناة لحبيبتي فسوف أقف أمامك...!!
نعم.... أمامك يا أخي...!!
لأجلك يا شمس..... لأجلك يا حبيبتي..... ولأجل أطفالنا.... سأقف أمامه وأمام كل من يحاول الاقتراب منك "
*****************
مرت أيام هادئة بيني وبين تيم في هذا البيت، شعرت فيها بسلام غريب وسعادة تسللت لروحي يوم رفضني تيم وحررني من قيود زواجي به...
أشعر بالراحة وبالأمان رغم طيف جلال الذي لم يفارقني للحظة...
تناولنا الغداء معا وتيم قد أتى حاملا معه الكثير من الألعاب والهدايا لهم جميعا ليسعدهم كما كان يفعل دائما...
وفجر وافق أخيرا أن ينزل ويشاركنا وجبة الغداء رغم صمته... ولا أعرف كيف أقنعته جدته بالنزول حتى وافق...؟!!
تيم ظل صامتا طوال فترة الغداء، ونظراته لم تفارقني، وعندما اقتربت منه نهض مغادرا... فنهضت خلفه لأودعه لكنه عندما فتح الباب تسمر ولم يتحرك! وكأن شبحا قد ظهر أمامه!!
فتقدمت بخطواتي نحوه، أستقبل بعيني المشتاقتين من جعلني أغرق أمامه!! أمام من يقف بطوله وعرضه حاجبا لشمس الغروب عن وداع ما غطاه ظله الطويل!!
جلال ...!!!!!!
تجمدت في مكاني والدنيا عادت تدور بي وتدور بكل ذكرياتها ولهيبها ولياليها الطويلة حتى استقرت بعدم تصديق على عينيه...
أصوات عناق، وترحيب باكي، وأحضان حارقة، وأنا واقفة أمامه متحجرة متبلدة المشاعر.. فقط أنظر إليه بضياع وقلبي الغارق قبل عيني المرتجفتين..
إنه هو!! جلال......!!
عاد إلينا....!!!
وكما كان..... حبيبي الذي ودعته!!
نظراته حادة كالجمار المشتعلة تنطلق منها كسهام نارية كفيلة بإحراقي أمامهم وزلزلة قلبي وتجميد كل أوتادي القادرة على تحريكي من أمامه...
فمما صنعت عيناك يا جلال حتى تحرقني بهذا الشكل...؟
وماذا تحمل لي في وسط هذه النيران المتقدة...؟
أهو الشوق والحب؟
أم الغضب والألم والكراهية...؟
آاااه يا قلبي!!!
هل تناسيت كل آلامك وجروحك وعدت لتحترق في بحر حبيبك ومعذبك الذي عاد...؟!! وكم سيطول عذابك هذا؟؟؟
وكم سيحرقك الشوق بقربه ونار غضبه؟؟
فحبيبك وروح نبضاتك يقف أمامك، وأنت عاجز لا تستطيع حتى التحليق بجواره ولا حتى معانقة أنفاسه ولا التماس نبضاته...!!
أنت يا قلبي لم تعد تمتلك سوى الألم ومناجاته بصمت وسكون... حتى تصمت للأبد!!
شيء ما يسحب جسدي بقوة، يحركني، ويعتصر كفي ويرحمني من الاحتراق أمام عينيه، ووطأة تلك الحرارة المنبثقة قد خفت واختفت من أمامي، بل مرت من جواري لتبتعد عني وترحمني قليلا...
فانزاحت الغشاوة عن عيني قليلا لأرى تيم وملامح وجهه المهتزة والمضطربة.. فتحرك من أمامي وتحركت خلفه بلا إرادة لأن كفي كانت عالقة بين يديه، وأصبحنا مع بعضنا ولوحدنا، وشمس الغروب تظللنا وهو مازال ينظر لي وتهمس لي عينيه العسليتين بأمور كثيرة لم أدرك منها حرفا سوى جملته الوحيدة التي نطق بها ...
" أنا أحبك!!! "
وغادر من أمامي مسرعا بسيارته وتركني واقفة وحيدة تصفعني الرياح الباردة مع جملته الأخيرة ملوحة بعاصفة قوية ستحل على قلبي...!!
ففي هذا البيت سيجتمع اثنان...
أحدهما زوجي!!
والآخر حبيبي!!
وكلاهما يتصارعان في داخلي، ليفرض حقه في حياتي...!!
**************
عاشق مجنون، وقلب مكسور، ومتيم مقتول..
ستجمعهم ليلة عاصفة ستغرقهم بحرقة نارهم وألم قلوبهم، ورغبتهم بالحياة.... لتسطع شمس قلبهما على أحدهما...
فلمن ذلك القلب المكسور؟؟؟
وما الذي ينتظر شمس في أول لقاء لها بجلال؟؟
أهي نيران العشق والهوى أم نيران الألم والخيانة؟؟


نهاية الفصل الثامن


shezo likes this.

سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-19, 01:39 AM   #518

عشقي بيتي

نجم روايتي وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 427263
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,408
?  نُقآطِيْ » عشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond repute
Icon16e

تسلم الايادي ايادي من كتب ومن نقل ام رائد وسميه الليله انامعكي سميه ان تيم يستحق الدعس صحيح اني تعاطفت معه في بدايه الفصل بس في النهايه حركت النذاله اللي سواهايعني ياشيخ بدال مايتعذب ثلاثه افراد اترك شمس لجلال يسعدوالاثنين وانت تحمل يعني تضحيه مثل ماجلال ضحى وتركهاعشانك صح انه مش فاهم الموضوع صح بس هوطلقهالانه حس انك تحبها ياشيخ خلي عندك شويةدم واستحي على نفسك عادك تسحبهاوتقلهااحبك وانت متاكد انهاقلبا وقالبا تريد اخوك
المعذره ام رائد جالسه اكلم تيم كانه عيقرأتعليقي بس حرق دمي واناجالسه اكل اصابيعي فطرني ياناس اوووف على حريق دم
المهم حبيبتي وصلتي لي احساس كل واحد فيهم ومايشعر به هذااجمل شئ في الروايه شرح مفصل لاحاسيس الجميع الله يوفقك ويسعد ايامك فصل ولااروع

shezo likes this.

عشقي بيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-19, 01:52 AM   #519

shayma kayyali
 
الصورة الرمزية shayma kayyali

? العضوٌ??? » 431634
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 88
?  مُ?إني » الاردن
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » shayma kayyali has a reputation beyond reputeshayma kayyali has a reputation beyond reputeshayma kayyali has a reputation beyond reputeshayma kayyali has a reputation beyond reputeshayma kayyali has a reputation beyond reputeshayma kayyali has a reputation beyond reputeshayma kayyali has a reputation beyond reputeshayma kayyali has a reputation beyond reputeshayma kayyali has a reputation beyond reputeshayma kayyali has a reputation beyond reputeshayma kayyali has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

ما في دموووع!!!
سنفري بحياتك حبيبتي ... قبل ما اطخك...
يالله ... عادي ما اعلق عالفصل ... انا اتلخبطت .. وصار عندي مشاعر مش طبيعية .. زي الهبلة عم اعيط والكل نايمين😂😂
تشوقت اشوفلك رواية بشخصيات متعددة ...
سلمت يداك على الفضل الاكتر من رائع
والحمدلله على سلامتكك سمية😂💚

shezo likes this.

shayma kayyali غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-19, 06:56 AM   #520

أم حنين
 
الصورة الرمزية أم حنين

? العضوٌ??? » 429023
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 70
?  نُقآطِيْ » أم حنين is on a distinguished road
افتراضي

واو حبيبتي عشق واسمك له حزء من روايتك نعم انه العشق العشق الدي ادا سكن الفؤاد يتحول لحريق تحرقه وتهدم اركانه انا بصراحه وتعليقا علئ الفصل الاكثر من رائع اني اكره شمس وتيم هو المظلوم بالنهايه وشمس تستاهل الموت المفروض تلغي جلال من حياتها وتعيش مع تيم لانة بالاخير مهما كان درجه حبه لها طلقها وتيم يستاهلها اكثر سلمت اناملك حبيبتي عشق وشكر لسميه سيمو علئ مجهودك ومزيدا من التالق
shezo likes this.

أم حنين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:53 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.