آخر 10 مشاركات
حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          398 - لن تسامح - داي لوكلير (الكاتـب : سيرينا - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          رواية الورده العاشقه " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : sapphire - )           »          أنثى من ضوء القمر **مميزة ** (( كاملة )) (الكاتـب : هالة القمر - )           »          أنات في قلوب مقيدة (1) .. سلسلة قلوب مقيدة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام غربية

Like Tree8Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-08-19, 07:19 PM   #2591

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي























الفصل التاسع و العشرون


ذاكرة رجل








" اللعنة..."
الاحباط كاد ان يدفع بيانكا للبكاء بينما كثلة الدخان السوداء تخرج من الفرن، أخرجت قطع الدجاج المُفحمّة و اقفلت الفرن بينما اسرعت لتفتح النوافد لتهوية المطبخ قبل ان يبدأ جرس انذار الحرائق بالتصفير،كل مجهوذاتها ذهبت اذراج الريح، انتزعت قفازي السليكون من يديها و القتهما بغضب على اللوحة الامعة للمطبخ، كيف لها ان تنشغل بكتابها و تنسى الاكل الذي فعلت مجهوذا جبارا لتحضيره؟ فكرة مفاجئة اليخاندرو تلاشت في العدم، رغما عنها شعرت بالدموع تزحف لعينيها... انها ربة منزل فاشلة.
نظرت الى الساعة الحائطية، هل تملك الوقت لتتصل بطباخ قصر فالكوني ليجهز فيه وليمة تفخر بها امام حبيبها؟ عندما انفتح باب المنزل شعرت بالدم يتجمد في عروقها... باكي استقبلت سيدها بالنباح مثل المعتاد بينما هي تتمنى لو تنشق الارض تحتها لتبتلعها.
" مرحبا بونيتا" استنشقت رائحة الحريق و الدخان قبل ان تدير نحوه وجه تعس " هل كنت بصدد احراق البيت عزيزتي؟"
شعرت بوجنتيها تحترقان ايضا تحت نظراته المتفحصة و المتسلية، وضعت نفسها بينه و بين الطبق المفحم و قبل ان تفتح فمها بكلمة رأته يخرج من وراء ظهره باقة ورود حمراء رائعة شدت انفاسها، نسيت فورا احرجها و احباطها بينما تستقبلها رائحة رائعة من العذوبة و الطراوة،احتضنت الباقة بين ذراعيها و غرست أنفها و سط بتلاتها الناعمة لتبعد رائحة الحريق من انفها.
" ما مناسبة هذه الورود الرائعة؟"
" مناسبتين" صحح اليخاندرو و هو يدنو منها لتغرق في نظراته الرمادية الرائعة " الأولى بأنك حب حياتي"
ودفع اصابعه ليبعد خصلات هاربة من تسريحتها خلف أدنها:
" و الثانية أنك... تجلبين الحظ الطيب... حصلت على الموافقة لمشوعي الخيري في المكسيك... انا سعيد جدا"
شعرت بقليها يهوي بين ضلوعها بينما تتفجر وسامة وجهه و تشع عينيه و كأنها مصنوعة من ألف قطعة زجاج، متعتها تحولت إلى انفعال عندما تنفست عطره، حاولت التركيز أكثر على ما يجعل مزاجه رائعا:
" أي مشروع؟؟"
" دعيني أريكِ.."
رأته يتخلص من سترته و معها ربطة عنقه قبل أن يُشمر على ساعديه القويتين، بحتث عن مزهرية و ملئتها بالمياه ثم أفرغت كيس الحافظ للنباتات قبل أن تضع الباقة الرائعة فيها، اليخاندرو عاد بحاسوبه المهني، ووضعه على الطاولة الخشبية قبل أن ينقر على بضع مفاتيح و تظهرتطبيقات مبدئية هندسية و تكنولوجيه على تصميم بناء عملاق رائع، انحنت أكثر نحوه لتتعمق في التفاصيل للنمودج الثلاثي البعد، المهندس قام بعمل رائع، إبداع تصميمات المباني ذات الكفاءة العالية في الأداء ، من حيث التخطيط والإنشاء والإضاءة، هزت عينيها الى الرجل الوسيم الذي كان يبتسم مثل طفل أمام لعبة مفضلة:
" انه مبنى بخمس طوابق و على ثلاثين هكتار" شرح " في الطابق الأول سيكون مدرسة، الطابق الثاني و الثالث ميتم، الطابق الرابع مستشفى و الخامس ملجئ للنساء المتعرضات للتعنيف و الحوامل المتعرضات للاغتصاب..."أشار الى الأراضي الشاسعة المحيطة بالمبنى" هنا...مسبح، ملعب كرة القدم، فضاء كامل لمزاولة الرياضة للنساء و الى جانبها العديد من الفضاءات الترفيهية... كنت قد قدمت المشروع منذ أشهر، و اليوم فقط يحصل على الموافقة..."
" آه اليخاندرو..." كانت متأثرة لدرجة أنها لم تعرف بما تعلق على هذا الانجاز العظيم، برهان آخر بأن هذا الرجل القابع بجانبها بإبتسامته اللطيفة هو أعظم من أتى لهذا الكون، اضافت بصوت خافت يفضح إعجاب لا يمكن إنكاره" أنت كريم جدا... هذا المشروع سينقذ العديد من الأرواح..."
" هذا هو الهذف 'بونيتا'... انقاذ الأخرين و مساعدتهم على تجاوز محنتهم"
لم تعد قادرة على تحمل انفعالاتها أكثر، جلست فوق ركبتيه و أمسكت بوجهه بين يديها قبل أن تغرقه في قبلة حارة، العديد من المشاعر اشتبكت فيها، منذ اعترافه لها بحبه لم يبادلها سوى قبلات خفيفه، تشعر به يضع بعض المسافات بينهما و تعرف أن داركو هو السبب، ابتعدت عنه لتتطلع الى عينيه، لعقت شفتيها و تذكرت شيئا:
" عادة الحكومات تقفز على هذا النوع من المشاريع المجانية... مالذي عرقل مسيرته اذن؟؟"
تكشيرة شوهت الملامح الجميلة و السعيدة، حتى اللون الشفاف لعينيه فقد اشراقه، لماذا سؤالها يزعجه؟؟...
" سافانا..." تمتمت بينما ترى اسم المشروع." هل هي حبيبة مراهقة؟"
" لم تكن هناك حبيبة غيرك 'بونيتا'... لم أحب امرأة غيرك و لن أحب غيرك"
هذا التصريح يعجبها، بل يجعل روحها خفيفة حقا و ترى النجوم في وضح النهار، لكن ليست ملامحه التي تبدو فجأة كئيبة و حزينة، يحاول سترها بإبتسامة مفتقدة تماما لأي دفئ، رأته يغلق حاسوبه و يضعه جانبا، كانت ما تزال فوق ركبتيه، دفعت اصابعها في غرته الكثيفة و الناعمة مثل الحرير:
" من هي 'سافانا ' اذن؟"
" والدتي..." قال بصوت منخفظ.
لم يكلمها يوما عن طفولته، ما تعرفه يقتصر على دراسته في 'سياتيل' على مشواره الطويل جدا حتى صقلية، مع شلة مصاصي الدماء، تجهل تماما كل شيء عن حياته في المكسيك...ما تعرفه ان والديه متوفيين.
" ستكون فخورة في قبرها بهذا التكريم"
" تعتقدين؟"
رباه... يبدو فجأة مثل طفل ضائع، طفل يتمزق بشدة، دنت منه ووضعت شفاهها على صدغه، حيث شريان يخفق بشدة و كأنه سينفجر.
" أنا متأكدة..." وشوشت له برقة و التقطت يده لتقبل راحته" هذه الايادي الكريمة، ستنقد المئات من الأورواح و ستخلد اسمها في كل النفوس... ما أعرفه اليخاندرو... أن والدتك أحسنت تربيتك... من المحزن الا تعيش كفاية كي ترى أي رجل رائع اضحيت... و أنا... محظوظة جدا بك، ملكة بين النساء لأنك أحببتني أنا لا غيري..."
يجب الضرب مرارا على القلب ليتحطم و يدفع صاحبه للشجن، عيون اليخاندرو لامعة اكثر من المعتاد، تعرف بأن فقدان والدته آلمه أكثر مما يرغب اظهاره، قلبه محطم و كلماتها لامسته بشكل عميق كما يبدو، رأته يدفع أصابعه في خصلات شعره قبل أن يتوه فجأة في أفكاره، بقيت تتفحصه، كانت ملامحه كاملة الا من الجرح الغائر في حاجبه، رفعت أصابعها و لامست الجرح لكنه التقط يدها و كأنه لا يتحمل مطلقا ان تلمسه بالتحديد هناك.
" هناك الكثير من الأمور التي تجهلينها..."
قاطعته بهدوء:
" أريد معرفة كل شيء عنك..."
" ليس الأمر بهذه السهولة بيانكا..."
" تعرف كل شيء عن حياتي" كلامه جرحها رغما عنها" لا أستحق منك أن تخفي عني شيئا... لسيما الان... أنا حبيبتك"
" مالذي تريدين معرفته؟؟" سألها بعد صمت طويل و بصوت خال من اي دفئ قبل أن يجبرها بترك مكانها على ركبتيه" أن أبي قام بذبح أمي مثل الحيوان؟.. هذا هو سبب تأخر قبول مشروعي... ميندوزا هو اسم والدتي، مازالت الفضيحة عالقة به"
لا تعرف بيانكا في كل حياتها ان تلقت صدمة أكبر من هذه، فجأة لم تعد مسؤولة على جسدها الذي تجمد مكانه، عقلها أعاد الكلمات المريعة... لا يمكن أن يقصد حقا ماقاله، لابد أن هناك خطأ ما... لكن اليخاندرو لا يمكن ان يمزح في أمر مماثل, في أمر مريع مماثل، رأته يدور في مكانه مثل حيوان حبيس، تعود أصابعه للاقتصاص من شعره الذي أصبح في فوضى ... أعمت الدموع عينيها،هذا الرجل الرائع والمتضرر ، الذي اعتقدت ذات مرة أنه بطل رومانسي - قوي وسحب وغامض - كل هذه السمات في شخصيته لا تستثني أنه أيضًا هش ووحيد ومليء بالكراهية اتجاه والده... كم كان عمره عندما ارتكب أباه ما تعدّر اصلاحه؟.
" أنا آسفة... 'أموري' "
" انه الماضي"
قال يجاهذ التقليل من خطورة الموضوع، يجاهذ استعادة سيطرته على مشاعره، رأته يقلب ملامحه، يبتسم تلك الابتسامة التي تشبه ابتسامة المهرج الحزين و يحمل سترته و ربطة عنقه:
" سوف أخد دوشا سريعا بونيتا"
اعترضت بوهن:
" اليخاندرو..."
" الموضوع مغلق... لا أريد مطلقا التكلم بشأن ظروف وفاة أمي... رغبت بمعرفة الحقيقة أخبرتك، لأنني مدين لك بهذا... لكن أرجوك حبيبتي... اعفيني من التفاصيل... لازال الموضوع مؤلم جدا بالنسبة لي"







قام روكو بإحتساء الويسكي أثناء مشاهدة 'بريانا' على هاتفه الخلوي. انه يتصل من فينة لأخرى بكاميرات المراقبة التي تم زرعها في مشغلها دون علم منها، فعل ذلك في السابق لحمايتها، انها طريقته المباشرة للاطمئنان عليها، لرؤيتها.. كانت تبدو جميلة حتى من هذه المسافة، الأيادي الأنثوية تتسابق لفك عقد كتفيه المشدودة ، أبعد رأسه بينما تتخلل الأصابع الرقيقة خصلات شعره لتمسد صدغيه.
" لا تلمسي رأسي..."
" أنت مشدود مثل الوثر ..." علقت احداهن.
انه مشدود جدا نعم، ليس مدلكات ما يرغب بهن بل البقاء بجانب هذه المرأة وراء مكتبها، كانت تعمل بلا توقف، تستقبل الزبائن و تعود لعملها... لا يبدو أن فراقه يفرق معها بشيئ... عادت الى حياتها الطبيعية و كأنه لم يكن.
أغلق هاتفه و استرخى مجددا بين الايادي التي تخلق المعجزت جسده، هو من قطع خطوبتهما لماذا يندم عن قرار اتخذه و يضع عليها الملامة؟ بريانا لم تطلب منه شيئا و منذ البداية، هو الذي اقحم نفسه في حياتها... أراد الحصول عليها في سريره لكنه تفاجأ بأنها لا تشبه مطلقا من مررن في حياته، بريانا ذكية... لطيفة، عاطفية و لامعة... عكس ميولاته الاعتيادية، هو يكره النساء الذكيات، يفضل من تمنحه المتعة دون أن تتذاكى أو تناقشه في شيء... لكن اليونانية الجميلة تملك نفس ميولاته الرياضية، نكهاته السياسية، أطباقه المفضلة، حتى أشباحه اللعينة... كل شيء فيها يتوافق معه... لم يحتاج مطلقا الكلام لتفهمه، لتشربه مثل المياه.. ذلك اليوم في أحضان البحر المتوسط... شعر برغبة حقيقية في العيش الى الأبد معها، في ذلك المركب... ضائعين بين الأمواج الدافئة... لم يكن يغير شيء على الأرجح، هو ليس رجل طبيعي كي يأمل علاقة طبيعية، تلوى وجهه بالسخط و الازدراء، أخذ رشفة أخرى من شرابه بينما اقتربت فيوليتا او ربما هي فيونا، لا يتذكر اسماء من يدور به ، جلست في حضنه، لامست خطوط فكه قبل أن تنظر مباشرة في عينيه:
" من الصعب دفعك للاسترخاء أيها العرّاب..." ابتسمت له بإغراء" هل سنبقى في الصالون أكثر أم تفضل غرفة النوم؟ سيكون أسهل ان تجردت من ملابسك... اليس كذلك حنّة؟"
رفيقتها لم تنتظر أمرا كي تبدأ بتحرير ازارا قميصه، منذ مدة لم يترك امرأة تدلل حواسه، انهما رائعتين، بالمواصفات التي أرادها، لما لا يستطيع الاسترخاء بين أيديهن؟ بسبب نيوس ليونيداس؟؟ لا... هو لا يتردد بسحق من يقفون في طريقه، هو يؤمن بنفسه فوق القانون نفسه، انه أحد أقوى الرجال في العالم، توثره و قلقه الداخلي لا علاقة لهما باليوناني، و لا بكل أعماله... انه فحسب ساخط على الوضع برمته... يرغب ببعض السلام... يريد فحسب أن يكون سعيدا، رغم كل أمواله اللعينة يشعر بنفسه تعسا و وحيدا.
" مالذي يرضيك 'كارو'؟" وشوش له صوت مثقل بلإغراء.
" أريد كل شيء..."
ابتسمت له و دنت من شفاهه لكنه وضع اصبعه على فمها:
" لا قُبل..."
انه بين أيادي خبيره، و بالرغم من ذلك لا يستطيع الاسترخاء، عاد اهتمامه للهاتف مجددا، اللمسات الجريئة لا تؤثر به مطلقا، لا يستطيع الاسترخاء بحق الشيطان، عاد يتصل بكامرات المراقبة، بريانا أمام آلة القهوة، تبدو غارقة في أفكارها، فجأة التقطت فنجانها و لسبب ما سقط من بين ايديها لتهرق القهوة على الارضية الرخامية البيضاء، رآها تنحني لتجمع شظايا الفنجان بينما مساعدتها تدنو منها بمناديل ورقية... يبدو أن خطيبته السابقة أشد عصبية منه...انه يفتقدها، يريدها ايديها هي بدل هذه الايادي الغريبة.
" كفى..."
وضع يده على اليد التي تسللت لسحاب بنطلونه... رآى الملامح الجميلة تتشنج ببعض المفاجئة، لم تكن مهيئة لهذا الرفض، ولا هو لهذا الاشمئزا الذي يشعر به بينما آياد غريبة تعبث به، خططه للاسترخاء تذهب أذراج الريح:
" هل ترغب بأن نأخد حماما معا لتسترخي؟؟" اقترحت المرأة الأخرى التي لا يتذكر حتى اسمها.
" أريدكما أن ترحلا..." ترك يدها و أضاف بصوت جليدي "فورا..."
دون ان يعيرهما التفاثة أخيرة ترك الصوفا و دخل الى غرفة نومه قبل أن يغلق الباب ورائه، عاد يتفحص الصور المتلاحقة على شاشة هاتفه، لا يرغب بأي تعزية بين ذراعي غريبة، انه يفتقدها، و هي السبب حقا في سوء مزاجه.
جلس على سريره و بقي للحظات لا يعرف عددها يقلب الهاتف بين أصابعه، متمزقا بين الاتصال أو ترك الموضوع على حاله.
( أنت حقا غطاسة ماهرة...)
كان قد لاحظ ما ان عادا على سطح المركب مرة ثانية.
( لم ترى شيئا دون ايميليانو...)
لم يجاملها، بريانا كانت متألقة، و كأنها سمكة عادت للمحيط مرة ثانية، كانت سعيدة في مركبه، بمزاولة هواية قديمة، و ربما كانت أيضا سعيدة معه... علاقتهما كانت من الغموض ما لن يفهمه يوما، كانا قريبين و بعيدين في نفس الوقت...و بغض النظر عما لا يستطيع فهمه، بريانا الوحيدة التي شعر بنفسه شفافا أمامها... فهمته أكثر مما يفهم نفسه... و هذا هو سبب ابتعاده... لانه جبان و مغرور بكل بساطة... لأنه خائف.
في البداية، أخد الأمور كلعبة يحفظ قواعدها و موهوب بها، يحب أن يتسلى و مقاومة بريانا اسالت لعابه، كان يقدر أيضًا حقيقة أنها لم تستسلم على الفور لسحره... كان الأمر جديدًا بالنسبة للرجل الشهير والمطمع الذي هو عليه أن يأخذ الوقت الكافي لجذب امرأة قبل تدريبها على سريره. لأول مرة ، اكتشف إثارة الصيد. مثلت بريانا تحديا هائلا ، والذي رفعه بالتأكيد ، في النهاية استسلمت وخضعت لتقدماته. لكي يكون صادق مع نفسه... ، كان هذا أيضًا أحد الأسباب التي طلب منها ان تكون خطيبته بدلاً من مجرد الاتصال و لعب دور الحامي رغما عنها، أدرك بأنها بحاجة رجل بمكانته، مع الوقت أدرك بأن الادوار انقلبت فعلا، وهو من أصبح بحاجة لها، بريانا شخصية متزنة، ذكية، امرأة خارقة للعادة بحدسها الامعقول، مقاتلة، لا تستعمل مطلقا دموعها كسلاح كما تفعل النساء عادة، واجهته بمخاوفه، و شكوكه... كانت المرآة التي عكست شخصه الاخر... هذا هو السبب في فراره الجبان... أحيانا يجب الاختيار... و هو غير قادر على الاختيار.
( تعتقد نفسك لا تقاوم. أفهم تمامًا لماذا يعاني رجل مثلك من هذه المتلازمة - تعمل ثروتك كمغناطيس على العديد من النساء.و النتيجة ، تعتقد أن جميع النساء تحت تعويذتك. أنت لا تفهم أن المرأة تستطيع أن تنظر إليك دون الرغبة في النوم معك... سأخبرك شيئا دون ايميليانو... لدي تحيز ضد الرجال الأقوياء)
تذكر كلامها بينما ضاقت ذرعا بمحاولاته لأغوائها، لقد لعب بالنار... و احترقت اصابعه هو فقط، لكن هناك شيء أكيد... يريد بريانا بدون سوء نية.




أنت لن تعترف أنك تحبني
وهكذا كيف لي أن أعرف من أي وقت مضى؟
أنت دائما تقول لي
ربما ، ربما ، ربما
مليون مرة سألتك ،
ثم أطلب منك مرة أخرى
أنت تجيب فقط
ربما ، ربما ، ربما
صوت المغنية 'دوريس داي' الجشي يساعدها عادة على الاسترخاء، لكنها اليوم بعيدة تماما عن الشعور بالسكينة، القت فلور بقلمها الرصاصي و التقطت الورقة التي امضت وقتها برسمها، التصميم سخيف لا يشبه ابدا ما الفت، بينها و بين الابداع مسافة، مسافة مرعبة و مخيفة تهدد ما بنته لسنوات و كل هذا الفشل بسببه هو... داركو فالكوني.
كمشت باهتياج الورقة و رمتها بجانب زميلاتها على الأرض قبل ان تترك المكتب الذي وضعته في غرفة نومها، نظرت حولها تشعر بالغرابة قبل ان تأخد نفسا عميقا و تغمض عينيها محاولة السيطرة على النار التي تتآكلها منذ هذا الصباح اللعين... بحق السماء مالذي اوصلها لهذه الحالة المريبة من اليأس و الوحدة القاتلة؟ تشعر بأنها ستجن ان بقيت حبيسة افكارها السوداء.
انها مقيدة اليدين و الرجلين، و مقيدة التفكير أيضا... مسحت على وجهها و توجهت الى الشرفة قبل أن تفتح الأبواب الزجاجية على مصرعيها و تستقبلها موجة من الهواء المشبعة برائحة البحر المملحة و الزهور البرية و أيضا... رائحة السجن النثنة، كم تكره هذا القصر الشاسع... فكرت بكآبة بينما يستقبلها منظر الحديقة المشذبة بعناية، الطريق الذي اتبعته مؤخرا علاقتهما هي و داركو توقفت في بدايتها، تلاشى التفاهم الهش... يبدو أنها صدقت وهما و لاحقت سرابا، غموض زوجها لم يتزحزح قيد أنملة، مازال تلفه الأسرار،الثقة تتولد يوما بعد يوم، لكنها تُكسر بسرعة، مثل كأس نأتي على تركه متعمدا ليتحطم لألف قطعة، لم يفعل شيئا ليزيح قلقها أو يكسب ثقتها، كلماته الموحية تحوم بينهما لما يبدوا أبدي، لم تكن تفكر بأن تأخد حياتها هذا المسار الشائك و المعقد،كم كانت ساذجة بإعتقادها تغيير رجل مثل داركو... كم كانت ساذجة بالتعرية على قلبها، بالوقوع في حبه... ظنت بأن ما يقدمه لها حصري، لكنه يفعل الشيء نفسه مع فكتوريا.. لا يستطيع قلب صفحة دامت العشر سنوات.
اختفت البانوراما خلف سحابة الدموع، كم تشعر بالتعاسة... كم تشعر بالغضب و اليأس، تغرق في هاوية لا نهاية لها، انتبهت من خلال دموعها الى سيارته التي تتجاوز البوابة العملاقة، مسحت دموعها بسرعة و ابتعدت عن الشرفة كي لا يلمحها، مالذي أتى به الأن؟؟ الم يخبرها بأنه سيذهب الى روما؟
مدت رقبتها لتتجسس عليه دون ان يراها، راته يخرج من السيارة، فرانكو على أعقابه مثل المعتاد، لكن الأمير يبدو... مثل بركان ثائر... شعرت بقلبها ينفجر في صدرها... هل هذا الغضب موجه لها؟
رغما عنها شعرت بالخوف، لكنها تذكرت بأنه هو من يستحق غضبها و حنقها و ليس العكس... ابتعدت عن الشرفة، و عبرت الغرفة الشاسعة نحو الحمام، المرآة عكست وجهها الشاحب و عينيها المتورمتين، ترفض أن يراها بهذه الحالة... ان كانت هناك مواجهة فستكون بطريقتها هي... و ليس طريقته.
غسلت وجهها جيدا بالمياه الباردة و عدلت شعرها و هندامها قبل أن تعود الى الغرفة و تنتظر، كانت تردد الكلمات في عقلها، تحترق بالانتظار الذي طال، لكن الدقائق عدّت و داركو لم يظهر.
إذا كنت لا تستطيع أن تجعل عقلك يصل
لن نبدأ أبدًا
وأنا لا أريد أن تصل الرياح
أن تكون مفترق ، مكسور القلب
لذلك إذا كنت تحبني حقًا
قل نعم ، ولكن إذا كنت لا تحب ، اعترف
ورجاء لا تقل لي
ربما ، ربما ، ربما
الأغنية أعادت نفسها، لم تعد تستطيع تحمل صوت مغنيتها المفضلة، دنت من حاسوبها و اغلقته، في طريقها لفعل ذلك تسببت بسقوط حمالة الأقلام التي تناثرت على المكتب و الأرض، لكنها لم تعرها اهتماما، يجب أن تجد زوجها و تتكلم معه قبل أن تفقد رشدها في هذا المكان.
التقطت شتات أفكارها و غادرت غرفتها، القصر يغوص في صمته المعتاد، لابد ان الاميرة الأم مع صديقاتها الحيّات، تترثن في سيرة كل من هب و ذب في الجزيرة كما هي عادتها، علاقتهما تزداد برودا كل يوم، و تعرف بأنها تنتظر بصبر أن تحذث المعجزة و ينتهي زواجها من ابنها.
ذهبت مباشرة الى المكتب، لا يوجد مكان آخر قد تجد فيه داركو سوى غرفة أمجاده، رغم سمك الجذران، تستطيع سماع شجار عنيف، أبعدت يدها فورا على مقبض الباب، داركو لا يشبه والده في الوجه و الهيئة فقط بل حتى اصواتهما متشابهة، كلما تطلعت الى سيليو كلما رأت داركو في كبره.
" لما لم تعلمني برغبة الشركاء بيعهم الأسهم قبل أن تقوم بأي خطوة ، لما وقعت بإسمي ووضعتني في مأزق أمام العرّاب... و كأنك تتعمد بخلق المشاكل في علاقتي مع شركائي"
" سبق و شرحت لك بأنني لم أوقع شيئا بإسم زوجتك السابقة و لا ابنها... لا اعرف كيف احتال نيوس ليونيداس و من هو الوسيط الذي دفع ثمن أسمه للشركاء، لكن أوكد لك بني... كنت حذرا جدا، لن أقبل بأن يضع ذلك الرجل أنفه في أعمالك بينما أعرف بأنه أخد زوجتك"
" كان يجب أن تستشير أحد منا، قمت بإستغلال سلطتك الممنوحة أبي... نيوس ليونيداس يقف مثل الشوكة في حلق المشروع، فقط لو كانت المسألة متعلقة فحسب بي..."
" سوف نجد نقط ضعفه و نساومه كي يبيع أسهمه، بهذه الطريقة نتخلص منه... الا اذا كنت تريدني ان اهتم شخصيا به"
" ماذا ستفعل هيه؟؟ تشوه سمعته؟ تشكك في نزاهته؟؟ أبي... اي تصرف في غير محله سيكون نيوس مستعدا له، لم يظهر الأن صدفة فقد خطط لكل شيء مسبقا..."
عم الصمت، وضعت فلور يدها على صدرها.
" لم أكن موافقا على طريقتك بالانتقام منه..." سمعت صوت سيليو.
" لقد سرق زوجتي..." سمعت صوت داركو و كأنه قادم من الجحيم، شعرت بكلماته تمزق أحشائها... اذن فلم يتوقف يوما عن حبها ، ديامانتي ما تزال في قلبه " و ان كلفني الموضوع ثروثي سيليو، اقسم أن أدفعه ثمن جرأته... صداقة و شراكة العرّاب مهمة جدا، لن أتركه يتلاعب بي، لم يُخلق من يتلاعب بي... "
وضعت يدها على فمها و ابتعدت بهدوء عن الباب:
" انت متزوج الأن..." رن صوت سيليو في ادنيها" انسى أمر ديامانتي"
" لا تستطيع فهم الاذى الذي الحقته بي..."
استدارت و شهقت بينما ترتطم بالجسم الضخم لفرانكو، يديه اسرعتا لإلتقاطها قبل أن تقع.
" هل كنت ترغبين بشيء أيتها الأميرة؟"
دفعته عنه بعنف و قالت من بين أسنانها:
" نعم... أن تغرب عن وجهي"






حط اليخاندرو راحتيه على حائط الرخام و ترك مياه الرشاش تتساقط بغزارة على رأسه و كتفيه، كان بحاجة للتخلص من الذكريات السيئة التي عادت الى السطح، لكنه يرى نفسه طفلا مجددا، يتطلع الى المرأة التي يهيأ له في عقله بأنها طويلة للغاية، بمريولها الوردي تتنقل في المطبخ الصغير جدا بينما رائحة الفطائر اللذيذة تغمر أنفه، كانت تدمدم بأغنيتها المفضلة، تبدو سعيدة و في الوقت نفسه بعيدة التفكير، كان أشد قربا منها على توأمه، يفضل امضاء وقته بمراقبتها و اشباع عينيه بها، و كأنه يشعر بأن أجلها قريب و لن يراها مجددا.
" خد اليخاندرو" ناولته فطيرتين و انحنت عليه لتلامس شعره و تقبل وجنته " أعطي خافيير واحدة و لا تبتعدا كثيرا عن الكوخ، والدك لن يتأخر بالعودة و يغضب جدا عندما تكونا مغبرين و متسخين"
لكن والده كان صاحب مزاج سيء و عنيف بدون سبب، اليخاندرو يسمع كلام والدته و ينفذها حرفيا، عكس خافيير الذي يوسع ضربا كل من يلتقيه، و يقحمه دوما في مشاكله، كان دو الشخصية القوية، صاحب المخططات اللئيمة و الخبيثة، لم يكن يخشى أحد بمن فيهم غضب والدهما، كلما أسرف هذا الأخير في الشرب و عنّف والدتهما، كلما كان خافيير هنا لايقافه، لردع الضربات بجسده الصغير، كان والدهما يكرهه، يكرر دوما بأنه لعنة الهية و أنه يستحق الموت حرقا، عندما مرضت والدتهما أصبحت العبئ الثقيل، الرجل الذي يفترض به حمايتهما و حمايتها أصبح يستعمل غرفة نومها كي يجلب نساء أخريات لم يعد مكتفيا بلقائهن خارجا، في ذلك الوقت... ظن خافيير بأنه وجد الفكرة الرائعة لانقاد والدتهما من موت محتم، كانت مريضة، قلبها مرهق و بحاجة لعملية تكلف الكثير من الأموال، أخبره توأمه بأن أحدهم عرض عليه بيع أحد أعضائه مقابل ثمن عملية والدتهما.... لم يكن لهما الوقت لهذه المغامرة الخطرة... والدتهما لقت حتفها ...،لم يكونا في المنزل كي يمنعا مشاجرة أخرى بين والدهما الثمل ووالدتهما المريضة، انتهى الموضوع بمجزة.
أصبحا أشهر توأمين في المكسيك... توأمي الشؤوم.
كيف يمكن للناس أن تتجرد كليا من أي رحمة و تضع على عاتقيهما ما ارتكبه والدهما الذي تعفن لسنوات وراء القضبان؟ اليخاندرو هرب من المكسيك و أقسم الا يعود الا وهو رجل ثري، ذو نفوذ و سلطة، و ان يعيد الاعتبار للمرأة المسكينة التي لم تأخد حقها حتى بسجن قاتلها.
أحس بأنه لم يعد بمفرده في كابين الدوش، كان مشوش لدرجة لم يمنع الأيادي الصغيرة التي لفت خصره و التصقت بظهره، هناك العديد من الأشياء الحصرية التي يمكنه تقديمها لها، لكن ليس هذا... ليس الأن، لن يشعر بالراحة مادام داركو يجهل بعلاقتهما..
لكن قربها مثل البلسم الذي يحتاجه، لمساتها تمسد برقة جروحه الغائرة، قبول الحكومة بمشروعه الخيري بإسم أشهر ضحية العنف الزوجي في المكسيك هو انتصار حقيقي، ولد فيه احساسا بالسعادة و المرارة و الحزن، شعور بالانتصار على اسوأ الكوابيس التي تشابكت به طيلة سنوات طويلة.
تصلبت أكثر عضلاته بينما الجسد الأنثوي يلتصق به أكثر:
" لقد كنت أنانية اليخاندرو.. أمضيت وقتي بالتدمر و البكاء على أشياء سخيفة و لم أحاول فهمك و لا معرفتك أكثر"
" لا بونيتا... أنت أكثر من يعرفني..."
ابعد ذراعيها عن خصره و استدار نحوها، كانت بجمال يقطع الأنفاس، بشعرها المبلل و الذي يلتصق بكتفيها ووجهها، حط يده على خدها:
" عشت سنوات مع هذه القصة... و أظن بأنني، انتصرت بشكل أو بآخر..."
" كم كان عمرك عندما حذثت الفاجعة؟"
عمر لا يقبل الفواجع و لا المآسي... عمر كان يفترض به أن يكون مدهيا باللعب و المدرسة:
" تسع سنوات..."
الألم الذي شعره ارتسم تلقائيا في العينين القاتمتين التي تتطلعان اليه بقوة، لا يرغب بإبعاد عينيه على وجهها، لا يرغب بالتطلع الى الأسفل و يكتشف بأنها لا ترتدي شيئا، مثله تماما، لكنه لم يصنع من حجر، و بيانكا بهذا المظهر مغرية بشكل يجعل التقاط أنفاسه صعبا.
" اريدك أن تعاملني كإمرأة حقيقية و ليس ابنة صديقك..."
توقف قلبه عن الخفقان، يحاول اقناع نفسه بأنه أكثر قوة من الاستسلام لهذه الرغبة التي تحرق كيانه مثل النار، لكنه لم يكلم بعد داركو، اي تقارب بينهما مستحيل، بسببها يستيقظ في كثير من الأحيان في الليل في قبضة رغبة قوية للغاية..اعترض بصوت منخفض:
" بيانكا..."
أمسكت بوجهه بين يديها و تطلعت بعينيه بينما حمرة قانية تغمر وجهها في الوقت نفسه الذي اعترفت قائلة:
" اريد أن أكون امرأتك بكل ما تحمله الكلمة من معنى"
" انت امرأتي بكل ما تحمله الكلمة من معنى 'بونيتا'... لكن لا توجد هناك نار لنستعجل الأمور... سبق و أخبرتك بأن ولائي كبير جدا لوالدك"
رآها تزم شفاهها و تتشنج ملامحها الجميلة قبل أن تقول:
" نعم هناك نار اليخاندرو... أنا أرغب بك و لست بحاجة لوالدي كي أعيش معك بعض الحميمية... " ثم توقفت، وحملقت اليه ببعض الاستغراب قبل أن يشحب وجهها " أم أنني لا أثيرك؟؟ 'آيا ' كانت محقة، ما تشعره نحوي هو الشفقة"
مالذي اتى بــ'آيا' في الموضوع بحق الجحيم؟؟ التقطت المنشفة و لفتها حول نفسها قبل أن تخرج من كابين الدوش، فعل الشيء نفسه يشعر ببعض الراحة لستر نفسها، يمكنه أخيرا التكلم دون أن تتملكه رغبة بالتهامها، مهما كانت الرغبة التي يشعر بها نحوها، فلم يكن لديه أي نية للاستسلام لها ؛ ومع ذلك ، إذا استمرت في النظر إليه هكذا ، فسيحتاج إلى إرادة فظيعة للمقاومة:
" لم أشعر يوما نحوك بالشفقة..."
فركت شعرها بمنشفة بعصبية و اردفت بغضب:
" كل هذه القصة غريبة الا تظن؟؟ لست بحاجة لموافقة والدي كي تلمسني اليخاندرو... "
أمسكها من ذراعها وقربها اليه، كانت مستاءة للغاية، المزيج من الاحراج و الخجل جعلاها مرتبكة، تعرف بأنه يموت رغبة بها كما الحال معها، لكن هذا الصد مؤلم لأنوثتها، يذكرها بكلمات 'آيا'، تجولت بنظراتها على وجهه، على شفاهه الممتلئة التي انفرجت و كأنه على استعداد لقول شيء ما لم يتجاوز حلقه، خصلاته السميكة تتساقط على جبينه، ممتلئة بمياه الدوش، بلعت ريقها بصعوبة بينما الرغبة تشبه اللكمة الموجعة في معدتها.
" انسى موضوع أبي أتوسل اليك"
بالكاد اتممت كلماتها حتى انحنى اليخاندو على وجهها و التقط شفاهها في قبلة مختلفة تماما عما سبق و تبادلاه، الجاذبية التي تشعر بها نحوه قد أخذتها مفاجأة قبل بعض الوقت... ولكن رغم كل شيء، لماذا لا؟ كلاهما بالغين...رجل ... امرأة ... في هذه اللحظة هذا هو كل ما يهم حقا، هذه الرغبة العنيفة التي تدفع كل منهما نحو الأخر، بادلته قبلته بشغف متسائلة كيف استطاعت ان تكون غبية لمشاعرها نحوه، هذا الرجل هو كل حياتها، كيف استطاعت التطلع لرجل آخر بينما كان أمامها كل الوقت؟
" 'بونيتا'... هل أنت متأكدة؟" وشوش لها بينما يقطع قبلتهما التي جعلت رؤيتها ضبابية.
هزت راسها بالموافقة، لم تكن قادرة حتى على الكلام، باصابع مرتجفة أبعدت المنشفة عليها، لن تتراجع، لن يقف مطلقا داركو بينها و بين ما تشعر به لهذا الرجل.
دون تردد حملها بين ذراعيه و توجه بها نحو السرير، أحيانا، بعض الاسرار تستحق الاحتفاظ بها، و اليخاندرو أجمل أسرارها.





" اين اختفيت بحق الجحيم..؟"
هاجم داركو زوجته ما ان اقتحمت عتبة القصر، امضى ساعات بالبحث عنها لكنها اختفت دون ان تترك اثر خلفها، كاد ان يموت من الخوف عليها.
اقطب بينما يرى بشرتها الشاحبة و ملامحها المبعثرة، لكنها حطت عليه نظرات جليدية، نفس النظرات التي منحته ايها مرارا خلال مشاداتهما العنيفة في الماضي.
" تمشيت قليلا على الشاطئ... ما الأمر أيها الأمير؟ هل كنت بحاجة ماسة لي؟"
كانت غريبة، بعيدة و حذرة، لابد انها ما تزال مستاءة منذ محاذتثهما هذا الصباح، لقد عاد و بنيته تصليح الأمور، تراجع عن عنفه و حاول السيطرة على نفسه، هذا اليوم مشؤوم منذ بدايته.
" غيري ثيابك سنخرج للعشاء"
" انا متعبة..."
ردت ببرود و هي تتوجه نحو المصعد، كانت كتفيها متشنجتين مثل الوثر، بعد وقت من التوثر النفسي و مناقشة غير مجدية مع سيليو، يحتاج بشدة لحضن زوجته، لتفهمها، لا يريد أن تكون هناك مسافة بينهما، ليس الأن...
" انتظري..."
لكنها لم تتوقف، تجاهلته بينما يفتح المصعد ابوابه الذهبية.
" يجب ان نتكلم..."
دخلت الى الكابين وواجهته بنظرات عاصفة قبل ان تقول:
" فات الوقت"
عن اي وقت تتكلم بحق الجحيم، لا مزاج له بهذه المناورات النسائية ايضا، أخد السلالم بينما ساقيه تبتلع المسافة الفاصلة بينه و بين المصعد الذي توقف في اللحظة نفسها التي وصل بها، كان على استعداد لمواجهة العاصفة التي ستتبع... التقت نظراتهما لكنها لم تنطق بكلمة، خرجت من المصعد و قصدت جناحهما، تبع خطواتها، عموما لا يوجد مكان افضل من غرفتهما للكلام، رآها تتخلص من معطفها قبل ان تتوجه الى البراد و تخرج قنينة مياه تصب محتواها في كأس كريستالي.
" يجب ان نتكلم"
" أظنك قلت ما لديك هذا الصباح..." بلعت جرعة من المياه قبل أن تواجهه بنظرات عاصفة، كانت تغلي من الغضب، كانت تلهث و كأنها على وشك ضربه.
" ذكريني بما قلته 'كارا'... "
" لا يهمني تعاطفك مع عشيقتك السابقة، فعندما تزوجنا لم تمنحني اي ضمانات ولم تظهر اي نوع من العواطف نحوي سوى قلق رجل على سمعته، طالما همتك سمعتك حتى و ان كان على حساب الأخرين... لكنني لست في صقلية كي يضحك الناس في ظهري، لست اي امرأة داركو، أنا فلورانس ريتشي، فتاة الفضائح التي لم يتجرأ بعد من يمرغ انفها في الثراب... "
" فكتوريا لا تهمني..." قاطعته بصوت وحشي
" و ديامانتي ايضا ايها السافل لا تهمك.."
أفرغت محتوى كأسها على وجهه.فقهت فلور لفعلتها متأخرة، كانت تغلي من الغيرة و ترغب فحسب بالموت، جنون الغضب أفقدها عقلها، عندما استعادت أنفاسها ، لم تشعر بأدنى قدر من الرضا برؤية السائل البارد ينقع وجهه وشعره..لم يتحرك.. بقي واقفا مكانه يتطلع اليها.
كرهت رؤيته هادئًا بينما هي لم تستطع التحكم في تنفسها و لا نفسها! ومع ذلك ، عندما التقت نظراتهما ، أدركت أنه بعيد عن الهدوء.. فكيه مشدودة وعينينه براقة ، تنضح بالخطر.
" لقد كذبت علي" قالت بصوت مليئ بالكراهية " أخبرتني في الشاليه بأنك لا تحبها، بأنها لم تعني لك شيئا، و الأن تدخل في حرب ضارية مع زوجها بسبب قلبك المجروح..."
الحياة لا تمنحنا اي هدنة، و من المستحيل الرجوع الى الوراء، يجب مواجهة المخاوف و الشكوك، في الشاطئ ادركت بأنها لا شيء امام ما تشعره نحو داركو، عواطفها جبارة و خارجة عن سيطرتها، منذ البداية كانت على معرفة أكيدة بعواطفه نحو طليقته، ظنت بعدها بأنه ربما نسيها، ربما تملك فرصة أن يحبها تماما مثلما تحبه، لكن فكتوريا لم تكن يوما منافستها الحقيقية، بل الحسناء الشقراء التي أحبها بشدة قبل أن تتركه من أجل رجل آخر...
" سمعت حواركما انت و سيليو..."
ببطء ، مسح وجهه بيديه ، دون ان يرفع عينيه عنها، بدى مستعدا لوجعها و الانتقام منها بأسوأ الطرق:
" أعرف... و مثل المعتاد تنطلقين بأحكام متسرعة"
" لا تتعامل معي و كأنني مجنونة داركو..." قالت من بين اسنانها" تدين لي على الأقل بالحقيقة... توقف عن خداعي أكره من يشكك بذكائي... سمعتك جيدا تهدد بسرف ثروتك في سبيل تدمير من سرق زوجتك... لما تزوجتني ان كنت ما تزال مغرما بها؟؟"
"نيكولاي من جمع قدرينا فلورانس" تمتم بصوت جليدي وهو يدنو منها " ما يحذث في حياتي لا يهمك بشيء، ركزي فحسب عن الدور الذي تملكينه في هذا المكان، ان نسيتي بضع تفاصيل، أنصحك بإعادة قراءة العقد بيننا... "
لو لكمها في معدتها ما كان الألم ليكون أفضع و أسوأ.
" انت وحش من الانانية" صرخت به من خلال دموعها " تطلب مني الا أخفي عنك شيئا كي نعيش في شفافية و بالمقابل تقول بأن ما يحذث في حياتك لا يهمني بشيء... لكن على الأقل أعرف بأنه يجب على مراجعة تفاصيل العقود بيننا هيه... أنت محق تماما، نيكولاي من جمع قدرينا... لكن لا تظن بأن ذلك العقد سيستثني عزمي بالرحيل ان أردته يوما، لن اسمح لك بإهانتي أكثر..."
انسالت الدموع على وجنتيها،الثعبان الحقير، منذ البداية يتلاعب بها، أثقن لعبته الحقيرة و انغلق الفخ عليها، لا عواطف في كل ما قام به نحوها، هذفه كان نيكولاي و قد حصل عليه، و ينوي عيش حياته تماما كما كانت عليها قبل الزواج، كل تلك الاعترافات بالحلم بزواج مستقر لا تعني مطلقا الحب... بل تأمين حياة طبيعية لطفلهما، و بنفس الوقت انقاذ المظاهر.
" أكرهك داركو"
استمع لها بالكفر والسخط المتزايد قبل ان يستطرد ببرود:
" أنت لا تكرهينني... أنت غيورة و مستاءة و خائبة الأمل..."
اعترفت ناقمة:
" آه بلى... فقط لو كان بيدي تغير شيء لأختفيت من حياتك الى الأبد..."
" بما تهذين فلورانس..." ظهرت ابتسامة متهكمة في زاوية شفتيه" حتى و ان تغيرت الأقدار فلن تغيري شيئ لأنك مجنونة بي..."
التقط معصمها في الهواء قبل ان ترتطم يدها بفكه، ببطئ انزل يدها ولوى ذراعها خلف ظهرها قبل ان يلصق صدرها به و يتطلع الى عينيها:
" احيانا... تذهلينني بذكائك فلورانس، أراك أكثر جرأة و جسارة... أكثر قيمة ووزنا ممن مررن في حياتي... امرأة ممتلئة حيوية و ابعادها و اهذافها اكبر من العادي..." ثم نفخ على خصلة شعر متهدلة على جبينها " و احيانا... مثل اللحظة، اراك غبية و سخيفة... محدودة التفكير، لا ألعب معك لعبة... كنت صادق في كل كلمة قلتها، فكتوريا لا تهمني، و ديامانتي أحببتها في فترة نعم، أو بالاحرى فثنت بجمالها، لكنها لن تصل لما أشعره نحوك فلورانس... ما بيننا قوي ... لا تفسديه بغيرتك"
خفف من قبضته على معصمها قبل ان يفلثها تماما، راقبها تفرك بشرتها حيث بصمته حمراء عليها، عينينها الخضراوين ممتلئتين بالشك و الارتياب و بالعذاب:
" فكتوريا حاولت الانتحار قبل زفافنا بيومين، لذا أتعامل مع امرأة منكسرة و بمشاكل نفسية و أرفض أن تؤذي نفسها كي اتحمل وزرها ... أعرف بأن أصدقائي يرون طريقتي خاطئة لكنني غدرت بها بشكل أو بآخر و هجرتها بعد عشر سنوات علاقة... أريد ابعادها بأقل أضرار ممكنة... نيوس ليونيداس اقحم أنفه في مشاريعي، بسببه أجد نفسي في مأزق مع شركائي، عاد ليدفعني ثمن كبريائه المجروح لما فعلته به و بزوجته في الماضي، و لا أعتقد بأنك تنتظرين مني البقاء متفرجا بيما يقوم بتحطيمي مهنيا..."رآها تتراجع عن هجومها " هذه هي الحقيقة التي ادين لك بها... لا يوجد غيرها سوى في عقلك الصغير 'كارا'... و الأن اعذريني... أحتاج لكأس بعيد عنك"




لا يوجد شخص قادر على مساعدتها غير اليخاندرو، 'آيا' التي اتخدت كل الوقت الكافي لتقرر أخيرا الذهاب الى رئيسها لطرح مشكلتها مع صديقه الاسباني، تجد نفسها مترددة في آخر لحظة لتطرق الباب المغلق من الداخل، ضمت ذراعيها اليها ، لقد فكرت مرارا قبل أن تقودها رجليها الى هنا، منذ تهديدات خوسيه لا تعيش حياتها بهناء، و لا تنفك عن التفكير في الموضوع، و لا تملك طريقة للتخلص من المأزق و لا من قبضة رجل ذو نفوذ غير اليخاندرو، أخدت نفسا عميقا و طرقت مرتين على الباب، انتظرت لوقت لا تعرف عدده قبل ان يظهر الوسيم المكسيكي على عتبة الباب، كان بصدد اغلاق ازرار قميصه، شعره في فوضى و عينيه لامعتين اكثر من المعتاد... اللعنة... انه مع امرأة بلا ادنى شك:
" آيا'... يالها من مفاجئة..."
" ان كنت مشغول فسأمر لاحقا" قالت متلعثمة.
"'اه' كلا عزيزتي تستطيعين الدخول"
دخلت و سرحت بسرعة بعينيها في المنزل، التقطت حواسها رائحة نسائية تطير في المكان، شعرت بالغيرة تسحق صدرها، عادة اليخاندرو لا يستقبل نساءا في بيته، من هذه التي حصلت على امتياز مماثل؟.
" هل ترغبين بشرب شيء؟"
كان يمنحها ظهره، يتجول بين البراد و الدولاب، رغم جهوذه شعره الكثيف لم يـأخد تسريحته الاعتيادية،لم يكن يوما اشد اغراءا مما هو عليه اللحظة.
" مياه من فظلك"
" غازية؟ معدنية؟" سألها
" معدنية..." قالت 'آيا'" شكرا لك".
جلست على كراسي المطبخ العالية، عندما عاد اليها بقنينة مياه و كأس شعرت بالدماء تسرع الى خديها ما ان التقت عيناهما، منذ ايام لم تره، و كلما التقته كلما شعرت بنفس الاحساس اللذيذ بالاغواء، لو كان يعرف بشأن ما حصل بينهما هي و خوسيه لما استقبلها بهذه الابتسامة الدافئة.
" كيف كانت الامتحانات؟"
ابتسمت له وهي تحاول فتح القنينة دون جدوى، أمسك بها ليفتحها لها و يملأ كأسها:
" جيدة جدا.. أظنني سأحصل على شهادة بعلامة عالية..."
" سعيد بسماع ذلك..." ابتسم لها ابتسامة صادقة " مالذي تنوين فعله بعد ذلك؟؟ العودة الى بلادك أو العمل و العيش في ايطاليا؟"
سؤال جيد، هي نفسها لم تقرر بعد ما ستفعله بحياتها بعد انتهاء الدراسة، لكن ظهور خوسيه مارتينيز في حياتها يبعثرها تماما، و ان لم تضع حد لهذا الهوس الغريب فستجد نفسها مضطرة للعودة الى بلادها.
يبدو ان جليسها انتبه لتغير ملامحها:
" هل هناك مشكلة؟ هل تحتاجين للمال.؟"
" لا..." اعترضت بشدة و وضعت يدها على حلقها، دهشت لتجد أنها كانت تعاني من ضيق في التنفس ، كما لو كانت قادمة من الركض" طالما كنت كريم معي اليخاندرو..."
" اذن ما الأمر؟؟ أراك تعيسة..."
ما يحذث أن صديقك يريدني في سريره مستغلا نفوذه و نقوده، و انا مرتعبة منه، يجب أن تكلمه كي ينسى أمري و يتركني بسلام، بللت شفتيها متهيئة للفصح على ضائقتها عندما التقطت بصيرتها هيئة مألوفة تقتحم المكان، الأميرة التي حفر اليخاندرو اسمها على صدره متألقة و جميلة وسط كنزة صفراء و بنطال جنزي، شعرها الاسود الطويل ما يزال رطبا من الدوش...
" مرحبا 'آيا'.."
الابتسامة لم تصل الى عينيها، كانت نظراتها حادة مثل الزجاج، مثل لبؤة تخشى على صغارها، شعرت بنفسها فجأة صغيرة أمامهما و أحست بالاحراج لحقارتها السابقة مع الفتاة:
" مرحبا بيانكا"
هز اليخاندرو حاجبيه متسائلا:
" تعرفان بعضكما؟"
شعرت بالدم ينسحب كليا من شرايينها بينما الفاثنة السمراء تتقدم من اليخاندرو و تحيط كتفيه بحركة تملكية:
" التقينا في بيتك... هل من الممكن أن تقدم لي بعض المياه الغازية حبيبي...؟؟"
اذن فهما معا؟ وصل اليخاندرو لهذفه و استطاع الحصول على المرأة التي أحرقت قلبه؟ شعرت بالسخف لمجيئها،كيف لها ان تتوهم لحظة بأن هذا الرجل البعيد المنال قد ينظر اليها يوما؟ أخطأت بالمجيئ، عليها تدبر أمرها بشأن خوسيه، عندما اهتم اليخاندرو بطلب حبيبته تقدمت هذه الأخيرة منها و انحنت عليها لتقول بصوت منخفض كي لا يسمعها غيرها:
" انه لي... لا تهدري وقتك..."
بلعت 'آيا' ريقها بصعوبة، انها تدين بالإعتذار لهذه المرأة التي جرحتها، اعجابها الشديد بأليخاندرو دفعها لإرتكاب حماقات لا تغتفر، هي ليس شريرة، لكن الغيرة أعمتها و جرحت امرأة مريضة، كم تحتقر نفسها لما فعلته.
" لم آتي لأسلبك اياه"
" اذن ارحلي و لا تعودي مطلقا لحياته"
الغايات لا تبرر الوسائل، و هي تستحق هذا الغضب و الاشمئزاز منها، لقد تجاوزت حدودها معها في السابق بينما الفتاة كانت في قمة رقتها و حزنها آنذاك، لم تفكر سوى في نفسها، أنانيتها تثير الاشمئزاز حقا، أصبحت مهوسة فكرة الحصول عليه بأية طريقة، لحسن الحظ أنها سقطت بين ذراعي خوسيه و ليس اليخاندرو، كانت لتذل نفسها كما لم تفعل في كل حياتها.
" خذي 'كارا'..."
رأتها تبتسم له برقة أضائت وجهها و كأنه الشمس، بينما اليخاندرو يمنحها المياه و يقبل صدغها بنهم رجل عاشق حتى الاعماق، منظرهما مؤلم جدا لقلبها، تتمنى الاختفاء الى الابد و نسيان ظروف لقائهما يوما، لم تحب يوما رجل مثله و هاهي ترى احلامها تتلاشى و تتبخر الى الابد، ربما هذا هو العدل امام قسوتها و انانيتها مع الاميرة، لسيما و هي تعرف سلفا بمشاعر اليخاندرو نحوها، عاد بإهتمامه عليها، كان ينتظر منها أن تخبره سبب حضورها دون اتصال و لا اعلام:
" اتيت لأودعك" قالت بغصة تحاول جاهذة الابتسام و عدم ملاقاة نظرات الأميرة المتفحصة " سوف أعود دياري"
بدى التعاطف في نظراته صادقا، بيانكا محظوظة به و كم تحسدها على رجل مماثل، وقفت من مكانها، لا تملك موهبة الممثلين لكنها استطاعت ان تكون مقنعة، حوارهما كان قصيرا، بالتأكيد الأميرة لم تبتعد عن حضن حبيبها، و لم تبعد عينيها عليها، عندما سألها عن شقيقها أجابت مبتسمة، متصنعة الحماسة:
" انه بخير، يشفى بسرعة خيالية و لن يتأخر بالخروج للعب مع الأطفال بعمره... " ثم وقفت ووضعت حقيبتها على ظهرها" يجب أن أرحل... غدا سأسافر باكرا"
" اهتمي بنفسك...و ان احتجت لأي مساعدة"
قاطعته بإبتسامة مصطنعة، تعاني من شعور غريب بالفراغ:
" أعرف اليخاندرو فلا حدود لكرمك... " رافقها الاثنان الى الباب، القت نظرة حذرة نحو بيانكا التي كانت تحملق لها بنظرات جليدية و وجه خال من التعبير، ثم الى أصابعهما المتشابكة " اتمنى لكما السعادة..."
" شكرا لك عزيزتي... و حظا طيبا"
كلمات اليخاندرو بقيت تطن في أذنيها وهي تغادر عتبة بيته، الدموع أعمت عينيها بينما تهرول مسرعة و مبتعدة عن ممتلكاته، رائحة عطره في انفها قاسية و مؤلمة، تريد فحسب الهروب من هذا المكان لتبكي بحريه حبها و خسارتها و اذلالها و رعبها من رجل مثل خوسيه.





جوردان غراي لم يكن فحسب موهوبا بل عبقريا، و روبي تحب التواصل مع كل من يملك نارا مكان الدماء لتستفيذ من خبرتهم، اللقاء مع المنتج مرّ بسلام بالامس، هناك بضع تعقيدات طبيعية نعم، لكن خطط جوردان من أجلها تعد بالكثير من النجاح، يبدو أنه يرغب بأخد مكان مدير الأعمال بينما دوره لا صلة له بذلك، عليها التدرب على المقطوعات الشهيرة بإحترافية لنشرها عبر النت كي يتم التعريف الجمهور عليها،ستثبت بهذه الطريقة نفسها في الساحة الفنية، كما انها لديها موعد بعد يومين مع المايسترو البيراس الذي سقط في غرام ما آراه جوردان، أمامها الكثير من العمل و الجهذ و لا وقت لها بتضيع دقيقة بعيدا عن البيانو الذي وضعه سيزار في غرفة المعيشة فقط من أجل تدريباتها:
" أعرف بأنك مشغول جدا بالسيناريو..." علقت بينما يأخد الطريق السريع بسيارته السوداء الضخمة:" يكفي أن تجد لي الأشخاص الموثوق بهم..."
" هناك طن من الاقتراحات و طن من الاخطاء التي قد يتم ارتكابها و يتسبب لك بهدر وقت ثمين... كما أخبرك سوبرانو، أنت حجر كريم يجب فحسب مسحه ليلمع، لدي كل الوقت لعملي و البقاء بجانبك و مساعدتك في خطواتك الأولى... فعندما تنجحين و يلمع اسمك في عنان السماء أريد أن يكون اسمي مقترن بإسمك، هذا تشهير جيد لي"
هزت عينيها للسماء و ضحكت:
" أعرف بأنك تمزح... أنت لست بحاجتي للتشهير جوردان... يكفي أن اسمك مقترن بإسم ' الدكتور فلاي' في المسلسل الذي خلق ضجة في العالم بأسره..."
ابتسم لها، ابتسامة رجل مغواء يعرف تماما ما يفعله:
" الحقيقة أنني معجب بموهبتك ، بجمالك، بلكنتك الايطالية التي تذوب في مسامعي و كأنها السكر، أظن بأنني أخطط لأنسيكي حبيك الصقلي"
انفجرت روبي ضاحكة مرة ثانية:
" 'جوردان غراي'... سبق و أخبرتك بأن سيزار خط أحمر... انه حب حياتي"
اتسعت ابتسامته وهو يغمز لها:
" عزيزتي، اذا أخبرتك كم أحببت في حياتي فلن تصدقي... الحب وهم جميل نعيش حلاوته في فترات متفاوتة، لكنه ليس أبدي... ستنسين ذلك الايطالي ما ان تكتشفين بانني أنا رجل حياتك الحقيقي... "
صفرت طويلا قبل أن تعلق متهكمة:
" هل هذا كلام كاتب مرهف الحس؟؟ 'دكتور فلاي' بقي وفيا لزوجته الميتة بالرغم من معاشرته دزينة طبيات و ممرضات مستشفى دالاس'
ضحك جوردان بدوره:
" سعيد لأنك من متتبعي المسلسل... دكتور فلاي شخصية وهمية فلا تصدقي كل ما ترينه في التلفزيون، فالحياة بعيدة جدا عن الأفلام"
لم تعلق روبي، أدارت رأسها تنظر للمدينة المترامية الأطراف، انها تفتقد سيزار، غريب كيف يمكن للبعد أن يكون قاسيا جدا عليها بينما تأهبت نفسيا جيدا لكل هذا، تشعر بأن شوقها يضعفها في كل يوم، فقط لو يأتي لتستمد منه القوة التي تحتاجها، لكنه سبق و أخبرها بأنه مشغول جدا، مشروعه الجديد تعرّض لبعض الاضطرابات التي رفض الفصح عنها.
" مالذي ستفعلينه لبقية النهار؟" لم تستدر نحو جوردان.
ان كان الأمر عليها فهي ترغب بالبقاء في المنزل للتمرن طيلة النهار قبل أن تبدأ تسجيل المقطوعات التي اختارتها بعناية لنشرها على النت و الحصول على هوية فنية، لكن 'كاري' توسلت اليها مرافقتها لحفل مع صديقاتها.
" لدي موعد مع 'كاري'... ستعرفني على أصدقائها"
عند غياب رد جوردان أدارت وجهها نحوه:
" ما الأمر؟"
" كاري تملك دزينة أصدقاء لكنها لا تختار جيدا من تصاحب لدى احذري اين تضعين قدميك معها، لا أريدك أن تتأثري بعادات بعضهم السيئة".
هزت كتفيها:
" مثل ماذا؟"
" المخدرات عزيزتي... عمل عارضة الازياء مرهق للغاية و قاس جدا كي تحافظ على الجسد الذي يجلب لها الكثير من الأموال، لدى اغلبهم او ربما كلهم يتعاطون لمنشطات كي لا يغرقوا في الاكتئاب و يتحملون الروتين القاسي و المنافسة الشديدة التي تهدد مجدهم"
رمشت روبي غير مصدقة:
" تقصد أن 'كاري' تتعاطى المنشطات؟"
" انفصلنا لهذا السبب" جوابه تركها في اندهاش تام، لكنها سرعان ما استعادت رشدها بينما يد جوردان تتسلل الى يدها و تشد عليها " هل أصدمك عزيزتي؟"
" بالتأكيد... لسيما أن 'كاري' أخبرتني بأنك قطعت علاقتكما برسالة هاتفية، و بأنها تجهل السبب"
بانت مجددا أسنانه البيضاء بينما يبتسم:
" لا اختبئ وراء الرسائل لوضع حد لوضع مريب، لا تصدقي دوما ما تقوله 'كاري'... فقط كوني حذرة عزيزتي"





عندما نأخد طريق الشك، فالحقيقة تصبح صعبة التصديق، لاتعرف فلورانس كم بقيت في مكانها متخبطة بين الكلمات التي القاها داركو قبل أن يهجرها متأرجحة بين التصديق و عدم التصديق، معرفة أن فكتوريا حاولت وضع حد لحياتها أربكتها لم تظنها بهذا الضعف، هكذا حب لايليق سوى بالنفوس المريضة، و ان فهمت، فإن داركو لاينوي تركها حقا خائفا من أن تنفذ تهديدها و تنتحر، مالذي يعنيه ذلك؟ بأنها ستبقى لعنتها الى أن تقرر هذه الأخيرة و ضع حد لجنونها؟ و ماذا عنها؟ يجب ان تتقبل وجودها بحياة زوجها حتى و لم يكن بينهما شيء؟ أه كلا...لا يوجد ما يجب ان تشعر بالذنب لأجله، هي لم تسلبها حبيبها، هو من تركها منذ سنوات و انتهى اهتمامه بها، واذا كانت فكتوريا تلعب على الوثر الحساس لداركو فهي لن تبقى مكتوفة اليدين و تتفرج بكل بساطة.
لن تحترق بمناوراتها، فكتوريا مهووسة بداركو و ليس زواجه ما سيوقفها لتتركه بسلام، سلوكها سيزداد خطرا ان استسلمت لعنادها، و هي... ليست بالمرأة الضعيفة.
حبها لداركو ليس نزوة، لقد تركت مجدها و نجاحها و ضحت بكل شيء كي تكون معه في هذه الجزيرة التي لم تزرها الا قليلا في الماضي، انه الرجل الذي تحبه حقا، لن تترك امرأة ممتلئة بالغضب و الغيرة تحطم قلبها، ستنجو من سمها و تنقذ زواجها، رغم قوته يبقى داركو رجلا... و النساء، يستطعن الوصول الى اهذافهن مع اقوى و الرجال و اشدهم صلابة.
لكن فكتوريا لا تمثل التهديد الذي عليه ديامانتي، رغم زواجها الا انها ستبقى لعنتها ايضا... فقط لو تستطيع تصديق ادعاءات زوجها بشأن مشاعره للفاثنة الشقراء.
أخدت هاتفها و ادارت رقمها، لم تنتظر طويلا قبل أن تجيبها بصوت رقيق:
" ديامانتي آسفة جدا لازعاجك 'كارا'... كيف حالك و حال آريوس و سبيروس"
لم تخفي هذه الاخيرة حماستها:
" الكل بخير، آه فلور... أفتدكم كلكم..." ثم صمتت لتستطرد ببعض الحذر" كيف حالك مع الأمير؟؟ هل يعاملك جيدا؟"
" هو رائع معي نعم... ديل ماريا تحوم مثل الأفعى حولنا"
أغلقت بالمفتاح باب جناحها قبل أن تلتقط سجائرها من مخبئها المعتاد و تشعل واحدة:
" احذريها فلور... تلك المرأة مريضة بالأمير, في الماضي حاولت قتلي"
شعرت فلور بالدم يتجمد في عروقها... هل سمعت جيدا؟؟
" فعلت ماذا؟"
سمعت ديامانتي تتنهذ و تأخد نفسا عميقا قبل ان تقول:
" عندما اكتشفت حملي من نيوس عقدت معها اتفاقا بأن تساعدني بالفرار من قصر فالكوني مقابل ألا اظهر مجددا في حياة الأمير... لكنها خانت اتفاقنا، و عندما كنا على يخثها هجمت علي، لكنني لم اتركها تتغلب علي لدا طلبت من عامل لديها ان يرمني وسط البحر "
رباه، هل داركو على علم بهذه القصة؟ شعرت فجأة بالتعاطف مع ديامانتي، كم تعذبت هذه الأخيرة، داركو كان شيطان حقيقي و لم يكن رحيما بشأنها.
" لن تأخد مني زوجي... سيكون على جثتي"
آه نعم، هي من سيرمي بها في البحر ان لم تضع حدودا بينها و بين عائلتها، تعترف بأنها لم تتصور هذه الأخيرة بكل هذا الشر، أن ترمي بإمرأة حامل الى مصيرها في البحر شي مريع حقا.
" أنت مغرمة به اليس كذلك؟"
لا رغبة لها بالاجابة على سؤال مؤلم، اخدت أنفاسا عميقة قبل أن تقول و كأنها لم تسمع السؤال:
" ليس فحسب فكتوريا من يحوم حولنا بل زوجك أيضا... انه بصدد محاربة زوجي في أعماله..."
سمعت شهقة من الجهة الأخرى، تركتها تبتلع الخبر قبل أن تقول:
" الأمير لن يقف مكثوف اليدين و ستبدأ حرب ان لم نوقفها أنا و أنت الأن فستكون شرسة و دامية يخسر منها الإثنين الكثير"
عم الصمت، لولا انفاس الشقراء الجميلة لظنت ان الخط قطع، لقد رأت الأذى في عيني داركو بينما يتكلم عن اليوناني، و تعرف جيدا ضربات زوجها الموجعة، يؤلمها ان وراء هذا الصراع امرأة.
" لا أعرف ما يمكنني فعله فلور أنا مرتعبة"
قاطعتها فلور، غير مستعدة لأزمة قلق من ديامانتي، تعرف بأن شخصيتها ليست بالقوة التي يمكنها به مواجهة حازمة معجل مثل نيوس ليونيداس:
" كلمي سبيروس، له الكثير من التاثير على حفيده و انا سأكلم مارك أنطونيو فهو صديقه، و بإنتظار ذلك اعلميني بإستمرار ما يحذث من جهتك و أنا ايضا... يجب أن نوقف هذه المهزلة ديامانتي..."
لا يبدو أن ديامانتي توافق خططها، استعجلتها فلور:
" ما الأمر"
" لا يمكنني التدخل.. أنا... هيه ، اذا كلمت سبيروس فسيقوم بقتلي نيوس... ثم..."
هزت عينيها الى السماء:
" غيري من شخصيتك قليلا و لا تدعيه يسطر عليك لهذه الدرجة بحق الجحيم... ديامانتي انا لا أمزح... ستقوم القيامة قريبا"
قبل أن تغلق استوقفتها المرأة:
" لا تظني ان الأمير يملك أدنى ولاء لي كي يحارب بشراسة، انه يرد فحسب هجوم نيوس الذي اقسم به ذات مرة"
" داركو أحبك في الماضي ديامانتي..." قالت فلور بصوت تمنته هادئا" ما فعلته به أوجعه بشدة..."
" اذا كان قد أحبني حقا فلما لم يحط يوما علي نفس النظرات التي يحطها عليك؟؟" قالت ديامانتي برقة" أتابع أخباركما في الجرائد... أرى بأنه سعيد، لم أكن يوما حب حياته"
شعرت بالبؤس بينما تقطع المكالمة، يتخلل ديامانتي بالخجل و الاحراج للوضع و تحاول سل نفسها من الموضوع بترديد تفاهات مماثلة، لو لم تكن حب حياة الأمير لما فعل ما فعله لينتقم من هجرانها له... رباه... كم من الصعب العيش في ظل امرأة.




الليل أسدل ستارته منذ بعض الوقت، بريانا المنهكة اكتفت بوجبة خفيفة قبل أن تتكور على الكنبة في الصالون أمام شاشة التلفزيون التي تعرض فلما قديما، كانت جفونها ثقيلة، تماما مثل صدرها و قلبها، هذا اليوم عام بها تفكيرها طويلا، و اتت الى خلاصة واحدة، عليها الرحيل من صقلية...لم يعد هناك سبب في الاختباء بعد ان عثر عليها اليكسس و ديميتريس، التغيير سيفيدها و ستبدأ صفحة اخرى بعيدا عن العرّاب و كل الأحذاث الأخيرة المتعلقة به.
سبق و أخدت تذكرتها ل'كان ' اجازة نهاية الأسبوع للمدينة ستعطيها فكرة عما تريده، كما انها بحاجة لتغيير الجو و نسيان ضغط الأيام الأخيرة، فكرة اليكسس تعجبها، فرنسا مناسبة جدا لعملها، لسيما 'الريفيرا الفرنسية'، هذه المشاريع الجديدة حمستها و خففت من الألم الذي يسحقها لغياب روكو... تعترف بأنها تعلقت به أكثر مما تمنت.
عموما لم تكن لتسعد معه حتى و ان تغيرت الأوضاع و الظروف، انهما مختلفين بشدة، كما انها لا تحمل صفات المرأة التي يريدها العرّاب رفيقة دربه.
غيرت من وضعيتها بينما تحاول عدم لمس يدها المحترقة بالقهوة، فقدت تركيزها منذ بعض الوقت، و في العديد من الأشياء، لامست الشاش الأبيض بعقل ساهم بينما الصور بالابيض و الأسود تمر أمام عينيها دون أن تراها.
" (( كان يجب أن أشك بأن امرأة وراء المقود" انتفضت بريانا واستدارت بسرعة ناحية مصدر الصوت الذكوري القوي...تكاد لا تصدق من يتجرأ ويكلمها بهذه الفظاظة و الجفاء؟
" هل أنت سائق اللامبورغيني؟؟" سألته وهي تدفع بباب سيارتها وتقفز الى الأرض بملامح غاضبة " كان يجب أن يختبروك قبل أن يمنحوك رخصة القيادة ..."
" هذه طريق وأملاك خاصة يا آنسة اذا لم تكوني على دراية باللغة الايطالية مكتوب بالخط العريض ممنوع الدخول الى هنا.."
" أنا لست جاهلة يا سيد وقد رأيت تماما ما كتب على مدخل الأملاك وهذا لا يعطيك الحق بأن تقود بسرعة جنونية على طريق سيئة كهذه...على الأقل كان ليفكر مالكها الشحيح باصلاحها قليلا ليوفر على سيارة مثل سيارتك تضرر عجلاتها...))))
أغمضت بريانا عينيها بينما ذكرى أخرى تدخل خيالها:
" (((......"مالذي تفعله في مكتبي يا هذا؟؟" فجأة استعادت احساسها بالواقع و خرجت من المفاجأة، تذكرت سيارته و استطردت بسرعة" هل غيرت رأيك و ترغب بتعويض للاضرار التي الحقتها بسيارتك؟؟"
طلته تجمع كل ذكور هذه الجزيرة، و لا تعقيب عما تراه حاليا أمامها... فهو بالتأكيد كامل جدا و يعرف ذلك، تركت مكتبها و توجهت نحوه وقد فقهت لتوها أنه يعرف اسمها أيضا:
" أدعى 'روكو ايميليانو'... أتيت لأعرف ما دفعك للمجيء الى مكتبي هذا الصباح و منعك في النهاية من مقابلتي...و للاطمئنان على جرحك"
المفاجئة أخرستها، عادت نظراتها تقيمه مجددا و كأنها تراه للمرة الأولى، كان يجب ان تتكهن شخصه بينما تخرج الامبورغيني من العدم لتتسب في الكارثة، أخبرتها باولينا أن عدد الاشخاص المالكين لهذا النوع من السيارات في الجزيرة قليلوا العدد، لما اذن لم تقرن تلك السيارة اللعينة بهذا الرجل أمامها؟؟ هذا الرجل الذي يؤرق أحلام أعضاء المافيا و يجبرهم على احترامه و تفاديه.؟ ..فجأة شعرت بالإحراج و الخجل من موقف الصباح، كيف ستطلب مساعدته بعد الذي حصل بينهما؟؟ رباه... ياله من موقف مُحرج.
......)))" 'دون ايميليانو'... اعتذر على جهلي بشخصك هذا الصباح... "
عادت تفتح عينيها ترتطم نظراتها بالفراغ و بحياتها، لقد أثبتت لنفسها من الناحية المهنية بأنها قادرة و متمنة للنجاح دون الاعتماد على رجل، لكنها تعرضت للكثير من الاستفزازت من رجال يعتبرون المرأة هذف سهل، و يد العون الذي قدمه لها روكو هدأ من هجوم الأخرين عليها، كلام اليكسس عاد الى رأسها:
" ((..." لا تصنعي عذابك بنفسك 'كارا'... تتح لك الفرصة يوميا لتعيشي اسطورة الحب الكبيرة و تنسي ديميتريس و تقطعي صلتك بذلك الماضي التعس... زواجك الأول لم ينجح ليس لأنك فاشلة بل لأن ديميتريس سافل و مُتدني... اخلصي لنفسك قبل اي شخص آخر و سترين ان تتبخر ضغينتك كالسحر"
" اين اختفى رجل الأعمال العديم الرحمة و القاسي؟؟" عادت تضحك ببعض الارتباك.
" انه أمامك و لم تزده الأيام سوى قساوة و اصرارا في الأعمال، الشيء الوحيد الناعم و الحقيقي في حياتي هو شانيل و طفلاي... ايقنت أن الحياة لا تستحق العناء عندما واجهت زوجتي الموت و كدت أفقدها... تغيرت الأمور منذ ذلك العهد بريانا... امنحي نفسك فرصة العيش الكريم بلا ضغينة و لا مواجع... تعلمي الغفران لا يجلب الحقد سوى الألم"...)))
هل تصنع عذابها بنفسها حقا؟ منذ ما حذث مع ديميتريس لم تسمح لرجل أن يقترب منها، انغلقت في فقاعة الكره و الضغينة، شيء ما تحرك مع روكو، شيء جديد و مختلف، العرّاب صاحب كلمة و شرف، ربما ليس ملاكا الا انه رجل حقيقي دو مبادئ، و هذا ما جذبها اليه مع الوقت... ليس مخادعا و لا كاذبا مثل طليقها... لكن علاقتهما انتهت بنفس السرعة التي بدأت بها... و هذا... يوجعها أكثر مما تتمنى.
وضعت يديها على عينيها... رغبة مفاجئة بالبكاء تتملكها... انها تفتقده، لماذا اختفى من حياتها و تركها أمام الكثير من الأسئلة التي تحاتاج لأجوبة؟ ظنتهما متفاهمين... تشعر بالتعاسة من دونه.
جرس الباب مزق السكون المحيط بها، ارتفعت ضربات قلبها، لا يوجد في الكون من يدق على بابها سوى روكو، الترقب و الأمل غمراها مثل موجة عاتية، غادرت الكنبة و اندفعت الى المرآة لتتفقد مظهرها الذي عكس فحسب عينان تعستان ووجه شاحب، عاد الجرس بالدق، انه روكو... الوحيد الذي يرفض الانتظار، نظرت عبر العين السحرية و أحست بأن قدميها ترفضان حملها، ارتجفت أصابعها بينما تحاول فتح الباب.
" مساء الخير بريانا"
كان أمامها، بكل بهاء العرّاب الذي لا ينافسه فيه أحد على الجزيرة، الغصة في حلقها منعتها من الرد، لا تتذكر ان افتقدت لشخص في حياتها كما افتقدته، فسحت له المجال للدخول، اغلقت خلفه الباب متجولة بنظراتها المتعطشة على كتفيه العريضين، البدلة المفصلة على جسده الرياضي تبدو و كأنها ستتمزق فوقه، التقطت انفاسا عميقة لتستعيد رباطة جاشها و عندما استدار مجددا نحوها كانت قد وجدت السبيل لمواجهته بهدوء:
" هل ترغب بشرب شيء؟"
" لا... شكرا لك"
لكنها هي بحاجة ماسة لتبل ريقها الناشف، تركته في الصالون و ذهبت الى المطبخ لتسقي نفسها بعض المياه، كادت ان تختنق بينما تراه يدنو من طاولة الصالون و التقاط تذكرة الطائرة، نسيت بأن العرّاب فضولي جدا و حشري.
" سوف تسافرين؟" سمعته يسأل وهو يهز حاجبيه.
لماذا يبدو متفاجئا؟ ليست بحاجة لإذنه كي تأخد اجازتها:
" نعم... احتاج ليومين اجازة بعيدا عن صقلية"
شرحت و هي تعود الى الصالون، كأس مياه في يدها، التقت نظراتهما... اللعنة.... لا يبدو العرّاب سعيدا لهذا الخبر، كانت نظراته مشتعلة.
" كان بمقدورك اخباري لم تكوني بحاجة لأخد تذكرة طائرة عمومية... أملك طائرة خاصة"
شعرت بالغضب، الغضب من صمته المفاجئ، الغضب من العذاب الذي شعرته بسبب قطيعة لم تفهم حقا سببها، وضعت الكأس على الطاولة و كثفت ذراعيها فوق صدرها:
" أعرف بأنك ثري جدا دون ايميليانو... و اذا أتيت هنا في شخصية العرّاب التي لا أستلطفها تستطيع الرحيل فورا..."
اشتعلت نظراته أكثر، لكنه لم يجب بقي فحسب يتطلع اليها، لكنها لم تكن مستعدة للصمت، النار مشتعلة في صدرها و تحرقها بشدة، هي بحاجة لرميه بالكلمات التي تتآكلها:
" أظنك اتخذت قرارك... لا أعرف لما تأتي الليلة دون ايميليانو"
" توقفي عن هذا..."
" لا يعجبك أن اناديك بدون ايميليانو؟ اليس هذا ما انت عليه اللحظة؟ هذا ما قررت العودة للاختباء خلف شخصيته اللعينة؟ "
" لا تستطيعين الفهم"
انفجرت في الضحك بمرارة:
" اه بلى افهم... كنت مرعوب مما اكتشفته في نفسك، رجل طبيعي لديه نقط ضعف و مشاعر، قادر على الحب و التماسح و الابتسام، قادر على الشعور بالالم و العذاب... تعرّيت أمام نفسك و اكتشفت بأن رجل الجليد الذي أنشأه والدك هش أمام حقيقتك، و هذا أخافك...لذا فضلت العودة للعرّاب الذي لا يعرف معنى التسامح و لا التنازل و لا البكاء..." توقفت لتأخد انفاسها " انت تثير الشفقة... لا اريد ان تكون لي علاقة بالعرّاب... أريد روكو، الذي أمضيت معه ليلة تحت النجوم، الرجل الأدمي الذي استطعت الرؤية فيه بوضوح... الرجل الذي شعرت معه بالأمان لدرجة أفصحت له عن كل مخاوفي..."
لم تتحرك ملامحه، بقي يدرسها بتأن، بينما هي شدّت على أنفاسها التي صارت محرقة للغاية لرئتيها، لما رغبتها بالنحيب تزداد اصرارا؟ لوهلة ظنت بأنه سيغادر، لكنه لم يفعل شيئا سوى مراقبتها بلا تعبير...
" من الأفضل أن ترحل و لا تعود مطلقا... يبدو بأنني أخطأت بشأنك..."
" لا أحد تجرأ برمي خارجا بريانا" تهديده كان برادا، تسبب برعشة مرعبة في جسدها:
" هناك مرة اولى لكل شيء أيها العرّاب... " تمتمت بصوت جليدي وهي تتوجه الى الباب لتفتحه على مصرعيه " اما فيما يخص الرجل الذي تركني أقود مركبه و مشاركته الغطس يستطيع العودة متى أراد ذلك"
العرّاب القليل الكلام لم يجاذلها، اكتفى فحسب بإخلاء المكان فورا دون ان يلقي نظرة اخيرة نحوها، أغلقت الباب بالمفتاح و كأنها خائفة على سلامتها فجأة، الهجران ضربها مثل الصاعقة، دون ان تقدر أكثر على تحمل الضغط انفجرت باكية بصمت.




" انه والدك..."
صوت اليخاندرو جاء جافا أكثر مما تمنى، كما توقع بيانكا اصابها الهلع، لكنه امسك كتفيها ليأمرها بالهدوء:
" يجب أن أختبئ"
" هل جننت؟ عطرك في كل مكان، وداركو ليس غبيا... كما أنها ليست المرة الأولى التي يجدك فيها عندي بالبيت... تصرفي بطبيعية ان كنت تأملين بالا يكتشف شيئا "
هزت راسها موافقة، لكن شحوب وجهها لا يروقه، توقفت السيارة في الحديقة و فتح اليخاندرو الباب قبل أن يصل اليه داركو، هذا الأخير بدت ملامحه منذرة بالخطر بدرجة مرعبة، أخبره سيزار بأن الاجتماع المهم تحول الى كابوس..
" مساء الخير ايها الأمير..."
" اليخاندرو... آسف ان مررت بدون موعد، لكنك الطبيب النفسي للجميع... أحتاج للفضفضة..."
عندما دخل كانت بيانكا قد أخدت محفظتها و معطفها، استرخت ملامح الأمير ما ان رآى ابنته، اقتربت هذه الأخيرة لتطبع قبلة على وجنته :
" ظننتك عند والدتك"
" اتيت ايضا لبعض النصائح و الفضفضة... اتصلت بي فلورانس مرتين و ترغب برؤيتي لدا سأعود الى القصر..."
" فرانكو في السيارة سيقوم بإيصالك 'كارا'..."
كانت عصبية و متوثرة بشكل مسلي، تركها تقبل وجنته هو ايضا قبل ان تهرول نحو الباب.. رباه... انها أسوأ ممثلة على وجه الأرض، القى نظرة حذرة على وجه الأمير، هل لاحظ هو ايضا بأن ابنته ليست في حالتها الطبيعية؟
" أخبرني سيزار بأن العرّاب الغى الاجتماع..."
توجه داركو نحو البار و سقى لنفسه ويسكي مزدوج قبل أن يحط بثقله على الكنبة.
" و لم يخبرك السبب؟؟"
" لا... لقد طار الى أمريكا و لم يكن له الوقت في الدردشة"
راقبه يسترخي و يلقي برأسه الى الخلف، بدى حقا مرهقا، بشرته شاحبة قليلا...
" نيوس ليونيداس هو الشريك الجديد"
لقد توقع هذا، حدسه لم يخنه يوما، بعد كل الغموض الذي لف هذا الشريك الجديد كان تخمينه في محله اذن، سقى اليخاندرو لنفسه كأسا قبل ان يجلس في المقعد المقابل لضيفه:
" و مالذي تنوي فعله؟"
فتح الأمير عينيه و انزل رأسه لينظر اليه بجبين مقطب:
" لا تبدو متفاجئا..."
" داركو... بعد الفضيحة التي تسببت بها لديامانتي، و انتزاعك منه المناجم بطريقة غير شرعية لم تكن تنتظر اختفائه و استسلامه بهذه البساطة..."
وضع مرفقيه على ركبتيه، الكأس بين أصابعه الطويلة، بينما تغوص فيه نظراته القاتمة الشبيهة جدا بنظرات ابنته:
" طريقة غير شرعية؟؟ تلك المناجم لعائلتي... هل جدّه أخدها منا بطريقة شرعية؟؟؟ لقد احتال للحصول عليها و انا استعدتها بنفس الطريقة"
نعم يعرف هذه القصة، صرامة داركو في محاسبة الناس ليست بالهينة، لكن ما ينساه أن العنف لا يولد سوى العنف، نيوس يملك جردة عن كل اخطاء غريمه و حان الوقت ليسترد حقه:
" مالذي تنوي فعله اذن؟"
" المشروع لا يقتصر علي فقط، انه حلم العرّاب الذي لم يخفي امتعاضه و لا سخطه للموضوع، ابحث عن طريقة لإسترجاع تلك الأسهم قبل أن أفقد مصداقيتي أمام باقي الشركاء و تتضرر سمعتي، و أنت تعرف بأن السمعة تحتاج للقليل جدا كي تنهار... ليونيداس قنبلة موقوتة، رأيت الكراهية و الحقد في عينيه، لم تأتي به النقود و لا الارباح، انه وسطنا ليقف عائقا أمام تقدم المشروع"
هز اليخاندرو كتفيه:
" عموما، لا قرار دون موافقة الرئيس الذي هو روكو... أظن بأنك تضخم الأمور أيها الأمير، راقب فحسب تحركاته بحذر، لن يستطيع الوقوف في وجهك و لا وجه سيزار و لسيما العرّاب... لا يخفى عنك ما هو قادر على فعله عندما يفقد صبره"
" هذا هو المشكل... لا اريده ان ينفجر في وجهي انا خاصة" علق داركو بقلق" أفكر ببيع اسهمي له و الانسحاب من المشروع، هذا سيجعل نيوس مجبرا على فعل الشيء نفسه"
" لا تستطيع الانسحاب" اعترض اليخاندرو " هذا المشروع هو حلم و تخطيط طويل... "
" أرفض المغامرة بصداقة و ثقة العرّاب" اعترف داركو " كما انني لا أضمن وجود ليونيداس... في اي خطأ ستتوجه أصابع الاتهام لي وحدي... لا يمكنني العمل و لا التركيز في وضع مماثل... لقد اتخذت قراري، سأبيع اسهمي لروكو... و بعدها، سأدمر السافل ليونيداس... صدقني خلال هذا النهار عرفت عن صفقاته الكثير، سأعيد له صفعته"
" هذا يكفي" استوقفه و وضع كأسه على الطاولة وهو ينظر مباشرة الى عينيه " قبل ان تنظر لأخطائه واجه نفسك قليلا ايها الأمير... لقد كنت سافل و ظالم... ضع نفسك مكانه، مالذي كنت لتفعله لو باعك أحدهم نيكولاي"
" لقد سرق زوجتي" تمتم داركو من بين اسنانه
"هراء... زوجتك تركتك حتى قبل أن تعرف ليونيداس فلا تستمر بخداع نفسك... لم يكن هناك أمل و لا اي شيء بينكما منذ البداية لا تضع الملامة على ذلك الرجل فتكون منافقا.. الا ترى بأنها لا تستحق العناء؟ من الأفضل لكما التشابك بالايادي و ضرب احدكما الأخر الى أن يفرغ كل منكما غضبه بدل اللعب بالاعمال بهذه الطريقة المريبة، ستحول الشكوك من حولكما، كلاكما يغامر بمكانته اللعينة"
لم يجب داركو، كان غاضبا، ساخطا، و اليخاندرو يعرف هذه النظرات جيدا، يخطط لخطة جهنمية.
" ارجوك ايها الأمير... انسى امره، ستدخل لشبهات لا علاقة لك بها، الصحافة تنتظر اقل اشاعة لتنفجر في وجهيكما مثل الديناميت... دعني اتكفل بأمر ليونيداس..."
" لا احتاج محاميا..." تهكم داركو .
" لا لست بحاجة لمحامي، كما انني أعرف بأنك تستطيع الاساءة الى كل من يعترض طريقك و سحقه مثل الحشرة، تذكر ان القيد لا يحمي مصالحك بل يدمرها، بينكما اشهر من المرارة و الغضب المتفجر، أنا املك طرق مسالمة لوضع هدنة بينكما... ففي النهاية انتما ستصبحان اقارب بشكل او بآخر..."
" اقارب؟؟" ردد داركو و كأنه سمع نكتة سخيفة.
" روبي و ديامانتي توأمتين..."
ابتسامة داركو تلاشت ببطئ قبل يكفهر وجهه:
" بما تهذي؟؟"
" لم يخبرك سيزار لأانه يعرف بحساسيتك اتجاه ديامانتي" قال اليخاندرو " زوجتك السابقة حفيدة سيفيرانو... حفيدة المرأة التي انطلقت الحرب من أجلها في الماضي و أفقدت عائلتك مناجمها بسردينيا... و بما أن سيزار مغرم بروبي و ينوي في يوم ما الزواج بها، فأقداركما و ليونيداس متشابكة بشكل أو بآخر... أنت السباق باعلان الحرب و ارتكاب الخطيئة، لذا قم بتهدئتها قبل أن تشتعل في كليكما"




استيقظت بريانا على جرس الباب، هل لهذه الليلة نهاية؟ هل عاد روكو مجددا ليقول ما لم يفصح عنه قبل ان تطرده؟ مازال وجهها متورما، منذ زمن لم تبكي و هاهو العرّاب ينجح بكسر حصنها و يكتسح كل مقاومة في طريقه، كي يتركها هشة و ضعيفه، ضحية شجنه و حزنها، ما ان رحل حتى اكتسحها الندم لقسوتها، لكنه بحاجة لصدمة كي يستيقظ من عناده اللعين، وضعت روبها على قميص النوم و غادرت غرفة نومها قبل أن تنير الصالون و تفتح الباب دون ان تلقي نظرة في العين السحرية، تعرف بأنه هو... لا أحد يأتي لزيارتها.
لم يخب ظنها، الرجل امامها من زارها في بداية السهرة، لكنه لم يكن في بدلته الرمادية، كان يرتدي جينز ازرق و بولو رمادي، التقت نظراتهما، لم يكن هناك اي هجوم في عينيه القاتمتين، بل نوع من الضيق الذي لامسها رغما عنها، نظراته عميقة... حسية.
" بدلة العرّاب أصبحت ضيقة فجأة..."
"أنا أفهم " همست ببطء بهدوء و أعطته نظرة متعاطفة، قبل أن تشعر بالدموع تسرع الى عينيها، مدت ذراعيها نحوه و أمسكت بياقة كنزته كي تجلبه اليها و تحط شفاهها على شفاهه، تشعر أنها فوهة جاهزة للانفجار، قبلتهما السابقة لا تشبه في شيء هذا الاتحاد البركاني.
بيد قوية ، تمسكت اصابعه برقبتها، كانت مرتعبة و مسرورة من مشاعرها الحارة و الملتهبة، مشاعر احتفظت بها طويلا في خزانة مغلقة بزاوية مظلمة من ماضيها التعس، شعرت بيده الثانية تنزل على ظهرها تتذوق هذه الطاقة لبضع لحظات بدت لها غير منتهية... روكو يعرف جيدا كيف يقبل امرأة، يعرف كيف يشعل رغباتها.
إلهي...
تتذوق حلاوة شفتيه بشكل أعمق... اتصاله مثير للغاية لدرجة أنها في ثانية واحدة ، شعرت بأن هذا الإثارة ستستهلكها، وضعت ذراعيها حول رقبته و تقدمت نحوه أكثر للضغط على جسده القوي... قبضتيه على خصرها حازمة، لن تكون قادرًه على الفرار حتى و ان ارادت...لم تشهد مثل هذا النعيم من قبل... كانت ترتجف بكل كيانها ، ولم تستطع أن تجد أنفاسها... بدى لها و كأنها تطفو في عالم موازٍ ، ولن تتمكن أبدًا من العودة إلى الواقع... بإبتعادها عن عتبة الباب، سمعت ضجة قوية خلفها أعادتها الى ارض الواقع... احتاجت لبضع لحظات كي تفهم بأنها خارج شقتها بباب مغلق و لا تملك المفتاح:
" سحقا..."
أمسكت أصابع روكو بوجهها و ابتسم لها تلك الابتسامة المدمرة التي يعرف هو فقط سرها:
" جيد جدا... سأقوم بإختطافك"
نعم... تريده ان يقوم بإختطافها، ابتسمت له بدورها بينما يمسك بيدها و ينزلها الدرج المؤدي الى الباب الخارجي، كان الليل شديدا، و بلا قمر أو نجوم، و الشارع فارغ، سيارته متوقفة تماما بجانب سيارتها، كانت حافيه القدمين لدا انحنى ليحملها بين ذراعيه و يتوجه الى سيارته، جلد المقاعد الفاخرة ناعم و بارد، بينما روكو يأخد مكانه خلف عجلة القيادة لم تسأله أين يأخدها... لا تريد أن تعرف بينما الاجابة واضحة في صدرها... انها مغرمة به.




تقلبت فلور في مكانها لمرة لم تعد تعرف عددها، السرير يبدو لها فارغا من دون داركو، القت نظرة على الساعة الجانبية و اكتشفت بأنها تخطت منتصف الليل، حتى انه لم يكن خلال وجبة العشاء التي رافقها صمت جليدي، مثل المعتاد، لا تتوانى الأميرة الأم بإظهار أنه غير مرحب بها في بيتها، لحسن الحظ أن بيانكا جاءت لتمنحها بعض الرفقة، و النصيحة...
عقلها اليقظ لكل الذكريات أصبح حقا متعبا، مرهقا... الشك سم قاتل، وهو بصدد تسميمها ببطء، لن تنعم بالسلام قبل أن تتخذ علاقتها بزوجها الطريق الصحيح... مصيبتها هي نقطة ضعفها اتجاهه، فقط لو لم تكن مغرمة به لما أهلكتها الشكوك و استهلكتها... كانت حياتها لتكون أسهل عما هي عليه الان...
انفتح باب الجناح فإدعت النوم و اغلقت عينيها، لم يشعل الأضواء، سمعت خطواته تتوجه الى السرير، تقف للحظات ثم تأخد الاتجاه المعاكس نحو الحمام.
فتحت عينيها بينما رشاش الدوش يصل الى مسامعها، هل كان في المستشفى؟ عند فكتوريا يطمئن على حالتها؟ هل وعدها بالحب ان استعادت عافيتها بسرعة؟ تنهذت و تقلبت مجددا في مكانها قبل أن تبعد الغطاء عن جسدها الذي اصبح رطبا بسبب عصبيتها... مطلقا لم تفقه نفسها قادرة على كل هذا الحب و كل هذه الغيرة لرجل، لم تكن يوما ميالة للعذرية في الأشياء، هي نفسها كانت لديها علاقاتها قبل الزواج، و لم تنتظر أن يكون زوجها بلا ماض... لكنها تحترق ببطئ كلما تخيلت نساء آخريات معه.
عادت تغلق عينيها بينما ينفتح باب الحمام، استقبلتها رائحة صابون داركو، و كأنه مصنوع من هرموناته و رائحة جسده المميزة و التي توقظ كل غرائزها، كانت كلها في حالة فوضى... هذا الحب ليس سليما بل حالة مرضية.
اهتز السرير بالقرب منها، استقبلت حرارة جسده بإنتعاش و نشوة غريبين، تشنجت بينما تنزلق اصابعه على ذراعها ثم تلامس وجنتيها:
" أعرف بأنك مستيقظة"
فتحت عينيها، الضوء الخافث لسقف الغرفة المقعر بالكاد ينير ملامح وجهه الجميلة:
" اين تأخرت؟"
" شربت كأسين مع اليخاندرو..." داعب بإبهامه شفتها السفلى و دنى منها ليضع وجهه على وسادتها، لا تفصلهما سوى ملمترات قليلة " لا أريد أن نتشاجر مجددا..."
أغمضت عينيها بينما يحط شفاهها على جبينها، خدها، الخط الدقيق لفكها، رائحته اثملتها و سلبتها كل مقاومة..
" أفتقد الجزيرة..." همس لها برقة " كنت سعيدا معك هناك..."
" فلنمضي لبضع أيام..."
" لا أستطيع حبيبتي" رأت ابتسامته الصغيرة " انا غارق في العمل... ثم هناك مشاريع أخرى تخصنا معا... "
الكلمات تحمل وعودا كبيرة بمستقبل جميل، تركت نفسها تنقاد مثل المعتاد، رائحة الكحول قوية، لقد اسرف في الشرب هي تعرف، قد لا يتذكر كل ما يقوله لها غدا:
" هل تحبني؟" وشوشت أمام شفاهه.
" أنا مجنون بك..."
كانت جفونه ثقيلة لدرجة انه سيغفو في كل لحظة، دفعت أصابعها في شعره الرطب و اعترفت:
" أنا أيضا مجنونة بك..."
ابتسم لها، هذه المرة لم يعد بإستطاعته مقاومة تعبه فأغمض عينيه، دنت منه و احتضنت رأسه على صدرها، ضمته اليها و كأنها خائفة على فقدانه، من الناذر جدا رؤيته فاقد السيطرة، لكنها على الأقل تحظى بهذه الحميمة التي لا تخص غيرها... هذا الرجل هو كل حياتها، و لا تنوي تركه يوما.
فجأة شعرت بإنفعالات غريبة تكتسحها مثل الاعصار، و الدمعة الأولى لم تكن كافية لإطفاء الحرائق في صدرها، تبعتها أنهار أخرى من الدموع خلقت خنادق غير مرئية على وجنتيها... بكت كما لم تبكي في كل حياتها.












التعديل الأخير تم بواسطة أميرة الحب ; 15-08-19 الساعة 08:00 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-19, 07:20 PM   #2592

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-19, 07:20 PM   #2593

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-19, 07:20 PM   #2594

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-19, 07:21 PM   #2595

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-19, 07:21 PM   #2596

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-19, 07:21 PM   #2597

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-19, 07:22 PM   #2598

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-19, 07:22 PM   #2599

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-19, 07:22 PM   #2600

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:05 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.