29-07-19, 09:46 PM
| #1161 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة  
|  مساء الورد اعزائي 🌷🌸 سأقوم بتنزيل الفصل حالا وبتمنى تستمروا بالمتابعة والتفاعل مع الاحداث القادمة الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 5 والزوار 2) دنيازادة, قرص الجبنه, noura 203, ahmedman2010, shmo3 | |||||||
|  |
|
29-07-19, 10:01 PM
| #1162 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| الفصل العشرون ساعات من التوتر خيم فيها الحزن على كل الموجودين في البهو بانتظار خروج احد أفراد الطاقم الطبي من غرفة العمليات.. تيتيان والشريف طلال جلسا متجاوران ويداهما مترابطان كمن يدعمان بعضهما ليتماسكا في هذه اللحظات العصيبة.. يعرب اتكأ على الجدار بوجه جامدا وبجانبه وقفت هدى تراقب بأسى شهاب الذي ما كاد ينعم بالقرب من زويا التي وحدها فقط استطاعت اقتحام حصونه والتغلغل إلى أعماقه لتتربع على عرش قلبه دون منازع. لكنه كلما ظن انه وجد الراحة والهناء تفاجئ بالصواعق والفجائع.. كان شهاب أول من شاهد خروج الطبيب الذي بادرهم:- أجرينا ولادة مبكرة لإنقاذ حياة الجنين.. والحمدلله نجا من الحادث بأعجوبة ربانية. بأنفاس متسارعة هادرة صرخ شهاب هائجا والألم يحفر ملامح وجهه:- ما يهم إنقاذ حياة. صمت الطبيب ثم أوضح بحقيقة:- نحن نبذل مجهودا كبيرا ألا ان حالتها حرجة جدا وتتدهور بخطورة. شعور العجز وعدم القدرة على فعل أي شيء جعل النيران تحترق في صدر شهاب، شحنة سلبية من الغضب تملكه وسيطر عليه بقوة، كان على حافة الجنون الهستيري المدمر وليفرغ سخطه قذف جهاز الهاتف أرضا فتهشم بشكل بشع، ودار على الجدران يضربها بقبضة يديه صارخا مهددا بأن تطال يداه كل حثالة المتآمرين الأوغاد متوعدا بالانتقام منهم.. ******************** في غرفة الإنعاش ذات الجدران البيضاء وعت زويا بعد منتصف الليل، حركت جفناها الذابلتان بوهن من أثر عقاقير المهدئات التي أعطوها لها الأطباء لتسكين أوجاع عذابها، تمتمت :- ابني. أنحنى شهاب فوقها يطمئنها:- في الحاضنة. - ولد ؟ - نعم . فتحت عيناها الذاويتان ومن بين رموشها رأت بنظرها الشحيح شهاب، همست له:- لو كان الأمر لي لتمنيت البقاء معكما. أمسك يدها قائلا بصوت مهدئ:- ستصبحين على ما يرام.. - لا.. اقتربتُ من نهاية البداية.. لا تعتقد أني خائفة.. أنا متصالحة مع الموت وكل ما سأفعله أني سأنتقل إلى حياة الأبدية. مال ناحيتها أكثر وبكفه مسح جبينها برفق، ابتلع الغصة المتحشرجة في حلقه قائلا:- مناضلة شجاعة مثلك لن تسلم وتستسلم. عيناها اللتان كانتا تشعان ببريق الشقاوة والمشاكسة أصبحتا كمدتان، كنجمتين منطفئتين.. حالتها ازدادت من سيء لأسوء، قالت بوجعها المتضخم:- روحي تتوق للانطلاق إلى فضاءات الحرية.. والآن فقط أشعر أني سأتحرر.. كافحت موجة ألم داهمتها، ترجاها شهاب:- لا تجهدي نفسك. اجتاحه إحساس بالذنب معتبر أنه اقترف خطأ فادحا عندما سمح لعواطفه القلبية ان تتحكم به، كان عليه لجم مشاعره لتبقى زويا في أمان بعيدا عن حياته الحافلة بالأخطار.. رغم كل ما تكابده زويا حدسها القوي أنبئها بما يدور في تفكير شهاب.. قالت فجأة:- ما كان شيئا سيغير ما كتبه الله لنا.. أجمل أيام عمري عشتها قربك، لولاك لما اكتشفت مباهج الحياة. ثقل لسانها لكنها تابعت:- لا تحزن كثيرا.. أنا لن أترككم حتى وأن افترقت عنكم.. فقط عدني ان تنفذ ما في وصيتي. شهقت كمن تلفظ أخر أنفاسها مودعه:- سأرحل لكن قلبي لن يرحل معي.. سيبقى في هذه الحياة نابضا بحبك. افترت شفتاها عن ابتسامه خفيفة.. أغمضت عيناها ثم همدت رئتيها وأطرافها دون حركة.. لوهلة بدت نائمة بسلام ووجهها يشع بالنور والنقاء والضياء.. أصوات الأجهزة الطبية تعالت بصفير إنذار متواصل.. ضغط شهاب بشدة على كبسة زر بجانب السرير يستدعي الكادر الطبي فقدموا على جناح السرعة وبدؤوا بعملية الإنعاش، لكن جسد زويا المنهك لم يستجيب ليستشري فيها الموت. أعلن الأطباء بعد عدة محاولات فاشلة:- دخلت في غيبوبة كاملة.. على الأغلب لن تستيقظ منها... الأجهزة ستبقيها على قيد الحياة لسويعات قليلة قادمة ليس أكثر. جثى شهاب على الأرض قرب حافة السرير ينتحب بلوعة قلب منفطر مكسور فقدان حبيبة عمره.. رحلت وتركته من أحب الحياة لأجلها.. بعد كر وفر، ضحك ودموع، غيرة وشوق انتهت قصتهما معا ولم يبق ألا الحب.. غابت زويا إلى الأبد، غابت لتعلم أن الحب لا فكاك منه حتى بالموت.. **************** أنهت تالا صلاة الفجر وجلست فوق السجادة تحمل بين يديها القران الكريم تتلو بصوت خاشع ما تيسر لها من آيات الذكر الحكيم.. بعدها قامت واتجهت إلى النافذة المطلة على الحديقة تتأمل نجوم السماء ولسانها يلهج مسبحا بإبداع الخالق عز وجل .. بغتة تعالى رنين هاتفها قاطعا صمت الهدوء.. بقيت للحظات متعجبة ممن يتصل بها في هذا التوقيت.. حركت إصبعها فوق الشاشة فجاءها صوت بقول :- الآنسة تاليا. سألت باقتضاب:- من يتكلم؟ أعلمها بلباقة أنه منسق جمعية التبرع بالأعضاء في المستشفى الذي تتعالج به. ردت مبتلعة ريقها الجاف:- نعم أنا تاليا. تناهى لسمعها تقليب صفحات أوراق ثم عاد صوت المتصل يقول:- عفوا يبدو ان هناك خطأ ما، ربما مطبعي.. اسمك تاليا أم تالا ؟ - اسمي بالأوراق الثبوتية تاليا.. لكن الجميع يناديني تالا. - هذا يوضح الالتباس .. ففي السجلات الرسمية للمرضى المحتاجين لزراعة قلب أسمك تاليا بينما الاسم الموجود في أوراق الوصية تالا. أضاف موضحا:- عندنا متوفيه تبرعت بأعضائها ضمن حملة (من بعدي حياة). وقد أوصت بقلبها لمريضة أسمها تالا. قال لها المنسق يحمل الأمل:- نرجو يا أنسه حضورك حالا إلى المستشفى.. سنقوم بعملية زراعة قلب لكِ. __________________________________ هاهو أخر يوم في هذه السنة التعيسة يلفظ أنفاسه دون ان نودع الساعات الأخيرة معا كما كنا نفعل دائما.. أتذكر ليالِ الشتاء الطويلة التي كنا فيها جميعا نجلس قرب المدفأة نشوي الكستناء ونستمع إلى حكايا الجدة توجان عن الأولين.. ثم نترنم بغناء مراثي الأجداد الملحمية. الساعة تقرب الثانية عشرة منتصف الليل، لا أسمع الا مواء قطة تحت الشباك.. قد تكون وحيده هي أيضا وتسلي وحدتها بالمواء، يبدو أنني في حالة نفسية تجعلني أشعر بأن موائها يضرب على الأعصاب بنشيج.. صوتها الحزين تحمله الرياح للجهات الأربع فلا يبقى في الكون ألا عبرات الفجيعة وبحر من الدموع يغطي كل أثر للحياة.. رغم مرور أسبوع ما زلت غير مصدقه ما حدث، وفاة زويا أكبر صفعة تلقيتها في حياتي.. أعلم يا نارت انك لو كنت هنا ستقول لي الأعمار بيد الله ومهما كان الوجع ثقيلا وموجعا، للحياة شروط لا تتنازل عنها ولهذا علينا ان نعيشها.. زويا نفسها فعلت هذا وصارعت بقوة طوال عمرها.. زويا بعنفوانها وكبريائها الشاهقة المتمردة المتحدية المعارضة الرافضة لكل أشكال القمع والاستغلال، دفعت حياتها في سبيل ان تصرخ بأعلى صوتها بالحق ولا تكتب غير الحق.. زويا تشبه ثورات الشعوب العربية التي تولد مهددة بالموت في كل حين ولحظة، ألا أنها تستمر وتصمد في وجوه طواغيت المناصب، تواجهه بشجاعة مؤامرات كاتمين الصوت زاهقين الروح.. نعم هم نجحوا باغتيال زويا كما كثيرين دهسوهم تحت عجلات مفرمة قهر الاستبداد بسطوة هيمنة الصولجان.. لكنهم أبدا لم ولن ينجحوا بقتل الأفكار التي ناضلت زويا لأجلها بمعية شباب الحراك الأحرار، المظاهرات ستتجدد في الشوارع والدواوير ليكون لنا وطن خالِ من الفاسدين ونعيش كلنا بعدالة ومساواة وحرية بالتعبير.. ثورة زويا ستبقى مادام فلبها بنبض ونسلها يحيا.. نعم ما يعزينا ان قلب حياة ما زال ينبض معنا بالحياة.. لقد تبرعت بقلبها لتنقذ من بعدها مريضة غيرها.. لا أخفي عليك يا نارت أن بعض من أفراد العائلة استهجنوا غير متقبلين تشريح جثة زويا لاستئصال جزء من أعضائها.. ذريعتهم أنهم أرادوا دفنها كاملة غير منقوصة الجسد، ولهذا كانوا على وشك التوجه للمحكمة لطعن قضائيا في أوراق وصية زويا التي قدمتها إدارة المستشفى.. لكن شهاب قطع عليهم مساعيهم، تحامل مكابرا صدمة فاجعته القوية متماسكا في تلك اللحظة متساميا على ألام عذابه ليتدخل حاسما الموقف قائلا بحزم: (علينا الإقرار بقبول الوصية، أفضل ما نفعله تحقيق ما رغبت به حياة).. وفي الحال أصدر أوامره للأطباء بالإسراع في الإجراءات والشروع لتنفيذ الوصية بلا تأخير.. ورغم التكتم على أسم المريضة التي تم نقل قلب زويا لها، لكني علمت من عميمة تيتيان أنها تالا.. اليوم صباحا قمنا بزياراتها لنطمئن عليها، لقد شعرنا ان تالا أصبحت منا ولها معزة خاصة.. الأطباء يقولون ان عملية زرع قلب زويا بجسد تالا ناجحة والمسألة تحتاج لوقت خشيت المضاعفات حتى تتجاوز مرحلة الخطورة ولهذا لن تغادر المستشفى. كما زرت مع عميمة تيتيان قسم المولودين الخدج. أبن زويا نجا بعناية إلهية، ما زال موجودا بالحاضنة وسيظل داخلها موصولا بالأجهزة لشهران حتى يكتمل نموه.. موت زويا حطم شهاب وهزه بعنف من الأعماق، حزنه بلغ مداه إلى حد مقاطعة الجميع، فبعد انتهاء مراسيم العزاء انزوى على نفسه وأعتزل العالم.. حتى أبنه يرفض رؤيته ويعتبره سببا لوفاة زويا وكأنه بمجيئه للحياة سلب روح حياة حياته.. ما حدث مؤلم.. مؤلم جدا بشكل مروع.. ومع ذلك أراقب زوال عتمة كآبة الأحزان على خيوط فجر جديد لعله يحمل الأمل ويغير الخطوط والمسير للأفضل. مضطرة ان أتوقف عن الكتابة، ليلك صحت من نومها ويجب ان اعتني بها وأطمئنها فهي ما زالت تخاف صوت الرعد وتظنها صورايخ عابرة للحدود.. ___________________________________ شهاب شيد حول نفسه حاجزا لا يخترق، لم يظهر للعلن كما منع دخول أي مخلوق الى بيته الذي أصبح باردا صامتا فظيعا برحيل زويا عنه.. أراد ان يبقى كل ما حوله كما تركته زويا وراءها تماما.. كتبها المبعثرة وأقلامها الملونة ومشابك الأوراق المكدسة فوق منضدتها.. مناماتها الصبيانية، قمصانها المكوية وسراويلها المطوية معلقة في الخزانة.. إغراضها وأشيائها كلها ضلت بلا مساس.. حتى الرزنامة المعلقة على الحائط بقيت عند أخر تاريخ شطبته زويا بخط يدها قبل موتها وكأن الزمن تجمد في ذلك اليوم وتلك اللحظة.. كان شهاب ينظر لكل ما حوله دون أن يلمس شيئا على الإطلاق.. يستلقي بسكون فوق السرير البارد ولا يرغب بمغادرته، كل ما تمناه فقط أن تتوقف الحياة.. لم يستطع كبح نفسه من البكاء مرارا وتكرارا.. لا شيء أسال الدمع من عيناه بحرقة كفراقها.. لم يكن يجرؤ أحد على محادثته أو التكلم معه، حتى الشريف طلال بقيت الأبواب موصدة في وجهه، لكن تيتيان ورغم ما كابدته هي الأخرى من حزن واصلت بأمومتها الفطرية طرق أبوابه الموصدة.. لم تكف عن محاولة اقتحام عزلته، كانت تحمل له الطعام الذي تحضره بنفسها، تغدق عليه باهتمامها وتواسيه بثبات إيمانها وتقواها:- الروح أمانة أعارها الخالق لنا ليرى ماذا نفعل بها (ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها، قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها) لا الاعتكاف ولا الألم ولا أي شيء سيعيد الحياة لنا ولا حتى حب من أحبونا.. الموت حق علينا ولا اعتراض على مشيئة الله وقضاء قدره. بعد فترة وعلى نحو مفاجئ خرج شهاب من عزلته لينشغل بالمعسكرات وتدريبات العمليات الخاصة غارقا في المهمات المرهقة التي تصادر أحاسيس الخواء.. أدمن العمل بإجهاد مستنزفا كل طاقة قواه العقلية والجسدية بعصارة الإرهاق كي لا يفكر ولا يتأمل، لا يتذكر ولا يسمع نواح أنين قلبه الذي يشق صدره في كل ليل ونهار.. لكن لا شيء مما كان يفعله يستوعب المرارة المحتقنة في مساماته وأعماق وجدانه كلما عاد للبيت ووجده فارغا دون وجود زويا.. شهاب قرر الابتعاد أكثر.. سافر في جنح الظلام دون ان يودع أحد.. أنظم ليشارك مع قوات الطوارئ الدولية لحفظ السلام العالمي. وعلى مدى عام كامل أخذ يجوب حول العالم في المناطق الحدودية المشتعلة بالألغام والألغاز القاتلة، لم يكن يرحم نفسه في دوامة المخاطر والتهلكة.. خاض عابثا متحديا الموت مئات المرات، لكن لم يخسر في أي من معاركه.. غامر بحياته دون ان يعرف أي حظ عجائبي يمتلك وينقذه دائما من مراصد الموت. يتبع | |||||||
|
| |
|
29-07-19, 10:03 PM
| #1163 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| بعد مرور عام كان البيت المهجور ذائبا تحت أشعة شمس الغروب.. أرهفت السمع إلى السكون المحيط، سكون يبعث طمأنينة خادعة.. مترددة خطت فوق العتبة تنظر حولها مرتبكة، وضعت المفتاح الذي تمتلكه داخل القفل وببطء شديد وحذر أدارته مصغية لتكاته المكتومة.. فتحت الباب قليلا فأصدر صوت صرير خافت، تسللت عبر شق الباب جانبيا ثم أغلقته خلفها بروية وهدوء.. انتابتها رعشة خفيفة وهي تتجول في أرجاء البيت تنظر حولها، كل ما يحيطها كان موحشا حزينا كئيبا معتما بنوافذ مجلله بالستائر الثقيلة.. منذ غياب ساكنيه لم يجرؤ احد على الاقتراب من المكان.. جاءت التعليمات واضحة بمنع دخول أي كائن وترك كل شيء على حاله دون حتى ان تمسه أيادي الخدم لتنظيفه أو لتهويته.. صعدت الدرجات الرخامية بتؤدة إلى الطابق الأعلى.. توترها كان يزداد عمقا مع كل لحظة تمر عليها وهي تسير في الرواق. تصلبت لوهلة عندما وقفت أمام أحد الأبواب.. استجمعت عزيمتها وولجت إلى غرفة النوم.. أزاحت الستائر لتسمح لأشعة شمس الغروب بالعبور وإشاعة شيئا من النور.. وضعت من يدها الحقيبة الصغيرة على الأرض وسحبت جارور الخزانة.. في تلك اللحظة سمعت خطوات أقدام مسرعة في الردهة وصوت خشن أتيا من الباب يصرخ بها:- ماذا تفعلين في بيتي؟! تشنجت تالا متصلبة حابسه أنفاسها.. واصل شهاب هادرا بانفعال:- كيف تتجرئين على الدخول إلى غرفة النوم والعبث بأغراض زوجتي!؟ ببطء استدارت تالا تلتفت إلية بوجه منقبض شاحب وقد اعترتها داخليا رعشة قوية.. بقيت واقفة متجمدة بلا أدنى حركة حين أبصرته أمامها عاريا لا يغطيه ألا منشفه لفها حول خصره، شعر رأسه مبلل وقطرات الماء عالقة فوق عضلات جسده المفتول.. بدا كأنه خرج من تحت الدش على عجل قبل ان ينهي استحمامه كاملا.. لم تستطع تالا منع شهقة الصدمة التي صدرت عنها بصوت مرتفع منفلتة من بين شفتيها، وكرد فعل تلقائي أسرعت تخفض رأسها مخفيه وجهها بين كفيها والخجل يكتسحها.. اقترب شهاب منها هائجا بغضب، قبض على ذراعيها وجذبها بعنف لتواجهه،.. أخذت نظراته تفترسها تكاد ترديها صريعة:- أجيبي أيتها اللصة الحمقاء؟ لشدة رهبتها منه خانها صوتها، ضلت تفتح وتغلق فمها دون كلام. صرخ يهزها:- هل أنتِ خرساء لا تتكلمين؟ تهدجت أنفاسها مرتعبة أمام عينية الناريتان وقسماته الفولاذية.. تمتمت متلعثمة بكلمات متقطعة:- أنا .. أردت .. - ماذا أردت؟؟.. الا تعلمي أني لا أسمح لأي مخلوق الدخول إلى بيتي ومساس شيء.. غمغمت بخفوت:- نعم .. أعلم - ومع ذلك تعصين الأوامر بمنتهى الوقاحة والدناءة. ترك ذراعيها مبتعدا يحدجها بازدراء واحتقار جلي على وجهه الحاد القاسي مستدركا :- هل تعرفي أن تسللك يعتبر بمثابة اعتداء على ملكية خاصة ويعرضك للمسائلة القانونية التي قد تصل إلى الحبس. بهت لونها وهزت كيانها رجفة شديدة.. حدقتي عيناها انفرجتا على اتساعهما بارتعاب ظاهر مرددة بوجل:- الحبس !!. الحبس.. - نعم الحبس بتهمة السرقة. - السرقة !! أشار إلى الدرج والحقيبة المفتوحة على الأرض قائلا بضيق واغتياظ:- كنت ستضعين ما تسرقين بالحقيبة وتلوذين بالفرار هاربة. أكمل بشراسة:- لكني أفشلت مخططاتك. تقدم منها خطوة بقامته المديدة فتراجعت مرتدة للوراء تهز رأسها تنفي بصرخة مبحوحة:- لا يا بيك .. لا.. ما كنتُ أخطط لسرقة. كان كلما تقدم تتراجع وقبل ان يصطدم ظهرها بالحائط امسكها بحزم.. صاح بها:- كاذبة أيضا!!.. تطاير الشرر من عينيه المتوهجتان مستبدا به غضب أسود بدائي، رفع يديه مهددا يصب جام حنقه المتراكم عليها:- تكذبيني رغم أني رأيتك بعيني متلبسة بالجرم!!. انكمشت تالا على نفسها متخذه من ذراعيها وضع دفاعي وقائي متوقعة أن يضربها بقبضته القوية، إذا فعل ذلك حتما سوف يتسبب لها بارتجاج دماغي.. شعرت بضآلتها وضعفها أمامه فخرجت الكلمات من فمها بسرعة هائلة بصوت طفولي مرتعش:- لا تضربني.. لا تضربني.. رفع حاجبيه يحدق بها واجما بذهول:- أضربك!!.. بعينان تلمعان بالدموع، دموع المهانة والذل ناشدته مرتعدة:- أرجوك يا بيك.. لا تضربني. انقلبت تعابير وجهه لدهشة عارمة وقد فوجئ بتوسلها وما تبادر لذهنها.. عيناه القاسيتان الجامدتان لانت حينما انتبه إلى الذعر والفزع المرتسم على محياها.. افلت ذراعها الرقيقة وأرتد خطوة محملقا بوجهها الناعم البريء.. لم تحتمل تالا الصدمة العصبية الحادة.. دقات قلبها تسارعت وانتفضت بوخزات وجع.. آهة ألم خافته تسربت من شفتيها بلهاث مسموع واضح.. وضعت يدها تضغط بها فوق صدرها الخافق باضطراب بمعدل نبض متزايد، حاولت ان تعب الهواء لتملأ رئتيها، ومع ذلك مهما تنفست بعمق لم تكن تستطيع امتصاص الأكسجين. سألها بقلق حين شعر أنها لم تعد تقدر على التنفس:- ما بكِ؟.. اكتسى وجه شهاب بإمارات الالتباس والوجوم عندما لم تجبه ألا بهمهمة مختنقة غير مفهومة وحشرجة قوية.. غامت تالا بدوار وقد هددتها موجة ظلام حاولت مقاومتها كي لا تفقد وعيها لكنها سقطت أرضا مغميا عليها. _______________________________ قبل حلول المساء تجمعت أفواج من النسوة عند نالقت لمساعدتها في تحضير المأكولات والمشروبات.. فاحت الروائح الشهية من قلي الحلفة والقاورمة.. بحيوية تحركت دينا بالمطبخ، أنهت غسل الأواني ونظفت المجلى ثم اتجهت بنشاط تفتح الفرن تلقي نظرة على ما بداخله، قالت بحماس:- قطع الدجاج المثومة أصبحت محمرة جاهزة. التفتت إلى نالقت التي انهمكت تعجن البرغل المسلوق في وعاء ضخم مستدير لإعداد وليمة الشبسي باسطة.. هتفت دينا مسرعة:- عميمة .. دعيني أكمل عنكِ. اعترضت نالقت تمانع:- لقد عملتي معي كثيرا طوال النهار.. هزت دينا رأسها والابتسامة لا تفارق وجهها:- لستُ متعبة. أخذت من عمتها (البلاع) المشحاف الخشبي بعصاه الطويلة وبدأت تضغط البرغل المسلوق وتعجنه بهمة حتى تماسك جيدا.. ربتت نالقت على كتف دينا بلطف:- تسلم يداك يا حبيبتي.. من الأفضل أن تذهبي الآن وترتاحي قليلا مثلما فعلن الصبايا كي تتهيئي وتستعدي لسهرة. - سأفعل .. لكن ليس قبل الانتهاء من عمل الشبسي باسطة. انطلقت الصغيرة ليلك من الباب مسرعة والسعادة تغمرها، فبعد ان أتمت علاج التقرحات الجلدية تحت أشراف أمهر أطباء الجراحة، تمكنت من تركيب ساق اصطناعية جديدة وأصبحت قادرة على الركض والقفز بها كما تشاء دون أن تخشى التعثر والوقوع.. كانت تعدو فرحة وهي تحمل بين يديها بحرص شديد وعاء يحتوي على قطع الحلفة الساخنة محاطة بهالة من البخار، انسلت إلى مجلس الشباب في الحديقة حيث كان بعضهم يرتبون صفوف الكراسي والطاولات وآخرون يعلقون أضواء الزينة بالفناء الخارجي والمصابيح فوق الأشجار ومعرشات الدالية... بحثت بعينيها في الوجوه وما ان وقع نظرها على الطبيب نارت اتجهت إليه مباشرة.. حين وقفت قبالته أنحنى يستمع لوشوشتها في أذنه، ابتسم وهز رأسه إيجابا ثم أخذ منها الصحن، تناول فطيرة الحلفة الطازجة وقضم منها بشهية بتلذذ بالغ.. عاد ليميل نحوها هامسا لليلك متمتما ببعض الكلام لتنقله إلى الفتاة التي أرسلت له الطعام، استدارت ليلك عائده مسرعة الى داخل البيت منشرحة الأسارير.. الموجودين تغامزوا بإشارات تدل على فهمهم لما شاهدوه، فمن عادات الاديغة إذا أرسلت الفتاة فطيرة الحلفة لشاب وأكلها فهذا يعني أنهما متحابان ويتبادلان العواطف.. الشباب فرقعت ضحكاتهم كالألعاب النارية تملأ السماء بالضياء والضجيج وهم يتصايحون حول نارت باستثناء ميرزا الذي اكفهر وجهه ولاحت ابتسامه صفراء على ركني فمه عندما لمح وراء الباب دينا تنحني لتقبل ليلك ببهجة بالغة وهي ترنو لنارت . ____________________________ ربت شهاب بظهر كفه اليمنى برفق فوق وجنتي تالا. فيما أصابع يده اليسرى تمسك برسغها يجس نبضها. فتحت أجفانها ببطء فتسلل الضوء إلى مقلتيها.. كانت مستلقية فوق السرير العريض عاجزة عن إبداء أي حركة وقد أحست بضيق في صدرها.. شعرت بذراعه القوية تسند رأسها وترفعه عن الوسادة ثم كوب يدنى من فمها وصوته الخشن يأمرها:- أشربي. أطاعته وشربت جرعة صغيرة من الماء تبلل شفتيها الجافتين.. بغتة همس بذهول :- لستِ غريبة!! وجهك يبدو لي مألوفا. ارتبكت تالا تحت وقع نظراته الفاحصة تشعر بإحراج شديد من قربه وهو عاري الصدر.. بدا شهاب كمن يحاول ان يتذكرها، وضع الكوب فوق منضده بجانب السرير وأمسك ذقنها يرفع وجهها نحوه مدققا بتقاسيمها عن كثب:- أنتِ من العاملات في القصر. لم تجرؤ على ان تشيح وجهها ويده مازالت تقبض على ذقنها، أغمضت عيناها كي لا تراه فزعه بارتعاب.. سحب يده وابتعد فتنفست الصعداء وفتحت عيناها.. علق شهاب:- لطالما حيرتني تعابير الارتياب بملامحك اتجاهي! غاصت للوراء منكمشة على نفسها تشعر بوهن رهيب عندما عاد ليدنو منها، حملقت به مضطربة فعلق:- تنظرين لي بفزع ورعب وكأني وحشا على وشك افتراسك!. لم تجبه ملتزمة السكوت، صوب نظره عليها وقال متهكما:- صدقي أو لا تصدقي، لكني لستُ وحشا. أضاف:- نسيت أسمك .. لكن لا أنسى أن زوجتي حياة كانت تعزك كثيرا وتعتبرك رفيقة لها وأمهر طاهية. رأته يقف بمنتصف الغرفة في صمت وشرود، بصره يتعلق في نقطة من الفراغ الأبدي.. تأملته تالا وهو غافلا عنها.. لحية كثيفة كست ذقنه لكنها زادته جاذبية وهيبة وقار.. كان غارقا في أفكاره ساهما بملامح مريعة بوضوح مليئة بمرارة الفقد والحزن، عيناه تفيض بالكآبة واشتياق الحنين.. ارتبكت عندما باغتها ملتفتا يمعن النظر إليه.. رمشت أهدابها متوترة من هيمنته المخيفة.. العتمة زحفت مع حلول الظلام، أضاء شهاب أنوار الغرفة وخرج.. تالا تنفست بعمق وفورا استندت على مرفقاها ترفع رأسها وظهرها تعتدل بجلستها، أنزلت ساقاها ونهضت عن السرير تفكر بالمصيبة التي وقعت بها تشعر بأنها متسربلة بالحياء والخزي.. شهاب بيك ضبطها متلبسة بالجرم المشهود.. ما أدراها انه بهذا التوقيت قرر العودة.. لامت حظها العاثر الذي جعلها تتسلل إلى البيت بالتزامن مع مجيئه من ترحال أسفاره وجولاته في أصقاع العالم. ما كادت تستعيد تمالك رباطة جأشها وتهم بأن تخطو خارج الغرفة اصطدمت به عند الباب.. ارتدت للوراء وقد لاحظت أنه ارتدى ثياب غامقة. بادرها بلباقة:- هل أنتِ بخير؟. أومأت إيجابا.. ساد صمت ما لبث ان قطعه يسألها بصوت خشن جاف:- ما الذي أتى بكِ إلى هنا؟. استدرك مستاء بانزعاج:- دخولك إلى هنا بدون أخذ إذن أعتبره خطيئة لا تغتفر.. كتف ذراعيه فوق صدره العريض، وأكد لها عابسا:- كنتُ زججتُ بكِ الآن إلى السجن لو لم تكوني صديقة مقربه من حياة. اختلج وجهه بشدة، بدا ان إحساسه بالتعاسة يتضاعف وتنخرة نوبات ألم عميق كلما تذكر حياة.. استطرد بصلابة: - مع ذلك لا يمكنني التغاضي عن تصرفك الشنيع. تمتمت بخفوت بصوت مرتعش:- استطيع أن أشرح لكِ يا بيك. - أريد الحقيقة وتفسيرا مقنعا وألا لن تفلتي من عواقب ما فعلته. ازدردت ريقها متنحنحة ثم أجابت معترفة بصوتها الناعم:- حضرت إلى هنا لأخذ بعض الأغراض. بوجه جامد لا يلين وأسلوب المحقق استفسر:- وهل لكِ أغراض في غرفة زوجتي؟. نكست رأسها تنفي:- لا أردفت بصدق :- الأغراض التي أريد أخذها ليست لي .. ما كادت تنهي جملتها الأخيرة حتى انتفض مستنفرا وقد تصاعد التوتر بالأجواء مجددا، صرخ بها:- تعترفين أذن انك أردتِ السرقة. نظرات الغضب الكامنة في حدقتي عينية جعلتها تسرع بالإنكار:- لا .. لستُ سارقة. تكلمت متلعثمة:- أنا .. لا أقصد .. ما فهمته يا بيك. زفر أنفاسه بنفاذ صبر.. اقترب منها وفي مشيته وحركاته سطوة هيمنة أحفلتها:- وماذا تقصدين؟. ردت سريعا مفصحة:- الشريفة حياة طلبت مني الحضور. هدر بانفعال أجش:- حياة! أومأت إيجابا وكافحت ليخرج صوتها المخنوق:- نعم يا بيك.. الشريفة حياة بنفسها جاءت بي إلى البيت. رفع يده اليمنى ومرر أصابعه في شعره بمنتهى الحيرة مكررا ما قالته:- حياة بنفسها جاءت بكِ إلى البيت! - أجل يا بيك... الشريفة حياة أمسكت بيدي وقادتني إلى هنا. شهاب شكك بصحة وسلامة عقل تالا وتخيلها لأمور وهمية لا يمكن ان تتحقق في الواقع.. رمقها بنظرات إشفاق ورثاء مقررا ان يتجاوز عن تصرفها ليتركها تغادر دونما حساب.. ألا أنها صعقته حين تابعت:- حضرت من أجل أخذ ثياب يحيى. بحلق بها مرددا :- يحيى !! سأل باستهجان وعصبية:- ومن يحيى هذا الذي له ثياب في غرفة نوم بيتي؟ ردت بعفوية:- يحيى أبنك يا بيك. وضعت تالا كفها فوق فمها بعد فوات الأوان.. تصلب شهاب بوقفته وقد حل في المكان صمت رهيب. _____________________________________ في المساء راح الساهرين يضجون بالحيوية يتسامرون وهم يتناولون أطباق الشبسي باسطة ويحتسون (الباخسمة) شراب الشركس العسلي.. عندما بدأ احتفال (الجكوات) البهيج، الشباب التفوا بدائرة كبيرة تحت أضواء اللمبات المعلقة بحبال متعددة في أرجاء حديقة البيت الكبير.. خرجت السيدات الكبار وأخذن أماكنهن جالسات فوق الكراسي بالقرب من الرجال المسنين، ثم تبعتهن الفتيات متأنقات بالأزياء التراثية ووقفن في صف بالجهة المقابلة لصف الشباب الذين هم أيضا ارتدوا ملابس الاديغيين المحاربين القدماء.. امتلاء المكان فأقبلت دينا بثوبها الشركسي المخملي الأخضر المزدان بخيوط ذهبية، كانت تحمل الأكورديون الكبير المصدف، علقت الأشرطة على كتفيها.. أرخت أجفانها مراوغة الشوق المنفلت من عينيها نحو نارت حين نظر إليها مبتسما.. أصابعها داعبت أزرار الآلة ثم انطلقت الأنغام الساحرة حالمة متشوقة تحلق في الأجواء منتشية بالفرحة المشعشعة فانطلقت الأكف بالتصفيق الإيقاعي مع اللحن العذب.. عندما أنهت دينا مقطوعتها الموسيقية الانفرادية شرعت (البشناوة) الفرقة الموسيقية بالعزف بإيقاع رتيب هادئ.. رقص الكبار بالسن قليلا وانشدوا الملاحم الشركسية والمراثي ثم انسحبوا إلى داخل البيت حيث مدت لهم المائدة مليئة بما لذ وطاب من الأطعمة والمأكولات.. بعد مغادرة الكبار وزعت الحلاوة الشركسية واستراح البشناوة قليلا قبل ان يعاودوا عزفهم ليستمر الحفل هذه المرة وقد تحولوا للمرح والصخب مندفعين بروح الشباب لكن تحت إشراف (الحتياكؤه) الذي دار ملتف حول الشباب والفتيات ثم وقف في منتصف الدائرة قائلا:- أعزائي بما أننا نحتفل الليلة بعودة طبيبنا الغالي نارت سالما غانما، نطلب منه ان يفتتح حلبة الرقص وله حق اختيار مراقصة الفتاة التي يشاء. بخطوات قوية واثقة تقدم نارت بطوله الفارع ليقف الى جوار الحتياكؤه وهمس له باسم التي يرغب بمراقصتها من الفتيات، لوهلة بدا الحتياكؤه مذهولا لكنه مالبث ان أومأ موافقا.. رفع عصاه المزركشة يهزهزها وتحرك متجها نحو صف الفتيات قائلا:- طبيبنا الغالي نارت اختار.. والحق يقال أحسن الانتقاء فهي الأحلى والأبهى والأرق. حيث وقفت الصبايا أشار الحتياكؤه بيده معلنا:- الطبيب نارت أختار نجمتنا الجميلة دينا. ثارت همهمات خافته دلت على غيرة الشباب وخيبة الفتيات.. قال المشرف بلطف يهدأ من الانفعالات:- لم نكد نبتدئ .. سهرة الجوغ في أولها وسيرقص الجميع مع من يريد. رفع عصاه المزركشة وحركها لتعزف البشناوة الموسيقى بإيقاع لحن الزفاكؤ.. عينا ميرزا لمعت بحدة بوميض حسد وحقد عندما شاهد دينا تتهادى نحو نارت، وقفا متقابلين فكانت نظراتهما ابلغ من أي كلام قد يقال.. في أعماق عيناهما راحا يتبادلان الشوق العارم.. دار نارت حول دينا دوره كاملة بخطوات خفيفة ثم سار بجانبها إلى الخلف قليلا يده القوية ممتدة قريبا من كتفها دون ان تلامسها.. انطلق يتحرك بنشوة سريعا رشيقا ويحيطها بأنفاسه الحارة حائلا بينها وبين الوصول إلى المكان الذي كانت تقف فيه بصف الفتيات حتى لا تنتهي الرقصة.. تطايرت أطراف ثوب دينا وهي تدور مغناجة متدللة بفرح لا يوصف، فهي لطالما حلمت بهذه اللحظة وها هو حلمها يتحقق بالرقص مع نارت.. بل وها هو لا يفسح لها مجالا لإنهاء الرقصة التي طالت وطالت دون توقف.. تفاقم حنق ميرزا واستشاط غضبا حتى أصبح وجهه شديد الاحمرار وعيناه تقدح بالغل.. انزوى في ركن معتم تحت الشجرة الضخمة يعب الخمر من فوهة القنينة الزجاجية، احتسى الشراب الثقيل بشراهة حد الثمالة. عندما نهض ترنح بوقفته وقد أظهرت حركاته عدم اتزانه لشدة سكره.. غيرت (البشناوة) الفرقة الموسيقية لحن الزفاكؤ وبدأت بعزف رقصة الششن السريعة المزغردة التي تتطلب القدرة على الطيران والتحليق.. قفز نارت وهو يدور كمن ينطلق حتى السماء ويخرم الفضاء ليلتقط النجمات وينثرها حول دينا بالتفاتات السريعة.. التهبت الأكف مشجعة صاخبة مهتاجة وارتفعت الأصوات بصفير جعل كبار السن يطلون من الباب ليراقبوا ما يحدث، نكزت موليجان نالقت المشدوهة:- نارت يحب دينا أنه يكاد ينقض عليها ويلتهمها. نالقت ابتلعت ريقها وقالت باستخفاف:- هما فقط يرقصان فلا تبالغي كثيرا.. نارت يعتبر دينا بمثابة أخت له. قاطعتها موليجان مستهزئة بلهجتها الحادة:-هل أصابك العمى يا نالقت؟!! استطردت تغمز بعينها:- انظري إليهما جيدا. الرغبة المتجمهرة بأعماقهما تتوهج في عينيهما.. إنهما يتناجيان الغرام.. لو كنت مكانك لرحمتهما من هذا العذاب وأسرعت في تزويجهما كي لا يقع المحظور في غفلة. استنكرت نالقت:- ما الذي تهذين به !!.. دينا صغيرة جدا على نارت. - ومنذ متى كان فارق العمر عائقا!!.. اسمعيني يا نالقت ولا تفهمي كلامي أنني أدلل على ابنة زوجي لأتخلص منها، دينا باهرة الجمال وكل شباب الشركس يتمنون ودها. استرسلت بإسهاب:- لكن يتوجب عليي ان أنصحك وأرشدك.. لن تجدي كنه أجمل من ابنة أخيكِ.. أنتِ بنفسك قمتِ بالمشاركة في تربيتها وكبرت على يديكِ هاتان.. لا أحد ينكر فضلك برعايتها والاهتمام بشؤونها.. هل سيرضيكِ ان يأخذها رجل غريب قد لا يعرف قيمتها فيهينها ويمرمر حياتها؟.. دينا من لحمك ودمك وأبنك أولى بها من غيره. بدا على نالقت التفكير وهي تتأمل الراقصان العاشقان.. كانت دينا تتحرك بنعومة ونظراتها لا تحيد عن نارت الذي مد ذراعيه حولها كجناحي نسر، يطل عليها بعينيه الصقريتين اللتان تنطلق منهما لهيب جموح الرغبة.. أضافت موليجان :- لا أظن أن نارت سوف يسمح لأصابع رجل غير أصابعه تمتد لدينا.. فهو من سيفك أزرار ردائها ويعلمها فنون الحب. نهاية الفصل العشرون بانتظار تعقيباتكم وأرائكم فلا تبخلوا بها | |||||||
|
| |
|
29-07-19, 10:20 PM
| #1164 | |||||||
| قاصة هالوين
| #زويا المتصالحة مع الموت وتريد الحريه وشهاب الخائف والنادم بسببه حصل لها ما حصل ولكن كان مقدر لها ان يحصل حتي لو ما كانت تعرفه فهي علي الاقل عشقت وعاشت معه احلي ايامها علي ما اظن كلامها عن الوصية هو تبرعها باعضائها #زي ما توقعت موت زويا كان لهدف هدف اسمي وهو التبرع باعضائها وحث الاخرين علي علي التبرع ايضا رغم حزني الا انها خطوة منطقيه لسير الاحداث كما ان الانسان مش خالد والموت علينا حق #رغم اني مش بحب النهايات الحزينه الا اني فاهمه ليه ده حصل وان الحياة بتستمر وان شهاب هيتزوج تالا #عجبني وصف دينا لزويا بانها مثل ثورات الشعوب العربية التي تولد مهددة بالموت في كل حين ولحظه ولعل هذا قصدك من البدايه من وجود زويا #موليجان اقنعت نالقت بان تزوج العاشقان قبل ان يحثل المحظور حظهم بس نظرة الحقد من ميزار اكيد لها سبب ياتري بيخطط لايه #كلام تالا ودخولها غرفة زويا وانها التي ارادت هذا هل هي روحها انا عرفت انها هي اللي هتربي يحيي ابنها | |||||||
|
| |
|
30-07-19, 03:15 AM
| #1168 | ||||
 
| دنيا موتي زويا بجد انا مصدومه 😭😭😭الفصل محزن كتيير كلام زويا ابكاني شهاب وحزنه بوجع القلب 😢😢 تالا الي ظهرت بعد تبرع زويا بقلبها هتكون زوجه شهاب مش مصدقه كل هاد عم بصير 😩😩 تسلم ايدك حبي الفصل ابداع والاحداث مشوقه 😍😘😘♥♥ | ||||
|
| |
|
30-07-19, 01:57 PM
| #1169 | ||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| اقتباس:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته تسلمي حضورك الأجمل ربي يسعدك 😍 يهمني رأيك بأحداث الرواية قراءة ممتعة 💜 | ||||||||
|
| |
|
30-07-19, 02:51 PM
| #1170 | ||||
| ياه الفصل جدا مؤلم موت زويا وحياة تالا،،تالمت لشهاب ولابنهم الذي لم يراه والده كما يبدو عام كامل، في هذا العام لم يفق شهاب من صدمته بوفاة زويا ياترى لو علم ان من تبرعت لها زويا بقلبها تالا كيف سيتصرف؟؟ وهل سيكون سبب لقربهم من بعض وزواجهم؟؟ زويا الرائعة لم تتخذ شعارات فقط بدون افعال، كتبت وصيتها بتبرعها بقلبها،، كم انت رائعة يازويا. | ||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
71Likes
.png)
العرض العادي
