01-04-19, 11:04 AM
| #691 | ||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة  
|  اقتباس:
الله يسعد صباحك حبيبتي زينب 😍😍 طلتك الجميلة تسلميلي ان شاء مع الفصول كتير أمور بتتوضح وفي احداث ومتغيرات راح تطرأ لشخصيات.. من خلال زويا وشهاب بحاول القي الضوء واستعرض مواضيع بالنسبة لي هامه وطبعا كذلك باقي الابطال لكل منهم دور عميق وله قضية مؤثرة ضمن مساق التطورات.. اتفق معك تماما أن زويا وشهاب محتاجين جلسة مصارحة ودينا ونارت المسافات والحروب بتبعدهم لكن قلوبهم وأرواحهم سوا شكرا ياقلبي على تفاعلك ومتابعتك المميزة | ||||||||
|  |
|
01-04-19, 12:12 PM
| #692 | ||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| اقتباس:
حبيبتي فعلا هذا ما أردت طرحه لتسليط الضوء على موضوع الانتحار انا جدا بتألم كل ما حد انتحر وخاصة اللي برموا حالهم من فوق الجسر.. كل مره بعبر فيها طريق جسر عبدون بتذكر اللي انتحروا ومشهدهم ما بروح من بالي لدرجة اني بكرهه هديك المنطقة ويحاول اتجنب المرور منها.. فعلا ليس كل من يقدم على الانتحار يكون بسبب الفقر فهناك من يعيشون برفاهية ولديهم مكانة مرموقة بالمجتمع.. الوازع الديني واللجوء لربنا بالعبادة والطاعات بالتأكيد بمنحنا راحه وهدوء نفسي وشعور بالقناعة والرضا بقضاء الله وقدره لكن في حالات مرضية بتستدعي المعالجة بالأدوية وللاسف كتيرين ما بدركوا خطورة مرض الاكتئاب ونوباته.. المريض ممكن في لحظة اضطراب ذهاني يقدم على الانتحار بدون وعي لما يفعله.. وعلى فكرة الاميرة ام شهاب استلهمتها من الواقع كما كثير من الأحداث في الرواية.. شهاب ضحية لزواج غير قائم على أسس وعلاقة سليمة بين الزوجين ومجتمع يضغط بعاداته وتقاليده بشكل جعل الأميرة تتقبل فكرة الموت على الطلاق طبعا حاليا صار في انفتاح اكتر بس كمان بطريقة مفرطه ومبالغ بها ف بتم لاسباب احيانا تافهه متل ما حدث مع الباربي رنيم وهاني.. حقيقي مسكينة الأميرة فقدت حياتها بدون ما تستمتع بشبابها.. بالماضي في الطبقة الأرستقراطية الحاكمة كان إذا الزوجين ارادوا الطلاق يكون في اتفاق بعدم زواج المرأة مرة ثانية في حال وجود أطفال.. احيانا يتم الغاء ذاك الاتفاق مع شرط عدم الإنجاب بالزواج الثاني.. المسألة كانت شديدة التعقيد لكن هذا ما كان يحدث.. فعلا تغريد نجحت في جعل تالا ترتاب من شهاب كي تكتم السر وتحافظ على عملها مصدر رزقهما.. ومع السنوات الارتياب ازداد وتحول لخوف لأنها باتت تدرك حجم نفوذه .. بالفصول ان شاء الله سنعرف اذا ما كان شهاب يلاحظ وجود تالا ورعبها منه .. اما بفصل اليوم بإذن الله راح نشوف ما سيحدث مع زويا وشهاب والجدة توجان مستمره معنا لتروي حكايات الماضي.. وفي شخصيه حان دورها لتظهر بالاحداث.. شكرا ياقلبي على حضورك الراااقي وتعقيبك الراااائع وتحليلاتك المميزة 😍😘 دمت في حفظ الله ورعايته 💜 | ||||||||
|
| |
|
01-04-19, 05:57 PM
| #695 | ||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| اقتباس:
حبيبتي يا قمر كل الليالي 😍💜: صحيح تالا كانت شاهدة على موت ام شهاب والقادم نعرف اذا ما كانت ستبوح ام تبقى ملتزمة بصمتها وخوفها من شهاب اتفق معك زويا وشهاب أن اوان المصارحه وان شالله تعجبك بفصل اليوم حكاية ابن باقوة شكرا ياقلبي على متابعتك وتعليقك الراااائع دمت في حفظ الله ورعايته | ||||||||
|
| |
|
01-04-19, 06:04 PM
| #696 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| الفصل العاشر جلست زويا باسترخاء على الأريكة في الشرفة، كانت مستغرقة تقرأ كتابا عندما جاء شهاب يتفقدها ويطمئن أنها أخذت الدواء.. اعترفت ان لولا فائض حنانه واهتمامه لما تحسنت صحتها بشكل سريع. كما انه لم يعد يستفزها أو يضغط عليها في موضوع اتفاق الطلاق تاركا المجال لهدنة سلام تسود بينهما. وقف بقامته المديدة قرب سور الشرفة ووضع يديه في جيبي سرواله يتأمل الفضاء الممتد، سألته زويا:- هل ثمة أمل في الأفق؟ أجابها دون ان يلتفت وشمس الغروب تلوذ في عينيه:- الأفق خط وهمي كلما دنونا منه ابتعد عنا. تمنت زويا لو أمكنها مسح الحزن العميق الذي لمحته في محياه. همست له برقة:- لنرسم أفقنا الخاص الذي يقربنا. استدار نحوها وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة طفيفة.. هبت نسمات هواء منعشة دافئة داعبت شعرها القصير وبعثرته، تطايرت الخصلات على وجنتيها فما كان منها ألا أن أبعدتها مع ضحكة خافته ناعمة عذبه. ضحكتها أضاءت أساريره فقال فجأة بصوت مؤثر:- مر وقت طويل منذ أخر مره سمعتك تضحكين بها.. هل أخبرتك أني أحب ضحكتك؟. توهج وجهها وهي ترمقه باستعجاب.. رفعت حاجبيها للأعلى تهز رأسها بإشارة نافية:- لا. سكب نظراته بعينيها معترفا:- أحببتُ ضحكتك منذ طفولتك. هتفت مندهشة:- حقا !!.. أنا لا أتذكرك في طفولتي. أردفت:- لهذا فوجئت حينما رأيتُ في بيتك الخاص صورة قديمة لنا تجمعنا مع العائلة. اقترب شهاب قاطعا المسافة الفاصلة، أستقر بجانبها فوق الأريكة وراح يتحدث معها ببساطة:- يومها رافقت الشريف طلال لزيارة الجدة توجان قبل سفري إلى بريطانيا لدراسة في الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست.. تنبهت زويا مستغربة ان شهاب يستخدم دائما الصيغة الرسمية إذا ما تكلم عن أبيه، لكنها لم تقاطعه وأصغت له:- أنتِ لا تذكريني لأنكِ لم تعرفيني عن قرب، فبعد أن التقطنا الصورة الجماعية انشغلتِ بشقاواتكِ ومشاغباتكِ ومجازفاتكِ. مالت قليلا للأمام وقد لاحت على شفتها ابتسامة واسعة:- أخذتِ تتشاجري بصخب واندفاع جامح متحديه الأولاد بقدرتكِ على منافستهم في تسلق أعلى شجرة التوت الضخمة. تلألأت حدقتي عيناها بابتهاج:- نعم أتذكر ذاك التحدِ.. وقتها سقطت مرات عديدة على الأرض، جرحت ركبتي وتمزقت ثيابي من الأغصان المتشابكة أثناء محاولتي الصعود. أومأ برأسه مؤكدا بإعجاب:- رغم كل العناء والمصاعب التي واجهتها في تسلقك الشجرة رفضتِ الانهزام أو الاستسلام.. والحقيقة أبهرتني شجاعتك ومثابرتك. هزت كتفيها:- لم يكن أمامي من سبيل أخر ألا الاستمرار، كرامتي لم تسمح لي بالتوقف حتى لا يستهزأ ويشمت بي الأولاد.. عندما استطعتُ الوصول لأعلى شجرة التوت لم أصدق أني نجحت وفزت بالتحدي. أطلقت ضحكه عالية تستعيد زهو لحظة انتصارها.. باغتها شهاب:- ضحكتك تختزل بهجة الحياة.. عندما تضحكي أشعر أن الكون كله يضحك. دقات قلبها تسارعت وقد غمرتها السعادة بإطرائه وغزله.. تضرجت وجنتيها بالاحمرار ولم تعرف بما ترد عليه، هي التي لا يكف لسانها عن المعارضة والمجادلة ومناورة المراوغة تصمت بخجلها عاجزة عن التعبير بما يخالجها من أحاسيس.. ضل شهاب يرمقها بنظراته كأنه ينتظر ان تقول شيئا.. تلك اللحظة تجمد عقلها فلم ينبثق فكرها ألا ان تسأله عن عمله.. لوهلة بدت الخيبة على قسمات شهاب.. أسند ظهره إلى وسائد الأريكة يجيبها بغير اكتراث:- أنهيت الأمور الضرورية، لاشي مستعجل. أحست أنه قال ذلك لئلا تشعر أنها تلهيه عن مسؤولياته الواقعة على عاتقه:- لقد سببت لك متاعب جمة ولا أريد أن .. قاطعها مقطبا حاجبيه:- لستِ كذلك أبدا.. أكمل مستفيضا وهو يضم يدها بكفيه:- حياة .. أنتِ تعرفي ان طبيعة عملي تتطلب الكثير من الجهد والمتابعة الحثيثة لتحقيقات ومسارات تداعيات مجمل القضايا بالتزام تام.. أحيانا كثيرة قد تحدث أمور طارئة ويتم استدعائي لمهمات بالقوات الخاصة أو للمشاركة باجتماعات أمنية عاجلة مع كبار القادة والمدراء في مبنى القيادة العامة، وبموجب ذلك اضطر للمغادرة سريعا دون تأخير. غمغمت باغتياظ :- مع هدى. لمع بريق في عيني شهاب:- تغارين !! ازدردت ريقها مردده باستهجان:- أغار!! عضت شفتها السفلى ولم تستسغ الكلمة فأنكرت متلعثمة بارتباك:- لا بالتأكيد لا.. لكني لا أجد مبررا لتواجدها هنا معك بشكل مستمر ودائم. - هدى مديرة مكتبي، ووجودها في القصر يكون بشأن انجاز بعض الملفات الهامة. عدل من جلسته دون ان يفلت يدها، تنحنح وقال بجدية:- في الحقيقة أنا من يصر على أنجاز الأعمال الإدارية بمكتبي هنا لأني لا أحب ان أنشغل عنكِ لمدة طويلة وأترككِ لوحدك في القصر. تأثرت زويا من بوحه وصراحته.. همست بهدوء:- لستُ لوحدي.. معي عميمة تيتيان. - الخالة تيتيان غاية بالروعة والإنسانية.. لكنها زوجة لشريف طلال. لم يفت زويا عدم استعمال شهاب لفظ أبي بالإشارة لوالده في إصرار على الألقاب.. استطرد موضحا:- ما أقصده ان الخالة تيتيان لديها أعباء كثيرة تقوم بها من واجبات اجتماعية ونشاطات خيرية ولقاءات مع سيدات المجتمع وحضور احتفالات وتكريمات. - أتفهم انشغالاتكم، لا أمانع ولا أستاء من ترككم لي.. لقد اعتدتُ ان أكون لوحدي يا شهاب. تجهم عابسا فاستدركت بسرعة:- رغم ذلك أطمئنك في الأوقات التي تنشغل بها أنت والعمة تبقى تالا معي أما بجواري أو تحوم حولي، أحيانا كثيرة أشعر ان عيناها تراقبني كما لو أنها ملاك تحرسني وتحميني حتى من نفسي. أغمض شهاب عينيه للحظات يتذكر بأسى والدته وما فعلته بنفسها في لحظة اضطراب ذهانها الاكتئابي.. لقد أنفطر قلبه حزنا على ما حدث لأمه.. ذاك الكابوس المأساوي المفجع لن يحتمل ان يتكرر مرة أخرى.. قال بصوت مثير لشجن:- أنا دائم القلق والخوف عليكِ يا حياة.. أخشى من بقاءكِ بين جدران القصر منعزلة منزوية في شرنقتك مع الأفكار الكئيبة. أضاف يحثها:- يجب ان تستعيدي عزيمة قوتك ونشاطك وطموحك لتعاودي مزاولة الحياة. كانت تالا كعادتها بين حين وأخر تطل على زويا وتجلب معها شيئا لتأكله وتشربه.. ارتبكت عندما عبرت إلى الشرفة ووجدت بوجهها شهاب بيك.. أجفلت متشنجة لبرهة، ابتلعت ريقها الذي جف.. تمالكت أعصابها وألقت التحية بهمس خافت، أخفضت رأسها للأسفل واقتربت تضع صينية الطعام فوق الطاولة الصغيرة المستديرة أمامهما، شكرتها زويا فأومأت تالا برأسها دون كلام وتراجعت للوراء دون ان تستدير فما ان وصلت عند باب الغرفة أسرعت تفر بالمغادرة.. تناول شهاب بيده أحد الأطباق وحاول إطعام زويا التي اعترضت بخفر فقال لها برقة:- أحب ان أهتم بكِ، حتى لو قضيت بقيت عمري برعايتك. *************** كلام شهاب كان له أثر مفعول السحر على الروح المعنوية لزويا.. في الصباح الباكر ارتدت ملابس خفيفة ونزلت إلى قاعة الرياضة التي يتمرن بها شهاب كل يوم. كانت القاعة فسيحة تحيطها المرايا وتحتوي على مجموعة متنوعة من أجهزة اللياقة البدنية وأدوات الملاكمة ورفع الأثقال.. استطلعت المكان بتأنِ، لفت انتباهها خزانة بالجدار علقت بداخلها أنواع مختلفة من المسدسات بكافة الأشكال والألوان المختلفة، إضافة للعديد من الأسلحة يبدو ان شهاب يستعملها أثناء تدريباته في غرفة جانبية مخصصه لمهارات التصويب. بفضول ولجت إلى تلك الغرفة، من وراء الزجاج الفاصل تأملته وهو يقف منتصب القامة باستقامة رافعا ذراعه المفتولة العضلات أمامه بثبات ليوجه المسدس نحو نقطة الهدف ويطلق الرصاص بدقة.. وكأن حدس قلبه أنبأه بوجودها، استدار جانبيا فتلاقت نظراتهما، أشار إليها بالانضمام له.. هزت رأسها رافضه بشدة بضيق وارتدت بخطواتها للوراء ثم خرجت من الغرفة وعادت إلى قاعة التمارين البدنية.. كانت تتفحص بتركيز الأجهزة الرياضية الحديثة فلم تسمع صوت أقدام شهاب، انتفضت عندما سألها بقلق:- لما أسرعت بالهرب!؟.. ردت بإيجاز:- لم أهرب. قطب جبينه حائرا:- بدا لي خروجك كالهروب!! وكأن شيئا ما أزعجك!! استفهم بإلحاح :- لماذا لا تريدين ان تجربي التصويب؟ هل تخافين حمل المسدس؟! - لا أخاف.. لكني أمقت الأسلحة. أقترب منها مهتما لمعرفة رأيها.. ترددت زويا بالكلام كي لا توتر الأجواء. - الاختلاف في وجهات النظر لا يعني الخلاف يا حياة. أومأت توافقه فرغم احتدام سجال مناقشاتهما لكن شهاب كان دوما يحترم قناعاتها ولطالما ترك لها المجال لتفصح عن توجهاتها ومعتقداتها وأرائها. أخذت نفسا عميقا وأفصحت دون وجل:- أكرهه كل أدوات القتل.. بالنسبة لي أي حادثة بهذه الأسلحة ستكون جريمة بشعة في الحياة.. لا استطيع الإقرار بالعنف كوسيلة ضد الكائنات الحية فأنا أعتبر قتل ومصرع كل روح كارثة كونية. قال متفهما:- أنت تنظرين للأمر من الناحية الإنسانية.. لكن لنكن واقعيين ومنطقيين، التبديلات الجذرية بتاريخ الأمم والتغييرات في الحضارات، كذلك صد حروب العدوان وحتى الثورات في كل أنحاء العالم لم تتم ألا عبر السلاح. - نعم أعرف يا شهاب ولهذا أجدني أتعذب بداخلي في صراع بين جدوى استعمال السلاح من عدمه. :- إذا ما داهمنا الخطر نصير على استعداد لمجابهة أي مخلوق نجده في طريقنا يعتدي علينا. أومأت برأسها إيجابا:- عقلي مقتنع تماما بما تقوله واتفق معك.. استخدام العنف لدفاع عن النفس حق يأتي كرد فعل طبيعي.. إذا ما حاول أحدهم ضربي من المؤكد لن أقف مكتوفة اليدين بل سأقوم بالرد عليه بضربة ربما تكون أشد. استدارت وسارت إلى كيس الملاكمة المعلق بالسقف:- لم أتمرن منذ وقت بعيد.. هل لديك قفازات للكم؟ قال لها محذرا بابتسامة وهو يعطيها القفازات:- لا ترهقي نفسكِ. شعر شهاب بالسعادة العارمة لامتثال زويا لنصيحته.. خروجها بالفعل من شرنقة عزلتها وحالة عدم اكتراثها بما يجري حولها أضاء قلبه بالبهجة، فهذا مؤشر جيد ودليل أنها بدأت تتحسن فعلا. بعد بضع ضربات توقفت زويا تلتقط أنفاسها، عيناها اتجهت بتلقائية نحو شهاب ترنو إليه أثناء ممارسته سلسلة تدريباته وتمارينه الشاقة ليرفع من لياقته البدنية، لم تستطع إلا الإعجاب بقدراته القتالية وطاقته الفياضة. ضلت تنتظره لحين أنهى الاستحمام وخرج لينضم إليها.. قالت له:- اشتقت إلى الجامعة، أريد العودة لاستكمال دراستي وإنهاء فصل تخرجي.. كما أفكر بمتابعة عملي كمراسلة متدربة بالجريدة. ما رأيك؟.. ابتسم بانشراح ليس فقط لميلها إلى الاختلاط بالناس ومواكبة الحياة وبدء التخطيط لمشاريع المستقبل، بل لأنها تشاركه أفكارها وتستشيره وتسأله رأيه.. وهذا تغيير مذهل وتطور هام بشأن علاقتهما ما كانت ستفعله زويا من قبل بشخصيتها المستقلة. عندما اجتمعوا في القصر أثناء تناولهم الطعام أعلن شهاب عما عزمت عليه زويا فعلقت العمة تيتيان بفخر:- زويا ليست أنثى تقليدية، لقد كافحت كثيرا طوال سنين عمرها فلا يغركم ضعفها المؤقت.. هي في الحقيقة مناضلة لها شخصية قوية فولاذية العزيمة والإرادة.. عندما بلغت الثامنة عشرة ودخلت الجامعة أرادت الاعتماد على نفسها بالعمل كي تسدد نفقات دراستها ومصاريفها رافضة الاتكال على والدها ماليا. لم يكف شهاب عن تأمل زويا عبر الطاولة مصغيا لتيتيان:- أخي هوسين(حسين) أنصدم بطريقة تفكيرها فهي ابنته ووريثته، فكل ما يمتلكه عائدا لها.. حاول استيعابها واحتواء عنفوانها وكبريائها باستعمال مخزون ذكائه ودبلوماسيته التي اكتسبها من عمله السياسي في السلك الدبلوماسي... أتذكر جيدا ما قالته زويا لأبيها بصريح العبارة ( تلك ثروتك وأنا لا استحقها.. لم ابذل جهد أو أتعب في سبيلها.. أُفضل أن أسعى وأعمل لأجني الأموال وتكون لي ثروتي الخاصة وحينذاك سأهبها كلها لمعالجة الأيتام الصغار الذين يعانون من أمراض مزمنة.) يتبع ... | |||||||
|
| |
|
01-04-19, 06:07 PM
| #697 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| حركت دينا يدها تتأمل بزهو أسوارتها الذهبية التي لا تفارق معصمها.. كانت لا تكف عن محاولتها باستمرار في حل رموز الكلمات المنقوشة.. استعارت من مكتبة بيت الجدة توجان كتاب مبادئ تعلم اللغة الشركسية (الأديغابزة).. وجدت نفسها أمام معضلة حقيقية في فهم الأبجدية الاديغية المكونة من الأحرف اللاتينية المعدلة والأحرف السيريلية المعدلة.. خاصة عند استخدام أكثر من حرف للصوت الواحد في تركيب الحروف المتعددة التي قد تصل لأربعة أصوات مما يجعل الكلمات طويلة معقدة لا يمكنها تهجئتها ولفظها.. كما واجهت صعوبة في القواعد لعدم وضوح الحالات التي تسمى الإرغاتيف وهي تحديد اللاحقة المضافة للاسم أو للفاعل.. ورغم كل التعقيدات والصعوبات والتحديات لم تحبط وتتشاءم بل سعت للاشتراك بدورة لتتعلم لغتهم الأم في الجمعية الشركسية.. العمة نالقت ابتهجت وشجعتها:- أنتم يا جيل المستقبل تقع عليكم مسؤولية هامة كي لا تندثر لغتنا. - تعلم اللغة الاديغية ليس هين يا عميمة. ابتسمت نالقت بلطف وهي تحيك بالسنارة:- مهما كان الأمر شاقا يا حبيبتي يجب ان تحافظوا على لغتنا وهويتنا واديغتنا الخابزة. تدخلت الجدة توجان تقول وهي تطرق بعكازها:- ليس هناك من مستحيل، أجدادنا عندما جاؤوا إلى بلاد الشام لم يكونوا يعرفون اللغة العربية لكنهم تعلموها.. لقد ذكرتني بابن باقوة وحكايته مع سمو الأمير عبدالله. أسرعت دينا نحو الجدة:- جدتنا الجواشة الحلوة أرجوكِ أخبرينا حكاية ابن باقوة والأمير. العينان الزمرديتان سرحت في ذكريات الماضي تستعيدها، ابتسمت الجدة توجان وانسلت الكلمات من بين شفتيها متدفقة تروي:- ابن باقوة كان رجل يشتهر بين قومنا بحيل دعاباته ونوادره الطريفة.. عندما تأسست إمارة شرق الأردن عام 1921م خرجت الوفود لتستقبل سمو الأمير عبدالله الأول أبن الحسين.. كان ابن باقوة ضمن الأفواج وقد هاج به الانفعال وامتلأ حبورا فاندفع ينهض من مجلسه ببنيته الضخمة كالعملاق ليقول خطاب أمام الأمير باللغة العربية التي لم يكن يتقنها ولا يجيد مخارج حروفها فقال ( أمير .. أنت كبير.. كبير.. والكل تحت ذنبك ) وجم جميع الحاضرين واكفهرت وجوه قومنا، فما تفوه به ابن باقوة لم يكن بالحسبان، وقد خشي حينها الاديغيين الشركس عاقبة هذا التهور المنفلت وغير الملائم على الإطلاق لترحيب بأمير الهاشميين سليل بيت رسولنا الكريم. توجست الجموع الشر وحبسوا أنفاسهم مضطربين.. وقف ابن باقوه بضخامة جسده على قدميه الكبيرتين يراوح مكانه وتلفت مستطلعا في الوجوه العابسة المتجهمة وقد لاحت على شفتيه ابتسامة بلهاء.. تساءل بنظرات ذاهلة دون كلام عن الخطأ الذي ارتكبه.. تحاشى الجميع نظراته المتوسلة فلم يفهم فداحة غلطته وسوء تركيبه اللغوي باختيار الكلمات.. رئيس الوفد تمتم بفم منطبق يتوعده:- فوزوه وخن (سأعلق مشنقتك) لكن الأمير الذي فاجأه التعبير الغير متوقع ما لبث ان استوعب المعنى الكبير الذي يضمره ابن باقوه بلغته العربية البسيطة وألفاظه الركيكة. الأمير قهقهه عاليا.. ضحك وهو يميل إلى الخلف حتى بانت نواجذه.. وبعد ان استعلم عن اسم المتكلم قال مشجعا:- أحسنت ابن باقوة لأنك تحاول ان تتعلم لغتنا العربية.. وسوف أتذكر كلامك جيدا بعد ان تستقر الأمور بنا في إمارة شرق الأردن.. أضاف سموه موجها كلامه للقوم:- ستحصلون على الأمان فلا تجزعوا أنتم في ديار الإسلام. تنفس الجميع الصعداء بارتياح وتهللت أساريرهم بغبطة الانشراح.. وعندما ضُرِبت الخيام فوق جبل عمان واستقر الأمير بمقامه أراد ان يقيم سورا حول موقع الخيام، فأرسل مرافقيه ليسألوا عمن يمكن ان ينجز ذلك العمل على أفضل ما يكون، فقيل لهم ان الأمير لن يجد أمهر من الشركسي ابن باقوه.. ابن باقوة شعر بالفخر والاعتزاز حين تم استدعائه من رجال معاونين الأمير، فأسرع لعمله وباشر في بناء السياج بحرص شديد ودقة متناهية لينال رضا سمو الأمير.. وكان الأمير يتفقد السياج وما أنجزه ابن باقوه كل بضعة أيام ليتأكد من سير الأمور على ما يرام.. وذات مرة لاحظ اعوجاج في طرف البناء فأمر بحضور ابن باقوة في الحال، ولما مثل أمامه قال الأمير له:- هناك اعوجاج في بناء السور. ابن باقوة انفعل باستياء ورد بعفوية:- سور مش أعوج.. أنت أعوج.. غضب الأمير وطلب من الحرس ان يقيموا دائرة في موقع بالساحة لا يطاله الظل طوال النهار، وأمرهم ان يبقى ابن باقوه واقفا على قدميه وسط الدائرة تحت أشعة الشمس الملتهبة عقابا له على وقاحته.. وقف ابن باقوة ضخم البدن وسط خط الدائرة مدركا قبح ما تلفظ به لسانه.. وقبل ان يبتعد الأمير غاضبا ناداه ابن باقوه :- أمير .. يا أمير. توقف الأمير واستدار إليه فاستفسر:- لما شمس بروح.. وين بروح أنا؟ ضحك الأمير وقد هدأ غضبه، قال بلين ملاطفا:- يا لك من ماكر تعرف كيف تتملص وتنفذ بجلدك بطريقتك المرحة.. عد إلى عملك حالا.. وأصلح اعوجاج السور.. أتمم البناء كما أراه أنا لا كما تراه أنت. يتبع ... | |||||||
|
| |
|
01-04-19, 06:10 PM
| #698 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| وقفت زويا قبالة المرآة تنظر إلى صورتها.. وجهها شاحب قليلا والهالات القاتمة تحيط حول عينيها، بشرتها تحتاج إلى ترطيب والكثير من العناية.. مررت أصابعها عبر خصلات شعرها الفوضوي المتنافر تحاول ترتيبه.. عبست تعترف بضيق أنها مهملة بحق مظهرها. في طريقها للجامعة وجدت نفسها تنجذب بتلقائية لتتأمل واجهات المحلات التي تعرض موديلات فساتين بألوان زاهية في أجدد وأحدث صيحات الموضة. عند بوابة الجامعة رأت دينا تنتظرها مثلما اتفقتا.. أخذتا تتعانقان في لحظات مشحونة بالعواطف قبل ان تتنبها لنظرات المارين حولهما.. تنهدت دينا بانشراح:- الحمدلله أخيرا استطعنا الالتقاء على أرض الواقع. علقت زويا ساخرة:- من يصدق أننا نعيش في مدينة واحدة ولا نستطيع ان نتقابل إلا بذريعة دوام الجامعة. ترافقتا إلى مبنى شؤون الطلبة حيث قدمت زويا الأوراق الرسمية، ثم أخذتا تدوران بين المكاتب وتقفان بالطابور لتحصلا على الطوابع والتواقيع المطلوبة. عندما انتهت زويا من استكمال الإجراءات سحبت دينا من ذراعها باتجاه البوابة الخارجية، سألتها دينا:- إلى أين؟.. لدي محاضرات. - أعدك لن تتأخري عن محاضراتك.. لكني أريدك ان تساعديني لتحسين من شكلي، ألا ترين أن شعري مشعث وبشرتي جافة، وثيابي.. أكملت دينا ضاحكة:- مهلهلة كالمتشردين. أضافت تغمز بعينها تمازحها:- سهم كيوبيد حب شهاب أصابك بقوة يازويا .. من يصدق أنك أخيرا قررتِ الهبوط على كوكب الزهرة لتعيشي في عالمنا النسائي.. راحت تذكرها :- كنتِ إذا ما طلبت منكِ والدتكِ ان تقومي بعمل حمام زيت لشعرك وتطلي أظافرك أو نصحتكِ عميمة تيتيان بارتداء فستان في مناسبة ما، تسرعين بالرد عليهما بمرافعة طويلة وأطروحة عن قضايا المرأة وتسليعها و.. قاطعتها زويا متبرمة:- هل ستقدمين لي العون ؟ أومأت بحماس:- بالتأكيد نعم. سألتها مقترحة:- ما رأيك لو ذهبنا إلى نوزت؟ اعترضت زويا تصيح:- نوزت !!.. لا.. هل نسيتِ ما فعلت بشعر دوناي عندما أرادت صبغه لها يوم حفل الجكو بالنادي. أوضحت دينا:- في ذلك الوقت كانت ما زالت مبتدئة تتعلم بمعهد التجميل لكنها ألان بارعة وماهرة بعملها ولقد افتتحت محلها الخاص.. سأصطحبك إليها شرط ان لا تعانديها، اتركيها تفعل ما تراه مناسبا. تأبطتا ذراعيهما وأسرعتا تعبران الشوارع المزدحمة.. كانت هذه المرة الأولى التي تشعر بها زويا بالرغبة في التغيير والتجديد بإطلالتها وتجربة ما هو أكثر جاذبية من القمصان وسراويل الجينز.. في صالون التجميل استقبلتهما نوزت بابتهاج وسرور ودعتهما أن تثقا بها.. حملت المقص وراحت تحركه بخفه وسرعة تهذب أطراف شعر زويا بتمشيطه أضفت على ملامحها رقة وجمالا أنثويا مع غرة منسدلة فوق جبينها.. زويا لم تعترض عندما بقيت ساعة تحت جهاز البخار لعمل تنظيف لمسامات بشرتها حتى تصبح ناعمة نضرة، ولم تتذمر من نقع يديها وقدميها بالماء الدافئة لتخضع بعدها لجلسة تدليك بمستحضرات الكريمات والمرطبات.. ولم تتأفف بضجر حينما وضعت نوزت على وجهها قناع الطين وأمرتها ان لا تتحرك حتى لا ينتزع أو يتشقق.. كانت زويا توشك على الخروج من صالون التجميل بإطلالتها الجديدة عندما رن هاتفها، تلقت اتصال من يعرب اطمئن به على صحتها، خلال حديثهما أخبرته أنها عادت للجامعة لتحصل على شهادة البكالوريوس وهي في طريقها إلى مبنى الجريدة لتقدم طلبا لتدريب من أجل العمل مجددا كمراسلة صحفية. بنبرة صوته الثابت قال يعرب بأسلوبه الحماسي :- نعم .. علينا الإصرار على مواصلة تعليمنا والعمل بمثابرة حتى لو كنا في أكثر الأوقات العربية رداءة. - عندما رجعتُ من رحلة علاجي سألتُ عنك الزملاء في الحراك، وحينها علمتُ أنك سافرت منذ عام فائت إلى لندن في بعثة لدراسات العليا. سمعته يهمس باقتضاب:- لقد عدتُ .. أكمل باستعجال:- لاحقا عندما نلتقي سأخبرك بكامل تفاصيل ما حدث معي. ولجت زويا مبنى مقر الجريدة فوجدت يعرب في البهو.. تقدم يستقبلها بملامحه المريحة وابتسامته العريضة التي وصلت لعينيه البندقيتين.. بعد خروجهما من مكتب المدير التنفيذي قال لها يعرب:- لم يغيرك زواجك من الشريف شهاب بيك. رمقته بنظرة استفسار فأفصح شارحا:- اقصد أنك لم تستغلي نفوذه ومركزه.. مخابره هاتفية سريعة كانت كفيلة بإعادتك للجريدة دون الحاجة بكِ لأجراء أي مقابلات. ردت عليه بقوة:- تعرف أني أمقت الوساطات والمحسوبية وكلنا متساويين .. هذه قناعات ومبادئ أساسية بديهية .. أنا هكذا ولن أتغيير بقناعاتي ومبادئي. اتجها إلى مقهى هادئ قريب من مقر الجريدة كانا فيما مضى معتادان على ارتياده لتباحث حول القضايا والمستجدات ولكتابة مقالاتهم الصحفية بعيدا عن الصخب الدائر في أقسام الجريدة.. جلسا في ركن منزوي بالمقهى يحتسيان القهوة على مهل.. تلفت يعرب يمينا ويسارا كمن يتأكد من عدم وجود أحد حولهما يسمعهما, ثم قال بصوت خافت:- قبل عام فوجئت بحصولي على منحة بالخارج لدراسات العليا.. قبل سفري تم استدعائي لإنهاء معاملة أوراق البعثة من مكتب مدير الباشا الكبير.. كنتُ في قمة البهجة أعد الساعات بفارغ صبر لأحلق بالطائرة وأحقق حلمي.. صمت لبرهة ثم قال بازدراء:- لم أكن أعرف أني على موعد لأتلقى العرض الأكثر إذلالا في حياتي.. التعامل مع نظام السلطة أو حجز جواز السفر لمنعي من أكمال الدراسة في أوروبا.. نعم أعلم أن قبلي كثير من الطلاب حشروا مثلي في زاوية هذا الخيار الظالم.. مدير مكتب الباشا الكبير قال لي:- نحن لا نريد الكثير.. لن نطلب منك مالا يمكنك فعله.. بعض الطلبة يستغلون وجودهم بعيدين عن متناول أيدينا وعيوننا لينتمون إلى تنظيمات مشبوهة وجماعات إرهابية تخطط لإلحاق الضرر بسمعتنا والإساءة للوطن.. كل ما نريده منك أن ترسل إلينا معلومات وتقارير مفصلة عن ما يفعله زملائك الطلاب من تحركات ونشاطات، علاقات وانتماءات.. وكل ذلك من أجل المصلحة الوطنية. أنحنى مدير مكتب الباشا الكبير فوق سطح مكتبه الفخم مستطردا:- لقد اخترناك من بين كثيرين مستعدين لتنفيذ كل ما نريده منهم، لكننا فضلناك عليهم.. لابد وأنك يا يعرب تتساءل لماذا انتقيناك أنت بالذات دون غيرك رغم تاريخك الحافل بالمعارضة والمناكفات السياسية؟. وقبل ان أتفوه بكلمة استفاض مدير مكتب الباشا:- لهذا السبب بالضبط نريدك معنا، أنت يا يعرب لن تكون بالنسبة لزملائك بالبعثة ضمن المشتبه بهم لأنك مناضل وناشط في كل الميادين، هذا الأمر سيشكل غطاء حولك يمنع الطلبة من الشك بك فيعاملونك بارتياح وانفتاح ويودعونك أسرارهم.. أضاف :- حين عودتك ستجد الوظيفة التي تطمح لها، يمكنك أن تختار أي من الدوائر الرسمية أو الوزارات لتعمل فيها، وإذا رغبت بالبقاء في بالخارج بعد حصولك على الماجستير يمكنك متابعة أطروحة الدكتوراه.. وحينها سنقوم بتعينك دبلوماسيا ضمن طاقم عمل سفاراتنا.. نهض من على كرسيه، استدار حول المكتب وتقدم ليقف ورائي واضعا كف يده على كتفي الأيسر هامسا في أذني :- ما دمت معنا تستطيع أن تصل للأعالي.. بصوت القوي هتف يعرب- تصوري يا زويا لأحظى بحقي فيما أطمح يجب أن أكون مخبراً، جاسوساً على رفاقي!.. - وماذا فعلت ؟ بصوته النابض بالنضال أفصح:- رفضت العرض بإصرار رغم كل المغريات التي لا تقاوم. سألته زويا بوجل:- لم تخاف من معاداتك وتحديك لهم ؟.. حدق يعرب للحظات في نقطة وهمية مستعيدا الأحداث ثم أسهب في سرد ما جرى معه دون ان يغفل عن شيء، قال بغصة:- عندما دفعوا بي إلى الزنزانة صرختُ مزمجراً بوجه متجهم وعينين تبرقان:- لن تستطيعوا إغلاق أبواب السماء بهيمنة صولجانكم، شمس الحقيقة ستفضحكم وتذيب شحوم الأقنعة عن وجوهكم الصدئة ووجوهكم المغمسة بوحل الظلام .. يوم الحساب سوف يأتي قريبا. رحتُ أدور بين جدران زنزانة صغيرة بلا نوافذ تفوح منها روائح كريهة لعفن الرطوبة وأوساخ الفضلات والحشرات.. بلهجة اشمئزاز تابعتُ استفزازي للحرس ولمن أيقن أنهم يشاهدوني عبر أجهزة المراقبة المزروعة في مكان ما بالحائط:- لن تنالوا من إيماني وتجبروني حتى أرضخ لعروضكم، كل وسائلكم التكنولوجية المتقدمة وأجهزة قمعكم وفنون تعذيبكم التي تبدعون بابتكارها لن تهزم هذا القلب الحر.. أتحرق شوقاً لمقابلة المحققين، سأثبت لكم وللعالم أن يعرب عصي على الانكسار فلا الكهرباء ولا أساليبكم الهمجية المعقدة قادرة على منعي من التصدي لطغيانكم يا من بعتم الوطن. تأججت الحماسة في صدري:- لو بترتم أطراف جسدي وقطعتم يدي وأرجلي لن أقتنع بان أكون جاسوسا على زملائي.. لن تنجحوا في تكميم فمي حتى وأن استأصلتم لساني بقابض من الحديد لن أتوقف عن معارضتكم.. ولن أنضم إلى حظيرة قطيع المدجنين بالخوف. كنتُ كمن يصرخ في بئر مهجور وليس هناك من يعبأ لصراخي.. بقيتُ أسبوعاً كاملاً أدور صارخا في الزنزانة الضيقة أنتظر بفارغ الصبر أن ينادوني لتحقيق لكن أحد لم يستدعيني وكأنهم نسوا وجودي تماماً.. كنتُ راقداً على الأرض أحدق في السقف متعباً منهك بعد ان استنفذتُ كامل طاقتي بالصياح وخبط وركل الجدران السود النتنة، حينها سمعتُ صرير الباب الحديدي الذي لم يفتح منذُ أغلقه السجان.. فخلال مدة سجني الفائتة كانوا يرمون لي من كوة صغيرة أسفل الباب قطعة خبز يابسة وقنينة تحتوي بضع قطرات ماء ليطمئنوا إلى بقائي على قيد المعاناة.. أطل السجان فانتفضتُ منتصب القامة أقول بصوت ثابت ساخراً:- حانت لحظة المواجهة أخيرا . اقتادني الحارس في دهليز قاتم تحف به الأبواب من الجانبين. تناهت لي صرخات بعض المعتقلين في أقسام مختلفة .. توقفنا عند حجرة قرع بابها بلباقة ثم قام بفتحه ودفعني إلى الداخل بقوة كدتُ معها أفقد توازني وأتعثر، ترنحتُ قليلاً قبل أن أتماسك وأثبت قدمي وأصلب طولي.. جلتُ بعيني استطلع المكان فرأيتُ الضابط المحقق مستريحاً في مقعده الدوار رافعاً ساقيه فوق سطح طاولة يكتظ فوقها أوراق وأضابير مكدسة على بعضها، حدق بي بعينين تخلو من أي تعبير ثم تناول أحد الملفات يتصفحه بلا اكتراث.. سألني بهدوء سلبي يبعث على الغيظ:- يعرب ؟ أومأتُ برأسي إيجاباً بوجه صارم عنيد وتقدمتُ خطوتين بكل كبرياء. التفت ضابط التحقيق للحارس قائلا :- مع السلامة. ما أن أوصد الحارس الباب ورائه حتى انفجرتُ زاعقاً:- لن أستسلم لما تريدون، سأضل على موقفي ثابتا حتى يكون لنا وطن حر خالِ من الفاسدين المستبدين سارقي الأحلام. بلا مبالاة مصطنعة محافظاً على أعصابة نطق المحقق الفذ الحذق بصوت مستهزئ متجاهلا ما قُلتُ:- أنت متأكد من أسمك؟.. رددتُ بعنفوان:- أسمي يعرب .. ولن أستنكر ما قمتُ به برفضي ان أصبح مخبرا لكم فأنا فخور بإيماني وبنشاطي السياسي المعارض. تثاءب الضابط المحقق بطريقة مقصودة، غطى فمه بيده كمن يوحي بأنه غير معنى أو مهتم بل أصابه الضجر.. أنزل ساقيه عن الطاولة ببطء شديد وجلس محترفاً صياغة البرود المستفز كمن يتمنن عليي باستجوابي:- ومن قال لك أنك هنا لأنك رفضت عرضنا؟!.. أضاف وهو يحرك قلم حبر بين أصابعه:- كما أن ميولك الحزبية ونشاطك السياسي نعتبره حقك كمواطن بنص قانون الدستور. جحظتُ بحدقتي عيني مدهوشا متسائلاً عن سبب اعتقالي:- أذن ليس لديكم شيء ضدي.. لذا لا يوجد أي مبرر لزجي في معتقلكم الوحشي. انتفض مستهجنا:- الوحشي !!!.. لم يضربك أحد من الحرس رغم أنهم قادرين على تعليقك من قدميك في أعلى السقف وإيذائك. أردف :- كما تعرف جيدا أننا نستطيع ببساطه اتهامك بأنك شريكا وعميل لأجندات خارجية في التحريض للقيام بعمليات من شأنها المساس بأمن الوطن، لكننا لم نفعل. - من حقي أن أعرف سبب اعتقالي وحبسي منذُ أسبوع. تجاهلني ضابط التحقيق كأنة لم يسمعني، أخذ يقلب في أوراق ملف بين يديه مواصلاً تعذيبي بالصمت الغامض ناجحا بإرباكِ، هتفتُ بامتعاض وقد نفذ صبري:- لماذا ؟.. دون أن يرفع نظراته عن الملف تمتم ساخرا بخبث:- أنت ترغب في أن تلعب دور المناضل الضحية. مال برأسه جانباً وأستدرك مشدداً على كل كلمة:- نحنُ هنا لا نلعب. شعرتُ بالاضطراب ولم أفهم ما يقصده:- أتحاول يا بيك إيقاعي في دائرة ودهاليز المتاهات المبهمة. قاطعني وقد خرج أخيراً عن هدوئه السلبي المستفز قاذفاً الملف في وجهي صارخاً:- بالعربي الفصيح أيها الشجاع الهمام نحن لا نعتقلك لأسباب سياسية أو انتماءات حزبية... لااااااااا يا يعرب. تابع هجومه:- أنت وأمثالك خطر على أمن مجتمعنا وقيمه.. قبضنا عليك لأسباب أخلاقية. صعقتُ وقد انعقد لساني، لم أصدق ما يترامى إلى أذني، لم أهتد إلى كلمة أنطقها من هول الصدمة:- أراك بت أبكم بعد أن كان لسانك لا يكف ولا يستكين. أنتفض الضابط المحقق واقفاً صارخا:- نحن نملك معلومات ووثائق تؤكد سلوكك المنحرف وشذوذك. ضغط على الجرس فأطل الحارس، أومأ له أن يعيدني إلى الزنزانة. عرق بارد تصبب من جبيني، رجفة الصدمة هزتني فمشيتُ بجانب السجان محدودب الظهر بملامح ذاهلة وقد لذتُ بصمت أسود كئيب.. ارتميت على أرض الزنزانة متهالكاً.. يا ليتهم عذبوني جسدياً أو سألوني عن حراكنا المعارض، تمنيتُ لو أن ذلك المحقق الداهية سألني عن أسماء القيادات الحزبية، التكتلات السياسية أو مخططاتنا بالاعتصامات والمظاهرات.. أعلم أنهم يلجئون لأساليب ملتوية لكسر شوكتي المتقدة حماساً لكن اتهامهم لي بأخلاقي فاق كل ما تخيلتُ من سيناريوهات!.. قفزتُ كثور هائج مندفعاً نحو باب الزنزانة أطرقه بعصبية صارخا:- أريد مقابلة المحقق.. أنا لستُ شاذاً ولا منحرفاً بأخلاقي. هز الضابط المحقق رأسه ما أن عدتُ لغرفة التحقيق، قال بصوت سريع مباغت مدعيا تعاطفه وهو يحدجني بنظرات غريبة:- يعرب يا يعرب إذا ما قررت التعاون معنا فتأكد سنقف لجانبك في محنتك وعلى عاتقنا سوف نرسلك للمعالجة حتى تشفى تماما. فهمتُ أشارات رسالته الملغزة بالهيمنة، سألته مباغتا:- ما دمتُ متهم بأسباب أخلاقية فما شأن المباحث والمخابرات باعتقالي؟.. لماذا لم توقفني شرطة الآداب؟.. ببرود قاتل أجابني:- نحن أدرى منك بعمل أجهزتنا. ربت بيده فوق ملف ضخم مضيفا:- تقدم مواطن بشكوى ضدك لاغتصابك طفلته الصغيرة التي لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها. فغرتُ فمي كالأبله المخبول: - ماذا !!!!.. الضابط المحقق نهض وأخذ يدور حولي:- المشتكي من عشيرة ذات سطوة وبأس وقوة.. لقد أقامت الدنيا ولم تقعدها، أقسموا على الانتقام منك ما لم نعتقلك ونؤدبك.. حتى الآن نحن نمسك زمام الأمور ونسيطر على غضبهم.. لنلملم القضية دون فضائح.. لا أظنك يا يعرب ستكون سعيدا إذا ما تسربت أخبار انحرافك وشذوذك الجنسي إلى الصحافة والأعلام.. أنت صحفي خبير وتعرف كيف تتم الأمور مع المحررين والكتاب.. سوف تنشر الجرائد والمجلات وشبكات قنوات التلفاز عن الموضوع لتصبح قضية رأي عام. صمت مراقبا ذهولي ثم تابع:- التنظيم الحزبي ورفاقك الحراكيين الذين تنتمي إليهم لن يقدروا على حمايتك أو يفزعوا لك، بل ربما في خضم الفضيحة الكبرى الرفاق يتبرؤون من معرفتك.. والحزب المعارض يفصلك وينكر أن يكون لهم صلة بك منعاً لشوشرة الإشاعات وحرصاً على مصلحة سُمعت وصيت التنظيم النضالي العريق، خاصة في هذه المرحلة الحساسة الحرجة التي يستعدون ويحشدون لخوض معركة الانتخابات النيابية القادمة، هم وكما تدرك تماما يحتاجون إلى أصوات الناخبين من عامة الشعب الذي لا يغفر أو يتهاون مع أي خطيئة أخلاقية.. نحن مجتمع معروف بمحافظته. أدركتُ أني تورطتُ بمؤامرة حيكت ضدي بمهارة .. تم كسري بضربة مباغته محكمة خاطفة سريعة قاضية مباشرة!!.. حينما أرجعوني إلى الزنزانة ركعتُ أرضاً منهاراً، فاضت الدموع من مقلتي وسقطت دون أن أمسحها. قاطعته زويا بشهقة مكتومة:- يا الهي .. هوت كف يدها فوق الطاولة أمامها محدثه ضجة في المقهى الساكن وأردفت بسخط واستنكار:- ذاك المحقق رهيب فظيع مستفز بألاعيب محاوراته وأساليبه مناوراته الملتوية. فتح يعرب فمه يريد ان يقول شيئا لكنه أعاد إغلاقه ملتزما الصمت كمن يخفي شيئا.. أكملت زويا متأثرة بانفعال:- أنه حقا محقق داهية محنك باستعماله هكذا مكيدة!!.. لقد نجح في عملية إرباكك تماما دون ان يستعمل العنف أو التعذيب. - نعم .. بين أرجوحة الترهيب والترغيب وقعتُ فريسة بواقع متأزم، إزاء قهر الضغوطات اضطررت لرضوخ، لم يكن أمامي مجال للاختيار، اضطروني لحسم القرار.. لم أستطع رفض عرضهم.. حزمت حقائبي وسافرت إلى لندن. سكت يعرب عن حديثه فجاه، عيناه كانتا تبحلقان دون أن يرف له جفن.. التفتت زويا برأسها تستطلع إلى حيث راح يعرب يحدق.. رأت هدى واقفة من بعيد.. ما أن تلاقت نظراتهما حتى اندفعت نحوهما قائلة:- يا للمصادفة .. حياة، يعرب .. حدس غريب انتاب زويا مؤكدا لها ان وجود هدى في المقهى ليس مصادفه أبدا.. نهاية الفصل العاشر لا تحرموني من تعليقاتكم وتوقعاتكم ولايكاتكم | |||||||
|
| |
|
01-04-19, 06:14 PM
| #699 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| شكرا لحضوركم احبتي بتمنى الفصل ينال اعجابكم قراءة ممتعة الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 5 والزوار 4) دنيازادة, ahmedman2010, نور المعز, ياسمينة الماضي, ريناااات | |||||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
71Likes
.png)
العرض العادي
