آخر 10 مشاركات
انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          فرسان على جمر الغضى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          قيود العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : pretty dede - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          زَخّات الحُب والحَصى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          همس الموج - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة Nor BLack **مكتملة& الروابط** (الكاتـب : Nor BLack - )           »          تشليح سيارات الدمام (الكاتـب : اماني العشري - )           »          أميرها الفاتن (20) للكاتبة: Julia James *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-07-19, 09:08 AM   #111

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي رواية القيادي


الفصـل الخمســــون
القِِيَّـــادي
ــــــــــــــــــــــ

تأملن رفقاتها ثوب زفافها الرائع باعجابٍ وأخذت هي تدور حول نفسها بمرحٍ، توقفت جيسي لتلتقط أنفاسها وأصوات ضحكاتها الفرحة تصدح في المكانِ فسعادتها اليوم لا توصف، تحقق ما حلمت به والليلة ستجعله لها لتكسر الجليد الذي يحاوط مشاعره وانتوت ذلك لتبرع في استفزازه فتلك نقطة ضعفه، هيأت نفسها من تلك اللحظة بتطاوله عليها بالضرب فقد فطنت شخصيته العنيفة والهمجية بأن تتحمل فحُبها له سيجعلها تتناسى عنفه معها وجفاءه كونه مفتقرًا للعاطفةِ وتنهدت بحبورٍ ٍمبتسمة بولهٍ أستحوذ على قسماتها الرقيقة؛ دنت منها رفيقتها المقربة لتنتبه لها جيسي وتنظر لها، غمزت الأخيرة بعينها قائلة:
- مبروك جيسي، بصراحة افتكرتك هتصاحبيه، إنما جواز مرة واحدة كده، برافو عليكي مخدش في إيدك كام يوم .
بتعالٍ شديدٍ نظرت لها جيسي وردت بثقة:
- هو أنا بلعب، عجبني وأخدت قراري إني هتجوزه وحصل زي ما أنتوا شايفين قدامكوا .
إحدى صديقاتها وهي تتطلع من على بُعد على عمرو وهو يتحدث مع أحدهم، قالت بهيامٍ حالمٍ:
- يا بختك يا جيسي بيه، بصراحة يجنن قوي .
عبست تعابير جيسي ورمقتها بانزعاجٍ وغِيرتها غطت طلعتها، دنت منها وهي تحدُجها بنظرات فتّاكة وبحركةٍ عنيفة مدت جيسي يدها لتبعد وجه الفتاة للناحيةِ الاخرى لتمنع نظراتها من التطلع على ما لها، نظرت لها الفتاة بدهشةٍ من ردة فعلها فعنفتها جيسي بنبرةٍ منفعلة:
- لو شوفتك بتبصيله تاني مش هيحصلك كويس، عمرو بقى يخصني ومش هسمح لحد بس يبص عليه، فاهمة .
ثم مررت أنظارها على رفقاتها جميعهن وقالت بتنبيهٍ شديد:
- الكلام مش ليها لوحدها، الكل زيها، مش معنى إننا كنا بتكلم عليه هسمح بده بعد ما بقى جوزي .
باتت تعلو نبرتها بانفعالٍ ليزداد تعجبهن منها ومن غِيرتها الجارفة عليه ، هتفت فتاة ما مهدئة إياها:
- إحنا أصحاب يا جيسي مش قصدنا حاجة لو قلنا إنه حلو، ما إحنا كنا على كلامك بنقعد كتير سوا ونتكلم عليه ومفرقتش يعني، إهدي كدة .
تنهدت جيسي بضيقٍ وقالت بتحذيرٍ أخير متجاهلة حديثها:
- أنا نبهت وخلاص عليكوا، عمرو من النهاردة مش عايزة أسمع حد فيكوا بيتكلم عليه .
دنت منها الفتاة التي مدحته واعتذرت مبتسمة برقةٍ:
- أسفة جيسي مش قصدي اضايقك، أنا بس بشكر فيه .
مطت جيسي شفتيها وتقبلت إعتذارها مع تحريكة خفيفة من رأسها، في حين قالت إحداهن مستفهمة:
- بيتر عرف إنك إتجوزتيه؟، كلنا عارفين إنه هيموت عليكي، تفتكري هيسمح بسهولة إنك رفضتيه وبقيتي مع حد غيره ؟ .
نظرت لها جيسي وردت مبتسمة بتهكمٍ:
- يعني بيتر دا بتاع جواز، كلكم عارفين هو كان عاوزني إزاي، طول عمره بيجري ورايا مفكرني زي البنات اللي يعرفهم وبسهولة هيلاقيني معاه، لسة ميعرفنيش كويس، والحمد لله إن بابا معزمهمش النهاردة علشان أكيد هيكون فيه مشاكل بسبب المتخلف ده، لإن أنا اللي أتجوزه لازم يكون راجل، زي عمرو كدة .
قالت جملتها الأخيرة وعينيها العاشقة تتطلع عليه وهو يتحدث بلباقةٍ مع من حوله وتنهدت بهيامٍ شديد .
أخرجتها صديقتها من لحظتها الحالمة تلك حين استفهمت بحيرةٍ:
- طيب تفتكري هيسيبك إنتي وعمرو، دا مجرم وممكن يأذيه يا جيسي، هو إنتي مش عارفاه كويس .
تنهدت جيسي بضيقٍ وزاغت في حديثها هذا فحقًا كيف ستُبعد هذا الأهوج عنه، خشيت جيسي على عمرو منه ولكن ماذا تفعل فقد أرادته هي وتأملت للقادم معه حين أخبرها والدها بإقتراح زواجها منه، إنتبهت لرفقاتها وقالت بنبرةٍ حازمة بعكسِ توجسها:
- بس أنا مش هسمح إنه يعمل حاجة لعمرو، أنا خلاص مبقاش يهمني غيره دلوقتي .
ثم وجهت بصرها ناحيتها وحدثتهم وهي تنظر إليه:
- عن إذنكم، هروح أشوفه...
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
على الناحية الأخرى وقف عمرو بين مجموعةٍ من رجال الأعمال العرب يتناقشوا عن بعض الأعمال المشتركة، فغالبًا ما يستغلوا تلك المناسبات لعرض صفقاتهم وإقتراحاتهم العملیة، كان السيد كارم بمثابة أبٍ لعمرو حيث يوجهه إلى ما يجهل التعامل معه، نظرات كارم نحو عمرو تزداد إعجابًا يومًا بعد يومٍ ليسعد بلقائه به منذ رآه أول مرة، بابتسامةٍ بشوشة ظل كارم محتفظًا بها في نظراته نحو عمرو حين إعتاد الحديث مع من حوله ليتأمل فيه خيرًا.
ملأت الراحة قلبه حين وجد من سيكتنف بناته من بعده ، شعر كارم بأنه على وشكٍ الرحيلِ فقد بات أحد رجال المافيا الذي يعارض أعمالهم يُهدده بالقتل صراحةً وشعر بقروب أجله، لم يخبر أحدًا بذلك ولكنه أراد عمرو يهتم بهم من بعده ليطمئن عليهم، نعم هو الآن فرحًا بوجودِ عمرو وسط عائلته ليرى فيه السطوة الحقيقة للنيل من أعداءه فقد أعجب بشخصيته القوية، وجد كارم نفسه يمد يده ويربت على ظهره بلطفٍ لينتبه عمرو له وابتسم، أبتسم كارم له ولم يعرف ماذا یقول بسبب حركته تلك، وجد ابنته تتقدم منهما فقال بمعنى وهو ينظر خلفه:
- أنا كنت عاوز أقولك إن جيسي جاية .
التفت عمرو خلفه ليراها بثوبها الأبيض وفرحتها البادية على قسماتها ولم يعلق، دنت جيسي منهم ثم وجهت بصرها لوالدها وابتسم برقةٍ وحدثته:
- بابي معلش ممكن آخد عمرو، كنت عوزاه شوية .
ثم نظرت لعمرو الواجم غير معلنًا رفضه أو قبوله، في حين رد عليها والدها بنبرةٍ مرحبة بشدة:
- أكيد يا حبيبتي دا جوزك .
وجه بصره لعمرو وقال بنبرةٍ محببةٍ:
- روح يا عمرو معاها، ولو فيه جديد في الشغل هقولك .
زيف عمرو ابتسامة وتحرك ليذهب معها، تأبطت جيسي ذراعه فانزعج، تجهمت تعابيرها وتذمرت قائلة وهما يتحركان بإتجاه الفيلا:
- على فكرة أنا مراتك دلوقتي وعادي، ليه بارد كدة معايا .
تأفف عمرو وازاج يدها من عليه وقال بنبرةٍ مزعوجة وهو ينظر لها باستهجان محاولاً التقليل منها:
- واضح إنك نسيتي إني قولت إن جوازنا صوري، يعني كل اللي بتعمليه ده مش هيغير حاجة، وبطلي اللي بتعمليه ده اصلاً علشان أنا مش بفكر دلوقتي في الجواز، وخصوصًا إنتي، مش بعد ما أستنيت من غير جواز هرتبط بواحدة زيك .
لمعت العبرات في عينيها وهي تتطلع عليه وتستمع لحديثه المُهين لها وبدت انها على وشك البكاء، ردت بلومٍ:
- مالي يا عمرو، أنا فيا ايه مش عاجبك، إنت شايفني وحشة؟
ثم تكهّنت لمعرفة رده، تجاهل عمرو هيئتها الحزينة ومرر انظاره عليها ككل وقال ساخرًا:
- عمري ما هفكر اتجوز واحدة غيري شاف شعرة واحدة منها، ومن هنا ورايح لازم تعرفي كده ومتتأمليش إني ممكن أعتبرك مراتي بعد كدة .
تصلّبت انظارها عليه وجفت دموعها اللامعة في عينيها لتغضب منه، قالت بجمودٍ بعكس إغتياظها منه:
- دا آخر كلام عندك، يعني اعتبر نفسي مش متجوزاك؟
رد باقتضابٍ وهو يتأفف:
- أيوة
زيفت ابتسامة بصعوبةٍ وقالت بمكرٍ حمل تحدّيها له:
- اوكيه يا عمرو، بس يا ريت تفضل كدة على طول......
________________________________

أرفد ماجد لفيلته برفقةِ ملك وتركها دون أن يهتف بكلمةٍ واحدة، حيث أمر الخدم بأخذها لغرفتها وبالتأكيد طاعتها فهي ربة عملهم وزوجة سيدهم، صعدت ملك للأعلى ولم تخلو نظراتها المتفحصة لمقتنيات الفيلا وعلمت في تلك اللحظة بأنه على حق فكيف سيتماشى ما جلبته من أشياءٍ بسيطة مع كل هذا البزخ من حولها.
انتبهت للخادمة تشير لها على غرفتهم، سارت خلفها وولجت غرفة نومهم لتنبهر بروعتها وبكل تفاصيلها مررة أنظارها عليها ككل وشردت، بشبح ابتسامة على محياها تتوقت لتجريب تلك الحياةِ فقد أرتاح قلبها وتمنت دوام حالها من تلك اللحظة معه؛ أخرجها من شرودها صوت الخادمة وهي تقول لها باحترامٍ:
- أحضرلك الحمام يا هانم ....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
توجه ماجد بعدما تركها مضطرًا لمخفر الشرطة بعدما علم بوجودِ أيهم به، أكمش في السير وهو يولج للداخل باحثًا عن المحامي مدحت وهو بالتأكيد، سأل أحد أفراد الأمن ليدله على غرفة ما مكث فيها أيهم حيث تم التعامل معه بخصوصيةٍ لتوصية والده بعض المسؤلين المُتصاحب معهم، ولج ماجد تلك الغرفة ليجد ايهم متسطحًا على الأريكة واضعًا ذراعه على وجهه، تدرج ماجد نحو الداخل وتنحنح بخفوتٍ لينتبه لوجوده، بحذرٍ ناداه:
- أيهم
كان أيهم متيقظًا وشاعرًا بولوج أحدهم وظل كما هو، رد بجمودٍ وهو بنفسِ وضعيته:
- تعالى
دنا ماجد منه وجلس على طرف الأريكة وقال بترددٍ وهو يتأمله:
- عامل إيه يا أيهم دلوقتي؟
للحظات تكهّن ماجد فيهم سماع رده أزاح أيهم ذراعه من على وجهه ونظر له بهدوءٍ مُستطير تعجب ماجد منه، رد ايهم بتنهيدةٍ خفيفة:
- هكون عامل أيه، زي ما أنت شايف .
قالها أيهم بعدم إكتراث مثيرٍ للحيرة، أدرك ماجد بأنه تعامل الآن مع الموضوع ببساطة كعادته ليستطع التفكير في القادم فهذا أيهم ولن بتغير، سأله ماجد بمعنى:
- هتعمل أيه يا أيهم؟، الموضوع صعب قوي وكمان فيه خسارة كبيرة ليك، المصنع إتصرف عليه كتير قوي في الفترة اللي فاتت، كل دا راح وكمان معاه المصيبة دي .
أنصت أيهم له بنفس هدوءه وإعتدل ليجلس بجواره على الأريكة، قال وهو يفكر في شيءٍ ما:
- أكيد مش هتحبس وهخرج وفيه حل، أنا معملتش حاجة وعمري ما فكرت في أذيّة حد، فمبالك دا قتل .
استفهم ماجد بفضولٍ وهو يحدق فيه بحيرةٍ:
- هتعمل أيه يا أيهم؟
تنهد ايهم بقوة، وتجهمت تعابيره لا يريد التحدث فيما ينتويه، قال بنبرةٍ مزعوجة:
- شوفت الحيوان دا عمل أيه، المرة اللي فاتت لما عملها في الفندق بتاعي ربنا سترها وعدى الموضوع من غير سين وجيم، إنما المرة دي فيها قتل وناس إتصابت، المصنع الكلام كان عليه كتير فعلشان كدة كله مركز في اللي حصل .
نظر له ماجد وهو مستاءًا هو الآخر فهو من تولى الإشراف على جلب مواد البناء، قال بأسفٍ شديد:
- والله يا أيهم أنا مقصرتش في حاجة، أكيد فيه خاين في وسطنا كان بيشتغل لحسابه، أنا بنفسي اللي بستلم مواد البناء من شركة مروان بيه زي ما قولتلي .
حرك أيهم رأسه بتفهمٍ ثم شدد على تكوير قبضة يده بعنفٍ، قال بتوعدٍ وهو ينظر لنقطة ما أمامه:
- أخرج بس من هنا وهيشوف، اللي هعمله معاه هيخليه يشيلنا من راسه طول ما هو عايش، مش كفاية سكت على اللي كان هيعمله مع مراتي، مكنتش عاوز اعمل دوشة بس كفاية لحد كدة مبقتش قادر أسكت على عمايلة دي .
ثم صمت ليتابع ماجد مؤشرات وجهه المنفعلة ونظراته الشرسة، زم شفتيه متفهما ما يمر به، سأله بحذرٍ:
- تفتكر هيسيب رسيل ولا لسه بيفكر فيها، أنا خايف يكون لسة بيفكر يأذيها ويعملها حاجة، خصوصًا إنها بتخرج كتير لجامعتها، حتى ما ينفعش تاخدها في البيت ونمنع كدة خروجها .
زفر أيهم بانزعاجٍ وكلحت قسماته، قال باغتياظٍ وهو ينظر له:
- هحبس مراتي علشان خايف منه، ولا هيقدر يعملها حاجة طول ما أنا عايش، رسيل ملزومة مني وحياتها هتمشي عادي، ولو كان على حمايتها وأنا مش معاها أنا كنت إتفقت مع بودي جارد اجنبي هيبقى معاها في كل مكان تروحه، هي بقت مشتركة في النادي معايا وأكيد هتروح تقضي وقت فيه .
لم يعرف ماجد ماذا يقول فقد تصعّب الأمر بوجود هذا الحقير، وجه أيهم بصره ناحيته وقال بخبثٍ:
- بفكر دلوقتي اضربه، من زمان ملعبتش رياضة وبفكر أتمرن عليه، تفتكر لسة بيروح النادي، عاوز أعمله مفاجئة هناك.
ضحك ماجد بخفوتٍ وقال مؤكدًا:
- بيروح على طول، متشوق اشوفه مضروب منك .
ثم زادت ضحكته في حين أخرج ايهم ضحكة ساخرة وقال بمعنى:
- هیحصل، المهم روح دلوقتي شوفلي المحامي عمل أيه في موضوع خروجي، أنا مش طايق القاعدة هنا وزهقت بجد، عاوز أرجع الفيلا علشان أعرف أفكر كويس ......
_________________________________

دلفت من المرحاض مرتدية ثوب نومها الحديث والراقي والذي أبتل من جسدها ليبدو أكثر إثارةٍ عليها، نظرت سیرین نحو التخت مبتسمة برقةٍ لإيهاب الجالس عليه ومستندًا بظهرهِ على الوسادة ويتطلع عليها كأنها فتنته بسحرها لتتمرر أنظاره عليها.
توجهت سيرين للمرآة بدلالٍ اجادته وأمسكت بزجاجةِ العطر وقامت بنثره عليها وعلى عنقها وهي تختلس له النظرات عبر المرآةِ ويعلو ثغرها ابتسامة ماكرة لتفطن ما يريده منها، أجل فهذا ما سعت إليه ونجحت فيه، استدارت ناحيته وقالت متعمدة تجاهل تلهُفه عليها:
- هتفضل قاعد كدة، ما تقوم علشان نفطر، أنا جعانة .
ثم إنتظرت بمكرٍ ردة فعله، تجاهلها أيهاب ليستمر في مطالعتها، وذلك ما جعلها تندهش منه لتقول واقفة موضعها بتذمرٍ زائف:
- ايهاب بقولك جعانة، قوم بقى زمان ماما هتجيب الأكل كمان شوية .
فاجأها حين قال لأول مرة بصدقٍ:
- بحبك يا سيرين، إنتي حلوة قوي .
دنت منه متلهفة كونه أعلن حبه لها، ثم جلست ملتصقة به، ابتسمت قائلة بدلالٍ شديد:
- هتحبني على طول ومش هتزعلني .
أومأ مؤكدًا لها، ثم انتبها لمن يقرع الجرس، هبت قائلة:
-تلاقيها ماما جايبة الأكل......
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،
فتحت سيرين الباب لتجد والدتها وخلفها بعض الخادمات حاملات لصوانٍ من المأكولات بالطبع الشهية والمعدّة منزليًا، فتحت رئيفة ذراعيها لتهم بإحتضان إبنتها مبتسمة بإشراقٍ وهي تردد بنبرةٍ فرحة:
- صباح الخير يا عروسة .
إحتضنتها سيرين بحرارةٍ مع وجود عدد من القبلات المتبادلة بينهم، ابتعدن بعد فترة ونظرت لها سيرين قائلة بابتسامةٍ خجولة:
- إتفضلي يا ماما .
ولجت رئيفة وابتسامتها تصل لأذنيها، استدارت للخادمات وأمرتهن بحزمٍ:
- يلا يا بنت إنتي وهي ورايا على المطبخ علشان ترتبوا كل الحاجات دي كويس، وتجهزوا الفطار علشان العرايس .
ثم نظرت لابنتها واكملت غامزة بعينها:
- هروح أجهزلكوا الفطار ولينا قاعدة مع بعض علشان تحكيلي .
ابتسمت سيرين باستحياءٍ ولم تعلق، تحر?ت رئيفة باتجاه المطبخ وولجن الخادمات بما يحملنه وتحركن خلفها، كان خلفهن خلود ومازن الذين صدحوا سويًا بنبرةٍ مرحة:
- صباح الخير .
صرخت سيرين بفرحةٍ وفتحت ذراعيها حاضنة إياهم معا، ربتت خلود على ظهرها قائلة بمحبةٍ:
- مبروك يا سيرين ، متعرفيش فرحانة قد أيه بجوازك .
ابتعدت سيرين عنهم وقالت وهي تنظر لها:
- الله يبارك فيكي يا خلود .
- مبروك يا سيرين .
قالها مازن وهو يضغط على وجنتها بقوة، فركت سيرين وجنتها التي آلمتها وقالت لائمة إياه بعبوسٍ:
- إخص عليك يا مازن وجعتني، براحة شوية .
- عملك أيه وأنا أكسرلك دماغه .
قالها إيهاب وهو يتقدم منهم راسمًا لتعابيرٍ قاسيةٍ زائفة كأنه سيعنفه، في حين ضحك له مازن وتحرك ناحيته ليحتضنه بشدة، ابتعد ايهاب عنه وقال بتنبيهٍ زائف:
- سيرين من النهاردة مسؤلة مني، لو شوفتك بس بتعملها حاجة مش هيحصلك كويس، أنا بقولك أهو .
فرحت سيرين بحديثه حولها ونظرت له بحب، في حين نفى مازن بنبرةٍ جادة:
- دي حبيبتي بهزر معاها .
ابتسم له ايهاب بودٍ وقال وهو يسحبه للداخل:
- طيب تعالى نقعد سوا جوه وسيب البنات مع بعض .
اومأ مازن برأسه وتحرك معه للداخل، فأسرعت خلود بالنظر إليها قائلة بنبرةٍ حماسية وهي تمسك يدها:
- يلا إحكيلي عملتي ايه بسرعة .....
_______________________________

في مطار مدينة توليدو بولاية أوهايو جلست على إحدی المقاعد سيدة في اواخر الثلاثينات مرتدية لنظارةٍ شمسية سوداء أنيقة، مع حجاب من اللون الزيتي شبه ساترٍ لشعرها ولكنه منمقًا على هيئتها الراقية ومرتدية لبذلة بيضاء اللون عبارة عن سترة وبنطال، نعم هي السيدة إيمان علم الدين الأخت الصغرى والوحيدة لمروان علم الدين، جلست هذة السيدة برفقة ابنتها "لما" صاحبة الثالثة عشر عاما، فتاة ذو شعر قصير من اللون الكستنائي وبشرة بيضاء وملامح رقيقة جميلة وراقية مثل والدتها في جمالها، مرتدية لفستان من اللون الوردي يصل لركبتيها بدون اكتاف وجالسة بجانب والدتها منتظرة أن تُقلع الطائرة الخاصة بهما، للحظات ترقُب من السيدة إيمان منتظرة إعلان إقلاعها توجست من معرفة طليقها بشأن سفرها، كان وقتًا مربكًا لها بمعنى الكلمة تريد العودة لوطنها وتنهدت وأعصابها مشدودة للغاية، وجهت بصرها لابنتها وزيفت ابتسامة قائلة:
- إن شاء الله هنطلع بالطيارة كمان شوية، تلاقيهم بيجهزوها .
ابتسمت "لما" وهي تحرك رأسها بتفهمٍ، استفهمت بشغفٍ رغم رقة نبرتها الهادئة:
- إحنا هنقعد عند خالو مروان اللي بشوفه في محادثة الشات
ابتسمت ايمان بشدة وأكدت :
- هنقعد عنده، وكمان هنبقى في أمان معاه ومحدش هيضايقنا بعد كدة .
سألت "لما" زاممة شفتيها بجهلٍ:
- هو خالو مروان يا مامي عنده ولاد ؟
رد ايمان موضحة وهي ترجع بذاكرتها للخلف:
- عنده أيهم، ولد يجنن، تلاقيه كبر دلوقتي ويجنن أكتر .
ركزت "لما" في حديث والدتها وقالت بحماسٍ:
- حلو قوي كدة؟ ، هموت وأشوفه .
ابتسمت لها ايمان فتابعت "لما" بتذمرٍ:
- ليه مكنوش بيجوا يزورونا ونعرفهم، دا لسة لحد قريب بس بدأت اعرف خالو، ليه يا مامي مكناش نعرفهم قبل كدة؟
تنهدت ايمان بضيقٍ وكشرت بوجهها لتقول بامتعاضٍ:
- اصل أتجوزت أبوكي ومكنوش موافقين وسافرت وإحنا متخاصمين، بس للأسف طلع إختياري غلط وندمت زي ما إنتي شايفة، ابوكي طلع خاين .
هزت "لما" رأسها بتفهمٍ واستفهمت أكثر:
- هنفضل في مصر على طول يا مامي ولا هنرجع تاني ؟.
حملقت فيها ايمان لتقول بنبرةٍ حازمة ذات عزيمة:
- أول ما أنزل مصر على طول مش هخرج منها تاني، كفاية غربة بقى ونبعد عن القرف اللي شوفته .
قالتها السيدة ايمان بنبرةٍ مزعوجة منفعلة فقد ملّت مما مر علیها، تفهمت "لما" عليها وصمتت منتظرة، انتبهن لمن يصدح باسم السيدة ايمان قائلاً:
- مدام ايمان، الطيارة هتطلع دلوقتي إتفضلي ......
________________________________

تقدمت منه وهو يهاتف احدهم في الهاتف ويمتن له، حيث تم ابلاغ مروان بقروب قدوم أخته وما هي إلا ساعاتٍ وتصل ارض الوطن لينشرح قلبه فلم يرها وجهًا لوجهٍ منذ أن غادرت وتزوجت من هذا الرجل الأجنبي؛ دنت رسيل منه متأملة خيرًا من رؤية فرحته تلك وسألته بتلهفٍ:
- شكلك فرحان، أيهم طلع براءة وهيرجع .
إنتبه لها مروان ونظر لها باستن?ار، تنحنح قائلاً بتوضيحٍ:
- براءة ايه، هو الموضوع سهل كدة دا لسة في حاجات كتير .
عبست بوجهها قائلة بضيقٍ:
- بس حضرتك فرحان، فإفتكرت إنه هيرجع .
ابتسم مراون وقال ليشرح قلبها قليلاً:
- لسة الموضوع مخلصش بس أيهم سمحوله يرجع النهاردة، المحامي كلمني وهو زمانه جاي .
شهقت رسيل قائلة بعدم تصديقٍ ممتزجٍ بالفرحة:
- بجد ايهم هيجي ؟
اومأ مروان برأسه مؤكدًا:
- زمانه جاي يا رسيل، أصلاً مكنتش هسمح يقعد هناك وهو جاي من سفر وتعبان كمان .
هتفت رسيل بسعادةٍ وهي تهم بتركه:
- طيب أستأذن أنا علشان أستناه..
ثم ركضت للأعلى وهي تصفق كالأطفال فابتسم مروان على افعالها الولودية؛ توجهت رسيل لغرفة نومهم وعلى الفور توجهت لخزانة ملابسها لتنتقي منها ثوبًا انيقًا لتُقابله به، ارادت اليوم أن تغيّر من نفسها لتُرفه عنه فهو بالتأكيد مزعوجًا مما حدث له ولهذا ستتهيأ بأروع صورها اليوم.
إنتقت رسيل ثوبًا مغريًا مما جلبه لها حينما إنجزعت قدمها ورهبت من إرتدائه.
أخرجت واحدًا حريريًا من اللون الأسود الحالك، رفعته رسيل أمام انظارها وابتسمت ثم حسمت امرها بإرتدائه له.
بعدما انتهت من ارتداء الثوب، توجهت لعلبة مساحيق التجميل وفتحتها، اخرجت رسيل منها ما ستحتاجه وشرعت في وضع المساحيق على وجهها بكثرة، زادت من أحمر الشفاة الأحمر الصارخ ليغطى شفتيها ويبرزهما بشدة، توجهت بعد ذلك لتضع فوق عينيها اللون الأخضر بكثرةٍ هو الآخر، بفرشاة الدهان مسحت بها على خديها ليكونا اكثر إحمرارًا، لبعض الوقت إنتهت رسيل لتتطلع على وجهها في المرآة، فغرت فاهها بصدمةٍ من ملامحها التي تغيرت كليًا، فرغم كثرة ما وضعته فقد باتت أكثر إغراءً كفتاة ليلٍ في تلك الهيئة.
ابتعدت رسيل لتتأمل هيئتها ككل مرورًا بوجهها وشعرها المنسدل على كتفيها وفستانها المتجسد عليها، شُل تفكيرها فهي واحدةٍ أخرى، اضطربت من الموضوع وظلّت واقفة موضعها مصدومة مترددة فقط مسلطة أنظارها على نفسها في المرآة؛ لم تنتبه رسيل له من هول صدمتها من هيئتها وهو يتحرك نحوها مذهولاً هو الآخر.
مرر أيهم نظراته وهو یتحرك نحوها على ما ترتديه وحدق فيها بعدم تصديقٍ ليستنكر بأنها رسيل من تقف أمامه، إلتفتت رسيل عفويًا ناحیته لتنصدم به وتتلاقى أعينهم في نظرات مضطربة منها وأخرى متمنية منه، ازدردت رسيل ريقها بتوترٍ ولكنها ابتسمت لرؤيته.
دنا أيهم منها وهي متجمدة موضعها، وقف أمامها ونظر لعينيها متسائلاً بشرودٍ:
- إنتي مين ؟
ابتسمت رسيل بحياء وقالت:
- عجبتك .
تسارعت أنفاسه ومرر أنظاره على وجهها المليء بمساحيق التجميل ليبرز جمالها بدرجةٍ مغرية، قال:
- أيوة.
ابتسمت رسيل فحاوط خصرها لتلتصق به فشهقت متفاجئة به، قالت هي بنبرةٍ رقيقة:
- بتحبني ؟
حرك رأسه بنفي وقال بجديةٍ:
- بعشقك بس .
ابتسمت وقالت متذمرة بعض الشيء وهي تتذكر عنفه معها:
- هتضربني؟
ابتسم نافيًا بمعنی:
- لو قليتي أدبك .
شهقت بتوجسٍ وعبست قائلة بنبرةٍ مضحكة:
- يبقى هنضرب مافیش فایدة .
ابتسم أيهم بشدة وقال بمكرٍ:
- بس ممكن تلحقيني قبل ما أتهور واعملها .
اتسعت بسمتها من رقته التي تخرج منها في عفوية، فطالعها بنظرات شغوفة، اضرمت بداخله بفضل ما تفعله رغبةً استفاضت على هيئته المتلهفة متذوقًا لطعم العشق معها .....
________________________________

هاتفها عدة مراتٍ ولم تستطع الإجابة عليه لوجود زوجها، إنتهزت سالي فرصة ولوجه المرحاض ودلفت للخارج سريعًا لتُجيب عليه.
كان رغيد من يهاتفها ولا تعرف ماذا يريد منها، ظنّت بأنها إنتهت من تهديداته ولكنها عادت من جديد، أجابت عليه مجبرة فما فعله مع أيهم جعلها ترتاب منه أكثر وربما يفتعل معها الأشنع، قال بوقاحةٍ حينما استمع لصوتها المرتبك:
- هاي يا سو، كدة تخليني مستني دا كله، كدة يا وحشة تنسي كل اللي بينا، دا حتى الحاجات دي متتنسيش .
ازدردت سالي ريقها بارتباكٍ وردت مدعية الثبات:
- عاوز مني أيه، ابعد عني وإتشطر على راجل زيك، ربنا ياخدك سيبني في حالي بقى، إنت اللي ضيعتني وبوظتلي حياتي منك لله يا رب تموت .
قالتها سالي بنبرةٍ متشنجة خائفة جعلت ابتسامته الما?رة تتسع ، تذمر بتصنع من حديثها، قال بنبرةٍ خبيثه وهو يلومها:
- حد يشتم أول حد لمسه، لأ أنا زعلان، ويا ترى البيه اللي إنتي متجوزاه يعرف كدة، إيه رأيك لو عرفته بنفسي، أكيد ميعرفش يا سو مش كدة، ضحكتي عليه زي أيهم، بس سامحيني، كنت عاوز اتشفى في أيهم وقولتله على اللي حصل بينا، كان زمانه شارب الليلة .
ثم صمت عن الحدیث ليكركر بشدةٍ دون حياء من أفعاله المشينة، في حین شحبت تعابير سالي بخوفٍ وملأ الحزن طلعتها فلما هي؟، توسلته مُجبرة على ذلك:
- لو سمحت يا رغيد سيبني في حالي، كفاية اللي عملته معايا، أنا والله تعبت وخايفة من الفضيحة .
للحظات من الصمت المريب مُدعي التفكير لتت?هّن بشغفٍ وهي تضع الهاتف على اذنها أن يمنحها الحرية من تهديداته، لكنه بسبب إتفاقها معه وإفساد مخططه قال بعنادٍ ممزوجٍ بالمكر:
- للأسف يا سو مش هقدر، إنتي إتفقتي معاه وبوظتي كل اللي خططتله وضیعتي علیا أهم حاجة ?نت مستنیها، مفكرة لما هتخدي صورك معايا خلصتي مني، بس للأسف يا حبيبتي هقول بنفسي على كل حاجة، وخلي اللي معرفش يعرف بقى، وخصوصًا جوزك وابوكي .
ارتعبت سالي وارتجف بدنها، بنبرة مهتاجة هدرت بصوتٍ عالٍ:
- ربنا ياخدك، ابعد عني بقى حرام عليك، كفاية متفضحنيش لإن لو عملتها هموت نفسي، بس قبل ما أموت نفسي هتكون قبلي، إنتي ضيعتيني وبوظت حياتي ربنا ينتقم منك .
شهق رؤوف بصدمةٍ وهو یقف خلف ابنته يستمع لحديثها المنفعل مع احدهم، لم يصدق اذنيه التي استمعتا لها وسألها بنبرةٍ مصدومة:
- بتكلمي مين يا سالي؟ .
شهقت سالي برعبٍ حقيقي واستدارت لتجحظ عينيها مصدومة من رؤية والدها امامها، تحرك رؤوف ناحيتها وهتف بنبرةٍ حادة ونظراته نحوها ملأها الغضب العنيف:
- إنتي تحكيلي بالظبط بتكلمي مين وبينك وبينه أيه؟.......................................... .......................
x x x xx ______________________
x x x x x x x x ________________
x x x x x x x x x x xx __________



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 16-11-21 الساعة 08:08 AM
الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-19, 06:20 PM   #112

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي رواية القيادي

الفصـل الحـادي والخمسـون
القِِيَّـــادي
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ

ولج غرفة نومهم وجدها غافية على التخت ومدثرة نفسها بالغطاء جيدًا لدرجة أنه لم يرى حتى رأسها وقطب جبينه متعجبًا.
تحرك ماجد نحوها وعينيه المندهشة عليها، دنا بحذرٍ من التخت وجلس على طرفه، نظر لها لبعض الوقت ثم مد يده ليزيح الغطاء كاشفًا عن رأسها، جحظ عيناه وهو يرى شعرها يغطي وجهها بطريقةٍ جذابة أُغرم بها.
ابتلع ريقه وأزاح الغطاء أكثر وعينيه قتلتها الفضول في رؤيته فكم تتوق لتلك اللحظة ليختلي بها ليفصح حينها عما يطمسه بداخله.
رسم أمامها الصلابة كما يفعل أيهم، أجل صار معقدًا يريد فرض سيطرته عليها ليضحى مثل أيهم قياديًا تخشاه زوجته رغم عشقه لها، خشي ماجد أن ترتسم التعالي عليه كونه ركض أميالاً ليصل إليها ولكن لا لن يسمح بذلك مطلقًا لتخشاه مُقدِمة ولاء الطاعةِ له.

تنحنح بخفوتٍ وتقلد بالثبات ليمحي تمنيه لها ولن يبوح به الآن هكذا وتأنى ليضمن طاعتها الكاملة له كما تفعل رسيل الآن مع أيهم، ولذلك قام بهزها بعنفٍ بعض الشيء لتفيق من نومها وهو يحدجها بنظراتٍ قاسية زائفة بالطبع.
تنمّلت ملك في نومتها وكشّرت بوجهها وهي تفيق من نومها، تذمّرت بقسماتها المزعوجة واضطرت لفتح عينيها الناعستين، وجهت بصرها ناحيته وما أن استوعبت وجوده جالسًا بجوارها حتى اعتدلت في نومتها ساحبة الغطاء عليها، التوى ثغر ماجد بابتسامةٍ مغترة مصطنعة أكيد وتجاهلها متعمدًا، في حين رمقته ملك بنظراتٍ مزعوجة وعنفته قائلة:
- عاوز أيه؟، إنت مش قولت هنفضل بعيد عن بعض على ما نتعود نعيش سوا، جاي هنا ليه؟ .
هتف ساخرًا وهو يتطلع عليها بعبوس:
- وهناخد على بعض وإحنا بعيد كدة إزاي إن شاء الله
ردت بتلجلجٍ وهي تحرك رأسها بجهل:
- معرفش، المهم تاخد بعضك وتطلع برة دلوقتي
قالتها وهي تشير ناحية الباب، تأفف ماجد وإدعى القوة حين استمر جالسًا موضعه وحدجها بنظراتٍ قوية وهو ينبه عليها بحزمٍ:
- من هنا ورايح تسمعي كلامي، ولازم تعرفي إني مش زي ما إنتي فاهمة وهموت عليكي وإنك هتتكبري عليا علشان جريت وراكي، لا صحصحي كدة وشوفي مين قدامك، من الثانية دي لازم تخافي مني وكلمتي تتسمع، فاهمة ولا لأ .
بدا أكثر بلاهة وهو يتحدث معها مشيرًا بسبابتهِ، إتتضح بأنه لديه عُقدة نقصٍ من شيءٍ ما أخفقت في إدراكه وهذا ما استنبطته من حديثه، بابتسامةٍ جانبية بدت مستهزئة قالت:
- وسيادتك بقى عاوزني أحترمك إزاي يا سي السيد؟
ادرك ماجد بأنها تسخر منه ولهذا شدّد من حزمه معها وهتف:
- إنتي بتتريقي عليا، شكلك مش عرفاني كويس، بس ملحوقة، هعرفك دلوقتي انا مين .
ثم شرع في الإقتراب منها وهو يضم شفتيه بقوةٍ منتویًا لها وهو يريد الإمساك بها، شهقت ملك وتراجعت للخلف مبتعدة قدر الإمكان عنه ولكنه لاحقها حين قفز ممسكًا بها وجعلها تتسطح على الفراش.
اضطربت ملك منه وظنّته مخبولاً فتعابيره لا تبشر بخيرٍ، بينما ثبت ماجد ذراعيها بيديه على الفراش وقال وهو يكز على أسنانه ببله:
- هوريكي ماجد جديد غير اللي تعرفيه، أنا كل اللي حوليا بيخافوا مني ولازم إنتي كمان تخافي زيهم وتسمعي كلامي، سمعاني ولا أعيد تاني .
حدقت به ملك شاردة في فهم شخصيته الغامضة وإلتزمت الوجوم التام، تيقّنت بأنه ليس كما يدعي معها وأن عقله أمرد بكثيرٍ معارضًا مع كبر عمره، زيفت ابتسامة وقررت اللعب معه فهو كطفلٍ صغيرٍ أمامها.
استغرب ماجد ردة فعها وهو ينظر لها قاطبًا بين حاجبيه، دُهش حين طوقت عنقه بذراعيها وتقول له بنبرةٍ ناعمة زيفتها ببراعة:
- اكيد لازم أسمع كلامك وأخاف منك، أنا من أول مرة شوفتك وأنا بخاف قوي، متأذنيش يا ميجو علشان خاطري .
زاغ ماجد في حديثها وعينيه تتطلع عليها ببلاهة، ازدرد ريقه بتوترٍ وقال بعدم تصديقٍ:
- بجد بتخافي مني من زمان؟
اومأت برأسها مؤكدة بتصنع مكملة حديثها بطاعتها الزائفة:
- طبعًا يا حبيبي، إنت مش عارف قيمتك ولا أيه
اتسعت ابتسامته البلهاء وشعر من حديثها بأنه عاد إليه شيءٍ ما إفتقده أشعره بالغبطة والإنتشاء وهو وجود من يخشاه، قرر هنا فرض استئثاره عليها وقال بمغزى لها مدعي الصلابة:
- بس أنا عاوزك، والإتفاق اللي بينا رجعت فيه
ابتلعت ملك ريقها بصعوبةٍ حيث ارتبكت من حديثه، فكرت سريعًا ماذا تفعل معه، لمعت حيلة ما تمنّت أن تفلح فيها ويقتنع بها، قالت ملك بمكرٍ داخلي:
- بس هو فيه راجل حمش بيرجع في كلامه، الراجل اللي بجد مبيرجعش في كلامه أبدًا، ولا إنت شايف أيه ؟
ثم نظرت له لتحثه بأن حديثها الأصح، في حين تدبّر ماجد حديثها وطاش فيه فهي على حقٍ.
نظر لها فلابد أن لا يخسر هيبته أمامها بعدما أدرك خوفها منه، أعدل عن قراره هذا وقال متفقًا معها:
- عندك حق، أنا راجل ومش هرجع في كلامي
تنهدت ملك بجذلٍ وتصنعت ابتسامة ممتنة، فطنت بأن بداخله طفلٍ صغير مفتقدًا لأشياءٍ معينة جعلته هكذا، في تلك النقطة ادركت بأن حياتها معه ستخلو من المشاكل لتستخدم من تلك اللحظة حنكتها في التعامل معه، خاطبته لتمدحه بزيف:
-حبيبي يا حمش.......
___________________________________

جلست بجواره في غرفة مكتبه بعيدًا عن الجميع وروت له جميع ما مرت به وما فعله هذا الخسيس بها لينتقم من أيهم، كما تبين من حديثها سبب إنفصالها عنه، بدموعٍ انهمرت من عينيها كشلالاتِ المياه قالت سالي كل ما تضمره بداخلها بمرارةٍ لوالدها المصدوم بكل ما مرت به ابنته، توالت عليه الصدمات من مأساة ابنته الوحيدة لتشعر بوحدتها وعدم وقوف أحد بجانبها ؛ شعرت سالي بأنها أزاحت حملاً ثقيلاً من الهموم الجاثية على صدرها وقلبها لتشعر بأنفاسٍ هادئة تسري بداخلها محملة ببعض الدماثة ليخالجها شعور عدم الإحساس بالذنب، رغم ذلك لم تتحمل النظر لوالدها وظلّت كما هي تبكي في صمت لحرجها القُحاف منه فما حدث هو الاشنع بالتأكيد فهي هنا مغتصبة ومدمرة ولكنها تماسكت وتخطّت كل ذلك كما ظنّت، عاد هو من جديد ليقلب حياتها بعدما جبّرتها وتوالت أحزانها من جديد؛ شهقت سالي بفزعٍ وتراجعت للخلف فجأةً حين وجدت يد والدها تُوضع عليها ونظرت له بخوفٍ فقد ظنّته سيضربها، لم يكن هذا مراد رؤوف ولكنه أشفق على ابنته ونظر لها بحزنٍ جعل عبراتها تنهمر اكثر وذلك من فرحتها ليقف من تخشى ضيقه منها بجوارها يساندها في ورطتها، مد رؤوف يده مرةً أخرى ومسد على رأسها بحنانٍ بالغٍ وقال بنبرةٍ اراحتها:
- متخافيش يا بنتي، متخافيش يا سالي أنا معاكي يا حبيبتي
استبصرت خيرًا في حديث والدها وتطلعت عليه بشبح ابتسامة امتنان له، خالف ظنونها فور علمه بالأمر وستشد عضدها به وذاعت الراحة في روحها وغارت أحزانها فقد محت الجزء الأكبر مما تخشى عليه من معرفة ما تضمره، ضمها رؤوف لأحضانه وغمرها بحنانه فأغمضت سالي عينيها شاعرة بالأمان الحقيقي في تلك اللحظة الفارقة في حياتها، بحزنٍ بالغ قال رؤوف مشفقًا عليها:
- يا حبيبتي يا بنتي، كل دا حصلك وأنا معرفش، زمانك إتعذبتي قوي يا حبيبة أبوكي .
أخرجت سالي شهقة باكية وقالت مبررة بنحيبٍ هادئ:
- خوفت عليك يا بابا، صدقني مفكرتش في حاجة غير إنك تعرف ويحصلك حاجة، أنا مظلومة يا بابا وضحية كل حاجة حصلت، غلطة بسيطة ضيعتني ودمرتني، بقيت مش عارفة أعمل أيه وخايفة من كل حاجة وملقتش اللي يقف معايا، سامحني يا بابا
هدرت سالي حديثها هذا بمرارةٍ لتتعالى شهقاتها تدريجيًا وهي تتعمق في سرد ما مرت به وتعود بف?رها له، ضمها رؤوف لصدره بقوةٍ أكبر ليهدأها بأنه لن يتركها، شعرت سالي بدفء حنانه وأنها اليوم ولدت من جديد، امتنّت لله بأنه جعله يستمع عليها ليرأف الرب بحالتها، حقا لم ترتكب شيئًا تُعاتب عليه؛ ابعدها رؤوف عنه ونظر لها قائلاً بنبرةٍ جادة مريحة وهو يمسكها من كتفيها:
- المهم دلوقتي عايزك متشيليش هم حاجة، أنا خلاص عرفت ومحدش هيقدر يعملك حاجة، ولو كان على رغيد فحسابه معايا وعندي اللي يخليه ميقدرش يعملك أي حاجة
سعدت سالي بحديث والدها وابتسمت له ممتنة، سألته بشغفٍ:
- هتعمله أيه يا بابا؟، هتقدر يعني تخليه يبعد عني وعن حياتي، أنا خايفة إسماعيل يعرف، زي ما قولتلك مش قاصدة أضحك عليه بس مضطرة أعمل كدة .
اومأ رؤوف رأسه بتفهم، سألها بجدية وهو ينظر لها بمغزى:
- يعني جوازك من اسماعيل علشان كدة ولا بتحبيه؟
ردت سالي بنبرةٍ سريعة موضحة:
- دا الأول يا بابا، دلوقتي بحبه قوي ومش عايزة أخسره
تنهد رؤوف بعمقٍ ثم قال بتفهمٍ وهو ینظر لها بنظراتٍ مطمئنة:
- طيب إطلعي دلوقتي عند جوزك علشان ميشُكش في حاجة، وانا هشوف الموضوع ده ومش عايزك تشيلي هم.
سريعًا دنت سالي من والدها تقبله بامتنانٍ جارف، ضحك رؤوف بخفوتٍ بعكس ضيقه فقط لرؤيتها سعيدة، ابتعدت سالي عنه وقالت براحةٍ ملأت قلبها:
- ربنا ما يحرمني منك يا بابا، عن إذنك هطلع لاسماعيل
قالتها وسارت شبه راكضة للخارج غير مصدقة حتى تلك اللحظة رأفة الله بحالها فهي الآن ازاحت همًا كبيرًا حملته طيلة المدة الماضية بمفردها؛ عن رؤوف كتم هياجه امامها ليريحها هي فقط فهي ابنته الوحيدة، ولكن بداخله تأججت ثورة غضب ناحية ذاك الخسيس فهو مثل والده الذي كثيرًا ما سبّب المشاكل له ولمروان، يعرف رؤوف عنهم الكثير من الأعمال المنافية للقانون والتي ستودي بهم حتمًا إلى الهاوية، لن يصمت عن هذا وسيتخذ الإجراءات المطلوبة منه كأبٍ في تلك المسألةِ الهامة، التقط رؤوف هاتفه الموضوع على الطاولة واعتزم مهاتفته يريد مقابلته وتحذيره أو بالأحرى تهديده ليبتعد عن ابنته، ضغط ارقام هاتفه ووضع على اذنه بشرٍ يتطاير من عينيه فإلى هذا الحد لن يرتضي بما يفعلونه معه، جاء صوت هذا الحقير بنبرتهِ المقززة ليرد رٶوف بنبرةٍ هادئة ولكن في الحقيقة ملأها الحقد والكُره:
- رغيد أنا عايز أقابلك ضروري، بس يا ريت عندي في بيت المزرعة علشان مش عايز حد يعرف بمقابلتنا دي .
جاء صوته بالموافقة فاكمل رؤوف بنبرةٍ جافة:
- كويس قوي الميعاد ده، قبله هتلاقيني مستنيك هناك
ثم أنهى معه الإتصال وقبض على الهاتف بقوةٍ قائلاً بغيظٍ:
- إن ما وريتك يا سافل إنت وأبوك، عندي اللي هيوديكوا في داهية، كل ده علشان تحرم وتندم على اللي عملته في بنتي..
_________________________________

أفاق من نومه بتقاعسٍ بعدما اضطجع لبعضِ الوقت، فتح عينيه ببطءٍ واعتدل لتقع عيناه على ساعة الحائط فقد شارفت على منتصفِ الليل.
اسند أيهم ظهره على الوسادة وفرك عنقه وهو يُدير رأسه ناحيتها وقطب بين حاجبيه حين لم يجدها وادرك أنها بالمرحاض.
أخرج تنهيدة ثم وجه بصره ناحية الكومود ليلتقط بعدها سجائره وقداحته، أخرج واحدة وبدأ في إشعالها وشرع في تدخينها، القى باهمالٍ على الكومود السجائر والقداحة واغمض عينيه وهو ينفث دخان سيجاره، بعد لحظاتٍ إنتبه لخروجها من المرحاض، رددت في ألم:
-الواحد عضمه قافش عليه.
ضحك في صمت فقالت بمعنى وهي تجلس بجانبه:
- مش أنا مشتركة في النادي، عاوزة أعمل تدليك، بجد تعبانة
ثم تنهدت بضيق، مسح أيهم على ظهرها وقبل أعلى رأسها قائلاً بجدية:
- من بكرة الصبح هنروح سوا ونقعد هناك طول اليوم
وجدها أيهم ساكنة تمامًا بين يديه، ادعى القلق الشديد عليه وسألها وهو يبعدها عنه بحركةٍ سريعة:
- رسيل حبيبتي مالك؟، اوعي تموتي وتسيبيني
فتحت عينيها ونظرت له بغيظٍ ووجدته يكتم ضحكته الساخرة عليها، شددت من قواها ولكزته عدة مرات بعنفٍ على كتفه وصدره قائلة بنبرةٍ منفعلة:
- يا رب إنت تموت، عاوز تخلص مني
تحاشى ضرباتها بذراعيه وقال متأسفًا:
- حبيبي والله بهزر معاكي
ثم أمسك ساعديها وجعلها تتوقف، كفت رسيل عن ذلك مضطرة، ضمها أيهم إليه ثانيةً وقال بحبٍ:
- حبيبتي عملت كدة عاوزك تضحكي مش عاوزك تزعلي مني .
بنبرةٍ حزينة كالأطفال قالت بلومٍ:
- أيهم حرام عليك أنا بحبك، اوعي تزعلني تاني علشان كدة هخاف منك وأبعد
رد بنبرةٍ مضطربة سريعة:
- لا حبيبتي خلاص مش هعمل كدة تاني، كل اللي عايزه إنك تبقي جمبي على طول
رفعت رأسها لتنظر إليه وقالت بتأففٍ:
- أنا مروحتش الجامعة وعندي محاضرات كتير قوي
رد بمعنى:
- طيب خديهم من أي حد من زمايلك
زفرت بضجرٍ قائلة :
- للأسف معنديش أصحاب، هو أنا لحقت أروح علشان أعمل أصحاب وأتعرف على حد .
رد متنهدًا بنفاذِ صبرٍ:
- خلاص يا رسيل إتعرفي علشان تشوفيهم عملوا أيه في غيابك
اندهشت رسيل من موافقته على ذلك، قالت باستنكار:
- يعني إنت مش هتضايق لو صاحبت حد في الجامعة؟!
رد ماطًا شفتيه بمعنى لا مشكلة:
- لا يا حبيبتي عادي، المهم يكونوا كويسين وأخلاقهم كويسة
كان أيهم يقصد مصاحبتها للفتيات، بينما أخذت رسيل الحديث على الإثنين ووجدت لا مانع فهي في دراسة وهو غير ممانعًا، ابتسمت له قائلة بنبرةٍ ناعمة:
- بحبك قوي
فتح شفتيه ليرد عليها ولكن طرقات الباب استوقفته، رد على الطارق متسائلاً:
- فيه أيه؟
ردت الخادمة من الخارج بعملية:
- مروان بيه بيقول لحضراتكم تنزلوا علشان عمتك سيادتك وصلت تحت من شوية
إنتبه أيهم لحديثها واعتدل قائلاً:
- طيب روحي إنتي إحنا جايين كمان شوية
ابتعدت رسيل عنه واستفهمت:
- إنت عندك عمة؟
رد باقتضابٍ وهو ينهض من علی التخت:
- أيوة
تابع بنبرةٍ جادة وهو يأمرها:
- قومي إنتي كمان علشان تقابليها معايا
نهضت رسيل على الفور رغم آلامها فهذا واجب وهي تدركه، تحركت ناحيته وقالت مستفهمة:
- هي كانت فين يا أيهم؟، أنا مشفتهاش خالص
رد وهو يسحب ملابسه من الخزانة:
- كانت في أمريكا، أنا مخدتش بالي إنها هتيجي حتی النهاردة
ثم توجه للمرحاض وقبل أن يدخل ادار رأسه ناحيتها وقال غامزًا:
- عاوزك قمر، وشدي حيلك كدة عاوزها تقول متجوز أسد
ثم أسرع بولوج المرحاض ليتحاشى رأس الهيكل العظمي خاصتها التي قذفته عليه، حيث لم تجد رسيل أمامها على المرآة غيره ، هتفت بنبرةٍ مغتاظة:
- قليل الأدب بجد، من هنا ورايح مش هسكت...
________________________________

توغن عمرو على عدم مكوثها معه في نفس الغرفة مُصِرًا على موقفه تجاه تلك الزيجة، ذلك الأمر زاد اغتياظ جيسي منه لتعمده الإستخفاف بها والإحتقار من شخصها، ألزمت نفسها بجعله يتخلى عن بروده وعدم إرتضاءه بها بمعاندتها الدائمة له؛ ارتدت ملابسًا فاضحة وزادت من مساحيق التجميل الامعة متهيأة لسهرة مع رفقاءها ثم دلفت للخارج متجهة إليه، ولجت عليه غرفته دون إستئذان مدعية أخذها الإذن منه كونه زوجها، تدرجت للداخل وهي تموج في مشيتها لينتبه لها عمرو الذي رمقها بنظراتٍ مزعوجة ونهض من على الفراش مررًا أنظاره المصدومة والغاضبة مما ترتديه، وقفت امامه في ذات الوقت الذي وقف فيه امامها، شرع في الحديث حين قال بنبرةٍ احتقارية:
- مش قولت اوضتي دي متدخليهاش
ثم مرر أنظاره الساخرة عليها وقال مستهزئًا وهو ينظر لها:
- مفكرة لما تلبسيلي كدة هوافق ابقى معاكي عادي، يبقى لسة متعرفنيش كويس
ابتلعت جيسي كلماته المُهينة وزيفت ابتسامة قائلة بخبثٍ:
- ومين قالك إني لابسة كدة وجيالك
نظر لها بعدم فهم فابتسمت بمغزى وهي تنظر لعينيه، استكملت حديثها الماكر وهي تعبث بخصلات شعرها بدلالٍ:
- إنت مش قولت اعتبرك مش جوزي وأنا حرة في حياتي، أنا بقى عندي زوق وجيت استأذنك علشان خارجة مع اصحابي هنسهر في الديسكو
إنزعج مما تفوهت به وهتف بحدة:
- وإنتي مفكرة هسمحلك تخرجي بالمسخرة دي
اخرجت ضحكة ساخرة وردت باستنكار:
- ومين إنت علشان تسمحلي، مش لسة قايل اعتبر نفسي مش متجوزاك، وإنك مستني ابن الحلال اللي هيتقدملي، أنا بقى خارجة علشان اقابله وأتعرف عليه و....
شهقت بألمٍ حين أمسكها من عضدها بقوة غارسًا أظافره في لحمها، تألمت جيسي ونظرت له برهبةٍ، كز عمرو علی أسنانه وقال وهو يرمقها بغضبٍ:
- تخرجي كدة مش هسمح، اللي اعرفه دلوقتي إنك شايلة اسمي، يعني تسمعي كلامي لوقت ما نطلق، لبس المسخرة ده مش عايز اشوفه تاني عليكي، وخروج متأخر كدة تنسيه لإني مش هسمح بده سواء رضيتي أو لأ
تلوت ليتركها ونظرت له بتعابيرٍ متألمة، تركها عمرو حين دفعها للخلف ونظراته الحادة عليها، خشيت جيسي تلك النبرة الحازمة في حديثه وشرعت في فرك عضدها، قالت بعنادٍ رغم توجسها منه:
- يعني ايه الكلام ده، أنا هخرج ومش بمزاجك علشان تمنعني
ثم تراجعت للخلف حين احتدت نظراته الغاضبة عليها وارتبكت، تحرك عمرو نحوها فتراجعت هي للخلف مضطربة منه، التوى ثغره بابتسامة مُستهزئة منها وقال مظلمًا عينيه بتحدٍ:
- اعمليها كدة ورجليكي دي مش هتلاقيها شيلاكي
استمر في التقدم منها وهي في التراجع وازدردت ريقها بخوفٍ وقالت بغير رضى ونبرتها تعلو:
- يعني عاوز تحبسني، مش كفاية متجوزة ومش متجوزة، على الأقل سيبني أعيش حياتي زي ما كنت، ليه غيرت كلامك دلوقتي وعايز تتحكم فيا
بخوفٍ شديد قالت جيسي هذة الكلمات ومازالت نظرات عمرو الساخرة عليها، اضطربت حين اصطدمت بالأريكة من خلفها واضطرت لتجلس عليها ونظرت له برهبةٍ حقيقة فقد خشيت ضربه لها فهي عادته وايقنتها منه، وقف عمرو أمامها مباشرةً فرفعت رأسها لتنظر إليه بارتباك، قال باستهزاءٍ:
- متخافيش مش هضربك
ردت مدعية الصلابة:
- أنا مبخافش من حد، إنت اللي قليل الذوق وممكن تضربني لأنك بتتشطر عليا علشان بنت وضعيفة قدامك
مط عمرو شفتيه ليفكر في حديثها وهو يهز رأسه بحركاتٍ ارتابت منها، قال مبررًا:
- بس أنا بمد إيدي لو قليتي أدبك معايا
ابتلعت ريقها ونظرت له منتظرة تطاوله عليها بين الحين والآخر، اعتزمت كسب الأمر لصالحها واستفزازه وابتسمت بمكر فقد وجدت مخرجها، نهضت لتقف أمامه وكانت شبه متلاصقة به لقربه منها، دعت الله في نفسها بأن لا يضربها بعدما ستقول ما حضرته لاستفزازه، بترددٍ كبير قالت باستفزاز:
- أنا عرفت ليه بتعمل كدة، أنت واحد عندك عقدة رجولة، بتفرض سيطرتك على البنت علشان مش قادر تعيش زي أي راجل حياة طبيعية مع أي واحدة
ثم ابتلعت ريقها بصعوبةٍ متوجسة منه، لم يتفهمها عمرو جيدًا وفطن إلى حدما أنها تشكك في رجولته، لهذا استفهم منها:
- وضحي تقصدي أيه بكلامك ده؟
ادعت جيسي القوة بعكس ارتباكها السابح في عروقها واضطرت لإكمال ما بدأته، قالتها صريحةً بنبرةٍ سريعة:
- يعني مبتعرفش
فغر عمرو فاهه بصدمةٍ ورمقها بنظراتٍ قاسية، هتف بانفعال:
- وعرفتي منين، ولا إنتي ليكي خبرة في الرجالة
اشتعلت نظراتها غضبًا منه وقالت معنفة إياه:
- إنت بني آدم قليل الأدب
مرةً أخرى أمسكها من عضدها بقوةٍ أكبر لتتألم بصوتٍ عالٍ ولم تجد مكانًا لتبتعد عنه لتهرب من بطشه فالأريكة من خلفها، هدر هو باهتياجٍ مدروس:
- إحترمي نفسك، ولو فكراني مش راجل هوريكي راجل إزاي
نظرت له بألمٍ ممزوجٍ بالخوف، فأكمل هو بنظرات استهجان:
- وبالمرة أشوف بنت ولا أيه، أصلي شاكك فيكي من زمان .
شهقت جيسي بصدمة واحتدت نظراته المزعوجة عليه، هتفت بنبرةٍ مهتاجة:
- أخرس، أنا أشرف منك ومن اللي جابوك
بيده الأخرى جمع شعرها للخلف وقبض عليه بعنفٍ فتألمت أكثر، سحبها عمرو وهي كذلك ممسكًا بيده عضدها والأخرى قابضة على شعرها وتحرك بها ناحية التخت وطرحها عليه بعنفٍ وهو فوقها مستندًا ب?فیه علی جانبها.
استرابت جيسي بأنه سيضاجعها كأي زوجين ولكن هيئته تدل على العكس، بأعينٍ لامعة من الخوف نظرت له، قالت بتذبذبٍ:
۔ عمرو هتعمل أیه؟
ظل عمرو بابتسامته الساخرة يتطلع عليها، رد وهو يجوب ببصره وجهها والجزء العلوي منها باحتقارٍ بائن:
- عاوزة تتأكدي أنا راجل ولا لأ، هعرفك دلوقتي، وكمان بصراحة هموت وأعرف بنت ولا لأ
شهقت جيسي وانتفضت من تحته وهي تسأل نفسها ماذا سيفعل معها ليتأكد؟.
ازدردت ريقها بارتباك وفزعت حين شرع في لمسها بطريقة ميتهجنك، كان عمرو قاسيًا عليها يدرك بداخله مدى عصبيته ولكنها اثارت حنقه، لم يُرِد إهانتها في لقائه الأول بها ولكن هي من أجبرته على ذلك.
أجل بات عنيفًا لتتألم بشدة، لم تبالي جيسي بألم جسدها سوى بأنها فقدت كرامتها هنا وبكت في صمت.
نهض عمرو عنها وهو يلتقط أنفاسه ليجدها ناظرة للأعلى تبكي فقط، وضع يده على فمه حين رأي بعض قطرات الدماء ليلوم نفسه بعدها على ما فعله معها.
لم يرد مواجهتها ونهض تاركًا إياها من خلفه هكذا، التقط ملابسه ودلف للخارج بدون كلمةٍ واحدة معها.
غطت جيسي جسدها وظلت تنتحب بشدةٍ على أول لقاء بينهم ومدى رخصها في تلك اللحظة، لم تكرهه ولكنها كرهت نفسها لظنّه السيئ فيها ورددت معاتبة إياه:
- ليه يا عمرو، أنا بحبك قوي ........
__________________________________

ظلت ايمان في احضان اخيها الأكبر شاعرة أنها في امانٍ حتمي افتقدته بغباءها وعادت إليه بعد سنواتٍ ضاعت فيها ملامح شبابها كي تنعم بحياةٍ تعيش فيها في كنف أخيها، مسد مروان على ظهرها بحنانٍ وابتسم براحةٍ اكتسحت وجهه المريح، لم يرها منذ سنواتٍ سوى عبر وسائل الإتصال المرئية، تناسى عنادها فور سعيها للزواج دون إرتضائه وابتسم فرحًا بقدومها من جديد، وجه بصره لابنتها الوحيدة "لما" وهي تتحرك بحرية في الفيلا متفحصة مقتنياتها وابتسم لتأقلُمها السريع، تنهدت ايمان بعمقٍ وابتعدت قليلاً لتنظر لأخيها باشتياقٍ، ابتسم لها مروان فقالت بمحبةٍ لم تنتقص مطلقًا:
- وحشتني يا مروان، سنتين مرت كبرنا فيها وكنت غبية إني أبعد عنك كل ده ومعشناش أجمل أيام في عمرنا، الغربة وحشة قوي
قالت ايمان ذلك بمرارةٍ بعدما لمعت بعض العبرات في مقلتيها، مسح مروان على رأسها وحزن لرؤيتها هكذا، قال مهونًا عليها:
- ربنا عاوز كدة يا ايمان، وإحنا فيها يا حبيبتي، هنبقى مع بعض ونرجع نعيش سوا تاني وأحسن من الأول كمان، إنتي لسة جميلة ومكبرتيش ولا حاجة
ضحكت ايمان بخفوتٍ وقالت :
- طول عمرك لطيف يا مروان وكلامك حلو
ضحك مروان هو الآخر وقال بمعنى:
- المهم دلوقتي إنك رجعتي لبيتك وأهلك
وجه بصره لإبنتها التي تتجول في الفيلا وأكمل:
- والحمد لله إن بنتك معاكي، وإن شاء الله مش هنبعد عن بعض تاني
قالت بتمني:
- إن شاء الله يا مروان، مش هعملها تاني دا درس وإتعلمت منه
قطع حديثهم هذا "لما" حين تقدمت منهم وسألت بشغفٍ:
- فين أيهم؟، هموت واشوفه وأتعرف عليه
هبوط أيهم الدرج مع زوجته جعل مروان يشير بيده عليهم ورد:
- نازل أهو
استدارت "لما" بجسدها ناحية الدرج لتراه وركضت ناحيته وعينيها المُعجبة مسلطة عليه فور رؤيته، قابلها ايهم مبتسمًا بعكس رسيل التي لم ترتاح لنظراتها تلك وتجهمت تعابيرها، بحركةٍ جريئة ارتمت "لما" على ايهم وطوقت عنقه لتحتضنه بقوةٍ ، ضمها أيهم إليه بعفوية وضحك، حدجتهما رسيل بنظراتٍ مليئةٍ بالغِيرة والشراسة وصرت اسنانها كابحة تعنيفهما كونها ابنة عمته وصمتت، بصعوبةٍ ابعدها أيهم وقال متسائلاً باستغراب:
- أيه يا بنتي هو إنتي تعرفيني قبل كدة علشان متعلقة فيا كدة
حاوطت خصره وقالت مبتسمة بسعادة:
- دا أنا هموت وأشوفك من كلام مامي عليك، إنت تجنن وحلو قوي، كلام مامي ظلمك ?تیر
ضحك ايهم عليها وضغط على وجنتها وقال بمعنى:
- بس إنتي كبيرة قوي، كنت فاكرة صغيرة
ردت غامزة بعينيها بجراءةٍ:
- دا من حظي
شهقت رسيل من قلة حياء هذة الفتاة وبصعوبةٍ تحكمت في غضبها ، ابتسم أيهم وتعامل معها بطبيعته، تذكر زوجته ووجه بصرها لها، قال وهو يمسك يدها ويقربها منهم:
- أعرفك برسيل مراتي، حاسس إن من بكرة هتبقوا أصحاب
ابتسمت رسيل لها ولكن بتشفي رافعة رأسها بثقة، في حين تبدلت تعابير "لما" للصدمة الممزوجة بالضيق من وجودها، وجهت بصرها إليه وقالت بنبرة مزعوجة إغتاظت منها رسيل:
- إنت إتجوزت، دا أنا عاملة حسابي لو رجعت هنا أتجوزك، دا أنا حبيتك من كلام مامي عليك، ليه كدة يا أيهم؟
نظرت رسيل له بغضبٍ مكبوت فقد اغتاظت من حديث تلك الفتاة ، تنحنح أيهم بتوتر لشعوره بها ولم يعرف ماذا يجيب عليها؟، أنقذه من تلك الورطة انضمام عمته لهم، قالت ايمان وهي تدنو منهم فاتحة ذراعيها بترحيتٍ:
- أيهم حبيب عمتو، تعالى في حضني يا حبيبي
على الفور انفلت من بينهم ذاهبًا لعمته وهم بإحتضانها، ضمته إيمان بقوةٍ لها مشتاقة لرؤيته، قالت بحنوٍ:
- كبرت يا أيهم، وحشتني قوي
رد وهو يضمها إليه بمحبةٍ:
- إنتي أكتر يا عمتو، لسة زي ما إنتي جميلة قوي
ضحكت ايمان وقالت وهي تبتعد عنه لتنظر إليه:
- بكاش زي ابوك
ضحك مروان وهو جالسًا موضعه فنظر له ايهم وقال مبتسمًا:
- أنا كلي بابا على فكرة
ضحكت ايمان ووجهت بصرها ناحية "لما" ورسيل، قالت وهي تنظر إلى رسيل:
- مراتك تجنن يا ايهم، صغيرة قوي يا حبيبي
ابتسم رسيل بخجلٍ و?ذلك ابتسمت لها ايمان بمحبةٍ، بينما اغتاظت "لما" من حديث والدتها عنها ولم تخلو وقفتها من نظراتها المتفحصة لها من رأسها لأخمص قدميها بغلٍ، ظنّتها اجنبية لملامحها هذة وصرت اسنانها بغيظٍ جم فهي جميلة حقًا.
نظرت لها رسيل شزرًا متعمدة رسم الثقة والتعالي أمامها لتستفزها كونها تجرأت في حركاتها مع زوجها، بينما تقدم أيهم وايمان ناحيتهم وقال لعمته وهو يقرب رسيل من خصرها ناحيتها:
- دي رسيل يا عمتو مراتي وحبيبتي، هي شكلها صغنون بس هي في تانية طب
اعجبت ايمان بها وبجمالها وابتسم أيهم لزوجته بلطف، تحركت ايمان نحوها لتحتضنها مرحبة، برقة احتضنتها رسيل شاعرة بلطف هذة السيدة بعكس ابنتها، قالت رسیل بنبرتها الرقيقة:
- حمد الله علی السلامة
ابتعدت ايمان عنها وقالت بنبرة لطیفة:
۔ الله یسلمك یا حبیبتي
وجهت بصرها لایهم وسألت بفضول:
- من أي بلد يا أيهم، دي بتت?لم عربي؟
رد أيهم بعدم فهم:
- يعني أيه يا عمتو، رسيل من هنا ومش من مكان تاني
على الفور وجهت ايمان بصرها ناحيتها متفحصة جمالها الأجنبي وقالت بانبهارٍ:
- دي مصرية، مصر إحلوت قوي
ضحك ايهم وكذلك رسيل التي ابتسمت بخجلٍ، لم يشعر أي منهما بنار الغِيرة التي ملأت قلب "لما" منها وهي تتطلع عليها بعبوسٍ والزمت نفسها بأنها ستأخذه منها فلم تتخيله هكذا وسيمًا، وقالت في نفسها بغيظٍ:
- بقى إنت طلعت متجوز، بس مش مشكلة هاخدك منها
ثم انتبهت لوالدتها وهي تحدثها:
- تعالي يا "لما" واقفة بعيد كدة ليه يا حبيبتي
تحركت "لما" ناحيتهم مزيفة ابتسامة ثم وقفت بجانب والدتها توزع انظارها بين أيهم ورسيل كاتمة غيظها، ازدرد أيهم ريقه بتوتر ونظر لزوجته التي تنهدت بضيق داخلي فلم تعجبها تلك الفتاة ولم ترتاح لها، بينما قالت ايمان بمعنى:
- من هنا ورايح رسيل و"لما" هيبقوا أصحاب، خصوصًا إن اللي يشوف رسيل يقول أصغر من "لما"
زيفت رسيل لها ابتسامة وكذلك "لما"، كانت "لما" رغم صغر عمرها إلا أنها فارعة الطول وتخطت رسيل إلى حد ما وهذا ما أزعج رسيل بشدة، قالت "لما" بمكرٍ مؤكدة حديث والدتها:
- من غير ما تقولي يا مامي، أنا خلاص حبيت رسيل وبقت صاحبتي من دلوقتي وهنبقى حلوين قوي
توجس أيهم من حديثها وخشي فعلها لشيءٍ ما يزعج زوجته، وعن رسيل قررت أخذ حذرها من الآن منها فقد ارتابت هي الأخرى منها، رغم ثقة رسيل في جمالها إلا أنها توجست منها كونها قريبته ولا يحق لها تعنيفها فلن يرضى الجميع بذلك وتأففت في نفسها، كانت الأجواء مشحونة بين رسيل و"لما" بفضل النظرات المتبادلة بينهم.
وهذا ما أدركه أيهم بعكس عمته ايمان التي مازالت تتحدث بعفويةٍ معهم ولم تدرك بأن ابنتها تشتعل حقدًا على هذة رسيل وانتوت لها، في حين خشيت رسيل من نظرات هذة الفتاة نحو زوجها وايقنت بأنها ستعاني معها وستدخل في مُحاربةٍ نسائيةٍ شرسة.
انتبه الجميع لصوت مروان الذي قال لهم مدعي التذمر:
- تعالوا هنا، هتفضلوا واقفين كدة وسيبيني لوحدي.......
__________________________________

اقام والده حفلةً صغيرة في حديقة فيلته لإبرام عدة عقود شراكة بين والد مصطفى السيد شاكر وكذلك والد راما السيد مؤنس، اضطر مصطفى للعودة هو ورانيا من شرم الشيخ بعدما استدعاه والده لحضور تلك الحفلة وتأفف من كل ما حوله، جلس في احدى الزوايا يرتشف من الخمر كأسًا تلو الآخر غير مكترثًا لما يدور حوله.
كانت نظرات راما الثاقبة مسلطة عليه هو فقط، اليوم هو تنفيذ ما أتفقت عليه مع صديقها مؤيد لإفساد العلاقة بينهم، بحركات متهادية ونظرات ماكرة خطت راما نحوه بقدميها، دنت منه واثنت ثغرها بابتسامةٍ ذات مغزى وجلست على المقعد المجاور له، وجه بصره ناحيتها وزفر بنفورٍ جم، تجاهلت راما ذلك مُجبرة فليس الآن لتتشفى منه، تشدقت متسائلة:
- كنت فين يا ميمو؟، معقول لحقت تزهق مني، مش إحنا متفقين إني أنا اللي هزهق وهسيبك، ولا حسيت إنك هتخسر
ثم حدجته بابتسامةٍ صفراء، تأفف مصطفى من وجودها وقال ليثير حنقها:
- أعمل فيكي أيه يعني، البعيدة معندهاش دم، بحب واحدة غيرها وهي مافيش إحساس خالص
ثم ابتسم بتشفي لرؤية إنزعاجها، ابتلعت راما كلماته المهينة وتأنت بصعوبةٍ ونظرت له مدعية الثبات، قالت ببرودٍ زائف:
- أعمل أيه، أصلي بحب المنافسة ودايمًا بكسب، عمري ما خسرت في حاجة عوزاها
رمقها مصطفى بنظراتٍ إحتكارية وقال باشمئزازٍ:
- إنتي أكتر حاجة وحشة حصلت معايا، لو مش خايف من بابا ياخد مني كل حاجة كنت حتى مفكرتش ابص في وش واحدة زيك في يوم من الأيام
ثم ادار رأسه ليكمل تجرعه للخمر متجاهلها تمامًا، حدقت فيه راما لبعض الوقت ولو كانت نظراتها تقتل لفعلت، جاء دورها في الخطة الموضوعة ونهضت من مقعدها ورمقته بم?ر، ادعت عدم إتزانها واخرجت أنينًا متألمًا ومالت بجسدها عليه، انتفض مصطفى موضعه واضطر لإمساكها، قال بضيقٍ وهو يتطلع على عليها بتجهمٍ:
- فيه ايه مالك، لعبة جديدة دي؟
نظرت له بتعابيرٍ متألمة وقالت بصوتٍ متعبٍ خفيض:
- حرام عليك دا أنا مريضة من الصبح
تأفف مصطفى وقام بإعدالها قائلا بتذمر:
- تعبانة إطلعي فوق، أنا مش ناقص قرف
ادعت راما الحزن وقالت بمكرٍ دفين:
- الله يسمحك، عن إذنك
قالت جملتها وتحركت ببطءٍ مدعية النّصب، في الوقت الذي تركته ابتسمت بشيطنة وأخرجت هاتفه من بين طيات فستانها وتنهدت بارتياحٍ شديد فقد إنتهت مهمتها الآن فقد استغلت وقوعها عليه واخذته خفيةً من جيب سترته وبقيت مهمة الأخير الآن، بهاتفها هي ضغطت أرقامه ليبدأ، ما أن جاء صوته حتى أمرته بحزمٍ:
- يلا دلوقتي، ومتنساش تبلغها رسالتي ...
____________________________________

أنهت معها الإتصال فمنذ تركتهم صرن أصدقاء ويُهاتفن بعضهن بين الحين والآخر، وضعت رسيل هاتفها بعدما إطمأنت على رانيا ، تعلم بأنها جالسة بمفردها وتسعد حين تهاتفها هي وابتسمت فهي إحدى الأصدقاء التي حظيت بها حتى تلك اللحظة وتنهدت براحة.
ولج أيهم الغرفة عليها وجدها جالسة وتحرك نحوها، انتبهت رسيل له ونهضت متجهة إليه وهي تحدجه بتعابيرٍ متشنجة، سأل ايهم بهدوء:
- رانيا كويسة، إطمنتي عليها؟
صرت اسنانها بغيظ من تجاهله ضیقها، وقالت بنبرةٍ مهتاجة:
- عاوز تجنني، بتوه علشان ما أتكلمش في اللي حصل، شوفت البنت دي بتبصلك إزاي وبتحط إيديها عليك وإنت ساكت مقولتلهاش عيب حتى وسايبها تدلع عليك
ادرك ايهم انزعاجها وامسكها من كتفيها وقال بعقلانية:
- رسيل دي عيلة، هتغِيري منها
هتفت بحنقٍ وهو تدفع يديه عنها بعنف:
- دي صغيرة، دي أطول مني، دا انا اللي صغيرة قدامها، أنا عمري ما أعمل كدة، دا أنا المفروض أتعلم منها
تأفف أيهم قائلاً بنفاذ صبرٍ:
- رسيل إعقلي كدة، أنا عمري ما هبص لواحدة غيرك أنا بحبك
كشرت بوجهها قائلة بتنبیهٍ:
- طيب متخلهاش تقربلك كدة تاني، أنا بغير ومبحبش حد يحط ايده عليك غيري، إنت ليا لوحدي، سامع
ابتسم قائلاً بحبٍ وهو يحاوط خصرها بتملكٍ:
- حاضر يا عمري، إنتي تؤمريني، أنا لی?ي وبس
ابتسمت رسيل باستحياءٍ وسألت وهي تلعب في حافة قميصه:
- بتحبني لوحدي؟
رد بعشقٍ وهو يعتصرها بين ضلوعه:
- إنتي وبس يا عمري يا كل حاجة عندي.......
_______________________________

بعدما أنهت إتصالها مع رسيل تفاجأت بمن يطرق عليها الباب، ظنّته مصطفى ولهذا ركضت لتفتح له، بدون تفكيرٍ فتحت الباب لتجد عدد من النسوة مريبي الهيئة واقفات أمامها، ارتابت رانيا منهن ولهذا أخذت قرارها بوصد الباب سريعًا، لم يمهلنها الفرصة لذلك حتى تحركن ناحيتها ليحلن دون ذلك، تراجعت رانيا للخلف خيفةً منهن واستدارت راكضة لغرفتها ولكن هيهات من ذلك فقد أسرعت إحداهن وقبضت عليها من الخلف لتشل حركاتها بمساعدة البقية، صرخت رانيا بصوتٍ عنيف:
- إنتوا مين وعاوزين مني أيه؟
شرعن النسوة في ضربها بعنف على جميع أنحاء جسدها متسببين في آلامٍ عنيفة لها، صرخت رانيا مستغيثة ولكن كممتها إحداهن مانعة إياه من إخراج الألم حتى، لبعض الوقت مر وهو يتسببون لها بضرب عنيف خاصة في المنطقة السفلية وبطنها متعمدين ذلك حتى لا تجوز لأحدهم بعد ذلك، انهمرت الدموع من عيني رانيا وهي تتألم لا مخرج حتى لتعبر عن هذا، قاست في تلك اللحظة الألم الحقيقي وهي تشعر بهذا الألم العنيف في الأسفل، انتهين النسوة من اداء دورهن ونهضن عنها، همست إحداهن لها بغلٍ:
- راما هانم بتسلم عليكي وبتقولك دا جزات اللي تبص لحاجة بتاعتها، وبتقولك البيه مهما عملتي ليها لوحدها
قالت المرأة جملتها وصفعتها بقسوةٍ ثم نهضت مع البقية ودلفن للخارج وتركناها كما هي من خلفهن تعاني مرارة الألم، تألمت رانيا بشدةٍ وهي تشعر بأنها ليست بخير فماذا فعلن بها؟، عليهن اللعنة فقد ضروها بمعنى الكلمة، بصعوبةٍ كبيرة زحفت مستندة على ساعدها إلى أن وصلت لهاتفها الموضوع على الأريكة، سحبته رانيا وقامت على الفور بمهاتفته هو، على الناحيةِ الأخرى كانت ممسكة راما بهاتفه وتبتسم بمكرٍ، كانت مدركة أنه أول شخص ستهاتفه بعدها، فتحت عليها وإدعت إنه معها قائلة بنبرةٍ خبيثة مدعیة أنها تحدثه:
- مصطفى بتعمل أيه يا حبيبي، سيب التليفون دا وتعالى
ثم أغلقت الهاتف وضحكت بمكرٍ متشفية فيها، شهقت رانيا بعدم تصديقٍ وهي تستمع لها، ابتلعت ريقها وبدأ يزداد الألم علیها وشحب وجهها، رددت بصوتٍ متألمٍ قبل أن تخبو قواها:
- حد يلحقني ، بموت..........................................
x x x x x x x x x _____________________
x x x x x x x x x x x x xx ______________
x x x x x x x x x x x x x x x x x x _______



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 02-12-21 الساعة 07:59 AM
الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-19, 06:22 PM   #113

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي رواية القيادي

الفصـل الثـاني والخمسـون
القِِيَّـــادي
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ

بداخل شركته جلس رؤوف مع اسماعيل في مكتبه بمفردهم لمناقشة بعض الأعمال، أراد رؤوف أن يُطلعه بكل كبيرةٍ وصغيرة كونه وثق به ويأتمنه الآن على ابنته، كان اسماعيل بالفعل وفيًا له ولم يفكر قطعًا بتلقامة كغيره من مغتنمي الفرص كونه متزوجًا من ابنة رجلٍ في مكانته تلك، تنيح رؤوف من وجوده معهم ولم يشعر بالتوجس ولو للحظةٍ واحدة برفقته وأحبه بمعنى الكلمة، شعر رؤوف أثناء متابعة الأعمال بوخزة خفيفة في قلبه أدت لوضعه يده على الجهة اليسرى وتدليكها كحركة لا إرادية مخففًا من ألمه، إمتقع وجه رؤوف بعض الشيء وتنهد باجهادٍ مصحوب بألمٍ طفيف، إنتبه له اسماعيل وتطلع عليه قاطبًا جبينه، سأله بقلق:
- حضرتك كويس؟
ابتسم له رؤوف بتعبٍ ورد مدعي عدم الإكتراث:
- دا شوية إجهاد بيجيلي لما بشتغل كتير
هتف اسماعيل بنبرة إصرار جادة وهو يغلق المستند الذي أمامهم ويقصيهم جانبًا:
- خلاص كفاية كدة، إتفضل ارتاح إنت ومتتعبش نفسك
نظر له رؤوف وقال مدعي تحسّن حالته:
- لا خلاص أنا كويس، دا تعب وراح عادي يعني
لم يقتنع إسماعيل بحديثه فهو بالفعل متعبًا وقد أترع الإجهاد ملامحه، قال إسماعيل بتصميمٍ أشد:
- خلاص الموضوع مش مستاهل، أي حد من الموظفين هخليه يفهمني، متقلقش سيادتك وتتعب نفسك على حاجة متستاهلش
ابتسم له رؤوف وقال بمحبةٍ:
- إنت طيب قوي يا اسماعيل، من وقت ما جيت وإنت شايل عني حاجات كتير رغم إنك مش متعلم قوي
ابتسم اسماعيل وقال بنبرةٍ ممتنة:
- أنا اللي المفروض أشكر حضرتك على ثقتك فيا، متعرفش قد أيه ببقى مبسوط لما بتأمنلي على حاجات خاصة جدًا بسيادتك
اعجب رؤوف باحترامه له وتنهد باغتباطٍ جم من وجوده، تذكر حديث ابنته بأنها خدعته واراد أن يعوضه عن ذلك، قال رؤوف بنبرةٍ حذرة:
- أنا هعينك رئيس مجلس الإدارة هنا، علشان لو أنا مش موجود تكون بدالي والشغل يمشي كويس وميتعطلش
ذُهل اسماعيل من قراره هذا ونظر له مستنكرًا حصوله على هذا المستوى المرموق، قال مندهشًا:
- بالسهولة دي حضرتك بتآمن ليا أمسك الشغل في غيابك
ابتسم رؤوف بشدة وقال بمغزى:
- إذا كنت أنا مأمنك على بنتي الوحيدة اللي كل حاجة إنت شايفها دي هتبقى ليها من بعدي
حرك اسماعيل رأسه بتفهم وقال مبتسمًا بحرجٍ:
- أنا مش عارف أقول لسيادتك أيه أو أعمل أيه أردلك كل اللي بتعمله معايا ده
جاءت فرصة رؤوف للحديث الجاد، قال له بنبرةٍ شبه راجية:
- كل اللي عاوزك تعمله تخلي بالك من بنتي سالي، أوعى في يوم تزعلها لأي سبب، سالي طيبة قوي وأنا مربيها كويس، خلي بالك منها يا اسماعيل ومتتخلاش عنها مهما حصل، هتوعدني بكدة يا اسماعيل
بدا حديث رؤوف مقلقًا مما جعل اسماعيل يرمقه باستغراب، رد اسماعيل ليؤكد ذلك ويطمئنه:
- صدقني مهما حصل سالي هتفضل معايا وعمري ما هسيبها أبدًا، سالي بقت مهمة قوي في حياتي ومقدرش استغنى عنها
برزت الطمأنية على تعابير رؤوف وابتسم ليرتاح قلبه تجاه ابنته ، في حين قال اسماعيل ذلك بصدق، لم ينتوي الإبتعاد عنها رغم أنه أرسل اليوم لمهجة شخصًا ما ليأتي بها لشقته، لم يجد مانعًا في قدومها هي الاخرى فقلبه يريدهم معا، حبه لزوجته الأولى يختلف عن حب الثانية، لم يرد أن يتخلى عن أي منهن وأرادهن معه وسيفعل ما بوسعه ليحقق المساواة بينهم فهو حقًا يحبهن ويريدهن؛ اخرجه من شروده رؤوف حين قال بمعنى:
- النهاردة عندي مشوار مهم قوي ويمكن اتأخر .......
_________________________________

ظل مرابطًا طوال الليل أمام غرفتها بداخل المشفى مجبرًا على ذلك لإكمال الخطة الموضوعة، ضجر مؤيد وغلبه النعاس ليغفا لبعض الوقت القليل على تلك الأريكة المعدنية امام غرفتها منتظرًا افاقتها؛ حيث أرغمته راما على الوقوف بجانبها في وضعها هذا لتُفضله على الآخر مُدعي قلقه عليها وحبه لها، تأفف مؤيد فلم يحظى بنومة كاملة بسبب أوامر الاخيرة، خاتل عينية قليلا فوجد الممرضة تخرج من غرفتها متجهة إليه، تأملها مؤيد بأعينٍ ناعسة إلى أن وقفت أمامه فانتبهت لها حواسه ليعتدل ناظرًا إليها، قال الممرضة له بنبرةٍ عملية:
- الهانم اللي حضرتك جبتها إمبارح الحمد لله فاقت دلوقتي لو تحب تشوفها
نهض مؤيد قائلاً بنبرةٍ متلهفة:
- بجد، هي كويسة ؟
اومأت برأسها قائلة بمعنى:
- هي الحمد لله فاقت، بس هي لسة تعبانة وتحت العلاج لإن اللي حصلها دا سيئ جدًا وإتأذت كتير
زم مؤيد شفتيه واخفض بصره ليخجل من نفسه فهو مشتركًا في أذيتها بهذا الشكل الشائن، لم يجد امامه سوى طاعة الأخيرة فماذا هو بفاعل؟، حزن عليها حين دخل شقتها وانصدم بما فعلنه النسوة بها، تنهد بضيقٍ ورفع بصره للممرضة قائلاً بنبرةٍ هادئة:
- طيب أنا هدخلها دلوقتي
قالت الممرضة بتنبيه:
- بس يا ريت متتكلمش معاها كتير لإنها لسة في مرحلة الإفاقة
حرك رأسه بامتثالٍ قائلاً:
- أنا بس هطمن عليها وهخرج تاني
هزت رأسها واستأذنت للمغادرة، تتبعها مؤيد إلى أن ابتعدت، وجه بصره لغرفة رانيا وتحرك نحوها بخطواتٍ مترددة فكيف له أن يخدعها بقلقه وحزنه وهو السبب، الأمر صعب حقًا وزفر بخفوتٍ منزعجًا، مد يده ليمسك بمقبض الباب وفتحه بحذر، خطا بقدمه لتقع عينيه عليها وتأملها بشفقةٍ معنفًا نفسه فهي لا تستحق كل هذا سوى أنها وجدت من يحبها، تنهد بهدوءٍ وتحرك نحوها وعينيه عليها تستنبط ما تفكر به، كانت رانيا تنظر للأعلى محدقة في سقف الغرفة بشرود لتعود لليلة أمس متذكرة ما مرت به وما حدث لها، ادركت بأنها الآن ليست بخير فما فعلنه معها تستحي من ذكره فقد انتهت حتمًا.
لمعت عيناها بدموع القهر والانكسار خاصةً بعد استغناء الأخير عنها وترك زوجته تفتعل معها هذا واخرجت شهقةً طويلة شاعرة بمرارة حياتها المستقبحة لتهتاف عليها المصائب واحدة تلو الاخرى لتجتوي حياتها منذ فتحت عينيها على تلك الحياةِ المنكودة التي خلّفت لها الأسوأ فقط، لم تكتمل فرحتها إلا وانقلبت عليها كأن الحياة تحسدها عليها فيكفي هذا لها فقط تساوقت طالبة الرأفة وتركها بحالها؛ لم تتنبه للذي يقف بجانبها لبعض الوقت يحدق بها بحزن على حالتها، رغم اشتراكه في ذلك ترفّق على ما وصلت إليه وحزن بالفعل عليها، تنحنح مؤيد بخفوتٍ لتنتبه له ويشرع في اكمال تمثيليته السخيفة ليردد سيناريو وضعته من احبها، باجهادٍ شديد امالت رانيا رأسها للجانب لتتمكن من رؤيته، قطبت بين حاجبيها ونظرت له بتعابيرها المنطفئة وللحظاتٍ علمت بهويته جيدًا ولم تفطن سبب وجوده معها الآن وكيف عرف وتخبطت الافكار في رأسها لتكل من كثرة التفكير، بصعوبةٍ رسم مؤيد ابتسامة وهو ينظر لها، قال متفهمًا نظراتها نحوه:
- أولاً حمد الله على السلامة، وثانيًا هقولك أنا هنا إزاي بس مش عاوزك تتعبي نفسك وتتكلمي كتير
لم تتفوه رانيا بكلمةٍ واحدة تنتظره بشغفٍ داخلي بعكس هدوءها ونصبها البادي على قسماتها ليشرح لها، سحب مؤيد المقعد المجاور للتخت وجلس عليه بالقرب منها، استطرد شارحًا:
- أصل أنا بصراحة كنت جاي أطلب ايدك ولو هترجاكي توافقي، أول ما طلعت لشقتك لقيتها مفتوحة وإنتي مغمي عليكي، وقتها قولت ربنا بعتني في الوقت دا علشان ابقى جمبك والحق انقذك، انتي حالتك كانت وحشة قوي و...
ثم تنحنح بحرجٍ ليجذم حديثه، انزعجت رانيا كونه علم ما حدث لها وبالتالي سيتركها هو الآخر وابتسمت بتعبٍ ساخرة من كل ما حولها، عاودت التحديق بالاعلى متجاهلة وجوده لا تريد شفقة أحد عليها وغارت في احزانها بمفردها، ازدردت مؤيد ريقه ليدرك شعورها الآن كون الأمر محرجًا، تذكر هاتفها الذي جلبه معه كإحدى الخطط الموضوعة بأن يعطيه لها، اخرجه مؤيد من جيب سترته وتنحنح بخفوتٍ وقال وهو يمد يده لها بالهاتف:
- دا تليفونك، أنا جبته معايا لما لقيته مرمي جمبك علشان لو عايزة تكلمي حد من قرايبك يجوا يطمنوا عليكي
أحضره مؤيد لتهاتفه ومن ثم لن تجده فهاتفه مع راما الآن ليضمنا أنها اقتنعت بالكامل من تركه لها، بينما تنبّهت رانيا لما تفوه وبه وسخرت في نفسها فمن سيأتي إليها فالمُقربة منها تركتها ولم يعد لديها سوى بعض الأقارب التي لم تعرفه عنهم شيئًا، عادت بذاكرتها وقت هاتفته لتستنجد به ولكنه تخلى عنها وتنهدت بصوتٍ عالٍ لتسيطر على بكاءها الوشيك، ادارت رأسها ناحيته مرةً أخرى لتجده ما زال ماددًا يده بالهاتف، نظرت رانيا للهاتف ثم رفعت يده وتناولته منه، الزم نفسه باكمال باقي ما جاء من أجله، قال مؤيد بترددٍ:
- أنا لسة بحبك يا رانيا على فكرة، متفكريش إن أي حاجة ممكن تخليني أغير قراري في إني أتجوزك، أنا بحبك ويا ريت توافقي عليا، أنا عايش لوحدي وهعملك كل اللي إنتي عوزاه، قولت أيه يا رانيا في طلبي من الجواز منك
انصتت له رانيا جيدًا وهي تنظر لنقطة ما امامها كأنها تفكر في حديثه، هذا ما استنبطه مؤيد لينتظر بتلهفٍ موافقتها عليه خاصةً بعد تخلي الأخير عنها، فاجأته رانيا حين ردت بجمودٍ دون أن تنظر إليه ليفشل في فهمها:
- ممكن تسيبني لوحدي شوية لو سمحت
تنحنح مؤيد بحرجٍ ونهض، زيف ابتسامة وقال بامتثال:
- أكيد طبعًا، عن إذنك
لم تتطلع عليه رانيا فازداد إحراجًا وتحرك نحو الخارج، تنبهت كافة حواسه بأنه ترك الغرفة ثم عاودت النظر لهاتفها، لم تتوانى رانيا في مهاتفته مرةٍ اخرى لمعرفة حقيقة ردة فعله بالأمس، مرة واخرى وهي تهاتفه وبلا جدوي، بعثت له بعدة رسائل أيضًا والتي استلمها ولا رد منه، انصدمت رانيا مما يفعله معها لتساورها الظنون بأنه قد خدعها كونه عادت إليه بسهولةٍ، تبدلت تعابير رانيا للحزن وبكت في صمت وادركت الآن مدى رعونتها في تصديقه لتشعر بعدها بأنها لا شيء، تعالت إلى حد ما اصوات بكاءها وغزت الوحدة حياتها فهي ضائعة وتمنّت في تلك اللحظة المستهجنة موتها كارهه وجودها، عادت سريعًا لرشدها لتُحدث نفسها بأنه ليس الآن قبل أن تنتقم من كل من اوصلها إلى طريق الظلام، أجل ستنتقم منهم جميعًا ليرتاح قلبها بعدها، لعنة الله عليهم لما يحدث لها هذا ولما هي؟، ببكاءٍ مرير حدثت رانيا نفسها متناسية تعبها، للحظاتٍ مرت هكذا اعتزمت مهاتفة رسيل، أجل هي المقربة منها الآن، هي من تشكي لها وتخبرها بسرها، فلابد لها من العودة من جديد ومباشرة حياتها لتتمكن من تحقيق ما ستزمع له معهم وحدقت امامها بغضبٍ لتترك عقلها يفكر بدلاً عن قلبها الضعيف عما ستفعله ......
__________________________________

جلست بالخلف ولم تزيح نظراتها الحانقة من عليها، أصرت "لما" على الذهاب معهم للنادي وكانت لهم دخيلة فلم ترتاح رسيل لوجودها وتأففت طوال الطريق مُدركة تعمدها وجودها بالقرب من أيهم وكتمت غيظها فهي قريبته ولا يحق لها التذمر من حضورها، تعجبت رسیل بشدة من افعالها فكيف لفتاةٍ في عمرها أن تتصرف هكذا بجراءة وزفرت بخفوت تتطلع فقط من نافذة السيارة.
وكذلك أيهم الذي يقود سيارته في صمتٍ فلم يتسنى له الحديث مع زوجته سوى في حدود لوجودها، كان يشعر بنظراتها المغتاظة من الخلف تخترق رسيل وكتم ابتسامته وذلك بعدما ادرك غيِرتها عليه، أجل هي فتاة صغيرة ولكنه أحب الأمر وتنهد بعمقٍ مكملاً طريقه؛ زفرت "لما" بقوةٍ محدثة أيهم بفتورٍ زائف متعمدة إثارة حنق رسيل:
- أيهوم حبيبي هو النادي دا بعيد؟
شهقت رسيل بصدمة وادارت رأسها ناحيته ورمقته بنظراتٍ غاضبة، بينما ازدرد أيهم ريقه مرتبكًا وغصّ فجأةً وبدأ يسعل بشدة، قلقت "لما" عليه وسألته بلهفةٍ لتستفز رسيل أكثر:
- حبيبي إنت كويس، رد عليا فيك أيه؟
قالتها "لما" بعدما دنت منه وبدأت تمسح بيدها على صدرها بطريقة جريئة اشعلت الغضب والغِيرة في قلب رسيل التي حدجتها بنظراتٍ شرسة، وضع أيهم في ورطة لائحة يريد منقذًا له الآن.
لم تتحمل رسيل لمساتها عليه ومدت يدها لتزيح يد الأخيرة عنه، قالت رسيل بنبرةٍ مزعوجة وهي مُحدقة بها:
- عيب بنت تحط ايديها على حد كدة
ردت "لما" باستنكارٍ معاندة إياها:
- وفيها أيه؟، دا ابن خالي ومش غريب عني، وكمان أنا بس حطيت إيدي عليه مش حضنته ولا بوسته يعني
شهقت رسيل متفاجئة من وقاحة هذه الفتاة، نظرت لأيهم كاتمة تعنيفها بصعوبة وهي تفرك يديها ببعضهما، ارتبك أيهم والقى نظرة عليها مبتسمًا كي يهدأها وغمز لها بمعنى أن تجاري الموضوع ثم عاود الإنتباه للطريق.
صرت رسيل اسنانها بغضبٍ ونظرت امامها وهي تقطم اظافر يدها بتعابيرٍ متشنجة، في حين اسندت "لما" ظهرها للخلف وتقوس ثغرها بابتسامةٍ عريضة وهي تراها هكذا، رددت في نفسها بتعالٍ:
- ولسة، دا أنا هجننك...
بعد وقت قليل ارفد أيهم بسيارته إلى النادي وصفها في الجراچ الخاص به، ترجلت رسيل على الفور منها بتعابيرٍ غامضة منتوية لتلك الغليظة، نظرت لها "لما" بتهكمٍ وترجلت هي الاخرى فتأفف أيهم ليخلّفهم، دار حول السيارة متجهًا نحوهم وهو يدعو أن يمر اليوم بسلامٍ.
ابتسمت رسيل بمكر وأخذت تتقدم منه، تفاجأ أيهم بها تطوق عنقه فحاوط خصرها على الفور وابتسم فهو يتتوق لأي قُرب منها، رفعت رسيل نفسها ووضعت قبلة رقيقة على خده فجحظت "لما" عينيها مصدومة ومغلولة مما يحدث أمامها وكذلك أيهم الذي استنكر جراءتها.
ابتعدت رسيل عنه ونظرت له مبتسمة بنعومةٍ فقد افتعلت ذلك لتخبر تلك الفتاة بأنه لها.
تحكم أيهم في نفسه فدائمًا ما تطبع بداخله لمساتها التي تحتدم المشاعر الجيّاشة بداخله لتستفيض على هيئته يتمناها، قالت بهمسٍ مغري:
-هعمل مساج وهبقى كويسة
هز رأسه بامتثالٍ، ابتعدت رسيل ونظرت "للمى" بطرف عينيها مبتسمة بثقة ثم اشاحت بوجهها.
ضمت " لما" ساعديها حول صدرها ناظرة لها بحنقٍ، قالت بعدها بغيظٍ مكتوم:
- مش يلا بقى ولا هنفضل واقفين كدة
ظهر ضيقها في نبرة صوتها وهي توزع انظارها عليهما، انتبه أيهم لها وسألها بتوتر:
- طيب عاوزة تروحي فين؟
زيفت ابتسامة وردت بمكرٍ داخلي:
- هلعب تنس
اومأ برأسه ووجه بصره لرسيل وقال لها بنبرةٍ موحية وهو يبتسم بمغزى:
- طيب روحي إنتي يا رسيل علشان تخلصي بدري وأنا هروح اوصل "لما" وانا على صالة الجيم علشان نرجع بسرعة
ابتسمت رسيل باستحياء زائفٍ، تذكرت سماجة تلك الفتاة معها فدنت منه وهمست بتنبيهٍ شدید:
- وصّلها وامشي على طول ومشوفكش معاها، أنا بغِير وممكن أتهور بجد ومش هيهمني حد
اتسعت ابتسامته ورد مقدمًا طاعته لها:
- من عنيا، أنا بحبك إنتي
ابتعدت رسيل وتنهدت بصوتٍ عالٍ وهي توجه بصرها نحو "لما" ، قالت لها بنبرةٍ باتت ساخرة:
- باي، إلعبي كويس وشدي حيلك
قلبت "لما" شفتيها بحركةٍ متذمرة من حديثها ولم ترد عليها فاتسعت ابتسامة رسيل الماكرة، تنحنح أيهم وسألها بمفهوم:
- هتعرفي تروحي لوحدك يا حبيبتي؟ .
ردت مؤكدة:
- أيوة يا حبيبي لما سألت رانيا كانت قالتلي على مكانه .
ابتسم لها فلوحت بيدها وهي تستدير تاركة إياهما، قالت غامزة لأيهم بمغزى:
- باي يا بيبي
ثم تحركت تاركة إياهم من خلفها، تعقبتها نظرات أيهم العاشقة ولم يشيح ببصره عنها.
كزت "لما" على اسنانها بغيظٍ وتحركت ناحيته حين رأته هكذا وسألته بنبرةٍ متضايقة:
- بتبصلها كدة ليه، قد كدة بتحبها؟
انتبه أيهم لها واستنكر ما تفوهت به:
- ايوة يا حبيبتي وفيها ايه، رسيل مراتي وبحبها، وكمان تتحب بسرعة وحلوة قوي
لم تهتم "لما" بباقي حديثه بقدر تحفز حواسها لتلك الكلمة التي تلفظ بها "حبيبتي" وارتسمت ابتسامة حماسية على محياها وتطلعت عليه بحبٍ، لم يدرك أيهم تبديل تعابيرها وتحير في أمرها، بينما قالت "لما" بهيامٍ غير مصدقة ما استمعت له:
- بجد أنا حبيبتي يا أيهم؟
تنبه أيهم أنه تلفظ بتلك الكلمة ولكنها خرجت عفوية منه لم يقصد بها شيء، نظر لها وقال موضحًا:
- "لما" مش معنى إني قولتها تفهميها غلط، إنتي بنت جميلة وصغيرة و...
قاطعته بابتسامة واسعة متعمدة تجاهل باقي حديثه:
- بجد إنت شايفني جميلة وعجباك
لم تمهله "لما" الفرصة ليعطي علاقتها به مسارًا آخر والتزمت التعامل بحنكة، تنهد أيهم بضيق ووجد صعوبة في التعامل معها ، تصنع ابتسامة وقال بمعنى:
- طيب يلا علشان أوصلك
ردت مدعية الجهل وهي تحرك رأسها بحيرةٍ زائفة:
- توصلني فين؟
استخدمت "لما" مكرها فقد قالت هذا لتخدع رسيل، في حين استغرب أيهم وقال ليذكرها:
- إنتي مش قولتي من شوية هتروحي تلعبي تنس
ادّعت أنها تذكرت وقالت بغير رغبةٍ:
- لا لا مش عاوزة غيرت رأيي
دنت منه وتأبطت ذراعه وتابعت بمكر:
- أنا هاجي معاك إنت، أنا جيت مخصوص علشان ابقى معاك
تصلّبت نظرات ايهم عليها لبعض الوقت يفكر في تلك المعضلة، خشي الرفض فهي مجرد ابنة عمته ولم يكِن لها السوء فقط لم يُرِد مضايقة رسيل.
ابتسمت له "لما" ببراءةٍ مُخادعة ليصطحبها معه، تنهد ايهم وزيف ابتسامة وقال على مضضٍ أخفاه:
- طيب يلا تعالي معايا
صرخت "لما" بفرحةٍ وتحركت معه إلى صالة الألعاب الرياضية وهي متشبثة بذراعه ...
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،
بمجرد شلحها لملابسها لعمل تدليك هاتفتها رانيا لتخبرها بما حدث لها، على الفور دون تفكير ارتدت رسيل ثيابها مرةً اخرى حزينة على الأخيرة وما حدث لها.
لم تهتم رسيل بما جاءت من أجله بقدر ما قلقت عليها، دلفت سريعًا للخارج متوجهة لايهم لتخبره بذلك والذهاب إليها فهي وحيدة الآن .

لبعض الوقت مر وهي تبحث عن مكان تلك الصالة حتى دلّها أحدهم، ولجت رسيل للداخل وفجأة تصلّبت موضعها عند الباب حين رأت تلك الفتاة السمجة معه واحتدت نظراتها المنزعجة عليها فقد خدعتها ولم تدرك بأنها شقية لعينة وصرت اسنانها مغتاظة.
شهقت رسيل بصدمةٍ حين شلح أيهم كنزته ليتعرى من الأعلى ويظهر جسده امام تلك الفتاة ليشرع هو في مزاولة بعض التمارين الرياضية على الأجهزة. وقفت "لما" بالقرب منه مدعية إلتهاءها بإحدى الأجهزة وعينيها عليه، وضعت يديها لا إراديًا على خديها لتشعر بسخونة وجهها وهي شاردة فيه ومستمرة في التحديق به من الخلف.
ساقتها قدماها دون عمد ناحيته لتتحرك ببطءٍ شديد متجهة صوبه، انتبهت لها رسيل وحركت رأسها بتشنجٍ رافضة اقترابها منه فكيف لها أن تتجرأ.
سريعًا تحركت رسيل نحوهم وأغذت في السير لتحيل دون ذلك.
تنبهت لها "لما" وتوقفت مكانها لتنظر إليها باضطرابٍ، دنت رسيل من أيهم الذي يوليها ظهره، الذي انتبه والتفت ناحيتها وهي من خلفه ليتفاجأ بها.
سريعًا توجهت نظراته "للمى" وارتبك وتوجس من ضيق رسيل وشكّها به، نظر لرسيل وفتح شفتيه ليبرر ولكنها قالت بصلابةٍ:
- تعالى دلوقتي رانيا كلمتني وهي في المستشفى محتاجانه
نظرت لتلك السمجة وتنهدت كابحة ضيقها فتوترت "لما"، تابعت رسيل بنبرةٍ ارتاب منها:
- وبعدين نتكلم في اللي عايز تقوله
قطب أيهم بين حاجبيه وسأل مهتمًا بالجزئية الأولى من حديثها:
- رانيا مالها، هي تعبانة؟، مش كلمتيها امبارح وكانت حلوة
ردت رسيل بنفاذ صبرٍ منزعجة:
- أيهم يلا نروح نشوفها، بقولك في المستشفى ووضعها مش كويس خالص
حرك رأسه بتفهمٍ، قال بمعنى:
- طيب يلا بسرعة نوصل "لما" ونروح على هناك .
زفرت رسيل بقوةٍ ونظرت لها، نكست "لما" رأسها وبدت كالحمل الوديع مُدعية الاملاق.
لم تقتنع رسيل بحركاتها فهي فتاةٍ ماكرة ورمقتها بنظراتٍ مُظلمة، انتبهت بعد ذلك لأيهم وهو يتحدث بجدية بعدما ارتدى كنزته:
- يلا علشان نمشي......
____________________________________

عاد للفيلا مرةً أخرى بعد ما حدث بينهم وما فعله معها من وقاحة، لم يبغى عمرو أن يتطور الأمر بينهم إلى هذا الحد المشين ولكنها استفزته فكيف له أن يثبت كذب ادعائها الباطل في حقه، تنهد بضيق فقد كرِه نفسه بعدها فهذه ليست أخلاقه.
نعم يفقد الاحترام في معاملة الغير كقلة ذوقٍ منه بسبب تنشأة والده له على التكبُر على الآخرين وكأنهم تحت اقدامه فقد اضحى كارهًا لمن حوله كونه تربى في ثراءٍ بعكسهم، صحيح أنه تربى على ذلك ولكن لم يتقرب من أي امرأة قطعا فكيف له أن يعامل زوجته فقد جهل إلى حد ما، أجل كان يريد الزواج من ابنة عمه ولكنه لم يُحبذ الفكرة بداخل عقله فإنه يستحى منها وابتسم.
هو ليس بذلك السوء ليضاجع من تزوجها بتلك الطريقة الإحتقارية من شخصها ولكنها استفزته وشككت في رجولته ، تقزز من نفسه كونه شكك هو الآخر في شرفها فسبق ونفض تلك الفكرة فوالدها بمثابة أبٍ له الآن فهو يحترمه ولهذا أخذ قراره بالبُعد لا يريدها تراه فقد خجل من نفسه فكيف امامها؟.

بغتةً أثناء شروده لفت انتباهه صوت اقدام بالخارج وقلق، نهض على الفور من جلسته وتحرك خارج الغرفة، ما أن فتح الباب حتى تفاجأ بالسيد كارم يقف امامه فشهق بهلعٍ من ظهوره المفاجئ ووضع يده على صدره يتنفس بهدوء، ضحك كارم بشدة عليه وقال وسط ضحكاته:
- أول مرة أعرف إنك بتتخض بسهولة كدة، هقول لجيسي ومايا، دول فاكرينك البطل المصري الفرعوني
واكمل كارم ضحكه عليه، ضحك عمرو هو الآخر بخفوتٍ رغمًا عنه فالموقف مضحكٍ، سأل بمعنى:
- حضرتك عرفت إني هنا إزاي، أنا مقولتش لحد إني هاجي الفيلا
نظر له كارم مبتسمًا بمحبةٍ، رد بمغزى:
- مش أنا اللي عرفت إنك هنا، جيسي هي اللي قالتلي ممكن تكون هنا لإنك منمتش امبارح في اوضتك
تنحنح عمرو بتوتر وخشي أن تكون قد اخبرته، طمأنه سؤاله:
- ليه رجعت هنا يا عمرو، مش إحنا متفقين تفضل معانا أفضل من إنك تبقى لوحدك من غير حماية كده، واتفقنا علی طبیعة جوازك من جیسي وإنت حر، و?مان بيتر مش هيسكت وأنا بصراحة خايف عليك قوي وعايزك في أمان
اغتبط عمرو كونه لم يعلم سبب مجيئه وأنها لم تخبره، زيف ابتسامة موضحًا بعدما اختلق سببًا ما:
- أصل كنت جاي آخد حاجة من هنا، حضرتك عارف إني مأخدتش كل حاجة لما سبت الفيلا
ابتسم كارم ببشاشةٍ وقال بمعنى وهو يتطلع على هيئته:
- طیب بما لابس وجاهز كده إحنا ورانا إجتماع مع رجال الأعمال اللي شوفتهم في حفلة جوازك، يلا هنروح سوا دلوقتي
اومأ عمرو برأسه وخطا بقدمه ليخرج من الغرفة وتحركا معًا متأهبین بعد ذلك لهبوطِ الدرج، ربت كارم على ظهره وقال بتوسلٍ:
- اوعدني يا عمرو إنك مش هتسيب الفيلا تاني، أنا خايف عليك يا حبيبي، الحياة هنا إن مخلتش بالك من نفسك كويس هتضيع ومحدش هيسأل عنك ولا كإنك كنت موجود
نصحه كارم ليظهر قلقه السافر عليه بالفعل، ابتسم له عمرو بامتنانٍ وقال محركًا رأسه بانصياعٍ وهم يتحركون نحو الخارج:
- كل اللي بتقول عليه هعمله، أنا هنا من غير نصايحك ولا حاجة
ابتسم له كارم وما هي إلا بضع ثوانٍ مرت من خروجهم حتى هدر بعض حراسه بنبرة تحذيرٍ بعض ال?لمات بأن هناك من يتربّص بهم، تفهم كارم حديثهم على العكس عمرو الذي فشل في معرفة تلك الحركات المريبة من حوله ولكنها ليست بجيدة، في ثوانٍ قليلة تم إطلاق عدة اعيرة نارية قاصدة عمرو والسيد كارم معًا، حاوطوهم رجاله وتبادلوا إطلاق النيران، امسك كارم بيد عمرو وتوارى به خلف سيارته ليتخذوها ساترًا لهم ليسيطر رجاله على الأمر وبدأ الطرف الآخر في التراجع، ولكن هيهات من ذلك فقد استند عمرو على السيارة ليشعر بألم حاد بداخل صدره ليتيقن بأنه أصيب باحداهن، أجل اخترقت إحدى الرصاصات صدره وبدأت تخور قواه ليغزو الالم العنيف جسده، انتبه له كارم وقبل أن يستفهم ما به حتى جحظ مقلتيه بصدمةٍ حين رأى قميصه الأبيض قد اصطبغ باللون الأحمر أي دماءه بالتأكيد، اسنده كارم ثم ترنح عمرو ليفقد التماسك أكثر من ذاك الألم وارتمى بجسده عليه فاقدًا للوعي، صرخ كارم بفزعٍ ممتزجٍ بقلقه الذي اكتسح تعابيره وهو يتأمله:
- Sie riefen den krankenwagen schnell an
(اتصلوا بسيارة الاسعاف سريعًا)......
____________________________________

لم يتأد في التعجيل للذهاب إليها بعدما أبلغه أحد الأشخاص الذي كلفه بمهمةِ إحضارها بأنها وصلت للشقة، فتح اسماعيل باب الشقة متلهفًا حيث غلبته حماسته في رؤيتها في المدينة فمنذ ولِدت لم تخرج من القرية قط.
تدرج نحو الداخل وهو يجوب بانظاره الشغوفة انحاء الشقة باحثًا عنها، تسارعت دقات قلبه تواقة لرؤيتها وتمتع انظاره التي تبحث عنها.
كانت مهجة بداخل احدى الغرف جالسة موضعها على الاريكة تفرك اصابع يدها من التوتر، أحست بوجوده والتزمت التأني في كشف لهفتها عليه فقد وضعت له بعض الشروط ليتسنى لهما العيش معًا، لن تسامحه بكل هوادةٍ هكذا فقد تزوج من اخرى وجرح قلبها المتيم به وتنهدت بعمقٍ منتظرة اللقاء.
ولج اسماعيل الغرفة عليها وتصلبت انظاره عليها وابتسم بحب، بجمودٍ زائف نهضت مهجة ووقفت موضعها ناظرة إليه بتعابيرٍ غامضة، لم يكترث اسماعيل لكل ذلك وأغذ في السير نحوها ليغمرها في احضانه وضمها بقوةٍ إليه، تنشّق عبيرها المُذهب للعقل واغمض عينيه مشتاقًا لها، يحبها بكل ذرة في ثنايا قلبه وحاوطتها ذراعاه لتغوص في دفء احضانه، قال بشوقٍ جارفٍ:
- وحشتيني يا حبيتي، حمد الله على سلامتك
بجلافةٍ جمة رسمت مهجة البرود بعكس ثورة الاشتياق المضرمة بداخلها ولم تجب عليه وتصلب جسدها بين ذراعيه، هنا شعر اسماعيل بها وابتعد قليلاً ليتمكن من رؤية وجهها، تقابلت أعينهم وسألها بحيرة:
- ايه يا حبيبتي، مش فرحانة إنك شوفتيني وهتبقي معايا
دفعته بيديها من صدره ليبتعد عنها فازداد استغرابًا وهو يتأمل جمودها هذا بعدم فهمٍ، ردت بتعززٍ بعكس ارتباكها الداخلي:
- اسماعيل إحنا لازم نتفق الأول
تجمدت انظاره الجاهلة لما تريد عليها، سألها برعنٍ:
- مش فاهم يا مهجة هنتفق على ايه؟، إنتي مراتي ومعايا ورجعتيلي علشان بحبك، لو خايفة اسيبك مش هيحصل ومكنتش جبتك عندي تاني لو خايفة من كدة
قال اسماعيل ذلك بقسماتٍ مقطبة، في حين ابتلعت مهجة ريقها بتوترٍ وقالت بثباتٍ زائف:
- اسمعنى الأول أنا عاوزة ايه
كتف اسماعيل ساعديه ببعضهما حول صدره ونظر لها ليقول بأنه كله أذآنٍ صاغية فلتبدأي هراءك، تنحنحت مهجة وقالت بثقةٍ رسمتها:
- إنت بتقول إنك رجعتني، بس مش بسهولة كدة ترجعني بعد ما رمتني وطلقتني علشان تتجوز غيري
قطبت تعابيره ينتظر باهتمام تكملة حديثها، تابعت مهجة بجدية:
- أنا عاوزة اتجوز من جديد، يعني بما إنك غني دلوقتي تجبلي كل اللي هطلبه منك، وتضمنلي حقي وحق ابني
قالتها وهي تضع يدها على بطنها فابتسم اسماعيل ساخرًا، دنا منها فتوترت وعينيها عليه، وقف امامها وقال مستهزئًا من غبائها الخائر:
- على فكرة دا كمان ابني، وكل اللي هتعوزيه هجيبه علشان إنتي حبيبتي ومش هتأخر عنك، يا غبية أنا كان ممكن اسيبك في البلد وأروحلك كل فين وفين ما إنتي مراتي، بس أنا عاوز اعيشك في النعيم معايا، عاوز أخرجك من اللي كنتي فيه ونبدأ حياة اتحرمنا منها ونعيش، عاوزك تشوفي الناس اللي بجد والعالم التاني اللي هتحسي فيه إنك بجد عايشة، كل ده وبتحطلي شروط يا هبلة، أنا بحبك وإنتي متأكدة من كده، فمتلعبيش معايا يا مهجة علشان إنتي كمان بتحبيني وعينيك هتموت عليا عاوزاني
ازدردت ريقها بارتباكٍ ونفت بنبرةٍ متزعزعةٍ:
- لأ، أنا مش ...
بترت جملتها ليظهر اختراصها مُختلقة ادعاءٍ زائف بعكس قلبها المتلهف، التوى ثغر اسماعيل بابتسامةٍ مغترة ودنا منها لتشهق بارتباك، ضمها من خصرها إليه وقال ساخرًا بمكر:
- خايفة مني، هي أول مرة ابقى معاكي، مكسوفة تقوليلي وحشتني يا حبيبي
ابتسمت باستحياء ولم ترد، ضمها اكثر إليه وقال بمحبةٍ:
- بحبك وعمري ما هبعد عنك مهما حصل، هتفضلي هنا معايا وفي أي مكان اروحه
ابتسمت مهجة برضى ولكنها تذكرت تلك المرأة المُدعية زوجته، عبست بقسماتها وتذمرت قائلة:
- بس انا مش عاوزة حد يشاركني فيك
رد متنهدًا بنفاذ صبرٍ:
- مهجة قولتلك سالي هي اللي ساعدتني علشان أوصل لمكانتي دي، بقى عندي رجالة بيسمعه كلامي، ابوها بيثق فيا ومسلمني كل حاجة ومقدرش ابعد عنها
لمعت الدموع في عينيها وسألت بقلقٍ:
- بتحبها؟
تنهد بعمقٍ وقال موضحًا:
- مش بكرهها يا مهجة، سالي ليها معزّة خاصة عندي
حزنت مهجة وسألته بغير رضى:
- بتعاملها زيي لما تبقى معاك، بتقولها بحبك زي ما بتقولي؟
اغمض اسماعيل عينيه للحظاتٍ وقال بعدها بجدية:
- مهجة هي مراتي، فأكيد هبقى معاها، وكمان عاوزك تتأكدي إن حُبي ليكي أهم حاجة عندي، يعني لو هيجي يوم وهختار مضطر هيبقى إنتي
رغم ضيقها ابتسمت متأملة عودته لها بمفردها، تابع اسماعيل بنظراتٍ متيمةٍ مشتاقة:
- هو أنا هضيع الوقت اللي جاي فيه في الكلام الاهبل ده
ابتسمت ناكسة رأسها بخجل، سألته بعبثٍ:
- عاوز ايه؟......
___________________________________

جلست بجوارها على طرف التخت ومسحت على شعرها بلطفٍ، استحوذ الحزن علی قسمات رسيل مشفقة علیها بعدما سردت لها رانيا ما مرت به وما حدث له؛ بدموعٍ إنفلتت من عينيها روت لها رانيا بمرارةٍ ألمها وانكسارها الآن؛ ادركت رسيل ما بها وقالت بعمليةٍ دارسة لبث الأمل بداخلها:
- متخافيش يا رانيا، العلاج دلوقتي إتقدم كتير ومافيش حاجة مستحيلة بإذن الله، إنتي بس ثقي في ربنا وهيقف معاكي
بهزة خفيفة من رأسها قالت رانيا بصوتٍ مبحوحٍ مُجهد:
- ونعم بالله، أنا تعبت يا رسيل من اللي بيحصلي، مافيش مرة عيشت يومين حلوين إلا وينقلب عليا كل حاجة، حتى مصطفى باعني وساب مراته تأذيني، كلمته كتير وبيشوف رسايلي ومش بيرد عليا، قد كدة كنت غبية لما وافقت ارجعله، حبي ليه عماني ونساني إنه كان عايز يتجوزني في السر وبيستعر مني، ازاي أكون بالهبل دا علشان ارجعله ويحصلي كل ده
شعرت رانيا بالإنكسار لتشهق باكية بأسى؛ دنت رسيل منها وضمت رأسها لصدرها قالت بنبرةٍ حزينة وشيكة على البكاء:
- خلاص يا رانيا متعمليش في نفسك كدة، كل حاجة ليها حل، ولو باعك بالشكل دا متفكريش فيه وعيشي حياتك، وزي ما قولتلك مافيش حاجة بقت مستحيلة بفضل العلم، أنا لسة مش دكتورة بس عارفة حلول كتير وهتبقي كويسة بإذن الله
برضى عظيم ملأ قلب رانيا ردت رانيا بعزيمةٍ:
- الحمد لله علی ?ل حاجة، أنا بس زعلانة على نفسي يا رسيل، وجع القلب وحش قوي، أنا خلاص مبقتش هفكر في أي حاجة غير نفسي وبس، كل اللي باعني هيشوف رانيا جديدة، وأولهم اللي قلبي اللي حبه، حسابي هيبقى حاجة تانية
ابتعدت رسيل عنها وقالت بتنبيهٍ ليظهر قلقها علیها:
- لا يا رانيا خليكي بعيد، اللي يخليهم يعملوا كدة معاكي ممكن يأذوكي ولا يقتلوكي ويخلصوا منك، وكمان ايهم ميعرفش إنك اتجوزتي مصطفى وإلا كان زعل منك علشان رجعتيله من وراه
بدت البراءة في نبرة رسيل فكم هي لطيفة ناعمة لم تختلط مطلقًا بذاك العالم البشع، ابتسمت رانيا بتعبٍ وقالت لتريحها:
- طيب يا رسيل هخليني بعيد وكمان أنا مش عاوزة ايهم يزعل مني بسبب غبائي
ثم صمتت للحظاتٍ واستفهمت بأملٍ:
- يعني هيبقى فيه حل لحالتي دي، الدكتورة قالت يمكن كمان صعب اخلف بعد اللي عملوه فيا ربنا ينتقم منهم كلهم، انا موجوعة قوي يا رسيل ومكسورة
ابتسمت لها رسيل برقة وقالت مُهونة عليها:
- ربنا هيقف معاكي يا رانيا علشان إنتي طيبة، والحلول كتير إن شاء الله وهترجعي احسن من الأول وتخلفي وتتجوزي اللي يحبك بجد ويخاف عليكي
ابتسمت رانيا بمرارةٍ وانتبهن لايهم الذي ولج الغرفة برفقة هذا مؤيد الذي نظرت له رانيا بغموضٍ ليغوص فكرها في خطة ما ستنفذها بمساعدته وبالتأكيد دون أن يعلم، تحرك ايهم ووقف بجانب رسيل وابتسم محدثًا رانيا:
- عاملة ايه دلوقتي يا رانيا؟
نظرت له رانيا وردت بتعبٍ:
- كويسة الحمد لله، شكرا يا أيهم على وقفتك جمبي، مافيش مرة طلبت مساعدتك واتأخرت عليا
لامها ايهم قائلاً:
- رانيا أكتر من مرة قولتلك إحنا إخوات، وكمان اللي حصلك دا مش هسكت عنه وهجيبلك حقك منهم واوديهم في ستين داهية، النيابة زمانها جاية دلوقتي و...
قاطعته رانيا سريعا بتوسلٍ:
- علشان خاطري يا أيهم مش عاوزة كده، أنا كويسة ومش عايزة ادخل في مشاكل وكمان أنا معرفش مين عمل معايا كدة ومعنديش اعداء، علشان خاطري يا ايهم بلاش
لم يعجبه ايهم حديثها وتنهد بضيقٍ، نظرت له رسيل وقالت بمعنى مؤكدة حديث رانيا:
- ايوة يا ايهم، خليها بعيد علشان محدش يأذيها اكتر من كدة
تابع مؤيد ذلك الحديث الدارج بينهم باهتمامٍ، تنهد براحةٍ حين استمع لحديث رانيا ولكنه استنبط فيه بعض الغموض وخفق في فهمه؛ اخرجه من تفكيره رانيا وهي تحدثه بامتنانٍ مصطنع:
- متشكرة قوي يا استاذ مؤيد على اللي عملته معايا، واوعدك هفكر في طلبك ومش هزعلك ابدا
اتسعت ابتسامة مؤيد وقال بشغفٍ:
- وأنا مستني في أي وقت تبلغيني قرارك، أنا كلمت ايهم بيه وعرفته كل حاجة عني
ثم نظر لايهم متصنع ابتسامة، قال ايهم بمفهومٍ لرانيا:
- مؤيد بيشتغل عندي يا رانيا والسي في بتاعه كويس قوي، ولو حابة ترتبطي بيه إنتي وراحتك
زاغت رانيا في حديثه ليأتي على ذهنها الآخر فهي متزوجة به وكي ترتبط بغيره لابد لها من الإنفصال عنه، استغلت رانيا ما حدث لها وقالت بمدلولٍ وهي تمرر انظارها عليهم:
- اخف الاول وابقى كويسة وبعدين اشوف الموضوع ده
ثم توقفت بانظارها على مؤيد وزيفت ابتسامة، اما مؤيد فقد رقص قلبه فرحًا لوصوله لمبتغاه وستسعد راما بما انجزه وابتسم بفرحةٍ فقد انضوت عليها خدعتهم؛ لم يدرك أحد مما حولها بما تضمره رانيا بداخلها من حقدٍ معلنة في نفسها البائسة انتقامها الواجل للوقوف امام من هم اعلى منها ولن تهتز للحظةٍ في إذاقتهم مرارة ما تعانيه الآن بسببهم وتقلدت بالصبر لحين تحسن حالتها؛ انتبهت لايهم يقول بجدية:
- هترجعي معايا الفيلا تاني يا رانيا لما المستشفى تكتبلك على خروج
فتحت شفتيها لتعترض فقاطعها بحزمٍ:
- خلاص يا رانيا، لما تخفي وتبقي كويسة اعملي اللي تحبيه، بس انا خايف عليكي حد يرجع تاني يأذيكي تاني وإنتي لوحدك
قالت رانيا بنبرةٍ متفهمة:
- هقعد بس لحد ما أخف، دول تلاقيهم حرامية وأكيد مش هيجوا يسرقوني تاني
لم يقتنع ايهم بحديثها لتساوره الاسئلة حول ذلك كما أنه لم يعرف تفصيليًا بما حدث معها، نظرت رانيا لرسيل كي تنقذها واحتارت رسيل ونظرت لها بحيرة فهي جاهلة للتصرف في تلك الامور ولكن تدخُل مؤيد ليرد هو فاجأهم حين قال:
- خلاص يا أيهم بيه سيبها براحتها، وإن شاء الله مش هنطول وهنرتبط ببعض وهتلاقي اللي هيحميها ومش هيتخلى عنها مهما حصل
قال كلماته الاخيرة بمكرٍ داخلي ناظرًا لرانيا وشدّد عليها ليصل مقصده لرانيا له دون أن يعلن معرفته بما حدث معها، في حين قال ايهم متنهدًا بنفاذ صبرٍ:
- اللي تشوفوه، المهم عندي رانيا تكون مرتاحة ومبسوطة من أي خطوة هتاخدها، وأي حاجة تقوليلي عليها يا رانيا هتلاقيني جمبك في أي وقت
ابتسمت له رانيا بامتنانٍ، مسحت رسيل على شعرها وقالت بنبرةٍ محببة:
- وزي ما قولتلك يا رانيا، هتبقي أحسن من الاول
ابتسمت لها رانيا وقبل أن تتفوه بكلمةٍ واحدة ولج ماجد الغرفة عليهم بعدما علم من والده بأنه هنا ودُهش الجميع من دخوله المُباغت بتلك الطريقة، قال ماجد بقلقٍ وهو يخطو نحو الداخل:
- تعالى يا أيهم طالبينك تروح القسم ضروري لإن فيه حاجات جديدة مش كويسة جدّت في الموضوع
تهيج ايهم ودنا منه قائلاً بتوجس:
- حاجات ايه دي ؟، وفين المحامي علشان يجي معايا؟
رد وهو يلتقط أنفاسه المضطربة:
- المحامي في القسم مستنيك وقال لازم تيجي دلوقتي
نهضت رسيل وتحركت نحو ايهم قائلة بخوفٍ:
- ايهم هيعملوا معاك ايه؟، قولهم إنك مظلوم وملكش دعوة
تأفف أيهم قائلاً بسخريةٍ منزعجة:
- بسهولة كدة هقول معملتش حاجة هيسيبوني
هتفت رسيل بحزنٍ وقلقٍ سافرٍ:
- يعني هياخدوك وهتبعد تاني عني يا حبيبي
نظر لها وزيف ابتسامة قائلاً:
- إن شاء الله مش هغيب يا رسيل، ادعيلي إنتي يا حبيبي
قالها وهو يسحبها ليضمها بحرارةٍ مودعًا إياها، همس لها بضيقٍ بالقرب من اذنها:
- يا خسارة، كنت عامل حسابي نقضي الليلة سوا
تذكرت رسيل أنها لم تقم بعمل تدليك، وجدتها فرصة لها ليرتاح جسدها، ابتعدت عنه هامسة بنبرةٍ فرحة استفزته:
- كويس قوي إنهم هياخدوك، علشان هكون خفيت
نظر لها ايهم باشمئزارٍ وقال محركًا رأسه بلا فائدةٍ:
- حسبي الله ونعم الوكيل.....
____________________________________

صف السائق السيارة امام منزله الصغير بداخل مزرعة الخيول المهجورة الخاصة به، ترجل رؤوف من سيارته وتحرك لداخل منزله، تفاجأ حين تقدم للداخل بأنه ينتظره، رمقه باحتقارٍ وتحرك ناحيته، جلس رغيد على الاريكة في ردهة المنزل واضعًا ساقًا فوق الأخرى وتجاهل نظراته تلك، جلس رؤوف هو الآخر وقال باستهجانٍ:
- مختلفتش كتير عن ابوك، طول عمره واطي وحقير
اعتدل رغيد في جلسته وانزل قدمه ليحدجه بنظراتٍ مزعوجة، هتف بحنق:
- احترم نفسك وإنت بتتكلم عن بابا
اثنى رؤوف ثغره بابتسامةٍ مستهزئة اججت الغضب بداخل رغيد، يعلم رؤوف بأنه مثل والده ولهذا لم يبغى الدخول معه في مشادةٍ غير مجدية، قال بجدية:
- ابعد عن بنتي احسن لك، سالي قالتلي على كل حاجة وانا مش هسكت لو فكرت تأذيها
توجس رغيد من معرفته بذلك فقد ضاع جزءًا كبير كان سيستغله في تهديدها، رسم الصلابة وقال بعنادٍ:
- مش هبعد عنها، ووريني كدة هتقدر تعمل ايه
استاء رؤوف من فظاظة هذا الشاب الوقح، هتف بمكر:
- عايز تعرف هعمل ايه، هودي ابوك في ستين داهية، عندي مستندات محدش يعرفها غيري وهستخدمها كلها علشان امسحك إنت وابوك من على وش الارض
ارتعد بدن رغيد ونظر له بارتباكٍ فابتسم رؤوف متشفيًا فيه، تابع رؤوف بتهديدٍ صريح:
- هتبعد عن بنتي ولا انهيك إنت وابوك الحرامي من على وش الارض، ابوك عارف كويس أنا أعرف عنه أيه ومش صعب عليا اوديه ورا الشمس بلا رجعة وإنت وراه
لم يتحمل رغيد وجود من يهدده هكذا فدائمًا ما يتحكم في زمام الامور، شخصيته المتعجرفة لن تقبل ذلك، قال له باصرارٍ:
- هفضح بنتك لو مجبتش كل الورق اللي عندك
رد رؤوف ساخرًا:
- عبيط أنا علشان اسلمك كل حاجة
ثم نهض واكمل بنبرةٍ قوية ارتاب منها رغيد:
- أنا بقول بما إنك مش هتسمع الكلام، فأنا اروح اقدم اللي عندي ونشوف مين اللي هيهدد التاني، هتدفع تمن اللي عملته في بنتي يا خسيس، هوديك في داهية إنت وابوك، انا مش عارف جاي اتفاهم معاك ليه، المفروض كنت نفذت على طول
غلى الدم في عروق رغيد وهو يستمع له، تشنجت تعابير وجهه ليحدق به كبركانٍ وشيكٍ على الإنفجار، اهتز جفنيه بحركةٍ مشدودة ووجد نفسه ينهض هو الآخر ويتقدم منه، هاب رؤوف هيئته التي تبدلت وتراجع للخلف مبتلعًا ريقه برهبة، غلطة رؤوف الوحيدة معاندته له دون أن يأخذ حذره منه، سنحت الفرصة امام رغيد ليتخلص منه دون أن يراه أحد أو يرتاب في امره، بخطواتٍ مريبة تحرك نحوه لينقبض قلب رؤوف الضعيف وتزداد الوخزات العنيفة فيه، علم رؤوف بأنه على شفير الموت وهذا ما اعلنته نظرات رغيد نحوه، بحركةٍ مباغتة قبض رغيد على عنقه بقوةٍ ونظراته الغاضبة محتدة عليه، جحظت عيناي رؤوف ليشهق طالبًا الهواء واضعًا یدیه علی معصمیه یزیح یده بقوة ضعیفة، بينما هتف رغيد بنيرةٍ باتت هيستيرية:
- مش هتلحق تعمل كل ده، انا محدش يهددني
ثم شدّد من قبضه على عنقه وبدنه يهتز بتشنجٍ، بتعابيرٍ ضامرة أخرج رؤوف شهقة طويلة لتخرج روحه وهو ما زال قابضًا عليه، انتبه رغيد لنفسه وليده القابضة عليه وفزع حين تراخت اعضاء الأخير بين يده، ما أن افلت رغيد يده حتى ارتمى جسد رؤوف على الارضية بعنفٍ ليشهق رغيد بهلعٍ وهو يجوب بانظاره هيئتة الهامدة، لم يستوعب ما فعله وتراجع عدة خطواتٍ للخلف وهو ينظر حوله باعصابٍ مشدودة خيفةً من أن يراه أحد، اصطدم بالاريكة من خلفه واضطرب ليأخذ قراره الفوري بالفرار وركض للخارج تاركًا جسد هذا الرجل طيب القلب ورؤوفًا كاسمه جثةً هامدةً.............................
x x x x x x x x x x ___________________
x x x x x x x x x x x xxx _____________
x x x x x x x x x x x x x x x x x ______



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 02-12-21 الساعة 08:00 AM
الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-19, 11:29 PM   #114

Moon roro
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 418427
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » Moon roro is on a distinguished road
افتراضي

الف شكر لك عزيزتي على الفصلين الرائعين
احداث الرواية مشوقة و في تطور دائم
حزنت على مقتل رؤوف واعتقد سيتغير مجرى الاحداث بعد ما حصل لرانيا ومقتل رؤوف


Moon roro غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-08-19, 10:44 AM   #115

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي رواية القيادي

الفصـل الثـالث والخمسـون
القِِيَّـــادي
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ

لم تكف عن البكاء فور علمها بما أصابه، استقلت جيسي برفقة اختها احدى سيارات والدها وتوجهت للمشفى المتواجد فيه، لم تنزعج مطلقًا لما فعله معها وملامسته لها بقدر ما اكمدت من نظرات الإحتقار في عينيه نحوها وارتيابه في نقائها وتعففها.
سدرت جيسي في أمره فأحيانًا تراه في قمة ادبه وأحيانًا أخرى يتواقح وهذا الأرجح ولكن داخله صفاءًا عارمًا ادركته منذ المرةِ الاولى، هذيت نفسها بعض الكلماتِ المدنفة فقد غار بداخل قلبها حزنؒ عميق عندما اخبرها والدها بما اصابه وخشيت فقدانه دون أن تتنامى علاقتها به، لن ترتضي تركه لها هكذا فقد بات جزءً تليدًا في حياتها ودعت الله بمرور ذلك المصاب على خير.
باناملٍ مرتعشة مسحت جيسي بقايا عبراتها العالقة في اهدابها لتتقلد بالصبر متمنية رؤيته بحال أفضل واقنعت نفسها بذلك، لبعض الوقت المترقب منها وصلن الفتيات أخيرًا للمشفى، ترجلن وتحركن للداخل بخطواتٍ زموعة مهرولة، ركضن للداخل ليبحثن عن والدها المرابط أمام غرفة العمليات، من بداية الممر المؤدي لها لمحنه الفتيات وهرعن ناحيته لينتبه بعدها كارم لهن ونهض، دنت منه جيسي متسائلة بنبرةٍ قلقة مذعورة:
- بابي عمرو حصله أيه؟
تأمل كارم قلقها السافر عليه ليدرك حُبها له وقال ليطمئنها:
- متخافيش يا حبيبتي إن شاء الله الموضوع مش كبير دي رصاصة جات في صدره والحمد لله مش في مكان خطير
هتفت مستنكرة حديثه وقد عاودت البكاء:
- مش مصدقة، يعني هيعيش يا بابي ولا هيحصله أيه أنا خايفة قوي، طمني يا بابي متخبيش عني؟
ضمها رؤوف إليه وقال بنبرةٍ حزينة وهو يربت على ظهرها:
- أدعيله يا حبيبتي، هو محتاج ندعيله دلوقتي
قالت بنحيبٍ شديد متمنية شفاءه العاجل:
- يا رب يا بابي، أنا هموت لو حصله حاجة وسابني، أنا بحبه قوي ومش عوزاه يبعد عني
ثم اجهشت بالبكاء الشديد فتنهد كارم بحزن لما يحدث من حوله، تذكرت جيسي وقالت بنبرةٍ مغلولة شرسة وهي تبتعد ناظرة إليه:
- بيتر هو اللي عمل كده، أنا متأكدة يا بابي إن الحيوان دا مش هيسيب عمرو غير لما يأذيه
نظر لها كارم لبعض الوقت يفكر في حديثها فالموضوع أكبر من ذلك بكثير وزاد خوفه على بناته وربما التخلّص منهن من بعده، شهق بخفوت مجرد تخيله ذلك وانتبهت له جيسي التي استغربت صمته المريب هذا، سألته بتعجب:
- بتفكر في أيه يا بابا ومخليك مش بترد عليا؟!
تنبه كارم لها وتنحنح بتوتر مبررًا:
- مافيش يا حبيبي أنا بس مشغول دلوقتي بعمرو وبدعي إن ربنا يقومه بالسلامة بإذن الله
تنهدت جيسي بحزنٍ بدا هو الآخر على قسماتها وصمتت لتفكر في وضعه الآن متوسلة ربها بأن یقف معه، في حين زاغ كارم ليفكر في خطوة ما قادمة لحماية ابنتيه وحسم امره بها وذلك بعدما يفيق عمرو داعيًا الله بذلك، أخرجهم من جموحهم شهقات بكاءٍ ابتدت تعلو تدريجيًا فعلى الفور التفتوا تجاه الصوت، كانت مايا جالسة على المقعد المعدني تبكي بشدة وعبراتها ملأت وجهها وتساقطت على ملابسها، دنا والدها منها ومن بعده جيسي التي تعجبت من هيئتها تلك، سألها كارم بقلقٍ وهو يجلس بجانبها:
- مايا يا حبيبتي عاملة في نفسك كدة ليه؟
انتظرت جيسي أن تجيب لتفسر حالتها المزرية هذه، ردت مايا وهي تشهق ببكاءٍ شديد:
- هيكون علشان مين يا بابا، عمرو طبعا، لو جراله حاجة هنتحر، مش هستحمل يحصله حاجة
ثم تعاقب بكائها ما بين النحيب والشهقات المتتالية لتحدجها جيسي بنظراتٍ مغتاظة فهي تعشقه ولم تفعل مثلها وشكت في تلك الفتاة اللعينة فربما تميل له، شهقت في نفسها رافضة فكيف هذا وكزت على أسنانها كاتمة تعنيفها، في حين ابتسم لها كارم وضمها لصدره قائلاً للتهوين عليها:
- طالما بتحبيه كدة وخايفة عليه إن شاء الله ربنا مش هيحرمنا منه ولا يبعدنا عنه
رفعت مايا رأسها لوالدها وقالت بحزنٍ جارف:
- يا رب يا بابا دا أنا هتولد من جديد لو قام بالسلامة وشوفته قدامي كويس
صرخت جيسي في نفسها وهي ترمقها باغتياظ تريد سحق عظامها بين اسنانها، رددت في نفسها بتبرم:
- بنت قليلة الادب، هوريكي بس أما أطمن عليه.....
___________________________________

هرع رغيد للخارج وهو يغذو في السير متوجهًا ناحية سيارته مزعورًا مما فعله فقد قتله متعمدًا وترك ذلك الرجل طيب القلب ورؤوفا كاسمه من خلفه جثةً هامدةً كما يعتقد، استقل سيارته وقام بتشغيلها بأيدٍ مرتعشة مرتبكة والعرق يتصبب من جبينه، قاد سيارته بسرعةٍ كبيرة ليفر من المكان وقلبه ينتفض فزعًا ولكنه حمد الله لعدم رؤية أحدٍ له وهذا ما أشعره بالغبطة، لم ينتبه رغيد للسائق الذي يجلس بداخل السيارة التي حضر بها رؤوف وانطلق هو بسيارته دون أن يتطلع حوله فكما ظنّ أن المكان مهجورًا، تعجب السائق من هيئته المضطربة ولم يكترث كثيرًا، دام بعد ذلك وقتًا لا بأس به ينتظر في الخارج أن يأتي رب عمله ولم يفعل فمنذ خروج ذلك الرجل الجاهل لهويته من فترةٍ شبه راكضًا وهو لم يرتاح للأمر ولغیابه، لكنه نفض تلك الهواجس من رأسه وانتظر، مر وقت آخر لا بأس به وزفر بفتورٍ فقد كلّ من الإنتظار، ترجل من السیارة واضطر للتحرك نحو المنزل موزعًا انظاره وهو يتقدم من الداخل على زوايا المنزل لينادي عليه بصوتٍ رخيم:
- سعادة بيه
لم يستمع لرد منه وتعمق أكثر نحو الداخل وهو يخطو بحذرٍ، ارتاب من ذلك السكون الزائل في المكان وانقبض قلبه فالمنزل خالي من وجودِ حياة بداخله، تنهد بارتباكٍ وهو يُكمل طريقه حتى وصل لمنتصف الردهة، توقف موضعه ونظر من حوله ليستمع لأي صوتٍ يصدر من أحدهم ولم يحدُث، اقشعر جسده من ذلك الصمت المريب واستدار ليترك المنزل وينتظر في الخارج أفضل، بطرف عينيه قبل أن يصل للباب وهو يحرك رأسه للجانب عفويًا لمح شخصًا ما مستلقيًا على الأرضية، ارتعد بدنه واستدار كليًا ناحيته وانصدم حين تأكد من هويته، أجل هو رب عمله، لم يثبت محله حتى هرول ناحيته ليتفقده فربما أصابه مكروهًا ما، دنا السائق منه بتلهفٍ وهو يجوب تعابيره الساكنة وخشي أن يكون قد فقد الحياة فهيئته شاحبة مثيرة للريبة، مد يده بترددٍ ناحية عنقه ليتفقد نبضه وهو يتمنى خيرًا، انفرجت شفتاه بفرحةٍ إلى حد ما حين وجده مازل ينبض بالحياة، ظنّ أنها نوبة قلب أو ما شابه وحمله بين ذراعيه بحذرٍ وتحرك بسرعة نحو الخارج ولم یشك في الرجل الذي ?ان هنا مطلقًا، قال السائق له اثناء طريقه للخارج معتقدًا بأنه يسمعه:
- متقلقش يا سعادة البيه، هوديك المستشفى دلوقتي وإن شاء الله هتبقى كويس
ثم وصل للسيارة ووضعه في الخلف بحذرٍ شديد واوصد الباب، استقل مقعده الاساسي وقاد بعدها السيارة بسرعةٍ كبيرة ليغادر المكان وهو يردد في نفسه بتوسلٍ:
- يا رب استرها من عندك يا رب.....
___________________________________

دلف للخارج بعدما تم التحقيق معه عن بعض الأسئلة المقتضبة والروتينية كإجراءات لابد منها فقد أوصى عليه والده من قبل ويتم التعامل معه بطريقةٍ مُغايرة عن غيره، تحرك ايهم ليقف في احدى الزوايا والمحامي من خلفه، تقدم ماجد منه على الفور حين رآه وسأله بنبرةٍ شغوفة:
- هيعملوا معاك ايه يا أيهم؟، الموضوع اتعقد قوي دا فيه اتنين من اللي اتصابوا ماتوا النهاردة
تجهمت تعابير ايهم وزفر بقوة متضايقًا فليس بمزاجٍ جيد أن يجيب على أحد وحرك رأسه بحيرة، فرد المحامي نيابةً عنه بنبرةٍ ذات معنى:
- للأسف أيهم بيه هيضطر يفضل هنا
هتف ماجد بنبرة منفعلة:
- إزاي الكلام ده، ما تعمل حاجة يا متر، هتسيبه هنا في وسط المساجين وقتالين القتلة، هما مش عارفين هو مين
فرك ايهم مقدمة رأسه بكلتا يديه واغمض عينيه مزعوجًا بشدة فلم يفعل شيئًا ليُعَاقب عليه، في حين انتبه له مدحت المحامي وشعر به فقد فعل ما بوسعه ولا جدوى، نظر لماجد المهتاج من ذلك ورد موضحًا بنبرةٍ متوترة:
- أنا كلمتهم هنا إنه لازم يكون ليه معاملة خاصة وسيادة المقدم فهم الموضوع وهيسيبله الغرفة الخاصة بتاعته يقعد فيها
اغتبط ماجد قليلاً ثم وجه بصره لايهم، سأله بحذر:
- أيهم إنت كويس؟، متقلقش أنا بقيت براجع اوراق استلام شحنات مواد البناء وأشوف مين كان موجود وهحقق معاهم بنفسي، إطمن إنت أنا مش ساكت
لم يرد أيهم عليه فهو يعلم جيدًا بأنه ما يفعله لن يُجدي نفعًا، وجه بصره للمحامي وتنهد بعمقٍ مستفهمًا بصوتٍ أجش:
- ممكن أعرف هفضل كدة لحد إمتى؟، أنا معملتش حاجة ودا مصنعي ومش معقول هبنيه بحاجات رخيصة واضيع ملايين في الهوا كدة علشان اودي نفسي في داهية وأقتل كمان، كلام ايه دا اللي بيتهموني بيه ويدخل عقل مين دا لو واحد متخلف هيعرف إنه فخ ليا ومش هيصدق كل الهبل ده
هدر ايهم بتلك الكلمات التي أظهرت إنفعاله وهو يرمق محاميه بنظراتٍ مزعوجة، تفهم مدحت عليه وقال له بنبرة ذات عزيمة:
- أنا هتصرف وهشوف حل من بتوعي، أنا أكيد مش هرضى إنك تتحبس كده، هتابع لما أخرج من هنا بعض المعلومات اللي وصلتلها وأشوف هعمل ايه، عاوزك تهدى يا أيهم بيه وتعرف إن الموضوع مش في يوم وليلة هيخلص بسهولة كده، موقفك صعب واللي عمل كدة معاك لعبها صح ومش مخلي وراه دليل حتى نعرفه بيه، حتى سيادتك بتقول معندكش فكرة مين عمل كدة ومش بتشك في حد
اثنى أيهم ثغره بابتسامةٍ ساخرة لفشل من حوله في كشف هوية ذلك الحقير الذي يعلم جيدًا بأنه وراء ما وصل إلیه والتزم الصمت في تلك المسألة الحساسة، نظر له ماجد وفطن ما يفكر به فهو لا يريد ذِكر اسمه فنظر له أيهم متنهدًا بقلة حيلة، قال ايهم بعدها بنبرةٍ ضجرة وهو يتأفف مما حوله:
- يلا وديني الاوضة اللي بيقول عليها دي عاوز ارتاح شوية دماغي هينفجر وقرفان من كل اللي حوليا ......
____________________________________

استغرق في نومه وقتًا طويلاً وأفاق بجسدٍ لاحبٍ وهو يتلوى في فراشه، رمش مصطفى بعينيه التي يكاد يرى بهن بصعوبةٍ عدة مراتٍ ليستطع الرؤية أمامه، للحظاتٍ مرت وهو كذلك حتى اعتدل بتكاسلٍ جم، ادار رأسه ناحية الكومود ليعرف الوقت فشعوره الداخلي يحُضّه بأنه غفا لوقتٍ طويل.
مد يده ليلتقط ساعة يده التي لا يتذكر كيف شلحها من يده وحدق فيها ليجدها الثالثة عصرًا فتعجب من نومه كل هذا الوقت، تنهد بضيقٍ وجاء لينهض ولكنه تفاجأ بتلك الرعناء تدلف من المرحاض محاوطة جسدها بالمنشفة التي لا تستر منها سوا القليل، زاغ للحظات ليظن بأنه لمسها أي حدث بينهم ما يستقبحه وتجهمت تعابيره، نهض مصطفى متجهًا إليه بهيئةٍ وشيكة على الهياج، نظرت له راما بابتسامة جانبية مستهزئة بعدما تفهمت عليه، دنا مصطفى منها وشدّد من قبضه على عضدها قائلاً بانفعال:
- انا مش فاكر إمبارح نمت إزاي، عملتي ايه علشان تخليني اقرب من واحدة زيك لو السما انطبقت على الارض مش هفكر في يوم ألمسها
لم تُبين راما ألمها وابتلعت كلماته المُهينة تلك وقالت بسخط:
- وأنا مش رخيصة قوي كدة علشان اخليك تلمسني غصب عنك، أنت حر تفتكر زي ما أنت عايز، أنت واحد كنت شارب وسكران ونمت، داخلي أيه علشان تفتكر إني عملتك حاجة
تأمل مصطفى حديثها وشرد لوهلةٍ فيه فآخر ما يتذكره هو وجوده بعد إنتهاء الحفل يرتشف المشروب ولم يتذكر ما حدث بعدها؛ بينما ادّعت راما البراءة فهي من وضعت له المنوم كي تستطع إكمال خطتها التي نجحت إلى الآن بعدما ابلغها الأخير بأنها تأكدت الاخری من تخليه عنها وسيضحى له فرصة معها وتنهدت براحةٍ داخلية، انتبه مصطفى ليده وابعدها عنها والتفت ليتركها، اسرعت راما بالوقوف أمامه وقالت بنبرةٍ ناعمة:
- استنى يا مصطفى
نظر لها قاطبًا بين حاجبيه ليستمع لها، لم تتكلم راما ولكنها باغتته حين دنت منه لتقبله، لكن انتبه لها مصطفى وابعدها عنه دافعًا إياها لتتراجع عدة خطواتٍ أمامه وانزعج من فعلتها. قال بنبرةٍ احتقاریة مهينة:
- رخيصة، مهما عملتي مش هيأثر فيا
رمقته باغتياظ وتوانت معه، قالت مبتسمة بغضب:
- براحتك، بس في يوم مش هتلاقي قدامك غيري
تأفف مصطفى من حديثها الأهوج وتحرك من أمامها غير مكترثًا بها، تجول بانظاره حوله باحثًا عن هاتفه، تيقّنت راما أنه يبحث عنه تواقًا لمهاتفة الأخيرة وكبحت انزعاجها ونظراتها الحانقة تراقبه في صمت.
وجده مصطفى على المرآة وأسرع ناحيته يريد مهاتفة رانيا، تجاهل تلك الحمقاء وضغط أرقام الأخرى أمامها كأنها نكرة، وضعه مصطفى على اذنه متلهفًا لسماع صوتها ولكنه تفاجأ بأنه مغلقًا.
عبست قسماته واستغرب، في حين ابتسمت راما بتشفي وتحركت نحو خزانة الملابس وهي تتغنج في مشيتها لترتدي ثيابها، تنهد مصطفى بضيق وقَلِقَ عليها فمنذ عودتهم من شرم الشيخ لم يهاتفها وانشغل عنها، توجه مصطفى للمرحاض سريعًا ليغتسل وانتوى الذهاب إليها والإطمئنان عليها؛ تتبعته نظرات راما الماكرة وابتسمت ساخرة، قالت بتشفي:
- خلاص يا بيبي راحت عليك.......
___________________________________

رغم ما هي فيه من ضيق لما حدث لزوجها لم تتركها حتى غفت، لرقة قلب رسيل لم تتحمل تركها هكذا بعدما تسبب لها هؤلاء النسوة بأذيّة من الدرجة الثالثة في المنطقة السفلية ليتعثر لها الزواج من أحدهم وبالتالي حرمانها من الإنجاب.
رددت رسيل في نفسها المتعجبة من وجود أُناسٍ بذلك الشر ببعض الكلمات لتتوسل لله بأن يرحمها فكم هي رقيقة وحيدة لا تستحق كل هذا فقد ادركت ذلك من معاشرتها لعدة ايامٍ توطّدت خلالها العلاقة بينهن.
استقلت رسيل السيارة التي جلبها لها أيهم مع وجود بعض الحرس الخاص الذي تعجبت منه ولكنها وجدته عاديًا كونه معروفًا، قررت العودة للفيلا مستنجدة بوالد زوجها ليقف معه ويجعله يعود إليها فهي لن تتحمل بُعده عنها وتنهدت بحزن.
ما أن صفّ السائق السيارة حتى ترجلت فورًا غير مُعطية الفرصة لاحدهم بفتح الباب لها، ولجت رسيل الفيلا متوجهة لغرفة مكتب السيد مروان وولجت دون استئذان، تفاجأ بها مروان تتقدم ناحيته وظلّ جالسًا على مقعده، لم يزجرها على ذلك ولكن سألها بقلقٍ:
- في أيه يا رسيل؟، مش عوايدك تدخلي كدة من غير استئذان
دنت منه رسيل وردت وهي تبدأ بالبكاء:
- إنت معرفتش إن أيهم أخدوه على السجن وهيحبسوه، أيهم مظلوم ومعملش حاجة
نهض مروان سريعًا وهتف باستياء:
- إزاي دا يحصل من غير ما أعرف؟، اخدوه إمتى إنطقي؟
ردت وهي تبكي برقة:
- ماجد جالنا المستشفى وقال إنهم طالبينه في القسم ولازم يروح ضروري علشان فيه حاجات جديدة في الموضوع
تنهد مروان بضيق وتحرك نحوها، هتف بتبرمٍ:
- دايما عنيد وبيتصرف من دماغه، مافيش مرة بياخد رأيي حتى في أي حاجة بيعملها، ودلوقتي حتى مكلمنيش ويعرفني ماله
ثم وقف امامها فقالت له رسيل بنبرةٍ راجية وهي تبكي:
- أعمل حاجة علشان يرجع، متخلهمش ياخدوه من فضلك، أيهم بريء ومعملش كدة خالص لیه مش بیسبوه
امتعض مروان مما يحدث مع ابنه ثم نظر لها قائلاً بجدية:
- أومال يعني هسيبهم يسجنوه، دا ابني
نكست رسيل رأسها تبكي بخفوتٍ، زفر مروان بقوة وقال بنبرةٍ مزعوجة:
- مش قولت خلاص هتصرف، بتعيطي ليه دلوقتي؟
رفعت رأسها ناظرة إليه وردت ببكاءٍ كالأطفال:
- رجعلي أيهم، هما هياخدوه وهيبعد عني وأنا مش بعرف أنام غير وهو جمبي، رجعهولي هما ليه مش عاوزين يصدقوه دا طيب وهادي ورقيق قوي
صمتت للحظات وتابعت متنحنحة بسخط داخلي متذكرة عنفه معها:
- ساعات
لم يعرف مروان يفرح أم يحزن ولكنه ابتسم فابنه فاقدًا لتلك الصفات ويعرفه جيدًا، قال وهو يمسد على شعرها بلطف:
- طيب هتصرف، ولو منفعش يسيبوه هوديكي عنده تشوفيه
هتفت رسيل بنبرةٍ مسرورة:
- بجد هتوديني أشوفه وأقعد معاه هناك وكده؟
أكد قائلاً:
- أيوة هوديكي، هكلم المحامي وأشوف وضعه أيه ولو هيفضل هاخدك ونروح نشوفه وهخليكي تقعد معاه تتكلموا لو ينفع بس ادعي ميكونش حد من الصحفين شم خبر علشان وقتها هضطر ماخدكيش معايا لإن أيهم ممكن يضايق
قالت سريعًا بنبرةٍ متوسلة:
- لا خدني برضه لو سمحت، أنا عاوزة اطمن عليه ومش هعمل صوت ومش هخليهم يشوفوني
تنهد مروان قائلاً بنفاذ صبرٍ لشعوره بها:
- خلاص يا رسيل هشوف وهوديكي تشوفيه
كفكفت رسيل عبراتها ونظرت له بمحبةٍ، قالت ممتنة:
- متشكرة جدا، أنا بحبك قوي قوي
خرجت من رسيل بتلقائية فابتسم لها مروان، قال بحنانٍ:
- أنا كمان يا حبيبتي بحبك، وببقى مبسوط لما أشوفك خايفة على أيهم وبتحبيه قوي كده ....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في الاعلى في غرفة السيدة ايمان جلست "لمى" على طرف التخت الخاص بوالدتها بوجه عابس خافضة رأسها وتتطلع على الأرضية وهي تصر اسنانها بانزعاج، لاحظتها ايمان وهي تضُب اغراضها بخزانة ملابسها، وضعت ما بيدها واغلقت الخزانة ثم تحركت نحوها، سألتها ايمان بجهلٍ وهي تدنو منها:
- فيه أيه مضايقك مرة واحدة كدة، إنتي كنتي الصبح فرحانة وبتضحكي، فيه حد زعلك؟
رفعت رأسها لوالدتها وردت دون مقدمات:
- رسيل
نظرت لها والدتها بتعجب وهي تستنكر بداخلها أن تكون رسيل تلك الفتاة الرقيقة أن تضايقها، قالت بتنهيدة:
- ورسيل بقى عملت ايه؟، أنا شايفة البنت من وقت ما وصلنا حاجة مؤدبة وجميلة و...
قاطعتها "لما" حين نهضت قائلة بغيظ:
- متقوليش عليها جميلة، أنا أحلى منها بكتير، وكمان مش حابة وجودها هنا وبقيت بكرهها
انصدمت ايمان من حديث ابنتها الفظ، هتفت عائبة عليها:
- أيه يا بنت اللي بتقوليه ده، رسيل مرات أيهم يعني هي ست البيت هنا ولازم تكلميها بأدب، يعني احنا هنا ضيوف ومش مسموحلك حتى تتكلمي عنها مش كويس، ولا مفكرة إنك بنت عمته يبقى هتتحكمي فيها
هتفت "لمى" بحنق وهي تكز على اسنانها بقوة:
- إنت مش قولتيلي أيهم هتجوزهولي ووعدتيني، ليه بقى مش بتساعديني علشان يسيبها ويتجوزني أنا
شهقت ايمان بصدمةٍ ونظرت لابنتها متفاجئة بما تضمُره ناحيته، قالت بنبرةٍ مزعوجة:
- هو متجوز وسعيد في حياته، عاوزاني أقوله طلق مراتك وتعالى اتجوز بنتي العيلة اللي لسة في اعدادي، وكمان أنا كنت بقولك كدة علشان ترضي ترجعي معايا وتبعدي عن أبوكي، وكمان مكنتش أعرف إنه اتجوز
اكفهرت تعابير "لمى" وقالت بنبرةٍ حزينة:
- طيب خليه يتجوزني معاها، أنا موافقة يا ماما
بدت "لمى" حمقاء فيما تفوهت به، تأففت ايمان من الحديث معها ونفرت أيضًا من الإستماع إليها، بدون كلمةٍ واحدة استدارت ايمان تاركة الغرفة، استاءت "لمى" وتحركت خلفها وهي تستجديها ولكن ايمان لم تُنصت لها وتذمرت "لما" بشدة وهي تسير خلفها، لمحت ايمان وهي تهبط الدرج اخيها ورسيل يدلفون من غرفة المكتب فأكملت سيرها نحوهم.

كان مروان ما زال يتحدث مع رسيل وانتبه لاخته وابنتها التي ما أن رأتها رسيل حتى اغتاظت منها فهي لم تتناسى تطاولها على ما لها، وكذلك "لما" التي نظرت كأنها تستهزء منها فكبت رسيل ضيقها احترامًا لمن حولها، سألت ايمان بتردد:
- شكلكم مش مريحني، هو حصل حاجة؟
رد مروان محاولاً التحكم في ضيقه:
- أيهم مقبوض عليه يا ايمان بسبب مصنعه اللي وقع على العمال، وللأسف فيه مات تاني منهم ودا اللي عرفته من المحامي لما ?لمته دلوقتي
هتفت ايمان بقلبٍ ملتاع:
- يا حبيبي يا ايهم، هيعملوا أيه فيه مروان؟
رد مروان بحيرة وهو يزفر بضيق:
- للأسف الموضوع بقى صعب وهما حجزوه في القسم
حزنت ايمان عليه وكذلك "لمى" التي قالت بحزنٍ بائن:
- دا أنا ملحقتش اقعد معاه يا حبيبي واحكيله عن نفسي
حدجتها رسيل بغيظ داخلي على وشك الانفجار فيها، قالت بسخط داخلي:
۔ حد قالك مش هیرجع تاني، إن شاء الله ربنا هیرجعهولي
رمقتها "لمى" بضیق بينما استفهمت ايمان بمعنى:
- طيب هتعمل ايه يا مروان؟، هتسيبهم يحبسوه؟
أشار على رسيل وقال بمعنى:
- هاخد رسيل وهنروح نطمن عليه وافهم الموضوع وأوصي عليه هناك اللي اعرفهم
هزت ايمان رأسها بتفهم في حين تدخلت "لما" قائلة بترجي:
- ممكن يا خالو لو سمحت اروح معاكوا، أنا عاوزة أطمن أنا كمان على أيهم
على الفور نظرت رسيل لمروان تنتظر رفضه متمنية ذلك من قلبها، تفاجأت برد ايمان التي ادركت غرض ابنتها من ذلك:
- مش هينفع يا "لم&" ، رسيل مراته ومن حقها تشوفه وخالك هيروح علشان يتصرف ويساعده، إنتي بقى هتروحي ليه، ما كنت روحت معاكي أنا كمان ما أنا هتجنن عليه
زفرت "لمي" بقوةٍ منزعجة من حديث والدتها، في حين أكد مروان ذلك قائلاً بعقلانية:
- ماما عندها حق يا "لمى" ، أنا ورسيل هنروح نطمن عليه، ومتخافيش يا ستي هقوله إنك زعلانة علشانه
التوى ثغر رسيل بابتسامةٍ متشفية فيها ونظرت لها بثقة، انتوت لها "لمى" وقررت تكدير يومها وستفعل ما بوسعها كي لا تجعلها تراه ولمعت فكرة ما في رأسها وابتسمت بمكر، في حين توجست ايمان من تصرفات ابنتها الولودية وخشيت دخولها في مشادةٍ مع رسيل والزمت نفسها بالتصرف السليم معها كأُمٍ.
ثم انتبهن ثلاثتهن لمروان يقول لرسيل:
- يلا يا رسيل إطلعي جهزي نفسك على ما أجهز أنا كمان....
__________________________________

تضايق ايهاب من زيارات والدتها المتكررة وبما تجلبه معها وتيقّن بأنها تتعمد ذلك كنوعٍ من المساعدة لهم وتنهد بضيق رافضًا، لم يظل على صمته هذا وقرر مفاتحتها في الأمر فهو لن يرتضي بذلك، توجه ايهاب لها في غرفة نومهم وهي تنفض الفراش وتدندن ببعض الاغاني الدراجة، تقدم منها لتشعر به وتلتفت له، قال وهو يقف امامها:
- سيرين عاوز اتكلم معاكي
ظنّته يريدها فابتسمت وقامت بتطويق عنقه، قالت بنبرةٍ دمُثة:
- عاوز أيه يا حبيبي
ثم التصقت به بشدة، وضع ايهاب يده على خصرها وابعدها قليلاً لفهمها الخاطئ له وقال موضحًا:
- سيرين عاوز اتكلم معاكي بخصوص أهلك
قطبت جبينها مستفهمة بحيرة:
- أهلي!، عاوز تقول أيه ومالهم أهلي؟
قالتها وهي تبعد ذراعيها عنه، في حين قال ايهاب بتردد:
- أنا مش موافق على اللي مامتك كل شوية تجيبه، وصلت بيها إنها لحد دلوقتي بتجبلك هدوم وكل شوية داخلة علينا بحاجات
ارتبكت سيرين للحظاتٍ ولكنه بعد ذلك استنكرت ريبته:
- بس إحنا لسة متجوزين وأي عروسة أهلها بيجبولها زيارات عادي ودا شيء طبيعي مكبر الموضوع ليه
رد مستهزئًا:
- بس الموضوع زاد قوي، تقدري تقوليلي الدهب اللي في الدولاب دا بيعمل أيه عندي؟
ازدردت ريقها بتوتر وقالت مبررة:
- دا دهبي وبتاعي، مش معقول تكون عاوزني أسيبه كده، دا من حقي ومش هستغنى عنه
زفر ايهاب بقوة قائلاً بحزمٍ:
- سيرين رجعيه ومش هقبل إن أهلك يبعتولنا حاجة بعد كدة، أنا فاهم إنتوا بتعملوا كدة بس مش هقبل حد يصرف على بيتي
تجهمت تعابيرها من سطوته غير العقلانية فأي شخصٍ محله لسعد بذلك ولكنه يملك رأسًا يابسًا واعتزمت أن تفتعل ذلك دون علمه فهو عنيد، استخدمت الآن اللطافة معه وتدللت عليه، قال برقةٍ وهي تعاود تطويق عنقه:
- طيب هعمل اللي إنت عاوزوه بس مش عاوزة اشوفك متضايق كده ونزعل واحنا مبقلناش يومين
ثم ابتسمت بنعومة ونظراتها نحوه تحُثه على تناسي ذلك، ونجحت في ردعه عن موقفه المتذمر.....
_________________________________

بعدما اطمأن الرجل أنه ما زال على قيد الحياة وارتياب الاطباء في اصابته بأزمةٍ قلبية قرر مهاتفة ابنته ليخبرها بما حدث، فلحسن حظ رؤوف وجود السائق الذي أتى به سريعًا للمشفى وتم اسعافه على الفور ولم يتبين استقرار حالته إلى الآن ووُضِع في العنايةِ المشدّدة تحت الأجهزة المختلفة، هاتف السائق الفيلا لتخبرها إحدى الخادمات بما حدث لوالدها بما أملاه عليها الاخير من وضعه الحالي، شهقت سالي بصدمةٍ لتصرخ بهلع:
- قالك في مستشفى أيه بسرعة اتكلمي؟
املت عليها الخادمة عنوان المشفى فعلى الفور توجهت سالي لارتداء ملابسها لرؤيته، شعر فجأة بضياعها إذا افتقدت والدها فهو المُنجد لها الآن بعدما علم بما تضمُره، سحبت سالي ثيابها وهي تتوسل لله بأن يُبقيه من أجلها وأن لا يخذلها مرةً ثانيةً فهو العون لها من بعد ربها وانسابت عبراتها، تذكرت زوجها ونظرت امامها عازمة على اخباره ليُخلّفها إلى هناك وهذا ما حدث حين امسكت بهاتفه لتتصل به....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
على الناحية الاخرى كان اسماعيل برفقة مهجة على الفراش يقضون اوقاتًا سعيدة لا تخلو من مزاحهم واغداقه إياها بالمزيد من حُبه، انتبه لرنين هاتفه فتذمرت مهجة قائلة:
- مين البايخ اللي بيتصل بينا ده؟
ضغط على اسفل ذقنها برقة وقال بحب:
- هشوف مين يا قمر وهجيلك على طول
ثم نهض ليجلب هاتفه الموضوع على الطاولة الصغيرة بجانب الاريكة، تفاجأ اسماعيل بأنه سالي وتوتر، القى نظرة على مهجة التي قطبت قسماتها من تبديل هيئته، أجاب اسماعيل بتردد:
- خير يا سالي فيه ايه؟
ما أن استمعت مهجة لاسمها حتى نهضت هي الاخرى ناحيته بوجهٍ مكفهر، التفت لها اسماعيل وارتبك ولكنه تجاهلها حين ردت سالي ببكاء جعله یقلق:
- اسماعيل تعالى بسرعة بابا جاتله ازمة قلبيه وهو في المستشفى دلوقتي
زاغ اسماعيل في حديثها ليتذكر تعبه اليوم الصباح، قال بنبرةٍ متفهمة:
- ايوة فعلاً كان تعبان النهاردة ويمكن الموضوع زاد عليه
ردت باستياءٍ وهي تنتحب:
- مش تقولي يا اسماعيل، هو انت فين أنا افتكرته معاك في الشركة
ارتبك مختلقًا سببًا ما وهو ينظر لمهجة التي تقف امامه مكتفة ساعديها حول صدرها ومزعوجة:
- أنا سيبته وروحت شغل برة الشركة، فمعرفش حصل إزاي
قالت بنبرةٍ حازمة:
- سيب اللي في ايدك وحصلني على المستشفى دلوقتي، أنا خايفة على بابا قوي لقلبه ضعيف
تفهم اسماعيل عليها فأملته عنوان المشفى، اغلق الهاتف وتوجه لارتداء حلته، تعقبته مهجة قائلة بحنقٍ حين تجاهلها:
- رايح فين وسايبني، قد كدة مش قادر ترفضلها طلب لما تعوزك وتجري انت عليها
تأفف اسماعيل بنفاذ صبرٍ، رد عليها وهو يرتدي ملابسه:
- باباها في المستشفى عنده ازمة قلبية وهي لوحدها ولازم دلوقتي اكون معاها، يعني مافيش داعي لغيرتك اللي من غير سبب دي
كلحت ملامحها وقالت باستياء:
- طيب وهشوفك امتى تاني، ولا ناوي ترميني هنا وتنساني
تنهد اسماعيل بضيق ووضح لها:
- لا يا مهجة مافيش حاجة من اللي بتقولي عليها دي، عندك هنا كل حاجة هتحتاجيها لحد ما اطمن عليه وابقى ارجعلك
ثم انتهى من ارتداء ملابسه وسط نظراتها المتبرمة من لهفته في الركوض لها، تحرك اسماعيل للخارج سريعًا دون توديعها لتزداد حنقًا وهي تصر اسنانها، هتفت باغتياظ:
- كده يا اسماعيل هي حصلت، والله اروح أقولها على اللي بينا واتطربق الدنيا ومش هيهمني حد خالص، ووريني بقى هتتصرف ازاي ساعتها..........................
x x x x x x x xx _____________________
x x x x x x x x x x x xx ______________
x x x x x x x x x x x x x x x x ________



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 04-12-21 الساعة 01:03 PM
الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-08-19, 10:45 AM   #116

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي رواية القيادي

الفصـل الـرابع والخمسـون
القِِيَّـــادي
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ

عاد من الخارج مرهقًا ثم توجه لغرفة نومه وهو يزفر بفتورٍ ليكتسي الإجهاد خلقته بالكامل، شلح ماجد سترته وألقاها بإهمالٍ وتحرك بعدها ناحية التخت ليُريح جسده واستلقى على ظهره ناظرًا للأعلى.
لبعض الوقت مر وهو هكذا حتى اتسعت مقلتيه فجأةً ليتذكر وجودها معه في مكانٍ واحد وانفرجت شفتاه بابتسامةٍ بلهاء، أعتدل جالسًا على طرف الفراش وهو يحدق أمامه لينشغل تفكيره فيما تفعله الآن وكيف هي حالتها فمنذ جاءت معه لم تسنح له فرصة طيبة لرؤيتها والحديث معها بلطفٍ فدائمًا ما تنهره ببرودها هذا بسبب ذلك الشرط الأرعن الذي إتخذه في لحظةٍ هوجاء منه، كان عقله الأحمق متوقفًا حينها وزفر بضيق، نهض ماجد من جلسته غير المُجدية وتحرك للخارج تواقًا لرؤية ما تفعله والتطلع لهيئتها الحسنة.
بخطواتٍ متعجلة سار ماجد في الرواق المؤدي لغرفتها وأعينهُ لامعةؒ ببريق اللهفةِ فقد ملّ من وضعه البائس هذا؛ بحذرٍ جم فتح الباب ومد رأسه للداخل قليلاً وهو يجوب بأنظاره الغرفة، لم يجدها فخطا بقدمه للداخل وهو ما زال يتطلع حوله، قطب بين حاجبيه متحيرًا من عدم وجودها، لم تثابر حيرته طويلاً حتى انسل لداخل اذنيه صوت المياه في المرحاض.
اتسعت ابتسامته بعدما تيقّن أنها تتحمم وأغذّ في السير تجاه المرحاض وهو يتشوق لرؤيتها عارية، بدون سابق إنظار فتح الباب وولج وعينيه الوقحة تريد اشباع غرائزها وكذلك هو.
تصلّب ماجد موضعه فجأةً حين وقعت عيناه على ذلك المنظر المؤسف والمحزن لقلبه الذي انفطر وعينيه التي طاشت فيما تراه وحدق فيها مذهولاً، كانت ملك جالسة القرفصاء بداخل المغطس وتحاول إحكام صمام صنبور المياه الخاص بالإستحمام وفشلت لتملأ المياه المغطس وأرضية المرحاض وكذلك ملابسها.
انتبهت لولوجه واضطربت حين خشيت أن يزجرها لفعلتها الشنعاء من وجهة نظرها، قالت ملك بنبرةٍ متزعزعة وهي تنظر له بأعينٍ مهزوزة:
- أنا مش قاصدة ابوظُه، دا أنا قولت أشغله قبل ما أستحمى باظ مني لوحده ومفهمتش بيشتغل إزاي ولا حتى عارفة أقفله
تبدلت تعابير ماجد لخيبة أملٍ فيما فقد كان يهتاف لرؤيتها وخيبت ظنّه، أراد أن يحظى بفرصة جديدة ربما تأخذ منحنى آخر في علاقتهم وضاعت بفضل حماقاتها، ردد في نفسه بغيظ:
- طول عمري فقر، كنت مفكر هشوف حاجات ومحتاجات
ثم زم شفتيه للجانب وتنهد بقوة ليفرغ إنزعاجه وارتبكت ملك منتظرة أن یثور علیها ویعاقبها، تحرك هو نحوها قائلاً بسخطٍ وهو يشير لها بيده:
- مفكرة نفسك السباك، يلا قومي وأنا هتصرف
نهضت ملك سريعًا شاعرة بالخزي من نفسها ومُحرجة منه، نظر لها ماجد شزرًا وتأفف فابتسمت له ببلاهة.
لوى شفتيه وتوجه للصنبور ومد يده وضغط على احدى الأزرار فقط وأنغلقت المياه على الفور، شهقت ملك بعدم تصديقٍ وقالت مادحة إياه:
- برافو عليك صلحتها
ثم صفقت بيدها وهي تضحك بسعادة، نظر لها ماجد بحنقٍ قائلاً:
- صلحتها!
ثم فجأةً أظلم عينيه نحوها وهو يتطلع عليها بخبث، ارتبكت ملك من نظراته وخشيت فعله لشيء ما غير مستحب فهي لم تعتاد عليه، تحرك ماجد نحوها متقيدًا بنفس نظراته التي وترتها وجعلتها تتراجع للخلف، مرر انظاره على جسدها المبتل وابتلع لعابه، وضعت ملك يدها على صدرها عفويًا وقالت بنبرةٍ متذبذبةٍ:
- عاوز ايه؟، إحنا مش إتفقنا وخلاص
استمر في التحرك ناحيتها إلى أن شارف على القروبِ منها ولكنها أخذت قرارها بالركض ناحية الباب فكان هو الأسرع حين دفعها للحائط وحاوطها بذراعيه، تعالت دقات قلب ملك بشدة وهي تنظر له متوجسة من قربه منها ونظراته المربكة، تأمل ماجد وجهها الجميل وقال بحب:
- هو إحنا هنفضل كده لحد إمتى؟، أنا تعبت ومش قادر خلاص، مراتي معايا ومحروم منها
ازدردت ملك ريقها بارتباك وردت بصوتٍ أبح:
- إحنا إتفقنا ناخد على بعض
رد باستياءٍ وملامح بائسة:
- مفرقتش، إحنا متجوزين يعني غبنا أو لأ إحنا لبعض، ولا إنتي ناوية تسيبيني
حركت رأسها بنفي وزكت بذلك وهي تنظر له بحرج:
- أنا بس متوترة من الجواز، اصله جه بسرعة وكدة ومكنتش مستعدة أرجع معاك
تأملها وهو يرد بتوقٍ:
- بس أنا مش متوتر ولا حاجة، أنا بحبك يا ملك قوي
تأججت مشاعر ما بداخلها من اقترابه منها جعلتها تردد بلا احترازٍ وبأعينٍ زائغة:
- موافقة
لم يصدق ماجد أذنيه ونظر لها مستفهمًا:
- موافقة نبقى مع بعض يعني؟
انتبهت له وهزت رأسها لتؤكد، اتسعت ابتسامته ورفعها عن الارضية فطوقت عنقه وابتسمت بخجل، قال برغبةٍ وهو يدلف بها للخارج:
- النهاردة بس هقول إني إتجوزت......
_________________________________

سوّغ لها والدها بأن تدخل بمفردها لتراه لبعض الوقت بعدما أفاق من تخديره ، ولجت جيسي بقلبٍ متلهفٍ عليه ثم ابتسمت وهي تراه ينظر للاعلى، أينعم مجهدًا وما زال قيد الشفاء ولكنها حمدت الله على سلامته.
تحركت ناحيته ونظراتها تتأمله بحبٍ، دنت من فراشه ليشعر عمرو بأنفاس احدهم، ادار رأسه ناحيتها وأخرج قلبه دقةً عابرةً فاخرج هو أنينًا متألمًا إثرها لتنتفض جيسي موضعها وتدنو منها متسائلة إياه بلهفةٍ:
- عمرو حبيبي فيك أيه عمري؟
بدا عليها القلق الذي جعله يستغرب، فما فعله معها ربما يجعلها تبغضه وعلى النقيض ما يراه منها، نظر لعينيها ورد بصوتٍ متعب وهو يبعد انظاره:
- ممكن تسيبيني لوحدي
اكمدت جيسي وهي تنظر إليه بخيبة أمل، قالت بابتئاسٍ:
- ليه يا عمرو بتكرهني كده، أنا عملت أيه علشان تعاملني بالشكل ده، أنا قولتها كتير وهفضل اقولها، بحبك، بحبك من اول مرة شوفتك فيها وبتمنى أكون ليك إنت وبس، نفسي تحس بيا ولو لمرة واحدة حرام عليك اللي بتعمله معايا
نظر لها متحيرًا، سألها بحذرٍ:
- مش زعلانة مني بعد اللي حصل؟
ردت نافية بشدة مع إهتزازة رأسها الرافضة:
- دا كان أسعد يوم في حياتي لما قربت مني، زعلت علشان مش بتثق فيا ومفكرني بنت مش كويسة، أنا والله يا عمرو ما حد لمسني ولا حبيت أصلا قبلك، أنا متربية كويسة صدقني
شرد في حديثها ولكنه لم يتعمد أن يتمادى في علاقته معها فقد رسمها منذ البداية ولكن بسبب حديثها الجارح له جعله يثبت عكس إدعائها، تنهد باجهادٍ وقال بنبرته الباردة والمستفزة:
- أنا كنت عاوز أعتذرلك على اللي عملته وعايز أقولك إنك استفزتيني ودا خلاني اتصرف من غير وعي، يعني لما قربت منك مكنتش حابب ده علشان مش بحب البنات ولا عايز اتجوز دلوقتي، يا ريت تفهميني يا جاسمين، عارف إني كنت معاكي بس أنا محبتش ده وندمت بعدها
تجمدت انظارها غير المفهومة عليه والذي فشل في تخمينها، بدون ترددٍ قبّلت وجنته، شعرت به غير متقبل اقترابها لتغتاظ أ?ثر وتبتعد عنه، قالت باستنكارٍ ممتزج بتبرمها:
- بارد، قد كدة معندكش مشاعر، بنت حلوة بين ايديك وبتقرب منك وبتسلملك نفسها وإنت واحد مستفز
قالت جملتها الأخيرة بحنق، نظر لها عمرو وابتسم، زكا بمغزى:
- أصل مش بحب واحدة تسيطر عليا
ابتسمت وقالت متفائلة خيرًا:
- طيب سيطر إنت
اقترب منها ليقبلها وسط تشوقها للحصول على محبته ناحيتها، ولم يشعرا بولوج كارم ومايا الذين تصلّبوا عند الباب مجحظين اعينهم لمشاهدة هذا المشهد الرومانسي، سعد كارم بما يحدث بينهم وانشرح صدره، على عكسه مايا التي اشتعلت غيظًا وهي تراه يقبلها فقد ظنّته لا يكِن لها أي مشاعر، خالف توقعاتها وعبست تعابيرها حزينة.
لم يُرِد كارم مقاطعة لحظتهم تلك ولكنه ادرك حالته الصحية فليس هو المكان المناسب لتتقرب منه هكذا.
لذلك تنحنح بصوتٍ خشن متعمدًا رفع صوته، انتبها له وعلى الفور ابتعدا، ارتبك عمرو وبدأ يلتقط انفاسه بصعوبةٍ ليشعر بعدها بالتعب ویسعل بخفوت، تجاهلت جيسي والدها ونظرت له بقلقٍ قائلة:
- اسفة يا عمرو، اتنفس براحة يا حبيبي
تعجب عمرو من جرأتها ولم يعلق، في حين دنا كارم ومايا منهم، ظلت جيسي جالسة موضعها غير عابئة بأي أحدٍ سواه فهو زوجها وما حدث قبل قليل بينهم جعل قلبها يتنتفض فرحًا وابتسمت له.
بأعينٍ متوترة نظر عمرو لكارم وهو شاعر بالحرج، ابتسم له كارم وقال كأنه أحب ما رآه:
- عادي يا عمرو جيسي مراتك، دا أنا حتى مبسوط قوي لما شوفتكوا حلوين مع بعض
ابتسمت جيسي لعمرو بحب فنظر لها بمعنى أن تلتزم الحدود ، ولكنها تجاهلت ذلك ودنت من يده لتقبلها فابتسم لحركتها تلك، اغتاظت مايا التي ترمقهما بنظراتٍ حانقة تود إشعال النيران فيهما معًا، لم يشعر أحد بثورة انفجارها الداخلية فهي تحبه وأعجبت به قبلها وكلحت قسماتها فهي تريد الزواج منه ولما لا ولكنه متزوجًا من اختها وبات محرمًا عليها.
تلاعبت الشياطين في رأسها هامسة بفحيحٍ، فلتقتليها إذًا، شهقت مايا بغتةً لتعود لرشدها قائلة في نفسها المرتبكة من تفكيرها المُعيب:
- أيه يا مايا، هتقتلي أختك علشانه
ثم تنفست بهدوء نافضة تلك الأفكار المستهجنة، في حين سعد كارم بذلك لتأتي فرصته في إخباره بما ينتويه، لا داعي للتأخير فقد اطمأن عليه وسوف يتعافى بإذن الله، بدون مقدماتٍ قال كارم لينصدم الجميع من حديثه:
- عمرو بعد ما تطلع من المستسفى إن شاء الله هتاخد مايا وجيسي وهتنزلوا مصر......
_________________________________

دلفت من المرحاض بعدما اخذت حمامًا سريعًا لتبدل بعدها ثيابها، تحركت رسيل ناحية خزانة ملابسها لتفتحها وانصدمت حين وجدتها خاوية من ملابس الخروج الخاصة بها، شهقت بصدمةٍ وهي متحيرة كيف حدث هذا، استدارت ناظرة حولها لترى أي شيءٍ ولم تجد، انقبض قلبها لتتحير أكثر فأين ذهبت ثيابها فقد كانت تراها قبل قليل، تنهدت بضيقٍ ولم تعرف ماذا تفعل، توجهت لتجلس على طرف الفراش مفكرة في تلك النكبة فكيف ستذهب لرؤيته بتلك المنشفة الملتفة حولها، ناهيك عن ابتلال ثيابها الاخرى التي شلحتها وأخذت تفكر في ورطتها؛ تجمدت فجأةً محاولة استنباط الأمر فثيابها لن تختفي بمفردها، كزت على اسنانها لتتذكر تلك الفتاة اللعينة وهي تود الذهاب معها فربما افتعلت ذلك لتعيق ذهابها، قالت رسيل بنبرةٍ مهتاجة:
- آه يا بنت الـ ، والله لمورياكي، أنا تعملي كدة معايا
ثم نهضت رسيل ناظرة حولها بتعابيرٍ متشنجة تبحث عن أي شيءٍ ترتديه وزفرت بقوة حين لم تجد، كلحت قسماتها وقالت بحزن:
- هروح إزاي دلوقتي، يا حبيبي يا أيهم يعني مش هشوفك....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،
في الاسفل جلس السيد مروان منتظرًا رسيل التي تغيّبت وقتًا طويلاً وضجر من الإنتظار، وجه بصره لايمان اخته وسألها بحيرة:
- هي اتأخرت كدة ليه؟، دي كانت هتموت وتيجي معايا
- مش هتيجي
قالتها "لمى" وهي تتحرك ناحيتهم مرتدية ملابس خروج أنيقة وحاملة لحقيبة يد صغيرة علقتها في ذراعها، دُهش مروان بردها وكذلك ايمان التي رمقت ابنتها بانزعاج واكفهرت ملامحها، دنت "لما" منهما وقالت بابتسامةٍ مشرقة:
- رسيل مش هتيجي وقالتلي اروح بدالها
استغرب مروان ونهض قائلاً:
- معقول الكلام ده!
لم تصدق ايمان حديث ابنتها فكيف ذلك؟، تيقّنت بأن ابنتها ربما افتعلت شيئًا معها، دنت منها وقالت من بين اسنانها رافضة:
- تروحي بتاع أيه ورسيل فين، معقول مش عاوزة تروح تشوف جوزها وعاوزاكي إنتي تروحي مكانها
ارتبكت "لمى" وقالت ببراءةٍ زائفة وهي توزع انظارها عليهم:
- وأنا مالي، هي اللي قالتلي أروح أنا علشان تعبانة
- كدابة
هدرت بها رسيل وهي تهبط الدرج، انفزعت "لما" والتفتت سريعًا لترى كيف خرجت دون ملابس، فغرت فاهها بصدمةٍ وهي تراها ترتدي هذا الشيء الفضفاض، كانت رسيل مرتدية اسدال صلاتها وهي تتحرك نحوهم، تأملها مروان قاطب الجبين ليسألها وهي تقف امامهم:
- رسيل لسة ملبستيش، وليه قولتي "للمى" تروح بدالك؟
ردت رسيل بنبرةٍ مستائة وهي تؤشر على "لمى":
- ما أنا بقول إنها كدابة، هي أخدت هدومي من الدولاب ومش عاوزاني اروح
انزعجت ايمان ونظرت لابنتها بغضب، فازدردت "لما" ريقها بتوتر ونفت بتلجلجٍ:
- محصلش، هو أنا هعمل كدة ليه
هتفت رسيل بنبرةٍ مزعوجة منفعلة وهي تنظر لهما:
- طيب أنا إمتى قولتلها تروح بدالي وأنا هتجنن وأشوف ايهم
اقتنعت ايمان بحديث رسيل وادركت خطأ ابنتها الأهوج، قالت ايمان لرسيل باعتذار:
- خلاص يا رسيل متزعليش، "لما" تلاقيها بتهزر معاكي
هتفت "لما" بحنقٍ:
- أنا مش بهزر مع حد، وهدومها معرفش عنها حاجة، ولو أعرف مش هقول
قالتها "لما" بعنادٍ شديد واستدارت لتتركهم، شهقت ايمان بانزعاج من تصرفات ابنتها الرعناء وهي تتبعها بنظراتها، لم تستطع رسيل تعنيفها والتزمت الإكتهاء من كليهما، ابتسمت لها ايمان معجبة بذوقها، قالت بنبرةٍ آسفة حانية:
- متزعليش يا رسيل، أنا هجيبلك من هدومي لبس جنان ملبستوش خالص وإن شاء الله هيجي على قدك
هنا تدخل مروان الذي صمت مجبرًا ليمل مما يحدث حوله، قال بتعابيرٍ مقطبة:
- أنا لسة هستناها لما تلبس، خلاص يا رسيل خليكي وهبقى اطمنك عليه
ملأ الحزن قسمات رسيل وقالت بتلهفٍ:
- لا هروح معاك يلا بينا
نظر لمروان لما ترتديه واستنكر قائلاً:
- هتيجي معايا كدة؟!
قالها وهو يشير على ما ترتديه، بينما ردت هي بنبرةٍ حماسية:
- وفيها ايه، دا حتى محترم وحلو قوي، ومش مهم لبسي، المهم اشوف أيهم وأروح معاك
احتار مروان بأخذها أو من عدمه، تطلعت رسيل عليه بتوسلٍ وابتسمت ايمان لرقتها، قالت ايمان لمروان بجدية:
- خدها يا مروان، هي لابسة كويس وكمان علشان متتأخروش
فكر مروان قليلاً وابتسمت له رسيل بنعومة، تنهد قائلاً بنفاذ صبرٍ:
- طيب يا رسيل، يلا علشان نلحق نروح.....
_________________________________

استوطن بمفرده بداخل تلك الغرفة شاردًا فيما وصل إلیه بعدما بدل ثيابه بأخرى ابتاعها له ماجد، تسطح أيهم على التخت الصغير منتصف الغرفة متيقظًا ولكنه مغمض العينين ضائعًا بافكاره السابحة في عقله، تحيّر في أمر هذا الرجل وحقده الدائم عليه فمنذ الدراسة في روما وقبلها وهو يشعر بالغِيرة الشديدة منه كون أن فتاة هناك رفضته حين عبّر عن حُبه لها وأخبرته بأنها تميل له هو.
في تلك النقطة بدأ رغيد في مشاكسته وأخذ اي فتاة معه ولو بالقوة والحقارة كما فعل مع سالي خطيبته السابقة وما يزمع له من حقارة الآن في إعادة الأمر مع حبيبته، ابتسم أيهم بسخرية فإن مر ما حدث لسالي هكذا لن يرضاه مع رسيل، سالي مجرد خطيبته كون والدها صديق والده المقرب ولم يرفض طلب والده بالزواج منها، ما فعلته حين ذهبت للسهرة معه في تلك الليلة جعله غير شافعًا لها لعدم استئذانها منه.
تنهد بعمقٍ ليحرر انفاسه المحبوسة ليفكر بعدها ما هي خطوته مع هذا الاحمق ليُبعده عنه ويتخلص منه فلابد له من تفكيرٍ محنكٍ للإنتهاء منه فهو كالشوك الذي يعيق إمضاء ما يبغا.
جاءت تلك سليطة اللسان على ذهنه وابتسم، لم يبغى نهرها فهو يعلمها جيدًا، رقيقة ناعمة يخشى أن يستخدم عنفه الكامل معها فهي لن تتحمل وابتسم بشدة، حدث نفسه بصوتٍ خفيض بعدما اخرج تنهيدة عميقة:
- أهو أنا اللي مضايقني دلوقتي إنك بعيدة عني
زاغ بعد ذلك فيها وهو مازال مغمضًا عينيه لا يريد ضياع صورتها المطبوعة في ذهنه فقد بعثت له ببعض الطمأنينة لتُؤنس وحدته تلك، عشق بمعنى الكلمة ?نّهُ لها ويعلنه دون خجلٍ أو انتقاصٍ من هيبته التي ما زال محتفظًا بها أمامها فهي تخشى تعنيفه لها، تخيّل لمساته عليها وبحركةٍ لا إرادية تحركت أناملهُ وتخيلها معه.
طُرِق الباب عليه ليخرج من أحلام اليقظة خاصتهُ وفتح عينيه متعجبًا ممن سيأتي له، تم فتح الباب عليه فهو موصودًا من الخارج عليه كإجراء لابد منه.
ولج محاميه فتنهد ايهم واعتدل ليجلس على طرف الفراش، تحرك مدحت ناحيته وقال بنبرةٍ مترددة:
- مساء الخير يا ايهم بيه
نظر له ايهم وحرك رأسه كرد عليه، تقدم مدحت منه وجلس بجانبه، نظر له بتوتر وقال بحذرٍ:
- انا لقيت حل كويس علشان تخرج من هنا
ادار ايهم رأسه سريعًا ناحيته وقال بتلهفٍ انجلى على طلعته:
- حل ايه دا قول بسرعة؟
رد مدحت بنبرةٍ جادة للغاية ذات معنى:
- نشوف حد غيرك يشيل الليلة كلها......
_________________________________

وصل اسماعيل للمشفى متوجهًا لغرفة العناية المشدّدة، وجدها جالسة مُنكبة على نفسها وتبكي وتنتحب بشدة، شعر بالاسى عليها وتحرك سريعًا نحوها وهو يراها وحيدة، اقترب منها وهتف بقلقٍ بائن وهو يجلس بجانبها:
- سالي حبيبتي متعمليش في نفسك كدة إن شاء الله هيكون بخير ويقوم بالسلامة
قالها حين ضمها لصدره بحنان، مسد اسماعيل على ظهرها كنوعٍ من التهدئة فبكت سالي في احضانه وقالت:
- بابي لو مات هضيع، أنا من غيره ولا حاجة
ضمها أكثر إليها وقال بتمني:
- إن شاء الله ربنا هيشفيه، ادعيله يا سالي
هزت رأسها بتفهمٍ لتتمتم ببعض الكلماتِ المتوسلة للرب، انفطر قلب اسماعيل عليها ودعا هو الآخر الله بسرعة شفاء هذا الرجل الطيب، لبعض الوقت المترقب منهما خرج أحد الأطباء من غرفة العناية ليُبلغهم بحالتهِ النهائية، تنبّهت له سالي ابتعدت عن اسماعيل ناهضة، سألته بقلقٍ ولهفةٍ جلية وهي تتحرك ناحيته:
- بابا عامل ايه دلوقتي؟
زيف الطبيب ابتسامة وقال بامتنان:
- الحمد لله صحة الوالد مستقرة دلوقتي، إحنا لحد دلوقتي مشتبهين إنها ازمة قلبية من الفحص عليه بس فيه بعض الحاجات شاكين فيها وإن شاء الله خير، ادعوله يقوم بالسلامة
قالت سالي بلهفةٍ ودقات قلبها تتسارع:
- يا رب، طيب وهو هيفوق امتى يا دكتور؟
رد بعمليةٍ:
- يمكن بكرة بإذن الله يفوق، ولما يفوق هنعمله فحوصات دقيقة علشان نطمن على صحته العامة، إحنا كل اللي يهمنا دلوقتي إنه يفوق وبعد كدة سهل نباشر حالته بدقة
ارتاحت سالي بعض الشيء وابتسمت بتأمُل، جاء اسماعيل من خلفها وقال لها وهو يضع يده على كتفها:
- خير يا سالي، قلبي حاسس إنه هيفوق وهيبقى كويس
اومأت برأسها وتنهدت براحةٍ، التفتت له وقالت بمعنى:
- أنا لازم أكلم انكل مروان، دا لو مقولتلوش هيزعل قوي
قال اسماعيل موافقها الرأي:
- طيب يا سالي اللي تشوفيه، على الاقل حد كمان يقف معانا
اخذت سالي قرارها بمهاتفته، اخرجت هاتفها ولكنها تذكرت شيئًا ما سرده لها السائق عن ما حدث، نظرت له سالي قاطبة جبينها، سألت بحيرةٍ ممزوجة بالتعجب:
- بس ليه بابا راح مزرعة الخيول القديمة، كان بيعمل ايه هناك؟
__________________________________

جاب جميع غُرف الشقة باحثًا عنها ووجدها خالية تمامًا، ارتاب مصطفى في الأمر وهو يرى بعض الاشياء المُبعثرة في ردهة المنزل، حاول استنباط ما حدث وخفق، تجهمت ملامحه ودلف للخارج بعدما وجد بأن وجوده هكذا غير مجديًا، اغلق الشقة وتوجه ليستقل المصعد عازمًا على سؤال حارس الxxxx، قال لنفسه بحيرةٍ إلامَ يصل المصعد:
- يا ترى يا رانيا روحتي فين؟، دا إنتي متعرفيش حد
بعد لحظاتٍ وصل المصعد للدور الارضي ودلف منه، تحرك سريعًا لهذا الرجل الدائب موضعه وسأله بتلهفٍ:
- مدام رانيا اللي في الدور الخامس متعرفش راحت فين؟
نهض الحارس وقال بحزنٍ زائف:
- يا عيني عليها وعلى اللي حصلها يا سعادة البيه
اقشعر جسد مصطفى خوفًا عليها فاكمل الحارس بحزنه المزيف ليوضح الأمر:
- دخل عليها شوية نسوان عدموها العافية، ولولا ستر ربنا كان فيه واحد يعرفها كان جاي يزورها هو اللي لحقها وجري بيها على المستشفى
انتفض قلب مصطفى هلعًا، سأله بتعابيرٍ شاحبة مضطربة:
- متعرفش مستشفى ايه اللي هي فيها؟
رفع كتفيه بجهلٍ وقال:
- معرفش يا سعادة البيه، دا اللي فهمته لما جه ظابط يحقق معايا، قولتله شوفت النسوان وهما داخلين وخارجين بس معرفش عملوا أيه
ارتجف مصطفى اكثر ليكسو تعابيره الخوف عليها فالموضوع أكبر بكثيرٍ ليتعثر عليه فهمه بالكامل، تذكر من جاء ليزورها فسأله بشغفٍ:
- طيب متعرفش مين دا اللي كان جاي يزورها؟
للمرة تانية رد الحارس بجهل:
- معرفش يا سعادة البيه، أنا اللي شوفته بعنيا إنه كان شايلها وبيجري بيها
فكر مصطفى في حديثه وظنّ أنه أيهم، تحرك تاركًا المبنى ودلف للخارج وهو يضغط ارقام هاتف ايهم ليستفهم منه، كلحت ملامحه حين وجده مغلقًا هو الآخر وزفر بضيق، قال بامتعاضٍ:
- هو كله قافل تليفونه كده ليه، يا ترى ايه اللي حصل؟
صمت للحظاتٍ وتابع بأسى:
- يا ترى حصلك أيه يا رانيا ومين الستات دول؟
ثم تنهد بقسماتٍ حزينة مزعوجة، استقل سيارته واعتزم الذهاب لايهم مضطرًا، لم يخشى معرفته بالزواج منها بقدر قلقه الآن عليها والإطمئنان على صحتها وقاد سيارته بسرعة كبيرة ذاهبًا لفيلته ......
_________________________________

ولج مروان مخفر الشرطة برفقة رسيل، ابتسم مروان بشدة على اصرارها القدوم معه هكذا، بسبب ثيابها هذه لم ينتبه له أحدؒ من الصحفيين فهيئتها غير مُلفتة للنظر، لم تهتم برسيل لما ترتديه فشاغلها رؤية ايهم والإطمئنان عليه، هذا ما أعجب به مروان فمن يتأملها ككل يجدها فتاة بسيطة، ومن يدقق النظر فوجهها الجميل وملامح الاجنبية ينجذب إليها فجمالها مُغطى تحت هذة الثياب الساترة فقد احبها حقًا، نظرت له رسيل وسألت بفضولٍ:
- هما هيقعدوه مع المجرمين والناس الوحشة دي
ابتسم لها ووضح:
- المحامي بيقول إنهم سمحوله يقعد في أوضة هنا
هزت رسيل رأسها بتفهمٍ وتحركت للداخل متأملة المكان من حولها بتفحص، انتبه مروان لمدحت المحامي يدلف من احدى الغرف فتوجه ناحيته، رآه مدحت فأغذ في السير نحوه، قال مدحت مرحبًا باكتهاءٍ:
- أهلا يا مروان بيه
حرك مروان رأسه وسأله بمعنى وهي ينظر لتلك الغرفة:
- هو ايهم قاعد في دي؟
كاد أن يرد مدحت فقطع ذلك رنين هاتف مروان، اخرجه مروان ليُجيب عليه، عقد حاجبيه متعجبًا كونها سالي من تهاتفه، أجاب عليها سريعًا، فجاء صوتها بالخبر المُحزن، هتف مروان بفزعٍ حقيقي:
- حصل إمتى الكلام ده، ورؤوف عامل أيه دلوقتي؟
طمأنته سالي بأنه مستقرًا إلى حدٍ ما وتنتظر إفاقته في الغد، رد عليها مروان مؤكدًا حضوره:
- طيب يا سالي أنا جاي دلوقتي
ثم انهى معها الإتصال، وجه مروان بصره لمدحت قائلاً بقلبٍ يدق مضطربًا:
- أنا هروح أنا، رؤوف بيه عنده ازمة قلبية ولازم أكون معاه
إنتبهت رسيل لاسم ذلك الرجل فهو من سيتزوج بعمتها، انزعجت رسيل لسوء حظ عمتها وعبست ملامحها، في حين نظر مروان لرسيل وحدثها:
- رسيل ادخلي إنتي لأيهم وإطمني عليه، وقوليله إن عمك رؤوف تعبان وباباك راح يشوفه
اومأت رأسها بانصياعٍ، تحرك مروان على الفور مغادرًا مخفر الشرطة وهو يدعو الله بنجاة صديقه الوحيد من تلك الوعكة الصحية، تتبعته نظرات رسيل المتضايقة بشأن عمتها، انتبهت بعدها للمحامي يقول لها بنبرةٍ مهذبة:
- إتفضلي يا هانم ادخلك لأيهم بيه
نظرت له رسيل وزيفت ابتسامة، تحرك مدحت وهي من خلفه، فتح لها باب الغرفة واشار للداخل قائلا بمعنى:
- إتفضلي إدخلي يا هانم
ابتسمت رسيل بحرجٍ وخطت بقدمها نحو الداخل مترقبة بشغفٍ رؤيته، رأته رسيل مستلقيًا على الفراش وتأملته بحبٍ وحزنٍ وشفقةٍ، أخذ ايهم وضعيته الاولى وتسطح على الفراش مغمض العينين شاردًا في الحديث الذي دار بينه وبين المحامي، اوصد مدحت الباب خلفها فعلى الفور توجهت ناحيته، دنت من التخت وقالت:
- أيهم حبيبي
ظنّ أيهم أنه يتوهم سماع صوتها وظلّ كما هو، انتفض محله وفتح عينيه إثر قبلتها التي وضعتها على خده، جحظت عيناه بعدم تصديق من وجودها معه وقال:
- رسيل
ابتسمت برقةٍ وقالت:
- وحشتيني يا حبيبي، أنا جيت علشان اشوفك
اعتدل ايهم وحاوط وجهها بكفيه، ابتسم لما ترتدیه وقال معبرًا عن فرحته بها:
- احسن حاجة عملتيها، اصلك وحشتيني قوي وهموت وأشوفك
سألته بنبرةٍ حزينة:
- عامل أيه دلوقتي، هيحبسوك ولا هيصدقوا إنك بريء؟
رد متنهدًا بضيق وهو يفرك رأسه شاعرًا بصداعٍ ما:
- مش عارف يا رسيل حاسس إن دماغي هتنفجر
نظرت له رسيل بحزنٍ فقال لها متأففًا:
- عاوز اشرب، بس للأسف مش مسموح هنا، دي فيها سجن لو عملتها، الشرب بيريحني ويخليني كويس
ظنّت رسيل بأنه يريد شرب الماء، استنكرت بشدة:
- يعني تموت من العطش، هي حصلت كمان يمنعه عليك المية، دا أيه الظلم ده
نظر لها بتعابيرٍ مقتطبة، قال بحنق:
- ميه، أنا قصدي عاوز أشرب خمرة
شهقت بصدمة ونظرت له بشراسة، عنفته باستياء:
- أنت بني آدم متخلف، بدل ما تدعي ربنا وتصلي يقف جمبك عاوز تشرب الزفت ده
لم ينتبه أيهم لباقي حديثها بقدر سماع إهانتها له، بحركةٍ مُباغته أمسك أسفل ذقنها وضغط عليه بقوةٍ فتألمت مضطربة منه ونظرت له بخوف، قال من بين اسنانه وهو يضغط بقوة ليُؤلمها أكثر:
- مين دا اللي متخلف؟
لم تنتبه رسيل لما تفوهت به وردت باضطرابٍ ملحوظ ظهر أ?ثر في نظراتها نحوه:
- أسفة
رد كاتمًا ضيقه وهو ما زال قابضًا عليها:
- كام مرة عملتيها وأنا عديتهالك
ازدردت ريقها بخوفٍ وقالت متوسلة:
- أيهم اوعى تضربني، أنا بنسى صدقني ومش قاصدة اشتمك، بحبك متضربنيش
استمر هكذا للحظات ناظرًا لها بغموضٍ فتألمت رسيل بشدة، قالت بتوسلٍ أكبر ليبتعد عنها:
- أيهم بوقي بيوجعني، وكمان لسة جسمي بيوجعني والله سامحني، سيبني يا أيهم
أبعد يده القابضة على ذقنها فنهضت مبتعدة عنه وفركت أسفل ذقنها على الفور لتخفف حدة الألم ونظرت له بترقب.
نهض هو الآخر وخشيته لأبعد الحدود، تذكرت أين هما وقالت محذرة:
- إحنا في القسم، يعني لو ضربتني هعملك قضية تعدي
تجاهل حديثها ورفع رأسه متفحصًا سقف الغرفة ككل وهو يدور حول نفسه، استغربت رسيل عن ماذا يبحث في الاعلى وعقدت حاجبيها.
اتسعت ابتسامة أيهم حين لم يجد كاميرات مراقبة وتنهد براحة، التفت لها وقال مستهزئًا:
- بقى عاوزة تحبسيني؟
ردت بارتباكٍ وهي منكمشة في نفسها:
- لو ضربتني هصوت
دنا منها مبتسمًا بمكر وشرع في فك ازرار قميصه من الأعلى للأسفل، ارتجفت رسيل وقالت بتوتر ملحوظ حين تفهمت غرضه:
- أيهم هتعمل أيه إحنا في القسم
أكمل طريقه نحوها وهو ما زال يفك ازرار قميصه، قال بخبثٍ:
- احسن حاجة إننا في القسم، علشان لما يقفشونا نتحبس سوا............................................ .....
x x x x x x x x x ___________________
x x x x x x x x x x xx x _____________
x x x x x x x x x x x x x x xxx ______



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 04-12-21 الساعة 01:04 PM
الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-08-19, 10:48 AM   #117

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي رواية القيادي

الفصـل الخــامـس والخمســون( الأخيــــر )
القِِيَّـــادي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

أخذ قراره بعدم مغادرة البلاد حتى لا يشك أحد في أمره كونه أرتكب تلك الجريمة أو هو من إفتعلها فعدم رؤية أحد له جعله غير مرتابًا كثيرًا، علم رغيد من أحد رجاله المرابطين له بداخل المشفى بأنه ما زال على قيدِ الحياة، أمرهم بمواظبة مراقبته لمعرفة تطور حالته الصحية وإخباره بعدها، بتفكيرٍ شيطاني وقلبٍ ميت أمرهم رغيد بالتخلّص منه حين تسنح لهم الفرصة لتنفيذها وبدون ترددٍ وعقلٍ واعٍ تحجر قلبهُ، جلس على الاريكة يتنفس بصعوبةٍ وقلبه يرتجف من نبضاته الخائفة فقد أوقع نفسه في معضلةٍ موثوقة بالطبع لم ينكرها ولم يجحف خوفه من كشف أمره، دفن وجهه بين راحتية وقال بأنفاسٍ مضطربة معنفًا نفسه:
- إيه بس اللي خلاني أعمل كده، كنت ناقص مصايب أنا
ثم تخضّبت ملامحه من ارتباكه الشديد وقد صوّر له عقله بأن عنقه معلقًا في حبل المشنقة فارتعد بدنه ليبعد يديه عن وجهه ناظرًا أمامه بجموحٍ وعرقه يتصبّب على وجهه، زكّا بذلك وهو يقنع نفسه المتزعزعة:
- هو اللي هددني، كان لازم أعمل كده علشان أحمي نفسي وأحمي أبويا و...
بتر جملته حين ذكر إسم والده، طرأت على ذهنه فكرة ما، أجل لما لا يخبر والده عله يساعده في نكبته تلك وهدأت أنفاسه متخذًا ذاك القرار، قال رغيد بتأملٍ وهو يتطلع أمامه كأنه وجد مخرجًا لورطتهِ:
- بابا لازم يساعدني، هو أنا كنت عملت كدة ليه، ما هو علشانه
ثم نهض عازمًا على إخباره ولكن صدح هاتفه ليتوقف لاعنًا بصوت خفيض، تنهد بضيقٍ وتوجه له ليرى مَن بتعابيرٍ عابسة نافرًا من التحدث مع أحدهم، كان أحد رجال رغيد الدائبين بالمشفى القاطن به رؤوف يهاتفه، أجاب رغيد بحماسٍ علّهم تخلّصوا منه، جاء صوت الرجل بالخبر المُفرح ليُبشره بأنه لا داعي لقلقه المدروس بشأن كل ذلك فقد إنتهت دون عناء، لم يتفهم رغيد عن ماذا يتحدث وتحيّر، استفهم بنبرةٍ شغوفة:
- فهمني بالظبط الموضوع إتحل إزاي؟، مات يعني؟!
نفى الرجل بشدة ووضح ما توصل إليه من معلوماتٍ مؤكدة، انفرجت شفتا رغيد بفرحةٍ أذابت خوفه معلنةً حياةً جديدة حماسية سيركض فيها بكل شيطنته التي لم تنتقص من عقله البذيئ وقال باغتباطٍ وهو ينظر أمامه متشفيًا:
- يلا بالسلامة، عقبال ما نخلص منه قريب، كده بقى محدش هيقدر يقف في طريقي ويمنعني أعمل كل اللي عايزوه ......
________________________________

بصرخة أشجت القلوب وهزت الأوصال بقشعريرةٍ حزينة لمن حولها قد أخرجتها سالي من أعماق قلبها لينبعث منها الهياج فور علمها بما أصاب والدها.
حيث أفاق رؤوف من غيبوبته المؤقتة بجسدٍ غير قادرٍ على تحريك حتى إصبعه بعد الفحص الشامل الذي قام به الأطباء فقد ارتابوا في أمره وتأكد صدق حدسهم بأنه أُصیب بالشلل نتيجة صدمة ما قد مر بها فقط سالي هي من تعرفها معلنة في نفسها بأنها السبب الرئيسي شاعرة بالذنبِ حیاله، وقف الجميع حول فراش رؤوف بأعينٍ لمع فيها الحزن يتطلعون عليه بشفقةٍ وهو يحرك شفتيه بكلماتٍ متعثرة عليه مستصعبًا نطقها ليتيقّن الجميع بأنه شُل.
سقطت دمعة من عينه وهو يتأملهم من حوله غير موسرًا على التعبير عن ما يعجفه بداخل نفسه التي حزنت هي الأخرى عليه واكتفى بالمشاهدة عاجزًا بمعنى الكلمة عن وصف ما يشعر به وبما يريد إخبارهم به.
بكت سالي بحرقةٍ فأمسكها إسماعيل يواسيها بدفءِ أحضانه حين ضمها إليه بقوةٍ مرسلاً إليها الطمأنية فالموت أفضل له مما هو فيه ولكن ما أضنى سالي شعورها بالذنب فقد ظنّت بأنها السبب لوصوله لهذا الوضع المتأزم لتخرج الكلمات منها حارقة معاتبة، هتفت سالي بصوت يفطر القلوب مبكتة نفسها الضائعة:
- أنا السبب، بابا حصله كده علشان زعلان مني، عمري ما هسامح نفسي، أنا مجرمة وكان لازم أموت
لم ينتبه الجميع لحديثها وظنوها تُخرف من إملاق ذلك المصاب المُباغت فشدّد اسماعيل من ضمها وقد اغرورقت عيناه هو الآخر حزينًا عليه فقد أحبه واضحى مقربًا إلى قلبه، دنا مروان من صديق عمره وقد إنجلى الحزن في نظراته وهيئته السمحة التي مررها على جسد رؤوف العاجز وجلس على طرف الفراش امامه، نظر مروان لوجه رؤوف وحرك رأسه قائلاً ليهون عليه:
- متخافش يا رؤوف، أنا جمبك ومش هسيبك غير لما تقف على رجليك تاني، هسفرك أحسن بلد تتعالج ومش هرجع بيك غير وإنت كويس
ثم بكى مروان في صمت فلم يتحمل رؤية صديقه يعاني هكذا، ابتسم له رؤوف برضى كأن القناعة بما كتبه الله ملأت صدره وتقبل الأمر، بنظرة واحدة من عينيه وبسمة صغيرة من ثغره أجذل رؤوف بقضاءهٍ وأحس به مروان الذي وجد نفسه ينحني ليقبل يده المتصلبة، قبل بعدها رأسه ليرسل حبه له فهو أغلى ما جلبه طوال عمره فاغتبط رؤوف وابتسم ليُشعره بأنه بخير فابتسم مروان له بحزن، تركت سالي أحضان اسماعيل وتحركت نحو والدها تجُر قدميها متحسرة على حالته، بأعينٍ توهج فيها اللون الأحمر من كثرة البكاء تأملت سالي وجه والدها البشوش فهو كما السابق بطلعته الحسنة ولكن بجسدٍ عاجز، دنت سالي من والدها مُقربة وجهها من وجهه ودموعها مُنسابة على وجهها، قالت بألمٍ:
- سامحني يا بابا، يا ريت كنت أنا
حرك رؤوف شفتيه لينفي وتعابيره تريد تريد نفي ذلك أيضًا ولم يستطع، زاد بكاء سالي وهي تنظر إليه بأسى وقالت كي تجعله يصمت:
- كفاية يا بابا متوجعش قلبي أكتر من كدة، أنا من النهاردة خدامتك وهعيش بتمنى رضاك عليا علشان ترجعلي بسرعة وتقولي سامحتك يا سالي، مش هرتاح ولا هعيش مبسوطة غير لما أسمعها منك وأشوفك زي الأول
بداخل رؤوف حَزَن عليها وتماسك كي لا يبكي ويُشعرها بالذنب تجاهه واكتفى برسم ابتسامة صغيرة أمامهم وعبر عن ارتضاءه بها؛ ثم شرد بفكره فيما سيحدث قادمًا فقد عجز عن الوقوف بجانب ابنته ولكن بداخله عزيمة تأججت من تلك اللحظة بأنه لن يستغنى عن قول ما يكبته فما أراحه وجود ذلك الحب من حوله وابتسم شاعرًا بالأمل في القادم ......
__________________________________

ولج حارس الغرفة المرابط لها حاملاً لبعض الطعام الشعبي الذي فرحت به رسيل لتأكله بشراهة مشتهية تناول المزيد منه وهي تتلذذ بتذوقه.
ااظلتقط أيهم منه علبة من السجائر وقداحة وشكره حيث أعطاه الكثير من المال الذي وجده بحوزته فاتسعت ابتسامة الرجل شاكرًا ثم قام بتوصيله للباب، توقف الرجل قبل أن يدلف إلى الخارج وقال مبتسمًا بمغزى وقد غمز بعينيه وهو يلقي نظرة على رسيل التي تأكل غير مبالية بمن حولها:
- إنت تؤمرني يا باشا، محدش هيعرف إنها باتت هنا علشان فيها جُنح وممكن هروح في داهية بس علشان خاطرك
زيف أيهم ابتسامة ممتنة له وقال بشكرٍ واجب منه:
- متشكر قوي، ولما أمشي من هنا إن شاء الله ليك الحلاوة
امتدت ابتسامة الرجل لأذنية وقال بفرحةٍ عارمة:
- إن شاء الله هتخرج من هنا يا باشا دا أنا هفضل واقف قدام الباب أدعيلك من قلبي
ابتسم أيهم له بصعوبةٍ إلى أن خرج واوصد الباب خلفه، زفر أيهم بقوةٍ منزعجًا من وضعه واستدار ليجد رسيل تأكل بنهم، قطب بين حاجبيه مستغربًا وتحرك نحوها، جلس أيهم بجانبها على الاريكة وهو يمرر أنظاره عليها وهي تأكل، قال بتعجب:
- إنتي جعانة قوي كدة؟!
هزت رأسها كرد منها وهي تكمل طعامها الموضوع على تلك الاريكة الصغيرة امامهم، فتنهد قائلاً بمعنى:
- بتحبي الأكل ده؟
قال ذلك وهو يشير على الطعام بعدم رغبة في تناوله، نظرت له وقالت وهي تلوك الطعام الذي ملأ فمها:
- مين مش بيحب الفول والطعمية، دا عشق كل واحد
زاد أيهم من عقد حاجبيه مستنكرًا حديثها فلم يشتهي تناول مثل ذلك الطعام يومًا ولم يتناوله، مط شفتيه بلا مبالاة وأشعل سيجارة وأخذ نفسًا طويلاً منها ونفث دخانها كأنه كان محرومًا منها، نظرت له رسيل وسألته باستغرابٍ وهي تتناول الطعام:
- مش هتاكل معايا ولا أيه؟
حرك رأسه نافيًا وقال مبتسمًا بعذوبة:
- كلي إنتي يا حبيبتي واتغذي عايز صحتك حلوة
قالها وهو يمرر يده يدلك ظهرها برقة فابتسمت هي بحياء، توقفت عن تناول الطعام و نظرت له قائلة بحزنٍ زائف وهي تعاتبه بدلال:
- أنا كويسة بس إنت بتعاملني وحش وقاسي قوي
ابتسم بمكر وهو يتجول بأنظاره على وجهها فتوترت، قال:
- أعمل أيه بحبك قوي
ابتسمت للطفه معها، ثم انتبه لما ترتديه، مد يده ليزيح غطاء (الإسدال) من على شعرها وتابع باقتطابٍ:
-على الأقل شيلي ده عاوز أشوفك وأشبع منك قبل ما تمشي وتسیبیني، ولا أنا مش هوحشك
ابتسمت رسيل باستحياءٍ وتركته ينزعه عنها، ابتسم أيهم وفك شعرها المعقوص للخلف لينسدل على كتفيها وظهرها، نظر لها بحب وقال بمكرٍ وهو يتطلع على (الإسدال):
- أحسن حاجة عملتيها إنك جيتي بالبتاع ده، سهل المهمة عليا واتقلع بسرعة في ايدي
لم تسعد رسيل بذلك ولكنها تذكرت تلك الفتاة السمجة واغتاظت ، تعجب ايهم من تبدّل تعابيرها فهتفت هي بحنقٍ:
- هو أنا جيت بمزاجي، دي بنت عمتك الرذلة دخلت أوضتي وأخذت كل هدومي علشان معرفش أجيلك وملقتش غيرُه قدامي
دُهش أيهم من ذلك واستنكر مذهولاً:
- معقول "لمى" عملت كدة!
اماءت برأسها مؤكدة بوجهٍ عابس وهي تنظر له بغيظ، ابتسم لها بمحبةٍ وهدأها حين قال وهو يتأملها بعشق ويده تُفرك فروة رأسها من الخلف بلطف فاغمضت عينيها متنهدة بهيامٍ أعجبه منها:
- المهم إني بحبك يا عمري ومبسوط إني شوفتك، وكويس إنك لابساه علشان بغِير من أي حد يبص على الحتة بتاعتي .
فتحت رسيل عينيها وحدقت به قائلة بتقزز:
- أيه الحتة بتاعتي وجو الصياعة بتاعك ده ما تلم نفسك كده
اغتاظ ايهم قائلاً وهو يحدجها بعدم رضى:
- صياعة!، إنتي شيفاني صايع يا بت إنت
أزاحت يده بوجهٍ مقتطب وتوجهت لتُكمل طعامها، قالت بتبرم:
- سيبني أنا عاوزة آكل وجعانة قوي ومكلتش من امبارح .
إمتعض أيهم من قلة رومانسيتها معه ولسانها السليط قائلاً بغيظ وهو يضربها على مؤخرة رأسها بقوة "قفاها":
- طيب كلي ياختي
سقط وجه رسيل في طبق الفول من شدة ضربته فشهقت فاغرة فاهها بعدم تصديقٍ وصدمةٍ معًا، كتم أيهم ضحكه فرفعت رأسها ناظرة إليه والشر يتطاير من عينيها ووجها مغطى بالفول.
نظر لها أيهم وانفجر ضاحكا على هيئتها ليشتد غضبها أكثر وهي تتطلع عليه بحنق، أحس ايهم بها وكتم ضحكته وقال بندم:
- آسف يا حبيبتي إيدي تقيلة شوية
صرت رسيل اسنانها وبدت مزعوجة منه وهي تنظر له بوجوم، ندم أيهم بالفعل على ذلك وحاوط وجهها بكفيه وقال بأسف أشد:
- سامحيني يا حبيبتي متزعليش مني والله ما أقصد
تنهدت رسيل بضيق وعبست كالأطفال فدنا بوجهه منها وقال بحبٍ سافر ظهر في نظراته العاشقة:
- أنا قررت من النهاردة آكل فول علشان خاطر حبيبتي
ثم شرع في لعق ما غطى وجهها من الفول برقة فاقشعر جسد رسيل من طريقته التي أججت مشاعرها ناحيته، ابتعد مسافة شبه معدومة وقال بوله مزيف:
۔ الفول طعمه حلو قوي یا رسیل من علی?ي
ابتسمت رسیل وقالت:
- بتحبني؟
قالتها رسيل بنعومة هائمة في كثرة العشق الذي يُغدقها فيه، ابتسم أيهم وقال باستنكار:
- لسة بتسأليني يا مجنونة بعد كل اللي بتشوفيه مني
ضغطت على شفتيها السفلية قائلة بتذمرٍ طفيف:
- بس إنت بتبقى عاوز تضربني وبخاف منك بجد لتتهور عليا في أي لحظة وأنا ضعيفة مش هستحمل
ضمها أيهم لصدره فغرقت في دفء أحضانه وشعرت بالأمان، قال متنهدًا بحرارة:
- مش قادر أضربك، بزعل من طولة لسانك بس قلبي بيقولي أوعى تعملها، إنتي الحتة الطرية اللي في حياتي يا رسيل
ابتعدت رسيل عنه على الفور وهتفت بضيق:
- تاني حتة والقرف ده، إنت غبي يا ابني
شهقت بفزعٍ حين ضغط على فكها، ازدردت ريقها بارتباكٍ وقالت ببراءة:
- أيهم متتهورش عليا حبني وبس
تصلّبت نظراته الغامضة التي استنبطت منها الخبث، قالت رافضة:
- هتروح من ربنا فين أنا مراتك
تجاهل ما هي فيه وقال بصلابةٍ متأهبًا بالتأكيد ليظفر بها:
- إنتي اللي بتجبيه لنفسك.....
__________________________________

عاد بعد وقتٍ طويل قضاه في الخارج باحثًا عنها ولم يستدل من أحد على مكانها فأيهم محبوسًا فكيف سيستفهم منه.
تراكمت عليه الأحزان شاعرًا بالألم حيالها وقلبه يؤلمه يريد الإطمئنان عليها، صعد مصطفى الدرج متوجهًا لغرفته ناكسًا رأسه بألمٍ وقلبه يؤلمه بقوةٍ وتعابيره باهتة غير متأهبًا للحديث مع أحدهم، تفاءل خيرًا فربما هي في مكان ما وستظهر قريبًا، لمحته راما واثنت ثغرها بابتسامةٍ واثقة متشفية فيه فقد أبلغها صديقها بأنه لم يتوصل إليها حتى الآن، لم تذهب هي خلفه وتركته حاليًا فليس الوقت المناسب للعب معه فيكفي حالته التي أصابتها بالراحة فكم سخر منها وأهانها وإبتلعت ذلك مجبرة ومنتظرة لفرصتها، قالت راما بنبرةٍ مستهزئة:
- ولسة هوجع قلبك كمان عليها، هرجعك ليا ذليل وبشروطي وهتكون هي السبب في إني أحقق ده
قالتها راما بتوعدٍ له ليظهر ضيقها منه، تنهدت بعُمقٍ وتحركت تاركة الفيلا لتُرفه عن نفسها مستمتعة بكل ما أنجزته حتى تلك اللحظة وعقلها منشغلاً بما ستفعله مستقبلاً ..
ارتمى مصطفى على التخت بثقل جسده واغمض عينيه ورغم ذلك إنفلتت دمعة من عينه فحياته متوقفة عليها.
نعم هذا هو الحب بل العشق فلم يشعر أحد بما يعانية الآن، خشي مصطفى عليها بأن تكون أصيبت بسوءٍ واستنجدت به حينها ولم تجده، سرح بفكره ليعاود الرجوع للخلف فلم يتركها سوى يومًا واحدًا فماذا سيحدث في تلك الأثناء وتأرجحت الظنون في رأسه وطرقت أوتار قلبه ليتألم، تعجب مما حدث لها فأين هي إذا؟، ألزم نفسه بأنه سيبذل قصارى جهده في البحث عنها ولو سيركض باحثًا في جميع الأماكن لعودتها إليه واعتزم التنفيذ فلن يكل ولن يمل من ذلك فلن يهدأ قلبه إلا حين رؤيتها.
من تلك اللحظة الفارقة في حياته التي تمنى رجوعها إلیه سيترك جميع ما حوله خلف ظهره من أجلها، أجل سيستغنى عن ما حوله وستبقى هي، فتح مصطفى عينيه وحدق في الأعلى وقد خانته عبراته حین ملأت عينيه ومن ثم نزولها، تنهد بألمٍ قائلاً بنبرةٍ ضائعة:
- يا ترى إنتي فين يا رانيا، إنتي فين يا حبيبتي؟....
_________________________________

إنصرم أكثر من شهر في حياة كل واحد تسللت حينها بعض الظروف مُحدثة تغيرًا جذريًا في حياتهم، تم في تلك الأثناء الإفراج عن أيهم بعدما تولى محاميه السيد مدحت إحضار شخصًا تم موافقته على الإعتراف بأنه إرتكب ذلك الجُرم، لم يُحبذ أيهم ذلك وكذلك والده السيد مروان رغم موافقة هذا الرجل على تحمل شيئًا لم يقترفه، ولذلك أمر محاميه بضرورة كشف خيوط ما حدث بأسرع وقت وها قد مر شهر وأخفقت محاولاته وما زال مستمرًا فالقضية متعثرة.
كل ذلك جعل أيهم يُعيد بناء مصنعه تحت إشرافه الدقيق وسيتم الإنتهاء منه قريبًا ليبدأ في تأسيس مصنعه الأول لصناعة الأجهزة الطبية الحديثة، ذلك ما أسعد رسيل لتستغله فيما بعد كونها ستصير طبيبة.
ظلّت حياتهم بمرحها ولم تخلو من مشاحناتهم بسبب لسانها السليط، رغم ذلك عشقها بجنون ليعلن قلبه حبًا لم يمر به من قبل، أحبته رسيل هي الأخرى من قلبها كونها يهتم بها مانحًا إياها ما حرمت منه.

واظبت رسيل في تلك الفترة على حضور جامعتها لتتأقم مع أصدقاء جُدد إنشغلت معهم في دراستها وأضحى لها رفقة تؤنس بهم وحدتها.
تولى أيهم ذلك اليوم إقالها لجامعتها فقد زاد من تشديد الحراسة عليها، لم تكن رسيل على علم بما يدور من حولها ليجعلها تعيش حياةً سويةً دون إخلالٍ، استقلت السيارة بجانبه وابتسمت له ولم تخجل من الإقتراب منه، زادت رسيل جُرأة معه فقد غيّرها اللعين كثيرًا، ولم لا هي زوجة أيهم فكيف لها أن تكون هادئة.
انطلق أيهم بسيارته وما هو إلا وقتٍ قليل حتى وصل للجامعة متحركًا للداخل حتى يطمئن على سلامتها، أوقف سيارته وأدار رأسه لها قائلاً بحب:
- هتوحشيني
ضحكت رسيل بمرح قائلة وهي تداعب وجنته:
- أيه الجديد، طول عمري بوحشك
قال بنبرة موحية ماكرة وقد أظلم عينيه:
- طيب حاولي ترجعيلي بدري علشان فيه كلام مهم قوي عاوز أقولهولك، المصنع اخدني منك ومبقتش قادر على البُعد ده
عضت اصبعها مدعية التفكير ونظرت له قائلة بمراوغة:
- طيب أنا عندي وقت، قول عاوز أيه دلوقتي
علم أيهم بأنها تعبث معه، فاجأها بمكره حين رد:
- طيب كويس، يلا نطلع على الفندق بتاعي علشان أقولهولك
قام بعدها بجدية بتشغيل سيارته متهيئًا للإنطلاق بها، صرخت رسيل قائلة برفضٍ وهي تستوقفه:
- أيهم مش هينفع عندي محاضرة مهمة لازم احضرها يا مجنون
توقف أيهم عما يفعل وقال مدعي الضيق:
- مش قولتي عندك وقت، بتلعبي معايا ليه بقى
ردت متوسلة وهي تمسك ساعد يده:
- أما أرجع خلاص يا حبيبي، ومش هلعب معاك تاني
كشر أيهم بوجهه مدعي زعله فابتسمت قائلة بنبرتها الناعمة:
- مش هغيب وهرجعلك يا بيبي علشان فيه كلام عاوزة أقوله أنا كمان، ووحشتيني الفترة اللي إنشغلت فيها عني
قالتها رسيل حين مدت يدها لتمررها على صدره بحركة مغرية، نظر لها مذهولاً فغمزت له بعينها بمكرٍ وهي تعض على شفتيها بإغواء، فهي تعلم أنه يحب حركاتها تلك.
ابتسم أيهم بعدم تصديقٍ من تصرفاتها التي باتت تقتله لتمنحه عشقًا فوق عشقه لها، نظر ليديها وهي تتحرك على صدره وأمسكها ليوقفها عما تفعل، نظر لها وقال بنبرة اربكتها:
- متعمليش كدة تاني علشان أنا مضمنش نفسي
سحبت رسيل يدها على الفور وقالت بارتباك:
- أ.أنا عاوزة أنزل بقى هتأخر كده
تحكم كعادته في رغبته وقال متنفسًا بهدوء:
- طيب إنزلي، وخلي بالك من نفسك
ابتسمت قائلة برقة متهيئة للترجل:
- طيب يا عمري يا حبيبي
ثم ترجلت من السيارة واوصدت الباب خلفها وتحركت عدة خطواتٍ فقط، توقفت رسيل وقررت اللعب معه هنا وتتسلى به قليلاً.
بمكرٍ منها استدارت بجسدها، وبنظرات إغراء تصنعتها غمزت له وارسلت له قبلة في الهواء وحركت شفتيها قائلة:
- هستناك
ثقلت أنفاس أيهم ونظر لها في وله، شعرت رسيل به وزيفت ابتسامة له وسريعًا أكملت طريقها نحو الداخل قائلة:
- أما أمشي من وشه دا مجنون ويعمل أي حاجة
تعقبها أيهم بنظراته وقال:
- طيب أخطفها دي ولا أعمل أيه دلوقت.....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،
ولجت رسيل لداخل مقر جامعتها متجولة بأنظارها على المكان كأنها تبحث عن شيءٍ ما، رٶوها رفقاءها من بعيد فلوّحوا لها كي تراهم، تحركت رسيل صوبهم فور رؤيتها لهم وابتسمت بسعادةٍ، دنت منهم قائلة بمرح:
- صباح الخير يا شباب
ردوا عليها في لحظةٍ واحدة وحدثها بعدها عبد الرحمن بمعنى:
- إتأخرتي ليه؟ مستنينك من بدري ومش راضين نفطر من غيرك
ردت مختلقة تبريرًا ما:
- معلش سامحوني أصلي صحيت متأخر
غمزت فاتن قائلة بمغزى:
- هنياله يا عم، الست متجوزة بقى ومش فاضية
ارتبكت رسيل وقالت بتعنيفٍ زائف:
- على فكرة عيب كده، أول مرة تشوفوا واحدة متجوزة
تدخلت ألاء قائلة بجدية وهي ترجع نظارتها النظر بطرف اصبعها للخلف:
- سيبك منها يا رسيل، دي واحدة هتموت وتتجوز ابن عمها اللي مش معبرها وغيرانة منك علشان عارفين إن جوزك هيموت وبيتجنن عليكي يا بختك
قالتها الاء بهيامٍ فهي فتاة معدومة للجمال إلى حد ما وتنتظر فارس أحلامها المجهول ولكنها مجتهدة في دراستها، في حين شهقت فاتن بغيظٍ قائلة:
- على فكرة هو كمان بيحبني
نظرت لرسيل وقالت بنبرة تحريضٍ:
- على فكرة يا رسيل هي اللي بتحسدك ونفسها تكون مكانك، دي كانت بتقولي شوفي جوز رسيل قمر إزاي
اغتاظت الاء قائلة وهي تجعل رسيل تنظر إليها حين مدت يدها تلامس ذقنها بحركةٍ مستفزة:
- أوعي تصدقيها يا رسيل، دا أنا كنت بشكر بنية صافية
قالت فاتن سريعًا لتكذبها:
- كدابة يا رسيل دا هي....
هنا صرخت رسيل قائلة بهيئةٍ اكتفت من هراءهن:
- حرام عليكوا، كل أما تشوفوني تقولولي الكلام ده
صمتن الفتيات فتنهدت رسيل ثم وجهت بصرها لعبد الرحمن الصامت، سألته باستغراب:
- مالك يا عبد الرحمن ساكت ليه؟!
نظر لها عبد الرحمن وقال بنبرةٍ مزعوجة:
- هقول ايه في الجو ده، كل يوم نفس الكلام
هزت رسيل رأسها بتفهم وقالت بحدة وهي توزع انظارها عليهن:
- على فكرة إحنا زودناها قوي، لازم تعرفوا إن معانا ولد في المجموعة بتاعتنا ونحترم وجوده
حركن رؤوسهن بانصياعٍ فغمزت لعبد الرحمن قائلة باستفزاز:
- شوفت ظبطهوملك، قوم بقى هات لينا فطار على حسابك
انصدم عبد الرحمن فوافقنها الفتيات بنبرة تشجيع:
- الله عليكي يا رسيل، هو دا الكلام .......
_________________________________

في تلك الفترة الغابرة ظل مروان دائبًا لزيارة رؤوف بعدما عاد من الخارج وقد تحسنت حالته إلى حد ما حين بدأ تحريك أطرافه والتعبير بوجهه عما يريده، ضجر رؤوف من كثرة العلاج وقرر العودة للبقاء بجانب ابنته فهو يخشى عليها من هذا الخسيس فالجميع جاهلاً لما مر به وأنشغلوا بمرضه، قامت سالي برعاية والدها القعيد بنفسها بمساعدة إحدى الممرضات للإهتمام بحالته الصحية وعمل جلسات للعلاج الطبيعي له، كما واظبت على الذهاب للشركة برفقة إسماعيل لمباشرة اعمال والدها وبدت سالي أكثر نشاطًا وتفهمًا لعمل والدها وقد عاونها اسماعيل وعمل سويًا لبقاء اسم والدها خالدًا لحين إتمام شفاءه، ولم تخلو مساعدات السيد مروان لهم في أمورٍ جمة وهذا ما جعل اسم والدها في عالم الأعمال مستمرًا بفضل تدخل مروان وعقد صفقات شراكة كثيرة بينهم، سعد رؤوف بما يفعله مروان الصديق الوفي له وباهتمام ابنته به وقربها منه في تلك الفترة ورؤيتها صلبة كأنها تناست أو بالأحرى تجاهلت متعمدة ما حولها فمرض والدها بث بداخلها القوة لتتحامل على ما حولها من صعاب، لم تهتم بأي شيءٍ سوى والدها فقد اضحى اهتمامها الأكبر وتسعد حين تناوله طعامه بيدها ورؤية البسمة البشوشة على محياه، وكذلك مروان يساعده في بعض المهام مستمرًا في مهاتفة أفضل الاطباء لتفحص حالته ولكن يمل رؤوف من كل ذلك وأخذ وقتًا للراحة وسيداوم بعدها ...
جلست سالي على طرف الفراش حاملة بيدها طبقًا من الحلو لتطعم والدها بكل حنانٍ وهي تبتسم برضى له، أكل رؤوف الكثير وقد شبع بعدها ليعبر بوجهه عن ذلك، ابتسمت سالي له قائلة بنبرةٍ محببة:
- طيب يا بابا براحتك، يهمني أشوفك كويس ومبسوط، متعرفش ببقى فرحانة قد أيه لما أشوف الابتسامة بتاعتك دي
ابتسم لها رؤوف وحرك شفتيه ليتحدث يريد إخبارها بشيءٍ ما ويتعثر عليها فهمه، قطبت سالي بين حاجبيها وقالت بحيرة:
- بابا مش فاهمة عليك سامحني، الفترة اللي فاتت كنت عاوز تقولي حاجة وأنا بجد مش فاهمة عاوز تقول أيه سامحني
تنهد رؤوف بحزنٍ اكتسى طلعته وهز رأسه ليصبُر عما يريد إخبارها به، حزنت سالي على حالة والدتها وظنّت بأنه يريد الإطمئنان عليها، قالت له بجدية وهي تمسح على كف يده برقة:
- أنا بخير يا بابا متقلقش عليا، خلاص أنا إتغيرت ومش هسمح لحد يلعب بيا، ولو كان على الزفت ده خلاص مبقاش يهمني، هو لو فكر يأذيني هيلاقيني واقفة قدامه .
جاء اسمه فقد فاهتاج رؤوف من الداخل وتشنجت تعابير وجهه وانتفض جسده بشدةٍ ليعبر عن استياءه منه، فزعت سالي من حالة والدها المتشنجة وتفهمت ضيقه، حرك رؤوف شفتيه يريد الإفصاح عما بداخله وخفق فبكى، دمعت عينا سالي وقالت مهدئة إياه بنبرةٍ حزينة:
- إهدى يا بابا أنا حاسة بيك، صدقني أنا كويسة وبخير
اغمض رؤوف عينيه ليهرب من حالته تلك وصدره يعلو ويهبط شاعرًا بالعجز فبكت سالي في صمت مشفقة على حالته، دنت الممرضة لتهتم بأمره معطية إياه حقنةً مهدئة ليغفا قليلاً، في حين ارتابت من أمر هذا الحقير فحين يتم ذكر اسمه تضحى حالة والدها بهذا الشكل فماذا حصل إذًا واحتارت وجلست تتابعه بتعابير مكفهرة.......
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،
إلى حد ما في تلك الفترة إنشغل اسماعيل عن زوجته مهجة التي تتذمر من ذلك وتهاتفة عائبة عليه وتلومه، كما استخدمت تهديدها بتركه وعودتها للقرية ولكنه يُطيعها ويذهب إليها فقد اندمج في أعمال الشركة خاصةً لمرض والد زوجته المفاجئ ولكنها لم تكترث لكل هذا فزواجه من أخرى يقتلها أيًا كانت حالتهم، أجاب عليها وهي تهاتفه طالبة رؤيته فقال وهو يتحرك في الرواق ذاهبًا لغرفة رؤوف:
- خلاص يا مهجة هجيلك النهاردة، ليه مش مصدقة إني بجد مشغول ومش فاضية حتى للتانية اللي بتغِيري منها
تذمرت متجاهلة كل هذا فقال متنهدًا بقلة حيلة وهو يقف أمام باب الغرفة:
- طيب يا مهجة جاي يا حبيبتي، استنيني الليلة
انهى الإتصال وفتح الباب وخطا بقدمه ليتفاجأ بسالي تبكي، تحرك نحوها متسائلاً بقلقٍ:
- خير يا سالي بتعيطي ليه؟
نظرت له بأعينٍ باكية فهي لا تريده يعلم بكل ما تضمره، قالت مبررة:
- هكون بعيط على أيه، بابا صعبان عليا
هز راسه بتفهم وضمها لصدره قائلاً بجدية هادئة:
- أنا معاكي يا حبيبتي متقلقيش، وبإذن الله هيتحسن ويبقى كويس، إحنا كنا فين وبقينا فين
نظرت سالي لوالدها الذي غفا بشفقةٍ وقالت بحسرةٍ داخلية:
- فعلاً، كنا فين وبقينا فين ....
_________________________________

استاءت سميرة من حظها العثر فور علمها بما حدث لذلك الرجل الذي طلب الزواج منها وتفائلت خيرًا فربما يحمل لها القدر الأفضل، جلست منزوية في مكان ما في حديقة الفيلا ناظرة للفراغ أمامها، لم تحزن سوى لسوء حظها وتمنّت من الله الشعور بها فهي لا تنكر رغبتها في الزواج من أحدهم وتتمنى من زمن مرورها بذاك الإحساس فهي إمرأة، لم لا يحق لها فأصغر منها اضحى لهم أولادًا كبارًا، رضيت بقسمتها ونصيبها وتقلّدت بالصبر فهو حليفها تلك الفترة، لم تخلو ايامها من حديثها مع رسيل فهي برقتها ونبرتها المريحة من تهون عليها، هي ابنتها وتُغنيها عن كل شيءٍ افتقدته في حياتها وتتمنى من قلبها بأن تُرزق بفتاةٍ مثلها وابتسمت لتغزو الأحلام رأسها ..
انتبه لها فريد اخيها الأكبر فتحرك تجاهها فمنذ اخبرها بما حدث لرؤوف وهي تختلي بنفسها هكذا غير راغبة في الحديث مع أحد ، حیث قام مؤخرًا بعمل زيارة ليطمئن على حالته فوضعه ما زال سيئًا، تنهد بحزنٍ عليها وعليه ودنا منها مزيفًا ابتسامة، تنبّهت سميرة لحضوره وقالت بشبح ابتسامة:
- تعالى يا فريد اقعد
بوجهٍ بشوش قال بمرحٍ مصطنع:
- أومال انا جاي ليه
ظلت محتفظة بابتسامتها تلك فجلس فريد بجوارها على الأريكة الخشبية وتنهد متسائلاً وهو يتطلع عليها:
- ليه على طول قاعدة لوحدك كده؟، قوليلي مالك يا سميرة؟
زيفت ابتسامة وقالت بنبرةٍ راضية:
- مافيش يا فريد، حبيت أقعد لوحدي شوية مافيهاش حاجة
نظر لها وسألها بحذرٍ جم:
- طيب زعلانة علشان....
قاطعته حين تفهمت علية قائلة باستنكار:
- هزعل ليه يا فريد، هو أنا كنت أعرفه قبل كده ولا عاشرته علشان ازعل، ربنا يشفيك إن شاء الله لإنه رجل محترم وميستهلش يحصله كده، وكمان أنا زعلانة من نصيبي اللي مش عاوز يمشي حاله ده
قالتها بمزاحٍ كي لا تُشعره بضيقها، رغم ذلك شعر فريد بها وابتسم لها، قال بشغفٍ ليسعدها ويخرجها مما هي فيه:
- مش عمرو كلمني من شوية وسألني عليكي....
_______________________________

تم شفاء عمرو إلى حد ما وعاد من فترة معقولة للفيلا، خلال تلك الفترة تحسّنت علاقته بجيسي ورغم تأزُم تلك الفترة من مشاحنات إلا أنها لحظة فارقة في حياة جيسي لتتوطد علاقته معه وباتت تغفو في فراشه ويعيشان معا كزوجٍ وزوجة، ما يُرهبها عناد عمرو الذي لم يستمع لحديث والدها بمغادرة البلاد وظل يشاكس هذا بيتر وابيه بالتعاون مع والدها الذي اشتد عضده به، أراد عمرو الإنتقام لما فعله بيتر معه بطريقةٍ غير مباشرة في عالم الاعمال، إنزعج بيتر ووالده السيد جايك وانتووا لهم، لحسن حظ عمرو انضمام الشرطة لهم في القضاء على مثل تلك الاعمال المنافية للقانون، ناهيك عن قروب الانتخابات الأهلية التي يريد جايك الفوز بها محسنًا من تصرفاته في تلك الفترة ولكنه لم يتناسى إنتقامه منهم لتعثيرهم عددًا هائلاً من أعماله ذات الربح العالي، تلك الفترة كانت في صالح عمرو الذي أخذ حقه ممن حاولوا قتله هو ووالد زوجته، رغم ذلك لم يرتاح كارم لوجود عمرو وما زال يُلح عليه بضرورة الرحيل ولكن عمرو رفض ذلك كونه سيتركه بمفرده يحارب في معركةٍ شرسة كهذه، اعجب كارم برجولته واضحى ابنه بل وأكثر ..
عاد عمرو من عمله مجهدًا وهو يضع يده على صدره ليشعر بألم خفيف، توجه لغرفته ليجدها واقفة أمام المرآة تنتظره ومتهيأة له بكامل أناقته وتتجمل، لوى عمرو ثغره للجانب فلا داعي لما تفعله ولن ترى منه شيئًا مهما فعلت له فهو متعبًا، تحرك باجهادٍ ناحية الفراش وارتمى عليه مغمض العينين.
تركت جيسي أحمر الشفاة التي تضعه وكشرت بوجهها كونه لم يكترث لها، تحركت ناحيته ووقفت أمام الفراش محدقة به بضيق، قالت جيسي بنبرةٍ مزعوجة وهي تضع يديها على خصرها:
- مش شايفني ولا أيه، ولا تكون مخاصمني؟
فتح عينيه قليلاً ورفع رأسه من على الوسادة لينظر لها، قال بنبرةٍ مجهدة:
- اللي عوزاه مش هيحصل، أنا تعبان
قالها ثم عاود لوضعيته الأولى، شهقت جيسي باغتياظ ودنت من الفراش وجلست عليه بجواره، قالت بحزن وهي تهزه من كتفه:
- بجد يا عمرو هتنام وتسيبني، دا أنا مستنياك من بدري
لم تجد ردًا منه فعبست أكثر حزينة، دنت منه وهمست متوسلة:
- عمرو أصحى وحشتيني قوي، معقول هتسيبني وتنام
لم يرُد تلك المرة ايضًا لتتأمله بهيئة منزعجة كاسفة، تنهدت جيسي بهيئتها تلك وقررت تركه، جاءت لتنهض فوجدته يمسك ذراعها بقوة ويجذبها لترتمي عليه، ابتسمت جيسي بفرحة ونظرت له بحب، فتح عينيه وقال متنهدًا بتعب:
- بقولك تعبان، حسي بيا، أنا بحبك وعاوزك بس مش قادر
تأملته بعشق وقالت:
-بس أنا مستنياك، معنديش خاطر عندك
استنكر جراءتها وقال:
- جاسمين عيب الكلام ده، فيه ست ...
قاطعته غير مقتنعة بحديثه:
- إنت جوزي ومن حقي اقول اللي أنا عوزاه
تنهد قائلاً بنفاذ صبرٍ:
- طيب سيبيني أرتاح شوية وهقوم كويس
نظرت له بعبوسٍ قائلة برفض:
-لأ، مش كفاية حارمني أنزل مصر معاك وأشوف كنت عايش فين
- قريب
قالها بفتورٍ جم وقد نعست عيناه، صرت اسنانها قائلة بتبرم:
- كل شوية تقول قريب، بس المرة دي هفضل وراك لحد ما ننزل مصر ونعيش في أمان سوا، أنا مش مستغنية عنك .
زفر بقوةٍ فقد ملّ من الحديث معها، نظرت له جيسي مبتسمة بنعومة لتُكمل ما تريده منه،ملست على صدغيه بحركةٍ مغرية فنظر لها مسلمًا أمره، قال عمرو بقلة حيلة:
- مافيش فايدة.......
__________________________________

استقرت حالة ايهاب مع سيرين مع وجود بعض الخلافات البسيطة كأي زوجين، كانت والدتها تمدّها بما تطلبه منها وترسل لها الخادمات ليقومن بأعمال المنزل كما وعدتها من قبل، كانت سيرين تأخذ حذرها بعدم رؤية ما ترسله له والدتها من ملابس وأموالا لتجلب ما تريده، لم ينتبه ايهاب لذلك لكثرة إنشغاله، عاودت إليه بعض الأفكار ليُعاود التفكير في حياته مع زوجته ليخدعه عقله بالتفكير في رسيل، عنّف نفسه عدة مراتٍ على ذلك وهل للحُب لينسى بتلك الدماثة، تنهد مزعوجًا من نفسه وجاهد ليتناسی ولكن هل سيسلم القدر فيما بعد....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،
تهيأ مازن للزواج من خلود بعد إلحاحه على والده المعترض كونه لا يعاونه في أعماله ولكن وعده الأخير بفعل ما يريده، سيتم زواجهم قريبًا ولذلك عادت خلود للقاهرة لتتأهب هي الأخرى لزواجها القريب منه، قضت تلك الفترة مع زوجة أخيها ملك التي تعتبرها أعز رفيقة لها كسيرين وتقف بجوارها لحين الزواج، سعدت ملك بذلك الخبر فسوف تعود لقريتها ومن ثم رؤية من اشتاقت لهم، باتت هي الأخرى علاقتها مستقرة مع ماجد الذي يريد فرض سطوته عليها ولكنها تتعامل معه بطريقتها المُحنكة ممتصة ما يفكر فيه من رعونة لا داعي لها ....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،
قطنت رانيا في مكان آخر بعدما عادت من الخارج واتمام شفاءها ويكتفي فقط معرفة هل ستنجب أم لا وذلك بزواجها، تعلم أنها متزوجة ولكنها ستجعله يتركها لتبدأ الإنتقام منه، لم تتناسى للحظة ما مرت به ولم تخبر أحدًا أين أختفت حتى هذا مؤيد كان جاهلاً عن مكانها، ارادت السفر بمساعدة أيهم سرًا لتتعافى كليًا وتعود بثقةٍ وقوةٍ أكبر عن ذي قبل، تجاهلت رانيا ما حولها لتبدأ حياةً جديدة سترسمها بيدها ولن تضعف مطلقًا بسبب رعونتها ورخصها القديم الذي لم يعد موجودًا، بكل مكرٍ ستستغل من حولها ومنهم هذا مؤيد الذي لم ترتاح لإحتكاكه الدائم بها ولكنها برصانتها غدت واحدةً أخرى غير القديمة نازعة إياه من قلبها وهذا ما اقنعت نفسها به فهل هذا أكيدًا .....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
خفق في معرفة مكانها ولكن طمأنه أيهم بأنها بخير وهذا ما اراحه، اخبره بأنها لا تريد معرفته بمكانها وهذه رغبتها، شعر مصطفى بالضياع بدونها وبات من حين إطمئنانه عليها حبيس غرفته، نبتت لحيته واصبحت حالته كئيبة بائسة، كانت راما تشتعل غضبًا وحقدًا من الداخل لحُبه العميق لها وما يفعله من أجلها، فعلت ما بوسعها لتتقرب منه ولكن لا جدوى معه، تريّثت لحين زواج الأخيرة وطلاقها منه فهذا سيفتح السبيل أمام علاقتها به وحينها فقط لن يجد غيرها، ستغدقه بكل ما يتمناه ليبقى لها فقط وستحظى به متمنية ذلك من قلبها ...
___________________________________

في احدى الأيام بداخل النادي في غرفة الصالة النسائية بدأت رسيل بمزوالة رياضة المشي على المشاية الكهربائية كعادتها للحفاظ على رشاقتها وذلك ايضًا لتتقوى عن السابق لسخریة ايهم من ضعفها.
واظبت على الحضور في أوقات فراغها لتنتوي له، رغم عُنفه الدائم معها إلا أنها تعشق ما يفعله وتحمد الله على حُبه لها، شعرت بالإجهاد وبدأت في مسح حبات العرق بالمنشفة الصغيرة المعلقة على كتفها، لم تتنبه رسيل بتلك الأعين الثاقبة التي تتفحصها بدقة، دنت تلك الفتاة بنظراتها الماكرة منها والتي تخترق ظهر رسيل من الخلف، وقفت بجوارها لتضطرب رسيل من وجودها المفاجئ ، قالت الفتاة بإرهافٍ مصطنع:
- أسفة لو كنت خضيتك
ابتسمت رسيل وقامت بإيقاف المشاية الكهربائية، نظرت لها وقالت وهي تلتقط انفاسها:
- هاي نجلاء، بقالك يومين مش بتيجي
ابتسمت بتصنع وقالت بتبريرٍ مختلق:
- كنت في شرم الشيخ عندي شوية شغل
اومأت رسيل رأسها بتفهم، فاكملت نجلاء بحذر:
- كنت عاملة حفلة لعيد ميلادي، اتمنى تشرفيني ، إحنا مش بقينا أصحاب الفترة اللي فاتت ولا أيه؟
قالتها نجلاء بمكرٍ داخلي منتظرة بتلهفٍ داخلي سماع موافقتها، فكرت رسيل في حديثها وقالت بمعنى:
- معنديش مانع، ليه لأ
اتسعت ابتسامة نجلاء وقالت باغتباط:
- دا أنا ليا الشرف إنك هتشرفيني، وكمان علاقتنا تتطور للأفضل بإذن الله
ابتسمت رسيل برقة جاهلة لخبث تلك الفتاة، قطع حديثهم هذا ايهم الذي يشير لها من عند الباب لتأتي، ابتسمت له ونظرت لسما مستأذنة بهدوء:
- عن إذنك، لازم أمشي دلوقتي
قالت نجلاء بنبرةٍ غير ممانعة:
- إتفضلي يا حبيبتي وهستناكي في عيد ميلادي
ابتسمت لها رسيل وأكدت حضورها، تحركت رسيل لتغادر الصالة وسط نظراتها الخبيثة إلى أن دلفت للخارج.
انتفضت نجلاء فجأةً حين خبطها الأخير على كتفها، استدارت لتجده من خلفها يبتسم لها بمغزى، تنفست بهدوء مهدئة من حدة اضطرابها، قالت وهي تلومه بدلال:
- أخص عليك يا رغيد خضتني
دنا منها وحاوط خصرها بوقاحة، قال وهو يعتصرها بين ضلوعه:
- هتيجي؟
ابتسمت قائلة بنبرةٍ مغترة واثقة:
- أكيد
تنهد رغيد بارتياحٍ لقروب لحظة إلتقائه بها؛ فقالت هي بدلال زائد وهي تطوق عنقه:
- مقولتليش بقى هتجيبلي أيه في عيد ميلادي المزيف
ضحك بسخافة ونظر لها بقتامةٍ قائلاً بمغزى:
- أما يعدي عيد ميلادك على خير هتلاقيني بقولك شبيك لبيك
مطت شفتيها شاردة فيما يفعله، سألته بفضول:
- قد كده هتموت عليها وعاوزها؟
رد بنبرةٍ حازمة:
- خليك في اللي بطلبه منك وبس، ولو حصل اللي نفسي فيه هتلاقي كل اللي تطلبيه تحت إيدك .....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،
قام أيهم بتشغيل سيارته مغادرًا النادي، نظرت له رسيل قائلة بنبرةٍ حماسية:
- ممكن يا حبيبي اروح عيد ميلاد واحدة صحبتي؟
القى نظرة عليها وابتسم مرحبًا:
- اللي تحبيه يا حبيبتي، المهم تكوني عرفاها كويس
ردت بجدية وهي توضح:
- أها عرفاها كويس، إحنا بقينا أصحاب من فترة وهي كويسة
وجه بصرها لجسدها وقال بنبرةٍ ماكرة وهو يعاود القيادة:
- لعبتي رياضة كويس؟
تفهمت رسيل عليه وردت بمغزى:
- اومال بلعب رياضة علشان مين؟
ثم مالت عليه في نعومة لتطع رأسها على كتفه وتابعت:
- ما هو علشان أعجبك ومتتريقش عليا
اوقف السيارة بحركةٍ مُباغته في أحد الجوانب فشهقت مضطربة، هدرت رسيل بهلع:
- أيهم فيه ايه؟
لم يرُد عليها ولكن برز من نظراته أنه يريدها، شهقت قائلة في إنكار:
- يا نهارك أسود، إحنا في العربية
نظر من حوله وقال عاضًا على شفتيه بمكر:
- متخافيش مفيمة
شهقت رافضة وهي تدفعه بكل قوتها حين اقترب منها:
- إنت إتجننت إحنا في الشارع وممكن حد ياخد باله
كأنه فقد حاسة السمع وباتت هي غير قادرة على ردعه، نظر لها قائلاً وهو يتهيأ لتنفيذ فعله الوخيم معها:
-العربية الحلوة....................................
____________________________________
تم الجُزء الأول القِیّادي
وللحكايةِ بقية
بقلم/الهام رفعت ____________________________________
رجاء!!!
ممنوع تقليد أي رواية تخصني، أنا ما تعبت وسهرت علشان أحد يأخذ مجهودي، جميع رواياتي نابعة من أفكاري و سهري لتطلع بهذا الشكل، وممنوع تقليد طريقة كتاباتي لأنها تنسب لي ......
__________________________________
إلى لقاء في الجزء الثاني



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 04-12-21 الساعة 01:04 PM
الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-19, 01:32 AM   #118

Moon roro
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 418427
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » Moon roro is on a distinguished road
افتراضي

رواية جميلة ورائعة
وانا متابعة معك بالجزء التاني منها واكيد رح يكون رايع متل الجزء الاول
دمتي مبدعة


Moon roro غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-19, 01:33 AM   #119

Moon roro
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 418427
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » Moon roro is on a distinguished road
افتراضي

رواية جميلة ورائعة
وانا متابعة معك بالجزء التاني منها واكيد رح يكون رائع متل الجزء الاول
دمتي مبدعة


Moon roro غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-19, 03:09 PM   #120

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الاحداث متلاحقة وكثيرة من شلل رؤوف الحمدلله انه ماماتش ويارب يفوق وينتقم لنفسه ولبنته ..مهجة اتغيرت وبقت تضغط على اسماعيل لو عندها كرامة تبعد وتسيبه الكل بيدور على مصلحته ..ورغيد مستمر في حقارته ورسيل مستمرة في غباؤها وحتورط نفسها ياريت ابهم يمنعها عشان هي مش عاقلة ..وايهم مبطلش شرب ده مجنون بدل مايقرب من ربنا ورسيل عايشة ازاي مع واحد عاصي ..ماجد ده طلع غلبان وملك لزيزة خالص اما سيربن دي مجنونة وتافهة حتنكشف ومش حيعدي هالها ايهاب ..اما رانيا للاسف الغلط كان عليها برضه لانها سلمت نفيها لواحد ضعيف اما مصطفى يعني مفكرش ان ممكن تكون راما او حد من اهله هو الي عمل فيها كدة ..منتظربنك الجزؤ التاني بشوق نشوف الابطال اتغيروا وايه الي حيحصل لهم ..ودمتي بخير 😘😘

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.