آخر 10 مشاركات
طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          و حانت العــــــــودة "مميزة و مكتملة" (الكاتـب : nobian - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          إلى مغتصبي...بعد التحية! *مميزة ومكتملة *(2) .. سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          لعبة القدر -بيتي نيلز - عدد ممتاز - عبير الجديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          مرحبا ايها الحب -عدد ممتاز- بوليت أوبري - روايات عبيرجديدة [حصرياً فقط على روايتي] (الكاتـب : Just Faith - )           »          قصر الشوق -باتريسيا هولت -عبير جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          غرام وانتقام (جزيرة مادورنا ) -باتريسيا لامب -روايات عبير الجديدة (عدد ممتاز) حصريا (الكاتـب : Just Faith - )           »          قلعة بريتاني -ليف ميتشالز-عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-03-19, 05:23 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
:jded: 507 - الحب او لا شيء - ناتالي فوكس - قلوب عبير - دار النحاس(كتابة/كاملة)**





507 - الحب او لا شيء - ناتالي فوكس - قلوب عبير - دار النحاس
Love or Nothing by Natalie Fox
الملخص
"إلى أين؟" سألها." إلى ماناكور من اجل شراء عقد من اللؤلؤ , ثم الى انكا لشراء زوج من الأحذية, او نقوم بنزهة عاطفية في شبه جزيرة فورمنتور ؟"
تنتمي ماجوركا الى فرناندو , او هكذا بدا لروث , لقد التقيا منذ سنة مضت , ووقعا في حب وغرام عاصفين , لكن ذلك كله لم يأت بأي نتيجة, وهاهي الآن مرة اخرى, ورغبتها هي امر يطيعها فيه, او كما وعد بذلك , لكن الشيء الوحيد الذي ارادته وتمنته قلبه , لكنها لم تستطع الفوز به.
----------------------------






الرواية رائعة ومنقولة للعلم ولينال كل حقه
كتابة ريحانة شكرا لها






محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 26-03-19 الساعة 05:53 PM
Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-03-19, 05:43 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الملخص الداخلي
ضحك فرناندو " لكنك صرحت مرات عديدة كم هي رائعة جزيرتي"
- اجل, لكنك تسلم جدلاً وتوافق , لأنك تعيش هنا فيها . إنك لم تسجا على اسطوانه فوتوغرافية انغاما من قيثارة تعبر عن الوصف بحيث استطعنا رؤيته من على قمة الهضبة الصخرية فوق الرأس الداخل في البحر . والكهوف, كانت مدهشة , رائعة, يسرح بها الخيال بعيداً الى درجة لا توصف.
" لا, كانت عيناي تنظران في مكان آخر"
---------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-03-19, 05:44 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الأول
كان مديد القامة فارع الطول, هذا هو الشيء الوحيد الذي لاحظته روث اول مرة وقعت عيناها عليه. رأس شامخ وكتفان تعلون فوق أي شخص آخر في جناح غواد الكويفير في فندق سفيل. حيث كانت الخطوط الجوية الايبارية تقيم حفلة راقية.
كانت روث تقف قرب النافذة تتعمد الانفراد. وكانت تحدق الى الخارج ونظرها على احد الجسور السبعة الذي يصل الى مكان معرض سفيل , وإذا بقوة خارجة عن إرادتها دعتها الى الالتفات لحظة دخوله. التقت عيونهما ما جعلها تشدد اصابعها حول عنق كأسها. شعوراً لردة فعل طبيعية وكعادتها عندما تلمح رجلاً جميل الملامح بهي الطلعة.
كان العمل عندها اهم من التمتع في حياتها , لذلك انتقلت عيناها من الغريب الى شريكها في العمل ستيف كانوك عبر الغرفة المحتشدة . كما روث كذلك ستيف , يأتي العمل قبل وأهم من المتعة, لكنه هذه الليلة كانت استثنائية , لقد كان ستيف مندهشاً ومأخذواً بالجمال المتألق لمضيفة الطيران.
حقاً انه معرض يلهب المشاعر, هذا ما تأكدت منه روث . حتى ان ستيف نسي ان سبب وجودهما هنا من اجل القيام باتصالات اوروبية لوكالتهما.
عادت روث بأفكارها وهي مازالت في وقفتها بمحاذاة النافذة في الطابق الخامس. وبدا لها ان الغريب قادم نحوها , قد يكون شخصاً مهماً بالنسبة إلى عملها, لكن لا شعورياً احست ايضاً بأنه قد يكون أتى لاقلاق راحتها أكثر من ان يحميها او يفيدها.
-------------------------
"سيدة جميلة ذات شعر اسود لامع اسرتني بقوامها, تقف منفردة لا تتحرك لا يميناً ولا شمالاً"
جاء صوته الناعم من ورائها . ثم تابع " لا يبدو عليك الملل وبالتأكيد لا مجال للخجل في ثوب كهذا" تحولت نحوه في الوقت المناسب لترى عينيه الداكنتين الدافئتين تنحدران على ثوبها الحريري الأسود الملتف حول جسدها الغض. ابتسم لها مخففاً عنها الاجابة عن كلامه الذي قاله لها والذي اشعرها بأن عاصفة ما قد تهب " لكن ربما لست كحقيقة عارية مثل كل شيء آخر في سفيل في هذا الوقت, وكأنك حلم رائع وجد ليطيح بعقول الرجال"
ضحكت روث وعيناها تلمعان بمرح " في وصف كهذا اتساءل انا ايضا فيما لو كنت ايضا حقيقة عارية ؟"
تشابكت نظراتهما مرة اخرى ولم تستطع روث تجنب ذلك لقربها منه. عجباً , فهي لم ترد ذلك لكنه مختلف.
سألت بلطف " كيف عرفت انني بريطانية ؟"
تعمقت نظراته فيها وثغره المنسق اطلق ابتسامة غامضة . وقال بنعومة " إنك تتمتعين بروح يتعذر تفسيرها , انت أروع ما تغني به شعراؤنا الإسبان, راقصوا الغلامنغو, واشهر الفنانين"
اتسعت عينا روث ولم تستطع المقاومة فابتسمت له " آه, لكنك لا تعلم, فأنا لست شاعرة إسبانية ولا راقصة فلامنغو ولا إحدى الفنانات"
ابتسم ابتسامة محيرة وقال "لكني اعرف , وهذا سبب وجودك هنا" اتجهت عيناه الداكنتان الى ما أبعد من النافذة الى حيث اضواء المعرض تتلألأ بألوان زاهية في البعيد وتابع " جمال العالم الغريب هناك يتواكب و الأرض كل الأرض , بهجة للناظر وأنت عليها"
قالت مداعبة " إذا أنت ترى أنني بريطانية؟"
أحنى رأسه ليهمس في أذنها بعذوبة " هكذا أنت " جاء صوته ليؤكد انها فعلاً هبة من عالم آخر.
" وهكذا أنت , يا سيدي , من شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط ذو عاطفة جياشة .." توقفت وعيناها ترقصان بعذوبة " أنت ..." ودعت عينيها تجولان على طول قامته المديدة " إنني على يقين من أنك أطول قامة من معظم انسبائك"
ضحك وهو يتناول يدها ليقبلها بلطف ويقول "إنه لواقع غريب, فمنذ مجيء السياح الى اسبانيا تزايد معدل طول قامتنا بشكل مفاجئ. في وقت من الأوقات كنا فلاحين نتناول وجبة واحد في الأسبوع , اما الآن فنحن سعداء , لأننا نتناول وجبة كل يوم " قالها مداعباً بخفة لم تستطع روث مقاومة الاسترسال في الضحك.
ابتسمت واجابت " لكن هذا لا يفسر سبب قامتك المديدة, يا سيدي , أرى أنك لم تكن يوماً ما فلاحاً , إنني أؤكد ذلك"
ضحك بهدوء وقال " حسناً قد ادين لقامتي المديدة في الوصول الى النجوم " كان لا يزال ممسكاً يدها , ومرة اخرى رفعها الى شفتيه ليقبلها , وقال بلطف " على ما اعتقد انني بلغت نجمة واحدة هذه الليلة"
---------------------------
سحبت روث بنعومة يدها من يده, كانت لمسته دافئة وناعمة, كما كانت عيناه المثيرتان, تجذبانها بشيء لاحظته ولم تستطع انكاره . احست بشيء ملحوظ نحوه ولم تبد أية مقاومة او اعتراض لصده. لكنها ضمناً, تعتبر نفسها محصنة الآن تجاه مداعبات خاصة بعد فسخ خطوبتها السابقة, لكن هذا الرجل يبدو وكأنه يخطط لشيء ما في نفسه ومن الصعب عليها مقاومته. إذا يجب عليها المقاومة , لأنها سفيل , وسفيل جديدة تتحدى أية مصداقية.
تحولت عنه بابتسامة مترددة, وشربت ماتبقى في كأسها وهي تحدق الى ما أبعد من النافذة. بدا لها شيء مضيء من جانب البحيرة قرب المعرض اضاء السواد المخملي لسماء الأندلس. خفايا الحياة والعالم كانت في الخارج هنا, تجمع ماضي ومستقبل العالم في جزيرة ليرى ويتأمل كل إنسان بورع وخشوع . كانت هناك إنشاءات تتحدى الجاذبية ينابيع وشلالات من المياه الباردة تصبح مع حلول الظلام مشاهد مضيئة تفتن العقول وتبهج القلوب.
كانت كل هذه المناظر, تفرح القلب , لكن كل ما استطاعت التفكير به في هذه اللحظة هو اختفاء ذلك الغريب من جانبها. تعجبت لذلك وهي تشعر بأنها خسرت شيئاً ثميناً.
فجأة , استبدل الكأس الفارغة التي كانت في يدها , لتحل محلها كأس جديدة فشعرت ببرودة الكأس الجديدة وهي تنظر الى الغريب الذي رجع ووقف الى جانبها مرة اخرى.
همس قائلا" هل نبدأ من جديد ؟ أدعى فرناندو وسيرا"
ابتسمت روث وقالت له " وأنا روث ابلتون "
كانت اصواتهما هي الوحيدة التي علت في الغرفة. كانا بمفردهما في الغرفة. رطبت روث شفتيها الجافتين وهي تشعر بفرناندو يقتحم عالمها الخاص ولا تمتلك الشجاعة الكافية لتصده عنها. ارادت ان تغير موضوع الحديث الى العمل كما قد تفعل مع أي شخص تصادفه في حفلات كهذه, وتسأله عن سبب وجوده هنا. عليها المحاولة .. عليها ذلك.
سألته " هل أنت .. هل تعمل في الخطوط الجوية؟"
ابتسم وكأنه ادرك انها كانت تعاني الارتباك لتنطق بهذه الكلمات فخفف الأمر عليها واجاب"
" كلا, أنا املك سلسلة فنادق سيرا في ماجوركا"
" اذاً.. أنت من ماجوركا؟"
هز رأسه موافقاً" أنا هنا من اجل المعرض ولأعزز فنادقي وأنت ؟"
" انني هنا من اجل العمل ومن اجل المتعة ايضاً, شريكي في العمل وأنا .." ومالت برأسها في اتجاه ستيف وحول فرناندو بنظره حيث اشارت, لكنه سرعان ماعاد ليحول عينيه اللتين اشتدتا سواداً وخفت حرارتهما , نحوها , حين تابعت " لدينا شركة تسويق سياحية" وتعجبت للتغيير المفاجئ في عينيه . بدا الرجل عاطفياً ورأى ان ستيف عقبة عليه تجاوزها. فابتسمت لذلك في داخلها . لم يكن هناك أي شعور بالعاطفة في علاقتهما. كانا شريكين في العمل وصديقين مخلصين, هذا كل مافي الأمر.
" انشأنا , ستيف و أنا , فريق عمل. كنا نعمل سوياً في حقل السفريات, ومع مرور الوقت , لم نرغب في العمل لدى شركات اخرى . لذلك قررنا ان نستفيد من معرفتنا ومراجعنا لنؤسس شركة خاصة بنا . إننا ننظم رحلات جماعية لشركات تود مكافأة موظفيها لهمتهم في زيادة المبيع . إنه فعلاً عمل مشوق ولذيذ "
-----------------
قال فرناندو لها " هذا مؤثر فعلاً, إذا انك في سفيل , تارة للعمل وطوراً للمتعة. هاقد عرفت العمل لكنني لم اعرف شيئا عن المتعة"
" المعرض"
سأل بإشارة مبطنة منه " هل هذه هي المتعة الوحيدة ؟"
قالت بلطف لكن بعزم " اجل, إنها المتعة الوحيدة"
ابتسم ورفع كأسه الى شفتيه وتوقعت روث بعض التحدي ولكن أي شيء من هذا لم يظهر ونشط شعور غريب في داخلها, مخيب بعض الشيء , لكنها سرعان ماطردت هذه الفكرة . إنها لا تود ان ترتبط بعلاقة مع الرجال . العمل اكثر اهمية من هذه العلاقات . لقد كان العمل علاجاً لارتباط غير ناجح وسرعان ما اصبحت تحب عملها بشغف.
" ما رأيك به؟"
طرفت بعينيها بارباك وسألت " رأيي بماذا ؟" قال وهو يرفع حاجبه مستغرباً" المعرض"
ضحكت روث, وقالت له متنهدة وهي تهز كتفيها ببطء" لا استطيع استيعابه كله. إنه يغمرني كلياً , ذهبت البارحة الى المعرض لأول مرة . كان ستيف هناك يقابل احدهم في سفيل وتابعت انا طريقي بمفردي . كان هناك الكثير " ضحكت لسخافتها وتابعت " الكثير . انتهى بي المطاف وانا جالسة قرب البحيرة تاركة هذا الكثير يجرفني الى اقصى حد"
اخذ يراقبها وهي ترشف من كأسها ثم مد يده ليلامس ذقنها . كانت لمسته دافئة رائعة فاختلجت احاسيسها . قال لها بهدوء" عليك عدم الانفعال , مثل كل الاشياء الطيبة في هذه الحياة يجب ألا نستعجلها"
احست روث بالجفاف في حلقها للحظات واستسلمت لشيء كانت تفضل ان لا تتعرف عليه, وهو الحاجة الى عاطفة من نوع آخر في حياتها .ريحلنة
اقترح " أنت في حاجة الى مرشد , هل تسمحين لي بمساعدتك؟"
كان الاقتراح بالنسبة اليها جميلاً من دون الاشارة الى نواح اخرى. لكنها لا تعرف هذا الرجل. قد يكون صادقاً في ماعرضه عليها ومساعدته في التجوال في المعرض او قد يكون في عرضه شيء من نوع آخر.
بحثت عينا روث عن مكان ستيف, وكأن لديه الاجوبة التي تريدها. نظر في اتجاهها وتبادلا الابتسام وشعرت روث انه لو شعر ستيف بأنها تعاني من مشكلة ما وبحاجة لإخراجها منها فسوف يسرع في الحال. لكنه لم يفعل , رمق فرناندو بايجاز واقتنع بأنها في ايد امينة, وعاد يصب اهتمامه بالمضيفة الحسناء.
قال فرناندو بنعومة " لا يستطيع مساعدتك. القرار يجب ان يأتي من قلبك , إنه ليس بقرار الصعب لاتخاذه , أليس كذلك ؟"
عادت تنظر في عينيه متفحصة قبل ان تتحرك شفتاها في الاجابة. تأملت قسمات وجهه الجميل, قصة ونوعية شعره الداكن, جسده الرياضي الأسمر. قوامه المديد كان بهجة للنفس والعين.
-----------------------------
لقد تعرفا لدقائق خلت ومع ذلك سوف تشعر بخسارة مؤسفة يصعب شرحها فيما لو خرج من حياتها .
قالت له بلطف " لا, ليس من الصعب" ولم يكن , بل إنه امر سهل للغاية لأنها لم تكن من ذلك النوع من النساء اللواتي يؤخذن بهذه السهولة وهذه السرعة. هل هي فعلاً كذلك؟ .
اضافت " اود ذلك كثيراً"
ابتسم ولم يكن هناك أي انتصار من كلا الطرفين , فقط سعادة صادقة بموافقتها على عرضه وانبأها قلبها بأن لا مبرر لخوفها من هذا الرجل .
لم يسمع لهما صوت لفترة طويلة. كانا يراقبان عرضاً للألعاب النارية عند الجسر القريب من المعرض. في مرحلة ما كان عطره يملأ رئتيها . في مرحلة ما كانت مدركة ان شيئا قد حدث لكنها غير متأكدة ماهو . وايضاً في مرحلة ما ادركت ان الغرفة قد خلت من الموجودين.
قال فرناندو بهدوء وهو بقربها " يجب ان لا نبقى هنا , يجب ان نكون هناك, لنبدأ حياتنا معاً"
امسك بيدها لكنه لم يرفعها هذه المرة الى شفتيه, بل ضغط عليها. هذه الحركة الوجيزة كانت كافية لتذيب قلب روث. لم تبتعد لكنها سمحت لنفسها ان تستكين معه براحة شيء ما كان يحدث لكنه مبهج ولم ترد له التلاشي. شعرت بغشاء خفيف يغشي عينيها عندما احكمت قبضة يده على يدها وهو يخرج برفقتها من جناح غواد الكويفير.
قالت روث " لا اصدق كل هذا " ورافقت فرناندو الى طاولة قرب البحيرة. جلست باسترخاء وكأنها تعاني من تعب ما, وهي تلامس شعرها الأسود . كان فرناندو قد طلب كأسي مرطبات من الخادم بينما مالت نحو الطاولة المظللة بالياسمين الفواح وازهار اخرى . جلس فرناندو وهو يميل نحوها, ممسكاً بيدها الصغيرة الدافئة. وشعرا بانجذاب لبعضهما لم يستطيعا مقاومته. وانعزلا في مكانهما , روث متوردة الخدين, فرناندو مغلق العينين بشقاء.
" ما الذي لا تصدقينه , يا آنستي؟"
لوحت بيدها في كل الاتجاهات وقالت " كل هذا, المعرض, يصعب التعبير عنه بكلمات. اتفاقات , مهرجانات , تصورات موضوعية, كل يوم, وطوال الليل دون توقف"
ضحك فرناندو واجاب" ونحن مازلنا في يومنا الثاني"
قالت روث فجأة بجدية" يجب ان أكون في عملي"
" وأنا كذلك"
ضحكا سوياً من دون ان يعيرا للأمر أية اهمية.
كانت الليلة الأولى بعد الحفلة بداية الأمر كله. لقد اخذها فرناندو الى زارزويلا حيث الأوبريت الاسبانية حبست انفاسها . وبقيت هكذا منذ تلك اللحظة , وعندما اصطحبها الى الفندق حيث تقيم في الساعة الخامسة صباحاً. اخذها بين ذراعيه في الردهة, غير مهتم فيما لو شهد العالم عناقه لها.
كان اليوم الفائت رائعاً. لقد زارا معرض القرن الخامس عشر, والذي انتقل بهما الى سنة 1492 واغرقهما في تلك الحقبة التاريخية حيث تم اكتشاف اميركا. ومن هنا الى المعرض البريطاني ذي الواجهة الزجاجية التي كانت تنساب قوتها شلالات المياه من ارتفاع ثمانية عشر متراً.
---------------------------------
جالا في الممرات المبردة بفعل الشلالات والتي كانت بين الفينة والاخرى تنفجر في البرك. فيتريث الناس امامها للمحادثة والاستراحة.
جلسا الى جانب البحيرة وراقبا مراكب الفايكينغ الطويلة تتسابق على طول المياه الراكدة من البحيرة الاصطناعي. ومع هبوط الظلام عادا الى ازدحام وحركة المعرض ومن ثم الى سفيل القديمة حيث تناولا العشاء على ضوء الشموع في مطعم صغير وهما يراقبان الناس من حولهما.
مرة اخرى عاد فرناندو بها في ساعات الصباح الأولى الى الفندق, واخذها بين ذراعيه وعانقها بقوة. وتجاوبت مع عناقه وهي تلف ذراعيها بأحكام حول عنقه.
همس في اذنها " عزيزتي " وانتظرت روث بتلهف الكلمات التي تمنت ان تسمعها , التي كانت تعني شيئا لها , بأنه بحاجة اليها , واضاف " هل انت سعيدة يا عزيزتي ؟"
اومأت روث برأسها وهي تبتسم فقبل فرناندو أرنبة أنفها . همس "غداً سيكون اسعد"
كان اليوم التالي مختلفاً , شعرت روث بذلك منذ اللحظة التي جاء فيها لاصطحابها من الفندق. ومرة اخرى توجها الى جناح كارتوجا في المعرض تأكدت روث الآن وبينما كانا جالسين مواجهين بعضهما البعض عند الطاولة المظللة مع رائحة الياسمين الفواحة, بأنه من المستحيل الاستمرار أكثر من ذلك.
احضر الخادم لهما شراباً بارداً وقبل ان يتناول فرنادو شيئاً منه , اخذ يشبك يده بيدها .
قال بهدوء" " احبك " اشتعلت عيناه بما قاله, وتسارعت ضربات قلبها الى ملأت هذه الضربات اذنيها.
شبكت يده مبتسمة في وجهه وقالت بهمس" اعرف"
قال مبتسماً " تعرفين ؟ وكيف تعرفين ؟"
شعت عيناها بالسعادة حين قالت " يجب ان يكون هذا "
ردد الكلام بنعومة " نعم , يجب ان يكون هذا"
شكلت روث الكلام ببطء في قلبها . كلمات اعتقدت بأنها لن تنطق بها لرجل آخر. الغريب ان الأمر كان سهلاً لأنه كان باكمله صادقاً. لم تفكر بما قد يحمل المستقبل القريب, لأن الحاضر كان عالماً مختلفاً قالت بدفء" أنا احبك ايضا"
تناولا شرابهما مبتسمان فرحان فتناهى الى سمعها من البعيد اصوات حركة المرور في اتجاههما . لم تعد لديهما اية رغبة الآن في ماقد يقدمه المعرض لهما. إنهما لبعضهما البعض وهذا الشعور ملأ قلبيهما بهجة.
مامن حاجة لشيء يقال , ولا خطط للشروع بها . انتهيا من شرابهما ونهضا. فأسرع فرناندو ليقطف زهرتي من الياسمين الفواح وداعب بهما ذقنها ثم انحنى ليقبلها على وجنتها.
كانت روث لا تزال تمسك بيدها وبإحكام على زهرتي الياسمين , عندها اعادها فرناندو الى الفندق وودعها على امل لقائهما مجدداً في اليوم التالي.
كانت الايام القليلة تمر بعاصفة من الحب الكبير. تمنت روث ألا تنتهي هذه الايام لكن كأن شيئا في داخلها كان يقول لها ان عليها ان تضع حداً لهذا كله .
------------------------
علاقتها مع فرناندو غيرت كل شيء. لحسن الحظ ستيف كان مهتماً بماريا لويزا , الحسناء , كي لا يؤنبها ضميرها. لأنها اهملت عملها , في بعض الأوقات كان لفرناندو بعض الضغوطات العملية لمزاولتها . عندها تجمع فكرها للعمل والقيام ببعض الاتصالات المهمة للوكالة , لكن اسعد اوقاتها , هو الوقت الذي تقضيه مع من تحب.
زيارتهما الى المعرض اصبحت أقل تردداً , اصبح اهتمام فرناندو الآن ان يعرفها الى الأماكن الهادئة في سفيل نفسها. زارا المعبد القديم وتأملاه بخشوع جالا في الحدائق والجنائن واطعما الحمام الابيض في ساحة اميركا.
كانت السعادة تغمرهما وهما يتجاذبان الاحاديث حول طاولة في مطعم يتناولان اجود انواع الطعام.
في بعض الايام وعندما يكون جو المدينة مزعجاً وخانقاً, كانا يذهبان الى الريف الاندلسي الى أعلى التلال حيث الهواء المنعش والنقي. كان سكان القرى يرحبون بهما اجمل ترحيب وكانا يتوقفان احياناً ليرويا عطشهما بالمرطبات او بالمياه المعدنية .
سألت روث " هل ماجوركا تشبه هذه الأرياف؟" وكانا جالسين تحت شجرة مظللة, وهي تشعر بالحرارة والتعب بعد ان قطعا صعوداً الشوراع الضيقة من القرية للعثور على مسلك قطيع الماعز الذي قد يرشدهما الى منحدر التل وبالتالي الى بستان زيتون منعزل.
قال وهو يضمها بذراعيه " إنها اكثر اخضراراً وبرودة كما انها اجمل الف مرة وسوف ترينها بنفسك في يوم من الأيام"
هل توافقه؟ تساءلت وهو ينقلها الى عالمه المميز. وكأن ضميرها انذرها بأنها سوف تعود قريبا الى عالمها الحقيقي. ولكن وككل مرة كان حب فرناندو يتغلب عليها وعلى كل شيء مجهول يتراءى لها . لقد كان عالمها الحقيقي.
هتفت روث" آه, يافرناندو , هذا بديع!"
" هل تمانعين؟"
حدقت روث بالجناح في فندقه بدهشة. كانت الغرفة ممتلئة بورود القرنفل باللوانين الأبيض والزهري. وملأت الغرفة بالأريج الطيب. وكان على الطاولة في الشرفة شمعدان من الفضة والبلور والشموع تحترق بوهن مع دفءالمساء.
كانت ليلتهما الاخيرة . ونظرت روث الى فرناندو وهمست " هذا ممتاز " لكم كانت كرهت الامر فيما لو امضيا ساعاتهما الاخيرة في مطعم يعج بالناس. لكن لا , من المستحيل ان تكون النهاية . لم يتكلما قط عن المستقبل وما قد يؤول اليه امرهما وماقد يحدث بعد ان تنتهي اعمالهما . ولكن عليهما ذلك, لأن حباً من هذا النوع يجب ألا ينتهي بهذا الشكل.
تناولا اطيب ما قدمه البحر من ثمار , والدجاج بصلصة اللوز, وفي حماية ضوء القمر حيث كانت حياة الليل في سفيل تعج بالحركة , وكانت ليلة كانشودة مخملية .
احست روث بارتعاش في صدرها بينما كان فرناندو يمسك بيدها , وتسارعت الخفقات في قلب روث , انهما متحابان ومن المستحيل ان تكون النهاية..
-----------------------
" ابقي معي, ولا تعودي الى بريطانيا " همس فرناندو بذلك وهو يقص خصلة من الشعر الأسود اللامع حول اصابعه واردف" اريد ان آخذك الى مسقط رأسي, إلى ماجوركا لتكوني في حياتي الى الأبد"
عضت روث شفتها وهي تحيط عنقه بذراعيها ثم دفنت رأسها على كتفه. وحاربت روث بيأس استرسال دموعها, إنه يريدها وهي تريده. لكن , لم تستطع التركيز بأفكارها , إنها حائرة , لقد حدث هذا كله بسرعة, في منتهى السرعة.
قالت له بهمس " احبك, يا فرناندو , عليك ان تصدق ذلك"
احست به متوتراً الى جانبها, لكن كان هذا كاف لتعرف مايجول في رأسه من افكار, ارادت ان تشرح له بأنهما في حاجة الى مزيد من الوقت , ولكن بالطبع لم يكن هناك من وقت , ولا حتى قريب.ريحلنة
" إنني ملتزمة بمهام مع شريكي" قالتها بهدوء وهي تناضل في داخلها من اجل كل كلمة تريد شرحها او توضيحها. إنها لا تستطيع ترك ستيف في هذا الوقت الحرج يعد كل الذي قاما به سوياً لاتمام هذا العمل.
قال بانزعاج " هل فعلاً عائد لشريكك أم أنك خائفة من الأخفاق مجدداً؟"
لم تستطع النظر اليه. لقد اطلعته على كل ماكان , من فسخ خطوبتها , وكم حرجت في اعماقها من جراء ذلك وكم هي تشعر بالحذر بعد تلك العلاقة . لكنها منحت نفسها بعض التفكير خلال الوقت الذي امضته مع فرناندو . لقد ملأ قلبها بأمل وحل جديد وبعد , إنها تحترق بالشكوك الآن.
إن فرناندو يحبها وسوف يرشدها الى الطريق الصحيح , وسيقوم بالقرارات عنها. لم تكن تعلم كيف سيقوم بهذا, لكنها كانت متأكدة من ذلك.
----------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-03-19, 05:46 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني
جلست روث قرب ستيف شاحبة الوجه كالشمع في انتظار اقلاع الطائرة. جلس ستيف صامتاً مثلها تماماً لكن صمتها كان يلفه الشقاء و الألم فلم تسأله عما به او لماذا هو صامتاً ايضاً.
كانت تتوقع قدوم فرناندو الى المطار يحمل الورود الحمراء ويمطرها بأعذب الوعود. ولكن, هل فقدت عقلها ؟ لقد كانت علاقة عابرة , وانتهت لا اكثر ولا اقل.
اغمضت روث عينيها بضغط شديد عليهما, وهي تبلع ريقها بمرارة بينما كانت الطائرة ترتفع في الاجواء . لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد , لأن فرناندو سيرا يحبها وسيلحق بها, ولن يجعلها تخرج من حياته الى الأبد وبهذه السهولة. لقد ترددت معه كثيراً ولكن من غير الممكن ان يأخذ ترددها بمثابة رفض . سوف يفكر بهذا الأمر ملياً ويفهم مرادها وعندها سيلحق بها.
تحركت روث بملل وهي ممددة على اريكة في شرفة شقة بالما. وتأكدت الآن , وبعد مضي عام كامل, من ان ترددها كان افدح خطأ ارتكبته في حياتها. كان عليها البقاء مع فرناندو , وكان عليها ان تكون شديدة الثقة بنفسها وبه . عذرها الوحيد ان ذاك الأمر حدث بسرعة فائقة . إنها عاصفة هوجاء اطاحت بذلك الحب الرائع منذ ولادته في معرض سفيل في جنوب اسبانبا.
كانت تتساءل احياناً , خلال السنة التي ولت , فيما اذا كان الامر مختلفاً. إذا ذكر فاناندو فكرة الزواج منها. لكنه , لم يوضح بشيء وقتها, لقد طلب منها فقط البقاء معه, وهذا بعيد كل البعد عن أي وعد مملوس و قاطع. وتساءلت فيما لو كانت هي السبب الذي ابعده عنها بقولها له كل شيء عن خطوبتها السابقة وعن حذرها الشديد ازاء حب جديد قد يطرأ. وهكذا كان, لقد اخترق عالمها محدثاً تغييراً ملحوظاً بكل ماكانت تعتقد وتؤمن به. كانت حذرة قبلاً, اما الآن فهي شديدة الشك والارتياب من مفهوم العلاقات العاطفية برمتها. لم يكن هناك اي رجل يشغل افكارها و احاسيسها من تعرفها الى فرناندو, وحتماً لن يكون الأخير . والآن اصبح عملها اكثر اهمية لها من أي وقت آخر.
ارتعشت روث وهي مازالت في جلستها على الشرفة من قطرات ماء صغيرة تقع على ذراعها. للحظات انعشها هذا الواقع واخذها الى دنيا الاحلام, وتراءى لها وهي تفتح عينيها ان فرناندو مقبل اليها بقامته المديدة , وهما في جزيرة ماجوركا , مسقط رأس فرناندو .. وليس ستيف. مع ذلك, تأوهت وهي تطرف بعينيها الزرقاوين بتكاسل نحو شريكها .. هذا مابقي لها من دنيا الاحلام.
تفوهت بتهكم " أليس لدي حق بأن امتع نفسي؟"
"حقا" قالها بانزعاج , وهو يضع قطعة من الثلج في كأس شراب بارد ثم يقدمه لها.
استوت روث في أريكتها بعد مرور نحو ساعة , تعرض نفسها لأشعة الشمس وهي تفكر . من دون وعي لو كان فرناندو سيرا حقيقة متيم بها لما كان تركها بهذه السهولة .
--------------------------------
افكارها الآن مع ستيف. ياللحب المكسين , انه اشقر البشرة وليس في استطاعته احتمال اشعة الشمس كثيراً وماجوركا هذه المرة اكثر حرارة من أي فصل مضى, هذا بالنسبة اليه. لقد زار ماجوركا قبلاً اما روث فكانت تزورها للمرة الأولى . ابتسمت لستيف بينما كان يجلس الى طاولة من الخيزران , متأكداً من انه تحت الخيمة الشديدة الاخضرار التي تتوج الشرفة , دون ان يتعرض لأشعة الشمس المتوهجة.
نظر اليها وهو يقرب رزمة من الأوراق نحوها وتمتم " لا اعلم لماذا ترتدين كل اللهو والمتعة في هذه الرحلات . تعرضين نفسك الى اشعة الشمس من اجل الحصول على اللون النحاسي بينما سبق وحصلت على بعض منه في العام الفائت. ألم يحذرك احد من مخاطر التعرض الزائد لأشعة الشمس ؟"
ابتسمت روث في داخلها. لأن التطرق الى سفيل كان كفيلاً في ايقاظ همسة صغيرة في قلبها , وهذا تقدم عظيم . فمنذ اشهر احست ان عملية القلب المفتوح ستكون العلاج الوحيد لمعاناتها.
قالت روث ممازحة " نعم, انت , غالباً كاذب وغيور. من المؤكد انك تعيش جحيماً مع كائن بشري لا يعرف له حال واستقرار"
قال ستيف بحرقة " حسن, حسن , انت تحبين تعذيب نفسك لكن لا تقولي اني لم احذرك , فمع بلوغك سن الثلاثين سيصبح جلد بشرتك مثل حقيبة مدرستي القديمة "
اجابته " إذاً , سأقلق بشأن هذا عند بلوغي سن الثلاثين"
قالتها روث وهي تصلح من شأنهما ثم افلتت شعرها الاسود اللامع من عقدة حريرية واخذت توزعه بحرية حول كتفيها . ثم تقدمت من ستيف مع كأسها . قبلت قمة رأسه قبل ان تجلس الى جانبه . لو كان الرجال كلهم مثل ستيف لطفاء وغير معقدين لكانت الحياة ممتعة عندها.
رشفت روث قليلاً من كأسها وحدقت بستيف الذي كان منهمكاً بالمشروع الأخير, آه هدية من أكبر شركات الكومبيوتر في بريطانيا , وهو ينص على منح بائعيهم رحلات سخية الى ماجوريكا , وذلك لارتفاع نسبة المبيعات لديهم بشكل هائل.
انهما معاً في هذه الجزيرة البديعة من اجل وضع المخططات اللازمة لتلك المجموعة, الاتفاق مع مركز خدمات السياح, شركات الطيران, الفنادق الفخمة, يبذلان قصارى جهدهما لتقديم الأفضل للزبائن وبأفضل الاسعار , وبالطبع مع تمضية وقت جيد وممتع . لقد كانا متفقين في الرأي على انه ان لم تستطع اسعاد نفسك في الوقت الذي تدير فيه عملك, فما الهدف من تسيير عمل منحهما القدر الكبير من الحرية في السفر؟ بطريقة ما , هذه الحكمة تلاشت منذ عودتهما من سفيل, لكن أياً منهما لم يأت على ذكرها.
اقترحت روث يتكاسل" اظن أنه من الواجب علينا القيام بعمل جدي أكثر "ومدت ساقيها من تحت الطاولة محدقة الى البعيد نحو الخليج الأزرق من بالما بمراكبه ويخوته المنتشرة على جوانبه, والى كثرة المنازل و الفنادق الفخمة . ذلك السهل الواسع الذي امتدت على جانبيه اشجار النخيل وقلعة بلفير المميزة وكأنها شرفة لذلك الخليج . فاختلجت روث بتأثر لهذا المنظر البديع .
-------------------------
كانت عاصمة لجزيرة باليريك الشعبية من ماجوركا , طقسها حار ورطب , وتضج بالحياة . قضت ايامها السابقة مع فرناندو هناك على مسافة اثنى عشر طابقاً , انها هناك بعقلها و ورحها وقلبها مندفعة بقوة تتسم الاجواء الملطفة بمن تحب وتهوى.
رشفت ببطء مافي كأسها وللحظات بقيت ممسكة به وهي تمسح بابهامها بلطف ما تكاثف حوله من ماء رطب, وهي تفكر بفرناندو وبالأيام السعيدة التي قضتها معه . وكانت تحاول جاهدة التغلب على هذه الذكرى . ارتعشت الكأس الفارغة في يدها وهي تضعها على الطاولة.
لقد وصلا الى مطار بالما منذ يومين, وكان ستيف مبتهجاً لأن ذلك يمكنه من تمضية اسبوعين رائعين من العمل والتسلية في آن واحد. وامتلأت نفس روث بتوقعات رهيبة قد تساعدها في الاسراع مجدداً نحو فرناندو. فهل سيكون في مقدروها التغلب على مشاعرها, خصوصاً بعد الذي جرى في سفيل؟
تمتمت روث " نعم , لقد كانا يومين كافيين للتأقلم . سأرحل في اليوم التالي"
" ترحلين الى اين ؟" سألها ستيف وهو لا يزال مهتماً بالأوراق التي بين يديه.
تمنت روث لو انها اخبرت ستيف عما حدث في العام الماضي, العلاقة التي سمحت بها لنفسها في تألق وحركة معرض سفيل, الماجوركي الرائع الذي التقت به واحبته من اول نظرة. لو اخبرته لكان قد واجهها بالحقيقة الناصعة ليس عن قصد, لم يكن , لم يكن قاسياً بل واقعياً, وذلك لتواضع تقربه من كل شيء وكل شخص. الابحار ليلاً, عطلة رومانسية او ماشابه, هذا ماكان يقترحه بعقلانية , وقد كان على حق بالطبع. كانت روث تعلم ذلك جيداً ولكن وجدت انه من الصعب تقبله في ذلك الوقت . وطأة ذلك الحب آلامها منه, ومن يكون افضل من ستيف؟
قالت له" سأذهب الى بولنسا, وسألقى نظرة على الكوديا وانا هناك"
" على ما اذكر انه سبق واتفقنا بأني انا من سيغطي تلك المنطقة " واضاف معيراً اياها الآن كل انتباهه , وعيناه تضيقان بتفحص " لقد قلت انك ستتولين امر الخدمات السياحية والخطوط الجوية هنا في بالما"
قالت له روث بحزم " لا, أنت الذي قلت اني سأتولى هذه الأمور, وواقفت في ذلك الوقت. اما الآن فلقد غيرت رأيي"
لقد فكرت في ذلك الأمر كثيراً منذ اللحظة التي خططا لهذه الرحلة . الخروج من بالماسوف يقلل من فرصة العودة الى فرناندو . فهو يملك هنا في العاصمة عدة فنادق وحتى ابعد من ذلك حول شاطئ بالما نوفا ومغالوف . بولنسا والكوديا تقعان في شمال الجزيرة ولا يملك فرناندو شيئاً في تلك المنطقة .
" بالاضافة الى ذلك, أنا أهوى التغيير" اضافتها مبعدة شعرها عن جبينها وهي تحدق الى المدى البعيد من شرفة الشقة . تنهدت وعادت تقول " انني بحاجة الى الهواء النقي , العواصم تخنقني "
-----------------------------
سألها " منذ متى هذا الكلام ؟" ضحك ستيف معيداً نظره نحو الأوراق التي فوق الطاولة. في الحقيقة لم يرد معرفة ذلك وكانت روث ممتنة لعدم اهتمامه . كان هذا احد الاسباب التي قربتهما من بعض. لقد كانا يفسحان المجال دائماً لبعضهما البعض.
قالت له روث " انا ذاهبة للاستحمام " ونهضت من مكانها وتناولت الكأسين الغارغتين من فوق الطاولة وتابعت" وبعدها سأقوم ببعض الاتصالات الهاتفية . اريد ان اتأكد من كل اسباب الراحة في بولنسا"
استوى ستيف في مكانه بتكاسل وقال " وانا بحاجة الى بعض المنبهات , سأعد لنفسي بعضاً منها"
قاطعته روث بسخرية " واشربها وحدك" تنهدت وهي تخطو فوق البلاط الرخامي في الردهة الرحبة من الشقة التي تؤدي الى المطبخ من اجل غسل الكأسين قبل ان تستحم , ستيف لن يغسلهما ان لم تفعل هي ذلك. وبدأت تفكر في الاستعراض الذي سيقام عند جانب البحيرة الرائعة مع هبوط الظلام والذي سيبقيها منهكة حتى مطلع الفجر.
" قلت لك ان التعرض كثيراً لأشعة الشمس تؤذيك . انها تؤثر على العقل ايضاً"
رفعت روث رأسها قليلاً وهي تشعر بالدوران , كان ستيف واقفاً الى جانبها في المطبخ , منحنياً ليقفل الحنفية . لقد وصل الماء الى حافة المغسلة ثم سال فوق قدميها العاريتين.
سأل ستيف بهدوء " الى اين شردت بأفكارك؟"
ضحكت روث بعصبية , هذا ماتقوم به دائماً, تفكر في فرناندو دائماً وتنسى المفاتيح والحنفيات والمقالي فوق الموقد .. كنت اخطط لكيفية الوصول .. في رأسي .. كيف سأقود الى بولنسا " قالتها بسرعة لتغطي مابدا عليها من احراج.
" لا, القيادة الى سفيل؟" اقترح ستيف ذلك بجفاء وهو ينحني ليمسح الماء عن قدميها.
ابتعدت روث عن طريقه, وهي تحس بالاختناق . انها المرة الثانية بعد ظهر هذا اليوم التي يذكر فيها سفيل وفيها نوع من المصادفة . لكن لا, انه توارد افكار . فماجوركا هي اسبانيا.
"هل سنتاول طعامنا هذه الليلة هنا أم خارجاً" سألته ذلك وهي تأخذ من يده الاسفنجة المبللة بالماء وتعصرها بقوة في المغسلة .
اقترح ستيف بسخرية " في هذه الظروف اظن انه اكثر اماناً لو خرجنا. المرأة تخيفني في اوقات معينة من الشهر"
شدت روث على اسنانها وقالت " وبملاحظة كهذه, أليس من العجب انك تحوم كالدجاج من اجل العثور على امرأة تشاركك حياتك التعيسة ؟"
ضحك ستيف ضحكة غير طبيعية , ممادفع روث الى التحديق به بعينين متسعتين ملؤها الدهشة . ومع انه كان مستغرقاً في الضحك لم يبدو ذلك في عينيه. هل بهذه الملاحظة اقلقت احاسيسه وطعنته في الصميم ؟ لكنها لم تتخيل قط ان ستيف من النوع الذي يحبذ الزواج...
------------------------
قالت " أنا آسفة . لقد كانت ملاحظة خالية من الاحساس واعتذر عن قولها " متذكرة ان لستيف حتماً قائمة بالعلاقات الفاشلة. هذا خياره, وهذا ما افترضته دائماً, لكن ربما هذه ليست القصة كلها. ربما كانت تعني له ماريا لويز في سفيل بقدر ماكان يعني لها فرناندو .
تنهد ستيف " لا, على الارجح انك على حق. انا استحق كل هذا. والآن , ماذا تودين ان تتناول من طعام هذه الليلة؟ طعاماً صينياً ام يابانياً؟"
ابتسمت روث " ما رأيك في ثمار البحر, على طريقة ماجوركا؟ في مكان ما على شاطئ البحر"
" مارأيك عند الميناء, حيث تتلاقى الطبقة الراقية لترويج هذا المشروع ؟" واضاف بتودد " رفقة مبهجة "
ضمته روث الى صدرها وطبعت قبلة على خده" متكلم رقيق , امهلني ثماني ساعات للاستعداد واكون بعد ذلك جاهزة "
" حسناً, ايتها الصغيرة الحسناء , خذي الوقت الذي تحتاجينه , لكن اصر وبقوة على تناولك الشراب المنبه قبل مغادرتنا , تبدين وكأنك مقيدة بسلاسل حديدية "
واصلت روث ضحكها وهي تقفل باب الحمام من ورائها . لم تكن بالوصف الذي وصفها به ستيف, فقط منفعلة قليلاً من فكرة الرجوع الى فرناندو . ولكن مساحة الجزيرة تبلغ ثلاثة آلاف وستمائة واربعين كليو متراً , هذا ماقرأته في كتاب الدليل السياحي , وفرص هذه الرجوع ضئيلة بالنسبة الى مساحة الجزيرة . فلا داعي للخوف إذاً.
" هذا المكان رائع! " قالت روث ذلك بحماس بينما كان الساقي يرافقها الى طاولة قرب النافذة .
اردف ستيف بثقة وهما يجلسان" انا اعرف المطاعم الجيدة"
كان المطعم المكيف يضم اثاثاً جميلاً بقماش مخملي من اللون الرمادي الفاتح. كانت الاضواء تشع من الميناء حيث ترسو المراكب واليخوت وعلى مقربة من الخليج, وتتلألأ مذهلة وسحرها في الليل فاق سحرها في النهار.
هذا المشهد ذكر روث بالذي كانت عليه في مطاعم سفيل عند جانب البحيرة خلال فترة عملها في المعرض.. كلا, من غير الممكن الاستمرار على هذا النمط من العيش في احلام الماضي. قطعت الأفكار التي تملأ رأسها وحصرت اهتمامها في ماكان يقوله ستيف وهي تراقب يختاً كبيراً مشعاً بلونه الابيض يتقدم ليرسو عند الميناء لا تفصله سوى خمسين متراً من نافذة المطعم.
" اعرف ان الكركند باهظ الثمن في هذا المكان . لكن وكما تعرفين , فأنا اعقد آمالاً كبيرة على الاتفاقية الاخيرة.."
حدقت روث الى الخارج وهي لا تصدق ماتراه عيناها, وفغرت فاها بذهول. لايمكن ان يكون هذا! لا يمكن حدوث هذا ! لا, انها على خطأ, هذا لا يمكن حدوثه ابداً!
تحركت روث بانزعاج واحست بعدم ارتياح في ثوبها الأزرق السماوي المصنوع من الحرير الصيني الفاخر.
هذا جنون , ففي هذه اللحظة المكدرة , قسم منها جلب الشوق والحماس الى قلبها وقسم آخر ادخل الرعب اليه, والشيء الوحيد الذي استطاعت التفكير فيه, هو اختيارها الحكيم للثوب الذي ارتدته لهذه الليلة . لم يبدو على احد التانق في هذه الايام, لكن الليلة بدت وكأنها .. كأنها ...
-----------------------------
انه فرناندو سيرا بجاذبيته المعهودة, واقفاً على متن اليخت بقامته المديدة كان يبدو دائماً لطيفاً ومتأنقاً من دون ان يكلف نفسه عناء ذلك وهذه الليلة بدا مختلفاً . كان مرتدياً وعلى غير عادته سروالاً ابيض ضيقاً وقميصاً من اللون نفسه ذا اكمام قصيرة وكأن شيئاً ما أكد لروث انها من النوع الحريري. استطاعت ان تحس جودتها تقريباً . قماش ناعم اكتسب دفئاً من ملامسة جسده الرياضي . كان في استطاعتها تنسم رائحة عطره ايضاً, وكانه بين ذراعيها في هذه اللحظات.
"ستيف" تمتمت روث بعد ان طلب مايريدانه من عصير .
احست بعدم انتظام دقات قلبها وحرارة تسري في جسدها وبحاجة ماسة الى التكلم, الآن . الهروب خيار سهل لكنه حل ملؤه الجبن. فهي امرأة عملية , ناضجة وناجحة, وليست مراهقة غبية محرجة عليها ان تكافح , وتواجه هذا الأمر بشجاعة وتضع حداً له .
رفع ستيف نظره عن لائحة الطعام التي كان يتفحصها بتلذذ ليرى ماوراء روث . لم يكن في استطاعته رؤية اليخت من مكانه وهذا ما طمأن روث. لم يكن في استطاعته ايضاً رؤية فرناندو سيرا ومرافقيه واختفى طاقمه في ظلام الليل. راقبت روث بفضول ساقياً من المطعم يخطو بكبرياء نحو اليخت رافعاً صينية من الفضة على رؤوس اصابعه تتوازى باتقان فوق رأسه . وقد حوت الصينية زجاجة شراب بارد وكأسين بعنق طويل. وبدت لائحة الطعام بين زجاجة الشراب والكأسين . قد يتناولان العشاء فوق اليخت او يغادرانه لاحقاً لتناوله في هذا المطعم . ارادت روث الرحيل لكنها بدت وكأن صاعقة صعقتها واقعدتها في مكانها من احتمالها الأخير, وهذا يعني ان قرار رحيلها او بقائها اصبح خارجاً عن إرادتها.
" نعم " قالها ستيف وكأنه يحثها على الكلام , فمالت روث بعينيها نحوه مبتسمة. لم تعرف لمن تتأسف اكثر لنفسها ام لستيف.
قالت بهدوء " كلمني عن ماريا لويزا "
بدا ستيف وكأنه تلقى صفعة قوية على وجهه. وفهمت في هذه اللحظة ان المضيفة الحسناء كانت شيئاً مميزاً في حياته. انها في حياته تؤلمه وتقض على مضجعه . وتساءلت كيف انها لم تلاحظ اية دلائل لذلك الحب قبل هذه اللحظة. لكن من المؤكد انها كانت وقتها تلتف ببؤسها وعذابها وكان من المتعذر عليها ملاحظة اي شخص آخر. وشعرت بالذنب الفظيع لذلك.
سأل ستيف بعد ان تلاشت الصدمة من الذي تطرقت اليه روث " كيف تطرقت لهذا الموضوع ؟"
هزت روث كتفيها من دون مبالاة وقالت " وجودنا في ماجوركا جعلني اتذكر سفيل. لم نأت قبلاً على ذكر ذاك الجانب الخاص من الرحلة, هذا ما اقصده. ويبدو لي ان الوقت الآن اكثر ملاءمة للتطرق الى هكذا مواضيع"
سأل ستيف وهو يشعر بعدم الارتياح " لماذا تريدين معرفة ذلك؟"
---------------------------
اخفضت روث حاجبيها الداكنتين واخذت تعبث بالسكين الذي فوق المائدة" فقط اريد معرفة ذلك" بدأت كلامها ثم توقفت لتتنفس بعمق" اظن انك لا تذكر ذلك الرجل الذي كنت برفقته في الحفلة التي اقامتها الخطوط الايبارية"
" الرجل الذي اقمت علاقة معه ؟"
اتسعت عينا روث بشك" كيف ...؟"
" اسمعي يا روث, هل تظنيني احمق لهذه الدرجة او ماشابه ؟ لم اشاهدك لأيام بعد تلك الحفلة "
قالت رداً على ذلك" وانا لم اشاهدك ايضاً"
قال وهو يهز كتفيه " إذاً لقد كنا كلانا مرتبطين . لكن ما الذي جعلك تذكرين هذا الآن ؟"
" اردت فقط الحديث عنها . كانت .. كانت العلاقة عاطفية. لقد امضينا كل دقيقة متاحة مع بعضنا البعض. تحدثنا ولهونا كلما سنحت لنا الفرصة"تأوهت ببؤس للذكريات التي ضاعت منها" وفجأة انتهى كل شيء . مع انتهاء رحلتنا .. انتهى كل شيء"
هز ستيف كتفيه من دون مبالاة وكأنه لا يريد ان يفسد هذه الامسية عليه " اسمعي , لا ارى اية علاقة لماريا لويزا بالذي تتحدثين عنه. اعني, انني على استعداد للاصغاء فيما لو اردت ان تروحي عن نفسك..."
قاطعته روث بالحاح" اردت ان اعرف فقط ان كنت احببتها يوماً" كانت تعلم ان ذلك في غاية الاهمية من اجلها ومن اجل ستيف . ارادت ان تتعرف الى الحب , وذلك من جانب الرجل .
" نعم , لقد احببتها " اعترف ستيف على مضض وتراجع قليلاً ليفسح المجال امام الساقي ليسكب العصير في كأسيهما.
توقفت روث عن الكلام لحين الانتهاء من طلب الطعام .
" احببتها , تعني في ظرف الماضي, هل هذا يعني انك لا تحبها الآن ؟" قالت روث ذلك وهي تحدق الى ما ابعد منه, خلف كتفه اليمنى الى اليخت الذي يحوي على متنه شخصين جميلين تعانق ضحكاتهما هواء البحر العليل وهما يرشفان الشراب البارد. وهبت نسمة دافئة داعبت خصلات شعرها الأسود ثم رفعت رأسها تحدق بهيام برفيقها. اغرورقت الدموع في عيني روث لقساوة ومرارة الحياة وحاولت جاهدة كي لا تنهمر على وجنتيها.
مد ستيف يده عبر الطاولة وامسك بيدها " لا تبدين على مايرام , أراك منقبضة وكأنك تودين البكاء , ما الأمر؟"
اجابته" لا, ليس كما تظن" ابتسمت روث , وهي تضغط على يده " انها .. انها فقط الحياة المثقلة بالهموم وقد حملت عبء تلك العاطفة منذ كنت في سفيل وانشد الحرية. والخلاص منها" واتسعت عيناها الزرقاوان من تحت اهدابها الداكنة من شدة الانفعال " ستيف , اعتبرك افضل شريك عمل لي وبالتالي افضل صديق"
قال لها ستيف بلطف" كما انت بالنسبة لي"
" واريد معرفة اشياء , إذا ما احببت ماريا لويزا او إذا ما زلت على حبها .. مازلت , أليس كذلك؟" سألته بجدية " لماذا تركت ذاك الحب يفلت من يديك؟"
رفع ستيف كأس العصير ورشف بعضاً منه واخذ يحركه قبل ابتلاعه وكأنه يغسل فمه. كانت اشارة مؤكدة لروث ان ستيف لم يقم بأي ارتباط عاطفي . ربما مع فرناندو, لكنه لم يفعل .. وهذا ماكان المحزن في الأمر كله .
-------------------------------------
لقد كان فرناندو سيرا رائعاً الى درجة مذهلة .
قال لها ستيف بعدما اعاد كأسه الى الطاولة " ألا تظنين انه من الافضل ان تسالي حبيبيك هذا السؤال وليس أنا ؟ ذلك انك لا تريدين جوابي بل جوابه"
هزت روث رأسها وقالت " انك على حق. لكن هذا غير مستطاع وانت الرجل الذي يجاورني وفي امكانه مساعدتي , اريد معرفة وجهة نظر رجل لهكاذا نوع من الحب فجميعنا نقع في شباكه في بعض فترات حياتنا" وجاء صوتها يحمل بعض السخرية.
" إلى أي حد ؟ هذا لن يساعد , انت تعلمين ذلك. سوف تظلين حاملة عبء تلك العاطفة اينما حللت , متسائلة ما الذي تفوهت به او لم تتفوهى به مما ابعده عنك. انني اؤمن بالمكتوب , هل فهمت. اؤمن بأن القدر سيكون , ولا استطيع تغيير مجرى الاحداث, بهذا الاسلوب اعيش حياتي. لقد احببت ماريا لويزا العام الفائت , وظننت انها احبتني بدورها. وبعد سفبل لم يحدث أي جديد. هذه هي الحياة !"
انتفضت روث بجزع " هل اعتبر كلامك مفهوم فلسفة عامة للرجل , محو كل ماكان وكأنه لم يكن؟"
" استطيع التكلم فقط عن نفسي" قال ستيف , ذلك وكأنه يحاول صرف نظرها عن الموضوع .
" لكن, ألم تتصل بها هاتفياً بعد سفيل , او تكاتبها او ترسل اليها باقة من الزهر؟ قل الحقيقة يا ستيف, لقد احببت الفتاة . كيف تركتها تفلت من يدك؟"
دنا ستيف منها , وبدا في عينيه تصميم ممزوج بحزن , بجرح عميق" روث, يا عزيزتي , السبب في انه لم يكن هناك أي شيء جدي او ظاهر في الأفق. لقد اتصلت بها هاتفياً بالطبع, وتركت رسائل , التصرفات الغبية المعتادة التي يقوم بها الرجال في اوقات جنونهم"
" ازهار ؟"
" لا أزهار"
"رسائل حب"
" لا رسائل حب "
" اعتقد انك لم تتعب نفسك كفاية " اردفت روث , بصوت خافت وقد تزايد رواد المطعم.
" ما الذي يحوجني الى ذلك ياروث . هذا كل مافي الأمر . لو كان شعورها صادقاً مثل شعوري لماكنت في حاجة لكل هذه الامور. اتصلت بها هاتفياً عدة مرات , لم تكن موجودة وتركت لها رسائل , لم تعاود الاتصال . لم تهتم بمافيه الكفاية , انه الواقع , الواقع الأليم , انها لم تهتم كفاية"
استوت روث في مقعدها وهي تضغط على كلتا يديها باحكام لدرجة ان ذلك آلمها. هذا ما ارادت معرفته , الحقيقة لو احبها فرناندو فعلاً لحاول المستحيل لاستردادها.
كانت في الليلة الاخيرة التي جمعتهما غير واضحة معه , تختلق الأعذار التي تجبرها على العودة الى بريطانيا , وكانت تتوقع من فرناندو ان يتخطى كل أعذراها ويجري وراءها تماماً مثل تقرب رجل الكهف نحو المرأة . وعلى الرغم من التحرر سائد العالم اليوم , فإن نساء العالم يرغبن بشدة في هذه الطريقة , والمثير للدهشة ان روث واحدة منهن .
قال وهو لا يزال يشعر بخسارته " إذاً تابعي"
--------------------------------
" ما الذي تريد سماعه , إعادة ماسبق وقلته لي؟"
" ان كنت تعتقدين ان ذلك يفيدك , كرري ماشئت"
تنهدت روث " اردت فعلاً التكلم عن ذلك , ولكني اصبحت الآن حائرة وغير متأكدة , يبدو انك جعلت الأمر اكثر غموضاً"
" انك تشعرينني الآن بعدم الارتياح , واظن انك حذفت شيئاً من قصتك , ولا لوم علي بذلك. تكلمي عنه يا روث . ومن حيث لا تعلمين قد اكتشف اخطاء أكون قد اقترفتها"
قالت روث بهدوء" لا اظن انك اقترفت خطأ واحداً. اعتقد انك قمت بكل ما تستطيع القيام به. والظاهر انه لم يكن كاف , ليس عن قصد . مثل فرناندو و أنا, على ما اعتقد "
حولت روث نظرها الى مافوق كتفي ستيف, فرناندو و رفيقته الحسناء لا يزالان على متن اليخت , يضحكان , ويمضيان وقتاً ممتعاً وهما يرشفان الشراب تحت ضوء القمر . انه مشهد من مسرحية عاطفية , مشهد يقهر النفس تشهده روث مكرهة . ماكانت ابتعدت لو كانت حياتها متوقفة عليه.
قالت روث بعياء ظاهر " لقد احببته" فمد ستيف يده عبر الطاولة محتضناً يدها براحة بالغة. تابعت قولها بهمس " احبه كثيراً يا ستيف. كان الأفضل , بالنسبة إلي من أي شخص آخر. لقد اعلن عن حبه لي وطلب مني البقاء .." وهزت رأسها بيأس " لم أرد .. ظننت .. آه , كنت حائرة, لم اصدق ان من الممكن الوقوع في الحب بهذه السهولة , واظن ان الذي اردته في الحقيقة هو السيطرة على الأمور"
ضحك ستيف " هذا لا يبدو عليك قطعياً"
كان على روث الابتسام لأنها بالتأكيد ليست هكذا "اعرف ان في امكاني ان اكون حازمة في مايخص العمل, لكن ماكان يعني فرناندو جعلني اكثر انوثة . اعلم انه طلب مني البقاء لكنني اردت بعض الوقت لاستجلاء بعض المواقف" واتسعت ابتسامتها " اردت ان يركض ورائي , وددت لو انه اقتحم شارع البيكادللي على صهوة فرس بيضاء, لكنني اردت تاكيدات حازمة بأنه فعلاً احبني , ربما .. ربما كنت وثقت به لو انه عرض علي الزواج , لكنه لم يأت على ذكر ذلك, لم يتصل بي, او يرسل لي باقات الزهر, او يراسلني " ضغطت روث على عنق كأسها واخذت تشرب بانفعال.
ابتسم ستيف " يالفتاتي , تصبح عرضة للانقلاب لتصبح جشعة , أتعلمين انني اتحول مثلك؟"
خف التوتر وضحكا معاً لأنهما كان يعلمان جيداً ان ذلك مستحيل, ان تصبح عرضة للانقلاب لتصبح جشعة وهو يتحول مثلها.
"نظرية جديدة" اقترح ستيف ببهجة , وهو يبذل قصارى جهده ليبهجها" لم نكن متحابين بتاتاً, لقد كنا منهمكين فقط بمعرض افوريا . لو ان فرناندو سيرا وماريا لويزا يدخلان هذا المطعم الآن "
بللت روث محرمة من الورق واخذت تمسح بها وجهها . هذا حتماً سيشكل مشهداً بغيضاً.
" هل اصبحت افضل الآن ؟" سألها ستيف وهو يبتسم ابتسامة واسعة .
------------------------------
بعد ان انتهت اخيراً من ترطيب وجهها هزت رأسها , وكأنها تراهن من جديد على مشاعرها بينما كانت تتناول المزيد من العصير " اظن انك على حق , ظاهرياً قد يبدو التشابه مثيراً, عشاء في الريتز على ضوء الشموع , ربما" واخذت تقهقه " ربما لا , ولكنني فهمت قصدك , لقد كانت الاقامة في سفيل ساحرة وممتعة واظن ان الحب في تلك الظروف متعذر تجنبه, ولكن لي نظريتي ايضاً. لقد وقعنا في حب اثنين من الاسبان مع ان فرناندو .. ماجوركي , لقد قال ان هناك اختلاف .. أعني بين الاسباني والماجوركي.."
كانت تعيش وفهمت سبب ارتعاشها, لكنها لم تستطع ايقاف ذلك. لم تكن عرضة للانقلاب, شيء اقوى من ذلك شعورها بالمرارة . اختفت الحسناء من جانب فرناندو, وانحنى فوق الدرابزين ينتظرها وهو يحدق بأبنية الميناء . بدا جذاباً , وتساءلت فيما لو تذكرها مرة منذ سفيل , او لم يخرجها من افكاره ولو لمرة واحدة.
تابعت " كان فرناندو مغروراً , مثيراً, وفي غاية السحر و ..."
اكمل ستيف كلامها" كم هو حقير"
عبست روث" لم أكن في حاجة لتقول لي هذا , ولكن شكراً على ملاحظاتك , وان كان هو كذلك , كذلك انت "
" لماذا؟ ابسبب عدم اهتمامي بماريا لويزا ؟ فارق بسيط , لقد احببت ماريا لويزا وحاولت معها . هل حاول فرناندو معك ؟ لا , ابداً" توقف فجأة , ملاحظاً انه جرح مشاعرها , قال متمتماً" آسف , لم يكن ذلك لبقاً مني , أليس كذلك . إذاً ماهي نظريتك ؟"
"لقد احببنا غريبين . انهما اسبانية وماجوركي على أي حال انهما مختلفان . مغايران عنا"
استرسل ستيف في الضحك بصوت عالٍ, وبما انه في اسبانيا لم ينظر اليه احد من رواد المطعم باستهجان , فهي احد اكثر بلدان العالم صخباً , واستغلت روث هذا الأمر لتثبت نظريتها.
" أرايت , هذا ما عنيته . لم تهتز شعرة من رؤوس الرواد بسبب ضحكتك الخشنة. لو حدث هذا في نابتس بريدج , لاستهجنوا جميعاً فعلتك هذه. انهم غير متشابهين. قد تكون هذه اوروبا وجميعنا اوربيون الآن لكن مازلنا نختلف"
صاح ستيف باستهزاء " فليحيا الاختلاف!"
ردد احدهم من الطاولة المقابلة لهما ماقاله ستيف ولكن بلهجة مختلفة , والتفتت روث لتبتسم له وهي ترفع كأسها لتشرب منه.
" أرأيت" همست روث وهي تعاود النظر الى ستيف مانحة اياه كل اهتمامها " أرأيت , لا يمكن حدوث هذا في بريطانيا . نحن قوم محافظون الى ابعد الحدود . فرناندو وماريا لويزا مختلفان"
" وماعلاقة هذا بالحب؟"
تأوهت بارهاق وعادت تلهو مجدداً بالسكين التي امامها "لست متأكدة, افكر دائماً بأنه لابد وان يكون هناك سبب منطقي دفع فرناندو الى تركي بهذه السهولة "
" كم انت حمقاء , ما الذي اوقفك عن ملاحقته. أهو كبرياء المرأة غير المنطقية ؟"
-----------------------------
وافقت روث" من المحتمل , لكن هذا لا يبدل الواقع الذي حمل فرناندو وماريا لويزا على هجرنا , وقد يكون لهذا صلة بطريقة عيشهم وثقافتهم , شيء لم نفهمه منذ البداية , شيء اخطانا فيه "
قال ستيف بسخرية " لقد اخذنا الأمر بجدية مطلقة , هذا ما اخطأ به , ياعزيزتي , لقد تكلمنا عن الحب بأعذب الألفاظ لكنهما كانا اكثر ذكاءاً مما ظننا. لقد اتخذوا سفيل بما كانت عليه ولم يكن يوماً الحب الذي عنوه . كانت فقط احدى تلك العلاقات العابرة !"
اغرورقت عينا روث بالدموع من التصريح الذي اعلنه ستيف . الحب, تلكم عنه فرناندو كما تكلمت هي عنه. لكنه تلاشى وتبخر لسوء استعمال اغلى كلمة على الاطلاق في العالم .احبك!
مال ستيف نحو الطاولة و امسك يدها الصغيرة بكلتا يديه " تعلمين ان هناك خيطاً رفيعاً مابين الحب والافتتان , وهناك هوة كبيرة بين الاثنين . لقد افتتنت قبلاً باحداهن , ولكن لا شيء يذكر بالنسبة لما اعانيه الآن من ألم , لقد احببت ماريا لويزا"
الحت روث" كما احببت فرناندو " ولاعبت خصلة من شعرها الحريري, ومازالت تحبه . عرفت ذلك من تلاحق الوقائع , إنه هناك في الخارج الى ما ابعد من النافذة , يعتني بامرأة جميلة في يخته الفخم , وهي هنا تشعر بالألم واليأس والعذاب والحسد التي لا تتمناها لألد اعدائها اذا كان لها اعداء , الحب او لا شيء , لقد احكمت اختيارها , واللاشيء كانت معناه الوحدة الدائمة.
تابع ستيف بجدية " لكني ما زلت متشبثاً بالفكرة وإنني مخطئ في تقديري , ربما لم اكن مغرماً وكان ذلك مجرد افتتان بالفعل " توقف وبدا كأنه مهجور كما شعرت روث " لكني اشك في معرفة ذلك بالتأكيد وذلك لأني لن اراها مرة اخرى وسأعرف الحقيقة إذا التقيت بها يوماً وجهاً لوجه"
شحب وجه روث واحست بقلبها يهوي بينما عادت تنظر الى ماوراء ستيف مرة اخرى. كان فرناندو و رفيقته يستعدان للمجيء الى الشاطئ , وكان يساعدها في النزول, سيد لبق كعادته, قريباً جداً سوف ينقشع سر الحياة, اما روث فتفضل معرفة سر الموت.
" إنك تؤمن بالقدر , الست كذلك؟" تنفست بحرارة ونظر اليها ستيف بفضول , حين تابعت " ستيف, بعد هذه الليلة ستأخذ على نفسك عهداً بالامتناع .."
ضحك ستيف بتردد وقال " ما الذي دهاك؟"
" روث , إنك ترتجفين .."
قالت بحزن" سوف اموت يا ستيف ! اريد الموت !" اغمضت عينيها بذهول والواقعة قد وقعت , انهما هنا, في هذا المطعم , كان فرناندو يثرثر مع الساقي, سيرشدهما الى طاولتهما وكانت هناك واحدة غير شاغرة , محجوزة, بالطبع , وتقع خلف ستيف .
-----------------------
همست روث مرتجفة " ستيف, اردت ان اخبرك عن فرناندو هذه الليلة لأنه .. عند وصولنا الى هذا المكان , وصل هو "
رفع ستيف حاجبيه مستغرباً وتنهد وهو غير مصدق" أهو هنا؟"
هزت روث رأسها ايجاباً" وكما أرى انه سيجلس الى الطاولة خلفك"
" اتريدين مغادرة المكان؟" قال لها ذلك وهو يعود الى مسك يدها وكأنه يحميها من شيء ما.
همست بتعب " لقد فات الأوان !" كانا قادمين نحوهما الآن ولم يلاحظ فرناندو وجودها بعد, لقد كان هذا مريعاً.
قال ستيف ملاطفاً" مسكينة يا عزيزتي " ثم ابتسم بطريقته الصبيانية كعادته ليبهجها لكنها تتأثر هذه المرة لأنها ليست في المكان المناسب.
" لكن عليك مواجهة الأمر يا عزيزتي , وقد لا يكون الأمر صعباً كما تظنين. اصمدي, كوني شجاعة الوقت كفيل بمعالجة الأمور"
همست روث " خفف من سماجتك ارجوك !"
ابتسم ستيف وسأل " اين روحك المرحة؟"
" ارجو ان تتمتع بها انت عندما ترى من ترافقه, هل انت على استعداد لذلك يا ستيف ؟"
لقد حان الوقت , ونهضت روث من مكانها بتوتر وانفعال شديدين وكانت على وشك ان تسحب معها غطاء الطاولة .
تجمد فرناندو في مكانه ورفيقته الحسناء ذات الشعر الأسود الداكن توارت تقريباً خلفه.
فكرت روث وهي في انفعالها هذا لو صور هذا المشهد على شريط سينمائي, لأنه من المتعذر النظر الى ثلاثة اشخاص في الوقت نفسه من دون ان يخطئ المرء شيئاً. هتفت روث " فرناندو! من المبهج ان اراك ثانية "
قريباً سيقام مهرجان عند خليج بالما يتخلله اطلاق من الأسهم النارية التي تصم الآذان .
" ماريا لويزا ايضاً هنا , حسناً, أليس هذا رائعاً؟ سفيل باكملها هنا مرة اخرى "
همس ستيف لاهثاً بغضب " يا إلهي !"
----------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-03-19, 05:47 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث
كان المطعم خلا من زبائنه ومن ضجيجيهم . فقط شخصان تضج بهما الحياة فرحاً ومرحاً. فكرة واحدة قيدت روث بقوة وهي حلقة مفرغة ملؤها اليأس , لكن ماذا عن الرجل الذي احبته ووهبته كيانها. بماذا يفكر يا ترى ؟ والحل الذي استطاعت الوصول اليه في هذه اللحظات الحرجة, هو السيطرة على اعصابها لتتفادى وقع صدمة اللقاء بالحبيب السابق وجهاً لوجه بينما يقف الحالي الى جانبها صامتاً.
اطلت برودة غير مبالية من عيني فرناندو بعد ان تلاشت صدمة اللقاء ببعضهما حين كانت روث تتفوه بملاحظات لا معنى لها وكأن اصداء ذكريات الماضي القريب مازالت تكمن في اعماقها ثم بصوت لم يعط ادنى دليل على انه صوتها ورأته يرمق موافقته ينظرة قلقة حذرة, وملأت عينيها غشاوة وهي تطيل التحديث بوجه ستيف. خيم في تلك الاثناء صمت مربك الى ان استطاعت روث ان تبدأ بثرثرة لا معنى لها مما شجع فرناندو الى التمسك بزمام الأمور.
قال بهدوء"سنتشارك العشاء بالطبع" والتفت نحو الساقي, لكن قبل السؤال عن طاولة اكثر ملاءمة , اعترضت ماريا لويزا واسرعت بالخروج من المطعم .
تصرف ستيف بسرعة , واخذ يسرع خلفها . تجهم وجه فرناندو وكان على وشك اللحاق بها عندما اسرعت روث لتمسك بذراعه وتمنعه.
نظر الى بعضهما البعض. لم تكن هناك أي حاجة للكلام , وفهم كل منهما ان هذا ليس اللقاء الاول بين ستيف وماريا لويزا.
سقطت روث فوق مقعدها . ضائعة بكل ماقد حدث وماجرى. لم تعرف ماهو الأفضل للقيام او التفوه به , حتى لو كانت تعرف , فعقلها وقلبها كانا عاجزين عن اية مبادرة .
جلس فرناندو في المقعد الذي خلاه ستيف , موجها الكلام الى الساقي بلهجة سريعة قبل ان يعيرها اهتمامه.
قال بايجاز " إذاً انت في ماجوركا. من اجل ماذا؟"
وكأنه غير مهتم سلفاً بالجواب الذي ستدلى به . وهذا ما اثلج قلب روث ببرودة شديدة.
قالت له متمالكة اعصابها " من اجل العمل " وكأنها تفتش في اعماق نفسه عن شيء يشير الى الذي كان يربطهما في سفيل,لكنها لم تهتم الى شيء و آلمها هذا بشدة. لقد اوضحت كلامها وبنيت بإيجاز اسباب وجودها في هذه الجزيرة وكان فرناندو مصغياً, وهو يهز رأسه من وقت الى آخر.
" ربما في استطاعتي مساعدتك , لي معارف كثر في هذه الجزيرة و..."
قاطعته بسرعة " لدينا مافيه الكفاية لأنفسنا" لا تستطيع قبول اية مساعدة منه . لأن ذلك سيتطلب لقاءات متكررة وهذا غير قابل للاحتمال, وتابعت " لكن .. لكن اشكر عرضك هذا"
" هل انتما متحابان ؟"
---------------------------
طرح سؤاله هذا بهدوء . سؤال لم تتوقعه روث, فهزها ذلك بعنف وايقظ حواسها الملتهبة وارادت الرد بتهكم.
" تعني مع هذا الساقي الذي يحوم حولي؟" وانتقلت عيناها الزرقاوان نحو الساقي وكأنها تعنيه فعلاً بكلامها.
ضاقت عينا فرناندو السوداوان بغضب ظاهر لتسقرا بعدها على الساقي . وطلب شراباً وبعض انواع المقبلات الملائمة. وحالما انتهى من طلبه اعارها كل اهتمامه مرة اخرى.
" اظن ان من المفروض ان اتوقع ملاحظة كهذه منك, لكن وعلى اية حال ..."
قاطعته روث بانكسار " لكن على اية حال .. شعرت نفسك مناسباً تماماً لطرح ذلك السؤال. لم افقد يوماً روحي المرحة منذ آخر مرة التقينا فيها , يا فرناندو, ولكن انت من فقدها" لقد اضاع اكثر من هذا بكثير , هذا مالاحظته روث, مازال ذاك الاسمر الجذاب كما كان من قبل, لكنه بات يفتقد بعض الحيوية, وتساءلت فيما لو كان هذا سببه ضغوطات في العمل.
" لا ارى اية فرصة في تجاهل سؤالي فيما يتعلق بالساقي , ومامن شيء مضحك في نظرتك له بهذا الاسلوب وكأن التورط يلزمه نظرة. لا, مامن شيء مضحك في هذا يا روث . إنه ببساطة امر محرج للغاية"
وافقت بسخرية " نعم إنه محرج , أليس هو كذلك ؟ إنك تخرج مع سيدتك الاخيرة , تلاحقها ومع ذلك لا اظن اني كنت يوماً تلك الاخيرة . بكيانك الطبيعي وبسرعة اصطيادك , لابد انك ,ومن دون شك شبكت عدداً وافراً منهن منذ سفيل "
كرهت نفسها لادعائها هذا, لقد جرت نفسها الى روح منتقمة وحاقدة الى مستوى امرأة مزدرية . لم تعتذر, مع انه مامن سبب يدعوها الى ذلك الا إذا كانت نادمة على الشخص الذي سببت له حرجاً ووجهت اليه سمومها. كل اسفها كان على نفسها , وليس عليه. لم يعان ماعانته السنة الفائتة بالتاكيد .
"حسناً, لكني متأكد من انك منذ ذلك الوقت تعديت حدود السرعة مع نفسك , وعلى ما اذكر كنت على عجلة بالانفصال من البداية وعند الضوء الاخضر لحكايتنا"
تقبلت روث هذا لأنها الحقيقة بعينها . وبطرقة ماكان هذا مساعداً للحضور المتعذر اجتنابه عندما يلتقي متيمان بعد علاقة تركت جرحاً اليماً من الذكريات بدأ يندمل.
الح بعدما وضع الساقي المقبلات على الطاولة " إذاً , اجيبي عن سؤالي , ولأثبت لك بأنني مازلت محافظاً على روحي المرحة, هل هو شريكك في كل شيء؟"قالها من دون ان يكلف نفسه بالابتسام ليدفئ تلك العدائية الصغيرة.
بذلت روث قصارى جهدها للمحافظة على رباطة جأشها . إنها في حاجة لتجاوز هذا الألم .
"لا يمت بأية صلة الى الروح المرحة يا فرناندو, ولا الى الظرفة, وبالمناسبة, هل من خصائصك او من مدى اهتمامك لتعلم فيما اذا كنت اتقاسم كل شيء مع شريكي ؟" قالت ذلك وهي تستوي جالسة في مقعدها.
" لا ابداً ولا بأي شكل" رد عليها ببرودة ثم اضاف بقساوة " اعني هذا ليس من مصلحتي "
" من اجل مصلحة إذاً؟"
-------------------------------
" من اجل ماريا لويزا"
ابتسمت روث بمرارة وهي تاخذ حبة زيتون من احد الصحون الصغيرة. " ولماذا تظهر هذا الاهتمام بالعلاقة السابقة لصديقتك الحالية ؟ او بالاحرى شكوى من امرأة مجربة " لم تستطع التوقف عن الاستمرار في توبيخه . وكان لذلك سبب واضح .. غيرة واضحة للقاء به في حضور ماريا لويزا الحسناء.
" لا احصي مغامراتي مع المرأة المجربة" قال لها ذلك بهدوء , ثم مد يده لتناول قطعة سمك منقوع بزيت الزيتون والثوم والخل. ثم نظر اليها بعينين باردتني فيهما العداء.
"قمت بشيء استثنائي مرة . وكان درساً جيداً للاستفادة منه " والتهم قطعة صغيرة من السمك وكأنه يقضي عليها قضاءاً تاماً.
قالت باستسلام مؤلم " لقد استفدنا كلانا من التجربة في سفيل يا فرناندو, واقترفنا الاخطاء, اقترفت خطأ عندما وثقت بك الى درجة انني قلت لك كل مافي قلبي واخبرتك عن خطيبي السابق . لم اظن لحظة واحدة بأنك ستصفعني بها بمرارة فيما لو كتب لنا اللقاء مجدداً من دون أي مراعاة لشعوري" واخذتها الرجفة وهي تدلي بكلامها هذا , واعصابها ترتعش بعنف. لماذا يعاملان بعضهما البعض بهذه القسوة ؟ لقد احبا بعضهما مرة, والآن هذا مايحدث .
احس بغصة في حلقه فتمتم " إنني آسف" وكان هذا مقنعاً على سمع روث ولكن ليس مقنعاً كفاية لتتمالك اعصابها وتريحها. فهي مازالت على حالها من الحذر, وربما اكثر بكثير .
"إذاً, ما الذي يدفعك الى الاهتمام بماضي ماريا لويزا ؟ انت تعلم حق العلم انها وستيف كانا على علاقة , ولكن قل لي ماذا في تناولي العشاء مع شريكي , فأنا لا أرى أي خطأ في ذلك؟"
"لم اسألك ان كنت تتناولين معه العشاء, سألتك ان كنتما متحابين , وبما انك فعلت كل شيء للتهرب من جواب صريح فمن حقي افتراض الاسوأ أو الأفضل , وذلك يتوقف مع اي جانب انت"
" مع اي جانب الأمر واضح بالتأكيد "
" واضح بالتأكيد , فأنا لا اشعر بشيء تجاه ستيف كانوك , ولكن اشعر كثيراً تجاه ماريا لويزا, فأنا لا اريد ان تتأذى , لا اريد لها التورط بشيء" وقست تعابير وجهه وهو يتكلم .
احست روث بالوهن إنه لم يبد اية اشارة تدل على انه احبها. فرناندو سيرا لم يهتم بها مطلقاً وهذا ماكانت تعرفه. قالت باندفاع من فداحة المها " إذاً تميل الى الاعتقاد بأن ستيف متيم بي؟"
" سيبهجني هذا فيما لو كان صحيحاً , عندئذ نستطيع انا و ماريا لويزا الاستمرار في حياتنا معاً"
رفعت كأسها بارتعاش الى فمها , كان قلبها يئن باكتئاب كان لهما حياة معاً, إنه حب فرناندو وستيف السابق , من كان ليصدق هذا؟ إنها سخرية القدر عندما تهب من دون شفقة.
قالت له بهدوء " حسن , لديكما الحرية للانطلاق بحياتكما معاً, لا خوف على ماريا لويزا من ستيف" وكان هذا القول بمثابة اعتراف رفع عنه الستار وكأنها فعلاً متورطة عاطفياً مع شريكها , وليكن هذا . في استطاعة فرناندو تصديق مايريد تصديقه لأن مامن شيء يعيد بغمضة عين ماتقاسماه في سفيل.
---------------------------
قال لصوت خافت " وماذا عنك ؟ هل من خوف عليّ منك ؟"
وتكدرت روث من مدى قساوته. كان هذا فرناندو آخر غير فرناندو الذي احبته قبلاً من كل قلبها . لقد تغير , وهذا ليس في مصلحة ماريا لويرا . لربما كان لستيف منفذاً ضيقاً للهرب.
قالت له بلطف " لم يكن ابداً اي داع للخوف مني يافرناندو" واخفضت نظرها في محاولة لاخفاء الألم الذي بدا في عينيها. وحدقت باكتئاب الى القماش الدمشقي على الطاولة وهي تمر باصابعها من فوقه وكانه يحمل جواباً عن العصير الذي ينتظرها بعد هذه الليلة .
كانت تحاول منذ ساعات خلت جمع اشلاء نفسها ظناً منها بأنها ستجتاز هذه المرحلة وتفوز , لكن الآن يبدو لها المستقبل خاوياً وموجعاً.
رفعت نظرها , ليسافر مباشرة في عينيه, وعيناها تجيشان بالدموع المختنقة .
"انت كثير الاهتمام بماريا لويزا , هل يعني انها شيء مهم في حياتك؟"
رد عليها بثقل " نعم, إنها في غاية الأهمية بالنسبة لي "
ألم ذاتي , عقاب ذاتي , ولم تستطع منع نفسها من الكلام " و.. وهل تنوي الزواج منها؟" وخطر على بالها فجأة , ربما انهما يتحضران للزواج الآن وحبست انفاسها.
لم يدل بشيء , لكنه تناول قطعة اخرى من السمك, ثم ابتلعها بنفس الاختلاف الذي قد يكون تصنعه في معالجة اموره.
قال اخيراً " انا لست من النوع المزواج"
استعادت انفاسها , مرتاحة بلطف نوعاً ما لأنه لم يقم بأي تعهد مع ماريا لويزا , ومن جهة اخرى حزينة من الذي عرفته لغاية الآن . لا, انه ليس من النوع المزواج " ولا أنا " قالت بمحاولة ساذجة لتتاسوى معه " ولا أنا " كان سخيفاً لدرجة انه تجاهلها.
قال متابعاً" لكن ماريا لويزا وانا نعيش معاً"
وتساءلت روث ما الذي دعاه ليعترف بهذا. من الأفضل الظن بأن علاقتهما كانت تعني شيئاً له , وبعد سفيل كان يفتش عن الأجمل لحياته وعثر على السعادة مع امرأة اخرى . اغلب الظن انه كان يحاول دفعها نحو الغيرة لأنه مازال يهمه امرها. إنه لا يضمر لها الضغينة, وقد يكون من الأفضل لها تمالك اعصابها ومواجهة وقائع الحياة القاسية ! لم ولن يهتم فرناندو سيرا بها على الاطلاق.
قالت بصلابة " يسعدني ذلك, والآن حان الوقت كي اعود الى شقتي"
" لم تتناولي شيئاً من الطعام بعد "
" لا شهية لدي اكثر من ذلك" وتشجعت للنظر في عينيه , متسائلة فيما لو هو الآخر فقد شهيته ولنفس السبب مثلها . كان هذا اللقاء مؤلماً للغاية.
" الى الشقة , وهل تشاركين فيها شريكك؟"
---------------------
كم يكون الآمر مهماً إن كان يحاول استبقاءها بأسئلته . لكنها شكت في ذلك. هناك متسع من الوقت لانتظار ماريا لويزا ولماذا لا يملؤه بمضايقة روث.
سألت بثبات" ماحجم البرهان الذي تريده يا فرناندو؟ اظن انه سبق و اوضحت ان ستيف وأنا اكثر من شركاء في العمل"
" آه , لكن يجب ان اعرف ذلك بالتأكيد , فهمت , ولأن لدي بعض الظنون وقبل ان تسأليني لماذا أنا على هذا القدر من الاهتمام , اؤكد لك انه نوع من الاحترام لذاتي بالذي اود معرفته"
رفعت روث حاجبيها بتساؤل وتمتمت ببساطة " تابع "
" لا يعجبني ستيف كثيراً"
اردفت روث معترضة " إنك لا تعرفه !"
" صحيح , لا اعرفه ولا نية لي في ان اتعرف اليه, لكنه يثير فضولي , أراه رجلاً ليس بالطويل, يسر بمجرد النظر اليه, لكنه بارد , غير مثير , ولا يتمتع بالجاذبية"
قاطعته بنفاذ صبر" ما الذي ترمي اليه يا فرناندو ؟"
تشابكت نظراتهما , نظرت روث باردة وعدائية , ونظرات فرناندو حالكة وغير نافذة " ما الذي يملكه هو وأنا لم استطع تأمينه لك ؟" سألها بنبرة قاسية هزت روث هزاً اكثر مما لو صرخ في وجهها .
اقشعر بدن روث , لو يعرف فقط انه مامن رجل يستطيع ان يقدم لها ماقدمه هو , ثلاثة عشر يوماً من الايام المثيرة الحالمة التي ستلازمها حتى آخر حياتها. ازدردت ريقها ورفضت الاستسلام لاغراء كأس جديد, لأنها كانت في حاجة الى صفاء ذهنها .
" لا تريد حتى سماع ذلك, أليس كذلك؟ الذي تريده مني هو ان ان اضربك على الوتر الاحساس واغذي غرورك كأن اقول لك إنه من صعب مقارنته بك"
ابتسم اخيراً" بالطبع فلدي كرامتي"
" نعم اعرف ذلك, ولدي ايضاً كرامتي بألا اشير في هذا السؤال الى مدى المقارنة بين ماريا لويزا و بيني . اعتبر هذا شيئاً مبتذلاً" قالت ذلك بامتعاض, ثم وقفت بارتعاش وتناولت حقيبة يدها المسائية من على الكرسي القريب منها.
" والآن , لو تعذرني "
" سأوصلك الى شقتك"
اصرت روث " لا داعي ابداً لذلك, اعرف الطريق وهي ليست بعيدة" إنها لا تريد مرافقته الى شقتها . ارادت ان تكون بمفردها, لمواجهة صدمة هذا اللقاء الذي قلب كيانها .
" لقد بدأ المهرجان , والشوراع ستكون مزدحمة .. بالمشاهدين"
قالت روث بحدة, وعيناها تضيفان بانذار " سأكون على احسن حال ! ألا تظن ان من الواجب عليك ان تنتظر ماريا لويزا ؟" عاد الساقي الى الطاولة ووقف فرناندو للتكلم معه. لقد كانت فرصة لروث للانسحاب لكن كان عليها دفع فاتورة الحساب , التقتطت حقيبتها بارتباك لتتناول محفظتها , لكن فجأة كانت يد فرناندو تمسك رسغها واجبرت على الخروج من المطعم.
" لم ادفع"
--------------------------
" لا تهينيني "
" لا اتوقع منك ان تدفع "
" لا تتوقعي شيئاً "وهو يجرها باحكام من مرفقها حتى بدأت تشعر بالألم.
" فكر عميق, أهو فلسفتك الشخصية؟"
" نعم , منذ سفيل"
كادت روث ان تقع وهي تهبط درجات سلم المطعم نحو الشارع المرصف بالحصى. كانت كسيرة القلب فلم تستطع ان تحلل ماالذي قاله الآن. كان اول ما لمح به هو ان سفيل عنت له شيئاً . كان مريراً. لو كان فعلاً مهتماً بها لما جعلها تبعد عنه بهذه الطريقة.
" من هنا" صاح بها فرناندو, وهو ينقل قبضته من مرفقها نزولاً الى يدها " الا إذا اردت ان تنتهي في البحر المتوسط"
لم تعد روث تميز أي اتجاه يسلكان منذ ان سحبها من يدها بوحشية , وكانت تتأرجح من خلفه بكعب حذائها العالي. كان الناس في كل مكان. يحتشدون عند جانب الميناء لمراقبة الأنوار المنبعثة من المراكب المزينة والاسهم النارية التي تحلق في هواء الليل الساخن .
فتيات صغيرات يرتدين فساتين الغلامنغو الطويلة الفضافضة يذهبن ويجئن بابتهاج, ويرقصن رقصات الغلامنغو الملتهبة فهن صغيرات جداً لأدراك ماكن يفعلن.
" اين تلك الشقة التي تشاركين فيها حبيبك؟"
سحبت روث يدها بقوة منه " كال دل باريسو " غنتها له بسخرية , آه , لقد كانت في غاية الشجاعة المؤلمة .
قاطعها ليتعادل معها في السخرية " العيش معه يعني السعادة , أليس كذلك؟"
" لقد كنت ساخرة , كما تعلم وقد حان لتعلم ان ستيف و أنا ..."
انفجر سهم ناري فوق رأسيهما وصرخت من هول الدوي . احتضنها فرناندو بين ذراعيه ودفنت رأسها في قميصه عندما انفجر وابل من تلك الأسهم فوق رأسيهما . كان قميصه ناعماً من النوع الحريري فشعرت بدفئه . كان عبيره يثير الذكريات المؤلمة. احست بدوامة عاصفة من الرغبة نقلتها الى سفيل باضطراب . لقد افلتها وكأنه هو ايضاً جرفته ذكريات سابقة.
" انت ... من الافضل ان تعود الى المطعم .. ماريا لويزا .."
قال بخشونة " يختي هناك . إنني مهتم أكثر بك أنت في هذه اللحظة. انت غريبة عن هذا البلد واريد الاطمئنان الى انك وصلت الى شقتك سالمة"
ذكرت اسم مبنى الشقة من دون مجادلة. ممتنة جدا لاهتمامه. وكانت هناك ضجة كبيرة من حولهما , اطفال يصرخون بحماس بينما عرض للأسهم النارية ظهر عند الخليج. وفتيان يرتدون ثياباً مخيفة تفرقوا عبر الطريق وهم يصرخون بأعلى اصواتهم .
----------------------------
نبض قلبها بشدة لكن سرعان ماهدأ عندما ارشدها فرناندو الى شوراع جانبية اقل ضجة وبعيدة عن الميناء.
سألها بينما كانا يسيران " الى متى ستبقين هنا؟"
بقيت روث على مسافة منه, لكنها لم تستطع فعل شيء إزاء العبير الفواح الذي احاط به. بدا مميزاً وهو يمشيء عبر الشوراع, رأس وكتفان تعلو عن الجميع , نساء يتمايلن فوق الشرفات وهن ينثرن الزهور, ونساء اخريات اصغر سناً واكثر انفتاحاً اظهرن ابتهاجهن بصوت عال غريب وتخطى فرناندو هذا كله. بالتأكيد كله.
اجابت " إلى ان نصل بعملنا الى مرحلة الانجاز"
" لقد عنيت ماقلته لك بشأن الاتصالات . إن كنت في حاجة الى اية خدمة وفي استطاعتي القيام بها , ما عليك سوى السؤال"
زال التوتر عن روث واحست براحة عميقة . هذا مايجب ان يكون بين صديقين سابقين عندما يلتقيان , تصرف طبيعي , لا عداء فيه , لكن مع الماجور كي كان الحب او لا شيء , لذا اللا شيء يجب ان يكون.
" شكراً لك , ساحفظ هذا جيداً" مع انها لن تفعل ابداً.
" اتريدين بعض القهوة قبل الدخول ؟" سألها بعدما وصلا الى المبنى الذي تسكن احدى شققه وكان هناك مقهى بمقاعد وطاولات بيضاء من المعدن في الشارع. كان مزدحماً ويضج بالضحكات العالية بينما تعالت اصوات الموسيقى من اوتار القيثارة ونقر الرق. اردات كثيراً القهوة لتنسى بها مآسي تلك الليلة المزعجة , لكنها فضلت ان تقول وداعاً. وبطريقة ماكان مرح الناس في المقهى يقلقها ويضغط على اعصابها.
" لا , اشكرك , لقد تأخر الوقت "
" هذا بالنسبة الى البريطانيين , اما نحن الماجوركيون فقد بدأت السهرة عندنا الآن"
كان هذا التصريح يظهر حجم الاختلاف بينهما, فكرت روث بأسى . إنهما يعيشان في عالمين مختلفين.
مد فرناندو يده فحدقت روث بها. استحثها وهو يلوي بأصبعه " مفتاح شقتك لو سمحت"
هزت روث رأسها " استطيع رؤية طريقي"
" المفتاح يا روث"
ناولت المفتاح من دون ان تجادله أكثر , كان دائماً سيداً محترماً. لحقت به نحو المصعد . في ما كان قلبها يخفق بشدة !
لقد كان المصعد خاوياً تماماً مثل عقلها عندما اسلمت نفسها ببساطة للحب في سفيل.
" اين تقييمين في بولنسا؟"
" بولنسا؟" شعرت بالانهيار وهي تضغط على زر الطابق الذي تقيم فيه رافعة رأسها نحو الأرقام التي تتوالى كما يفعل الجميع عندما يقفل باب المصعد " كيف عرفت انني ذاهبة الى بولنسا؟"
" انت من اخبرني , في وقت سابق قلت إن شريكك سيهتم بمركز خدمات السياح والخطوط الجوبة هنا في بالما "
" نعم, نعم , تذكرت الآن " كان رأسها مشوشاً, غير قادر على التركيز من وقع الصدمة من دون ادنى شك , لقد استخدمت هذا المصعد سابقاً للنزول به مع ستيف , وهاهي الآن تستعمله مع آخر شخص تصورته في هذا العالم للصعود به.
-------------------------
خرجا من المصعد والتفتت روث نحوه.
" لم يكن هناك حاجة لتجهد نفسك لهذه الدرجة"
" لقد اجهدت نفسي اكثر مما تظنين" تمتم بغموض وهو يتحول عنها , وفتح باب الشقة ثم تراجع ليفسح لها المجال في الدخول.
" قبل ان تقدمي لي شراباً , سأضي..."
قاطعته بسرعة " لم يكن هذا مرادي "
هز كتفيه بعدم مبالاة "ما ظننت انك كنت كذلك, هذا بدافع من روحي المرحة , كم انت سريعة النسيان"
تورد وجهها وهي تعض على شفتها " نعم, تتسارع عجلة الايام بسرعة مذهلة هذه الايام "
"اوافق" ارتفعت يده فجأة لتستند على حافة الباب . موضع رائع يهيء نفسه به من اجل قبلة , فكرت روث بسرعة في هذه اللحظة الحرجة. لكنه لم يفعل واحست بقلبها يبطئ بدقاته احياناً ويسرع احياناً من شدة خوفها فكادت ان تسقط.
" هل لك ان تخبريني ؟" ثم توقف عن الكلام, في حين ارتفعت حرارتها كإنذار لواقعة قد تحدث " هل تنامين جيداً في الليل؟" وجاء صوته فجأة مبحوحاً مخيفاً ومتوعداً.
" لا..لا مشكلة " تفوهت بذلك وهي على اعتقاد ومتوعداً بأنه قادر على تلمس خوفها. لم تعجبها نبرته على الاطلاق, لقد ادخلت الوجل الى قلبها.
" إنك تدهشينني يا روث, انت فعلاً تدهشينني" كان صوته يتقطر سخرية " لابد وان ستيف هذا يخفي مواهب كثيرة. ظننت انني الوحيد الذي ترتاحين معه, هذا ماقلته لي في يوم من الايام , لقد قلت انني الوحيد الذي جعلك سعيدة "
" اخرس!" قالتها من دون وعي, ودموعها تتجمع الآن , الدموع التي وعدت نفسها بها يوم افترقت عنه.
قال وهو يرفع حاجبه الداكن" هل يحرجك هذا؟ تكلمنا مرة عن كل شيء"
اعترضت روث بقوة "مرة ! هذه المرة التي تتكلم عنها قد ولت"
صاح وهو يسبل يده الى جانبه " لا, الآن هناك ستيف كانوك , ربما كان هناك قبل ستيف كانوك آخر"
"ماذا .. ماذا تعني؟"
"حسناً, اظن انني بدأت ادرك كيف تتعاملان انتما الاثنان , انتما حبيبان الآن وهناك احتمال بأنكما كنتما كذلك قبل سفيل"
"لا"
"لا؟ اظن نعم , واظن ان هناك تدبيراً بينكما باختيار آخرين عندما تشعرون بالحاجة الى ذلك, لكني احذرك يا روث , لا احب هذا الصنف من الألاعيب . فإنها مؤذية وتجلب الألم للآخرين"
لقد جرحته , لذلك لابد وانه كان مهتماً . واختلجت انفاسها عندما جاء صوته متوعداً" اخبري حبيبك وشريك عملك لدى عودته بأنني سأدمره ان وضع اصبعاً على ماريا لويزا مرة اخرى. هل تفهمين ذلك؟."
---------------------------
تمنت روث الموت . ارادت في لحظات ان تضربها صاعقة وتحولها الى رماد. لا , لم يحب فرناندو هذا النوع من الألاعيب التي يتصورها, لكن ليس من اجله.. فعواطفه ممنوع مسها. كان هذا شعوره تجاه ماريا لويزا الغالية , كان يهتم بها بصدق , وكان هذا شيئاً لا تريد روث التفكير فيه.
" لن ...لن اخبره بشيء من هذا القبيل يا فرناندو, لأن مشاكلك تعنيك انت وحدك" كان صوتها يعبر عن اشفاق كبير" لكن تذكر امراً قبل ان تهدد ستيف كانوك . إنه لم يعد بعد ولا ماريا لويزا الغالية عليك, ونعلم كلانا انه قد فات الآوان الآن !"
اختلجت مشاعر روث وهي تشاهد التعبير الذي بدا في عينيه الداكنتين . كانت قبضتا يديه تتكور عند جانبيه. لم تره غاضباً قبل الآن. برقت عيناها بعصبية وكأنها تتوقع انفجاراً لهذا الغضب.
قال بخشونة " إذاً كلانا لديه مشكلة للتدوال فيها"
قاطعته روث بشجاعة" لا! لا مشكلة .."
قاطعها فرناندو " لكن لديك ! لأنه إن لم تبعدي حبيبك عنها سأعمل على اخراجكما من هذه الجزيرة بسرعة أكبر من سرعة النارية التي تنطلق هناك, هل كلامي واضح؟"
تمتمت ببرود" تمام الوضوح" عيناها مثلجتان كعينيه, واجهت تحديه بشجاعة, عزمت على ان لاتقوم بأية بادرة من هذا النوع , إنها حياة ستيف, فرهبة هذا الموقف جعلها عاجزة عن التدخل على اية حال. لكن فرناندو لم يدرك هذا, مع انها حاولت المستحيل لأن توضح له انها وستيف لم يكونا حبيبين في يوم من الايام , لكن هذا لا يهم الآن. قال ستيف انه يؤمن بالقدر وإن كان فرناندو في استطاعته فعلاً اخراجهما من الجريرة فهذا يعني حكم الأقدار وهي لن تتحدى هذا ابداً.
ابعدت نظرها عنه ودارت لتدخل الشقة . لم يعد هناك أي شيء لفعله او قوله . وشعرت فجأة بارهاق شديد, احست بالألم يلف جسدها ورأسها يكاد ينفجر نتيجة حبس دموعها.
امسك فرناندو بيدها وادارها لتقف في مواجهته. كانت يده دافئة وقوية, وامسك ذقنها بيده الأخرى واوقفها بحزم.
همس" يالبرودة! اعصابك, ومع ذلك كنت ذات مرة دافئة ومليئة بالمشاعر , لايهم إن تصرف ستيف معك كماتصرف مع ماريا لويزا, ذلك لأن لا قلب لديك. ستيف وانت تستحقان بعضكما بجدارة , فلتذهبا الى الجحيم انت وهو "
سمرت الصدمة روث في مكانها كان يخالجها غضب والم شديدين في اعماقها ولفرط ذهولها من قساوته لم تستطع الدفاع عن نفسها.
احنى فرناندو رأسه وصوبت روث وجهها نحو الباب . آه , لا . اغمضت عينيها, وهي تحاول السيطرة على اعصابها . لن تستطيع كتم الحقيقة ان حبها لا زال على حاله على الرغم من حقده عليها.
فتحت روث عينيها بامتعاض بينما كان فرناندو يحدق بها, إنه فرناندو آخر, لم تعد تعرفه ابداً. لمعت عيناه الداكنتان باستهزاء والتوى فمه بقساوة وهو يقدم مفتاح الشقة اليها عوضاً عن القبلة المنتظرة.
-----------------------
قال بخشونة" كنت اتمنى لو لدي الشجاعة الكافية لاقبلك, لكنني أراعي آداب السلوك وقاعدتها في هذه الحياة وهما مهمان ويضعان حداً بيني وبينك في لحظات الضعف هذه"
رفع يدها الدافئة ووضع مفتاح الشقة فيها وبما انه لم يعد هناك أي شيء لقوله استدار ومضى, تاركاً روث فاقدة الحس, فاقدة القوة لتصرخ في وجهه مدافعة عن نفسها.
انتهت روث من رشف قهوتها ثم غسلت الفنجان قبل ان تكتب رسالة الى ستيف . وكانت قد اطمأنت عليه في غرفته وكان غارقاً في نوم عميق, حتى انها لم تشعر بالامتعاض من نومه بسلام واطمئنان بعد ان عانت من ليلة مؤرقة من الذعر. لقد عاد عند الفجر , متسللاً الى داخل الشقة كي لا يوقظها. من المؤكد انه لم يرد استيضاع الموضوع وهذا ماجعل روث تشعر بالارتياح . لم تكن جاهزة بعد, وكذلك ستيف . كان كل منهما في حاجة الى الانفراد بنفسه لبعض الوقت.
قالت في رسالتها انها في طريقها الى بولنسا كما هو مخطط وسوف تتصل به هاتفياً بعد ذلك. لم تشر الى الليلة الفائتة او الى ماريا لويزا . ستستمر الحياة كما خطط لها, قالت لنفسها بعزم وهي تجتاز الشارع نحو مكتب لتأجير السيارات وحقيبة السفر في يدها. في استطاعة فرناندو سيرا ان يهدد مايشاء لكنه لا يستطيع توقيفها عن الاستمرار في عملها.
تركت روث بالما وتابعت طريقها نحو فالدموسا. كانت السيارة المكشوفة التي استأجرتها سهلة القيادة . مماجعل الهواء الذي اخذ يعبث بشعرها ان يمنحها ذهناً صافياً.
استغرقت في التأمل قائلة لنفسها , إنها جزيرته وهي تستمتع بالقيادة بساتين اللوز و الزيتون. كانت مميزة . كان الوقت متأخراً من السنة لتنضج ثمار اللوز لكن منظر الوادي كان رائعاً جداً. كانت ماجوركا شهيرة بفصلها الربيعي حيث يتفتح زهر اللوز, هذا ماقاله لها فرناندو يوماً. لقد تكلم ايضاً عن فالدموسا, من اجل ذلك سلكت هذه الطريق نحو شمال الجزيرة . لقد امضى شوبان شتاء في هذه الجزيرة مع حبيبته جورج ساند. لقد رجمها سكان الجزيرة بالحجارة بسبب ارتدائها السروال في الشارع واضاف فرناندو بكآبة : كم تبدلت الأمور منذ حينها, والآن قد تغير كل شيء في ماجوركا.
كانت روث مفتونة بمكان اقامة شوبان , حيث الف مقطوعته الموسيقية ( مسيرة الجنازة ). كانت ترتاح على لوح مفاتيح البيانو وردة حمراء كثيرة المشاعر. وشكت روث , لابد وان حبيبته اشمأزت لهذا الضرب الخيالي, وكأنها ايضاً لم تستطع التأقلم مع السكان المحليين ولا هم معها. تعاطفت وشعرت روث معها . لقد مرت الحبيبة باوقات صعبة.
كانت محطة روث التالية بلدة ديا. هنا المكان الذي قصده كل المفكرين والفنانين. أنشأ روبرت غريف مكان اقامته هنا وفهمت روث ما الذي دعاه الى ذلك. لقد كان مكاناً شاعرياً حالماً. القرية جميلة بمنازلها الملونة ونوافذها ذات المصراعين وبشوارعها الضيقة ضمن بساتين الزيتون المنتشرة فوق التلة . يبدو انه المكان الذي يقع فيه سحر ماجروكا , الدويند, كما كان فرناندو يقول .
-------------------------
وسكن بيكاسو ايضاً قرب مجموعة من اكواخ المزراعين . وتساءلت في اي مرحلة كان مبتهجاً خلال اقامته هنا.
تابعت روث القيادة الى بوارتو سولر حيث توقفت من اجل استراحة قصيرة وشراب منعش قرب الشاطئ. كان المكان مزدحماً بالسياح يتمتعون باشعة الشمس وهم يمارسون رياضة البحر . احست بانعزال تام وبأنهما ليست جزءاً منهم. ثم ابعدت عنها هذا الشعور بعزم وتصميم. سوف تقوم بأفضل ما لديها في الايام التالية, العمل وهناك وقت كاف للراحة وجمع اشلاء نفسها , والأهم من كل ذلك نسيان فرناندو سيرا.
اعلنت روث " اسمع, هذا في غاية السخافة, اعرف ان شريكي قام بالحجز الكامل, باسم شركتنا , وقد اتصلت البارحة لأؤكد حجز تلك الشقة, كما انني اميز صوتك"
لكن الشاب الذي يقف وراء مكتب الاستعلامات في المدخل هز رأسه باصرار " اظن انك على خطأ, يا سينيوريتا"
اعلنت روث بضيق" لا اقترف الأخطاء" كانت تشعر فعلاً بالتعب الآن, متمنية عدم اطلاق العنان لنفسها على مرأى من الجميع " اسمع , لدي فاكس " وفتشت باضطراب في حقيبتها . اللعنة, من المستحيل ان تكون تركته في بالما. كان من الممكن حدوث هذا, وبسهولة , بعد الذي حصل الليلة الفائنة من اضطراب وفقدان للأعصاب ! قالت باستسلام " حسناً, هذه الأمور تحدث, إذاً اريد استئجار غرفة اخرى"
" لا يوجد أي مكان"
حدقت روث في وجهه غير مصدقة. بدا محرجاً وغير آسف بالتأكيد .
صاحت روث بشك" اكتمل معي؟ هذا غير معقول !" واشارت بيدها عبر الباب المفتوح نحو عدد هائل من المساكن البديعة العطلية بالكس الأبيض وعلى الشقق الخاصة بالسياح التي تملأ قسماً كبيراً من الريف" لديك الآلاف منها في الخارج هناك "
" لا يوجد مكان شاغر, يا سينيوريتا , ربما نسيت انه الموسم السياحي"
شحب وجه روث بارهاق . إنها في حاجة الى ثلاثة ايام كاملة في هذا المكان وفكرة القيادة ذهاباً وإياباً من بالما كل يوم ...لا . هذا غير ممكن.. هذا مستحيل.
سألت بضعف وهي تدفع خصلة من شعرها المتشابك بفعل الهواء عن حاجبها " هل .. هل من مكان آخر تقترحه ؟"
"آسف , ما من مكان شاغر في بولنسا , لدينا الآن المهرجان الموسيقي " جاء صوته متقطعاً بينما كانت روث تنظر اليه بحدة, فاضطر الى ان يخفض نظره نحو اوراق العمل التي امامه. كانت ايماءة لها بالانصراف , وفهمت روث انه لا يستطيع المساعدة اكثر.
وتحرك شيء عميق في داخلها مشككا , لكن لا, لم يكن هذا معقولا. من المؤكد انها لم تقم بأي خطأ في الحجز وكانت قد اكدت عليه. كانت الشقة في الليلة الماضية في متناول اليد, اما اليوم فلا.
-----------------------------
حاولت روث ان تفتح فمها للاعتراض لكنها سرعان ما عدلت عن ذلك . خرجت بيأس ووقفت تحت اشعة الشمس الساطعة محتارة في امرها, وادركت انه لا بأس في التفكير قليلا.
سي الكويلا - كان هناك العديد من اللافتات التي كتب عليها للإيجار عندما كانت تقود ببطء عبر المجمع, كلها تطلب من الزبائن الذهاب الى مركز الاستعلامات من اجل التفاصيل واحست روث بغضب شديد.
فرناندو سيرا , انك في ورطة كبيرة , واعتمل الغضب في داخلها ومرة اخرى سحبت نفسها الى الخارج من مركز الاسعتلامات, هذه المرة لن تنخدع ابداً. كان في استطاعتها ان ترشو عامل الاستعلامات الحقير . لكنها عقدت العزم على كشف الحقيقة وكشف ملابساتها.
------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-03-19, 05:50 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الرابع
كلفها هذا الامر الكثير من المال . لقد كلف روث اعتدادها بنفسها بأنها دفعت للقيام بمثل هذا الشيء. حسناً , مع بعض الحظ استطاعت العودة على نفقتها , باقتناع تام .
قادت السيارة بشجاعة في الطريق المخصصة لسباق الدراجات وسط اريج شجر الصنوبر, كانت لا تشعر بالوجل بسبب ثورتها الجامحة على فرناندو الذي كان في مقدوره فعل شيء كهذا. كان عامل الاستعلامات فاغراً فاهه ومستعداً تماماً لأية رشوة عندما فتحت روث محفظتها . لقد ابلغه فرناندو بأن يقول لها عندما تصل بأن لا مكان شاغراً في النزل! كيف تجرأ على ذلك؟
كان من السهل العثور على كازابينان. دل الطريق الخاص بالدراجات مباشرة إليها. ترجلت روث من السيارة عند البوابة الحديدية الثقيلة . كان المكان يشبه حصناً بجدرانه الحجرية العالية والذي ينبسط فوقه نبات معترش اميركي, قريب الشبه من اللون الذي انعكس على وجه روث بسبب الثورة الضخمة بعنف شديد عندما سمعت قرقعة وفتحت البوابة .
تأملت وهي تقفز نحو السيارة لتقودها صعوداً على طريق خاص مرصف بالحصى, وتابعت روث تأملها, في استطاعتي ان اكون كاللصة التي تتسلل ليلاً في سبيل ان تعرف كل شيء.
-----------------
توقفت امام القصر الحجري الضخم الذي يشبه القصور المغربية, والذي كان منزل فرناندو سيرا , وماريا لويزا بالطبع. حثها غضبها الشديد لوصولها الى هذا الحد, لقد وصلت وشعرت باضطراب داخلي , قد يكونا هنا, معاً, وحينها لن تستطيع ان تحتمل ذلك, ولكن عليها تخطي هذا الأمر, وقليل من الوقت كاف لاطلاق العنان لغضبها الكبير.
" كم كلفك هذا؟"
دارت روث حولها لتقف وجهاً لوجه امام فرناندو الذي ظهر من دون ان تشعر به , بينما كانت تنعم النظر بالمنزل ولم تبدُ عليه الدهشة لرؤيتها.
" ماذا ... ماذا تعني ؟" واحست بجفاف مفاجئ في حلقها . كان يرتدي سروالاً قصيراً ابيض اللون وقميصاً من اللون نفسه , ويحمل مضرب التنس والتنس لعبة رياضية تتطلب شخصين على الأقل. ندمت على مجيئها ! التمعت عيناها بقلق وهي تفتش بنظرها عن ماريا لويزا.
" إنها ليست هنا" تمتم بلهجة ساخرة اظهرت جليا انه يعرف تماماً ما الذي كانت تفكر فيه"خرجت منذ بضعة ايام , إذاً كم كلفك؟"
" ماذا ؟"
" الرشوة"
" أية رشوة!؟" شعرت بحرارتها ترتفع وهي غير قادرة على السيطرة عليها .
" تذكري انه كان لنا مناقشة حول ذلك في يوم ما, آداب الأخلاق الرشوة في الحصول على ماتبغين . كنت على يقين كبير بأنك قد تقومين بذلك"
اردفت روث " بكل مايختص بما يحبط الحياة وتحدثنا ايضاً عن الفدية وقلت سأدفع المطلوب من اجل انقاذ الحياة... "
ذكرها " قلت ستدفعين من اجل انقاذ حياتي "وكانت عيناه تومضان بطريقة جعلت روث اشد غضباً عما مضى" لأنك ظننت بأني كنت استحقها"
" الأمور تتغير يافرناندو , لن افرط بأي درهم من اجل حياتك الآن "
ضحك عالياً" لكنك افرطت ببعض منها للعثور على مكان اقامتي , هذا يسرني"
كان عليها ان تعرف من دون شك ان عامل الاستعلامات الغبي سوف ينبئ فرناندو , من اجل سلامة رأسه. من المؤكد انه اتصل به حالما خرجت من المكان , فلاعجب الآن كيف فتحت البوابة من دون أي جهد يذكر , ولا عجب ايضاً في عدم دهشته لرؤيتها.
اعترفت بتحد" نعم , فعلت , ولكن لا تشعر بالسرور, اما الذي يستحق قوله فهو كم انت تافه. إذاً هذا انت. انت التافه , المفتقر التافه. اشعر انني احسن حالاً الآن " رفعت رأسها وابتسمت له بعذوبة" سأعود لأقول الآن لعامل استعلامات كم هو ايضاً تافه ووضيع , وإن لم يسلمني مفتاح الشقة التي سبق وحجزتها ودفعت عربوناً عليها , سأصرخ عالياً على مدى المسافة التي تفصل بينه وبين المدير" ورفعت اصبعها منذرة في وجه فرناندو " ولا تقل إنك انت مدبره , لأن ذلك التافه, الرخيص , ذكر اسم مالك المجمع السياحي, وهو انريك ارمنغيل , وهذا لا يعني فرناندو سيرا"
-------------------------------
ابتسم فرناندو ابتسامة واسعة ولوح بمضرب التنس وكأنه يزنه بيده " قال لها " لكنه يعني اسم ابن عمتي"
احست روث بقلبها يعلو ويهبط من شدة الغضب . قالت بغضب مشتعل " ايها ... ايها اللعين "
قال متحدياً وهو مازال مبتسما تلك الابتسامة العريضة" ماعدت تافهاً أليس كذلك؟"
هزت روث رأسها بيأس وصاحت بمرارة " إلى أي مدى ستستمر في تدمير عملي , لن اسألك حتى عن عدد الاتصالات الهاتفية التي قمت بها من اجل العثور على المكان الذي سأقيم فيه"
قال بلطف قاتل" واحد فقط , إنها جزيرة صغيرة جداً, حيث الاستعلامات فيها محصورة "
" حسناً , لن تنتصر عليّ لأنني سأعثر على مكان آخر اقيم فيه, انت وابن عمتك لا تملكان هذه الجزيرة "
"صحيح , اننا لا نملك اغلبيتها , لكن في امكاننا ان نقف حجر عثرة لصدك"
انفجرت روث في وجهه بازدراء " هذا ما ستقوم به , إنك تبعث القرف في نفسي يا فرناندو وسبب كل هذا ماريا لويزا, لقد ظننت انك اكثر شهامة في ذلك" دارت مسرعة وكانت على وشك القفز الى سيارتها عندما خطى الى الأمام واعترض طريقها بمضرب التنس عند باب المدخل المفتوح.
" نعم إنني اكثر شهامة مما تظنين, ولا نية لي في تدمير عملك. لك الحرية المطلقة في القيام بما تشائين .. فقط عندما اشعر بأنني مهيأ للافراج عنك"
صاحت مرتابة" الافراج عني؟ الافراج عني مم ؟ من لعنة ابدية تربطني بك في اول فرصة مناسبة ؟"
"كانت لعنة فعلاً, ألم تكن؟" وفجأة اصبح جدياً للغاية" بالنسبة لي ايضاً يا روث . كان أسوأ يوم في حياتي عندما استسلمت لسحرك , وسيكون من الممتع رؤيتك فاقدة ذلك السحر, لأنك ستحتاجينه خلال الايام القليلة المقبلة بكل معانيه"
اعتلت الدهشة وجه روث" ماذا تقصد ؟ إلام ترمي بكلامك هذا؟ قلت الافراج عني .. لا تستطيع .." وضحكت بصورة مفاجئة , ضحكت من خلال شفتين مضطربتين " هل .. هل تظن بأنك تستطيع الاحتفاظ بي هنا ؟" لم يكن جاداً , من المستحيل ان يكون .. ومن أجل ماذا ؟
" إنني لا افكر في هذا الموضوع اكثر لأنه اصبح امراً نافذاً"
حدقت روث فيما حولها بعينين واسعتين , كان هناك بعيداً عن المنزل اشجار من الصنوبر على بعد اميال .. وذلك الحائط الحجري العالي.
دفعت مضرب التنس بعيداً عن طريقها ودخلت السيارة . كانت هذه مضايقة وحسب لاشباع رغباته . لا يمكن احتجازها هنا . ادارت محرك السيارة وهي تتعثر بناقل حركة السرعة بينما تحرك الى ماوراء السيارة وسحب حقيبة السفر.
-----------------------
" احتفظ بها!" اغتاطت وهو يضعها في فناء المدخل الامامي للمنزل. اوشكت اخيراً على الانطلاق بالسيارة عندما ظهر فجأة بجانبها عند باب السيارة .
" لن تستطيعي عبور البوابة الحديدية يا روث. انها تفتح و تغلق آلياً من ورائك , يمكنك تسلق الجدران ان كنت عازمة على الهروب, لكن ماذا بعد ذلك ؟"
صاحت بشدة " المشي! السير على اقدامي فيما لو اضطررت لذلك, لكن لا اظن ان هذا ضرورياً , هذه السيارة القوية تستطيع هدم بواباتك الأنيقة" واخذت تصدر صوتاً مدوياً من محرك السيارة وكأنها تتوعد.
" لا اظن ان شركة تأجير السيارات ستنظر بإيجابية كبيرة لهذا الأمر , ذلك ان تدبرت ادارة محركها مرة ثانية بعد صدمها بأكنان من الحديد الفولاذي"
"قد يستحق الأمر ثمن سيارة جديدة من اجل الهروب منك " اضطربت بشدة , وهي ترخي الكابح اليدوي.
" لا يستحق ذلك على الاطلاق . كلفة واحدة جديدة مثل هذه لا تتوازى مع العقد الذي تعملين من اجله او حتى التالي "
دخل السيارة واطفأ المحرك وهو يبتسم طوال الوقت " لماذا لا تترجلين من السيارة وتدخلين معي لنشرب شرباً بارداً وتعترفين بالانهزام"
ثارت بعنف " الانهزام! انك لم تهزمني!"
" لكني فعلت, لقد نجحت نجاحاً تاماً باستدراجك الى هذا المكان وها إنني احتفظ بك هنا ايضاً. وهذا ما يجعلني الفائز وانت الخاسرة , هذا انهزام لك في كل الأحوال "
صاحت روث بثورة جامحة " استدارجي الى هذا المكان ؟ تعني .. لا , ماكان في استطاعتك معرفة انني قد اضطر لرشوة احدهم ؟"
" لا, كانت هذه مكافأة لعامل الاستعلامات " وابتسم تلك الابتسامة الماكرة " سوف تستعدين مالك" أكد لها ذلك وما زال على تلك الابتسامة."كان في امكانك الحصول على المعلومات مقابل لا شيء لو كنت أكثر اقتناعاً بقليل, اكثر صبراً بقليل. لقد امرته باطلاعك على كل شيء تودين معرفته فقط لاجعلك تتلوين غضباً وانت في طريقك"
"أنت.. أنت ... فاقد العقل!, حسناً , لقد تمكنت من المجيء بي إلى هنا , وبكل ذكاء , لكن من اجل ماذا تريدني هنا؟"
لا ابتسامات الآن , لا اثارات ولا سخرية. فقط عزم جاد ومرعب . كانت عيناه باردتين غير مستقرتين , حين قال بصلابة " لجعلك تدفعين يا عزيزتي"
بعد ان حدقت مطولاً وفكرت ملياً لاستدراك هذا التهديد كان قد استدار متجهاً نحو المدخل الأمامي من المنزل, وهو يلتقط حقيبة سفرها من الفناء ويختفي.
خرجت روث من سيارتها بسرعة ولحقت به وصرخت بجنون !
"لدفع ماذا؟ من اجل ستيف؟ انتقام طائش لكونه الحبيب السابق لصديقتك ؟" آه, لكن لابد وانه مغرم بها كثيراً ليهبط بنفسه الى هذا المستوى " ما الذي تتوقع حدوثه يا فرناندو؟ هل تأمل في ان يأتي ستيف بحثاً عني وعندها تنفذ به حكم الاعدام لأنه احبها قبل ان تفعل أنت؟ كانا على علاقة منذ فترة طويلة ولا علاقة لذلك بماحدث الآن, لك ماريا لويزا "
----------------------------------
اتهم بعبوس " وأنت تستعيدين ستيف, ويجب ان يكون كافياً في ارضائنا جميعا, لكن هذا لن يتم الآن العلاقات العاطفية تخفي وراءها احياناً خيطاً رفيعاً من الألم , لا اظن ان شريكك اهتم للحظة بمدى الألم الذي خلفه في سفيل , لقد احبته ماريا لويزا"
توجه تفكير روث في لحظات نحو ستيف . افترضت ان ماريا لويزا تحولت الى فرناندو بخيبة امل عندما ترك ستيف سفيل وهكذا بدأت علاقتهما, وها ان فرناندو ثائر بهواجس لا يتصورها العقل ويقوم بتصرفات غريبة مثل الاحتفاظ بها في هذا المكان على الرغم من ارادتها فقط من اجل ان يثأر من ستيف.
" اتصل ستيف بها لكنها لم تعاود الاتصال به, ربما لأنك اقحمت نفسك في حياتها مباشرة. كيف تجرؤ على اتهام ستيف بأنه خلف آلاماً من ورائه بينما أنت ..؟" امتلأت عينا روث بالدموع فجأة وتراجعت خطوة الى الوراء التمست بهمس" دعني اذهب يا فرناندو , إنني .. إنني لا اريد التورط بهذا الأمر. ستيف وماريا لويزا.." هزت رأسها بهلع , فتناثرت بعض الخصلات شعرها الداكن فوق وجهها المتورد . كان هذا الأمر بأكمله يخصها وكأن بطريقة ما لا وجود لها ولفرناندو.
سأل بلطف غير متوقع " يؤلمك هذا , أليس كذلك؟"
تنفست بارتباك وقالت " نعم , أي كلام عن سفيل يكون مؤلماً" ووجهت نظراتها إليه, وكأنها تريده ان يرى الحقيقة من روائها وبأنه لا علاقة لها بشريكها او بماريا لويزا , الحقيقة العارية هي انها احبته ومازالت , لكنه لن يرى ذلك ابداً. لأن قلبه بات منشغلاً بحبيبة حياته الجديدة وبعض الجزاء للماضي.
قال بهدوء متجنباً نظراتها " سأعد لك كأساً , وبعد ذلك تهدأين" ودفع الباب الخشبي ودخل تاركاً روث خارجاً في الفناء.
هذه الدعوة الباردة الى البيت الحجري القديم اغرتها نوعاً ما في داخلها . كانت تشعر بعطش شديد وربما كأس شراب آخر قد يهدئ من اعصاب فرناندو كفاية ليفتح لها البوابة الحديدية لتعود الى بالما. ستعود الى هناك للتباحث مع ستيف ومن المحتمل ان يصلا الى قرار يغنيهما عن هذا العمل والعودة بسرعة الى بريطانيا. لكن هناك زبائن عليهما الاهتمام بهم و ... اللعنة! هناك شيء آخر اكثر جدية لادراكه, هل من المحتمل ان ستيف و ماريا لويزا قد عادا لبعضهما البعض؟ كيف ستكون ردة فعل فرناندو سيرا؟ ولحقت به روث بكآبة.
لم يكلمها وهو يرشدها الى السلالم عبر القاعة ذات الأرضية الحجرية , وكان الصوت الوحيد الذي تردد في انحاء القاعة.
" فرناندو " قالتها بنعومة عندما وصل الى اول درجات السلم " إنه شيء في غاية السخافة , لا استطيع البقاء هنا"
قال دون الالتفات إليها وهو يهم بالصعود " تستطيعين وستبقين , لا خيار لك ابداً"
لحقت روث به بارهاق وهي تجر قدميها جراً . لِمَ لا تسايره الآن وتحاول اقناعه لاحقاً بعد ان تستعيد نشاطها اكثر؟ قد تتمتع بعد ماتشرب العصير بصفعه بهذا الاقتراح, وهو ان ستيف وماريا لويزا قد يعودان لبعضهما البعض.
--------------------------

كان جناحها مريحاً للغاية, وكان له شرفة وراء نافذة غرفة النوم. وجلست روث عند حافة السرير بعد ان تركها , مشيراً إليها ان تنضم اليه في الطابق الأرضي بعد ان تشعر بالانتعاش ليجلسا قرب حمام السباحة لكأس شراب.
" قريباً ستهتدين الى الطريق الصحيح وتستقرين " كانت هذه كلماته الأخيرة بعد ان احتجت مرة اخرى عن عدم موافقتها في البقاء هنا.
كان عنيداً جداً واعمى البصيرة ومحافظاً بجنون ومع ذلك ألم تكن هذه الصفات محوراً للأهتمام من الدرجة الأولى ؟ لمست فيه العناد كما الحزم , قوة تذهلها في الرجل. عرف ماكان يريده ونال ما اراده . مملكة الفنادق التي يملكها كانت اثباتاً على ذلك . كان في تهوره شيء من الشاعرية وهذا ما حببها به. بدا وكأنه غير مدرك كم هو جذاب بالنسبة الى النساء . لقد امضى حياته في انشاء تلك الامبراطورية. كان هناك حتما نساء لكنه تلقاهن بشرود تقريباً واسقطهن متساويات بشرود ذهنه. استطاعت روث ان تبعد شروده هذا ولما لمس حبها وجد فيه متعة كبيرة .
تمتمت روث وهي تنهض لتتجه نحو الحمام " لقد فعلت خيرا . لقد فتحت عينيه بصورة جيدة والآن لا ترى تلك العينان سوى ماريا لويزا"
طريقته المحافظة اصبحت اكثر فعالية اليوم. كان دمثاً ومراعياً لشعورها وعاملها وكأنها شخص فريد من نوعه . وكانت هي كذلك , قالت بحزم لنفسها بينما كانت تستحم. لقد كان يقول هذا, فما الذي جرى؟ لماذا تركها بسهولة , ولماذا يعاملها بهذه الطريقة الآن؟
عادت ترتدي ماكانت ترتديه - سروالاً قصيراً اسود وقميصاً قطنياً من نفس اللون . لونها النحاسي, لمعان شعرها الداكن وعيناها الزرقاوان وان كانت كفيلة بأن تبعد عتمة اللون الذي ترتديه الى اناقة كبيرة .
عشق فرناندو اختيارها للملابس منذ سفيل, كان يقول انها ساحرة وكلها جاذبية باللون الأسود الذي كانت تفضله كثيراً .. آه , لماذا لا تتوقف عن العيش في سراب الماضي وتواجه هذه الورطة التي تعيشها الآن .
هبطت درجات السلم الحجري الذي انعطف بها نحو الطابق الأرضي متتبعة القناطر التي ادت بها الى فناء داخلي دافئ لكنه ملطف بواسطة نافورة ماء تقوست قطراتها فوق دلفين وطفل من الرخام .
حدقت روث حولها برهبة . كان منزله رائعاً, مظللاً وبارداً باعتدال.
كان هناك العديد من القناطر المغربية في كل مكان و أوانٍ خزفية ضخمة تطل منها نبات الغرتوق المشرق, كذلك نبات من فصيلة الزنبقيات ذو رأس شائك, اكتشفت روث زوايا خفية من المقاعد الحجرية الرمادية واريج زهر الياسمين بعبق في الأجواء. شعرت بلذة للهدوء والسكينة لروعة المكان على الرغم مما كانت تعانيه من الاضطراب الداخلي , هذا منزله الماجوركي.
-----------------------
شيد حوض السباحة بانسجام مع المنزل القديم المصقول في الباحة الخلفية. ليست بحجم اولمبي , بل ملتوية على شكل قوس, مياهها خضراء باهتة وقد انشأت من الحجر الطبيعي مع مظلات من سعفات النخيل , تظلل طاولات خشبية صنعت من اغصان الشجر.
جلس فرناندو إلى إحدى هذه الطاولات, يطالع جريدة دياريو دي مالوركا وكأن مامن شيء يشغله في هذا العالم, وهذا صحيح, اعتقدت روث, عدا انه يفكر بطرق جديدة لتعذيبها وتعذيب ستيف.
جلست روث وحول نظره إليها" هكذا افضل , تبدين اقل ارباكاً" طوى جريدته ووضعها فوق مقعد إلى جانبه.
" قد يبدو هذا عليّ يا فرناندو ولكني لا اشعر بذلك ولا ارى ماوراء كل ذلك, لاحتجازي هنا بهذه الطريقة."
" استريحي وتمتعي بالذي انت عليه"
" لم احضر الى ماجوركا للاستمتاع, بل جئت من اجل العمل وانت تمنعني من ذلك"
انحنى الى الأمام ليسكب لها كأساً بارداً من عصير البرتقال. قال بكآبة " هناك اشياء اكثر اهمية من العمل يا روث, اعتقدت بأنك ستدركين بعد كل هذا الوقت " رفع نظره إليها واضاف بفتور " لكنك لم تدركي بالتأكيد "
نظرت روث بعيداً وهي تشعر بحرارة مفاجئة . اللعنة عليك. كان عملها امراً مهماً لها. لم يكن عادلاً ولم يكن كذلك منذ عام مضى . آه, هل كانت عادلة؟ لماذا لم يتطرقا لكل هذه المسائل في حينها, ويتبادلا الرأي بها؟ اما الآن لقد اصبح الأمر متأخراً وميؤوساً منه.
قالت بتعمد حازم من اجل اخفاء ألمها " ان امر الجماعة الذين تجمعهم ببعض في غاية الأهمية , لا اريد احباط زبائني. وأنت كرجل اعمال تفهم ذلك جيداً"
" افهم ذلك وأنا لا اوقفك عن العمل ولكن اؤخره بعض الوقت فقط"
" لماذا ؟"
" لأني قررت ذلك, والآن اخبريني بما قاله لك حبيبك عندما عاد الليلة الماضية"
شربت روث جرعة من كأسها , لأن هذا ما ارادته اولاً, ولأنها تريد الاستمتاع بالدقائق التالية الممتعة وتذوق المتوقع منها . واعادت ببطء الكأس الى الطاولة .
"اتعني عندما جاء عند الفجر ؟ " تنفست بغضب . ادركت حالما تلفظت بذلك بأنه كان يعلم كل شيء . على أية حال , حسنا, لا بأس من تذكير لاذع.
" نعم, كان ذلك عند الفجر , أليس كذلك؟ إذاً ما الذي شعرت به حين اندس في مخدعك في تلك الساعة؟"
ارادت ان تصفعه مثلما كان يصفعها , لذا منحته ابتسامة ساحرة وقالت " ما الذي شعرت به يا فرناندو عندما اندست ماريا لويزا في مخدعك في تلك الساعة ؟"
ضاقت عيناه " هذا ليس مضحكاً"
ادلت روث بمرح" اظنه صياحاً " ومنحت نفسها مزيداً من الشراب , وتابعت " لقد كانا مع بعضهما البعض طوال الليل . لكانت هيوليود رفضتها لأنها لا تحمل مصداقية الأرض . من المؤكد ان الواقع اكثر سحراً من الخيال "
" انت حتماً لا تأخذين ذلك على محمل الجد"
" كيف بمقدوري ؟ إنك تطرح اسئلة غير مجدية فعلاً"
----------------------------------
فجأة تنهدت بعمق تنهيدة طويلة وابعدت شعرها عن وجهها .
" لم احدث ستيف بكل هذا , غادرت قبل ان يستيقظ"
عبس فرناندو "إذاً لم تحدثيه ؟"
تعجبت روث من ذلك العبوس لكن ليس طويلاً" اسمع يا فرناندو , لا يهمني ابداً ماكان ستيف وماريا لويزا يفعلانه طوال الليل..."
اعترض بقوة " لكنه يهمني أنا, قلت لك اني لا اريد لها الأذى مرة اخرى"
" إذاً لماذا تركتها تهرع خارج المطعم وبعدها تركته يلحق بها ؟ كان في استطاعتك اللحاق بهما"
ذكرها " احداهن استوقفتني"
هزت روث رأسها" لو كنت فعلاً مهتماً بها لما كنت اخذت ملاحظتي بعين الاعتبار. اظن انك اردت لهما بعض الوقت معاً , لكن ... لكن ليس اغلب ساعات الليل " انهت كلامها بهمس.
حدقت به من خلال رموشها الكثيفة . ظن بأنه ان منحهما بعض المجال معاً قد تتمكن ماريا لويزا من إخراج ستيف كلياً من حياتها . ابعدت روث نظرها عن تعابير وجه فرناندو المشددة. يؤلمها ان تراه على هذه الحال, لاجئاً الى الاحتفاظ بها في هذا المكان ليثأر من ستيف. آلمها قيام فرناندو بذلك من اجل اهتمامه العميق بامرأة اخرى, كان شيئاً غير ملائم. لكنها لم تكن تتصرف بلباقة ايضا. ارادت ان تؤلمه , ولكن كيف يستطيع المرء ان يؤذي من يحب؟
قال اخيراً " انت على حق , لا أرى أي سبب في محاولة ابعادهما عن بعض, لكنني لم اتوقع ان يمضيا مثل هذا الوقت الطويل مع بعض, فعلى ماريا لويزا التوصل الى التفاهم مع ..."
قاطعته روث بنعومة " فرناندو"
نظر نحوها بحذر , بسبب تغير نبرة صوتها.
" هل .. هل تحبها كثيراً ؟" ارادت ان تعرف ذلك, مع ان ذلك مؤلم. لقد احبت هذا الرجل وتعرف اكثر مما يعرف في هذه اللحظة , كانت تعرف ان ستيف يحب ماريا لويزا وان هناك فرصة سانحة لهما كي يعودا الى بعضهما مجدداً, وان عاد فسوف يعاني شخص واحد من ذلك, الا وهو فرناندو . تلاشى شعورها بإيذائه بينما كانت تنتظر رده.
قال اخيراً " أنا على ثقة بأني سبق واجبت عن هذا السؤال , الآن دعيني اطرح انا السؤال . اتحبين ستيف كثيراً؟"
لم ترد روث ان يستمر هذا , وقالت " فرناندو, احمل لستيف احتراماً عميقاً "
" وتحبينه ايضاً؟"
" لا , لا احبه, ليس يالطريقة التي تعنيها"
" لكنك تعيشين معه , وتبادلينه.."
صرخت روث " لا ابادله أي شيء ! يجب ان تضع حداً لذلك يا فرنادو . الذي يجمعنا هو العمل فقط . نعمل معاً بشكل جيد كما اننا صديقان حميمان"
ضاقت عينا فرناندو بعد هذا التصريح وتقلصت شفتاه الرقيقتان .
--------------------------
تنهدت روث وتابعت " نعم , اعرف ان ذلك لا يبدو صحيحاً , لكنها الحقيقة. ما من شيء يربطنا ببعض , الا تستطيع ان تفهم ان الرجال والنساء يمكنهم الحصول على هذا النوع من العلاقة ؟"
" لا" قالها بتبلد ذهن. وهو يضغط على اصابعه فوق حجره " لا استطيع فهم ذلك, ربما لو كنت لا اعرفك بهذه الشفافية لكنت اقتنعت , اعرف الكثير عنك وعن متطلباتك"
انفجرت بغضب" هلا تتوقف عن هذا؟ تجعلني ابدو مثل شخص تافه غير طبيعي , كنت مخطوبة وعلى آهبة الزواج. كان هذا الارتباط غلطة وكنت محظوظة للخروج منه دون مشاكل تذكر, وبعدها التقيتك وهذا مجموع كل متطلباتي كما وصفتها, لا احب ستيف, كما لم افعل ذلك قبل سفيل ان يعدها ولن يكون هذا ابداً , اهذا يقنعك؟"
اجاب ببرود" لا , البتة, لا اصدقك . لم تنكري كل هذا الليلة الفائتة , لذا لِمَ الآن؟"
"ناسبني ان لا اذكر ذلك الليلة الفائتة" اشتعلت روث غضباً وحدقت نحو شجرة نخيل صغيرة تتمايل بلطف في الهواء المنعش, واحست بانقلاب مفاجئ في نفسها بسبب عودة الذكريات التي تؤلمها.
" إلى أي حد؟"
دارت برأسها قليلاً لتنظر في وجهه . يتطلب ذلك شجاعة لكن شيئاً خفيفاً في داخلها كان يحثها على ان تكون صادقة . وضغطت بأصابعها وكان بها تستجمع قواها.
قالت بسذاجة " اردت الليلة الفائتة ان اثير غيرتك , اتهمتني بوجود حبيب في حياتي, واخترت ان لا انكر هذا"
ابتسم باشمئزاز " اخترت ان لا تنكري هذا لأنني كنت برفقة ماريا لويزا. إنها ليست هنا الآن وها انت تنكرين . اتساءل ما الذي ستكسبين من هذا؟"
اوضحت روث ببرودة شديدة" حتماً ليست عاطفتك او حبك المنكر, لا تنس, أنا لا اختار وجودي هنا الآن . ماكنت هنا لو انك انسحبت بسلام وتركتني ادير عملي. إنني انكر علاقتي المفترضة الآن لأنني سئمت كل هذه الاتهامات. فهي لا معنى لها على اية حال. لا يهمك ماقد اصل اليه , لكن اهتمامك الأوحد هو لشعور ماريا لويزا "
قال بلطف " لا اتوقع ان يكون قد طرأ في ذهنك ان الغيرة تملكتني عندما رأيتك معه الليلة الفائتة "
لم تكن عيناه مستقرتين عندما قال قال ذلك, اما روث فلم تستطع اخذ كلامه بجدية.
" ولا للحظة, كنت تعلم من هو ستيف.. شريكي في العمل "
" نعم, تميزته من سفيل"
" لم تتهمني حينها بأنني اقيم علاقة معه, فلماذا الآن ؟"
عندها نظر إليها , مباشرة , من دون اية عاطفة وقال بهدوء " ذلك لأنني كنت مجنوناً بك السنة الماضية, اعمى البصيرة لأي شيء و لأي كان"
كان هذا كل ما قاله وبطريقة ما كان كافياً بالنسبة إلى روث . احبها حينها لكن ليس الآن , حسناً , لقد عرفت ذلك الآن لكن هذا لن يبلسم الجرح.
تمتمت روث " أنت مفتون بماريا لويزا هذا العام " وهي تحدق بالأصابع التي كانت تعتصرها حتى باتت ساخنة وتميل الى الاحمرار . واطلقت زفرة طويلة تنم عن الاستسلام وبسطت يديها فوق سروالها القصير " لا افهمك يا فرناندو , اننا في الواقع , حبيبان سابقان , نتحدث عن ثنائي آخر من حبيبين سابقين , فما علاقتنا نحن وماذا تأمل من اسري هنا؟ لن يأتي ستيف لأجلي, انت تعلم ذلك"
---------------------------
قال فرناندو بوقار " انا لا اتوقعه آتياً ماكان هذا هدفي , فلا رغبة لي في رؤيته مجدداً, فقط املت ان تبلغيه تحذيري لأنني عنيت ماقلته , سأدمره ان جرحها مرة اخرى"
عبست روث" انا فعلاً لا افهمك, ظننت ان كل هذا من اجل الانتقام من ستيف بسبب علاقته السابقة بماريا لويزا"
" نعم , ظننت وقد ظننت خطأ , لقد سبق وقلت لك لماذا اريدك هنا وذلك من اجل جعلك تدفعين"
نهض ببطء وتناول جريدته. طواها بلطف واسقطها نحو فخذه.
اعترضت " لِمَ؟ انا لم افعل شيئاً, لا تربطني علاقة مع شريكي, ولا علاقة لي بما يؤلم ماريا لويزا . إنها ليست مشكلتي على الاطلاق , إنها مشكلتك !"
" نعم , إنها مشكلتي وانت صاحبة الحل, يا عزيزتي"
قفزت روث واقفة وواجهته عبر الطاولة " توقف عن ذلك يا فرناندو, انك مهووس جداً بماريا لويزا وهذا يصرفك عن التفكير بوضوح , برره لي , ان فكيت اسري سأذهب مباشرة الى بالما. قد تكون ماريا لويزا مع ستيف كما نحن هنا نتكلم, إن استطعت اقناع ستيف بأن يدعها وشأنها "
" لكنه ليس من اجلي, بل من اجلك أنت لأنك تريدين ستيف لنفسك"
" لا" صرخت روث , وهي تضغط على جانبيها . آه, لماذا لا يستطيع تصديقها؟" لا اريد ستيف , كما انني لم ارده قبلا.. إنه أنت ..." وتقطع صوتها . لم تستطع النطق بما ارادت قوله من انه كان الوحيد الذي تريده , قالت متلعثمة " إنه .. إنه أنت اللامعتدل"
" اظن بأنني معتدل جداً, وجعليني اوضح لك شيئاً , أنا لا احاول معاقبتك على ما سببه ستيف لماريا لويزا . قريباً سيعذبه ضميره وهذا عقاب لأي رجل " ودار حول الطاولة نحوها ومع تحركه تكلم ببطء كلاماً ذا معنى " أنت على حق, فلا علاقة لهذا بهما , هذا بيننا أنت و أنا . فرناندو و روث , روث و فرناندو " مد يده نحو ذقنها وادار وجهها الى ناحيته كانت عيناه تبرقان, فكه قاس لا حياة فيه " لا تظهري هذا الحذر الشديد . لست برجل عنيف . لن استعمل القوة لأنني لست في حاجة إليها . لا اصدق حتى انك تدركين جريمتك" مر بهامه فوق فكها وهو يحدق في عينيها.
" لكنك اقترفت واحدة يا روث, وواحدة سوف تدفعين ثمن ارتكابها . كم من المرات اخبرتك بأنني احببتك في سفيل؟"
هزت روث رأسها, محاولة الافلات من قبضته, إنها خائفة على حياتها ومستقبلها.
" يبدو ان بعض الوقت ملائم لاسترجاع حقوقي"
عبس , وهو يجيب نفسه " لقد دفعت أنا في الماضي, وستدفعين أنت الآن "
" لا تهددني " قالتها باضطراب من بين اسنانها المطبقة.
قال لها بقوى " بل سأفعل , لأن ذلك يمتعني كثيراً" وعاد ابهامه يتحرك عند شفتيها بوحشية لكنه ما لبث ان قذفها بعيداً عنه.
------------------------------------
اتسعت عينا روث بألم عاطفي بالغ وقالت " ما الذي جرى لك , لقد تغيرت , اصبحت قاسياً مضطرباً, غير فرناندو الذي عرفته في الماضي"
رفع يده بسرعة, وارتعشت روث ظناً منها انه سيسحقها , لكن كان الأمر اسوأ . لقد انزلقت من كتفها نحو قميصها بنعومة. هذه الايماءة الهبت مشاعرها وغرقت في دنيا الاحلام . كان الاحساس سريعاً, ناراً الهبت روحها. وعقاب مشتعل للحب الذي سمحت به لنفسها.
" لا.. لاتفعل هذا" وبان سنها الأبيض وهو يضع ابهامه على شفتها العليا.
" ما الذي يجعلك تفكرين بأوقاتنا الأولى , مابعد ظهر ذاك اليوم الذي لم نفترق به لحظة؟ اليوم الذي اكتشفنا فيه حقيقة مشاعرنا, الوقت الذي صرخت فيه عندما التقينا وقلت انك تحبينني "
" ايها اللعين !"
" نعم , لذا تابعي قولك لي, انك ستصدقين في الوقت الذي تغادرين هذا المكان"
اجابته بتوتر " اصدق هذا الآن يا فرناندو. افهم ما ترمي اليه الآن " وابعدت كتفها عن متناول يده بعنف . مع هذا كله لم تكن متأكدة , لقد بدا الأمر صعب التصديق.
ابتسمت وهي تتابع " تظن ان احتجازك لي هنا سيدفعني بشدة نحوك, من الممكن انك تقدر ومن الممكن ان المحتوم سيحدث وهذا .. وهذا سيكون تجديداً لسفيل. وماذا بعد ذلك يا فرناندو؟"
احست روث بألم بالغ في روحها وجسدها , وكأن خنجراً امعن في طعنها طعنات متتالية.
" لن يصل بنا الأمر الى مابعد ذلك. ياروث, في الحقيقة لن يصل الى أي شيء . يبدو انك اخطأت في التعبير" وهز رأسه الداكن وهو يتابع" لدي ذكرياتي من المرة السابقة التي احبننا بعضنا فيها والتي ستلازمني مدى الحياة . كل ما اريده الآن في هذه الحياة هو ثأر محافظ لعلاقة حب محافظة والتي أسيء فهمها. كما كنت محافظاً جداً بدوري , الم اكن ؟ اعتقدت في الحقيقة انك واقعة في حبي, لكن كل الذي اردته كان وقتاً طيباً"
اضطرب قلب روث من الألم لذلك. ألم تعتقد الشيء ذاته , انه استغلها , وانها واحدة من تلك النزوات ؟ لكنها كانت متأذية . كثيراً لتجادله, مصدومة بوجع للتدوال معه .
استدارت لتبتعد عنه لكنه امسك بها , وسقطت الجريدة من يده وهو يشدها باحكام من كتفيها.
"ناشدتك البقاء لكنك ادرت لي ظهرك من اجل مهنتك ومن اجل شريكك , لقد استخدمتني في سفيل وليس لديك الحشمة لانكار ذلك , ربما من اجلي او من اجل احترامك الذاتي "
احست بتخدير من هول الصدمة, وناضلت روث لتجابهه" لقد تركت احترامي هناك في سفيل حيث انت تركت ادراكك ورقة شعورك يا فرناندو . إذاً تريد معاقبتي , هل فعلاً تريد ذلك؟ إذاً حاول , قد تكتشف اكثر عن ضعفك لا عن ضعفي , وعندها , الذي سيعاقب الآخر سوف يستمتع كثيراً بالمشاهدة."
-------------------------------
حررها من يده وابتسم بقساوة اوضح مقترحاً" احب المنافسة , وأتوق إليها. لكن لا تنفعلي كثيراً عندئذ , لأنه الشيء الوحيد الذي انويه, لن ابادلك الحب بعد الآن وهذا مايدفعك الى المكافحة من اجله, لأنك تعرفين النتائج مسبقا. لكنني اعدك ببعض المرح في اثنائها. اريد ان اراك وانت تستجدين حبي قبل انتهاء الوقت المحدد, وسيكون تعويضاً كاملاً لي"
استدار وخطى خطوات واسعة بعيداً عنها تاركاً اياها في حالة يرثى لها من الاعياء والضعف كذلك الخوف.
عضت على شفتها وادركت انها فعلاً تستحق مثل هذا العقاب. لقد كان اختياراً باطلاً منذ عام مضى, اختارت ستيف ومهنتها قبل الرجل الذي احبته, لكن هناك اكثر من ذلك. ظنت بطريقة معاكسة انه لو احبها حقيقة كان لابد ان يعدو وراءها. وسألت نفسها , من اين أتى هذا الاندفاع لمهنتها . ارادت مهنة وارادت حباً وكلاهما كان ممكناً. إذاً, لماذا لم تتصل به, او تراسله؟ كان في استطاعتها ملاحقته , لكنها لم تفعل ذلك والآن بات الأمر متأخراً. لكن, لماذا تضع الملامة كلها على نفسها ولماذا تسمح له بمعاقبتها بينما كان في استطاعته بسهولة القيام بالمطاردة بنفسه؟ حسناً , اللعنة عليه, على العموم لن تنكسر , لن تنكسر.
وخطت نحو حافة حوض السباحة واسقطت نفسها , وهي تسحب انفاساً عميقة الى رئتيها . واخذت تسبح تحت دفء الشمس , وتذكرت فرناندو وتمنت لو انه يمسح عنها الآلام التي سببها لها . ارادته لكنها لم تستطع الحصول عليه ويجب معالجة هذا الأمر لأنه سبق وانذرها .
رجل سخيف , فكرت وهي تغطس في الماء البارد الذي انعشها تقريباً. سخيف , نعم سخيف , تأملت وهي تجتاز بشجاعة الجهة الاخرى من حمام السباحة . إنه يستخف بشجاعتي.
----------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-03-19, 05:51 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس
تناولت روث بعض الملابس القليلة التي احضرتها معها ثم علقتها في خزانة الملابس في غرفة النوم, ثم اخذت تجفف شعرها بالمجفف الكهربائي امام المرآة .
تمددت بعد حمام السباحة تحت وهج اشعة الشمس لتجفف جسدها ثم ارتدت ملابسها وبتكاسل اخذت تتأمل جمال البحر المتوسط.
تأملت اشجار نخيل صغيرة الحجم ذات اغصان على شكل المروحة , كانت هناك غطاءة تحتمي من اشعة الشمس المحرقة متظللة تحت الاغصان الغضة, وتجنبت روث بحذر شجر الصبير ذا الرؤوس الأبرية. عبق عبير فواح من نبات رتيب الشمس في الهواء حيث حام النحل بكثرة. وعثرت على ملاعب التنس والآلة التي تؤمن طابات لعبة التنس بطريقة متوالية ومتواصلة . اذا كان فرناندو يلعب وحده.. احست بقلبها يدمي ! انها لم تجد ولا دلالة تشير إلى الحياة اينما اتجهت في تجوالها , مع ان المنزل والحدائق بدت وكأن حشداً من العائلات يعمل فيها ويقوم بخدمتها منذ اجيال .
تساءلت في نفسها عن القسم الذي شغله فرناندو وماريا ولويزا من هذا المنزل, والذي كان حتماً قسمهما الخاص, والسبب لأنها لم تجد أي شيء يدل على انهما شغلا المكان.
ربطت روث شعرها إلى الوراء بربطة مخملية بيضاء بعد ان انتهت من تجفيفه وخططت لتحركها التالي . لا نية لها بعد الآن في النضال من اجل حريتها. سوف تتصل لاحقاً بستيف لمعرفة ماكان يقوم به مؤخراً وبعدها ستستعمل اية معلومات عرفتها عنه وعن ماريا لويزا لتؤمن بها خروجها من كازابينار . عندئذ سيتمنى فرناندو سيرا لو انه لم يبدأ ما بدأه.
" لي حريتي في القيام ببعض الاتصالات الهاتفية , اليس كذلك؟ لن اتصل بالشرطة او بالقنصلية البريطانية , او حتى بالانتربول. اريد فقط الاتصال بستيف والتحقق منه عما كان يقوم به مع ماريا لويزا طوال الليل, وكأنني لا استطيع ان احرز ذلك"
وجدته جالساً, وهو يحمل كتاباً يقرأه , في الشرفة الخارجية التي امتدت في المكان الخلفي من المنزل والتي تطل على الحدائق الغناء وحوض السباحة . وقد هيأ لها كرسياً في الظلال معه.
سحبت روث الكرسي الى حيث الاشراق الكامل للشمس ثم استرخت فيه, رافعة وجهها تعانق وتتشرب لهيب اشعة الشمس الحارة.
قال لها بتكاسل " نعم , لك الحرية الكاملة في استعمال الهاتف, كما لكِ الحرية بالاتصال بمن تشائين , بما في ذلك الشرطة او أي كان .. باستثناء واحد , وهو شريكك"
لم تتحرك روث , حتى ولا عضو من اعضائها تحرك عدا ابتسامة واسعة فوق شفتيها " آه , صحيح؟" تفوهت بلا مبالاة وكان الأمر لا يدعو الى الاهتمام مطلقاً, وسألته باسلوب منمق" على ما اعتقد انك تنام في وقت ما؟ سأقوم عندها باتصالاتي"
--------------------------------
" شاي؟"
فتحت روث عينيها ثم حدقت في وجهه , بدا غير منزعج, يسكب الشاي من ابريق فضي انيق في فنجانين ابيضين من الخزف الصيني , ثم قدم لها طبقا من الكعك المحلى اصطف فوق قماش ابيض من الكتان, تناولت روث صحناً عن الصينية لتضع فيه قطعتين من هذا الكعك المحلى اللذيذ انها لم تتناول طعام غدائها وقد بدأت تشعر بتأثير الجوع الذي سببه عدم تناول أي شيء منذ فترة طويلة.
" ألديك مدبرة للمنزل؟"
عبس بينما كان يناولها فنجان الشاي , اخذته روث وهي تنحني نحو الطاولة " كل هذا.. يبدو في غاية الجمال , لقد تجولت في المكان بعد ان استحممت في حوض السباحة لكنني لم اعثر على مستخدم واحد. اين تحتفظ بهم, في زنزانة سفلية مكبلين بسلاسل حديدية الى الحائط ويخرجون فقط عند مشيئتك ؟"
ابتسم, وهو غير متأثر من الادلاء الساخر الذي قامت به روث واجابها " لدي فريق كامل من المستخدمين هنا لكنني اعتقهم جميها من اجل التمتع بمهرجان بالما. أنا طيب, ومراعٍ للشعور, ألست كذلك؟"
" للغاية, ستقول لي ايضاً انك اعددت هذه الحلوى بنفسك" قضمت من تلك الحلوى اللذيذة وهي تكضم أنّة من السعادة كانت تفلت منها. لقد كانت فعلاً حلوى لذيذة الطعم .
" فعلاً اعددتها بنفسي كانت في الثلاجة فما كان علي سوى طهوها , لكنني اعدك بأنني سأحضر لك وجبة لائقة , صنف من اصنافي المميزة. طبق لذيذ من الاسكالادن لهذه الليلة , وتعني بالانكليزية يخنة الدجاج "
" ما الذي تحاول فعله , قتلي ببطء من لطفك وكرمك؟"
" انك مضيفتي ..."
" انني سجينتك "
مضغت الحلوى وشربت الشاي فاحست بالارتياح , احست بأنها أقوى, أكثر جدية , ومتأهبة للصراع.
اعلنت بعزم مطلق " إعلم اني سأتصل بستيف شئت ذلك أم أبيت"
" المسألة ليست شئت أم ابيت . المسألة الأكثر اهمية هي انك تجدينه أم لا "
احست روث بانقباض في امعائها . من المؤكد ان ستيف لم يفر هارباً , يمكنها تأكيد ذلك ,
وتصورت في فكرها ان فرناندو الحانق سحب ستيف من فراشه بواسطة اشخاص مدربين , قساة القلوب واسقطوه سقطة قوية في البحر من يخت فرناندو.. مالت روث لتلتقط قطعة اخرى من الحلوى, كانت لا تزال تشعر بالجوع وكان لذلك تأثير على طريقة تفكيرها .
سألت بفم ملأن " اين هو ؟"
" لقد غادر الشقة في صباح هذا اليوم "
صرخت بيأس " ألم تدفع مالاً ليرحل, ألم ترشه كي يخرج من حياة ماريا لويزا؟"
عاد فرناندو وملأ لها فنجاناً آخر من الشاي , وصدرت منه تنهيدة وكأنه لا يصدق انها لا تعلم .
-------------------------------------
اعترضت" حسن , لا اعلم , ومن اين لي ان علم؟ لقد قمت مؤخراً بافعال سخيفة لا يدركها العقل, مما يجعلني لا اعتمد أكثر عليها"
" وأنتِ حتماً لن تقبلي رشوة من وراء ظهر شريكك ايضاً, أليس كذلك؟"
قالت بحنق" لم اقصد بهذا الشكل. من المحتم انه لن يقبل رشوة منك, او حتى من أي مكان , خصوصاً, عندما يحاول احدهم رشوته للخروج من البلاد بأسرها من اجل امرأة .. خاصة اذا هذه المرأة هي التي يحبها كثيراً"
توقعت منه دلائل العنف في عينيه من جراء هذه الطعنة التي وجهتها اليه لكن لم تر شيئاً يشير الى ذلك العنف.
قالت وكأنها تستفزه , مستميتة كي تدفعه الى النزاع "هل سمعتني؟"
ابتسم وهز رأسه " نعم , سمعت , ولمست الضعف في صوتك, او ان صح التعبير لمست الشفقة"
ربما الاثنان , ظنت روث, المحاولة في اثارته لم تثبت نجاحها.
اردفت " قد يكون خارجاً للعمل , سأتصل به لاحقاً , بالمناسبة كيف تعلم بعدم وجوده؟"
جعلها تنتظر الاجابة واخذ يتلهى بسكب المياه الحارة في ابريق الشاي وسرحت روث بخيالها لتفكر ببعض الأمور. من المؤكد ان ستيف قرأ رسالتها , وانتظر مكالمتها الهاتفية لتقول له انها وصلت بأمان وسلام. وعندما لم تتصل سارع بالانطلاق نحو شمال الجزيرة بغية العثور عليها . مسكين ستيف , لابد وانه قلق الآن وشديد الاضطراب.
قال لها فرناندو اخيراً " إنه يمضي بضعة ايام مع ماريا لويزا في فالنسيا في الجزء الرئيسي من الجزيرة " كادت روث ان تختنق مع آخر قضمة من الحلوى . قالت بصوت أجش" في فالنسيا مع ماريا لويزا؟"
" اعلمتني هذا الصباح لدى عودتها الى اليخت بأنهما خططا لذلك , ثم اتصلت منذ نصف ساعة مضت لتعلمني بأنهما في طريقهما الى فالنسيا"
احست روث بالغليان شديد في اعماقها . وصرخت " و...وتركتها تذهب؟ سمحت لها بالسفر جواً مع حبيبها السابق؟ "عندها اطلقت روث صوتاً ينم عن عدم تصديق.
" انت , فرناندو سيرا, اما تكذب وتختلق الأقاويل, متصنعاً وجهاً جدياً قوي التعابير , او لديك نفس التحضيرات في خسارة حبيبتك لمافعلت معي بسبب اتهامك الباطل عن علاقتي بستيف ؟"
قال لها بلطف" او لدي ثقة مميزة بنفسي بأنها ستعود سريعاً إلي"
بطريقة ما شعرت روث بالخيانة من نواح عديدة . لم تعرف فرناندو بالرجل المتغطرس من قبل . وكان ستيف تافهاً لأنه لم يعلمها عن سبب رحيله هذا , برفقة من وكم من الوقت . اللعنة عليه , كان في استطاعته اطلاعها.
ادلت روث بثقة " لست واثقة مما تقوله , كانا حبيبين في يوم من الايام , فلا تنس ذلك"
" كيف يمكنني النسيان ؟ لكن وعلى اية حال ما زلت متأكداً بأنها ستعود إلي , لأن لدي شيئاً نفيساً يفتقر إليه ستيف كانوك "
---------------------------51
قالت روث وهي تغلي في داخلها " لا تفصح عنه , يمكنني جيداً تكهن ماهو"
" نعم , تستطعين ذلك على ما اعتقد "
من المفترض انه كان الشخص المتوعد المنذر.
" لقد تبدلت منذ ليلة البارحة" قالت له ذلك بهمس ناعم " كنت الليلة البارحة تتهدد وتتوعد بأن تدمره إذا مس شعور ماريا لويزا مرة اخرى, اما الآن فأنك تتغاضي عن رحيلهما معاً"
بدأ فرناندو يجمع الصحون والفناجين المتسخة ليضعهما فوق الصينية وقال " إنني على ثقة بأنه لا يمكن ان يؤذيها بعد اليوم, ليست ماريا لويزا بالفتاة الصغيرة الساذجة التي كانت السنة الماضية في سفيل . لقد اصبحت الآن امرأة ناضجة تضج با لأحاسيس"
" وهذا بفضلك دون شك!"
" نعم, هذا دين وفي استطاعتي استعادته, وسأفعل وأنت , من ينكر التغيير الحاصل فيك منذ السنة الفائتة ؟"
نظرت روث إليه بحيرة بالغة " إنني لم اتغير " كان ردها سريعاً وحاسماً.
"آه , لكنك فعلاً تغيرت , كنت السنة الفائتة سعيدة وطبيعية, محبة وغيورة , إلى ان هجرتني , اما الآن , فلديك مسحة حزن مريرة لم اشاهدها من قبل"
هزت روث رأسها وكأنها لا تصدق كلامه" إن بدوت مريرة فذلك لأنني مستاءة من وجودي هنا . مستاءة من تخطيطك لذلك, ومستاءة ايضاً من الذي تفكر فيه من انتقام للعلاقة التي كانت تربطنا السنة الماضية "
" هل هذه هي الطريقة التي تعتمدينها لاظهار استيائك بالسباحة بشكل هائم"
اخذت نظراته غير المستقرة تتأملها وكأنه يذكر نفسه بشيء مضى.
علا الاحمرار وجه روث وهي تبعده عنه وسخطت بانفعال " لم اكن على علم بأنك كنت تراقبني "
قال بازدراء "كنت تسبحين وكأنك تقدمين عرضاً ممتازاً , مدبراً ومقدماً بكل فن وموهبة ليتوجه به نحو الجمهور . كان ناجحاً جداً, قلب كياني بقدر ماقلب كيانك , لكن لا تتحاذقي كثيراً"
مالت برأسها نحوه " لماذا , ألانه لا يمكنك لجم عواطفك اثناء غياب حبيبتك ؟ إنك تقرفني . إذاً , هذا سبب وجودي هنا, اليس كذلك؟ إنه اكثر من انتقام . كنت عازماً على شيء ما في اثناء غياب ماريا لويزا , هذا يفسر عدم قلقك واضطرابك لأنها بعيدة مع ستيف , انت تعرف ستيف والذي تعرفه افضل بكثير ممن لا تعرفه "
" في غياب الهر يلعب الفأر "
صرخت روث بانفعال" اخرس يا فرناندو ! إنه امر جدي أكثر مماتصور "
" هل هو فعلاً كذلك ؟ من المؤكد انك تظنين ذلك وهذا دليل على ماشككت فيه طوال الوقت, من أنك منزعجة حقيقة من مجرد التفكير بأن حبيبك بعيد مع ماريا لويزا, ابعد بكثير من اتهاماتك وعويلك السخيف"
اعلنت مؤكدة " ليس بحبيبي . لكن , نعم , من فكرة قضائه الوقت مع ماريا لويزا . لأنني اهتم به وقد تألم كثيراً السنة الماضية , ولا اريد ان يتكرر ذلك, لقد سمعتك حتى الآن تشكو مراراً من مشاعر ماريا لويزا, حسناً , إنني اقيم اهتماماً لمشاعر .."
--------------------------------------
قال فرناندو متنهدا " ونحن كلانا هنا , نتجادل حول شخصين ناضجين يستطيعان تماماً الاهتمام بأنفسهما "
اشارت ملمحة " كذلك يستمتعان بأوقاتهما"
قال بهدوء " لا تستطيعين اذيتي يا روث, لذا كفي عن المحاولة, إنني اعالج بشأنهما مشاعري بطريقة واقعية ناضجة"
قالت روث " بالتغاضي عنهما؟ تفكير حديث جداً لكنه بعيدا جداً عن اسلوبك, اعتدت ان تكون رجلاً محافظاً السنة الماضية" وتكلفت ابتسامة ساخرة .
" إلى ان التقيت بك" نهض وتمطى ثم انحنى لتناول الصينية وتابع " تعالي , سأريك المطبخ"
استوت روث في مقعدها اكثر من ذي قبل ورفعت ثوبها القطني لتعرض ساقيها الطويلتين لحرارة الشمس " لا, شكراً , إنني لست بديلة لغياب خادم "
صاح هائجاً " ولا لغياب حبيبة , لذا اطلب منك الحشمة , فهذا لن يثيرني ابداً"
كانت روث لا تزال تستشيط غضبا حتى بعد ذهابه . كانت تشعر بحرارة هائلة , حرارة لا تفوق حرارة حمامها الشمس. عادت الى غرفتها واغلقت الستار الخشبي للنافذة واستلقت على سريرها. وبعد وقت قصير استغرقت في النوم.
" سوف اتأنق من اجل عشاء الليلة بالرغم من ان ما من سوانا في هذا المكان , واتوقع منك ان يعجبك هذا"
فتحت روث عينيها بغتة . غير متأكدة من مكان وجودها . كانت العتمة تلف الغرفة الى ان اتجه فرناندو ليفتح الستار الخشبي.
تمطت وهي غير شاعرة بتحسن بعد هذه القيلولة . وقالت له وهي تتثاءب" لا تخطو مرة اخرى في غرفة نومي دون استئذان"
" فعلت ذلك, لكنك لم تجيبي على ندائي , ظننتك لم تعودي من الأحياء"
استوت روث جالسة في السرير" هل تثرثر عادة مع الأموات؟"
" مامعنى تثرثر؟"
عاد الى جانب السرير وتناول زجاجة من الشراب البارد من فوق طاولة جانبية . نظرت روث بألم يذيب قلبها بينما كان يسكب الشراب في كأسين. كان غالباً في سفيل يعتذر عن سوء فهمه لبعض التعابير التي كانت تستعملها . كان ذلك بمثابة لعبة التهيا بها. طريقة كلامه باللغة الانكليزية كانت ممتازة, كذلك قدرته على الفهم, كان ذلك حصيلة عدة سنوات من درس اللغات في جامعة اوكسفورد , اربع سنوات بكاملها.
مالت روث إلى الوراء وطوت ساقيها لتجلس فوقهما واخذت كأس الشراب الذي قدمه لها" شكراً.. تماماً مثل الأيام الماضية"
" هل تكتمين ندماً على تلك الأيام التي ضاعت الى الأبد؟" وجلس قريباً منها على حافة السرير.
------------------------
تمتمت بعد مارشفت من كأسها " وضاعت فعلاً الى الأبد"
سألها بصراحة ووضوح" هل انت نادمة على الذي جرى في سفيل ؟"
حدقت روث بكأسها وتكلمت بنعومة " ما الذي جرى في سفيل يا فرناندو ؟" ورفعت نظرها لتنظر في عينيه , ربما تستطيع الآن ان تأخذ فكرة عن الذي يفكر فيه.
كانت نظراته محيرة, لكن رعشة صغيرة ظهرت على فمه وكأنها تريد ان تطلق ابتسامة مكتومة" لست متأكداً الآن . ظننت أنني واقع في الحب. ظننتك ايضاً واقعة في الحب. ظننت أننا احببنا بعضنا البعض" اخفض رأسه والابتسامة لم يفرج عنها " لكن هانحن الآن , نرشف الشراب فوق سرير واحد"
لم تستطع روث سوى الابتسام وتمتمت " نعم " قالت بعد دقائق " هل قلت شيئا بشأن التأنق لعشاء عندما ايقظتني؟"
" عادة نتأنق"
" أنت وماريا لويزا؟" كانت بهذا تجعل الأمر اسوأ بالنسبة إليها . لكنها لم تستطع منع نفسها عنه. تماماً مثل مشاهدته معها في يخته الليلة الماضية , مؤلم لكنه اجباري.
" نعم, عندما نكون هنا"
"ألست دائماً هنا؟"
"لا, نوزع الوقت مابين هنا , بالما , اليخت , والفيلا في فالنسيا"
سألت بكآبة " ألا تعمل ابداً؟"
هز رأسه وقال " طبعاً, لكنني انتدب اشخاصاً عني الآن "
علا وجه روث الدهشة" لم تكن هذه عادتك, كان لدي شعور دائما بأنك من النوع المدمن على العمل"
" لم اكن مدمناً على العمل عندما كنا معاً في سفيل " ثم ابتسم فجأة ابتسامة واسعة " كنت مدمناً على الحب اكثر"
بادلته تلك الابتسامة الواسعة وسألته بجرأة " هل أنا السبب في تغييرك ؟"
بدا للحظات وكأنه ادرك ماترمي إليه لكنه اجاب بعد ذلك" احتاجتني ماريا لويزا"
اما من نهاية لذلك العقاب , والألم ؟ لوهلة ظهرت واثقة من انها هي المسؤولة الوحيدة للتغيير الحاصل في حياته. لكنها , لم تكن هي, بل ماريا لويزا وارادت ان تستجمع بعض القوة في مجابهته.
" تلك .. تلك الفيلا في فالنسيا , حيث , حيث هي وستيف ذهبا إليها ؟"
قال بغموض " ربما"
قالت روث بسرعة " لم أكن احاول معرفة مكانهما , إنني فقط .. حسناً .. مازلت مندهشة من تعاطيك مع الأمر بهذه البرودة"
لم يرد على ماقالت , ورشفت روث المزيد من الشراب, وتابعت " هل.. هل كنت .. هل كنت تقيم علاقة معها قبل سفيل؟" وقبضت على الكأس بقوة . لماذا تقوم بهذا , لماذا تقهر نفسها بهذه الشدة ؟
---------------------------
" مثلك ومثل ستيف ؟"
بدت المعاناة جلية في عينيها حين قالت " تعلم أننا لم نكن فرناندو , هل تظن انني كنت سأخرج معك فيما لو كنت فعلا متورطة مع شخص آخر ؟"
" ما زلت تسألينني " قالها بهدوء.
كانت هناك ظلال عميقة في ارجاء الغرفة تحجب وجهه , لذا لم تستطع رؤية عينيه بوضوح. ارادت رؤية عينيه لأنهما تعكسان مزاجياته . شعرت بتغيير ما الآن , وكأنه بدأ يشعر بالأسف على نفسه , لكنها لم تفهم جيداً معنى نظرته تلك فهو لا يحمل أي نوع من الندم. كان كل شيء متوفر له في هذه الحياة , الفراغ يعني ( مستقبل من دونه ) رؤية مستقيلبة مشوشة لا جدى منها.
قالت بلطف" هذا يختلف , أنت وماريا لويزا تعيشان معاً الآن وهذا يفترض تورطكما سابقاً"
" لا يفترض شيئا بالمفهوم العام, لكن بما انه حدث فأنت نوعاً ما على حق. عرفنا بعضنا قبل المعرض, مع ذلك ليس بمودة بالغة مثل الآن " وعاد يملأ الكأسين.
" إذاً كيف حدث كل ذلك ؟ أنت وماريا لويزا؟"
ارادت فعلاً ان تعرف , مع ان ذلك سيكون مؤلماً, لكنها ادركت انها الوسيلة الوحيدة, هذا نوعاً ما افضل من افتراضاتها المختلفة , والذي يبدو انه سيتطلب منها طاقة كبيرة, وبالتالي يسبب ضغطاً هائلاً على اعصابها . ربما عندما تعلم كل التفاصيل عن علاقتهما يكون في استطاعتها عندئذ ان تقلب صفحة جديدة وتبدأ حياتها من جديد.. ولربما الفجر لن يبزغ ابداً!
قال مختصراً كلامه "كنا في حاجة لبعضنا البعض " ثم نهض وتابع" كما سبق وقلت , نحن عادة نتأنق للعشاء"
" حسناً, فنحن لا نستطيع افساد عادة قديمة من اجل غياب الحبيبة , أليس كذلك؟" وقفزت واقفة وهي تواجهه.
تشابك الألم والغيرة اللتان كانتا تجيشان في صدرها لتبدي رداً سريعاً فيه الكثير من التهكم اللاذع " اخشى ان ثوباً قطنياً يتلاءم مع هذا الطقس هو افضل ما استطعت.."
" سيكون هذا ملائماً " قالها بثبات وهو يجمع زجاجة الشراب والكأسين" والعادة القديمة الأخرى هي ان نتنزه بشكل عاطفي قبل العشاء , حيث التمتع بالغروب البديع , اتمنى عليك ان تشاركيني هذا"
يالهذه القسوة . كان لديها شعور اكيد بأنه كان المنتصر .
" لا اظن ذلك"
" لكنني اظن , لأنني اقرأ الحاجة مقرونة بالرجاء" اقترح ذلك بجفاء.
آه , لا , من المستحيل ان يدير الأمور كافة على هواه , فابتسمت بعذوبة" آه , كان عليك القول, ان كلمتك هذه هي بمثابة امر نافذ بالنسبة إلي , وهذا مايبقي ضوءاً جديداً على الحكاية"
وعندها تلاشت ابتسامتها وضاقت عيناها ببرودة بالغة وصاحت بسخرية بالغة " تنزه وحدك يا فرناندو , لأنني لن اهرول باذعان نيابة عن الحبيبة الغائبة "
اعاد الكأسين و زجاجة الشراب بعنف الى الطاولة عند جانب السرير وكانت صدمة بالنسبة إليها عندما احاط يده برسغها , وفقدت توزانها حين جذبها نحوه وعانقها.
---------------------------
احست بحواسها عادت كلها تنبض من جديد, ايام سفيل وسحرها , من لمساته الرائعة , من رائحة عطره الذكية.
ارادت ان تثير كرهاً في روحها, وله ولتلك الرغبة غير المرغوب بها التي زحفت من تلقاء نفسها نحو حواسها. خفق قلبها بشدة وارعد ثائراً في داخلها.
كانت تحلم بتلك اللحظة, تتصورها في عقلها في ليال حالكة كثيرة, وقد اصبح الحلم حقيقة لكن على غفلة منها ومن دون ان تتهيأ لذلك الهلاك النفسي. كانت عاطفتها بالنسبة اليه لا زالت على حالها بالرغم من قساوته نحوها وبالرغم من الحب الذي يقيمه لماريا لويزا.
كانت ذراعاه تحيطانها وهو يجذبها بقوة نحوه , وبدأت حواسها تخونها , ففقدت السيطرة على نفسها , تشبثت به, مثل كائن ضعيف , فقد اعصابه وضل طريقه في سرداب عميق إلى ان وجد من ينقذه , فتعلق به.
قبلها بقوة على وجنتيها وتلاشت آخر ذرة من الأمل, كانت قبلته لها بمثابة خيبة امل كبيرة لها . لقد كانت هذه لعبته , لعبة الانتقام الشديد.
تشوهت الصورة في عقلها وقلبها إلى الأبد. ابعدت وجهها عنه وصرخت عالياً وهي تحرك رأسها إلى الخلف, وعضت شفتها السفلى.
ناشدت قوتها لتنتشلها من هذا الوضع النفسي المتأزم لكنها لم تستجب لها , ولا حتى قوة ضيئلة تفصل مابين الرغبة والحشمة.
فجأة , جاء القرار المؤذي, القرار الذي تزامن مع قرارها, لقد تراجع عنها وبد الأمر وكأنه هو الذي اراد اولاً التوقف عن كل هذا.
كانت ترتجف وهي تتراجع الى الوراء, وبدت الصورة وكأنه هو الذي يرفضها ويبعدها بعيداً عنه بعنف.
تمتمت بألم موجع " لتدعو هذا تحدياً؟" واتسعت عيناها وظنت انه لابد قد قرأ ذلك الألم الهائل فيهما.
كان هادئاً بشكل كامل. بارداً, قاسي الملامح بعزم وطيد. وعكس صوته ما اراد الاعلان به" كيف يكون هذا تحدياً عندما نكون كلانا ندرك ادراكاً تاماً نتائجه؟"
هزت روث رأسها" قد تكون على ادراك , اما أنا فلا" تابعت وهي تبعد شعرها عن جبينها الملتهب " لا اصدق للحظة واحدة ان لا نية لك بالتودد إليّ, كنا حبيبيين مرة يا فرناندو" وتابعت بحراة " لا يمكنك اطلاق عواطفك ثم اخمادها على مزاجك تماماً مثل محول للضوء"
قال ببرودة " هذا ماقمت به بعد سفيل" ورفع يده إلى مستوى قريب من عينيها وحرك بأصبعيه تلك الاشارة التي تدل على ان امراً نفذ بهذه السرعة الخاطفة.
" بهذه السهولة يا روث, اختطفت كل تلك اللحظات الحالمة بهذه السهولة البالغة "
عضت روث على شفتها وحدقت به , لا تدري ماتقول او تفعل , لقد آمن بذلك وباتت هي الأخرى مؤمنة بالذي يؤمن به, والآن ..؟ والآن فات الآوان بنسبة هائلة للقيام بأي شيء في شأنه. لماريا لويزا مكان في قلبه الذي كان في وقت ما ملكها . آه , كم مخيف كل هذا, لقد كان لهما الكثير من الاحلام في سفيل والآن حلت الخيبة والألم بكل معانيهما , وحل الحقد والكراهية وعدم الثقة , كل ماهناك من بشاعة قد حل ليدفع بوحشية كل جمال مثير.
--------------------------55
غير مجرى الحديث تماماً مثلما حرك بأصبعيه عندما حاول تذكيرها كيف تحولت عنه في سفيل " تلك النزهة, اريدك ان ترافقيني بها"
كان قواها عادت إليها الآن , عودة متأخرة قليلاً لكنها عادت على الأقل. رفعت ذقنها لتظهر مدى قوتها وتحديها . واذعنت بأدب " سأفعل, وذلك لأظهر لك انني لن اتألم , فأنا محصنة ضد الألم , اطلب ماشئت, فهذا لن يبدل شيئاً. نعم , سأرافقك في هذه النزهة العاطفية وسنراقب غروب الشمس تماماً كما كنا نفعل في سفيل , وعندئذ سوف اذكرك بها, تماماً كما قصدت ان تذكرني بها, وسأتماشى مع قسوتك طوال الطريق يا فرناندو , وعندما ينتهي كل شيء آمل ان تكون قد رضيت تماماً بالذي رغبته واردته ان يكون"
تناولت الزجاجة والكأسين ووجهتها نحوه وكأنها تصفعه بها " اخرج الآن ودعني استعد لهذه النزهة بسلام"
خرج من دون ان يتفوه بكلمة واحدة وكان هذا بمثابة اخفاق في رد مناسب لكنها لم تتوقع ذلك, ارادت منه ان يبادلها الصفعة بأي شيء آخر , انكاراً , اتفاقاً, تحد آخر, أي شيء عدا ذلك الصمت المغيظ.
نشيج حاد تملك صدرها وهي تسرع نحو الباب وتغلقه وراءه, جمعت بعض ازهار الياسمين من حوض في الشرفة الضيقة وتنشقت عبيرها بعمق قبل ان تقرر في ان تزين بها جانباً من رأسها . لأن في هذا الوقت من السنة تتفتح هذه الأزهار في سفيل.. تمنت منه ان يتذكر ذلك.
كان الثوب القطني ذو اللون المشمشي ثوباً نهارياً بكل ما في الكلمة من معنى, طرازه بسيط له ياقة مستقيمة وكمان قصيران جداً . لو انها احضرت حذاءها ذا الكعب العالي لكان قد رفع من شأنه ولكنها لسوء الحظ لم تفعل ذلك واستعاضت عنه بصندل جلدي ذهبي . بدت عادية , هذا مافكرت به, وهي تسرح شعرها الطويل الداكن بانتباه كي لا تسقط زهر الياسمين . وببعض احمر الشفاه ومستحضرات التجميل الأخرى والعطر الفواح بدت رائعة للغاية ! ليس كما كانت ستظهر به خلال زياراتها العملية للفنادق التي خططت لها. لكنها الليلة لا تؤدي عملاً ما , إنها تقاتل.
شقت طريقها نحو الطابق السفلي وهي تدلك جبينها , من المفروض منها ان تفكر بعملها بدلاً من ان تسمي فرناندو سيرا خادعاً . لكن ستيف رحل مع ماريا لويزا لبضعة ايام ومن المؤكد انه لا يفكر بالعمل, وعلى اية حال إنها لا تملك حريتها الآن .
ما الذي سيطرأ على هذين الاثنين, بحق السماء؟ هل سيفوز ستيف بماريا لويزا إلى جانبه؟ اما بالنسبة لرحيلها معه, فهذا دليل قاطع على أنها مازالت تقيم له الاهتمام ومع ذلك كانت تنظر الى فرناندو بهيام كبير في اليخت. يالها من فتاة محظوظة , فكرت روث بأسى بالغ, ياله من اختيار لرجلين , وتابعت طريقها في اتجاه المطبخ.
وصلت اولاً الى غرفة الطعام, كانت فسيحة ويعود اثاثها الثقيل الى القرون الوسطى. كانت الغرفة باردة, لدرجة ان جسمها بدأ يرتجف. كانت الطاولة غير مهيأة فنظرت حولها تفتش عن خزانة جانبية التي من المفروض ان تحوي ادوات المائدة.
---------------------------
قال فرناندو وهو يخطو من مكان ما من وراء المطبخ" لقد هيأت الطاولة خارجاً في الفناء " كم هو غير مريح ان يعرف غالباً بماذا تفكر.
" هناك الكثير من الفناءات " قالتها بتكاسل, رافضة الاعتراف بأنه يبدو ساحراً في سرواله الأسود والسترة المسائية البيضاء , حتى منشفة الصحون التي تدلت فوق كتفه لم تؤثر ابداً على اناقته البالغة.
" الفناء نفسه, لكن من وجهة مختلفة , تبدين رائعة " قال ذلك وهو يعود مبتعداً نحو المطبخ , واردف " قد تبدين افضل لو ان ذلك الياسمين في شعرك ليس متدلياً بهذه الصورة نحو كتفك"
انتزعت بغضب تلك الباقة التي صنعتها بنفسها من جانب رأسها , كان شعرها ناعماً جداً ليحمل الأزهار فيه. كم بدت مغفلة بتلك الباقة المتدلية فوق كتفها.
اجابته " كان من المفروض ان تكون في شعري" ثم تمتمت وهي تلحق به نحو المطبخ الفسيح الأرجاء , متخذة القرار بأن الصدق افضل وسيلة في مثل هذه الظروف " كان من المفترض ان تذكرك بسفيل , كان من المفترض ان تثير اعجابك"
" جعلتني اضحك بدلاً من ذلك" قال ذلك وهو يدفع الى الثلاجة بصحن من السلطة المعدة الطازجة, وتابع كلامه " ارجو ان لا يكون هذا نذير شؤم لبقية هذه الليلة. كنت افضل لو انني خططت للذهاب الى فراشي هذه الليلة متوجعاً من رضائي التام لهذا الثأر , بدلاً من التوجع من الضحك"
قالت له بوقاحة متناهية " قد تذهب الى الفراش متوجعاً من ناحية اخرى لو ان خططي تحققت بأكملها"
" اذكر عندما وقعت عيناي عليك لأول مرة في تلك الحفلة انني فكرت, ان هناك لسعة مخبأة في تلك المرأة ولابد انها بريطانية , بالرغم من شعرها الداكن الطويل وجمالها الذي يميل الى جمال سكان البحر المتوسط. وكنت محقاً , فالنساء البريطانيات بعيدات كل البعد عن غيرهن , مامن امرأة اسبانية قد تدلي بملاحظة غير مهذبة كهذه, إلا إذا كانت امرأة غجرية بالطبع"
رفعت روث حاجباً وقحاً ليتماشى مع مزاجها " أهذا ما دعاك كي تحوم حولي تلك الليلة ؟"
" حممت حولك لأنك اجمل مخلوق وقعت عيناي عليه"
ابتسمت روث وهو ينزع منشفة الصحون عن كتفه , وطرحها جانباً ثم اتجه نحوها بإثارة بالغة وقالت " وهذا الاطراء سينتهي بك الى مكان ما هذه الليلة " وفتحت له ذراعيها لتضمه بهما , لكنه ابتسم ومشى وهو يتجاوزها وكأن الأمر لا يعنيه.
امرها وكأن في صوته ابتسامة " تعالي , اتبعيني, لست على استعداد بعد للذهاب الى أي مكان , هل نسيت التقاليد ؟ وكيف احب القيام بالأشياء بطريقة محافظة؟"
تابع يذكرها بطريقة شاعرية وهي تتبعه منقادة الى الخارج عبر غرفة الطعام إلى رواق واسع تحت قنطرة ادى بهما الى الفناء, فما من حاجة لهذا التذكير المؤلم كيف يمكنها ان تنسى ذلك؟
" مع غروب الشمس في افق البحر المتوسط لابد وان يكون هناك عاشقان متيمان تربطهما عاطفة جياشة ببعضهما البعض " قال ذلك معذباً اياها , وهو يقبض على بطانية فوق كرسي في الفناء وأضاف " يتبع ذلك قبلة طويلة مع اختفاء الشمس في اليم!" ثم ضحك بسخرية بالغة.
---------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-03-19, 05:54 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السادس
"لِمَ هذه البطانية؟" سألته روث وهما يجوبان الحدائق الرئيسية انطلاقاً من الدرجات الحجرية ثم صعوداً الى غابة كثيفة من اشجار الصنوبر التي تعطي الظل والبرودة في آن واحد" أم ان سؤالي ساذج ؟"
مشى واحدى يديه في جيب سرواله والأخرى تمسك البطانية التي فوق كتفه.
" تعرفينني يا روث , احب القيام بالأشياء براحة تامة"
" وعناق طويل فوق بطانية في غابة صنوبر هي الراحة بعينها , أهذا ماتقصده ؟"
" لا نية لي في ذلك, لكنني ذكرته سابقاً على سبيل التفكه والتذكير"
تمتمت " آه, لقد نسيت, تصميمك على ان لا تقوم بذلك لكن لا مانع في شيء من المرح في اثنائها . تجلس فوق البطانية وليس على كومة من القش"
ضحك وقال"لا اريد ان ألحق أي ضرر بسترتي , في الحقيقة"
ابتسمت روث " ولا اعتبار لثوبي؟"
" لقد قلت انه ثوب نهاري لا اكثر"
" نعم , قلت ذلك"
ادى الممر الضيق في أعلى تلك الدرجات الحجرية الى غابة الصنوبر , واخذت نفساً عميقاً من الأريج الفواح والمنعش للصنوبر, المتوسطى والدافئ . كانت هناك اشجار زيتون قديمة العهد الى جانب بعض اشجار الصنوبر احنتها رياح الليل الساخن, تضاءلت هذه الغابة عند سهل واسع ذي اشجار خفيضة وكان العبير لفواح من زهر اكليل الجبل والصعتر يعبق في المكان , ورأت روث البحر لأول مرة.
-------------------------------
صرخت بابتهاج " لم تكن لدي أدنى فكرة من ان البحر قريب هكذا.. فبعد وصولي إلى هذا المكان ماعدت اميز طريقي"
تنهدت روث بابتهاج عندما بلغت أعلى الهضبة وتطاير شعرها عالياً من نسمة هواء ساخن, كان المشهد رائعاً صعب التصديق, كانت الهضبة شديدة الانحدار نحو خلجان صخرية لم يدر احد بها والبحر يقذف الرمل الأبيض برفق وهدوء .بدا البحر بلونه الأزرق الداكن, لكن في بعض الأماكن بدا اخضر وذلك بفعل التكوين الصخري الذي يغير اللون بمهارة . كانت السماء من فوقهما قد اختلط فيها اللون البرتقالي واللون القرمزي, منظر يثير الأحاسيس و يوقظ المشاعر .
" هذا جميل جداً يا فرناندو ! مثير جداً!" واخذت تحدق بخشوع في تلك المناظر الخلابة قبل ان تلتفت إليه وتقول " لم اعلم ان منزلك يقع في هذا القسم من الجزيرة , ظننت انه في بالما"
قال لها وهو يسحب البطانية عن كتفه ويفرشها فوق الأرض " انتقلت الى هذا المكان السنة الماضية , بعد المعرض مباشرة"
سألته بجرأة وهي تجلس فوق البطانية وتحدق ملياً به " ألذلك دلالة خاصة ؟"
" نعم , اردت الانعزال التام" وجلس إلى جانبها وقطف زهرة برية وباشر ينثر اوراقها على مهل , كان يحدق بالبحر وهو يقوم بعمله هذا, من دون ان يهب شيئاً اكثر من الذي كان قد وهبه.
كانت الشمس تميل نحو المغيب وبوهج قوي عنيف , وهي تضفي على الغيوم ذاك اللون القرمزي الذهبي وتلهب البحر بلون ارجواني , كان انتباه روث يتوزع مابين تبدل الوان البحر بلون وقبة السماء ورأس فرناندو الجانبي , بدا يائساً بعيداً عنها وكانت على أهبة لأن تصل اليه وتلمسه , ان تعيده إلى حالته الطبيعية , لأنها كانت بغريزتها تعلم في أي مكان هو.
كم هذا مثير للشفقة , تأملت وهي تتمدد فوق البطانية وعيناها شاخصتان الى السماء التي قتم لونها . لو ان في استطاعتها ان تغمض عينيها وتفتحهما لتعود الى الماضي وتحاول مرة اخرى.
تمتمت بلطف " لكن سرعان ما ملأت عزلتك" وكأنها وضعت يدها على موضع الألم . كان ذلك مؤلماً بما فيه الكفاية لأنهما دعيا ذلك الحب العاصف يفلت منهما بتلك البساطة , لكن الذي أثر فيها تلك السرعة الهائلة في ملئه للفراغ الذي خلفته . الحب من بعد ازمة. اعتقدت ان بعض الرجال ميالون لهذا الشيء , لكن ليس فرناندو بالتأكيد.
شعرت به مستلقياً إلى جانبها . وادارت رأسها لتنظر اليه , فاتكأ بجسده فوق مرفق واحد ليحدق بها وبدل ان تشعر روث بدافع قوي للخوف شعرت بهدوء كبير لا يوصف.
----------------------------
قال لها " ارادت ماريا لويزا ان تكون خارج العاصفة . لقد قالت انها تخنقها"
ابتسمت روث في داخلها . إذاً هناك شيء مشترك آخر بينها وبين ماريا لويزا , هذا إلى جانب نفس الانجذاب المعين للرجال. فكرت ان من الممكن ان تحبها كثيراً لو انها التقت بها بطريقة لائقة اكثر. بدت محببة الوجه في لقائهما القصير في المطعم لكن عندما اقترح فرناندو تناول الطعام معاً احست بأن ألمها وسرعة تأثرها قد قطعا الأمر . فهذا التصرف كان من الطبيعي ان يصدر عن امرأة ناضجة , وحساسة, ومن فتاة سفيل الصغيرة الساذجة التي وصفها فرناندو . ولمعت فكرة في رأسها.
" فرناندو , أتعلم ماريا لويزا ماكان بينك وبيني؟"
ضحك واجالها " اتقصدين انها على علم بوجودنا هنا الآن ؟"
" لا, لم اقصد هذا بالفعل. لكن , وعلى أية حال في استطاعتك الاجابة "
قال لها بغموض" اعتقد انها تعلم . لكن, لا تراودك الأفكار السخيفة الآن على انها ستشتعل غيرة منك , انها ايضاً مع حبيبها السابق, فلا تنسي ذلك"
تمتمت روث بكآبة " نعم , ياله من نسيج متشابك . الذي اردت معرفته هو سبب خروجها السريع من المطعم. هل سبب ذلك معرفتها انه كانت لنا علاقة فنهشت الغيرة قلبها أم لم تتمالك اعصابها في مواجهة ستيف وجهاً لوجه؟"
" وهل هذا يهم ؟"
" لا, هذا لا يهم . ما عاد شيء يهم في الحقيقة . فقط كنت فضولية لا أكثر" تابعت تقول " هل هي من ماجوركا؟" وكانت مندهشة من تعاطيها في الموضوع بصورة جيدة. لأنها في الحقيقة كانت الطريقة الوحيدة المنطقية, التصرف وكأنهما صديقان قديمان لا كحبيبين قديمين . آجلاً , وفي عزلة غرفتها , سوف تصر بأسنانها وتجعل الألم يلف كيانها ويتفجر بعيداً عنها.
" لا , انها اساساً من مدريد, يعمل والدها في الحكومة , ووالدتها سيدة مهمة تقوم بحملات اجتماعية للأطفال المعوزين, إنها عائلة اسبانية محترمة, رفيعة المستوى . لقد آلمها جداً ان تختار ابنتها مهنة في الخطوط الجوية"
ابتسم فرناندو وهز رأسه وتابع " أنتم معشر البريطانينين تعتقدون بأن لديكم احتكاراً ما على بنية الطبقة.. ابنتهما الوحيدة كانت مجرد مضيفة طيران.. هذا ماكان فوق قدرتهما على احتمال مجرد التفكير به. لكن عزم ماريا لويزا كان شديداً للطيران" تنهد " آسف, لابد وانك قد سمعت اخبار ماريا لويزا من شريكك"
هزت روث رأسها وهي ترفع يدها لتلف بها عنقها " ولا واحد منا تكلم عن سفيل بعد تلك الرحلة. خاصة الجانب الشخصي منها " ابتسمت شبه ابتسامة وآخر الخيوط الذهبية تختفي في السماء " صدق او لا تصدق , المرة الأخيرة التي تكلمنا فيها عن علاقتنا كانت ليل امس في المطعم. رأيتك وماريا لويزا في اليخت. لم يكن في مقدور ستيف رؤيتكما , لأنه كان يدير ظهره لكما. تعرفت عليها لكنني لم اعرف كيف سيكون وقع هذا على ستيف ان شاهدكما معاً . تصرفت بغباء واخذت أقلب الأمور بشأنك كما بشأنه وبشأن ماريا لويزا , اردت ان اعرف كم هي مشاعره عميقة بالنسبة اليها"
----------------------61
قال فرناندو بهدوء " يبدو هذا وكأنك معنية اكثر بمشاعره لا بنفسك, الذي يظهر انك فعلاً تهتمين بأمره كثيراً"
لم ترد روث الانجراف مرة اخرى في كل هذا وإلى جانب ذلك, لم تشر نبرة صوته إلى أي شيء أكثر من اهتمام عابر.
ضحكت بخفة " آه يا فرنادو, اتذكر بعد ظهر ذلك اليوم الذي توجهنا فيه بالسيارة نحو الريف وسقوط ذلك الفلاح من فوق بغله , تماماً امام السيارة ؟ ترجلنا من السيارة وكان صراخ تلك المرأة الفلاحة يتعالى من كوخها المطلي بالكلس"
" ظنت بأننا سوف نطارده " ضحك فرناندو , وهو يميل برأسه الى الوراء ويتحسس جبينه.
كانت روث تقهقه ضاحكة فلم تستطع اخراج الكلمات من فمها بسهولة " و... وشدت حبلاً بقوة حول عنق البغل و ...وقادته نحو بر الأمان , تاركة زوجها ملقى على الطريق. ماهي الكلمات التي كانت تصرخ بها, بعض اللعنات الغجرية؟"
" إنها ليست لعنات, بل مثل شعبي بشأن ضرورة الاحتفاظ بحبل ولوصغير حول عنق الزوج"
" ولذلك ايضاً " تابعت روث الضحك" مضى عليها فترة طويلة قبل ان تعود الى حيث كان زوجها"
كانت روث مستغرقة في الضحك عندما لاحظت ان فرناندو توقف عن ذلك. كان فقط ينظر إلى وجهها. ويده تلعب بخصلة من شعرها فوق خدها.
" مع ذلك , كان عليّ اللجوء إلى هذه الوسيلة " قال وهو يحس بغصة في حلقه" كان عليّ الاحتفاظ بحبل قصير ألقه حولك كي لا يعود في استطاعتك الهرب مني "
انحنى ببطء نحو رأسها , وهي تحدق بالسماء الشديدة الاحمرار . كانت القبلة خفيفة ناعمة, مهذبة , لطيفة منحت قلبها نوعاً من خيبة الأمل فلم تستطع إلا ان تطوق عنقه بذراعيها وهي تتعلق به بشدة.
تمنت البكاء في تلك اللحظة , دموع مخيفة من خيبات أمل متتالية , لتلك القبلة ولطريقة امساكه بها بعزاء . خيبة الأمل الكبيرة في داخلها تجرأت إلى نشيج حاد بينما كان فرناندو يتشبت بها . تحرك مجدداً ليقبلها فوق خدها . إنهما مستلقيان معاً في احضان العتمة, يمسكان ببعضهما البعض, من دون اية محاولة للتعبير عن جرحهما وبالتالي عن خسارتهما , لكنهما كانا على ثقة ان الألم والخسارة هناك , مدفونتان في اعماق اعماقهما .
تحرك فرناندو اخيراً, وابتعد عنها قليلاً ليزيل خصلات من شعرها الطويل عن سترته ويرجعها إلى مكانها نحو جانب وجهها.
افاض بكلامه بلطف" غروب بديع للشمس , أليس كذلك؟"
ابتسمت روث " رأيت أبدع منها " فكانت ملاحظة بارعة منها.
----------------------------
همس قائلاً " يا فتاتي" وانحنى ليعانقها بهدوء ومودة مرة اخرى . كانت تتوقع منه اية إثارة عاطفية وكانت على اتم الاستعداد لتوقف ذلك الخداع الذي سيظهر منه, لكن الامر اختلف الآن. كان ذلك اغراء لطيفاً منها, تذكير مثير بما كانا عليه وما قد خسراه , والمضحك في الامر كله ان فرناندو لم يخططه على هذا السبيل , لكن يبدو عليه الآن انه استسلم مفسحاً لها العجال للتصرف بحنو ولطف.
ابتعد فرناندو قليلاً, فما كان من روث إلا ان قفزت بسرعة واقفة , وهي تصلح من شأنها , وادارت وجهها المتورد نحو البحر بينما كان هو ينفض البطانية. لقد احبته كثيراً الى حد انه لو اقترح بأن يشبكا ايديهما ويتقدما من حافة الهضبة ليقفزا منها معاً مثل اثنين ملتاعين من شجون الحب لكانت فعلت ذلك بكل طيبة خاطر.
ارتعدت فرائصها وهما يعودان نحو غابة الصنوبر , احست بالتشاؤم وكأن خطراً ما ينتظرها. وتمنت لو ان فرناندو كلمها بود وحنان واعاد إليها املاً كانت قد فقدته , فبهذا كان قد خفف الكثير من الاختلاجات التي تحس بها الآن . إنها تعاني من ضعف, لم يسبق لها ان عانته من قبل .
حب كبير للغاية , انه حب من دون أمل لأن هناك امرأة اخرى لها الحق وحدها للمطالبة به الآن , ولهذا السبب قبلها بتلك الطريقة ليدعها تعلم كم ان هذا الحب اصبح باطلاً.
" ينبغي عليّ الخروج اليوم " انبأها فرناندو في صباح اليوم التالي عندما جاءت لتناول الفطور في الفناء " هناك بعض اللقاءات في الكوديا " ثم هز بكتفيه من دون أي مبالاة وهو يبتسم في وجهها قال مضيفاً " المزيد من الفنادق " سبحت روث كرسياً من جانب الطاولة وجلست ثم سكبت لنفسها بعضاً من القهوة" في صوتك نبرة اعتذار , وكأن كسب بضعة ملايين اخرى جريمة يعاقب عليها القانون , هيا, , اسرع , وبينما انت تناقش اعمالك فكر بعملي الذي حتما سيتوقف إن لم اخرج من هنا وأقوم بالمناقشات اللازمة له "
" آه , العمل, يجب ان لا ننسى ذلك" لم يكن في صوته أي نوع من السخرية عدا التلميح وكان هذا كافياً ليعيد الحذر إلى نفس روث " تعالي معي" اقترح عليها ذلك وهو يميل قليلاً الى الأمام كي يتمكن من رؤية انفعالها وهي تقضم قطعة من شطيرة مدهونة بالزبدة والمربى " في الكوديا ميناء قديم , وشاطئ نظيف جداً وقد شيدت منازل هذه القرية القديمة قرب موقع لمستمعرة رومانية , كذلك هناك متحف , في استطاعتنا زيارة كل هذه الأمكنة وفي استطاعتي تقديمك إلى بعض الاشخاص"
اغراها الأمر, كثيراً قالت " انتبه لي ايضاً جيداً كي لا احاول الهرب " وعادت لتقضم الشطيرة.
" انت تدركين انه انتهى كل شيء بيننا يا روث " قال لها ذلك وهو يحدق بها بعينيه ويطيل التحديق.
كانت المبادرة الأولى من روث في فصل تلك العلاقة , فاخفضت عينيها نحو فنجان القهوة. كانت تدرك تماماً ما كان يقصد , مع ان ما من شيء معين قيل. كانت وجبتهما ليلة البارحة شهية وتوالت الاحاديث الزاخرة باختصار وكل شيء كان مختلفاً عما كانت تتوقعه. حديثهما الذي تطرقا إليه عند أعلى الهضبة ساعة غروب الشمس هو الذي غير كل شيء . فعوضاً من ان يثير غروب الشمس شيئاً في عواطفهما المتأججة وهذه كانت نية فرناندو بالتأكيد , كان ذا تأثير عكسي فيه الكثير من المرارة المؤلمة التي ادت مهما الى نوع من الحزن العميق.
-----------------------------
"لي ملء الحرية في الرحيل, أليس كذلك؟" ورفعت رأسها لترى خيوطاً من الشك في عينيه الحالكتين لكن سرعان ما اختفت تلك الخيوط ليهز بكتفيه.
" لا ارى سبباً يمنعك من استعمال هذا المكان كمركز اساسي لعملك. من المؤكد انه افضل بكثير من استئجار شقة في مجمع سياحي مليء بالضجة"
" نعم , ولكن .." عندما فكرت بالأمر تذكرت امراً مهماً, فسألته " ماذا بشأن ماريا لويزا؟ فأنا لا اريد ان اكون هنا عند عودتها"
"سوف تمنحني معلومات كثيرة "
قالت روث بكآبة" اهو تدبير متفق عليه ؟"
رد فرناندو بشكل مبهم, يرافقه انزعاج طفيف " نعم, إنه كذلك, اتأتين معي إذاً إلى الكوديا؟"
شعرت روث بعدم ارتياح لطلبه هذا, ربما كان هذا تحدياً بسيطاً لاعادة احياء ذكريات سفيل في مكانها الطبيعي وفي نفسها. وان تختاره هو مرة اخرى كتفضيل عن عملها.
فتحايلت بكلامها " ألا يجدر بك ان تسألني اولاً ان كنت انوي فعلاً البقاء ؟"
قال باعتداد ترافقه ابتسامة" اعرف انك تفضلين البقاء ولكن ألن تأتين معي ؟"
رفعت روث فنجان القهوة الى فمها واستوت في جلستها ورشفت ببطء. إنه لم يظهر مثل هذا الاعتداد بنفسه من قبل, هذا شيء جديد. هل كان موقفها مخلاً بالاحترام له عندما لم تقاد لارادته لتتركه بسهولة ان يفرض عليها البقاء في السنة الفائتة ؟ كم ضحكت لتلك المحاولة . من المؤكد ان النساء مخلوقات معقدات في مجالهن الخاص, لقد اصبحن ينافسن الرجل أكثر و اكثر يوماً بعد يوم!"
نظرت إليه وهي مازالت ممسكة بفنجانها . وكان هو لا يزال ينتظر ردها , وكأنه على عجلة من امره ولا يستطيع الانتظار اكثر . كان يمسك بحقيبته بينما كان ينتظر . إنه اكثر حيوية ونشاطاً هذا الصباح مما سبب لها بعض الامتعاض. ذلك لأن ليلتها كانت مضطربة , تتقلب في فراشها ذات اليمين وذات الشمال ويشتغل جسدها بحرارة مع ان الغرفة كانت مبرودة كفاية , كانت تشتعل في داخلها من الفكرة التي لم تستطع محوها من مخيلتها, وهي ان فرناندو كان نائماً تحت السقف نفسه, قريب جداً لكنه بعيد جداً في نفس الوقت . اهو يعاني الأرق مثلها ويفكر في ذكريات حبهما الضائع التي تلهب مشاعره وتبعد عنه النوم؟
قال فجأة " اطلب منك للمرة الثالثة, اتذهبين معي؟"
سرق سؤاله استغراقها الحالم , واعلنت وهي تهز رأسها " لا, لكن شكراً للعرض, لا حاجة لي في الذهاب الى الكوديا , كما وانه قد سبق وتم المبيع لزبائني في بولنسا " وقطبت فجأة وهي تتابع " إن لم يعد ستيف بعد ايام قليلة قد اضطر للذهاب الى بالما والاجتماع مع الخطوط الجوية ومكتب خدمات السياح بنفسي " لم تكن تمانع في ذلك ابداً لكن هذا قد يسبب ضغطاً على جدول اعمالهما . وضعت فنجان القهوة فوق الطاولة" ألديك فكرة عن موعد عودتهما ؟"
--------------------------------
اعلن بصراحة " ولا بأي شكل من الاشكال"
" حتى انك لا تهتم ايضاً للموضوع ؟" سألته روث, وكان العبوس مازال مرتسماً فوق محياها. إنها فعلاً لم تفهم هذه الناحية منه. كان يأخذ الأمر ببرودة اعصاب غريبة, امر غياب حبيبته مع حبيبها السابق.
" لقد قلت لك , لي ملء الثقة بأنها ستعود "
" ألأنك تملك ذلك الشيء الثمين الذي يفتقده ستيف؟ لا تكن واثقاً من نفسك لهذه الدرجة" نهضت وبدأت تنظف مائدة الافطار.
وقف فرناندو ايضاً, وقال " إني متأكد, لا بل واثق من عودتها"
" هل هذه الثقة القوية التي تعتز بها في نفسك تمنعك من الزواج منها؟ او هل تظن انها مسلوبة العقل ومتمسكة بك لدرجة انه سيسعدها العيش معك الى الابد؟"
" لم نأت في علاقتنا على ذكر الزواج " قال ذلك وهو يناولها فنجان القهوة كي تضعه في الصينية .
كانت متأكدة ان ذكر الزواج لم يصدر من ناحيته " إنك تدهشني . لم لكن اظن ان الذين ينحدرون من طبقة اجتماعية مشهورة , سيسعدهم رؤيتها تعيش مع رجل"
" ايعني هذا انني غير صالح مافيه الكفاية ؟"
" لم اعن هذا ابداً, كما أنت تعلم ايضاً . انما كان لدي اعتقاد ان للعائلات الاسبانية تقاليد شعبية في مايتعلق بالعروس وقدسية الزواج والانجاب وارتباط عائلي متماسك"
قال ببرودة" هناك دائماً استثناءات مخالفة للقوانين"
واخذ منها الصينية وعليها الفناجين الفارغة وغادر الغداء نحو غرفة الطعام.
لم تلحق روث مباشرة , كانت تقف شاردة وهي تحقق بمحرمة مطوية من الورق متسائلة تفكر بالذي اكتشفته اكثر بقليل من الذي سبق وفهمته عن علاقتهما. وكان الأكثر بقليل هو ان فرناندو لم يظهر عليه اية دلائل تشير الى انه يفتقد لماريا لويزا او انه حقيقة مغرم بها. ألا وهو العمل.
صعدت روث بارتباك وحيرة الى غرفة نومها كي تبدل ملابسها. كانت ترتدي سروالاً قصيراً وقميصاً قطنياً , وهذا لم يكن اللباس المثالي للنقاش في الاعمال مع مدراء الفنادق . يجب عليها في الحقيقة ان تخرج ماريا لويزا و ستيف و فرناندو من فكرها, وتركز فقط على الأمر الذي جاءت من اجله الى جزيرة ماجوريكا.
اعجبت روث كثيرا بمدينة بولنسيا القديمة وفرادة شوراعها الضيقة ومنازلها المبنية من الحجر الأحمر . إنها تبعث الارتياح في النفوس كما انها هادئة جداً بالمقارنة مع بالما. وظنت روث , انه هنا تكمن ماجوركا الحقيقية . تسلقت الدرجات التي كان عددها يقارب ثلاثمئة وخمس وستين درجة على الرغم من الحر الشديد في كالفاري, واخطأت العد عند آخر الدرجات ولم تدر ان كان ذاك صحيحاً اما لا, ثم ارتاحت وهي تستظل شجرة السرو واخذا تراقب السياح وهم يسيرون بتثاقل من شدة حرارة الجو, وتابعت تسلق الدرج بعد تلك الاستراحة وعندما وصلت اخيراً, وافقت مع شابين من ليدز بأن العناء الذي بذلوه في الصعود نسوه عند ذلك المنظر الخلاب من اعلى المكان, والذي كان فعلاً مذهلاً رغم الحرارة التي خيمت في الجو.
------------------------------
الجوع والحاجة الى هواء البحر اجبرا روث على قيادة سيارتها الى شاطئ بولنسا, لقد وصلت الى المرحلة النهائية من رحلة عملها ولكن قبل البدء به اخذت تتجول على طول الشاطئ المزدحم, وهي تلتقط صوراً فوتوغرافية للبحر, للمتزلجين فوق المياه وراكبي القوراب المعدة لركوب الأمواج المتكسرة , وصف الاشجار الطويل المناسب للتنزه الممتع في ظلاله, كذلك الجبال الشامخة من ورائهم .
دخلت الى مطعم عند الشاطئ لتناول طعام الغداء. طلبت زجاجة مرطبات باردة وبعضاً من صحون المقبلات , تذوقت الكلامارس والبوكيرونس وغمست الخبز في صلصلة السمك, تذكرت العشاء الذي تناولته مع فرناندو الليلة الماضية.
كان طبق الاسكالادن شهياً وليس من النوع المبرد في الثلاجة , لقد اعد كل ذلك بنفسه , لم تكن على علم ومعرفة بأنه طباخ ماهر..
بعدما انتهت من تناول الطعام , دفعت ماتوجب عليها وعادت الى حيث اوقفت سيارتها في مكان ظليل تحت شجرة برتقال في احدى الساحات .. لم تكن تعرف الكثير عن فرناندو سيرا, ادركت ذلك وهي تحس بانقباض في قلبها , كانت تعرف الكثير عن عاطفته الجياشة والأساليب التي يتبعها , وهذا ليس بالشيء الذي يفتخر به.
كانت البوابة الحديدية الضخمة من كازابينار مشرعة عند عودتها في وقت متأخر من بعد ظهر ذلك اليوم , وادركت ان فرناندو في المنزل. المنزل , فكرت بانقباض وهي تقود سيارتها صعوداً في الطريق الخاص. هذا ليس منزلها بل منزله ومنزل المرأة الرائعة التي يعيش معها . لكن , من دون اي تصميم على الزواج حتى الآن . قد يسبب ذلك الفراق المفروض نوعاً من الخسارة له . ان البعاد يجعل القلب اكثر هياماً واشتياقاً, بعض الاغبياء يقولون هذا.
" لم تذكر لي شيئا عن المهرجان الموسيقي الذي سيقام الاسبوع المقبل في بولنسا, كل يوم احد وحتى نهاية الشهر في معابد سانتو دومنغو " فقد شاهدت عند عودتها, بعض الاعلانات فوق جدران المدينة والتي اثارت فضولها.
التفت فرناندو اليها حيث كان يخرج زجاجة من الشراب من الثلاجة بدا وكأنه قد وصل لتوه , كان شعره مبللاً وكأنه كان يمارس رياضة السباحة . وكان يرتدي سروالاً من الجينز وقميصاً ازرق اللون" لم يأت ذكر ذلك في حديثنا ليلة البارحة. اترغبين في الذهاب ؟" وسكب لها كأساً من الشراب البارد.
تمتمت بينما كانا يخرجان نحو الفناء " نعم, إذا بقيت هنا"
" لقد قام بتأسيسه رجل من يوركشاير"
سألت روث بشك" تعني المهرجان الموسيقي؟"
" فيليب نيومان , لكنه مات سنة 1966 . وما زالت تلك المهرجانات الموسيقية تقام حتى الآن "
" إنه تنظيم رائع " وتنهدت وهي تجلس في الظل وترتشف الشراب" هل ترى عائلتك غالباً؟" سألته وهي تغير دفة الحديث.
-----------------------------------------66
كان الاسهاب في التكلم عن الحفلات الموسيقية مع فرناندو بمثابة تذكير مؤلم لما كانا عليه في سفيل.
قال لها بهدوء" توفي والدي منذ اربعة اشهر خلت"
ازدرت روث ريقها متأثرة " آه, آسفة يا فرناندو " ثم تنفست بعمق وتابعت " انك .. انك من المؤكد تفتقده , كنتما متقاربين جداً"
قال بلطف لكن من دون ان ينظر إليها " أنت تذكرين ذلك"
همست وكأنها تكلم نفسها " اذكر كل مايتعلق بسفيل , كيف استطاعت والدتك التغلب على هذا الأمر؟"
" إنها مع شقيقاتها في مينوركا , وهذا احد الاسباب الاخرى لوجودي هنا . عدت عندما كان والدي يعاني من المرض الشديد وبقيت منذ ذلك الوقت . إنه منزل العائلة و ترغب والدتي في تركه خالياً وغير آهل. تود رؤيته منزل عائلياً مرة ثانية"
وهذا ماسيكون , وقريباً جداً, فكرت روث بكآبة خاصة عند عودة ماريا لويزا " هل .. هل تتفق والدته وماريا لويزا؟" ابتسم فرناندو وحدق بها " نعم, إنها تحبها كثيراً , ايؤلمك هذا ؟"
هزت روث كتفيها بعدم مبالاة " ولم عليّ ذلك؟"
" لأنني قلت لك ان والدتي سوف تعشقك "
" هي تعشق اخرى الآن . هذه هي الحياة!" قطعت كلامه بثبات , وهذا مابرهن ببساطة انها فعلاً تأذت , حاولت التغلب على هذا الشعور وهي تمط بجسدها وكأن الحديث يعذبها ويقلل من عزيمتها .
" اتمانع إن نزلت كي اسبح ؟"
هز بكتفيه " أنت مضيفتي وعليك ان تقومي بما تشائين "
كانت البارحة اسيرته. وكم كان من السهل عليها ان تدعه يغير مساره.
تمتمت " سأذهب لأرتدي ثوب السباحة"
" لماذا تزعجين نفسك ؟ فأنت لم تفعلي ذلك البارحة"
" كنت البارحة اعاني من ضغط ما على اعصابي واحاول ان اثبت شيئاً . اما اليوم فذاك الضغط قد تلاشى"
قال ممازحاً"بسببي أنا ؟"
استسلمت روث للمرة الأولى فقد كانت ايماءة مضحكة عن الثورة النفسية التي اجتاحتها.
قالت له وهي تبتسم ابتسامة صغيرة " بسببي أنا ايضاً , تعرف جيداً كم كانت الشمس دائماً تشدني إليها . وبعض الوقت من السباحة يريح اعصابي"
" اهذا هو السبب الذي يدعوك الى السباحة الآن , لأنك تشعرين بالحرارة قليلاً " سأل ذلك على سبيل الاستسفار.
اجابته بغباء" ليس من حرارتك يا فرناندو, لقد نسيتها , إنني فقط مرهقة بعد التنقلات التي قمت بها بعد ظهر هذا اليوم حول الفنادق"
" وكيف كانت ؟"
ادهشها سؤاله لأنها توقعت منه ان يثور من الاهانة .
-------------------------
" عظيم جداً , كما لدي ثلاثة مواعيد اخرى بعد ظهر يوم غد اهتمام ثلاثة فنادق في تقديم حسم جيد, في المواسم غير السياحية , طبعاً من الضرورة ان انهي ذلك غداً"
نهض وهو يقول " عظيم, يسعدني ان اسمع بأن يومك كان ناجحاً"
سارا معاً الى داخل المنزل . سألته " وكيف كان يومك ؟ ناجحاً ايضاً؟"
انفجر ضاحكاً ووضع ذراعه حول كتفها .
" يبدو علينا وكأننا زوجان سعيدان "
كانت ترتعش من لمسته على الرغم من هذه المرحلة الجديدة التي توصلا إليها من التفاهم , شعر بذلك هو ايضاً لكنه سرعان ما رفع ذراعه عنها.
قال بضيق " لسنا تماماً ينبغي ان نكون؟"
توقف عند اول درجات السلم وكأنه في مكان آخر وظهر في تلك اللحظة ليرافقها .
" ماذا تقصد ؟" كان صوتها منخفضاً وهي تتكلم.
رفع ذقنها وقال " أنت تعلمين , لذا لا تتظاهري بعدم الفهم. إننا مازلنا نولي الاهتمام لبعضنا البعض و ... ونحاول قصارى جهدنا لذلك , نحن لا نزال في حاجة لبعضنا البعض"
اردفت ببساطة " لا اظن ان ذلك كان موضع نقاش يا فرناندو"
" نعم , إنك على حق, هذا لم يكن قط, لكن هناك شيء ما تغير ولست متأكدا تماماً إن كان لمصلحتنا معاً"
ابعدت ذقنها عن يده وهي تقول " حسناً, لا استطيع التظاهر بمعرفة مايعني كل ذلك"
" ليلة البارحة, الغروب, الوجبة , الحديث, هذا الصباح, هذا النهار, هذا المجهود على حد سواء , في استطاعتنا المضي قدماً يا روث, لكن مابعد ..." عادت اصابعه الى موضعها مرة اخرى ولكن لم يكن في حاجة لأن يضيف شيئاً أكثر.
نظرت روث إليه بارتعاش وقالت " لكن .. لكننا نعلم الآن ان مامن شيء قد يحدث . قلت هذا بنفسك , فقد كان كل هذا عقاباً لشيء ما زلت لا افهمه"
قال لها ببرودة " كان عقاباً لسفيل"
" من غير الممكن ان يكون شيئاً آخر! إنه كل ما نملك ! "
" لكن كان في مقدورنا ان نملك اكثر بكثير... "
قاطعت بحماس" لو انك جئت الى بريطانيا كما ظننت انك ستفعل "
ضاقت عيناه الداكنتان " ماكان هذا هو السبب في إنهاء الأمر كله , و أنت تعرفين ذلك"
اخفضت روث عينيها وتشبثت بدرابزين الدرج وتمتمت " كان لا يزال هناك نواح كئيبة عندما فكرت بتلك الرحلة يا فرناندو . إنك تلومني على عودتي إلى بريطانيا بسبب عملي, لكن لم يكن الأمر كذلك كما لم تكن غلطتي"ووضعت يدها على جبينها واخذت تحكه بارتجاف وكأنها تحاول ان تفكر بوضوح اكثر . ثم سحبت يدها لتنظر اليه " كنت خائفة .. كنت فعلاً خائفة من ألا يكون الأمر حقيقة "
-------------------------------
" كيف يمكنك ان تشكي بذلك؟" وكان في عينيه غضب شديد من ملاحظتها وهو يتابع " لقد احببنا بعضنا الى ابعد حدود . كنت تعلمين ان لا نية لك برؤيتي مجدداً. وهاهو قلبك محتجب الآن"
اجابت بسرعة " احتجبته.. نعم, نعم احتجبت قلبي فعلاً, بسبب احتجاب قلبك ايضا" وجاءت كلماتها متلاحقة.
اردف قائلاً" ناشدتك البقاء !" وفجأة اشتعل غضباً منها" هل من المعقول ان تسيئي الفهم وتقولي أنا الذي احتجبت قلبي؟"
" لأنك لم تقصد ذلك!" صرخت روث وعيناها تطفحان بالدموع , حاولت حبس تلك الدموع , يجب ألا تبكي , لا تود تصدق للحظة واحدة انني سأوافق " ولذلك السبب طرحت سؤالك. وكان ذلك ملائما جداً لك . قدمت عرضك , وأنا تجنبيته , وكان مخرجاً سهلاً لكلينا"
حدق بها , وتلاشت نظراته الغاضبة وحل مكانها تساؤلات واضحة " لا افهم النساء , إنني فقط لا افهمهن" وتنفس بمعاناة شديدة.
صاحت روث " كذلك انني لا افهمك!"
" تركتني ارحل .. قمت بالتماسات باردة , سخيفة ثم تركتني اخرج من حياتك . والآن تجعلني ادفع الثمن. هذا كله جنون , مئة بالمئة !" تحولت عنه بسرعة للصعود فوق الدرجات , لكنه التقط معصمها . لم تقاوم للإفلات لكنها واجهته بغضب " ما الذي جعل كل هذا يحدث من جديد يا فرناندو ؟ كنا على احسن مايرام , نتعرف على بعضنا من جديد, وكأننا لا نعرف بعضنا في سفيل " تنهدت بعمق وبألم بالغ وهزت برأسها لأن كل ذلك كان مستحيلا , لا تحاول حتى القول لي "
" ألأنك لا تستطيعين مواجهة الواقع الأليم وهو أننا نغرم ببعضنا من جديد؟" قال ذلك بهدوء لدرجة انها ارادت ان تصفعه بقوة للتغيير المفاجئ في مزاجه.
" لا تكن سخيفاً! لسنا كذلك!" وكان هذا قولاً صادقاً , منها لأنها لم تخرج يوماً من حبه و إن كان هو قد بدأ يغرم بها فهذا يعني انه لم يحبها قبلاً. آه, كانت محقة برفض عرضه فالعلاقة التي تربطهما لم تستمر أكثر من سنة !
" بلى إننا كذلك" الح وهو مازال قابضاً على معصمها باحكام " ولا اتمنى عكس ذلك ..."
قاطعته روث بضحكة ملؤها المرارة " لماذا , ألأنها تؤثر على طريقة انتقامك ؟ لا , انتظر لحظة " رفعت يدها ونقرت باطراف اصابعها لكن هذه البادرة لم تؤثر فيه" اظنك قمت بمحاولة تلو الأخرى . قررت رغم كل شيء ان تشاركني في كل شيء ومامن طريقة افضل من ان تتبع اسلوباً رابحاً بواسطة بعض الاطراءات لأشق طريقي . لقد سبق واعترفت بأنك راغبة بذلك"
" نعم, فعلت, لكن لا تجرؤ على المحاولة ثانية طالما اعتبرتها خديعة منك ورفضتها . لكن بالرغم من كل تلك الاحاديث العذبة والوقوع في الحب مجدداً , ألا ترى ان الرفض لن يكون ذا اهمية "
قطب بغضب شديد واعتقدت روث بأنها كانت على حق وكشفت ماكان متستراً به, هذا اللعين الأحمق.
-----------------------
" إنني لم اتوصل الى هذا البعد من التحليل في هذه النظرية الجديدة لكنها فقط تضيف المزيد الى شكوكي في المسألة كلها, اعيد عليك , كنت اتمنى ان لا يحدث ذلك , اتمنى لو انني استطيع فعل شيء لوضع حد له لكنني لا انكره وقد تكونين كاذبة ان حاولت "
امتلأت عيناها بالدموع " لكن الفرق هو , يا فرناندو في انك تشعر بشيء أنا لا .."
" قلت لك لا تحاولي الانكار لأنني لن اصدقك " قالها بنبرة جادة وصلبة في صوته.
اتسعت عينا روث الزرقاوان " انت لا تعرف حتى ما الذي كنت على وشك قوله !"
" لست مضطراً لذلك. إنك تظهرين قلة الاحترام علناً"
لم تعد تحتمل هذا اكثر , ذلك التأرجح في عواطفه, يتقاذفها يميناً وشمالاً كسفينة ضلت مسارها في خضم بحر هائج" كم أنت اعمى يا فرناندو سيرا, ليس كلياً لكنك صعب الارضاء بماتراه, تتكلم عن الوقوع في الحب مرة اخرى . حسناً, هذا هو الفارق بيننا. لا استطيع ان اقع في حبك مرة اخرى لأنني لم اتوقف عن حبك بتاتاً!" وسرعان ما عضت شفتها , نادمة على تصرفها الغاضب بقدر ماكانت نادمة على التقاطها تلك النظرة الثاقبة منه في الحفلة المشؤومة التي حددت قدرها " آه, فلتذهب الى الجحيم !"
دارت بسرعة لتجري فوق السلالم لكنه ادركها وجذبها بين ذراعيه وقال برقة " روث , ماذا نفعل بأنفسنا ؟ لم اقصد ان ابدو كذلك.. بأنني توقفت عن حبك وانني اقع فيه من جديد " ضغط برأسها على كتفه ولامس شعرها بيده الدافئة.
" لقد... بدوت كذلك" قالتها وهي تتشبث بقميصه وانزلت ذراعها الى خصره وزال كل غضب وخصام . لم يعد في مقدورها ان تحتمل اكثر من ذلك " آه, يا فرناندو , إنني .. إنني اشعر بارهاق شديد من كل هذا "
همس بصوت خافت " اعرف, ياعزيزتي" إنني ايضاً لا استطيع احتمال وجودك هنا غاضبة وثائرة ولا احظى بك, احظى بك حقيقة . تدبرت وجودك هنا لمعاقبتك وانت على حق في ذلك .. إنني اسبب الألم لنفسي على حد سواء "
كانت تريد بيأس الخروج من هذا الحديث, لتستحوذ على هذه المشاعر الجديدة, كان نوعا ماعلى حق, كانا يقعان في الحب, لكن ليس من جديد, بل فقط بطريقة مختلفة. لكن مابين تلك لمشاعر الجديدة هناك ثغرة تمتد على نحو سنة وفي تلك الاثناء شيء فظيع قد تم , أمر مريع للغاية وان يكون في استطاعتها نسيانه . لقد وجد فرناندو السعادة , مع امرأة اخرى.
كانت ذراعاه تلفانها بقوة. وماكان للحب من حاجة للاعلان عن نفسه . لقد كان يحضنهما, وبقوة رهيبة وتنفست بألم وهي تقول " ارجوك فرناندو هناك اشياء يجب ان تقال"
"سنقولها يا عزيزتي سنقولها "
حملها بين ذراعيه وحاولت روث ان تصرخ لكن الصرخة تلاشت في حلقها , تعلقت به , خوفاً من ان تقع من بين يديه بينما كان يحملها الى الطابق العلوي نحو غرفتها.
تشابكت الأمور في رأسها وهي تحاول الوصول الى نتيجة واحدة بينما اجلسها فرناندو على الكرسي.
----------------------
" قلت .. قلت .. اننا .. سوف نتكلم " قالت وهي تلهث بضعف فحاولت التخلص من يديه لكنها لم تستطع.
" نعم , سنتكلم " قال والحب الكبير يملأ كيانه " نعم سنتكلم , و اؤكد لك , انك لم تخرجي من مخيلتي منذ آخر مرة افترقنا فيها " وحاول معانقتها مرة اخرى لكنها صدته بيدها , لكنه تابع يقول بحنان " اهذا النوع من الكلام اردت سماعه ؟"
ناضلت كي تخرج الكلمات من فمها وعندما خرجت اصيبت بألم كبير.
" فرناندو , اريد تفسيراً .. اريد .. انك تعيش مع ماريا لويزا!"
كان جسده مشدوداً وعيناه تلمعان , فقال بصوت اجش , وهو يبعد شعرها بلطف عن وجهها " إنك تعرفين انه من غير الممكن ان اقوم بأي شيء غير صحيح , ليست ماريا لويزا في قلبي كما تظنين , بل انت وحدك.."
" لكن .."
" لا , لكن , ثقي بي , كما وثقت تماماً في سفيل , دعيني احبك كما احببتك قبلاً"
لم تستطع روث الإجابة , فمن المستحيل ان تنطق بكلمة عندما يكون القلب مستعداً للحب.
لقد وثقت به وكانت تعلم انه تكلم من كل قلبه , وتبخر ذلك النسيج المتشابك من ماضيهما وحاضرهما امام مستقبلهما لم يكن الماضي مهماً, بل الحاضر هو المهم, أي الوقت الذي تكون فيه مع فرناندو , وهذا وحده موضع اهتمامها.
-------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-03-19, 05:55 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع
تملؤها الثقة كل الثقة الآن, إنها متأكدة إلى اقصى الحدود , وتركت قلبها يتكلم " احبك يا فرناندو" همستها بنعومة وهي تتساءل ان كان قد سمع همستها.
وجاء صوته يهمس بلطف ايضاً" شش!" وكأنه يؤكد لها انه سمعها . ومرّ بأصابعه المرتعشة فوق شفتيها كإشارة لذلك وكأنه ليس في استطاعته ان يتحمل الألم لدى سماعه بالذي نطقت به. فهمت روث معنى شعوره في هذه اللحظات الرقيقة والمفعمة بالحب لقد استعملا الكلام بحرية متناهية في سفيل وهذا ماكانت عواقبه . لم يرد ان يجرب القدر على الاطلاق, لكن القدر نفسه عاد وجمعهما مرة اخرى وكأنما لا يوجد احد سواهما في العالم كله.
" لا تذهبي , ارجوك" صاح فرناندو , وهو يحاول جذبها نحوه , وتمتم " هل استطعت النوم؟"
همست ايضاً وهي تلمس جانباً من وجهه " وأنت ؟"
" لا استطيع التذكر. كان كل شيء حالكاً بالنسبة لي "
ضحكت بمرح وهي تداعب شعره فتجاوب معها بادراك تام وهو يتنبه الى كل حركة كانت تقوم بها.
صرخت بذهول ضاحكة " فرناندو!"
قال متصنعاً البراءة الزائفة " ماذا؟" وجذبها نحوه وكأن شيئاً لم يحدث.
----------------------------71
لم ترد ان تكون تعيسة الآن , وبعد ان سارت الامور على خير مايرام . ابتسمت ودفعت ذراعها بتراخ " هذا يكفي الآن . وان اردت بقائي هنا, فأنا أكلف كثيراً"
ضحك وقال " سأدفع "
" لا تستطيع تحمل مصارفي " فقهقت مسرعة الى الحمام.
اختفت الضحكة فجأة وملأ الحزن صدر روث بينما اقفلت الباب وراءها واتكأت عليه.كانت تحبه بجنون لا يوصف كما انها كانت تعلم انه يحبها كثيراً ولكنها لا تشعر بذلك. ربما استحوذت ماريا لويزا على جانب كبير من حياته لذا لا ترى أي أمل لمستقبلهما . لقد اعترف بأنها لم تكن في قلبه يوماً لكنها كانت على الأقل في حياته.
اغمضت عينيها وعضت على شفتها واخذت تتمنى في قرارة نفسها بحرارة كي تستطيع هي وستيف ان يعيدا ما كانا عليه في سفيل تماماً مثل الذي كانت عليه مع فرناندو . لا تعلم ان ماريا لويزا لا تزال تقيم معه واعتقدت انهما احتاجا لبعضهما وخصوصاً بعد سفيل, لكنها لم تتأكد بعد ولربما ما زالت ماريا لويزا على حب مع فرناندو.. لكن, لماذا هي مع ستيف الآن؟ آه , ان الأمر محير ومربك.
طرأت في رأسها فكرة رهيبة , ربما تعيش معه من اجل ماله؟ فقد قال فرناندو إنه متأكد من عودتها فهو يملك شيئا ثميناً لا يملكه ستيف : هل ياترى كان ذلك من اجل حساب في المصرف؟
عصفت الهواجس في رأس روث ولم تتوصل الى جواب مقنع , لقد اصبحت فجأة سعادتها متوقفة على اختيار ماريا لويزا , ستيف او فرناندو, وهذا مالا طاقة لها على التفكير به.
" الا تريدين السباحة الآن ؟" سمعت فرناندو ينادي من البعيد.
لم تستطيع روث التفكير بوضوح . ابعدت شعرها الرطب عن حاجبها وكأن ذلك قد يساعد , لكنه لم يفعل , ولم تستطع ايضا التركيز على أي شيء.
" انه.. إن الظلام يلفنا" هذا ما استطاعت قوله بحزن.
" نستحم في حوض السباحة , فهو غير مظلم" وسمعت من البعيد صوت اغلاق الباب بهدوء.
دخلت روث غرفة نومها وهي تشعر بالكآبة وارتدت ثياب الاستحمام وجاءت بمنشفة وهبطت ببطء نحو الطابق السفلي ثم الى الخارج نحو الفناء وهي تعبر غرفة الطعام.
انها لا تريد ان تفكر بعد اليوم بتلك الخيارات, لأنها اتخذت قرارها, وهو ان تحبه من جديد, وهذا كل ما تستطيع قوله الآن في هذا الوقت .
قالت باعجاب وهي تقف عند حافة حمام السباحة" آه يا فرنادو, هذا رائع, هيوليود مصغرة"
كان فرناندو في الماء, كانت البركة مضاءة من قعرها , فتلألأت المياه, كانت البركة مضاءة من قعرها , فتلألأت المياه بلون اخضر باهت تدعو المرء برغبة اليها. وكان هناك اضواء لطيفة تختفي بين الصخور , ولقي ظلالاً حالكة وخيوطاً من الضوء في فتحات ضيقة بين الصخور والتي تكون في وضح النهار محتجبة تماماً. كان مكاناً ساحراً لممارسة رياضة السباحة.
صاح فرناندو بعد ان اسقطت المنشفة واستعدت للغطس لتلحق به " آه , لا , لا تفعلي"
----------------------------
ضحكت وهي تتمايل كي تحافظ على توزانها عند الحافة " لا افعل ماذا؟"
" الغطس بهذه الطريقة "
علقت ضحكة في حلقها عندما رأته يغطس ويسبح تحت الماء نحوها.
قالت وهي تقهقه من الضحك :" حسناً, علمني الطريقة الصحيحة "
صعد من المياه فجأة ليقف امامها " انتبهي جيداً" نبهها وهو يمسح الماء عن وجهه وشعره.
صاحت " ماذا هناك يا فرناندو ؟"
" كفى عن هذا يا روثي " قال لها ذلك وكانت تعلم ما الذي يزيده حيوية وهو يبتسم تلك تلك الابتسامة العريضة, مما جعلها تشعر بميل اكبر نحوه.
روثي لقد كانت المرة الاولى التي يناديها او يلفظ باسمها هكذا في ماجوركا. كان يستعملها مراراً في سفيل. عبارة ناعمة, عذبة تميل إلى الغنج و الدلال . آه , انها تحبه كثيراً وفي حاجة ايضاً اليه.
كانت خفيفة الحركة في حوض السباحة تماماً مثل دلفين وكانت بعيدة عنه قبل ان تتيح له الفرصة في ايقافها , ولحق بها نحو الطرف الآخر من الحوض وهو يضحك بمرح وسرور.
قال لاهثاً" لم اعلم قبلاً انك تجيدين السباحة بهذه المهارة "
قالت لاهثة " كنت بطلة السباحة في مدرستي"
" كذلك أنا "
كانت تشع من المرح فانفرجت مرة ثانية شفتاها بالضحك.
قال بحنان" أنت .. أنت الحبيبة الأروع جمالاً والأكثر مهارة في السباحة " قال لها ذلك وهو يحيطها بنظرات من الاعجاب والدهشة .
همست ممازحة " وأنت بطل المدرسة في الغوص"
ضحك عالياً ثم اخذ يقرص ذقنها مداعباً , وهي تغمض عينيها مستمتعة بنور القمر الساطع الذي شع فوقهما.
" ماذا , عن قرص الذقون؟"
دفعته روث بعيداً بأنين وسبحت على طول الحوض , تتحرك بتكاسل وبضعف وكأنها فقدت كل قواها . وانسحب فرناندو من الحوض ليجلس على حافته ويراقب حركاتها. لقد فكرت بأنها لم تكن يوماً اسعد مماهي عليه الآن .حتى ولا في سفيل, كان سروراً مميزاً بكل معانيه. انهما متحرران من اية قيود اخرى. ولكن هناك عواطف من فريق آخر .. لا.. ليس عليها ان تشرك ماريا لويزا و .. لا .. ماعليها ذلك . إذاً لماذا الأمور افضل من ذي قبل ؟ لم تستطع الاجابة عنه أنها تهيم به الآن اكثر من قبل وتريده بشدة اكثر بكثير من قبل وبشكل سيتعذر عليها تجنبه.
رأت روث ان العقاب الذي تستحقه الآن هو ان يتجنب هذه العلاقة التي تقيمها مع فرناندو , العلاقة التي يجب ان لا تدعها تستمر . مع ان فرناندو ليس متزوجاً لكنه . كان متورطاً . ودارت روث تسبح نحوه, لكن الارتباط الذي تفكر فيه ليس موجوداً الآن , انها بعيدة جداً ومع رجل آخر .. لا, لا, عليها ألا تفكر بهذه الامور مرة اخرى.
---------------------------------
كانت ساقاه القويتان تتدليان في المياه فتمسكت روث بهما لتحافظ على توازنها.
" هل انت سعيدة ؟" ابتسم وهو ينظر اليها بشغف.
هزت روث رأسها بالإيجاب وعندما حاولت ان تسأله السؤال ذاته كان قد قبض على يديها وسحبها خارج المياه ليحيطها بذراعيه.
قال لها " انني اتضور جوعاً. سنخرج للعشاء, إلى ميرادور . إنه مكان جيد جداً وهو عبارة عن شرفة ناتئة من مطعم تطل على اكثر المناظر الخلابة من كابو فور منتور هناك نتكلم ونقول مانريد"
اطلقت روث زفرة ارتياح وهي تخطو خارج ردهة الفندق الى حيث اشعة الشمس الحارة لتضربها لفحة من الهواء الساخن بعدما كانت تنعم بالهواء المكيف البارد داخل الفندق .
لقد انجزت عملها , واتفق الطرفان على الشروط , سوف تدهش زبائنها بهذه التسهيلات وتوفر الراحة لهم في هذا الفندق . إنها مكافأة كبيرة لموظفي المبيع في الشركة على زيادة المبيع لديهم. وشعرت بأن هذه الحملة ستعود بنجاح اكيد.
كان فرناندو ينتظرها عند جانب الطريق, وهو يستند إلى سيارته المرسيدس المكشوفة , وبدا متململاً وفهمت روث سبب ذلك. لقد أصرّت على القيام بهذه الاتصالات وكانت ناجحة , لكن لم تكن مقنعة لفرناندو.
"ناجحة؟"
" نعم , إلى أبعد حدود" ابتسمت بسعادة وهو يفتح لها باب السيارة .
" كان في استطاعتي ان اقوم بذلك باتصال هاتفي واحد فقط لو سمحت لي" جلس قربها وادار محرك السيارة .
قطبت روث وفتشت في حقيبة يدها لتأخذ نظارتها الشمسية وقالت بثبات " اعتقد بأنه سبق واتفقنا على هذا الأمر ليلة البارحة في المطعم, لا اريدك ان تقوم لما لي القدرة على القيام به, انه عملي, وليس عملك , آه , اظن انني نسيت نظارتي الشمسية في الفندق"
امتدت يد فرناندو الى ما تحت الزجاج الواقي للسيارة والتقط نظارتها الشمسية بابتسامة ماكرة ثم اعطاها اياها. يمكنها ان تقرأ افكاره . كانت تظهر لها بصورة واضحة . ان النساء مخلوقات ساذجة , وعليهم البقاء في منازلهن يغسلن ويطبخن بدلاً من ان يوقعن اتفاقات عمل.. عضت روث شفتها ووضعت النظارة فوق عينيها . لكنه لم يكن ليفكر في هذا الشأن . كان قد اقترح عليها ليلة البارحة ان في استطاعته تسوية اعمالها باتصال هاتفي مع مدير الفندق, والذي تربطه معه معرفة وثيقة , والسبب في ذلك كله انه اراد ان ينطلقا للتمتع بيومهما بدلاً من الانتظار خارج الفنادق من اجلها.
سألها , وهو ينعطف الى جانب الطريق " إلى اين تريدين الذهاب؟ إلى ماناكور من اجل عقد من اللؤلؤ ام إلى انكا من اجل شراء زوج من الأحذية , او كهوف دراتش لنشعر بالخوف على الطراز القديم, أم في نزهة عاطفية الى شبه جزيرة فورمنتور ؟"
---------
ابتسمت روث ابتسامة واسعة , لقد عادت روحه المرحة فقالت مازحة " انني مازلت صغيرة على اللآلىء , ثم لدي عدد كاف من الأحذية , لكنني لا استطيع ابداً ان اشبع من العاطفة "
قال وهو يبادلها المزاح " رغبتك هي بمثابة امر واجب عليّ تنفيذه "
كانت القيادة الى كوبا فور منتور ممتعة ومسلية , مشاهد لا أروع ولا أجمل جعلت روث تتشبت في مقعدها معقودة اللسان . توقفا عند كالا دو سان فيسنت للتمتع بمشاهدة غابات الصنوبر من الجانب الشمالي والى الشاطئ الرملي في الأسفل الذي يدعو باإلحاح إليه.
" قلت لي في سفيل إن ماجوركا اكثر اخضراراً واكثر رونقاً لكنك لم تقل لي عن روعة مناظرها وجمالها الطبيعي الأخاذ " وتأملت روث باعجاب وذهول .
هتف فرناندو بتحسر واخذها بين ذراعيه " او مزدحمة "
" فرناندو!" صرخت معترضة , لكنها بقيت مستسلمة لعناقه . وتعالت ضحكاتهما وهما يمشيان متهاديين نحو السيارة.
" ليتني جلبت معي ثوب السباحة " تحسرت روث وهي تحكم حزام الأمان " البحر هناك يشدني إليه كثيرا"
" يسعدني انك لم تجلبيه . لأنني لا اتحمل صفرات الاعجاب بك"
" أتغار؟"
" بالتأكيد"
قاد فرناندو سيارته وانطوت روث على نفسها في سكون من روعة المناظر الطبيعية. كان كل شيء رائعا للغاية. وانحدرت السيارة فجأة نحو وادٍٍ ظليل بأشجار الصنوبر والسنديان . أشار فرناندو إلى الشاطئ فورمنتور والفناءات المزهرة من فندق فورمنتور الكبير. وتوجها عبر نفق أدى بهما الى ارض قاحلة وجافة. وارتفعت قمم الجبال بأبهة وجمال فوق الوديان العميقة الغور. اوقف السيارة ثم مشيا نحو بقعة من الأرض داخلة في البحر حيث كان هناك منحدر مريع يؤدي الى البحر.
كان هناك عدد لا يستهان به من السياح الذين وقفوا باعجاب واجلال يتأملون تلك المناظر الفريدة. لكن بالنسبة إلى روث كان الأمر مختلفاً, فهي تظن ان مامن شيء يلفت نظرها او يهمها في هذه الحياة سوى فرناندو. ولفح الهواء الساخن شعرها وهي تحدق الى البعيد نحو البحر حيث الأمواج الزرقاء تتلاطم متلاحقة بالصخور.
قالت متأملة " استطيع ان افهم سبب تعلقك الشديد بهذا القسم من الجزيرة "
اجابها " هذا يتلاءم مع الجانب الوحشي من طبيعتي "
"لم اعلم بهذا الجانب"
همس في أذنها بخشونة " سوف تتعرفين اليه هذه الليلة" ولم تستطع تمالك نفسها من الاسترسال في الضحك.
بعدما شاهدا جمال هذا المكان, قال فرناندو مقترحاً" مامن جولة سياحية تكتمل من دون مشاهدة الكهوف , هل تستطيعين القيام بها؟"
---------------------------
" في استطاعتي ان اتحمل نيران الجحيم اللاهبة معك وانت دليل في تجوالي"
بدا مكتئباً وهما يتوجهان نحو السيارة وقال لها بغموض بالغ " قد لا تكوني بعيدة عن الحقيقة بهذا الحذر"
فهمت سبب ملاحظته هذه في وقت لاحق. فقد تمسكت روث به وعيناها الداكنتان الواسعتان تحدقان باجلال بروعة وعظمة الصواعد والهوابط المضيئة في الكهف. فالصواعد هي رواسب كلسية في ارض المغاور , اما الهوابط فهي ايضاً رواسب كلسية لكنها مدلاة من سقوف المغاور . كما صدمتها ضخامة المكان بشكل هائل.
قالت لاهثة " انه ضخم للغاية ! دراتش هي ( الكاتالان) أرض التنين , أليس كذلك؟ أتظن انه بالفعل عاش هنا ؟"
اجابها بسخرية " اظن ان الشيطان نفسه واخواته عاشوا هنا" وشدت روث بقبضتيها على ذراعه ثم هزت كتفيها من دون مبالاة .
أشار فرناندو الى اعلى المكان وقال " أيمكنك رؤية المعبد؟"
" اين؟" لهثت روث , وهي تنظر الى المكان الذي اشار اليه . وحدقت نحو الأعلى الى تلك الأشكال من الصخور الملتوية التي كانت مضاءة بأنوار محجوبة " لا يبدو معبداً بالنسبة لي "
ضحك فرناندو " ربما المعبد هناك حول المنعطف وهذا تاج محل"
" اسمع " عبست روث" ان اردت ان تتحامق معي فسأنضم الى ذلك الدليل السياحي هناك"
احاطها بذراعيه وهمس " لن يكون الأمر نفسه مع ذلك, أليس كذلك؟"
" ربما لا , ولكن, اريد ان اتعلم شيئاً عن هذه الكهوف على الأقل"
" سأعلمك عن أي شيء تحتاجين الى معرفته "
" لكن ليس بشأن الكهوف " ضحكت وهي تشد بقوة على ذراعه , وألحت عليه ان يلحق بالسياح الآخرين . همست بعد قليل " أرايت , لم تعرف ان بعض تلك البرك مالحة وسبب ذلك ان الماء يرشح عن طريق حجر الكلس"
ابتسم ابتسامة واسعة لذلك الحماس " او هو مارتل , مكتشف فرنسي , وكان الأول في اكتشاف هذه الكهوف عام 1896 وقد سميت البحيرة باسمه وان لم نسرع فسنتأخر عن الحفلة الموسيقية" سحبها من يدها واسرع بها نحو الجماعة التي بدأت تهبط لتأخذ مقاعدها قرب بحيرة لاغو مارتل الطويلة والعميقة.
سمعت روث الموسيقى من بعيد ثم ظهر للعيان قارب يتحرك بخفة عبر المياه الرائعة . كان العازفون على متنها يداعبون اوتار الكمان بروعة وخفة و روث مندهشة , فهي لم تسمع أي شيء كهذا من قبل. المياه الصافية والظهور الصخري العالي لتكوين المغارة اضافا مشهداً فريداً الى اوتار الموسيقى الجميلة .
قبضت على يد فرناندو وامتلأت عيناها بالدموع من العاطفة التي سيطرت على اعصابها. وكأن شيئاً ما كان يتحرك حول هذه التجربة بأكملها . كان هناك سكون مطبق, لا صوت عدا صوت الموسيقى و دورانها فوقهم ونحو الكتل الجيليدية الناشئة والمحددة والمتلألئة على سقف الكهف المنير.
------------------------------------
رحلت بعد فترة الفرقة الموسيقية العائمة ولكن مامن احد تحرك . وكان هناك عدة مراكب تنتظر نقل السياح الى الحضارة التي بدت بعيدة جداً عن تلك الكهوف الرائعة.
تدلت اصابع روث في المياه الجيليدية وهي تحدق الى القعر الى التكاوين الصخرية الغريبة في المياه الصافية .
جفت دموعها ورفعت رأسها لتنظر الى فرناندو . ابتسم لها لأنهما لم يكونا وحدهما فلم ينبسا بكلمة لكن ما من حاجة للكلمات لتبادل العواطف فيما بينهما في تلك اللحظة.
" انه في الحقيقة أروع مكان على سطح الأرض" وكانت روث ما زالت على حالها من الحماس من اجل طبق البايلا الذي وعدها به فرناندو وكان قد سبق ان نظفت بلح البحر من الشوك وغسلت القريدس.
" حسناً, حسناً, لقد قلت لي مليون مرة عن مدى روعة وجمال جزيرتي" ضحك فرناندو , وهو يقلي بسرعة الثوم والبصل.
" نعم , لكنك تسلم جدلاً, لأنك تعيش هنا , انك لم تسجل على اسطوانة فوتوغرافية انغاماً من قيثارة حول سحر الجزيرة اللا معقول الذي استطعنا رؤيته من قمة الهضبة حيث الأرض الداخلة في البحر , والكهوف , كانت مدهشة , بصورة اسطورية , يسرح معها الخيال الى درجة لا توصف"
" لا, لأن عيني كانتا في مكان آخر" وضع المقلاة جانباً وتوجه نحوها الى المغسلة لمساعدتها . كان هذا يسرها , وهو اعداد الطعام معاً. كان شيئاً لم يقوما به قبلاً.
قال لها بعاطفة بالغة " من المبهج جداً وجودك هنا, لم اتخيل ذلك قد يحدث"
نفضت روث يديها المبللتين في المغسلة, وحدقت في وجهه واسئلة كثيرة تدور في رأسها, كانت تعلم انه يهتم بها وقد اظهر لها ذلك , لكنه لن يقول الأشياء التي تريد ان تسمعها , من قبيل انه يهتم بها وحدها دون الآخرين , ويريدها في حياته بانعزال تام ايضاً عن الآخرين. كانت تريد منه ان يناشدها لتبقى معه, وإلى الأبد, تماماً كما فعل مرة من قبل , لكنها ستقبل الآن بسرور وتقول له كم كانت على خطأ في المرة الأولى .
" لقد جمعنا القدر مرة ثانية يا فرناندو. ان ستيف يؤمن بالقدر .." شعرت بتوتر خفيف في عضلات جسده وتمنت لو انها لم تذكره . لقد كانا يتجنبان الحديث عن هذين الاثنين مؤخراً . ولكن لابد ان يأتي يوم و يطرقان فيه هذا الموضوع, ذلك في حال كانت نوايا فرناندو جدية. آه, يجب ان تكون جدية , إنها تحس بذلك. هل هو خائف من ان يناشدها مرة اخرى, خوفاً من ان يسمع رفضاً ثانياً؟ واحست بقلبها يطرق بشدة. انها لم ترفضه في المرة الأولى , مع انها فقط تجنبت قراراً , أرادت منه في حينه ان يقويها بأية طريقة. لكنه لا يقوم بأي شيء مماثل الآن, هل السبب ماريا لويزا؟
لفت ذراعيها حول عنقه وسألته بلطف " لماذا توترت على هذا النحو عندما ذكرت اسم ستيف ؟" فلا مجال لتجنب الموضوع اكثر من ذلك . لأنه من الضروري ان تتكلم فيه.
------------------------
قطب حاجبيه وقتمت عيناه بخطر شديد مما جعل روث تظن انها اخطأت في اختيار الوقت المناسب لطرح الموضوع وهو غير مستعد بعد للتفكير بشأن مستقبلهما معاً.
قال بعذوبة" لأنه كان من الأفضل لو لم يشاركنا احد حياتنا . انني لا اريد حتى التفكير بما يخص مستقبلنا معاً"
هذا مالم ترد روث سماعه , فقد سرت لمعرفتها من انه يشعر بارتياح لوجودها هنا لكنها ارادات اكثر من ذلك . لذا اعتمدت على اللحظة التي تعيش فيها. فما من فرصة افضل من هذه .
همست " ولا انا, لكن هذا ضروري يا فرناندو"
واتسعت عيناها الزرقاوان مناشدة " انني اشعر بشجاعة كافية الآن " تابعت وهي تنظر في عينيه" واريد التكلم في شأننا وبشأن ستيف وماريا لويزا. انهما يشغلان جزءاً من حياتنا وكذلك من مستقبلنا وفي أي وقت قريب.."
" وفي أي وقت قريب ستعودين الى بريطانيا"
سرت قشعريرة باردة في جسد روث وتخلصت من بين ذراعيه , وهي تبدو في غاية الأسى. وكان قد بدأ منذ بعض الوقت يشعر بالهدوء والسكينة . لكن ذلك التذكير الذي يؤسف على طرحه بأن الشخصين موجودان خارج نطاق كازابينار , جمد الدم في عروقه. " نعم , سأعود , ألا ينبغي عليّ ذلك؟" قالتها بثبات وهي تدفع بمقلاة البايلا فوق جهاز الطبخ.
" انه أمر محتوم" سمعت الصوت من ورائها.
دارت روث لترى نظراته الهادئة تتبدل الى نظرة حاقدة باردة تغلغلت في اعمق اعماقها. لقد اصبح كل شيء وبصورة مفاجئة اكثر جدية.
" وما الذي تقصد به تماماً؟" سألته روث ذلك بارتعاش بالغ, وكأنها تتوقع ان يصرفها من منزله فجأة.
بقي صامتاً ولم يجب, وبقي في وقفته هناك وذراعاه السمراوان متطويتان فوق صدره يراقبها . وكأن ذلك التحديق كان جوابًا كافياً " حسناً, ألن تبوح بالذي يدور في رأسك؟" وتابعت " فأنا لست قارئة افكار , كما تعلم"
قال ببطء " ولا أنا عزيزتي , لكنني اتمنى لو انني كنت اتمتع بهذه المواهب في سفيل لأنها كانت قد وفرت الكثير من الألم. كانت سفيل غير حقيقية يا روث " أرخى ذراعيه وتحول يضع البهارات والدجاج وقطعاً من اللحم في المقلاة واخذ يقلبها بارتعاش من جهة الى اخرى " عالم غير حقيقي على الاطلاق. عالم صممه الانسان ليثير الحلم والخيال "
قالت روث " الأغلبية لا تراه بهذه الصورة" وكان قلبها يشتد خفقاته من عبارة غير حقيقية " الأكثرية الساحقة من الناس تقول ان المعرض كان حافزاً مهماً كي يظهر للعالم مالا يستطيع أي كان تقديمه وعرضه في السوق "
علق بكآبة " مع ذلك, ليس تماماً كما رأيناه " وناولته روث الأرز ووعاءً فخارياً من المرق.
قالت لتعرف المزيد " ما الذي رأيناه يا فرناندو ؟"
التفت ليواجهها تماماً " أظننا رأينا حلماً صافياً"
----------------------------------
ضاقت عينا روث الزرقاوان " في كل منا؟" ثم حملت نفسها على الابتسام" أنت بيتر بان , وأنا تنكربل؟"
وضع الأرز في المقلاة وبعده المرق وامتلأ المطبخ برائحة الثوم والبهارات, ثم وضع الغطاء فوق المقلاة والتقط كأس العصير ليشرب بعضاً منه قبل ان يتفوه بشيء آخر.
كان هذا قد منح روث مجالاً للتفكير , هل يحاول القول انهما لن يستعيدا ما كانا عليه مرة لأنه لم يكن موجوداً؟
تمتم اخيراً" شيء من هذا القبيل "
هزت روث رأسها, وكأنها لا تريد تصديق ذلك" كان حقيقياً مافيه الكافية يا فرناندو. انت لا تصدق هذا ابداً"
" ما الذي أصدقه إذاً عندما لم تبقي؟ عندها خرجت من حياتي من اجل مهنتك ومن اجل شريكك ؟"
" انني .. انني لم .."
ألح فرناندو " بلى فعلت " من دون قسوة بل بحزم كافٍ كي يبقي روث في حيرة ولكي يعلمها انها فعلاً فعلت ذلك.
" ياليتنا سجلنا على شريط ماكان من أمر في آخر لقاء معاً"
سألها ساخراً " أتعنين انك لا تذكرين شيئاً منه ؟"
نبرة صوته أثارتها فجأة فاعترضت " بل لأنه كان يعني الكثير لي , مااستطعت التفكير سوى بنفسك, وتتوقع مني ان اضرب بحياتي السابقة عرض الحائط من اجلك . ان الحياة ليست بهذه السهولة التي تراها. وأنا لا اذكر انني قلت لا , كل الذي اذكره هو ذلك الارباك في ذهني . احببتك على مدى ثلاثة عشر يوماً من حياتي, والبقية من حياتي ألا تعني شيئاً؟"
ضاقت عيناه حين اجاب " لم تساور ذهني الشكوك , ولا الارباك , فقط دافع لا يقاوم كي اعيش الى جانبك البقية الباقية من حياتي"
آلمتها كلماته , فردت عليه بألم " عندما شعرت بذلك الدافع الذي لا يقاوم كنت انت في بلادك هائناً ناعماً بين احبابك, وكنت أنا بعيدة عن بلادي عندما فرضت اوامرك علي"
" ومتسائلاً ان كنت فعلاً متيمة , في تلك العطلة الخيالية الرائعة" كانت كلماته هذه مليئة بالازدراء.
هزت روث رأسها وابعدت شعرها الأسود عن وجهها . ونظرت اليه , كانت عيناها الزرقاوان مغروقتين بدموع ارادت حبسها" لم افكر بتلك الطريقة يا فرناندو, ولا مرة واحدة عندما كنت معك "
" لكن هل فعلت ذلك عندما عدت الى بريطانيا؟"
هزت رأسها بالنفي " لا, ولا حتى هناك "
" إذاً, لماذا يا روث, لماذا لم تنهي اعمالك وترجعي إلي؟"
ضحكت روث وهي تهز برأسها غير مصدقة" ما الذي كنت سأجده لو عدت ؟ انت وماريا لويزا بدأتما العيش معاً, بملأكما شعور بالأسف على الذي ألم بكما وتبحثان عن كتف حنون تستندان اليه " دفعت بقوة كأس العصير فوق الطاولة, ورفعت راحتي يديها في وجهه وكأنها تريد ان توقف شيئاً ما " آسفة , ماكان عليّ قول ذلك لأنه خارج عن الموضوع الآن . والموضوع انك توقعت مني البقاء ولم افعل , قلت سابقاً , توقعت منك اللحاق بي, وتمنيت ان تفعل ذلك كي اعرف وأتأكد من انك حقيقة تريدني, لكنك لم تفعل , وكانت النتيجة انك لمتني, كما انني لمتك" ومرة اخرى ابعدت شعرها عن جبينها وهي تحس بحرارة قوية" ولا اعرف الجواب عن هذا يافرناندو, صدقني لا اعرف"
----------------------
لم يقل فرناندو شيئاً , كما لم يتعرض على شيء , ولا حتى نظرة ادراك وفهم, تركها مرتجفة وهي تخفي نشيجاً مؤلماً واسرعت نحو الفناء الخارجي حيث الهواء النقي.
كانت الشموع تحترق فوق الطاولة حيث سيتناولان عشاءهما وعندما جلست اطلقت العنان لذلك النشيج المكبوت. تنهدت ثم تنفست عبير الهواء العذب . هل سيكتب لهما تبديد هذه الغيوم , وان فعلا , ماذا بعد ذلك؟
شعرت بيديه فوق كتفيها وغطتهما يداها لا شعورياً , مال فرناندو ليطبع قبلة ناعمة فوق قمة رأسها .
" فرناندو" همست محاولة ان تستدير لتنظر في عينيه. واسرع ليجلس الى جانبها وامسك احدى يديها بيديه ينتظر منها متابعة ما ارادت قوله"تكلمت وستيف في شأن كل هذا تلك الليلة" واحكم قبضته فوق يدها " لا, اسمع يا فرناندو , ذلك وثيق الصلة بالذي كنا نتناقش فيه. قلنا اننا نفهم جيداً ان الأشياء قد تحدث في محيط ساحر "
" الاشياء؟"
" الوقوع في الحب, وهذا ماكان , لقد وقعنا في احضان الحب وفي محيط رائع"
" قلت لك ان ذلك غير حقيقي"
" لكن بالنسبة إلي وستيف لم يكن كذلك, وربما لم يكن بالنسبة اليه وماريا لويزا .." وقطعت كلامها لتفسح له مجالاً في الرد واجابها :
"احببتك ايضا يا روث " قالها باحساس كبير, وتابع وهو يربت على يدها " كما احبت ماريا لويزا ستيف , ومع ذلك جرى كل شيء بطريقة خاطئة بالنسبة لنا "
" اعرف" طأطأت برأسها " وهذا ماكنا نحاول علاجه "
" وهل وصلتما الى نتيجة ؟"
" نعم وصلنا" وتنهدت طويلاً" اننا مختلفان يا فرناندو" ورأت تقطيباً خفيفاً تحت ضوء الشموع فوق حاجبيه " انها مسألة اعتزاز بالنفس , على ما اظن كما ان كبرياءك منعتك ايضاً من اللحاق بي " ابتسم وهز برأسه.
"لا, لا تضحك, انها الحقيقة" ألحت روث" توقعت مني ان القي بحياتي ومهنتي جانباً من اجلك لأن هذا ماكانت فعلته الفتاة الماجوركية"
ضحك فرناندو عالياً وعندما انتهى ضغط بيده فوق فمه " ربما توقع والدي امراً كهذا ليس بالتأكيد من الجيل الجديد لعائلة سيرا. لكن , نعم , انت نوعاً ما على حق . لقد توقعت فعلاً منك ان تلقي كل شيء جانباً من اجلي وعندما لم تفعلي لم اجر وراءك , لكن ليس كما تعتقدين من ان كبريائي منعتني من ذلك, كل مافي الأمر انني كنت خائفاً , تماماً كما كنت خائفة"
تمتمت " لا استطيع تصورك على هذا الشكل"
-------------------------------
" لقد ذكرت مرة انني رجل محافظ واعتقد وبطريقة ما كنت كذلك, واحياناً كنت ارى الحماقة في علاقتنا . كان من الممكن ان اتلقى نتائج مصحوبة بكوارث.. التي لا أرغب" وهز بكتفيه وكأنه اراد الابتعاد عن هذا الموضوع " لننس هذا , ففي الوقت الحاضر لا اريد متابعة هذا الجدال"
قاطعته روث " المباحثة, اننا لا نتجادل يا فرناندو , اننا نتصرف بعقلانية ونتباحث بالذي كان علينا بحثه منذ عام مضى"
هز رأسه بالايجاب " نعم , لقد .." توقف واحست روث بقلبها يهوي من مكانه لأنها كانت واثقة من انه كان سيقول لقد فات الأوان وكتبديد لما ازعجها, تابع يقول بسرعة " لقد حان وقت الطعام " نهض وسحبها من كرسيها ثم احاطها بذراعيه . وكانت قبلته لطيفة وهادئة. لم يكن قد فات الأوان فهي مقتنعة من ذلك. احبها فرناندو كما احبته هي ايضاً ومن المفروض ان يكونا معاً. كل الذي تريد فعله هو ان يعيد على مسامعها ما قاله في سفيل- بأنه اراد منها البقاء معه , وهذا ماكان عليه فعله وهذا مايجب فعله الآن.
احست بشيء من الكدر يرافقه وجوم مقلق عندما تركها فرناندو كي يحضر طبق البايلا . ماريا لويزا . آه أين , أين مكانتها في حياته ؟ لم تستطع الاجابة عن ذلك لكن الذي تفهمه جيداً هو ان فرناندو لا يحاول الحاق الأذى بأحد.. إلا هي , كما سبق وهددها عندما وصلت الى هذا المكان من كازابينار الرائعة. لكن الأمر اصبح مختلفاً الآن , أليس كذلك؟
-----------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-03-19, 05:59 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن
" من غير الممكن ان تقودي سيارتك الى بالما بساق كهذه " الح فرناندو.
تضايقت روث بينما كان فرناندو يحضر بعض التوابل .
"كاحل كهذا, وليس بساق , ألا تعرف تركيبك البنيوي؟"
" جداً, خاصة تركيبك أنت" قال مازحاً وهو يمرر يده على كاحلها.
ضحكت وهي تحاول ان ترمي به الى حوض السباحة , تماماً كما فعلت امس حين كانا يلعبان بشكل غير معقول كطفلين عندما انزلقت روث من مكانها ولوت كاحلها" انني عاجزة الآن وارجو ألا تنسي ذلك!"وكأنها تثير اهتمامه .
"عاجزة وغير صالحة لشيء فكأنك لم تعودي تتأثرين "
تذمر فرناندو وهو في طريقه ليسكب كأساً من الشراب.
"عقيم وعديم النفع " تمتمت روث من بين شفتيها وحاولت عبثاً ان تحرك كاحلها من دون ألم . تماماً مثل عقم محاولتها غير المجدية في معرفة ما امتنع عن قوله ليلة تناولمها البابلا, وكل الذي فهمته ان الأمر يتعلق بماريا لويزا , لكن فرناندو كان صامتاً لا يحرك ساكناً. غير انه حاول اكثر مرة قول شيء, بيد ان شيئاً من ذلك لم يحدث, ولكنها قد تعرف ذلك قريباً.
قالت روث بصوت خفيف " يمكنك ان تنقلني إلى بالما "
----------------------------------
امضت روث يومين آخرين في سعادة , فقد جال فرناندو بها في كل انحاء الجزيرة , وهبطا الصخور الى الخلجان الصغيرة المنعزلة واستحما في المياه الصافية وتناولا طعامهما في غابة صنوبر ظليلة . وقد شاهدا عشرات الطواحين الهوائية في السهول الخصبة في القسم الداخلي للجزيرة . كانت القرى الداخلية تواكب الأيام بهدوء وامان بالنسبة الى المنتجعات الساحلية الساحرة التي تضج بالحركة والازدحام.
كانت روث تعشق الجزيرة بمافيها , وكان فرناندو أروع دليل سياحي لها , وبدت لها الحياة هائنة عذبة , لكن الآن ومع التواء كاحلها بدأت تشعر بتعب وانقباض, واضحت سريعة التأثر من أي شيء . لقد امضت ليلة مؤرقة ومزعجة .
كان الأمر سيئاً مافيه الكفاية لكن الليلة المؤرقة جعلتها قلقة بشأن عملها . فهي لم تسمع شيئاً عن ستيف وماريا لويزا , وسبب قلقها انه مامن شيء أنجز بالنسبة للخطوط الجوية ومكتب خدمات السياح في بالما مع انه لم يكن هناك أي وقت محدد فيما يخص العقد.
جلب فرناندو لها كأساً من عصير البرتقال واخرى له وسحب لها متكأ آخر إلى جانبها.
كان يمشي بخفة بسرواله القصير , وشرب كالظمآن قبل ان يتحمس ويجيب على اقتراحها .
"لا, لا استطيع نقلك إلى بالما. انك في حاجة إلى الراحة كما اني اريدك بقربي, وفي كل الأحوال تسرني جداً اقامتك معي"
" إنك فقط لا تريدني ان استمر في عملي" وتراجعت إلى الوراء بعد ان تلقت منه صفعة على ظهرها , غاضبة من رفضه ومعتبرة ما قاله اخيراً نوع من الإطراء.
" لا تبدأي هذا من جديد يا روث , وإلا سألوي كاحلك الآخر بيدي بعد ان صفعت ظهرك لمجرد انك اعتبرت انني لن ادعك تستمرين في عملك , للمرة الأخيرة , لا يضرني بأن تبقى ملازمة المنزل طوال النهار , احبك ان تقومي بعمل ما"
ان كانت متزوجة منه . كيف يستطيع القيام بملاحظات تافهة كهذه ؟" اما مازالت ماريا لويزا مضيفة طيران ؟" قاطعته روث بوقاحته, وهي تتغاضى عمالمح به بخصوص الزواج .
نظر فرناندو إليها بعينين ضيقتين" لماذا تسألين ؟"
" لماذا تسأل أنت ؟" قلتدت نبرته غير مصدقة وتابعت" أظن ان هذا جلي .. اريد ان اعرف . لأنها وستيف اختفيا عن سطح الأرض . إن كان لها عمل ما فسيكون في خطر الآن "
قال بمكر " قد تكون في إجازة"
لم تقتنع روث بكلامه , فأجابت " إنها ليست في إجازة " وارتدت الى الوراء بحماس شديد" لقد جعلتها تصرف النظر عن عملها عندما جاءت للعيش معك هنا , أليس صحيحاً؟"وشعرت روث فجأة بحقد كبير . وتمنت ان تصفع ستيف عندما تراه , لأنه تركها على هذه الحال. فلو لم يكن فرناندو إلى جانبها , لكانت الآن في بولنسا في مجمع مزدحم بالسياح , والعودة بعدها إلى بالما لتقوم بحصته من العمل. وكررت وهي تتوق الى مشاجرة لتخفيف حدة توترها" أليس صحيحاً؟"
----------------------------
"بالتأكيد " اجاب فرناندو بثبات وهو ينهض واقفاً " وقامت بذلك برغبة "
"أرأيت , انك لست سوى مستبد , أمعنت في تهديدها بالقوة لإكراهها على ترك عملها وماكان منها إلا ان خضعت لرغبتك"
" هل تقومين بنفس الشيء في هذه الحالة ؟"
قال بسأم , وهو لا يريد ان ينجرف في مناقشة اخرى .
" والآن سأتركك كي تستريحي من هذا الحقد , واقوم أنا ببعض الاتصالات الهاتفية"
" حستاً, اتصل إذاً بالمساعدة ماريا لويزا من جملة اتصالاتك تلك وحاول ان تعرف متى ستعود لأنني بت ضجرة من .. من .."
"مم؟" تحدى فرناندو بطريقة جافة , وكأنه يحثها على اقتراح أي شيء .
اردفت " من تعبئة الصحون في غسالة الصحون !"
اطلق صوتاً عبر فيه عن مدى سخطه ثم ابتعد عنها .
"فرناندو " نادته حين وصل إلى الفناء. فتوقف والتفت إليها, ليسمعها تقول " أنا آسفة " وبدت نادمة بصدق على انفعالها الشديد.
" لم اقصد مضايقتك بهذا الشكل . انني فقط ضجرة من هذا الكاحل .. ويجب ألا أكون هنا"
عاد إليها وانحنى نحوها قرب المتكأ ثم امسك يدها وربت عليها , وقال " أعلم جيداً انك قلقة على عملك لكنك لن تستطيعي السير في بالما على هذا النحو . والطقس حار جداً كما ليس مفيد لك وستبدين مثيرة للشفقة خاصة بتلك الضمادة التي تلف كاحلك مثل دورة تعليم ابتدائية حول التحنيط"
لم تفلح في الانشراح من لهجته و روحه المرحة التي اراد بها ان يفرحها ويهدئ اعصابها , فسألته بصوت حنون" هل هذا هو السبب الوحيد لعدم نقلي إلى هناك؟"
ابتسم " انه السبب الوحيد , واظن ان هذا واضح تماماً, أليس كذلك؟"
هزت رأسها بإذعان " على اية حال , لم يكن كما قصدته ان يكون , بشأن عدم وجودي هنا"
" إذاً, ما الذي قصدته ؟"
" لقد .. لقد قصدت ان هذا منزل ماريا ايضاً"
" إنه منزلي يا روث"
" لكنها تعيش هنا, معك " شددت روث" ولا ينبغي عليّ ان أكون هنا"
منحها ابتسامة كئيبة " فات بعض الوقت على كل هذا الآن , ألا تظنين ذلك؟ كان ينبغي عليك التفكير بذلك قبل الآن "
" فعلت وقلت لي ان اثق بك وفعلت , ومازلت , لكنك لم تقل أي شيء"
الح فرناندو " لأن الأمر لا يعنيك على الإطلاق"
ابتعدت روث بنظرها بعيداً عنه وتلمست طريقاً لنظاترها الشمسية وثبتتها بقوة فوق وجهها كي لا يرى ذلك التأثر البالغ في عينيها " إذاً ان الأمر لا يعنيني" وتابعت من دون تفكير " حسناً , اعرف الآن اين مكاني , من دون شك , في أي مكان"
---------------------
قبلها بخفة على وجنتها فارتعشت واشاحت بوجهها عنه, ورفضت ان تنظر اليه.
" عزيزتي روث, ان لم تعرفي الآن مدى شعوري نحوك, فهذا يعني انك لن تعرفي ابداً, لكنه ليس الوقت الملائم لنا الآن لنعرض بيانات طائشة كما فعلنا في سفيل. الأمور تختلف الآن كلياً وما الذي يدور , لا تحاولي استدراجي إلى الموضوع"
سحبت روث بعنف نظارتها من فوق وجهها وحدقت به, وقال بازدراء " اعرف لماذا تفعل هذا , السبب هو انني اردت منك ان تنقلني الى بالما كي اتابع عملي .. انتظر لا تبتعد عني يا فرناندو !" لكنه ابتعد , مشى بعيداً من دون ان ان ينظر الى الوراء او ان يتلفظ بكلمة .
اللعنة ! اللعنة ! اللعنة ! لعنته روث ولعنت استبداده الذي لا يطاق. ادعى انه لم يكن كذلك لكنه كذلك واكثر بكثير! سهلت لنفسها مغادرة المتكأ ثم جلست قرب حافة السباحة وغمرت قدميها في المياه الباردة , وبالضمادة التي تلف كاحلها . كان الارتياح الذي احست به كبيراً وتساءلت لو غمرت عقلها ايضاً في المياه هل سيساعدها ذلك ايضاً؟ كانت تفكر بسخافة لأن عملها هو حجر عثرة بينمهما, ولكن الحجر الفعلي كان ماريا لويزا . هل كان فقط ينتظر عودتها وعندها يكون في إستطاعته اختيار واحدة من الاثنتين؟ آه, لقد انزعجت بشدة من ذلك الكاحل الملتوي. إن فرناندو يحبها هي , وليس ماريا لويزا , وعليها ان تكون اكثر صبراً من المريض, شعرت بفرناندو يعود من الساحة الخارجية, وهو يحدث صوتاً بمفاتيح سيارته , وقال لها " أنا مضطر للخروج , هل تستطيعين العيش من دوني لمدة ساعتين؟"
" لقد عشت سنة بأكملها من دونك" قالتها بحدة وهي تحرك قدمها في المياه , مشى بعيداً من دون الرد على قولها.
احست بالارتياح في كاحلها من مياه الحوض الباردة . وبعد بضع دقائق تفحصت مدى قوة قدمها . ما زالت متألمة قليلاً لكنها احسن بكثير . سيكون من الممكن عليها قيادة سيارتها غداً, عائدة الى بالما وشقتها.
تنهدت بقوة . لن يعجب ذلك فرناندو وارادت ان تفرحه, لا ان تغضبه , مع انها فعلت الكثير كي تثير غضبه. إنه رجل طيب. وكان ذلك احد الأسباب الذي يبقيها هنا بمعزل عن حبها الشديد لدرجة الجنون. ماعليها ان تكون هنا بسبب ماريا لويزا لكنها تثق بفرناندو إلى درجة كبيرة, فلتكف إذاً عن هذا القلق المفرط . لم يكن ليطلب بقاءها لو انه فعلاً مرتبط بماريا لويزا . لكن هناك عقدة بينهم جميعاً على السواء. وارادت بيأس شديد ان تعرف ما الذي سيحدث عندما تعود.
دخلت روث مكتبة فرناندو , سوف تتصل بالشقة في بالما لربما يكون ستيف قد عاد , اخذت سماعة الهاتف بغباء وضغطت خط مفتاح اعادة طلب الارقام . وكانت على وشك ان تعيد السماعة إلى مكانها عندما توقف طلب الأرقام لتسمع صوت ستيف يجيب . وبخوف اعادت روث السماعة إلى مكانها . إنه هذا غير معقول! واخذ قلبها يخفق بشدة في صدرها ولم يعد عقلها يفكر بوضوح. ان آخر اتصال هاتفي كان لستيف .. من فرناندو ! ومن دون ان تفكر سحبت بعنف سماعة الهاتف مجدداً وبسرعة ضغطت على ارقام الشقة .
--------------------------
وظل يرن إلى مانهاية . من المستبعد ان يكون ستيف قد خرج مرة ثانية . ارجعت بقوة سماعة الهاتف الى مكانها وبلحظة تأوهت برعب.
" غبية!" صاحت في نفسها . ان اعادت الآن الضغط على مفتاح إعادة طلب الأرقام سوف تحصل فقط على رنين متواصل لهاتف شقتها , وضاعت منها المكالمة الأولى وليس لديها أي دليل عن مكان موقعها . غبية , كان عليها ان تكلم ستيف . تسأله عن مكان وجوده وكيف هو وماريا لويزا يمضيان اوقاتهما.
بعد ثلاث ساعات من الانتظار , وهي تشعر بحرارة الجو الساخن ومحبطة العزم . امسكت بفرناندو حين وصل إلى البهو الأمامي من المنزل.
صاحت به " لقد اتصلت بستيف قبل خروجك . لِمَ لم تخبرني بأنك تكلمت معه؟ متى سيعودان ؟ ما الذي يحدث؟"
سأل فرناندو " هل اتصل هو ؟" وقطب بتجعيدة حول حاجبيه وهو يدور حول المرسيدس الى صندوقها ثم فتحه .
" لا" قالتها روث وهي تتقدم منه ببطء . وشرحت بسرعة ماذا تم في الاتصال الهاتفي.
اتسعت عيناه وهو يدفع نحوها العلبة المبردة . التقطتها روث ثم انفجرت " اعرف بماذا تفكر . تظن قمت بذلك من تعمد, وانني أعد خطواتك"
قال بسخرية وهو يغير الموضوع " يبدو ان كاحلك قد شفي تماماً"
" إنس امر كاحلي . انت فعلاً تعتقد بأنني قمت بذلك عن قصد . حسناً , انا لم افعل يا فرناندو, يجب ان تصدقني , وقد حصل ذلك من غباوتي وقلة تفكري"
حمل الأكياس التي أتى بها من مخزن البقال ووضعها على الأرض قبل ان يغلق صندوق السيارة " اتساءل كم من الزوجات المشككات قد التقطن ازواجهن السذج بهذه الحيلة ؟" حمل الأكياس ودخل الى المنزل.
" أنا لست زوجتك اولاً, وإن كنت فلن أكون ظنونة على اية حال . حسناً .. سأكون فقط ان اعطيتني سبباً وجيهاً لذلك.. مثل .. حجب المعلومات عني !" انفعلت روث , وهي تعرج وراءه متعثرة بالعلبة المبردة.
امرها " اتركيها حيث يجب ان تكون , سأعود لأجلها . خففي من ثقلك على هذا الكاحل واستلقي بارتياح"
وضعت روث العلبة في وسط غرفة الطعام ولحقت به , ونسيت كاحلها الضعيف في عاصفة غضبها " لم اتعمد القيام بذلك , وإن كنت كذلك؟ كنت تتكلم مع ستيف واريد معرفة .."
" يا للإستنتاج العظيم " اشتعل غضباً وهو يمنحها اهتمامه الكامل " لكن هل خطر على بالك انك بعيدة كلياً عن الهدف؟"
" بعيدة عن الهدف!" قالت روث بسرعة .
" اعرف صوت من سمعت في الجانب الآخر من الخط "
" نعم, صوت ستيف , علامة ممتازة للفهم السريع. لا شيء يجعلك تفترضين بأنه هو الذي أتكلم معه عندما اجريت تلك المكالمة "
---------------------------
اكفهر وجه روث" ماريا لويزا؟" قالتها بغباء وبصوت خفيض أجش . وكانت في غاية الغباء , طبعاً , كان يتكلم مع ماريا لويزا , وليس مع ستيف.
" نعم , ماريا لويزا "
" وبما انها كانت وستيف معاً فمن غير المعقول ألا يرفع سماعة الهاتف وهو يرن "
" نعم .. نعم , اعتقد انك على حق " قالت ذلك وانفاسها تتلاحق , وهي تشعر بالأسف على نفسها . لقد جعلت الأمر اسوأ وعرفت الآن ان فرناندو كان على اتصال بماريا لويزا وربما كان على حق منذ بداية . وربما ايضاً ذلك هو سبب عدم قلقه التام من عدم عودتها بعد. وعرف مع ذلك... انها في امان وفي حالة جيدة.
" لا زلت اعتقد انه كان عليك ان تخبرني!"
عادت تنفعل فجأة " على اية حال, إن ستيف شريكي و .. آه .." واشتد الضغط على كاحلها وتمسكت بالثلاجة كي تحافظ على توازنها , فما كان من فرناندو إلا ان امسك بها قبل ان تسقط على ارض الغرفة , وحملها بين ذراعيه وهو يئن من مدى اهتمامه بها, او هل كان ذلك من خيبة أمله لتصرفها الطائش؟ حاولت الإفلات منه, وصرخت " انزلني حالاً!"
" بالطبع لا!"
" إلى اين انت ماضٍ بي؟ ماذا تفعل؟" وصرخت بألم وذعر.
" سأضعك في السرير قبل ان افقد اعصابي وارميك في حوض السباحة الذي تركتك إلى جانبه. لقد اكتفيت نوبات غضبك منذ ان انزلقت البارحة وبدأت اضجر من كل ذلك. إنك امرأة ولست طفلة , مع انه من الصعب تصديق ذلك في بعض الاحيان"
تمسكت به وهو يحملها صاعداً درجات السلم والى داخل غرفتها حيث القى بها فوق السرير بخشونة وتركتها الصدمة والذعر عاجزة عن الكلام.
" اهدأي يا روث" امرها بلهجة حادة وكان على وشك الخروج من الغرفة عندما فكت عقدة لسانها لتقول بعنف وثورة جامحة من دافع غريزتها الأساسي.
" لماذا الجناح الغربي لهذا المنزل مقفل؟"
التفت فرناندو ببطء واحست روث في هذه اللحظات الحرجة بأنها قد تمادت لدرجة انها استطاعت ان ترى مفاصل تلك اليد من ذلك البعد.
" تتجسسين على مكالماتي الهاتفية , وايضاً على منزلي"
فكرت روث بثبات " لم أكن اتجسس . كانت المكالمة عن طريق الصدفة. لم اقصد ذلك ويجب ان تفهم جيداً انني لا اسمح لنفسي بأن اصبح في هذا المستوى "
كانت ملامحه خالية من اي تعبير , ليس غاضباً, وليس بارداً , لا شيء من هذا القبيل ابداً " حسناً كان ذلك عن طريق الصدفة , لكن كيف ايقظت هذه الصدفة فيك فضولاً لدرجة انك اردت معرفة المزيد ؟"
" لا, لم يكن ذلك! كنت ضجرة اثناء غيابك . فليس من عادتي التسكع من دون ان اقوم بعمل ما . والدافع من فضولي كان فقط من اجل رؤية بقية ارجاء المنزل لا اكثر . احببت اثاثه وكنت متأثرة في اسلوب بنائه و .. ووجدت غرفاً مقفلة . ما الذي تريد اخفاءه يا فرناندو ؟"
-------------------------
لم ينف شيئاً , هذا ماجعل روث تشعر بأن الاتهامات الموجهة اليها هي بمعدل عشر مرات اسوأ . لقد كان تصرفها مروعاً للغاية , وربما هناك سبب وجيه لاقفال تلك الغرف, لو يقول لها فقط ماهو؟
استطاعت بصعوبة ان تقف على قدميها وعبرت الغرفة نحوه بتعرج واضح. لم تلمسه بل وقفت قريبة منه كي تستطيع قراءة تعابير وجهه ان فكر في ان يكذب عليها. لكنه لم يكن كاذباً , وهي تعرف ذلك جيداً, ولكنه كان يخفي عنها الكثير وتريد معرفة هذا الكثير.
ناشدته " ارجوك اخبرني ما الذي يجري يا فرناندو "
كانت عيناها تشعان وتتوسلان فلم يكن في استطاعته رفض طلبها .. بالتأكيد ؟" ليس من العدل ان تخفي عني شيئاً. انك على اتصال بماريا لويزا وهي تقيم مع ستيف وهو شريكي , وليس شريكك . يجب ان تعرف مايخطط له ماريا لويزا ومتى يعودان ان كانا فعلاً راغبين في العودة . لقد مررنا في اورع الأوقات في تلك الايام الماضية "
" نعم , كان ذلك حلواً , يا عزيزتي " وافق بهدوء, ولاحظت في ظل الضوء الخافت ان حدة تعابير وجهه قد لانت " واريد ان تستمر على هذا النحو إلى ان يصبح في استطاعتي تقديم الكثير من الذي تودين معرفته"
اقترب منها وترامت بين ذراعيه. وشعرت نوعاما بالراحة عندما حست بنبضات قلبه فوق صدرها . لقد كان يخفق بشدة وكأنه كان تحت تأثير توتر عنيف. فقد كانت عضلات جسده تنبض بقوة من تحت قميصه وحولت وجهها نحوه.
" ذلك بسبب حبي الشديد لك يا فرناندو, ومن شدة ارتيابي , فهناك الكثير بشأن علاقتك مع ماريا لويزا والذي لا تريد التكلم بخصوصه "
اجاب بلطف " لأنني لا استطيع يا روث. إنه امر لا يخصني كي اشاركك فيه"
" تعني .. تعني انها تأتي في المرتبة الأولى , قبل مشاعري؟"
انتظرت بيأس جوابه وبدا الأمر وكأنه يصارع بعنف اضطراباً داخلياً في مايريد قوله لها.
كان وجهه مشدوداً للغاية وهو يحدق في عينيها بعمق. قال اخيراً " إنها في حاجة الي اكثر من حاجتك إلي في الوقت الحاضر"
خفق قلبها بشرود لذلك توصلت إلى ان تهز برأسها غير مصدقة " إنها مع ستيف , يا فرناندو , وليست معك"
" لكنها كانت معي منذ سفيل وليس من السهولة ان تمسحي وان تنسي سنة ماضية بأكملها " واخذ يداعب شعرها براحة يده " تعلمين جيداً شعوري نحوك"
قاطعت بهمس وبتردد " هذا كل شيء , لا اعرف ماتشعر به. ليس كاملاً على الأقل , ما.. مازلت انتظر منك .." لم تستطع ان تكمل ما ارادت قوله فقد يكون هذا بمثابة تحفز وكأنها تفسح له مجالاً كي يسألها ان تبقى معه كما فعل مرة من قبل. وفكرت بمرارة بأنه هذه المرة يبدي حذراً حول مشاعره تجاهها , على الرغم من لطفه ومشاعره في بعض الاحيان .
--------------------------
لقد سببا الألم لبعضهما مرة وفي المرة الثانية ظهرا وكأنهما مترددان. ظنت انها ادركت ذلك , لكن الادارك قد يصعب فهمه في بعض الاحيان .
نظرت في عينيه بتردد . سكت لم يسألها حتى عن الذي كانت على وشك ان تقوله .
سألت روث بينما كان فرناندو يقبض على معصمها بقوة كي يجذبها خارج حوض السباحة " هل ستخرج اليوم ؟"
فقد استفاقت باكراً كي تدلك كاحلها بواسطة السباحة في الحوض, كان فرناندو في اغلب الأوقات ينضم إليها لكن هذا الصباح لم يفعل. كانت تعلم انه على موعد مع احد المحامين وتمنت ان يكون هذا السبب الأوحد الذي يبعده عنه هذا الصباح. لكن كانت دائمة الشك. وتصورت ان هذا كله ناتج عن خطأ منها . كانت عصبية المزاج مؤخرا ولم تستطع نزع الأفكار نحوه فاستدركت بأنه يجب عليها ان تقوم بشيء ما تجاه ذلك. لو يبقى في المنزل اليوم فسوف تكون فرحة ومحبة .. وكلها ثقة به.
ابتسم فرناندو وهو يلفها بعناية بالمنشفة " عادة انا أناشدك ان تذهبي الى العمل"
" لم تناشدني ابداً في حياتك" همست روث وهي تريح رأسها المبلل فوق قميصه للحظات قبل ان تنسحب بعيداً لتجلس عند حافة المتكـأ" أتعرف , سأتنازل عن كل شيء"قالت له ذلك وهي تجفف شعرها واردفت " عن شراكتي , وعن أية اسهم في الشركة ان .."
" إن ماذا؟" حثها بعد ان تكسرت الكلمات فوق شفتيها تماماً كما تتكسر الأمواج فوق الصخور . لقد تمادت كثيراً. فهو ليس على استعداد بعد لهذا.
استوت روث في متكئها وفكرت بالذي كانت على وشك قوله بعينين شبه مغمضتين كانت لتقول , ان تزوجها . عندئذ لن تعود الى بريطانيا, لا ليست هذه المرة . كانت ستبقى معه لأنه المكان الذي تعود اليه الآن - هذا إن سألها .
فقدت جرأتها في الدقائق الأخيرة " إن دعوتني إلى الحفلة الموسيقية في المعابد في بولنسا في نهاية هذا الاسبوع"
" سأرى إن كنت استطيع الحصول على تذكرتين" قال هذا ثم دخل ليأتي ببعض اوراق العمل التي تخص الاجتماع بينه وبين محاميه والذي سيأتي من بالما لرؤيته.
" سأطهو لك شيئاً لذيذاً هذه الليلة " قالت ذلك لكنه لم يسمع.
في اليوم التالي , سمعت صوت محرك سيارة قادمة من الطريق الخاص. طبعاً ليست المرسيدس, ففي استطاعتها على اية حال ان تميز صوت محرك هذه الشاحنة عن محرك سيارة فرناندو.
وقفت روث في الرواق الظليل واسترقت النظر من خلال الباب المفتوح على مصراعيه, واخذ قلبها ينبض بخوف شديد وهي تشعر بالغثيان خوفاً من ان تكون ماريا لويزا . ورأت سيدتين تخرجان من السيارة, تضحكان وتثرثران باللغة الاسبانية , وحاولت تهدئة نفسها .
هل هما موظفتان من المهرجان في بالما؟
----------------------
خطت روث الى الخارج بجرأة حيث اشعة الشمس الساطعة , وهي تأمل من القليل الذي تعرفه باللغة الاسبانية ان تسهل مهمتها, كيف ستعرف عن نفسها ؟ لم تعرف . صديقة للسيد سيرا ربما كان هذا كافياً.
ابتسمت السيدتان لها بمرح وهي تقترب منهما وتكلمت الأكبر سناً بعد ما حاولت روث جاهدة شرح سبب وجودها هنا.
" مرحبا. لغتي الانكليزية سيئة . السيد سيرا , اتصل وقال انك هنا. أنا روزا وهذه دولورس" وأشارت الى السيدة الأخرى "دولورس " وبدت معتزة بنفسها ومن قدرتها على التعبير , وابتسمت روث ابتسامة واسعة للسيدة الأخرى , ثم اخذنا تفرغان الصندوق من الحقائب ومن اشياء مختلفة.إذاً لقد اطلعهما فرناندو على انها هنا, يبدو هذا مشجعاً للغاية.
كانت روث تتصب عرقاً بعد مضي نصف ساعة وكان كاحلها يؤلمها بشدة وتراءى لروث كلاب مفترسة ورجال بريطانيون واشياء اخرى غريبة وهي تحملق بقرص الشمس الحارة التي تستطع الى حد يبهر البصر.
اخذت حماماً ثم ارتدت ثوبها القطني وجلست على كرسي لتجفف شعرها. كان من الجيد احياناً ان تسمع اصواتاً تتردد في هذا المنزل المهيب من ضحكات السيدتين ومن تحركهما للقيام بعملها اليومي.
كانت روث على وشك ان تطفئ اداة تجفيف الشعر عندما سمعت صوتاً جمدها في مكانها . خرجت الى الممشى الواسع, يبدو ان البناء الحجري للمنزل يجسم الصوت ثلاثة اضعاف . كانت الأصوات والضحكات آتية من الغرف المقفلة في آخر الممشى من الجناح الغربي التي تكلمت عنها روث. أهي غرف الخدم ؟ آه, كم وجدها فرناندو حمقاء في اكتشافها شيئاً يثير الريبة في باب مقفل.
دقت روث على الباب المفتوح ثم خطت الى داخل الجناح , فكرت ان عليها ان تقول لهما انها سوف تطهو لفرناندو طعام العشاء . كانت هناك غرفة رئيسية , جميلة الأثاث بألوان فاتحة وبانسجام مطلق مع ضخامة بقية اثاث المنزل. هناك ابواب عديدة لمخارج عديدة من هذه الغرفة وخرجت دولورس من احداها. وابتسمت روث لها بدهشة .
وقفت دولورس جانباً وهي تبتسم ابتسامة واسعة, وهي تحث روث على الدخول. لم تتقدم روث اكثر من المدخل لتقف مسمرة في مكانها. كانت روزا تجلس على كرسي من الخيزران الأبيض, قرب النافذة , تحمل طفلة بين ذراعيها . وقفت وهي تعرض الطفلة بفخر لتراها رو ث. حدقت بدهشة بالغة . كانت الطفلة آخر ماتوقعت رؤيتها في غرف الخدم, خصوصاً وان روزا تبدو اكبر سناً على الانجاب. كانت الطفلة ترتدي فستاناً من اللون الزهري الشفاف , وكانت جميلة , واعتقدت روث , انها كانت في سرير في القسم الخلفي للسيارة . نهضت روزا وقدمت الصرة الدافئة والناعمة بين ذراعي روث قبل ان تعرف شيئاً.
" آه , انها رائعة وجميلة " قالت روث ذلك بابتهاج, وهي تنظر الى المخلوقة الصغيرة ذات الشعر الداكن والمزين بشال ابيض اللون.
--------------------------------
كانت بشرة الطفلة ناعمة وملساء و رموشها طويلة حريرية. وكان شعرها الأسود سميكاً بشكل لا يصدق بالنسبة الى طفلة صغيرة كهذه . نظرت روث الى روزا متسائلة. انها ليست طفلتها بالتأكيد , لكن ربما طفلة دولورس؟
قالت لها روزا " لها من العمر ثلاثة اشهر"
" آه " وافقت روث, وهي مازالت مبتهجة بالطفلة والتي كانت تنام بسلام بين ذراعيها . وتوردت وهي تأمل في انها اصابت الهدف الصحيح " ما اسمها؟"
ضحكت روزا ونظرت إليها نظرة ذات معنى وكأنه ينبغي على روث ان تعرف ذلك" ماريا لويزا , مثل اسم والدتها ماريا لويزا"
درات بها الغرفة الباردة النيرة واحست برنين مخيف في أذنيها والدم البارد يتصاعد إلى رأسها . شعرت بالغثيان وهي لا تصدق مايدور حولها. من المستحيل ان يكون حقيقة الذي تراه . من غير الممكن ان تكون هذه الطفلة ابنة ماريا لويزا!
تحركت الطفلة بين ذراعيها وفتحت عينيها قليلاً. حدقت روث بها, بالكاد تستطيع التركيز, وبعد ذلك صوبت عينيها بانفعال شديد نحو روزا لكنها كانت قد غادرت الى غرفة اخرى, صدر عن الطفلة صوت بريء ثم ابتسمت واحست روث بقلبها ينشطر الى قسمين.
كانت الطفلة الصغيرة تشبه والدتها الى حد كبير, شعرها الداكن, وعيناها السوداوان , ورائعة الجمال, فشعرت بنوع من الغيرة الجامحة والمؤلمة تجتاح كيانها, وترجف اعصابها بألم .
آه, انها تحمل طفلة ماريا لويزا بين يديها . حملقت روث بريبة عبر سيل جارف من الدموع بالصرة, وهي تشعر بخيبة امل كبيرة, فخافت من ان تسقط الطفلة من بين يديها. وببطء شديد تحولت روث نحو سرير الطفلة الزهري اللون الى جانب الحائط. ووضعت الطفلة المتوترة العذبة في السرير بحذر شديد , من دون ان تبعد نظرها عن وجهها الرائع الجمال, ثم وقفت روث وهي تقبض على الجهتين من السرير بأصابع مرتجفة.
انهمرت الدموع على وجه روث حتى انها لم تعد لها القدرة على النظر اكثر. كانت هذه الطفلة ماريا لويزا , لقد وضحت لها الأمور الآن. واكتملت اجزاء الصورة الناقصة لكن فؤادها تحطم تحطماً هائلاً.
خرجت من الجناح والغضب يعمي بصيرتها , وهرعت الى غرفتها واقفلت الباب بعنف من ورائها واسترسلت بنتشيج حطم قلبها.
طفلة ماريا لويزا, ابنة فرناندو! آه, لديهما طفلة, انها طفلتهما! وفهمت الآن ما الشيء الثمين الذي يعتمد عليه فرناندو من عودة ماريا لويزا اليه بدلاً من ان تبقى مع ستيف , وتمنت روث لنفسها الموت .
----------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:27 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.