07-05-19, 02:44 PM | #1 | ||||
| قيود العمر أعزائي القراء ترددت طويلا قبل أن أقدم على هذه الخطوة و أبدأ بنشر أولى رواياتي .بدأت كتابتها منذ سنوات و توقفت و أتمنى الاستمرار بدعمكم . اخترت لها " قيود العمر " كعنوان أتمنى أن ينال إعجابكم . كل سنه و أنتم بخير بمناسبة شهر رمضان المبارك . أترككم مع المقدمة روابط الفصول المقدمة .. في المشاركة التالية الفصل الأول التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 06-06-19 الساعة 02:55 PM | ||||
07-05-19, 02:48 PM | #2 | ||||
| المقدمة لطالما تأملت هذه الحياة و كلما ازداد تأملي عمقا اكتشفت أنها تدور حول محور ما و تشملنا في دورانها فتختلط علينا الأحداث التي تصبح فيما بعد ذكريات محاطة بضباب الحيرة و الغموض . بيد أن هذه الحياة رغم تمحورها العنيف لا تخلو من لحظات بطيئة يستطيع المرء في خضمها أن يعي ما يمر به تمام الوعي . أنا مثلا مهما قدر لي أن أنسى فسأذكر دائما خديجة و قصتها فإلى الآن و رغم توالي السنوات مازلت أذكر بدقة غريبة المنعطفات التي سلكتها هذه الفتاة في درب حياتها . لا أدري ما الذي شدني إلى قصتها من بين عديد الحكايات التي عرفتها ، لن أجاوز القول فأقول أني اخترتها لأنها الأهم فهناك من الحكايات ما يعادلها بل و ما يفوقها أهمية لكن ربما لأني عشت في قلب مشكلتها و ربما لأني نوعا ما تعلقت بها حتى لو كان تعلقا غير مبني على أسس الصداقة المتينة . و علي أن أعود سنوات و سنوات إلى الوراء حتى أسترجع ذلك اليوم الذي رأيتها فيه لأول مرة . تعرفت على خديجة في مناسبة غريبة نوعا ما ، في ذلك الوقت على الأقل . كان ذلك حين عدت ككل يوم ففتحت لي أمي الباب باسمة و حتى اللحظة أذكر مبادرتها لي قائلة : " كثيرا ما تمنيت يا ابنتي أن تكون لك أخت ، افرحي إذن فقد تحققت رغبتك " و لا أدري كيف انطلقت التساؤلات تعبر ذهني بتسارع مناقض تماما لحالة الجمود الشاملة التي تولتني إثر سماعي لما تفوهت به أمي . من هي أختي ؟ و أين اختبأت كل هذه السنوات ؟ و الأهم كيف وجدت ؟ فأبي مختف منذ سنوات فكيف حملت بها أمي ؟ و قبل أن أواصل هذا التأويل أعادتني أمي إلى الواقع جارة إياي إلى غرفتي حيث جلست فتاة متضاحكة و قد سمعت ما دار بيننا . كان أول ما خطر لي لدى رؤيتي لها أنها ليست جميلة إطلاقا و أني لا أرغب بها كأخت لي . واصلت تأملي لها و استطعت أن أخرج باستنتاج واحد ألا و هو أنها تمثل أفصح صورة عن الفاقة و البؤس . مررت بعيني على ملابسها الحقيرة التي تضم جسما نحيلا ثم على وجهها الشاحب البارز الوجنتين و شفتيها المبيضتين الجافتين و استقرت نظراتي أخيرا على عينيها و تسمرت مندهشة و أنا ألاحظ كيف تبرقان بشدة . كأن صاحبتهما على وشك البكاء لكنهما رغم الحزن المنبثق منهما بدتا لي تحويان حدة و ذكاءًا و ربما بعض السخرية . و مرة أخرى أعادتني أمي إلى الواقع مربتة على كتفي و رأيت الفتاة تقف فوجهت إلى أمي نظرة استفهام أجابتني عليها قائلة : " هيا تخلصي من خجلك و قبليها فهي بمثابة أختك كما سبق و قلت لك " شعرت باستياء شديد ازداد عندما اقتربت مني الفتاة فصدمتني رائحة ثقيلة منفرة تنبعث منها . كانت لا تفوقني سوى ببضع سنتيمترات و هذا ما أثار استغرابي فيما بعد حين علمت أنها تكبرني بسنوات ثلاث . ليس بوسعي أن أقول أن ذلك اليوم مر كغيره من الأيام فلم يحدث لي قبله أن استأت بذلك القدر . كرهت تلك الفتاة بقوة و أحسست بالشمئزاز منها ربما لأني ظننت حينها أنها ستصير حقا أختي و تلازمني كظلي . ليس لأني لم أكن أريد أختا ، أنا ببساطة كنت أريد طفلة صغيرة جدا لم تتجاوز فترة الرضاعة ، كنت أريد لعب دور الأم لا دور الأخت الصغرى . لذلك لشد ما أحسست بالارتياح حين رأيت الفتاة تغادرنا إلى منزلها قبل الغروب بقليل . حينها فقط عرفت أنها الخادمة الجديدة و فكرت بيني و بين نفسي أنها ستمل كالأخريات عاجلا أو آجلا و ستترك العمل لدى أمي في أقرب وقت . ما إن غادرت الفتاة في ذلك اليوم حتى بدأت أمي بإلقاء محاضرتها المعتادة أوصتني فيها كالعادة بأن أغير من طباعي حتى لا تفلت هذه الفتاة الكنز من أيدينا و ختمت توصياتها بقولها : " إياك ثم إياك أن تزعجيها أو تعامليها بغير لباقة ، صدقيني سيكون عقابك وخيما إن تجأت و ضايقتها كعادتك مع الخادمات " استأنفت تقول بصوت أكثر هدوءًا : " متى ستفهمين يا ابنتي ؟ متى ستفهمين أني كبرت و لم أعد قادرة على القيام بجميع أعباء المنزل ؟ " أبديت تعجبي و أنا أقول : " كيف تقولين أنك كبيرة يا أمي و أنا مازلت في الحادية عشر ؟ " بعد تنهد عميق أجابت : إيه يا ابنتي ، أنت بعد صغيرة و لا تفهمين الحياة . أنا في الرابعة و الأربعين و لن أعيش أكثر مما عشته لذلك لا تتعبيني معك يا ابنتي و حاولي من أجلي أن تغيري من طباعك " أذكر أني غضبت كثيرا في ذلك اليوم فلم تتعود أمي أبدا أن تخاطبني بتلك النبرات الحادة . و كم كرهت أن تعنفني من أجل واحدة من تلك المخلوقات الحقيرة اللاتي يسمين بالخادمات . كنت أبغضهن كأكبر ما يكون البغض كأن ما بيني و بينهن ثأر لا يرتوي . من أتقزز من الغدر في طباعهن و هن يخدعن من يستأمنهن على بيته و ماله . كم سرقتنا الخادمات ؟ هل أستطيع العد ، لا أظن . كنت أحس بالقهر كلما اكتشفت سرقة جديدة و يكبر قهري أكثر بسبب وضعي و أمي كمخلوقتين وحيدتين عرضة للمطامع و شماتة الشامتين . كل فصل شتاء كان بيتنا يصبح قبلة للصوص و للنهب بأنواعه . ربما كرهي الشديد للخادمات حينها كان لأني رأيتهن مظهرا آخر من مظاهر الظلم المسلطة علينا . و ربما لأني كنت متملكة في حب لأمي و أكره أن أراهن يتجاوزن الحد معها و هي بطيبتها تشجعهن على المزيد و المزيد . ربما و مع ذلك لا أستطيع نفي دور تركيبتي نفسها في خلق هذا الكره . طفلة جميلة مغرورة شديدة التكبر ، هكذا كنت ، أقضي معظم أوقاتي برفقة أمي و خالاتي أناقشهن نقاش الند للند . نشأت أكبر من عمري و نضجت قبل الأوان و كن جميعهن يفتخرن بي لتصرفاتي التي تتعدى حدود سني الصغير و لشيء آخر هو : جمالي خاصة و أنا الوحيدة بين أطفال العائلة بل بين أطفال كامل حينا التي تمتلك عينين زرقاوين . لون أزرق بديع تظافر مع بشرتي الناصعة البياض و شعري الفاحم في سواده ليضفيا على ملامحي برودا و غطرسة . نعم أعترف ، كنت ببساطة فتاة باردة لم تساعدني قوة عواطف أمي نحوي و كثرة تدليلها لي في كسر الحواجز في علاقتي بأي إنسان آخر ماعدا أمي . أمي كانت صديقتي ، أختي و كل شيء لي في الحياة . و لكن للأسف تلك السنوات الطويلة التي تفصل بين عمرينا كان لها أثرها في تعميق الهوة بين مواقفنا تجاه كل شيء تقريبا . و بالنهاية حتى أمي التي كانت تحسب نفسها على استجلاء دخيلتي لم تكن قادرة على معرفتي . ربما هو الوحيد الذي عرفني . توقفت عن الكتابة و هي تخرج تلك القصاصة الباهتة : " أنت تشبهين الزبد الذي يعتلي سطح الحليب إذا ما ركد و برد ، معدنه طيب لكنه رديء المذاق و مثير للاشمئزاز و مع ذلك يحبه البعض لكني لست منهم " ****** قبل سنوات . الجو خانق و الشمس تلهب رؤوس من قدر عليهم السير . توقفت فاطمة عدة مرات في طريقها إلى المنزل و في كل مرة لم تنس أن تلعن سوء حظها الذي دفع بها إلى الخروج في يوم كهذا . لماذا ينفذ زادهم من الخضار في هذا اليوم بالذات ؟ ليست صدفة بالتأكيد بل هو الشؤم الذي يلازمها منذ ولادتها . أكملت سيرها حاملة سلتها الثقيلة و هي تواصل حديثها لنفسها : " لماذا ؟ لماذا ولدت في أحضان عائلة كهذه ؟ أم قاسية كأنها جندي في ساحة حرب ، أب خامل كسول لا يفعل شيئا سوى الأكل و النوم و الضرب و إخوة ذكور بدل تدليلي يعاملونني على أنني خادمة لهم . أف لهذه الحياة المقرفة " نفضت عنها خواطرها الغاضبة لتكتشف أنها تكاد تصل فأسرعت الخطى غير مهتمة بموجة الغبار التي ثارت في آخر الحي . موجة الغبار هذه مشهد أكثر من مألوف في حيهم . صغار يلعبون أو كبار يتشاجرون . سمعت صوت أحدهم يشتم بقبح فتمتمت بسخط : " حتى في يوم مشتعل كهذا يجدون الطاقة ليتشاجروا ، حي مقرف و حياة مقرفة " اقتربت من مجموعة الأولاد أكثر لتجد مجموعة منهم متحلقين حول صبيين و هم يتصارخون : " لكمة أخرى ، احذر إنه يحاول أن يوقعك أرضا ، اجثم عليه ، نعم و الآن الضربة القاضية " و بصياح حماسي بدأوا كلهم بنبرة رتيبة واحدة : " هيا ، هيا ، هيا " تقدمت نحوهم بثبات لتتحقق من هوية الضحية و تنقذ ما يمكن إنقاذه فسمعت صوت واحد منهم يقول بحدة : " أخته قادمة ، ابتعد ، أخته قادمة " تفرقت المجموعة كلها ماعدا شقيقها و غريمه الذي واصل تسديد لكماته الحرة بكل جرأة . وضعت السلة من يديها و شمرت كميها في حركة معروفة فما كان من الولد الوقح إلا أن سدد لكمة أخيرة و تبخر كخيط دخان تاركا ضحيته ممددة بلا حول و لا قوة . تقدمت فاطمة من شقيقها و أنهضته بعنف و هي تصرخ فيه : " أمن أجل هذا ترفض الذهاب معي إلى السوق ؟ تفضل تحمل سيل من اللكمات على حمل سلة خضار ؟ " واصلت جذبه من ياقته بقوة : " تحرك ، تحرك ، سأشكوك لأمي أيها الوغد الفاشل الصغير . " رغم إنهاكه لم يتوان عن ركلها لكنها لم تتركه إلا بعد أن أدخلته المنزل و أقفلت الباب وراءهما . " أماه ، صرخت بأعلى صوتها ، تعالي انظري إلى نعجتك الصغيرة بعد أن أشبعوها ضربا " من إحدى الغرف سمعت صوت أمها تسألها بغضب : " لماذا تأخرت يا فاطمة ثم ما كل هذا الصياح ؟ " " تأخرت لأني كنت أدافع عن ابنك الجبان الذي كان كالعادة يتشاجر مع من هو أقوى منه " شتمها أخوها قائلا : " اخرسي يا وجه التمساح " " مازلت قادرة على الكلام يا أختي المسكينة " عضها من ذراعها فردت عليه بلطمة قوية على وجهه . تقدمت الأم لحظتها و بدت أمام عينيهما امرأة عملاقة ، دفعت فاطمة من ظهرها دفعة كادت ترميها أرضا و أمرتها بالذهاب إلى المطبخ ثم التفتت إلى ابنها بنظرة ناقمة : لنرى ماذا فعل ذنبي الأسود اليوم . لا شيء يا أمي ، صدقيني ، وجه التمساح تكذب . اسألي قاسم لو أردت فهو لم يضربني . تعال هنا و لا تجعلني آتي إليك . سأل و عيناه تتسعان خوفا : هل ستضربينني ؟ و هل ظل في جسدك مكان سليم لأضربك عليه ، تعال . تقدم مترددا بخوف و ما إن اطمأنت لقربه منها حتى انقضت عليه بغضب وحشي ، أخذت تضربه و هي تصب لعناتها عليه و على أبيه و على اليوم الذي رأته فيه أول مرة . ليتني لم أنجبك ، أخبروني يا ناس ماذا أفعل كي أربيه ؟ بربكم ماذا أفعل ؟ جربت كل شيء ، الكلام و تكلمت ، الضرب و ضربت ، العقاب و عاقبت ، و لا شيء أتى بنتيجة " واصلت صراخها و ضربها فيما كان ابنها يبكي و يشتمها في داخله بكل الألفاظ التي تعلمها سواء منها أو من أترابه . أخيرا بعد أن أشبعته لطما و ركلا و عضا تركته مكوما على الأرض و اتجهت إلى المطبخ لاهثة و هي تتساءل إن كان عليها أن تخبر زوجها حتى لا يفوته دوره في تربية الولد . نظرت إلى ساعة الحائط فشهقت لتأخر الوقت و نسيت كل ما فعلته و ما كانت تفكر فيه . أما إلياس الذي فقد القدرة حتى على التأوه فقد لملم شتاته و اتجه إلى غرفة الاستقبال فلم تكن لأحد منهم غرفة خاصة . و هناك جلس في أقصى الغرفة ، مستندا بظهره على الحائط و مسندا ذقنه على ركبتيه . نظر إلى ذراعيه فهاله ما رأى : خدوش و دماء نازفة كأنه خرج من معركة ضارية لتوه و اختلط عليه الأمر و لم يعد يعرف أي الجراح سببتها أمه و أيها سببها الآخرون . سالت دمعة وحيدة على خده و هو يشعر بالتهاب جروحه . التهابا كالذي تسببه البراغيث ، خطر بباله هذا ليتصور أمه على شكل برغوث كبير . سمع صياحها في تلك اللحظة و هي تكيل لأخته الشتائم فدمدم بعنف و هو يكز على أسنانه : " برغوث سمين حاقد " اشتدت آلامه و اشتعلت آثار الخدوش فرغب أن يغسل وجهه و ذراعيه لكنه لم يجرأ على أن يتحرك من مكانه كي لا تراه . تلفت حوله بيأس ثم سمع مواء قطتهم من مكان ما فلمعت داخل ذهنه فكرة و بدأ بتنفيذها فورا و هو يرفع ذراعه إلى شفتيه و يبدأ بلعق جراحه . ****** في الوقت الحالي أفاق من نومه لاهثا بشدة . كل ليلة تقريبا يتعرض لهجوم نفس الكابوس عليه ، يد مجهولة تفقأ عينه بواسطة قضيب دقيق ملوث بالدماء . وضع وجهه بين كفيه و هو يجاهد للهروب من أفكاره السوداء لكن دون جدوى . كان يرى في تلك اليد يد القدر و هي تستعمل نفس الأداة التي فقأ بها عيني ذلك الرجل . ****** نهاية المقدمة التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 07-05-19 الساعة 05:27 PM | ||||
07-05-19, 05:24 PM | #3 | ||||
اشراف القسم
| اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ... للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها https://www.rewity.com/forum/t285382.html كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط https://www.rewity.com/forum/t313401.html رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك https://www.rewity.com/forum/t6466.html واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ... (rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti ) اشراف وحي الاعضاء | ||||
10-05-19, 07:09 PM | #5 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مقدمة تثير التساؤلات .. فيها غموض جذاب اسلوبك حلو كثير وقلمك قوي اتمنالك كل الموفقية بروايتك الاولى | ||||||||
06-06-19, 10:53 AM | #10 | |||||
| اقتباس:
شكرا جزيلا على التوضيح | |||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|