آخر 10 مشاركات
554 - حب بلا أمل - catheen west - د.م (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          الصقر (50) The Falcon للكاتب اسمر كحيل *كاملة* (الكاتـب : اسمر كحيل - )           »          [تحميل] انتقام أعمي ، للكاتبة/ عبير ضياء " مصريه " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          مصابيح في حنايا الروح (2) سلسلة طعم البيوت *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : rontii - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          قلوب تحترق (15) للكاتبة الرائعة: واثقة الخطى *كاملة & مميزة* (الكاتـب : واثقة الخطى - )           »          الساعة الالماسية- قلوب قصيرة [حصريًّا] للكاتبة Hya SSin *مكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          لا مفر من القدر - سارة كريفن (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          شورت وفانلةولاب(80)-حصرية-ج5زهور الحب الزرقاء -للآخاذة: نرمين نحمدالله*كاملة& الروابط (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree9Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-09-19, 03:08 PM   #691

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
مساء الخير جميعا...
كيف حالكم أتمنى ان تكونوا بخير حال...
لقد أتيت ومعي بقية الفصل ...
هل أنتم مستعدووووووووون؟؟؟
سوف أنزله حالاً...
ولتكن أعصابكم قوية فنهاية الفصل ليست مبشرة:a555:....





الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً  
التوقيع


"كن متفائلاً ولا تدع لليأس طريقاً إلى قلبك.."




رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 03:13 PM   #692

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


الفصل الخامس ج2 والأخير
********************
في ذات الصباح**
" أولادك في خير كبير سيد ".
واقف أمامه عالماً بكل ما يحتاجه هذه الفترة الصعبة .. لكنه لن يسمح لأحد أن يسقطه .. فليتساقطون وحدهم ..
ارتجاف قلب سيد من مجرد زيارة هشام هنا في هذا الحبس المشدد بالرقابة .. مما جعله يحرك رأسه محبطاً هامساً وكأنه اكتشف لتوه خطته :" لهذا طلبت عودتهم ليتولوا الشركة .. لماذا هشام ؟!!.. ألسنا أبناء عمومة ؟!!".
وضع يده في جيب سترته من مسافة الربع متر خارج السياج المعدني الضيق ثم كرر:" أولادك مقابل صمتك سيد .. لا تدع هذه القرابة تأخذ أكثر من حجمها ".
سأله سيد باستسلام مستجيب لكل ما فكر فيه من لحظة القبض عليه :" أنت من أبلغت عني .. أليس كذلك ؟!!.. دللت علي .. لترمي للشرطة فرد لم تعد تستطيع الاستفادة منه .. هذه طريقتك هشام ".
ابتسم بسخرية شامتة ثم أجابه :" لو كنت تفكر .. ما كنت سقطت .. أتظن أني كنت سأترك الشرطة تقبض عليك قبل ان أؤمن نفسي من حماقتك .. كل أعوانك بيدي الآن .. لم يعد يهمهم من يجعلهم يعملون .. طالما هناك من يدفع أجورهم ، ويمنحهم ما يتخم بطونهم وما يجعلهم يغيبون عن وعيهم .. أغلب رجالك مدمنين سيد وهذا هو أكبر خطأ قمت به .. المدمن لا يحتاج سوى لحجب الجعة عنه بعدها يصبح كلب ذليل يتمسح في حذاءك ".
ضرب سيد بكفيه على القضبان الحديدة :" لا أظنك حضرت اليوم لتقيم رجالي هشام .. ماذا تريد بالضبط ؟!!".
همس هادئ بارد لرجل يعلم أنه قد وصل لمبتغاه :" قلت لك .. أولادك مقابل صمتك .. قد يشرفون ليكونوا زملاءك في ذات الزنزانة سيد ".
حدق به كثيراً وقطرات الغضب تتراجع للخلف في زاوية قصية هناك حيث ستكمن .. سامحة لشذرات الطاعة أن تظهر فلم يجد غير همسه الطائع كخادم أمين :" حاضر سوف أفعل .. لكن أعلم لو مس أحد أولادي شيء .. ستكون أنت الزميل المجاور لي ".
لوح له بأصابعه بطريقة وداعية ملكية جعلت سيد يختنق مما هو فيه من قهر .. فصرخ في ظهر هشام المغادر :" لا تظنني سأموت كنعجة هشام .. لو لم تحافظ على أولادي سأقتلك بيدي هشام ".
استمر على تلويحه بدون أن يستدير .. فقط أصابعه لأعلى تتحرك بطريقة مستفزة لحد الموت ..
تحرك للخارج تاركاً خلفه رجلاً يائس مما هو فيه .. فصديق الأمس عدو اليوم .. جلس المليجي أرضاً بجوارالقضبان الحديدية يحيط رأسه المشتعل ويكاد ينفجر مرتطماً بكفيه .. أول مرة يدرك أن أمه كان لديها كل الحق .. عندما كانت تهتف به زاجرة كلما رأت لهاثه خلف المال :" أجري يا ابن أدم جري الوحوش غير رزقك لن تحوش ". ثم تلقي جرة من الماء على الأرض قائلة :" المال الحرام كهذا الماء .. لا تستطيع جمعه من الأرض.. وأن حاولت لن تجمع منه شيئاً.. فقط ما ستحصل عليه الخسارة وتلويث يديك بالوحل .. لا تتاجر في الحرام سيد فكله خسارة ".
ليته تعلم الدرس مبكراً .. ما كان تاجر في الحرام .. فقد حريته والآن يخسر أولاده .. انتبه للحارس ينهره :" قم يا متهم .. أتظن نفسك في سجن أمك ".
لا مرعاة لعمره ولا لمكانته هنا .. انتفض واقفاً :" لا تتحدث عن أمي .. أتفهم ؟!!".
صوته لم يرتفع فوق رأسه .. وجد من المعاملة ما يستحقها بلا شفقة عندما أكتال عليه عدد من الحراس بهروات سوداء قصيرة كلما تألم من ضربة إحداها تبعتها أخرى ..فيصدح صوته محملاً بالتوجع .. حتى سقط في أعياء .. جذبه بعدها اثنين من الحراس يجرانه من كفيه حتى زجا به لزنزانة منفردة .. وقبل أن يعرف أين هو جاءه صوت أحد الحراس كبير في السن :" ستظل هنا حتى تتهذب .. لم يخلق من يسبنا فنحن عنوان الحكومة ويدها التنفيذية ".
هل أنكر هذا.. طوال عمره يعلم هذا جيداً .. تكوم في فراشه الممد على الأرض .. كل ما أراده التمسك بذكرى أمه نظيفة .. لم يترك أحد يهينها حتى زوجته الأولى ..أم أبناءه ..عندما قالت :" لا أعرف والدتك ما بها .. كارهة للرزق بين يديك هكذا وكأنك لست ابنها ".
وقتها انهال عليها ضرباً وطلقها في الحال .. بدعوى .. لا أحد يهين والدته .. لكنه كان في الحقيقة ملها ومل وجودها كانت تليق بالفقر أما الآن فلا تليق بالمال الذي انهال عليه ..وهذا الرزق الذي دافعت عنه هو ذاته ما جعله يبعدها عن محيطه .. لكنه مضطر لينفق عليها مع أولاده .. عقله ينقسم لشظايا .. كل شظية هي خنجر مسموم تقطع خلايا العقل .. يبحث عن مخرج مما هو فيه لو صمت سيقتل ولو تحدث سيموت أولاده .. اختيار مستحيل .. أين الإنقاذ يا الله .. في هذ الوقت يتذكر أن بالكون رباً .. كم نسيه في هرولته في المتاجرة بالحرام .. فهل سينساه الله .. يطالب ربه بتذكره ولا يعلم أنه ربما هذه العثرة وجدت لإنقاذ روحه التي من كثرة ما تجرعت من محرمات .. صارت لا تذكر أن لكل شيء نهاية حتى العمر له خاتمة بالموت...
*********************





التعديل الأخير تم بواسطة الأسيرة بأفكارها ; 02-09-19 الساعة 03:37 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 03:16 PM   #693

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


خرج كطاووس ملون يزهو بألوانه وقبل وصوله للبوابة الخارجية للسجن التي يفصله عنها ممر طويل .. كانت صهباء يعرفها جيداً تخطو للداخل ترتدي ثوباً فاتح وفوق سترة داكنة اللون تتحدث بانفعال في الهاتف .. .. نظارتها الشمسية الكبيرة تواري انفعالات عينيها ..هتفت عيناه بخبث الإبتسامة .. ربما حان الآن إتمام ما يريده من هادر .. لم يقف جواره هذا العمر ليفر من تحت يديه .. كان يؤلهه ليكون رجله وذراعه اليمنى .. لكنه منذ عاد لهذه النيران المتوهجة .. أفلت من يده وصار يبحث خلفه .. لكنه لم يعد يملك غيره .. هي ستجد لها زوجاً .. أما هو لن يجد رجلاً ينقذه بذكاءه من دائرة النيران التي تحيط به ..
أغلقت هاتفها زافرة بحنق أنفاسها .. ثم تلونت عيناها بوهج الشمس تتأكد من هذا الوجه الذي تراه الآن ..
اقتربت من الرجل بجرأة قط يستهدف فأر داس على ذيله خلال تجواله :" لا أصدق هشام علوان بنفسه هنا وزائر .. قريباً ستكون هنا ونحن من نزورك ".
ابتسامة الرجل كانت غامضة قاتلة .. لكنها لا تخاف شيئاً استمرت بهدوء :" صدقني سوف أحضر لزيارتك ومعي عيش وحلاوة .. كل يوم ستجدني هنا لأوصيهم عليك ".
اتسعت ابتسامته أكثر مجيباً :" ربما أنا من أزورك مثلاً .. أو أبوك أو عمك ..أو ربما أختك المدعية المثالية .. لكنك لا تستطيعين زيارتي هنا لأني لست متهم .. أنتِ تعلمين جيداً من هو الذي يشير له الجميع على أنه متهم .. فابتعدي ".
هدر صوتها :" صدقني سيكون سجنك على يدي والدليل أنا من سأجلبه لأزج بك لمدة طويلة .. أو ربما ننتهي منك للأبد .. وإلا لن أكون ابنة فخر سعد الدين التي للآن هناك علامة استفهام كبيرة حولك فيما يخصها .. كنت تعرفها ولا استغرب لو كنت قاتلها أيضاً ".
انتفضت في عروقه ركلات دماء الغضب تتصارع لتخرج من مكمنها .. فهذه الحمراء ستخرجه عن طوره .. وهذا ما تريده .. الغضب .. ليخرج عن أناقته وتهذيبه فيكون داخله صراع كبير وهذا في حد ذاته يجعله يخطئ فيخسر.. مد يده ليزيحها بظاهر يده التي دفعتها من مرفقها : هيا دعيني أمر .. لم يتبقى سوى الأطفال الغير مهذبين لنتحدث معهم ".
أطلقت ضحكة عالية كلها دلال ساخر :" أطفال .. لا .. لا تملك عدداً.. هي طفلة واحدة .. واحدة فقط وستموت عندما تعرف أنها معي ". كانت كلماتها تهدف بها اغضابه كما اغضبها ..
انتفضت عيناه بتراقص شديد .. يدرك اللعبة ولن يهرول خلفها .. عقد حاجبيه وكأنها تقول ألغاز أو تهذي .. مما جعلها تبتسم وتهمس له :" سنلتقي مجدداً كثيراً صدقني .. دعني أزور شريك سيد المليجي ".
انبسطت عضلات وجهه بسخافة.. ثم عقب ببرود :" لم أكن هنا من أجل نزيل .. كنت لدى صديقي مدير السجن .. هذا ما ستجدينه مثبت في الأوراق .. أما لك أنتِ .. نعم كنت بزيارة سيد المليجي .. لكنك لن تستطيعي ربطي به بأي حال حتى بالزيارة ".
كان يأخذها لمساره الذي يريده .. وقد تحقق هدفه عندما هتفت فيه :" من ساعدك بالداخل لتفعلها ".
أجابها بهدوء مريب :" ربما من ساعدني كان من الخارج وله يد طولى على الداخل .. تعرفين كيف تجري هذه الأمر .. لكنك لأنك ابنة فخر سعد الدين .. وتهمني مصلحتك ..سأرسل لك مقطع صوتي صغير .. ستعرفين منه من فعلها ".
عيناها برقت بغضب شديد مجرد ذكر أمها على لسانه يلوثه .. لكنها السبب في هذا الحديث المتبادل وهي من ذكر اسم أمها بالبداية
خرج من حيث دلفت هي.. تركها خلفه تهرول للداخل .. تبحث عن حقيقة أدركت أنها تفر من بين أصابعها .. تعلم ان سيد لن يتحدث طالما حضر هذا الشريك الخطر لزيارته .. لن تنال منه شيئاً...
بالفعل رفض مقابلتها .. ولم تجد اسم هشام علوان بالسجلات نهائياً .. حتى كاميرات السجن كانت متوقفة خلال الساعة الماضية .. حملت حقيبتها لتخرج من هذا المكان .. ما زال الفساد يحيط بكل مكان .. مع تبدل الحكومات وما زال الفساد يحتاج لقنبلة انشطارية لتفجره ..
الغضب كان يعلو قسماتها .. هذا الرجل بات قريباً وبعيداً بذات الوقت ..
خلال ساعة قضتها في السجن ولم تحصل على شيء يذكر .. هرولت تغادر لتصل لسيارتها فتقودها بأقصى سرعة .. ثم عادت تتصل بشيماء التي أجابتها :" ما بك جسور ؟!!.. صوتك كان يتقطع فلم أفهم منك شيئاً ".
علقت جسور بسخرية شديدة :"إدارة السجن حريصون على تشغيل أجهزة تشويش وينسون تشغيل كاميرات المراقبة ..".
لم تفهم شيئاً من هذه الكلمات فعقبت :" سجن.. أي سجن ؟!!".
لتجيبها جسور بتحديد هدفها :" لا تشغلي بالك .. المهم دعينا نفهم منك حالة سامر ".
قررت شيماء بما تراه :" هذا الطفل مشكلته وراثية .. كون المرض يظهر في هذا السن .. معناه قد أصابه بسبب جينات وراثية .. ولا أعلم من أي من والديه قد وصل له هذا المرض .. الوسواس القهري مرض تراكمي في الغالب .. يبدأ بسيط ثم يتصاعد نتيجة الحياة المضطربة.. هنا الحالة وصلت لدرجة كبيرة .. علاجه دوائي ونفسي عن طريق الجلسات ".
أجابتها جسور وهي تعدل من وضع الميكروفون الخاص بالهاتف وتقود بنفس الوقت .. عندما وصلها أزيز رسالة .. :" من فضلك يا شيماء بسرعة .. لقد جنن مسعدة .. غسل الفطائر بالماء والصابون .. هذا شيء خارج الادراك .. حتى الفراش كان يريد تنظيفه بالماء والصابون ".
أجابتها شيماء بهدوء :" هذا طبيعي .. هو يخشى المرض ويريد كل شيء نظيف وربما التعليم في هذه المرحلة عن الميكروبات والجراثيم عزز هذا الادراك أيضاً .. سوف أمنح مسعدة وصفة دوائية وأيضاً النظام الجديد له ولوقت معايدتي له .. أعانك الله حقاً .. ولكن بالمقابل هناك تقدم من جهة السيدة زينة .. أصبحت تستجيب لصوته .. تطيل النظر نحوه .. وتغمغم باسم مهرة ابنتها .. هذا معناه أنها صارت تربط بينه وبين مهرة ,, ربما من طريقة تقديمه لها .. أو لشبهه بأمه .. سنعلم كل شيء فيما بعد .. سلام جسور ".
حمدت الله على أن هذا الشيء البسيط يعد تقدماً طبياً وأغلقت المهاتفة .. فتحت الرسائل لتجد هذا التسجيل الصوتي من رقم غير ظاهر فأدركت أنه هو هشام ومن رقم خاص صعب كشفه .. غمغمت :" أي لعبة تلعبها يا حقير ".
فتحت التسجيل فانساب صوت هادر يمتقع بتقطع مرهق :" كنت بالسادس عشر عندما ظهرت في حياتي.. اتخذتك مثلي الأعلى حتى أبتعد عن كلمة فاشل التي يمطرني بها زاهر كلما رآني.. قصصت لك ما أريد دفنه داخلي لكنك عدت تقتلني به ..أليس كذلك ؟!!".
فقد قلبها نبضاته للحظة .. صوته حزين للغاية نال شفقتها .. فتتذكر وقتما كان صغير وضربه زاهر من أجل الثور كان قاسي بضربه .. بينما هادر كان رجل مع حداثة عمره ..لم يمهلها صوت هشام للتفكير أو للتعاطف حتى عندما خرج معقباً بأمره الحاسم الغيرر قابل للمناقشة :" حقاً لا يهمني الأمر كثيراً .. أريد الوصول لسيد المليجي حيث هو في الوقت الذي سأحدده لك في التو واللحظة التي أتصل عليك فيها ستجعلني بالداخل عنده ".
انقطع الصوت نهائياً معلناً أن التسجيل انتهى .... ضغطت بقدمها على المكابح .. فقد كانت تسير بنفس السرعة العالية طوال الوقت .. سقط هاتفها من فوق فخذها وجذب خلفه سماعته المتصلة بآذنها .. وبلحظة أدركت أنها ضائعة .. لا تعرف أين هي ؟!.. أو لأين تقود ؟!!..
هادر .. هادر .. عقلها يركلها بوجع .. وقلبها يعلن عدم تصديقه .. ظلت تدور الكلمات في رأسها .. توترها ارتفع لأعلى حد .. سقط جبينها على مقود السيارة .. لفترة لا تعلم كنهها .. التوتر أحرق ما داخل أوردتها من سكر .. لقد ارتفعت ضربات قلبها لدرجة تخيلته سينفجر .. ليست المرة الأولى التي تهاجمها بوادر أزمة انخفاض بهذا الشيء الذي سيقتلها يوماً .. نعم تعلم أن السكر هو ما سيأخذها من هذا الكون .. أرادت الحصول على أي قطعة من الحلويات الدائمة التواجد بحقيبتها .. تعرق جسدها بشكل قاسي .. زيوت تراكمت فوق كل خلية ..لدرجة كفيها تعرقتا .. ملابسها بدأت في البلل .. نظرت بتشوش جوارها فلم تجد حقائبها .. أين هي في ظل هذا التشوش العقلي الباذخ داخلها .. نظرت بتشوش للخلف .. وجدت حقيبتها .. مدت أصابعها تجاهها .. تريدها ولكنها بعيدة المنال .. جسدها الثقيل تعثر بقوة عن القيام بهذه الحركة البسيطة .. طرقات بدأت على نافذتها المغلقة .. عمل الأدرينالين الذي استنفرته مفردات الخوف داخلها لتنظر جوارها فإذا بهما رجلين بديا من ملامحهما القلق .. لم تستطيع فتح النافذة تلبية لإشارتهما حاولت التركيز على الزر المطلوب .. لكنها لم تستطيع تحديده .. ها هي نبضات قلبها تنخفض بعد التسارع القاتل .. لتهبط بشكل قاتل .. ضغطت أصابعها على أول زر صادفته .. مما جعل السيارة تصدر صوت كتكة وحيدة .. جعلت الرجلين يفتحا السيارة من فورهما .. كل منهما من جانب ..لم تستطيع إفادتهما بحالتها .. صدح صوت أحدهما :" هذه غيبوبة سكر على الأغلب .. فمعظم الإغماءات تكون هكذا ".
جذب الآخر حقيبتها يفتحها ربما يكون هناك حلاً بها ثم هتف لزميله :" تبدو محقاً فالحقيبة بها حلويات كثيرة .. خذ هذا اللوح من الشيكولاتة أطعمها .. حتى أذهب ابتاع لها زجاجة ماء ".
بلحظة كان الرجل يقطع مكعبات الشيكولاتة ويدفعها داخل شق فمها .. وهي تلتهمها إلتهاماً مدت يدها تأخذ منه اللوح وصارت تلتهمها بلا صبر حتى تفكها كانت أصابع الرجل الناضج هي السبيل الوحيد لإظهار المكعبات البنية اللون .. كانت قطع من الورق المغلف لها تدخل في فمها فلم تهتم بها كله قابل للطحن طالما سبيلها للحياة .. الحياة لها سحرها .. فكان ما تأنف منه في الماضي مستساغ الآن ..
أخيراً بدأ معدل السكري في الارتفاع شعرت به من خلال تراجع الأعراض السلبية كلها بدرجات متفاوتة .. مع آخر قطعة بدأت روحها تهدأ وقلبها يعاود النبض بانتظام مستكين .. جاء الرجل الآخر يمنحها الزجاجة بعد فتحها :" اشربِ أختي .. حتى تفيقي ".
الماء هو الآخر الداعم الحقيقي لحياتها .. كانت تتجرع من الزجاجة ما يكفي لإنعاشها .. هبطت القطرات على ثوبها بللت مقدمته ولوثت بهجته الفاتحة بدكنة البلل ..أخذ الرجل منها الزجاجة وصار يسكب لها على كفيها آمراً إياها :" أغسلي وجهك لتفيقي .. حتى تتمكنين من القيادة ".
كانت تفعل هذا .. تغسل وجهها وتقطر على جبينها وقمة رأسها .. فتهبط القطرات مذكرة إياها بما حدث معها .. أيقظتها القطرات التي كانت تهبط حارة على مؤخرة عنقها مخترقة شعرها .. وكأنها تتذكر حرارة هادر معها وحنانه عليها .. هل يهدده هذا الحقير بها؟!! .. ربما يكون هذا .. ما جعله يريد تنحيتها بعيداً حتى لا تؤذى .. يقين أعلن داخل عقلها كنتيجة حتمية توصلت إليها من قبل.. هادر لا يخون .. ولكن ما هو الشيء الذي يستخدمه ضده .. هذه المرة .. ربما لم يرد هشام أن يلفت نظرها لذلك .. كان كل همه أن يضعها في وحل الشك المغرق .. كان يظن الصدمة ستجعها لا تلتقط هذا الشيء بالذات .. لكنها استوعبت كل شيء .. ربما ساعده هادر ليتخلص من تهديده .. وربما هي لعبة من هشام .. لكن من أجل ماذا ؟!!.. ماذا يريد من هادر ؟!!..هدأت للغاية وجذبت حقيبتها تأخذ لوح آخر من الشيكولاتة .. تأكله على مهل هذه المرة .. بينما لوح لها الرجلين منصرفين .. فتنادي عليهما بالشكر بطريقتها المميزة :" شكراً يا رجال وطني ".
نظر إليها الرجلين لاويين عنقيهما تجاهها .. وجداها تطل من النافذة المجاورة لها تخرج أصبعيها السبابة والوسطى بعلامة النصر .. نظر لبعضهما ثم سار كلاهما في طريقه .. تجمل وجهيهما ابتسامة من هذه المرأة القصيرة التي كانا يظنها بالبداية طفلة قادت سيارة والدها بدون علمه ..قبل أن يتبينا حالتها ..
****************




الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 03:18 PM   #694

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


بنفس الوقت **
كاد ينهي كل شيء .. يحمل الغالي فوق ظهره كما كانت أمه تضع وجنة على ظهره وهو ابن السادسة فيما كانت بعمر الغالي .. يضعه داخل وشاح معقود حول خصره وطرفاه الآخران معقودة بين عنقه وتحت ذراعه .. شيء من أفكار الحياة البدائية .. فلم يجد حمالة الغالي .. تذكر أمه وتعبها في المنزل العائلي .. فالحياة في البيت الكبير لها ضريبتها من العمل الكثير .. يتحرك كل برهة ينظر للخارج علها تعود .. يعرف مكانها جيداً فهي هناك بالكوخ ذاته أو الآخر القريب منه ..فكر مرات أن يذهب إليها فيطمئن عليها .. لكنه لا يريد أن ينال منها شيئاً تحت ضغط .. لأول مرة يريد منها أن تتقدم تجاهه.. بلا خوف .. كم أفادته الحياة الطويلة بمفرده .. كان دائماً يقوم بكل شيء وحده .. ليتها طلبت منه المساعدة .. ركله عقله على غبائه معها .. لكنك لم تعلمها أنك تستطيع المساعدة .. شريط مخزي أصر عقله على إعادته عليه .. من أول لحظة شاهدها فيها حتى هذه اللحظة .. يعلم أنه تغير ولكن ليس بالدرجة التي تؤهله ليكون معها بشكل دائم .. ليليق بها .. تريد من يعاملها على أنها درة كونية ..
تحرك الغالي خلف كتفيه .. يحاول أن يقبض كفيه ببعضهما .. مما جعله ينظر للخلف يبتسم له وإصراره أن يمسك أطراف عقدة كمي جلبابه الذي تركها خلق عنقه :" تبدو أمك عنيدة يا غالي .. لا أعرف كيف أتقدم ناحيتها .. هل أنا غبي برأيك ؟!!.. بماذا تجيب يا صديقي ؟!!".
لم يكن يعلم أي شيء عن هؤلاء الوافدين .. لا موعدهم ولا أماكنهم .. لا شيء .. لولا محاصرته لها ما كان علم شيئاً.. فقط توترها من العمل الذي لولاه ما كانت انطلقت لتعلمه بكل شيء وعن عدد الحضور ..
مال على الفرن يفتحه مخرجاً طاجن كبير من الفخار يحتوي على لحم وخضروات .. أشياء كانت قد أعدتها ولم يتاح لها وقتها حتى تنهييها ..
*********************
أخيراً أفرغت شحنة غضبها في دمعاتها .. تبكي بكل ما أوتيت من قوة هنا في الغابة الخالية .. تخرج كل ما في قلبها من قهر .. لا تعرف ماذا تريد منه .. تريده قريباً منها .. تتمتع بكل شيء منه حتى قسوته .. تلك الفتاة التي حملتها طاقة سلبية جعلتها تدرك بدون أن تشعر أنها تعشق قسوته .. ذات السلاح الذي استخدمه ضدها من قبل .. عادت تبكي من جديد .. لا يمكنها أن تمنحه سلاح ليهينها من جديد .. خاصة علم من باسم ما قصدته من كلمة انطلقت من بين شفتيها لتفسر حالتها .. الوضع شائك جدا لها..
ما زالت تشعر بقبلته وضمته لها .. هتفت بضيق :" متوحش .. همجي .. لن يتغير ".
نظرت للكوخ القريب مقررة الذهاب إليه لإلقاء نظرة أخيرة عليه .. ثم نظرت لهاتفها الذي لم يفارق بنطالها .. لم تصلها رسالة أو مهاتفة .. لم ترد أن تستعلم عن الوقت فهي بحالة نفسية رهيبة .. ولن تتصل .. لو كانوا قد وصلوا محطة الوصول كانت فرسان هاتفتها ..أو أي أحد ..
قررت النظر للأكواخ لتؤمن جميع الاحتياجات النهائية .. لم تدرك مدى احتقان جفنيها بإحمرار شديد .. هتفت مرة أخرى بسبب هذا الذي لا يريد ترك مخيلتها :" تباً سنمار .. تباً".
تحركت لتشغل عقلها بما خلفها .. والطعام .. لن يحترق من دقائق إضافية .. والباقي لن تضعه حتى يصلها مهاتفة كما اتفقت مع أبيها وفرسان ..
توغلت تجاه الكوخ الأول .. بعد أن وصلت إليه وقبل أن تفتح بابه وجدت هاتفها يضيء فقد كان على وضع الصامت من أجل الغالي ونومه الخفيف .. كان هاتف عمها :" مرحباً عمي راشد ".
أجابها وهو يلتقط الوهن في صوتها :" أسوار .. هل سنمار عندك .. لقد علمت من باسم ".
احتقن صوتها بضيق بينما شفتيها تهمسان :" نعم هو هنا .. أين أنتم عمي؟!! .. هل وصل القطار لندن؟!! .. ستصعدون الآن إلى هنا عمي ؟!! ".
أجابها بكل هدوء :" نحن بالقرب من المنزل أسوار .. أبيك قاد إحدى السيارات ورشاد الأخرى .. تعلمين القيادة على جهة اليمين تحتاج لمحترف .. وهما محترفان في القيادة بأوروبا ".
انتفضت ولم تدخل المفتاح في مدخله :" نعم عمي .. أنتم هنا بالبحيرات .. فعلاً ".
أجابها بحنان :" نعم .. فرسان تركت لي مهمة الاتصال بك .. ولكني غفوت حتى هبطنا من القطار وحقاً حتى استوعبت .. رشاد وخطيبته يليقيان لك السلام .. هيا افتحي الباب حبيبتي ".
صدح صوتها :" عمي لست بالمنزل .. عمي ".
وجدت نفسها تتحدث منفردة ..ولا مجيب .. بدأت تغادر المكان وداخلها حنق على نفسها وعلى السبب في هذا التوتر .. تهبط الطريق المنحدر الذي يدفعها أكثر لتهبط هرولة .. حتى لم تستطيع تمالك نفسها ففقدت توازنها عندما تعثرت قدمها في غصن شجرة جاف ملقى على الطريق العشبي .. سقطت على ركبتها .. تهبط دمعاتها تزيد من احمرار عينيها .. تقبض على العشب الأرضي تقتلعه بأصابعها .. برهة وأفاقت على نفسها وقفت تنشج دمعاتها للداخل تحبسها حيث كانت .. تحاول قطع الطريق الطويل ..تذكر السيارة التي استأجرتاها ولم تستخدمها .. تحاملت على ركبتها لتسير .. لم تكن حالتها سيئة .. لكنها تؤلمها .. لم تجد غير الجد في السير لتكون في استقبالهم .. لقد وصلوا بالفعل سيكون هو هناك في استقبالهم .. وكأنه منزله هو وليس ضيفاً فيه ..منعها النوم .. منعها الهدوء .. أيضاً احتل منزلها ..
***************





التعديل الأخير تم بواسطة الأسيرة بأفكارها ; 02-09-19 الساعة 05:11 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 03:23 PM   #695

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


شارد داخل أعماق نفسه وهمسه مع الغالي.. يكرر موال كان يكرره لباسم عن العشق والعشاق .... كاد ينهى تنظيف وغسل الأطباق بنفسه .. كان ينتهي من حيث بدأ الشجار .. ثم هتف مرة أخرى وهو يهز الغالي :" ما رأيك يا ولد .. هل أنا غبي ؟!!".
صوت رجولي مرح همس بطبيعية رجولية :" بالطبع غبي سنمار .. طالما تريد من رضيع إجابة ".
انتفض من أول انتباهته لصوت جواد .. سدد له نظرته ثم بدأ بغسل كفيه وتنشيفهما ليعانقه بحرارة شديدة وكأنه عاد للماضي عندما كانا صديقين .. بل أخوين .. هامساً :"ماذا أفعل يا ابن العم عاصم؟!! .. تشاجرنا وتركتني معه وحدنا.. أحدثه بدلاً من محادثة نفسي كأحمق ".
لم يتمكن جواد من الابتسام حتى .. عندما سمع أصوات متباينة بالخارج .. غمغم جواد :" لقد حضر الجميع .. فتح عمي صفوان الباب بلهفة ".
ما زال الجميع يخشاه .. فأبيها لم يكن في وضع اطمئنان عليها .. لذا تعجل بفتح الباب بدون طرقه .. هتف سنمار :" لقد تركت الباب مشرعاً أصلاً.. أسوار في..".
ليقاطعه عن استكمال التبرير صوت عمه من الخارج منادياً عليها :" أسوار .. أين أنت؟!!".
شعور طاغي بالحرج جعله يهمس لجواد الذي يشعر بتلذذ من وضع سنمار :" إياك وذكر شيء لعمك .. لا تدع أحد يعلم.. شكوت لك لما بيننا من أخوة ولكونك كنت وليها ".
أشار له جواد بسبابته على شكل دائرة :" هيئتك هذه ستجعل الجميع يعلم ".
فك سنمار عقدة كميه وما كاد يفعل وقبل أن يتحرك ليحمل الغالي عن ظهره .. دلف عمه راشد وخلفه صفوان متلهفين على الإطمئنان عليها فمنذ علما بوضع باسم ومغادرة سنمار إليها .. خشي الغضب الناشئ عن سوء الفهم .. لكن راشد هاجمه بالضحكات وهو يتقدم نحوه محاولاً نزع فتيل التوتر الذي بها صفوان منذ علم :"هكذا أطمئن قلبي .. رب عائلة حقاً سنمار ".
هتف صفوان بتلهف أب أذنب كثيراً في حق فتياته :" أين هي سنمار ؟!!".
بينما مال سنمار ليعانق عمه مرتباً داخله طريقة للرد عليه .. ماذا سيقول غير :" حالاً .. ستحضر عمي .. حالاً".
خروج صوته بطريقة غير واثقة .. مرتبكة جعل راشد يدرك أنهما على الطريق الصحيح للعودة .. لابد أن يحدث مشاحنات .. فاللطف ليس محمود العواقب دائماً .. لأنه دليل على اللامبالاة عكس المشاكسات هي لمن يبالي ويهتم.. انصت الجميع لصوت رجل باللغة الإنجليزية يهتف وكأنه منشرح الصدر:" مرحباً جميلتي .. لم أكن أعلم أن إحدى بنات عمي قطعة من القمر ".
فهم الجميع ما يقال إلا سنمار .. فيما يبتسم هاتفاً بالعربية الطبيعية :" هل حضر معك ابنك عمي راشد ؟!!.. سأرحب به حتى تأتي أسوار ".

خرج عمه من المطبخ بسرعة .. قد علم أن رشاد بدأ في ممارسة ألعابه للتقرب من بنات عمه .. لكن مع سنمار قد يلوي عنقه .. كان سيناديه .. لولا مشهد أسوار وعينيها الحمراوين .. أوغر هذا صدره على سنمار .. يشاكسها نعم .. يبكيها لا .. هي ابنته .. لن يسمح لأحد بإهانتها ..
ترك رشاد يتعامل ليرفع من روحها المعنوية .. ربما تحتاج اهتمام أخ ..

لم يدرك أن الذي تبعه مباشرة هو سنمار حاملاً الغالي .. عندما تخطى الباب سابقاً جواد للخروج .. وجد هذا الرجل يسلم عليها .. ثم انحنى للأمام قليلاً يميل عليها بطريقة شاهدها في الأفلام الأجنبية .. كانت واقفة أصابعها بيد هذا الرجل الذي قرر رفعها ليقبلها مضيفاً :" جميلتي شرف لي مقابلتك ".
كل ما يحدث فوق طاقته .. كان قد شاط عقله ولن يصمت .. اقترب أكثر بقفزة واحدة يرفرف جلبابه حول ساقيه .. كانت يده هو فوق يدها ليطبع رشاد قبلته بأعين مسبلة الأهداب .. انتبه للحركة ففتح عينيه على خشونة اليد التي قبضت على كفه مع خشونة الصوت التي خرجت ترشق وجهه .. بينما يده الأخرى جذبت كفها ليجرها خلفه :" انظر لي .. لست كالأجانب .. لن يهمني من أبوك .. ابتعد عن زوجتي ".
لم يكن سنمار يعلم أن التقارب يمكن أن يكون على البعد .. فكل مشاكل فتيات العائلة كانت لديه علم بها .. من أخته وكذلك صورهن معها .. لا شيء غريب عليه .. سوى دموعها التي تسببت في احمرار جفنيها ..
ليتحدث رشاد بلغة عربية طبيعية له :" إذاً أنت من أبكاها هكذا ".
غضب ملأ عيني سنمار وتقدم للأمام يريد سلب هذا المتبجح صوته على الأقل .. بينما رشاد لا يهتم سوى بإرسال ابتسامة يطمئن بها جاكي ..
تدخل جواد من فوره .. وكأنه يحذره أن هذه المرة سيكون مقتله وليست عين مكدومة :" رشاد لا تتدخل بينهما ".
هتف رشاد مستنكر هذا التحذير :" عجباً هذا .. جعل جفنيها حمروان من البكاء .. أليست ابنة عمي .. لن أتركها تبكي ".
كانت في وضع صعب .. لكنها معجبة قليلاً بما يحدث .. مدت يدها لتأخذ طفلها مما جعله ينتبه ليفك هذا الوشاح القطني عن كتفه وخصره ..تركته يفك هذا الوشاح بعد ان خطفت ابنها من داخله نحو فرسان الجالسة مع إحدى الجميلات .. لتعانقهما أكثر ..تواري هذا الموقف المتوتر .. بينما يبادره سنمار بالرد القاسي :" لك طريقتك ولنا حياتنا .. ليس لك دخل .. عندما تأتي تشكوني تدخل وقتها ".
هتف رشاد بطريقة سيادية فجة :" ستحضر وستشكو.. ووقتها ستجابهني ".
نظرت جيوكندا للمرأة التي تحمل طفلها بينما كانت تعانق فرسان مطولاً .. بينهما الغالي تتمسك كلا منهما بالأخرى .. دمعات من زوجين من الأعين .. بينما عمها يحسم الوضع المرتبك هاتفاً:" رشاد نحن هنا لنخفف التوتر لا لنزيده ".
صفوان لم ينطق منذ شاهد عيني طفلته هكذا .. قبلها ولم ينبس ببنت شفة ..
هتفت فرسان وهي تحمل الغالي :" كبر .. حبيبي ".
رفعته تقبل رأسه وكفيه .. ثم عادت تجلس مكانها حاملة الصغير الذي يثير داخلها حنان أمومي .. لتكمل :" لقد صار يتقبل الجميع .. لم يعد يبكي ".
اقتربت جاكي متحدثة بإنجليزية موجهة حديثها لأسوار :" أنا جيوكندا خطيبة هذا الأحمق .. ابن عمك .. كاد يفتعل حرباً أعتذر هذه طريقته".
مالت عليها أسوار تقبل وجنتيها وتعانقها لتقول لها جاكي معقبة :" طريقتكم جميلة في العناق ".
تحركت أسوار مهاتفة بالإنجليزية :" مرحباً بك .. سنمار أيضاً ليس بقليل .. لا تقلقي عليه دعيهما يتناطحان ".
ثم وجهت كلماتها نحو فرسان باعتذار وهي تبادل جاكي الابتسامة الرقيقة بأجمل منها :" لقد فاجئني مقدمكم بلا اتصال وقت وصولكم للمحطة .. كنت بالأكواخ أرتبها ".
هتفت فرسان بصوت جلب الهدوء :" أخي عزيزي فوت علينا القطار الأول وانتظرنا في المحطة حتى متنا من الملل .. معنا حقائبنا .. ثم عندما هبطنا هنا بالمحطة .. وجدنا السيارات والشبكة ضعيفة للغاية .. أبي بالنهاية أتصل عليك قبل وصولنا بدقائق ".
زفر سنمار أنفاسه وهتف بعدما اقترب من فرسان يمد يده للسلام عليها برجولته المعتادة :" حمداً لله على سلامتكم فرسان .. سعيد برؤيتك ".
سلمت فرسان عليه وهي تهم بالوقوف لتجده ينهيها :" ظلي مرتاحة فرسان ".
شكرته بلطف بالك بلغتها الأم :" سنمار ابن عمي .. لا غضب من رشاد لم يعلم تقاليدنا بعد ".
إجابته الهادئة جعلتها تدرك أنه تغير :" لا .. شيء .. سيعلمه عمي الأصول ".
مدت فرسان يدها لجيوكندا لتقترب .. فيما منعها حمل الغالي الوقوف :" جيوكندا خطيبة رشاد .. الذي تعرفت عليه حتماً".. ثم تولت أمر الترجمة لجاكي بنفس الكلمات .. متولية عملية التقديم بإنجليزية ثم بالعربية تكرر لسنمار ذات الكلمات :" هذا الرجل ابن عمنا وزوج أسوار .. والد هذا الطفل الجميل ".
مدت يدها تسلم عليه فقط بلا قبلات كأترابها الغربيين .. فلم تكن فرسان تتركها بدون تعليمها هذه التقاليد .. حتى رشاد علم كيفة التعامل ولكنه أراد الثأر بشكل ما..
أخيراً انتهى الجميع من بدايات اللقاء .. جلست جاكي جوار أسوار وفرسان تتحدث بإنجليزيتها :" يبدو زوجك عنيفاً قليلاً .. لكن مظهره وهو يحمل الطفل رجل أسرة ".
غمغمت أسوار باقتضاب :" نعم .. هو كذلك ".
صوت سنمار يهدر في غرفة الاستقبال :" باسم عاد كيف هذا عمي ؟!!".
أجابه جواد بإريحية :" نعم وتم القبض على الرجل الثاني .. والقبض على سيد .. لا نظن باسم في خطر .. وحتى الآن هناك حراسة خفية تحميه ".
مال صفوان على سنمار هامساً وكأنه لا يستطيع الصمت أكثر :" أريدك سنمار على انفراد "
تحرك لداخل الشرفة ليتخذا طريقهما للخارج :" نعم عمي .. ماذا هناك ؟!!".
غمغم صفوان بتوتر هامساً فما زال الموقف منذ دلف الجميع يكن قلبه حتى عناقها له أحزنه :" أسوار .. لو شاهدت دموعها مرة أخرى لن يهمني أحد.. وقتا سأخذها .. أتفهم؟!!".
أجابه سنمار بجدية متوترة :" أنها زوجتي .. لن أتركها لأحد .. لن يستطيع أحد ".
أجابه صفوان الذي لن يستمر على الحياد من جميع فتياته :" أنا استطيع .. أفعلها وسترى بنفسك ".
تركه للداخل وكأن ليس هناك شيء آخر يفعله .. بينما سنمار يدخل يده داخل جيبه ويخرج علبة سجائره يشعل أحداها وينفث دخانه في الهواء .. ربت جواد على كتفه فنظر له سنمار ليهتف جواد :" قلت لك الجميع سيلاحظ ". سدد له نظراته الحارقة ليهمس جواد :" عينيها محمرتين وكأنها بكت يوماً كاملاً ".
هتف سنمار بضيق :" لولا هذا الرشاد ما كان أحد لاحظ".
ليجيبه جواد بأخوة :" يا أخي .. لا تدعه يزعجك .. هو يحب خطيبته لدرجة الهوس .. بالنهاية هو رجل جيد لا تخشاه .. المهم أنت وزوجتك هل صرتما بخير حال ".
حرك سنمار رأسه بضيق :" لا .. أمامنا الكثير ".
علق جواد :" لا أظن هذا .. الطرق عندما تتقاطع نظن أننا على خطأ ولكنه الصواب بعينه .. التشابك هو الصحيح حتى نعلم ما نريد ".
غمغم سنمار وهو يحك جبينه :" لست مثلكم جواد .. كفي هاتين تشققتا من حبل الشبكة والماء .. كنت أب مسئول عن عائلة منذ كنت بالثالثة عشر .. لم أحظى بمراهقة عادية جواد .. لم أكن مثل أي شاب .. عندما ظهرت فرصتي الوحيدة لن أتركها مهما حدث حتى لو ذرفنا الدموع معاً كل لحظة ".
ليجد صوتها من خلفه مباشرة :" لم أراك تذرف الدموع .. كانت من نصيبي وحدي ".
أغمض عينيه باستسلام أطرق برأسه للأرض مجيباً عليها :" كنت موافقة .. ماذا حدث بيننا ؟!".
أجابته وهي تنظر لجواد الذي كان قد بدأ يتهيأ للمغادرة .. لتركهما وحدهما :" ليس هذا وقته .. هناك ضيوف .. تعال لنأكل معهم .. لم أتناول شيئاً من البكور ".
لوى عنقه ناحيتها ينظر تجاهها وفي داخله عشرات الصراعات .. نعم هو ليس مثل هؤلاء المفرطي الأناقة .. كلما تحدثت باللغة معهم ازداد هو ضيقاً .. لكنه لن يتركها .. لن تكون لسواه ..
تحرك كرب أسرة .. نحو جواد يشير إليه أن يتقدم وقد كان بالفعل قد بدأ ليجعل لهما وحدة قد تكفل تفاهم :" تفضل جواد .. توتر الوضع أنسانا حسن الضيافة وواجبه ".
قبل أن تبتعد عائدة على عقبيها لحيث الجميع .. كانت يده تمتد لها حتى يصحبها .. نظرت لعينيه بزرقة بحارها المتلاطمة تبرق بلمعة وحمرة جفنيها من كثرة ما ذرفت من أدمع .. بالنهاية لم تخذله وضعت أصابعها داخل كفه الكبير فغاصت داخله قبض عليها بإرتياح ثم تنهد بحرقة .. وبدأ الحركة مشي بمحازتها يبطئ من حركة خطواته الواسعة الملائمة لطول ساقيه .. حتى لا يتخطاها .. وكأنه يرسل لها رسالة وحيدة أريدك بجواري .. همهم بكلمات :" لماذا البكاء أسوار .. لا أفهم ".
حدقت فيه بضيق ليستطرد بكلمات تخص موضوع آخر :"أنا أيضاً لم أتناول أي طعام .. تعالي لنرى ما سيتناوله أهلنا .. فهم ليسوا ضيوف ".
ابتسمت وهي تضع طرف طرحتها بين اصبعيها .. حركة تقوم بها كلما توترت .. لتتذكر عمها الذي أخذها في أحضانه يكافئها بدفء الأب .. هامساً :" أراك تسيرين على الطريق الصحيح .. كان يغسل الأطباق يا فتاة .. وطفله فوق ظهره مثل الهنود الحمر ".
ابتسمت لتكرر كلمة جيوكندا :" سنمار رجل عائلة عمي ".
ربت على كتفها بكل مساندة ودعم لموقفها ..
كل هذا دار في عقلها لتنطق له :" متى فعلت كل هذا فلم أغب غير ساعتين ..؟!!"
جذب كفها لأعلى وهو يثني ذراعه يضغط على كفها بحنو شديد .. يتجاوز جواد الذي وقف يتلكأ حتى يحادث زوجته الواقفة في باب الشرفة العلوية .. ثم تحدث مجيباً بصوت خشن تملئه العاطفة :" أمي عالية ".
لتجيبه بتمتمات :" رحمة الله عليها ".
وكأنها ترشده كيف يتم التعامل مع الموت نفسه .. كرر مثلها :" رحمها الله هي وأبي ".
لتكمل له :" وكافة المسلمين ".
نظر إليها باستغراب لتبتسم عينيها من نظرته الطفولية الساذجة :" حتى تعم الرحمة .. فيرحمنا الله أحياء قبل الأموات ".
أجابها بآلق جديد يظهر داخل محياه :" عينيك تكون أجمل عندما تبتسم .. لا تدعينها تبكي ثانية أسوار .. دعيها تبتسم فقط ".
غمغمت وسط لجة احمرار بشرتها التي مسها وتر الحياء وضربها الخجل :" وكأنه بيدي أنا ". ثم سحبت كفها الأسيرة لديه بغضب لم تكن تعبر عنه في الماضي تحت إدعاء أنه الرضى ..
كانا قد وصلا للشرفة فتقدمت لتعتلي الشرفة متجاوزة فرسان وهو خلفها يؤكد :" لم أفعل شيئاً يستوجب البكاء .. تفضلي كل الطعام جاهز .. كل شيء ومع هذا ..".
استدارت له بتوتر جديد عيناها تبرق بغضب محذر .. أصمته ثم ازدرد لعابه مضيفا:" كنت قلت عما يكدرك وكنت ساعدتك .. فأمي عالية ".
عادت تكرر الرحمة بنفس الطريقة .. جذب ذراعها من جديد يأخذها تجاه المطبخ :" تعالي المطبخ أسوار هكذا لن أنطق اسم أمي أبداً".
رمى جواد نظرة عليهما يراقبهما من لحظة تركهما خلفه ، فوجدهما على درب الحب سائرين بهمة .. حتى لمح أميرته تخرج من باب المنزل الأبيض .. فحث الخطى تجاهها حتى تجاوزها هذين المختلفين ..ما أن وجدها منفردة ..فتح يداه بغير شعور بالخجل .. فلا معنى أن يكون الحب داخل الغرف ولا أحد يعلم به .. هناك همسة أو لمسة خاصة تدمغ قلب كل زوجين لابد أن يشعر بها الجميع .. انتظرته حتى وصل إليها وضعت ذراعها حول خصره تحت سترته الخريفية ذات اللون القمحي .. ثم همست مستفسرة :" ما رأيك ؟!!".
أجابها بعشق خالص :" اشتقت إليك أميرتي ".
هاجمته متذمرة بدلال بابتسامة :" لا أتحدث عنا جواد .. عنهما ".
عقب بلهفة وهو يمسد بطنها البارزة :" نحن أحق من أن نتحدث عن أنفسنا .. أما هما يتشاجران ".
عقدت حاجبيها بضيق ليبتسم بسرور معلقاً :" الشجار غالباً هو تنفيس عن الغضب المكبوت .. سيظلا يتشاجران حتى لا يبقى سوى الاعتراف ".
علقت بجدية :" رشاد ضغط عليه جداً.. أرى أن نقوم بمراسلاتنا من هنا ثم نغادر .. نتركهما وحدهما حتى يصبحا في آلفة ".
إجابته كانت حاسمة :" أرى هذا خاصة وزواج كوثر بات قريباً لابد لي من حضوره .. لأكون وليها .. وأنت ستكونين معي .. لا أريد تركك وأغادر ".
اكتفيا بهذا المقدار لنفسيهما .. حين نادتها جيوكندا :" فرسان .. هناك أطباق لا أعرفها ".
تقدم بها حتى ينهوا هذا الموقف كله ويعاود بها ملكة لمنزله..
*****************





الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 03:25 PM   #696

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


داخل المطبخ ..
لم تصدق أسوار أن كل العمل تم إنجازه .. وهي تخرج الطواجن والصواني .. حتى الفطائر تم وضعها في طبق بورسلين كبير .. بينما تأخذ فرسان هذه الأطباق وتتحرك بها لتضعها في الخارج على المائدة .. ثم تعود وخلفها جواد هاتفاً :" سوف أساعدك ".
أجابته بكل ترحاب :" سأمرر لك الأطباق حتى المطبخ ".
سألها :" أراكِ تبتسمين ".
علقت بلطف :" جيوكندا تهتف كل خمس دقائق لأسوار .. زوجك رجل عائلة .. سنمار .. لا أصدق ".
أجابها :" الألم .. الألم يصنع رجال .. لكن لو زاد يصنع طغاه ".
أجابته :" حتى الألم نسبي .. هناك نسبة تحمل الشخص لهذا الألم .. وهناك تسامح الشخص .. حتى الآن لم أرى في هشام علوان شخص متألم ليصنع معنا هكذا .. الطاغي طاغي لأنه أختار هذا الطريق جواد .. طغي بإرادته ".
أغلق فمه بين أصبعيه ثم أشار لها بيده تجاه المطبخ .. ابتسمت له ابتسامة فاتنة ثم دلفت للداخل ..
كانت جاكي تكرر فيها للمرة المائة :" هذا الطبق أيضاً يبدو شهياً من رائحته .. ما مكوناته ؟!!.. غير اللحم وبعض الخضر ".
أجابتها أسوار :" أسألي أبا الغالي .. لم يكن ضمن مخططي أصلاً .. أخرجت اللحم فقط ولم أكن قد خططت له شيئاً .. هو صنعه ".
لتهمس جاكي وهي تحمل الطبق تخرج به :" رجل عائلة هو رجل جيد ".
نظرت لها أسوار تفكر بشرود في هذه الكلمات .. رجل عائلة هو رجل جيد .. لتدرك أوقات كان فيها سنمار رجل عائلة لكل البشر .. لباسم ووجنة .. ألم يكن هو من حمل أخيه على كاهله .. ووجنة التي أعادها بسبب ضفيرته الحنون .. هذه اللمسات هي ما تحتاجها منه .. دلف صوته خشناً للمطبخ :" هل تحتاجين مساعدة .. أنا جاهز ".
صوته يحمل شيئاً من أريحية .. شيء جديد حل به .. نظرت إليه مستفسرة ليجيبها :" هاتفت باسم .. يرسل لك تحياته هو سمر .. واليوم عقد قران وحيد وسهر .. سيعقدون بشكل مبسط حتى الزفاف .. هذه هي البشر التي تنهي المواقف ".
ضج صوتها بالضحك ثم كتمت شفتيها .. لا تصدق أن السعادة ممكن أن تحتل قلبها بهذه الطريقة .. كان قد اقترب منها لينال شيئاً من هذه السعادة .. من الخفة الروحية بعد طريق طويل .. فعلتها عندما وضعت كفيها على مرفقيه وأطلقت له ما لم يتخيله وبهذه الرقة :" شكراً لك سنمار .. شكراً جداً".
أجابها مستفسراً:" على ماذا؟!!".
أجابته وهي تشير للمطبخ بكل ما فيه :" على هذا ".
فيجيبها بغموض :" وهناك الأحياء الذين عادوا لأسعد بهم ويسعدون بي .. لمن نوجه الشكر عليهم أسوار .. للقمر أسوار تحميه .. كانت كلمات باسم لي في الهاتف .. حتى أخوتي عشقوك قبل عشقهم لي .. شكراً لأنك كنت أسواري .. أم الغالي ".
ولم يرد أن يخجلها أكثر أو يضغط عليها فر من نظراتها المحدقة الخجولة حتى لا تقول له مجاملة لا يريدها .. يريد امرأته باختيارها ..:" أين الغالي ؟!!".
أجابته وهي تشغل نفسها بطبق جديد .. لم تلحظ فرسان التي كانت تراجعت جاذبة معها جواد لتختفي قليلاً حتى لا يقاطعهما شخص ..
:" مع أبي وعمي يحملانه بالتبادل .. يتنافسان على الاستحواذ عليه ".
ثم سألته مستفسرة :" طبق اللحم يبدو شهياً ".
ليجيبها بحب وكأنه استعاد طفولته المحرومة باستعادة عائلته :" كان أبي يرسل لأمي ..".
فكررت بهمس غير ظاهر :" رحمهما الله ".
حتى يكمل ما تريد الإنصات له ففعل متلهفاً على القص :" أحد الفلاحين ليلاً يأمرها .. لا تدعي الطفلين يناما .. ويعود مساء قرب منتصف الليل ومعه ورقة لحم .. بالبدة كانوا يلفون اللحم في ورق سميك .. يدلف ويصنع لنا ألذ طبق لحم كنت ووجنة نتناوله ونحن نائمين .. ولكني أذكر هذا اليوم وكأنه أهم مشهد في حياتي .. وأبي يقطع اللحم وينفخ فيه زفيره حتى يبرد فلا يؤذينا ".
برقت عينيه بلمعة عبرة تذكر وقت آخر وضع لها العسل الساخن في أصابعها .. فيكتال عليه الذنب مؤلماً لقلبه :" كنت غبياً معك .. وقاسياً.. أليس كذلك أسوار ؟!!".
علقت وهي تحمل طبق الخبز تواري فيه خجلها :" كنت لا تعلم سنمار .. الحقيقة تبدل الأوضاع ".
دلف صوت رشاد الذي بات معروفاً حيث هما .. من ارتفاعه بالعربية العادية :" سينضم إلينا عمرو على المائدة ".
انتفض سنمار مكانه هاتفاً بضيق :" كيف يجلس رجل غريب بين نسائنا .. هذا مغفل .. سوف..".
وقبل أن يتحرك وجدت أسوار لابد من كبح غضبه :" هذا ضيف عمي .. ويعرفهم جميعاً ،فهو حارس أمنهم .. وأنا كما ترى ".
وكأنها بهذا اختصرت طريقاً وعرة من خلافات بينهما .. معلمة إياه انها ترتدي ملابس تصلح لمقابلة أي غريب .. حجابها تتزين به فيزيدها حشمة ووقار ..
وضعت داخل يديه طبق كبير به الخبز .. داعية إياه :" هيا سنمار .. من أجل خطيبته التي تقول زوجك رجل عائلة .. هيا يا رجل العائلة ".
ابتسم كطفل وجد هدية من معلمته ونجمة فوق مفرقه .. تنحى قليلاً للخلف حتى تمر بالطبق الذي تحمله .. تمر من تحت جناحه كما أراد تماماً .. تسير وداخلها شيء جديد كبرياء كبيرة .. ليست زائفة بما حملته من غضب بل واثقة من نفسها ..أنها هنا سيدة هذه العائلة ..
****************




الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 03:28 PM   #697

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


تجلس في عملها بين أوراقها وأجهزتها .. تراجع كل كلمة وكل حرف .. هذا الحمل للسيدة بدرية التي أختفت من الوجود كلياً .. فلا بطاقة شخصية لها ولا شهادة وفاة .. هذه السيدة .. هربت من الوطن تحت اسم آخر .. فرت منه أكيد ومن جبروته .. دلائلها تشير لهذا ..
ارتفع هاتفها بالرنين نظرت للشاشة وجدتها مسعدة رفعت بلهفة فهي يدها داخل المنزل الكبير :" نعم مسعدة هل أفاق هادر ؟!!".
أجابتها خادمتها الوفية :" لا أعرف .. أنا هنا في الشقة .. قبل صعودي علمت أن هناك سيدة في الشقة من عدة أيام .. كن ضروري أن أعلمك هذا سيدتي .. ماذا أفعل هل أصعد أم أغادر ؟!!".
أجابتها بجمود شديد كانت كلبؤة لديها استعداد فطري لتمزيق من ينال منها رجلها :" انتظري.. أنا قادمة .. لا تجعلي أحد من الأمن يبلغ هادر شيئاً".
لترد عليها مسعدة بمساندة :" تعالي سيدتي .. وأجعلي هذه المرأة ممسحة .. هذه السافلة كيف تشغل رجل متزوج ".
كان الهاتف بيد والأخرى تجمع بها كل شيء .. وصوتها يسبح في بحيرات الغضب السوداء :" هل هذه معلومة أم تخمين ؟!!".
لتجيبها مسعدة :" وهل يوجد غير هذا ؟!!.. هي ما تبعده عنك سيدتي ".
لملمت كل شيء وهي تنهرها :" كدت تجعليني أسحب مسدسي عليه مسعدة .. أريد معلومات .. ليس تكهنات إياك وفعلها مرة أخرى ".
رددت مسعدة الصوت الطائع :" نعم .. حاضر سيدتي ".
صمتت بينما اهدتها جسور جنون الغزال :" انتظريني بالمرآب سوف أدخل من المصعد الداخلي .. سلام مسعدة ... جهزي حذائك ".
رفعت مسعدة كفها بالموافقة وكأنها ستهبط على هذه المرأة بالضربات :" حاضرة سيدتي ".
مسعدة التي أعجبتها القصة .. فتلك القضية مسألة مصيرية لها .. كانت زوجة لأحدهم وذات يوم دخلت منزلها لتجد هذا الزوج معه فتاة رخيصة .. وقتها أوسعتهما ضرباً فطلقها .. هذا ربما ما يجمع بينها وبين جسور .. كلاهما تعرضت للخيانة .. فهي مستعدة لمساندتها كلياً ..
تحركت للأمن هامسة وكأنها تقول سر حربي :" سأغادر .. لن أصعد .. يجب الذهاب للمنزل قبل أن يستيقظ السيد هادر .. تركته نائماً.. سأحضر فيما بعد لتنظيف الشقة ".
كانت تمنحهم تمويهاً مميزاً تبرر عدم إخبارهم لسيدهم بقدومها.. ثم تحركت بتمويه جديد لتدلف للمرآب تنتظر مخدومتها الغاضبة التي تطلب منها رفع السلاح .. أو الأحرى رفع الحذاء ..
بعد قليل **دلفت لداخل الشقة خلفها مسعدة .. تحمل سلاحها الميري المرخص .. تفكر في إطلاق جميع غضبها منه داخل جمجمة هذه المرأة .. تحركت نحو الصوت الصادر في المطبخ .. فلا باب يصدر صوتاً لينبه هذه المرأة كما وصلها من مسعدة ..
مالت مسعدة تخلع حذائها ثم تكمل طريقها خلف مخدومتها رافعة إياه ..لديها النية لفعل كل شيء حتى تمنع عن هذه السيدة أي حزن ..
نظرت جسور بنصف عين لداخل المطبخ .. الموقد مشتعل تحت أحد الأواني .. والسيدة تضع أشياء في الأناء ثم تقلب .. كل ما فيها يقول خادمة جديدة .. ملابسها جلباب واسع منقوش بنقوش زرقاء فاتحة فوق لون أزرق داكن .. بكمين طويلين وهناك طرحة صغيرة تربط شعها وتتدلى خلفها ضفيرتين رفيعتان بينما هناك طرحة سوداء من الشيفون الطبيعي فوق مقعد المطبخ .. وخف المرأة بلاستيكي أسود كملابس أهل بلدتها .. طرقت جسور الباب طرقة واحدة بعقب مسدسها .. انتفضت تلك الغافية وقفزت للخلف تنظر لهذه السيدة الحاملة للمسدس بينما خلفها أخرى ترفع حذائها .. غمغمت بخوف من فوجئ بآخر شخص يريد رؤيته:" سيدة جسور ؟!!".
ضيقت جسور عينيها مغمغمة :" من الواضح أنك تعرفيني جيداً .. فلنتعرف .. حتى أعرف من أنت !!".
ثم أردفت بعدما تذكرت وجهها جيداً أو الجانب الذي ظهر منها :" أنا رأيتك من قبل في دوار جدي الكبير ".
بينما هبط المسدس لتدفعه جسور داخل حقيبتها .. وتركت مسعدة حذائها يسقط أرضاً ثم أدخلت قدمها فيه لتقف تنظر للمشهد حتى تحصل على إجابة تشفي غليلها الأنثوي ..
لحظات وكانت السيدة الغريبة تتحدث وسط دمعاتها التي لم تكن جسور مستعدة لها :" نعم .. أعرفك وتعرفيني .. خادمتك رشيدة أخت مندور الويجي ".
هتفت جسور مضيقة عينيها وشذرات عقلها تخرج ما داخلها من تحليل ضروري :" هل أنت هنا تختفين بعد موت مندور ؟!!".
تحركت للداخل تسحب مقعداً واضعة حقيبتها على المنضدة ،وتأمر مسعدة :" أدخلي مسعدة أكملي هذا الطعام .. فهناك حديث لي مع رشيدة ".
تزمرت مسعدة في البداية ولكنها لن تستطيع الرفض :" حاضر سيدة جسور .. ".
بينما تغمغم بكلمات لم تصل لجسور التي جلست على المقعد .. لكنها لن تركز مع مسعدة .. تريد من هذه الرشيدة أكثر ..
نظرت للمقعد المقابل حول منضدة المطبخ الرخامية الصغيرة :" أجلسي رشيدة .. أعلميني ما الذي جعلك تحضرين هنا بالذات .. لا أريد كذب .. لأني بالآخر سوف أعلم الحقيقة كاملة ".
جلست أمامها تضع يديها على خدها مستندة بمرفقيها على سطح المنضدة الرخامي :" لا حاجة بي للكذب .. بعدما حدث لمندور .. ولي .. لقد غادرني زوجي ألقى علي يمين الطلاق وأخذ أولادي وغادر .. كان يحيا معي بسبب الخوف من مندور .. ".
كانت السيدة تحاول كبت دموعها بينما جسور تتحرق للمعرفة :" لن أستطيع مواساتك إلا عندما أعلم لماذا لجأتي لهادر بالذات ؟!!.. هل ذلك لأن والده له صلة بقتل مندور نفسه ؟!!".
كانت خائفة أن يكون هناك حماية لأبيه .. بالطبع هتان الصدفتان لابد لهما من خلق جو أكثر تشبع برياح الشك .. لكن رشيدة أجابتها :" لا أظن أن الحاج زاهر له صلة بقتل مندور .. هناك شخص أكبر من منه ومن سيدي قاسم .. هذا هو من تسبب في موت مندور .. مندور كان خائف من شخص ما .. وكان يحفظ أدلة تدين هذا الشخص .. أشياء على هاتفه القديم الذي كان يخفيه في منزله في مكان لا يعلمه سواه .. هذا الهاتف تم سرقته .. هذا الهاتف لو سقط بيد الشرطة قبل موت أخي كان سيحفظ حياته .. لكنه لم يسقط ووجد هذا الشخص الكبير طريقه لأخي .. بعد موت مندور حضرت لسيدي هادر .. ضابط ومن الممكن أن يحميني .. قد يظن هذا الرجل الكبير أني أعرف شيئاً.. فيقتلني ".
عادت تسألها :" هل هادر يحميك هكذا فقط بدون منحه أي دليل .. شفقة أو لأنك اخرجتِ له أكثر مما تقولين الآن .. ولماذا كنت بالدوار عندما كنا هناك ؟!!.. رأيته يراقبك وقتها ".
وضعت رشيدة يديها على وجهها .. ونشجت بقوة أنفاسها :" ليته قبض علي وقتها قبل أن أنفذ ما طلب مني ".
أجابتها بحدة:" ما تقصدين ؟!!".
أكمل صوته الغامض بخشونة :" تقصد أنها من سهلت موت طفلنا .. ".
نظرت له بطريقة حاقدة وكأنه هو من يحمي من قتل طفلها.. الطفل الوحيد الذي كانت تنتظره .. تمرر نظراتها عليه لتجد ذات البدلة المجعدة التي كان يرتديها .. لم يبدل شيء سوى قميص داكن فصار الأسود يليق به تمام .. تاركاً القميص مفتوحاً أعلى ثلاث أزرار ولم يرتدي رابطة عنق.. وسيماً كشيطان هبط ليمارس سحره الآثيم .. شهقة خرجت من فم مسعدة .. بينما رشيدة وقفت مكانها تنظر للأرض وكأنها تبحث عن قرش ضائع .. نظر إليها يتجرع الوجع منها ..لولا أفراد الأمن عندما أتصل بهم قالوا له قصة مسعدة ما أدركها .. كانت من الممكن ان تتسبب في موت السيدة .. بينما هي يقتات غضبها على الخيانة التي نالتها منه .. مدت مسعدة يدها للموقد وأغلقت النار عن الطعام .. ثم سحبت رشيدة للخارج .. هي أكثر واحدة تعلم تلك النظرات المحدقة بينهما ..
أغلق الباب عليهما .. تحرك ليجلس مكان رشيدة :" إنها أخذت من أبي دواء ومنحته لإحدى الخادمات لتبعد عن نفسها الشبهة ".
لم تترك عيناه لحظة فبدأ يخرج كل شيء :" كان هناك خادمة بالدوار حاملاً وقد شربت كوب عصير مكانك ".
هتفت به :" معنى هذا أنه كان مصر على إجهاضي .. هل هو زاهر دحية أو شخص آخر ؟!!".
رفع أصابعه بمستوى المنضدة ليكمل ما يريد :" اسمعيني للآخر لتعرفي ما يحدث معنا ".
عقدت ذراعيها أمام صدرها ووضعت ساقاً فوق الأخرى .. لن تدعه يعلم بشيء حتى ينتهي من الحكاية .. بدأ يشرح لها ملابسات هذا اليوم :" كما تعلمين .. كنت أراقبها بذات اليوم في الدوار .. وجودها في حد ذاته .. طرف من الممكن القبض من خلاله على مندور .. حتى الآن هي طعم لمن فعل بنا كل هذا لذا ابقيها هنا .. تحت عيني بمعرفة كلا من مؤمن ومروان .. نعم أخذت من زاهر دحية علاجاً وضعته لك بالعصير .. شربته إحدى الخادمات وبعدما عدنا لمنزل عمي راشد .. وخلال تعبك ولم نكن نعلم ما سببه .. اتصلت بي سهر من البلدة تعلمني عن خادمة حامل حدثت لها علامات اجهاض مع أنها أم لأطفال سابقين .. وعلمت منها أنها شربت كوب عصير كان مخصص لك .. وخلال فترة شكك بي .. كنت أنا أتحرك في كل مكان .. طفلي ولابد لي من معرفة من أراد موته .. زاهر لا يفعلها نكاية .. أنا لا أفرق معه أصلاً .. طالما ينال نقود فتكون مصلحته .. ساعدته لأصل من خلاله لمن هم أكبر منه .. زاهر هو حصوة في بناء موازي كبير لابد من نسفه من الأساس .. ذهبت للبلدة وهناك ضيقت على رشيدة الخناق فعلمت منها أن زاهر حضر له أحد الصيادلة من المركز التابع له البلدة .. بعدما كانت هي تتنصت على زاهر وسمعته ينال الأمر من أحدهما .. كل هذا أوصلني لسيد المليجي ..".
فكت عقدة ذراعيها :" وسيد لن يتحدث بعدما أوصلت هشام علوان لمقابلته ".
عقد حاجبيه :" لا ليس سيد .. إنه هشام وواجهته واعترف .. لكن ما تقولين الآن ؟!!". عقد حاجبيه ونظر إليها بغضب حاد :" أعدت تشكين مرة أخرى ؟!!".
دفعت أصبعها داخل صدره هاتفة بكل ضيق :" نعم هذا هو التصدير الجديد للشك ".
أخذت هاتفها من حقيبتها التي كان جوارها على المنضدة وهي تعلن :" لقد صادفته اليوم .. أردت الحصول على معلومات من سيد المليجي لكنه رفض لقائي .. كما قال هشام بالضبط الذي أكد لي أنك ساعدته ..منحني الدليل على هذا .. أسمع بنفسك وفسر لي .. ما يمسكه عليك هذا الرجل ؟!!..أو بما يهددك ؟!!".
أطلقت تحرير صوته من هاتفها .. ليعلن له أنها مكيدة متكاملة الأطراف .. فبدأ يضج بالضحكات ثم تنهد مطلقاً سباباً :" ابن ال***..".
هتفت بضيق باذخ خارج نطاق التعقل .. وقفت بانفعالها:" ألف مرة .. هو ابن ستين *** أيضاً .. لكن ما يحدث معنا غريب .. صادفته لحظات .. لأجد هذا من هاتف خاص .. بلا رقم ".
"أجلسي جسور ".. ومد أصابعه تجاهها يتمكن من أناملها لتجلس .. ففعلت ولكنها سحبت تلك الصلة البسيطة .. وعقدت ذراعيها مرة أخرى .. لتجد صوته يهتف بحرقة :" الخوف .. وجد نقطتي ضعف لي .. أولها أنت .. وأنت فقط من يرعبني .. أن يقتلك بمنع الطعام عنك .. ليوم واحد فتسقطين ".
هتفت متذكرة كل ما حدث اليوم :" اليوم كاد هذا يحدث ".
عقد ما بين عينيه ووقف بغتة صارخاً :" سوف ..".
جذبته بهدوئها :" لم يكن هو ".
نظر إليها ليجدها تتحدث بما لم تكن تنتوي اخراجه :" اليوم بعد سماعي لهذا التسجيل الصوتي .. توقفت ومع التوتر احترق السكر ووجدتني أفقد نفسي .. لولا رجلين أسعفاني ".
أراد الانتقام لها .. وقف هادراً :" سوف أقتله ونستريح منه .. هو السبب "
ببرودها الغريب .. كانت تدرك أنه يريد التراجع نادته بتعقيب :" أجلس هادر .. نحن ضباط ولسنا قتلة .. أعلم أنك لم تفعلها .. هو تقصد إرسال هذا الجزء لأنه يعلم أني كنت أراقبه وعلمت بزيارتك تلك .. لكن ما الذي استخدمه ضدك ".
ضجيج صاخب في عقله .. كانت حربه الداخلية مع ألم كبته داخل قلبه منذ كان صغيراً .. عاد ينتفض بكل جرأة .. ظل عاجزاً معه على فهم نفسه .. وبين عناد قلبه الحائر بين الشوق والخوف ..بين عتابها وغضبها منه ..انفطرت دقات قلبه .. هاتفاً : "ما جدوى كل هذا .. سوف أعلمك فوقوع البلاء أفضل من انتظاره ".
نظراتها تتجمد على عينيه تقتنصان منه كل لمحة .. كل لفتة .. حتى لو كانت خائنة كتلك الإشاحة المبعدة إياه عن كل تحديقة منها .. تقمص صوته الخجل :" بالماضي .. كنت دائماً في حيرة .. لماذا زاهر يتعامل معي هكذا ؟!!..".
تتذكر دائماً النظرة الحزينة داخل عيناه .. وكل فترة كسر بمكان .. لدرجة أنها كانت تقول له:" لن تقبل بالجيش فكلك كسور ".
تنهد مكملاً لتركز معه أكثر :" دائماً كنت أظن أن زاهر ليس والدي .. بعمر الثامنة دلفت لغرفة مكتب جدي .. وجدته في لحظة عشق سافر مع سكرتيرة جدي القوصي .. في المصنع .. كنت بهذا اليوم مع أمي .. سبقتها للداخل .. فعدت سريعاً .. لأحول نظرها عن المكان الذي فيه خيانة خفت عليها .. وهكذا .. صرت شريك له في الرذيلة .. كان دائماً يهددني أنه سيعترف لها بأني أسهل له الأمر .. خفت عليها .. لقد عشت بالخوف .. عندما وصلت لسن الثانية عشر.. دلفت عليهما يتعاركان بارتفاع صوت .. هي تتهمه بخيانتها وهو يقول لها أنها الخائنة ".
وجهه يحمل مأساة كبرى .. كل ما رأته صفحة وجهه الصغير الذي دوما كان حزيناً .. كتمت الشهقة الفارة من شفتيها بكفيها معاً .. تلك الشهقة الخائفة .. التي جعلته يجيد التمثيل على نفسه .. ابتسم بشحوب كبير ثم أردف برجولة شديدة البأس :" نعم .. كان يقول لها حملتِ بهادر بعد زواجنا مباشرة وانجبتيه قبل السبعة أشهر .. ثم استمر يضربها وهو يقول لها .. أنه ابن زوجك الأول الذي طلقتي منه لنتزوج أليس كذلك ؟؟!!.. ذلك الزوج .. هو .. هو ".
بلحظة لملمت الشبكة المثقوبة من كل أطرافها وبتحلل شديد الذكاء علقت :" تقصد أنه كان مريض نفسي .. ورث سامر عنه هذا المرض .. وكذلك مهرة ..أليس هذا ما كنت تريد قوله ".
نظر لها نظرة واحدة وعبرة تختنق داخل عينيه .. جلبت داخلها أنهراً من الشفقة تتدفق داخل نفسها :" تحمل كل هذا وحدك هادر .. كل هذا تضعه داخل نفسك بصمت .. وأنا كلما شككت أصبعي أصرخ وأملأ الكون بصوتي ".
صمتت تزم شفتيها بضيق خانق :" طبعاً .. أعلمت صديقك بكل هذا .. والآن صار يضغط عليك !!".
أطرق أمامها كرجل تهان رجولته بانكسار شديد .. فجذوره الريفية تحكمه بقيودها .. سألته :" ألم تجرى تحليل حمض نووي لتعلم أيهما أبيك ؟!!".
أجابها بكل صدق :" ظللت أعوام أرفض هذا .. ثم أجريته ؟!!".
وضع يده في جيب سترت .. أخرج حافظته الجلدية الفاخرة .. سحب مغلفاً أبيضا عليه شعار أحد المعامل الكبرى .. دفعه تجاهها .. لم تفضه بل طرقت فوقه بأناملها :" بدون ان أفتحه .. أنت ابن زاهر دحية "
اتسعت عيناه دهشة من سهولة كلامها وملامحها المرتاحة لتكمل :" أمك رغم كل شيء بها ومرضها .. لا تبدو من هؤلاء القادرات على صنع حياة خلفية .. أمك سيدة محترمة ..".
لأول مرة يقدر وجودها بجواره حق التقدير نظرتها له ولأمه جعلته يدرك مدى خطأه .. لم تهتم بهذا فقداقتربت من النقطة التي تريدها :" لماذا تجعل مثل هذا الحقير يهددك ومعك الدليل ؟!!.. ما زلت لم أعلم بعد ".
أجابها بكل ما أمن به داخل قلبه :" أنه أنت جسور .. عمر كامل .. أسمع منك أبي وجدي وعمي .. عملت لأكون في محازتك .. اجتهدت وحصلت على المال .. لكن الشرف شيء آخر .. أنت فخورة بطريقة متطرفة .. فخرك شديد لدرجة أنك قد تتركيني لو علمتِ ما يلوث سمعتك ".
عقبت بابتسامة مهترئة تتراقص على شفتيها المرتجفتين هاتفة :" لقد رأيتني في حالة انكساري .. كذبوا علي .. أبي فعلها .. كنت أظنك لن تكون مثله .. لكنكم كلكم كاذبون .. تخشون على أنفسكم من لحظة انكسار ".
مد أصابعه يحاول التمسك بها .. لكنها سحبت اصابعهامن اخل حصن يده :" فعلتها أكثر من مرة هادر .. كذبت .. تركتني ".
هتف بها وكأنه يعاند قدره معها :" لم أكذب .. فقط خفت ".
علقت بجمود :" الموارة خداع .. والخداع كذب .. سحبت مني حق الاختيار لثالث مرة .. كأنك تقول لي لا تصلحي لتكوني زوجتي .. لا تصلحي لتكوني أم أولادي .. لديك كل الحق هادر ..لا أصلح لأظل معك حقاً .. لا أصلح لك .. لكن .. ليس لأنك لست ابن زاهر وزينة .. ليس لأي شيء مما أنت فيه .. لأنك لم تدافع عن وجودي بحياتك ..
عدة مرات تتركني في قمة سعادتي بوجودك .. بعد أن اعترف لك أني أحبك .. هل تتخيل ما تفعله بي هادر . .هذا أشد انتقام تتعرض له امرأة .. ترفعني للسموات السبع .. ثم تسقطني من أعلى لأغوص في الأرضين السبع .. هذا هو الخلاف بيننا .. أنا تمسكت بك حتى أوجعتني يداي .. أما أنت فتتركني بسهولة .. بسبب أسباب لا تخصني أنا .. تخصك أنت .. تتركتني من أجل كل شيء .. لا تتحدث عن الحب بعد ذلك من يحب لا يختار التخلي إلا وهو جثة هامدة ".
دفعت ناحيته التحليل الموضوع بينهما .. ووقفت .. بلا توجيه نظرة أخرى له .. هاتفة بالفعل :" خسارة .. لقد ربحت أنت هادر .. ربحت بالفعل ".
خرجت من المطبخ بدون أن تلقي نظرة عليه .. ليس لكونها لا تريد بل لم تستطيع داخلها تدرك أنها غاضبة جداً منه .. لكن لن تتمسك بأحد لا يتمسك بها .. للآن كلمة طلاقها تؤلمها .. عدم محاولته عودتها لثمان ؟أعوام تؤلمها .. حتى لو هددوه بموتها .. لا يجب عليه تركها .. خرجت من المطبخ ولم يتحرك خلفها .. يعلم أنها على حق تماماً .. أراد وصل الماضي بالحاضر بلا خيط متين يحبك به العقد .. ليكون حراً يجب عليه إسقاط امبراطورية مهما كان لأبوه صلة .. يدرك أنه يحطمه من الداخل .. سوف يفعل التصرف الصحيح مع الكون كله .. كل ما دار بحياته جعله مبهماً غامضاً .. قليل التفاؤل ..يبدي للجميع سعادة مفرطة .. لكنها دائماً سعادة منقوصة .. الأغرب أنه صار غريباً على نفسه .. لها كل الحق لكنه لن يتنازل عنها كما تتوهم .. سيجلي كل شيء وهذا آخر شيء سيفعله بحياته .. يريدها بقضايا بعيدة ..
دلفت مسعدة لتراه .. كيف هو وضعه .. فمنذ مرت بها مخدومتها وهي تنتظر بالخارج .. رغم إغلاقهما باب المطبخ ولكن صوتهما كان يلوح بكلمات سرعان ما تخفت .. فظهر كل شيء كألغاز جديدة .. غمغمت مسعدة :" سيدي .. هل أخذ العسل معي ؟!!.. ".
نظر إليها مضيقاً عيناه بلا فهم أو ادراك .. مما جعلها تتحدث :" سيدتي جسور قالت ستأخذ العسل الذي كان قد جلبه سيدي زاهر لتتبرع به لأحدهم بعدما علت أني سأخذه للمنزل لطعامنا ".
أجابها وهو يقف مكانه :" أرميه .. لا تأخذيه معك ".
انتفضت من القسوة التي حاقت بملامحه .. عاد ثانياً لذلك المخدوم الغير محتمل .. همهمت بروية خافتهة في ظهره :" سنرى منك أيام سوداء .. طالما غزال النار غاضبة عليك.. تستحق ما ستفعله بك ".
سيسترد نفسه أولاً ليستحقها .. فعي أكثر ثباتاً منه .. وهذا يخسره ذاته..
*******************





الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 03:30 PM   #698

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


تهرول تجاه المنزل الكبير .. لا تصدق أنه قد اتصل بها .. فعندما فتحت الخط مجيبة :" من معي ؟!".
أجابها بصوت خشن مستهزئ تلا ضحكة ساخرة :" كنت أظنك أذكى من هذا".
علقت بفورة شابة غاضبة :" ليس ‌لأن سيادتك منحتني الهاتف .. سيكون من حقك توبيخي كابنة حمقاء".
رد عليها بذات الضحكة الساخرة :" أحمد الله على نعمتة فسخيفة مثلك تجلب العار .. كنت أتصل بك لسببين .. الأول .. أردت أن اعلمك أن لا تجيبِ على أي اتصال من رقم غير معلوم لك وأمنحك رقمي.. وهذا من غبائك حققتيه بمفردك.. أشكرى الله أنه كنت أنا .. والسبب الثاني .. لقد فكرت في طريقة حتى نعدل من ظروفك .. طلبت من أحد الأمراء إحدى الشابات لأعمال السكرتارية التي أحتاجها وقد ترك لي حرية اختيارها ..".
هتفت بسعادة وكأنه فتح لها أبواب مغارة الكنز :" اخترتني أنا .. أقسم بالله .. أقسم حتى أصدقك "...
أتاها صوته يحاول الثبات من الضحك الصاخب .. لكن الضحك منها وليس من أجل المشاركة :" نعم فإياك أن تخذليني .. يسر".
أجابته بلهفة :" لن أفعل سوى ما يسرك سيد زاهر ".
ثم قفزت مكانها قلبها لا يسعه كمية السعادة التي ملئته للتوها..
نزعت هذه الطرحة التي تمقتها .. منذ تفتحت ينابيع الأمل داخلها على أنوثتها الفجة باتت تمقت ما يواريها .. أكملت هرولتها في هذا الوقت المظلم لولا أضواء الحديقة الشاحبة بصفرتها ما كانت رأت طريقها ..
هتف فيها أحدهم من خلفها :" أنت .. أنت ".
تجمدت لخشونة هذا الصوت الذي تعلمه جيداً .. كم دأب على الصراخ في العاملين بالمزرعة القريبة من الحظائر كل يوم ..
ارتجفت وحاولت تحريك يديها لتعيد الطرحة على شعرها .. لكنه أمرها بحسم شديد القسوة :" أريد كفيك لأعلى حيث أراهما ".
لم تعي ما يقصد بالبداية .. لكنها استدركت ما يريده منها .. لم تفعل هذا لثوان قليلة .. ظنها متعمدة عدم الطاعة لأمره .. وجدت قطعة من الحديد الباردة في رأسها توخزها عدة مرات وكأنه يهزها مستنهضاً إياها لترفع كفيها .. رفعتهما فوراً .. ارتجاف فكيها واصطكاك أسنانها كان الدليل الكافي على خوفها .. استدارت لتراه .. وتريه نفسها .. بينما الطرحة ترفرف في أصابعها .. هتف بها :" تبدين ممن لا تعرف دينها جيداً .. تحتاجين لتوعية .. وإرشاد بدرجة قصوى .. ماذا تفعلين هنا بهذا الوقت ؟!!.. ألم تصلك ككل العاملين أن لا تجوال بالمكان بعد صلاة العشاء ".
كانت تهز رأسها والبندقية الآلية مصوبة تجاهها .. لا تريد مع هذا الرعب الذي تعيشه سوى النجاة من هذا الرجل المسيطر الذي ملك بعض المعلومات عن كل المتواجدين هنا بهذه المزرعة التي يتم استغلالها :" هل أنت من دعاكِ الشيخ تيمور ؟!!".
انتفض قلبها لمجرد التمسك بحبل الأمل .. فخرج صوتها يجتاز الحاجز الوهمي بين الحقيقة والسراب في الحياة :" نع.. م..م ..أنا .. كنت من جنوده .. وقد قمت بعمليتين كبار .. آخرهما تفجير الشارع الشعبي ".
مسد لحيته الطويلة بيمناه بعد أن علق بندقيته على كتفه الأيسر .. ليسألها :" ولما أحضروك كخادمة ..أنت من المجاهدات.. مكانك ليس هنا .. مكانتك أعلى كثيراً".
مما جعلها تعترف مستجيرة به .. تهبط بذراعيها لأسفل :" لا أعرف .. ربما يخفياني من الوشاية.. وهو الآن كما تعرف ..".
أجابها بقسوة ما قيل له :" منشق علينا .. وقد نال عقابه بتفجير القنبلة فيه عندما حاول إفشال عملية كبيرة مثل هذه .. لا أصدق هذا .. الشيخ تيمور له طريقته في هدايتنا للطريق القويم .. كنت ممن حببهم في الدين .. لا أصدق ما يحدث معه .. لن يتركوه حياً لو خرج من محنته .. لابد من تأديب الخونة ".
لم تتحدث فهي لا علم لها بشيء .. هي فقط مستغلة .. لكن فكرة تأديب تيمور أعجبتها .. طوح الرجل كفه :" هيا أذهبِ ولا تتجولي مساء حتى لا تصيبك طلقة من أي حارس" ..
تحركت بسرعة وهي تغطي شعرها من جديد حتى لا يوقفها أحدهم ..
وصلت للمزرعة .. دقت الباب بلهفة .. وجدت إحدى الخادمات العجائز هي من تفتح لها الباب .. دفعتها لتدخل منادية :" سيد زاهر ..سيد زاهر ".
خرج من غرفة المكتب والهاتف فوق آذنه هادراً: " أغلق أيها الغبي .. الطرد وصل هنا ..".
صدح صوت الرجل داخل أذنه:" ماذا أفعل لك .. لقد تحسرت فذهبت لأفك الحسرة في الزرع .. عدت وجدت أبو حمزة يتحادث معها .. أنتظرت أن يطلق عليها النار وننتهي منها .. لكنه صرفها .. ".
صوته من الممكن أن يظهر لها.. مما جعله يضغط عل الهاتف فيغرزه في خده .. ثم هتف فيه :" هيا نفذ ما قلت لك عليه ".
عاد صوته يصرخ :" ماذا ؟!!.. أي شيء هذا؟!!.. كان اتفقانا على البنت فقط ".
صرخ فيه :" أذهب نام يا غبي .. وأرحني منك ".
أنزل الهاتف من فوق آذنه :" تأخرتي قليلاً يسر ".
انطلق لسانها لتحكي بلا اهتمام بأي أحد غير نفسها :" أنت لا تعرف ماذا حدث ؟!!".
أوقف سيل الكلمات بكفه الممتدة لها وهو يحادث المرأة الكبيرة التي وقفت خلف يسر لا تستطيع عظامها حمل جسدها :" كما قلت لك .. هذه يسر سكرتيرتي الجديدة .. جهزي لها غرفة حالاً".
انتفضت السيدة ولاح الاشمئزاز في عينيها :" لم تقل لي شيئاً .. وعلى آخر الزمان سوف تجلب نساء المنزل .. لن أمكث لك فيها .. لن أضع قرون التيس على آخر الزمان ".
صدح صوته :" لقد أمرتك يا نجيبة ولكنك نسيت .. كبرت والخرف لازمك يا نجيبة ".
نظر إليها وداخله حسرة وعقله يلكمه بلكمات قاضية .. كان يريدها في الخارج لذا هاتفها .. جاعلاً أحد الرجال يتبعها ليضربها على رأسها في المسافة البينيه بين مكانيهما .. ثم يأخذ منها الهواتف وما معها من مال ليغطي فقط على عملية سرقة الهواتف .. لكنه حظه العاثر .. لا يريد أن يتغير .. كان قد تنفس وظن الكون سيمنحه لكنه لم يفعل ..
تحرك للمكتب وهي تتبعه ككلب ضال يهز ذيله لمجرد انتظاره لقمة ملوثة بالتراب ..
جلس قائلاً :" تفضلي .. قصي كل ما حدث معك ".
عندما بدأت عاد يوقفها فقد تفتق ذهنه عن حيلة :" هاتي هاتفك .. نعيد شحنة لنرى ما تملكين فيه ..، فلدي شاحن قديم ".
اخرجت هاتفها ووضعته على المكتب أمامها مع هاتفها الذي منحه إياها .. سألها وهو يغبط نفسه على ذكائه المدمر :" كما توقعت بالضبط ".
عقدت حاجبيها في دهشة واستغراب من الكلمات ليكمل باستفاضة من يريد للجميع أن يتقيد بذكائه فيلهج لسانه بالشكر :" لقد ذكرت أن فهمي كسر هاتفك .. ولكنك تحدثتي عن الدليل ووجوده معك .. جعلني هذا أرجح أن هاتفك القديم هو ما يحوي الدليل .. ".
مد يده يلتقط الهاتف من أمامها مستمراً في الحديث :" هذا الهاتف قديم لكنه الوحيد الذي لا تلتقطه أجهزة الشرطة .. أنت معه في أمان .. والدك من ابتاعه لك أليس كذلك ؟!!.. بالصدفة لدي شاحن يصلح له ..
استمر ليخرج هذا الذي يقصده بينما هي تتذكر عندما نحجت بالشهادة الإبتدائية .. جلبه لها بينما أمها تصرخ فيه :" محمول يا سليم .. ستفسدها في هذا السن ".
أجابها وهو يأخذ طفلته في أحضانه :" لا يا هناء .. أنا أدللها .. وأريدها أن تشعر أن والدها أفضل أب ".
انطلق لسانها وقتها بالشكر وشفتيها تقبل وجه أبيها .. ذراعيها تطوق عنقه ..عكس الآن انبرت تحدث صوت كثغاء حمل غريب :" نعم والدي من ابتاعه لي ..ابتاعه ليحافظ علي طوال الطريق للمدرسة الإعدادية بعد حصولي على الشهادة الإبتدائية .. يهتم بي حتى أصل وكذلك في العودة ..كنت أعشق حركاته هذه مرعاته تلك.. كنت سعيدة به .. حتى ذهبت المدرسة الإعدادية ".
غمغم وهو يقلب بالهاتف بعد ألتقطه شحنة كهربائية كافية لفتحه .. كان الشاحن مغلق في القابس القريب من المقعد .. فسهل عمله :" بالطبع وجدتِ جميع الآباء لديهم نفس التفكير ولكن بهواتف أكثر تطوراً وأحدث اصدار .. هاتف بكاميرا وربما يتصل بالشبكة العنكبوتية ".
غمغم صوتها بحزن :" نعم .. وقتها علمت الفرق بين الناس ".
لم يكن يريدها أن تصمت وهو يقلب بالهاتف حتى لا تدرك ما يفعله .. لكنها سألته :" ماذا تفعل بهاتفي ؟!!".
عقب :" لا شيء فقط اضبط إعدادات الهاتف ".
هتفت وهي تقف ناهرة :" لا .. غير مهم .. أتركه ".
مد لها الهاتف وهو يضغط آخر ضغطة فيلغي هذا التسجيل الصوتي بدون أن يسمعه يكفي عنوانه باسم كوثر.. كم تمنى أن يلغي جميع التسجيلات حتى لا تحقق معه وتسأله لماذا ؟!!.. وكيف؟!!.. لن تهدده بما لديها فهو يريد وجود عائلة راشد كظهر يركن عليهم ككل مرة يخونهم .. يساندوه لأنه منهم ووصمة عار في جبينهم .. يعلم هذا ولكنه يكرههم لذات السبب .. كلما ساندوه كلما كرههم أكثر .. أخذت الهاتف الذي أفلت سلك الشاحن فعادت شاشته الصغيرة يغمرها الظلام الصامت .. مما جعلها تدفعه نحوه :" أتركه بالكهرباء حتى أرى .. كيف سأحاصرهم بما لدي ".
غمغم متحدثاً :" ليس المهم فرسان الآن .. لقد صارت في شآن أخر .. لن تقدرين عليه ".
مد يده يفتح لها الشاشة المعلقة في الجدار المواجة للمكتب .. على القناة الإخبارية التي يستطلع منها أخبار الكبار .. قرأت أحرفها الأجنبية .. ثم نظرت إليها وهي تكرر الأحرف للقناة الأجنبية .. فأجابها بإيمائة من رأسه .. علها تذكر شيء يفيده بدون إيذاء له :"نعم ..ألم أقل لك هي في شأن آخر ".
خرجت صورة فرسان تتحدث بلغة أدركت أنها فرنسية من الطريقة فقد كانت تدرس نفس اللغة بالمدرسة الثانوية.. لكن شتان بين لغتيهما .. فرسان تتحدث وكأنها أميرة مونت كارلو بنفسها .. كانت تدلى بتقرير صحفي عن أنهم هنا لعرض تقارير والدها على مشفى من أكبر مشافي العالم في الجراحات القلبية الحرجة فكل لحظة تهدد حياته .. وتنوه أن المنوط بالحكومة الوطنية مراعاة ظروفه الصحية ومساعدتهم لنقله للعلاج .. والمفروض أن يكفلوا علاجه كأي صاحب منصب حكومي قديم أو كأي مواطن .. لا أن يعرقلوا نقله .. حتى الأوراق لخروجه على نفقتنا .. لم تستخرج بعد .. وأصدرت كلماتها الأخيرة بتهديد واضح .. أنها ستجلب لهم لجنة من حقوق الإنسان وكذلك لجنة من منظمة الصحة العالمية .. كان بعدها يتولى الكلام رجل شاب من مظهره هذا تنطق أن للفخامة عنوان ..
سألت زاهر بابتسامة تنم عن تفكيرها .. وشماتة تطل من عينيها :" هل هذا حبيبها .. ركلت جواد أليس كذلك ؟!!".
جمع أصابعه لتنتظر برهة ثم أشار للشاشة بينما يظهر صوت جواد قبل أن تندفع عيناها صوب الشاشة .. تنظر له يتحدث بفخامة وكبرياء .. يمد يده يحتضن زوجته التي مالت على كتفه تسكب دمعتها على صددره .. رغم موقفها الضعيف هي قوية بل أقوى مما كانت تظن .. تلاحظ القنوات التي تمد أجهزتها الصوتية تجاة الرجل الشاب الوقور .. بينما تتهافت عليه الأسئلة تتقدم تجاهه بالاسم سيد رشاد راشد دحية وعمله لم تفهمه لضعفها باللغة.. سقطت فكها الأسفل بغير تصديق .. لا تعلم كيف ستقول له؟!! .. ما أسعدها أميرة دحية خرجت بفضيحة عادت أقوى بأخيها الذي يبدو أنه من وجهاء أوروبا..
وقفت تهتف لمجرد موارة ما هي فيه من حقد أسود :" هؤلاء .. ماذا نفعل معهم؟!! .. نرميهم بالحجارة فيأخذونها يبنون بها درجاً ليصعدوا عليه .. أكثر وأكثر ".
أكملت هتافها وهو يحرك كفيه بلا مبالاة وكأنه لا يعرف .. منتشي من هذه الحالة التي صرفت عقلها عن هاتفها بشكل كلي :"لابد من فضحهم في كل الدنيا .. لو أملك فيس كنت شننت حرب شعواء أكشفهم فيها .. هؤلاء مارقين .. فاسدون .. أعوان أبليس .. كل ما يهمهم النصرة لأنفسهم وليس للدين ".
كانت تأخذ من نفس الكلمات التي سمعتها في منزل فاروق أبو عيطة وإعتماد .. تحفظها ولا تدركها .. الآن تعيد استخدامها لتواري نفسها داخلها .. :" تيمور لو أفاق يجب هدر دمه .. كما هؤلاء .. كل الذين باعوا نصرة الدين والحق من أجل أنفسهم والمكسب الدنيوي ".
دلف أحد الأشخاص الذين لا تغلق دونهم الأبواب في أي مكان لهم عين .. ولهم ذراع .. حاول زاهر الوقوف للترحيب ..لولا اليد المرتفعة لتمنعه الحركة .. يريد الإنصات جيداً لما يقال .. عاد يضع يديه بعقدة خلف ظهره .. بينما هي تستمر بإدعائها الصلاح فتقترب من مكتب زاهر :" أتعرف يجب علينا استخدام جميع الأسلحة لنسقطهم وبوطننا .. الكلام يسقط الجميع .. حرب الكلام .. كلام مقابل كلام .. وكلماتنا يجب أن توجع .. نسفه من كل كلم .. ها هي هنا ذكرت الحكومة وتقاعصها عن المساهمة في سفر أبيها للعلاج في الخارج .. لا تدري هذه أن هناك ملايين يجب علاجهم .. هم قادرون كما رأيت ويريدون من الدولة إعانة .. فليتركوها لمن لا يقدر حقاً من يكمل طعامه من الماء .. من يربط على بطنه حجر حتى يسكن جوعه.. هؤلاء من يستحقون فعلاً ".
تقدم الرجل على الأرض الرخامية محدثاً صوتاً متعمداً بخطواته :" أنت تلميذة تيمور إذاً .. هذه كلماته عندما كان مسلماً حقاً قبل أن ينشق ويخون ".
استدارت له وعيناها تقطران حقداً ووجهها مكتنز بحمرة الغيرة .. لتجيب من فورها بغضب كونه كان السبب في إنقاذ أحد من أرادت الإنتقام منهم :" لا تذكرني به .. لن أهدأ حتى أقتله بنفسي .. هذا الخائن ".
رفع كفه لأعلى ليحصل على صمتها ففعلت .. جاء دوره في الأمر :" سوف نهيأ لك ما طلبتيه الآن لتوك .. الفرصة .. ولكن لو لم تفعلي ما يجعلنا نفوز .. لن نرحمك أبداً .. أريد إعلامهم الزائف .. لا يستطيع الفوز في هذه المعركة الكلامية ".
نظرت إليه وداخلها دهشة ولكنه يبدو من الكبار الأعلى من هذا الشيخ صفوت .. وهي تريد العلا فلتناله .. غير مدركة ان هناك درج هو في حد ذاته نقمة على من ارتفع فيه :" أريد جهاز حاسوب محمول .. و عدد من حسابات الفيس الزائفة التي لا يصل لها أحد من أعوانهم من شرطة الانترنت .. ودعهم لي .. سوف أفضح كل من تشير إليه ".
أومأ برأسه مستحسناً ثم سأل زاهر :" من هي يا زاهر ؟!!".
أجابه زاهر بكل تهذيب مما دلل على علو مكانته :" هي يسر .. إحدى من استقطبهم تيمور .. متحمسة كما ترى بطريقة زائدة ".
ابتسم الرجل مهتدياً لطريقه الجديد معقباً:" يهديهم للإيمان يا زاهر وليس يستقطبهم ..ثم هذا ما نحتاجه فورة الشباب وتحمسهم .. سوف أجعلها على رأس مجموعة لو انتصرت في المعارك القادمة .. ولكن لو أخفقتِ ستلحقين بتيمور .. الذي كان من أفضل من يستطيعون هداية الرجال ".
طريقته جعلتها تحدق فيه واعدة :" سوف ترى .. في فترة وجيزة سنخرس الألسنة التي تهاجم رجالنا ".
هتف الرجل موجهاً حديثه لزاهر :" أريدك على انفراد زاهر ".
أراد زاهر أن يجعلها تغادر لكن الرجل أكمل :" تعال نحرك أقدامنا قليلاً في الحديقة .. لا أستطيع المكوث في مكان واحد لفترة طويلة .. حتى لو كانت غرفة فارهة ".
تحرك زاهر من خلف مكتبه :" بالطبع تقييد الحرية شيء ولكنك هنا لحمايتك بعد سقوط فريد الدهان .. تقلبت الأوراق وتفتحت بعض القضايا لستشملك سيدي خاصة قضية أقراص التريمادول التي كانت توزع في الميادين ".
أغمض الرجل عينيه .. متحركاً من حيث أتى .. ثم علق :" كنا نمنحهم ما يحتاجون إليه .. استفدنا من هؤلاء الغوغاء حتى نرتقي بالدين ".
صمت زاهر رغماً عنه :" سيدي الأمير المنزل منزلك .. تحكم فيه كما تريد ".
أجابه الرجل بالخارج :" هناك بعض الأخوة الجدد سيحضرون هنا سنقوم بعمل معسكر لتدريبهم في الحقول الواسعة .. كما أن هناك بعض المؤون سنجلبها لتكون تحت أمرنا متى أحتجناها ".
أجابه زاهر :" سوف أجلب عقد الإيجار من المحامي .. فيكون لكم بلا أي أجر .. هكذا أكون أنا الضيف عليكم ".
علق الرجل بابتسامة ماكرة :" لماذا يا زاهر .. نحن عائلتك .. لا نحتاج لعقد إيجار .. فأنت أخ عزيز ".
امتعضت ملامح زاهر .. هكذا لن يستطيع التملص من أي شيء .. هنا جيش آخر موازي في أي لحظة قد يتم القبض عليهم من القوات التي تعمل بالفعل لصالح الوطن في ظل هذا الانقسام في كل شيء .. حتى بالبيوت نفسها ..
لا يقدرعلى التملص .. هو غارق .. غارق ..لو حدث ما يسوؤهم سيلقون التبعة عليه فهو صاحب البيت وكل شيء.. مس عقله الشيطاني فكرة .. سيجعل هذه المزرعة وكل ما فيها باسم هادر ابنه وسوف يخرج العقد القديم الذي فيه أن الأرض ملك للسيدة زينة القوصي وهادر هو الذي يملك توكيل لكل ما تملكه أمه أليس هذا ما فعله جده القوصي بنفسه جعل ابنه يتمكن من رزقه .. هل ستعود الحقوق القديمة هكذا؟؟!!..أما يزداد التشتت أكثر وأكثر ..
أطرق ينظر للأرض التي تم تزينها بالسجادة الخضراء اليانعة من أعشاب وزروع .. كانت أرض قاحلة .. أعتنى بها لتصبح جنة في أرض الله الواسعة ..أحد ممتلكات القوصي التي أجاد إخفاءها عن ابنته .. رغم انها ملكها خالصة .. لكنها أرض فقط بعدما تعب عليها وجعلها هكذا مزروعة ومبنية ..أخذ حقه الباطل فيها بجعلها ملكه وحده .. فالأختام في درج أصدقاء أصدقائه .. الذين تساقط منهم اثنين .. لا يعرف ماذا سيحل بالباقي ..********************
فتحت هاتفها القديم لتنال رقم أمها التي صارت تجيب على أي رقم تحت بنود الأمل أن تكون هي طفلتها .. وضعت الرقم في الهاتف الجديد واتصلت على أمها .. أجابتها على الفور ..مما جعلها تحتاج لدفعة جديدة من أمومتها الحانية :" أمي أحتاجك بشدة .. أنظري ماذا فعل بي أهل الشارع ".
جمد قلب أمها قليلاً وأجابتها معاتبة :" هم من فعلوا أم أنت يسر .. يا حبيبتي .. أبوك سجن نفسه بالمنزل .. لم يعد يملك القدرة ليرى الناس .. رجاء .. لقد سألت محامي .. وذكر لي أنك لو سلمتِ نفسك سيتمكن من جعلك شاهد ملك ولن تطالك عقوبة .. عودي يا يسر .. لا .. لا تعودي أذكري لي مكانك وأنا سأحضر لأخذك ".
وكأنها لا تنصت .. تريد معلومات جديدة فقط :" ما أخباركم في الشارع .. ناصف مات .. أليس كذلك ؟!!".
أطرقت السيدة رأسها .. زافرة أنفاسها بمرارة غامرة :" لم يمت أحد .. كلهم بخير .. حتى تيمور الأطباء قالوا لشمس سيكون بخير لو مر غداً .. عودي طالما لم يحدث ضرر في البشر .. كل شيء سهل تعويضه .. عودي وسلمي نفسك .. لتنالي عفو المرشد عن المجرمين الحقيقيين".
فتسألها بنفس العناد :" كوثر .. كيف حالها .. لقد رأيت جواد بالشاشة .. كبر جواد ابن عمتي .. كبر للغاية ".
لتجيبها أمها بحسرة :" عودي دعينا ننهي القضية .. ووقتها يمكنك العمل مع كوثر في مشروعها الجديد .. الأرض التي يملكها أبوك ستكون ضمن المشروع .. ليتك صبرتِ وتعقلتِ".
الجميع أصبح من المشاهير وهي هنا مطلوبة في جرائم ستقضي على عمرها كله .. عاد صوت أمها المعاتب يهدر في عقلها ويبثها في الوقت نفسه أخبار أشعلتها فصارت كمتفجرات .. :"عودي وسوف نوكل لك محامي كبير .." .. لم تدع أمها تكمل .. أغلقت الهاتف وداخلها يقين أن أمها بدأت تتراجع عن حمايتها فهي تريد تسليمها ..
قبضت على هاتفها بكل حقد تنزعه من القابس وتقلب فيه فلم تجد ما تريده .. كيف هذا ؟!!.. أين ذهب ؟!!.. هو الوحيد المختفي .. اعتراف كوثر وأمها بأن لها طفلة ماتت مع الولادة وأنها تتهم راشد دحية ..
كادت تميد الأرض تحت أقدامها .. بل مادت فعلاً انثنت ركبتيها فلم تستطيع الصمود سقطت جوار المكتب .. دلف ليراها على هذا الوضع الغريب .. قبل أن يمد يده إليها نهرته بامتناعها وصوتها الذي أرتفع :" أنت من ألغيت هذا التسجيل .. تريد عائلتك لآخر نفس فيك ".
نصحها بصوت صاحب المصلحة :" يا غبية .. مما فعلتِ لن تنالينهم .. سيقف الناس جميعاً ينظرون لك بحقد .. ويمصمصون شفاههم قائلين خانت عائلتها .. لا تستحقهم .. لديك الفرصة التي لولاي ما كنت نلتيها .. ".
هتفت فيه وهي تقف على قدميها :" ألم تكن الصدفة التي جمعتني بهذا الشيخ ".
حرك عينيه بتلاعب :" أتصدقين هذا .. أنا أحضرتك في هذا التوقيت حتى يعلم من أنت .. لكن حقيقة المحاضرة العصماء التي قلتيها لم تكن من مخططي ".
ابتسمت .. وداخلها لعبة شيطانية .. لن تخسر شيئاً :" لابد أن تدفع أكثر .. أريد معرفة لماذا ألغيت هذا التسجيل ؟!!.. ثم لابد لك من تعرفي على ناس أكثر .. أريد الصعود لأعلى .. لأصبح مثلها ومثل كوثر ".
هدر صوته بقوة :" مثل من ؟؟!!.. وما بها كوثر ؟!!".
تراكم الضياع في عينيها وهي تنظر للهاتف تستحلفه أن يعيد هذا الدليل الهام لها .. لتتذكر وقتاً آخر وتسجيل آخر لكوثر وهي تهاتف زاهر .. تعلمه أنها لن تتعاون معه فيما بعد .. وتجلب أسم تيمور .. أخرجته فيعود ينساب صوت كوثر في غرفته قسراً بدون رغبة منه ..
فسألها بسبب تلك النظرة السعيدة بسخاء التي تظهر داخل عينيها :" ما هذا هو الآخر ؟!!".
أجابته وشفتيها تزداد إتساعاً :" دليل أخر أن كوثر خانت .. خانت أخيها فقد كانت تنقل أخباره لك ".
مد يده تجاه الهاتف ودفعه بعيداً فسقط على الأرض مهشماً .. لم تحتاج سوى هذا الاعتداء وبدأت تصرخ وتصرخ من القهر داخلها .. بينما هو تحرك ليجلس خلف مكتبه:"أصرخي كما تريدين ".
صمتت لتسأله :" لماذا كسرت الهاتف وألغيت التسجيل ؟!!".
أجابها ببروده :" لم أكسر الهاتف .. هو أمامك أعيدي تركيبه سيعمل .. انا أردت أن أعلمك أن ما تملكين هو فراغ كبير .. كيف ستستفيدين بهذا لتكوني مكان فرسان مثلاً أو لتسقطي كوثر .. ستفضحينها فيقول الناس أخذت ملفات ووضعتها مع زاهر .. سأخرج وأعلن للجميع أنك أفاقة ..عدوة المجتمع تريدين تشويه الجميع ".
عادت تهرول للهاتف تلملم أجزاءه وتعاود الحديث :" لو صرخت الآن وذكرت أن تراودني .. ماذا سأستفيد ؟!!".
مد أصابعه للكاميرات المثبتة بسقف الغرفة .. ثم ضحك قائلاً :" سيعم الجميع أنك كاذبة لأنهم سيتطلعون على كل تسجيل الكاميرات .. ".
أعادت الصراخ بقوة .. والهرولة داخل الغرفة هاتفة :" دعهم يرون ويسمعون ".
جلست على الأرض قابعة في حالة الهستيرية تصرخ تنادي على أحد ينقذها:" ألا يوجد أحد ينقذني ".
ثم بصوت أشد تمثيلاً كمن تنادي من فقدتهم:"أمي.. أم ي ي. أين أنت يا أبي ؟!".
لا ينصت لها أحد وكأنها لا تستحق كلمات مواساة أو اطمئنان.. لقد سئمت مكانها الضعيف ولابد لها ان تحصل على مكانة أكبر ستستغل الجميع .. ستستغل الكذبة التي أحاطوها بها.. ستكون مجاهدة منهم كما يحبون أن تكون .. وكما يجب أن تكون..
لقد سئمت الاختفاء .. أطلقوا الشائعة فليتحملوا أحلامها..
مد أصابعه تجاه جهاز صغير وضغط عليه .. متحدثاً:" أنا فقط من أرى ما يحدث .. أنا فقط منقذك الوحيد .. وقد بدأت اليوم .. عرفتك على أحد الكبار لو عملك نال إعجابه .. ستغرقين في بحر من المال ..".
وعد المستغل للمستغل لا يصنع سوى سقوط مروع .. كلاهما فاشل بالاختيار يساندان بعضهما حقاً ولكن هذا لا يعد نجاحاً.. من الممكن ان يكون هبوط أكثر دوياً ورعباً..

********************






التعديل الأخير تم بواسطة الأسيرة بأفكارها ; 02-09-19 الساعة 05:13 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 03:32 PM   #699

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


أيقظه صوت باكي في هذا الوقت من الليل.. ما به القرآن أين ذهب اليوم ..
نصال حامية تشق ظهره .. لا بل جلده ذائب .. نظر بعيون نصف مغلقة هامساً بتقطع :" أشرب ".
أراد الحركة ليجد نفسه مقيد بالوجع في ظهره عاد يهمس :" ماء.. أشرب ".
انتفضت على مقعدها الجانبي الذي اتخذته مكانها منذ عاد فتحي للحياة .. منذ سمعت القصص المتناثرة في الشارع وكيف أمسك مازن بيد جده حتى عاد .. فعادت هنا وفعلتها .. منذ الصباح بعد دفع ورقة مالية للعسكري القابع على بابه .. دلفت وجلست تمسك بيده .. والقرآن جعلته ينساب هنا قرب آذنيه تنصت وتبكي من أخطاءها الجسام .. لأول مرة تنصت في معاني القرآن وتكتشف سهولة فهمه حتى على الأميين أمثالها .. الآن عرفت لما أمها تحبه أيضاً هو مريح للنفس والروح .. جعلها خفيفة بخفة الريشة .. لا خوف ولا حقد .. لا كره .. صارت تحب حتى من أساء إليها يوماً.. شعر بانتفاضة يد أحدهما في أصابعه .. كادت حركتها تلك كافية لتنقبض أصابعه على هذه اليد الصغيرة أزاح بذراعه الملائة القطنية .. بينما هي لبست رداء التجمد ترتجف شفتها في صمت .. ترتجف ولا تعلم سوى أنه سيطردها كما الماضي .. أنطلق صوته بغتة كعواء حيوان جريح ..
وقفت من مكانها وسحبت يدها بسرعة .. هتفت بحرص كامل :" لا .. أسقطها على الجروح الحية يا شيخ تيمور ".
وقفت تعيد رفع الملائة على حاجز السرير الجانبي تضعها بطريقة محكمة لا تسقط .. لم يكن يرى من خلال عينه الواحدة سوى جلبابها الأسود يتحرك كغمامة تقترب وتبتعد .. بينما صوتها يحسم الوضع كله .. مفسراً ما هو فيه من وضع منكفئ على صدره .:" لا تتحرك من مكانك حتى يأمر الطبيب بذلك ".
غمغم بصوت غمست جميع أحرفه في الألم :" جحيم ... جحيم ".
صوتها بات مشعاً هذه المرة :" حمداً لله على سلامتك شيخ تيمور ".
زفر أنفاسه بسأم حقيقي وهمس :" أعدت مرة أخرى!! ..أين أنا!! .. ومن أنت !!".
هسهس صوتها بارتباك :" لماذا تقول هذا شيخ تيمور ؟!!.. أنت بطل .. حميت الناس جميعاً بنفسك ..".
غمغم من وضعه المؤلم الميئوس منه :" ليتني ذهبت ؟!!.. ما كل هذا الوجع ".
هبطت دمعة واحدة من عينها مسحتها فوراً .. فهذا حالها كلما تذكرت الحرام الذي كانت تفعله مجبرة ثم تشاهد ماذا تفعل النار في جسد الإنسان الفاني بعمر الزمان الذي لا ينتهي بينما الإنسان يبلى ويموت .. يقشعر جسدها عندما تضع يدها على كل هذا .. فتبكي لمجرد المعرفة .. تخاف من التجربة .. تخاف من الحساب .. غمغمت أخيراً مجيبة :" أنه ظهرك شيخ تيمور .. انفجار القنبلة أحرقه .. أما الشظايا كانت محدودة آزالها الأطباء .. يا أخي ".
لكنها عادت تلوم نفسها على لفظ التحبب بالقربى .. من هي ليكون أخيها هذا الرجل العالم بأمور الدين .. فما لبثت أن اعتذرت بصوت يملئه الاسف :" أعتذر منك يا شيخ تيمور ".
كل هذا لا يهمه همس مطالباً :" من أنت ؟!!.. أعرف الصوت ولكن الرؤية مشوشة ".
أجابته وهي تربت على صدرها :" شمس يا أخي .. خادمتك شمس ".
غمغم بما داخله من دهشة بالنعت الصحيح لها :" شمس الرخيصة ".
أغمضت عينيها على وجع رهيب .. لم تكن تتصور أنها ستسمع هذا اللقب مرة أخرى .. أجابته بكل حزم :" كل هذا كان في الماضي .. لقد تبت شيخ تيمور ".
غمغم بكلمات كلها تروي النفس الطاهرة :" كلنا خطائون شمس .. خلق الإنسان ظلوماً كفاراً .. خائفاً من كل شيء .. ويريد كل شيء .. خير الخطائيين التوابون شمس ".
أجابته بشيء قريب من هذا :" عم ناجي يقول دائماً .. من كان بلا خطيئة يلقها بالحجر .. كان يحكي عن قصة امرأة أرادوا رجمها لأنها .. أنها ..".
ارتجفت شفتيها أكثر وصارت دموعها نهرين جارفين .. أكتال عليها كل شيء .. فهمست بصوت متقطع :" والله تبت .. لم أكن أعلم .. لو كنت أعلم أن الذنب موجع للقلب ما كنت أذنبت ".
غمغم بكلمات يرد عليها :" كلنا مذنبين شمس .. لكن هناك من لا يشعر بألم الذنب ".
هتفت وهي في حالة من محاولة للتحكم في دموعها الجارفة :" والله تبت يا شيخ تيمور .. ولو اقترب مني زوجي القديم سوف أضربه بحذائي حتى يبكي كالنساء ".
خيل لها أنه ابتسم في وضعه هذا .. مالبث أن همس :" أريد أن أشرب ".
أجابته بتلهف :" حاضر يا أخي .. سأذهب للممرضة حتى يراك الطبيب ثم عيوني ".
لم تنتظر منه أي موافقة .. خرجت بسرعة تنادي الطبيب ..
بعد دقائق قليلة كان الطبيب يعاينه لكنه لم يستطيع قلبه على ظهره غمغم بضيق :" ألم .. آآمركم بجلب المضاد الحيوي الذي يرش ..كان سيعمل على إشفاء الحرج أسرع ".
أجابته الممرضة :" لم نحصل على أهل للمريض .. لذا إضطررنا للتعامل بإمكانيتنا ".
هتفت شمس التي لم تكن تعلم ما يدور :" سيدي الطبيب .. هل هناك علاج يخفف الجراح أسرع ".
أجابها بهدوء الأطباء المغيظ للمرضى وذويهم :" نعم .. هو غالِ قليلاً .. لكنه فعال بالنسبة للوقت ".
أمرته بحدة :" أنا أخت المريض في الرضاع كما قلت للممرضة من قبل .. هات اسم الدواء وسيكون لديكم حالً .. كم عبوة تحتاجون كما فهمت هو يرش على الجرح .. الظهر كله كما ترى .. لقد وضعت الملائة هكذا حتى أبعد أي حشرة ذبابة أو باعوضة .. وأيضاً تقيه من البرد الليلي .. اقتربنا على الخريف ".
كان قد كتب الوصفة ومنحها للممرضة .. التي منحتها إياها ودفعتها لتخرج .. حتى لا يحدث معها ما تم بالفعل عندما تحدث الطبيب قائلاً :" كيف هي للآن هنا .. مواعيد الزيارة حتى الخامسة عصراً .. كيف أنت هنا؟!!".
ألتفتت له شمس بحمية أخت حقيقية :" حضرتك .. أنا أخته .. لن أتركه حتى يغادر هنا معافى سالماً .. وإلا سوف أخرج للقنوات ومعي الوصفة العلاجية التي تمنحونها اليوم للمريض الذي له أيام يعاني بسبب قنبلة .. سأثبت للجميع أنكم مقصرون .. بلا رحمة ".
أجابها الدكتور :" المشفى حكومي ..إمكانياته هكذا ".
أجابته بضيق أكبر :" كل شيء اشتراه الأستاذ فهمي وكنت معه وهو يشترى كل العلاج لم يذكر هذا من قبل .. لماذا ؟!!!.. الآن يريد ماء هل سيسمح له لأشترى زجاجة ماء بذات الوقت ".
عقب عليها :" نعم يسمح له بالماء .. ولا تخشين لقد ركبنا له أسترة بولية ".
لم تنتظر بحياته أهم .. فقالت :" سوف أذهب وسأعود .. لن يمنعني أحد ".
منحها الطبيب ورقة أخرى موقعاً عليها قائلاً:" هذا استثناء لك حتى تظلي مرافقة للمريض ".
جذبت الورقة وغادرت من فورها ..
بعد ربع الساعة **
لا يكاد يصدق امرأة غريبة عنه هي ما تفعل هذا من أجله .. حتى أكبر أسرار جسده صارت تعلم بها .. شعور غامر بالحياء تلبسه منها ..
كم هي غريبة حياته .. كل منحياته كانت بسبب امرأة .. بالبداية أمه التي كانت تتركه وتغادر للعمل طوال اليوم .. ونبراس وأم فهمي التي كانتا تحنان عليه في كل وقت .. ثم أمه مرة أخرى عندما ملأ الناس رأسه بأفكار انها سيئة السمعة .. لماذا تظل طوال يومها خارج منزلها .. فلم يعد يريد حتى الأكل من كد يدها ترك التعليم وجلس في المسجد هناك ألتقى بمن يحببه في الدين والورع .. عشق الزهد وهرول في طريق الدعوة .. حتى أتت ابنة سليم الرجل التقي الفاضل لتجعله يحيد عن طريقه .. يكتشف أن هناك من يستخدم الدعوة لغطاء لكل شهواته .. والآن نهايته أن تخدمه عاهرة .. الشيخ والعاهرة .. شيء من مرارة قبع داخله .. ليلطمه عقله بغلظة .. كنت هنا بين الحياة والموت ككلب دهسته سيارة وهي الوحيدة التي لازمتك .. أهذا حقها .. تائبة يا تائب .. وقابل التوب هو الله يا شيخ ليس الناس .. كن جريء ولا تخسر توبتك أو تجبرها على العودة للضلال ..
دلفت ومعه الممرضة :" تعالي رشي له الجرح .. لقد ابتعت عشرة عبوات من هذا العلاج .. العبوة صغيرة .. فلم أستطيع تقدير كم سنحتاج ".
ابتسمت الممرضة وأخذت منها الحقيبة .. وضعتها على المنضدة الجانبية للمريض ثم أخذت واحدة رجتها جيداً وفتحتها:" يبدو أنك غنية فالعبوة غالية ".
أزاحت الملائة عن ظهره المحترق الذي بدأ يتماثل لبعض الشفاء فقد أسودت بعض المناطق :" يبدو أنه تحبينه للغاية ".
خجل كبير حل بعينا شمس واحمرار غزا بشرتها .. ثقل لجم بلسانها فأكملت عنها الممرضة :" هناك أخوة أشقاء ويقتلون بعضهم .. في المشفى نشاهد وجع الدنيا .. هكذا ترشين الجرح حتى تعرفي كيف تعتنين به بعد الخروج .. لا تزيدي من الرش هو قادر على أحداث حرق زائد .. والمريض به ما يكفيه ".
رشت الجرح وسط تأوهات تيمور بالسائل البارد لدرجة التجلد ..
خرجت الممرضة وهي هبطت على ركبتيها جوار فراشه تهدئه وتسري عنه ما هو فيه : "أنت بخير .. أليس كذلك ؟!!".
تمنع النطق بلقب أخي بصعوبة .. حتى لا تغضبه ..:" هل تتألم ؟!!".
أجابها وهو يدفن عينيه بالوسادة فيخرج صوته مكتوماً :" لا .. الحمد لله على كل عطاياه :"
فيكمل فيما هي تبدأ في جلب زجاجة الماء :" هذا الرش يهبط مؤلماً بالبداية .. كونه بارد كندف جليدية .. لكن سرعان ما يبرد من الجرح وكأنه لم يعد موجود "
جلبت الزجاجة ومعاها ماصة وضعتها داخلها وقربت الطرف من شفتيه المنكفئة على الفراش :" ضع هذه بفمك وأسحب من الماء ما يرويك ".
حاول بالبداية ولكن الماء انسكب من شفتيه على الفراش فتمسك جيداً بهذا الانبوب الرفيع .. بينما هي تعتذر :" اعتذر .. لم أجد غير هذه الطريقة .. ابتعتهم من محل العصائر حتى أستطيع مساعدتك ".
شرب دفعات دفعات حتى أرتوى فلفظ تلك الانبوب البلاستيكية .. ثم تحدث لائماً :" لماذا تعتذرين ؟!!.. لا أستطيع سوى شكرك بعدما فعلتيه من أجلي .. جزاك الله خيراً وجعل كل شيء في ميزان حسناتك وأبدل سيئاتك حسنات ".
تضخمت الآنا لديها وشعرت أنها فعلت شيء كبير .. كم تمنت أن تحتضنه كأخت حقيقية .. فقط لأنه تقبل وجودها ..
علق بجدية راجياً :" رجاء عودي للمنزل .. سوف أنام على كل حال ".
أجابته بهدوء :" سوف أفعل .. فقط لأن أمي لها يومان بدوني .. هذا الراديوا الصغير جلبه لك الاستاذ فهمي .. كان هو وجميع الشارع يطمئنون عليك ويدعون لك بكل خير .. وهناك أيضاً العسكري على الباب .. أنا ضبطته .. لو احتجت شيئاً فقط ناد عليه ".
أجابها بروية :" لا تقلقي .. سأكون بخير .. سأنام من فوري .. فقط اديري هذا الراديو على القرآن وأنا سأنام ".
ثم لاك الكلمة الموجعة لها :" آه لو أستطيع أداء صلاتي .. لكن ..".
أجابته على الفور :" في الغد .. سأجعلك تتوضأ وتصلي جميع الصلوات التي فاتتك .. ربما تكون أفضل غداً".
أجابها بحركة من رأسه .. أعادت أطراف الملائة البيضاء الملوثة ببعض الاحمرار من دمائه وقليل من بقع صفراء بنية من المطهرات .. لوضعها المرتفع محجوزة في أطراف الفراش حتى تتفادى إحداث جرح جديد يضاف لآلامه .. همت بالمغادرة بعدما شعرت بأنفاسه تنتظم .. سرور غمر قلبها كونها إستطاعت العناية به .. غمغم بين أروقة النوم :" شكراً لك أخت شمس .. الجراح لا أشعر بها وكأنها مخدرة ".
همست بغمغمة ودودوة :" سأجلب لك في الصباح طعام .. الممرضة أعلمتني أنك من الغد تسطيع الأكل بشكل طبيعي ".
لم يجبها فقد كان في نعمة أخرى .. ظنها لن تكون له .. النوم نعمة لمن يفقده .. هذا ما ظنه عندما أفاق على اللهيب المستعر في بشرته ..
الغريب أن هناك شيئاً غامضاً يؤهلهم لأن يكونوا أصدقاء بسرعة.. هذا ما شعرت به تجاهه .. رغم أنها ترفض هذا مع الكثيرين .. دون سبب واضح .. ربما قليلاً ما تخطيء حاستها في الرجال .. هذا الرجل نقي فعلاً.. لكن قلبها عاد يرجف رعباً.. هل سيتقبها بنقاءه وطهره .. وهي .. هي كما قال لها بلحظة تلقب بالرخيصة .. كانت دمعاتها تخذلها من جديد .. تهبط على خديها .. متى ستكون نظيفة من كل أخطائها .. لا تعلم أن الاعتراف بالخطأ أولى مراحل التطهر من الخطايا ..
********************
في الصباح الباكر **
طرقات خفيضة على باب الشقة المغلقة جعلت ناجي يتحامل على نفسه ليرى من الذي حضر لهم في هذا الوقت .. فتح الباب .. ليجد خالد في ملابسه العسكرية ..
" صباح الخير عم ناجي ".
نظر الرجل لهذا الوافد في هذا الوقت المبكر بدهشة .. ثم أخرجها مستفسراً:" صباح الخير يا خالد .. ماذا هناك يا ابني ؟!!".
مد له حقيبة بلاستيكية :" هذه فطائر أحضرتها لكما وأنا أشتري لنا .. مررتها قبل أن أغادر للوحدة ".
تحدث شاكراً قبل حتى أن يمد يده تجاهها :" اذهب بالسلامة في رعاية الرب يا ابني ".
تحركت خلف أبيها ناشرة شعرها الأسود بطريقة غجرية .. كانت ما زالت لم تتيقظ بعد .. فما زال الكرى يداعب عينيها:" أبي .. لماذا تقف أمام الباب هكذا الشمس لم تظهر بعد ؟!!".
تحرك الرجل الكبير .. ليظهر لها خالد بكل هيئته وهيبته المستمدة من تغيرات داخله .. فهتفت وهي تتمسك بصدر جلبابها المنزلي القطني قصير الكمين .. خشية أن يكون الزر قد فتح نتيجة تقلباتها الليلة الكثيرة .. ثم علقت :" هل أنت مغادر خالد ؟!!".
أجابها وهو يدلف حتى يضع الحقيبة من يده ويقترب منها عله يحظى بنسمة صباحية من عطرها المنعش لروحه ..وكأنه صار يريد منها أن تراه جيداً .. كبديل لبيشوي ..
بينما أبيها يتحرك ليجلس على الكنبة :" بما أنك تيقظتِ .. اصنعي لنا أكواب الشاي حتى نفطر معاً .. من فطائر خالد الساخنة ".
مال بأصابعه أرضاً يحضر خفه المنزلي فلم يكن قد ارتداه عندما سمع صوت الطرقات .. بينما خالد يضع حقيبة أخرى :" سوف أفطر معكم .. لكن هذه لأمي وخالتي هل لك أن توصليها مريم لهما ".
ابتسم ناجي وهو يقف قائلاً:" أجلس خالد وسوف نفطر وأرسل مريم بها .. هكذا عكست الآية كاملة خالد ". تحرك للداخل قاصداً الحمام ليغتسل ..
بينما مريم تتقدم لتحمل الحقيبة الأولى .. تنظر له بشكل جديد .. داخل عينيها سعادة أو بعض لمحات من الراحة ..
خجل اعترى عينا خالد من كلمات العم ناجي فتحدثت لتجعله يشعر بالراحة :" هذا أيضاً منزله أبي ". فيهتف الرجل من الرواق الصغير :" طبعاً .. طبعاً .. خالد ابننا ".
هتف بحياء لم يكن يشعر به من قبل وكأنه تبدل حقاً فصار يعلم التقاليد ويحرص على تنفيذها ..
ثم تحركت نحو الخزينة الكبيرة للأطباق .. تفتحها بيد واحدة .. حتى تجلب طبقاً .. مس الطبق الذي سحبته من الخلفية كأساً كانت موضوعة بشكل مقلوب وكاد يسقط .. لولا يديه أسندت الكأس الذي كانت تندفع بصدرها تجاهه حتى تسنده فتمنع سقوطه .. لوهلة شعرت بكفه الصلبة تحت صدرها .. ابتعدت للخلف .. لائمة نفسها على تهورها .. هرولت للداخل .. بينما هو تجمد للحظة .. من ليونة لم يكن يحلم بها حطت على ظاهر كفه .. لم يعرف ماذا يفعل ..أيغادر حتى لا يحرجها أكثر أو ينتظر حتى يعلم تأثير هذه الحركة البسيطة عليها .. يريد رؤية عينيها بأي ثمن ..
خرج ناجي من الحمام يفرقع في الأرض بخفه المنزلي البلاستيكي الثقيل .. ثم نادى :" أين أنت يا مريم .. خالد سيتأخر هكذا ".
انغمس صوتها داخل الخجل والارتباك فنادت من الداخل :" عيوني حاضر أبي ".
كل هذا كانت ما زالت واقفة متجمدة تحمل الكيس والطبق .. تعيش داخل مشاعر غريبة عليها فلم تكن بهذا القرب من رجل مسبقاً .. لامت نفسها :" مريم .. تعقلي ".
ثم نفضت شعرها نفضة شديدة .. تلقي الأفكار عن عقلها المرتبك .. قامت بإعداد الشاي وصفت الفطائر في الطبق ..
ثم صبت الشاي في أكواب .. صفتها في صينية .. حملت الطبق بجوار الأكواب وغادرت المطبخ ..
للحظات لم تستطيع النظر في وجه خالد الذي كان من الذكاء أن يبقى .. يتعامل ولا كأن شيء قد حدث .. يحكي عن بيشوي وابتسامته .. كم هو رائع الوضع أن تجد من يشاركك الشعور بأحبابك .. سواء كانوا في دار الدنيا أو رحلوا لدار البقاء .. كل ما تسمعه يجلب الابتسامة حتى لو كان مؤلم .. فقط لأنك تشعر أنهم معك ..حديث جلب الضحكات والود ..

*****************
يجلس في مقعده خلف مكتبه من الأمس .. لم يعد يغادر هذه الغرفة تقريباً .. رسالة جديدة على البريد الإلكتروني من أصدقائه الذين استطاعوا اختراق خصوصية بنك فيتوريو فرع لندن..
تحمل شيء كبير جداً .. شيء سيهد هذا الكيان ..
ومعه رسالة تحذير .. لم يعد أمامنا سوى عمرك .. أما الأموال أو عمرك هشام ..
تلاها صورة للتفويض الذي لم يصدق ااأسم المكتوب عليه .. آخر شيء كان يتوقعه .. سخر من أخيه نوار عندما علم أنه اجتمع مع راشد دحية ولكن هذا الأخير أذكى مما كان يتوقع ..
صار يحدق بالاسم مرة أخرى .. يتلوه بترنيمة عذاب أزلية :" عمرو نوار علوان ".
ثم رسالة ثالثة من شخص آخر .. فاسد سابق له أموال ضمن هذه الأموال .. علمنا لعبتك القذرة .. هل عندما تكون الأموال تفويضها باسم ابن أخيك الميت ستنجو منا .. لا نجاة هشام .. لا نجاة ..
حدق بالرسائل .. والتفويض .. لا يعرف ماذا عليه أن يفعل .. كل شيء ينهار بلحظة ..
***********************
صفت سيارتها أمام الدار .. لم تعد تريد التواجد هنا .. صار الخوف هو عنوانها .. لكنها لتكفر عن صمتها يجب عليها استكمال الطريق ..
خرج أمامها يقف جوار باب السيارة التي ما زالت تجلس داخلها .. تقبض على المقود .. فيميل عليها :"أين شفاء دكتورة مها ؟!!".
عقدت حاجبيها بطريقة من يتذكر .. بينما شفتيها ترتجفان ذعراً من مجرد وجوده .. لم تجد غير مهاجمته :" من شفاء هذه سيد فادي ؟!!".
أجابها بكل غضب :" شفاء التي هربتيها في سيارتك دكتورة مها ".
انتفضت بغضب :" تلك الفتاة .. كانـ..".
لم تكمل كلمتها .. كانت أصابعه تقبض على فكها بكل غلظة .. لتزداد رعباً.. بينما كلماته تهدر بخفوت محذر :" سوف أترك وجهك ..فقط لأسمع منك مكانها ".
ارتعدت عيناها وبدأت أعصابها تسترخي بالطاعة .. تحرك رأسها بموافقة .. لأعلى وأسفل .. ماذا ستفعل وليس لديها خيار .. هناك دليل معه على أنها قد سهلت لها طريق الهرب ..

*****
انتهى الفصل الخامس...
قراءة شيقة للجميع...





التعديل الأخير تم بواسطة الأسيرة بأفكارها ; 02-09-19 الساعة 05:15 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 09:45 PM   #700

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأسيرة بأفكارها مشاهدة المشاركة
بل صدقا أنا الأسعد ماما ايمي...
وحفظك الله لي جميلتي...
هههههههههههه أسعدك الله حبيبتي ومتشوقة لبقية الأحداث وما سيحدث...
كل ما تخطه أناملك يعجبني...
قبلاتي واحترامي لك...




أجمعين حبيبتي..



سلمتِ ماما ايمي وتستحقين أكثر من ذلك...
حفظك الله ورعاك وحقق لك ما تتمنينه...





أنت الأجمل والأروع....
بإذن الله....
متشوووووووقة كثيرا للقادم جدا متشوقة....
سلمك الله من كل مكروه ماما ايمي لم أفعل شيء...
تحياتي وودي وقبلاتي واحترامي لك...





حبيبة قلبي انت

وردات وردات

قلبي بيرسل لك قبلات قبلات

امووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووو ووه


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:09 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.