آخر 10 مشاركات
اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          خائف من الحب (161) للكاتبة : Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الهمسات المشتعلة .. مايا مختار >>> مكتملة (الكاتـب : مايا مختار - )           »          رواية: ثورة مواجِع من عُمق الورِيد (الكاتـب : القَصورهہ - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          وخُلقتِ مِن ضِلعي الأعوجُا=خذني بقايا جروح ارجوك داويني * مميزة * (الكاتـب : قال الزهر آآآه - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          الرغبة المظلمة (63) للكاتبة: جاكلين بيرد×كامله× (الكاتـب : cutebabi - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree60Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-10-19, 07:03 PM   #611

أووركيدا

قلم مشارك بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية أووركيدا

? العضوٌ??? » 443464
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 536
?  نُقآطِيْ » أووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأسيرة بأفكارها مشاهدة المشاركة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
لا تعتذري أبداً حبيبتي نحن بالتأكيد نقدر ظروفك... وخذي كل وقتك ونحن معك بإذن الله...
سلامتك لا تري مكروها أبدا ...شافاك الله وعافاك وفرج همك وغمك حبيبتي.... اللهم آمين يا رب العالمين...
قبلاتي واحترامي لك جميلتي المبدعة...
اشكرك ياأسورة علي الدعوة الحلوة والكلام المشجع ..لك ودى وحبي واحترامي بالمثل ياطيبة اللسان والقلب ❤❤❤❤❤❤




أووركيدا غير متواجد حالياً  
التوقيع
وتمر الحياة بحلوها ومرها ...ونحيا كما قدر لنا أن نحيا ..فإرضي بما قسم لك يابن أدم ..لن يأخذ نصيبك غيرك ..وقد يكون ما حرمنا منه شره أكثر مما فيه من خير لنا ..فالحمد لله علي كل شيء
رد مع اقتباس
قديم 23-10-19, 09:03 PM   #612

منال سلامة

قاصة في قلوب احلام وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 408582
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,077
?  نُقآطِيْ » منال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

قراءة متاخرة وتعليق متاخر ...

ما شاء الله ولا قوة الا بالله فصول اكثر من راااائعة ايمان حبييييت جدا سير الاحداث اختيارك موفق لشخياتك كلها تنحب طبعا انا اقصد لمياء ..وجد ونديم ..حمزة ..حبيبة ..ياسمة وحميد ..حبيبة وضياء ..
طبعا الاشرار والحقودين مليش فيهم ما بعتهم سارة ..ودرين وعم وجد ..وزوجته والدكتور الجامعي عامر السادي وسيلين شقيقة الين الغيورة الحقودة ...وضيفي عليهم الست آمال المتصابية ..

اما اكرم فهو حبيب الجماهير واطالب ان يكون له مشاهد طويلة لانه فعلا يستاااااهل انه ينحب لايمانه وثقته ورضاه بقسمته وقدره شخصية جميلة نادرة ان تتواجد في الواقع ..

سارة حقودة اندماجها في المجتمع المخملي مع حماتها جعلها تنسى اصلها وتواضعها وزوجها جلال يلوم نفسه لانه هو سبب في تغيرها نادم على انه تركها لوالدته لتتشكل بتلك الصورة التي فاجأته وهي تتحدث بغل وحقد عن لمياء ..ما حبيت اسلوبها لسارة ..
جرحتها للمياء وردت عليها وهي متمالكة لنفسها خوفا ان تنهار امامها من اهانتها لها ..وان ما يمنعها عن رد الاهانة هو شرط حمزة وطلبه قبل الزواج ان تعاملها معاملة حسنة ..رد لمياء راق لي ..
كما راق لي ردها على المتصابية آمال التي بثت سمها في اذنها لتفشل زواجها لكنها كانت اكثر رقيا وقوة في رظها على آمال لتخرجها خائفة من الفضيحة بين عائلتها ..
لكن لا يمنع ان هناك شك في نفس لمياء لكنها مضت في اكمال الزواج والحفل للنهاية ...

وجد ونديم واخيرا تم الاعتراف وتبادل الكلمات والعبارات الجميلة وتنتظر وجد ونحن القراء ايضا لحظة اعتراف نديم بالحب لوجد بعد ان تصبح حلاله ...راااائعة جدا وجد في ذلك الطلب من نديم ...

الحقير زوج ياسمة دمرها منه لله ...
وقضى على اي فرصة لها بالانجاب ..


يعطيكي العافية ايمان وسلمت يمينك على ما خطت وابدعت ..👏👏👏👏❤❤❤❤
دمتي في حفظ الله ورعايته ..🙏
والف سلامة عليكي ربي يشافيكي ويعافيكي 🙏🙏
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


منال سلامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-19, 09:45 PM   #613

أووركيدا

قلم مشارك بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية أووركيدا

? العضوٌ??? » 443464
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 536
?  نُقآطِيْ » أووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منال سلامة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

قراءة متاخرة وتعليق متاخر ...

ما شاء الله ولا قوة الا بالله فصول اكثر من راااائعة ايمان حبييييت جدا سير الاحداث اختيارك موفق لشخياتك كلها تنحب طبعا انا اقصد لمياء ..وجد ونديم ..حمزة ..حبيبة ..ياسمة وحميد ..حبيبة وضياء ..
طبعا الاشرار والحقودين مليش فيهم ما بعتهم سارة ..ودرين وعم وجد ..وزوجته والدكتور الجامعي عامر السادي وسيلين شقيقة الين الغيورة الحقودة ...وضيفي عليهم الست آمال المتصابية ..

اما اكرم فهو حبيب الجماهير واطالب ان يكون له مشاهد طويلة لانه فعلا يستاااااهل انه ينحب لايمانه وثقته ورضاه بقسمته وقدره شخصية جميلة نادرة ان تتواجد في الواقع ..

سارة حقودة اندماجها في المجتمع المخملي مع حماتها جعلها تنسى اصلها وتواضعها وزوجها جلال يلوم نفسه لانه هو سبب في تغيرها نادم على انه تركها لوالدته لتتشكل بتلك الصورة التي فاجأته وهي تتحدث بغل وحقد عن لمياء ..ما حبيت اسلوبها لسارة ..
جرحتها للمياء وردت عليها وهي متمالكة لنفسها خوفا ان تنهار امامها من اهانتها لها ..وان ما يمنعها عن رد الاهانة هو شرط حمزة وطلبه قبل الزواج ان تعاملها معاملة حسنة ..رد لمياء راق لي ..
كما راق لي ردها على المتصابية آمال التي بثت سمها في اذنها لتفشل زواجها لكنها كانت اكثر رقيا وقوة في رظها على آمال لتخرجها خائفة من الفضيحة بين عائلتها ..
لكن لا يمنع ان هناك شك في نفس لمياء لكنها مضت في اكمال الزواج والحفل للنهاية ...

وجد ونديم واخيرا تم الاعتراف وتبادل الكلمات والعبارات الجميلة وتنتظر وجد ونحن القراء ايضا لحظة اعتراف نديم بالحب لوجد بعد ان تصبح حلاله ...راااائعة جدا وجد في ذلك الطلب من نديم ...

الحقير زوج ياسمة دمرها منه لله ...
وقضى على اي فرصة لها بالانجاب ..


يعطيكي العافية ايمان وسلمت يمينك على ما خطت وابدعت ..👏👏👏👏❤❤❤❤
دمتي في حفظ الله ورعايته ..🙏
والف سلامة عليكي ربي يشافيكي ويعافيكي 🙏🙏
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حبيبتي تعليقك جه في أنسب وقت الصراحة كنت محتاجه أقرأ اي نقد يبهجني ويريحني ..بجد اشكرك علي كل كلمه جميلة كتبتيها 😘😘😘😘😘😘


أووركيدا غير متواجد حالياً  
التوقيع
وتمر الحياة بحلوها ومرها ...ونحيا كما قدر لنا أن نحيا ..فإرضي بما قسم لك يابن أدم ..لن يأخذ نصيبك غيرك ..وقد يكون ما حرمنا منه شره أكثر مما فيه من خير لنا ..فالحمد لله علي كل شيء
رد مع اقتباس
قديم 30-10-19, 10:33 AM   #614

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-19, 07:22 PM   #615

عبد جبار

? العضوٌ??? » 424248
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 440
?  نُقآطِيْ » عبد جبار has a reputation beyond reputeعبد جبار has a reputation beyond reputeعبد جبار has a reputation beyond reputeعبد جبار has a reputation beyond reputeعبد جبار has a reputation beyond reputeعبد جبار has a reputation beyond reputeعبد جبار has a reputation beyond reputeعبد جبار has a reputation beyond reputeعبد جبار has a reputation beyond reputeعبد جبار has a reputation beyond reputeعبد جبار has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مساء الخير تسجيل دخول اتمنى يكون في بارت اليوم

عبد جبار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-19, 07:33 PM   #616

أووركيدا

قلم مشارك بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية أووركيدا

? العضوٌ??? » 443464
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 536
?  نُقآطِيْ » أووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ❤❤❤❤❤❤
أتمني الفصل يعجبكم بإذن الله وأتمني برضه اشوف تعليقاتكم ..ياريت كل اللي بيقرأ الفصل يراعي ان والله العظيم بكون في شدة الأحتياج ان اشوف رأي المتابعين ..لا تبخلوا بالتعليق ياجميلات ...💕💕💕
الفصل الثامن عشر

نزل الحبيبان يضمهم دعاء أم صعد لرب السماء فكانت الاستجابة والقبول ..
دون أن يعوا لعيون حاقدة .. !! تختبئ خلف ستار الليل المظلم !! .. عيون تتقد شراً وغلاً .. !!
دارين الحية .. تتلوى حول نفسها مقتاً على الفرحة الناطقة فوق وجه وجد .. والتي لم يخفيهما عن حدة ناظريها عتمة الليل المماثل لسواد قلبها .. ضمت قبضتها تضربها بباطن كفها الأيسر .. يكاد الحسد يفتك بعقلها وهي ترى وجد المكلومة بماضيها .. تسير سعيدة متهادية الخطوات بثقة .. وابتسامتها تشرق فوق وجهها كشمس النهار ، هل استطاعت تلك الوجد أن تحكم شباكها بكل هذه السرعة حول قريبها وتوقعه بحبال هواها .
وهي دارين .. ملكة القلوب .. !! حتى الآن تعاني على يد الرجلين القابعين في حياتها ..!! سواء أكان أحمد الذي لا تعرف له محلاً من الإعراب حتى هذه اللحظة ..!!
أو عامر ذاك المتصابي ولعبة التجاهل التي يلعبها معها ..
لابد أن تضع كل واحد منهم في موضعه الصحيح من الآن فصاعداً ..
غداً ستذهب لأحمد وتستفهم منه لأي مدى يريد علاقتهم هذه .. ؟؟ وما هي خطواتهم القادمة .. ؟؟ ومتى ستكون ؟؟ ..
أما عامر هذا سترميه من حياتها تماماً .. فلا يستحق نجاحها في مادته الدراسية كل هذا الجهد والقلق .. !! ستعطي لأبيها إشارة التحرك وهو من سيواجه هذا المتعالي الوقح ....
أما الأن .. فعليها التفكير بجدية بالغة في أنسب وسيلة لتنغيص حياة عدوتها اللدود وجد .. وسلب سعادتها المستحدثة هذه الأيام .. فمثلها لابد وأن تعيش مقهورة الروح طيلة العمر ..
خرجت من غرفتها مسرعة إلى غرفة أمها تطرق بابها حتى اذنت لها بالدخول ، فأقبلت عليها مهمومة مكدرة لتسألها شادية باستغراب:
" ماذا بك دارين .. ؟؟ تبدين حزينة !! "
كزت دارين على أسنانها غيظاً .. وانطلقت تسرد على أمها مشهد وجد وابن خالتها والسعادة الواضحة عليهم .. كما لو كانوا عصفوري حب ..
فقاطعها صوت زغاريد منطلقة من المنزل المجاور لتهب دارين من جلستها صائحة :
" أرأيت .. !! هذا ما أخبرك به ..خرجت من منزلنا لتصبح سيدة منزلهم ..الآن ستتزوج ابن خالتها الوسيم الضابط البحري وتصبح الآمرة الناهية ، وبالطبع لا أمل لأخيه المعاق بأن يتزوج .. وأمه العجوز كلها عام أو اثنين وستموت تاركة كل شيء لها ..غداً تقف في وجهنا تخرج لسانها .. لنا لأنها في النهاية انتصرت علينا وأصبحت ذات شأن وعائلة ..لابد أن تفعلي شيئاً يا أمي لكسر أنفها وإهدار كرامتها قبل ان تقوى شوكتها أكثر "

تمشت شادية ذهاباً وإياباً داخل الغرفة وهي تفرك كفيها ببعضهما غضباً ثم قالت بغل :
" كنت اعلم أنها ستحوم حول هذا الشاب .. كي تضمن مكوثها معهم ومكاناً يأويها ولكن ليس بهذه السرعة .. حددت قواعد اللعبة ولعبتها بمنتهى الذكاء بنت سوسن ..لن أكون شادية إن لم أجعلها تزحف على ركبتيها هنا أمامي "
"نعم يا أمي ..تلك الفتاة لو تركناها هكذا .. ستظن نفسها انتصرت علينا "
اكدت عليها دارين فطمأنتها شادية :
" لا تقلقي ..اسمعي أريدك أن تأتي لي بنوع قوي من المنوم وبعدها سننهي الأمر "
سألتها دارين بفضول :
" ما الذي يدور برأسك أمي ، اشركيني معك "
نهرتها شادية :
"لا شأن لك فيما افكر ..أجلبي لي ما طلبته منك في أقرب وقت .. لكن تعالي هنا .. وأخبريني ما الذي وصلت إليه مع أحمد ، أليس هذا من كنت تخبريني أنه سيصير مثل الخاتم بإصبعك خلال مدة قصيرة ..ما الذي حدث لك هل فقدت سحرك معه .. أم استعصى عليك "
اخذتها عزة نفسها فقالت :
" أنا لا أحد يستعصي عليّ ، الأمر كله أنه يلوعني بأسلوب الشاب الثقيل .. الذي لا يريد اظهار مشاعره بسهولة أمامي .. لعبته قديمة الأسلوب وتعاملت معها من قبل ، لا تقلقي لقد آن أوان قول كلمة فاصلة لهذه القصة .. ولكني اعدك أن تكون في صالحي أنا لأنه لن يفلت من بين يدي ، أنا لا أترك حقي لغيري وأحمد هذا حق مكتسب لي أنا وحدي "
عقدت شادية حاجبيها وسألتها برعونة :
" هل أحببته يا قليلة العقل ..أليس هذا ما حذرتك منه من قبل "
تهربت عينا دارين عن الالتقاء بعين أمها المسلطة عليها بقسوة وقالت بتردد كمن يشعر بالذنب :
" لقد حاولت يا أمي ألا أورط مشاعري .. لكن لم أفلح .. بين يوم وآخر وجدت نفسي منجذبة إليه بصورة لم تحدث مع أي رجل من قبل "
شدتها أمها من ذراعها بشدة لتواجهها قائلة :
" هل صرحت له بذلك "
هزت رأسها نفياً بسرعة:
" لا لم أقل شيئاً ..أنا أقول لك أنت يا أمي "
نهرتها شادية :
" غبية ..ظننتك أقوى من هذا الهراء المسمى بالحب ، إياك أن تصرحي له بذلك.. هل فهمت ؟..ادفني كل مشاعرك بداخلك حتى لا تمرضي بالضعف أمامه وتظاهري بالقوة مثله ..إن كان يتجاهلك تجاهليه أنت أيضاً .. ولا تدعي كفته ترجح عن كتفك والا سيدوسك تحت قدميه بمنتهى السهولة "
همست دارين بتوتر:
" اتجاهله !! ولكن ماذا لو ابتعد .. ورماني وراء ظهره "
" وما المشكلة في ذلك .. تتعافين من حبه سريعاً بإيجاد غيره "
نصحتها شادية .. فابتلعت دارين كلماتها المندفعة على لسانها .. فأمها تأمرها بالمستحيل في ظل ما تشعر به اتجاه أحمد .. لذا تظاهرت بموافقة شادية الرأي .. وبداخلها تصميم على اصطياد قلب أحمد بأي طريقة كانت ..

************
عادت لغرفتها توصد بابها جيداً .. كي تجري مكالمة هاتفية لمن نطق قلبها بحبه بعد كل سنوات العربدة السابقة والعلاقات العابرة ... جرس يدوي ويدوي داخل أذنها دون مجيب ..
فتعيد الرقم مراراً وتكراراً دون كلل فلا إجابة تريحها أو كلمة تشفي غليل اشتياقها له فكان قرار ذهابها إليه حاسماً ..
غداً ستذهب لشقته .. فالمرة الماضية تعكر مزاجها بردة فعل عامر تجاه جدالها معه .. ولم تذهب إليه ..لكن هذه المرة لن تبرح مكانها معه إلا بعد أن تطمئن أنها امتلكته بيمينها ...
طرقات هادئة اخرجتها من وراء جدار افكارها لتستعلم عن هوية الطارق سائلة:
" من بالباب ؟"
أجابها ضياء بهدوء :
"أنا ضياء يا دارين ..أريد التحدث معك "
كشرت دارين وجهها استياءً من طلب أخيها .. فنادراً ما يحدث أن تتحدث معه بأي أمر كان ..
فتحت له الباب ودعته للدخول ..تقدم أليها ضياء وجلس على طرف سريرها فبادرته سائلة :
" ماذا تريد يا ضياء ..عن أي أمر تريد التحدث معي ؟!!"
ابتسم ضياء بوجهها وقال :
" ومالك مستاءة هكذا يا دارين ..تعالي يا عزيزتي واجلسي إلى جواري ..اتعلمين لقد وجدت أننا أنا وأنت لم يسبق لنا وأن جلسنا معاً مطلقاً .. ولم نتسامر يوماً كأي أخوين .. اشعر أننا متباعدان كثيراً عن بعضنا ..أنا مثلاً لا أعرف عنك أي شيء وأنت بالمثل لا تعلمين شيئاً عن حياتي أو ما أفعله في يومي ..."
نفخت دارين بملل وقاطعته بصرامة :
" لا أريد أن أعرف شيئاً عنك ولا أرغب في التحدث معك عن أي شيء شخصي أو يخصني .. ولا أعرف ما الذي حدث لك لتأتيني الآن محاولاً أن تمارس عليّ دور الأخ الصالح والبار بأخته بعد كل تلك السنوات "
جادلها ضياء قائلاً بصبر :
" اعلم أن علاقتنا ليست علاقة الأخ والأخت المثالية يا دارين لذا أحاول ان اصلح أركانها وأقوي من دعائمها بتوطيد علاقتنا معاً ..فمثلا يمكننا أن نبدأ الآن بأن يخبر كل منا الآخر كيف كان يومه ..كيف حال دراستك بالجامعة وهكذا "
ضمت دارين ذراعيها فوق صدرها وأخبرته بحنق :
" اسمع يا ضياء أنا لا تخيل عليّ تلك الطريقة الملتوية بالحديث والتي تظن انك ستسحب قدمي بها كي أحكي لك عن حياتي لتمسك ضدي من الزلل ما يجعلك تتسلط عليّ.. هذا بعيد عنك فأنهي هذه التمثيلية الخرقاء وأخرج من غرفتي .."
تفاجأ ضياء من ركلها ليده المدودة إليها بالخير وتحدثها معه بتلك الطريقة الغير محترمة بالمرة بالنسبة لمكانته كأخيها الأكبر فأجابها غاضباً :
" ما هذه الطريقة الفجة التي تحدثيني بها يا بنت ..انسيت أنني أخيك الأكبر ولي الحكم عليك بعد أبي في هذا المنزل.. كيف واتتك الجرأة أن تطرديني من غرفتك لمجرد أنني أحاول أن أتقرب منك "
أشارت اليه دارين بسبابتها وناطحته القول بتعالي :
" أنت لا حكم لك عليّ في هذا المنزل ..وأمي أخبرتك منذ سنوات أنها الوحيدة التي من حقها أن تأمر وتنهي داخل جدران هذا البيت ..وهي أعطتني حريتي في فعل أي شيء أريده فلا تظن نفسك شيئاً وتنفخ صدرك في وجهي "
تعالى صوت ضياء وهو يسبها قائلاً :
" أنت فتاة وقحة وعديمة التربية وأنا من سأتولى تربيتك من الأن فصاعداً يا دارين ..كل شيء ستفعلينه سيكون بإذن مني "
ضحكت دارين ساخرة وقالت تستفزه :
" كل كلامك هذا بالنسبة لي هباء ولا يمثل لي شيئاً.. وسأخبر أمي أنك تريد التحكم بي ولنرى كيف سيكون ردها حين تعلم انك تريد ترأس هذا المنزل في حياتها "
خرجت دارين مهرولة من غرفتها متجهة لغرفة أمها يتبعها ضياء بتهور يكاد يسحبها من شعرها كي يلقنها درساً في الاحترام لكنه فوجئ بوقفة أمهم في منتصف الردهة تنظر إليهم بعيون يملأها الغضب وهي تصيح بكلاهما :
" ما هذه الضوضاء ولأي سبب تتشاجران في هذا الوقت المتأخر من الليل "
اندفعت دارين إلى حضن أمها تبكي دموع التماسيح وتشكو إليها تنمر ضياء عليها بسلطته كأخ أكبر فالتفتت شادية إليه بتحفز وعنفته قائلة :
" ومالك أنت بها يا ولد ..أنت لا شأن لك بأختك ..حين أموت أنا وأبوك يمكنك وقتها أن تتحكم بها ..أما الأن إياك أن تحاول مضايقتها مرة أخري ، مثل ما أنت حر بحياتك هي أيضاً حرة ويكفي أنني أعلم كل صغيرة وكبيرة في حياتها فلا شأن لك بها "
غمر الحزن والغضب ضياء لرد أمه وهو من كان يأمل أن تسانده فحدثها بضيق :
" ظننتك ستخبرينها أن تحترمني يا أمي وتقدر خوفي عليها وحرصي على مد أواصر الأخوة بيني وبينها "
" شكرا نحن نستغني عن خدماتك ..عش حياتك أنت ولا تتدخل في حياتها ، يكفي أنك حتى اليوم لم تبرد نار قلبي وتأتيني بتلك الفتاة وجد كما وعدتني يوماً ..كنت تأكل عقلي بوعدك أنك ستجعلها خادمة تحت قدمي وفي النهاية هربت ولم أستطع أن اضع يداي عليها من يومها "
تمتم ضياء بتساؤل قلق :
" وجد .. أمازلت تفكرين بكسر وجد حتى الآن يا أمي "
أردفت شادية بحقد :
" وسأبقى افكر حتى أنفذ وأعيد لنفسي.. كرامتي التي أهدرتها بنت سوسن في نجاحها من الإفلات من قبضتي"
أزاحت شادية دارين وأمرتها بالذهاب لغرفتها لتنفرد بضياء قائلة :
" اسمع.. أنت ستنفذ أي شيء اطلبه منك بشأن تلك الفتاة.. وإلا اقسم لك يا ضياء .. أن أقطع عنك كل ملذات الحياة.. وأطردك من المنزل ولن تنول مني قرشاً واحداً.. إن حاولت الدفاع عنها وأخذ صفها كما فعلت المرة الماضية ..ولا تنسى أنك بدون المصروف الذي تأخذه مني كل أول شهر ما كنت ستبقى بكل تلك الوجاهة والبذخ .. ..كن ابني حبيبي المطيع وسأكون معك أمك الكريمة المبذرة ..كله بثمنه ..أفهمت "
أجابها ضياء بحذر :
" نعم يا أمي افهم "
ربتت شادية على خدة بقوة :
"أحسنت يا ضياء ..أحسنت وجهز نفسك في أي وقت أطلبك فيه أريدك أن تكون أمامي في التو واللحظة"
غادر ضياء شقة والديه إلى شقته وبداخله ألف هاجس وهاجس عما تنتويه أمه للمسيكة وجد وكما تعتريه الظنون يناديه ضمير الرجل والأخ والشهامة لحماية فتاة لا ذنب لها في الحياة سوى أنها الوحيدة التي بقت على قيد الحياة من عائلتها ...

*********************************

وصل حمزة ولمياء إلى الفندق وسط ترحيب بالعروسين من إدارة الفندق.. ليذهبا إلى فيلتهم الصغيرة التي استأجرها حمزة... بين مجموعة من الفلل المجهزة بكل ما يلزم للانفصال عن جو غرف الفنادق المعتاد.. مطلة على أكثر المناظر البحرية سحراً.. فرغم ظلمة الليل إلا أن المشهد أمامها كان خلاباً وكانت على يقين أنه حين تشرق شمس النهار ستخطف منظر مياه البحر ذو الزرقة المنعكسة من السماء الصافية في "جزيرة سان توريني" أبصارها .. فهذه الجزيرة تعد إحدى أجمل وأروع الجزر القابعة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط ..

وقفت لمياء تتأمل جمال المشهد الليلي من شرفة حجرتها.. لا تصدق روعة ما تراه عينيها من جمال طبيعي أخاذ لهذه البلد العريقة بحضارتها الإغريقية القديمة ..
ليأتي حمزة من ورائها محدثاً :
" أتعلمين الاسم الذي يطلقونه على جزيرة سان توريني "
التفتت إليه لمياء وسألته بفضول :
" وهل لها اسم خاص "
اجابها حمزة باسماً:
" نعم ..يطلقون عليها لقب (تراتيل يونانية من أرض العالم المفقود ) لأنهم يعتبرونها أيقونة شعرية تغنى بها الشعراء منذ عهد أفلاطون حتى يومنا هذا.. لما تتمتع به من مناظر ساحرة وجمالٍ أخاذ، فهي مزيج من المياه الزرقاء والمنحدرات الشاهقة والقرى البيضاء."
علقت لمياء بانبهار:
" رائع ..أنا متحمسة كثيراً لرؤية الجزيرة ومعالمها السياحية بصحبتك "
أكد عليها حمزة :
"بالتأكيد ..أعدك أن نقضي أياما رائعة هنا ..فالجزيرة تضم العديد من المزار.. ومنحدرات خلابة وفيها أماكن عدة للتسوق.. وتتميز منازلها بطابعٍ تقليدي مقرب للنفس، إضافةً لهذا فهي تحتوي على متحف أثري يضم العديد من المقتنيات التي تعود معظمها إلى القرن الثالث قبل الميلاد "
سألته لمياء بارتباك:
" هل جئت إلى هنا من قبل تبدو خبيراً بمعالم الجزيرة جيداً "
ضم حمزة قبضته بتوجس وأخبرها:
" نعم جئت هنا منذ حوالي ست سنوات ومكثت شهرين اتنقل في اليونان كلها "
ترددت ولكنها حسمت أمرها بسرعة وسألته: " بمفردك أم كان معك أحد "
ضيق حمزة عينيه وقال :
" هل هذا استجواب يالمياء ..أم أنك قررت البدء سريعاً بمهام الزوجة النكدية التي تريد أن تعلم كل صغيرة وكبيرة في حياة زوجها .. عليك أن تتذكري ما أخبرتك به سابقاً ..الماضي خط أحمر فلا تتجاوزيه بالسؤال عنه "
إنها لا تريد استجوابه بل حثه على التحدث.. واستشعار الثقة نحوها.. ليخبرها عن أي شيء مهما كان فادحاً او سيئاً.. المهم أن يأمن جانبها ويفيض بما داخله إليها ..تريد أن تجد له العذر لتكمل معه دون خوف أو ترقب لانهيار علاقتهم في أي لحظة وتخليه عنها ..
أخفضت رأسها أرضاً واعتذرت إليه بحزن:
" اعذرني حمزة على تطفلي ..الأمر كله أنني اردت التعرف عليك أكثر ..فكل امرأة تتوق لمعرفة كل شيء عن زوجها ..ما الذي يحبه و ما الذي يكرهه.. مغامراته ونزواته "
أجابها حمزة بصبر :
"لا تعتذري ...كل شيء بأوانه يالمياء ..فقط امنحيني الوقت الكافي وسأخبرك بكل ما تريدين معرفته"
فقدت لمياء الأمل أن يخبرها بأي أمر يخصه لكن ما افحمها قوله :
" سأذهب الآن لغرفتي وأتركك ترتاحين قليلاً ..إن كنت جائعة هناك الكثير من الفاكهة على المنضدة أو يمكنك طلب الطعام "
كررت لمياء بداية قوله بألم :
" ستذهب إلى غرفتك ..هل كل منا لديه غرفة منفصلة عن الآخر "
توقع حمزة أن يفاجئها الأمر.. ولكن أن يظهر عليها كل هذا الألم.. لم يتخيله :
" أنا أردت أن أترك لك مساحتك الشخصية حتى نعتاد على بعضنا البعض وكما قلت من قبل نتعرف أكثر على طباع كل منا "
" وكيف سنتعرف على بعض إن كنا سننام في غرف منفصلة ..كيف سيقربنا هذا نحو بعضنا "
سألته لمياء باتهام مبطن فأجابها متوتراً وقد شعر أن لمياء حشرته في ركن صغير وحاصرته بأسئلتها:
" صدقيني هذا الأفضل لكلانا في الوقت الحالي "
شعرت لمياء أنها اظهرت لهفتها عليه بطريقة زائدة عن الحد ومخجلة.. فتراجعت عن مناقشته مديرة ظهرها إليه وقالت:
" حسناً كما تشاء يا حمزة ..سأخلد النوم الآن لو سمحت "
كان طردها إليه بطريقة مؤدبة.. لكنها أشعرته بكم غضبها الذي تحارب من أجل إخفائه فاستدار خارجاً من الغرفة لاعناً نفسه على تدمير ليلتها الأولى بهذه الطريقة الفجة.. فكل عروس تنتظر تلك الليلة مع من يختاره قلبها أو من قدر لها الزواج به.. وهو بكل بساطة حرمها منها.
ولكن على الرغم من كل ما يخفيه من شوق إليها إلا أنه سعيد بقدرته على الخروج دون أن يمسها أو يضعف أمام جمالها ..دون أن ينقص منها شيئاً يشعرها بالندم بعد ذلك ..عليه أن يعافر ذاته كي لا يرضخ لهوى قلبه آخذاً حقه الشرعي بها قبل تقبلها له كلياً ..

************************************

أتمت أحلام صلاة الفجر وجلست تسند ظهرها للحائط تقرأ اذكار الصباح وتدعو لزوجها ورفيق روحها حتى يسترد الله أمانتها يوماً ،فرغم كل ما تحاول إظهاره من قوة وثبات أمام أولادها الا أنها تعتصر من البكاء داخلها ويعوي قلبها لفراق حبيبها ..
دخلت عليها أمها تجر قدميها بثقل فاليوم تشعر أن حالتها الصحية ليست على ما يرام ..استقبلتها أحلام بشاشة وقامت من مكانها تسند أمها حتى وصلت بها إلى طرف السرير فأجلستها برفق قائلة:
" تبدين اليوم متعبة يا أمي ..لماذا خرجت من فراشك مبكراً هكذا "
أجابتها أمها بوهن:
" أردت الاطمئنان عليك وأنك متيقظة "
فهمت احلام إلام ترمي أمها .. فبعد أن استردت وعيها وهي تشعر بعيني أمها تراقبها في الخفاء خوفاً من أن تعود لتعاطي تلك العقاقير المهدئة مرة اخرى فأراحتها قائلة:
" لا تقلقي يا أمي أنا متيقظة وواعية لكل شيء ..وكما قلتي من قبل الحي أبقى من الميت ..وحبيبة ويوسف الآن أهم من أي شيء ..أخاف يا أمي أن أقابله يوم تلاقي الأرواح.. ويسألني كيف هان عليك أن تفرطي في ولدنيا.. أمانتي إليك حتى لو كان لحزنك على رحيلي "
ربتت أمها على كتفها بحنو أمومي وقالت :
" رحمه الله يا أحلام كان رجلاً تقياً وزوجاً خيراً عن حق ..أولادك في أشد الحاجة إليك وحلم زوجك في المزرعة يكاد يتهدم ، يحتاج لوقفة منك وربط همتك وخبرتك بمن تبقى من المزارعين لتصلحي كل ما تم افساده قبل فوات الآوان ..عام كامل وأنت مدفونة داخل غيابات حزنك "
اعترفت أحلام :
" عندك حق في كل كلمة قلتيها يا أمي ..أحمد الله أن البنك وافق على مدة دفع القرض وأن حبيبة لم تهمل عمل المزرعة "
قررت أمينة أنه حان الوقت لتعلم ابنتها بوجود ضياء في حياتهم
" في الحقيقة لولا مساعدة شخص ما لنا لكان البنك حجز على أرض المزرعة "
استغربت أحلام فسألت:
" ومن هذا الشخص ؟"
ترددت أمينة خوفاً من رد فعل ابنتها :
" إنه شخص تعرفينه جيداً لكنك لم تلتقيه من قبل ..لقد ساعدنا كثيراً ولولاه ما كنا استطعنا أن نحافظ على ما تبقى من هذه المزرعة "
شعرت أحلام أن أمها تخفي أمراً ما فسألتها :
" أمي لماذا أشعر أنك تلفين وتدورين حول الأمر ..من يكون هذا الشخص "
أجابت أمها بارتباك :
" إنه قريب لنا ..من نفس العائلة ..وضعه الله في طريقنا و......."
قاطعتها أحلام بقلة صبر :
"أمي تحدثي صراحة واخبريني من يكون هذا الشخص لماذا أنت مترددة هكذا "
حسمت أمينة أمرها وافصحت عن هويته قائلة:
" إنه ضياء كامل الباهي "
صرخت أحلام بصدمة " من !!! .. ابن شادية !!! ..ادخلتي ابن شادية إلى بيتي وجعلت له جميل علينا !! كيف فعلت هذا بي وبأولادي وبذكرى زوجي ..زوجي الذي سجنته أمه ظلماً وقهراً .."
هدأتها أمينة متفهمة ثورتها :
" اهدئي يا أحلام .أقسم لك يا ابنتي ضياء ليس كأمه إنه حتى لم يعلم أن له خالة او أنني مازلت على قيد الحياة وبالتالي لا علم له عن أي شيء حدث بينكم في الماضي .. إنه رائع وشهم وليس كما تتصورينه "
أجابتها أحلام بتهكم عصبي " بالطبع وما الذي ستنجبه تربية شادية سوى شاب شهم ورائع ..ألم تفكري للحظة أن تكون أمه هي من رمته علينا وأن الورد الذي يفرشه لنا ما هو إلا غطاء للشر الذي يضمرونه لنا "
دخلت حبيبة تقبل عليهم مستفسرة عن صياح أمها :
"أمي هل أنت بخير ..سمعت صوت صياحك وأنا في غرفتي "
التفت اليها أمها مؤنبة :
"كنت تعلمين أنه ابن المرأة التي سجنت أبيك وتقبلت منه المساعدة يا حبيبة "
نظرت حبيبة نحو جدتها تسألها المساندة ثم قالت :
"ضياء شاب محترم يا أمي.. ولم نرى منه ما يسيء لنا .. ولم يتعرض لنا بأي أذى أو شر.. والفترة القصيرة التي عرفته فيها كان رجلاً عن حق.. وتعامله معنا كان في غاية الاحترام والحرص .. لم نقصده في أي مأزق إلا ولبى النداء "
اقتربت منها أحلام وسألتها بشك أم يملؤها خوفها علي ابنتها :
"منذ متى وهذا الولد يدخل بيتي دون أن أعلم وأي مأزق هذا الذي ساعدك فيه ..صارحيني يا حبيبة ، هل بينك وبين هذا الولد أي علاقة ..هل ضحك على عقلك بكلام معسول "
دهشت حبيبة من قول أمها وأجابتها باندفاع تبرأ نفسها في حين صدر من أمينة صيحة استنكار:
" أقسم لك يا أمي ليس بيني وبينه أي شيء ، لقد تعرفت عليه منذ وقت قصير من أجل أن يساعدنا في مد مهلة سداد القرض ليس إلا ، ولم يجمعنا يوماً أي حديث شخصي ..حين تجتمعين به ستصدقين شهادتي به ، إنه حتى وعدني ألا يخبر أمه عنا أو عن مساعدته لنا "
"أريد أن أقابله اليوم ..اتصلي به وأخبريه أني أريد رؤيته "
أمرتها أحلام.. تضغط على نفسها أن تتحدث وجها لوجه مع ابن أختها القاسية التي لم تدع يوماً فرصة إلا واقتصتها لتضر بها وبعائلتها ، واليوم تعطي شارة الانطلاق لابنها كي يكمل هو مشوارها ليعيث في حياتهم الفساد مستغلاً بعدها عن أطفالها وطيبة قلب أمها وبراءة ابنتها وحداثة سن يوسف ، على جثتها أن استطاع أن يلمس شعرة منهم وهي على قيد الحياة ..
حين لم تجد من حبيبة حراكاً صاحت فيها بغضب :
"ألم أخبرك أن تتصلي به ..لماذا أنت واقفة كالصنم "
اعترضت أمينة على ثورة ابنتها قائلة :
" أحلام ..تعقلي إنها الساعة السادس صباحاً ..كيف ستتصل به الآن "
أجابتها أحلام بنزق:
" الظنون تكاد تفتك برأسي يا أمي ..ضعي نفسك مكاني "
أمسكت أمينة بذراع ابنتها وحدثتها بتروي :
"صدقي أمك يا حبيبتي ..اقسم لك ضياء ليس كأمه "
تهاوت أحلام على أقرب مقعد مغمضة العينين تستغفر ربها حتى هدأت أعصابها وقالت :
" لن اقتنع بحديث أي منكن إلا بعد ان أراه وأحدثه بنفسي "
جاورتها حبيبة في الجلوس بعد أن شعرت بأمها تعود لطبيعتها الهادئة وسألتها :
" أمي هل يمكننك أن تتولي أمر المزرعة اليوم ..لدي محاضرات هامة في الجامعة اليوم "
استدارت أحلام لحبيبة برفق تلوم نفسها على ما جعلت ابنتها تواجهه من أعمال المزرعة في غيابها وأخبرتها :
" اذهبي يا حبيبة وواظبي على محاضراتك من الأن فصاعدا ولا تشغلي بالك بأشغال المزرعة من الآن فصاعداً سأهتم بكل شيء يكفيك ما فعلتيه خلال الفترة الماضية "
" المزرعة أصبحت شاغلي الشاغل يا أمي.. وحين أرى أي انجاز بها أو أي ثمرة تطرح بين أوراق الشجر امتلأ فخراً وسعادة " أجابتها حبيبة باعتزاز ثم قبلت خد أمها واستأذنت للرحيل تشيعها أنظار أحلام بدعاء محموم ناطق من قلب أم يخشى على فلذة كبدها من شرور العالم ...

**********************************

ابتسمت وجد لنفسها وهي تعد فنجان القهوة الصباحي لنديم.. تعويضاً عن السابق الذي انسكب ،
اليوم إجازة سنية الأسبوعية.. ومن عشرتها لنديم الفترة الماضية اكتشفت أنها تعي ادق تفاصيله وعاداته اليومية.. دون أن تدري وكأن ذاكرتها خبأت كل إشارة أو حركة تصدر عنه ..
إنه يحب القهوة في الصباح كأول طعم يغزو جوفه وقلما يتناول فطوره إلا إن اصرت عليه خالتها سومه.. ولقمته الطعام بيدها وهي تسمعه محاضراتها المعهودة عن فائدة الفطور.. فيتناول طعامه على نغمات المزاح الساخر من أكرم ..
مشهد محبب بعث بابتسامة مشرقة على ثغرها استحال إلى شهقة حين سمعت صوت نديم الهامس جوار أذنها :
"صباحك سكر يا قطعة السكر "
اختضت وجد فكادت القهوة تنسكب مرة أخرى.. لولا أمسك نديم بكفها قبل أن تفلت منها ركوة القهوة.. قائلاً بابتسامة :
"أليس مكتوباً لي أن أشرب القهوة من يديك ..لم أكن أعرف أن قلبك خفيف هكذا ..أنت تختضين من أقل الأصوات "
أطفأت وجد شعلة النار الخفيفة قبل أن تفور القهوة.. واستدارت تشيح بوجهها المحمر عنه تبحث عن فنجان القهوة المفضل لديها لتقول بخجل :
" اعذرني لم أشعر بقدومك ..لقد كنت سارحة في أفكاري لذلك تفاجأت "
اقترب نديم منها وسألها بخفوت :
"وهل كنت محظوظاً لأطل في رأسك في غمرة تلك الأفكار … أم أني سيء الحظ ولا نصيب لي فيها "
ابتسمت وجد بارتباك وأجابته بخفر وهي تصب بأصابع مرتعشة فنجان القهوة أخيراً دون أن يكون حظه كالسابق :
"بل أنت الأوفر حظاً .. لأن افكاري كلها كانت عنك أنت "
صفر نديم بظفر وهنأ نفسه قائلاً بسعادة :
" يالا حظك يا ابن سومه .. ملكة القلوب تتواضع وتفكر بك … وأنت الراعي الفقير على بابها .."
اقترب منها أكثر وهي ترفع إليه الفنجان ترنو إليه بفستق عينيها الآسر فتنهد راجياً
" اشفقي على قلبي المسكين يا صغيرتي وحني على حبيبك بكلمه تصبره فالعشق نار تكوي الفؤاد يا فاتنة "
اهتز صحن الفنجان بعنف يماثل رجفة أوصالها إثر ترجيه المعسول … فالتقطه نديم منها بسرعة فشهقت وجد بحزن متحسرة على وجه القهوة الجاري على حواف الفنجان فقال نديم يراضيها :
"سأشربه حتى لو كان تبقى فيه قطرة … يكفيني أنك من صنعته بيديك يا صغيرتي "
مسحت وجد جبينها بأصابع مرتعشة تتمنى لو أن الأرض تنشق وتبتلعها من شدة حرجها.. ثم قالت تستجديه على استحياء :
" نديم … ارفق أنت بي قليلاً … فأنا لست معتادة على سماع تلك الكلمات بهذه الحرارة والرد عليها .. فكل ما يحدث لي معك جديد عليّ وفريد من نوعه "
"وهذا ما أعشقه بعلاقتنا ياوجد ..أنك ستختبرين كل شيء معي أنا لأول مرة … وهذا يثير فخري الذكوري لأقصى حد ، فكل ما فيك نقي وفطري التكوين ، لا أعلم لأي سبب أشعر أن مشاعرك لم تخدش يوماً أو تهتز لرجل غيري فهل أنا على حق؟ ..أصدقيني القول ياوجد هل نبض قلبك يوماً لرجل من قبلي "
سألها بترقب يخشى على إيمانه بعذرية قلبها أن يطعن رغم أن لا حق له في استجوابها ..
أجابته وجد بعفوية ناعمة مختصرة كل تنبؤاته بجملة واحدة اكتسحت كل ما في طريقها حتى صُبت في صميم قلبه :
" وهل طلّ على دنياي يوماً من يستحق أن يطلق عليه لفظ رجل سواك .. حتى ينبض له القلب يا نديم ..أنا كنت كما الراهبة في معبد حزني حتى جئت أنت فكفرتُ بعزلتي طامعة بمتاع الدنيا معك "
زمجر نديم يستجدي الصبر حتى تحين ساعة الوصال … تائقاً لضمها على صدره مفضياً إلى ثغرها بما يكوي الفؤاد... فكور قبضته يضرب بها فوق قلبه بخفة داعياً بصوت رخيم :
" يا رب صبرني ..فكل وجداني يناجيها غراماً ، وقد حرمتني من الحب سقياً إلا بعد أن تكون حلالي ....فوعداً مني يا وجد … ويشهد علي خالقي لا بكاء ولا دموع ولا ضنى في حياتك بعد اليوم يا وجدي .. يا منتهى حبي "
فغرت فاهها غير قادرة على ايجاد ما تجيب به على بديع كلماته.. فما كان منها ٱلا أن ذرفت دموعها بغزارة لأول مرة في حياتها فرحاً.. وليس بؤساً.. فالتقط دمعة منها في باطن كفه يقبض عليها ويسألها مؤنباً :
" ألم اقل لا بكاء ولا دموع بعد اليوم "
أجابته بابتسامة دامعة :
"إنها دموع السعادة لا الحزن ..من اليوم لن أبكي إلا فرحةً .. فأنت جئت كسوت الهم فرحاً يا نديم "
رفع نديم كفيه يتخلل بهما خصلات شعره الناعمة.. متراجعاً للخلف يزفر أنفاسه بعمق.. فكل كلمة تنطقها كالسهم المنطلق لقلبه مهدماً أي قدرة لديه على الانتظار.. وفي لحظة كان يعود إليها مقترباً منها قدر ما يستطيع حتى التصق جذعها بحافة طاولة المطبخ ليخبرها بأنفاس حارقة:
" كلمة أخرى منك.. وأقسم بالله سأقودك إلى أقرب مأذون غير مبالٍ بمخلوق ..لذا من الآن وحتى يوم عقد القران. لن أحدثك أو تحدثيني سنتواصل أنا وأنت بالإشارات ..أو أقول لك لا أريد أن أراكِ أمامي .. احتجبي عني حتى تصبحين حلالي وإلا سأصاب بذبحة قلبية بسببك من فرط الجوى "
كانت سخونة أنفاسه تلفح وجهها من شدة قربه.. فشعرت وجد بساقيها تلين كالهلام غير قادرة على حملها.. فهزت رأسها موافقة وقد فقدت قدرتها على التحدث لبرهة.. من صدمتها لهول ما يجول ويصول بهوى نفسها هي أيضاً.. فنجوى العاطفة الدافقة من نداء عينيه اليها يلقى صدى مرحباً من عصب ثائر بداخلها.. فاستجمعت قواها سريعاً وهي تستغفر ربها عدة مرات بسرها.. لتنزلق من ضيق حصاره لها وتهرول عائدة إلى غرفتها.. تاركة عاشقها مستنداً لحافة الطاولة مغمض العينين يشتم عطرها الباقي في موضع وقفتها حتى أتاه صوت أكرم الساخر :
"ما الذي حدث لوجد كي تهرول هكذا لغرفتها.. وما بالك يا نديم تقف هكذا مستنداً للطاولة ..هل أصابك ألم في ظهرك يا أخي "
اعتدل نديم واقفاً بكسل يتناول فنجان القهوة البارد مرتشفاً منه بتلذذ واضح متمتماً بتتيم :
"بل أصابني عشق يا أخي "
جلس أكرم قبالته داعياً إياه بإشارة من يده ليجاوره الجلوس وسأله بصوت غامض :
" أيحق لي أن أسألك عن ماهية أمر يا نديم..؟ ..أنت كنت دوماً مرشدي ومفسر كل ما هو عسير لي "
أجابه نديم بتفهم ورفق :
"بالطبع يا أخي ..إسأل ما شئت "
رد أكرم بصوت حائر :
"أخبرني عن العشق ..كيف يكون ؟..ليس كما نقرأ عنه ، فقد قرأت الكثير والكثير لكنه لم يشبع فضولي يوماً .. حدثني عنه بلسان العاشق كي أتذوق منك ما لن أحس به يوماً "
تأمل نديم أكرم بألم وسأله :
"ولماذا تفترض السوء يا أخي قد تقابل يوماً من تغزوك بالعشق "
أجابه أكرم بثبات واقتناع :
" صحيح البدن من له الحق في تمني أمر كهذا .. لا شخص مثلي ينقصه نصف بدنه يا أخي .. دعك من كل تلك الشعارات والكلمات المهدئة لكوني استحق الحب والعيش حياة كريمة سعيدة مع من أحب.. كل تلك أوهام ..أنا والحمد لله قانع وراض بما خلقت عليه ..لا اعتراض عندي على مشيئة الله.. اللهم لا اعتراض لأمرك يا رب ..أنا أعلم قدري وموضعي.. وأعرف جيداً ما باستطاعتي فعله وما لا قدرة لي على تحمله ..فإن كنت ستقلب الأمر بالمواعظ والحكم .. فلا تحدثني عن شيء وإن كنت متطفلاً على أمورك الخاصة فاعتبر أن سؤالي لم يكن "
أشفق نديم على حال أخيه وهو أكثر من يعلم أن حالته ميؤوس منها.. أمر الزواج أو الارتباط بأي امرأة حتى عاطفياً.. فاستوقفه بسرعة حين هم بالرحيل ومال بظهره للخلف جالساً براحة يجيبه بحرارة :
"العشق هو أكثر المشاعر العبثية في الكون يا أكرم.. ففيه يصح كل شيء وعكسه، كل مترادف ومضاده ،كأن تفهم صمت الكلمات في نظرات محبوبك دون أن يتفوه بها علانية أمامك .. تشعر بألمه وفرحته بمجرد النظر إلى محياه.. أن يصبح كل ما فيه مميز حتى لو كان عيباً يراه الجميع به كوضوح الشمس ..فتجد نفسك مسلوب الإرادة.. تهوى عفويته وغيرته ..قسوته ورقته.. وحتى البسمة منه والدمعة تفتنك "
ابتلع أكرم غصة الألم بحلقه لاستحالة شعوره بأي ممن يخبره به نديم وسأله مدعياً البشاشة:
"وهل هذا حالك مع وجد .."
أغمض نديم جفنيه لوهلة يهز رأسه بحيرة محاولاً ايجاد جواب مناسب لمشاعره فأطلق لسانه يعبر عن حاله قائلاً :
"أنا وجدت نفسي بلحظة متيم بكل ما فيها دون أن أخطط أو ارتب لكل تلك المشاعر اتجاهها ، وكأن الاقدار قادتها لدربي ونقشت حبها وساماً على صدري ، فباتت حتى حروف اسمها تقطر عسلاً فوق لساني من حلاوة مذاقه بين شفاهي .. أحياناً حين انظر إليها وهي تتهادى أمامي أشعر كأن xxxxب الأزمان تكسرت.. فلم يبقى من المخلوقات غيرها وقد غارت منها شمس النهار وقمر الليل الساهر لتصبح هي قبس من نور في ظلمة أيامي "
توقف للحظة منحنياً للأمام حتى اقترب كثيراً من أذن أكرم وقال هامساً وكأنه يخشى أن يسمعهم غيره:
"لقد أصبحت أغار عليها من ضمتي إليها في منامي ومن حمرة خديها الوردية حين ترنو اليّ على استحياء "
اتسعت ابتسامة أكرم وحدثه بحرارة وصدق :
"أدام الله عليكم السعادة وأبعد عنكم كل شر وسوء.. وبارك لكم ورزقكم بالذرية الصالحة "
مد نديم ذراعيه محتضناً كفي أكرم وقال بحب أخوي صادق :
" أدامك الله أنت في حياتي يا أكرم فأنا أكثر خلق الله حظاً أن بعثك لي رب الكون أخ وصديق فأنت جزء من روحي وقرة عيني وفخري يا أخي "
حرر أكرم كفه الأيمن يربت فوق يده نديم بحنو وقال :
" وأنا بك اكتملت من كل نقصان يا أخي ..كنت عيني التي أرى بها مالا يسعفني جسدي لأشب واقفاً وأراه ..أنت عقلي المفكر وقلبي النابض بكل ما لا أعرفه أو يمكن أن أشعر به .. أحب الحديث الشجي على لسانك وأسعد لسعادتك ..أنا سعيد لأجلك ولأجل وجد كلاكما طيبا القلب نقيا الروح جمعكما الله في الخير إن شاء الله "

ابتسمت وجد لنفسها وهي تعد فنجان القهوة الصباحي لنديم.. تعويضاً عن السابق الذي انسكب ،
اليوم إجازة سنية الأسبوعية.. ومن عشرتها لنديم الفترة الماضية اكتشفت أنها تعي ادق تفاصيله وعاداته اليومية.. دون أن تدري وكأن ذاكرتها خبأت كل إشارة أو حركة تصدر عنه ..
إنه يحب القهوة في الصباح كأول طعم يغزو جوفه وقلما يتناول فطوره إلا إن اصرت عليه خالتها سومه.. ولقمته الطعام بيدها وهي تسمعه محاضراتها المعهودة عن فائدة الفطور.. فيتناول طعامه على نغمات المزاح الساخر من أكرم ..
مشهد محبب بعث بابتسامة مشرقة على ثغرها استحال إلى شهقة حين سمعت صوت نديم الهامس جوار أذنها :
"صباحك سكر يا قطعة السكر "
اختضت وجد فكادت القهوة تنسكب مرة أخرى.. لولا أمسك نديم بكفها قبل أن تفلت منها ركوة القهوة.. قائلاً بابتسامة :
"أليس مكتوباً لي أن أشرب القهوة من يديك ..لم أكن أعرف أن قلبك خفيف هكذا ..أنت تختضين من أقل الأصوات "
أطفأت وجد شعلة النار الخفيفة قبل أن تفور القهوة.. واستدارت تشيح بوجهها المحمر عنه تبحث عن فنجان القهوة المفضل لديها لتقول بخجل :
" اعذرني لم أشعر بقدومك ..لقد كنت سارحة في أفكاري لذلك تفاجأت "
اقترب نديم منها وسألها بخفوت :
"وهل كنت محظوظاً لأطل في رأسك في غمرة تلك الأفكار … أم أني سيء الحظ ولا نصيب لي فيها "
ابتسمت وجد بارتباك وأجابته بخفر وهي تصب بأصابع مرتعشة فنجان القهوة أخيراً دون أن يكون حظه كالسابق :
"بل أنت الأوفر حظاً .. لأن افكاري كلها كانت عنك أنت "
صفر نديم بظفر وهنأ نفسه قائلاً بسعادة :
" يالا حظك يا ابن سومه .. ملكة القلوب تتواضع وتفكر بك … وأنت الراعي الفقير على بابها .."
اقترب منها أكثر وهي ترفع إليه الفنجان ترنو إليه بفستق عينيها الآسر فتنهد راجياً
" اشفقي على قلبي المسكين يا صغيرتي وحني على حبيبك بكلمه تصبره فالعشق نار تكوي الفؤاد يا فاتنة "
اهتز صحن الفنجان بعنف يماثل رجفة أوصالها إثر ترجيه المعسول … فالتقطه نديم منها بسرعة فشهقت وجد بحزن متحسرة على وجه القهوة الجاري على حواف الفنجان فقال نديم يراضيها :
"سأشربه حتى لو كان تبقى فيه قطرة … يكفيني أنك من صنعته بيديك يا صغيرتي "
مسحت وجد جبينها بأصابع مرتعشة تتمنى لو أن الأرض تنشق وتبتلعها من شدة حرجها.. ثم قالت تستجديه على استحياء :
" نديم … ارفق أنت بي قليلاً … فأنا لست معتادة على سماع تلك الكلمات بهذه الحرارة والرد عليها .. فكل ما يحدث لي معك جديد عليّ وفريد من نوعه "
"وهذا ما أعشقه بعلاقتنا ياوجد ..أنك ستختبرين كل شيء معي أنا لأول مرة … وهذا يثير فخري الذكوري لأقصى حد ، فكل ما فيك نقي وفطري التكوين ، لا أعلم لأي سبب أشعر أن مشاعرك لم تخدش يوماً أو تهتز لرجل غيري فهل أنا على حق؟ ..أصدقيني القول ياوجد هل نبض قلبك يوماً لرجل من قبلي "
سألها بترقب يخشى على إيمانه بعذرية قلبها أن يطعن رغم أن لا حق له في استجوابها ..
أجابته وجد بعفوية ناعمة مختصرة كل تنبؤاته بجملة واحدة اكتسحت كل ما في طريقها حتى صُبت في صميم قلبه :
" وهل طلّ على دنياي يوماً من يستحق أن يطلق عليه لفظ رجل سواك .. حتى ينبض له القلب يا نديم ..أنا كنت كما الراهبة في معبد حزني حتى جئت أنت فكفرتُ بعزلتي طامعة بمتاع الدنيا معك "
زمجر نديم يستجدي الصبر حتى تحين ساعة الوصال … تائقاً لضمها على صدره مفضياً إلى ثغرها بما يكوي الفؤاد... فكور قبضته يضرب بها فوق قلبه بخفة داعياً بصوت رخيم :
" يا رب صبرني ..فكل وجداني يناجيها غراماً ، وقد حرمتني من الحب سقياً إلا بعد أن تكون حلالي ....فوعداً مني يا وجد … ويشهد علي خالقي لا بكاء ولا دموع ولا ضنى في حياتك بعد اليوم يا وجدي .. يا منتهى حبي "
فغرت فاهها غير قادرة على ايجاد ما تجيب به على بديع كلماته.. فما كان منها ٱلا أن ذرفت دموعها بغزارة لأول مرة في حياتها فرحاً.. وليس بؤساً.. فالتقط دمعة منها في باطن كفه يقبض عليها ويسألها مؤنباً :
" ألم اقل لا بكاء ولا دموع بعد اليوم "
أجابته بابتسامة دامعة :
"إنها دموع السعادة لا الحزن ..من اليوم لن أبكي إلا فرحةً .. فأنت جئت كسوت الهم فرحاً يا نديم "
رفع نديم كفيه يتخلل بهما خصلات شعره الناعمة.. متراجعاً للخلف يزفر أنفاسه بعمق.. فكل كلمة تنطقها كالسهم المنطلق لقلبه مهدماً أي قدرة لديه على الانتظار.. وفي لحظة كان يعود إليها مقترباً منها قدر ما يستطيع حتى التصق جذعها بحافة طاولة المطبخ ليخبرها بأنفاس حارقة:
" كلمة أخرى منك.. وأقسم بالله سأقودك إلى أقرب مأذون غير مبالٍ بمخلوق ..لذا من الآن وحتى يوم عقد القران. لن أحدثك أو تحدثيني سنتواصل أنا وأنت بالإشارات ..أو أقول لك لا أريد أن أراكِ أمامي .. احتجبي عني حتى تصبحين حلالي وإلا سأصاب بذبحة قلبية بسببك من فرط الجوى "
كانت سخونة أنفاسه تلفح وجهها من شدة قربه.. فشعرت وجد بساقيها تلين كالهلام غير قادرة على حملها.. فهزت رأسها موافقة وقد فقدت قدرتها على التحدث لبرهة.. من صدمتها لهول ما يجول ويصول بهوى نفسها هي أيضاً.. فنجوى العاطفة الدافقة من نداء عينيه اليها يلقى صدى مرحباً من عصب ثائر بداخلها.. فاستجمعت قواها سريعاً وهي تستغفر ربها عدة مرات بسرها.. لتنزلق من ضيق حصاره لها وتهرول عائدة إلى غرفتها.. تاركة عاشقها مستنداً لحافة الطاولة مغمض العينين يشتم عطرها الباقي في موضع وقفتها حتى أتاه صوت أكرم الساخر :
"ما الذي حدث لوجد كي تهرول هكذا لغرفتها.. وما بالك يا نديم تقف هكذا مستنداً للطاولة ..هل أصابك ألم في ظهرك يا أخي "
اعتدل نديم واقفاً بكسل يتناول فنجان القهوة البارد مرتشفاً منه بتلذذ واضح متمتماً بتتيم :
"بل أصابني عشق يا أخي "
جلس أكرم قبالته داعياً إياه بإشارة من يده ليجاوره الجلوس وسأله بصوت غامض :
" أيحق لي أن أسألك عن ماهية أمر يا نديم..؟ ..أنت كنت دوماً مرشدي ومفسر كل ما هو عسير لي "
أجابه نديم بتفهم ورفق :
"بالطبع يا أخي ..إسأل ما شئت "
رد أكرم بصوت حائر :
"أخبرني عن العشق ..كيف يكون ؟..ليس كما نقرأ عنه ، فقد قرأت الكثير والكثير لكنه لم يشبع فضولي يوماً .. حدثني عنه بلسان العاشق كي أتذوق منك ما لن أحس به يوماً "
تأمل نديم أكرم بألم وسأله :
"ولماذا تفترض السوء يا أخي قد تقابل يوماً من تغزوك بالعشق "
أجابه أكرم بثبات واقتناع :
" صحيح البدن من له الحق في تمني أمر كهذا .. لا شخص مثلي ينقصه نصف بدنه يا أخي .. دعك من كل تلك الشعارات والكلمات المهدئة لكوني استحق الحب والعيش حياة كريمة سعيدة مع من أحب.. كل تلك أوهام ..أنا والحمد لله قانع وراض بما خلقت عليه ..لا اعتراض عندي على مشيئة الله.. اللهم لا اعتراض لأمرك يا رب ..أنا أعلم قدري وموضعي.. وأعرف جيداً ما باستطاعتي فعله وما لا قدرة لي على تحمله ..فإن كنت ستقلب الأمر بالمواعظ والحكم .. فلا تحدثني عن شيء وإن كنت متطفلاً على أمورك الخاصة فاعتبر أن سؤالي لم يكن "
أشفق نديم على حال أخيه وهو أكثر من يعلم أن حالته ميؤوس منها.. أمر الزواج أو الارتباط بأي امرأة حتى عاطفياً.. فاستوقفه بسرعة حين هم بالرحيل ومال بظهره للخلف جالساً براحة يجيبه بحرارة :
"العشق هو أكثر المشاعر العبثية في الكون يا أكرم.. ففيه يصح كل شيء وعكسه، كل مترادف ومضاده ،كأن تفهم صمت الكلمات في نظرات محبوبك دون أن يتفوه بها علانية أمامك .. تشعر بألمه وفرحته بمجرد النظر إلى محياه.. أن يصبح كل ما فيه مميز حتى لو كان عيباً يراه الجميع به كوضوح الشمس ..فتجد نفسك مسلوب الإرادة.. تهوى عفويته وغيرته ..قسوته ورقته.. وحتى البسمة منه والدمعة تفتنك "
ابتلع أكرم غصة الألم بحلقه لاستحالة شعوره بأي ممن يخبره به نديم وسأله مدعياً البشاشة:
"وهل هذا حالك مع وجد .."
أغمض نديم جفنيه لوهلة يهز رأسه بحيرة محاولاً ايجاد جواب مناسب لمشاعره فأطلق لسانه يعبر عن حاله قائلاً :
"أنا وجدت نفسي بلحظة متيم بكل ما فيها دون أن أخطط أو ارتب لكل تلك المشاعر اتجاهها ، وكأن الاقدار قادتها لدربي ونقشت حبها وساماً على صدري ، فباتت حتى حروف اسمها تقطر عسلاً فوق لساني من حلاوة مذاقه بين شفاهي .. أحياناً حين انظر إليها وهي تتهادى أمامي أشعر كأن xxxxب الأزمان تكسرت.. فلم يبقى من المخلوقات غيرها وقد غارت منها شمس النهار وقمر الليل الساهر لتصبح هي قبس من نور في ظلمة أيامي "
توقف للحظة منحنياً للأمام حتى اقترب كثيراً من أذن أكرم وقال هامساً وكأنه يخشى أن يسمعهم غيره:
"لقد أصبحت أغار عليها من ضمتي إليها في منامي ومن حمرة خديها الوردية حين ترنو اليّ على استحياء "
عاد نديم لمكانه يرتشف اخر قطرات قهوته الباردة قائلا بوله :
"حتي طعم قهوتي تغير لأن يداها من صنعته وكأنها أذابت فيه قطرة عسل من روحها "
اتسعت ابتسامة أكرم وحدثه بحرارة وصدق :
"أدام الله عليكم السعادة وأبعد عنكم كل شر وسوء.. وبارك لكم ورزقكم بالذرية الصالحة "
مد نديم ذراعيه محتضناً كفي أكرم وقال بحب أخوي صادق :
" أدامك الله أنت في حياتي يا أكرم فأنا أكثر خلق الله حظاً أن بعثك لي رب الكون أخ وصديق فأنت جزء من روحي وقرة عيني وفخري يا أخي "
حرر أكرم كفه الأيمن يربت فوق يده نديم بحنو وقال :
" وأنا بك اكتملت من كل نقصان يا أخي ..كنت عيني التي أرى بها مالا يسعفني جسدي لأشب واقفاً وأراه ..أنت عقلي المفكر وقلبي النابض بكل ما لا أعرفه أو يمكن أن أشعر به .. أحب الحديث الشجي على لسانك وأسعد لسعادتك ..أنا سعيد لأجلك ولأجل وجد كلاكما طيبا القلب نقيا الروح جمعكما الله في الخير إن شاء الله "
تمتم نديم بإمتنان باسم :
"أمين يارب العالمين "

*********************************

بحلول الظهيرة ..خرجت حبيبة من محاضراتها تضغط زر هاتف الاتصال بضياء تنفيذاً لأمر أمها ، لم يمهلها طويلاً حتى أجاب ضياء اتصالها بصوت يشي بمزاجه العكر :
" حبيبة ..كيف حالك يا ابنة خالتي "
شعرت حبيبة بوجود أمراً ما يغضبه فسألته :
" كيف حالك ضياء ..هل أحدثك في وقت غير مناسب "
رمى ضياء القلم من بين أصابعه مصدراً صوتاً حاداً فوق زجاج مكتبه وقال بحدة :
"لا يا حبيبة أخبريني بما تريدين ..أنا أسمعك "
تضايقت حبيبة من طريقته الفجة وقالت بضيق:
" على العموم اعتذر إن كنت ضايقتك باتصالي ولكن أمي تريدك أن تقابلها في منزلنا اليوم إن أمكن "
لام ضياء نفسه على طريقته الفظة مع حبيبة.. فلا ذنب لها عما حدث مع أخته .. فمنذ ترك المنزل البارحة والغضب يتملكه تجاه كل شيء بحياته.. وكل حدث يوحي بكل مكانته داخل عائلته.. بالإضافة إلى خوفه على وجد والذي ينغص عليه كل تفكيره.. فحاول مراضاتها قائلاً :
" لا داعي لاعتذارك حبيبة ..أنا فقط متضايق من عدة أمور مرت بي منذ أمس ..لكني سعيد الآن لعلمي أني سأقابل خالتي أخيراً ..أتمنى أن تكون صحتها أصبحت بأفضل حال "
ترددت حبيبة قليلاً ثم قالت بحرص :
" حسنا يا ضياء المهم أن تكون بخير ..أمي أصبحت أفضل بكثير الآن.. ولكني أترجاك أن تتهادن معها قليلاً في الحديث ،فهي قلقة منك ومازال يسيطر عليها فكرة أنك في النهاية ابن أختها التي آذتها كثيراً ..أرجو أن تتفهم ما أحاول ايصاله إليك "
زفر ضياء أنفاسه بتعب فمن أين ستاتي ثقة خالته هي الأخرى به.. وهو ابن أمه فجاء صوته مشعثاً بخيبة الأمل :
" أتفهم يا حبيبة لا تقلقي ..أعلم أنها لن تتقبلني بهذه السرعة لابد وأن يكون بداخلها شكوك وظنون تجاه تقربي منكم "
لا تعلم حبيبة لماذا شعرت بالألم لأجله فصوته كان مهزوماً فاتراً فرق قلبها إليه وحدثته بلطف :
"ضياء إن كان هناك ما يضايقك فيمكنك التحدث معي وتفصح لي عما بداخلك.. إن أردت بالطبع"
تساءل ضياء إن كان بإمكانه أن يحدثها فأجاب نفسه وما الذي سيخبرها به ..أختي لا تريد صداقتي أو السماح لي بالتقرب منها.. أم أن أمي رمز الشر في نظركم تقويها عليّ .. بل والله أعلم بما تضمره من سوء للمسكينة اليتيمة وجد ..كيف سيكون رأيها به بعد ذلك فلأول مرة في حياته يشعر أن لا قيمة له في حياة أي شخص وأن كل ما هو فيه من مركز مرموق في العمل أو المجتمع ليس سوى نتاج أموال أبيه فأين هو من كل ذلك كضياء ..ولا في أي مكان إن حياته كلها تطفل في هباء واستغلال ...
طال صمته على حبيبة المنتظرة على الجهة الأخرى من الهاتف فسألته بمرح وتهكم :
"هل يحتاج الأمر إلى كل هذا التفكير ..أم أنك محرج من التواصل معي والإفضاء بأسرارك إليّ ..لا تقلق أنا لست ثرثارة أبداً ولن افشي سرك بالطبع لأي شخص خارج المزرعة أو ليس صديقاً لي .. أو اساومك لا قدر الله على كل مدخراتك كي لا افضحك على الملأ .."
ضحك ضياء علي حديثها وقال :
"يالك من إنسانة كتومة يا آنسة حبيبة ..أصبحت مرتاح البال كثيرا لمعرفة أن أسراري لن يعرفها سوى أهل المزرعة وأصدقائك فقط "
اجابته حبيبة مازحة :
"لو سمحت أستاذ ضياء أنا إنسانة ذات ضمير حي وكتومة للغاية ..اعتقد أن لديك بعض الأموال في حسابك يمكنني المساومة عليها أليس كذلك"
قهقه ضياء بصوت عال وقال :
"الحمد لله أنني لم اتفوه لك بكلمة ولا لكنت الآن على شفا الإفلاس "
أجابته حبيبة ساخرة :
"هل اشعر أنك تتهمني بالاستغلال "
قبل أن يجيبها ضياء سمع صوتاً نسائياً يناديها يعلمها أن المحاضرة على وشك البدء فسألها :
"هل أنت في الجامعة اليوم ؟"
ردت حبيبة بالإيجاب فأخبرها سريعاً كي لا يعطلها عن محاضرتها :
"أخبريني متي ستنتهي وأنا أمر عليك بسيارتي ونذهب سوياً للمزرعة "
ارتبكت حبيبة وقالت تختلق عذرا كي لا يذهبا معاً فأمها لن تفوت الأمر على خير :
" لا أريد أن أعطلك معي ضياء فأنا لا اعلم حقاً متى انتهي فلتذهب أنت لا تربط نفسك بي "
فهم ضياء تهربها من ذهابهم معاً وقال :
"حسناً يا حبيبة لنلتقي في بيتكم في المساء ، مع السلامة "
انهت حبيبة المكالمة :
"مع السلامة "
داعية الله أن ترى أمها ضياء على حقيقته وأن يكون حقاً كما تراه هي رجلاً ذو قلب طيب وليس كأمه

************************************

ضغطت دارين بخفه فوق جرس باب شقة أحمد وهي تقف بكامل زينتها وبهائها في انتظار ان يفتح لها السبيل اليه بعد ثلاث دقات انفتح الباب يتوسط مدخله أحمد بعيون ناعسه وذقز غير حليق ..كان وجه حنق الملامح منزعج ممن يدق بابه لكن تكشيرته ازدادت حين سقطت أنظاره عليها ..
ابتسمت بدلال ونادته فرحة متجاهلة كم الغاضب الناطق من محياه :
"أحمد عزيزي ..إشتقت اليك كثيراً "
لمحت عضله تهتز بجانب فكه الأيسر وكأنه يكز علي أسنانه بقوة ..عيونه كانت تقدح شرراً ومقتاً وكأنها يواجه عدوته اللدود، وفي لحظة كان يسحبها للداخل يلصقها بظهر الباب خانقاً إياها بقبضته القاسية فإتسعت عيناها عن أخرها وهي تحاول قصاري جهدها ان تبعده عنها أو تخفف من شدة خناقه لها ..قائلة بإختناق تتوسله :
"أحمد أرجوك ما الذي تفعله ..ستزهق روحي ..اتركني أيها المجنون "
لعدة ثوانٍ زاد من ضغط قبضته حول رقبتها حتي إحتقن وجهها تماما ثم ضيق عينيه وكأنه يقاوم شيطان نفسه في ان ينهي حياتها زاهقاً روحها... وكما أمسكها فجأة تركها فجاءة دون ان ينطق بكلمة ليتهاوى أرضاً مطأطأ الرأس مخفياً وجهه بين يديه ليتمتم بعنف :
"إرحلي من هنا ..أنا لست في حالتي الطبيعية هذه الأيام ..اذهبي ولا تعودى الي هنا مرة أخري ..انسيني وانسي أننا تقابلنا يوما ..فأنا راحل من هنا وسأعود الي أمريكا مرة اخري"
كانت دارين تحاول جاهدة أن تتنفس بصورة طبيعية مستجمعة شتات نفسها هي لا تصدق ان أحمد كان للتو يقتلها ..هل أراد ان يقتلها حقاً ام كان يخيفها فقط ..نعم كان يقبض علي رقبتها لكنه لم يصل لدرجة ان يخنقها لقد كان يقاوم أمرا بنفسه وكأنه لم يكن يراها هي بشخصها
أرادت أن تهرب من أمامه لكنها سألته بحشرجه :
"لماذا فعلت بي ذلك ..؟؟"
استغرق الرد من أحمد الكثير من الوقت حتي يأست من رده لكنه في النهاية رفع وجهه اليها
وسألها :
"لماذا لم تهربي ..الست خائفة مني ان انهض واكمل ما بدأته منهياً حياتك علي يدى "
كانت دارين ترتعد بداخلها لكنها قاومت خوفها واقتربت منه قائلة تستجدى له الاعذار:
" حتي وانت تخنقني كنت متأكدة انك لن تفعلها أحمد .. انت لست قاتل ولم تكن علي طبيعتك "
سخر منها أحمد :
"لم اكن اعلم انك هوائية يادارين ..تختلقين اعذاراً لرجل كاد ان يقتلك ..ظننتك أصلب من ذلك ولن تلفتي ورائك لمرة واحدة وأن تغادرين هذا المكان مهرولة "
ركعت دارين أمامه علي ركبتيها وأخبرته بتهور لا يليق بها :
" ربما لأن معك لست دارين التي يعرفها الجميع ..معك افقد كل صلابتي وغروري كوني لا اقهر بحب رجل ..كل مبادئي واعتقاداتي ضاعت معك ولأجلك ..انت اول رجل اعترف له بذلك "
نظر اليها احمد متأملاً كارهاً لكل كلمة نطقت بها ..رافضاً اعترافها المبتذل بالحب ، إنها كاذبة منافقة تهوى اصطياد الرجال مهما بلغت قوة رفضهم لها ومحاربتها ، المهم ان تفوز في النهاية وحين تظن نفسها ربحت سيكون مصيره كمصير من سبقوه اليها ، سريعا. ما ستسأم منه وتتركه لفريسة اقوى وأعتى منه ..نفس الطبع القذر لأمه وكأنه يراها بها ..عليه ان يستمر معها حتي يضع يقرر هو متي وأين سيضع تتر النهاية لقصتهم ..كونها لم تهرب منه الأن ولازت تحثو أمامه تتوسل حبه وتهيم بإعترافها غير أبهة بتحذيره لها بالإبتعاد عنه فهي وحدها الملامة علي ما ستغترف بكفيها عواقب أفعال حياتها بأكملها علي يده ..
نهض أحمد من موضعه موضحاً :
"أعذريني يادارين لكنك جئت في وقت غير مناسب بالمرة ..كان عليك ان تتصلي بي أولا ..كنت اخبرتك انني لست في حالتي الطبيعية "
مدت دارين كفها تملس فوق ظهر احمد تسانده فشعرت بتصلب عظامه تحت أصابعها وسألته بنعومة :
"أحكي لي ما الذي يضايقك ..هل فعلت امراً اثار غضبك "
ابتعد أحمد عن كفها لا يطيق لمسة يدها علي جسمه وأخبرها :
"لا يادارين انتي لم تفعلي شيئاً ..إنها أمي ..عملي الأسود في الدنيا "
سالته بحذر :
"ما لها أمك ؟.. لقد ظننت انه ليس لديك أي أقارب"
استدار احمد اليها بعنف قائلاً :
"لا أخبر أحد عنها لأنها سيرتها عار عليّ.. تخيلي لقد تزوجت للمرة الرابعة بشاب يصغرني أنا سناً بمنتهي البجاحة معلنة للجميع أنه حقها الشخصي وليس من حق احد الإعتراض"
ادعت دارين التعاطف معه وقالت :
" حقك ان تثور عليها وتستاء أحمد ..ولكن ما ذنبي أنا بكل هذا ..لماذا هاجمتني بهذا الأسلوب العنيف"
في لحظة كان ممسكاً بذراعها قائلاً بقسوة :
" لأنك تشبهينها كثيرا بالملامح ..لقد كنت مستاء منها كثيرا الأيام الماضية وتشاجرت معها علي الهاتف قبل ان اذهب للنوم مباشرة .. كابوس ثقيل عنها كان يهاجمني في منامي وحين دققت الجرس لم اكن قد تيقظت تماماً لذا عندما رأيتك أمامي ظننتك هي فلم أتمالك حالي.. كنت أظنك هي لذا هاجمتك "
خافت ..هذه المرة إهتزت ثقتها بحالها أمامه ، فالكره تعبق رائحته بكلماته حتي ملأت رئتيها بالخوف منه ..إنها النهاية ، هو لن يتنازل من أجلها أبدا طالما يري وجه أمه فيها ..شدت ذراعه منه قبضته واخبرته:
"أنا لست كأحد ولا أنت من حقك ان تعاقبني علي فعلة غيرى ،سأذهب الأن ولا داع لكل هذا الاضطراب ..دوما كنت تتهرب مني ، تحذرني من التقرب اليك..اعذرنى هذه المرة ولكني أيقنت أن لا مكان لدي هنا "
تحركت ذهباً نحو الباب لكنه استوقفها حين تأكد أنها ستنوى الرحيل هذه المرة ولن تعود وإن رحلت لن يستطيع الثأر منها علي فعلتها ..الأن يجب عليه ان يرمي بالنرد الرابح أمامها ... ناداها بصوت عالٍ :
"دارين .. لا تذهبي"
توقفت دارين وأصابعها تلتف حول مقبض الباب دون أن تلتفت اليه وأجابته :
" هذه المرة نجيت من بين يديك بسلام أحمد ..المرة القادمة ربما لن تستطيع التوقف او التفريق بيني وبينها "
دافع عن حاله قائلاً :
"أخبرتك ان الأمر لم يكن يخصك ..انت فقط اخترت وقتاً غير مناسب للحضور "
أخبرت دارين حالها "العبي لعبتك جيدا يادارين ولا تتراجعي اجعليه يظن انك راحلة لا محالة فحين يظنك جادة سيتوسلك البقاء ..إنها المعادلة الناجحة لتلك الكمياء بينكما " لذا اخبرته بتصميم :
"صدقني أحمد لا فائدة لقد اصبحت أخاف منك ولا أري أرضاً صلبة لعلاقاتنا ..انا اهرع ورائك هنا وهناك وأنتي تهرب مني بإستماته ..فما جدوى بقائي "
أدارت مقبض الباب بيدها في نفس الوقت الذي صاح فيه أحمد :
"تزوجيني يادارين ..."
أتسعت ابتسامتها عن أخرها وقد ظفرت به أخيراً حتي كادت أن تقفز علي قدميها فرحاً فشكرت حظها أنه لا يري وجهها الأن ..برهة قصيرة وشعرت بحرارة صدره علي طول ظهرها ثم رفع أصابعه يقبض علي كفها الساكن فوق المقبض هامساً الي جوار أذنها :
"تزوجيني دارين ..انت أكثر امرأة أردتها في حياتي ..تزوجيني ودعينا نرحل من هنا ..سنعيش انا وانت في أمريكا ..سأريك عالما. اخر وستتعلمين كيف تعيشين حياتك كما تستحقين "
شعرت بالضعف يجتاحها بهمسه الحار او وعودة التي تلقي هوي شديداً لديها فأجابته بهزة رضا من رأسها ..فأدارها اليه وأخبرها أمراً :
"أنطقيها دارين .أريد ان اسمعها منها "
القت دارين بنفسها عليه معانقة وأجابته بثقة :
"موافقة احمد موافقة "
ضمته بقوة من فازت بمرادها أخيراً وبادلها هو العناق راضياً عن تمثيليته المقنعة عن أمه الوهمية وأنه استطاع أسرها في شباكه حتي النهاية ..
ابتعد عنها قليلا وأخبرها بلهجة مخيرة :
"ما رأيك ان يكون زفافنا في إجازة نصف العام وبعدها نسافر الي أمريكا ونعود قبيل امتحانات نهاية العام خاصتك لتحصلي علي شهادتك الجامعية وتمارسين عملك هناك "
تفاجأت دارين من سرعة قراره وتعجله علي اتمام الزواج فأجابته :
"أليس هذا قريب جدا ..كنت أظنك تنتظرني حتي انهي دراستي هذا العام ..انه عامي الأخير "
اعترض قائلاً :
" لا أستطيع دارين ..لن اجلس هنا اكثر من هذين الشهرين القادمين ..هذا أقصي ما أتحمله ..سأعود الي امريكا سواء وافقتي او رفضتي الأمر منتهي بالنسبة لي "
هدأته دارين وقالت :
" حسنا حبيبي ..لنسافر وأنا سأتدبر أمورى في الجامعة "
تحامل أحمد علي نفسه ليبتسم راضياً :
"رائع ..المهم الأن ان تهتمي بدراستك جيدا الشهرين القادمين حتي تمر اختباراتك كلها بسلام ونستطيع ان نتمم الزواج دون عوائق ..وأخبري ابويك اني قادم لطلب يدك قريبا ..اتقفنا "
اجابته بإندفاع :
"بالطبع عزيزى سأخبرهم ..ولكن بعد عودة أبي من السفر انه في الخارج هذه الأيام لإتمام اكبر صفقة لديه وسيأتي بعد عشرة أيام "
"حسنا ..ستساعدني هذه الفترة حتي استعيد هدوئي واستعدادى التام لطلبات والديك من أجل الزفاف "
قبلته دارين بسرعة علي خده الأيمن وأكدت عليه :
"لا تقلق كل الأمور ستكون ميسرة لك ..والداي لا يهمهم سوي سعادتي ..سأذهب الأن لأخبر أمي ..فهل ستكون بخير "
اجابها بروية "
"نعم لقد اصبحت بأفضل حال الأن ..اذهبي وكوني علي اتصال معي لتخبريني بأخر الأخر "
فتحت دارين الباب ملوحة اليه وقالت تودعه :
"حسنا أراك غدا لتناول الغداء معاً ..اتفقنا "
وافقها ملوحاً بيده :
"بالطبع ..لنتقابل غدا "
رمت اليه بقبلة علي الهواء وغمزة عين واعده قابلها بإبتسامة مدعية وهو يفكر :
"مع السلام دارين ..اعدك ان اجعلك تندمين علي تلك الموافقة السريعة منك علي الإرتباط ..فأنت كالفراشة الي اخذها فضولها لوهج النور فاحترقت بالنار لذا ستحترقين بنفس النار التي احرقت فيها من سبقوني اليك "
بمجرد ان اختفت من أمامه اغلق بابه ضاغطا أزرار الاتصال فوق شاشة هاتفه حتي جاءه صوت الطرف الأخر قائلاً بإرهاق :
"كيف حالك ياولدى ..ظننتك ستكون نائماً ..انت لم تبرح المشفى منذ ثلاثة أيام "
أجابها أحمد بمحبة :
"لقد أيقظني كابوس ياأمي ولم أستطع استكمال نومي .. كيف حاله الأن ..هل حدثت أي انتكاسه وأنا لست موجوداً "
هاتفه المتحدث مطمئناً :
"لا تقلق عليه ياولدى ..الحمد لله محاولته للإنتحار مرت بسلام هذه المرة .أتمني ألا يكررها مرة أخري "
شدد أحمد اصابعه حول الهاتف مجيباً :
" لن يحدث ياأمي ..ستتحسن الأمور قريبا. جداً اعدك بذلك "
اجابت أمه بصوت باكي :
"أتمني ياولدى ..."
هدأها أحمد بلطف :
" لا تبكي عزيزتي ..تعلمين ان دموعك تؤلم قلبي ..سأرتدى ملابسي وأتي اليك حتي تنالين انتي ايضا قسطاً من الراحة ..مع السلامة "
أنهي احمد محادثته وهو يقسم بداخله ان ينتقم من دارين ويجعلها عبرة لكل ما سولت له نفسه اللعب بقلوب البشر وأذيتهم ....

**************************************
وصل ضياء لمنزل خالته يحمل بيده بعض الحلويات فتلك تعتبر أول زيارة حقيقة له داخل منزلهم..
دق بابهم بتوتر لا يعلم كيف سيكون لقائه بخالته يشده التمني ان تسمح له بالتواجد بينهم وزيارتهم من حين للأخر ..يحن كثيراً لجو العائلة الدافئ فما أصبح يشعر به نحو حبيبة ويوسف من أخوة وود اكبر بكثير مما شعر به يوماً مع أختيه الأثنتين ...
فتحت حبيبة باب منزلهم بإبتسامة لطيفة تدعوه للدخول :
"أهلا بك ضياء ..تفضل أمي بإنتظارك "
تقدم ضياء للداخل متأملاً المنزل بأثاثه البسيط ولكنه منمق مرتب في ذات الوقت توضحه اضاءة المنزل الدافئة ..كل ركن بهذا المنزل يشع دفئاً محبباً ...أدخلته حبيبة لغرفة الجلوس ليجد جدته وامرأة تجاورها في وقفتها يبدو عليها الترقب رغم حزن وجهها الا انها في النهاية تمتلك تقاطيع وجه جميله تدعوك ان ترتاح اليها دون استئذان ...
استقبلته جدته أمينه بحنان جم طيب خاطره فقبل ظاهر كفها وضمها اليه بشوق :
"إشتقت اليك جدتي ..كيف حالك "
ربتت جدته علي كتفه برفق قائلة :
"بخير ياولدى ..سلم علي خالتك أحلام "
مد ضياء كفه لخالته بالسلام فنظرت اليه احلام تتأمله لبرهة من الوقت قبل ان تتخذ قرارها بمبادلته السلام قائلة :
" الحمدلله اني لا أري وجه أمك فيك.. وجهك يشبه الي حد كبير عمك أكمل رحمة الله عليه "
أخذ ضياء بقولها ..يعلم جيدا انه لا يشبه أمه كثيراً أو والده في المجمل فسألها :
"وهل يمثل لك كوني اشبها او لا فرقاً كبيراً لديك خالتي "
أجابته أحلام بصراحة :
" نعم في الحقيقة يمثل لي هذا فارقاً كبيراً في تقبلك ..قد تكون صراحتي خشنة او جارحة ولكن هذه أنا إن أردت كسب صفي فكن صريحاً معي "
غريب ان قلبه رق لها رغم حدة حديثها معها فبعد ما عرفه بفعلة أمه معها من جدته سيلتمس لها ألاف الاعذار ويتقبل منها الرفض حتي ..لأنه ببساطة الدخيل وليس صاحب الحق ..
أجابها بتهذيب :
" هل تسمحي لي بالجلوس أولاً وأخذ علبة الحلوى مني كعربون للسلام ..أم سأظل وافقاً كالمذنب"
خجلت أحلام من نفسها دعته للجلوس متناوله منه علبة الحلوى بحرج فناغشها قائلاً :
" بالمناسبة أن لم أضع أي سم في الحلوى وان أردت يمكنني تذوقها أمامك فهناك قطعة محددة كنت اشتهيها "
ابتسمت أحلام رغماً عنها ونادت حبيبة :
" حبيبة ضعي الحلوى بالمطبخ وجهزى السفرة للعشاء مع جدتك حتي اتحدث مع ضياء قليلاً "
اطاعتها حبيبة فإلتفتت أحلام لأبن أختها وسألته " ما رأيك لو نتمشي قليلا في المزرعة حتي يجهز العشاء "
وافقها ضياء :
"فكرة جيدة خالتي ..تقدميني من فضلك "
خرجت أحلام وضياء في ضوء الغروب الباهت تتلمس طريقها بين الأشجار الناطحة بثمارها هنا وهناك وهي تحفظ موضع خطوتها عن ظهر قلب ..
بادرت بالحديث قائلة بإنفعال:
"أتعلم كم عمر هذه المزرعة ياضياء ؟"
أجابتها محاولاً ان يتذكر متي تم شرائها من خلال الأوراق التي كانت معه :
"ربما خمسة عشر عاماً علي ما اعتقد "
صححت له أحلام بحزن :
" بل عشرون عاماً يابني ..كانت هذه الأرض ميراث والدة زوجي وأورثتها لشكرى بعد موتها ..كان دوماً لديه حلم ان يخضرها وتصبح من افضل المزارع مع عائلته ولكن العائلة لفظته لأنه صمم علي التمسك بي ..تلك المزرعة أخذت من جهدنا وسرقت من عمرنا الكثير والكثير ومع ذلك قربتنا من بعضنا البعض بصورة لم تكن تتخيلها ليس انا وزوجي فقط بل كل عائلة جاءت للعمل معنا فيها ..لقد رويناها بدموع عيوننا وسيلان عرقنا تحت الشمس الحارقة وإرتعاشة أجسادنا في البرد القارص ..كل تجعيده في كفوف ايدينا ووجوهنا يشهد عليها كل جذع شجرة مغروس في هذه الأرض ..حين اقف هنا اشتم ريح زوجي ..أذكر كل مرة وقفنا فيها أمام الأشجار اليانعة بثمارها اليانعة فرحين بنتيجة شقائنا فيها "
أجابها ضياء شاعراً بعمق حديثها :
" خالتي اقسم لك برب العزة انني لم اتي اليكم وفي داخلي ذرة شر لكم ..او أنوى الضرر بكم ..أنا لست كأحد ولم اكن اعلم بوجودكم من الأساس حتي قابلت حبيبة من أجل القرض"
تنهدت أحلام بتعب وقالت :
" أنا أم ياولدى وإمرأة كانت فجيعتها أكبر في موت زوجها ..تخيل رد فعلي حين أعرف ان ابن المرأة التي جعلتني أعيش فوق صفيح ساخن خوفاً من مكائدها لنا ..في البداية كادت ان تحطم حياتي وأبعدتني عن الرجل الذي احببته وأحبني رغم انها هي من تخلت عنه بالأول وحين ظننا أننا سنعيش بهناء لفقت له تهمه وادخلته السجن ودمرت مستقبلناً ..كيف استطيع ان اثق الان بإبنها ..أخبرني عن سبب واحد يجعلني استقبلك بأذرع مفتوحه ..اعلم انك ساعدنا في مد مدة القرض ولكن ماذا ...."
قاطعها ضياء موفراً عليها باقي الحديث بقوله :
"ماذا لو كان غطاء لأكسب ثقتكم وبعدها ألحق بكم الأذى ..أليس كذلك "
أجابته صراحة :
"نعم ..هذا قصدى "
استجمع ضياء شجاعته وحدثها بحديث من القلب قائلاً :
" أنا ليس عندي أي إثبات علي حسن نيتي خالتي سوى كلمتي هي عهدي اليك ..ربما لن تصدقيني حين أقول لك انني افتقد هذا ..كل ما حولي هنا يعلمني كم أنا فقير ..صحيح لا ينقصني المال ولا المركز ولكني افتقر الدفء وحنان العائلة ..كل فرد في عائلي مهموم بحالة بما يتطلع اليه ..الدنيا كل همهم فما بات يجمعنا فرح او حزن أو لمة مائدة طعام حتي ..لا يوجد سوى شذي الصغيرة هي التي مازال قلبها نقياً كالتي ربتها وزرعت فيها الخير وأزلت الغمه من فوق ناظري لأري حقيقة كل إنسان أمامي .. لذا أعدك الا اضع قدماي فوق أرضك الا ان وافقت علي ذلك ولكني أريد منك السماح لي بالإطمئنان علي جدتي ويوسف من وقت لأخر أنا لا أريد اطلاقاً ان أزعجك بوجودى "
شعرت أحلام بصدق حديثه ولكنها لن تدخله بينهم إلا بعد أن تتأكد تماماً فوقفت أمامه تواجهه بقوة مخرجة من جيبها مصحف صغير :
"اتقسم علي كتاب الله هذا انك لا تنوى لنا الشر ..وأن أمك لم تحرضك علينا وأنك ستتقي الله فينا "
أجابها بثقة وثبات دون تردد واضعاً كفه الأيمن فوق صفحات المصحف الطاهر :
" أقسم بحق كتاب الله ان لا أحمل لكم ضغينة او سوء وأني لم أعلم أمي عنكم شيئاً او انها حرضتني عليكم "
رفعت أحلام المصحف لفمها تطبع عليه قبله عميقة تحمد ربها انه لم يتراجع عن القسم ثم أخبرته :
" من الأن سيكون أعتبرك فرداً من عائلتي ورب السموات عليك رقيب ..فكن علي قدر المسؤولية ياولدى"
إندفع قائلاً :
"ستريك الأيام ياخالتي أني علي قدر المسؤلية بإذن الله "
ابتسمت أحلام برضا وربتت علي كتفه قائلة:
"حسناً يابني دعنا نتناول العشاء معاً ليكن خبزاً وملح "


أستأذن حميد من ياسمة كي يرد علي هاتفه المحمول فوالد سيلين يلح عليه بالإتصال ..خرج مسرعاً من حجرة التحاليل التي أخذ ياسمة لأجراء بعض التحاليل رغبه منه في معرفة مدى الضرر الذي سببته حبوب منع الحمل التي كانت تأخذها السنوات الماضية ..
فتح خط الأتصال مجيباً ليأتيه صوت والد سيلين صائحاً :
"سيلين أصيبت في حادثة ..أحضر بسرعة "
أنتهي الفصل ********









أووركيدا غير متواجد حالياً  
التوقيع
وتمر الحياة بحلوها ومرها ...ونحيا كما قدر لنا أن نحيا ..فإرضي بما قسم لك يابن أدم ..لن يأخذ نصيبك غيرك ..وقد يكون ما حرمنا منه شره أكثر مما فيه من خير لنا ..فالحمد لله علي كل شيء
رد مع اقتباس
قديم 30-10-19, 08:35 PM   #617

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 32 ( الأعضاء 5 والزوار 27)
‏سمية سيمو, ‏lolol123, ‏Fairtulip, ‏MonaEed, ‏Aloa



سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-19, 08:48 PM   #618

MonaEed

? العضوٌ??? » 413356
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 356
?  نُقآطِيْ » MonaEed is on a distinguished road
Oo26

احمد والله من البداية كنت شاكة انة قريب الشاب للذى لعبت علية الخقيرة دارين
اتمنى ان كل سؤ وشر ينتوين على فعلة لوجظ ان ينقلب عليهما عاجلا وليس اجلا
شادية امراءة الشيطان ومعلمتة الام
اتمنى ان تبتلع نيرانها فتحرق بها

ام حبيبة خائفة
احببت ضياء وتعاطية مع خالتة مفتقد جو الاسرة والحب والعطف بسبب افاعى قامو بتربيتة

لميا وحمزة والله كان نفسى لميا وهو خارج من الغرفة تحدفة باى شئ يلبس بخلف عنقة

وجد وناديم وقلوب قلوب قلوب يالله من بعض كلمات لوجد من نديم
اكرم وهو الكرم من الله لسومة واخوة مااجملة ياذو الكرم

ياسمة وحميد وصدمة الفصل
حادث سرين
ابعتى ايمان فصل ملغم


MonaEed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-19, 09:22 PM   #619

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسلم ايدك إيمي
الفصل رائع بكل تفاصيله

شادية ودارين ينظران لوجد بعين نفسهما و ويكيلانها بميزان اخلاقياتهم الهابطة فهم ينطبق عليهم المثل القائل (اللص يرى كل الناس لصوص) فهما تتصوران ان وجد رسمت وخططت ونفذت لتحصل على نديم .. وبالتالي تعززت نظرتهم السلبية نحوها.. شادية وابنتها تخططان لسلب سعادة وجد وكسرها لا لشئ فقط حسدا وكرها ولؤما منهما.. لكن يبقى امر الله نافذ ( ويمكرون والله خير الماكرين)..

دارين .. وصح توقعي ان احمد ينتقم لاخيه من دارين وكل لقائهما السابق مدبر منه ليكسر شوكة شرها .. ولينتقم لشباب أخيه الذي ذهب سدى لانه احب دارين و صدق حبها له..
دارين ترمي شباكها نحو احمد تحسب انها تصطاده بمهارة جاهلة انها هي الفريسة التي ابتلعت الطعم بكل غباء.

ضياء.. الذي انتشل نفسه من درب الضلال والتيه الذي غلف روحه لسنوات طويلة مرت.. وجد ذاته في بيت اكثر الناس بعدا عنه وخوفا منه.. بيت احلام .. الذي استشعر فيه دفئ العائله.. رائ فيه قوة الروابط التي تقطعت بينه وبين عائلته.. فقرر المضي بدربه الجديد وتبؤ مكان في حضن هذه العائلة علها تدفئ صقيع أيامه ..
متأكدة ان ضياء سيكون خير عون لوجد في محنتها المرتقبة مع شادية.. متأكدة انه لن يحيد عن درب الحق الذي وجده بعد عناء.

احلام.. حبيت فيها اعتمادها على حدسها .. واخذها بمحاسن الأمور وعدم تعنتها وتمسكها بالكره .. حبيت انها عاملت ضياء حسب الآية الشريفة ( ولا تزر وازة وزر أخرى)

نديم .. ماعاد يسيطر على قوة مشاعره الجارفة تجاه وجد.. فبات يحاصرها بحلو وعمق كلامه وهل يلام وهو العاشق الذي يذوب عشقا في امرأة امتلكت منه القلب والعقل والجوارح.. امرأة اسعده حظه انه سيكون معلمها لابجدية العشق من الألف إلى الياء .. وهي كما قال نزار قباني (وانا ماعندي تجربة في الحب ولا عندي زورق.) فتجد وجد نفسها تغرق .. تغرق ولا طاقة لها لمقاومة الغرق بل هي من تسعى اليه بعباراتها البريئة.. ثم تهرب في آخر لحظة.

اكرم.. احزنني مشهده جدا.. صعب أن يشعر الإنسان انه لن يكون اهلا للحب يوما ما .. والأصعب انه يعتبر الحرمان قدره.. صحيح ان اكرم معاق جسديا .. لكن روحا وقلبا ومشاعر هو طبيعي بل وأكثر حسا من الطبيعي .. مؤلم انه واعي ومدرك لحتمية وضعه.

لمياء... و آآآآه اما لحزنك من نهاية .. واما لخذلانك من حد .. فهاهي رغم وجع المعرفة والم كتم الأسرار .. لازالت تقاوم وتعافر لتستمر .. لازالت تسعى لتكون موضع ثقة لحمزة.. لربما باح لها باسرار ماضيه. . لربما استطاعت تجاوزها .. ولكن هيهات ان يكون لها ما أرادت.. فحمزة كان قد وضع خطة و سقف زمني لينال ثقتها .. وتقبلها.. ومن ثم ربما قلبها .. فسماحها .. لا يدرك انه يلعب في الوقت الضائع.. وان مايخبئه سرا أصبح مشاع وان الصراحة هي مفتاح الاستقامة في حياتهم.. واخر الأمر اضلمت الليلة باحزان الاثنين.. الليلة التي كان من المفترض أن تضئ بسعادتهما..

ياترى ماذا يخبأ القدر لياسمة من مفاجأت ..
تسلم ايدك حبيبتي 🌹🌹🌹🌹


Maryam Tamim غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-19, 10:04 PM   #620

Shadwa.Dy

? العضوٌ??? » 418619
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 627
?  نُقآطِيْ » Shadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond repute
افتراضي

الرواية رائعة....دارين و امها مصيرهم يقعو بش أعمالهم.....بس ياسمة كتير عندها خنوع صحيح عندها ظروف بس القليل من القوة و إثبات الشخصية و الوجود..

Shadwa.Dy متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:36 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.