آخر 10 مشاركات
54-لا ترحلي-ليليان بيك-ع.ق ( تصوير جديد ) (الكاتـب : dalia - )           »          بين قلبين (24) للكاتبة المميزة: ضي الشمس *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أجمل الأفلام القصيرة..«خاسب الدبابه يا غبى منك ليه».. (الكاتـب : اسفة - )           »          واحترق الجليد(2) - قلوب شرقية -للآخاذة: (Jamila Omar (jemmy[معدلة]*كاملة & الروابط* (الكاتـب : Jamila Omar - )           »          394 - بين جمر و جليد - نيكولا مارش (الكاتـب : monaaa - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          106 ـ صيف في غيتسبرغ ـ بربارا بريتون ع. مدبولي (كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree60Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-12-19, 04:58 PM   #771

شمسالحياة

? العضوٌ??? » 415742
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 173
?  نُقآطِيْ » شمسالحياة is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أووركيدا مشاهدة المشاركة
شوشو ياقمر 😍😍😍بحب انك بتاخدى بالك من التفاصيل والحتت الصغيرة قوى دى بجد ابهرتيني انك فصصت المشاهد .. دارين بقت زى اللي بيلعب حبل الحبل فوق جهنهم ياتعدى ياتفع في قلب النهار وتبلعها ياتري مين اللي هيوقعها احمد ولا عامر 😶😶
يا هرابة كده شككتينى اكتر ايه علاقة احمد بعامر




شمسالحياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-12-19, 06:38 PM   #772

أووركيدا

قلم مشارك بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية أووركيدا

? العضوٌ??? » 443464
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 536
?  نُقآطِيْ » أووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمسالحياة مشاهدة المشاركة
يا هرابة كده شككتينى اكتر ايه علاقة احمد بعامر
ولا أي حاجة ..فاعل خير😉😉😉


أووركيدا غير متواجد حالياً  
التوقيع
وتمر الحياة بحلوها ومرها ...ونحيا كما قدر لنا أن نحيا ..فإرضي بما قسم لك يابن أدم ..لن يأخذ نصيبك غيرك ..وقد يكون ما حرمنا منه شره أكثر مما فيه من خير لنا ..فالحمد لله علي كل شيء
رد مع اقتباس
قديم 18-12-19, 11:37 AM   #773

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-12-19, 02:17 PM   #774

أووركيدا

قلم مشارك بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية أووركيدا

? العضوٌ??? » 443464
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 536
?  نُقآطِيْ » أووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم
بعتذر عن الفصل النهاردة للأسف رغم اني كتبت فيه كمية كبيرة لكن مقدرتش اخلصه ..اسفة جدا دور البرد رد عليه تاني وبقالي كام يوم شغالة محاليل وسخونية حقيقي بعتذر 😳😳😳


أووركيدا غير متواجد حالياً  
التوقيع
وتمر الحياة بحلوها ومرها ...ونحيا كما قدر لنا أن نحيا ..فإرضي بما قسم لك يابن أدم ..لن يأخذ نصيبك غيرك ..وقد يكون ما حرمنا منه شره أكثر مما فيه من خير لنا ..فالحمد لله علي كل شيء
رد مع اقتباس
قديم 19-12-19, 08:19 PM   #775

حناان محمد

? العضوٌ??? » 373975
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 516
?  نُقآطِيْ » حناان محمد is on a distinguished road
افتراضي

سلامتك احلى اروكيديا
منتظرينك


حناان محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-12-19, 12:19 AM   #776

أووركيدا

قلم مشارك بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية أووركيدا

? العضوٌ??? » 443464
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 536
?  نُقآطِيْ » أووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond repute
Icon26

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حناان محمد مشاهدة المشاركة
سلامتك احلى اروكيديا
منتظرينك
الله يسلمك ياحنون حبيبتي


أووركيدا غير متواجد حالياً  
التوقيع
وتمر الحياة بحلوها ومرها ...ونحيا كما قدر لنا أن نحيا ..فإرضي بما قسم لك يابن أدم ..لن يأخذ نصيبك غيرك ..وقد يكون ما حرمنا منه شره أكثر مما فيه من خير لنا ..فالحمد لله علي كل شيء
رد مع اقتباس
قديم 25-12-19, 02:49 PM   #777

أووركيدا

قلم مشارك بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية أووركيدا

? العضوٌ??? » 443464
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 536
?  نُقآطِيْ » أووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond reputeأووركيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أنا حقيقى بعتذر للمتابعات الكريمات الرائعات لروايتى أنى فى الأونة الأخيرة بعتذر كثير بس بجد والله أنا محطوطة تحت ضغط كبير سواء فى شغلى أو بيتى ..أشكرك لصبركم معايا وتحمل أعتذاراتى وكرم أخلاقكم وعلى كل كلمة تشجيع ومساندة وصلتنى منكم ..... أتمنى الفصل ينول رضاكم ويعجبكم



الفصل الرابع والعشرون
*******************

رن الهاتف بيد لمياء فأشرق وجهها بحبور وهي تهتف " إنه حمزة "
ثم أجابت على الفور :"حمزة .. "
ليأتيها صوت مجهول يخبرها :
" أنا آسف سيدتي ولكن صاحب هذا الهاتف أصيب في حادثة "
تجمدت لمياء غير قادرة على التلفظ بكلمة واحدة .. تشعر أنها فقدت الشعور بنبض قلبها ، ولم يعد باستطاعتها حتى على زفر أنفاسها التي توقفت بصدرها تكاد تشقه لنصفين.. لكن إلحاح الرجل في النداء عليها حين لم يسمع منها جواباً أرغمها علة الرد عليه بطريقة مبهمة ثقيلة :
" أين هو الآن ؟"
أجابها الرجل بسرعة :
" إنه في مشفى الرحمة وأنا الممرض الذي اعتنى به .. وبمجرد أن أفاق طلب مني أن أتصل بك "
سألته سريعاً بتوتر ملحوظ :
" هلا أعطيتني العنوان بالتفصيل "
سرد لها الممرض عنوان المشفى والطريق الذي عليها أن تسلكه حتى تصل إليه .. فشكرته واستقامت واقفة تدعي التماسك رغم ارتعاد فرائضها خوفاً على حمزة ..
نادتها وجد بقلق وأمسكت ذراعها تنبهها لوجودها وقد لاحظت شحوب وجهها :
" لمياء .. هل أنت بخير ؟.. ماذا هناك ؟"
نظرت لمياء إليها بتشتت لدرجة أن عينيها المغشية بالدموع لم تستطع تبين ملامح صديقتها جيداً .. لن تخبرها الحقيقة .. لا .. لن تكسر فرحة صديقتها الوحيدة ، وتستبدل بهجتها بتلك الصدمة المريعة فحالهم سينقلب جميعاً وتكون السبب في تعكير صفو سعادتهم بهذا اليوم ..
أرغمت فمها على التمدد بابتسامة باهتة ، وربتت على ذراع وجد تخبرها بصوت حاولت قدر المستطاع أن يكون طبيعياً فجاء رغماً عنها جافاً مهتزاً :
" أبداً لا يوجد شيء .. انه أحد أقارب حمزة المقربين إليه.. حدثت له حادثة وهو معه الآن في المشفى.. هو لم يشأ أن يخبرني من قبل حتى لا يوترني .. اعتقد أنه الآن بما أنه قد تم عقد القران واطمأننت عليك يجب أن أذهب إليه لأبقى بجواره "
شعرت وجد بلمياء تحاول اظهار ثباتها أمامها فأكدت عليها سائلة :
" لمياء أنت لا تخفين شيء عني .. هل هذا ما حدث حقاً "
استطردت لمياء تدعي الاستغراب :
" ولماذا سأخفي عنك شيئاً ياجوجو .. الأمر بسيط ، ولكني أريد أن أبقى إلى جانبه حتى لا يظن أني تركته في ظرف كهذا .. ألست محقة بذلك ؟ "
أهدتها وجد ابتسامة متفهمة وقالت :
"نعم لديك كل الحق حبيبتي ..اذهبي إلى زوجك واظهري له معدنك الأصيل حتى يعلم أي امرأة رائعة أنعم الله بها عليه .. "
اعتذرت لها لمياء بصدق :
" اعذريني ياوجد أني سأتركك في هذا الوقت وأرحل .."
" أبداً لمياء ..ما هذا الذي تقولينه ..أنا سعيدة من أجلك ، أنك أخيراً وجدت السعادة مع حمزة ... هيا اذهبي لزوجك وكوني إلى جواره ..وسأكون على اتصال بك "
تمتمت لمياء وهي تستدير راحلة :
" أرجوك أبلغي اعتذاري للجميع على رحيلي المفاجئ "
ثم فتحت الباب وانطلقت للشارع ، تتسلل دون أن يلحظها أحد ، فما عاد لديها طاقة لتبرر أسباب رحيلها لهم ، كل ما يهمها الآن أن تذهب لزوجها .. تكاد تطوي الأرض طياً لتصل إليه وتملي عينيها برؤيته .. ترى ما الذي حدث له .. ما الذي أصابه ..ليتها هي ولا كان مسه سوء .. فألمها هي قد تتحمله ولكن أنات أوجاعه هو تضني النفس وتصب في الروح جمر حارق ..
أشارت لأول سيارة أجرة مرت من أمامها، وحالما استقرت بداخلها أعطت السائق عنوان المشفى ، وهي تترجاه أن يسرع بها، فنظر إليها السائق مقدراً حالتها، وفي غضون نصف ساعة مرت عليها كنصف عمر كانت قد وصلت لوجهتها ، فتوجهت مسرعة للداخل تستعلم عن زوجها تمليهم اسمه فدلتها الممرضة على غرفته ، فهرولت إليه تدعو الله أن يلطف بها ولا ترى فيه ضراً شديداً يحرق قلبها عليه ..كانت تهرول في الممر الضيق حتى قابلها ممرض صغير السن فاستوقفته تسأله بأنفاس لاهثة عن رقم الغرفة فنظر إليها مستفهماً :
"هل أنت زوجة السيد حمزة "
اندفعت تجيبه وهي تشير لنفسها :
"نعم أنا هي أرجوك أين هو "
أشار اليها الممرض بأدب :
" تفضلي سيدتي من هنا ، أنا من اتصلت بك .. اطمئني إنه بخير "
حاولت لمياء أن تهدأ نفسها قبل دخولها إلى حمزة، لكنها بمجرد أن رأته ممداً في الفراش، ورأسه ملفوق بالشاش الأبيض، وأحد الأطباء يقف أمام سريره يفحصه ويقيس ضغطه، انطلق نحيبها دون إرادة منها فوضعت كفيها فوق فمها تكتم صوت البكاء فهدأها الممرض بلطف :
" سيدتي لا داع لكل هذا الأسى السيد حمزة بخير "
هزت رأسها بضياع واندفعت إليه تتفحصه بعينيها المطفأتين ..كان يرقد فوق السرير غائب عن الوعي شاحب الوجه بعدة كدمات تغطي جانب وجهه الأيسر .. فتمتمت بأسى :
"حمزة "
رفعت أنظارها للطبيب الواقف أمامها في الجهة المقابلة من السرير وسألته :
"ما الذي حدث له ..هل حالته خطيرة ؟.. أرجوك أخبرني الحقيقة أنا زوجته"
أجابها الطبيب بثبات وهدوء :
"لقد صدمته سيارة في الشارع وأتى به صاحب السيارة لهنا ..لديه جرح في رأسه وقد أخطناه له لنوقف النزيف، وقمنا بعمل أشعة على العظام والرأس .. لديه فقط بعض الرضوض في جسمه اثر سقطته على الأرض والحمد لله لا يوجد لديه أي كسر أو ارتجاج في الدماغ "
التفت لمياء إلى الممرض تسأله:
" لكنه لا يتحرك .. ألم تخبرني على الهاتف أنه افاق "سألته لمياء بقلق
فأجابها الطبيب:
" إنه فقط تحت تأثير المسكنات .. سيفيق بعد قليل ويمكنك بعدها أخذه للمنزل ويستطيع استكمال العلاج هناك "
أغمضت عينيها لوهلة تحمد ربها على سلامته ثم سألت الطبيب :
"هل يمكنني المكوث معه حتى يستفيق ؟"
" نعم بالطبع .. " أخبرها الطبيب ثم انصرف مسرعاً ..
فجلست إلى جواره بصمت لا تقوى على إزاحة ناظريها عنه.. حبيبها الشريان الثائر داخل ضلوعها .. ماذا كانت ستفعل لو كان مسه ضر أكبر ؟! ..
مسدت صدرها براحة يديها فنار الخوف التي تجيش بصدرها تكاد تحرقها بكليتها في انتظار أن يرفع أهدابه لأعلى ويرنو إليها .. كيف تحول يومها بهذا الشكل الكارثي ، من عز الفرحة إلى عز البؤس والقهر على محبوبها فالليلة كانت ستعطيه قرارها النهائي .. لتكون ليلتهم الأولى وبداية حياتهم .. إنها تحبه حتى فاض قلبها بالمحبة فأزاح ألمها من ماضيه وتكدر نفسها، مما زجته الظروف لفعله رغماً عنه أو برضاه ولم يدع مكاناً سوى للعشق ففي النهاية بأي حق تدينه بسوءات الماضي إن كان رب العالمين قد تاب عليه ...
دقات خفيفة على الباب نبهتها لوجود زائر فمسحت خديها بظهر كفها واستقامت ناهضة لتقابل ذلك الغريب مستفسرة :
"هل تريد شيئاً سيدي ؟"
تقدم منها الرجل مفسراً بحرج :
" أنا صاحب السيارة التي صدمت زوجك .. أتمنى أن تقبلي أسفي على ما حدث، رغم أن الأمر لم يكن خطأي على الأطلاق .. فزوجك من ظهر أمامي فجأة وكان يعدو عابراً الشارع وكأن الشياطين تلاحقه، وقد حاولت أن أتفاده أو أوقف السيارة بأقصى سرعة لكني في النهاية اصطدمت به .. أنا بالطبع تحت أمركم في أي تعويض ومستعد لأي مساءلة قانونية .. لقد دفعت فاتورة المشفى ولن أبرح مكاني إلا بعد أن تطمئني على زوجك "
لم تعرف لمياء بما تجيبه، فالرجل يبدو صادقاً بحديثه محترماً وعلى خلق فأجابته :
" لا أعرف بما أجيبك لكني أشكرك كثيراً لأنك اهتممت بزوجي وجلبته إلى المشفى هنا و... "
قاطع حديثها نداء واهن من حمزة :"لمياء .."
فاستدارت على عقبيها عائدة إليه بلهفة :
" أنا هنا حمزة .. هل أنت بخير ..هل تشعر بشيء ..سأطلب الطبيب ليطمئن عليك "
لم تكد تبتعد عنه حتى تسمك بكفها يمنعها قائلاً :
" أنا بخير .. أريد العودة للمنزل "
" سيد حمزة حمد لله على سلامتك .." استطرد الغريب قائلاً فقابلته نظرات حمزة المستفهمة عن كنيته فوضحت لمياء بسرعة :
"حمزة هذا السيد ..." توقفت لمياء متذكرة أنها لم تسأله عن اسمه فأجابها الغريب :" سليم .. أنا سائق السيارة التي صدمتك ..وسأقول لك مرة أخرى ما قلته لزوجتك أنا تحت أمركم في أي تعويض أو أية مساءلة قانونية "
سأله حمزة باستغراب :
"لماذا أشعر أني رأيتك من قبل .. هل التقينا سابقاً "
عقد سليم حاجبيه يحاول أن يتذكر إن كان وجه الراقد أمامه قد مر عليه من قبل لكنه لم يجد له أثر في ذكراه فأخبره :
"لا ..لا أعتقد أننا تقابلنا من قبل ربما تخلط بيني وبين شخص آخر "
رد حمزة بضعف متأثراً بألم رأسه :
"ربما .. أشكرك سيد سليم على اهتمامك بالاطمئنان عليّ ونقلي للمشفى .. أنا لا ألزمك بشيء فالخطأ كان خطئي أنا لأني لم أكن منتبها لأي شيء حولي .. اعذرني إن كنت قلبت لك ليلتك وورطك معي "
تنهد سليم ارتياحاً لانفضاض هذا الأمر بسلام وقال مفكراً :
" لا أبداً سيد حمزة .. في الحقيقة ما حدث الليلة جعلني أعيد التفكير في أمور أخرى تخصني ..أظنها إشارة من الله لأستفيق وأعرف أولوياتي وأعيد حساباتي ..على العموم هذه بطاقتي أتمنى لو احتحت يوماً لأي شيء أن تحدثني ..تشرفت بمعرفتك "
تناولت لمياء منه البطاقة وشكرته ثم استدار سليم خارجاً مع قدوم الطبيب الذي أعاد فحص حمزة :
"حمزة لقد كان ضغطك مرتفع جداً حين وصلت أرجو أن تبتعد عن أية مؤثرات عصبية هذه الأيام وإلا أحذرك أن تقع تحت مغبة علاجات ارتفاع الضغط "
أطاعه حمزة بهدف التخلص من تواجده في المشفى والسماح له بالخروج، فبعد ما حدث الليلة هو أبعد ما يكون عن الهدوء النفسي لقد طعن بيدي أقرب الناس إليه ،الأقرب إلى روحه ونفسه ..
بعد انهاء إجراءات الخروج وتنازله عن أي شكوى ضد سليم، استقر حمزة ولمياء داخل إحدى سيارات الأجرة للعودة إلى منزلهم ..
ساعدته لمياء للوصول إلى سريره وتغير ملابسه ثم أخبرته بلطف :
" سأحضر لك شيئاً لتأكله ..لابد أنك نزفت الكثير من الدماء "
رفض حمزة بضعف :
" لا أريد شيئاً .. أريد أن أبقى بمفردي لمياء "
رمقته لمياء بحزن وهزت رأسها بالرفض :
" كيف تريد مني أن أتركك وأنت بهذه الحالة ؟!"
تحولت ملامحه إلى مزيج من العبوس والحزم فالألم الناطح برأسه قلص صبره إلى أبعد حد فأخبرها بعصبية :
" لأني أخبرتك أن تتركيني بمفردي ..هل أحدثك بلغة غريبة عليك لا تفهمينها ..(ثم ارتفع صوته بصياح حاسم ) لا أريد شيئاً منك ، لا أريد شفقتك .. لا أريد تعاطفك أو اهتمامك بي ..فقط اذهبي واتركيني لحالي"
شعرت لمياء بالخوف عليه خاصة وتألمه واضح على كل خلجه من خلجاته.. هي تعلم بداخلها أنه يعاني، وأن ثمة أمر عظيم حدث معه قبل الحادث فضمت كفيها أمامه بتوسل وحاولت تسكين ثورته بعيون دامعة :
"حسناً ..حسناً سأخرج ولكن اهدأ قليلاً أرجوك وتذكر تعليمات الطبيب "
خرجت لمياء تكتم نحيبها بصعوبة وبمجرد أن أغلقت باب غرفتها وأزاحت حجابها حتى ارتمت على الأرض أمام فراشها باكية..
دمعة سالت من نبع الألم
وأخرى شطرت روحها نصفين
والثالثة باحت بعجز النفس
لا تعلم إن كانت تبكي قهراً على طرده لها، أم راحة على سلامته .. لا يهم .. المهم أنه بخير ..أن أنفاسه مازالت تحاوطها وكلاهما يتنفس هواء واحد ..
تعال نشيجها أكثر حتى أحست بنغزات الألم بصدرها فغرست قبضتها بغطاء السرير تتمسك بنسيجه محاولة الحد من تأوهاتها والتماسك لكنها في كل مرة تحاول ضم فمها والتوقف تهمس شفاهها باسمه مشتاقة قلقة فتشهق باكية مرة أخرى أقوى من السابق..
بكت وبكت حتى حطت كفه الدافئة فوق ظهرها ،رفعت رأسها إليه بفزع وصدرها يختض بشهقاتها المتتالية ،فتهاوى إلى جوارها جالساً يستند بظهره على طرف السرير ثم حدثها بنبرات مختلجه :
" لمياء ..لماذا تفعلين هذا بنفسك !!... أنا لا استحق كل تلك الدموع منك "
وضعت يدها فوق حلقها المتألم وقالت بمرارة والدموع تنهمر من عينيها :
" كيف لا تستحق حمزة .. أنت حبيبي ..شئت أم أبيت روحي معقودة بروحك ، قدري أن أهيم عشقاً بك ، أن تكون دنيتي وحاضري وحتى نهايتي ،أنا أتألم لأوجاعك أضعاف أضعاف ما قد تشعر به أنت وأكابد خوف يستعر بنفسي عليك "
ضرب حمزة بقبضته فوق قلبه تأثراً ، وهو يهز رأسه يميناً ويساراً، بقلة حيلة أمام دفء مشاعرها الفياضة، ونقاء روحها. ثم شدها لصدره بتملك شديد وهو يتأوه براحة عميقة فدست نفسها بحضنه أكثر تتمرغ بدفئه، تفرغ كل شجنها وتوترها فوق ضلوعه فأسند جانب وجهه فوق شعرها يطبع قبلات خفيفة عليه وهو يسألها بتهدج :
" كيف لازلت على حبك لي رغم كل خطايا الماضي وأنت الغريبة عني .. كيف افترضت لي الأعذار وغضضت بصرك عن كل ما يؤلمك كامرأة في حين أن من شاركتني رحم واحد لم ترحمني "
رفعت لمياء وجهها تنظر إليه بصدمة وهي تهمس بعيون أذبلها البكاء :
"سارة !!.. وكيف علمت ؟"
أجابها حمزة ساخراً :
"ومن غير آمال "
انفطر قلبها لأجله قبل حتى أن يسرد عليها وقائع مواجهته مع أخته ..توأمته .. الخنجر الذي ظل موجها لظهره طيلة عمله مع تلك العقربة ..فهمست ذاهلة بذعر :
" يا الله يا حمزة .. يا الله ..ما الذي أخبرتها به "

عاد حمزة بذاكرته إلى ما حدث منذ ساعات يسرد على لمياء ما حدث .....
فلاش باك ....
أتم حمزه تفحصه لسير الأمور داخل المطعم وأعطى تعليمات صارمة لمساعده بمراقبة العمل جيداً في غيابه ..ثم استعد للذهاب لملاقاة لمياء ، كم يشتاق إليها فمنذ أن عادا وقد ترك لها مساحتها الخاصة والوقت الذي تحتاجه من أجل تحديد موقفها معه ..بداخله شعور قوي أنها ستخبره الليلة بقرارها فكل الشواهد منها تخبره بهذا .. بعد أن أفضى لها بحقيقة ماضيه لم يجد منها أي نفور ، بل على النقيض تماماً كانت تحدثه كصديقة قبل أن تكون حبيبة تسأله عن كل ما يمر بخاطرها عن تلك الفترة بحياته ويجيبها هو بنزاهة فيراها تعقل حديثه وتفند فرصه وحجته ودوافعه بداخلها لتخبره في النهاية أنها تتقبله بكليته ،فلا هو شيطان ولا هي ملاك ، كلاهما بشر وما من بشر ليس مسوس بالخطيئة والذنوب وخيرهم من تاب وأناب وغفر..
نظر حمزة للسماء شاكراً رب العباد على عطيته ونعمة وجود لمياء في حياته، وهو في طريقه لسيارته ،إنها كما لو كانت هبة والقيت عليه وعلامة عن رضا الله عليه ولن يفرط بها أبداً ..
رن هاتفه بمجرد جلوسه خلف عجلة القيادة فالتقطه يجيب اتصال سارة ببهجة عاشق أخيراً رأى من الحياة بهجتها :
" توأمتي العزيزة ... كيف حالك يا جميلتي؟"
أجابته سارة مباشرة بصوت مكتوم غاضب :
"أريد رؤيتك في الحال حمزة ... أنا أنتظرك في شقة والدينا "
سألها حمزة بقلق :
"ما الأمر سارة لقد اقلقتني ... هل أنت بخير"
أجابته سارة بتهكم ساخط :
"ومن أين سيأتي هذا الخير ... تعال حالاً حمزة حالاً"
ذهل حمزة حين أغلقت سارة خط الاتصال فجأة ..فتوجس شراً من معاملة سارة الفظة له وأسرع بسيارته ينهب الطريق إليها ثم اتصل بلمياء يعتذر عن حضوره لعقد قران وجد فأخته في المقام الأول مهما كانت ظروفه .
وصل لمنزل والديه بوقت قياسي فصعد يقطع سلالم منزلهم القديمة بأقصى سرعته وفتح باب شقتهم بنسخته الخاصة من المفاتيح ليقابلها سائلاً باهتمام وهو يراها بتلك الحالة من الاشتداد والحنق :
"سارة ما الأمر عزيزتي ؟!.. أنا هنا إلى جوارك وسنحل أية مشكلة معاً .. "
ردت سارة باتهام :
"وأي مشكلة ستحلها إن كنت أنت نفسك المشكلة"
تراجع حمزة مصدوماً بحديثها وسألها باستغراب:
"أنا المشكلة يا سارة!.. لماذا؟!"
نظرت إليه سارة بسوداوية وسألته :
"هل كنت متزوجاً من امرأة تدعى آمال يا حمزة ؟"
ردد حمزة بقلب هادر وهو يبتلع غصة الألم بحلقه :
" آمال !!.. وكيف عرفت بها ؟"
أجابته سارة بمقط وغيظ :
"السيدة المبجلة جاءتني اليوم في العيادة وأخبرتني بمصدر أموالك الحقيقي وكيف خرجت من العدم لكل هذا الثراء .. ومن أين كنت تحصل على المال الذي كنت تعطيه لي كي أكمل تعليمي .."
تجمد حمزة بمكانه صامتاً لا يقوى حتى على التفكير بما يجب أن يقال أو حتى يدعيه .. فأجابته سارة باستحقار حين لم تجد منه رداً:
"من جيوب النساء ..أليس كذلك ؟.. كنت تنفق علينا من أموال زوجاتك وتأتي بدواء أمنا بأجرتك التي كنت تقبضها جزاء تمتعهن معك ،أطعمتنا الحرام و ملأت جوفنا من ثمن نجاستك "
تألم كما لم يتألم يوماً كما لو كانت تدوس بثقل اتهاماتها نبض قلبه ..ليتها كانت دست كفها بصدره وانتزعت منه خافقه ليلقي أنفاسه الأخيرة عند قدميها ولا كانت ألقت بوجهه مثل تلك الكلمات الجارحة :
"نجاستي يالمياء !!.. أصبحت الآن ترينني نجساً لأني قبلت على نفسي ما لا يرضاه بشر لكي أحافظ عليك وأحقق لك حلمك بأن تصبحي طبيبة "
رفعت سارة ذراعيها عالياً بيأس وأجابته بتهكم :
" كنت أعلم أن هذا سيكون ردك ..بالطبع لابد وأن تظهر نفسك البريء المظلوم الذي ضحى من أجل أخته الجشعة التي لم يكن يهمها سوى استكمال تعليمها أليس كذلك ..؟ أرجوك عذرك أقبح من فعلتك .. (ثم أشارت إليه بأصبع الاتهام )..كم مرة طلبت منك أن أخرج للعمل كي أساعدك وأنت من كنت ترفض مدعياً أنك رجل العائلة بعد أبي ..أنت من قبلت بالتضحية منذ البداية فلا تأتي الآن لتحملني أنا ثمن أفعالك "
أين أخته .. بأي حق تخفي تلك الواقفة أمامه توأم روحه لتستبدلها بهذه النسخة القبيحة المشوهة من أخته .. أم أنها كانت موجودة بالفعل وحبه الأعمى لها غلف كل مساوئها بستار لامع يخفي عن بصره كل عيوبها التي أنبتتها فيها حياتها الجديدة ..
سألها لا يصدق أنها بكل تلك القسوة :
"متى أصبحت بكل هذه الأنانية سارة .. أنت تحدثين أخاك .. أنا حمزة الذي عاشرته أكثر من أي شخص آخر .وعاصرت معي كل الاحتياج وضيق الحال الذي مر علينا منذ وفاة والدنا .. كنت تريدين مني أن أتركك تخرجين للعمل ..؟ إن كنت أنا الرجل وحصل معي من الاستغلال والتضليل ما لا يعقله عقلك اللامع فما بالك بما كان سيحصل معك أنت كفتاة ..(صرخ بها بإنطفاء).. تلومينني لأني حافظت عليك وأخذت على كاهلي عبء تحقيق حلمك "
أردفت سارة تجيبه بنبرة جارحة :
"ولم تجد سوى هذه الطريقة المخجلة .. أنا التي كنت اتباهى أمام الجميع أن أخي رجل عصامي بني نفسه من لا شيء وهو في النهاية ليس سوى .. سوى شخص مزواج يوقع العجائز في حبه حتى يمتص أموالهن "
طعم الاتهام الصدئ من فمها كان يتغلغل داخل نفسه مسمماً كافة جوارحه فرد عليها بضياع
"وهل وجدتُ طريقة أخرى ولم أفعلها .. هل سألتني منذ وصلت عن حقيقة ما سمعته ..أنت فقط تكيلين لي باتهام تلو الآخر وكأنت تقرين بصحة ذنبي .. أتعلمين كم قاومت وكيف رضخت للمضي بدرب كهذا "
أطفأت سارة بردها آخر قنديل أناره حمزة في سبيل التفاهم معها قائلة :
" لكنك في النهاية فعلتها ..وصمت نفسك ولطختني معك بعار ماضيك ..ماذا سأفعل لو علم زوجي أو وصل الخبر لأمه عما كنت تفعله وبكل تلك الزيجات .. أنا نفسي لم أصدق نفسي وأنا اقرأ كل هذا العدد من عقود الزواج العرفي لك ..لقد بعت نفسك وشبابك للشيطان في ، وأنا الآن من ستدفع ثمن غبائك ورزائلك السخيفة "
أيصمت أم يتكلم ..أمران الاختيار بينهم قاس والأصعب أنه في كلا الحالتين خاسر .. لو تحدث لن تصدقه أنها كانت الرصاصة الموجهة لرأسه طيلة تلك السنوات ومصدر رعبه الأوحد خوفاً من أن يمسها سوء بسببه ..وإن صمت فقد أقر واعترف بأنه فعل ما فعل راغباً .. في النهاية سواء دافع عن نفسه أم سكت فقد خسرها وانتهى الأمر ،لن يعودا يوماً كما كانوا .. هي بالأخص من كان يعتقد أنها ستعدد له الأسباب وتتحمل مصائبه وتدافع عنه حتى أمام نفسه ليجدها اليوم أول ما يدينه ويمقته ..فسحقاً لكل تلك المشاعر الأخوية التي جمعتهم يوماً ، ولكل ضحكة وبسمة ولحظة ألفة عاشوها معاً ، ولكل لحظة احتواء وخوف مرت بهم .. ولتذهب تضحيته إلى الجحيم وليحترق بها أيضاً طالما أصبح هو المخطئ والعابث الذي دمر لها مستقبلها ..
استدار عنها ينوي الرحيل فما عاد لبقائه نفعاً سوى لمزيد من التجريح ..حين تبينت سارة من نيته على الرحيل نادته بسخط :
"حمزة إلى أين انت ذاهب ..هناك أمور لابد أن نناقشها "
التفت إليها بجمود قائلاً :
" ذاهب لمن اشترتني بحبها ويقين قلبها وتحملت معي واستمعت إلي بصدر رحب واحتوتني وتفهمت ما لم تستطيعي أنت أن تحاولي مجرد المحاولة أن تفهميه "
هزت رأسها بعناد وقالت باقتناع تام :
"حمزة لا تناور في الخطأ وأعترف أنك أسأت لنفسك ولي بإتباعك لرغباتك وأسهل الطرق وأبسطها لجلب المال ..وتلك التي تظنها تحبك وتهتم لأمرك فهي لا تفعل ذلك سوى لأنها وجدت مصلحتها معك .. فماذا ستنتظر من إنسانة بمثل حالتها المعيشية لن تتخلى بالطبع عن حياة الترف التي تعيشها معك مهما سمعت منك فأحذر لأنها بالتأكيد منافقة كبيرة .."
صاح فيها حمزة مكتفياً من تبجحها فيه وفي شخص لمياء الحنونه، فأين هي من لمياء وطيبتها التي غمرت نفسه البائسة اليابسة :
" أنت هي المنافقة يا سارة لا هي .. أين أختي أيتها الجاحدة المتملقة ..فمن أراها أمامي الآن إنسانة فارغة العقل عقيمة الإحساس.. كان الأولى أن تكوني أنت من يتفهم المشاق التي مررتُ بها لا هي .. لكن كل ما أصبح يهمك هو مكانتك كطبيبة وسيدة مجتمع . تخشين على موقفك أمام زوجك وأمه أكثر مما تهتمين بي أنا ولا تكفين عن طعني وذبحي بكلماتك المهينة والجارحة ،عينت نفسك القاضي والجلاد ومنذ وصلت وأنت تجلديني بسياط اتهاماتك اللاذعة بلا هوادة.. تريدين اعترافي حسنا فلتسمعيه.. كنت عاهراً أتزوج النساء من أجل المال.. نعم ، لكن لم افعلها يوماً بإرادتي ..
أخطأت ..نعم ، لأني كنت غر وابله لأثق في امرأة استغلت صغر سني وعدم رجاحة عقلي وظروفي المتخبطة آنذاك ..
ندمت .. بالتأكيد وتوبتي إلى الله كانت حقيقة بعد أن اطمأننت عليك وعلى حياتك مع رجل يستطيع حمايتك لو حدث لي أي مكروه منها وصممت على التوقف مهما كانت النتائج .. أسأت اليك .. لا وألف لا ، لأن اضطراري للمضي بهذا الطريق الوعر لنهايته كان من أجلك أنت وحفاظاً عليك أنت .. لأني طوال الوقت كنت مهددا بك ، كنت كالشوكة بحلقي إن حاولت التهرب ورفضت أوامر أمال كانت تهددني أن تفعل بك ما لا يخطر على بالك نكاية بي ..
لو عاد بي الزمن كنت لأفعلها ..بالطبع ،لأن لا شيء في العالم يساوي ضحكتك وأنت تتسلمين شهادة تخرجك وفرحتك أنك حققت حلم والدنا ومجدت اسمه فوق لافتة عيادتك .. لأن تلك الأموال هي من مهدت لك كل الصعوبات التي واجهتها مع زوجك من أجل إتمام زواجكما وإرضاء أمه .. أم نسيت كم الطلبات التي كانت لا تعقل منها لإشعارك أنك أقل مقاماً من أن تكوني زوجة لابنها ..
أنا لست قديساً يا سارة حتى لا أخطئ ولست أيضا بكل هذا السوء والعبث الذي تريني به ..أنا إنسان فرضت عليه أسوء الخيارات فحاولت قدر ما أستطيع اختيار أقلها قبحاً وإغضاباً لله فكانت تلك العقود العرفية "
وقفت سارة أمامه مباشرة وأخبرته برعونة :
"وأنا أشكر فضلك وأعدك أن أرد لك كل ما أنفقته عليّ ..لكني سأرده لك بالحلال من عملي أنا لا من استغلال أموال زوجي ، أنا من بنيت اسم لنفسي وسمعة يحسدني عليها الكثيرين وليس بسبب أموالك بل بسبب عملي واجتهادي ومعافرتي للوصول إلى ما وصلت إليه .. إن كنت تعايرني بما فعلته لي وتجهيزي كعروس فهذا حقي عليك يا أخي وما فعلته كان ليفعله أي شخص بمكانك .. وعلى العموم تلك حياتك وذاك ماضيك ولا يخصني منهم شيئاً ولكن حين تمس شظايا أخطائك مثالية حياتي فأنا لن أصمت ..تصرف مع تلك المرأة المجنونة وأبعدها عن الظهور بطريقي مرة أخرى وحذرها أنها لو فكرت للحظة أن تشيع أي من تلك الفضائح على العلن ستجد نفسها وراء قضبان السجن وسأتهمها بالتشهير بي ووقتها من حدث فأعلم أنك انتهيت من حياتي تماماً وأني لن أسامحك مطلقاً على ما اقترفته بحقي "
تبين حمزة بغمامة من الدموع ملامح وجه لمياء المتأثرة بتوجع حواره مع أخته فأكمل يفضي بألم :
" كلماتها ..والويل الويل من قسوة الكلمات حين تطلقها شفاه الأحبة تصبح كضربات الأحجار الصغيرة فوق رأسك ، تظل تتخبط بك وأنت ساهم الفكر عن الألم ، عن الإجابة ، عن الإتيان بأي رد فعل ، فتفتح لهم أبوابك لكي يتمادوا أكثر بكسرك ، ويحرقون كل معاني الأمل والتسامح فيك ، يعيثون فساداً بداخلك ثم في النهاية يتخلون عنك ويتركونك تتخبط وحدك بين أزقة التأنيب وكره الذات.. "
"غبية ..ومحدودة التفكير وناكرة للجميل " صفات تكررت على لسان عقل لمياء مستغربة ردود سارة عليه وهي الأقرب إليه من نفسه .. لم تعرف إن كانت تستطيع الاقتراب منه أم لا .. إن كان سيتحمل منها أي تعاطف أو تطيب خاطر أم سيثور عليها رافضاً مواساتها ..لكنها في النهاية اقتربت منه دون تفكير تضم كفيه بين أصابعها الصغيرة تمده بالقوة والمساندة ولدهشتها شدد من تشابك أيديهم معاً وكأنه يسألها أن تكون له مجداف يعينه على الإبحار خارج صدمته في أخته فأخبرته برفق ورقة:
" أعذرها حبيبي ..لعلها لم تستطع تحمل ما سمعته فاندفعت في حديثها معك ..حين تهدأ بالتأكيد ستعود إليك وتعتذر عن كل ما قالته لك واتهمتك به ، وستقدر كل ما فعلته لأجلها "
أراح حمزة رأسه الصارخ بأوجاعه وقال بدون اهتمام :
" تعود أو لا تعود لم يعد الأمر ذو أهمية عندي لمياء .. فقد غرست بقلبي ذكرى حزينة جارحة سيأبى العقل عن نسيانها وسيظل الفؤاد يتلوى بعمق سوادها حين يحين الأجل .. (ثم أشار لصدره قائلا بتألم ) هنا شيء ما أنكسر ولا سبيل لإصلاحه يوماً ، طيلة حياتي كنت أخاف من تلك المواجهة ولكني كنت اطمئن نفسي أنها أختي ، قطعة مني ، ولن يفهمني أحد أكثر منها ويلتمس لي الأعذار غيرها ، حين صدمتني السيارة بعدما تركتها ورحلت غير قادر علي سماع أي أخرى كلمة منها ، كنت أدعو الله أن يزهق روحي وأرتاح من هول الألم النابض بفؤادي ، للحظة شعرت براحة كبيرة وجسدي يرتطم بصلابة الأرض تحتي يشتتني التألم العضلي عن احتراق ذاتي ، لأول مرة في حياتي أتمنى الموت وأدعو ان تكون تلك نهايتي حتى لا أصحو وتتلاطم ذكريات ما حدث منها على شاطئ أفكاري مرة أخرى "
أنبته لمياء برفق ودمعها يسيل فوق وجنتيها لأجله :
"حفظك الله وأطال عمرك .. ألم تفكر بي وبحالي من بعدك ، لو حدث لك أي مكروه سأموت من بعدك حمزة كمداً عليك ، أتوسل إليك لا تعيد قول تلك الكلمات يوماً امامي ، وأرمي أحزانك على الذي خلقك هو القادر أن يطيب شروخ روحك "
تمتم حمزة باستسلام :
"ونعم بالله ..ونعم بالله "
شدته لمياء ليرفع جسده المرضوض عن الأرض فشحوب وجهه يزداد وأصابعه باردة كلوح الثلج :
" انهض لترتاح في الفراش حبيبي ..ما مررت به الليلة ليس هين أبدا "
طاوعها حمزة بإرهاق شديد تكاد رؤيته تغشى أمامه فمال جسده لا إراديا وقد تكالبت عليه أحداث الساعات الماضية فما عاد لجسده قدرة على الصمود أو المعافرة فحاولت لمياء إسناده حتى وصل لفراشها متهاوياً فوقه فهمست له :
"سأصنع لك شراباً دافئاً "
شدها حمزة بوهن قائلا بنبرات ضعيفة راجية:
"ضميني إليك لمياء ..أريد دفئك أنت "
مالت عليه لمياء تقبل جبهته بدفء واخبرته :
" امنحني دقيقة واحدة أبدل فيها فستاني بشيء مريح وأكون إلى جوارك"
لم تستغرق لمياء وقتاً طويلاً حتى كانت ترقد إلى جواره بقميص نوم طويل، رقيق وبعيد كل البعد عن أي أغراء فقربها إليه حتى التصقت به ودس رأسه فوق صدرها فحاوطته بذراعها تمسد جانب وجهه وكتفه برقه متحاشية كدمات وجهه والجزء المصاب من رأسه حتى لا تؤلمه فهمس إليها بندم :
"سامحني لمياء لأني جعلتك تبكين "
أجابته لمياء بصدق:
" بكائي كان لأجلك وليس بسببك ..لقد كنت مرعوبة عليك .. وحين وجدتك فوق ذلك الفراش في المشفى , تمنيت لو كنت أنا مكانك ولا أرى فيك سوء يوماً .. عدني حمزة أنه مهما كنت موجوعاً أو مهموماً أن تشاركني ما يتعبك وتفضي لي بما يقلقك .. لا تبعدني عنك , فابتعادك عني فكرياً وعقلياً يؤلمني أكثر , أنا أريد لحياتنا أن تكون سلسلة مبنية على الصراحة والمحبة لنكن صديقين أكثر من كوننا زوجين حتى يسهل على كلانا أن يفضي بمكنونات نفسه للآخر "
ناورها حمزة بأمل رغم تثاؤبه المتعب :
" هل هذا يعني أنك قررت أن نواصل الحياة معاً بعد كل ما سمعته مني تلك الليلة " أجابته بإقرار واضح مسموع صريح : " أنا معك حتى نهاية العمر لو أردت حمزة .. زوجة , حبيبة وصديقة " زفر حمزة أنفاسه أخيراً براحة وقد تأكد من قرارها الأخير ولولا صدمته القاتلة بأخته لكانت سعادته بقرارها وصلت لحد السماء فكل ما فيه الآن يؤلمه من أطراف شعره حتى أخمص قدميه .. لكنه يطيب له قربها منه هكذا كما لو كانت المأوى والسكن والسكينة فهمس بنعاس مشدد على قربها منه :
" أنا أحبك كثيراً يالمياء .. كثيراً جداً جداً ..." وظل يهمس بها حتى غلبه النوم تماماً فقبلت لمياء شعره وهي ترد عليه كلماته بحب أكبر : "وأنا أحبك أكثر من الحياة نفسها يا حبيبي"

**********************************
في فجر اليوم التالي
فتحت وجد عينيها لأول مرة منذ وقت طويل متفائلة خيراً بالحياة , بلا غصة تؤلم صدرها وتضيق عليها أنفاسها خوفاً من مستقبل غامض , وبلا غمائم الحزن والكأبة التي كانت تغلف أيامها سابقاً ... كيف تغيرت حياتها من النقيض للنقيض بلا مقدمات مسبقة أو ترتيبات مقصودة منها , إنه القدر بكل بساطته وتعقيداته الذي كان سبباً في فرقتها عن والديها .. كان نفسه من زجها في سبيل التقائها بعائلتها من جديد .. بحب غير نظرتها للكون بأسره وأرسى سفينتها أخيراً على مرسى العشق وراحة البال .. أخيراً بعد سنوات من الشقاء وامتهان الكرامة في بيت عمها أصبح اليوم لها أخ يشاكسها وخالة احتوتها بفيض عطفها وكرم حنانها , وحبيب أصبح اليوم رسمياً زوجها وصارت له حلالاً بصك ملكية أمهرت عليه توقيعها على نغمات اعترافاته العشقية ... كم تحبه ورغم كل الاضطراب والخوف المرضي الساكن تحت جلدها عليه ومن أن يضني عليها القدر بسعادتها ويحرمها منه في لحظة لا تتوقعها إلا أنها ستحاول جهدها أخفاء كل نبضة خوف بداخلها متطلعة بشوق لحياتهما معا ... وكيف لا وقربه جنة وراحة وكل شعور معه جديد عليها ومتجدد وكأنها طفلة تستكشف عبثياً كل ما يجود عليها به من مشاعر حسية حميمة ..
تحسست أناملها شفاهها وذكرى قبلته تعيد نفسها فوق ثغرها العذري .. أكانت قبلة تلامست فيها شفاههم أم أتحدت بها أرواحهم ووسمت بحبهم للأبد .. كيف يمكن لرجل أن يكون بكل ذلك الحنان والرأفة التي غمرتها حين ضمها لصدره مهدئاً ارتعاد جسدها بين ضلوعه ... إحساسها بنبضه الهادر كان كالضربة القاضية التي أطاحت بكل ما يختلج بداخلها من اليتم والغربة فكانت ضمته كحض الوطن ...
نبهتها رسالة نصية على هاتفها لتعيدها من دنيا الأحلام الوردية لواقع أكثر حلاوة وواقعية وهي تتبين اسم نديم :
" صباحك سكر ياوجد الفؤاد "
دقت وجد فوق أزرار هاتفها بفرحة عارمة :
"صباح الخير نديم "
أرسل لها نديم وجها حزيناً ذيله بكلمات عاتبة :
" ليس هذا ما أردت سماعه يا زوجتي العزيزة البخيلة "
عضت وجد شفتها السفلية بشقاوة وأرسلت :
" وما الذى تريد سماعه ؟ "
أجابها بسرعة :
" تعالي إلي وأنا أجيبك بكل صراحة ما الذي أريده "
شهقت وجد وأجابته ملصقة وجه محمر خجلاً ثم نادته بتعجب :
" نديم !!.. ما هذا الذى تقوله !!.. تأدب"
" تأدبي أنت يا آنسة .. أين ذهب عقلك , أنا رجل محترم وتفكيري كله بعيد كل البعد عن ظنونك المشينة هذه ... يالك من مراهقة عاطفية , ولعلمك كل ما كنت أنتوي قوله أن تأتي لي في المطبخ لتعي لنا الافطار لا أكثر ولا أقل , ولكن إن كنت ترغبين في شيء آخر فأنا رجل كريم لا أرد سائل أبداً وخاصة لو كانت أنت " كتب لها نديم بمنتهى البراءة والدفاع عن النفس فأرسلت إليه ترد بتفكه :
" يالك من لئيم .. أصبحت أنا الآن المذنبة .. وأي فطور هذا الذي تريده في الخامسة صباحاً يا زوجي العزيز وأنت أساساً في العادة لا تتناول سوى فنجان قهوة في الصباح "
رد عليها نديم بسرعة :
"سأغير كل عاداتي من أجلك لو أنك طاوعتني الآن ونزلت سأتناول معك أي فطور تعديه لي "
أجابته وهي تضع قدميها أرضاً:
" سأصلي الفجر وآتي إليك "
أخبرها نديم :
" أرتدي ملابس للخروج فبعد الفطور سنذهب أنا أنت إلى مكان خاص أردت اصطحابك إليه قبيل سفري في الغد "
رغم نبضة الألم في صدرها عند ذكره لأمر سفره إلا أنها سألته بفضول :
" إلى أين سنذهب "
رفض نديم أخبارها :
" إنه سر .. هيا سأنتظرك فلا تتأخري"
حاولت وجد أن تجهز نفسها بأسرع ما يمكنها كي لا تتأخر على نديم فارتدت بنطال ذو تفصيله واسعة يعلوه شميز متوسط الطول باللون الأحمر محاط بحزام من اللون الاسود عند الخصر وحجاب متداخل الألوان يناسب ملابسها .. منذ انتقلت للعيش هنا وعلم خالها حسين بوجودها وقد خصص لها مبلغ شهري من المال من أجل مصاريفها الحياتية أعانها كثيرا في شراء كل ما حرمت نفسها منه السنوات الماضية ,غير متقبل أي رفض من ناحيتها بحجة أن تلك الأموال ليست بمنحة أو تعطف منه عليها إنما هي من ميراث أمها الذي انكره إخوتها عليها حين هربت ..
تهادت وجد فوق السلالم نزولاً لملاقاة نديم يغلبها الخجل حتى توقفت قدميها عند باب المطبخ مترددة متسائلة كيف تستقبله في هذا الصباح الباكر وبما تناديه ؟.. هل تفتت كل الحواجز , أم تحافظ على مسافة آمنة بينهم !!..
اخترق صوته غفلتها:
" هل ستطول وقفتك هناك ؟.. أنت تقفين بمكانك دون حراك منذ دقائق"
تلعثمت وجد لمرأى وسامته الصباحية ودفء صوته :
" لا أبداً , أنا فقط كنت أفكر بأمر ما .. اكتشفت حالما رأيتك أن لا ضرورة أبداً للتفكير به وترك كل الأمور على طبيعتها أفضل ... صباح الخير"
اقترب منها بصبر يستشف اضطرابها الخجل ويجيبها بنبرات صادرة من أعماقه :
" صباح المسك والعنبر .. صباح الحب لمن استوطنت قلبي وسكنت بالروح دون استئذان فجعلت صباحي يحن إليها ولا يكتمل سوى بنسمات حضورها وبسمتها "
تلجلج صوتها وهي تجيبه دون أن تحيد عيناه عنها :
" نديم أنا لا أعرف كيف أجيب كل غزلك بما يساويه جمالاً .. أعرف أني جاهلة بكلمات الحب ولا أعرف كيف أجاريك بالكلمات فسامحني "
أجابها بابتسامة مغازلة :
" أنا لا أطلب منك رداً يا وجدي , يكفيني الآن حمرة وجنتيك وإشراقة عينيك وأنت تنظرين إلي بكل هذه الفتنة والجمال .. أنا عاشق وخجلك حبيبتي أسر يجعلني أتوه فما بالك لو نطق ثغرك"
تنهدت وجد بعمق ثم ابتسمت تغمرها حرارة كلماته فهمست بصوت خافت وهي تمس براحتها فوق صدرها :
" قلبي ينبض ... أستطيع الشعور به تحت أصابعي هنا , أتصدق أنني لم أشعر به يوماً يخفق بتلك السعادة أو بهذه الراحة , من قبل كان مختنقا ,مكلوماً ومهموماً من الدنيا .. اليوم كل شيء صار مختلفاً .. لقد تصالحت مع نفسي بك وعقدت اتفاقا مع الحياة أن أبدأ فيها من جديد بلا ذكريات سوى أنني حبيبة نديم "
أظلمت عيون نديم بالعاطفة وأخبرها :
" يا ويل نديم وقد أذبت فؤاده فتشكل من جديد باسمك ورسمك"
ثم أخذ نفسا حاداً وأحنى رأسه مقبلاً ذقنها خاطفاً زفرة من حرارة أنفاسها وهو يلثم الشامتين فوق شفاهها برقه متناهية ثم يرتفع لمثيلتيهما أعلى خدها الأيسر يقبل كل منهما قبلة شغوفة حارة وهو يهمس لها :
" كنت أتوق دوماً لتقبيلهما فتلك الشامات تفتنني "
عضت وجد شفتها باستحياء وقالت تحاول الفرار من تلك الهالة العشقية التي تلفهم :
" سأجهز لك الفطور "
ابتسم نديم بتفهم واجابها :
" ومن يحتاج الفطور وقد شبعت النفس بلقياك يا وجدي .. أتعلمين ما أحتاجه حقا؟"
عقدت حاجبيها بفضول وسألته:
" ماذا؟!"
غمز لها بخبث وقال:
" فنجان قهوة تكونين أنت فيه قطعة السكر "
أخفضت وجد وجهها متبسمة بسعادة حقيقة فأكمل نديم :
" ولكن بما أنه علينا التحرك لنصل إلى وجهتنا المحددة دون تأخير فلا سبيل لذلك الآن .. لقد جهزت لنا بعض الشطائر سنتناولهم في طريقنا "
سألته وجد بدهشة :
" سنتحرك الآن !.. في هذا الوقت المبكر !.. هل المكان بعيد لهذه الدرجة "
أجابها نديم بسؤال ذو مغزى له :
" هل يهمك بعده أو قربه وأنا موجود معك "
ردت وجد دون أن تستوعب إلام يرمي نديم :
" في الحقيقة أنا لا أفهم مقصدك .. ولكن وجودك معي يعطني الأمان نحو أي شيء"
قال نديم براحة وبشاشة :
" وهذا ما يهمني سماعه منك الآن .. هيا بنا "
استوقفته وجد :
" وكيف سنذهب هكذا دون أن نخبر خالتي برحيلنا .. الكل مازال نيام ,أعلم بالطبع أنك أصبحت زوجي الآن ولكن بما أن خالي عاد للبلدة وقد تركني بعهدتها فعلينا أخذ الأذن منها أولاً "
أجابها نديم باحترام :
" وهل تعتقدين أنني قد أغفل عن أمر كهذا .. لقد أخبرتها قبل ذهابنا للنوم البارحة وأخبرتها بشأن تحركنا باكراً .. لذا لا داع للتأخر أكثر من هذا حتى نستطيع العودة قبل الليل"
******************


دقت فتون بهدوء باب مكتب سليم تحمل له كوب النسكافية خاصته وبعض الشطائر بعد رفضه لتناول الفطور معهم ..سمح لها بالدخول فخطت لغرفته بهدوء كحالها دوماً ,تقابله بابتسامة لطيفة رغم تجهم وجهه واحمرار عينيه , تعلم أنه عصبي المزاج منذ عاد في البارحة مغلقاً عليه باب غرفته رافضاً أن يحدث أحد , طيلة الليل وهي تشعر به غير هادئ بغرفته فخطوات قدميه كانت تدق بسقف غرفتها حتى الصباح ,وحين يصل لتلك المرحلة توقن أن هنالك ما يشغل باله بشدة , لا تعلم إن كان الأمر يخص تلك الفتاة وعائلتها أم أن هناك أمور جديدة انبرت للساحة تزيد من همومه اكثر مما هو فيه ..
حدثته بلطافة:
" أحضرت لك بعض الشطائر الخفيفة مع النسكافية حتى لا تؤلمك معدتك مع شربك لهذه الكمية الكثيرة من المشروب"
أجابها سليم بضيق :
"لا أريد أن أكل شيئاً , وكفي عن معاملتي كالأم التي تعامل طفلها الصغير "
وضعت أمامه صينية الطعام وقالت بهدوء :
" سأكف عن ذلك حين أجدك لا تتصرف كشخص عنيد لا يعرف مصلحته .. انظر لكل تلك الكمية من أعقاب السجائر التي استهلكتها ولونك الشاحب من قلة النوم والطعام "
غطي سليم وجهه بكفيه متنفساً بحدة فجاورته جالسة وسألته :
" رغم أني أعرف أنك لن تريحني بالإجابة ولكن ربما طاوعت قلبك وليس عقلك وأجبتني عما بك من الأمس"
أجابها بصوت مكتوم من وراء كفيه :
" لا أريد التحدث مع أحد "
ردت فتون دون أن تتراجع :
" أعلم أنك لا تريد التحدث مع أحد ولكن منذ ممتي وقد وضعتني في موضع واحد مع الآخرين , ألم تقل لي دوماً أن لي مكانة لم يصل إليها أحد بعد "
ازاح سليم كفيه وضحك بتهكم قائلاً :
" أنت لن تتراجعي عن استجوابك لي أليس كذلك .. ستظلين تجادليني بالحكمة والمنطق حتى أجد نفسي أسرد عليك كل شيء"
رفعت فتون إصبعها تمسد التكشيرة بين حاجبيه بنعومة وهي تخبره :
"منذ وعيت على وجودك في هذا المنزل كان بيننا رباط غير مرئي يلفنا معا بأريحية وسلاسة , لم أخجل يوماً من الاحتماء بك , مصارحتك بأي شيء أو حتى البكاء أمامك , وأنت نفسك لم تكن ترتاح سوى بعد أن تحدثني وتلقي إلي بما يشغل بالك , إلى متى سأظل أخبرك أن ما بيننا يتعدى نطاق الحب العادي , انا وأنت نكمل بعضنا البعض وسأبقى دوماً الأذن التي تسمعك دون ملل أو احكام "
تأملها سليم بحب يشع كإشراقة شمس الصباح ثم أخذ كفيها بين يديه سائلاً :
" ما الذى فعلته بحياتي لأستحق ملاك مثلك فيها ... أخبريني أنك لن تتركيني ابدا يا فتون مهما كنت معقداً وغبياً "
أجابته فتون ببشاشة :
" لا تقلق فقد اعتدت عليك بكل حالاتك ..ولا سبيل للفكاك من حبك فقد أصبحت حالتي ميؤوس منها بسببك رغم كل ما تفعله بي"
رفع سليم أصابعه ليزيح خصلات شعرها وراء أذنها قائلاً بجدية :
"أنا لا أريد الاستمرار بذلك يا فتون , لا أريد ذلك الانتقام ولا تلك الحياة الغريبة التي صرت أحياها .. رغم أن نفسي تتوق بشدة لفضيحتهم وجعل سيرتهم على ألسن الجميع , لكني اعود وأسأل نفسي هل سيشفي الانتقام غليلي من عائلة كامل الباهي أم ستظل سلسلة الانتقام متوارثة تحرق الأخضر واليابس .. البارحة وأنا قادم إليكم كدت أقتل شخصاً بريئاً بسيارتي "
شهقت فتون برعب وسألته بسرعة :
" وهل حدث للرجل شيئا.. هل مات ؟"
طمأنها سليم يهز رأسه نفياً:
" لا إنه بخير... فقط عدة كدمات بوجهه وجرح برأسه, لقد ظهر لي من العدم وأنا أحاور نفسي عن نهاية ما أفعله , وكأن الله أرسله في طريقي ليخبرني أن أتوقف وأعيد كل حساباتي من جديد فيما يستحق وما لا يستحق.. طيلة الليل أتساءل عما كان سيحدث لكم لو مات الرجل ودخلت أنا السجن "
أخبرته فتون بكلمات تتردد من بين أنفاسها :
"اذن توقف حبيبي ..أنت قلتها بنفسك أننا لا نستطيع تيسير حياتنا بدونك , الانتقام لن يجني علينا سوى الشر فقط .. أنت أردت أن تنتقم من كامل فخذ حقك منه بيدك ,بعقلك .. هذا الرجل بخبثه وشره احتال على أبوك حتى جعله يخسر عمله وشركاته التي ظل طيلة عمره يبنيها بشرف, فنافسه أنت .. كامل هذا ليس شريف على الإطلاق وبالتأكيد ستجد ورائه ثغرات كثيرة تدينه .. طيلة عمرك وأنت تتهرب من خوفك أن يطبعك أباك بشخصيته , تمردت عليه واخترت أكثر ما يبعدك عن مجال عمله لتثبت له وللجميع أنك قادر على النجاح بأي مجال تريده بعيداً عن سلطة والدك"
نظر إليها بعبوس ودافع عن نفسه قائلاً :
" كان لابد من فعل هذا يا فتون بعد أن أخبرني أني مثلها بكل صفاتها الأنانية ولا يهمني سوى مصلحتي فقط "
أنبته دون تفكير :
" قالها بوقت ضيق يا سليم وأوقفه كبريائه كأب أن يعتذر لك عما بدر منه , إنه يحبك أكثر من أي شيء في الوجود وأنت تعلم ذلك .. فكف عن المضي بذلك الطريق حبيبي فلا نفع منه ..عمي يحتاجك إلى جواره أكثر مما مضى والرجل هو من يبارز خصمه بالعلن لا من وراء ظهره مستغلا ابنته "
انتفض سليم وافقا ثم صاح :
" وهل تعتقدين أن دارين هذه ما كانت تستحق ما كنت سأفعله بها .. إنها إنسانة فاسدة بالضبط كأبيها ولو صح القول لقلت عاهرة تلعب على أحمد الجراح ذو المستقبل اللامع والحياة المترفة في أمريكا فى نفس الوقت الذى تقيم فيه علاقة كاملة مع أحد عشاقها ..وأمها كذلك إنسانة متبجحة تظن نفسها فوق الجميع ولا يرتقي أحد لمستواها.. صدقيني تلك العائلة القذرة لا تستحق الرحمة "
رفعت رأسها إليه وقالت بتصميم :
" ولكننا نستحق الرحمة.. أنا أستحق أن تعطف علي وترحمني من الغيرة التي تنهش قلبي واكتمها بداخلي كلما عرفت أنك معها .. أستحق أن اطمئن علي حبيبي وأعيش براحة بال لا بخوف دائم من أني قد أخسرك بأي لحظة ..عمي أمي وإخوتي يستحقون تواجدك بيننا والنظر إلينا بعين الاهتمام .. فكر جيداً سليم بأولوياتك ومسؤولياتك بعقلك وقلبك معاً يا رجل العدل والقانون"
انهت فتون كلماتها واستدارت خارجة لتتركه يتهاوى فوق أقرب مقعد وحيداً تائهاً داخل دوامة صراع العقل والقلب ...

************************************
اقتربت سيارة نديم من المكان المنشود فتوقف نديم عن القيادة ملتفتاً إلى وجد التي ناظرته بتساؤل عن سبب توقفه فسألها :
" هل تثقين بي ياوجد؟..."
ضيقت وجد عينيها بتعجب :
" بالطبع أثق بك نديم ... ما هذا السؤال الغريب!"
شدد نديم أصابعه فوق مقود السيارة وأخبرها :
" اذن هل بإمكاني أن أغم عينيك حتى نصل المكان الذي أود أخذك إليه "
أجابته وجد بدهشة :
" ولماذا تريد فعل ذلك"
رمى نديم بأنظاره خارج السيارة وهو يردد :
" ستعلمين كل شيء حين نصل وأزيح الغمامة عن عينيك "
فكرت وجد أنه لربما يحضر لها مفاجأة ما ويريد أن يثير دهشتها بها فقررت مجاراته بالأمر حتى يصلوا لوجهتهم فأجابته بثقة :
" كما تشاء .. "
ابتسم لها نديم يداري شعوره بالقلق أمامها وقام بربط شريط عريض أسود اللون فوق عينيها ليمنعها تماماً من الرؤية أو استيضاح معالم المكان مذكراً نفسه أن ما يفعله ينصب تماماً في مصلحتها ولكسر أي حاجز من الخوف بداخلها ..
بعد أقل من ربع ساعة كان المكان أصبح مكشوفا لنديم ليتبين نديم وجهته تماماً , فانعطف بحدة ليركن سيارته شاعراً بتوتر وجد إلى جواره رغم محاولتها لتبدو ساكنة فسألته بتوتر ورائحة الهواء تزكم أنفها حتى ضاقت انفاسها :
" هل وصلنا أخيراً ؟ ... "
أجابها نديم وهو يخرج من السيارة :
" نعم وصلنا حبيبتي .. بضعة خطوات خارج السيارة ونصل تماماً "
فتح نديم بابها بأقصى سرعته رافضاً أن يمنحها أي وقت للتفكير أو السؤال .. هو يعلم جيداً أنه يلعب بالنار ولكنه واثق أنها ستكون أقوى أن تدع تلك النار تمسها أو تقف سداً بينهما ... أمسك نديم بكفها يرشدها لوجهتها الصحيحة ليعلو صوت طائر في السماء التفت رأس وجد بحدة لمصدره فارتعش كفها بيده وقالت بإجفال:
" نديم .. أين نحن بالله عليك ؟"
أصبغ نديم صوته بالمرح وأخبرها :
" هل بدأت تخافين بهذه السرعة .. ألم تخبريني من قبل أنني أمانك ... أم أنه حديث مجامل فقط "
لم ينطلي على وجد رنة عدم الارتياح في صوته ومحاولته لجعل الأمر مزحة لكنها وقبل أن تقوم بأي رد فعل حملها نديم دون تردد أو سؤال بين ذراعيه ,ففغرت فاهها باعتراض رافض لتلك الحركة وقالت بغضب :
" نديم لا يصح ما فعلته انزلني أرضا في الحال... لماذا تسجن ذراعي هكذا ... أريد أن أرى أين نحن "
فتمتم نديم بخفة :
" سأضعك أرضا حين نصل"
رفع نديم قدما. تسبق الأخرى محاولا التحكم باهتزاز وجد بين يديه حتى صعد أخيراً فوضعها أرضاً وهو يثبتها بمكانها دون أن يمنحها القدرة على إزاحة الشريط عن عينيها وقال مهدئاً:
" اسمعيني وجد لا داع أبداً للتوتر أنت تعلمين أنني لن أوذيك مطلقاً حتى لو كان الثمن روحي"
صاحت فيه وجد برجاء :
" أرجوك .. فقط أخبرني أين نحن ... وارفع هذا الشريط عن عيني "
" أعلم أن لديك شكوك اتجاه هذا المكان منذ وصلنا ولكن أعلمي أني جئت بك إلى هنا من أجلك أنت "
شعرت به يتراجع عنها فخفق قلبها بشدة وهى تفك رباط الشريط خلف رأسها ... إنها تعي تماماً أين هي , رائحة البحر التي تسللت إلى أنفاسها بشدة , صوت طائر النورس الذي كانت تعشقه قديماً في صغرها , اهتزاز القارب تحت قدميها ,كلها أمور تؤكد أنها الآن فوق قارب في البحر...
لم تكن قادرة على رفع جفنيها خوفاً لكنها أحست بيديه فوق كتفها فرفعت بصرها نحوه وقالت بفتور تحاول إظهار تماسكها :
" وما هو هدفك من جلبب إلى هنا "
رد عليها نديم ببساطة وتفهم :
" أنت أقوى وأشجع إنسانة رأيتها في حياتي ياوجد ... واجهت الحياة بقوة ولم تجعليها تحطمك أو تحولك لإنسانة غير سوية بالعكس قوتك تنبع من عصيانك للرضوخ للأزمات والعقبات التي واجهتك من وقت الحادثة ... لم تتخلي عن حلم والديك فيك حتى بعد رحيلهم وحفرت بالأرض بأظافرك لكى تدخلي كلية الصيدلة , وتحملت ما لم يتحمله أحد في نفس ظروفك لكى تنهضي مجدداً على قدميك ,وتشقي طريقك في الحياة رغم أنف كل من حاول إحباطك وإشعارك بالنقص أو أنك مريضة نفسية... "

شعرت وجد أن توترها بدأ يفقد حدته فمودة نديم والفخر النابع من كلماته لا يمكن إغفالهما وكلماته كانت مفعمة بالصدق لكنه وضعها بأقسى اختبار مر بها منذ الحادثة , أن تعود للبحر ثانية معناه أن تعود معها كل ذكرى سيئة تحاربها بإستماته منذ دخل حياتها ..
استطرد نديم مواصلاً حديثه بقوة يراعي الذعر الطافح على ملامحها :
" أعلم أنك مازلت تخشين البحر ولم تجرؤي يوماً على النزول فيه مرة أخرى بعد انتشالك منه في المرة الأخيرة .. غداً سأسافر داخل تلك المياه التي نقف فوقها .. في البحر عملي , حياتي , المكان الوحيد الذى ناسبني وشعرت فيه بذاتي ومكانتي , تآلفت معه وأحببته رغم أنه لا يؤمن غدره ولكنى مؤمن أن لا أحد يلقى حتفه في أي مكان بالدنيا إلا وكان هذا في أجله ووقته .. أنت دوماً تخبريني أنني حمايتك وأمانك فدعيني أخوض معك تلك التجربة , دعيني أساعدك للتخلص من خوفك والتغلب على ذكرياتك "
صمتت ثم نظرت إليه كما لو كانت تستجديه أن يعتقها من سعار تلك الذكريات .. كانت تعبيراتها تعكس بوضوح صراعها الداخلي وخوفها فبادلها النظرات بأخرى مشجعة قوية.. قالت بصوت مجروح مهتز بأطياف الماضي :
" لا أريد .. الكلام سهل جداً , والفعل أصعب ما يكون , أنت لا فكرة لديك عما واجهناه في عتمة ذلك الليل .. تلك المياه الراكدة أسفل هذا القارب ابتلعت بجوفها أجساد الأطفال والنساء والرجال والعجائز , لم تفرق بين أي منهم , مازلت حتى الآن أتذكر ملوحة المياه وهي تسلخ حلقي طمعاً في رشفة ماء تروى لهيب الظمأ, تسألني أن أتخلص من خوفي من البحر ... أي خوف تقصد , خوفي وأنا أنتظر الموت في أية لحظة حتى أصبحت أتمناه .. أم خوف طفلة تحتضن جثتي والديها الطافيتين في عرض البحر"
تجمدت تعابير وجه نديم وألمها يتسرب إليه وهي تقول بصوت مضطرب تحاول أن تحتفظ بسيطرتها عليه رغم دموعها التي سالت فوق خديها :
" أتظن أنني أخاف من البحر .. لا يا نديم أبداً , أنا فقط أرتعب من صدى تلك الأصوات المذعورة, وأرتعد حين تعلو الأمواج خاطفة معها الأرواح وأكره ذلك الاهتزاز الرتيب للقارب تحت قدمي لأنه يذكرني بأجساد تركتها وحيدة في عتمة الليل لأنجو بنفسي "
أخذ الدفء يسري بصوت نديم وهو يخبرها :
" وأنا أحترم مخاوفك وأقدر قوتك ياوجد في نفس الوقت فأنت مازلت واقفة بمكانك لم تحاولي الهرب أو الفرار من على متن القارب , بالعكس أنت وقفت أمامي تواجهينني بحقيقة أوجاعك .. لقد اخترت أن أنزلك لهذه الغرفة بالقارب خوفاً من يحدث لك انتكاسة إن وجدت نفسك في مواجهة البحر فجأة .. والآن القرار قرارك ,أنت وحدك من سيقرر إن أردت أن تصعدي للأعلى ونكمل الرحلة أم نعود أدراجنا... لك حرية الاختيار وأنا سأوافق عليه دون نقاش معك وهذا وعد مني لك "
تهاوت وجد فوق أريكة صغيرة خلفها مغمضة العينين متسائلة مع ذاتها:
" أتنتفض الآن مسلمة بعدم قدرتها على المضي قدماً بتلك الرحلة وتتقي شر الذكريات وألمها .. أم تقاوم حتى نفسها وتثور على ماضيها بأكمله معلنة أنها تستطيع أن تخطو على نفس ذات الدرب مرة أخرى متغلبة على ضعفها اتجاه البحر... أليس من الأفضل لوجد الجديدة أن تحارب وجد القديمة الضعيفة المستذلة بعقدها على أرضها .. بين مياه البحر ضاعت وجد الوردية بكل عشقها للحياة ونقاوة أحلامها وشقاوتها وبعثت أخرى واهية ,واهنة قاتمة الأفكار, جامدة المشاعر وكارهة للحياة , تنكر على نفسها لحظة فرح أو راحة... ماذا لو أنجبت طفلاً من نديم , كيف لها أن تعلمه أن لا يخشى مكائد الحياة ويحاربها مقتنصا كل فرصه في الحياة وهى نفسها تخشى مواجهة خوفها .. هي لم تكن يوماً جبانة أو متخاذلة أمام أي أحد مهما كان شأنه ومقامه , ولن تتراجع اليوم وليكن ما يكن ...( رفعت رأسها إليه تحملق فيه مشجعة نفسها ) .. ما دام هو موجود إلى جوارها ستتحدى الكون بأسره معه..
أضاءت عينا نديم بلمعة إعجاب وفخر وهو يسمعها تخبره بحسم :
" سأفعلها ... وأسترد نفسى التي تركتها بداخله تنتظرني كي أعيدها لذاتي مرة أخرى "
أجابها نديم بحزم " وأنا معك حبيبتي وعند وعدي بمجرد أن تخبريني أن أعود بك للمرسى سأعود دون نقاش "
استجمعت وجد أنفاسها تملأ صدرها ثم زفرتهم ببطء تهدأ ضربات قلبها المتقافزة وهى تصعد لسطح القارب تواجه شمس النهار الدافئة والبحر الممتد أمام عينيها إلى ما لا نهاية .. دخل نديم لكابينة القيادة يدير المحركات فوقفت أمام الحاجز الحديدي تراقب بتفرس مقدمة القارب وهى تشق طريقها نحو عمق البحر بثبات وتحدي تجابه المياه تحتها وتعلن سيطرتها على زمام رحلتهم ....
تلاحقت أنفاس وجد بصخب كتوالي الصور الضبابية لذهنها وكأن مشهد غرق السفينة يعيد مراسمه من جديد والفارق أنها اليوم تقف كالمتفرجة تسترجع الأحداث في نور النهار وتحت زرقة السماء الصافية ...
كم أحبت السباحة في صغرها وبرعت فيها , عشقت الإحساس بحريرية المياه حول جسدها وانسيابها تحت ضربات ذراعيها , اليوم ماذا تبقى لها من عاداتها القديمة وشغفها سوى أهوال ما عاشته تلك الليلة السوداء .. فمن الملام !!!...
أتلوم بحر هائج أحتضن بين جنباته ثمرة إهمال البشر .. غرق الباخرة لم يكن ناتج عن غدر البحر وإنما كان لجشع أصحابها الذين ادخروا أموالهم وكنزوها لمتعهم وأهوائهم وبخلوا بها على ترميم المحروسة وإصلاح أعطالها ... البحر لم يقتل ضميره ويتلاعب بأرواح أناس أبرياء كان كل همهم العودة لديارهم سالمين...
البحر بريء من موت والديها فمجريات الأحداث ونهايتها كانت لتكون واحدة سواء كانت فوق اليابسة أو تحت الماء , فالبحر ما كان إلا موقع لائم وقائع الأحداث , والحقيقة التي لا يغفلها مؤمن أن الموت واحد مهما تعددت أسابه وصوره, في النهاية قدر لهم مفارقة الحياة وبقت هي على قيدها , ماتا أمام عينيها .. نعم .. ولكنها على الأقل استطاعت أن تودعهم وتشاركهم لحظاتهم الأخيرة ..
تناهى إليها نداء نديم لتفيق من جدالها الفكري وهو يسألها :
"وجد .. هل أنت بخير ؟... أنا أناديك منذ فترة وأنت تقفين متخشبة بمكانك وكأنك رحلت بعقلك لمكان آخر .. أخبريني الصدق حبيبتي , هل الأمر يفوق قدرتك على التحمل والمواصلة "
تنفست وجد بعمق وراحة غريبة دون أن تجيبه فقط نظرت إليه بابتسامة صافية ثم التفتت للبحر تتأمل جماله الذي اختفى عن ناظريها منذ وقت طويل لبرهة لتجيبه بعدها برضا وفكرة واحدة أصبحت تسيطر عليها :
"أشكرك حبيبي لأنك أرغمتني على رؤية خفايا وحقائق الأمور من وراء ستار الأسى الذى فرضته على نفسي "
ثم ودون أدنى تفكير مالت وجد بنصفها العلوي من فوق سياج المركب لترمي بنفسها إلى داخل مياه البحر فتلقفها البحر بصدر رحب بالتزامن مع صياح نديم عليها بفزع ...
غاصت تكتم أنفاسها متحكمة بارتياع صدمة جسدها الوجل حين أرتطم بالمياه مرة أخرى بعد كل هذا الوقت الطويل .. تتحدى رهبتها الطبيعية ببسالة امرأة جلدها القدر بقسوته واقتات عليها تمسكها بالحزن حتى نال من فرحتها ..
حركت ساقيها وذراعيها بآلية تشق طريقها لأعلى وكأنها لم تتوقف يوماً عن العوم مكتفية من التعاسة والهم فالحياة أقصر من أن تضيع على ندم لا ينتهي .. صعدت ترفع رأسها عالياً فوق سطح الماء تشهق طلباً للهواء كالوليدة التي خرجت للعالم أخيراً بعد صراع طويل داخل مخاض القهر والعجز .. تجدف بذراعيها تطوي المسافات بينها وبين ذلك الساعي إليها بلوعة العاشق الهلوع على محبوبته, تتعلق برقبته وهو يحاوطها بذراعيه معانقا دون أن يكف عن ترديد اسمها سائلاً :
" وجد .. كيف فعلت هذا يا مجنونة , لقد كاد قلبي يتوقف وأنا اراك تغوصين داخل المياه بلا أية مقاومة .. إياك أن تفعليها مره أخرى "
أراحت رأسها فوق كتفه وقالت بظفر:
"لقد استعدت نفسي القديمة مرة أخرى يا نديم .. من اليوم سأخضب أيامى كلها بالتفاؤل والأمل .. لن أدع شيئا يخيفني أو يكسرني من جديد "
تراجعت للخلف قليلاً تعلق عينيها بعينيه وتؤكد :
" البحر لم يعد سبب علتي ولا يخيفني ..فقد أيقنت أنه مظلوم كظلم من فقدوا أرواحهم فيه .. "
دهش نديم من منطقية وجد وقدرتها على الانتصار على ضعفها ورهبتها من البحر فأخبرها بأعجاب :
" لا أصدق أنك استطعت فعلها ياوجد .. أنا فخور بك وبشجاعتك ( ثم ضم وجهها بين يديه بحب جارف وواصل بحرارة ) ويشرفني كونك حبيبتي وزوجتي وأنك ستكونين يوما ما أم رائعة لأطفالنا ..."
ردت عليه وجد بصوت عاصف بالمحبة :
" وأنا أحمد الله أنه ساقك في طريقي و أنعم علي بجعلك من نصيبي وقسمتي .. أنا أحبك .. أحبك يا نديم .. أحبك "
أجابها نديم بقبلة تعطش فيها للارتواء من حلاوة ثغرها ليتذوق طعم البحر فوق ثنايا شفتيها بوله وهو يحاوطها بين طيات حبه واهتمامه مفتون برعشة أصابعها بين خصلات شعره المبتل وشعوره بتجاوبها الخجل معه ..ابتعد عنها بعد وقت لا يعلم قصره من طوله ليسألها بأنفاس هاربه :
" أتستطعين السباحة حتى القارب "
هزت رأسها بنعم غير قادرة على تشكيل كلمة واحدة والتفوه بها من قوة هدر قلبها جراء قبلته اللاهبة .. بعد وقت قصير كان يسحبها بقوة من الماء لترقد لاهثة فوق سطح المركب بساقين تهتزان تعباً وذراعين أرهقتهم السباحة بعد وقت طويل من التوقف .. فرقد إلى جوارها ساحباً كفها لتتشابك أصابعهم معاً , التفتت إليه بجانب وجهها متبسمة وأخبرته :
" لو أن أحداً أخبرني أنني اليوم سأسبح من جديد داخل مياه البحر ,لكنت أخبرته أنه من رابع المستحيلات أن أفعلها "
أجابها نديم بصفاء وبشاشة :
" حب السمسم أخبرتني ذلك أيضاً .. كانت مرعوبة عليك كثيراً حتى كادت تجعلني أتراجع عن قراري قلقلا عليك أن تنتكسي مثلما حدث حين عرفت من أكون, ويضيع كل الأمان الذي شعرت به معنا , وحده أكرم من كان يشجعني ويخبرني أن بداخلك قوة أكبر بكثير مما تظهرينها وستتخطين ببسالة رهبتك من البحر إن واجهته مره أخرى "
شكرته وجد باحترام وامتنان :
" أشكرك يا نديم لأنك لم تتراجع عن فعلتها , وكنت إلى جواري .. فقد استقويت بحبك وبوجودك في حياتي على أي عقد أو مخاوف بداخلي"
رفع نديم كفها إلى فمه يلثمه بعمق ثم أراحه فوق خده قائلاً :
" أنا معك ويدي ستبقى دائماً بيدك حتى آخر أنفاسي "
أستند نديم على جنبه الأيسر وقد أراح رأسه فوق كفه وهو يتأملها ليرى وقع كلماته عليها ينعشه لمعان عينيها الآسرة وحلاوتهما , وثغرها المنبسط بابتهاج ورضا .. فلم يتمالك أصابعه من أن تفك حجابها الملتصق برأسها بعد أبتلاله بالماء ليزيحه عن شعرها المبتل .. فجلست وجد بسرعة شاعرة بالحرج وهي تعترض أصابعه التى كادت تخلل شعرها المعقود خلفها :
" نديم أرجوك ... أنا أشعر بالحرج أن أبقى أمامك وشعري مكشوف "
همس لها نديم بحشرجة :
" من أجل خاطري ياوجد الفؤاد ... أنت زوجتى الآن فلا تبخلى علي برؤيتك هكذا .. ( ثم غمز لها بأبتسامة صغيرة قائلا) .. كما أنها ليست المرة الأولى التى سأرى فيها شعرك "
نظرت إليه وجد باندهاش لبرهة ثم داهمتها ذكرى تلك الليلة حين ذهبت لحجرة خالتها فثارت قائلة:
"لقد أكدت لى خالتي سومة أنك لم تلحظني حين دخلت عليكم ولم أكن أعلم بوجودك "
أجابها بخبث :
" كان عليها أن تخبرك بذلك حتى لا تحرجي فى وجودى وخاصة أننى أعترفت لها تلك الليلة بحبي لك "
توردت وجد وسألته مرددة :
" حبك لي ؟.. كنت تحبني في ذلك الوقت ..! "
أكد عليها :
" وكنت أحترق من غيرتي عليك بسبب هذا الماهر الذى أقتحم حياتنا وبدأ يستميلك نحوه "
هتفت برقة :
" أتعلم لست وحدك من كان يغار .. كلما كنت أفكر أنك يوماً ما قد تختار إنسانة لتشاركك حياتك وتتزوجها .. كنت أشعر بالمرارة وأنا أتخليك مع امرأة أخرى توليها حبك واهتمامك , ورغم علمي أنها أنانية مني ولكني طالما شعرت بك ملك لى وحدي .. درعي الحامي ومنقذي وأماني .. ولا يحق لأخرى أن تأخذك مني .. حتى أكتشفت فى النهاية أننى ببساطة أحبك "
رنا إليها نديم مأخوذاً باعترافها وهمس بعذوبة :
" لم تغيبي عن عقلي كل تلك السنوات الفاصلة منذ تلك الليلة حتى التقيتك من جديد وأنا أنقذك من أمام السيارة .. حين رفعت جفنيك ونظرت فى وجهي علمت أن تلك العينان المميزتان بألوان الغابات النضرة لا يمكن نسيانهما "
سألته بابتسامة مناوره :
"وكيف تأكدت وقتها أنها أنا .. فالعيون الملونة كثيرة "
أجابها بحرارة وهو يشد رباط عقدة شعرها لينحل بنعومة ويسقط من فوق كتفها ينساب فوق الجانب الأيمن من صدرها :
" فى اللحظة التى ذكرت فيها المرأة اسمك أيقنت أنها أنت وأنه كان مقدر لنا اللقاء من جديد.. كنت أحفظ اسمك بالكامل ولم يغب عن عقلي أبداً.. فكل ما فيك يخصك أنت فقط .. مميز بك سواء اسمك , رسمك , لون عينيك , .. قوتك وأنت فى عز ضعفك.. ولمحة الحزن التى تجملك "
تنهد بعمق ثم زفر أنفاسه بسخونة وهو يهتف بوهج المحبة أمام وجهها القاني بالخجل وأصابعه تتسلل بين خصلات شعرها الرطبة :
"سبحان من صورك بكل هذا الجمال والبهاء .. كحورية بحر من الخيال أنت, أسرت بعشقها قبطان البحار .. فيارب صبرني على البعد حتى يوم اللقاء "
شعرت وجد بقشعريرة تسري بداخلها متيمة بكل ما يلفظه لسانه تحبباً فيها .. تحبه والحب قليل فيه ..فعلقت عينيها به وكأنها مخدرة تهمس:
" كيف سأعيش بدونك حتى هذا اللقاء وقد تعودت أن أفتح عيناي فى الصباح رغبة فى رؤياك .. أنا بدونك غريبة بلا مأوى ولا سند "
أشتعلت عيناه بنيران العاطفه بهمسها المبحوح فتمتم بهيام :
" رحماك ربى رحماك ... قلبي ما عاد يحتمل "
ثم دس كفه اليمنى وراء عنقها يجذبها إليه بولع يرتشف من شهد شفتيها بنهم عاشق ما عاد به صبر أو أحتمال , يضمها لصدره كأغلى ما يمتلك من الدنيا , يعصف قربها بتعقله وتريثه وهو يتلمس ليونتها وطرواة جسدها ومنحنياتها تحت كفيه وقد سهلت ثيابها المبتلة مهمته حتى وصلت أصابعه تحت بلوزتها تتحسس بشرة جسدها الناعمة ويلصقها به أكثر فشعر بارتجافها الشديد بين ذراعيه وفمه يقبل بشرة رقبتها النابضة بقوة تحت شفتيه ورغم علمه أنه يتخطى حدود براءتها لكنه لا يستطيع التوقف ولا يريد ...
هجومه الحسي عليها هذه المرة لا قدرة لها ولا طاقة على مواجهته أو التمادي فيه فكافة حواسها فى تخبط تام .. واثقة أنها معه بأمان لكن لمساته أصبحت راغبة متحررة وأدراكها لا يسع لكل تلك الدفقات الحسية دفعة واحدة .. ولا خجلها الفطرى وعفوية أنوثتها تسمح لها بالتقبل أو الأنجراف بتلك الرغبة الأن ..فنادته من بين أنفاسها الصاخبة بصدرها متوسلة إياه أن يتوقف :
" نديم أرجوك توقف .. أنا خائفة "
هوت كلماتها فوق رأسه تعيد إليه وعيه ورجاحة عقله فتراجع عنها بصدر هادر الأنفاس ..يشيح بعينيه عن هيئتها المهلكة خاصة وثيابها تشف كل ما تحتها .. وقلبه تسمع خفقاته كدقات الطبول .. وقد تملكه الندم أن يكون قد أخافها بثورة مشاعره .. فتمالك ثورة مشاعره وأحجم رغباته فيها .. فمسد كتفيها بحنان وقبل جبينها باعتذار دافئ :
" سامحيني على تهوري .. أعلم أنى قد بالغت فى إظهار شغفي بك ولكنه رغماً عنى صدقيني , فهواك أطاح بعقي وحين لمستك لم أستطع تمالك نفسي .. أنا آسف حبيبتي "
أجابته وجد برفق وحرج رغم عصبيتها الدخلية :
"لا داعى للأعتذار حبيبى .. أنا بخير "
حاول نديم فض تلك الهالة من التوتر حولهما والخروج من سيطرة مشاعره نحوها فاقترح قائلاً:
" ما رأيك أن نبحر لساعة أخرى أو أكثر , أعلمك فيها القيادة ونصطاد بعض السمك لو كان لنا حظا جيداً وبالمرة تكون ثيابنا جفت تماماً..( فهو لا يضمن نفسه إذا ما طلب منها أن تخلع ملابسها كي تجففها ) ثم نذهب لتناول الغداء قبل عودتنا للمنزل .. وأعدك أن أكون مؤدباً ومسالماً لأقصى حد "
أجابته وجد بمرح :
" موافقة "
استقام نديم واقفاً يساعدها في التوازن على قدميها قبل أن يسحبها معه الى كابينة القيادة فأدارت وجد رأسها للفضاء الواسع فوقها تتمتم بصمت وحنين :
" أبى وأمى أنا لن أنساكما مهما حييت .. في القلب دوماً ستبقون أحياء حتى ألقاكم .. اللهم أرحمهم وأنر قبورهم وأسكنهم فسيح جناتك "

*************************************
تمايلت دارين أمام مرآة حجرتها بغنج امرأة تعلم جيداً جمالها ومواطن فتنتها .. الليلة ستكون أميرة متوجة ..ما أرادته بشدة وضحت من أجله ستحصل عليه فبعد قليل سيدق أحمد بابها ويطلب يدها من أبيها ويضع خاتمه بأصبعها .. ستتباهى به أمام الجميع وتستمتع بنظراتهم الحاسدة وأشتمام حرقة قلوبهم على ارتباطها برجل كأحمد سينقلها بسرعة الصاروخ إلى عالم غير العالم وحياة لم تصل فى أقصى أحلامها إلى العيش فيها .. كل ما عليها فعله أن تبقي على علاقتها بعامر لبعض الوقت وتساير أمورها مع أحمد وبعدها حين يتحقق المراد وتصبح زوجته فعلياً فالحياة القادمة ستزهر لها وحدها وتنتصر على الجميع ....
أضاء هاتفها برسالة نصية من عامر فتبرمت شاتمة بسرها أختياره للتواصل معها بأوقات غير مناسبة تماماً.. ثم أبتسمت بدلال وهي تقرأ كلماته :
" أين الصور التى أردتك أن ترسليها لي بقميص النوم الجديد "
هى ليست بساذجه لتعلم أن مثل تلك الصور قد يبتزها بها عامر تحت أى ظروف لذا بعثت إليه تخبره :
" ولما العجلة عزيزي غداً سأقف أمامك به وتراني كما تشاء .. بدلاً من بضعة صور باهته"
أجابها عامر بتسلية وهو يعلم مقدماً جوابها :
" ولماذا ليس الليلة ... "
تأففت دارين منه ودقت فوق الحروف بحنق :
" لأننى أخبرتك مسبقاً أن اليوم سيتقدم أحمد لخطبتي من أبي"
أجابها عامر ساخراً:
" حسناً أيتها العروس المستقبلية أراك غداً فى موعدنا المحدد "
ردت دارين بمثالية تمتثل لكلماته :
" أمرك سيدي "
لوى عامر فمه بتهكم عند رؤيته لردها المتقن ثم بدأ بأخذ عدة لقطات للمحادثة وأرسالها لخطيبها المنتظر ...
تلقى سليم عدة أشعارات بوصول عدد متتالي من الرسائل على هاتفه وهو يستكمل أرتداء بذلته فترك ما بيده وبدأ يتفحص محتوى الرسائل المرسلة إليه من ذات الرقم الذي أرسل إليه عدة رسائل مسبقة تفضح ستر ابنة كامل وعلاقتها الغير شرعية مع الأشخاص .. أمر لم يستغربه كثيراً بعد كل ما سمعه عن علاقتها المتعددة وحبها لكسر قلوب عاشقيها وضحياها الذي كان آخرهم زميل لها بالجامعة بسببها أصبح قعيداً فوق كرسي متحرك ...
دار سليم بعينيه فوق كلمات المحادثة المثيرة للغثيان ورمى هاتفه فوق الفراش ليستدير أمام مرآته يواجه نفسه متسائلاً ..
" كنت تنتوي فضحها يوم زفافكم ياسليم وكسر قلبها حين تتركها أمام الجميع بلا مبالاة وأنت تواجه أبوها بحقيقتك .. يعلم أن فعل كهذا سيؤثر على سمعة كامل فى السوق الxxxxية ويخفض من أسهم شركاته وخصوصاً لو استغل ما لديه من دلائل على علاقتها الجنسية مع عشيقها أثناء خطبتها له ....ولكن هل سيرضيك هذا الانتقام أو الإساءة إليها وهي نفسها مستنقع للقذارة كأبيها تماماً , الفرق أن ابنته تهوى الإيقاع بالرجال .. وهو يستغل كل نقطة ضعف لأي من خصومه ليطعنه فيها بلا هوادة حتى يسلبه كل ما يملك ويهدم حياته تماماً .. "
تملك الغضب بسليم وهو يتذكر نكسة أبيه الصحية بعد أن فقد أكبر صفقة فى تاريخ أعماله الxxxxية منذ عام .. بسبب الأساليب الملتوية من كامل وكانت النهاية أن خسر أبوه شركته وسمعته وجزء كبير من ثروته .. وجعلته اليوم حبيس الفراش بسبب جلطة حادة كادت تودي بحياته حتى أنه حاول الانتحار منذ مدة..أطاح سليم بزجاجات العطر المتراصة أمامه بعصبية وهو يزمجر صائحا :
" سأجعلك تدفع ثمن أفعالك كلها ياكامل ستتذوق من نفس الكأس الذى أسقيته للناس"
ثم ألتقط هاتفه من فوق الفراش وأجرى أتصالاً مخبراً الطرف الآخر :
" أنا قادم إليك فى الحال .. هل جهزت كل شيء "
ليأتيه الرد :
" كل الأمور تمت على أكمل وجه, وأنا في انتظار قدومك .. الليلة فرصتنا التي لن تعوض "

************أنتهى الفصل*********




أووركيدا غير متواجد حالياً  
التوقيع
وتمر الحياة بحلوها ومرها ...ونحيا كما قدر لنا أن نحيا ..فإرضي بما قسم لك يابن أدم ..لن يأخذ نصيبك غيرك ..وقد يكون ما حرمنا منه شره أكثر مما فيه من خير لنا ..فالحمد لله علي كل شيء
رد مع اقتباس
قديم 25-12-19, 05:03 PM   #778

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 25 ( الأعضاء 7 والزوار 18)
‏سمية سيمو,عبير سعد ام احمد+, ‏Samah Yousef, ‏walaa elswesy, ‏Aloa, ‏suhair soso, ‏أووركيدا



سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-12-19, 06:45 PM   #779

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
Bravo

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أووركيدا مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أنا حقيقى بعتذر للمتابعات الكريمات الرائعات لروايتى أنى فى الأونة الأخيرة بعتذر كثير بس بجد والله أنا محطوطة تحت ضغط كبير سواء فى شغلى أو بيتى ..أشكرك لصبركم معايا وتحمل أعتذاراتى وكرم أخلاقكم وعلى كل كلمة تشجيع ومساندة وصلتنى منكم ..... أتمنى الفصل ينول رضاكم ويعجبكم



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
مساء الجمال جميلتي...
لا تعتذري أبدا أوركيدا الغالية ونحن مقدرين ظروفك...
يسر الله جميع أمورك وسهلها....
وشكرا لك من أعماق القلب على جهودك المبذولة لاسعادنا بكل ما تخطه أناملك المبهرة يا رائعة.... حقق الله لك ما تتمنينه جميلتي...
.......
والآن نأتي لتعليقي عن الفصل:

قلبي عليك لمياء كم قلقت على حمزة ولم تظهري ذلك لصديقتك في يوم سعادتها وعقد قرانها كي لا تحزن وجد معك كم أنت رائعة.... والحمد لله اطمأن قلبك عندما رأيته أمامك يتنفس وبعد كلمات الطبيب ارتحت قليلا ولن ترتاحي حتى ترينه مستيقظا أمامك....
.......
ما سبب سرعة حمزة وعدم رؤيته للسيارة التي اصطدمت به يا ترى بالتأكيد هنالك شيء حدث له....
كما قال السائق الذي صدمه....
.......
أووووووه سليم إذا الذي اصطدم بحمزة....
......
دمعت عيناي تأثرا من أجل لمياء بسبب دموعها وطرد حمزة لها يريد ان يكون وحيدا بالتأكيد حدث أمر كبير ليجعله بتلك الحدة معها من دون قصد....
......
يا الله قلبي عليك حمزة سارة علمت بالحقيقة من آمال.... كم أمقتها تلك المقيتة الله أكبر عليها.... كانت مواجهتك قوية مع سارة ووللأسف لم تتفهم ذلك بل صدمت وغضبت كثيرا منك وجرحتك بكلماتها كم أود ضربك وبشدة سارة ما هذه الأنانية التي انت بها هكذا تجرحين أخاك صدقا أود ضربك وبشدة........ أوااااه على حزنك وألمك حمزة.... دمووووع دمووووع....
.......
أنت راااائعة لمياء بمساندة زوجك بأشد أوقاته ألما.... أحببت مساندتك له.. صدق من قال كلمة تجرح وكلمة تداوي ذلك الجرح...
.....
سعيدة حقا من أجلك وجد وأتمنى لكما السعادة أنت ونديم...
أين سيأخذها نديم يا ترى؟؟؟
......
جميل ما قلته لسليم يا فتون وهو أيضا علم ان الانتقام لن يفعل شيء سوى زيادة ألمه فقط... وعلمنا أخيرا ما فعله كمال المقيت لوالده واحتياله عليه....
سيأتي يوما لكل ظالم الله يمهل ولا يهمل كمال....
......
أحببت جدا ما فعلته نديم باحظارك لوجد للبحر وهي كانت رائعة وقوية وتغلبت على خوفها من البحر وجميع ما حدث بالماضي من أجلها ومن أجل نديم أيضا..
كم أحببت مساندته لها وكلماته المشجعة وكم سعدت من أجلها عندما تخطت ألمها وخوفها من البحر....
أنت رائعة وجد وأتمنى لكما السعادة من كل قلبي...
.......
دارين أنت تحلمين كثيرا صدقيني ستصدمين قريبا من الذي سيحدث أعتقد ان سليم لن يأتي لخطبتك ولن يقوم بفضحك بل أعتقد أنه سيفعل بكامل كما فعل هو بوالده....
.......
وانتهى الفصل المتميز والمبهر "ما شاء الله تبارك الله"...
أبدعتِ بكل كلمة كتبتها حبيبتي أوركيدا.... سلمت أناملك المتميزة عليه...
حفظك الله وأسعدك....
وفي انتظار القادم وما سيحدث من أحداث بحماس كبير جدا...
تحياتي وودي وقبلاتي وتقديري لك...



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً  
التوقيع


"كن متفائلاً ولا تدع لليأس طريقاً إلى قلبك.."




رد مع اقتباس
قديم 25-12-19, 06:46 PM   #780

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 27 ( الأعضاء 5 والزوار 22)
‏الأسيرة بأفكارها, ‏Mona eed, ‏MonaEed, ‏منال سلامة, ‏أووركيدا


الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً  
التوقيع


"كن متفائلاً ولا تدع لليأس طريقاً إلى قلبك.."




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:27 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.