آخر 10 مشاركات
أربعة شكلوا حياتها (66)-شرقية-ج2 سنابل الحب-للمبدعة:منال سالم [مميزة] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : منال سالم - )           »          1107-معركة التملك-شارلوت لامب د.ن (ج2 من السداسيه كاملة)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          سِـــيدْرَا (41) -نوفيلا- ج1 من سلسلة سنابل الحب للرائعة: منال سالم *كاملة & الروابط* (الكاتـب : منال سالم - )           »          شَهدُ الأفاعي (43) -ج3 سلسلة سنابل الحب- للمبدعة: منال سالم*مميزة*كاملة مع الروابط* (الكاتـب : منال سالم - )           »          193 - دمعة على ثوب أبيض ! - كيت والكر (الكاتـب : dalia - )           »          إمرأتي و البحر (1) "مميزة و مكتملة " .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          العشق الممنوع(71)-قلوب شرقية-للمبدعة:منى لطفي(احكي ياشهرزاد[حصريا]مميزة-كاملة&الروابط (الكاتـب : منى لطفي - )           »          حين تشاء الأقدار(51)-قلوب شرقية- للرائعة :مروى شيحه [حصرياً] مميزة*كاملة& الروابط* (الكاتـب : مروى شيحه - )           »          محكوم بأمر الحب (55) -قلوب شرقية- للرائعة: mema ameen [مميزة]*كاملة* (الكاتـب : mema ameen - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قـلـوب رومـانـسـيـة زائــرة

Like Tree28Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-08-19, 10:13 PM   #121

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


ايام الامتحانات التمهيدية انقضت بسلاسة .... الكل كان يشجعها ويساندها ..حتى رضاب كانت تتصل بها يوميا لكي تطمئن عليها .... وهذا الأمر جعلها تشعر بتوتر اكبر ...فقد تضاعف الضغط عليها ...... ليس من العدل ان تخفق وتطفئ شعلة حماس التي امتدت واشتعلت في العائلة كلها بسبب غبائها المزمن .... اجل غباء مزمن ... هذه الكلمة التي كانت تردده عليها والدتها للان ترن في اذنها كناقوس مزعج !!!
واظب زهير على تدريسها وتشجيعها المستمر كما انه كان يحسب لها درجة الامتحان التقديرية ....وقد كانت الدرجات كلها لا بأس بها
خرجت من المدرسة المركزية المخصصة لتأدية الامتحانات بذهن شارد .... زفرت الهواء بتعب ..اليوم كان هو الاخير .... رغم انها اجابت على كل اسئلة الامتحانات السابقة ورغم ان زهير قد احضر لها الأسئلة المرشحة للمواد الدراسية التي كانت بمثابة تمهيد للامتحانات الوزارية ... الا ان الخوف والتوتر لايزال يتسلل داخلها ...ربما هناك مادة هي لن تنجح بها ؟!! فمن غير المعقول ان تخرج من هذه الامتحانات هكذا ...بكل سهولة ؟!!!!
زفرت الهواء بضجر وهي تعدل حزام حقيبتها الصغيرة بيد بينما يدها الاخرى كانت تحتضن الملزمة التي اخذتها لكي تراجع بها الدروس صباحا .... لم تنتبه ولم تبالي لذلك الشاب الذي دفع كتفها ثم اعتذر اسفا بأدب الا عندما سمعت صوت زهير الهادر وهو ينقض على الشاب بالسباب والضرب .... توسعت عينيها بقوة و تراجعت الى الوراء بذهول ...ما الذي جرى !!! رباه هل جن زهير !!!!
تجمهر الشباب والرجال بمحاولة منهم لفض هذا الشجار العنيف ..... سمعت صوته وهو يقول بغضب وهسترية
- اقسم بالله لو رأيتك تسير قرب هذه المدرسة مرة اخرى سأكسر رقبتك وقدميك ...جيل فاشل ومستهتر ....

كانت تقف جانب السيارة بالضبط وهي ترتعش من ملامح زهير الحادة الغاضبه ...ما ان رآها حتى صرخ بحدة قائلا

- لماذا تقفين هنا ؟!!! ادخلي الى السيارة يا مدام !
بدون ان ترد عليه بحرف فعلت ما امرها به بطوعيه واستسلام فهي تعرف زهير عندما يكون غاضبا فأنه يتصرف بطيش وتهور .... قاد السيارة وهو لايكف عن السب والشتم .... همست قائلة بصوت لاهث بمحاولة منها ان تطفئ لهيب غضبه المشتعل

- هيا زهير الشاب لم يتعمد الاصطدام بي لقد حدث ذلك صدفة !
حدجها بنظرة حمراء وحادة قبل ان يركز على الطريق من جديد وهو يقول بحدة

- صدفة !!!! والله انت طيبة جدا يا حبيبة ..هذا الصنف من الشباب اعرفهم جيداً ..مستهترين ومتحايلين ...كان يعتقد بأنك فريسة سهلة امامه ....الحقير النذل ..لولا تدخل الناس لإنقاذه من بين يدي والله لكنت قتلته دون تردد ...
سحبت نفسا عميا ثم نظرت الى النافذه بصمت دام لعدة ثوان قبل ان تقول بخفوت وهي لاتزال تركز نظراتها على واجهات المحلات
- زهير ....انت لم تسألني عن اجابتي في الامتحان ؟!!

اجابها وهو عاقد الحاجبين
- دون ان اسأل يا حبيبة اعرف بأنك قد ابليت بلاء حسنا ....تماما كالامتحانات السابقة ... ومع ذلك عندما نعود للمنزل سأراجع الاجوبة معك مرة اخرى

عاد الصمت يلفهم من جديد لتهمس قائلة بنبرة مذنبة
- زهير ..
لم تسمع ردا ....الظاهر هو للان غاضب ...عادت لتقول
- زهير ...
اجابها بحدة
- نعم يا حبيبة نعم ماذا هناك ايضا ؟!
- انت غاضب مني ؟!!!!
التفت لينظر لها نظرة خاطفة ثم اعاد تركيزه على الطريق قائلا
- ولماذا اغضب منك ؟!!!
قلبت شفتها السفلى ثم اجابت
- لا ادري ربما ستظن بأني انا من شجعت الشاب على ....
قاطعها بحدة وهو يضغط على المقود بقوة
- رباه ...لا تذكريه امامي حبيبة .... ثم انت لا ذنب لك اطلاقا ... كل ما جرى كان امام عيني بالإضافة لذلك انا اثق بك ثقة عمياء .... لا تفكري بهذا الشكل مطلقاً !!


تنهدت براحة .... هي تعرف تماما ان زهير يثق بها وانه من المستحيل ان يلقي اللوم عليها لكن مع ذلك ارادت ان تطمئن وتتأكد أكثر .... عندما لاحظت هدوئه قليلا ... قالت بنبرة ناعمة ولطيفة بمحاولة منها لتغير مزاجه العكر والذي لايليق به اطلاقا ... مسدت على ذراعه المتشنجة والتي ما ان لمستها حتى ارتخت بسرعة البرق
- زهير ..اليوم هو اليوم الأخير للامتحانات ولقد بذلت مجهودا كبيرا في حل الأسئلة وانا وولدك جائعان الن تطعمنا !!!!
مد يده الحرة ليداعب بطنها المتكور قائلا بخشونة ممزوجة بحنان يخصه لها فقط
- ما عاش من يبقيك جائعة يا ام عمر .....الان حالا سنذهب الى افضل مطعم في اربيل واطلبي ما تشائين ....
قاطعته بسعادة وطفولية
- وتشتري لي الشاورما والايسكريم ؟!
سحب نفسا عميقا ثم اجابها بابتسامة صغيرة ..قبل قليل كان على وشك ارتكاب جريمة من اجلها فهو ما ان شاهد ذلك المخنث والذي يعتبر من أشباه الرجال كيف تعمد الاصطدام بها حتى جن جنونه ...كل ما أراده هو ان يدق عظامه اللينة عله يصبح رجلا بحق ويكف هو وامثالة عن هذه الافعال الدنيئة التي لا تمت للرجولة بصلة ..... لكنه وما ان احس بلمستها وصوتها الناعم حتى ارتخت ملامحه وزال التشنج الذي كان يكتسح كل عضلة في جسده .... هذه الفتاة لها قدرة سحرية على امتصاص غضبه بثانية واحدة ....

- اطيب شاورما وايس كريم لاجل عمر وام عمر ....

عاد ليلمس بطنها مرة اخرى ليشعر بركلة قويه جعلت قلبه يخفق بسعادة ...هذه ليست المرة الاولى التي يشعر بركلات ولده ...فبكل ليلة كان يمسد بطنها ويقبله قبلات خفيفة كان يركله ذلك المشاغب وكأنه يقول له ابتعد عن بطن امي .... ابعد يده عن بطنها قائلا بأبتسامة سعيدة وراضية وملامح مرتخية من يراه الان لايصدق غضبه ووحشيته التي كان بها قبل قليل

- هذا المشاكس لايكف عن الركل ابداً !!
ابتسمت بحنان ...فهي الاخرى تشعر بالسعادة ومشاعر اخرى لم تكن تعرفها سابقا ما ان يتحرك ولدها ...للان تتذكر كيف شعرت بحركته اول مرة ..كانت في بداية شهرها الرابع ...في حينها بدا وكأن ارتعاشة صغيرة تظهر وتختفي في الجزء الايمن اسفل بطنها ..... خاصة عندما تكون ممدة في الفراش ليلا ..وعندما اخبرت خالتها بذلك شرحت لها الاخيرة قائلة بأن الطفل بدأ بالتحرك ليعلن عن وجوده ولا داعي للقلق ..... اجابت برقة ومزاح

- امممم مشاكس ومشاغب ومتعب ايضا كوالده تماما !!
رفع حاجبه الايمن قائلا وهو يدعي التفاجئ
- انا مشاغب ومتعب ؟!!!!
هزت رأسها وردت عليه ضاحكة
- اجل ..متعب جداً !
اومأ قائلا وهو يرفع حاجبيه
- هل انت متأكدة مما قلته ؟!
- كل التأكيد استاذ زهير !
- ولن تغيري رأيك ابداً !
- ابدا ابدا !
اومأ قائلا بتوعد لذيذ .... وهو يوقف السيارة امام احدى المطاعم الصغيرة
- حسنا ...عندما نعود للمنزل سأريك من هو المشاغب المتعب حبيبة خانوم !


.........................
...................................

تقف امام باب المطبخ تراقب زوجها بصمت وألم .... الم عميق ينخر جسدها وقلبها بقسوة
هبت نسمة ليلة باردة ومنعشة داعبت وجنتيها برقة .... سحبت نفساً عميقاً مشبعاً براحة الشواء المنتشرة في اجواء الحديقة ..... اليوم قام وليد بدعوة تبارك وعبد العزيز لمشاركتهم وجبه العشاء ..... وقد اقترح زهير بأن يقوموا بأعداد الكباب واللحم المقطع في الحديقة على الرغم من برودة الجو .... وهكذا تكاثف الرجال الثلاث على شي اللحم بينما انخرطت النسوة بعمل المقبلات وتنظيف الخضراوات ....

التفتت تنظر لهن بحزن وتلك الدموع لا تزال حبيسة خلف حدقتيها وكأنها سماء غائمة توعد بنزول مطر كثيف وغزير .... لقد كانت تحبس تلك الدموع الخفية بمهارة ..... منذ ليلة امس وهي لا تعرف ما عليها فعله ..... للان تتذكر كلمات الخالة سعاد التي انغرست في جوفها كالخناجر الحادة المسمومة ..... عادت بذاكرتها الى الليلة الماضية حين
كانت تحمل صينية القهوة وهي متوجه الى ناحية المكتب ... كانت مشغولة البال تفكر برحلة العلاج الذي بدأته في الأسابيع الأخيرة ...قالت الطبيبة بأنها ان استمرت وواصلت على علاجها فأن احتمالية حملها ربما ستكون واردة ...كل ما يحتاجانه هو الامل والثقة بالله ....هي تعرف ومتأكدة ان لا أمل يرجى لها ...لكنها لم تكن تريد ان تكسر فرحة وحماس وليد ....قررت ان تجارية وتبذل جهدها لعل الله يجعل لهم مخرجا وفرجا
وقبل ان تفتح باب المكتب تجمدت يدها على المقبض عندما سمعت صوت خالتها سعاد تتكلم مع وليد وهي تقول بأصرار
- لايوجد حل الا بتلك الطريقة !!

في حينها لم تفهم ما قصدته الخالة سعاد بكلامها هذا ارادت ان تدفع الباب لكن ما قاله وليد جعل الدماء الساخنة الحارة تتجمد فجأة في عروقها حين رد قائلا
- حل !!!! وهل الحل برأيك هو بالزواج ؟!!!
لتجيبه سعاد قائلة
- اجل هذا هو الحل !!
هتف وليد بقوة واستنكار
- رباه امي هذا بدل ان تدعي لها بالذرية وان يجبر الله خاطرها وخاطري .... تشجعيني على الزواج ولم يكد ان يمضي سنة واحدة على زواجنا ؟!!!!!
اجابت سعاد بهدوء عجيب
- يا ولدي انا لم اقل لك تزوج غدا او بعد غد ...من الطبيعي ان تنظر لعام اخر او عامين انا كل ما ....
قاطعها وليد بقوة وصلابة
- لا بعد عام ولا بعد مليون عام اماه .... ان لم تكن غسق اما لأولادي فأنا لا اريد اطفالا ابداً ...يكفي وجودها معي ..هذا اكثر من كافِ بالنسبة لي ....
هتفت سعاد بخيبة امل
- ماهذا الكلام الذي تقوله يا وليد ؟!!!
ليرد عليها بأصرار

- هذا اخر ما عندي يا امي ....

قالت سعاد بعناد
- كلا ..... الأمر ليس بيدك وحدك .... اجل لا تنظر لي هكذا ....انا والدتك ومن حقي ان ارى لك طفلا يحمل اسمك .... ثم انا صحيح احب غسق كأبنتي ويشهد الله على ذلك ...لكني ايضا افكر بك .... انت لم تعد صغيرا يا وليد .... لم يعد يفصل بينك وبين سن الاربعين الا سنوات قليلة جداً .....
قاطعها وليد بسرعة وصرامة غير قابلة للنقاش
- وانا اسف يا امي ..لأول مرة سأضطر لان اعصي لك امراً ...
- حرام ما تقوله وليد ...انت تحرم شرع الله ...ثم انت يجب ان تفكر بغيرك لا تكن انانيا ...
هتف وليد قائلا بتعجب
- انا أنانيي !!!!!
اجابته سعاد بصبر وروية
- اجل اناني ...مادمت تفضل سعادتك وراحتك انت و زوجتك على راحة وسعادة الجميع اذن انت اناني .... يا ولدي ان كنت معكم لهذا العام فمن يدري اين سأكون في العام القادم ربما سأكون ميتة ....أيرضيك ان اموت بحسرتي ؟!!!!
زفر وليد الهواء بقوة ثم استغفر بخفوت واجابها قائلا بهدوء
- بعيد الشر عنك امي ....انت فقط ادعي لها ولي ...وان شاءلله سيجبر الله بخاطرنا ...

لم تسمع بقيه الكلام اذ عادت أدراجها الى المطبخ لتضع صينيه القهوة على المنضدة بيدين مرتجفتين بينما ضربات قلبها تكاد ان تتوقف من شدة الالم .... ارادت ان تبكي وتصرخ ..ارادت ان تكسر كل الأواني والأكواب التي أمامها ...لكنها تماسكت ...جلست بأعياء على الكرسي ...ودموعها متجمدة تماما وكأنها مياه قطبية مثلجة وباردة تقف خلف تلك البحيرتين الزرقاويتن .... فلتتصرف بهدوء و تفكر بحكمة
لماذا هي مستغربه ومستنكرة مسألة زواج وليد !! فلتكن صريحة مع نفسها لقد فكرت بهذا الاحتمال منذ الوهلة الاولى التي علمت بها عن إمكانية صعوبة حملها !!! أوليس هذا ما خطر في بالها منذ عدة ايام ماضية ؟! الم تقل بينها وبين نفسها سعادة وليد اهم من سعادتها !!
الم تقرر ان تؤذي نفسها فقط !! ما ذنبه ليتحمل عجزها وعقدها المزاجية !!!
الخالة سعاد معها حق ...هي تريد ان ترى احفاد ولدها البكري .... هو حتما سيتزوج ..ان لم يكن بعد سنة او سنتين فسيفعلها بعد ان يفقد الامل ويبرد ذلك الحماس المشتعل داخله ...سيفكر ربما بعد ثلاث او اربع او خمس سنوات كحد أقصى !!!!
الان هي امام خيارين .....احدهما اصعب من الاخر ...اما ان تستسلم وتدعه يتزوج سرا ومن وراء ظهرها ....او سيتزوج بموافقتها وارادتها هي ....
اي الخيارين هو الأسهل ؟!!! ايهما ياغسق !!!! رباه ...لايوجد خيار سهل ...مجرد ان تفكر بإحداهما تشعر وكأن ناررر حارقة تندلع في جوفها .... ربما كل ثلوج الدنيا ومياهها لن تستطيع اخماد جمرة واحدة من جمراتها اللاهبة ....هذا وهي تفكر بالخيال فقط ماذا سيحصل معها ان اصبح خيالها البائس حقيقة ؟!!!!!!

عادت من رحلة افكارها على صوت وليد الذي كان يقف أمامها وهو يناولها صينية الشواء
- غسق بما انت شاردة جميلتي ؟!
اخذت الصينية من يده وهي تتصنع ابتسامة مرحة لترد عليه قائلة
- لا شيء فقط كنت اراقب مهارتك في الشواء
هز رأسه وهو يتفحص وجهها بعدم تصديق ...يعرف انها تفكر بأمر يشغلها ..هي ليست طبيعية منذ الصباح ... حسنا في المساء سيعرف كيف يجبرها على التحدث والبوح .....
في جلسة حميمية وعائلية تشاركوا وجبة العشاء ...فرشت السفرة في الصالة وجلس الكل يتسامرون ويأكلون ....فقط هي من كانت تأكل بذهن شارد ... نظراتها تدور بينهم بضياع وتشتت ... استقرت نظراتها على تبارك وزوجها من ثمة على رونق التي جاءت معهم ملبية دعوة الخالة سعاد ... لماذا يحصل ذلك معها هي دون عن الكل !!
لا احد يستطيع الشعور بما يجول داخلها من صراع وحرب طاحنة ومرعبة الا من عاش حالتها
والدتها تحاول بشتى الطرق ان تخفف عنها وتشجعها ليس هي وحسب بل جميعهم يحاولون بث الحماس والامل فيها .... لا تعرف حقا هل اهتمامهم هذا ناجم عن الشفقة او عن اهتمام حقيقي بحالتها ..... رباه لقد اصبحت فعلا مثيرة للشفقة والرثاء ....



................................
.................................
الأيام والأسابيع والشهور تمضي برتابة واحدة ومملة ..... تذهب الى الجامعة كجسد بلا روح
رغم انها كانت تتوق لتنال درجة الامتياز ككل سنة الا انها لم تعد تبالي بشيء ..لقد فترت ومات الشغف والحماس داخلها ...تذهب لتؤدي ماعليها ... .. تدرس على قدر درجة النجاح فقط .... رغم ان وليد لم يشعرها بعجزها ابدا ...وقد كان يشجعها ويؤازرها دائما .....لكن ذلك لم يكن يكفي ...لم يكن يداوي ذلك الجرح الملتهب داخل روحها وقلبها ....

مشطت شعرها العسلي بشرود وهي تفكر بالقرار الذي اخذته قبل عدة ايام ...هو لم يكن قرارا وليد اللحظة بل هي فكرت به منذ تلك الدعوة الأخيرة التي دعت بها سعاد ابنتها و زوجها مع رونق .... في البداية فكرت ب ( كلشان ) تلك التي تعمل بمزرعة وليد الا انها استبعدتها بسرعة .... الفتاة كانت لطيفة وودودة ..لكنها لا تطيقها ابدا ... تشعر بأنها ثقيلة الدم على قلبها لذلك فكرت بالاخيار الثاني ....
كان وليد يستلقي على السرير وهو يركز على هاتفة المحمول .... سحبت نفسا عميقا ثم نهضت من مكانها متوجهة اليه ....انسدلت جانبه ليفتح ذراعه بآلية لها ...اندست بأحضانه صامته ...لا تعرف كيف سيطاوعها قلبها لقول ما تبتغيه .... ليتها تموت وترتاح قبل ان تتكلم وتنطقها..... ليت الزمن يتوقف عند هذه اللحظة .... ليتها تستطيع ان تغير قدرها المحتوم ... ربما ان عرف الناس بما ستفعله الان سيسخرون منها ... وربما سيظنون بأنها مجنونة فقدت عقلها .... او الاحتمال الاكبر سيقولون عنها بأنها ميتة المشاعر ... باردة لاتحس بما سيحدث ان جاءت امرأة اخرى لتشاركها زوجها بأرادتها الحرة ..... لكنهم لا يعلمون ... لا احد يمكنه التخيل بما يعتمر بصدرها ...فقط الله وحده هو العالم بحالها ..... لو بكت وناحت لعشرة سنين قادمة مصيرها لن يتغير ...هي تعرف ذلك جيداً ......
كل ما عليها الان هو ان تتصرف بحكمة وعقلانية ولو لمرة واحدة في حياتها البائسة كلها ... التي لم ترى فيها سعادة منذ مقتل والدها وشقيقتها انفال والى حد الان بأستثناء تلك الشهور القليلة التي قضتها مع الرجل الوحيد الذي جعل قلبها يعرف الحب والعشق والتملك لاول مرة ....
همست قائلة بخفوت
- وليد .. انت تحبني اليس كذلك ؟!
قبل رأسها واجابها وهو لا يزال يقلب بهاتفه في اليد الاخرى

- اظن بأن سؤالك هذا لا يحتاج الى اجابه طفلتي !
عادت تسأله بإصرار وترقب
- لقد قلت لي في وقت سابق بانك لن ترفض لي طلبا مهما كان نوعه !
- بكل تأكيد
ابتلعت ريقها وقالت بأرتجاف
- وانا اريد منك ..ان ..ان .... تلبي رغبتي الاخيرة دون اعتراض ...

اطفأ هاتفه واستدار ليحتويها بين ذراعيه ..بينما راحت كفه الضخمة ترسم خارطة وهمية وحميمية على منحنياتها الأنثوية البارزة ... ليرد قائلا بصوت رجولي وخشن
- طلباتك أوامر غسقي
سحبت نفسا عميقا مثقلا بالهموم والأحزان قبل ان تقذف كلماتها في وجهه بسرعة قصوى وكأنها تخشى من احتمالية تراجعها في اللحظة الأخيرة

- وانا أريدك ان تتزوج من .. من ..رونق !!!
........................

نهاية الفصل الثاني والأربعين







التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 01-08-19 الساعة 11:08 PM
Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 01-08-19, 10:14 PM   #122

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

والله احنا احسن شيء نعمله نروح نخنق غسق وندفنها حتى نخلص وليد من افكارها الجهنمية ههههههههههههههههههههههههه هههههههههههه

Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 02-08-19, 03:07 AM   #123

bobosty2005

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية bobosty2005

? العضوٌ??? » 345060
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,798
?  نُقآطِيْ » bobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond repute
افتراضي

طب ينفع كده 🙄

الصراحة غسق مخنوقه لوحدها مش ناقصه 💔



حالة غسق صعبه 😒هل من الممكن أن تتحمل زواج وليد وترى معه امرأة أخرى ام ستتركه ليتزوج يعنى شىء مؤلم لو تركته وتزوج أما الاكثر إيلاما فهو زواجه وهى على ذمته ده طبعا كله افتراض لاننى اعتقد ان وليد سيكون اعقل منها ولا يوافق على ما تقوله و والدته لم تضع غسق مكان ابنها فكرت بأنانية أم تريد لابنها الانجاب ولو على حساب زوجته ولو الأدوار تبدلت كانت ستقول الصبر جميل و ربنا قادر على كل شىء عجبا عجبا 😏



هناك حالة من الاستقرار بالنسبه لابطالك الاخرين بعد عناء طبعا فالجميع أخذ نصيبه بزيادة هههههه


هكذا الحياة يوم حلو ويوم مر 😮

تمنياتي لك عزيزتى بكل خير وسعاده 🌹🏵🌹🏵🌹🏵🌹🏵🌹


bobosty2005 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-08-19, 10:04 PM   #124

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأيامُ كما شاهدتها دُولٌ مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد ولا يدوم على حالٍ لها شان


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 02-08-19, 10:06 PM   #125

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث والأربعون
.....................

عم الصمت بينهما لعدة ثوانٍ .... رفع جسده و اتكأ على ذراعه ينظر لها بهدوء وبرود ...وكأنه لم يصدق ما قالته او ربما اخطأ السمع !! كان منتبه لتغيرها منذ الصباح الباكر لكنه لم يظن بأنها تخطط لهكذا فكرة مجنونة !!!!
قال بهدوء وهو عاقد الحاجبين
- ماذا قلتِ ؟!!!
أجابت بصوت خافت ومرتجف
- أريدك ان تتزوج يا وليد ....
قال بسخرية وتهكم ظنا منه انها تمزح معه بكل تأكيد فما من امرأة عاقلة تفكر بأن تدفع زوجها للزواج بأخرى وتحت اي ضغط او ظرف
- واخترني العروس ايضا !!! شيء رائع فعلا !
أردف وهو يتمدد مرة أخرى استعداد للنوم
- نامي يا غسق ... نامي ...غدا لدي اعمال كثيرة ولا وقت لي لمزاحك الان !
اجابت بجدية تامة وهدوء مثير للإعجاب رغم الحرائق المندلعة داخلها
- ومن قال اني امزح ! انا اتكلم بجدية !
تنهد قائلا بصبر وهدوء ..... وكأنه يكلم ويجاري طفلة صغيرة وغاضبة

- الم نتكلم بشأن هذا الموضوع في وقت سابق وقد انتهينا منه نهائيا !!!
اجابت بحدة وغضب وهي تلاحظ بروده وهدوءه المستفز وكأنه يستخف بقرارها المهم والمصيري هذا والذي يعد اكبر وأعظم قرار قد تتخذه المرأة بحياتها كلها خاصة وان كانت تحب زوجها وتعشقه بجنون وتملك كما تفعل هي
- لا يا وليد الامر لم ينتهي بعد ولن ينتهي الا بزواجك !!!
عقد حاجبيه وقال بنفاذ صبر

- ما الذي جرى لك غسق ؟! هل ظهر جنونك الان في هذه الساعة المتأخرة من الليل !!!!

أجابت بعينين دامعتين وبلهجة منكسرة جعلت قلبه يتلوى الما عليها وعلى ضعفها الذي لا يليق بها اطلاقا
- لم اجن يا وليد ... انا أريد ان ارتاح وأريحك معي ايضاً ...انت ستتزوج ... مهما قلت ومهما أقسمت على عدم فعلها ....بنهاية المطاف ستتزوج وتفعلها .... أتعرف لما ؟!


ودون ان تنتظر رده اكملت بقوة وثقة وكأنه سيفعل ما قالته فعلا

- لأنك ستحن وتريد الأطفال ما ان تنظر لأطفال اشقائك ...او اي طفل اخر يصادفك !
وانا فقط .....
قاطعها بحدة وبلهجة صلبة وصارمة لا تقبل الشك ... فهي بالفعل قد اثارت غضبه وغيضة من يقينها وثقتها الوهمية هذه

- لاااا انت فعلا مجنونة يا غسق .... وانا متعب ولا طاقة لي للشجار...

ارجع رأسه الى الوسادة لينام لكنها أوقفته قائلة

- ارجوك وليد ..لا تعامليني بهذا الشكل ..انا اتكلم بجدية ...
ليجيبها بلامبالاة وبرود

- نامي يا غسق ..... و إياك ان تفتحي هذا الموضوع مرة أخرى

- وليد النقاش لم ينتهي بعد

اجابها بضجر وهو يستدير الى الناحية الأخرى .... لقد اكتفى من جنون وإلحاح زوجته لهذه الليلة البائسة والتي من الظاهر انها لا تريد ان تنتهي بسلام
- حسنا دعيني انام الان وغدا أكملي مناقشة موشحك هذا و الذي لا طائل منه ابدا !

وبالفعل لم يمض على نومه الا عدة دقائق لتسمع صوت تنفسه الهادئ المنتظم !!!
حسنا حتى وان هرب من المناقشة في هذا الموضوع الان فهو لن يستطيع الهروب الى الابد وهي لن تسكت ابدا فهي غسق ...غسق التي ما ان وضعت شيئا او هدفا محددا في بالها لم ولن ترتاح ويغمض لها جفن ان لم تحققه !!!!

...............................

الأيام التي تلت كانت بالنسبة لوليد عبارة عن جحيم لا يطاق ..... إلحاح غسق بدأ يصيبه بالنفور من المنزل والتواجد معها في مكان واحد ...فهي ما ان تنفرد به في المساء حتى تعيد فتح الموضوع مرة بعد مرة بعد مرة دون ان تمل او تتعب !!!
لولا انه ربما الوحيد الذي يشعر بها ...يشعر بخوفها ويأسها ...يشعر بمدى تخبطها ورعونة تصرفاتها خاصة بالفترة الاخيرة ...لكان له تصرف اخر معها !
تصرف يجعلها تدرك مدى تفاهة واستحالة ما تفكر به !

الشيء الذي يشفع لها الان هو انها لا تتشاجر معه امام احد من العائلة ...فهي امامهم تمثل دور الزوجة الهادئة الوديعة بمهارة تامة .... وكأنها قطة أليفة ..بينما الامر مخالف لما يحدث بينهما في الخفاء !!!

تباً متى ستدرك انه لم ولن يفعلها ابدا بحياته ... صحيح هو يتمنى ان يكون له اطفال من صلبه ولن ينكر هذا الامر ابدا ... لكنه مقر ومؤمن بمشيئة الله سبحانه وتعالى .... ربما هو امتحان لمدى تحملهم وصبرهم !!! وهو متأكد وموقن ان الله سيبشرهم ويقر عينهم بالذرية ... فقط كل ما يحتاجانه هو الصبر ومساندة بعضهم بعضا ...

ثم هو قد قالها كلمة واحدة ولن يتراجع عنها ابدا ...ان لم تكن غسق اما لا طفاله فلن تكون سواها ! هو مكتفٍ بها ...هي ابنته وطفلته وزوجته وحبيبته ..متى ستدرك ذلك وتكف عن هذا الإلحاح المزعج ! والذي بدأ فعلا يصيبه بالصداع والإرهاق !!!

..............................

....................................


كانت تبارك تجلس في الصالة تتجاذب أطراف الحديث مع عائلتها ...اليوم طلبت من عبد العزيز ان يحضرها لزيارة اهلها .... لم تكن زيارة عادية بالنسبة لها ... فما قالته لها رونق جعلها تشعر بالتوتر والإحراج طوال الوقت !

عادت بذاكرتها لمساء امس حين كانت في المطبخ تحضر العشاء برفقة رونق ...
في حينها لاحظت وانتبهت على شرودها المستمر .... خاصة بعد زيارتهم الاخيرة لمنزل عائلتها .... عقدت حاجبيها وقالت بتساؤل وفضول
- بما انت شاردة يا رونق ؟!
رفعت رونق رأسها وابتسمت بأحراج وهي تقول
- لا شيء مهم يا تبارك ....
رمقتها تبارك بنظرة متفحصة وقالت بشك
- متأكدة !!!!
هزت رونق رأسها بصمت وهدوء بينما الحيرة المرسومة في عينيها كانت تؤكد بأن هناك امرا تخفيه عنها ... رونق فتاة شفافة .... لا تستطيع أخفاء انزعاجها او توترها ...هي تماما كعبد العزيز .... مر على زوجها عدة أسابيع .... عدة أسابيع وهي تشعر وكأنها تعيش في الجنة ..... عبد العزيز يدللها ولا يرفض لها طلباً ... يحاول بشتى الوسائل ان يبين حبه لها ...ذلك الحب الواضح والذي لا يحتاج منها لان تدقق او تبحث عنه في وجه زوجها الحبيب الطيب لتجده او تكتشفه .... اما رونق فكانت نعم الصديقة والأخت لها .... تقضيان معظم الوقت معا .... متفاهمتان بشكل عجيب يثير غيرة الجميع ...وكأن رونق ليست اخت زوجها بل أختها هي !!!
بعد مرور عدة دقائق وفعلا كما توقعت قالت رونق بتلعثم وخجل
- تبارك ... اريد ..ان ..ان ..اخبرك امراً مهما ....
اجابت تبارك قائلة بانتباه
- تفضلي يا رونق خيرا ان شاء لله ! ماذا هناك ؟!
بدون مقدمات او مراوغة قالت بسرعة
- انها غسق !
عقدت حاجبيها ورددت خلفها بعدم فهم
- غسق !!!! وما بها غسق !!
اجابت بحرج شديد وهي تفرك أصابعها بتوتر
- لقد ..طلبت مني في زيارتنا السابقة امرا مستحيلا ..وانا في الحقيقة ..اخجل ان ..ان ...من ان ..اقصد ... ان اوافقها على ما تريد ....انا اعتبر وليد كأخي عبد العزيز تماما ..و...
قاطعتها تبارك بسرعة وهي ترفع يدها قائلة
- مهلا مهلا ...تكلمي ببطء لأفهم ...ماذا طلبت منك غسق ؟! وما دخل وليد بهذا كله !!
لتجيبها بتجهم وعبوس
- لقد طلبت يدي لزوجها !!!
في حينها لم تعرف بما ترد على رونق ...ظلت تنظر لها مشدوهة لعدة لحظات .... الصدمة الجمت لسانها ..... لكنها في النهاية استطاعت ان تتفوه ببعض الكلمات المعتذرة والتي تقبلتها رونق بابتسامة صغيرة وملامح الراحة ارتسمت على وجهها .... واليوم عندما طلبت منها ان تحضر معهم لزيارة عائلتها امتنعت بأدب واختلقت حجة واهية .... وهي قد عذرتها وعرفت ما يجول بخاطرها ....ومعها كل الحق
رباه هل جنت ابنة عمتها ؟!! كيف تطلب من رونق مثل هذا الطلب الغبي !!! ومن الواضح جدا ان لا احد في المنزل يعرف بفعلتها هذه بدليل انهم سألوا عن رونق بطيب خاطر وبرائة .... فوالدتها او العمة سعدية لو كانتا تعرفان بالأمر لكانت الان هي بجلسة تحقيق طويلة الامد !!

عادت من شرودها وهي تنظر لغسق التي دلفت تحمل صينية الضيافة وأخذت توزعها عليهم بكل مرح وبابتسامة واسعة ومرحبة !!! وما ان جلست قربها حتى همست قائلة بصوت خافت

- انهضي معي يا غسق اريد ان اتكلم معك بأمر ضروري
نظرت لها غسق بدهشة وقالت
- الان ؟!!! الا يمكن تأجيل هذا الامر لوقت اخر ليس من اللائق ان نتركهم وننهض ...
قاطعتها تبارك وهي تنظر لها بغيض
- كلا يا غسق لا يمكن تأجيله هيا معي بسرعة ...
ثم اردفت بصوت عالٍ
- هيا غسق اريد ان ارى الملابس التي اشتريتها مؤخرا فذوقك يعجبني جدا

هزت غسق رأسها ونهضت وهي تدعي عدم الفهم غير انها احست بما تريده تبارك منها بكل تاكيد هي تريد ان تتكلم معها بشأن رونق ...في الحقيقة هي فعلا فاتحتها في المرة السابقة عندما أتت لزيارتهم برقة تبارك وزوجها .... وقد فكرت بأنها ان أخذت وضمنت موافقة رونق ستستطيع ان تحرج وليد وتحاصره وهو بكل تأكيد لن يرفض ابدا !! وسيصبح امام الامر الواقع للان تتذكر ملامح رونق التي شحبت للغاية ما ان سمعت بعرضها الغريب هذا !!! شرحت لها باختصار واقتضاب عن السبب الذي دفعها لأن تطلب منها هذا الطلب .... لترفض العرض رفضا قاطعا ... لكنها توسلت بها ان تعطي لنفسها الفرصة لتفكر جيدا قبل التسرع باتخاذ القرار ...وها قد مضى اكثر من عدة ايام وهي لم تتصل بها نهائيا !!!

تمتمت باستسلام
- حسنا كما تشائين
سحبتها تبارك من ذراعها بخفه متوجه الى غرفة غسق ..وما ان دلفتا الى الداخل حتى سارعت تبارك بإغلاق الباب وهي تقول بحدة وصوت منخفض
- تعالي هنا يا غسق واشرحي لي لماذا فعلت ذلك ؟!!
جلست غسق على طرف السرير وقالت بهدوء تام
- لا افهم ما تقصدين ؟!! ما هو الامر الذي يحتاج لأن اشرحه لكِ ؟!!
تقدمت تبارك بغيض ثم جلست قبالتها على الفراش وقالت من بين أسنانها المطبقة
- لا تدعي البراءة يا فتاة ..لقد أخبرتني رونق بكل شيء !!!
لتردف بلهجة معاتبة
- كيف !!! كيف تطلبين منها ان تتزوج وليد !!! أجننتِ !
اكتسى وجه غسق غيمة من الحزن بينما تحولت ملامحها المسترخية لاخرى متألمة وبائسة وهي تسبل اهدابها قائلة ببهوت

- اذن هي مازلت مصرة على الرفض ؟!!!
هزت تبارك رأسها بيأس وهي تقول بعدم تصديق
- رباه غسق ..لقد تركتي رأس الموضوع و مسكتي ذيله .... ثم اجل ..لقد رفضت رفضا قاطعا .... ونصيحة مني ..اتركي رونق وشأنها ..بل انسي هذا الموضوع برمته ولا تكوني مجنونة !!!
- كلا يا تبارك ..انا لست مجنونة انا ..فقط ..فقط ...
رفعت لها عينين دامعتين لتكمل بهمس خافت
- انا فقط امرأة تحب وتعشق زوجها ..تريد ان تراه سعيدا حتى لو كان هذا على حساب سعادتها .. و ..و ..كبريائها ...
هزت تبارك رأسها بيأس وهي تنظر لها بشفقة
- لماذا انت متشائمة لهذه الدرجة ..اين إيمانك بالله !!! اين صبرك !! الم يقل سبحانه وتعالى ... ( لا تقنطوا من رحمة الله ) !!!
هتفت غسق بوجع بينما دموعها أخذت تتدحرج على وجنتيها بهدوء
- والنعم بالله يا تبارك .... انا لست متشائمة ابدا ..انا فقط أتصرف بعقلي لا بقلبي
جميعنا نعرف ان احتمالية حملي تكاد تكون شبه معدومة والله سبحانه وتعالى حلل واباح الزواج لأجل ان تحل مثل هكذا امور ... وانا اشعر بوليد ..اشعر بأنه يريد طفل لكنه لا يريد ان يخلف وعده لي .... لقد كتب علي ان أعيش محرومة من الأمومة .... وانا بت راضية بقدري ... لماذا اظلمه معي .... لماذا امنعه من حقه ...لماذا لا امنحه السعادة التي حرمت منها انا .... لماذا أتصرف بأنانية وطفولية ؟! انا وانت وكل من في المنزل يعرف بأن حل هذه المشكلة البسيطة بيدي !!!!!

كانت تبارك تستمع لها وقلبها يتقطع آلما وقهرا عليها ..غسق المسكينة كم هي عطوفة وشفافة وكم يبلغ مقدار عشقها الكبير والعظيم هذا لشقيقها وليد !!! بحيث هي على استعداد لان تضحي بكبريائها وحبها في سبيل سعادته وراحته !!
اجابت تبارك وهي تحتضن كفي غسق بقوة
- رباه يا غسق .... كيف تفكرين بهذا الشكل !!! كيف تدفعين بزوجك الى احضان امرأة اخرى !!!
همست غسق باختناق
- ان ادفعه للزواج بنفسي وامام ناظري وبموافقتي افضل مليون مرة من ان يفعلها سرا ...اقسم لك يا تبارك ..... ان فعلها فأنا سأموت بالفعل !!


زفرت تبارك الهواء بعمق وحرارة وهي متجهمة الوجه تنظر لرأس غسق المنحني بقلة حيلة وعجز حقيقي .... لتقول لها بثقة وإصرار
- حتى وان قررت انت هذا الأمر هل تعتقدين ان وليد سيوافق ...
وقبل ان ترد اكملت تبارك بسرعة
- أأكد لك بأنه من المستحيل ان يفعلها ...أسمعتني !! مستحيل ..... لذلك انسي هذا الأمر و.....
قاطعتها غسق بقوة
- بل سيفعلها ان ساعدتني !!!
قطبت متسائلة بعدم فهم
- كيف أساعدك !
لترد عليها غسق ببراءة
- أقنعيه بموضوع الزواج ...ان حاصرناه انا وانتِ ... من جميع الاتجاهات حتما سيضعف ويوافق !! ما رأيك ؟!!

هبت تبارك واقفة وهي تقول بيأس
- رأي هو ان تنهضي الان وتنسي هذا الهراء كله لأنه لن يجدي نفعا هيا ..هيا ... هيا بنا...
لتردف ساخرة وهي تهز رأسها و تخرج من الغرفة

- وتطلب مني ان أقنعه ايضا ...لقد جنت هذا الفتاة ولا مجال للشك !!!!
خرجت غسق خلفها بخيبة امل .... وهي تهمس بسرها ..لا لن ايئس ..ان لم يقتنع الان سيقتنع بعد شهر او شهرين او حتى سنة !!
......................
...............................

البصرة مساءاً

...................

يجلسان في احد المقاهي الشعبية .... يشربان الشاي بصمت ....حيدر كان شاحب الوجه وشارد الذهن طوال الوقت حتى انه بدأ بإهمال عمله يقضي اغلب الوقت بالركض هنا وهناك ..يسابق الزمن من اجل اتمام كل المستمسكات والإجراءات المطلوبة منه ليباشر بالسفر
قال معاذ بهدوء
- اذن متى نويت السفر الى الأردن ان شاء لله ؟!!
اجابه حيدر متنهدا بتعب
- لم يتبقى الكثير .... سأسافر في الأسابيع القليلة المقبلة بأذن الله
اومأ معاذ قائلا بصدق وأخوة
- حيدر ..كن صريحا معي وأصدقني القول ! كم تحتاج من مال لإكمال تكاليف العلاج ؟!
اجابه حيدر بهدوء بينما ينظر له ممتنا
- صدقني يا معاذ لدي ما يكفي ويفيض والحمد لله ...شكرا لك !
اجابه معاذ بصرامة وصدق
- لا تشكرني يا حيدر انت لست ابن عمي فقط بل انت اخي وساعدي الأيمن !

اردف قائلا
- عدني يا حيدر بأنك لو احتجت للمال او اي شيء اخر فأنك ستطلبه مني دون حرج او تردد !
اجابه حيدر بابتسامة شاحبة
- بكل تأكيد يا معاذ ...ثق بأنك ستكون اول شخص الجأ اليه يا صديقي !

قال جملته وعاد ليحتسي الشاي بحزن وهم وهو يفكر بطفلته الصغيرة ذات الابتسامة الناعمة ..ابنته التي كانت تنبض بالنشاط والحيوية .... السعادة لا تفارق ملامحها وهي تتقافز حوله تستقبله بحماس دوناً عن بقية أشقائها الذكور ما ان يعود من العمل ... كيف تغير حالها فجأة ودون مقدمات .... اصبحت تتعب بسرعة طاقتها بدأت بالنفاذ يوما بعد يوم ... ابتسامتها اختفت وذبلت امامه كالزهرة التي انقطع عنها الماء .... عندما اخبره الطبيب بأنها مصابة بالسرطان احس وكأن الكون كله تهاوى فوق رأسه ...سرطان !!! اميرته الصغيرة مصابة بالسرطان !!!!
كاد ان يفقد عقله من شدة الصدمة ....لم يصدق كلام الطبيب في بادئ الامر ...عاود التحليل مرة اخرى ليؤكدوا له اصابتها فعلا بهذا المرض اللعين !!!!
اخبره الطبيب بصبر عن كل مرحلة من مراحل علاجها التي ستتطلب اكثر من سنتين ...علاجات وجرعات كيميائية لا يتحملها رجل بالغ فكيف سيكون الحال مع طفلة صغيرة وضعيفة !!!! تلك الجرعات التي ستسبب بتساقط شعرها الحريري الطويل !! شعرها الذي تعتز وتفخر به ..... ملاكه الصغير ..... كم تحب شعرها وتعتني به رغم صغر سنها !! تطلب منه يوميا ان يسرحه ويجدله لها !!!!
رباه الطف بحالها يا ارحم الراحمين ...همسها حيدر داخله باختناق وقهر وهو عاجز ومكبل اليدين لا يمتلك حلا ولا مخرجا أمامه الا بالدعاء لها ولجميع الأطفال المصابين بهذا المرض


........................
..............................

بعد مرور عدة أشهر لاحقة
..................

بعد استلامها لنتيجة الامتحانات التمهيدية والتي انتهت بنجاحها المميز والذي جعل السعادة والحماس يدب بأوصال كل من في المنزل حتى رضاب اتصلت بها وباركت لها بفرحة عارمة
ورغم انها كانت سعيدة بل لم تكن تصدق عيناها عندما وقعت نظراتها على دراجاتها العالية الا ان الخوف والقلق تضاعف داخلها وزاد أضعافا مضاعفة !!! كيف لا والكل اصبح يعقد الآمال عليها !!!
لم يتبقى الا شهر واحد على الامتحانات النهائية ... وكأنها باقتراب الأيام يزداد اقترابها نحو تحديد مصيرها !!
أغلقت كتاب اللغة العربية ... ووضعته على المنضدة ..... الساعة الان التاسعة والنصف مساءا وزهير لم يعد بعد ! جلست على طرف الفراش ببطء ...وهي تمسح بطنها المتصلب برفق ..منذ الصباح وتلك الانقباضات لا تفارقها ...تختفي عدة ثوان وتعاود مرة اخرى .... ربما بسبب تعبها في التنظيف الذي بالغت به كثيرا !!
فليوم قررت ان تنظف المنزل وتغسل الستائر كما انها غسلت المطبخ ومسحت الجدران بسائل التنظيف ...لا تعرف لما فعلت ذلك على الرغم من ان منزلها لا يحتاج لهكذا تنظيف مكثف ! لكنها احتاجت لأن تشغل تفكيرها بشيء اخر ...خاصة وان اليوم هو اليوم الأول لدخول حملها في شهره التاسع !!

بعد مرور بعض الوقت عاد زهير محملا بالمشتريات المتنوعة من شكولاة ومثلجات وفواكه ... بالإضافة لكيس احتوى على الشطائر الجاهزة ....
خرجت من غرفة النوم تستقبله بابتسامتها المرحبة المعهودة وما ان رآها حتى قال هاتفا هو يتوجه الى المطبخ
- تعالي حبي احضر تلك كل ما تحبين
تبعته وهي تقول بمرح
- أحضرت المثلجات ؟!!
اومأ ضاحكا
- المثلجات والشاورما والليمون أيضا .... هيا تعالي اجلسي ريثما اذهب للأخذ حماما سريعا ....

بعد مرور بعض الوقت جلسا يتناولان الطعام وزهير لا يكف عن الكلام بتفكه ومرح لكنه صمت فجأة وهو ينظر لها بقلق عندما لاحظ وانتبه على شحوبها ليردف متسائلا بقلق
- ما بك حبيبة ؟!!! وجهك شاحب للغاية هل تشعرين بألم ؟!!!
طمأنته بسرعة وهي تحاول ان تتصنع الهدوء
- لا تقلق زهير انا بخير فقط اشعر بالقليل من الألم سيزول حالا ان شاءلله !
احتضن كفها المستريح على الطاولة وقال باهتمام
- هل أنادي امي لتأتي ؟!!!
هزت رأسها بلا وهي تجيبه بابتسامة صغيرة
- لا حاجة لذلك صدقني الان عندما أتمدد سأكون بخير ...

اومأ بصمت وهو ينظر لها بعدم تصديق .... ليكملا العشاء بينما زهير يحاول قدر استطاعته ان يخفف عنها ويلهيها عن التفكير الذي بدأ يصيب زوجته بالتوتر والذعر .....فهي ومنذ نجاحها في الامتحانات التمهيدية اصبحت تحمل هما مضاعفا ....لا تنفك عن الترديد بأنها ستفشل للمرة الثالثة وتخذل الجميع
لو كان الامر بيده لأجل مسألة امتحاناتها للسنة المقبلة لكنه لم يكن يريدها ان تعتقد او تفكر بأنه يحبطها او يقلل من مجهودها لذلك حرص على تدريسها ومساندتها قدر استطاعته !!

الساعة شارفت على الواحدة والنصف بعد منتصف الليل وهي تذهب كل دقيقة الى الحمام كان منتبه ومتيقظ يراقبها بعدم راحة .... يشعر بألمها الذي بدأ يزيد أكثر وأكثر .... نهض من الفراش وتوجه الى الحمام لما أطالت هذه المرة المكوث فيه ...طرق الباب قائلا بقلق
- حبيبة .. هل انت بخير !!!
سمع صوت أنينها الخافت ليدب في قلبه الرعب والذعر ...طرق الباب مرة اخرى قائلا بصوت جاد
- حبيبة أجيبيني ....هل انت بخير ... حبيبة سأدخل للحمام !!!
سمع صوت مقبض الباب وهو يفتح لتخرج حبيبة والعرق الغزير يتصبب من جبينها لتهمس قائلة
- ز...زهير ...اذهب ونادي خالتي اشعر ..اشعر بألم لا يطاق
لم تكد تكمل جملتها حتى انفجر سائل شفاف من بين قدميها لترفع رأسها وتلتقي نظراتهما المرتعبه بخوف وذعر !!! قال بارتباك ودهشة
- ما ......ما هذا يا حبيبة !!
اجابت حبيبة بنبرة باكية متألمة
- لا ادري زهير ...أرجوك اريد خالتي ألان حالا

أسندها بسرعة ثم توجه بها الى الغرفة ليساعدها على الجلوس قائلا بذعر وارتباك
- حالا ..سأذهب ..انت ..فقط ارتاحي ريثما اعود لا تتحركي من مكانك فهمتي ..و ..

قاطعته بصرخة مكتومة

- زهير اذهب ارجووووك
اجابها مجفلا بفزع
- حاضر .. حاضر ... ها انا ذا سأذهب ....
بعد مرور عدة دقائق دلفت سعاد بقلق وما ان رأتها حبيبة حتى هتفت بألم
- خالتييي ....أرجوك ...لا اعرف ما الذي يجري لي !
جلست سعاد قربها ثم مسحت العرق المتجمع على جبينها .... انحنت وبدأت تتهامس مع حبيبة بصوت خافت ليقول زهير بنفاذ صبر
- بماذا تتهامسان امي ؟!!
نظرت له سعاد بصرامة وهي تقول
- اسكت انت ..وهيا ساعد زوجتك على تغير ملابسها
- لكن لماذا ؟!!!
ضرب سعاد جبينها وقالت بيأس
- رباااه ولا يزال يقف ويسأل .... حبيبة ستلد طفلك اليوم هيا تحرك بسرعة ...

ثم التفتت تنظر لحبيبة بحنان وامومة وهي تقول باهتمام وهدوء فهي بحكم خبرتها عرفت ان حبيبة على وشك الولادة
- لا تخافي طفلتي .... سيكون كل شيء على ما يرام ....
هبت واقفة وهي تردف قائلة
- سأذهب لألبس عباءتي واحضر الحقيبة الخاصة التي أعددته لها وللطفل ...
.....................
.............................
وليد هو من قاد السيارة عندما لاحظ ارتباك شقيقه وارتجاف يديه .... كان يصبره ويهون على حبيبة التي كانت تأن بألم تحاول قدر استطاعتها ان تكتم صرخاتها لكي لا تخيف زوجها الذي كان ينظر لها بصدمة بينما شحوب وجهه يوازي شحوبها واكثر ....
سأل والدته بذعر حقيقي وغباء منقطع النظير
- امي لماذا تتألم بهذا الشكل ؟!!!
أجابت سعاد وهي تحتضن كتف حبيبة لتريح الأخيرة رأسها على صدر خالتها ... بينما مسحت جبينها بطرف عباءتها
- امرأة على وشك الولادة يا زهير ماذا تريدها ان تفعل مثلا ترقص وتغني !!! بكل تأكيد ستتألم .... ...

عاد زهير يسألها وهو ينظر لزوجته بقلة حيلة لا يعرف كيف يساعدها ويخفف من ألمها
- أليس مبكرا لتلد ألان ؟!!!
- امر الله يا ولدي ..والظاهر ان ولدك يريد الخروج الى الدنيا باكرا ...

عند وصولهم الى المشفى وبعد ان تم فحصها أعلنت الطبيبة عن ولادة مستعجلة خاصة وان حبيبة كانت تتألم ومنذ الصباح لذلك كانت ولادتها وشيكة ...كان زهير يذرع الردهة ذهابا وايابا .... منذ ان دخلت الى غرفة الولادة وهو لا يكف عن الدعاء لها تارة والتذمر من ردائه الخدمات في المشفى بوجهة نظره وكأنه رجل عجوز متزمت تارة اخرى ... ساعات الترقب والخوف هذه هي ساعات عصيبة ومرعبة فعلا .... ما يفصل بينه وبين زوجته هو هذا الباب الجامد .... يقف هنا عاجزا لا يستطيع الدخول اليها ليكون الى جانبها .... يشعرها بأنها ليست وحدها التي تتألم ...فهو يتألم من اجلها ايضا ... لكن للاسف ليس باليد حيله .... كل ما يستطيع فعله هو الانتظار و الدعاء لها .....
اوقفه وليد قائلا بهدوء
- اجلس يا زهير واسترخي وان شاءلله كل شيء سيكون على مايرام
وما كاد ان يجلس على المقعد حتى تعالى صوت ولده يصدح بقوة في إرجاء المشفى يعلن عن وصوله .... ليقف مرة اخرى بحماس وأمل منتظرا خروج الممرضة التي خرجت بعد عدة دقائق تزف لهم البشرى قائلة
- مبارك لقد رزقت بولد موفور الصحة

ليسألها بقلق واهتمام
- وزوجتي كيف حالها ؟!
- هي بخير ستخرج الى غرفة الاستراحة بعد قليل
تنفس الصعداء وشعر بالراحة والاسترخاء أخيرا ولسان حاله يتمتم بالحمد والشكر مرة بعد مرة وهو يفكر بزوجته وطفله وسط تهنئة ومباركة والدته ووليد الذي هم ليحتضنه بسعادة وحماس صادقين .....
..........................
بعد مرور عدة ساعات قليلة كان زهير يقف جانب وليد وهو يحمل ولده بين ذراعيه برهبة كبيرة ينظر لهذا الوجه الصغير الاحمر .... وهو لا يصدق بأنه اصبح ابا !!!! اصبح ابا وهذا الصغير الذي جعلهم يعيشون برعب حقيقي في الساعات الماضية هو ولده !!!
قال وليد بابتسامة واسعة وهو ينظر للطفل بحنان
- اذن ماذا ستسميه ؟!
قال زهير ونظراته مركزة على وجه ابنه بينما حبيبة تجلس وهي تريح ظهرها على الوسائد تنظر لهما بحب وسعادة تجلس جوارها خالتها سعاد التي كانت تراقب المشهد وهي تدعو بسرها لوليد بالذرية الصالحة ايضا ... خاصة عندما لاحظت لهفته وسعادته عندما حمل ابن زهير اول مرة في أحضانه قلبها يكاد يتمزق آلما وقهرا على حاله ...ابنها المسكين الذي أفنى حياته من اجل راحتهم ...أليس من الظلم ان يحرم من عاطفة الأبوة !!!! أليس من المفترض الان ان يحمل طفله هو الاخر !!!! لكن ماذا تقول وماذا بيدها ان تفعل !!! قدر الله وماشاء فعل

- اسميه عمر ...لقد اخترت له هذا الاسم منذ وقت طويل !!!
اومأ وليد باستحسان ثم حثه قائلا باهتمام
- حسنا يا ابا عمر هيا اذن بأذن ولدك !
ابتسم زهير بحماس ثم رفعه بحذر واخذ يؤذن في اذنه اليمنى وأقام في اليسرى .... وعندما انتهى سلم الطفل لجدته بينما نظراته تركزت على وجه حبيبة الشاحب بشوق ... الاخيرة التي بادلته النظرات بخجل ثم اسبلت اهدابها برقة ..... لقد قبلها قبلة صغيرة وبريئة على جبينها احتراما لوجود شقيقه ... كم تمنى ان يكون الان معها بمفرده يبارك لها على طريقته الخاصة .... لكن لا بأس هو حتما وبكل تاكيد سيبارك لها مرة اخرى عند عودتهم الى المنزل وكما خطط له بالضبط

............................
....................................
في الصباح وبعد ان أطمئنت الطبيبة على صحة الام وطفلها ... خرجت حبيبة من المشفى فولادتها كانت طبيعية ...تمت بسهولة ودون مضاعفات رغم تعسرها في البداية .... ليستقبلها الجميع بسعادة وفرحة عارمة ...اخذتها سعاد الى منزلها لتبقى هناك طوال فترة النفاس .... حملت غسق الطفل بين يديها برهبة حقيقة وقلبها يخفق بقوة .... لتهمس بتأثر وعينين دامعتين
- ماشاءلله ... كم هو صغير ولطيف !!!
اجابت حبيبة بطيبة وابتسامة ناعمة تزين وجهها المتعب
- العقبى لك يا غسق !
همست غسق وهي تسبل اهدابها لكي لا تلحظ حبيبة الحزن الذي لاح خلف مقلتيها
- كل شيء بأمر الله يا حبيبة
أعادت الطفل لمهده على مهل لتردف حبيبة قائلة بصدق وهي تراقب وجه غسق الذي لاحت عليه إمارات الحزن والهم
- لقد دعوت الله ان يرزقك الذرية عندما كنت أعاني من الآلام الولادة يا غسق وقد سمعت ان الدعوة في مثل تلك الحالة مستجابة بأذن الله ...
وهي بالفعل قد تذكرتها فجأة ودعت لها بصدق رغم ما كل الألم الذي كانت تشعر به !
أومأت غسق بصمت ... ثم ابتسمت لها وهي تحاول ان تتحكم بدموعها التي هددت بالسقوط لتنهض مستأذنة باختناق .... كل ما تريده هو ان تلوذ هاربة بالفرار ربما هي تهرب من نفسها قبل ان تهرب من نظراتهم المشفقة عليها ! فكل من كان يأتي للمباركة كان ينظر لها بشفقة !! ليتهم يعلمون ما تفعله بها نظراتهم الفاضحة هذه .... ألم نظراتهم هي اشد وطئه من ألم عجزها وقلة حيلتها !!!
......................
..............................

مع حلول مساء اليوم التالي كان الكل مجتمع في منزل سعاد حتى رضاب جاءت من البصرة فور سماعها بخبر ولادة شقيقتها ..... كانت تجلس قرب حبيبة وهي تحمل الطفل الذي ومنذ ولادته كان يدور بين أفراد العائلة بالتناوب ....بينما جلس معاذ في الصالة برفقة وليد وزهير .... قالت رضاب بمرح ومزاح
- من يصدق ان حبيبة الصغيرة أصبحت أجمل ام في الدنيا ؟! أكاد لا اصدق !


ابتسمت حبيبة وهي ترد عليها بصوت منخفض

- وانا ايضا لا اصدق يا رضاب .... الأمومة شيء عظيم ... ولقب الام ليس هيناً ...أتمنى ان أكون جديرة لحمله !!

نظرت لها رضاب بجدية وقالت بلهجة ناعمة
- متأكدة من انك ستكونين افضل واحن ام في الدنيا ...


عادت رضاب تركز اهتمامها بالطفل بينما اطلقت حبيبة تنهيدة عميقة وطويلة ثم قالت بخفوت وحزن

- - كنت اتمنى ان تكون امي معنا ألان لتشاركنا سعادتنا هذه !
تجمدت الابتسامة وماتت على وجه رضاب لتجيبها وهي تنظر لها ببرود
- لا تذكريها يا أختاه ..... ثم ألم أنصحك بأن تنسيها وتمضي بحياتك دون أن تفكري بها ؟


ردت حبيبة بحيرة وهي تزيغ حدقتيها بوجه اختها
- كيف انساها يا رضاب ! مهما يكن فهي لا تزال والدتنا وربما بعد ....


قاطعتها رضاب بتأفف وهي تستدير لتضع الطفل في مهده
- ربما ماذا يا اختاه ؟!!!! ربما ماذا بالله عليك ؟!


التفت ناحيتها واعتدلت بجلستها وهي تردف قائلة بسخرية مريرة
- اخبرتك .... والدتك الان مشغولة بانجازاتها ومستقبلها ليس فارغة لكي تأتي وتشاركنا حياتنا المملة التافهة بالنسبة لها !! أأكد لك وخذيها مني كلمة هي لم ولن تأتي لزيارتنا مدى الحياة ! لذلك لا تعقدي الآمال عليها ابداً

احست حبيبة بأن هناك أمرا ما يخص والدتها تخفيه عنها شقيقتها فلهجتها كانت مبطنة وساخرة
قالت بقلق
- وما الذي يجعلك متأكدة بهذا الشكل ؟!
رفعت رضاب كتفها وهي تحاول ان تجيب بطبيعيه ودون ان تظهر توترها وارتباكها ...بينما لسان حالها يقول في سرها اه فقط لو تعلمين ما فعلته بي هي وذاك النذل الذي كان في يوما ما زوجي !

- اشعر بذلك يا حبيبة ...ولا تسأليني اكثر بالله عليك ....اغلقي هذا الموضوع نهائيا !!

قضمت حبيبة شفتها السفلى وصمتت لعدة دقائق ثم قالت بعفوية
- رضاب انت للان لم تخبرني عن سبب طلاقك من همام ؟!!
لااااا هذا كثير جدا يا الله ... كثير جدا ليوم واحد .. هتفتها داخلها بصرخة جريحة ... يوم واحد يذكر به اسم هذين القذرين ..رباه هذا اختبار صعب لمدى صبرها وتحملها ....ابتلعت ريقها وأجابت بهدوء يشوبه حدة طفيفة
- ليس هناك شيء مهم لأخبرك به يا حبيبة ...غير اني اكتشفت متأخرة جدا مدى سوء اختياري وخطئي بقبولي الزواج منه ...والحمدلله الذي خلصني من رجل مثله لا يمتلك ذرة من النخوة والشرف والرجولة !!

أومأت حبيبة بصمت وهي تتفحص وجه شقيقتها الذي ينضح اشمئزازا وقرفا .... لم تتدخل بماضيها اكثر لذلك غيرت مجرى الحديث وسألتها بدهاء ومكر

- ومعاذ !!!!
ارتسمت ابتسامة لا إرادية على وجه رضاب وهي تردد خلفها بخفوت
- معاذ ؟!! ومابه معاذ ؟!
- كيف هو معك ؟!

سحبت رضاب نفسا عميقا مثقلا بالمشاعر الحارة بينما بوادر العشق والوله انعكست بعمق عينيها البنيتين وهي ترد هامسة بهيام

- معاذ هو الجائزة التي كافئني الله سبحانه وتعالى بها بعد صبري ومعاناتي .... ماذا أخبرك يا اختي ..... وكيف أصفه لك !! طيب ... حنون ...وغيور ... ورجل بكل ما تحمله الكلمة من معنى !!!! فليحفظة الله لي من كل سوء

أمنت حبيبة خلف شقيقتها وهي سعيدة لسعادتها لتقول بصدق
- أتمنى لك السعادة والفرحة طوال العمر حبيبتي
اجابت رضاب بحنان ورقة
- ولك ايضا اختاه !
قالت حبيبة بحماس وأمل وهي تنظر لها بعينين لامعتين كنجمتين براقتين في السماء

- والان اخبريني ... الا يوجد شيء ما في الطريق يا رضاب ؟!
قطبت تسألها بابتسامة صغيرة
- شيء مثل ماذا
- طفل صغير !!!
ضحكت رضاب بخفوت ثم اجابت وهي تسبل اهدابها بينما استقرت كفها على بطنها المسطح لا اراديا
- لا ادري يا حبيبة ربما اجل !
هتفت حبيبة بسعادة عارمة
- حقا!!!!!
اومأت رضاب قائلة بهدوء
- لم أتأكد بعد ..افكر بأجراء اختبار منزلي ما ان اعود للبصرة ان شاءلله !
ردت حبيبة بحماس
- ان شاءلله سيكون ايجابيا ...سأنتظر البشرى بفارغ الصبر لا تنسي ان تخبريني !!
ابتسمت رضاب وهي ترد بأمل
- بإذن الله تعالى

..............................
.........................................

بعد مرور بعض الوقت جاءت تبارك لزيارة حبيبة مرة اخرى بينما اكتفت رونق بتقديم التهنئة في الهاتف .... كانت رونق لا تزال خجلة جدا من دخول منزل عائلتها ... حاولت اقناعها بالذهاب معهم الا انها اصرت على ان تتصل بها وتهنئها هاتفيا !!! ربما تصرف رونق مبالغ به بعض الشيء...لكنها مع ذلك تعذرها ... فغسق جعلتها بموقف حساس وحرج جدا .... آه منك ياغسق ..سامحك الله على فعلتك المتهورة تلك !!!!
اخرجت من حقيبتها علبة صغيرة احتوت على قطعة ذهبية ثم علقته بملابس الطفل بالدبوس ... لقد شعرت بالحيرة والصعوبة في انتقاء الهدية المناسبة .... لتهتدي اخيرا لأفضل هدية ممكن ان تحضرها له ...وهي مصوغة ذهبية كتبت عليها ماشاءلله ... فلا يوجد اعظم من اسم الجلالة لتحفظه من العيون الحاسد ... كانت تجلس على الكرسي المجاور للسرير وهي تحمل عمر بين ذراعيها لتقول بمرح ولطف
- طفلك يشبه والده بالضبط يا حبيبة !!
رفعت نظراتها لتردف وبنبرة ماكرة
- هذا معناه انك تحبين زهير اكثر من حبه لك !
ليهتف زهير الذي كان يجلس في الجهة الاخرى من السرير وهو يهم باحتضان كتفها ليقربها اليه اكثر
- هراء ما تقولين !! انا احبها اكثر !
قالت تبارك وهي تحاول ان تكتم ابتسامتها
- لم اخترع هذا الهراء من عقلي سيد زهير ... الجميع يعرف هذا الامر من يحب الاخر اكثر الطفل سيكون مشابه له !!
صمت زهير قليلا ثم اجابها بدهاء
- حتى وان كان يشبهني ..فهذا افضل له !
رفعت تبارك حاجبيها وقالت بتساؤل
- وكيف ذلك ايها الذكي ؟!!!
قال ببساطة وهو يرفع حاجبيه الكثيفان بتحدي
- الصبي يجب ان يشبه والده او عمه او جده فلا يحبذ ان تكون تقاطيعه جميلة وناعمة تخيلي شكله وهو يشبه حبيبة !! لالا هذا غير مقبول إطلاقا .... ثم بأذن الله المرة المقبلة ستلد زوجتي فتاة ....وستكون حتما وبكل تأكيد نسخة مصغرة عن حبيبة اعدك بذلك !

تخضبت وجنتي حبيبة بحمرة الخجل وهي تهمس متذمرة من جراءة زوجها الوقح الذي لم يلقي بالا لخجلها .... بينما تنهدت تبارك وقالت وهي تلقي نظرة على وجه ابن اخيها الصغير الذي كان ينام بعمق

- حسنا ..ربما معك حق .... اتمنى من كل قلبي ان تقتصر الوراثة على الشكل الخارجي فقط ولا يتعمق ويرث طباعك أيضا خاصة عندما كنت صغيراً !
اجابها زهير باستنكار
- وما بها طباعي سيدة تبارك ؟!!!!
لترد عليه بتهكم
- لاشيء فقط كنت مشاكس ومشاغب جدا ...للأن اتذكر كيف كنت تسحب جديلتي بقوة لتجبرني على ان أشاركك سكاكري التي كان يحضرها لي ابي رحمه الله !!!
اجابها زهير وهو ينظر لها بابتسامة منتصرة وكأنه عاد صبيا صغيرا
- لكنك كنت تشاركيني اياها في النهاية ... و برضاك ودون ضغط او اجبار لا تنكري ذلك !!

قالت تبارك وهي تصحح له بطفولية وغيض

- بل مضطرة .... أشاركك سكاكري مضطرة .... فأنا ورغم اني اكبر منك سنا كنت أبدو كأختك الصغرى ... فأنت في حينها كنت اطول واضخم مني بكثر ..المعركة بيننا لم تكن متكافئة لكي أخوضها معك ... لذلك كنت استسلم لك دائماً !!!
تدخلت سعاد قائلة وهي تدلف الغرفة
- يكفي انتما الاثنان وهيا اخرجا للصالة ودعوا الفتاة تأخذ قسطا من الراحة .....
سلمت تبارك الطفل لجدته ثم خرجت من الغرفة وهي ترمي زهير بنظرات ماكرة وخبيثة ليظل زهير جالسا في مكانه وكأنه لم يسمع ما قالته والدته للتو
قالت سعاد وهي تضع الطفل في مكانه
- اخرج انت ايضا زهير
أجابها زهير بعناد
- امي انا سأنام مع زوجتي
التفتت سعاد تنظر له بدهشة وهي تقول
- اين ستنام !!!
- هنا جانبها ؟!
قالت سعاد بيأس وتعب
- يا الهي .....الصبر منك يا الله .... زهير يا ولدي زوجتك لا تزال بفترة النفاس .... وتحتاج الى العناية والراحة اذهب الى منزلك هيا
اجابها زهير قائلا ببراءة تامة
- اعرف انها بفترة نفاس ... انا لست غبيا اماه .... لكني لا استطيع النوم في المنزل بمفردي !! فالبارحة لم يغمض لي جفن وانا انام بعيدا عنها !!
ردت عليه سعاد بسخرية وتهكم بينما داخلها كانت تشعر بالفرحة وهي تلحظ هذا الحب الكبير الذي يكنه ولدها لتلك اليتيمة الطيبة ..... التي عاشت لسنوات وسنوات تعاني الظلم والاهمال ... وها هي الان اخيرا نالت الراحة والاستقرار والسعادة معه
- لماذا هل تخاف من الاشباح !!!!
عقد حاجبية واجاب بجدية
- كلا طبعا ! لكني تعودت على النوم جانبها واحتضان خصرها واستنشاق رائحة الياسمين منها ! انا كالمدمن تماما !!
كان زهير يتكلم مع والدته بأريحيه تامة غير عابئ لخجل حبيبة التي كانت تلكزه بالخفاء تحاول ان تسكته عن الكلام المخجل الذي يتفوه به لكنها عبثا تحاول
تنهدت سعاد بقلة حيلة وقالت بلهجة قاطعة لا تقبل المناقشة
- لن تنام هنا زهير .... ان اردت سأفرش لك لتنام في الصالة فاليوم منزلنا مكتض بالضيوف ...وهذا اخر ما عندي ..ماهو قولك ؟!
حك زهير مؤخرة راسه واجابها متنهدا باستسلام
- حسنا انام في الصالة وامري لله المهم ان اكون قريبا من زوجتي وابني !

.......................
يتبع


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 02-08-19, 10:08 PM   #126

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

البصرة
...........

ايها الغريب البعيد الذي دخلت حياتي فجأة
كيف جعلتني احبك بهذا الشكل ؟!
اي سحرا ذاك الذي القيته عليّ !!
كيف فهمتني واحتويتي ؟!!
كيف استطعت ان تفتح لي باباً للأمل من جديد !
كيف طردت الغرباء السوداء عن سمائي المظلمة
وتدفع الغيوم الداكنة لتسطع اخيرا الشمس الدافئة
وتزهو حياتي بألوان الطيف الملونة والسعيدة !!

.....................

يقف امام الحمام وهو يمسك يد ملك التي كانت تقف قربه تنتظر هي الأخرى بعدم فهم
اليوم اتصلت به رضاب و طلبت منه ان يحضر لها جهاز اختبار للحمل عند عودته من العمل
لم يحتج الأمر للكثير من الفهم والتفكير ليعرف بان زوجته الحبيبة ربما تكون حامل !!! لذلك لم يستطع الصبر او الانتظار خرج مسرعا من المعمل ليذهب الى الصيدلية ويشتري لها ما طلبت ويتوجه منطلقا الى المنزل ..... منذ عودتهم قبل عدة ايام من اربيل وهو يشعر بتغيرها .... فهي كانت شاحبة على الدوام وتشعر بالدوار وعدم الرغبة بالأكل خاصة في فترة الصباح ..... ربما كانت تلك هي مؤشرات على حملها الذي لم ينتبه له !!
ما ان وصل الى المنزل حتى وقفت لتستقبله بدهشة واستغراب وهي تقول
- معاذ لماذا عدت باكراً ؟!!!
تقدم ناحيتها ليجيبها بصوت مبحوح ومتحشرج من شدة العواطف التي كانت تعصف داخله
- زوجتي حامل و اريد ان احتفل معها بهذا الخبر السعيد ..... اليس هذا سببا كافيا برائيك ؟!!
اجابت بابتسامة صغيرة بينما تحول وجهها للون وردي محبب
- ربما أكون مخطئة يا معاذ !
ليهتف قائلا بحماس
- ألان سنتأكد ... و ان شاءلله لن يكون هناك خطاء

عاد من شروده على صوت باب الحمام وهو يفتح ببطء .... خرجت رضاب دامعة العينين تنظر له دون ان تستطيع ان تنطق بكلمة ..كانت تحمل جهاز الاختبار بيدها .... تقدم ناحيتها وقال بقلق
- مابك رضاب ؟!!!
هزت رأسها بضعف ليردف متسائلا بخيبة امل حاول إخفائها بمهارة
- ان كانت النتيجة سلبية لا تحزني من اجل ذلك .... ان شاء لله ....
قاطعته باختناق ودموعها تهطل على وجنتيها بالتناوب
- كلا ..يا معاذ ...النتيجة لم تكن سلبية ..أنا ...انا ....

رفعت الجهاز بصمت ..... نظرة واحدة ألقاها نحو الخطان الورديان والذي ظهرا امامه بوضوح تام ..... كانت كافية لجعل خفقاته تدوي بعنف وسعادة ليهمس متأثرا
- حامل !!

اومأت بصمت والابتسامة التي اختلطت بدموعها لا تفارق محياها ... انفرجت أساريره ولمعت عينيه بقوة ليحتضن خصرها ويحملها هاتفا بضحكات

- احبك رضاب احبك يا اجمل هدية بعثها الله لي
طوقت رقبته بذراعيها وهي لا تقوى على الكلام ...هي نفسها للان لا تزال غير مصدقة ان الله سبحانه وتعالى قد عوضها فعلا عن طفلتها التي فقدتها دون ان تراها !!!!
مشاعرهما الدافئة اختلطت ...وأنفاسهم المتسارعة تأثرا أصبحت وكأنها نفساً واحداً
انزلها ببطء وظل ينظر لها بحنان ولهفة .... نظراته تنتقل بولهة وعشق على كل انش من وجهها المورد السعيد ..... بينما كفه استقرت على وجنتها يداعبها برقة .... الصمت حل بينهما .. كان صمتا رائعا .... له رهبة عجيبة ...... لجمت فيها الألسن حائرة ماذا تقول واي كلمة تختار لتترجم هذا الكم الهائل من مشاعر الأمل والسعادة التي تعتمر داخلهما !!!!! .... فقط نظرات العيون كانت كفيلة لكي تعبر عما يجيش في قلبيهما من مشاعر عجز اللسان عن نطقه وإخراجه من خلف قضبان الصدور الخافقة ......

أخرجهما من تلك الدائرة السحرية التي لفتهما وعزلتهما عن كل ما يدور حولهما صوت ملك وهي تجر يدي رضاب ومعاذ قائلة بعدم فهم تنقل نظراتها الحائرة بينهما

- ماما ...عمو معاذ ..ماذا هناك ؟!
انتزع معاذ عينيه من وجه زوجته رغما عنه ثم انحنى وحمل ملك بمرح وسعادة قائلا بحماس وصوت متحشرج
- والدتك حامل يا ملاكي !!
رددت ملك بعدم فهم وبراءة
- ماذا يعني حامل ؟!
اجابتها رضاب وهي ترفع كفها الصغير لتطبع قبلة عليه
- يعني بأن هناك طفل صغير ينمو هنا ....

لمست بطنها واكملت بحنان
- وانت ستكونين اخته الكبرى والمسئولة عنه !!!! هل ستحبينه و تعتنين به حبيبتي ؟!
لتهتف ملك بسعادة وطفولية
- اجل ..اجل ..انا سأحب يقين جدا وسأعتني بها واكون الاخت الكبرى هيييياااا

وضعت رضاب إحدى يديها على قلبها الذي خفق بعنف وجنون والاخرى غطت به فمها وهي تشهق بقوة وصدمة ما ان سمعت ما نطقته طفلتها الصغيرة .... لتنظر الى معاذ وتلك الدموع الشفافة تتراقص خلف حدقتيها بتأثر وعدم تصديق

ابتسم معاذ بحنان ورجولة وهو يركز نظراته الزيتونية العميقة على وجه وزوجته ..... عينيها كانت تلتمع حزنا وتاثرا ليجيبها قائلا بثقة ووعد صادق
- ان شاءلله ..... ستكون فتاة .... واسميها يقين !!!!


........................


نهاية الفصل


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 02-08-19, 10:10 PM   #127

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الرابع والأربعون
...................

المنزل كان مكتظ بالجيران والأقارب اللذين جاءوا لكي يباركوا لحبيبة ...خاصة وان اليوم هو اليوم السابع على ولادتها .... في اليوم السابع هناك عدة طقوس يفعلها العراقيين للطفل .... فما ان يتم الطفل أسبوعه الأول تتولى إحدى النساء الكبيرات بالسن مسؤولية تحميمه ... حيث يوضع له في إناء كبير ماء يخلط به بعض أوراق الأشجار كالبرتقال والياس والتفاح
كما يقومون بذبح العقيقه ... وقد قرر زهير بالاتفاق مع وليد على ختان ولده فهذا الامر هو من التقاليد المتعارف عليها والتي تقوم بها عائلته منذ سنوات طويلة ... والدته ايدت قراره قائلة ختان الطفل وهو صغير افضل من ختانه وهو كبير فالجرح سيلتئم بسرعة خاصة وانهم الان في فصل الصيف ....
عندما سمعت حبيبة قرار زوجها رفضت بشدة وقالت له بتوسل
- أجل هذا الأمر زهير ارجوك عمر لا يزال صغيراً !!!
اجابها كاذبا ... اجل فهو مضطر للكذب عليها فقد توقع رفضها طبعا ولو يبقى الامر مرهونا على موافقتها فهي لن توافق حتى لبعد سنوات وسنوات ...زوجته ويعرفها جيدا ..قلبها رقيق وعطوف لن تتحمل رؤيته وهو يبكي
- لا استطيع التأجيل حبيبة لقد تم أعداد وتهيئة كل شيء استعداد للختان وقد خرج الموضوع من يدي !!!
وبالفعل مع ظهيرة اليوم السابع كان كل شيء قد انتهى .... امتزجت صرخات ولدها ودموعها الساخنة التي ذرفتها خوفا عليه مع أصوات الأهازيج والزغاريد التي أخذت تصدح في أرجاء المنزل ....
........................
...............................
دلف وليد الى الغرفة ليجدها تجلس على الأرض وهي تضع دفترا للرسم على ساقيها ..كانت ترسم باندماج وتركيز ....وما ان احست بدخوله حتى أغلقت الدفتر بسرعة وهي تبتسم له بخجل
اقترب منها باسما ثم جلس جانيها وأراح ظهره هو الآخر على حافة السرير ... سألها بفضول
- ماذا كنت ترسمين ؟!
هزت رأسها وقالت وهي مطرقه
- لاشيء مهم ..مجرد رسومات عادية لن تعجبك حتما
اجابها بابتسامة صغيرة
- وما أدراك انها لن تعجبني ؟!! هاتي لأراها واحكم !

اعطته الدفتر بتردد وحرج ثم ادارت وجهها الى الناحية الاخرى لكي لا يرى دموعها المترقرقة .... نظر وليد الى الصورة التي رسمتها بالقلم الرصاص .... كانت مؤلمة وجميلة بنفس الوقت ..... عبارة طفل صغير يجلس على ضفة النهر تجلس قبالته فتاة شابة يغطي ملامح وجهها شعرها الكثيف ...يفصل بينهما نهر طويل .... المسافة بينهما بعيدة جدا .... لون الرصاص القاتم كان يعطيها منظرا حزينا وكئيبا .... سحب نفسا طويلا ثم زفره بتعب .... حسنا من الجيد انها اصبحت هادئة ومستكينة في الفترة الاخيرة ...لم تعد تفتح موضوع الاطفال او الزواج معه ..... لقد ظن انها نست الامر ... لكن ومع رسمها هذا الظاهر بأنه اخطأ في ظنه

اجابها وهو يحاول ان يتصنع المرح
- اوه .... رائع ....بل جميل جدا ...لم اكن اعرف انك تجيدين الرسم يا غسق ؟!!!
احتضنت ساقيها وهمست بخفوت وكآبة
- انا نفسي لم اكن اعرف بأني بت اجيد فعل امورا جديدة كنت اجهل بقدرتي على فعلها سابقا !!
اجل كالتمثيل والادعاء بأنها غير مهتمه وأنها تناست آلمها ومصابها ..... بينما هي تكاد ان تموت حسرة وقهراً ... همستها داخلها بسخرية مريرة
اعاد الدفتر لها وظلا جالسين ينظران للامام ... كلا منهما شارد بدوامة افكاره .... وضعت رأسها على كتف وليد وهمست بصوت خافت ومبحوح
- وليد ...
همهم متسائلا بصمت ....لترد عليه والدموع تتقافز من عينيها
- لماذا انا الوحيدة التي حرمت من الاطفال ! لماذا انا دونا عن الجميع يحصل معي هذا !
اريد طفل يا وليد ...طفل واحد فقط ....

سحبها الى صدره محتضنا اياها بقوة .... قبل اعلى رأسها متنهدا بعمق ...ثم اجابها وهو يريح وجنته الملتحيه على راسها

- أخبرتك حبيبتي ربما هو امتحان من الله سبحانه وتعالى ليرى مدى صبرنا وتحملنا
لترد عليه باختناق وقهر كتمته على مدى الأيام السابقة
- لكني لم اعد احتمل سماع كلامهم الجارح ياوليد

ابعدها عنه مقطبا ثم امسكها من كتفيها و قال بجديه وتساؤل وهو يحاول التقاط نظراتها التي كانت تتهرب منه
- ومن اسمعك كلاما جارحا يا غسق ؟!!
لم ترد عليه الا بشهقة خافته ليعاود سؤالها بإلحاح وحدة
- تكلمي ؟!!
شهقتها هذه المرة خرجت قوية وجارحة .... ورغما عنها اجابت بنحيب يقط نياط القلوب
- في اليوم السابع عندما حضر بعض الجيران للمباركة سمعت احد النسوة تقول للخالة سعاد لا تدعي غسق تحمل الطفل ربما ستحسده !!
قطب ونار الغضب المختلطة بالحزن على حال زوجته اخذت تتصاعد ألسنتها داخله ليقول بغضب مشتعل
- من هي التي قالت ذلك ؟!!! اجيبي !!! من !!!!
هزت رأسها بلا وهي غير قادره على الرد ليردف قائلا بتوعد
- لقد عرفتها حتى وان لم تخبريني .... هي امرأة واحدة معروفه في الحي بكلامها المسموم وتدخلها بأمور لا تعنيها كما انها مشهورة بافتعال المشاجرات بين الجيران ....
رفعت رأسها ونظرت له وهي تحاول تهدئته بينما شهقاتها كانت لا تزال تخرج منها دون ارادة
- أرجوك وليد ...لا داعي للمشاكل ...خالتي سعاد لم تسكت لها اقسم لك ... لكن ... لكن ... كلامها كان جارحا جدا جدا .....

عاد ليضمها الى صدره بقوة حتى كاد ان يكسر عظامها .... كيف يمنع اذى الناس عنها .... كيف يحميها من الوحوش البشرية .... الذين اصبحوا يملئون الدنيا كالوباء .... يبثون سمومهم وحقدهم وكأنهم يفتخرون ويتنافسون فيما بينهم على اذية الناس وجرح مشاعرهم !!!
لو كان الامر بيده ...لو لم يكن مسؤولا عن عائلته ...صدقا لأخذها وسافر الى اي دولة عربية مجاورة .. .... يعيشان وحدهما فقط .... لا يعرفان احد ولا احد يعرفهما .....
يدللها ويجعلها تشعر بأهميتها بالنسبة له و التي تناستها هي في خضم انشغالها بأمور الحمل والأطفال ......

همس قائلا بصوت متحشرج كان يحاول ان يتحكم بأنفاسه الحارة المتسارعة من شدة غضبه وقهره
- لاتهتمي لأحد ...ولا تلقي بالا لأقوالهم الفارغة ...... قسما بالله لو لم تكن امرأة لعرفت كيف أأخذ حقك منها !!!
هزت رأسها بصمت وهي تبكي بين ذراعيه كالطفلة الصغيرة التي تحتمي بظل والدها ... شددت من احتضانه هي الاخرى .... كل ما تتمناه هو ان تظل مزروعة هنا على صدره
اكثر مكان في العالم يشعرها بالأمان والطمأنينة .... المكان الذي يتوقف الزمن فيه ويصبح لا وجوده له ....


........................
................................

البصرة مساءا
....................
كانت تجلس على الأريكة وهي تمد ساقيها ....تركز على تطريز الملاءة الوردية الخاصة بطفلتها .... فبعد مرور عدة اشهر على الحمل ذهبا هي و معاذ للطبيبة لكي يتعرفا على جنس المولود وقد كانت انثى .... للان تتذكر ملامح معاذ وهو يركز على شاشة الفحص يحاول ان يتابع حركات الطبيبة التي اخذت تشرح له بإسهاب وحماس عندما لاحظت اهتمامه الجدي .... كانت السعادة تبدو جليه عليه ..... استقبل الكل خبر حملها بسعادة وفرحة .... جاسمية ملأت المنزل بالزغاريد المختلطة بالدموع .... وقد تكفلت هي بنشر الخبر وبكل فخر وغرور بين نساء العشيرة ....وكأنها تقول لهم انظروا ابن عمي الذي كنتم تتهمونه بالعجز !!!
منذ معرفتها بأنها تحمل طفلة في احشائها وهي لا تكف عن التطريز ...فهي طرزت كل المفروشات والملابس الصغيرة الخاصة بها .... كل دقيقة تمرر يدها على بطنها .... وكأنها تريد التأكد من انها فعلا حامل وان تلك الركلات الخفيفة هي حقيقة وليست حلم او خيال ...حتى انها بدأت بوضع يد معاذ عليها ... الاخير الذي كان يستقبل ركلات ابنته بابتسامة حنونة ومتعجبة !

بعد مرور بعض الوقت دلف معاذ الى الصالة ليجدها كالعادة تمسك القماش الوردي بين يديها تطرزه بلا ملل او تعب .... تقدم ناحيتها وألقى السلام ثم جلس قربها وهم بتدليك قدميها الصغيرتين ..... قال متسائلا
- اين ملك ؟!!
اجابت وقد عادت لتكمل عملها
- لقد نامت مبكرا ...
اومأ ثم اجابها بمرح
- ألم تتعبي من التطريز ؟!!!
بحماس وسعاد قالت له
- ابدا يا معاذ بالعكس اشعر بالحماس والنشاط يدب بأوصالي ما ان امسك القماش بيدي ....
لتردف وهي ترفع الملاءة وتضمها لصدرها
- اكاد استنشق رائحتها الطفولية يا معاذ وكأني ولدتها بالفعل ! اتمنى ان تمر الشهور المتبقية سريعا ....لم يعد لي طاقة للصبر ....أريد ان احملها بين ذراعي ....
اندس معاذ و تمدد جانبها على الأريكة التي بالكاد استوعبت ضخامة جسده ... ثم وضع رأسه جانب بطنها .... تنهد براحة واخذ يمسح ذلك التكور الرائع برفق قائلا بحنان
- ان شاءلله ستأتي وتنور حياتنا يا رضاب ..انا ايضا انتظر انقضاء الشهور بشوق ولهفة ....
وضعت القماش على الطاولة الصغيرة المجاورة لها ... ثم مشطت شعره الكثيف بأصابعها ..... عم الصمت بينهما ....لا يسمع بالغرفة الا صوت xxxxب الساعة وهي تسير ببطء ..... سحبت نفسا عميقا ثم تنحنحت وقالت له بجدية فهي في احدى المرات السابقة كانت قد سمعت عمه يقول له عندما جاء لزيارتهم ... أرجو ان ترزق بولد يحمل اسمك ... رد معاذ في حينها اثلج صدرها حيث قال له بأن كل ما يأتي من الله خير وبركة ولا فرق بين الذكر والانثى ... الا انها ارادت ان تتأكد لكي تطمئن اكثر
- معاذ اريد ان أسألك سؤالا مهما !
غمغم براحة وهو لا يزال مدد جانبها
- لقد أخبرتك في وقت سابق انت زوجتي ومن حقك ان تسألي ما تشائين ودون اخذ الاذن ....لكن بشرط
ردت متسائلة
- ما هو ؟!
احتضن فخذيها بحميمية وقال
- ان تلعبي بشعري هكذا ولا تتوقفي ابدا !!
أجابت بابتسامة واسعة وهي تمرر أصابعها بفروه رأسه ببطء
- انا أتكلم بجدية يا معاذ
غمغم قائلا وهو مغمض العينين
- وانا ايضا ! والان هيا اسألي ماذا هناك ؟!!!
اجلت حنجرتها وقالت بخفوت

- هل ...هل كنت ترغب بأن يكون اول ابنائك صبي ؟! ارجوك معاذ لا تكذب عليَ !

فتح عينيه وصمت لعدة دقائق .... كان يحاول ان يختار الكلمات المناسبة لكي يطمئنها فهو يعرف بأنها قد اخذت فكرة عن اغلب الرجال الشرقيين الذين يفضلون الذكور على الإناث كأول مولود لهم ..... اجابها بهدوء
- سمعيني جيدا يا رضاب .... اولا نعمة الاطفال هو رزق من الله سبحانه وتعالى .... يوجد غيرنا من يتمنى رائحة الطفل ولا يحصلون عليه !! ... ثم سواء كان ذكر ام انثى المهم انك حامل وسأكون اب بفضل الله ثم بفضلك انتِ ...وابنتي ستكون شوكة قوية اضعها بعين كل من نعتني واتهمني بالعجز ..... وبعد كل هذا تقولين ارغب او لا ارغب !!!!! من اكون لا تبطر او اعترض على نعمة الله !!
اردف قائلا بحزن
- لكني حزين على امر واحد فقط كنت اتمنى ان يحصل
اجابت بهمس وعينيها مليئة بالدموع المتأثرة
- م...ماهو ؟!!
- امي ...امي يا رضاب كنت اتمنى ان تكون حاضرة لترى هذا اليوم وتفرح بأول أولادي !
همست قائلة بنعومة وهي لا تزال تمشط شعره بحنان ورقة
- رحمها الله وجعل مثواها الجنة بالتأكيد ستشعر وتفرح كثيرا حتى وان لم تكن معنا !!

غمغم باختناق وهو يشدد من احتضانها اكثر
- رحمها الله وغفر لها .... ربما معك حق !
......................
............................................
تسير بنا الأيام ونحن نسير

هي تأخذ وتنقص من أيامنا
ونحن نطوي أوقاتها مروراً بلا عوده

فينا من تمر رحلته على محطات الأمل
وفينا من تمر رحلته على محطات البؤس والألم


فينا من يستطيع تسخير الحزن والبؤس
ويحولها الى قناعه وانشراح للصدر


وفينا من تنقلب حياته سلباً بسبب إبتلاء

.................

بعد مرور عامين ونصف


جلست القرفصاء أمام صغيرها الذي كان يجلس على الأريكة يلعب بسيارته الحمراء الصغيرة وهو يصدر أصوات غير مفهومة ...... كانت تلبسه حذاءه بسرعة لكي تأخذه الى منزل جدته فالفترة التي تقضيها في المعهد المسائي كانت تضع عمر عند جدته
فهي تذهب الساعة الثانية عشر والنصف وتعود الساعة الرابعة عصرا .... للان هي غير مصدقة انها بالفعل تخطت الاختبارات الوزارية بنجاح ....صحيح معدلها كان لا بأس به وذلك بسبب ولادتها التي جاءت متزامنة مع فترة الامتحان ..فلم يكن يفصل بينهما الا أسابيع قليلة وقد كانت تلك الأسابيع غير كافية بالنسبة لها للدراسة جيدا .... على الرغم من انها درست قبل ولادتها ومنذ نجاحها في الامتحانات التمهيديه .... المعدل الذي حازت عليه اهلها لدخولها معهد الإدارة ...لم يهمها ما تدرسه ولم تدقق باختياره لقد تركت امر ملئ استمارة القبول بيد زهير .... زهير الذي لم يتركها لحظة واحدة كان معها خطوة بخطوة ...... هي فقط كل ما تريده ان تكون خريجة بشهادة عالية ..تتباها وترفع رأسها امام الجميع .....دون ان تشعر بعقدة النقص التي لازمتها لاعوام طويلة كاللعنة

خرج زهير من الغرفة وهو يعدل ياقه قميصه قائلا
- هيا بسرعة يا حبيبة لكي أوصلك الى المعهد وأعود الى العمل وعند الساعة الثالثة والنصف ستجديني اقف لك في المكان المعتاد
اومأت وهي تجلس قرب ولدها قائلة بتوسل
- حاضر يا زهير لكن بالله عليك لا تفتعل مشكلة اخرى .... قف وانتظرني بصمت ... للان اتذكر مشاجرتك الاخيرة قبل عدة اشهر !! لقد جعلتني اشعر بالحرج الشديد !!
رفع حاجبه الايمن وقال متهكما بسخرية
- وماذا تريديني ان افعل وانا أرى رجلا يقف مع زوجتي في الشارع !!! هل اسكت ؟!!
اجابت متذمرة
- كان مجرد زميل يسألني عن الدروس يا زهير
- زميل او غيره ..... انا لا اعترف بهذا الكلام ... ثم الم يجد غيرك امامه ليسأله ؟! حسنا لم يعد الامر مهما الان ... مايهم فعلا هو الدرس الذي لقنته له .... اعتقد بأنه لن ينساه ابدا لا هو ولا غيره !!!
تأففت بضجر ثم غيرت مجرى الحديث قائلة له ببراءة
- زهير بأذن الله ان اكملت دراستي ستسمح لي بالعمل في أحدى الدوائر الحكومية اليس كذلك ؟!!!
اجابها بأستهزاء وتهكم
- نعم ... نعم ؟!!! ماذا قلتِ ؟! دوائر حكومية !!! فليعطينا الله العمر الطويل لننال شرف التعيين الحكومي حبيبتي ... ثم تعالي هنا اين هي تلك الوظائف الحكومية التي تخططين لها منذ الان ؟!! اذا كان زوجك الذي تخرج منذ سنوات عديدة للان يعمل بمكتب خاص تريدين انت التي ستتخرجين حديثا ان تجدي التعيين بانتظارك .... الم اقل لك سابقا انت طيبة القلب وبريئة جدا !!

نهضت من مكانها واقتربت منه قائلة بدلال وهي تمرر يدها على صدره الصلب
- حسنا اذن اعمل لديك في المكتب !!!
رفع حاجبيه وردد خلفها بغباء
- مكتبي !!!
اجابت بغنج ودلال وهي ترفرف بأهدابها
- اجل .... عيني سكرتيرتك الخاصة او حتى محاسبة وسأقبل براتب رمزي ... المال لن يقف بيننا زوزو !! ها ما رائيك ؟!
صمت قليلا ومشت عينيه على معالم انوثتها الواضحة رغم الفستان الواسع الذي ترتديه بدا وكأنه يفكر بكلامها ..... ثم قطب قائلا بوقاحة
- لا ..فكرتك مرفوضة وقبل ان تسألي عن السبب ساقول لك بأني لن استطيع ان اتحمل رؤيتك وانت تسيرين امامي هناك بجسدك ومؤخرتك المثيرة هذه ! هذا كثير جدا !
قالها وهو يضغط على ردفها الممتلئ .... ضربته على صدره وهي تنهره بغضب مفتعل
- انت دائما وقح و افكارك منحرفة !!!
اجابها قائلا بمرح
- مساءا سأريك الانحراف كيف يكون وعلى اصوله ... هيا بنا سنتأخر !
ابتعدت عنه متوجهة الى الغرفة وهي تقول
- احمل عمر وانا سأحضر حقيبتي الصغيرة وملازمي وسألحق بك حالا
التفت لولده الذي كان ينظر له ضاحكا وقد برزت اسنانه الصغيرة البيضاء ليتقدم اليه ويهم بحمله قائلا بأبوة
- تعال هنا ايها الظريف
حمله تحت ذراعه كما يتأبط الجريدة تماما .... بينما بيده الاخرى حمل حقيبة اوراقه الخاصة ...خرجت حبيبة وشهقت قائلة باستنكار
- يا الهي ...احمل الولد جيدا يا زهير ....!!!!

اجابها بلا مبالاة وهو يفتح الباب

- انا احمله جيدا يا حبيبة لا تخافي عليه !!
هتفت بخوف وهي تلحقه بخطوات سريعة
- معدته ستنقلب زهير ارجوك !

قال وهو يخرج دون ان يلقي بالا بما قالته
- هيا حبيبة لا وقت لدي بسرعة
بينما عمر يضحك ويلوح بيديه وقدميه ... يتكلم مع والده بكلمات مبعثرة لا يفهم منها شيئا وكأنه يتمتع بطريقة حمل والده له
همست حبيبة بتعب ويأس
- زهير سيبقى لا مبالي كما هو ولن يتغير ابداً


...........................
..........................................
اربيل ظهراً

...............
تقف امام المرآة تمشط شعرها بشرود ... هاقد مضى ثلاث أعوام ونصف وهي لا تزال كما هي ... لم يتغير بها الا ملامحها الفتية التي زادت جمالا وفتنة مع دخولها لعمر الثالث والعشرين ....الكون حولها يتغير ويدور بسرعة ونشاط كخلية النحل وهي واقفة مكانها وكأنها تنظر لهم بعجز !
هاهي رضاب رزقت بطفلة جميلة ورقيقة كم احبتها حين ذهبت للمباركة لها !! وكم بدا منظرها رائعا وهي تضم طفلتها لصدرها يجلس جانبها زوجها الذي شاركها سعادتها اضعاف مضاعفة !!! وتبارك حامل بشهورها الأخيرة الان ...تنتظر الصبي الذي بدأت تعد له جهازه ذو اللون الازرق منذ الان !!! هي لا تحسدهم ويشهد الله ...لكنها فقط حزينة ومنكسرة الخاطر والفؤاد ليس من اجلها هي فحسب بل من اجل وليد المسكين الذي يحاول ان يبدو غير مبالي !!
من يراها يحسدها على هدوئها وصلابتها الا انهم لا يعلمون ما يشتعل داخل صدرها من نار حارقة لو خرجت لأحرقت الأخضر واليابس من حولها ... لا يعلمون بأنها مضطرة ... مضطرة على الصمت والسكوت ... وكأن شفرة حلاقه حادة عالقة بحنجرتها ... لاهي تستطيع ابتلاعها ولا هي تستطيع إخراجها لترتاح ... يجب ان يتزوج .. يجب ان يصبح له ولد من صلبه ... خاصة بعد ان فشلت حتى تجربة طفل الأنابيب الذي اجرته العام الماضي ... والذي كلف وليد ثروة طائلة وقد فشلت العملية ولم ينجح الحمل الذي استمر اقل من عدة ايام فقط !!

تدمرت نفسيتها .... انطوت على نفسها اكثر .... انطوائها لم يكن جسديا بل نفسيا ...فهي كانت تشاركهم الجلوس والكلام ...غير ان هناك شيء في داخلها انكسر ...اخر امل تعلقت به وفشل .... تقضي اغلب الوقت في المنزل خاصة بعد ان تخرجت من الجامعة .... حتى المزرعة اصبحت تذهب اليها بأوقات متباعدة .... في الصباح كانت تلهي نفسها بالأعمال المنزلية او تشارك والدتها وخالتها في اعداد الغداء .... وفي فترة الظهيرة تلعب مع ابن زهير ....الذي اصبح يحبها ويأنس لها كثيرا ....
تعرف ان وليد لن يتحمل .. لن يتنازل عن الأبوة لأجلها حتى لو ادعى واصر على رفض فكرة الزواج الا انه بالنهاية سيحن ... للان نظراته الحنونة التي تتبع عمر اينما ذهب تطعنها وتؤلمها بشدة .... ربما لا بل بالتأكيد سيفعلها ويتزوج سراً في يوماً ما ... اجل حتما سيفعلها ويضعف في النهاية ..... عندها لن تسامحه ابدا حتى لو كانت تعشقه حد النخاع ... لن تسامحه ....السماح سيكون امرا مستحيلا خاصة مع امرأة تحب زوجها وتغار عليه بجنون !

اغمضت عينيها عندما احست بدخوله .... ظلت تمشط شعرها تدعي اللامبالاة ... بينما فستانها الصيفي الخفيف كان يظهر منحنياتها امام عينيه العاشقة بوضوح تام ... أشعه شمس الظهيرة اخترقت الستائر والقت بضوئها على جسدها وشعرها الذي بدا وكأنه سرق من الشمس خيوطه وتوهجه ..... كل يوم تزداد جمالا فوق جمالها ... رغم غضبه منها مؤخرا ..لانها عادت لإلحاحها السابق بل إلحاحها الان اصبح اكثرا ضغطا و ازعاجا ... الا انه لا يملك الا ان يسامح تلك المجنونة .... كيف .. كيف تفكر بأنه ممكن ان يوافقها على فكرة الزواج ! رباه هو لايستطيع النظر ...مجرد النظر لفتاة غيرها فما بالك بأقامة علاقة !!!
تقدم منها ببطء شديد الى ان وقف خلفها ثم احتضن خصرها بذراعيه القويتان غارساً انفه برقبتها يستنشق عطر الزهور الجبلية المنبعثة منها ... مرر لحيته على بشرتها ليدغدغها كما في كل مرة ... فهي تتتذمر من هذه الحركة وتظل تضحك وتتوسل به ان يكف ويبتعد عنها الأمر الذي يجعله يزيد من أغاضتها وكأنها طفلته الصغيرة .... التقت نظراتهما الصامتة في المرآة ... مشت عينيها بلهفة وعشق على ملامح وجهه التي زادت مع تقدم السنين وقارا وجاذبية ... لحيته وشعره اللذان غزاهما اللون الفضي بكثافة اكثر من السابق ... وهذا لم يجعله يبدو بعينيها الا اكثر وسامة وهيبة ...... احتضن خصرها بذرعه بينما مشت يده الاخرى على معالم انوثتها بجراءة .... لكنه تجمد وتوقف عن الحركة حين تنهدت وهمست بأصرار
- وليد ارجوك ان كنت تحبني وافق على موضوع الزواج ارجوووك من اجلي ؟!!!

ابتعد عنها وأدارها ناحيته وهو يضغط على كتفيها قائلا بصوت منخفض وحاد
- ألازلت تفكرين بهذا الأمر التافهة ؟!
لترد عليه بتوسل
- ليس تافها وليد ...ليس تافها ..انت يجب ان تتزوج ويكون لك اولاد ما ذنبك لتعيش محروما من الذرية بينما الحل بسيط وسهل جدا !!
أجابها بصوت اجوف وبارد
- ومن قال لك بأني أعاني من الحرمان ؟!!! يكفيني وجودك جانبي !!
هزت رأسها وقالت بتسرع
- لا ..لا يكفي ...وكف بالله عليك من ادعاء المثالية ولا تمثل دور المضحي

اتسعت عيني وليد عندما سمع ما قالته ...ليشتعل لهيب الغضب داخله ويمتد منعكسا على معالم وجهه ليجيبها بغضب مشوب بنبرة عتاب جعلتها تكره عجزها وحياتها ونفسها ايضا ...هي جرحته وتعلم ذلك جيدا لكنها لا تعرف كيف خرجت هذا الكلمة الغير مقصودة من فمها لقد أتعبته وتعبت هي ايضا .....
أجابها بصوت عالي وحاد
- يكفي ..يكفي ...ما بك غسق ..الا تملين ..الا تتعبين من تكرار نفس الموضوع كل عدة أسابيع !!!! لقد تماديت كثيرا ... تماديت اكثر من اللازم .... لقد وصل الحال بك للتفوه بكلام اقسم لو انك كنت قلتيه وانت بحالة أخرى لكنت عاقبتك بشدة واريتك وجهي الاخر ... اما الان فانا فقط اصمت واصبر على جنونك هذا لاني مقدر ومتفهم للحالة التي تمرين بها لكن طاقة صبري قد نفذت أأكد لك ذلك وربما اتصرف معك بطريقة اخرى لن تعجبك ابدا !!
هتفت ببكاء وعناد
- ها انت قلتها وليد تقدر حالتي ..اي انك تشفق علي ..وانا لا اريد الشفقة ...تزوج امام عيني افضل من ان تتزوج سرا ...اقسم بالله يا وليد ان فعلتها فأنت فعلا ستخسرني والى الابد ..سمعت الى الابد

هتف بغضب وقوة غير مبالي فيما لو سمع احدا ما شجارهما فهو بالفعل لم يعد يتحمل اسلوبها المستفز في الكلام
- الكلام معك ضائع ولا طائل منه ابدا ...وكأنني اكلم الحائط ...اتعلمين شيئا ...سأترك المنزل لك لتتشاجري مع الجدران ومع نفسك !!
قالها وغادر الغرفة بسرعة وكأن شياطين الارض تلحق به بينما تبعته غسق وهي تهتف ببكاء وحدة
- وليييييد انتظر .....وليد هذه ليست طريقة للتفاهم وليييييييد

لكنها لم تسمع ردا منه الا صوت الباب وهو يصفق بقوة .... مسحت دموعها واستدارت لتعود ادراجها لكنها تجمدت عندما شاهدت والدتها تقف تنظر اليها بعينان دامعتان تقف جوارها خالتها سعاد تنظر لها هي الاخرى لكن بعتب وتأنيب ..لتصرخ بوقاحة ولاول مرة تفعلها وتثور بهذا الشكل
- لا تنظري لي بهذا الشكل خالتي .... انا اعرف انك تريدين ان تري اطفاله .... لكن ماذا بيدي ان افعل اكثر من هذا لترتاحي ؟!!! ها انا اتشاجر معه يوميا ..ادفع بزوجي وحبيبي لكي يتزوج بأخرى ويحضر لك حفيدك الذي تتمنينه ..... لكنه يرفض ... يرفض ..ماذا افعل ..هل اقتل نفسي لترتاحوا جميعا !!!!!
قالتها وغادرت مسرعة وصوت شهقاتها تكاد ان ترج ارجاء المنزل ...ظلت سعاد واقفة ...جامدة في مكانها تطالع اثرها بتجهم وصمت لتقول سعدية بحرج وخجل
- هذه الفتاة قد جنت واصبحت وقحة جدا ...لا تأخذيني يا سعاد الان حالا سأذهب والقنها دراسا لن .....
قاطعتها سعاد بهدوء وقالت

- لا بأس يا سعدية انا سأذهب وأتكلم معها ...
- لكن ...
قاطعتها مرة اخرى بصرامة
- قلت انا سأذهب ... ارجوك ..احتاج لان اتكلم معها على انفراد
هزت راسها باستسلام وهي تراقب خطوات سعاد التي ابتعدت عنها بهدوء لتهمس بحزن وغم
- فليهدك الله يا ابنتي ويطفئ النار المشتعلة في قلبك ..انا اشعر بك وأعذرك لكن ماذا بيدي ان افعل ... كل شيء مقدر ومكتوب !!

.........................
.....................................

دلفت سعاد الى الغرفة بهدوء وهي تنظر لغسق التي كانت تجلس على الفراش تحتضن ساقيها بقوة دافنه وجهها بينهما .... تشهق بشهقات خافته .... تقدمت وجلس قبالتها على السرير وقالت بحنان وهي تمسح رأسها برفق
- غسق ...
رفعت غسق رأسها بسرعة ثم قاطعتها بلهجة معتذرة وكأنها أحست بفداحة ما فعلته قبل لحظات ..فهي فعلا لم تعد تعرف نفسها ... أصبحت حادة وعدائية مع الجميع ....رباه هل ستجعل الكل ينفر منها ويكرهها !!!
- انا آسفة خالتي ...اسفة لأني تكلمت معك بتلك الطريقة ...لكني اتألم واتمزق من الداخل ولا احد يشعر بي ... احاول إسعاده على حساب سعادتي وكبريائي ... لكنه يرفض ...يرفض الحل المنطقي لمشكلتنا المعقدة !والتي لا حل لها الا بالزواج !!

سحبت سعاد نفسا عميقا ثم استغفرت الله بخفوت وقالت
- لا تعتذري يا غسق ...انا لست غاضبة منك ..انت بمثابة ابنتي .... وبالنسبة لموضوع الاطفال ف...
مسحت غسق وجنتيها وقاطعتها بخفوت
- لقد سمعتك في مرة من المرات ودون قصد مني عندما تحدثت معه في المكتب بشأن التفكير بالزواج من اخرى !
اتسعت عيني سعاد بصدمة وذهول وقالت مبررة بحرج
- غسق يا ابنتي انا ...
قاطعتها مرة اخرى بكآبة وهي تسبل اهدابها
- - لا تقولي شيئا خالتي .. انت معك حق ...وانا من حينها ادركت الصواب والذي يجب ان يكون .... اصبحت الح عليه لكي يتزوج حتى اني اخترت له العروس في وقتها ...لكنه عنيد ...وكما ترين يرفض الفكرة رفضا قاطعا ماذا عساي ان افعل لأقنعة ؟!!!
صمت سعاد وهي تشعر ولأول مرة بأنها محاصرة بين خيارين متعبين ..... فمن جهة هي تحب غسق كثيرا وتعتبرها كأبنتها تبارك بالضبط ومن جهة اخرى وليد ولدها البكري واول فرحتها من حقها ان ترى له اولادا قبل ان تموت بحسرتها عليه !! الحيرة والحزن يكادان ان يفتكا بها

- اعذريني يا غسق ... اعذريني يا ابنتي ...انا اعلم ان الامر صعب عليك ...اقسم لك لو كانت تبارك قد مرت بظروف مشابهة .....
قاطعتها غسق بسرعة وصدق وهي تمسح دموعها
- باسم الله عليها خالتي فليحفظ الله لها حملها وزوجها ..انا لا اتمنى حتى لعدوي ان يكون بموقفي هذا ..اسأل الله ان لا يحرم اما من ولدها ولا يحرم اي امرأة من نعمة الإنجاب ....
لتردف باختناق ودموعها تعود لتنسكب مرة اخرى
- هذا قدري وانا راضية به الحمد لله على كل شيء
اقتربت منها سعاد واحتضنتها بقوة وحنان وهي تهدئها وتمسح شعرها بأمومة
- رضي الله عنك واقر عينك وعين ولدي بالولد الصالح ...موضوع الزواج انسيه الان ياغسق ولندع كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى ....
ثم اردفت بابتسامة صغيرة وهي لا تزال تحتضن غسق التي القت رأسها على كتف خالتها بطفولية
- اتصلي به حبيبتي ..اتصلي وصالحيه وليد لا يستحق منك هذا الجفاء والعناد

همست غسق باختناق وخجل
- لقد خرج غاضبا مني ربما لن يرد على مكالمتي !!
- بل سيرد وليد ورغم طبعه الحاد الغاضب الا انه يهدأ ويسامح بسرعة صدقيني ! مابك الم تعرفي طباعه رغم مرور سنوات على زواجكما ؟!!!
هزت غسق رأسها وهمست قائلة بصوت مرتجف وابتسامة صغيرة رغم دموعها المتدفقة على وجنتيها
- حاضر خالتي سأتصل و أصالحة من لي غير وليد في هذه الدنيا !!

..........................
...................................

البصرة مساءا


صدفة التقينا ..
وماأجملها من صدفة
لم نعرف بعضنا من قبل ولم نخطط لهذا
معك غدوت امرأة اخرى
كل ما أتعبني قبلك حزم أمتعتهُ ورحل ملوحاً للوداع
...................

دلفت للغرفة وهي تلف المنشفة على رأسها .... كانت ترتدي قميص نوم بلون الشكولاته الذي يشبه لون عينيها .... جلست امام المرأة تمشط شعرها المبلل وهي تنظر لمعاذ الذي كان يجلس على طرف السرير منحنيا يداعب وجنة يقين الممتلئة ... كانت تنام بعمق وهالة البرائة تحيط بها ..... كم تغيرت حياتها منذ ولادتها لطفلتها بل حتى قبل ذلك ... منذ التقت به وهي تعيش بعالم خيالي وساحر حتى مشاكلهم الزوجية تكاد تكون معدومة ... فمعاذ رجل متفهم وحنون
لا يتشاجر معها ابدا ... ملك طفلتها الجميلة اصبحت الان في المدرسة في بادئ الامر عندما لاحظت اهتمامهم بيقين كانت تشعر بالغيرة ...حاولت قدر استطاعتها ان توزع الحنان والعاطفة الامومية بينهما بالعدل والتساوي والحمدلله ...بعد مرور فترة قصيرة استطاعت ان تقرب بين الطفلتين ...كانت تشجع ملك على الاعتناء بها وتقول لها دائما هذه شقيقتك الصغرى اعتني بها جيدا ....بدهاء وذكاء منها كانت تترك يقين معها وتذهب لتكمل اعمال المنزل ....وبالفعل زاد التآلف والتقارب بينهما بسرعة كبيرة .....
تذكرت يوم ولادتها عندما داهمها آلم المخاض ... كيف كان يتصرف بخوف وذعر .... كيف كان يمسك يدها بقوة وهو يدعي تاره ويقرأ القرآن تارة اخرى قبل ان يدخلوها لصالة الولادة ... كيف حمل طفلته اول مرة وكيف أكد للمرضة ان اسمها يقين !! فهي قد توقعت ان يغير رأيه بعد ولادتها الا انه اثبت لها بأنه رجل بحق قولا وفعلا ....وما زادها تصرفه هذا الا حبا وعشقا به اكثر واكثر !
وضعت الفرشاة على المنضدة والتفتت اليه هامسة بتذمر
- اتركها لتنام معاذ لقد اتعتبني كثيرا !!
اجابها وهو لا يزال يمرر ابهامه على وجنتها الوردية ...كانت طفلته جميلة جدا محبوبة كقطعة السكر ... بعينين زيتونيتين ورثتهما عنه وبشرة مخملية ناعمة وشفافة ..مكتنزة الجسد وكأنها دب الباندا الصغير ...خديها ممتلأن وورديان خلقتا للاكل والقبل
- اشتقت اليها كثيرا ...هذه الماكرة اصبحت تشغل تفكيري طوال والنهار ..اتخيل ضحكتها وانا في العمل بين العمال !!
قالت رضاب وهي تتصنع الغيرة
- تشغل تفكيرك ؟!!! وماذا عن والدتها المسكينة !!
التفت لينظر لها بغمزة صبيانية وهو يقول بمكر
- والدتها تشغل القلب والروح ولا احد يستطيع ان يأخذ مكانها ابدا !!
ابتسمت ونهضت متجهة الى السرير .... تمددت جانبه ووضعت ذقنها على ذراعه تشاركه النظر اليها قائلة بحنان
- لقد سمعتها اليوم وهي تقول بابا !!
التفت لينظر اليها بلهفة وسعادة
- حقاً !!! هل قالت بابا !!!
هزت راسها مؤكدة
- اجل ...هي في الحقيقة لم تقل بابا بالحرف الواحد لكنها تمتمتها بحروف مبعثرة ومبتورة ..
تنهد بعمق وقال وهو يسحب زوجته الى احضانه
- آه طفلتي ..تحب والدها جدا ...هذه الفتاة ستكون حنونة مثلك حبي !
همست وهي تمرر اصابعها على لحيته المشذبة
- بل مثلك انت ..انت بطلي يا معاذ !
بحركة سريعة سحبها لتكون ممدده فوقه ليقول وهو يدعي البراءة وعدم الفهم
- بطلك !!!
هزت رأسها بأبتسامة واسعة بينما اطراف شعرها الرطب كانت تلامس وجهه من الجهتين
- اجل بطلي
- مثل هرقل تقصدين ؟!!!!!
قربت وجهها منه حتى لمس انفها انفه وهمست بنعومة وجدية وهي تركز بعمق عينيه الحنونتين
- اجل يا معاذ اجل ....
غلغل اصابعه بخصلات شعرها الحريري بينما اصبحت عينيه داكنة وعميقة .... ورد قائلا بصوت خافت و مبحوح قبل ان يسحبها ليتناول شفتيها برغبة جامحة لم تنضب او تقل يوما
- اذن سأريك الان ماذا سيفعل بطلك هرقل مع حبيبته ! انت من جنيت على نفسك !!

وكالعادة اخذها معاذ برحلة ورية ودوامة لا تنتهي من دوامات عشقة اللامتناهي ..... وانتهت ليلتهم بليلة جامحة وحارة تماما كما يفعل كل ليلة !!

......................
.......................................

اربيل
.........

اسبوع كامل مر على خروج وليد من المنزل غاضبا منها .... اسبوع وهي تتصل به ولا يرد لا على اتصالاتها ولا على رسائلها ... فقط كان يقرئها بصمت .... اين ذهب .... اين ينام وماذا يأكل ؟!!! تبا لها هي السبب ...اجل هي .... لقد حولت حياتهم الهادئة الجميلة الى جحيم لا يطاق ... لقد ترك المنزل بسببها هي ..هي ....
الخالة سعاد قالت بأنه يتصل بزهير بين الحين والاخر يقول بأنه مشغول بعمل مهم جدا ولن يستطيع العودة الان !!!
هو يكذب بكل تأكيد ...عدم رجوعه للمنزل ....كان بسبب المشاكل والمشاجرات التي تفتعلها بغبائها .... بعنادها وإلحاحها المقرف جعلته ينفر من وجوده قربها ... ربما اصبح يكرهها الان رباه !! هل حقا وليد بدأ يكرهها ؟! هل تحول كل ذلك العشق والحب العاصف الى كره وبغض ... هي حقا لم تكن تعرف لما كانت تعانده وتلح عليه !! كانت تعرف بأنه سيرفض الفكرة كلما عاودت طرحها عليه وهذا كان يسعدها ويجعلها تلح اكثر واكثر ... وكأنها برفضه المستمر هذا تزداد طمأنينة وراحة !!
لكن يبدو انها أخطأت كثيرا وتمادت برعونتها .... فقط فليعود وهي تقسم على عدم فتح الموضوع معه مرة اخرى ..... لا تعرف ماعليها فعله والى من تلتجئ ...اين من الممكن ان يكون قد ذهب ؟!
لقد سألت حتى زهير عنه الاخير الذي قال لها بصدق بأنه لا يعرف مكانه ...هو يتصل ليطمئن عليهم فقط !!! حتى المزرعة لم يذهب اليها ايضا .... تركها بعهدة عبد العزيز ...هذا ما أخبرته لها تبارك !!!

الكل كان ينظر لها بعتاب صامت والدتها والخالة سعاد وحتى زهير وحبيبة .... هي مذنبة وغبية وتعترف بذلك .... يا ليته يعنفها او يصرخ عليها او حتى يضربها والله سترضى بذلك فقط فليعود الى المنزل ويكون امام عينيها ....

........................


نهاية الفصل


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 02-08-19, 10:15 PM   #128

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bobosty2005 مشاهدة المشاركة
طب ينفع كده 🙄

الصراحة غسق مخنوقه لوحدها مش ناقصه 💔



حالة غسق صعبه 😒هل من الممكن أن تتحمل زواج وليد وترى معه امرأة أخرى ام ستتركه ليتزوج يعنى شىء مؤلم لو تركته وتزوج أما الاكثر إيلاما فهو زواجه وهى على ذمته ده طبعا كله افتراض لاننى اعتقد ان وليد سيكون اعقل منها ولا يوافق على ما تقوله و والدته لم تضع غسق مكان ابنها فكرت بأنانية أم تريد لابنها الانجاب ولو على حساب زوجته ولو الأدوار تبدلت كانت ستقول الصبر جميل و ربنا قادر على كل شىء عجبا عجبا 😏



هناك حالة من الاستقرار بالنسبه لابطالك الاخرين بعد عناء طبعا فالجميع أخذ نصيبه بزيادة هههههه


هكذا الحياة يوم حلو ويوم مر 😮

تمنياتي لك عزيزتى بكل خير وسعاده 🌹🏵🌹🏵🌹🏵🌹🏵🌹



فعلا حالة غسق صعبة جدا مسكينة هي واقعه بين نارين ...نار عجزها الذي هو ليس بيدها ونار حبها لزوجها ومحاولتها ارضاءه بشتى الوسائل حتى لو على حساب سعادتها
لكن مع ذلك هي مندفعة ومتسرعة يعني وليد راضي وصابر بقضاء رب العالمين انما المشكله موجودة بغسق ومشاعرها المتألمة .... لم يمضي سنة على زواجهم وهي يأست بسرعة واقترحت عليه الزواج بأخرى مهما كان حب الزوجة لزوجها ما اعتقد انها توصل معها لهذه الدرجة بحيث تطلب منه الزواج برونق ....
الابطال خلص لحد هنا ودورهم انتهى ومثل ما قلتلي اخذو كفايتهم من الحزن والمآسي خاصة رضاب وعبد العزيز هههههههههههه
شكرا على تعليق الرائع حبيبتي


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 03-08-19, 10:19 PM   #129

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اسعد الله اوقاتكم بكل خير احبتي
وصلنا اليوم لنهاية رحلتنا الطويلة وان شاءلله الفصل الأخير والخاتمة ستروق

الفصل الخامس والأربعون والأخير
.................
لندن
....
ها هو يجلس بزنزانته ..... شاردا بعالمه الخاص .... يعيد حساباته ..... يفكر عن سبب كل ما حصل له ... ماذا اقترف ليُدمر مستقبله المهني ؟ّ! لكن حتى وان خرج من السجن فهو ايضا لن يستطيع ان يزاول مهنته بسبب تلك الارتعاشات التي لا تفارقه ابدا ! باختصار لقد نسف كل شيء بناه والى الأبد ...... من وجهة نظرة هو لا يرى نفسه مذنبا ...لم يفعل شيئا سيئا ليحاسب ويسجن من اجله !!
علاقاته النسائية كانت تتم بموافقة الطرف الاخر !!! صحيح هو كان يتعمد ان يلمس أجساد المراجعات بحميمة لكن هذا كان فقط من اجل ان يتأكد من موافقتهن !! لم يغتصبهن او يتعدى الحدود معهن فبمجرد ان يرى الرفض مرسوما على وجوههن كان ينسحب بهدوء !!!
ما يقض مضجعه الان هو ما حصل لسناء ..شعوره بالذنب لم يتولد داخله بسبب علاقته معها فهي من تقبلت العلاقة بملء إرادتها بل كانت مستمتعة ومرحبة ايضا ... لم يجبرها على شيء ابدا .. لولا اكتشاف رضاب لهما لربما ظلت على علاقتها معه لشهور او ربما سنوات ..... لكنه يشعر بالذنب قليلا لانها ماتت بتلك ألطريقه
منبوذة ..مختلة عقليا .... ومنتحرة .... لربما ان اخبر عائلتها بموتها سيرتاح من ذلك الصوت المزعج الذي يذكره بها مرارا وتكرارا ...لكن كيف يخبرهم وبأي صفة ؟!!
هو لا يريد ان يظهر على الساحة من جديد فتكثر الأقاويل ويعاد فتح الماضي من جديد ..فبكل تأكيد وليد لن يسكت ...سيسأل ويستفسر ويطلب المواجهة معه وهو لا يريد ان يلتقي بأي فرد من افراد تلك العائلة المشئومة ..... اجل منذ زواجه من رضاب ودخول سناء بحياته و أوضاعه أصبحت من سيء لأسوء ....كان زواج الشؤم عليه !!!!
يجب ان يفكر بحل مناسب وبعيد كل البعد عنه وحتما سيجد ..بل يجب ان يجد وبسرعة

.......................
.........................

اربيل
............
كانت ممددة على الفراش ودموعها لا تكف ولا تهدا عن الهطول ... مضى الان عشرة ايام على غيابه .... عشرة أيام لم يتصل بها ابدا ...صحيح هي بالغت بحدتها وغضبها ...لكنها بالنهاية كانت تريد وتبحث عن سعادته هو ...تفعل كل ذلك من اجل راحته هو .... لا تستحق منه كل هذا الجفاء والقسوة ..... اجل وليد يقسو عليها كثيرا ....فهو يعرف جيدا بأنها لا تستطيع النوم دون وجوده قربها ....دون ان تتوسد على صدره وتشعر بقربه منها ..... عشرة ايام من البكاء ... عشرة ايام من قلة النوم والطعام .... حتى وجهها بات شاحبا وجسدها فقد القليل من وزنه ......
خالتها سعاد ووالدتها تتصرفان بشكل طبيعي معها .... أخباره تصلها عن طريقهما ... كل ما تعرفه هو انه مشغول وبخير وسيعود قريبا ... لكن متى ... متى يا الله ..متى سيعود .... لقد أعدت له منذ الان ما تريد قوله ما ان يصل ... ستعاتبه تارة وتقبله تارة اخرى ... ستقسم له على عدم تكرار ما فعلته ...لقد تعلمت الدرس وكفى ....وقد كان درسا قاسيا ومؤلما جدا جدا ...

سمعت صوت الباب يفتح .... ظنت في بادئ الأمر انها والدتها او الخالة سعاد ... غير انها أبعدت الغطاء عن وجهها و فزت جالسة عندما سمعت صوته الحنون وهو يقول
- غسق !!
... نظرت له بعينين دامعتين .... غير مصدقة وجوده أمامها .... ربما كانت تحلم !!! ودون ان تنطق بحرف نهضت من مكانها بصعوبة وكأنها غارقة في بحر من الرمال المتحركة ... مشت ناحيته بتمهل .... الان ستتأكد ان كان وجوده خيالا ام حقيقة .... ارتمت بين ذراعيه وأخذت تبكي و تشهق بقوة .... تتمتم بكلمات معاتبه ... تستنشق عطره الحبيب بلهفة ... وكأنها عادت للحياة مرة أخرى .... احتضنت وجنتيه و قبلت كل نش من وجهه .... أخذت تعتذر مرة بعد مرة .... قائلة بصدق
- اسفه اسفه سامحني يا وليد لن اعاود فتح الموضوع السابق ثانية .... اقسم لك ..... لكن ارجوك لا تعاقبني بهذا الشكل مرة اخرى .... لا تتركني وحدي بالله عليك

احتضنها بقوة .... استنشق عطرها الانثوي الذي اشتاق له كثيرا في الايام السابقة ... لقد كان يبذل مجهودا جبارا لكي لا يعود الى المنزل او حتى يرد على رسائلها التي كانت تجعل قلبه يتلوى الما من اجلها .... لكنه صبر وكبح رغبته وهو يذكر نفسه بضرورة فعل ما ينوية من اجلها هي قبل ان يكون من اجله .... ابعدها عنه قليلا ثم هدئها بابتسامته الرجولية الحنونة وهو يحثها لتجلس على السرير قائلا
- اهدئي ...اهدئي و تعالي اجلسي يا متعبتي ومعذبتي
جلست قربه بل ملاصقة له وهي تضع يدها على فخذه بينما تمسح دموعها بيدها الاخرى قائلة بابتسامة واهنة
- فليأخذ الله عمري ان فتحت فمي بكلمة اخرى تتعبك يا وليد
أجابها وهو يلتهم ملامحها الفاتنة بينما كفه الضخمة تحتضن جانب وجهها بحميمية
- بعيد الشر عنك يا فتاة لا تقولي مثل هذا الكلام ...
ليردف قائلا بضحكة صغيرة
- المهم الان لقد جئت لك بالبشرى
همست بتساؤل وهي تنظر له بحيرة
- ماذا هناك ؟!
أجابها بابتسامة واسعة وسعيدة
- امل جديد يا غسق !
رددت خلفه بعدم فهم وتلعثم
- ا..مل ...جديد !! ماذا ..تقصد ؟!!

سرد لها عن كل ما فعله في الأيام الماضية ... فهو قد سمع من احد الأصدقاء ان هناك طبيبة عراقية كانت تعمل بأحد المستشفيات الأوربية ... كانت قد عادت لاربيل وافتتحت مشفى خاص يعنى بحالات العقم والتي تشابه حالة زوجته فذهب هناك لتقصي الأخبار ولكي يستفسر عن إمكانية نجاحها لحالة غسق
وطبعا كان قد اخذ معه جميع الفحوصات والتحاليل الخاص بها على مدار الثلاث سنوات والنصف الماضية ....
والتي كان يحتفظ بها في مكتبه ...وبعد ان درست الطبيبة الاوراق قالت بان امكانية حملها كبيرة ان شاءلله كما انها اجرت للعديد من النساء اللاتي كانت حالتهن اشد تفاقما من حالة غسق وقد تكللت جميع الحالات بالنجاح الباهر .... رغم التكاليف الباهظة الا انه لم يهتم ...المهم ان يرى السعادة بوجه محبوبته الصغيرة
همست بخذلان وحزن فهي قد جربت عملية طفل الأنابيب مرة وكان نهايتها الفشل المرير وهي ليست مستعدة للمجازفة مرة اخرى ...لن تكون مصدر شفقة وعطف للجميع ...ان فشلت التجربة للمرة الثانية فهي فعلا ستنهار وربما تموت قهرا وحزنا
- انا لن اعيد التجربة مرة اخرى يا وليد ... لن احتمل الفشل !!
احتضن وجهها وركز بعينيها قائلا بإصرار وثقة
- هذه المرة مختلفة يا غسق صدقيني
زاغت نظراتها الدامعة على وجهه وهي تهمس بارتجاف
- كيف مختلفة !!!
أكد لها بسعادة
- الطبيبة متمكنة جدا بهذا المجال وقد عادت مؤخرا من احد الدول الأوربية كما أخبرتك كذلك هي أكدت لي بأن هناك الكثير من الحالات الصعبة والتي كانت اشد تعقيدا من حالتك نجح معهن الحقن ألمجهري .... فلنتوكل على الله يا غسق ونخوض التجربة هذه معا ... فقط انا وانت .... يدا بيد ... وانا سأكون معك ولن أتركك ابدا !
ربما كلامه انزل على قلبها بعض الهدوء والأمل البعيد ...لكنها قالت بإصرار علها تثنية عن حماسه وثقته
- لكن المبلغ ضخم يا وليد من اين ستأتي بالمال !!
ابتسم بحنان وهو يمرر ابهامه على وجنتها بنعومة
- لا تهتمي ولا تفكري بشيء اتركي الأمر علي .... المهم ان تكون إرادتك قوية ومتفائلة لكي نبدأ بإجراء العملية بنجاح !!! ماذا قلت ؟!!
- لكن .... ربما .... ربما
قاطعها قائلا بصلابة وقوة
- هشششش لا يوجد ربما .... فقط قولي يارب وان شاء لله سيتحقق ما نرجوه حبيبتي
همست بعينين دامعتين ورجاء صادق نابع من عمق قلبها المشتاق الى الأمومة
- يارب ....

.......................
...............................
حسنا ... كل العائلة كانت متحمسة للخبر الجديد .... السعادة مرسومة على وجوههم ... والدتها والخالة سعاد لم تكفا عن الدعاء لها بكل صلاة وكل لحظة .... ورغم انها ايضا كانت سعيدة وهي لا تنكر ذلك ... لكن هناك جزء بعيد منها لا يزال قلقا وخائفا من الفشل للمرة الثانية !!!!!

اما وليد فقد عاملها بتفهم .... قدم لها الدعم النفسي والمعنوي .... للان جملته التي قالها بحنان ... لا تقلقي ولا تحملي هما انا سأتدبر كل شيء .... ترن بأذنها ليتردد صداه داخل كل خلية في جسدها ...لقد ذكرها بوالدها رحمه الله .... كان دائما يقول لها عند مواجهتها لأي صعوبات ومشاكل تقع بها بسبب مشاكستها وجراءتها المعروفة به .... لا تقلقي يا ابنتي ولا تهتمي انا سأحل كل شيء !!!!
اجل حنان وليد يشبه حنان والدها .... ربما هذا سبب اخر يضاف لقائمة الأسباب الأخرى التي جعلتها تقع في حبه الى الحد الذي لا حد له !!!

كانت تجلس في العيادة شاردة الذهن ... تفكر بما ينتظرها في المستقبل ....
تركها وليد في الردهة الأمامية تنظره ريثما ينتهي من ملئ بعض الأوراق الخاصة بها سمعت صوتا مألوفا يقول لها بعدم تصديق
- غسق !!! أنت غسق اليس كذلك ؟!!!
رفعت رأسها بسرعة ونظرت لذلك الوجه الذي تذكرته فور رؤيته ... والذي أعاد اليها ذكريات مؤلمة تحاول نسيانها وتجاهلها باستمرار .... انقبض قلبها بشدة ... لو كانت تعلم بوجودها لحاولت ان تتجاهل الصدام معها .....
اغتصبت ابتسامة صغيرة ثم وقفت قائلة رغما عنها بلهجة فاترة رغم انها حاولت ان تبدو طبيعية
- أهلا نيرمين كيف حالك ؟!!
تقدمت نيرمين ناحيتها وقبلت وجنتيها من الجهتين ثم قالت
- بخير الحمد لله .. كيف حالك أنت ؟!!
جلست لتحذو نيرمين حذوها ثم قالت بهدوء
- الحمد لله بأفضل حال

عم الصمت بينهما لفترة .... كانت ملامح غسق الباردة توحي لنيرمين بأنها غير مرحب بها وهذا ما جعلها تبتلع لسانها عن فضولها لتسألها عن سبب وجودها في العيادة !!
حسنا لربما هي حامل مثلها وتراجع من اجل ذلك .... فقد سمعت مؤخرا انها تزوجت وليد ... وكم احزن هذا الخبر أخيها المتيم بعشقها للان .....
غسق معها حق باستقبالها الفاتر والبارد هذا .... ماذا كانت تتوقع ان تأخذها بالأحضان والضحكات المرحبة !!! ما فعلته والدتها مع هذه المسكينة كان مهينا جدا وقاسيا ..... هي لم تقسو على غسق فقط بل قست على رازكار ايضا ...فبعد انفصاله عنها عاش منكسر القلب لعدة أشهر ... امتنع عن الجلوس معهم .... انطوى على نفسه .... تغير مئة وثمانين درجة ... اخيها كان يحب غسق بصدق رغم المدة القصيرة التي تعرف عليها ... استمر حالة هكذا الى ان زوجته السيدة نازدار والدتهم الحنون وبالقوة .... كانت تقول بأنها فعلت ما فعلته لانها حريصة على سمعة العائلة !!!! لكن الله لا يرضى بالظلم والتعدي على الناس وقذف المحصنات الغافلات .... لقد ابتليت بمرض الشفاء منه يعد معجزة وهي حاليا راقدة في الفراش بلا حول ولا قوة ...حتى الكلام لا تستطيع ان تنطقه بصورة صحيحة
همست بخفوت وخجل شديد
- غسق انا اعلم ان وجودي غير مرحب به ... وهذا من حقك ...انا فقط اريد ان اطلب منك ان ... ان ....
نظرت لها بغسق بتساؤل ... صحيح انها تحقد على نازدار وتكرهها بشدة ..فهي لن تنسى كيف طعنتها بشرفها وكيف فضحتها في المشفى وجعلتها أضحوكة أمام الجميع ... وكيف بسببها كادت ان تفقد حياتها وتموت كافرة .... الا ان مضطرة للاعتراف بأن نيرمين كانت طيبة معها لم ترى منها الا كل خير ..ما ذنبها لتعاملها بهذا الجفاف !!!
حثتها غسق بهدوء
- تكلمي نيرمين ..ماذا تريدين ؟!!!
ازدردت نيرمين ريقها وقالت بعينين دامعتين
- أريدك ان ..ان ..تبري الذمة لأمي يا غسق ....
عندما لاحظت علامات الاستهجان والاستنكار رسمت على ملامحها اكملت قائلة بتوسل
- أرجوك يا غسق ..ارجوك ...امي مريضة جدا ... الطبيب قال بأن الامل معدوم بشفائها وأيامها باتت معدودة .... هي راقدة في الفراش منذ عام كامل ... ارجوك ...سامحيها ... ارجوك .....
اتسعت عيني غسق بصدمة .... اخر ما كانت تتصوره او تتخيله ان تكون نهاية تلك المرأة القاسية القلب بهذا الشكل !!! لكن الله يمهل ولا يهمل ...وطعم الظلم مر جدا يشبه بمرارته طعم العلقم .... كانت تستطيع وبكل بساطة ان ترفض طلبها .... لكنها ماذا ستستفيد ؟!
فهاهي عدالة السماء قد اخذت حقها كاملا ... وكأن سكينة وراحة الكون كله انصب على قلبها .... همست قائلة وهي تنظر لزوجها الذي كان يتقدم نحوها مبتسما بتشجيع وحنان
- لقد سامحتها يا نيرمين .... فقط اطلبي من الله ان يسامحها ايضا ....
شكرتها نيرمين بحرارة وهي تدعو لها مرارا وتكرارا قبل ان تتركها وترحل ...ليسألها وليد قائلا باهتمام
- من هذا المرأة التي كانت تتكلم معك ؟!
اجابت بابتسامة صغيرة
- كانت تستفسر عن أمر ما .... لا تهتم يا وليد ....
...................
....................................
بعد مرور عدة ايام .... وما ان انهت الطبيبة الفحوصات المهمة ... بدأت غسق الرحلة ... رحلة علاجها .... رحله طريقها الى المجهول ... اجل رحلتها كانت مجهولة النهاية .... فأما ان يفتح لها باب الامل من جديد ... واما ان تعود وهي حاملة خيبتها للمرة الثانية ..... مع كل مرحلة تتجاوزها كانت تشعر وكأنها تتجاوز سلكا شائكا ..او حقلا ملغوما .....
خائفة ومتوترة من أي عثرة او عائق ممكن ان يصادفها !!!
أخبرتهم الطبيبة بأن الحالة النفسية لكليهما خاصة غسق ..هي من اهم عوامل نجاح العملية .... يجب عليها ان تتوكل على الله ولا تسمح لشعور اليأس والإحباط ان يتسلل داخلها .... الموضوع اولا وأخرا بيد الله سبحانه وتعالى ويجب ان ترضى بنصيبها مهما كان ....
التزمت غسق بالمواعيد مع الطبيبة ... كانت حريصة على تتبع تعليماتها بدقة .... حتى انها احتفظت برقم هاتف الطبيبة الخاص ... الأخيرة التي اعطته لها برحابة صدر وتفهم ..... هذه المرة كانت مختلفة عن المرة السابقة لا تعرف لما .... ربما بسبب حماس وليد المفرط !!!
بتخدير كامل تمت عملية النقل بنجاح بعد سلسلة من الإجراءات والأدوية المنشطة التي كانت تاخذها بانتظام .... كان وليد يرافقها خطوة بخطوة ...حتى انه رفض ان يرافقهم أي احد ... لا والدته ولا والدتها ... كان كل همه هو ان يجعلها مسترخية وهادئة ..... وبعدها يجب ان تنتظر مرور خمس عشر يوما لظهور النتيجة ... هي تحاول جهدها ان تلهي نفسها بأي شيء اخر ... لكن قلقها وذعرها لم يكونا بيدها .....
......................

البصرة
.................

كانت تجلس ارضا في الصالة تدرس ملك مادة العلوم .... بينما معاذ يصلي المغرب ويقين تحوم حوله بشقاوة ..تارة تصعد على ظهره وتارة تنام على الأرض تنظر له وهو يسجد .... وتارة اخرى تقلد حركاته وهو يصلي .... وصوت ضحكاتها الرنانة تطرب اذنيها وتبعث في داخلها البهجة .... من كان يصدق بأن حالها سيتغير بهذا الشكل .... من كان يصدق ان تعيش هذا السلام والهدوء النفسي بعد ان كانت مبعثرة وحياتها عبارة عن فوضى لا نهاية لها !!!
ما ان أكمل معاذ الصلاة حتى بدأ بالتسبيح بينما يقين سارعت للجلوس على فخذه تناغشه وتمارس دلالها وغنجها الذي جعل والدها يذوب حبا بها !!
بعد مرور عدة دقائق صدح صوت هاتفه المحمول لينهض ويجيب عليه قائلا
- اهلا وليد ... كيف حالك
انتظر لعدة دقائق ثم قطب قائلا وهو يوجه نظراته الهادئة عليها ...
- انا لله وأنا اليه راجعون ...البقية في حياتك ... اجل ..ان شاء لله ...
ظل يتكلم معه لعدة دقائق بينما وقفت بسرعة وقد هوى قلبها لقدميها .... هامسة بخفوت وهي
تتقدم ناحيته
- خيرا ان شاء لله ...
عندما أغلق الهاتف سارعت لتسأله بلهفة وقلق
- ماذا هناك يا معاذ ما الذي حصل ؟ّ
سحب معاذ نفسا طويلا ثم زفره بحرارة وقال لها
- تعالي اجلسي يا رضاب ثمة أمر يجب ان أقوله لك

جلست على الأريكة وصوت ضربات قلبها كادت ان تصم أذنيها نظرت له وهو يجلس جانبها لتحثه بخوف وذعر
- هل الجميع بخير ؟!! أرجوك معاذ تكلم بسرعة لقد أقلقتني
اومأ مبتسما بحيرة ثم قال مطمئنا
- لا تقلقي ..الجميع ..بخير لكن ...
- ماذ هناك معاذ !!
- انها والدتك
بهت واصفر وجهها بشدة .... تلاشى القلق الذي كان مرسوما على ملامحها ... أحست بالبرودة تسري بجسدها فجأة ..برودة قاسية ومؤلمة
لتسأله بجمود
- ما بها !!!
ركز نظراته على وجهها واجاب بهدوء
- لقد وصل لوليد خبر وفاتها ...
ازدردت ريقها الجاف بصعوبة ...تجمدت نظراتها على وجهه الذي بانت عليه إمارات القلق ...ظلت جالسة بلا حركة لعدة ثوان ..قبل ان تهب واقفة وتفر من امامه بسرعة البرق ... خرجت الى الحديقة المظلمة
وهي تلتقط انفاسها المختنقة بصعوبة .... جلست على حافة الممر الاسمنتي تحدق في الظلام الذي اخذ يزحف ببطء .... ماتت ... والدتها ماتت !!!
وكأنها ادركت الان ما قاله .... دموعها اخذت تنساب على وجنتيها ... وشهقاتها بدأت تخرج من رئتيها رويدا رويدا .... ما الشعور الذي يداهمها الان !ّ! هل هي سعيدة ام حزينة ؟!
لا تعرف بالضبط ... كل ما تعرفه هو انها لن تستطيع ان تسامحها ابدا .... ليس وصورتها مطبوعة للان بمخيلتها ... رغم حالة السلام التي تعيشها ..الا انها لن تنكر بأن هناك مكان بعيد ومظلم في مخيلتها لا يزال يحتفظ بتلك الذكرى التي اصبحت باهته .... لم يهمها يوما خيانات همام التي كانت تشعر بها وتحسها ..بقدر آلمها من خيانة اقرب الناس لها ..والدتها !
والدتها التي هي من المفترض ان تكون الصدر الحنون بالنسبة لها ! والدتها التي كانت يجب ان تكون مصدر ثقتها وقوتها .... كانت للاسف العكس ..مصدر حطامها وانهيارها !! هي ميته بالنسبة لها ومنذ وقت طويل ... وموتها كان مجرد خيال تعيشه وتصدقه سابقاً والان اصبح حقيقة ملموسة
لماذا تبكي ؟!! هي حتما لا تبكي لاجلها ...لا ...هي تبكي من اجل نفسها ... لقد تعبت كثيرا الى ان وصلت لما هي فيه الان .... ولولا لطف الله بها ورحمته حين جعل معاذ يظهر بحياتها البائسة ... لكانت الان لاتزال تعيش بعالم الجنون والتخبط .....
الله اعلم بأي ظروف قد ماتت ...وما سبب موتها ...حسنا هي لاتهتم ... ولا يهمها ان تعرف ....المهم انها رحلت ...اجل رحلت واراحتها .... بل اراحت الجميع ايضا ... فهي لن تستطيع ان تنظر بوجهها مرة اخرى حتى لو بعد مليون عام ....دون ان تنهار وتعترف بكل شيء ... هي كانت تستطيع وبكل بساطة ان تفضحها امام خالتها وحبيبة تلك الاخيرة التي للان تعيش على امل لقائها يوما وتعويض ذلك الحنان الذي تفتقده حتى بعد ان تزوجت وكونت لها اسرة سعيدة خاصة بها ... لكنها لم تفعل ولن تفعلها ابدا ... فهي لن تسبب باعترافها لهم الا الالم والقهر والصدمة .... فليبقى كل شيء مدفونا وطي النسيان ... هذا افضل للجميع .... اما بالنسبة لسناء .... فهي لن تستطيع ان تتذكر منها سوى فعلتها الشنيعة تلك ..... خيانتها ستقف بينهما دائما كهوة عميقة وسوداء يصعب عبورها وتجاوزها والى ابد الآبدين ...

بعد مرور عدة دقائق احست بخطواته تقترب منها ... ظلت تنظر للامام بجمود فقط دموعها كانت لاتزال تتدفق كالامطار الغزيرة على وجنتيها ..... جلس قربها هامسا بحنان
- رضاب
كان يعلم بما سيحصل معها ما ان تسمع الخبر .... لذلك لم يلحقها في الحال بل اعطاها المساحة الخاصة لتنفرد مع نفسها قليلا قبل ان يطلب منها السفر الى اربيل ...فوليد اخبره بأنه ينوي ان يقيم لها العزاء حتى وان فات على وفاتها عدة سنوات ...
اردف قائلا بلطف
- رضاب حبيبتي نحن يجب ان نسافر للشمال باقرب وقت
التفتت تنظر له وهي تمسح وجنتيها قائلة بلهجة يشوبها الحدة والجمود
- لماذا ؟!!
- وليد سيقيم لها العزاء وقد
قاطعته بصرامة وقوة
- لن اذهب يا معاذ فهمت !! لن اذهب !!
تنهد قائلا بصبر وتروي
- لا يجوز هذا حبيبتي هي ومهما حصل ستظل والدتك وعدم ذهابك سيثير الفضول والتساؤل
ردت بصوت مرتجف وتلك العبرة المريرة تجثم على صدرها بقوة

- هل نسيت ما فعلته بي يا معاذ ؟!! .. لن اذهب لتعود الذكريات البشعة تتزاخم في مخيلتي من جديد ..انا بالكاد استطعت ان التقط انفاسي يا معاذ
صمت معاذ يحدق بها بقلة حيلة ...ربما معها حق ... لكنها يجب ان تتجاوز الماضي يجب ان تتحلى بالشجاعة والقوة .... فوالدتها ورغم كل سيئاتها قد رحلت عن الدنيا ولا يجوز عليها سوى الرحمة .... اجابها بلطف وصبر

- حاولي ان تتناسى الماضي وتسامحيها
هتفت باستنكار وقوة وهي تنظر له بعدم تصديق

- - أسامحها !!!!!

هز رأسه ايجابا وقال بهدوء

- اجل سامحيها واغفري لها ...الله عفور ورحيم يا رضاب و...
قاطعته مرة اخرى وقلبها يخفق بجنون بينما ملامح الرفض المطلق مرسوم على ملامحها الشاحبة

- الله يا معاذ .. ها انت قلتها بلسانك الله هو غفو ورحيم ...وانا بشر ..بشر ولي طاقة للتحمل .... لا استطيع ... لا النسيان ولا المسامحة ..هذا فوق قدرتي ..فوق قدرتي ..الامر ليس بيدي صدقني ....مهما حاولت لن استطيع ....

انفجرت بالبكاء ليحتضنها مهدئا ... يقربها من صدره ... وكأنها طفلة صغيرة وتائهة يعلم ان المسامحة صعبة ... الامر لم يكن سهلا عليها ..لكن الغوص والتنقيب بذكريات بالماضي المدفون لن يجدي نفعا ....ماذا عساه ان يفعل !

تمتمت وهي تدفن وجهها بصدره اكثر

- لن اذهب ..وانت ايضا لن تذهب ....
اجابها متنهدا بحيرة وهو يريح ذقنه على قمة راسها

- وماذا اقول لوليد ؟! ما سبب عدم ذهابنا !
عادت لتهمس بصوت مرتجف وخافت

- اخترع له حجة ! اخبره ان ملك لديها امتحانات

اجابها بعدم اقتناع
- لا يا رضاب هذه حجة واهية ..ومن غير اللائق ان اقول له بكل بساطة انا لن استطيع الحضور بسبب ملك التي لاتزال في الابتدائية ومن السهل جدا ان أأخذ لها اجازة لعدة ايام !!!! لالا ...هذا لن ينفع ابدا
ابتعدت عنه قليلا وهي متشبثة بقميصه قائلة ودموعها تبلل وجنتيها

- اذن اخبره بأني حامل والسفر يضر بالجنين
رفع حاجبيه قائلا بتأنيب

- تريدين مني ان اكذب يا رضاب ؟!!
اعتدلت بجلستها ومسحت وجنتيها قائلة بخفوت

- كلا يا معاذ انت لن تكذب !
عقد حاجبيه متسائلا بعدم فهم

- ماذا تقصدين ؟!
رفعت كتفها وقالت بابتسامة صغيرة ومرتجفة

- أنا حامل !
حدق بها لعدة ثوان مركزا على وجهها المحمر من اثر البكاء وسألها بشك وهو يضيق عينيه

- حقا !!
هزت رأسها مؤكدة بصمت ليعاود سؤالها مرة اخرى وابتسامته تتسع رويدا .. رويدا

- متى علمت ؟!

همست بابتسامة واهنة ومتعبة

- اليوم صباحا طلبت من ام محسن ان تحضر لي جهاز اختبار وقد كان ايجابيا

رفع حاجه الايسر وهو يدعي الغضب بينما داخله كان يشعر وكأنه ملك الدنيا بيده خاصة وان رضاب عادت لطبيعتها الناعمة وكأن شيئا لم يكن

- ومتى كنت تنوين اخباري سيدة رضاب ؟!!!
اسبلت اهدابها وأخذت تتلاعب بأزرار قميصه قائلة بخجل وصوت هامس

- مساءا عندما ينام الأطفال فكرت ان أفاجئك بالخبر ...
ثم رفعت عينيها الحمراء الدامعة متسائلة ببراءة
- الست سعيدا يا معاذ ؟!
قهقه بخفوت وعاد ليحتضنها من جديد قبل رأسها وتمتم وهو لايزال يضغط بفمه على شعرها العطر

- سعيد !!! هذه الكلمة لا يجب ان تطلق على ما اشعر به الان
اغمضت عينيها واراحت وجنتها على صدره الدافئ ....اكثر مكان تريد ان تكون فيه ولا تبتعد عنه ابدا ...رباه ما الذي فعله لها واي تعويذة القاه عليها ليجعلها تعشقه وتدمن قربه منها بهذا الشكل العجيب !!! همس قائلا بصوت متحشرج

- ان شاءلله سيكون ولد يا رضاب !!
اجابت مبتسمة وهي لا تزال تحتضن خصره بقوة

- ولما انت متاكد ؟!! ممكن ان تكون فتاة !

امسك ذقنها ورفع وجهها ليحدق بعمق عينيها اللامعة قائلا بثقة مطلقة

- لا ... سيكون ولد بأذن الله تعالى .... سيأتي طه ...طه على اسم اخي رحمه الله ..لدي شعور قوي يخبرني بذلك !

قطع عليهما استرسال الحديث جسد صغير يستند عليهما وصوت يقين وهي تتمتم با ..با ... حملها معاذ بخفه وأجلسها على فخذه قائلا بحنان
- يا روح والدك وعينه ... تعالي هنا ايتها الشقية
لتلحق بهم ملك وهي تحمل كتابها وهمت بالجلوس جانب رضاب متذمرة بدلال
- ماما لم تكملي شرح العلوم واشعر بالنعاس
احتضنتها رضاب وقالت بمشاكسة رغم دموعها العالقة باهدابها
- يا ماكرة تشعرين بالنعاس منذ الان ام تريدين ان تشاهدي الرسوم المتحركة!!
لتجيبها بكلمات متذمرة ....ابتسمت رضاب بخفوت وهي تنقل نظراتها بين افراد عائلتها الصغيرة ...معاذ ... ملك... يقين ... وطفلها الذي لا يزال بعلم الغيب ...عائلتها الصغيرة الهادئة التي وجدتها بعد عذاب طويل ومتعب ومن المستحيل ان تسمح لاي ماضي اسود وقاتم ان يقف ويدمر سعادتها هذه !!!


.......................
................................
كانت سعاد مستلقيه على السرير تريح ظهرها على الوسائد ...تبكي بنواح .... تقابلها سعديه التي اخذت تواسيها وتصبرها بهدوء قالت سعاد بنحيب
- كيف ..كيف نسيتها ..كيف لم اشعر بها ...انا المذنبة ..
قاطعتها سعدية بهدوء
- لا يا سعاد الذنب ليس ذنبك ابدا ... كفي عن القاء اللوم عليك .... اسمحي لي ان اقول شقيقتك كانت متكبرة جدا ....لقد رأيتها لمرة او مرتين فقط ... ورأيت كيف كانت تعامل الجميع بترفع وغرور ... لقد اختارت الابتعاد عنك وعن ابنتيها بأرادتها واختيارها ... ثم هذا قدرها وامر الله سبحانه وتعالى ..وهي كانت مسافرة كيف كنت لتعلمي بالله عليك ؟!!
همست سعاد بحزن وشرود وكأنها تكلم وتبرر لنفسها
- كنت اتصل بها دوما يا سعدية ...رغم اني الكبرى ...ولي حق الاحترام عليها ....لكني لم اهتم فيمن تتصل او تبادر بالقاء التحية في الاعياد والمناسبات .... كانت شقيقتي الوحيدة وقد احببتها حبا جما .... لكنها بالفترة الاخيرة اصبحت تتهرب مني ...خاصة بعد سفرها ...كنت اتصل بها ولا ترد على مكالماتي وحتى ان ردت كانت دائما تخبرني بطرقة غير مباشرة بأن اتركها وشأنها ... الامر لم يكن يحتاج للفهم ... تركتها في السنوات الثلاث الماضية وانا ادعوا لها بالتوفيق والنجاح صدقيني !

وفي اثناء كلامها دلف وليد الى الغرفة وهو ينظر لوالدته بعدم رضى .... كان يخشى على صحتها خاصة وانها بالاونة الاخير اصبحت تتعب بسرعة .... صحيح ان خبر موت خالته لم يكن متوقعا لكنها بالنهاية ارادة الله ولا احد يستطيع ان يعترض على ارادته ...حتى هو للان غير مصدق انها ماتت بالفعل عندما وصلته تلك الرسالة اعتقد انها رسالة عادية لكن الغريب في الامر انها كانت مجهولة ..لم تحمل عنوان المرسل كانت مفادها ان خالته توفيت قبل عدة سنوات ودفنت بأحد المقابر في لندن !!! كما ان سلسلتها كانت مرفقة في الرسالة !
قالت سعاد بحزن وهي تنظر لولدها
- هل اتصلت بمعاذ ؟!!!
تنهد قائلا وهو يجلس على الكرسي المجاور للسرير
- اجل امي اتصلت واخبرته
عادت سعاد تبكي من جديد وهي تقول
- حبيبتي رضاب بكل تاكيد هي الان منهارة على رحيل والدتها الغير متوقع ! وتلك المسكينة حبيبة قطعت قلبي ببكائها ونحيبها !!!
تمتمت وليد مقطبا بتعجب فحبيبة بالفعل كانت شديدة التأثر بموت والدتها ..وهذا شيء عجيب كيف تحن عليها وهي لم ترى منها سوى النكران والقرف .... للاسف خالته كانت تنبذ ابنتها الصغرى وامام الجميع دون ان تبذل مجهودا حتى للادعاء او الكذب !
- رحمها الله وغفر لها

قالت سعاد برجاء
- انت لن تسكت يا وليد اليس كذلك ؟! يجب ان تعرف اين دفنت ! وتتأكد من موتها ربما يكون الخبر كاذباً !!
هز راسه بالموافقة
- ان شاءلله يا امي ..سأرى ما يمكنني فعله !
عادت سعاد للنحيب الخافت وهي تتذكر سناء ...شقيقتها الجميلة الانيقة .... هل حقا ماتت ولن تراها مرة اخرى !!! لتهمس داخلها بحزن وألم ...على من تكذبين يا سعاد منذ متى وسناء كانت تأتي لزيارتك او المكوث عندك !!! فهي كانت تأتي بأوقات متباعدة وفي بعض المرات كانت لا تدخل للمنزل فبمجرد ان ترمي حبيبة مع حقيبتها الصغيرة في الممر الخارجي للمنزل وتسلم عليها ببرود حتى تسارع بالمغادرة فوراً .... أه يا اختاه ..لما لم تكوني الاخت الحنون ... لما لم نكن عائلة طبيعية ومتماسكة !!! لما كتب علينا ان نعيش منذ الصغر متباعدتين رغم قرب المسافة بيننا !!
.......................
...............................

هاهي تجلس في الغرفة ... تبكي منذ سماعها خبر موت والدتها وهو لا يعرف كيف يواسيها ..حسنا في الواقع هو لا يشعر بالحزن على سناء ..تلك المرأة القوية الصلبة القاسية ... ماتت وهي في بلاد الغربة ..والادهى من هذا كله ان لا احد يعرف كيف توفيت ؟! ماهي تفاصيل او اسباب وفاتها ... ولولا تلك الرسالة ربما لم يكونوا ليعرفوا بوفاتها حتى لو بعد عشر سنوات ... فهي بالحقيقة لم تكن محبوبة من الجميع الا طبعا من والدته وحبيبة !!!


تنهد قائلا وهو يجلس امام زوجته

- ماذا الان ؟!!!

نظرت له بعينين محمرتين وقالت من بين شهقاتها الخافته
- ماذا يازهير ؟!!
- الى متى ستظلين تبكين عليها ؟!!
عبست وقالت بصوت مهتز
- ما الذي تقوله يا زهير ؟!!!! كانت والدتي اتفهم !! والدتي ...
هز رأسه بتهكم وسخرية لم يتعمدها ابدا
- ااه اجل والدتك التي رمتك في منزلنا وكأنها تستعر منك
هتفت ببكاء وقوة
- - زهير ..ارجوك كف عن هذا الكلام
نظر لها بهدوء ... كان غير مقتنع بما تفعله حبيبة ...لماذا تبكي على إنسانة كانت تكرهها وتحقرها دائما امام الجميع !! اجل سناء كانت تحتقر حبيبة وتسمعها كلاما جارحا ومؤلما امامهم كلما كانوا يأتون لزيارتهم ... وكلما زادت هي بقسوتها زاد هو شفقة على حبيبة وبغضا وحقدا على سناء ...هذا ما زرعته خالته ..اجل لقد زرعت الكره والحقد وجاء وقت الحصاد !!!
لكن رغم كل ذلك لا يسعه الا ان يقول فليرحمها الله ويغفر لها ! الميت لا تجوز عليه الا الرحمة
اجابها بجفاف
- مابك هل قول الحقيقة يؤلمك ؟! ام تريديني ان اكون منافقا وادعي الحزن عليها ؟!
اتسعت عينيها برفض قبل ان تهمس بألم وقهر
- رباه زهير !!!!
ليرد بقوة وصلابة غير نادم على كل كلمة تفوه بها
- اجل لست حزينا في الحقيقة .... فلنتكلم بصراحة يا حبيبة ... كلانا يعرف جيدا بأن والدتك كانت قاسية ..قلبها صلب كالحجر تماما بل حتى الحجر في بعض المرات يمكن ان يتزحزح و يلين وينبت زهرا الا هي ... ظلت صامدة بقسوتها وقوتها !!! تلك هي الحقيقة التي لا تريدين الاعتراف بها !
همست بتخاذل وخجل ..اجل هي خجلة من طريقة تعامل والدتها معها .... كيف كانت تقول لها امامهم بكل قسوة وسخرية .... بلهاء وغبية ..عديمة النفع كوالدك تماما !!! لقد بحثت داخل عقلها عن اي موقف او كلمة حنونة قالته لها ..لكنها للاسف لم تجد ..لم تجد شيئا ابدا

- رغم كل شيء هي تبقى والدتي يا زهير وقد كنت احبها جدا
رد زهير بهدوء وقد تحولت نظراته الباردة الى اخرى حنونة وعاشقة
- لا ...سناء لم تكن والدتك يوما .... انا والدتك !
رفعت عينيها تنظر له بدهشة وعدم تصديق ليردف قائلا بثقة واصرار

- لا تنظري لي هكذا يا فتاة !!! اجل انا والدتك ووالدك ..انا صديقك وشقيقك وزوجك ... انا كل عائلتك يا بطتي ....

اقترب منها اكثر ليحتضنها بين ذراعيه هامسه بمزاح ومرح وهو يمسح رأسها بحنو ... دافنا وجهها بصدره
- امسحي دموعك .... لا احب ان أراك تبكين قلبي ينقبض ويؤلمني بشدة !

سحبت نفسا مرتجفا وهي صامته ... مستكينة بين احضانه بهدوء .... لأخر لحظة كان هناك شعاعا للامل يتسرب داخل ذكرياتها القاتمة الخاصة بوالدتها .... لاخر لحظة تمنت ان تتصل بها او تعود لارض الوطن .... لايزال هناك الكثير من الامور التي كانت تتمنى ان تفعله معها ..... لايزال هناك الكثير من الكلام والعتب تختزنه لها في قلبها وعقلها
للان تتذكر عندما كانت في المشفى تحديدا في صالة الولادة بينما الممرضات يحطن بها من كل جانب.... كانت تنادي بأعلى صوتها امي ...امي .... اريد امي
حتى ان احدى الممرضات اشفقت عليها قائلة ..والدتك تنظرك في الخارج ولا يسمح لها بالدخول .... الممرضة كانت تظن ان الخالة سعاد هي والدتها !!! صحيح ان خالتها حنونة معها جدا بل هي احن واقرب انسانه لها في الوجود ربما حتى اقرب من رضاب .ولم تقصر معها منذ الطفولة والى الان .... دائما تقف معها والى جوارها ..... لكنها ايضا احتاجت والدتها بهكذا موقف ..... احتاجت لدعمها .... احتاجت لنصائحها الأمومية ... احتاجت لان تحمم طفلها هي ... تحمله هي ... تشاركها لحظاتها الاولى هي .... وحتى عندما تزوجت ...كم تمنت ان تقف والدتها لجوارها ...تمنت ان تنام بأحضانها قبل ليلة زفافها تماما كما فعلت تبارك ! لكنها لم تكن موجود ...دوما كانت تخذلها ومنذ زمن طويل ...اجل خذلتها للمرة الاخيرة بموتها وهي لم تسمع منها كلمة حب او حنان واحدة .. واحده فقط !!!
عندما كانت تنظر للعلاقة التي تربط اي ام مع ابنتها كانت تشعر بالغيرة الشديدة ..... اجل كانت تغار وتحسدهم .... لماذا هي ليست مثلهم ؟!! لماذا والدتها لا تحبها هكذا !! لماذا هي منبوذة ووحيدة ؟! لكن رغم ذلك هي تحبها .... فهي كانت ولا تزال والدتها التي تكن لها كل الحب الذي في الدنيا ...وليسامحها الله ويغفر لها كل ما كانت تفعله بها !!


........................

بعد مرور اسبوعين
..............

الأيام تسير بطيئة ..وثقيلة جدا ..... كانت تنظر ظهور نتيجة الحمل بلهفة يشوبها الذعر والخوف .... حتى وان كان ايجابيا والحمل تم بالفعل فلا يزال امامها مشوار طويل هذا ان ثبت في رحمها ولم يحدث بها كما في المرة السابقة حين انتهى حملها بعد مرور وقت قصير جدا ....
مع كل ساعة تمضي كانت تدعي الله ...وقلبها يخفق بشدة ....فهاهو اليوم الذي يتم فيه التحليل قد اتى أخيرا متزامناً مع صبرها الذي يكاد ينفذ من شدة الترقب والانتظار
وقد كانت النتيجة ايجابية ... اي انها أصبحت حامل ... حامل للمرة الثانية
استقبل وليد الخبر بفرحة عارمة .... بكل ثانية يردد دون كلل او ملل (رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ )
ليس هو فحسب من شعر بالسعادة والحماس بل شاركه كل من في المنزل خاصة الخالة سعاد التي رغم حزنها على شقيقتها الا أنها لم تستطيع ان تخفي سعادتها التي انعكست على ملامح وجهها المتعب ....والدتها بدأت بإصدار اولى تعليماتها الصارمة والتي لا تقبل النقاش ... أولها هو عدم الحركة المفرطة واكل الطعام الصحي !
اما هي ... فهي قد اكتفت بابتسامة صغيرة وسعادة غير مكتملة .... لن تستطيع السيطرة على قلقها ما لم يمضي عدة شهور ويثبت الحمل .... هي لن تعيش الأمل كما في المرة السابقة ثم تذهب كل أحلامها الوردية ادراج الريح ..لا يزال الوقت مبكرا والحمل في اول أيامه


................

نهاية الفصل



Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 03-08-19, 10:23 PM   #130

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

عالبا likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Roqaya Sayeed Aqaisy ; 03-08-19 الساعة 11:02 PM
Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:34 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.