آخر 10 مشاركات
فتاه ليل (الكاتـب : ندي محمد1 - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          فتاة المكتبة(61)-قلوب النوفيلا-للكاتبة فاطمة الزهراء عزوز{مميزة}-[كاملة&الروابط] (الكاتـب : Fatima Zahrae Azouz - )           »          البحث عن الجذور ـ ريبيكا ستراتون ** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          الغيـرة العميـــاء (27) للكاتبة الرائعة: فـــــرح *مميزة & كاملة* (الكاتـب : فرح - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قـلـوب رومـانـسـيـة زائــرة

Like Tree28Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-07-19, 10:10 PM   #101

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اللهم صل على محمد وآل محمد
اليكم احبتي الفصلين

الفصل الثالث والثلاثون
........................
- ألان سأخبرك واشرح لك أبي
سحب نفساً عميقاً ثم قال شارحاً بهدوء
- أنت مقبل على انتخابات المجلس المحلي للمحافظة أليس كذلك ؟!
رفع راشد حاجبيه الكثيفان بتعجب ثم قال بعدم فهم وهو يومئ بحذر
- اجل هذا صحيح ! لكن ما دخل ترشيحي بزواج ابن عمك ؟!
ابتسم زاهي بمكر ودهاء ثم أجابه قائلا
- ان رفضت زواج معاذ من تلك المرأة ...هو لن يسكت .... بكل تأكيد سيقول امام ...
قاطعه والده قائلا بثقة وتأكيد
- معاذ لن يتكلم وتحت اي ظرف ثق بذلك ... انا اعرفه جيداً ...
اجابه زاهي بغيض وغيرة ...اجل كان ولايزال يغار من معاذ ...يغار من حب والده له ... دائما يمدح صفاته امام الجميع ...وهذا الأمر لم يكن يروق له اطلاقاً ... منذ كانوا صغاراً وهو يشيد ويفخر به وبأخيه طه ..... صحيح هو لا يفرق بالمعاملة لكن إصراره الدائم على ان يكونوا مثله ويتخذوه قدوة لهم ولد فجوة كبيرة بينهم وبين ابناء عمه .... خاصة معاذ !!
- حسناً ابي .... لنفترض بأنه لن يتكلم ...ماذا عن والدته ؟!! انا اعرف وانت تعرف ومتأكد بأن والدته لن تبقى صامته .... ستقوم بنشر خبر رفضك هنا وهناك .... ستقول بأنك تقف امام سعادة ولدها .....
هز راشد رأسه قائلا
- فلتقل ما تريد ...وما دخل هذا الكلام بأمر ترشيحي في الانتخابات ؟!
ابتسم زاهي نصف ابتسامة وأجابه بهدوء وتروي
- انا سأقول لك ما دخله .... دخله هو ان هذا الامر سيقلل من شعبيتك بين الناس ...سيتهمونك ب ...اممممم ..فلنقل بأنك تفضل ابناء محافظتك على المحافظات الاخرى ... بالتالي سينعتونك بالعنصرية والانحياز حتى وان لم تكن هذه نياتك ابي ... الناس تأخذ بظواهر الامور ... ويصدقون ما يريدون وما يسمعون .... وانت لديك الكثير من الحاقدين المنافقين الذين يتربصون بك شراً ... اما ان وافقت وبينت سعادتك وترحيبك ... سيرتفع صيتك بين الناس وسيزداد احترامهم لك اضعاف مضاعفة ...كما اني بصراحة ....

صمت زاهي قليلا وهو يسحب نفساً عميقاً .... اعتكاف معاذ وإضرابه عن الزواج لم يكن يعجبه ابداً ...معاذ اول شاب في العشيرة وصل لسن الثلاثين وهو لايزال عازباً .... لم يكن يستمع لهمهمت وتساؤلات شباب عشيرتهم فقط بل الامر تعدى الى العشائر الاخرى ايضاً ... فهو بكل مجلس عشائري يذهب اليه في المحافظات المجاورة ... كانوا يسألون عنه على اعتبار انه ابن اخ الشيخ راشد المعروف بين الشيوخ بهيبته وسلطته وكبريائه ..... لن يأتي الأستاذ معاذ وينسف كل ما بنوه بغبائه وعناده ....
حثه والده قائلا بفضول وانتباه شديدين بدى وكأن الفكرة قد راقت له
- اكمل ...اكمل كلامك يا ولدي !
ليكمل زاهي بحماس عندما لاحظ نظرات والده المستحسنة والتي تنبئ بأنه سيوافق بالفعل
- بصراحة يا ابي ...لم اعد اتحمل سماع تلك الهمسات بين شباب العشائر المجاورة ...كلما اذهب الى مكان يسألوني عنه ...وانا اضطر للمراوغة واختراع الكذبات ... لقد انزل رؤوسنا ابي ! بالله عليك وافق ولننتهي من هذا الموضوع الذي بات يقض مضاجعنا !

ارجع راشد ظهره الى الوراء مفكر بما قاله ولده للتو .... الفكرة راقت له ....بل راقت له كثيراً ... كما انه هو الاخر بدأ يشعر بالانزعاج بسبب عدم زواج معاذ الى الان !
قال زاهي بأصرار وهو يحاول ان يطرق الحديد وهو ساخن
- هيا ابي ...الامر لا يحتاج الى التفكير .... وافق وتوكل على الله ...انه الحل الأمثل والأنسب للجميع !
رفع راشد نظراته الحائرة وقال مفكراً
- اتعتقد ذلك ؟!!!
هتف زاهي بقوة وحماس
- اجل اجل ابي اعتقد وبكل تأكيد !!
- اذن تقترح ان اتصل به لأخبره !!
اومأ زاهي رأسه قائلا
- اجل ابي اتصل به مساءاً واخبره بأنك وافقت فقط من اجله ولكي لا يظن بأنك تقف امام سعادته !
اجابه راشد بهدوء
- دعني افكر بالامر مرة اخرى وادرس الموضوع جيداً ثم نرى ما سنفعل !

.......................
.............................
احد المقاهي في اربيل
.........
عدة ايام قد مرت منذ خروجه من السجن ... يدور بحلقة مفرغة ...كان هو و كورشير يواصلان البحث والتقصي عن كل ما يتعلق بالقضية كما ان التحقيقات كانت لاتزال جارية .....ذهبا الى موقع البناء وقاما بسؤال عدة اشخاص ... صحيح ان الشرطة حققت معهم الا ان كورشير اصر على ان يعاود الذهاب هناك ومحاولة استكشاف الامر مرة اخرى !
هناك امر مريب يجري .... لديه احساس بذلك ... ولقد ازدادت شكوكه عندما لاحظ الارتباك الذي اصاب الساعي عندما سأله كورشير عدة اساله تخص الحارس الامني المختص بالمشروع !!!
كان يشعر بأنه يريد ان يقول شيئا ما ... لكنه بدا خائفاً ومتردداً !
ربما هو يخاف على مصدر رزقه .... فهو بالنهاية رجل فقير وكبير بالسن ايضاً ... يكد على اولاده الخمسة .... وفي الوقت الحالي اصبح الناس يخافون التورط باي امر يمس القانون ... رباه لقد وصل بهم الامر انهم عندما يرون جريمة خطف او قتل تجري امام اعينهم فأنهم يدعون عدم الانتباه ومنهم من يخاف حتى من ادلاء شهادته بالحق !!
السؤال المهم الأن كيف يمكنه اخذ المعلومات منه دون ان يضغطوا عليه او يجبروه !!!
قطع استرسال افكاره عندما انتبه لدخول كورشير الى المقهى ...كان يبحث عنه هنا وهناك ..رفع زهير يده واشار له ...تقدم الاخير ناحيته مسرعاً القى عليه التحيه واتخذ مكانه جالسا في الكرسي المقابل له ... قائلا بتساؤل
- اذن هل هناك اخبار جديدة !!
هز زهير رأسه نافياً وهو يقول بيأس
- لاشيء جديد للأن ...لكني اشك بأن الساعي يعرف امر ما لكنه خائف !
اجابه كورشير وينحني بجذعه مستنداً على الطاولة بذراعيه
- اجل وانا احسست بذلك ايضاً ... ربما المكان والزمان كانا غير مناسبين للحديث معه !
زفر زهير الهواء بعمق .... كان يشعر بالعجز الشديد ...يعلم ان الحقيقة باتت قريبة منه جداً الا ان الامور لا تجري لصالحه ابداً ..... همس وهو يرجع بظهره الى الوراء فاركاً جبينه بتعب
- اذن !!!! كيف يمكننا اقناعه لكي يتكلم ... ماذا تقترح ؟!
اجايه كورشير مفكراً
- اترك هذا الامر لي سأجد الطريقة المناسبة ثم اخبرك .... والان ركز بما ساقوله لك !
اعتدل زهير بجلسته وهو ينظر لكورشير بتساؤل ليكمل الاخير قائلا بحماس لا يلق بما هم به الان
- لقد قررت ان افتتح مكتب هندسي خاص بي ... المكتب كان يخص والدي رحمه الله وكنت بالفعل انوي ان اباشر العمل فيه .... لكن شاءت الصدف ان اعمل في المشروع قبلها ... وكنت اريد منك ان تشاركني العمل ... اقصد ان تكون شريكي فيه ... ما هو رأئك ؟!
اجابه زهير قائلا
- الحقيقة كنت انوي ان اعود الى مكتبي السابق لكن فكرتك راقت لي ! بكل الاحوال انا من المستحيل ان اعود لذلك العمل الذي ورغم امانتي ونزاهتي المشهود بها كنت للأسف موضع شك واتهام !
وافقه كورشير الرائي بقوة
- وانا ايضاً ..كرهت العمل هناك !
عاد زهير يسأله عن الساعي قائلا
- اذن ماذا سنفعل مع العم اسماعيل !!
اجابه كورشير بهدوء
- اخبرتك ..اترك هذا الامر لي سأجد طريقة ما ...او ربما نذهب انا وانت لمنزله !
قال زهير بحيرة
- وماذا نفعل ان رفض المساعدة !!
اجابه كورشير بثقة وتأكيد فهو من خلال عمله في الشركة استطاع ان يلمس طيبة ونقاء ذلك الرجل الطيب
- بأذن الله ستكون شهادته لصالحنا ! العم اسماعيل رجل تقي ويخاف الله ... لا اظنه سيرفض المساعدة هذا ان تأكد فعلا بأنه يعرف شيئاً ما!
..........................
.............................
البصرة
.........
يجلسان حول طاولة الطعام .... يتناولان وجبه العشاء .... تشاركهم ملك التي لم تكف عن إطلاق أسئلتها الطفولية التي تعبر من خلالها عن سعادتها المفرطة ... عندما علمت بأن رضاب ستأتي لكي تعيش معهم في البصرة
وهو كان يرد عليها والابتسامة لا تريد ان تفارق وجهه ......
اما هي فكانت تنظر لهما ببرود وهي تلوي فمها بعدم رضا .... معاذ لايخفي سعادته ...وكأنه
لايكاد يصدق بأنها اخيراً منت عليه بموافقتها ...تلك الماكرة الشمطاء ..تعززت عليه لأكثر من اسبوع لكي تحكم سيطرتها منذ الان !
يبدو انها ماكرة وليست سهلة ابداً ....... كيف اوقعت بمعاذ الذي كان يرفض فكرة الزواج رفضاً قاطعاً !!!
رن هاتفه النقال فجأة ...وما ان قرأ اسم المتصل حتى فز واقفاً .... مشى عدة خطوات ليقف عند باب المطبخ المفتوح ....قال بهدوء وترقب
- اهلا عماه ! وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
صمت قليلا يستمع لحديثه ثم اجابه بسعادة
- اجل ..اجل عمي ... حسناً ...ان شاءلله ... سأتفق على موعد محدد ثم اخبرك ...
صمت قليلا يصغي اليه ثم اجابه ممازحاً بمرح
- شكرا لك عمي... كان بودي ان اقول العقبى لأولادك ...لكن ماشاءلله كلهم متزوجون

اعقب كلامه بضحكة مرحة عميقة صادرة من اعماق قلبه .... الهذه الدرجة هو متحمس وسعيد !!! ماذا فعلت به تلك الشمطاء لتسحره بهذا الشكل !!!
اغلق الهاتف وعاد ليجلس مكانه يأكل بشهية مفتوحة على غير العادة .... قالت له وهي تتصنع ابتسامة صفراء
- اذن ما الذي قاله لك عمك العزيز ليجعلك سعيداً بهذا الشكل ؟!
هي كانت تعرف جيداً ما قاله ولا يحتاج الامر للشرح ..... كان قرار الشيخ راشد هو اخر امل لديها لإلغاء هذا الزواج ..... رباه كانت شبه متأكده من رفضة !!! مالذي جرى له وجعله يوافق بهذه السرعة ؟! ربما قد اصابه الخرف المبكر .... واولاده كيف وافقوه ؟!!! انت تريد وانا اريد ويفعل الله مايريد .... الظاهر ان الله قد جعل تلك المرأة من نصيب ولدها المسكين ...
رغماً عنها بادرت بالسؤال الذي هي على يقين مسبق بأن اجابته ستلهب النيران في قلبها اكثر واكثر ..... رفع نظراته الضاحكة لها وقال بأبتسامه واسعة
- لقد ابلغني بأنه موافق ومرحب جداً بقرار زواجي
اومأت قائله ببرود
- غريب كيف وافق بهذه السرعة ؟!!!
اجابها معاذ بجديه
- ربما غير طريقة تفكيره ...او ..ربما هو يهتم فعلا بسعادتي يا اماه !
وهل يوجد كلمات مناسبه تستطيع ان ترد بها عليه !!! وكأنه يخبرها بأن عمه يبحث عن سعادته اكثر منها !!!!
يشهد الله انها تريد سعادة الدنيا كلها لولدها البكري ....لكن سعادته مع من تستحقه ...من تليق به ....وليس مع تلك الدخيلة السارقة المطلقة !
- امي غداً سنذهب الى اربيل ان شاءلله
نظرت له بدهشة وقالت بتعجب
- لكن بهذه السرعة يا ولدي ! ثم اليس من المفترض ان يرافقنا عمك لكي يطلب يدها لك رسمياً بما انه قد وافق على زواجك ؟!!!!!
اومأ قائلا بهدوء
- اجل امي معك حق بما يخص عمي ...لكني اريد ان أأخذك اولاً لكي تتعرفي عليها وعلى عائلتها
ليضيف بحماس وثقة جعلت مخالب الغيرة تنهش صدرها نهشاً
- متأكد بأنك ستحبيها اماه ! بل ستحبين عائلتها ايضاً صدقيني !!
الصبر من عندك يا الله ... همستها بداخلها وهي تهز رأسها ايجاباً بينما ترسم ابتسامة غيض على شفتيها وهي ترد عليه بجملة اخرجتها مرغمة
- ان شاءلله يا ولدي !
تنحنح معاذ واجلى حنجرته قائلا بليونة
- امي ....ارجوك عاملي رضاب بلطف
رفعت هدى حاجبيها وكادت ان تطلق صرخة استنكار تسمع الحي كله لكنها تماسكت وقالت بغيض
- ماذا تظنني يا ولد !!! هل انا وحش سألتهمها ؟!!! ام ربما سأشوي على اُذنيها بصلاً !!!
اجابها معاذ مهدئاً والدته بسرعة
- لم اقصد ما فهمتي ..انا فقط
قاطعته بصرامة وغضب وهي تكاد تنفث النار من فمها
- اسكت ..اسكت ولا تتفوه بكلمة عكرت مزاجي سامحك الله
تمتم معاذ معتذراً بصبيانية جعلت قلبها يرق له ... وهو يتقدم ليجثو امامها مقبلا يديها بالتناوب
- اسف اماه ...ارجوك لا تغضبي مني فعلا انا لم اقصد ما فهمته !
تنهدت بحسرة ...اااه انه ولدها البكري ..لا تستطيع ان تغضب عليه ...هو نور عينها تحبه وتريد له السعادة حتى لو على حسابها
- لست غاضبه يا معاذ ... رضي الله عنك يا ولدي واسعدك ...كل ما اريده هو ان تكون رجلا في منزلك وتسيطر عليها منذ البداية ... لا تتهاون معها ابداً حتى لوتطلب الامر لأن تضربها !!

اضربها ! همسها معاذ بسره ... اه يا امي فقط لو تعلمين ما يجول بخاطري وما انا متهيئ ومخطط لأفعله معها ... فقط فلتأتي هي وتنور غرفتي !!!! سأخرج عليها صوم السنين العجاف الماضية من حياتي !!!
اجابها بمرح وابتسامة صغيرة ترتسم على شفتيه
- فلأتزوجها الان يا امي ...وعندها لكل حادث حديث ...... ولدك رجل من ظهر رجل لا تخافي علي ابداً
هب واقفا ثم استأذن وخرج من المطبخ بينما همست والدته ببرود وهي تراقب ابتعاده عنها
- ارجوا ان اكون مخطئة بظني يا معاذ !!
..................................
................................
اربيل

دلف الى الغرفة بهدوء .... ليشاهدها ممددة على الفراش ترتدي قميص نوم حريري ... ازرق اللون يشبه لون عينيها .... قصير جداً يصل الى منتصف فخذها المكتنز ... بينما فتحت الصدر المثلثة المشدودة حول نهديها المثيران لم تترك شيئاً لخيالة المعذب .... الذي تعذب خلال الايام السابقة ... فهو قد هجرها لعدة ايام بسبب تلك المشكله السخيفة .... وما ان تصالحها حتى كان لها عذرها الشرعي ... بدت له الايام وكأنها كانت تسير ببطء شديد وكسلحفاة عجوز تتحداه !!!
اما شعرها العسلي الطويل كان منثوراً بهمجية مثيرة على اكتافها وكأنها تناديه تعال المس نعومتي ..... تمسك كتاباً بين اناملها البيضاء تقرأ فيه بتركيز ... ما ان احست بدخوله حتى رمت الكتاب على السرير وهبت راكضة اليه بلهفة طفلة صغيرة ... ليستقبلها بذراعان مفتوحان ... رمت جسدها على صدره العريض
وطوقت رقبته بذراعيها ثم رفعت نفسها لتطبع قبلة عميقة على شفتيه الضاحكتان ..... احتضن خصرها ورفعها ليكون وجهها مواجهاً لوجهه وهو يقول بصوت اجش بينما اصبحت عيناه لامعة وعميقة الرغبة المجنونه انعكست بهما كاللهيب المتراقص
- مادمت قد لبست لي قميص النوم المغري هذا فأنا اعتقد ان الحصار قد فتح اليس كذلك ؟!!!
اومأت بابتسامة واسعة وهي تقول بخجل
- اجل لودي الحصار قد فتح اليوم منذ الصباح !!
انزلها وبدأ يفتح ازرار قميصه قائلا بغمزة ماكرة وهو يتتبع خطواتها حين عادت ادراجها الى الفراش
- حسناً انتظريني بطتي الجميلة فقط أأخذ حماماً سريعا وسأعود اليك فوراً
بعد مرور عدة دقائق عاد الى الغرفة وهو يرتدي فقط بجامة حريرية سوداء ... عاري الصدر ... رمى المنشفة بأهمال على الكرسي وتقدم منها وكأنه اسد مفترس يتهيأ لالتهام فريسته بتلذذ .... تمدد جانبها وسحبها الى صدره العريض وقال بمرح
- تعالي هنا قطتي .... لقد اشتقت لك كثراً
ضحكت مرتبكة وهي تسبل اهدابها .... تركز نظراتها على تلك الشعيرات السوداء اللامعة ثم قالت بخفوت
- كنت اتمنى ان احمل بطفلنا منذ ليلتنا الاولى وليد !!!
قبل جبينها وقال بشقاوة
- لسنا على استعجال للأطفال الان غسقي ثم ان لم يحصل الحمل الشهر الماضي فسأحرص على ان يكون طفلنا في احشائك في هذا الشهر !
همست بخجل وهي تدفن وجهها بتجويف رقبته
- وليييييييد تأدب !!
قفز ليعتليها بخفة قائلا بشوق جارف والرغبه منعكسه بعينيه الفحميتن
- لا ...لاحبي لا مجال للخجل الليلة ..اكاد اذوب شوقاً اليك ...
قبل شفتيها بنهم وكأنه يأكل طبق حلوى شهي بنكهة الفرولا ... ثم ابتعد عنها قليلا وقال بأنفاس لاهثه مضطربة
- اعتقد بأني سألتهمك التهماً متوحشاً !!!
احتضنت جانب وجهه ثم همست بخجل تبادله النظرات المتعطشة
- وانا اريدك ان تلتهمني ولييد !
- لك ذلك ايتها المثيرة !!

غرقت غسق بين ذراعيه ....وعاشت ليلة من ليالي الف ليلة وليلة تحت وطأة لمساته الرقيقة ...
تلك اللمسات التي كانت تثير داخلها وغزاة لذيذة ....تجعل جسدها يتوق شوقاً لارتشاف الى المزيد والمزيد من بحر حنان هذا الرجل الذي بات يسيطر بعشقه على كل خليه من خلايا جسدها و قلبها وعقلها !!!
......................................
..............................................
................
كانت تنظر لانعكاس صورتها في المرآة .... تقضم شفتها السفلى بتوتر .... لقد ازداد
ارتباكها وخوفها اضاعف مضاعفة الان .... بل اكثر بكثر مما كانت عليه صباحاً ... فما
ان اخبرهم وليد بأن معاذ ووالدته سيأتون اليوم لزيارتهم ولتعرف عليهم حتى اصابها مغص
معوي .... شعرت بالمرض والبرد والحرارة فجأة .... لأول مرة تخطب بهذا الشكل ... فعندما
خطبها همام الحقير لم يتقدم لها بشكل رسمي ! ممن يخطبها ولماذا !! اذا كان قد اتفق مع والدتها على كل شيء
هي كانت مجرد لعبه حمقاء وغبية يحركونها بينهم كيفما يشاؤون !
اما الان ...الان اختلف الامر ... كل ما سيتم هو بموافقتها وارادتها هي ... بلعت ريقها بصعوبة
وعادت تنظر لوجهها الذي وضعت به القليل من مستحضرات التجميل ....
اقتربت منها حبيبة وقالت بهمس
- رائعة الجمال اختي !
التفتت لها رضاب واجابت بأبتسامة مترددة
- حقاً !!
اومأت حبيبة مشجعة وهي تقول بمكر محبب
- صدقيني اختي .. معاذ ما ان يراك سيطير عقله !
عضت رضاب شفتها وصدرت عنها ضحكة قصيرة ومتوترة ..... دلفت تبارك الى الغرفة وقالت بأبتسامة واسعة
- هيا رضاب ...العريس ووالدته بانتظارك
همست رضاب وقد تحول وجهها للشحوب وعاد اليها المغص من جديد
- يا الهي تبارك ...انا ..انا ..اشعر بالخجل كيف ادخل للصالة وحدي ...تعالي انت وحبيبة معي !
اجابتها تبارك بصبر
- حبيبتي لا يجوز هم جاؤوا من اجلك انت ... ثم انت لست لوحدك امي ووليد والعمة سعدية كلهم يجلسون في الصالة ....هيا يا فتاة ...تشجعي وكوني قوية !!
اومأت بصمت وهي تسحب نفساً عميقاً تحاول من خلاله تهدئه خفقاتها المدوية وارتجاف جسدها الواضح
......................
...........................
على المراية وكفت ما شفت وجهي
وشفت وجهك طلعلي وكمت أحاچيك
وثبت بمرايتي وجهك مرايات
وأباوع وجهها مرايتي بيك
بكذلتك شِّد ركبتي وطلع الروح
أريدنها بعد تتكرب عليك
اريدن هيچ كون آنه انخبط بيك
بيا شارع مشيت كبالي ألاكيك
أفوت بغير شارع هم ألاكيك
أرد للبيت قبلي الكاك بالباب
اطب كبلي تطب وتكلي أتانيك
بغيرك فكّرت كلت آنه أنساك
طلع غيرك يشبهك وفكرِّت بيك
..............

- السلام عليكم
قالتها وهي تدلف الى الصالة ... ترسم على شفتيها ابتسامة صغيرة ناعمة وخجولة ....تسير ببطء شديد ....قلبها يخفق بسرعة لم تعهدها ابداً .... مشاعره متضاربة تعصف داخلها .. لا تعرف كيف تحددها !!
سعيدة ؟!! ربما اجل .... ربما لا ...ربما هي متوجسة وخائفة من الحياة القادمة التي تنتظرها في محافظة اخرى ...بيئة اخرى ...أناس غرباء ستعيش معهم ... زوج لا تعرف عنه شيئاً ... سوى انها تشعر بالرحة والآمان عندما يكون قريباً منها ..... هل حدسها هذا يكفي !!!!
لقد سلمت امرها لله وكفى .... كانت تردد الدعاء الذي اوصتها خالتها به
(( اللهم من كان يريد بي خيرا فقربه مني وقربني منه ...... ومن كان يريد بي شرا فابعده عني وابعدني عنه ))
وكم كانت تشعر بالسكينة والهدوء والراحة عندما تردده .. قلبها مطمئن جدا جدا لمعاذ خاصة بعد تلك الرؤيا العجيبة !

ما ان رأها حتى اخذت الدماء تفور فوراناً في شراينه .... اخيراً ...اخيراً يا رضاب اصبحت لي ... عيناه كانت تفضح سعادته التي لمسها كل الموجودين في الصالة من وليد والخالة سعاد وسعدية ....كانت جميلة وصغيرة ...خائفة وخجولة .... يكاد يلمس توترها وخوفها ...
ترتدي فستان زيتوني فتح اللون ... ملتف حول قدها الرشيق ... شعرها الناعم منثور على اكتفاها ... حمرة الخجل الظاهره على وجنتيها زادتها جمالا وبرائة

هب واقفاً دون ان يشعر وهو يرد على سلامها ...لولا انها لازالت محرمة عليه لمد يده لكي يحتضن كفها الناعم الذي من المؤكد بأن نعومته تنافس نعومة الحرير تماماً ....ولسحبها ناحيته لتجلس جانبه ...يشبع جوع عينيه منها دون احراج او تأنيب للضمير !!
ما ان راتها ملك حتى ذهبت اليها راكضة لتحتضنها وهي تنادي بسعادة
- امييييييييي
ابتسمت رضاب بنعومة وهي تمد يدها لتمسد شعرها بحنان
قالت سعاد ببشاشة
- تعالي رضاب ...تعالي يا ابنتي وسلمي على حماتك هدى ...
رفعت رضاب نظراتها الخجوله ... ثم اقتربت من الاخيرة التي اصطنعت ابتسامة باهته على شفتيها وهي تقول
- اهلا يا ابنتي ...ماشاءلله جميلة .... لا تأخذيني حبيبتي لا استطيع الوقوف ... السفر البعيد كان مرهقاً بالنسبة لي .. وانا امرأة كبيرة في السن وصحتي بالكاد تعينني على الوقوف
ثم اضافت وهي تدعي الأسى
- اعانك الله يا ولدي المسكين كيف يحتمل السفر الطويل كل اسبوعين مابين البصرة واربيل ! انا من مرة واحد واكاد اشعر ان عظامي تكسرت فكيف الحال معه ؟!

انحنت رضاب لتقبلها من وجنتيها ببرائة تامة دون ان تعير ادنى انتباه على ملامح حماتها الباردة ولا على عدم وقوفها لكي تبادلها التحية .... ولا على كلماتها المبطنة الخبيثة
بينما قالت سعاد بعفوية ودون ان تفكر بمغزى ما قالته
- ان شاءلله سيتزوجان قريباً ويرتاح معاذ من السفر الطويل هذا !

كانت مقصودة !!! همسها معاذ بسره وهو يعاود الجلوس في مكانه .... الظاهر والدته بدأت حربها الباردة مع رضاب !!! فليستر الله ....لن يستبق الاحداث الان ..... رغم الكلام المبطن الذي قالته ...الا انه سيصبر ربما ...ربما ...هو مخطئ بظنه ...الايام التالية ستكون حافلة بالكثير على ما يبدو !!
جلست رضاب قرب خالتها سعاد في الجهة المقابلة لمعاذ ووالدته بينما استحلت ملك حجرها بتملك طفولي اعتادت عليه ..... تنفست بعمق وهدأت مخاوفها .... اختفى ارتباكها قليلا بعد ان رأت والدته ....تبدو امرأة طيبة القلب ....ملامحها حادة لكن عيناها الشبيه بعيني ولدها كانت حنونة ...لقد شعرت بالرحة والالفة تجاهها تماما كما حصل الامر مع معاذ ... الحمدلله ...الله رزقها بخالة اخرى ستكون لها الصدر الدفئ عندما تتزوج وتبتعد عن خالتها سعاد !!

اخذ معاذ يتبادل الكلام مع وليد لكن عينه تزوغ بين حين واخر في الجهة التي تجلس عليها معذبته ....
مشت نظرات هدى المتفحصة على كل انش بملامح وجسد رضاب .... اذن هذه هي رضاب التي
اطارت صواب ولدها ! حتى ملك مجنونة بها ....كيف ركضت اليها بلهفة ما ان دخلت للصالة ... وكأنها والدتها بالفعل ... لقد غسلت دماغيهما وانتهى الامر .....
في الحقيقة وهي مجبرة على الاعتراف امام نفسها بأن عائلتها هم اناس محترمون وطيبون ... خالتها سعاد ووليد كانا لطيفين جداً ... لا عجب ان ولدها اعجب بهم ..... لكن بالنسبه لرضاب لا تعرف لما قلبها لا يرتاح لها هي بالذات ..... تشعر ناحيتها بالحقد .. ليس بيدها .... لن تنكر بأن رضاب جذابة .... فهي جميلة وذات وجه بريء ....حتى هي كادت ان تصدق برائتها الزائفة هذه ..لكن على من !!!
هي هدى التي لم يستطع مخلوق على خداعها ....لن تنطلي حيلة هذه الفتاة الصغيرة عليها
حسناً هي من تشبث بولدها ...وهي من ستتحمل كل ما سيجري لها !
................
.............................................
كانت تجلس في غرفة المكتب وهي تفرك يديها بتوتر ..... لقد طلبت من خالتها ان تنادي لها وليد حيث اخبرته بخجل شديد ... بأنها تريد ان تتكلم مع معاذ بأمر مهم جداً يخص مستقبلهما معاً ... ووليد اجابها متفهماً صبوراً كعادته
- من حقك ان تتكلمي معه وان تضعي الشروط التي تريدينها .... اذهبِ الى غرفة المكتب وانا سأنادي معاذ حالا ..

ليس سهلا عليها ان تقول لمعاذ ما هي مصممة عليه .... لكنها رغم جراءة ما اشترطته وما فكرته به في الايام الماضية مراراً وتكراراً ...
الا انها يجب عليها ان تتسلح بالقوة ... موافقتها جاءت بالدرجة الاولى لأجل ملك .... اجل ملك
لولاها لما فكرت ولو بعد مئة عام بان تتخذ زوجاً لها مرة اخرى !!!
مجرد ان تتذكر كل ما مرت به سابقاً تتوقف الدماء في عروقها .... للأن ورغم شفائها الشبه تام من ماضيها المشوه لازالت تحلم بهما .....ليس سهلا عليها ان تطوي الصفحة وتبدأ من جديد
كما انها لم تتعرف على معاذ جيداً وهو الاخر لم تسنح له الفرصة لكي يتعرف عليها !!
هما الاثنان يحتاجان بعض الوقت للتأقلم والاعتياد على بعضهما البعض ....ومعاذ رجل شهم بما يكفي لكي يحتمل شرطها الوحيد هذا !!!
انقطع حبل افكارها برائحة عطره التي سبقت دخوله ..... ازاد معدل ارتباكها ....خفقاتها اصبحت تدوي بجنون ....وكأنها طبول حرب شرسة .....ابتلعت ريقها ونظرت اليه وهو يتقدم منها بهدوء ....ثم جلس على الكرسي المقابل لها .... المسافة بينهما كانت قصيرة جداً ....قصيرة بما يكفي لتلمح لأول مرة صفاء عينيه الزيتونيتين ....وتلك اللحية الفحمية المشذبة بعناية .... ركبتاه كادت ان تلمس ركبتيها المتشنجة ....
معاذ رجل قوي البنية ووسيم جداً ....الان فقط انتبهت لهذا الامر بشكل اوضح من السابق !!!

عندما طلب منه وليد ان يتكلم معه قليلا على انفراد هبط قلبه لقدميه ... اعتقد بأنها غيرت رأيها ....ربما بسبب تصرفات والدته المستفزة ....ام ربما ندمت على قرارها !!!
لكنه ما ان علم بأنها تريد ان تتكلم معه قليلاً حتى هدأت خفقاته واستكان الخوف داخله قليلا ...تنحنح قائلا بصوت رخيم وقوي
- اذن يا رضاب .. وليد اخبرني انك تريدين ان تكلميني بأمر مهم جداً
اومأت وهي تسبل اهدابها ...عاقدة اصابعها المرتجفة على ركبتيها .... اخذت نفساً عميقاً لتهدأ من ارتجاف جسدها من هذا التقارب والانجذاب الذي تشعر به نحوه .... رطبت شفتها السفلى ..ثم همست وهي لاتزال مسبلة الاهداب ....لاتقوى على النظر لوجهه الوسيم
- انا ...كنت ...كنت ..اريد فقط ان ..ان ..اقول لك بأني ...اقصد ...عندما ...ن..نتزوج..ان ..ان...
اومأ وهوعاقد الحاجبين ينظر لها بتركيز ليحثها بفضول
- اجل رضاب ...اكملي ارجوك لا تتوقفي ولا تخجلي مني !
ازدردت ريقها ورفعت عينها وقالت بتلعثم ووجهها يتحول لثمرة طماطم ناضجة
- انا ..لست مستعدة .ل ..ل ..اقصد ...لإقامة ...اقامة ..اقصد ..انا ...
ابتسم وقد لانت ملامحه العابسة ...لقد فهم ما تريد قوله بالضبط ...لذلك وفر عليها الجهد واكمل بهدوء وتفهم
- انت لا تريدين اقامة علاقة زوجية كامله ..اليس هذا ماتريدين قوله ؟!!!
اتسعت عيناها بشدة وانفرجت شفتيها وهي تشعر بالحرارة تنتشر بكل ذرة في جسدها بينما قطرات العرق اصطفت على جبيتها ... لتهمس مبررة بخجل واحراج شديدين
- فقط ..فقط ..لبضعة اسابيع يا معاذ ..الى ان ..اعتاد ..اقصد ...اتعرف عليك اكثر ...
من اجل ان يسمع حروف اسمه من شفتيها الشهيتين مرة اخرى واخرى ... لهو على استعاد على امهالها ليس بضعه اسابيع بل شهر شهران ثلاث اوحتى سنه همس وهو ينحني تجاهها ودون ارادة منه امتدت يده السمراء الضخمة لتغطي يديها المرتجفان بقوة .. وهو يقول مطمئناً بصوت خشن اجش بينما ملامحه باتت اكثر دفئاً وحنانا
- لا داعي لكل هذا الارتباك رضاب ...انا متفهم لوضعك جيداً ...وعلى استعداد لانتظارك المدة التي تريدينها ....فقط اهدئي ولا تقلقي
لاحت بعينها نظرة امتنان بينما حرارة كفه الدافئة انتقلت اليها كالشرارة الكهربائية تخترق جسدها لتستقر بأعماق قلبها ....ليس هذا ما اثار حفيظتها وتعجبها بل الامر تعدى ذلك بكثر فهي ارادت قربه ...ارادت ان يستمر بأحتضان كفها والنظر اليها بهذه الطريقة !!!!
ابتعد عنها ثم اعتدل بجلسته قائلا وهو يرفع طرف شفته بشبح ابتسامة صغيرة ... يحاول قدر استطاعته السيطرة على ذلك الارتجاف القوي الذي هز جسده الضخم ...وبعثر كيانه بثانية واحدة ... يديها كما تخيلها تماما ...ناعمة ...دافئة وصغيرة .... وكأنها يد طفلة لم تتجاوز الرابع عشر ...
- وانا ايضاً لدي طلب صغير منك يا رضاب وارجوا ان تلبيه لي !!
رفعت نظراتها مجفلة ... ثم همست بتشوش
- ط..طلب !!
اومأ قائلا
- الحجاب .... اريدك ان ترتدي الحجاب يا رضاب ...فأنت وكما تعرفين ان المجتمع في المحافظات الجنوبية هو مجتمع متحفظ جداً وعشائري ... والحجاب هو من الأمور المهمة هناك ..ليس الحجاب فقط بل حتى ارتداء العباءة التقليدية التي توضع على الرأس ايضاً اغلب الفتيات هناك لازلن يرتدنها !
رمشت بعينيها عدة مرات ثم قالت بعفوية وبراءة
- الحجاب لابأس به سأرتدية يا معاذ انا اساسا كنت قد افكر بارتدائه منذ مدة ...لكن العباءة انا ..انا لا اعرف كيف ارتديها ابداً
قهقه بخفه وهو يشعر بالسعادة فهاهما يتفقان على حياتهم الزوجيه القادمة ورضاب باتت تكلمه بأريحيه ...لقد نطقت اسمه مرتين وكأنها معتادة على ذلك ..هل توجد سعادة ممكن ان يشعر بها اكثر من هذا !!
اجابها متفهماً
- لا ترتديها رضاب يكفي الحجاب والعباءة المخصصة بالمحجبات !
اومأت وهي تبتسم بحذر بينما قلبها يعلن اولى خفقاته العاصية عندما نبض واستجاب لضحكته الممازحة !!!
انتهت زيارتهم التي استمرت لعدة ساعات .... اقترحت سعاد قائلة بكل طيبة ورحابة صدر بما انهم أصبحوا عائلة واحدة
- لماذا لا تقضوا الليلة هنا ... فهنا بيتكم ايضاً وسيسعدنا وجودكم بيننا !
اجابتها هدى بأبتسامة متكلفة وهي تعدل عبائة رأسها السوداء
- شكرا لك عزيزتي ...لكني لا استيطع النوم الا في بيتي وعلى فراشي ...اعذريني لكن طباعي هكذا !!!
رغم انهم تفهموا موقفها وتقبلوه بطيبة وبرائه الا انه احس بما يختلج في قلب والدته ...فلعدة مرات سافرت الى منزل خالته في بغداد ولطالما بقيت هناك عدة ايام ملبيه دعوة شقيقتها بحماس ..اذن مالذي يجري معها الان !!!!!
........................
...............................
خرجت من المصرف متوجهة الى الشارع العام لكي تستقل سيارة اجره ... عدلت حزام حقيبتها ثم وقفت منتظرة على جانب الرصيف ....
الأيام السابقة شهد المنزل حالة فوضى شديدة ..فوالدتها تولت مهمة تجهيز رضاب .... الاخيرة التي كانت مستسلمة لأوامرها بكل برائة كالطفلة تماماً ....
اسعدها جداً التغيرات التي طرأت على رضاب .... فهي اصبحت اكثر اجتماعية معهم واكثر انطلاقاً بالحديث .... لقد ذهبت البارحة الى الطبيبة وأخبرتها بكل المستجدات التي حدثت مؤخراً ...وقد اعربت الطبيبة عن تفاؤلها بتحسن حالة رضاب وانها بالفعل لم تعد بحاجة للجلسات الطبية ... رضاب فتاة قوية من الداخل رغم الهشاشة التي تظهرها من الخارج ....
الا انها على يقين بأن هناك مستقبل حافل وسعيد بأنتظارها مع معاذ !
عادت من شرودها عندما لمحت سيارة تمر من أمامها .... كانت تسير ببطء ...لم تهتم بها بل ركزت نظراتها على الجهة الاخرى .... فجأة سمعت صوت مألوف لديها يناديها بهدوء ورزانة
- تفضلي لأوصلك انسة تبارك
............
.......................
الاسبوع كان يجري كالبرق على رضاب ...الخالة سعاد تأخذها كل يوم الى الأسواق ...
لم تبقي لها شيئاً لم تشتريه ...حتى ملابس النوم المغرية .... بكل ثقه وترفع تتكلم مع البائع وتختار لها كل ما هو عاري وفاضح .... اما رضاب كانت تطأطئ رأسها ... محمرة الخدين وهي تجر عباءة خالتها السوداء من الجانب كالطفلة تماماً هامسه لها بخفوت
- يكفي خالتي لا تتعبي نفسك بشرائها فانا لن ارتدي تلك الاشياء ابدا ....
النظرة المتوعدة التي رمته لها .... كانت كفيلة لجعلها تبتلع لسانها وتنصاع لرغبة خالتها بكل استسلام وقلة حيلة . ....الملابس كانت عارية جداً تخجل من مجرد التفكير بأن معاذ يمكن ان يراها ترتديه !!!! ربما ستموت خجلاً .... يا الهي ..لماذا هي تتصرف بهذه الغرابة ... لماذا هذا الخجل الذي تشعر به !! ولماذا نبضاتها تزداد ما ان تتذكر انها ومعاذ سيكونان بغرفة واحدة او بمكان واحدة !!
المفترض انها متزوجة ....ليست فتاة عذراء تجرب الزواج للمرة الاولى !!!
لكن ربما هي بالفعل عذراء ! ان لم تكن عذراء الجسد فهي عذراء القلب ... قلبها لم بخفق لأي احد كما يخفق له !!!! هل وقعت بحبه ؟! هل ما يصيبها الان هو عارض من اعراض الحب ؟!

بعد ان خرجوا من المحل همست رضاب بخجل وتذمر
- لم يكن هناك داعي لشراء كل ذلك العدد الكبير من قمصان النوم خالتي !!
لتجيبها الاخيرة بقلة صبر وضيق
- يا بلهاء اغريه ودعيه يحبك اكثر واكثر
قالت رضاب بتذمر
- لكن خالتي انا
لتسكتها سعاد بصرامة امومية
- انت اكرميني بسكوتك فقط ...وكل شيء سيكون على ما يرام اعدك !

اكملا رحلت التسوق وكل شيء كان يتم كما تريد خالتها بالضبط ...اما هي .... فهي كانت تسير كالهائمة ...فوق الغيوم ...تفكر بكل ما جرى لها في الشهور المنصرمة !!!!
اين كنت يا رضاب ... واين اصبحت ؟ ماذا لو لم يحصل معك كل تلك المآسي !!!!ماذا لو انك لم تكتشفي خيانتهم للأن !!
كنت لربما لاتزالين في لندن ...تعيشين في تلك الدوامة القذرة .... لالا ...لاتريد التذكر ...يالله اجعلني انسى ... هي لا تريد التفكير باحد الان ...الا به هو .... معاذ ...اه معاذ ....من اين ظهرت بحياتي ؟! كيف دخلتها وملأتها بدفئك وحضورك الطاغي ؟!! بعد ان كانت مظلمة سوداء وباردة! كيف جعلتني اغير رأي وانا التي كنت مصرة على ان لا اتزوج ابداً !!!!
وانا ...انا رضاب المتعبة التي يطاردها ماضٍ بشع كيف وافقت ..كيف فتحت لك باب قلبي لتدخل اليه ....ماهو ذلك السحر الذي يشدني اليك !!!!وكيف ستكون نهاية جنوني وحكايتي معك !!!!
أهي النهاية !!! ام ربما هي البداية ؟!!!!
.......................
.............................
كان زهير يجلس بغرفته شارداً يفكر بكل ما يجري له !!! البارحة ورغم انشغالهم بالبحث والتقصي فقد ذهب هو وكورشير الى منزل العم اسماعيل ...... في بداية الأمر تفاجأ بزيارتهم ... ظل يقف باهتاً شاحب الوجه امام الباب ...ليقول له كورشير مازحاً
- اذن يا عم اسماعيل هل ستبقي ضيوفك يقفون عند الباب كثيراً ؟!!
عندها فقط افاق من دهشته وقال محرجاً وهو يتنحى جانباً
- اسف يا ولدي ...تفضلا اهلا وسهلا
دلفا الى الداخل ...المنزل كان صغيرا وقديماً ... الجدران متآكلة بفعل الرطوبة .... والاثاث بسيط ومتهرئ ....الا ان رائحة النظافة كانت تنبعث من اركانه .... جلسا ارضاً على بساط محاك من الخيوط الملونة ..... في بادئ الامر تبادلا بعض الكلمات وهم يسألونه عن احواله ...كان يجيبهم بحذر وترقب شديدين ...ثم ما لبث ان انطلق معهم بالكلام .... بدأ كورشير سؤاله عن الحارس وعن وعما كان يفعله في اثناء تأديته للعمل
- صدقني يا ولدي انا لا اعرف شيئاً ولم ارى شيئاً
اجابه زهير متدخلا
- ارجوك يا عم تذكر جيداً .... اي معلومة حتى وان كانت صغيرة اتمنى ان تخبرنا بها لأنها ستنفعنا في قضيتنا !
ليجيبه الرجل وعلامات التعب والاجهاد والفقر بادية على وجهه المليء بالتجاعيد
- اخبرتك يا ولدي ...لا اعرف ولا اتذكر اي شيء ..حبا لله اتركاني اربي اولادي براحة ....فأن جرى لي إي شيء حياتهم ستنتهي لا عائل لهم من بعدي الا الله ! أولادي سيضيعون !

تسلل اليأس الى قلب زهير .... العم اسماعيل خائف وهذا واضح جداً ....ربما هو غير مدرك لاهمية شهادته ...فهما كالغريقين المتعلقان بقشة صغيرة ..... الشك الذي كان يساور كورشير بخصوص بهاء بات يساوره هو ايضاً ....فبهاء غير مهتم بالقضية ابداً وكأنها لا تعنيه ....
لم يحاول الاتصال بهما او حتى السؤال عن نتائج التحقيقات الجارية !!!!
قبل خروجهم من المنزل وهم يجرون اذيال الخيبة والخذلان التفت كورشير قائلا للعم اسماعيل بهدوء وبنبرة ذات مغزى
- نشكر تعاونك معنا يا عم ..وآسفون جداً على إضاعة وقتك ..تأكد من اننا لن نزعجك ابداً لكن تذكر بأن مستقبل شابين بريئين قد يتوقف على كلمة حق تقولها ... وتذكر ايضاً بأن لك اولاد ولن يرضيك ان يتهموا ظلماً كما اتهمنا نحن الاثنان !!

عاد من شروده على صوت الهاتف وهو يرن للمرة الثانية بإلحاح نظر الى المتصل وقد كان كورشير
رفعه بسرعة قائلا بترقب
- اهلا كورشير !
استمع اليه بانتباه ....لانت ملامحه العابسة ....وارتسمت ابتسامه سعيدة على شفتيه وهو
يرد عليه بحماس ولهفة
- انا قادم اليك حالا !!
........................
.................................
نهاية الفصل الثالث والثلاثين






Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 28-07-19, 10:11 PM   #102

Malak assl

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وقاصة وقلم مشارك في منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات ونجمة كلاكيت ثاني مرة و راوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية Malak assl

? العضوٌ??? » 387951
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,870
?  نُقآطِيْ » Malak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond repute
افتراضي

شلونج رقاوي شفت الفصلين ورجعت قريتهم ..
قلمج يخبل ياربي ..
كل شخصية متميزة فعلا. .
احسنت ياقلبي


Malak assl غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملاك عسل
رد مع اقتباس
قديم 28-07-19, 10:13 PM   #103

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رماد الغسق
الفصل الرابع والثلاثين
..........................

عقدت حاجبيها وهي تنظر إليه بملامح باردة .... منذ ان بدأ يرتاد الى المصرف ويطلب
التعامل معها هي بالذات وهي تشعر به ... تشعر بنظراته المتفحصة وكلامه الشبه مبطن
لكنها ادعت الغباء ... تعاملت معه بأدب واحترام ... كانت تعرف كيف تضع الحدود بينها
وبين المراجعين ...فهي كثيراً ما تتعرض للمضايقات ..وتستمع بحكم عملها للكثير من كلمات
الغزل الغير مباشرة ....
هي لا تنكر بأن السيد فاروق رجل نبيل ومهذب ... رغم تحديقه المبالغ لها ...الا انه لم يتجاوز
معها ابداً .... اما الان فهو بالفعل قد تمادى وشطح بمخيلته !!!
ماذا يظنها فتاة رخيصة لا تراعي الأصول او الحرام والحلال لكي تجلس معه في سيارته !!

حسناَ يبدو ان سكوتها طيلة الأيام الماضية بين له ذلك .....لكنه لم يعرف بعد من هي تبارك اكرم !!
انحنت قليلا وأجابت بهدوء وصوتها الرقيق يلفه الجمود
- شكرا لك سيد فاروق ...الآن سأستقل سيارة أجرة !

كان ينظر لها من خلف نظارته الشمسية بإعجاب .... هذه الفتاة ومنذ اليوم الأول الذي
رأها فيه وهي تشغل عقله بطريقة لم يسبق لها مثيل ....رزانتها وهدوئها بالإضافة لجمالها الناعم الشرقي ...لفت نظرة ... اصبح يتردد إلى المصرف بسببها ... ينتهز
الفرص لكي يتحدث معها ويتقرب منها ... حاول لأكثر من مرة ان يفتح معها مواضيع
للحوار ... بعيداً عن العمل ورسميته الا انها كانت تصده بأدب وهذا ما جعل اعجابه
يزيد بها اكثر واكثر ....

لن ينكر بأنه محاط بمئات الفتيات اللاتي هن على استعداد لتقديم كل ما يرغب به
دون عناء يذكر منه .... الا انه يريدها هي دون غيرها .... وقد اتخذ قراره النهائي


ابتسم لها ابتسامة صغيرة ومتفهمة لقد توقع رفضها الصعود الى سيارته وهذا الأمر
جعله اكثر سعادة و إصرار على الفوز بها ... أجابها بهدوء وبلهجة لينة
- آنسة تبارك هناك أمر ضروري اود أن أتحدث به معك !!

قالت بضيق وهي تقطب حاجبيها
- أن كان الأمر يخص العمل فيمكنك أن ....

قاطعها بسرعة
- لا الأمر شخصي ولا يخص العمل ابدا

عندما لاحظ حيرتها وارتباكها اكمل قائلا برجاء
- من فضلك انسة تبارك ....الامر ضروري ولن يأخذ من وقت الكثير !
اعتدلت بوقفتها ثم تنهدت وهي تقطب حاجبيها وتقضم شفتها السفلى ... التفتت يميناً ويساراً وكأنها تفكر بشيء ما ... ثم قالت بهدوء وهي تلقي نظرة خاطفة على ساعة معصمها
- حسناً هناك مقهى قريب من هنا .. سأذهب وانتظرك هناك ...لكني لا استيطع الانتظار طويلا !!
أجابها وقد تهللت أساريره
- وأنا لن أأخذ من وقتك الكثير أعدك بذلك


......................................

عندما اتصل به كورشير وطلب منه الحضور للمقهى بسبب امر طارئ يهم قضيتهم
ذهب اليه مسرعاً ليجده يجلس مع العم اسماعيل .... من خلال ملامح كورشير المسترخية
السعيدة ....ايقن ان هناك خبراً مفرحاً بأنتظاره ..... تقدم ناحيتهم وهو يرسم ابتسامه واسعة
على شفتيه بينما نظراته توجه سؤالا صامتاً لكورشير !!!

ألقى السلام عليهما وجلس قائلا بتساؤل وهو ينقل نظراته المتفائلة نحوهما متلهفاً
- خيراً ان شاءلله ....ما هو الخبر الذي أردتني من اجله ؟
اجابه كورشير بسعادة
- العم إسماعيل قرر ان يحضر الى المحكمة ليشهد بما يعرفه !
التفت زهير الى العم إسماعيل وقال بأمل
- وما هو الأمر الذي تعرف يا عم ؟!
بدأ العم إسماعيل بسرد ما حدث قبل عدة أسابيع .... حين شاهد الحارس الأمني يقف مع بهاء بركن بعيد في الشركة .... وعندما اقترب منهما دون ان يشعرا بوجوده ...استمع الى اتفاقهم
على استبدال المواد وعلى كيفيه التلاعب في الحسابات ..... تراجع الى الخلف وعاد أدراجة وقد اخذ قراره بنسيان ما حدث ... فهو رب اسرة ...والمعيل الوحيد لهم ..... اولاده يدرسون
في الإعدادية والمتوسطة ....وهو رجل كبير في السن ولا طاقه له لتحمل المشاكل ...خاصة
وانه يعرف الحارس الامني رجل شرير ومخيف قد ينسف مستقبل اولاده نسفاً دون رأفة او رحمة !! يعلم جيدا ان سكوته عن الحق هو ضعف منه والله سيحاسبه على ذلك ... لكنه كان مضطراً وليس بيده حيله !!!!
ما ان انتهى من حديثه ..حتى قال زهير بهدوء
- وما الذي جعلك تغير رأيك يا عمي بعد ان كنت رافضاً في البداية ؟!!
تنهد العم اسماعيل بتعب وقال بأسى وخجل طفيف
- والله يا ولدي انا كنت اريد ان ابوح بما اعرفه منذ اول مرة تم استدعائي فيه الى المخفر ...لكن الخوف ...الخوف على اولادي اولا ..والفقر والعازة ثانياً هما من
اوقفاني عن قول الحقيقة ... لكن بعد زيارتكما لي في منزلي ... فكرت ماذا لو ان احد اولادي لا سامح الله كان متهماً مثلكما بالضبط !! ماذا كنت سأفعل لتظهر برائته ...وماهي المشاعر التي يمكن ان تصيبني بدخول احدهم الى السجن ظلما وبهتاناً !!!
تنهد بتعب واكمل وهو يخفض نظراته بحرج
- ومن هنا اتخذت قراري ... وليسامحني الله على صمتي السابق !!
كان كلا من زهير وكورشير يستمعان له بسعادة مفرطة وهما يحمدان الله مرارا وتكرارا
لكن ابتسامتهما اختفت حين قال برجاء
- لكني لن اذهب الى مخفر الشرطة
قطب زهير قائلا بتسائل وهو يوجه نظرة خاطفه نحو كورشير الذي اعتدل بجلسته هو الاخر
- لكن ...لماذا يا عمي ؟!!!!
- يا ولدي انا لدي اولاد اخاف عليهم .... لا استطيع ان اذهب هكذا ببساطة دون ان افكر بالعواقب ؟!!

التفت زهير ناحيه كورشير بقلة حيرة وهو يقول
- ما العمل الان ؟!
قال كورشير مفكراً
- سأتكلم مع المحامي لأخبره بالمستجدات وان كان بإمكان اخذ شهادة العم إسماعيل بجلسه سرية مغلقة ! اعتقد ان ذلك مسموح في القانون !!

..............................
......................................
المنزل مليء بشيوخ العشائر بالإضافة الى عم معاذ والكثير من الوجوه المرموقة في البصرة
الشارع المؤدي الى منزل وليد كان قد ملئ بالسيارات الحديثة ... تم خطبت رضاب بشكل رسمي .... وتم الاتفاق على كل شيء !!!

كانت حبيبة تقف في المطبخ تعد العصير عندما دلف زهير الى الداخل .... اخذ ينظر الى ظهرها ومؤخرتها بوقاحة وهو يعض شفته السفلى ...ان لم يعجل بزفافه فبكل تأكيد سيتهور ويفعل شيئا قد يندم عليه !!
طاقة صبره قد نفذت بالفعل ولم يعد يتحمل ابتعادها عنه .... تقدم ناحيتها بهدوء وهو يضع يديه بجيبي بنطاله الأسود ..انحنى هامساً قرب اذنها بوله
- اعدي نفسك حبي موعد زفافنا سيكون نهاية هذا الشهر
جفلت ورفعت رأسها بسرعة وهي متسعة العينين ... وضعت يدها على قلبها وقالت
- اف زهير لقد اخفتني حقاً !!!!

اجابها بعشق وهو يقترب منها بهدوء

- سلامتك يا عيون زهير وقلبه ...
تنهد يتصنع الحزن وخيبة الامل وهو يكمل كلامه
- ما بك حبيبة ؟!!! الم تسمعي ما قلت !!
نظرت له بطرف عينها وقالت وهي تحاول كتم ابتسامتها السعيدة ..فهي قد سمعت كل ما قله بكل تأكيد
- امممم لم انتبه ..اعد ما قلته زهيرررر

مطت اسمه بدلال وغنج افقده صوابه ... فما كان منه سوى أن ألقى نظرة خاطفة ناحية باب المطبخ ليتأكد من عدم وجود احد في الممر ثم سحبها لتكون مواجه له ... ضغط جسده الصلب على جسدها اللين المحاصر من الخلف بالمنضدة الخشبية الطويلة وهو يركز على شفتيها قائلا بهمس
- لا تقولي زهير بهذه الطريقة !!!
رمشت وهي تدعي عدم ال فهم ثم قالت متعمدة
- لم افهم زهيرررر اي طريقة تقصد !!
اجابها بخدر قبل ان يهجم على شفتيها كنسر جارح يصطاد فريسته
- لااااا الظاهر انت تنوين قتلي بدلالك اليوم
تناول شفتيها بقوة جعلتها تفقد القدره على صده .... بل فقدت الشعور بما حولها نسيت كل شيء معه ...رائحة عطره مع حركات يده الجريئة اثملت حواسها ... آنت بخفوت وهي تحاول تحرير نفسها من قبضته بحركات خرقاء وبطيئة .... مما افقده متعته فما كان منه سوى ان يزمجر معترضاً ... غاضباً ... مطالباً اياها الهدوء والتوقف عن المعارضة ..... بعد مرور بضعه ثوان تركها كالدائخة
لتهمس بضياع وتشوش
- اااااه زهير ..أجننت المنزل مليء بالضيوف .....
قاطعها بصوت خشن وخافت وهو يضع اصبعه على شفتيها
- اششششش لا تقولي شيئاً ...نهاية هذا الشهر سيتم زفافنا ولا اريد ان اسمع اي اعتراض على ذلك ...فهمتي !!!!
استعادت القليل من رباطة جأشها وقالت والابتسامة البهاء مرسومة على شفتيها
- لكن ... لكن ... زهير انت قلت انك لن تتزوج الا بعد ان ..ان ...اقصد
اجابها قائلا بغمزه مرحة تعشقها وهو يبتعد عنها قليلا
- اعرف اعرف ....الم اخبرك بأخر المستجدات ؟!!!
مطت شفتيها بدلال وأجابت عابسة وهي تحرك اصبعها على ياقه سترته
- كلا سيد زهير لم تخبرني ماذا هناك ؟!!!

قرب وجهه ناحيتها وانفاسه الدافئه المعبئة براحته المنعشة تداعب وجهها المحمر

- لقد ظهر شاهد جديد وسيشهد لصالحي ... وسيتم إعلان براءتي في الجلسة القادمة يا جميلة ...
همست وهي تحدق في بركة عينيه العسليتان ... تحدق بتركيز لدرجة انها رأت انعكاس صورتها فيهما ... صورة فتاة متفتحة كالوردة اليانعة ... يتدفق الأمل وحب الحياة في تقاسيمها المنعكسة ....
- كنت اعرف انك بريئ على فكرة ....دون الحاجة الى الشهود !!

رفع حاجبيه الكثيفان ...بينما قلبه اخذ يضخ الدماء بقوة ... الثقة .. الثقة يا الها من كلمة صغيرة لكنها كبيرة بمفهومها ومعناها ... ربما هذه الشدة التي مرت عليه جعلته يتأكد من حب وثقة حبيبة اولا واهله ثانياً ... ثقتهم به وبنزاهته ...

ليس هم فقط ...بل حتى الجيران والأصدقاء ... كلهم أكدوا بأنهم لا يصدقون ان زهير ابن الحاج اكرم ممكن ان يفعل ذلك ... وربما هذا ما زاد من صبره وإصراره على كشف الحقيقة .... لكن الان ... وما ان سمع ما قالته حبيبة حتى تأكد وايقن بأن هذه الفتاة تحبه بإخلاص ... تحبه لشخصه ... تحبه هكذا ببساطته وبحالة المادية المتوسطة خاصة وهو الأن بحكم العاطل عن العمل ...فهو لم يباشر عمله لحد الان مع كورشير ... ما بينهما كان اتفقا شفويا فقط ....

قال بعشق وابتسامة صغيرة تزين ثغره

- اتساءل دائماً ..ترى هل تدركين مدعى العشق المتربع لكِ في قلبي يا بطتي ؟!!!

اجابت بغرور وثقة وهي تبتعد عنه لكي تكمل ما كانت تفعله قبل قليل
- اعرف ... وادرك يا زهيررررر
اخذ ينظر لمؤخرتها بوقاحة قائلا بنفاذ صبر وهيام
- يا الهي اعشق الواثق من نفسه يا اناااااس
.....................

في الممر الداخلي المؤدي الى الصالة كانت رضاب تقف تستمع لما يدور بين الرجال من احاديث ... يقفن لجانبها كلا من الخالة سعاد وسعدية وغسق
كانت رضاب شاردة بعالم اخر ... لقد اتفقوا على عقد القران قريباً خلال هذه الايام ...
وستذهب معه مباشرة بنفس اليوم .....
رغم سعادتها الوليدة التي تشعر بها الا انها ايضا كانت خائفة ومشوشة ...كيف
ستعيش معهم !!! كيف ستفارق خالتها التي هي بالنسبة لها ملجئها الامن !!!

ربما سعادتها تطغى على حاجز الخوف الذي يلفها من كل اتجاه ...خاصة عندما
تنظر لمعاذ ... تلمس من خلال نظراته مدى تلهفة الظاهرة بالنسبة لها وكأنها طلاسم
لا احد يفهمها غيرها هي وحدها فقط !!!

الدفئ الذي يتسلل داخلها بمجرد سماع اسمه يجعلها حائرة بتلك المشاعر الغريبة التي بدأت تظهر داخلها منذ ان رأته خاصة في الفترة الأخيرة ..... مشاعر لا تعرف كيف تصفها ... جديدة عليها ... لم تشعر بها حتى عندما كانت في الجامعة واختلطت بالطلاب اللذين لم يوفرو الجهد بإظهار إعجابهم الصريح والمباشر بها ...
قلبها يخفق بقوة .. ولون الخجل يزحف لوجنتيها ..بالإضافة للحرارة التي تنتشر في جسدها ما أن تلمح طوله الفارع ..... هي وافقت عليه من اجل ملك ... من اجلك ملك فقط لا غير
لكنها ما ان تتذكر وعده لها بإمهالها الوقت الكافي لكي تعتاد على وجوده قبل ان يمارسوا حياتهم الزوجية ... حتى تشعر وكأن نبضاتها تكاد ان تتوقف ...كيف ستعطيه حقه الشرعي !!!!
عقلها يصل لهذه النقطة ويتوقف تماماً ...لا تريد التفكير بهذا الان ...
سحبت نفساً عميقاً وأغمضت عينيها علها تمحي من ذاكرتها هذه الجزء من الاتفاق ... لاتريد التفكير الان سوى بهذه السعادة التي تختلج وجدانها وكيانها !!!
........................

كانت تقف امام نافذة غرفتها المطلة على الحديقة ..... تتقاذفها الافكار يمينا ويسارا .....
تتذكر كل ما جرى مع فاروق .....حين التقت به في المقهى .... في حينها لم يخطر في
بالها ان الامر سيأخذ هذا المنحى .... بل لم تتوقع ان يعرض عليها الزواج هكذا بكل
بساطة وكأنه يعقد صفقة تجارية ....فقد قال لها بسهولة تامه
انسة تبارك انا اطلب يدك للزواج وارجوا ان تفكري بعرضي هذا جيداً .. وانا سأمهلك الوقت الذي تريدينه !!!!!

فاروق رجل اعمال يبلغ من العمر سبعة وثلاثون عاماً .... ارمل وله ولدين ... خريج كلية الادارة والاقتصاد ... يمتلك شركة للاستيراد والتصدير في اربيل .....
كل تلك المعلومات هو من اخبرها بها .... كانت تستمع له بذهول ...صوته الواثق يصلها من مكان بعيد جداً ..... يتكلم بغرور وكأنها وافقت عليه بالفعل !!!!!!

هي لا تنكر ان فاروق عريس لا يرفض ابداً .... لو قدم عرضه هذا لأي فتاة اخرى لكانت ستطير من السعادة ......
توافق ام لا !!!! هي حائرة ..... من ناحية قيود العنوسة التي فرضه عليها عادات المجتمع البائس باتت تخنق رقبتها يوماً بعد يوم تجبرها على الموافقة ...فرصة الزواج من فاروق لن تتكرر مرتين .... ومن جهة اخرى قلبها الغبي لازال متيم بحب طبيبها العنيد !!!!
اغمضت عينيها هامسه بيأس
- يا الله ...أرشدني الى الصواب ..رأسي يكاد ينفجر !!!!
صوت طرقات خافته على الباب جعلتها تعود من شرودها بسرعة .... وقفت واتجهت لتفتحه لتشاهد رونق تقف امامها بابتسامة واسعة
- اين تركتنا واختفيت يا فتاة ؟!
ابتسمت تبارك ببشاشة ... لقد حضرت رونق الى منزلهم اليوم بناءاً على طلب من والدتها ... فهي قد اعدت جلسه صغيرة لرضاب تضمنت وجود بعض الجيران والمعارف ....كما انها حاولت ان تعد حفلة عقد قران عند احضار الشيخ الى المنزل الا ان معاذ طلب ان يتم عقده في البصرة .... فوفق ماقاله بأنهم هناك يعدون حفلا ضخماً لأستقبالهم ... لذلك اكتفت والدتها بهذه الحفلة الضيقة

اجابت تبارك بأرتباك طفيف
- كنت اتأكد من زينتي هيا بنا الى الاسفل ...
اوقفتها رونق بسرعة وهي تقول بأهتمام
- لالا عزيزتي ...دعينا نجلس هنا ..أريد أن أتحدث معك قليلا

هزت تبارك رأسها وافسحت لها المجال لتدلف الى الداخل ... توجهت رونق الى السرير وجلست عليه قائلة
- تعالي هنا واخبريني ما الذي يجري معك ؟!!
تقدمت تبارك ناحيتها ثم جلست جانبها قائلة
- لا افهم ما تقصدين رونق ؟!
اجابت رونق وهي تتفرس بوجه تبارك بتركيز
- لا تدعي عدم الفهم يا فتاة ... هناك امر ما يشغل تفكيرك .... تكلمي تبارك ..هل الامر يخص عبد العزيز ؟!
صمتت تبارك بوجه خالي من المشاعر ... عبد العزيز وجعها الدائم الذي لا ينتهي ابداً ... ليته
يشعر بما تعانيه من حيرة وارتباك .. لقد سحب نفسه من حياتها وكأنه لم يعرفها يوماً ...
رغم انها تعرف ومتأكده انه لايزال يحبها بنفس القوة السابقة .... لكنه يعاند كالطفل الصغير تماما .... لاتعرف من يعاند بالضبط ...يعاندها هي ..ام يعاند نفسه ..ام ربما يعاند القدر الذي
جمعهما ؟!!!!!!
هزت رأسها نفياً وهي تسبل اهدابها برقة وحزن ....لتحثها رونق بلهفة
- هيا تبارك تكلمي انت لن تخفي شيئاً عني ..نحن صديقتان وبمثابة شقيقتان ام انك لك رائي اخر ؟!!!
اجابتها تبارك بأبتسامة صغيرة
- بلا يا رونق نحن صديقتان وشقيقتان ايضاً

حثتها تبارك بحماس ولهفة
- اذن اخبريني ما سبب شرودك وعبوسك هذا ؟!!

سحبت تبارك نفساً عميقا ثم قالت
- لقد تقدم احدهم لخطبتي
اتسعت عينا رونق بقوة واحست وكأن ماءاً بارداً سكب فوق رأسها ...مباشرة فكرت بأخيها تعيس الحظ عبد العزيز ... ربااااه قد ينهار وتتحطم البقية الباقية من حياته التي باتت شبه مدمرة بالفعل ان حدث هذا الأمر بالفعل !!!
همست رونق والغصة تكاد تدمي حنجرتها
- من هو يا تبارك ..وكيف التقى بك ... وما كان ردك ؟!!
أجابت تبارك وهي تتنهد بحسرة
- الان سأخبرك كل شيء !

......................................
.................................

البصرة
........

بَرِد تموز حبك من يمر صيف
وحر تشرين يا نار اشتياقي
راقي ما شفت بس انته والله
والغيرك چِذب من گال راقي
وكافر بالعشگ ماعندي الايمان
بس بعدك نعم صار اعتناقي

كانت تجلس في السيارة بجانب معاذ الذي اخذ يصف لها كل ما يصادفهم بانطلاق...
معالم السعادة مرسومه على وجهه ... ينظر لها بين الحين والأخر بلهفة وحنان ...بينما
ملك تستحوذ على حجرها وهي تريح رأسها على صدر رضاب بأريحيه .....

هذا الأسبوع والأسبوع الفائت كانت الأيام تجري به جرياناً سريعاً .... امضت الليالي السابقة وهي تنام بحضن خالتها ... وكأنها طفلة خائفة ...سينتزعونها من رحم والدتها الآمن ... كانت تقضي الوقت وهي تستمع لنصائحها القيمة ... اوصتها بوصايا كثيرة ... تقص عليها القصص الحكيمة عن الصبر والطيبة والتسامح .... كم كانت تشعر بالراحة وهي تضع رأسها على صدر خالتها بينما صوتها الحنون ينساب الى داخلها كنسمات الهواء الباردة التي تهب في شهور الصيف الحارة ....
تذكرت ما حصل قبل ساعات قليلة ... كيف ودعت حبيبة وخالتها وكل افراد العائلة ... يالله احست وكأنها ستهاجر الى كوكب اخر ... ستترك عشها الصغير قرب دفئ خالتها التي همست وهي تنظر لها بعينان دامعتان ضاحكتان ..
- معاذ شاب شهم وطيب ..انا متأكدة من انه سيكون لك نعم الزوج والسند ...وانت ايضاً كوني له الزوجة والحبيبة والصديقة ... احبيه وعيشي حياتك وابني مستقبلك معه .... اسمعي كلام عمتك هدى هي الان بمثابة والدتك .... ارفعي رؤوسنا رضاب ....وانا متأكدة بأنهم سيحبونك يا ابنتي ..من الذي لا يحب رضاب الحنونة الطيبة ذات القلب الأبيض النقي ...

عندما قالت بمثابة والدتك كادت ان تصرخ باستنكار ...كادت ان تقول لا تذكري اسمها امامي ...لا اريدها ان تكون بمثابة امي .... لا اريد ان تشبهها بأي شيء ..اي شيء ...
ذكر اسمها يخنقني ... يخنقني بشدة وكأنه حبل ليفي قوي وشائك يلتف حول رقبتي بقوة لكنها صمتت ..كتمت صرختها بين جنباتها ... كتمتها لتمزق احشائها كما اعتادت دائماً

اما حبيبة فقد كانت منهارة تحتضنها تاره وتقبل وجنتيها تارة اخرى وهي توصيها بأن تتصل بهم بأستمرار ....وان تأتي لزيارتهم دائماً .... اما وداع بقية العائلة لم يكن اقل تأثراً من وداع شقيقتها وخالتها ...فقد قبل وليد جبينها بأبوة وهو يقول بلطف
- متى ما احتجت شيئا فقط اتصلي بي وسأكون امامك مباشرة

حتى الدكتورة نوال حضرت اليها ليلة امس ... ودعتها بأمومه صادقة وحنان .. وكأنها ليست طبيبتها وهي مريضة لديها ... بل كأنها احدى صديقاتها المقربات ....
تنهدت بعمق وهي تلتفت ناظرة الى الشوارع العريضة ... واجهات المحلات ... اكشاك الباعة المتجولين
لأول مرة في حياتها تزور محافظة البصرة ....البصرة هي ثالث اكبر محافظة في العراق تقع في اقصى الجنوب على الضفة الغربية من شط العرب ملتقى نهري دجلة والفرات ....
كانت تسمع عن مدى جمالها وروعتها خاصة في المساء ..حيث قوارب السمر تطفو وتتهادى برقة متزامنة مع تلك الأغاني التراثية القديمة ....
لكن الان ايقنت ان السمع بجمال الأماكن لا تضاهي روعة رؤيتها بأعيننا .... فالبصرة رائعة حقاً ...بشوارعها وحدائقها ....واشجار النخيل الشامخة المصطفة بمحاذاة شط العرب .....
رغم توترها وارتباكها من الحياة الجديدة التي بأنتظارها ... الا ان جمال المحافظة الخلاب جعل
ذلك التوتر يختفي قليلا .....


عند وصولهم الى مطار البصرة كان حيدر بانتظارهم ... استقبلهم بابتسامة ماكرة خص بها معاذ الذي انتبه له جيداً وهو يقابله رافعا حاجبه بلغة خاص بهما ....القى حيدر السلام على رضاب بأخوه وهو يقول بلطف
- نورت البصرة بوجودك يا زوجة الغالي ..والف مبارك على الزواج الميمون ..انا حيدر ابن عم معاذ نحن كالشقيقين تماما ...
همست تبادله التحية بخجل وهي تتراجع لتختبئ خلف جسد معاذ الضخم كالطفلة الصغيرة تماماً الاخير الذي كان يشعر وكأنه هائم كالأبله بكل حركة عفوية غير مقصودة تقوم بها ...قاد السيارة بنفسه من المطار متوجهاً الى المنزل ...
كان ينظر بين الحين والأخر وكأنه يريد التأكد انها هنا ...في البصرة ..حيث يجب ان تكون منذ ان وقعت عيناه عليها .... كانت تبدو شاردة وكأنها تعيش بعالم اخر ...يدفع نص عمره ليعرف ما الشيء الذي يشغل تفكيرها الان ... الأيام السابقة كانت تسير عليه ببطء شديد ... خاصة الإجراءات الخاصة بالزواج اخذت الكثير من الأيام الى ان اتمها ....
عندما تم عقد القران في المحكمة تنفس الصعداء وهو يحمد الله بسره ... طلبت الخالة سعاد ان يحضر الشيخ لكي يعقد لهم القران في المنزل الا انه رفض بأدب متعللا بالحفلة التي يقيمونها في البصرة ... فكلامه هذا كان فقط حجة لكي يعجل بسفرها ..فهو فعلياً قد تعب من الوحدة التي كان يعيشها سابقاً بطيب خاطر وسعادة ..اما الأن فقد باتت هذه الوحدة تزعجه وتضايقه جداً ...

امتدت يده لتغطي يدها المستريحة على فخذها قائلا بصوت اجش مثقلاً بالمشاعر الفياضة
- لن تندمي على الزواج مني رضاب ..اعدك !
ازدردت ريقها بخجل والتفتت ناحيته وهي تسحب يدها بهدوء قائلة بهمس خافت بينما تسبل اهدابها برقة
- لست نادمة ابداً يا معاذ ثق بذلك !!
سحب نفساً معيقاً ومنعشاً ثم قال بحماس وهو يشير الى النافذه

- سأأخذك لزيارة كل الأماكن في البصرة .. ستحبين العيش هنا انا متأكد
هزت رأسها بصمت وهي مستمرة بالنظر النافذة ...ليكمل بصوت رجولي خشن جعلت الأبتسامة ترتسم على شفتيها

- كل ما تطلبين هي أوامر بالنسبة لي يا رضاب ..كل ما عليك هو الإشارة فقط
التفتت اليه تبادله النظر بأمتنان وهي تهديه اجمل ابتسامة تملكها دون ان تعرف بما فعلته ابتسامتها البسيطة هذه بقلب ذلك العاشق المتيم الصابر .....

عند وصولهم الى المنزل كان هناك جمع غفير من الناس بانتظارهم ... عدلت حجابها بيد مرتجفة وانفاس لاهثة ومضطربة ... ما ان وضعت قدمها ارضاً حتى بدأت أصوات الأعيرة النارية تدوي في الهواء ...
بعفوية تامة احتضنت ذراع معاذ مذعوره بينما يدها الاخرى كانت تمسك بها ملك بقوة .... كان معاذ يتلقى التهاني ببشاشة وسعادة
وما ان احس بخوفها حتى همس مطمئنا بصوت خافت
- لا تخافي رضاب هذه عادتنا في الاعراس ....هيا تعالي الى الداخل ...
تبعته وهي تلتفت حولها بغرابه ...رباه كل شيء غريب وجديد عليها ....لم تكد تلتقط انفاسها الهاربة حتى فوجئت بكبش كبير وضخم يذبح تحت قدميهما ... ليس كبشاً واحد بل ربما ثلاث او اربع ... لم تحتمل منظر الدماء اخفت وجهها بسرعه في كتفه ...الاخير الذي شعر وكأن قلبه سيحلق في الفضاء من شدة سعادته بهذه الحركة العفوية ...فما كان منه الا ان يحتضن كتفها ويقربها منه اكثر ... هامساً لها بكلمات مطمئنة

دخلا الى الصالة وكانت والدته تقف بأنتظارهم وما ان راتهم حتى اخذت تطلق الزغاريد يشاركنها سعادتها عدة نساء يقفن لجانبها .... دلفت رضاب غرفة جانبية تقع ملاصقة للصالة ... جلست على الأريكة بارتباك وخجل ...فقد تركها معاذ وذهب لاستقبال الرجال في الصالة الرئيسية
بعد مرور عدة ثوانِ تكاد لا تعد حتى أقبلت فتاة سمراء البشرة ..تمتلك أجمل عينين سوداويتين رأتهما في حياتها كلها ... تقاطيع ناعمة .... بشوشة الوجه ... ابتسامتها تبعث على الراحة والألفة .... اقتربت من رضاب قائلة بترحاب شديد وهي تقبل وجنتيها بالتناوب
- اهلا هلا بزوجة الغالي ....
جلست جانبها وقالت
- أنا جاسمية شقيقة حيدر ابن عم معاذ ...من اليوم أعتبريني صديقتك وشقيقتك !

همست رضاب و أمواج الخجل لا تزال تتقاذفها دون هوادة
- أهلا وسهلا بك سيدتي
- - لا لا .... لا تقولي سيدتي ..إما أن تنادي باسمي جاسمية أو أن تقولي أم محسن ... لكِ حرية الاختيار عزيزتي ..غير اني أفضل ام محسن ...
قالت كلمتها الأخير ثم أعقبتها بضحكة رنانة جعلت رضاب تبتسم برقة ....
بعد مرور عدة دقائق من رحلة التعارف على بنات العشيرة اللاتي توافدن ليباركن لها دلفت أم معاذ وهي تقول بلهجة آمرة وقيادية
- جاسمية خذي رضاب إلى غرفتي لتتجهز حان الوقت هيا بسرعة
اومأت جاسمية وهي تقف وتحث رضاب على الوقوف قائلة
- هيا هيا رضاب تعالي معي لتغيري ملابسك
وقفت رضاب وهي تشعر بالضياع والذهول وتبعتها وهي تهمس بتوتر
- م..ماذا ..هناك يا أم محسن إلى أين تأخذيني !!!!
فتحت جاسمية باب الغرفة الجانبية الواقعة بنهاية الممر وهي تقول بلطف
- ادخلي حبيبتي وسأخبرك حالاً
دلفت رضاب الى الغرفة بحذر وهي تتلفت حولها .... توجهت جاسمية الى الدولاب واخرجت فستان حريري ابيض اللون ... الفستان كان جميل جدا لكن فتحه الصدر واسع بشكل مبالغ به بالنسبة لها فهي لم تعتد على ارتداء فساتين بهذه الجراءة
- خذي رضاب وارتديه بسرعة
اتسعت عينا رضاب باستغراب وتسأل وهي تقول هامسة بتشوش وضربات قلبها تدوي بعنف
- لكن ...لماذا قد ارتديه يا ام محسن مابه فستاني ؟!!
اجابت جاسمية بتفهم وصبر وهي تنظر لفستان رضاب البسيط
- حبيبتي رضاب ارتداء فستان ابيض اثناء عقد القران هو امر مهم جداً ...انها عادتنا تقاليدنا حبيبتي
وقبل ان تتفوه رضاب بكلمة قالت جاسمية وهي تتوجه الى الخارج
- هيا رضاب ارتديه وأنا سأنتظرك أمام باب الغرفة
خرجت وأغلقت الباب تاركة ورائها رضاب وهي فاغرة فاهها بشكل مضحك !!!

عندما عقدت القران بالمحكمة الشرعية في أربيل ظنت أن معاذ سيكتفي بهذا العقد !!
لكن الظاهر أنها كانت مخطئة جداً
أحست وكأنها محاصرة بين المطرقة والسندان ... ولا مناص او مهرب لها ألان !!!
قضمت شفتها وهي تقلب الفستان بين يديها ...صحيح هو فستان محتشم وغير فاضح إلا أن فتحه الصدر واسعة جداً ...كيف سترتديه أمامهم ... وهي تشعر بكل هذا الخجل !!
سمعت صوت جاسميه وهي تستعجلها قائلة بمرح
- هيااااا رضاااااب بسرعة إني انتظررررر
زفرت الهواء بقلة حيلة وشرعت بخلع حجابها وفستانها .... ارتدت الفستان ثم توجهت الى المرأة لكي تصفف شعرها المبعثر .... فما كان منها سوا ان تتركه حراً طليقاً على كتفيها
اساساً شعرها ناعم وحريري وهو يتعبها عندما تحاول رفعه ....فهو يتهدل من الطرفين باستمرار !!!
طرقت جاسمية الباب وقالت بلهجة مرحة
- انا قادمة سأدخل يا رضاااب
أجلت رضاب حنجرتها وقالت بصوت خجول وناعم
- تفضلي لقد انتهيت
دلفت جاسمية الى الغرفة وما ان وقعت عيناها على رضاب حتى قالت بأعجاب
- بسم الله ماشاء لله .... السعادة والفرحة لقلبك يا ابن عمي صبرت ونلت ....ماشاءلله ماشاءلله رائعة الجمال حبيبتي ..عين الله تحميك .... انتظري دقيقة واحدة ...

أخرجت من فتحة فستانها الأخضر سلسلة ذهبية تحتوي على خرزة زرقاء اللون .... وهي تقول
- ارتدي هذه السلسة ستحميك من العيون الحاسدة
ابتسمت رضاب بحرج وقالت
- لكنها سلسلتك يا ام محسن كما أنني لا املك شيئاً احسد عليه !!!!
هتفت جاسمية بأستنكار وصرامة
- مالذي تقوليه يا فتاة ...انظري لنفسك في المرآة ...انت رائعة الجمال ... كل شيء فيك جذاب ورائع .... الأن تعالي لأساعدك على ارتداءه ... و أعتبريه هدية زواجك !!!!
أومأت رضاب بطاعة واستدارت وهي ترفع شعرها قليلا لتعلق جاسمية السلسلة وهي تقول
- هااااقد انتهينا اخيراً
وألأن هيا بنا عزيزتي ..ولا داعي لارتداء الحجاب فكل المدعوات هن من نساء العشيرة

............................................
عندما بدأ السيخ بتلاوة آيات الذكر الحكيم بعدها استشهد ببعض الأحاديث النبوية الخاصة بالزواج والمودة والرحمة .... شعرت رضاب بفيض من الأحاسيس الباردة الجياشة تتدفق إلى جسدها .... حتى أنها أحست بالدموع تتراقص بعينيها رغماً عنها .... ما سبب الدموع لا تعرف ... ربما هي دموع السعادة .....
قلبها اخذ يخفق بقوة ... قوة غريبة لم يسبق لها مثيل ..... لأول مرة تشعر بالرهبة ....ليست رهبة مخيفة بل هي رهبة هذا الموقف الذي لم يمر عليها سابقاً ...ففي زيجتها الأولى لم يتم عقد قرانها عند الشيخ ...فقد اكتفى السيد همام بعقد المحكمة الشرعية فقط .....
مع معاذ كل شيء مختلف وجميل بصورة لم تعهدها ابداً .... الرابط الذي يربط بينهما هو اعمق
من رابطة الزواج فقط ... هناك رابط سري وخفي ...لم تستطع حتى الأن تحديده ..أو اكتشافه

وضعت هدى قماش ابيض حريري طويل غطى شعرها وسائر جسدها ليبدوا طقوس زواجهم المقدس

انتهى كل شيء كالحلم .... بل كان أجمل حلم منعش ورائع تشاهده في حياتها .... الزغاريد تصدح في أرجاء المنزل ... وأصوات الأغاني التراثية المصحوبة بالهوسات او ( المهاويل و هو لون من ألوان الشعر يتميز به سكان جنوب العراق ...وتكون اما بالفصحى او العامية ... وتستخدم في الأفراح والمباركات أو الحزن والرثاء ) تسمع بشكل واضح جداً ...
كانت ملك تجلس جانبها بفخر مضحك وكأنها تتباهى بوجودها ...قالت لها جاسمية بلطف
- ملك اذهبِ الى الحديقة والعبي مع الاطفال هيا صغيرتي ...
زوت ملك حاجبيها بعناد طفولي وهي تحتضن خصر رضاب التي حاوطت كتفها بذراعها بحنو وهي تقول
- اتركيها معي ام محسن ...لا بأس بذلك ...

تنهدت جاسمية وهي تنظر لملك هامسة بشفقة
- اااه الطفلة المسكينة فقدت والديها بسرعة ... لكن الله عوضها بك وبمعاذ ... كم هي محظوظة


بعد مرور عدة دقائق دلفت جاسمية الى الغرفة وهي تقول بحماس
- بسرعة يا فتيات تسترن العريس سيدخل ...
رباااه معاذ سيدخل ويراها بهذا الشكل ؟ !!!
ارتبكت ...لا تعرف ما عليها فعله ..كل ما استطاعت ان تفعله هو ان تطرق رأسها بخجل واحرج شديدين .... وهي تحاول رفع مقدمة فستانها الى الاعلى قليلاً ....

دلف معاذ الى الغرفة متنحنحا بخشونه ..بحث عنها بعينيه ولم يحتاج الى وقت طويل ليجدها ...تشع اشراقا وتوهجا بينهن ....سرت الدماء في جسده الضخم بقوة ...قوة كبيرة يكاد يقسم بأنه سمع صوت تدفقه في شراينه .... اااه مالذي تنوي فعله بها هذه الفتاة ....

تقدم ناحيتها بهدوء مخالف لما يختلج في صدره ...جلس قربها يكاد لا يسمع ما يجري حوله من همهمات ... انحنت والدته وهي تفتح علبة الشبكة وبدأ معاذ الباسها بيدين مرتجفين ارتجافا طفيفا ... فما ان لمس بشرتها الدافئة حتى تهاوت حصونه وكاد ان يفقد سيطرته ويقبل تلك الرقبة التي تناديه تعال وقبلني ...
رائحتها المسكية خدرت حواسه ونقاء بشرتها الناعمة زلزل جسده ... البسها العقد وهو يتعمد استنشاق رائحتها بوله .... بينما عيناه مثبته على بياض اعلى صدرها المكتنز الظاهر من فتحة الفستان الذي ترتديه ... تجمعت قطرات العرق على جبينه وهو يهمس داخله بيأس ... سامحك الله يا امي على فعلتك هذه ... ألم تجدي غير هذا الفستان لتجعليها ترتديه اليوم بالذات !! الم تفكري بحال ولدك ما الذي سيحصل له ما ان تقع عيناه على هذا المنظر الأخاذ !!!

جسده استجاب غريزيا ملبياً نداء انوثتها الطاغية .... تمنى لو كان بأمكانه تقبيل هذا الشق الظاهر امام عينيه بوضوح تام .....بل تمنى ان يقبل كل انش من جسدها اليانع الفتي ...

ما ان اكمل عمله حتى انحنى وقبل جبينها بقوة ثم همس بخفوت
- مبارك عليك زوجتي !

كادت خفقاتها ان تتوقف من شدة ضرباته الهادرة ...تلك الكتلة الرجولية التي جلست جانبها جعلت امعائها تتقلص بتوتر لم تعهده ابداً .... هالة الجاذبية والهيبة تحيط به خاصة وهو يرتدي
هذا الزي العربي الذي زاد من وسامته وهيبته ... عندما اقترب منها ولمس رقبتها بأصابعه
الدافئة سرت قشعريرة باردة على طول عمودها الفقري ... وما زاد من ارتباكها وخجلها همسات النسوه وهن يتكلمن عنه وعن مدى وسامته ...
رباه لقد شعرت بالغيرة والضيق ... غيرة لا مبرر لها ... هي لا تحبه فكيف تغار عليه ؟!!!
لم يكونا مدركين لمدى توافق الصورة واكتمالها امام الناظرين ... كانا يمثلان اقتران الهيبة والجمال ... امتزاج خشونة رجولته مع نعومة انوثتها ... امتزجا ليكونان خليطا مدهشاً متناسقاً
يثير حسد ودهشة الجميع .......

انتهت الحفلة بعد ساعات وساعات من التوتر المصحوب بالسعادة الوليدة التي اظهرتها ابتسامتها الصغيرة .....

ساعدتها جاسمية على الصعود الى غرفتها الزوجية ... تلك الغرفة التي ستكون ملجئها
وملاذ أمانها الدائم بقربه ومعه .....
جلست على طرف السرير الواسع ... تحدق حولها بفضول ...
غرفة واسعة ... مطلية باللون الابيض ... ستائر ذهبية انيقة ... دولاب وسرير مذهب الاطراف هو الاخر .... طاولة زينة رصت عليها مستحضرات التجميل بالأضافة لأنواع العطور المتعددة

الغرفة مريحة للنفس ومحببة جداً ... شعرت فيها بالراحة والسكينة والاسترخاء ....
تراكضت أصابعها الرقيقة على نعومة الشرشف الحريري الأبيض الذي يغطي السرير بأكملة ...

بعد مرور عدة دقائق دلف معاذ الى الداخل وهو يحمل عباءته العربية ذات اللون البني الفاتح على ذراعه ... تسابقت خفقاتها لتدوي داخل اضلعها بقوة اكثر من السابق ....

ارتباك ...خجل ..توتر ..حيرة .... وشيء اخر ... كانت كل تلك المشاعر المتناقضة تعصف
داخلها كالأعصار المدمر ...لا تعرف ماعليها فعله ..ولا مايجب ان تقوله الان ؟ّ!!!

رتبت الكلمات داخل عقلها لعدة مرات ... تريد ان تنطق بحرف لكنها لا تستطيع
شفتيها اطبقت بأحكام وكأنها تعاندها وتسخر من خجلها ...

فتح الدولاب وعلق عباءته و شماغه وهو يراقبها بخفيه ... مشت عيناه على رأسها ... يديها ... فستانها الذي يكاد ان يصيبه بأزمة قلبيه .... لو كان بأمكانه لظل يحدق بها طوال العمر دون كلل او ملل ..... اخيرا ...اخيرا يا معاذ ابتسم لك الحظ وهاهي من التقيتها صدفة و احتلت قلبك دون استئذان ... تجلس امامك بكامل بهائها وجمالها !!

اخيرا تحقق الحلم ...واصبحت متربعة في منزلة ... تحديدا في غرفته ..كما هي متربعة على عرش قلبه ... تشد اطراف قلبه المتعب كالوتين القوي .... اجل هي وتين قلبه وسيدته الى الابد ... تجلس على فراشة كالملكة ... وكما رأها في حلمه عدة مرات لا تحصى ولا تعد ...

اخرج له بجامة منزلية مريحة ...ثم اغلق الدولاب قائلا بهدوء
- سأذهب لأخذ حماماً سريعاً تستطيعين ان تغيري ملابسك بأخرى اكثر راحة ...
لم تنطق بحرف ..هزت رأسها المطرق صامته كصمت العيون العاشقة التي تأبى البوح بعشقها فقط صامته وهادئة .... شعر بها ... شعر بخجلها وتوترها وارتباكها .... ااه كانت كالطفلة التي تذهب الى المدرسة للمرة الأولى ...

تنهد واقترب ليجلس جانبها .. ليشعر بإجفالها وابتعادها عنه قليلاً ...امسك يدها قائلا بصوت
اجش يتخلله بحة مميزة ...كان يريد ان يطمئنها ويهدأ من ارتباكها ...كم تمنى ان يحتضنها بين ذراعيه ... يغرس اصابعه بطيات شعرها الناعم ...لكن لا بأس ... الصبر يا معاذ الصبر

- لا تخافي مني رضاب ...انا لم انس وعدي لك ...لذلك استرخي ولا تتوتري ابداً !
رفعت رأسها لتنظر لوجهه الهادئ ذو التقاسيم الرجولية المميزة ... لتهمس وهي تحدق بعينه
التي تبعث اليها اشارات السلام و الطمأنينة التي هي بحاجة اليها على الدوام

- شكرا لتفهمك يا معاذ !!
هز رأسه وشبح ابتسامة تتراقص على شفتيه ... ثم انحنى ليقبل جبينها بعمق وقوة ..جعلت رجفة قوية تهز جسده بينما سرت بروده لذيذة بجسد تلك الفتاة المرتبكة المتوترة من قربه ومن رائحته المميزة المختلطة برائحة جسده الرجولي .....
هب واقفاً لينظر لها لعدة ثوان قبل ان يخرج من الغرفة بهدوء

...............................
اربيل

إنّي أغارُ عليْكِ من ريحِ الصَبـا
لا تَعْجَبي إنَّ الُمِحبَّ غَيورُ
وأغارُ من ثَوبٍ يُلامِسُ جِسْمَها
حتّى ولَو أَنَّ القَميصَ حَريـرُ
فلربّما كان القَمِيصُ مُسَحَّراً
أَوْ ثارَ في ثَوْبِ الحريرِ شُعورُ
يا ربّةَ الوجهِ البَهيِّ تَلَطَّفي
لا تَقْتُلي إنّي لَديْكِ أَسيرُ
وتَرفّقي بالمُسْتهامِ فإنَّهُ
صَبٌّ لديْــكِ وذو الهوى مَعْـذورُ

يجلسان لتناول الغداء بصمت مطبق ... اعتادت هي عليه في الآونة الأخيرة .... لا يسمع في المطبخ إلا صوت الملاعق التي تحتك بتلك الصحون الخزفية البيضاء ..... برودة عبد العزيز
وللامبالاة التي يظهرها في اغلب الأحيان تكاد ان تصيبها بالجنون ...كيف يتحول الانسان هكذا فجأة وبغمضة عين من شخص حنون ..دافئ ...يهتم بمشاعر الاخرين قبل ان يهتم بنفسه الى شخص اخر بارد ..متشائم .... غير مكترث بما يجري حوله ابداً ... حتى لو الكون احترق لا يحرك ساكناً !!

حسناً عبد العزيز ..أعدك سأعيدك إلى ما كنت عليه ..ولن اكون رونق ان لم يحصل ذلك التغير على يدي .... هو كان يعرف بأمر ذهابها الى منزل وليد لحضور عقد قران رضاب ... فعندما اخبرته بدعوة السيدة سعاد لها لم يمانع ابداً .... حتى انه هو من اوصلها الى منزلهم بنفسه ....
لمحت بعض الاهتمام بملامحه ونظراته عندما عاد ليأخذها من هناك ..بدى وكأنه يتحين الفرصة للسؤال عن تبارك ...لكنه عنيد ومكابر ... تكاد تقسم بأنها ترى انعكاس حبه لتبارك بلمعة عينه ...
هي تعلم بأنه لن يفيق مما هو فيه من اوهام الا عندما يتلقى هذه الصفعة التي هي على وشك اخبره بها الان ... وهو يستحقها بالفعل ....
رفعت نظراتها الثاقبة الماكرة لتركزها على وجه اخيها المتجهم .... تنحنحت قليلا ثم قالت وهي تدعي اللامبالاة وتقلب بطبق الرز الذي امامها بهدوء
- اتعلم يا عزوز ... الحفلة ليلة امس كانت رائعة على الرغم من قلة المدعوين
اومأ بشرود وهو مستمر بتناول طعام صامتاً ..دون ان يطرأ اي تغير على ملامحه لتكمل قائلة
- ماشاءلله ...نسمات السعادة صارت تهب على منزل الخالة سعاد ..فقريبا سيتزوج زهير من ابنة خالته ...وربما من بعده تبارك
وكما توقعت بالضبط ...اذ رفع رأسه بسرعة ناظرا اليها بصدمة بينما تجمدت يده التي يحمل بها ملعقة الطعام في منتصف الطريق ..ليهمس قائلا بصوت بالكاد خرج من بين شفتيه التي ابيضت بصورة ملحوظة
- م..ماذا ..تقصدين ؟!!
رفعت حاجبيها وأجابت بابتسامة صغيرة
- هناك من تقدم لطلب يد تبارك يا اخي !!

................

نهاية الفصل
قراءة ممتعة


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 28-07-19, 10:14 PM   #104

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة malak assl مشاهدة المشاركة
شلونج رقاوي شفت الفصلين ورجعت قريتهم ..
قلمج يخبل ياربي ..
كل شخصية متميزة فعلا. .
احسنت ياقلبي
هلو حبي الحمدلله اني بخير
شكرا على رائيج الغالي ميمو


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 29-07-19, 04:29 PM   #105

bobosty2005

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية bobosty2005

? العضوٌ??? » 345060
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,798
?  نُقآطِيْ » bobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond repute
افتراضي

متشوقه كثيرا لمعرفة كيف ستتعامل والدة معاذ مع رضاب 🤗 ويبدأ الأكشن 💪 ههههه



أشفق على حالة عزوز أكثر شخص اتظلم معك عزيزتى انفجار وتشوه وعين راحت يعنى كان كفايه حاجه واحده اتمنى يتخطى الأمر و يعيش بسعاده مع تبارك 😮



بالتوفيق بالقادم 😍💟


bobosty2005 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-07-19, 02:18 PM   #106

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


اللهم صل على محمد وآل محمد
اليكم احبتي الفصلين

الفصل الخامس والثلاثين ...
................

عندما نطقت رونق بتلك الجملة شعر وكأنها وجهت طعنة حادة إلى منصف جهته ليسرى .... طعنة شطرت قلبه لنصفين ..... تبارك ... ستتزوج !!!!
ها قد حدث ما كنت تتنبأ به يا عبد العزيز .... حدث الأمر الصائب ... اجل تبارك من المستحيل أن تكون له في يومٍ من الأيام !!!
ظلت نظراته المتجمدة ثابتة على وجه أخته ... الأخيرة التي شعرت بما يختلج بصدر أخيها
من مشاعر مؤلمة ...إذا كانت هي قد أحست بألم مزق أحشائها فكيف سيكون الحال معه هو ...
ابتلع ريقه الجاف وقال بلامبالاة يجاهد لكي تظل ملامحه باهته وفاترة
- اهااااا ... ومن هو سعيد الحظ هذا ؟!!
أجابت بصوت منخفض وكأنها تخشى رفع صوتها في حضرته
- قالت بأنه رجل أعمال ..تعرف عليها في المصرف ...
قاطعها بابتسامة صغيرة ومريرة
- انتظري قليلا ... دعيني أخمن .... أهو السيد فاروق ؟!!!
هزت رأسها قائلة وهي متسعة العينين بدهشة ..
- أ..أجل ..كيف ..عرفت اسمه ؟!!!
أجابها وهو يضع الملعقة جانباً
- لا يهم كيف عرفت .... فليوفقها الله في حياتها ...
وقبل أن تنطق بحرف كان عبد العزيز يقف قائلا بجفاف وهو يتجنب النظر اليها
- سأذهب إلى غرفة المكتب ...اعدي الشاي واحضريه لي هناك ....

تركها دون أن يستمع لما كانت تحاول قوله ... دلف إلى الغرفة وأغلق الباب بهدوء عجيب .... توجه ليجلس خلف المكتب ..اخرج جهازه المحمول ثم فتحه بصورة آلية ... كان يتصرف بجمود ..وكأن كل ذرة بداخله كانت متجمدة ....لا بل كانت ميتة

هل قالت رونق أن تبارك ستتزوج !!!!
اجل اجل ... ما سمعه لم يكن وهماً كاذباً أو صدى خداع ....قالت لقد تقدم فاروق لخطبتها .... فاروق ..ضيق عينه التي بدأت الرؤية فيه تصبح مشوشة
أصابعه كانت تضغط على أزرار جهازه المحمول بقوة ... عينه مثبته على الشاشة البيضاء .... وكأنه بضرباته هذه يخرج ما بداخله من الم وقهر ومعاناة ....

لقد توقع هذا الأمر مسبقاً ..واعد العدة لاستقبال الخبر بلا مبالاة ... لكن اتضح ألان
أن كل ما كان يفكر به كانت مجرد أفكار خرقاء وسخيفة ...وان القشرة الصلبة التي كانت يتقوقع خلفها ما هي إلا قشرة ضعيفة وواهنة ... تكسرت منذ الوهلة الأولى التي سمع فيها الخبر فما بالك لو تحقق الأمر بالفعل !!! وباتت حقيقة ملموسة !!!

الألم الذي ينخر قلبه ألان لم يشعر بمثله طوال حياته كلها ... وكأن سقف أحلامه ونجوم أمنياته قد بدأت تتهاوى فوق رأسه ...لا بل هي تهاوت بالفعل .... الحزن يحتضن جسده بقوة
ورياح الخذلان والفقد تعصف بكل ذرة في جسده ....لكن مهلا ...من خذله ؟! أهي من خذلته ام هو من خذل نفسه وخذلها ؟!!!

لماذا تتألم يا عبد العزيز ولماذا تحملها ذنباً لم تقترفه هي ... وأنت بنفسك من أقصيتها وأبعدتها عن حياتك المشئومة

همس داخله بيأس مناجياً ربه بحزن ...لماذا أنا يا الله ..لماذا !!
لماذا كتب علي أن احمل هذا الوجه البشع طوال حياتي !!!!
سحب نفساً واستغفر ربه مرة أخرى بخفوت ..لا اعتراض على قضائك وقدرك يا ارحم الراحمين ...

دلفت رونق إلى الداخل وهي تحمل صينية الشاي ... نظرت لأخيها بحزن ..
تكاد تشعر بما يشعر به الآن ... بل هي تلمس حزنه وقهره بالفعل ... مهما حاول الادعاء فمشاعره مفضوحة أمامها ... كيف لا ... وهو ليس أخوها فحسب بل هو والدها أيضا وكل ما تملك في هذه الدنيا ...

كان لازال يركز نظراته على شاشة المحمول .... تقدمت منه ثم وضعت الصينية على المنضدة الجانبية .... جلست قبالته وهمست بصوت منخفض ومواسي
- عزيز ...
لم يرد عليها بل وكأنها لم تناديه قط ...لتعاود الهمس مرة أخرى
- عزيز ...أنا اشعر بك ... الأوان لم يفت بعد ... أن كنت تحبها ولازلت تريدها لماذا لا ...
قاطعها بحدة وهو عاقد الحاجبين ... كانت الخطوط الدموية الحمراء بارزة في عينه المتألمة
- لماذا ماذا يا رونق ؟!! هااا ؟؟ أجيبي !!! لماذا ماذااااا .... لقد تصرفت تبارك بالشكل الصحيح ...يجب أن تتزوج من الرجل الملائم ..الرجل الذي يليق بها ....لقد فكرت بمصلحتها ومستقبلها ...
أجابت رونق بقوة
- أن وافقت تبارك فهي ليست مذنبه في شيء أخي .... الفتاة حاولت بشتى الطرق ان تفهمك بأنها تريدك ....

نظر لها عبد العزيز بحدة وغضب إلا أنها لم تبالي ولم تتردد بإخراج كل ما في جعبتها خاصة بعد ان أخبرتها تبارك بزيارته الأخيرة في المصرف وعن المحاورة التي جرت بينهما ..وكيف حاولت بل تذللت له وبينت بأنها تريده هو دون سواه لكنه تجاهلها برعونة وتكبر ....لتكمل كلامها بصلابة وشجاعة

- اجل ..لا تنظر لي بهذا الشكل ... لا تعتقد بأنها لم تخبرني بكل ما يحصل بينكما ... هي كانت ولا تزال متمسكة بك .... أنت من توهم نفسك بأوهام لا صحة لها في الوجود ..تبارك لا تزال تحبك وتريدك ....لكنك لا ...

قاطعها بغضب وهو يهب واقفاً
- الذنب هو ذنبي أنا ..أنا ... اجل يا رونق ..أنا رجل معقد وفاشل ... هل ارتحت ألان ! أهذا ما تريدين سماعه !!! أذن اسمعي جيداً ... أنا فاشل وجبان ومعقد ...

ترك الغرفة وخرج مسرعاً بينما ظلت رونق باهته وشاحبة الوجه لتهمس يعينان دامعتان
يا الله ارحم بحالة ودله على الطريق الصواب الذي يتجاهله هو بإرادته ...
..................................
............................................
البصرة

كانت تقف في سطح المنزل ... أمام حبل الغسيل تقوم بنشر الملابس والملاءات ...بينما ملك تدور حولها بغنج و دلال وهي تعطيها الملابس بين حين وآخر ...قالت رضاب بحنان
- اجلسي في الظلال أو اذهبِ إلى الداخل الجو حار هنا صغيرتي ...
أجابتها ملك بطفولة وعفوية
- أريد أن أساعدك ماما لتنهي عملك بسرعة
وضعت رضاب القميص على الحبل ثم أجابتها بابتسامة صغيرة
- ولماذا تريدين ان انهي عملي بسرعة يا شقية ؟!!
هتفت بقوة وهي ترفع يديها الصغيرتان إلى الأعلى
- لكي نلعب كثيراً ماما
أجابتها رضاب بضحكة صغيرة وهي تثبت القميص بالمشبك
- أنت لا تشبعين من اللعب أبدا أليس كذلك ؟!!

لترد عليها الطفلة بحماس وشقاوة
- ابدا ابدا مامااااا
هزت رضاب رأسها وعادت لتكمل عملها بهدوء .... بينما تعود ذاكرتها لتلك الأيام التي مضت منذ أن وصلت للبصرة .... تحديداً ليلة زفافهم ...كانت متوترة وخجلة جداً ...تفكر بأستماته
أين ستنام ؟!! على السرير ام تفترش الأرض ...فهي من المستحيل ان تنام الى جانبه ... غيرت ملابسها بقميص نوم محتشم نوعاً ما ...وعادت تجلس على طرف السرير ...
عندما خرج معاذ من الحمام دلف الى الغرفة بهدوء ..توجه الى الفراش واخذ مكانه على الجهة اليمنى منه ... وضع ساعده على عينيه بلا مبالاة ...
اخذت تحدق به حائرة بما ستفعله ...وكأنه احس بحيرتها اذ ابعد يده وقال لها بصوته الهادئ
- نامي يا رضاب ...أرجوك لا تجعليني اشعر وكأنك ستقضين الليلة مع وحش مفترس ...
أجابت بهمس مرتبك
- انا ..انا ..فقط ..فقط ..
قاطعها بلهجة منزعجة
- من فضلك رضاب نحن كبيران وواعيان جداً لتصرفاتنا .. و أنا وعدتك وعد شرف لن اقترب منك نهائياً ...
هزت رأسها بإذعان ثم تمددت عل الطرف الأخر من الفراش ..تحاول ان تبتعد عن حرارة جسده قدر استطاعتها ...أولاها ظهره ليسمح لها بأخذ حريتها أكثر ... وضعت يدها تحت خدها و أخذت تحدق بعضلات ظهره الصلبة ... عيناها تتراكض على كل عضلة فيها ... كانت على وشك أن تسدل أهدابها ... تحاول ان تستجدي النوم ... لينفتح الباب وتدخل ملك وكأنها عاصفة طفولية مرحة كانت تقفز كالكرة المطاطية بينهما قائلة بسعادة
- أريد أن أنام بحضنك مامااااااااا
ابتسمت لها رضاب بسعادة لا تضاهيها سعادة ..وكأن ملك أنقذتها من موت محتم ...لتجيبها بحنان وأمومة خالصة
- تعالي حبيبتي
سحبتها لتنام على ذراعها ..غارسه رأسها في رقبة رضاب كالعصفورة بالضبط ...
توسطت ملك الزوجين بتملك مضحك ...عندها فقط استطاعت رضاب ان تغمض عيناها وتنام بعمق وراحة ...
تكرر نوم ملك معهم يومياً إلى أن استسلم معاذ وأذعن لطلب تلك الصغيرة بأن تبقى معهم في الغرفة .... تنام بحضن والدتها الروحية ...
بعد مرور بضعه أيام على زواجها قل عدد المهنئين ...وأصبح المنزل هادئاً ...
... بدأت الخالة هدى بإفهامها على طبيعة عملها كزوجة لولدها البكري قائلة بجدية
- اسمعيني جيداً يا رضاب ..أنا لا أحب الكسل أبدا ..منذ اليوم نتفق على أمر واحد .. وهو ... لا أريدك ان تناقشيني بكل ما أقوله لكِ ...تفعلين ما أمليه عليكِ بهدوء ..فهمتي ؟!!!
هزت رضاب رأسها باهتمام وهي تقول
- حاضر خالتي سأحاول أن ....
قاطعتها هدى بانزعاج وصرامة
- لا أحب كلمة أحاول ..أنت ستنفذين ما اطلبه منك بصمت !!!
- حاضر خالتي ..أن شاء لله سأكون عند حسن ظنك
تنهدت بنفاذ صبر ثم قالت وهي تلوي فمها ببرود
- أتمنى ذلك حقاً .... وألان ..أولى مهامك هو الاستيقاظ في الساعة السادسة صباحاً

اجابت رضاب بعدم فهم
- لماذا خالتي ؟!
لتجيبها الأخيرة بسخرية مبطنة وهي تنظر لرضاب بتهكم
- لان زوجك يستيقظ مبكراً يا روح خالتك .. وإعداد الفطور يحتاج وقتاً طويلا فهو يحتاج لفطور دسم لكي يتغذى جيداً ...
همست رضاب بحيرة
- كيف فطور دسم لا افهم ما تقصدين خالتي ؟!!
هتفت هدى بضيق وانزعاج واضحين وهي تعبس بملامحها
- كفي عن ترديد خالتي ... خالتي ... خالتي .. بين كلمه وأخرى كالببغاء ...اف لقد رفعتي ضغطي ..وألان أين كنا ؟!! اجل تذكرت ...تستيقظين الساعة السادسة تشوين له اللحم .. هو يحب ان يفطر اللحم المشوي

اجابت رضاب بعفوية وبراءة
- لكن تناول اللحم صباحاً مضر بالصحة !!

شهقت هدى بقوة وهي تضرب على صدرها متسعة العينين وكأنها لا تصدق ان كنتها ترد على أوامرها وتعترض

- نعم ..نعم ..مضر بماذا !! لااا افهمي كلامي جيداً ...لا تتدخلي بما يأكله ولدي أتريدينه ان يموت جوعاً بسببك !!!!
هزت رضاب رأسها بسرعة وهي تقول
- لالا خالتي بعيد الشر عنه ..حاضر ..اشوي له اللحم !!
تنهدت هدى وهي تلوي فمها قائلة
- اذهب ونظفي المطبخ ألان وان تذكرت شيئاً اخر سأخبرك به ...
وبالفعل ... في اليوم التالي استيقظت في الساعة السادسة صباحاً ... وبدأت بتقطيع اللحم ثم تتبيله ثم قامت بشيه على نار الموقد ....
عندما استيقظ معاذ كانت الساعة تشير الى السابعة تماماً ... دلف الى المطبخ والقى تحية الصباح عليها ثم جلس أمام الطاولة يعبث بهاتفه المحمول .... بدأت برص أقداح الشاي ثم وضعت طبق اللحم والخبز أمامه
رفع معاذ حاجبيه قائلا بتعجب وهو يطفئ هاتفه ويضعه جانباً بينما عيناه مثبته على طبق اللحم المشوي بغرابة
- ما هذا يا رضاب ؟!
جلست قبالته وهي تضع السكر في القدح قائلة ببرائة
- لحم مشوي ..
هز رأسه بتفهم وأجابها قائلا
- اعرف انه لحم مشوي ..لكن لماذا قمت بأعداده لي ألان !!!
رمشت بعينها وهي تزيغ حدقتيها في وجهه بحيرة ثم أجابت بقلق
- حسناً ..خالتي هدى قالت بأنك تتناول اللحم على الفطور وطلبت مني ان ...
قاطعها بهدوء وملامح وجهه باتت غامضة وغريبة
- لا بسأسأأس يا رضاب فهمت ما تحاولين قوله ....
ابعد الطبق من أمامه ثم شرب الشاي بصمت مطبق ....كانت تجلس تراقبه بانتباه شديد ...يا الهي أصبحت تحب كل ما يقوم به .... تراقبه بخفية كالطفلة الصغيرة ... كيف يأكل ..كيف ينام وهو يضع ساعده على عينيه ... كيف يبتسم ...كيف يلاعب ملك بحنان وأبوة ....
أما وقت الصلاة فقد كانت من أحب الأوقات إليها .... كان يفرش سجادته أمامها وهي تقف خلفه تصلي معه بخشوع ...صوته الشجي عندما يتلو القرآن كان ينساب على روحها كالماء العذب الرقراق ..... كل يوم يزداد انجذابها إليه ويكبر إعجابها به ... حتى باتت لا تستطيع الأكل ان لم يكن هو موجوداً .... وحتى عندما يذهب إلى العمل فهي تتصل به باستمرار بحجة ملك تريد ان تكلمه .... كانت تكذب فهي من تريد سماع صوته الذي يجعل خفقاتها تدوي بصخب غريب وجديد عليها ....

عادت رضاب من دوامة أفكارها على صوت معاذ وهو يقول بذهول
- رضاب ماذا تفعلين عندك ؟!!!
...................

دلف إلى المنزل وهو يبتسم ابتسامة صغيرة تكاد لا تفارق شفتيه منذ دخولها بحياته ...فما إن يتخيل بأنه سيجدها بانتظاره ككل يوم حتى تتقافز خفقاته بسعادة و بهجة ... لا ينكر بأنها في بداية وجودها في البصرة كانت خجولة وتتصرف بتحفظ ...لكنها بعد مرور عدة أيام استطاعت أن تتأقلم معهم .... خاصة معه ...أصبحت لا تخجل منه مثل السابق ..تأكل معه ..تبادله الكلام ... كما انه لعدة مرات انتبه إلى نظراتها المختلسة التي ترمقه بها ... تظن بأنه لا يراها وهي لا تعلم بأن كل ذره في جسده منتبهة ومتحفزة لها على الدوام ....
كل ذلك في كفه ونومها إلى جانبه في كفه أخرى ... رائحتها المنعشة ونومها الطفولي يجذبه بقوة ...اغلب الليالي يستيقظ فجراً ليحدق بها دون ملل .... كم كان يود لو أن التقارب بينهم يزداد أكثر لكن وجود ملك يعيق ذلك ...حاول أن يعيدها لغرفتها التي تقع ملاصقة لغرفتهم ألا أنها أبت إلا أن تنام معهم .. لكن لا بأس ...هو راضٍ بهذا القليل معها إلى أن تقر وتعترف بزواجهما الحتمي وتتوسد صدره قريبا كما أصبحت تتوسد قلبه وفراشه .....

المنزل كان هادئاً على غير العادة ...ترى أين هم ؟!! ألقى نظرة نحو غرفة والدته ...كانت تجلس على سجادة الصلاة تسبح بهدوء .... سحب نفساً عميقاً ثم توجه إلى الأعلى ...ربما هي في الغرفة الآن ...
عندما وصل إلى الممر المؤدي لغرفة النوم سمع صوت ملك الضاحك يأتيه من جهة باب السطح ..عقد حاجبيه بغرابه ...ماذا تفعله ملك في السطح ؟! ومن فتح لها الباب الحديدية الثقيلة ؟! وكيف سمحت لها والدته او رضاب بالذهاب الى هذا المكان الخطر بالنسبة لطفلة لم تتجاوز الخامسة وبهذا الوقت من النهار حيث حرارة الشمس وصلت الى اوج ذروتها !!!

مشى بخطوات مسرعة يريد ان يعرف مالذي يجري هناك بالضبط ... لكنه ما ان وصل الى عتبه السطح حتى وقف مكانه يراقب المشهد امامه بتعجب ....كانت رضاب تقف امام حبل الغسيل وهي تلف حول رأسها الحجاب بينما خصلاتها الناعمة كانت متهدلة على وجنتيها الحمراويتين ....تتأرجح مع رياح الصيف الحامية ...ابتسامتها واسعة وهي تنظر لملك التي كانت تعطيها الملابس بين حين وآخر وهي تتقافز حولها كقردة صغيرة ونشطة ....
لم يعرف عدد الدقائق التي كان وقف ليحدق بها كالأبله ...لكنه انتبه فجأة إلى أنهم يقفون في السطح ..هذا المكان المكشوف ....وجميع المنازل المطلة عليهم ربما رؤوا رضاب بشكلها الجذاب ...رأوها بوجهها المحمر هذا !!!
هو متأكد من أن رضاب لن تصعد إلى هنا وتفعلها من نفسها ..هذه أوامر والدته بكل تأكيد ... رباااه ستصيبه الحاجة هدى بأزمة قلبيه لا محالة ..للان يتذكر ذلك الصباح الذي وضعت به رضاب طبق اللحم المشوي أمامه ... منذ متى وهو يفطر اللحم !!!!
اااه يا أمي ماذا تحاولين فعله بهذه المسكينة !! والى أين تريدين الوصول بالضبط !!
تقدم للأمام وقال بهدوء
- رضاب ماذا تفعلين عندك ؟!!!

رفعت رأسها ناحيته بسرعة وقالت بابتسامة صغيرة
- معاذ متى عدت ؟!!!
قطب بانزعاج وعاود سؤالها بلهجة حادة

- سألتك ما الذي تفعليه هنا !!
نشرت أخر قطعه من الملابس وقالت ...
- كنت انشر الغسيل !!
تقدم ناحيتها أكثر وقال
- تعالي إلى الداخل واخبريني من أمرك بنشره هنا !!

...............................
.....................................
اربيل
........

لم ينتهي حديثي عنكـ …سأذهب لألتقط أنفاسي وأعود …وفي الطريق منكـ وإليكـ سأفكر في جملتكـ ما الحياة إن لم تكن؟أنت الحياه

خبر زفاف زهير الذي جاء متزامناً مع خبر ظهور براءته ... والتي تم اعلانه في نفس الجلسة التي حددت مسبقاً ... وبما أن جميع الأدلة وأيضا وجود الشاهد الجديد عزز موقفه هو وكورشير فقد تم تبرئتهم من التهمة التي كانت منسوبة إليهما .... كل ذلك جعل جميع من في المنزل بحالة سعادة وحماس ... رغم معارضة والدته السابقة على استعجال زهير ..إلا أنها الآن أصبحت هي من تستعجله الزواج ..قلبها يؤلمها عندما تشاهد حالة ولدها المتدهورة ...

فما أن يجتمعوا على الغداء أو العشاء فهو لا يبذل جهداً لإخفاء نظراته الملحة لحبيبة التي كانت تتحاشى بخجل النظر إليه أمامهم ....

كان يقف أمام البوابة الخارجية للمنزل ينتظر حضورها بلهفة وحماس ... اليوم سيذهبان الى الأسواق والمراكز التجارية .... من اجل شراء الملابس الخاصة بتجهيز العروس ....
رغم معارضة والدته وإلحاحها بأن ترافقهم ... إلا انه أصر على أن يذهبا لوحدهما فقط ... وهو بنفسه من سيختار الملابس لها .... خجل حبيبة وترددها بمرافقته ... توسلها الطفولي له بأن
يسمح لوالدته لتذهب معهم كاد أن يصيبه بالجنون ...

طوال الوقت كان ينظر لها بحدة وتوعد وهو مقطب الحاجبين لكي تكف عن إلحاحها هذا إلا أنها لم تفهم أشارته ...الحمد لله انه استطاع أقناع والدته بعد جهدٍ جهيد !

خرجت حبيبة وهي تجر قدميها جراً ...تشعر بالخجل الشديد ..كيف ستختار أمامه الملابس
الداخلية وملابس النوم وغيرها من المستلزمات !!!!!
يا الهي لقد بذلت ما بوسعها لكي يغير قراره هذا ... إلا أنها عبثاً كانت تحاول !!!
ما أن أحس بخطواتها حتى استدار بسرعة ينظر لها بمكر ممزوج بالإعجاب ..كانت ترتدي فستان صيفي ابيض اللون يحتوي على ورود زرقاء كبيرة .... مع حجاب ازرق باهت ...وجهها الخالي من الزينة كان أجمل وجه رأه في حياته على الإطلاق ....
بابتسامة لعوب زين بها شفتيه قال بخبث وهو لا يزال يرمقها بنظراته العسلية الماكرة
- هيا بطتي لقد تأخرنا كثيراً ...

هزت رأسها بصمت ومشت خلفه باستسلام وهي تدعو ربها بأن يمر اليوم على خير ودون مواقف محرجة .....

قاد زهير السيارة وملامح الفرح واضحة على وجهه بكل ثانية كان ينظر لها
بابتسامة واسعة ..وكأنه يقول لها ..قريباً جداً ستكونين في متناول يدي !!!

ادعت عدم الانتباه وهي تنظر إلى الطريق المؤدي للشارع الرئيسي .... كانت الأشجار مصطفة على جانبي الطريق بأوراقها الخضراء اليانعة .... شغل زهير جهاز التسجيل على أغنية

صغيرة جنت وأنت صغيرون
حب عرفنا بنظرات العيون

وبدأ يدندن معها بخفة وهو ينقر على مقود السيارة بأصابعه .. خطف ناحيتها نظرة جانبيه وقال بخفة وبلهجة مبطنة

- أتعلمين يا حبيبة ما هي الأحلام التي ارسمها بخيالي والتي اخطط لفعلها في ليلة زفافنا ؟!!!
بادلته النظرات ببراءة ثم قلبت شفتيها مفكرة
- اممممم اعتقد بأني ربما اعرف ما تريد فعله !!
رفع حاجبيه بدهشة وأطلق ضحكة صغيرة ومتعجبة ...ثم سألها بفضول وشك
- أحقاً تعرفين ؟!
هزت رأسها مؤكدة وهي تقول بفخر
- بكل تأكيد سيد زهير ..
أجابها بمكر وخبث
- حسناً أذن اخبريني ما الذي انوي فعله !!
أجابت بحماس مضحك وعيناها تلمعان ببريق خطف المزيد والمزيد من ضربات قلبه الهادرة
- ستشارك المدعوين بالرقص والغناء تماماً كما فعلت في نزهتنا الأخيرة !!

التفت لها زهير بسرعة وعيناه متسعة ... كان مندهشاً متعجباً من مدى سذاجتها وبراءتها العجيبة ... لينطلق ضاحكاً مرة أخرى .... لكن هذه المرة بقوة اكبر من سابقتها ..... لدرجة جعلتها تبادله الضحكات بعفوية تامة ..... همس بعد أن هدأ من نوبة ضحكة الهستيري

- ااااااه يا الهي .. قلبي سيتوقف من الضحك ... لم اعد استطيع التحمل ... انت غير معقولة يا حبيبة !! احقاً هذا ما تظنيه ؟!!!!
رفرفت أهدابها عدة مرات وقالت بلامبالاة
- وماذا قد تفعل غير ذلك يا زهير ؟!!
هز رأسه ونظر إلى الأمام قائلا وهو يقول بمكر

- هناك أشياء أكثر أهمية من الرقص والغناء حبيبة !!!
التفت لها مرة أخرى وهو يرقص حاجبيه بوقاحة جعلت الدماء تندفع لوجهها بقوة ...ربااه
كم هو وقح ومنحرف ..لقد فهمت ما يقصده !! تباً كيف لم تفهم منذ البداية ؟! كم هي غبية وساذجة
التفتت ناحية الشباك وقالت
- أنت وقح زهير وأنا لن اتعب نفسي بالكلام معك

امسك يدها ورفعها الى فمه ليلثمها برقة وهو لايزال يثبت نظراته على الطريق قائلا
- هياااااا بطتي ... أنا بريء ومسكين ..أنت لن تخاصمي زهير ... قلبك لن يطاوعك حبيبتي !!
كتمت ابتسامتها وهي تحدق إلى الشوارع الشبه فارغة تقريباً ....رفع زهير صوت الأغنية ليتردد صداها في أرجاء السيارة بصخب ....
كانت سعادته لا تضاهيها سعادة أبدا ... وكأنه ملك الكون بيده ...وبينما يقود السيارة ليخرج من شارع فرعي ...شاهد رجلا عجوزا يمشي ببطء وهو يشبك يديه خلف ظهره المنحني ... ليفتح الزجاج ويهتف قائلا بصبيانية وسعادة
- أيها العم ..أيها الجد ..أيها الحبيب ...
التفت له الرجل المسن بغرابة وكأنه يشاهد مجنونا يقف أمامه ليهتف زهير قائلا وهو يشير ناحية حبيبة
- أترى هذه البسكوته الشهية التي تجلس جانبي
شهقت حبيبه بخجل وحرج وهي تمسك كم سترته تحاول منعه من الاسترسال في الكلام
- زهير ..زهير اسكت لقد فضحتنا !
الا انه لم يبالي ليكمل كلامه قائلا بمرح
- هذه البسكوته هي زوجتي .. سأقيم حفلة زفافي قريباً جداً ... أنت مدعو يا جدي ....
ضحكت حبيبة بخفوت وهي تقول
- رباااه لقد جن جنون هذا الرجل لا محالة !!!
ما ان ابتعدا عنه قليلا حتى سارعت حبيبة قائلة بلهجة معاتبة
- رباه زهير كيف تقول له مثل هذا الكلام ... بكل تأكيد سيفكر بأنك مجنون !!
اجابها بمرح وابتسامة واسعة ترتسم على شفتيه

- انت لا تعرفين مقدار سعادتي يا حبيبة ..لو كان الأمر بيدي لخرجت إلى شوارع اربيل وهتفت بقوة ... أخيرا سأتزوج حبيبة يابشرررررر
ابتسمت بصمت وهي تنظر له بحب ...هي الأخرى تكاد لا تصدق بأنهما سيجتمعان في غرفة واحدة بعد طول انتظار وتعب ...خاصة هي ... لقد تكبدت الكثير ..وتحملت المرارة والقهر أكثر ... للان عندما تتذكر ليلة زفافه من سلمى وكيف كانت تحبه بصمت ...تحبه حباً يائساً نهايته غامضة وغير مفهومة او ربما فاشلة دون ادنى شك ... فأنها تكاد أن تموت قهراً وكمداً وكأن ما حصل كان البارحة فقط ..
لكنها رعاية الله ولطفه هو من ألف القلوب ..وجعله يشعر بها ويبادلها الحب بل يبادلها حباً اكبر وأقوى من حبها أضعافا مضاعفة ....

أكملا الطريق وسط مزاح وتفكه زهير الذي لم ينقطع أبدا بينما نظرات العجوز الضاحكة وكلماته الرنانة لا تزال عالقة بذهنه ..إذا دعا لهما بالحياة السعيدة الهانئة ... وهو يودعهما ملوحاً بيده المجعدة !!


رحلة شراء الملابس كانت كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ...كان ينتقي لها بنفسه الملابس الخاصة بالمنزل والخروج لكن المشكلة الحقيقة لم تكن هنا بل عندما دخل والى القسم الخاص بالملابس الداخلية وقمصان النوم ..... مع كل قطعه كان يشاركها باختياره كانت تهمس داخلها بذعر وخجل
ومصيبتاه .. عليك يا حبيبة ..كيف ستلبسين كل هذا أمامه ...ليس هذا وحسب بل جهاز زفافها لم يحتوي على قميص نوم واحد محتشم ...كل ما اشتراه زهير كان فاضح بشكل يجعل الحرارة تتصاعد إلى وجهها دفعة واحدة !!!!
كلما كانت تهمس له بخفوت وكأنها طفلة تستعطف والدها
- زهير ..زهير ..هذا ليس عدلاً .. أنت تتدخل بكل شيء ... لا تعطيني الفرصة لأختار ملابسي بنفسي ..

كان يسكتها قائلا بهدوء وخفوت
- اششش اسكتِ يا فتاة ...أنت لمن سترتدين كل هذا ؟!! هاا أجيبي !! أليس لي أنا !! أذن يجب أن يكون على ذوقي أنا ... ويجب ان يعجبني أنا وليس أنت ..فأنا بالنهاية من سأتفرج عليك وأنت ترتدينه !!!

...........................
........................................

البصرة
.........
كانوا يتناولون الطعام بصمت ... رفع معاذ نظراته الهادئة ليحدق بوجه والدته ... بقلة حيلة وحيرة ... لماذا تتصرف بهذا الشكل مع رضاب ؟! هي ليست هكذا !!! والدته ورغم قوتها الخارجية إلا أنها طيبة القلب جداً ... كيف طلبت منها أن تصعد إلى السطح لنشر الملابس وهي
تعرف جيداً مدى انزعاجه من هذا الأمر !! حسناً حتى لو كانت للان غير متقبلة مسألة زواجه من رضاب فهذا لا يعني أن تعاملها بهذه الطريقة الفضة القاسية !!

اجل هو لديه عينان ويرى الطريقة التي تتعامل بها مع رضاب ...الأخير التي كانت تتلقى أوامرها بهدوء وطيب خاطر !!!
عندما أخبرته رضاب أن والدته هي من طلبت منها شي اللحم له .... ادعى انه بالفعل كان يأكل اللحم سابقاً إلا انه اقلع عن تناوله بعد زواجهما ... فقط كي لا يحرج والدته ويظهرها بمظهر غير لائق أمام زوجته .....وقد طلب من رضاب بعدم أعداده مرة أخرى كما انه لم يسأل والدته عن سبب تصرفها هذا ! فهو يعرف جيداً بأن لا عذر ولا سبب منطقي لديها لترد عليه ..لذلك الصمت كان هو الحل الذي اختاره !
أما الآن لن يستطيع السكوت أبدا ! جل ما يكره هو صعود أهل بيته إلى السطح ... حتى والدته قد منعها من فعل ذلك !!!
سابقاً عندما كانت زوجة أخيه رحمها الله تعيش معهم في نفس المنزل .....طلب من والدته
بعدم السماح لها بنشر أي شيء في السطح وان أرادوا نشر المفروشات أو السجاجيد فهو وأخيه رحمه الله سيتكفلان بذلك ... فالسطح مكان مكشوف للناظرين خاصة وان عدد من الشباب الساكنين في حيهم هم ممن يربون الحمام ..وهم متواجدون في السطح باستمرار ...
رضاب زوجته ...عرضه وشرفه ..وهو يملك من الغيرة بما يكفي لكي يحافظ ويغار على عرضة وشرفة هذا ... حتى وان تطلب الأمر لأن يعاتب والدته كما سيفعل الآن

شرب القليل من اللبن ثم أعاد القدح لمكانه قائلا بهدوء ... يتعمد الكلام معها أمام رضاب لكي تعرف الأخيرة بأنه لا يقبل بهذا الشيء أبدا حتى وان طلبت والدته منها هذا مرة أخرى ..
- أمي ..اليوم عندما عدت من العمل وجدت رضاب تنشر الملابس في سطح المنزل من سمح لها بهذا ؟!
نظرت هدى له وهي تقول بهدوء
- انا ...
زوا معاذ حاجبيه بانزعاج قائلا بصوت حاد
- ولماذا تطلبن منها هذا يا أماه وأنت تعرفين جيداً بأن هذا الأمر يزعجني ... وقد حذرت سابقاً من مغبة فعله !

كانت رضاب تنظر لهما بصمت وارتباك ..متفاجئة من حدته التي تلحظها للمرة الأولى ..لم تكن تعرف أن لهذا الأمر أهمية عنده لهذه الدرجة ...

أجابت هدى وهي ترجع ظهرها إلى الوراء قائلة بلامبالاة
- وماذا في ذلك ؟؟؟ ثم من اليوم سننشر الملابس في السطح ...لا تقلق على زوجتك هي ليست نجمة من نجوم السينما لكي تغار عليها إلى هذه الدرجة !!!
رفع معاذ حاجبيه بذهول ...اجل كان مذهولا من رد والدته الجارح له ولزوجته التي أطرقت رأسها بصمت وهي تلهي نفسها بإطعام ملك ... ليجيبها معاذ بقوة وقد تلاشى عنه الذهول ليحل
محله خيبة الأمل والقهر من تصرفها هذا
- حسناً ...سواء كانت زوجتي جميلة أم لا هذا ليس موضوعنا الآن .. رضاب لن تنشر الملابس في السطح يا أماه ... لدينا حديقة كبيرة .... كما أن الجهة الخلفية من المنزل واسعة جداً والشمس تصلها صيفاً وشتاءاً ... ننشر هناك كما كنا نفعل سابقاً ...

ليكمل بصرامة وبلهجة جافة وحادة
- ما سأقوله هو ما سينفذ في هذا المنزل وهذا اخرما عندي ... إلا أذا كنت بنظرك لست رجلا بما يكفي لأغار على أهل منزلي وأصون حرمته !!!!
هتفت هدى بسرعة وهي تلقي نظرة على تلك الصامتة المنشغلة بإطعام ملك
- حاشاك يا ولدي أنت رجل وسيد الرجال ...كل شيء سيتم كما تريد ..فقط اهدأ ولا تنزعج ...
أومأ وهو لا يزال مقطباً ثم هب واقفاً وهو يقول لرضاب بجمود
- اعدي لي الشاي واجعليه ثقيلا رأسي يكاد ينفجر
همست رضاب بتوتر
- حاضر ..
ما أن خرج معاذ حتى هبت هدى قائلة بغضب وتوبيخ
- كل ما حصل بسببك أنت !
أجابت رضاب بدهشة
- أنا !!! لكن لماذا خالتي ما الذي فعلته !!!
تأففت هدى بانزعاج وقالت
- لا تدعي البراءة يا فتاة لو انك أكملت عملك قبل وصوله لم يكن ليعلم أبدا ... لكنك تعمدتي أن توقعي بيني وبينه ... لكنك لن تستطيعين ان تفرقي بيننا معاذ لا يستطيع الاستغناء عن والدته فهمتي !!!

تركتها وغادرت مسرعة ...تاركه رضاب تحدق بأثرها فاغرة ألفاه بدهشة ... يا الهي ..كيف يمكنها أن تظن بأنها تفكر حتى مجرد التفكير بهذا الأمر !!!!
في الأيام السابقة كانت والدة معاذ تطلب منها مسح المنزل وتنظيف كل ركن فيه لأكثر من مرة ...على الرغم من نظافته ... كما أنها ترهقها بالأعمال الجانبية الأخرى .. وهي تقوم بما تستطيع القيام به فقط من اجل إرضاءها فهي فعلا تحبها كثيرا يكفي انها والده معاذ وجدة ملك الحبيبة ....لكن الآن ومع تفكيرها هذا باتت تخشى ان تكرهها الخالة هدى حقاً وتظن بها ظن السوء وهي يشهد الله لم تتعمد فعل ما اتهمتها به !!
همست بخفوت وهي تتنهد بتعب
- يا الهي الخالة هدى حادة المزاج جداً .....لقد احترت بكيفية إرضاءها أو التعامل معها !!

...............................
......................................

اربيل
...........
بعد مرور أسبوعين .. من العمل المتواصل كل من في المنزل كانوا يعملون كخلية نحل نشطة
تم تجهيز شقة زهير السابقة وتغير غرفة النوم القديمة بأخرى جديدة ...
كما اشترى لها شبكة بسيطة متكونة من حلقة مع خاتم وأقراط ذهبية .... قائلا بلهجة حرجة ووعد صادق
- اعرف أن نيشان الذهب قليل جداً ... وبسيط لا يلق بك بطتي ... لكني اقسم بالله بأني سأعوضك ... فقط اصبري علي قليلا ... فما أن تمر هذه الأزمة المالية على خير وأنا سأغرقك ذهباً وألماسا ...أعدك بذلك
لتجيبه حبيبة بسعادة وتفهم وهي تحدق بالخاتم الذهبي الذي يزين بنصر أصبعها الأيمن
- الشبكة رائعة وجميلة جداً لقد أحببتها وأعجبتني كثيراً ..كما ان...

رفعت نظراتها اللامعة وهي تحدق بعينيه الغائمتان لتكمل هامسة بحب

- كما أن وجودك قربي وحبك لي هو أغلى من كنوز الدنيا كلها زهيرررر

احتضن خصرها وقربها منه وهو يشعر بأن قلبه لم يعد يتسع لحب هذه الفتاة الصغيرة بعمرها والكبيرة بعقلها ووعيها ...تمنى فعلا أن يملك قلبين ليتسع عشقها الذي يكبر كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله
- ما الذي فعلته لأحظى بهكذا زوجة جميلة ولطيفة وواعية وفوق كل هذا أنا من ربيتها على يدي .... لابد أنها بركات دعوات أمي الراضية عني ....

تم دعوة الأقرباء والأصدقاء والجيران .... كان حفلا رغم بساطته وضيقة إلا انه احتوى
على الكثير من المدعوين الذين جاءوا ليهنؤوا زهير مرة بزواجه ومرة أخرى ببراءته ....
وقفت حبيبة أمام المرأة في غرفة نومها ... تنظر لانعكاس صورتها وهي ببدله الزفاف ... منذ الصباح وهي تشعر بالتوتر والخوف ... لكنها تخمد ثورة خوفها هذا وهي تهمس داخلها ... مراراً وتكراراً ... ما بك حبيبة كيف تخافين وأنتِ ستزفين إلى حبيبك وابن خالتك زهير ...زهير حبيب الطفولة والمراهقة والصبا ....
لكنها ما أن تتذكر نظراته المتوعدة وطريقة كلامه المبطن الذي تكلم بها اليوم ظهراً قبل ذهابها مع تبارك وغسق إلى مركز التجميل حتى يصيبها تلبك معوي مرة أخرى
اذ كان يقف أمام السيارة متكأ وهو يوصيها بتملك
- تعالي هنا زوجتي ..
تقدمت ناحيته وهي ترمش بعينها
- نعم زهير ماذا تريد ؟!
حك رأسه قائلا وكأنه تذكر شيئاً مهماً
- كنت أريد أن أوصيك بشأن شعرك
رفعت حاجبيها متعجبة وهي تردد بعدم فهم
- شعري !! وما به شعري زهير !!

ليجيبها بجدية وهدوء
- إياك ثم إياك أن تفكري بقص ولو ربع سم منه .... أنا حسبت طوله جيداً فإياك كان تفعليها حبيبة !!
عقدت حاجبيها بتأفف وهي تقول
- أساسا أنا لا أفكر بقصه ..لا داعي لتوصيني زهير ..عن أذنك ...
كانت تريد اللحاق بغسق وتبارك اللتان دلفتا قبلها إلى المركز ألتجميلي ... إلا انه أوقفها مرة أخرى قائلا
- انتظري دقيقة حبيبة هناك شيء أخر أريد قوله لك

تنهدت واجابت بنفاذ صبر
- ماذا الأن زهير ؟!!!

ليأمرها بغرور وتملك

- لا تضعي الكثير من مستحضرات التجميل ...لا أريد لزوجتي أن تكون كالمهرج ...أنت جميلة دون الحاجة للمبالغة ...
عقدت يديها على صدرها وأجابت بانزعاج
- لماذا لا تدخل وتتكلم مع خبيرة التجميل بنفسك !!!
قال بجدية وهو يحك ذقنه النامية
- والله فكرة رائعة لكني للأسف مستعجل وهناك الكثير من الأمور التي علي القيام بها استعداداً لزفافنا المنتظر بطتي
قال جملته الأخيرة وهو يغمز لها بمكر جعل وجهها يحتقن خجلا .... لتتركه وتدخل إلى المركز بسرعة قصوى .....

عادت من شرودها على صوت غسق وهي تقول بمرح
- ما بها العروس ..بماذا تفكر يا ترى ؟!!

عضت حبيبة شفتها السفلى بخجل وهمهمت بكلمات غير مفهومة وهي تسبل اهدابها بتوتر بينما يتحول وجهها لثمرة حمراء ناضجة .... لتسارع تبارك قائلة وهي تنظر لغسق بتأنيب كاذب وهي تدعي الصرامة
- اتركي الفتاة غسق ...المسكينة .... اليوم زهير لن يرحمها أبدا ..لن تكوني أنت وهو عليها !! يكفي ما هو بانتظارها مع ذلك المجنون !!
نظرت حبيبة لتبارك بذعر وخوف شديدين وهي تقول بارتباك

- ما..ذا ..تقصدين ...تبارك ...
أجابتها تبارك ببراءة
- لا اقصد شيئا حبيبة أنا امزح صدقيني ... لا تأخذي كلامي على محمل الجد ..
تدخلت غسق قائلة بمكر ...وهي تتقدم ناحية حبيبة لتعدل لها طرحتها
- لا تخافي حبيبتي كل شيء سيكون على ما يرام ..اممم .... حسناً ...اذا كنت خائفة جداً ومتوترة ... يمكنني أن أعلمك على طريقة .... تجعل زهير يدعك بسلام لهذه الليلة ؟!! ويرقق قلبه لك أيضا ...
هزت حبيبة رأسها بسرعة وهي تقول بطفولية
- ما هي هذه الطريقة غسق

رفعت غسق كتفها وقالت بدهاء
- قولي له انك متعبه ولم تأخذي قسطا من الراحة منذ الصباح وحاولي ان تدمعي بعينيك قليلا وحينها أأكد لك بأنه سيشفق عليكِ ويجعلك تنامين بهدوء وعمق حتى الصباح !!
شهقت تبارك قائلة وهي تضرب صدرها بقوة
- ربااااه ..... يا لك من ماكرة غسق ...لا تقولي بأنك أتبعتي هذه الحيلة مع أخي المسكين !!!

رفرفت غسق برموشها وهي تدعي البراءة قائلة
- كنت فعلا متعبه يا تبارك !!!

ظلوا يتبادلون الكلام والمزاح بينما رضاب تنظر لحبيبة بحنان ...لولا معاذ وإصراره لما استطاعت السفر إلى اربيل ...فخالتها هدى وما أن سمعت بخبر سفرهما حتى هتفت محتجة بقوة

- الم ننتهي من موضوع السفر هذا يا ولدي ؟!!!
ليجيبها معاذ بهدوء

- انه حفل زفاف شقيقتها يا أماه كيف لا تحضره !!
أجابت هدى بلامبالاة وهي مقطبة الجبين
- ليس من الضروري ذهابكم الان ..تستطيعون تأجيل السفر الى وقت لاحق ...

تدخلت هي وقالت بخجل وحرج
- ربما خالتي محقة يا معاذ ...نستطيع ...
قاطعها معاذ بصرامة قائلا
- كلا رضاب لقد وعدت زهير ان احضر الى الزفاف ..وزهير صديقي ولن ارفض دعوته واخذله ابداً ....
وهكذا حسم الأمر بسفرهم الى اربيل قبل موعد الزفاف بيومين ...وفي وقت لاحق علمت من خالتها سعاد بأنها قد اتصلت بوالده معاذ ودعتها بنفسها الى الزفاف الأخيرة التي اعتذرت متعللة بإصابتها بوعكة صحية ....خالتها هدى باتت تحيرها بتصرفاتها هذه ... اصبحت مؤخراً تعاملها تاره بشكل طبيعي وتارة بقسوة ...... عادت من شرودها وهي تتقدم ناحية شقيقتها وهي دامعة العينين
همست بسعادة
- الف مبارك صغيرتي ..أكاد لا اصدق بأنك كبرت واصبحت عروس جميلة !!
احتضنتها حبيبة وهي تقول بتأثر
- اااه رضاب تمنيت ان تكون امي معي اليوم لتشاركني سعادتي
ابتعدت عنها قليلا وكملت هامسة
- اعرف بأنها لم تحبني يوماً لكنها ستظل امي !!
تصلب جسد رضاب بينما اكتسى وجهها الجمود ... بذلت مجهودا جبارا لكي تحافظ على هدوئها وتماسكها وهي تجيبها بابتسامة صغيرة ومتكلفة

- انسيها حبيبة ... والدتنا العزيزة مشغولة بأعمالها المهمة ومستقبلها المهني الزاهر ... هي ليست متفرغة لنا .... من الأن وصاعداً يجب ان تعتادي على عدم ذكرها مرة اخرى والى الأبد ....

وقبل ان ترد عليها حبيبة وقد ارتسمت على ملامحها الحزن والمرارة دلفت سعاد وهي تطلق الزغاريد قائلة بحماس وسعادة
- هيا حبيبتي العريس بأنتظارك في الأسفل ...

.............................

كان يبحث عنها هنا وهناك بين جموع المدعوين يتمنى ان يراها فقط ... منذ ان عرف بموضوع خطبتها المحتملة وهو يشعر بالغيرة ...غيرة حمقاء لا مبرر لها ....
من هو ليغار عليها ..من هو ليتدخل ويمنعها من الموافقة ...تبا لك عبد العزيز اترك الفتاة بسلام
ما الذي تريده منها بالضبط ...لا انت تتقدم لها وتخطبها لك ..ولا انت تتركها تعيش حياتها كما ينبغي لها ان تكون .....

فجأة ووسط صخب الجميع رآها تقف عند مدخل الصالة ... لا يعلم لماذا ولا اي قوة غريبة امتلكته ودفعته ليتوجه نحوها و يسحبها من ذراعها هامسا بخفوت
- أريد أن أتكلم معك تبارك !!!

.....................

نهاية الفصل





الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-07-19, 02:21 PM   #107

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


الفصل السادس والثلاثين
................

حين تأبطت ذراع زهير الذي كان ينتظرها أسفل السلم .. شعرت وكأنها ملكت الدنيا بين يديها الآن ....
عيناه تلمعان بسعادة وفرحة ...بينما الابتسامة الواسعة مرتسمة على شفتيه ... كان جذاب ووسيم جداً ... جداً ... يرتدي بدلته الرجالية السوداء و ربطة عنق كحلية اللون ... مع قميص ابيض ... عندما وصلت إليه ونزلت الدرجة الأخيرة من السلم ... رفع طرحتها الخاصة بالمحجبات عن مدار وجهها المتورد .. وهو يلتهمها بنظراته العاشقة ... قبل جبينها بصمت ... فقط ضربات قلبه كانت الوحيدة الشاهدة على ما يشعر به الآن .....

أقيمت جلسة الرجال في الحديقة .. اما جلسة النساء فكانت في الصالة .... ظل الاحتفال قائماً لساعات متأخرة من الليل ...
عندما حان الوقت لكي يزفوه إلى شقته العلوية ... شعرت حبيبة وكأن قلبها على وشك ان يتوقف لقد عاد إليها الخوف والتوتر من جديد ...
دلفت معها خالتها بالإضافة للعمة سعدية ورضاب أيضا
رضاب كانت تحاول تهدئتها بكلمات لطيفة ومطمئنة بينما سعاد وسعدية لم توفرا جهداً
لإحراجها بنصائحهم الجريئة ..تماما كما فعلتا مع غسق !!!

زهير كان يقف بقلة صبر عند الباب ..وهو يضع يديه بجيبي بنطاله هامساً بضجر
- يا الهي ..ماذا يفعلن كل هذا الوقت في الداخل !!
عندما خرجن من الشقة هتف زهير قائلا بصبيانية ودون خجل
- لا زال الوقت مبكرا لما لا تبيتون عندنا اليوم !!!
ضربته سعاد على كتفه بخفة وهي تقول بصرامة امومية
- اسكت يا ولد وكفى تذمراً .. الفتاة لن تطير منك ..
قالت سعدية بمرح وهي تحث رضاب على النزول
- تعالي فلنذهب بسرعة يا رضاب قبل ان يطردنا زهير ...

ابتسمت سعاد وقالت له بطيبة وهي تمرر كفها على وجنته زهير

- زهير يا ولدي لن أوصيك بحبيبة كن حنوناً وصبورا معها ... الفتاة تكاد تموت رعباً وخجلا

ألقى نظرة خاطفة ناحية باب الصالة وقال بابتسامة ماكرة
- لا توصي حريص يا أماه .... سأضع حبيبة في عيني وهل عندي أغلى منها !!!
هزت رأسها باستحسان ثم ودعته وغادرت المكان وهي تدعو لهما بالحياة السعيدة الهانئة ... دلف زهير إلى الصالة لتقع عيناه على تلك الجالسة على طرف الأريكة تفرك يديها بتوتر ..مطرقة الرأس ...
تقدم ناحيتها وامسك يدها ليساعدها على النهوض قائلا بهدوء وليونة
- ما بك حبيبة !! لماذا أنت متوترة بهذا الشكل ؟!!

لم ترد عليه بحرف بل بقيت مطرقة الرأس بخجل ليهمس وهو يدعي الأسى
- انت خائفة مني حقاً ؟!
رفعت رأسها بسرعة وقالت مبررة بطفولية سرقت لبه

- كلا...ل.لست ..خائفة ...
ابتسم بمكر وقال
- ماذا اذن غير ذلك ؟!
بلعت ريقها وقالت بهمس خافت
- انا ..انا ..فقط متعبه يا زهير !!
سحبها من يدها تجاه غرفة النوم وهو يقول بلطف

- تعالي يا روح وقلب زهير لنصلي ركعتين لكي يبارك لنا الله هذا الزواج ثم انا سأعرف كيف اجعل تعبك هذا يزول كله !!
بعد أن أكملا الوضوء بدأ الصلاة ..... كانت تقف خلف زهير تصلي بخشوع وهي تدعي الله بسرها أن يسعدهما معاً ..وتكون حياتهم مليئة بالسعادة والفرح ...

ما ان أكملا الصلاة وردد زهير وهو يضع يده على رأسها الحديث المأثور حتى طوي سجادته وهي كانت تحذو حذوه بخجل وارتباك ...

حملت قميص النوم الأبيض الذي كانت قد وضعته الخالة سعاد على الفراش مسبقاً ... ثم قالت بابتسامة مترددة وهي تتحاشى النظر لوجهه الوسيم
- سأذهب لأغير ملابسي في الحمام ...
أوقفها قائلا بسرعة ولهفة
- ولماذا في الحمام ؟!! غيريه هنا !!!
نظرت له بوجه شاحب وهي تتراجع خطوة إلى الوراء قائلة بتوتر
- لا لا في الحمام أفضل
تحركت مرة أخرى لكنه أوقفها قائلا بخبث
- انتظري .... ألن أساعدك في فتحه كما يفعلون في الأفلام ؟!!
نظرت له باستغراب ثم قالت بتشوش
- تساعدني بفتح ماذا ؟!!
ابتسم بمكر وهو يقترب منها أكثر حتى أحست بحرارة أنفاسه تداعب وجهها
- السحاب يا قلبي ..أساعدك بفتح السحاب ..ثم أليس هذا ما يحصل فعلا في الأفلام ؟! العروس تطلب من العريس ان يساعدها بفتح سحاب فستانها !!!
هزت رأسها وقالت بأنفاس لاهثة وهي تتخيل بذعر بأنه قد يفعلها حقاً ... ويرى جسدها العاري ...

- لالا ..لا حاجة لذلك ..استطيع تدبر هذا الأمر وحدي
تركته وهي تنحني لتلملم أطراف فستانها المنفوش ثم ذهبت متوجهة الى الحمام بسرعة ...تنهد وهو يخلع سترته ثم يبدأ بفتح أزرار قميصه قائلا
- اااه الظاهر انك ستتعبينني معك اليوم يا حبيبة !!!
.....................

دلفت إلى الحمام وأغلقت الباب خلفها ثم اتكأت على الحوض الرخامي الأبيض هامسة وهي تضع يدها على قلبها
- رباه قلبي سيتوقف ..كيف سأقضي حياتي معه وانا اخجل منه بهذا الشكل !!!

هزت رأسها واستدارت لتنظر لانعكاسها في المرآة ... بدأت بنزع طرحتها ثم حجابها ... كانت تقوم بذلك وهي تشعر بتوترها يزداد أضعافاً مضاعفة ... تخلصت من فستانها بعد تعب وصراع طويل ... ثم ارتدت قميص النوم الحريري بتذمر ..كان القميص قصير بالكاد يغطي فخذيها ... فتحت الصدر مثلثة وطويلة .. تظهر معظم نهديها بسخاء مفرط ... مغطاه بالدانتيل الأبيض الشفاف ... ارتدت الروب الخاص به والذي كان اطول بقليل من قميص النوم ...

القت على وجهها الماء لعدة مرات عل سخونته تهدأ او تنخفض قليلاً .... رفعت نظراتها للمرآة مرة اخرى بينما قطرات الماء تنساب ببطء وهدوء متتبعة خط رقبتها لتختفي بين نهديها الظاهران بوضوح تام ... بلعت ريقها وشدت طرفي الروب حولها جيداً ..ثم اخذت تشهق الهواء وتزفره لعدة مرات .... طرقات على الباب جعلتها تجفل بقوة وتتراجع إلى الوراء

- حبيبة يا حبي ....لقد تأخرت كثيراً هل افتحي الباب لأساعدك ...لا تخجلي مني بطتي انا زوجك ألان ...
هتفت بذعر
- قادمة ..أنا ..قادمة زهير
انتظرت بضع دقائق أخرى ثم خرجت بهدوء ... مشتت في الممر المؤدي الى غرفته النوم ثم دلفت الى الداخل بخجل شديد ... كان زهير عاري تماما ..لا يرتدي الا شورت اسود صغير جداً
ما ان نظرت اليه حتى أطرقت رأسها وتوجهت الى الجهة اليمنى من الفراش لتندس تحت الشراشف البيضاء بسرعة مغطية عري قدميها ..بينما صورة زهير وهو عاري بهذا الشكل
لا تفارق مخيلتها ...قفز الى الفراش واقترب منها بهدوء وكأنه قط بري متوثب لافتراس ضحيته... ينظر لها بعينان لامعتان وعميقتان
- هل انت جائعة بطتي ؟!!
هزت رأسها نفيا وهي تقول بتعلثم

- اا ..لا .. فقط ..اريد .. ان ... ان ...
همهم وهو يتقدم نحوها أكثر
- هممممم ماذا بطتي ...

لتندفع قائلة برجاء
- أرجوك زهير ..أنا متعبه و أريد ..ان ..ان ..
كان يمد يده الى عقدة روبها ليبدأ بفتحه هامساً بخشونة وهو يركز على صدرها العارم
- اجل بطتي ... ماذا تريدين ؟!!

أمسكت يديه وقالت
- أريد أن أنام زهير ارجوووك
بحركة خاطفة انزل روبها ليظهر له جسدها البض المكتمل الأنوثة بشكل مرهق جداً ..اه ..لم يكن يعرف ان بطته الخجولة تخفي جسداً مثيراً وجميلاً لهذه الدرجة المهلكة .. كان مندمج معها ... رائحتها المنعشة خدرت حواسه ... والرغبة الحارقة التهمت كل عضلة في جسده ...لكنه ما ان سمع جملتها الأخيرة حتى هتف قائلا بقوة
- نعم ...نعم !!!! أعيدي ما قلت حبيبتي !!

لترد عليه بتردد وترقب

- متعبة و... و.... أريد النوم

ابعد الغطاء عن جسدها ودفعها بلطف الى الوراء ..لينسدل جسدها تحته بسهولة.. اعتلاها قائلا بصوت متحشرج من فرط المشاعر الجياشة التي تعصف به
- كلا يا نور عيني ...انا انتظر واحلم بهذه الليلة منذ شهور وايام طويلة ... ولا مجال للاعتذارات اليوم بطتي المثيرة

قال جملته الاخيره ويده تتسل الى مؤخرتها ليعتصرها بقوة بينما انحنى نحوها ليطبق شفتيه على شفتيها بنعومة ولهفة بنفس الوقت ...
ضاعت وغرقت بين أحضان زهير الحنونة الدافئة ... امتلكها بحنان وصبر.... مراعيا خجلها وخوفها ... همساته ولمسات يده المثيرة جعلتها تستكين وتهدأ ... ما ان أكمل مرته الأولى حتى عادت له الرغبه والحرارة من جديد بعد مرور بعض الوقت ....ليعاود امتلاكها مرة اخرى برقة ونعومة وهو يقبل بشراهة وجوع كل ما يقابل فمه ... تاركاً خلفه أثارا لن تمحى بسهولة الا بعد مرور عدة ايام
امتزجت خفقاتهم العاشقة معاً ..وامتزجت انفاسهم اللاهثة ...أصبحاً فعلا روح واحد مقسمه في جسدين ملتحمين ....

.............................................


تجلس في غرفتها المظلمة وحيدة ...الغرفة التي شهدت ضحكات حبيبة همسات رضاب باتت الان خاوية ..لا تحتوي سوى على ذكريات .... بعض هذه الذكريات سعيدة ....بعضها حزينة
تمددت على فراشها وأخذت تحدق في السقف بعينين دامعتين .. نزلت دموعها على جانبي وجهها ببطء شديد .... عضت شفتها وهي تهمس بوجع ..عزيز ...
تذكرت ما جرى مساء هذا اليوم ..عندما سحبها من ذراعها قائلا بخفوت
- اريد ان أتكلم معك تبارك !!!

جفلت وأخذت تنظر له بصمت ... ارتباك ..توتر ..خوف ..وسعادة ..كل تلك المشاعر المتناقضة كانت تثور داخلها كأمواج البحر العاتية .... تتقاذفها دون رحمة ....
وجهه الشاحب وملامحه المتعبة ...عصرت قلبها المتيم بحبه عصراً ... ما حدث بينهما عندما زارها في المصرف للان يغزو مخيلتها ...لقد كادت ان تعترف بحبها له ...توسلت وحاولت افهامه بأكثر الطرق سهولة ..بأنها تحبه هو ..تريده هو ... تعشقه هو ... لكنه لا يفهم بل لا يريد ان يفهم ويتعمد ادعاء البرود والبلاهة ...مصر على الالتفاف والاختباء خلف تلك الأسوار الوهمية التي يقيمها ويشيدها حوله ليحمي نفسه ..ممن ! ولأجل ماذا !! هي لا تعرف حقاً !!!

تنهدت بتوتر ثم هزت رأسها وتبعته الى الجزء الجانبي من المنزل حيث المكان هناك اكثر هدوءاً ....واقل صخباً
عقدت ذراعيها على صدرها وقالت بهدوء
- نعم يا عبد العزيز ..تفضل اسمعك !!!

كانت عينه الداكنة تسير على ملامحها باشتياق ... استطاعت ان تلمسه وتشعر به بوضوح تام
اطرق راسه مفكرا لعدة دقائق ..ثم رفعه قائلا بهدوء وهو يضع يديه بجيبي بنطاله الأسود
- هل وافقني عليه ؟!!
التحم حاجباها الجميلان بتسال وهي تجيبه
- ماذا تقصد يا عبد العزيز ...من هو الذي اوافق عليه ؟!!
ازدرد ريقه وأجابها بثبات
- السيد فاروق ..هل وافقت عليه ؟!!!

ارتخت ملامحها المتشنجة ...واكتسح البرودة والسعادة كل خلية في جسدها ... لماذا يسأل ؟! وما شأنه هو ؟!! الم ينفضها عن حياته وكأنها لا تساوي شيئاً لديه !!!
عادت لتفكر مرة اخرى .... مالذي قد يجعله مهتم لمعرفه ردها !!! ماذا ..ماذا ...
رباه هل يغار !!
عبد العزيز يغار عليها ؟!! من خلال ملامحه المهتمة العابسة ونبرة صوته المتملكة اتضح لها بكل وضوح وبساطة بانه يغار عليها !!!!
هل تخبره ؟!! هل تطفئ نيران الغضب المتأججة في عينه !! هل تريحه بكلمة واحدة ؟!
ام هو يستحق بعض العقاب والترقب جراء ما فعله وما زال يفعله بها سابقا ولان !!!

عندما طال صمتها وتحديقها الغير مصدق .. حيث كانت تنظر له بعينين متسعتين .... جعلته يدرك و يشعر بسخافة ما تفوه به ...
زفر الهواء بتعب ثم مرر أصابعه بطيات شعره قائلا بنبرة انعكست بها الحرج والندم
- اسف ..لم يكن علي سؤالك والتدخل بأمورك الشخصية ... عن أذنك

استدار ليوليها ظهره مغادراً المكان بسرعة....ألا أنها أوقفته قائلة
- انا لم اوافق عليه يا عزيز ....
وهي بالفعل لم توافق على طلب فاروق ..اذ اخبرته بقرارها بعد مرور عدة ايام ...رفضته وهي غير نادمة ... بل كانت سعيدة ومرتاحة ..وكأن حملا ثقيلا انزاح عن كاهلها ....
بكل تأكيد اراد فاروق ان يعرف سبب الرفض ..الا انها اجابت بكل بساطة بأنها لا تفكر بالزواج مطلقاً ..تعرف ان حجتها كانت ضعيفة وغير مقبولة .. الا انها حرة .. ترفض ام لا ..لا احد له مطلق الحريه بالتدخل بحياتها ... هذه حياتها هي ..وهي وحدها من ستقرر ما ستفعله بها ...

صمت مدقع لفهما ..كان لايزال يوليها ظهره ..لم تستطع ان تتبين ملامحه ... صمت دام لعدة دقائق .. ليبادر هو ويغادر المكان بهدوء كما وقف أمامها وكلمها بهدوء ...

عادت من رحلة افكارها وهي تحدق في النافذة هامسه بخفوت
- ليتك فقط تشعر يا عبد العزيز ... تشعر وتكف عن عنادك وبرودك المقيت المزعج هذا ...


....................................

البصرة
.............

كانت جاسمية تجلس قبالة الحاجة هدى تتجاذب معها أطراف الحديث ...فما أن يسافر معاذ إلى محافظة مجاورة ..كانت تسارع لتقضي الليل معها ....
زوجها كان متفهما لطبيعة الأمر وهو في الحقيقة زوج حنون وغير متطلب ... كما انه يقدر ويحب معاذ جداً ويكن له كل المودة والاحترام ...
معاذ ابن عمها يفرض احترامه وحبه على الجميع ..للان لا تصدق بأنه تزوج أخيرا وقد مر على زواجه شهر كامل ....
تنهدت بعمق وهي تنظر مرة اخرى الى العمة هدى .... هي تعرف ومتأكدة أن عمتها طيبة القلب وعطوفة ..لكنها لا تظهر عطفها أبدا ...كانت ولا تزال قوية الشخصية وصلبة العود
حتى عندما كان عمها أبا معاذ لا يزال على قيد الحياة ..ايضا كانت تفرض رأيها عليه بدهائها وذكائها ..وهي تكاد تجزم انها لا تطيق رضاب ... فنظراتها التي كانت توجه لها كانت حادة
وباردة ....
اخرجها من افكار صوت الحاجة هدى قائلة وهي تسبح بمسبحتها
- اذن يا ام محسن كيف حال زوجك و أولادك ؟ّ

ابتسمت جاسمية وقالت بلطف
- الحمدلله عمتي جميعهم بخير .... وأبا محسن أوصاني بان انقل لك تحياته وسلامه الحار ...
هزت رأسها باستحسان قائلة بهدوء

- سلمه الله وحفظه لكم من كل شر ..اااه انا اعرف باني اثقل عليك .. وأجبرك على ترك زوجك و أولادك بسببي
أجابت جاسمية بصدق وهي تعتدل بجلستها
- لا تقولي هذا الكلام عمتي ..انت بمثابة امي رحمها الله ..كما ان اولادي ماشاءلله باتوا شبابا يستطيعون تدبر أمرهم ... و قضاء ليلية واحده خارج المنزل ليس بالأمر الصعب ...
ابتسمت هدى بصمت وعادت لتسبح بمسبحتها شاردة الذهن ... تشجعت جاسمية وسألتها بهدوء

- لم تخبريني عمتي كيف هي رضاب معك ؟!

لوت شفتها وأجابت بتهكم
- لابأس بها ...
رفعت جاسمية حاجبيها ... الحقيقة لم تستبعد ردها هذا .... عادت لتقول بلطف

- رضاب فتاة لطيفة ومهذبه جدا عمتي ..محظوظ معاذ بزواجه منها ..
هنا لم تستطع هدى الصمت او الصبر اكثر انفجرت بوجهها قائلة بحدة

- ولماذا محظوظ حبيبتي !!! الأحرى بك قوله بأنها هي المحظوظة بالزواج من شاب خلوق واعزب كولدي معاذ ..اتركيني بهمي ...الا يكفي بأنه تزوج من مطلقة

انحنت للأمام وهمست بصوت منخفض وكأنها ستفشي لها بسر خطير

- أتعلمين شيئا يا جاسمية !! والله لم اكن اريد ان اقيم لها حفلاً لعقد القران ...لكني اضطررت لفعلها من اجل معاذ فقط .... معاذ ولدي البكري و أول فرحتي ياجاسمية ومن اجله أتحمل كل شيء ...


كانت تعرف ان خلف هدوء عمتها هذا يوجد إعصار مدمر .. وها قد صدق حدسها ... مسكينة أنت يا رضاب ... أجابت جاسمية بصبر

- لا يا عمتي هدى ... لم اكن اتوقع منك هذا الكلام !!! امعقول ما تقولية ؟!

اجابت هدى وهي تريح ظهرها الى الوراء

- لماذا انت مستغربة يا جاسمية ؟! أليس من حقي ان اتمنى فتاة عذراء بكر لولدي !!

نظرت لها جاسمية وهي تقول بذهول وتعجب

- مستغربة لأنك امرأة مؤمنة وتخافين الله ... ثم مابها المطلقة ..اليس الطلاق رغم بغضه فهو حلال شرعه الله تعالى !!! ثم ما ادراك انت ... ان تلك الفتاة العذراء التي كنت ستختارينها لمعاذ ... لم تكن لها علاقات محرمة في حياتها !!! صدقيني عمتي العذرية لا تقتصر على الجسد فقط ..
تنهدت هدى وقالت وهي تلوي فمها بعدم رضا

- اعرف وافهم ما تقوليه ...لكني لا استطيع ان أحبها او أتقبلها ابداً ...انا أتحملها من اجل معاذ فقط ...وهذا الأمر ليس بيدي !

صمتت جاسمية وهي تنظر لعمتها هدى بحزن وشفقه على حال رضاب المسكينة ..فهي قد لاحظتها كيف تحاول إرضاء عمتها بكل وسيلة ...لقد زارتهم في الأسابيع السابقة لعدة مرات متفرقة وقد انتبهت على مدى العمل المهلك الذي تأمرها العمة هدى على فعله والذي في الحقيقة لا داعي له ...فالمنزل يشع نظافة وترتيبا .... فليعنك الله يا رضاب ويحنن قلب العمة عليك ...


............................
اربيل

...............

تسللت خيوط الشمس الصباحية لتخترق ستائر النافذة وتلقي بأشعتها البراقة على وجهها الناعس
تمطت بكسل ..وهي تبعد شعرها المتناثر عن عينيها .... لوهلة ظنت انها تنام الان بغرفتها في منزل الخالة سعاد ... لكن ذراعه القوية التي كانت تحتضن خصرها بتملك ..جعلت لون الخجل يزحف لوجنتيها بينما ضربات قلبها هدرت بعنف لم يسبق له مثيل ...
تذكرت كل ما حصل في الليلة السابقة .. كيف امتلكها لمرتين ... دون ان يرأف بحالها ولم يبالي بارتباكها وخجلها المفرط منه .... لكنه في كل مرة كان يعاملها بلطف وحنان .. جعلتها تحبه وتعشقه أكثر و أكثر

التفتت تنظر لوجهه المسترخي ... رموشه الطويلة المسبلة ...شفتيه المطبقة بشبح ابتسامة والتي لم تهدأ او تتوقف لدقيقة واحدة عن تقبيلها ... رفعت يدها بتردد لتمررها على لحيته المشذبة بعناية .... عضت شفتها السفلى وهي تزدرد ريقها بخجل ... أرادت ان تبعد ذراعه بهدوء وعلى مهل ..الا انه زمجر باعتراض وشدد من احتضانها ..جسدها العاري احتك ببشرة جسده الساخن اكثر ...

انتبهت لعريها تحت الشرشف الرقيق ليجتاح وجهها اللون القرمزي بقوة ..رباه ..الأن سيستيقظ ويراها بهذا الشكل المخزي ... اساسا لا تعرف كيف قضت الليل هكذا !! فهي نامت قبيل الفجر منهكة القوى مستنزفه المشاعر ....
حاولت ان تتحرك مرة اخرى الا انه نظر لها بعين واحده وهو يقول بصوت مبحوح
- الى اين تريدين الهرب زوجتي ؟!
ضحكت بأرتباك وقالت
- اممم ..اريد ..ان ..ان ..اذهب لأستحم زهير !!

يده بدأت تعبث بجسدها بحميمية ... ثم دفن وجهه بشعرها ..الذي انتشرت خصلاته البنية حولهما بهمجية مثيرة ... هامساً بصوت متحشرج
- لا اتركِ الاستحمام الان ...اريدك بأمر مهم جداً
قاطعته بذعر وهي تحاول ان تجد وسيلة للفرار منه

- ز...زهير... خالتي ..سعاد ..س..س..ستأتي لتحضر الفطور في اي لحظة
اجابها وقد غادره النعاس وهو يقفز بنشاط ليعتليها ويصبح فوقها مشرفاً عليها من عليائه

- لن تأتي الأن بطتي ..

- لكن ..ربما ...

قاطعها قائلا بخشونه وهو يلتهم صدرها الذي ظهر امامه الأن بوضوح تحت ضوء النهار الساطع

- لايوجد لكن او ربما ..لن تأتي لأني أوصيتها البارحة ان تتأخر في الحضور صباحاً ..كما اني اريد ان افطر بشيء اكثر اشباعاً من الأكل

وضعت يديها على صدره لا تعرف ما عليها ان تفعله الأن بالضبط كيف تستر ما ظهر منها امامه

- زهيرررررر ..ارجوووك ...
انحنى تجاهها قامعا اعترضها بسهوله وهو يقول مزمجراً برغبة جارفة
- فليذهب زهير وعشيرته فداء لهذا الوجه المحمر خجلا ...تعالي هنا يا فتاة ويكفي كلاماً .....

وبالفعل ..ادخلها زوجها وحبيبها بدوامة اخرى من دوامات عشقه وحبه ... ليمتلكها برغبة مشتعلة لا تنضب ولا تنتهي أبدا

.........................
البصرة

...............

وفي عينيكسجد الجمالخاشعا، عابدا ، مقدسا، قائلاًرفقا بالعاشقين ورحمة

.....................

- اين والدتك يا ملك ؟!

قالها وهو يدلف الى المطبخ .... منذ عودتهم من اربيل والأوضاع في المنزل هادئة والحمدلله ... ياليتها تبقى هكذا دائماً ... أجابت ملك ببراءة وهي تلعب بقطعة من العجين الخاص بالخبز ..بين يديها الصغيرتين
- ماما في الجزء الخلفي من المنزل
قطب قائلا بتساؤل
- ماذا تفعل هناك ؟
لتجيبه ملك وهي لاتزال تعبث بالعجين بتركيز
- لقد طلبت منها جدتي ان تخبز الخبز في التنور الغازي ....

دب الرعب داخله وهو يتوجه خارجاً دون ان يهدر ثانية واحدة بالتفكير ... مشى بخطوات سريعة الى الحديقة ومنها ليعبر الممشى المؤدي الى مساحة متروكة خلف المنزل يستعملوه لوضع التنور الذي كانت والدته سابقاً تصنع به الخبر ..بالإضافة لبعض الحاجيات الأخرى الغير ضرورية .... لقد تعدت والدته هذه المرة كل الحدود ..كيف تطلب منها طلبا كهذا ؟! التنور الغازي خطر جداً ... كثير من النساء لقين حتفهن جراء انفجاره بسبب تسرب الغاز ... اغلبهن كن متمرسات على استعماله ولم يستطعن السيطرة عليه فما بالك برضاب !!!
رضاب الفتاة الناعمة التي اقصى ما تعرف ان تفعله هو التنظيف اليومي للمنزل ..رباه هي حتى الطبخ للان لم تتقنه جيداً ...
رضاب امانه ...امانه في عنقه ...تعب ..تعب واحتار بكيفية ارضاء والدته التي اصبحت تصرفاتها وغيرتها المبالغ بها لا يطاق ... وهو يجاريها ..فهي والدته ولها كل الحب والاحترام ..لكن ليس لانها تكره زوجته ولا تطيقها يجب عليها ان تعاملها بهذا الشكل المجحف !!
ماذا يفعل يا الله ..ماذا يفعل ....
وجدها تقف حائرة تنظر لذلك التنور العملاق القابع أمامها ...ترتدي ثوب منزلي بسيط وتلف شعرها بأيشارب صغير ...كم شعر بالتقصير والدناءة ...للأسف يا وليد لم اكن كفئ لأصون أمانتك ....
تقدم ناحيتها قائلا بهدوء مخيف
- اتركي كل شيء وهيا الى الداخل

التفتت ناحيته وارتخت ملامحها براحة وكأنها وجدت طوق النجاة الذي ستتشبث به .. لترد قائلة بتردد
- لكن والدتك ....
قاطعها بحدة
- لا شأن لك بوالدتي ألان ..اذهبِ إلى الداخل ...
همت بحمل الإناء الخاص بالعجين إلا انه أوقفها بنفاذ صبر

- اتركي كل شيء وادخلي رضاب ..هياااا

هزت رأسها وأسرعت متوجه الى الداخل .... التفت يراقب ابتعادها عابساً متألماً وهو يمسح العرق الغزير المصطف على جبينه .... ثم زفر الهواء بحرارة تنافس حرارة الجو من حوله ... استغفر لله بخفوت وعاد أدراجه هو الأخر
ما ان دخل الى المنزل حتى تناهى لمسامعه صوت والدته يصله من ناحية الصالة وهي تقول لرضاب بصوت مرتفع وحاد
- لماذا لم تفعلي ما امرتك به ؟!!
كادت رضاب ان ترد عليها الا انه اندفع الى الداخل قائلا بصلابة

- انا طلبت منها ان تترك كل شيء وتدخل الى المنزل ؟!
ثم نظر لها بعينين متألمتين وحزينتين ... هز رأسه قائلا وهو يوجه كلامه لرضاب التي كانت تقف مرتبكة بلا حول ولا قوة ..تشعر وكأنها في دوامة لا تعرف ماهي نهايتها ...علاقتها مع معاذ منذ زواجها منه الى الأن من اروع ما يكون ..متفهم ..حنون ...وطيب القلب بشكل لا يصدق
لكن والدته ...والدته لا تريدها في المنزل وهذا واضح جداً ولا يحتاج الى تدقيق او انتباه ...

- اذهب الى أعلى يا رضاب من فضلك ...
تمتمت بكلمات قليلة مستأذنه وهي تسحب ملك من يدها متوجه الى غرفتها العلوية .... ما ان ذهبت حتى قال معاذ بصوت متعب
- لماذا يا أمي ؟!!
عقدت هدى حاجبيها بعدم فهم وهي تجلس على الأريكة

- لماذا ماذا يا ولدي ؟!

ليرد متألماً وبنبرة معاتبة
- لماذا تتعمدين ان تعامليها بهذه الطريقة ؟!!!
أجابت هدى ببرود
- اي طريقة ؟! هل لأني اعلمها وانصحها لتكون ربه منزل تليق بك ..يكون هذا جزائي ؟!! تعاتبني وتكسر كلمتي يا ابن بطني ؟!!!
كان معاذ يستمع لوالدته بذهول كيف غيرت مجرى الكلام واصبحت هي صاحبة الحق !!
والدته والله أوصى ببرها على عينه ورأسه .... وهو مستعد ان يفني حياته من اجل أرضائها
لكن ما تفعله بهذه اليتيمة التي تركت اهلها وحياتها من اجله ..وفوق كل هذا هو يعرف رضاب جيداً منكسرة وخجولة .... لن تفتح فمها بكلمة حتى لو طالبتها والدته بان ترمي نفسها في النار
خرجت منه صرخة جريحة ومتألمة اكثر منها صرخة استنكار وقهر وهو يقول
- يكفي يا اماه بالله عليك ... يكفي .... حرام ما تفعلينه بها وبي ..حرام ...

اتسعت عيني هدى بذهول من نبرة ولدها التي تعلو امامها للمرة الأولى وبهذا الشكل الذي جعلها تشعر وكأنها ارتكبت اثما عظيماً
- ومالذي فعلته بك يا معاذ ..يا ولدي البكري ..يا سندي وحزام ظهري ..قل هيا اخرج ما في قلبك هياا لا تخجل !!!

تقدم ناحيتها ثم جلس قربها وامسك يدها ...لينحني ويلثمها بقوة قائلا برجاء جعل قلب والدته يرق ويحزن لحالة على الفور
- ما يؤذيها يؤذيني ... ارجوك ...كفي عن طلباتك التعجيزية والتي تعرفين جيدا بانها لا تستطع ان تفعلها ... ارجوك يا اماه سعادتي وراحتي معها ..الا يهمك ان تري ولدك سعيداً بحياته !!!
هسمت هدى بحزن وصدق

- الله يشهد بأني لا اتمنى شيئاً في هذه الدنيا الا راحتك وسعادتك
ارتخت ملامحه المتعبة وقال بهدوء وصبر
- اذن عامليها بالحسنى يا امي ...رضاب غريبة ووحيدة بيننا ....وهي يتمية الاب ايضا ... ارجوك حلفتك بالله ... حاولي ان تتقربي منها ..هي ليست سيئة ابداً ..فقط اعط لنفسك ولها الفرصة من اجل خاطري ..
نظرت له بصمت وملامح وجهها مبهمة ..كل هذه الثورة والغضب ثم التوسل والرجاء من اجل ست الحسن ... ماذا فعلت به تلك المطلقة لتغسل مخه بهذا الشكل وتجعله يعشقها لهذه الدرجة الميئوس منها !!! رباه ما الذي لديها لتجعل كل من يراها يغرم بها !!!
في الأول ملك ...ثم معاذ فجاسمية ...حتى الجيران والأقارب كانوا يمدحوها ويشيدوا بها وبأدبها .. لماذا لا تستطيع ان تراها مثلهم ..لماذا هي في نظرها كانت ولا تزال سارقة وخاطفة .. خطفت حفيدتها وولدها بدهائها ومكرها !!
تنهدت وقالت باستسلام
- مع أني لم افعل بها شيئاً سيئاً ...وكل غرضي هو تعليمها على أعمال المنزل ..لكن اعدك يا ولدي .. لن أتدخل بأي امر يخصها ..هي زوجتك وأنت حر معها

زفر الهواء بحرارة ثم قال بصبر وروية

- يا امي انا لم اقل ذلك ...كل ما اريده هو ان لا تطلبي منها امور لا تستطيع القيام بها .. كصنع الخبز مثلاً ... التنور الغازي خطر ..خاصة لمن هم مثلها ... هي لم تجرب الخبز طوال حياتها ...وهي امانه في اعناقنا ..هل نسيتي كلام الحاجة ام وليد !!

تنهدت قائلة بإذعان كطفلة صغيرة أقرت بذنبها
- ان شاءلله يا ولدي ..ان شاءلله ...
وقفت متكأه على مسند الأريكة وهي تتصنع التعب
- سأذهب لغرفتي لأرتاح قليلا ...
راقب ابتعادها بصمت وجلس يفكر شارداً برضاب ... الى متى تبقى سلبية وعديمة الثقة بنفسها لهذه الدرجة .... هو لا يريدها ان تكون سليطة اللسان ولا وقحة ..كل ما يريده هو ان تتكلم ... تدافع عن نفسها .... لربما هو اليوم كان معها واستطاع ان يصل في الوقت المناسب ... من يدري اين سيكون غداً ..وما الذي يخبئه القدر له .... هي يجب ان تكون شجاعة وقوية .... وبنفس الوقت رقيقة وناعمة .... لكن بعض الصلابة والعزيمة مطلوبة في أوقات معينة ..فهذه الدنيا ما هي الا غابة ...غابة كبيرة وشرسة ..الضعيف فيها يدهس تحت القدمين دون رحمة او شفقة ...كيف .. كيف السبيل ليساعد معذبته لكي تتخلص من خنوعها وضعفها !!!

....................

نزلت الدرجات بهدوء ... سمعت صوته العالي ... رباه كان معاذ غاضبا ...ربما بسببها .. لقد خذلته مرة أخرى ....
تقدمت ووقفت عند باب الصالة ....نظرت له بعينين دامعتين ....وجهها كان شاحباً مبللا بقطرات العرق التي تزاحمت على جبينها كحبات الندى المتلألئة اختلطت وتبعثرت مع خصلات شعرها الحريري الذي تهدل والتصق حول وجنتيها المرتفعتان ... ازدرت ريقها بصمت ثم تقدمت ناحيته بهدوء .... كانت تنظر له بحزن وانكسار ..تشعر بالعجز والفشل
لا تعرف كيف السبيل لإرضاء كل من حولها !!!

تقدمت نحوه اكثر .. كان يجلس على الأريكة وهو يتكأ على ركبتيه بمرفقيه ... يحدق في أرضية الصالة بصمت وشرود .....جثت أمامه بتردد ثم همست بصوت خافت يلفه اليأس والقنوط
– آسفة يا معاذ ... أنا فعلا آسفة ... أخبرتهم ...أخبرتهم منذ البداية بأني لا أنفع للزواج .... لن استطيع أن أكون الزوجة المثالية التي تفخر بها .... كنت ولازلت وسأبقى للأبد حطام امرأة .
أسبلت أهدابها بخجل وخذلان وهي تكمل بصوت منكسر
– أنا فاشلة يا معاذ ...فاشلة وغبية بعمل كل شيء وأي شيء ... فشلت كزوجة وفشلت بإعطائك حقوقك الزوجية .. كما فشلت بأعمال المنزل أيضا .....سامحني أرجوك ...سامحني ...واغفر لي بلاهتي
قالت جملتها الأخيرة وأطرقت رأسها أرضا .....

حدق برأسها المطرق ... بعينين حمراويتين ... كانت تجلس قبالته جاثية ...تمسك ركبتاه بكفيها الرقيقين .. تحفر أصابعها بهما دون ان تشعر .... ألمه ما قالت ... بل ألمه ما تفكر به ... ماذا تظنه ؟! وحشاً عديم الإحساس !!! هو لم يتزوجها من اجل ان يجعلها تعمل في المنزل كالخادمة ... او لإشباع شهوته الحيوانية .... لو اراد لأخذ ما يرده منها بالقوة دون ان يبالي باعتراضاتها التي تعد بالنسبة له اعتراضات ضعيفة يمكن ان يقمعها بسهولة .... لكنه أحبها بصدق ...أحبها بكل جوارحه وذرة بكيانه ... لماذا لا تريد ان تصدق ذلك ...لماذا تضع الحواجز والعراقيل والشوك بطريق زواجهما !!!!!! متى ستفهم وتدرك انه يرد ان يراها سعيدة ....سعيدة وواثقة من نفسها !!!

امسك ذقنها بأصابعه القوية ورفع رأسها لتلتقي نظراتهما بصمت ... استطاعت ان تقرأ الألم المرسوم بعمق عينيه الزيتونيتين ..الم جعل قبضة قوية وحديدية تعتصر قلبها ....
اجابها بشبح ابتسامة صغيرة وحنونة وهو يقول بثقة
- انت لم تفشلي بشيء يا رضاب ..وانا فخور بك بالفعل ..لكني اريد منك ان تبذلي مجهود اكبر
نظرت له بضياع غير قادرة على فهم ما يقصده ...ليشرح لها بصبر وبعشق انعكس عبر نظراته المحدقة بها بينما كفه الضخمة تحتضن جانب وجهها برفق

- أريدك ان تكوني قوية ...واثقة من نفسك ... صلبه غير مترددة ... لا تفعلي شيئاً انت لا تعرفيه فقط لإرضاء الآخرين ... انا لا اطلب منك او أشجعك على ان تعاندي او تراددي والدتي في الكلام ..كلا صغيرتي ...كل ما أريده هو ان تمتنعي عن فعل أشياء لا تجيدينها ... تكلمي ..ثوري .. ارفعي صوتك بالحق عاليا وانا سأكون معك ..أقف خلفك لأساندك وأسندك ... فقط كوني قوية عند الضرورة لنفسك اولا ثم من اجلي ثانياً .. هذا كل ما اريده منك !

ابتسمت من بين دموعها المنهمرة وهي تفكر بسرها ..ماذا فعلت يالله لتكافئني برجل مثل معاذ ؟!
رجل يمتلك من الرجولة والشهامة المختلطة بالغيرة والأصالة العرقية ...ما يعادل الكون أجمعه .... رباه مشاعرها وأحاسيسها تنجذب اليه كل يوم كل ساعة بل كل دقيقة اكثر من السابق ...قلبها بدأ يعتاد على الخفقان اللذيذ ما ان يراه يقترب او يحدق بها مثل ما يفعل الأن بالضبط ... كل شيء من حولها جميل وملون بوجوده .... احفظ لي يا رب ...

نظراتهما التحمت ... اختلطت عاصفة عينيه بهدوء وصفاء عينيها .... السكون التف حولهما ... وكأنهما معزولان عن الدنيا كلها ... هو يجلس مشرفا عليها بجسده الضخم وهي لاتزال جاثية امامه بتصنم وخفقات قلبها تخفق بعنف مسموع بالنسبة لها ....
ابهامه كان يأخذ مساره حول وجنتها وطرف شفتيها الورديتان ... الدموع مترقرقة بمقلتيها
ويديها الصغيرتان تمسكان ركبتيه بقوة ....
دون ان يشعر ...ودون أرادة او تخطيط منه .. قلبه كان من يدفعه الآن لينحني باتجاهها
وهي كانت تحدق به كالمخدرة ... لا يهمها ولا تفكر بشيء اخر في الدنيا الا بهذه الوجه الجذاب وتلك النظرات الزيتونية العميقة .... لمس شفتيها برفق .. قبلها ..اجل قبلها لأول مرة ..لمس شفتيها المثيرتين لأول مرة ...كانت شفتيها طريتان دافئتان ..ناعمتان كالمخمل ...
يكاد يقسم بأن مذاقهما يشبه مذاق العسل الجبلي المصفى .....كانت قبلة مليئة بالشغف ..قبلة اسرتهما معاً .. قيدتهما بحبائل الانتماء والاكتمال ..اجل وكأنهما كمل احدهما الأخر ...كل منهما وجد جزءه المفقودة ....
كانت رضاب مخدرة ...مستمتعه .. لم تكن تريده ان ينتهي بسرعة ويتركها ...لقد قرأت ما ينوي ان يفعله معها بنظراته اللاهبه ..وهي لم تصده ... اين رضاب المترددة الخائفة الخجولة ... اين رضاب المحطمة !!!!!

ربااااه يارضاب ...انت تحبيه ...تحبين معاذ ... تحبه ..تحبه ... رنت هذه الكلمة داخل عقلها لمرات ومرات ... متى حصل ذلك ؟! كيف لم تكتشف حبها له الا الأن ... تحبه منذ زمن طويل ... مشاعرها ..غيرتها ...راحتها .. وسعادتها بقربه ... كل تلك العلامات كانت مؤشرات على حب وليد نبت واخضر داخلها .... حب زرعه هو باهتمامه وحنانه واحتوائه وصبره عليها ..

لكن كيف تعرف وهي لم تجرب الحب قبله ..لم تجرب اي شيء بل قبل وجوده بحياتها كانت ميته والأن عادت للحياة من جديد ....بل الان فقط ولدت من جديد

.........................
....................................
وعدتُكِ أن لا أُحِبَّكِ..
ثُمَّ أمامَ القرار الكبيرِ، جَبُنْتْ
وعدتُكِ أن لا أعودَ...
وعُدْتْ...
وأن لا أموتَ اشتياقاً
ومُتّْ
وعدتُ مراراً
وقررتُ أن أستقيلَ مراراً
ولا أتذكَّرُ أني اسْتَقَلتْ...

وَعَدْتُكِ أن لا أُحبّكِ
- يا للحماقةِ -
ماذا بنفسي فعلتْ؟
لقد كنتُ أكذبُ من شدّة الصدقِ،
والحمدُ لله أنّي كَذَبتْ


اربيل

وصل الى المزرعة قبيل المغرب ... لا يعرف حقاً لما قادته قدماه الى هنا الأن وبهذا التوقيت .. فما ان اغلق عيادته حتى اتى مسرعاً الى المزرعة ...
منذ ان قالت له بأنها رفضت فاروق وشمس الأمل والسعادة تكاد لا تفارقانه ابداً كم بدت امامه جميلة ..ورائعة ...
ترتدي فستان انيق بلون الروز الفاتح ... ملتف حول جسدها الفتي .... وزينتها الهادئة زادتها جمالا و رونقاً ...
عندما يتذكر ما حدث في حفل زفاف زهير يشعر وكأنه ولد من جديد ... في حينها ... وعندما كان يقف قبالتها ونيران الغضب والغيرة تتاكله ... لم يكن يعرف حقا ما يجب عليه ان يقوله لها ... لماذا وبأي صفة سيسألها ؟! لماذا لا يدعها وشئنها ان لم يكن يريدها !!!!

وعندما قالت بأنها رفضته ...شعر وكأن ماء بارد مثلج نزل كالشلال على نيران قلبه ..تطفئتها بسرعة قصوى ... لم يلتفت ...لم يستطع ان ينظر لها ... ان التفت ناحيتها حقاً فهو يعرف نفسه بأنه سيتهور ويخطفها بين احضانه مقبلا كل انش من وجهها الرقيق ... خاصة عندما نادته عزيز ... نادته بأسمه المصغر ..... لذلك انسحب بصمت وهدوء ...وسعادة

ربما الله سبحانه وتعالى فتح امامه باب الأمل والتفاؤل ..
يجب ان يتحرك ... يخطو خطوته الأولى ... لكن كيف ..كيف يفاتح وليد ..ماذا ان رفض !!
عندما يفكر باحتمالية رفضه ينقبض قلبه بقوة ... لكنه لن يسكت ... لن يدعها تذهب لغيره وهو يكاد يقسم بأنها تحبه وتريده كما يفعل هو ... اجل يحبها ..يحبها ويعشقها ولن يكذب ويعاند قلبه المتعب بغبائه وعناده ...
تبارك له وهو لها ..لقد خلقا لبعض ..وهي بينت قبولها واستعدادها للارتباط به و لعدة مرات الا انه كان يتجاهل تلميحاتها البريئة الخجولة ...بحق السماء ماذا ينتظر اكثر !!!
ان رفضت الأن فهي لن تبقى تنتظره طوال العمر ...
كان وليد يجلس خلف مكتبه يراجع بعض الاوراق ..ما ان رأه حتى هب واقفا وهو يقول بترحاب حار
- اهلا ..اهلا عبد العزيز ... ماهذه المفاجأة السارة

صافحه عبد العزيز قائلا بأبتسامة صغيرة تخبئ خلفها الكثير من التوتر والقلق

- اهلا بك يا وليد ..كنت مارا من هنا وفكرت بزيارتك
قال وليد ببشاشة وابتسامة واسعة تزين ثغره

- انت مرحب بك باي وقت يا عبد العزيز ..اجلس يا رجل وحدثني عن اخبارك وعملك ...
جلس عبد العزيز وبدأ يتجاذبان إطراف الحديث عن العمل وأحوال المزرعة وغيرها من الأمور العامة ... كان عبد العزيز متأرجحا حائراً ..كيف يقول له ما هو عازم عليه !!
الحيرة والارتباك كانا ظاهرين على وجهه ليبادر وليد قائلا
- اخبرني يا عبد العزيز هل هناك امر تود ان تقوله لي ؟!

اجابه عبد العزيز محرجاً ...حان الوقت ولا تراجع ابد
- الحقيقة يا وليد لقد قررت ان اتزوج ...

رفع وليد حاجبيه قائلا بسعادة وحماس
- حقاً الف الف مبارك لك يا عبد العزيز صدقني هذا افضل قرار ممكن ان تتخذه .. انا سعيد من اجلك حقاً ...


- شكرا لك يا وليد ..
هز وليد رأسه قائلا بتساؤل
- ومتى تنوي خطبتها ان شاءلله ؟!
اجابه بهدوء
- لا اعرف يا وليد انا متردد اخشى ان يقابل طلبي بالرفض !
هتف وليد بقوة واستنكار جعل شعور الراحة والاطمئنان يتسللا لقلبه

- ومن هو الابله الذي سيرفضك !! نسبك يشرف اي عائلة يا عبد العزيز ثق بذلك !!
ازدرد ريقه بصعوبة ثم سمى بالله وقد قرر ان يلقي بطلبه في وجه وليد دفعة واحدة وليحصل مايحصل ...حتى ان رفضه فوليد سيبقى صديقه المقرب الى الابد

- وليد انا ... اقصد ... اسمح لي ان اطلب يد تبارك منك على سنة الله ورسوله
.........................
.................................


البصرة

...........

دلف الى الصالة بهدوء لقد أوصل ملك الى الروضة ثم عاد أدراجة ... المنزل كان هادئاً ... يعرف ان والدته نائمة ألان ... لماذا عاد ... من المفترض ان يذهب للعمل ..لكنه أصبح لا يستطيع التحكم بتصرفاته منذ وجودها في المنزل ....بالأخص في الفترة الأخيرة ..حيث اصبحت رضاب اكثر تقبلا وهدوءا لمسألة تواجدها معه خاصة بعد قبلتهما اللذيذة تلك ... تذكر قبلتهما الأولى ... كيف قبلها بذلك الشغف .. كيف كانت هادئة ومسالمة وناعمة ... كيف هربت من امامه بسرعة وخجل ...
رباه ... ما ان تذوق طعم قبلتها حتى بات لا يستطيع السيطرة على نفسه ... يريد ان يعيد الكره بكل ساعة ...

في السابق ..أي ...في اول ايام من زواجهما كانت انطوائية ومتباعدة ..تتصرف معه بحذر ...اما الان ...الان هي متغيرة ... تبتسم له ..تبادلة النظرات بخجل لذيذ ومنعش .... وهو ...هو اصبح يعشق النظر اليها ..مراقبة حركاتها الانثوية الرقيقة ...
كيف تقف في المطبخ ...كيف تعد الطعام ..تغسل الصحون .... تمسح الارض ....تنشر الملابس .. اصبحا وكأنهما فعلا ...عائلة واحدة .... لولا ذلك العناد الذي تأبى ان تتخلى عنه لأصبحت زوجته قولا وفعلا ...

مشاعره تتحرك ناحيتها بسرعة هوجاء ومخيفة .... بحياته لم تحرك امرأة .. رغبته كما تفعل هي .... بل لم تستحوذ على اهتمامه أيا من بنات عشيرته ولا حتى من النساء المحيطات به ... تنهد وصعد الدرجات بخفة ...ربما هي نائمة الان ... نظر لساعة معصمه وكانت تشير الى الثامنة تماماً ...اجل بالتأكيد هي نائمة الوقت لايزال مبكراً .. فهي ما أن تحضر الفطور له ولملك حتى تعاود الصعود الى الغرفة ...فتح الباب ببطء ..فقط ينظر لوجهها الرقيق ويذهب للعمل .....x
لكن المنظر الذي رأه أمامه جعله يتجمد .... عيناه اتسعت بأعجاب شديد ... والدماء تدفقت بشرينه ساخنة وحارة ... كانت تقف امام خزانة الملابس ... تلف جسدها بمنشفة تصل لفخذيها الأبيضان الممتلئان بإثارة .. ..استدارت بسرعة عندما احست بوجوده ...وليتها لم تستدر ...قطرات الماء تلتمع على كتفيها المرمريان كأنها ماسات براقة ...شعرها الرطب ينزلق بخفه على جانبي وجهها الوردي ...وشفتيها المثيرتان منفرجتان بدهشة ... امسكت المنشفة وشدتها على صدرها بأرتباك وهي تقول بخجل وتعلثم- ااا..... لم ..أكن ..اعلم بأنك لازلت في المنزل !!تقدم ناحيتها ببطء وهو يجيبها كاذباً و بهدوء شديد- نسيت شيئاً مهما عدت لأخذهxاومأت وهي تطرق رأسها ... المسكينة لاتعرف ماذا تفعل ...احس بأنها تريد الهروب من امامه لكن هيهات فهي محاصرة تماماً ..هو امامها والخزانة من خلفها ... التهم جسدها بنظراته العميقة ... اقترب اكثر ..اكثر ..اكثر بكثير من المعتاد .... اغمض عيناه واخذ نفساً عميقاً يستنشق بها رائحة شعرها المنعشة ... رفعت رأسها مرة اخرى لتتراجع الى الخلف هامسة ...بحرجx- م..عا.ذ ..لم يستطع السيطرة على نفسه ..ليس وهي تهمس اسمه بشفتيها الورديتان ..بهذا الشكل الرائع ..وتلك النبرة المثيرة ... ابتلع ريقه هامساً بخفوت بينما يده تداعب خداها المحمرx- رضاب ...انا سأقبلك الان !لم تعارض ولم توافق ...فقط كانت تنظر له بعينين متسعتين ببرائة .. وكأنها عروس بكر لم تجرب الزواج ابداً ... احتضن خصرها بيد وغرس اصابعه بطيات شعرها الكثيف المتشابك باليد الاخرى ..ليمتلك شفتيها برقة ... بجوع ... ولهفةx

لم تعرف مالذي حدث بعد ذلك ........ المنشفة سقطت بهدوء واستقرت تحت قدميها ..لتجد نفسها ممده على السرير و معاذ رابض فوق جسدها ..يطبع قبلاته بكل مكان ..بادلته ..بفورة تلك المشاعر المحمومة بادلته .. اجل بادلته ولأول مرة تفعلها ... وكأنها ليست رضاب الخائفة المترددة ...

كانت تريده ... تريد ان يقبلها مثل المرة السابقة ... تريد قربه منها ...تحبه ولم يكن هناك شك بذلك ... لم تنفر ..لم تكن خائفة ابداً ... اعجبها ذلك الشعور الذي يجتاح جسدها لاول مرة .. لسعات خفيفة ورقيقة ...

كان شعوراً لذيذ وكأن جسدها مخدر ...بارد ...لكن برودة منعشة ...
قلبها يخفق بشدة وعنف متزامنة مع ضربات قلبه الهادرة تحت راحة يدها المستريحة على صدره ...

وكأنهما خلقا لبعض ..خلقا ليكمل احدهما الاخر ... كل شيء كان مثالياً ... التناغم والتآلف بينهما كان يسير بصورة صحيحة ... احتضنت رقبته بيد واليد الاخرى تسللت الى ظهره ..تلمس تلك العضلات المتشنجة القوية برقة ...لم تكن تعرف ماكانت تفعله بلمساتها البريئة هذه ... اشعلت داخله فتيل الرغبة لتصل الى ذروتها المطلقة التي لا يمكن الرجوع منها مطلقاً

كانا سيصلان الى درجة الكمال ...لولا تلك الذكريات ..تلك الهمهمات ...تلك الأنات الخافته التي اقتحمت روعة ما يفعلانه ..ليعيدها الى الماضي البشع بشراسة ... التوت واخذت تهز رأسها بقوة وهي تدفع صدره الغارق بقطرات العرق .. عن جسدها .. صرخت بصوت بالكاد اخرجته من بين شفتيهاx- ابتعد عنييييxلم يرد عليها ...كان مخدراً ...الرغبة عصفت بجسده ..اخذت منه مأخذها وجعلته كالتأئه بحديقة جنتها الغناء ... كان سيمتلكها ...كانت ستصبح زوجته فعلياً ...صرخت مرة اخرى ودموعها تهطل بغزارةx- قلت ابتعد عنييييييييييييييييييييعند ها فقط ابتعد عنها ذاهلا وصدره يعلو ويهبط ... والإثارة مشتعلة بعينيه الزيتونيتن ... بينما جبينه وجسده مغطى بقطرات العرق اللامعة ... لتهمس ببكاء وهي تتراجع الى الخلف تسحب طرف الشرشف الابيض لتغطي عري جسدها وهي تقول بجنون - ابتعد عني لا تلمسني ...انا لا اصلح لشيء ...لا اصلح لشيء ...اجابها بصوت خافت ومبحوح وهو يمد يده ليهدئهاx- رضاب حبيبتي اهدئيxدفعت يده بحده وهي تصرخ بجنون- اخبرتك سابقا اني بقايا امرأة ... انا باردة ..باردة ..لا اصلح لأن اكون زوجة ..لا اصلح ...لا اصلح ..هز رأسه قائلا وهو يقترب منها بحذر- انت اجمل امرأة رأتها عيناي ..لا تقولي هذا الكلام عنك حبيبتيهتفت دون ان تشعر وشفتيها ترتجفان كطفلة صغيرة- اذن لماذ خانني معها ..لماذا خانني مع اميييييييي ...لماذا ..لماذاx
تخشب جسده و اتسعت عيناه بقوة ... لم يصدق ما سمعه منها ... من خانها مع والدتها ...من ... يالله ...المسألة لا تحتاج لتفكير ..بالتأكيد هي تقصد زوجها السابق ... اختنقت انفاسه ...وتصاعد الغضب والاشمئزاز داخله ..كان على وشك الغثيان ... يالله .. زوجها ووالدتها ...اي عذاب تكبدته طفلته الصغيرة ...ماذا فعلو بها ...لا عجب انها وصلت لمرحلة عدم الثقة ....

صوت بكائها المبحوح .... وصرخاتها الجريحة ...كانت تطعنه بقوة ..قوة مؤلمة ..اه فقط لو يرى هذان النذلان ... لكان ...لكان ..حقا هو لا يعرف ماذا يمكن ان يفعل معهما ومالعقاب الشافي الذي يمكن ان يطفئ النيران التي اندلعت داخلهسحبها ...سحبها بقوة الى أحضانه وهي لم تعارض ... دفن وجهها بصدره العاري .. يهدئها بخفوت ...
لتهمس بوجع جعلت الدموع تتسلل لعيناه الغائمتان غضباً ... كانت تحتضن خصره بقوة وكأنها تنشد الأمان والاطمئنان منه
- انا متعبه يا معاذ .... متعبه ومرهقة ...اتعبتني الذكريات والصور التي تأبى ان تغادر مخيلتي ...اخبرني ماذا افعل لأرتاح ..ماذا افعل !!!!!!!!...........................
نهاية الفصل



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-07-19, 02:23 PM   #108

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


قراءة ممتعة وشيقة للجميع...
ولا تنسوا جميلتنا رقية من دعمكم وتعليقاتكم...
دمتم بأمان الله وحفظه..



الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً  
التوقيع


"كن متفائلاً ولا تدع لليأس طريقاً إلى قلبك.."




رد مع اقتباس
قديم 30-07-19, 03:19 PM   #109

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bobosty2005 مشاهدة المشاركة
متشوقه كثيرا لمعرفة كيف ستتعامل والدة معاذ مع رضاب 🤗 ويبدأ الأكشن 💪 ههههه



أشفق على حالة عزوز أكثر شخص اتظلم معك عزيزتى انفجار وتشوه وعين راحت يعنى كان كفايه حاجه واحده اتمنى يتخطى الأمر و يعيش بسعاده مع تبارك 😮



بالتوفيق بالقادم 😍💟

اكشنات هدى ماراح تنتهي الله يعين رضاب المسكينة بس معاذ موجود وهو راح يكون دائما جانبها لكن بالحق طبعا

الي صار بعزوز صار لكثير من العراقيين وفي حالات ابشع والله
تسلميلي على رأئيك الغالي حبيبتي


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 30-07-19, 09:59 PM   #110

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أيتها اللّحظات السعيدة التي لم تأت بعد، هل لكِ أن تسلكي دربًا مُختصرًا قبل أن تشيخ قلوبنا؟

اسعد الله اوقاتكم بكل خير احبتي راح انزل الفصلين حالا


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:52 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.