آخر 10 مشاركات
امرأة متهورة - شارلوت لامب - روايات غادة (الكاتـب : Just Faith - )           »          وداعا.. يليق بك || للكتابة : إيناس السيد (الكاتـب : enaasalsayed - )           »          87 - ومرت الغيوم -آن هامبسون -عبير جديدة (كتابة /كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          131-القاضي والمخترعة - روايات ألحــــان (الكاتـب : Roqaya Sayeed Aqaisy - )           »          حنين الدم ... للدم *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : رؤى صباح مهدي - )           »          وآخرون يعشقون *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : انسام ليبيا - )           »          5 - الرجل السراب - جانيت ديلي - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : gasmin - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          اللوحة الغامضة (48) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قـلـوب رومـانـسـيـة زائــرة

Like Tree28Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-07-19, 10:10 PM   #71

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


يقتلني شعوري بالضياع... لأنني لا أعرف ما هي نهايتي معك...
لا أعرف إن كنت أحبك... لكنني أعرف جيداً أنني لا أستطيع العيش دونك...
لا أعرف إن كنت أريد أن أكون حرةً طليقةً خارج سجنك...
لا أعرف إن كنت أريد أن أبقى ملكك...
لا أعرف ما هي حقيقة ذلك الشعور الغريب...
لكنني أخاف أن أعرف حقيقة شعورك تجاهي...
إن كان غير ما أريد...
لا أريد أن أفقد أملي بغدي...
فأبقى وحدي... أسيرة الماضي... أسيرة أحلامي و أحزاني
منقول
......................
وقفت مترددة وحائرة ... هل تدخل ام تعود أدراجها ؟! حقاً لا تعرف كيف اتت ؟! من اين امتلكت هذه الجراءة واتت لعيادته !!
كانت العيادة صغيرة وبسيطة التصميم الا انها كانت مرتبة ومنظمة ... تحتوي على شباك واسع يعكس الأقفاص الحديدية التي توزعت عليها أنواع الحيوانات الأليفة من قطط وكلابٍ صغيرة وطيور ملونة ...
سحبت نفساً عميقاً ثم همست بخفوت " حسناً انا مدينة له بالاعتذار ...سأعتذر بطريقة غير مباشرة واعود بسرعة "
دلفت للداخل بتردد وخجل ... كان المكان فارغاً .... نقلت أنظارها بفضول وإعجاب ... كل شيء مرتب وجميل ... ضوء النهار يدخل من الجانبين عبر نوافذ كبيرة الحجم ... سمعت صوت امرأة يصلها من غرفة جانبية كان بابها مفتوحاً .. قطبت هامسه بضيق وانزعاج ..
- امرأة !!! يا الهي يا عبد العزيز وانا ...
وقبل ان تتم كلامها خرج عبد العزيز وهو يرتدي رداء الاطباء تتبعه شابه في العشرينيات من عمرها تحمل كلباً صغيراً كان يهم بنزع السماعات من اذنه وهو يقول
- لاتقلقي انستي هو فقط مصاب بالبرد سأكتب له على علاج يشفيه بأذن الله..
بتر جملته وهو ينظر لها بتعجب ممزوج بالسعادة ... لكن سعادته اختفت وحل محلها البرود والتصلب ما ان تذكر اهانتها له عندما كان في منزلهم ...قال بمهنية وهو يكمل طريقه ليجلس خلف المكتب
- اهلا انسة تبارك ... تفضلي بالجلوس ريثما انتهي من المريض !
بقدمين متثاقلتين تقدمت لتجلس على المقعد المجاور للمكتب بينما زحف داخلها الإحراج والخجل من برودة استقباله ... معه حق وهي تستحق ..في الحقيقة كانت وقحة جدا معه راقبته بصمت كيف كتب العلاج بمنتهى الهدوء والوقار .. على الرغم من جمال الشابة الملفت الا ان نظراته وتعامله معها كان عملياً جداً ... ازداد إعجابها به وتسللت ابتسامة صغيرة لشفتيها ... عبد العزيز يتعامل مع الحيوانات بمنتهى الجدية وكأنهم بشر عاديين مثلهم .. حسناً هي لا تنكر استهانتها بالأطباء البيطريين وبطريقة عملهم الا انها كانت مخطئة على مايبدو خاصة وهي ترى النظرات الذابلة للكلب المسكين !
- تفضلي انسة تبارك هل من خدمة استطيع ان أقدمها لك ؟!
بهتت وشعرت بالحرج من طريقة كلامه معها ... أجابت وهي تعبث بحزام حقيبتها بتوتر بينما نقلت نظراتها للأقفاص المتراصة أمامها وقالت
- حسنا ..انا .. امممم في الحقيقة جئت لكي اشتري ... اشتري .. حيواناً اليفاً !
رفع حاجبيه وكتم ابتسامته ... يعترف بأنه اشتاق لها كثيراً لكن ما فعلته وما قالته له من كلام مهين طعنه في الصميم ... لابأس ... القليل من الشد وإدعاء البرود لن يضر كثيراً اجابها بجدية وهو يعود بجلسته الى الوراء مكتفاً ذراعيه على صدره
- واي نوع من الحيوانات تريدين تربيتها ؟!
هزت كتفها وقالت
- لا اعلم ..اريد حيوانا ... لا يتعبني ... اقصد لايحتاج لكثير من العناء
نظر لها بتعجب واستنكار لتكمل مبررة
- انا كما تعلم اقضي نصف النهار في العمل و .. و .. اريد ..
قاطعها بهدوء ونعومة قائلا وهو ينحني بجذعه للأمام ... مستنداً على المكتب بذراعيه
- ومادمت مشغولة بالعمل اذا لما تورطين نفسك وتورطين ذلك الكائن المسكين ؟! الحيوانات كائنات حساسة مثلنا تماما تحتاج الى الاعتناء المستمر بها ... والاهتمام بنظافتها و طعامها وحتى .... مشاعرها !
كانت تستمع له بشرود وهي مأخوذة بلباقة كلامه وطريقته الرزنة المقنعة ... لكنه ما ان اتم جملته الاخيرة حتى احست بالحرارة تتصاعد لوجهها لتهمس بتخاذل واستسلام ودون شعور منها .. وكأن عبد العزيز اصبح شيئاً يخصها ... يخصها وحدها ... يخصها ولا تعرف سبباً لذلك
- عبد العزيز .. انا ...انا ..اسفة عما بدر مني في ..في .. اقصد عندما اختفت غسق .. صدقني لم اكن اقصد سوءاً لكني كنت متوترة و خائفة .. وحيدة ... في مواجهه كل تلك الضغوطات ! ارجوك .. لا تغضب مني !
فقط من نظرة واحدة اعلن قلبه الخائن استسلامه لها وسامحها فوراً .. تباً هو اراد ان يلقنها درساً صغيراً لكن ماذا يفعل مع قلبه العاشق ... ونظراتها البريئة وهي تنظر له كالطفلة المذنبة التي تنتظر سماح ابيها عنها !!! تنهد قائلا بلطف
- لم يحصل شيء لتعتذري عنه تبارك .. قد نسيت الامر !
سحبت نفساً عميقاً وهي تشعر وكأن حملا ثقيلا انزاح عن كتفيها ... بينما قلبها كان يخفق بشدة وهي تلاحظ نظراته الدافئة الحنونة التي وجهها اليها والتي اشتاقت لهما كثيراً .. قالت بخجل ظاهر جدا
- والان اقترح لي حيواناً اليفاً استطيع الاعتناء به !
اجابها بمرح وتسلية
- اذن أنت مصرة ؟!
أومأت بابتسامة واسعة
- جدا جدا !
وقف قائلا وهو يشير باتجاه الأقفاص الحديدية
- تفضلي معي انستي لنرى طلبك !
.............................
.........................................
بأي ثوب من الأثواب ألقاه ؟!
أأدعي أنني أصبحت أكرهه !! وكيف أكره من في الجفن سكناه
وكيف أهرب منه إنه قدري هل يملك النهر تغييرا لمجراه ؟!
أحبه لست أدري ما أحب به حتى خطاياه ما عادت خطاياه
الحب في الأرض بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه
ماذا أقول له لو جاء يسألني إن كنت أهواه
إني ألف أهواه
نزار قباني
.................
لاتنكر ان رجوع سلمى المها كثيراً ...بل كثيراً جدا ... حتى انها اصبحت تتحاشى رؤية زهير بأي شكل من الاشكال ... فما ان تسمع صوته في المنزل حتى تفر هاربة لغرفتها وقلبها يخفق الماً وحباً له ومن اجله .... لكن ما هون عليها هو وجود رضاب واحتياجها المستمر لها وكأنها طفلتها الصغيرة .. تحممها بنفسها وتشرف على اطعاما بنفسها ايضاً ... حالة رضاب تشبه المد والجزر ...كانت في بعض الاحيان تتجاوب معهم لكن بصمت وفي احيان اخرى تنكمش على نفسها فجأة و تنسحب لتجلس بزاوية بعيدة تراقبهم بشرود ... حالة شقيقتها تقطع قلبها ونظراتها التائهة تنغرز كالسكين المسنن داخلها ... من المفترض ان يأخذها وليد لطبيب نفسي الا ان تلك الأحداث الاخيرة جعلتهم مشتتين ودمرت كل خططهم ... كانت تجلس في الصالة تنظر لشقيقتها تهمس لها وتكلمها بحنان عندما دلفت سلمى قائلة ببراءة
- كيف أصبحت شقيقتك ؟
اجابتها حبيبة بهدوء وثقة ودون ان تمتمت في الكلام فهي في الآونة الأخيرة أصبحت قليلاً ما تصيبها تلك الحالة من التأتأة المزعجة
- الحمد لله بخير
جلست على الاريكة وقالت وهي تضع ساق فوق الاخرى
- غريب ! على مايبدو ان لا تحسن يطرأ على حالتها !
قطبت حبيبة وقالت بدفاع
- بل تحسنت كثيراً ... ثم انت لا ترافقيها ولا تجلسين معها باستمرار لكي تعرفي مدى تطور حالتها وتحسنها !
هزت سلمى كتفها وقالت وهي تقلب شفتيها بلامبالاة
- كان مجرد راي لادعي لهذا الاندفاع عزيزتي ! ثم ما شائني انا بكما !
اكملت بتعمد وحقد وهي تركز على وجه حبيبة ببرود
- ثم اعتقد ان وجودكما هنا سيكون مؤقتاً! بالنهاية يجب ان تعودا لوالدتكم او ربما تتزوجا وتكونان حياتكما الشخصية ...
رغم كلمات سلمى المسمومة الحقودة الا انها ادعت اللامبالاة وقالت بهدوء وابتسامة واثقة
- اجل معك حق .... وجودنا مؤقت .. رغم اني قررت اكمال دراستي اولا لكن الزواج هو امر محتوم وبديهي لا مهرب منه خاصة ان تقدم لي شخص محترم وملائم .. يلبي جميع رغباتي وشروطي
جملتها الاخيرة التي نطقتها بثقة وصلابة اخترقت اذنه ...وانغرست في قلبه كطعنة حادة وملتهبة ... تتزوج ... حبيبة تتزوج !!! كيف لم يفكر بذلك ؟! كيف نسي انها فتاة شابة صغيرة وجميلة وان لم يتقدم لها احد الان فبالتأكيد سيتقدمون مستقبلا ... دلف الى الصالة قائلا بهدوء بينما نظراته مثبته على حبيبة
- سلمى هاتفك كان يرن في الشقة ولعدة مرات اظن بأنها والدتك !
هبت سلمى واقفه وهي تقول
- اوبس بالتأكيد هذه امي تريد الاطمئنان علي !
تركتم وغادرت بسرعة وقفت حبيبة وهي تهمس لرضاب لتنهض معها لكن قبل ان تتكلم قال زهير بأنفعال وهو يتقدم نحوها ببطء
- انتظري هنا يا أنسة الى اين تريدين الهروب !
كتفت ذراعيها بينما قلبها ينبض بعنف ... قالت بارتباك مزعج
- أهر..ب !! انا ..اهرب ؟!
كانت رضاب كالعادة شاردة بعالمها الخاص فقط عيناها تنظر لهما بهدوء وصمت ... اجابها زهير وهو يرفع حاجبيه ساخراً
- لا الحقيقة انت لا تهربين مطلقاً ..بل تختبئين كالفأرة الصغيرة عندما يتم ضبطها متلبسة بسرقة قطعة من الجبن !
هتفت بأستنكار حقيقي وقد التمعت عيناها بنيران الغضب اللذيذة
- انا !!! انا فأرة اسرق جبنة !!!!
اومأ هامساً وهو يدس يديه بجيبي بنطاله لكي لا يتهور ويحتويها بذراعيه بينما انحنى تجاهها مقترباً منها بخطورة
- اجل فأرة ... واجمل فأرة رايتها بحياتي !
ابتعدت عنه عدة خطوات وقالت بأرتباك وجدية ولهاثها يعلو ويعلو وكأنها كانت تجري لمسافات طويلة
- ز..هير .. لماذا ... تتصرف معي بهذه الطريقة ؟!
ثم رفعت اليه عيناها القلقة الخائفة التي غرقت بالدموع ... فتصرفات زهير باتت تحيرها بشدة ... تارة تشعر بأنه يهتم بها ويشعر اخيراً بحبها وتارة تشعر وكأنه يتلاعب بعواطفها ويسخر منها ومن ضعفها وارتباكها ما ان تراه ! همست مكملة بتوسل وخوف
- ارجوك زهير ... اخبرني ...لماذا تتصرف معي هكذا ؟! مالذي تريده مني بالضبط ؟!
اقترب منها مجددا وقال بجديه وعيناه العسلية مركزة على عينيها الزائغة
- ماذا تعنين حبيبة ؟! كيف تريني أتصرف معك ؟!
هزت رأسها وابتلعت ريقها قائلة بصراحة وقد قررت ان تخبره ما يعتمر بصدرها من شكوك ومخاوف .. فمهما يكن فهذا يبقى زهير حبيبها ... حاميها ... ابن خالتها وسندها
- لا اعرف ... لكن .. لكن .. انت ..انت .. متغير يا ز..هير ... أصبحت تخيفني و..و...
قاطعها زهير هاتفاً بألم ولهجة مؤنبة ومعاتبة
- أخيفك !!! انا أصبحت أخيفك يا حبيبة ...
مرر اصابعه بشعره الكثيف وهو يدير وجهه للناحية الأخرى .. عاجز .. لا يعرف كيف يخبرها بأنه يحبها ... ويحبها جدا جدا ...لم يكتشف غبائه وخيبته باتخاذ سلمى زوجة له الا بعد فوات الأوان ... كيف يا الهي ... كيف يشرح لها بأن رؤيتها ... فقط رؤيتها تهون عليه مرارة ما يعيشه مع تلك الحياة التي فرضت عليه .. همس وهو يعاود النظر لها بعينان صادقتان عاكستان لما بداخله من حب
- الان ليس الوقت المناسب للكلام يا حبيبة لكن أريدك ان تتأكدي من شيء واحد فقط ... انت مهمة ... مهمة جدا جدا بالنسبة لي !! مهمة لدرجة لم أتصورها انا مطلقاً ... مطلقاً ..يا... حبيب...ة
اراد ان يقول حبيبتي الا انه ابتلع تلك الكلمة ... لكنه سيقولها حتماً ... سيقولها مراراً وتكراراً ... حبيبتي .. وحبيبتي الوحيدة ...
كان قلب حبيبة يخفق لدرجة ظنت بأن زهير سمعه لامحالة ... مالذي يجري معك يا زهير ... بت تحيرني بتصرفاتك ... تحبني ام لا ! اتشفق علي ام .. ام ربما مشاعرك حقيقية !!! يارب انا مشوشة وتائهة ! ماذا عساي ان افعل ؟! استجمعت شتات افكارها المتضاربة ثم همست لرضاب بأن ترافقها للأعلى وبالفعل مشت معها رضاب بتمهل وطاعة .. لكن وقبل ان تخرج من الصالة تحت أنظار زهير الحادة هتف فجأة وكأنه تذكر شيئاً مرعباً ومخيفاً
- صحيح تذكرت ... انتظري هنا... كيف تقولين قبل قليل بأنك تفكرين بالزواج ؟!
التفتت تنظر له باستغراب ليكمل بجدية وتملك ... جعلت نبضاتها تتسارع فيما بينها لتنطلق حولها ترفرف بسعادة ما بعدها سعادة
- فقط فليتجرئ احدٍ ما ويفكر بالتقدم لك وسأريك قبل ان اريه ماذا يمكن لزهير ان يفعله .. ان تعدى اي شخص على شيء يملكه !!! وانت !
ثبت عينيه عليها قائلا بغرور وثقة
- وانت من ممتلكاتي يا حبيبة ... ممتلكاتي الثمينة التي حافظت عليها بروحي وقلبي !
لم تستطع الرد فقط كل ما فعلته هي انها هربت كالبلهاء الساذجة وكل كلمة يقولها ذلك المجنون تنطبع وتنغرس عميقاً بقلبها المتيم بحبه ! بينما للأن هي لاتصدق كل مايجري .. أهي تحلم ام ما تعيشه وما تسمعه من كلمات تخرج من فمه المثير هي حقيقية وموجهه لها هي فقط !!
..............
..........................
لفت شعرها بوشاح وردي وارتدت معطفها الثقيل وبخطوات هادئة ناعمة توجهت الى الحديقة وهي تحتضن البوم الصور .. لم تهتم للثلوج المنهمرة ولا للبرد القارص ... فاليوم تحتاج والدها وأنفال بشكل او بأخر ... بأية وسيلة ... تحتاج فقط ان تنظر لوجهه والدها وابتسامة شقيقتها تحتاج لان تهمس لهما بما يؤرقها بما يختلج صدرها !!
جلست على الممر الأسمنتي المؤدي للحديقة كان الضوء الخافت الأتي من جهة المطبخ اكثر من كاف لتمكنها من الرؤية ... السماء كانت صافية ... خالية من الغيوم ... النجوم البيضاء تلتمع بشدة ... وكأنها رداء اسود مزين بشذرات لامعة ... بدأت بفتح الالبوم على مهل ...تصفحته ببطء ... لتغرق عيناها بالدموع وهي تنظر لوجه والدها المبتسم ... هنا يحتضن كتف والدتها وهنا يحتضنها وهنا هي وانفال تحيطان بوالدها من الجهتين وتطبعان قبله على جانبي وجنتيه ... صوره اخرى لها ولشقيقتها وهما تاكلان الايس كريم وتتضاحكان والدتها التقطته لهما في اخر نزه قامو بها قبل دخول قوات الاحتلال الغاشمة لتحتل بلدها تدمر كل ما هو جميل ونقي بحجة الديمقراطية والحرية ...تنهب خيراتها تحت مسمى المساعدة وفعل الخير .. اي خير قد ياتي منهم ؟!!!! جشعون طامعون قتلة .. مهما كانت افعالهم ومهما كان المسمى الذي اتخذوه ليدخلو بلادها فهم يبقون محتلين غزاة ومتوحشين ! يدهم ملوثة بدماء ابناء بلدها ملوثة بدماء والدها وشقيقتها ... اجل هم السبب ... هم السبب ... هم سبب البلاء والخراب منذ ان دخلوا بلادها ادخلوا معهم غربانهم السوداء التي للان تحلق في سماء الوطن !
سقط دموعها على الصفحات الشفافة وهي تهمس بالم
- ابي اختي لماذا ذهبتما .. لماذا تفرقنا .. لماذا حصل كل ذلك لنا !!!
لتكمل بارتجاف
- لماذا سافرنا واتينا هنا لالتقية واحبه وانا اعرف انه يراني طفله لا ترتقي لمستواه ... لا تليق لرجولته وهيبته!!!
همست داخلها وهي تقبض على اصابعها لتضعها امام فمها المرتعش " لماذا اظهر امامه دائما كطفلة ساذجة وغبية ... لماذا انا بحضوره لا اجيد التصرف "
لم تكن تظن انها ستحبه بهذا الشكل .. تعشقه بهذا العمق ... احبت حنانه اهتمامه بمن حوله اقتربت منه ولمست طيبته وتسامحه .. خاصة في الايام الاخيرة ... كيف كانت تكرهه ؟! كيف كانت تعانده ؟!كيف سمحت له بأن يأخذ فكرة خاطئة عنها !! اجل فهو يفكر بأنها طفلة مدللة !! توقع نفسها بمشاكل ومطبات لا نهاية لها !! ابتدئاً من موافقتها على رزكار ... انتهاءاً بأختطافها المذل !!
يا الهي ... رغم مشاعرها المؤنبة وضميرها الذي بدأ يعذبها اكثر من ذي قبل الا انها لاتعرف ... ولا تريد ان تعرف الا شيئاً واحداً فقط وهي انها تحبه ولا تستطيع العيش دون وجوده واهتمامة .. حنانه وتفهمة ... قد تجن ان فكر بالزواج !! رباااه هل تراه سيفكر بذلك ؟!!!
ماذا ستفعل ؟! ماذا ستفعل ؟! يا الهي رفعت نظراتها الى السماء الحالكة
- انت لازلتي صغيرة ولم يطرق الحب باب قلبك بعد .. عندما تشعرين بمشاعر الحب ستعرفين ما اقصده تماما .. تماما
رنت كلمات تبارك برأسها عدة مرات الان عرفت ما كانت تقصد .. همست بصوت مسموع باهت وحزين .. لقد طرق يا تبارك فماذا عساي افعل !!!!
نحنحة رجولية سمعتها آتيه من جهة المطبخ جعلتها تمسح وجنتيها بسرعة وتلتفت بخجل لتتساءل
- من هناك
اجابها صوته الحبيب الذي ما ان سمعته حتى قفز قلبها ككره مطاطية داخل اضلعها يتحرك صعودا ونزولا معلناً عشقا وحبا فاض حناياها واثمل مشاعرها اليافعة الوليدة
- انه انا وليد !
تقدم ببطء ثم جلس قربها لكن بمسافة كافيه تسمح له بمشاهدة عينيها المتلألئتان
سألها بلهجته الهادئة الرزينه التي تعشقها
- لماذا مازلتي مستيقظ لهذه الساعة !
اسبل اهدابه لتقع نظراته على البوم الصور في حجرها
- أهذه صوركم ؟!
اجابته بحشرجة وأحزانها تعاود لتطفو من جديد
- ا...جل
ابتسم لها قائلا بمداعبه جعلت وجهها يتغضن بحمرة قانية حمدت لله لانه لايستطيع ان يراها هنا
- خسارة لن استطيع ان اطلب منك مشاهدتها لانك بالتاكيد دون حجابك فيها !
ضحكت بأرتباك فهي بالفعل في بعض الصور لا ترتدي حجابها
لم ترد عليه فقط اكتفت بهز رأسها ثم ادارت وجهها الى الجهة الاخرى .. نظر لها مليا كم يتمنى ان يغرق وجهه بتلك السبائك الذهبية المخبئة تحت الحجاب ليستنشق عطرها الناعم حتى الثمالة ... يلمس ذلك الجسد الذي بات يزور احلامه كل ليلة !! طال الصمت العميق بينهما لايسمع فيه غير اصوات الحشرات الليلية المختلطة مع اصوات محركات الديزل البعيدة ... تلك الاصوات كانت تثير ذاكرتها التي لا تحتاج الى انعاش لتتذكر طفولتها ومراهقتها في بلدتها حيها ومنزلها ...
صوت تنفسها المنتظم جعلت الدماء تجري ساخنه في انحاء جسده ليت انفاسها تنتقل الى رئتيه .. ليت تلك العاطفة المشبوبة التي فاجأته تخمد قليلا... ليته يملك عصا سحرية ليعود بعمره الى ذلك اليوم الذي طالبه والده بالتوقف عن اكمال دراسته بعد ان نجح وبمعدل عالي يؤهله لدخول الجامعة.... لكن والده واه منك يا والدي قال له بصرامة " الى هنا وكفى ... احتاجك لتقف جانبي في المزرعة "
تنهد بعمق وهو يطرد تلك الافكار البعيدة لم يعد الندم ينفع بشيء ....سالها بلطف ليقطع هذا الصمت المزعج الذي يلف المكان
- متى ستعودين للجامعة ؟! اعتقد انك اخذت وقتاً كافياً للأستراحة ولا داعي للكسل الان !
اجابته وهي ترفع راسها لتنظر له بخجل
- ليس الان يا وليد !
قطب متسائلا
- لماذا ؟!!
همست بارتجاف وبصراحة تامة
- انا ... انا ... اخشى المواجه يا وليد ...
ثم رفعت له نظراتها التي لمعت بالدموع والتي استطاع ان يلمحها جيداً
- اخشى ان يتهامسوا فيما بينهم ... الناس لا تنسى بسهولة يا وليد ...لا تنسى .. ابداً
أجابها بهدوء وصبر بينما داخله يشعر بالقهر وقلة الحيلة من اجلها ... يتمنى ان يزح الهم عنها ... يتمنى ان يمحي من عقلها وذاكرتها كل ما مرت به ... للأسف كل تلك الامنيات ستظل مجرد امنيات واحلام بعيدة ... يجب على صغيرته ان تكبر وتنضج .. يجب ان تكون قوية لتواجه الجميع بصلابة وشموخ ... يجب ان تعود غسق الواثقة من نفسها التي ترفع ذقنها دوماً بكبرياء وكرامة !
- حتى وان لم ينسوا نحن لانهتم لهم ... المهم ان تثقي بنفسك .. تثقي بأنك لم تذنبي بشيء ... ما جرى لم يكن بإرادتك يا غسق ... لذلك لا تهتمي ولا تلتفي لهم بالنهاية سيملون ويسكتون ...
ثم اكمل ساخراً بتهكم
- سيجدون موضوعاً اخر ليتكلموا عنه وينشغلون به ... هذا هو الطبيعي يا غسق ... ذلك هو مجتمعنا العربي العقيم الذي لم ولن يتغير ابداً !
كانت تستمع له بسعادة وراحة ... كلامه نزل كالبلسم الشافي لجروح قلبها ... ازاح القليل من الهم الذي تحمله .. واعاد لها ثقتها التي فقدتها مؤخراً ... كم هو لطيف ولبق في كلامه ... همستها بهيام وهي تنظر له بعينان لامعتان ... اكمل كلامه قائلا بجدية وهدوء
- غسق اسمعيني جيدا ما اقوله لمصلحتك وارجو ان تأخذي بنصيحتي
هزت راسها ايجابا وهي تركز بوجهه تنتظر ما يريد قوله تبا كيف ستكلم الان وهي تنظر له بتلك البركتان الصافيتان !!!
- حسنا ... تجنبي ... الاختلاط مع الشباب
انكمشت قليلا ثم شهقت بنعومة ليسارع بتصحيح ما قصده
- اقصد ان شباب هذه الايام هم شباب طائشون لا يهمهم الا السعي خلف الفتيات البريئات وايقاعهن بشباكهم فكوني حذرة دائما ! فليكن كلامك معهم رسمياً وفي إطار الدراسة فقط !
هزت رأسها وقالت بألم
- لا تقلق يا ابن خالي انا لا اختلط بالشباب ابدا ومنذ ان كنت في العاصمة ... الا في حدود الزمالة والدراسة فقط ! وحتى مع .. مع سليم ... يشهد الله اني لم اكلمه الا في حدود الزمالة ولم افتح معه باباً للحديث ابداً ! فكن مطمئناً
من لهجتها الجافة الباردة شعر بانها قد انزعجت من تنبيهه لكن لاباس فلتظن ما تريد المهم ان ينبهها وينصحها ... لن يجازف بتكرار ما حصل لها مرة اخرى ... هو يعرف بأنها بريئة وعفوية .. لكن الخطأ من شباب هذه الايام الذين اصبحو يتصرفون بوقاحة ودون محاسبة او رقيب !
اخرجه من شروده صوتها الهادئ وهي تتمتم مستأذنة لتتركه يصارع أفكاره المتخبطة من جديد
........................
...................................
دلفت الى غرفتها بغضب بينما دموع المهانة تتراقص بفيروز عينيها ماذا يظنها مستهترة تجري خلف الشباب ... لقد أشعرها بانها ساذجة مجرد طفلة يمكن لاي شخص ان يستدرجها وينصب شباكه حولها !!!
توجهت الى الفراش لترتمي عليه ثم تكورت حول نفسها وهي تهمس بشجن
- لماذا انا دائما كالطفلة امامه ؟! لماذا انا بلهاء ! لماذا كل شيء يسير معي بشكل عكسي !!
لكنه محق ... محق فما جرى معها لولا ستر الله عليها ولطفه لانتهت بنهاية بشعة وبقعة سوداء تلتصق بها مدى الحياة ! كما يلتصق الحبر الاسود على الملابس البيضاء !
لتهمس داخلها ساخرة
- اولست ملطخة الان يا غسق !! انت تعرفين جيداً ماذا يقولون اذا تأخرت الفتاة عن منزلها لساعات ساعات فقط فمابالك بمن اختفت ليومين !! يومييييييين !!
دفنت وجهها بالوسادة وهي تهمس بحرقة
- من سيصدق بأني شريفة ولازلت عذراء ! ربما .. ربما وليد ايضاً ايضاً يظن انني !!!يا الهي يالهي لا تدعه يفكر بذلك ليس هو ... ليس وليد !!
.....................
..........................................
اليوم قررت تبارك الذهاب الى دار رعاية الأيتام ... فهي انقطعت عن زيارتهم في الفترة الأخيرة بسبب انشغالها المستمر بالعمل وايضاً انشغالها بتلك المشاكل المعقدة ..التي حصلت لهم فجأة .. لكن اليوم صممت على الذهاب وأيضا اصطحاب رضاب معها ... عل مشاهدتها واختلاطها بالأطفال يحسن نفسيتها ويطور حالتها للأفضل فقد كانت رضاب تجلس وحدها اغلب الوقت شاحبة شحوب الموتى ... اوضاعها النفسية كانت غير مطمئنة ابداً ابداً ! يجب ان تخرج الى مكان ينسيها القليل من همومها الظاهره على معالمها الشاردة !
وقد رحبت وتحمست حبيبة بذلك كثيراً ... اشترت الكثير من الحلويات والسكاكر المعلبة لتأخذها وتوزعها على الأطفال بموافقة واشراف المديرة التي كان تكن لتبارك معزة خاصة ... فقد ربطت بينهما صداقة عميقة وذلك لكثرة ترددها هناك ...
كانت الدار كبيرة نوعا ما ... تتكون من طابقين ... مطلية بلون ابيض ... حديقتها كبيرة زرعت بها الكثير من الازهار والاشجار المتنوعة ..... لكنها الان مغطاة تماماً بالثلوج البيضاء المتكدسة وكأنها سجادة بيضاء ..
دلفا الى داخل المبنى وقد كانت رائعة جدا تبدو اكبر بكثير من الخارج .... ردهة كبيرة موزع عليها كراسي وشاشة بلازمة ضخمة معلقة على الحائط ....الطاولات دائرية رصت بترتيب ... والفتيات يجلسن بعشوائية ... بعضهن يرسمن وبعضهن يطرزن وبعضهن يقرأن المجلات ..... والاطفال الصغار يلعبون بالمكعبات الهندسية الملونة ...
كن في عمر الزهور لا يتجاوزن الرابع او الثالث عشر من اعمارهن .... وبعضهن لايزلن بعمر الرابعة او الخامسة ... ملابسهم نظيفة جدا .... كان يبدو عليهن الراحة والصحة الوفيرة ... رحبت بها العاملة وكل من كان يصادفها ... كان واضحا انهم يعرفونها حق المعرفة .. التفتت تنظر لرضارب الشاردة التي اخذت تحدق بالفتيات بأبتسامة صغيرة .. قالت بحنان
- مارأيك ان تجلسي معهن قليلا ريثما اتحدث مع المديرة !
هزت رضاب رأسها بطاعة وتوجهت لتجلس على احد الكراسي المبعثرة ..اخذت تنظر لأولئك الاطفال بحسد ... اجل كانت تحسدهم على قلوبهم البيضاء النقية ... ليتها تعود صغيرة ... ليتها تستطيع نسيان الماضي ... ذلك الماضي الذي للأن يزور احلامها ويؤرق نومها ... صحيح هي شاردة طوال الوقت الا انها منتبهة لكل ما يدور حولها ... تستمع جيداً لتلك الاسئلة التي يتهامسون بها بينهم ... لكنها تتعمد الصمت ... الصمت هو خير حليف و ونيس لها ... ثم حتى ان تكلمت ماذا ستقول !!! كيف ستبرر ما جرى ! كيف ستشرح لهم خيبتها ... ذلك الجرح سينفتح من جديد وسينزف مرة اخرى ... همست داخلها ساخرة وهل انغلق لينفتح يا رضاب ؟! لايزال ينزف ...لايزال يؤلم ... بل اصبح ملتهباً ... موجعاً ...وجعه يزداد يوماً بعد يوم ... الهي هل سيأتي يوماً ما وانسى ؟! هل سيأتي يوما ما واجد نفسي من جديد ؟! هل سأستطيع ان الملم شتات روحي المبعثرة !!!!
سقطت دمعه يتيمة من عينها ببطء رفعت يدها لتمسحه بسرعة ليصل لمسامعها صوتاً ناعماً انشلها من صمتها وشرودها ... صوتاً عذباً وكأنه شعاع ضوء اخترق الظلام المطبق حولها ... يقول لها بطفولية وبكلمات متلعثمة
- مرحباً ..هل انت بخير ؟!
التفتت تلقي نظرة لذلك الوجه الطفولي ... كانت طفلة لم تتجاوز الرابعة او ربما الخامسة من عمرها ... تجمدت نظراتها ... وبرقت عيناها بينما تسللت ابتسامة صغيرة على شفتيها لتتسع شيئاً فشيئاً ... كيف .. كيف .. هل يستطيع الحلم ان يتجسد لحقيقة ... انها طفلتها التي ولدتها فوق التلة .. اجل انها يقين التي حملت بها ... حلمت بأن مخاضها اشتد وهي تتسلق تلة عالية خضراء اللون ... لتلد طفلة جميلة بعينان بنيتان وشعر فاحم السواد ... ملامحها ناعمة وبيضاء .. صوتها ...ااااه صوتها كان ..كان يشبه صوت هذه الطفلة ... امسكت يدها الصغيرة وهمست دون ان تشعر
- يقين ؟!!! حبيبتي يقين ؟!
نظرت لها وهي تمط شفتيها الورديتان بطفولية وقالت ببرائة
- انا اسمي ملك !!!!
هزت رضاب رأسها وقالت بثقة
- كلا كلا انت يقين ... انت ابنتي يقين !
...................
.............................
نهاية الفصل السابع عشر
................................





Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 20-07-19, 10:12 PM   #72

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن عشر
..........................
خرجت من الجامعة وهي تشعر بألم ... الم ينخر عظامها وينهش روحها الهشة نهشاً .... يمزقها لأشلاء دون رحمة ...
اليوم تشجعت وقررت البدء من جديد بعد مرور عدة أسابيع على جلوسها في المنزل ... فمهما ظلت مختبئة لابد لها من المواجهة ... لابد ان تتشجع ... هي لم تقترف خطئاً لتخجل منه ! بل هي مجني عليها ... عند اوصلها وليد صباحاً كان طوال الطريق يتكلم معها بهدوء يحاول ان يلهيها قليلا ويخفف عنها توترها الواضح ... لقد ظنت بسذاجة طفلة بأنهم ربما سيتكلمون او يتهامسون قليلا لكن بالنهاية سيصمتون ! لكن ما حصل كان العكس !
طعنها في الصميم نظراتهم المشمئزة ... همساتهم المسموعة ... ربااااه كلامهم اخترق اذنيها كالرصاص ... حتى وان كانت لاتعرف ولم تفهم حقاً بما كانوا يهمسون لكن نظراتهم كانت كافية لتطلق الاف الافكار المشوشة داخل عقلها ... وكأنهم يتعمدون جرحها واذلالها .... اينما تتجه يبتعدون عنها وكأنها مصابة بمرض معدي خطير !
رغم ذلك تحملت وادعت انها لم تنتبه لهم ... لكن ما المها اكثر وجعلها تتمنى الموت فعلا او ان تنشق الارض وتبتلعها هي ما قالته دلجين التي من المفترض بأنها صديقتها الصدوقة والتي تعرف جيداً بمدى كرهها وخوفها من سليم ... نادتها بلهاث وهي تسرع الخطى لتلحقها
- دلجين ...دلجين ...توقفي ارجوكِ !
توقفت دلجين بنفاذ صبر وهي تتأفف قائلة
- نعم !
همست وهي تشعر بالحرج من لهجتها الباردة
- مابك دلجين لما تتجنبين الوقوف معي !
رفعت كتفها قائلة باستخفاف
- كنت مستعجلة .. ثم انا لم انتبه لوجودك في الجامعة !
اضافت وهي تستعد للمغادرة
- عن اذنك علي الذهاب الان !
امسكت غسق ذراعها وهي تنظر لها بعينان دامعتان
- انتظري ارجوك ... دلجين ... اخبريني الصدق .. مابك ... مالذي جرى !
أجابتها دلجين وهي تنظر لوجه غسق ببرود وكأنها لاتعرفها ابداً
- تريدين الحقيقة دون لف ودوران ؟!
هزت غسق رأسها بتردد وقلبها يخفق بشدة بينما أحست بانقباض مفاجأ في أمعائها لتكمل دلجين بقسوة ... كانت الكلمات تتدفق من فمها كرشقات الرصاص تضربها بلا رحمة
- لقد عرف الكل .. اقصد كل من في الجامعة بعلاقتك السرية وهروبك مع سليم ...
لتكمل باشمئزاز
- للان أتساءل كيف استطعت ان تخدعينا بمظهرك البريئ .. كيف مثلت دور الساذجة الرقيقة بهذه الحرفية ...
ابتعدت عن غسق عدة خطوات وقالت
- ارجوك ... منذ اليوم لاتحاولي ان تقتربي مني او تتكلمي معي ... انا اخاف على سمعتي .وسمعة عائلتي !
تركتها وغادرت بسرعة بينما غسق شعرت فجأة وكأن برودة صقيعية تخللت جسدها ... وتسمرت بمكانها كالتمثال .... ظلت واقفة تنظر لاختفائها بوجه جامد وعينان تحجرت الدموع بهما ... الان عرفت ... عرفت بالضبط مابهم ... لماذا يرمقونها هكذا ... رباه هم يعتقدون بأنها على علاقة مع سليم !!! كيف ..كيف ..من اين اتتهم هذه الفكرة ! من اطلق عليها هذه الشائعات ؟!!!!
لم تظن انهم ممكن ان يحملو لها كل هذا الحقد والكره ... لم تتصور بأن صديقتها الوحيدة ستصدق ما يقولون عنها ..خاصة وانها كانت واضحة جدا معها ... لم تخفي عنها كرهها من سليم بل الكل كان يشاهدها ويعرفها جيداً بأنها لا تختلط مع زملائها الا بحدود معينة !!!! مابهم الان لماذا تغيرو !
عات من شرودها لتفاجأ به ينتظرها وهو يتكأ على سيارته .. لتهمس بيأس وخذلان وهي تحتضن كتبها بقوة ... يا الهي مالذي جاء به الان ... هل هذا وقته !!!
....................
..............................
ابتلعت ريقها الجاف ووجهها شاحب للغاية ... كانت تنظر للنافذة بشرود وشحوبها يكاد يماثل شحوب الموتى تماماً ... بينما عقلها يفكر بكل ما حصل لها اليوم ...وكأنه شريط يمر ببطء شديد من امامها ! بينما وجود هذا الشخص الجالس جانبها اصابها التشوش والارتباك .... لماذا جاء ومالذي يريده منها !!! لتجيب نفسها ساخرة ...ياغبية أنسيت انه للأن زوجك !!!! وبسبب هذا اللقب لا بل بسبب تسرعها الارعن عليها ان تتحمله ...تتحمل طيبته ....التي بدأت تزعجها وتشعرها بأنها تخدعه وتلعب بمشاعره كما يلعب اللاعب بالكرة المطاطية !!
سمعت صوته الهادئ وهو يقول بمرح
- اذن كيف حالك غسق ؟!
اجبرت نفسها على النظر له بعينان حمراويتين ومتورمتين لتهمس قائلة بصوت مبحوح بالكاد يخرج من بين شفتيها
- الحمدلله انا بخير كي..ف ..حالك انت ؟!
همس بعشق وهو يلقي نظرة عليها قبل ان يعاود التركيز على القيادة
- مادمت انت بخير اذن انا ايضا بخير
تنهدت بأنزعاج وضيق وكلامه اللطيف المتفهم يكاد يطبق على انفاسها ويثقل كاهلها بالذنب ... يا الهي الا يكفي ما تحملته صباحا ليأتي رزكار ويكمل يومها بهذا التفهم والصبر وكأنه يشفق عليها ! اجل يشفق لربما وصلته الفضيحة ! ضربتها هذه الحقيقة كالصاعقة ...
ربما سمع ما يتهامسون به الناس عنها في الجامعة !!! لالالالااا يجب ان تتكلم ... يجب ان تنهي كل شيء وبسرعة ...رطبت شفتها السفلى وقالت
- في الحقيقة يا رزكار هناك امر اريد ان اخبرك به !
اومأ بجديه قائلا
- امممم وماهو هذا الامر ؟
اجابت بتعلثم وهي تغرس اظافرها بباطن كفها بقوة
- انه بشأن ... بشأن .. ماجرى اقصد عندما اختطفت !
التفت لها بسرعة وقال
- لا داعي للشرح حبيبتي ..انا متفهم ان الامر تم دون ارادتك ..
كلماته طعنت قلبها الاف الطعنات ..جعلتها تشعر بالذنب والقهر .... لتهتف بقوة ودون شعور منها
- افهمني رزكار ...ارجوك ...انا لا استطيع الاستمرار معك ..انا ..انا ...اريد حريت...
قاطعها وهو يوقف سيارته فجأة وصوت الاطارات تصدر دويا مزعجاً
- لاتكملي .. ارجوك لاتكملي وتقوليها ..ثم ..ثم ..انا ..اعرف جيدا ان الذنب ليس ذنبك لذلك لا تهتمي ابدا غسق انا احبك جدا جدا لن اتخلى عنك مطلقاً
حدقت به بصدمة وعيناها متسعة بشدة بينما الدموع تسير عبر وجنتها بغزار ليقول لها بهدوء ووجه مبتسم
- امسحي دموعك يا حبي ولا تفكري بشيء غير زفافنا المرتقب ...
بهتت وابيضت شفتاها وهي لاتزال تحدق به بعينان متسعتان مذهولتان .... لم تجد الكلمات المناسبة لترد عليه .... الصمت هو افضل حل لها الان ..... ادار محرك السيارة لينطلق بسرعة بينما غسق تذرف الدموع بصمت لاتعرف على ماذا تبكي بالضبط ... سمعتها التي تمرغت بالتراب ام كرامتها وكبريائها الذي ذهب وتبخر ادراج الريح !!!!!
.........................
..............................
نظرت لشقيقتها بحنان للأن لاتصدق كيف عادت رضاب من الميتم وهي بحال مغاير تماماً للحال الذي ذهبت فيه ... كانت تتكلم بانطلاق .. سعادة ... وعفوية ... وكأنها رضاب القديمة .. الكل فرح من اجلها وان كانت سعادتهم يشوبها بعض التوتر والقلق فقد كان كلام رضاب كله منصب عن تلك الطفلة التي اسمتها يقين !!! لم يحاول اي احدٍ منهم سؤالها عما حدث في لندن خوفاً على حالتها من الانتكاس مرة اخرى ... لكنها كانت مصممة ومصرة على معرفه ماجرى لها هناك وما الذي فعلاه معها زوجها ووالدتها التي انقطعت اخبارها كلياً منذ ذلك اليوم المشئوم ! اجل ستكلمها ما ان تجد وقتاً مناسباً وتستقر حالتها اكثر .... تذكرت كيف كانت تهتف بثقة واصرار اثار تعجب ودهشة الجميع
-انها ابنتي يقين ... ابنتي لقد وجدتها !
تقدمت سعاد لتجلس جانبها ثم بدأت تمسد شعرها بهدوء قائلة
- حبيبتي ...انت لم يكن لك طفلة ... أنسيت لقد اجهض....
قاطعتها رضاب وهي تبعد يد خالتها بأنزعاج
- اعرف ..اعرف ... هل تظنيني مجنونة خالتي !!! لكنها تشبهها لحد كبير ..كبير جداً وكأنها هي !
اجابتها حبيبة هذه المرة
- لكن كيف تشبهها و طفلك ...
هبت رضاب واقفه وهي تقول بعصبية وضيق
- اووه .. يكفي .. يكفي ... لاشأن لكم ... انا اعرف بأنها تشبهها وكفى !
تركتهم وغادرت الصالة بسرعة ... قالت تبارك بهدوء
- فلندعها تعتقد ما تريد مادامت صحتها اصبحت في تحسن !
اجابت حبيبة بقلق
- لكني اخشى عليها يا تبارك ... اخشى ان تفيق من هذا الوهم الذي تعيشة وتنتكس حالتها من جديد
اجابت تبارك وتتنهد بعمق
- لايوجد الا حل واحد !
هتفت سعاد بلهفة واهتمام
- وما هو يا ابنتي انا ايضاً بدأت اقلق عليها كثيراً
اومأت تبارك قائلة
- اذهب لطبيب بنفسي واحكي له كل شيء بالتفصيل ولنرى ماذا يقول !!!
أعادت التركز على ما تفعله شقيقتها ... مما يبدو انها تستعد للخروج ... فقد كانت ترتدي فستاناً صوفياً اخضر اللون مع سترة سوداء قصيرة تصل لخصرها ... كانت رضاب جميلة جدا عاد لها اشراقها وتورد وجهها الابيض من جديد ... كان حماسها المبالغ به يثير الخوف والذعر داخلها على الرغم من سعادتها الطاغية ... فهي تخشى ان تنصدم شقيقتها بشيء او امر غير متوقع يسبب بأنتكاسها مرة اخرى ويرجعها لنقطة البداية !
اقتربت وهي تقول بابتسامة سعيدة
- خيراً يا رضاب أراك تعدين نفسك للخروج ! الى اين تريدين الذهاب ؟!
استدارت رضاب بتألق وعيناها تلتمع بشدة
- سأذهب مع تبارك الى الميتم
اومأت حبيبة تراقبها وهي تلتقط حقيبتها وتعلقها على كتفها الايمن بسرعة ... و بابتسامة مترددة قالت لها حبيبة بحذر
- رضاب حبيبتي .. الا ترين ان ذهابك بات يتكرر بكثرة هناك !
نظرت لها رضاب بتعجب بينما اختفت ابتسامتها وقالت بجدية
- ولماذا انت منزعجة هكذا ؟
هزت حبيبة رأسها بسرعة ونفت قائلة
- كلا كلا حبيبتي بالعكس انا لست منزعجة .... انا فقط ..فقط ..
قطبت رضاب هامسة
- انت ماذا ؟! أتريني مجنونة يا حبيبة !!!
امسكت حبيبة يدها بحنان وقالت بصدق
- كلا طبعا ليس هذا ماقصدته ... كل مافي الامر اني لا اريدك ان تتعلقي بها ! اخشى ان يظهر لها عائلة .. ويأخذوها .. خاصة حينما اخبرت المديرة تبارك بأن وجودها في الميتم هو مؤقت ... ومن المؤكد ان لهذه الطفلة عائلة وهو يبحثون عنها الان !
ابتلعت رضاب ريقها بينما تسللت داخلها مشاعر الخوف والقلق في حال ان حصل ما تقوله حبيبة ! يالله هل من الممكن ان يظهر لها عائلة فعلا !!!! لقد احبتها كثيراً وكأنها فعلا ابنتها ... خاصة وان الطفلة متعلقة جدا بها ... تنتظر وصولها بلهفة ... فما ان تراها حتى تركض لها ببرائة وترتمي بين ذراعيها .... تلك الطفلة استطاعت ان تنسيها قليلا ما جرى لها في لندن ... وان كانت الاحلام المزعجة للأن تراودها بأستمرار ....اجابت رضاب بهدوء
- عندما يحصل ذلك سنفكر بحل يرضي جميع الاطرف ... هذا ان كان لها فعلا عائلة !
تركتها وغادرت الغرفة بسرعة وكأنها لاتهرب من نظرات حبيبة فقط بل من احتمالية حدوث ذلك الامر في الحقيقة !!!!!
........................
قضت رضاب فترة الصباح كلها مع ملك تلاعبها وتسرح شعرها ... تقص عليها الحكايا والقصص الطريفة ... تدغدغها وتغرقها بالقبلات .... كانتا تفترشان الارض تبنيان بيوتاً من المكعبات الملونه عندما قالت رضاب وهي تضع خصلة من شعر ملك خلف اذنها
- يقونه حبيبتي ... انت تحبيني اليس كذلك؟!
رفعت الطلفة رأسها ببرائة واجابت
- اجل احبك كثيراً بهذا القدر
ثم فتحت ذراعيها على وسعهما ليرفرف قلب رضاب بسعادة حقيقية وهي تنحني لتحتضنها هامسة بعينان دامعتان
- وانا اعشقك طفلتي الجميلة ...
ابعدتها وقالت بهدوء
- مارأيك ان تناديني ماما !
اومأت ملك قائلة بنبرتها الطفولية المحببة
- ماما !!
رفعتها رضاب عن الارض لتجلسها في حجرها وتحتضنها مرة اخرى ... يا لله ما اجملها من كلمة وهي تخرج من شفتيها الكرزيتين ... دخول هذه الطفلة بحياتها هي رحمة من رب العامين ... اجل رحمة ... ليشد الله على قلبها وينزل سكينته عليها ... ويبرد قليلا بلطفة ومنته تلك الجمرات الملتهبة الراقدة في جوفها ... هتفت بحب وحنان متدفق
- نور عيون ماما انت ...
قبلت خدها وقالت بجدية وهي تنظر لعيني ملك ... بينما كلمات حبيبة ترن برأسها كناقوس مزعج
- حبيبتي ... ان جائو لأجل ان يأخذوك مني ماذا ستفعلين ! هل ستقبلين ؟! هل ستقبلين ان يأخذوك بعيداً عني !
هزت ملك رأسها نفيا و شعرها الحريري يتطاير حولها بفتنة لتقول بطفولية
- كلا ... سأقول لهم اني اريد ماما ... انت ماما ... واحبك كثيراً واريد العيش معك
اجابت رضاب بسعادة وقد تدفق داخلها بعض امواج الاطمئنان
- يا روح ماما وقلبها انت ... وانا سأحارب الدنيا كلها لأبقى معك ... والان هل نكمل اللعب
اجابت ملك بسعادة وهي تعود لتركز على تلك المكعبات المبعثرة امامها
- اجل ..فلنصنع مدرسة كبيرة
قالت رضاب وهي تنزلها من حجرها
- حسنا حبيبتي سنفعل ونلعب بكل الالعاب التي تحبينها يقونة !
.................................
..............................................
ظهراً
..........
يجلسون حول مائدة الطعام يأكلون بصمت .....وليد كالعادة كان يترأس المائدة يدعي الاكل بينما عقله مشغول بالتفكير بمعذبته ومصدر تعاسته وسعادته الأزلي ..غسق ... منذ عودتها من الجامعة وهي في حال متغير لم يعجبه ابداً ... كانت حزينة ... عينيها ذابلتان ... حماسها الذي تسلحت به صباحاً كان واضحاً بانه اختفى ... والان تأكد بأن هناك امراً ما ... خاصة وانها لم تأتي لتناول الطعام ...
ماذا حصل ؟! مالذي جرى معها في الجامعة وجعلها تنطفئ هكذا كالشمعة الذائبة ! قطب متنهداً وهو يتذكر رزكار ... فقد اتصل به واخبره بأن هو من سيوصلها للمنزل ... اتراه اسمعها شيئاً مزعجاً !!! فقط فليتأكد من ان له يد بحزنها هذا والله لن يتركه الا وهو راقد في المشفى يلفظ انفاسه الاخيرة ... هذا المخنث عديم الشخصية بات مصدر ازعاج حقيقي له ... يجب ان يجد حلا سريعاً .. يبدو ان الوقت فعلا قد حان للتخلص منه جدياً !

ترتدي ثوباً منزلياً زيتوني اللون ... شعرها الطويل هذه المرة لم يكن مجدلاً بل كانت تربطه كذيل حصان يمتد عى كتفها كشلال من القهوة الذائبة ... تأكل بصمت ... لاتنظر ناحيته ابداً ... اه منك يا حبيبة لماذا اصبحت قاسية هكذا فجاة ؟! من اين لك كل هذا البرود واللامبالاة !!! هي لم تكن هكذا ابداً !!!
مابك ايها الغبي ! اتريدها ان تنظر لك وتهتم بك كالسابق وانت الان متزوج ! ليس هذا وحسب بل زوجتك المصون ملتصقة بك كلعلقة على غير العادة ..فما ان تراه يذهب لمنزل عائلته حتى تتشبث به كالطفلة وهي تتوسله بأن تذهب معه !
سلمى ..سلمى ..سلمى ... متى سيتخلص منها ! متى ستخرج من حياته الى الابد .. يا الله هو لم يعد يرغبها ولا يريدها ! لم يقم معها علاقة زوجية منذ ان عادت الى الان ...رغم كل ماترتديه له من غلالات نوم فاضحة ... ورغم محاولاتها لإغوائه الا انه يصدها كل ليلة متحججا بشيء جديد !
الى متى يستمر هذا الحال فقط يا رب ! هذا ظلم ..ظلم كبير له ..حبيبته تجلس قربه ولايستطيع ان يلمسها ولا يعبر لها عن حبه وشوقه اليها !!! اين كان مخبئ لك كل هذا يا زهير المسكين !!!!
وقفت سلمى بعد ان وضعت الملعقة على الطبق قائلة ببرود
- الحمدلله ... سلمت يدك خالتي الطعام لذيذ جداً
اجابت سعاد بطيبة
- الى اين يا ابنتي لم تنهي طبقك !
اجابت بهدوء وابتسامة متكلفة ترسم على شفتيها
- شبعت خالتي ...عن اذنكم !
تركتهم وغادرت متوجه الى شقتها هز زهير رأسه باستخفاف ثم اكمل طعامه بصمت قطعته والدته وهي توجه كلامها لوليد
- وليد ... لقد زارتني اليوم الحاجة ام كمال وقد طلبت مني امراً مفرحاً جداً
قالتها وهي تنظر لحبيبة بدفئ وسعادة ليجيبها وليد قائلا بأهتمام
- خيراً ان شاءلله !
اومأت تجيبة بمودة
- طلبت يد حبيبة لولدها كمال ... تقول بأنه ...
لم تكد تنهي جملتها حتى رمى زهير الملعقة من يده بحدة اثارت استغرابهم واستنكارهم ...هاتفاً بقوة وغضب
- نعم ..نعم ....طلبت يد من !!! قلتِ من !!! حبيبة ام انا اخطأت السمع !!!
اجابته والدته ببراءة تامة وهي تقول
- لا والله يا ولدي لم تخطئ السمع ... قالت انها تريد حبيبة لولدها كمال وهو مستعجل على الزواج !
وقفت حبيبة وهي تدعي الخجل والحياء بينما الغضب والأتون المشتعل بعيني زهير لم يفتها ابداً كان يرمقها بقوة وكأنه على وشك الانقضاض عليها لكي يلتهمها او ربما يصفعها صفعتين وكأن الامر تم بيدها هي .... همست قائلة وهي تسبل اهدابها
- عن اذنكم !!
تركتهم وغادرت ... تركتهم وقلب زهير يشتعل اشتعالا بنيران الغيرة والغضب والتملك ...اجابها دون شعور منه ... والبركان الثائر داخل صدره يتأكله دون رحمة
- اخبريها بأن لا بنات لدينا للزواج ! او اخبرك امراً .. قولي لها حبيبة منهي عليها !
رضاب وتبارك بالاضافة لسعدية جميعهم وجهو انظارهم المتعجبة المنصدمة لزهير بغرابة ودهشة وكأنه كائن فضائي جاء من كوكب اخر ... بينما اكتفى وليد برفع حاجبيه بتعجب ودهشة غير ان نظرة عينيه كانت تخبره بأنه كشف سره واحس بأهتمامه وحبه السري لحبيبة ... لكنه لم يرد فقط اكتفى بالصمت مبتسماً بهدوء ... بينما شهقت سعاد بقوة وهي تضرب صدرها بأستنكار
- منهي عليها !!!!!!!!! كيف منهي عليها وهي ليس لها ابن عم !!!
اجابها غاضباً
- اجل منهي عليها ... منهي عليها ... انا لن ازوجها لذلك المستهتر الغبي .. لو انطبقت السماء على الارض ... حبيبة لن تتزوج الا بموافقتي انا ...
قالت تبارك وهي تدعي الغرابة بينما داخلها تشعر بالسعادة من اجل حبيبة فمما يبدو ان الحجر الساكن الصلب بدأ يشعر ويحس
- كمال غبي و مستهتر .. وهو مشهود له بالرزانه والتعقل ... غريب !!!
هتف زهير وهو يحدج تبارك بنظرة حمراء حادة
- رزانة ام زفت الاسود ... لن تتزوجه على جثتي ...
قال جملته الاخير واتجه الى الممر الداخلي للمطبخ لتهمس سعاد وهي تنظر لوليد بحيرة
- والان ماذا يا ولدي ... مارأيك فيما قاله هذا المجنون !
رفع كتفه قائلا ببساطة
- لابأس امي ... اسألي حبيبة اولاً لربما وافقت حرام ان نظلمها ... ان وافقت كان بها وان رفضت اخبريهم انها لاتزال صغيرة ولاتفكر بالزواج الان !
.........................
.................................
علمني حبك..
كيف أهيم على وجهي.. ساعات
بحثا عن شعر غجري تحسده كل الغجريات
بحثا عن وجه.. عن صوت..
هو كل الأوجه والأصوات
......................
دلف للمطبخ كالثور الهائج الا انها لم تكن هناك ..اومأ هامساً
- تعتقدين بأنك تستطيعين الافلات من يدي ... حسنا حبيبة
توجه الى الدرجات يرتقيها بسرعة ... كل درجتين كان يقطعهما بخطوة واحدة ... بينما قلبه يخفق بشدة وانفاسه تخرج لاهثة ..حارة .. وسريعة ... ودون ان يطرق الباب فتحة بسرعة ليجدها تجلس على طرف السرير بهدوء لكنها جفلت وهبت واقفه ما ان فتح الباب
قالت بعينان متسعتان دهشة
- ز..هير ..ما..ذا هناك ؟!
اجابها بفحيح شرس وعيناه العسلية اصبحت داكنة كبركتين من الشكولاته
- اسمعيني جيدا ... ان سألت امي عن رأيك بعريس الغفلة ستخبرينها بأنك لا تفكرين بالزواج الان !
أكمل بتعجرف وتملك
- اما أن سمعت بأنك خالفتي ما امرتك به أتعرفين ماذا سأفعل ؟!
احنى رأسه وقال هامساً ببرود وصلابة وعيناه مثبته على عينيها المتسعتان
- أظهرت لك زهير اخر ..مختلف تماما عن زهير الطيب الذي تعرفيه ... حياتك رأساً على عقب وبالنهاية ....... اقلب ايضاً لن تتزوجيه !!!
فغرت شفتيها الورديتان بتعجب وهي ترمش ببرائة سلبت لبه ... تباً لماذا لم يكن ينتبه لهذه التفاصيل في الماضي !!! كيف كان يفكر ! ماهو لشيء الذي كان موجوداً داخل رأسه بدل المخ ! اهو حجر صوان ام حذاء قديم و مهترء !!!!
صرخ بقوة وحدة لما لاحظ سكوتها
- فهمتتتتتتتتتِ !
قلبها خفق بشدة مهولة من فرط سعادتها وعدم تصديقها ... لا تعرف كيف امتلكت هذه الجراءة لتجيبه وهي تتخصر ببرود
- اولا... انا حقا سأرفضه لكن ليس لأنك امرتني بذلك .... بل لأنني بالفعل لا افكر بهذه الامور الان ..
لتكمل بغرور وهي ترفع ذقنها
- اريد اكمال دراستي هذا هو الأهم لدي ... والشيء الثاني الذي يجب ان تعرفه هو انك لست ولي امري لكي تأمرني بهذه الطريقة ... وليد فقط من اعتبره حقاً والدي و... وهو الوحيد المسوؤل عني هنا !
رفع حاجبيه بتعجب بينما اصبح يعجبه كثيراً وبصورة غريبة هذا التمرد اللذيذ والغرور الذي تعامله به ... همس ساخراً
- هكذا اذن !
أومأت بثقة
- اجل !
قال بكبرياء وغطرسة جعلت نبضاتها تتسارع أكثر وأكثر لتتحرر وتنطق ترفرف حول رأسها وكأنها طيور صغيرة بأجنحة بيضاء
- حسنا حبيبة ... أكثري ..و زيدي من رصيدك عندي ... كله سلف ودين .. وسأعرف متى استرد ديني منك .. فهمت
ليقترب هامساً بأبتسامة صغيرة
- قطتي الصغيرة !
تركها وغادر وعلى شفتيه ابتسامة متوعدة ... بينما هوت حبيبة على طرف السرير مرة اخرى وعيناها تلتمع بشده وهي تهمس بعشق وبلاهة
- احبه ...احبه ياربي ... ليس بيدي ...جعلني الله فداءاً لطولة المهيب !
.........................................

الحقير دنيء النفس ...ماذا يظن !!! انها لم تنتبه لنظراته السرية التي يسرقها لتلك الخرساء الغبية !
لم يعد يلقي اعتباراً لها وكأنها مجرد تمثال او لعبة تجلس جانبه ... حسنا زهير ..حسنا .. انت لم تعرف من هي سلمى بعد ... والله لافضحنكم في الحي كله فقط اصبر علي قليلاً ... سمعت صوت الباب يفتح بهدوء ... ليدف زهير وهو يصفر بلامبالاة كان متوجهاً الى الغرفة وكأنه لايراها امامه ... قالت بسخرية
- مازال مبكراً لِم لم تبقى هناك فترة اطول !
وقف قائلا وهو يرفع حاجبيه ببراءة
- الطعام كان شهياً جدا .. ثم انت تعرفين بأني احب المحشي ولا انهض إلا عندما أأكل نصف الكمية !
اراد التحرك ليذهب للغرفة الا انها اوقفته بغضب
- لاتظن بأني لم اشعر بنظراتك الوقحة التي التهمت بها تلك الخرساء !
قطب قائلا بحدة وغضب
- التزمي حدودك ... ولا تقولي عنها خرساء فهمتي !
اشاحت يديها بحدة وهي تجيبه بغضب مضاعف
- اوووووه طبعاً ... نسيت ...يجب علي ان أحترم حبيبة القلب ...
- ماذا !! قد جننت بكل تأكيد !
قالها بارتباك طفيف وهو يحاول ادعاء السخرية واللامبالاة لتجيبه سلمى بحقد وبرود
- كلا عزيزي ... لست مجنونة ..بل منتبه جيداً لكل ما حولي وأولهم انت يا زوجي ... لذلك احذر جيداً مني ! فأن تأكد ما اشك به ...لا تعرف ماذا يمكنني ان افعل !
رفع حاجبيه باستخفاف ليجيبها متهكماً
- أهذا تهديد ؟!
اجابته بهدوء
- كلا طبعاً ... انا فقط أذكرك بأنك متزوج !
هتف بقوة وهو يفتح أزرار قميصه متجها الى غرفة النوم
- هيييييي انت لا تقرفيني بكلامك المبطن .. ان لم يعجبك العيش هنا ... الباب يمرر فيل وليس جملاً ... أذهبِ لمنزل عائلتك ... وسأكون أكثر من مرحب بذلك !
تتبعت اختفائة بحقد وغل وهي تهمس ... اجل هكذا تصرف ببراءة وكأنك فعلا لا تفكر بها !
اصبرا علي انتما الاثنان بل اصبروا علي جميعكم ... و سأريكم ماذا سأفعل !!!
....................
............................
جنوب العراق ..
محافظة البصرة الفيحاء ... مدينة الشعر والتاريخ والنخيل
.................
.............................
وقف ينظر شارداً عبر النافذة الكبيرة لمكتبة المتخصص ببيع المواد الإنشائية ... يحدق للمنظر البعيد لشط العرب ... ذلك النهر العظيم المختلط بنهري دجلة والفرات .. وهو يسير منطلقاً نحو مساره الذي لا يخطئه ابداً ... يحتضن على جرفيه اشجار النخيل الشامخة كشموخ بلادة ... ضيق عينيه الزيتونيتان يراقب الصياد العجوز وهو يحاول الوقوف متوازناً ليرمي شباكه في النهر بكل حرفية و مرونة ... ليعود بذاكرته لتلك الفاجعة التي تعرض لها قبل عدة اشهر ... تحديداً في فصل الربيع الماضي ... حين وصله خبر موت شقيقة طه مع زوجته وطفليه ... عندما ذهبوا للسياحة في احدى المصايف المنتشرة بشمال العراق ... حيث تعرضوا لحادث بشع نتيجة وقوع سيارتهم في منحدر حاد بأحد المنحدرات الجبلية ...
كادت والدته ان تموت قهراً وحزناً عليه الا ان الله لطف بحالة واستطاع الاطباء انقاذها في اللحظة الاخيرة ... وما جعل صحتها تتحسن اكثر هو خبر احتمالية ان تكون ملك ابنة شقيقه لاتزال على قيد الحياة ... فقد وصلته اخبار بأن هناك طفلة استطاع الاهالي انقاذها من بين الركام ...كانت مواصفاتها تنطبق على ابنة شقيقه الراحل ... لكنها اختفت ولا احد يعرف اين هي ...

لقد عين مخبراً ليتقصى الاخبار عنها عل وعسى وجودها يهون عليهم مرارة فقد شقيقه الاصغر والذي كان لايزال بزهرة شبابه ...حيث لم يتجاوز السابع والعشرين من عمره ! طه لم يكن شقيقه فقط بل ابنه الذي رباه منذ وفاة والده ......... صحيح ان طه لم يكن صغيراً بالسن حينها اساساً الفرق بين عمريهما خمسة اعوام فقط الا انه كان حريصاً عليه .. يشرف على دراسته بنفسه .. يوجهه وينصحه ... طه كان مثالا للشاب الخلوق الناجح المرضي من قبل والديه واقربائة ....للأن لم يندمل جرح فقدانه في قلبه ... للأن لم تبرد ولم تهدء نيران فراقه التي تستعر داخله !
استدار متوجها لمكتبه ... جلس بتعب ثم فتح عدة اوراق امامه ... ليرن هاتفه بنغمة خصصها لوالدته ... اجابها بقلق فهو بات يقلق عليها كثيراً خاصة بعد ان شفيت بمعجزة من الأزمة القلبية الحادة التي تعرضت لها مؤخراً
- اهلا امي ... هل هناك شيء .. أأنت بخير !
اجابته بصوتها الدافئ الحنون وهي تطمئنة
- اهلا يا ولدي ... لاتقلق انا بخير ... فقط اتصلت بك لأسأل عن ملك .. الم تصلك اخبار جديدة عنها !
تنهد بعمق واراح ظهره الى الوراء قائلا بهدوء
- كلا امي للأسف ... للأن لم يتوصل المخبر لشيء
قالت والدته الحاجة هدى بشك وقلق
- معاذ يا ولدي أخبرني الحقيقة ..أهناك ما تخفيه عني ؟!
قطب معاذ قائلا بتساؤل
- اخبارمثل ماذا يا امي ؟!
اجابته بحيرة وخوف
- لا اعرف ربما .. ربما تعرف شيئاً عن ملك ولا تريد قوله لي !
اجابها بصدق
- اقسم لك امي لم يصلني اي خبر عنها ... ثم انا لن اخفي عنك شيئاً ابداً اطمئني وادعي بأن نجدها سالمة
همست برجاء وامل
- ادعي لها ولك طوال الوقت ... لم يعد لي إلا انتما الأثنان يا معاذ فليحفظكم الله من كل سوء
امن خلفها ثم اغلق الهاتف ليتنهد متثاقلا قبل ان يعاود الاتصال بالمخبر عله وجد خيطا او بصيص امل يوصله لأبنة شقيقه المفقودة
........................
.................................
شمال العراق ... اربيل
..............
ما أصعب أن تبكي بلا .. ” دموع”
وما أصعـــــب أن تذهب بلا .. ” رجوع ”
وما اصعب أن تشعر .. ” بالضيق”
وكأن المكان من حولك .. “يضــــــيق ”
مااصعب ان تتكلم بلا صوت
ان تحيى كى تنتظر الموت
مااصعب ان تشــــعر بالســـــــأم
فترى كل من حولك عـدم
ويسودك احساس الندم
على إثــم لا تعرفه …. وذنب لم تقترفه
.............................

خرجت من المطبخ وهي تحمل قدح الحليب ... وجهها شاحب للغاية ... انفاسها مختنقه ... منزوية على نفسها منذ يومين ... فهي البارحة لم تذهب للجامعة ... جبنت ... اجل كل تلك الثقة التي زرعه وليد داخلها تبخر وما زاد كآبتها هو رزكار وتمسكه بها وكأنه يمن عليها ... حتى وان كان تمسكه هذا بريئاً وصادقاً الا انها لا تستطيع ان تفكر غير بتلك الفضيحة التي انتشرت في كل مكان ... عندما سألها وليد صباحاً عن سبب غيابها تعللت بأنها متعبه قليلا ... لاتعرف حقاً هل صدقها ام لا .. نظراته الثاقبة كانت تتفحصها بدقة ... حاول اقناعها لعدة مرات الا انها اصرت على التغيب .. لينصاع مستسلماً لرغبتها على مضض ...
صوتاً عالي النبرة ...هجومي وحاد جعلها تتسمر مكانها بتجمد ... لتركز اكثر وترهف السمع ... كانت نازدار تتكلم بكل صلافة ووقاحة
- فلتبتعد ابنتك عديمة الحياء عن طريق ولدي والا اقسم بالله ان افضحكم اكثر مما انتم مفضوحين في المنطقة والمحافظة كلها !
لم تسمع ماذا كانت والدتها تقول لتجيبها نازدار بحدة
- لن اهدأ ولن اسكت الا عندما ينتهي كل ما يربط ابني بعائلتكم القذرة ... منذ البداية وانا لم ارتح لأبنتك ... لم تعجبني ابداً وها قد صدق حدسي ... الله اعلم كم من الشباب كانت على علاقة بهم ...لتأتي الان وبعد ان شبعت من الأستهترار والانحراف لتوقع ولدي المسكين كبش فداء لها ...لا والف لا ... ليست نازدار من تناسب هكذا نسب فاسد ... اخبري ابنتك ان تتصل بولدي لتنهي كل شيء فذلك الغبي الابله متمسك بها كالحمار العنيد .... والا ... اريتكم الوجه الاخر لي والذي لن يعجبكم ابداً

ظلت نازدار تتوعد وتصرخ وتشتم ووالدتها والخالة سعاد وتبارك يحاولن اسكاتها وتهدئتها ... خرجت تبارك من الصالة لتتسع عيناها وهي تنظر لغسق المتصنمة في الممر ... لا تؤتي بحركة ... كانت شاحبة لغاية ومتسعة العينين ... تقدمت منها تبارك هامسة وهي تبتلع ريقها
- غسق ...عزيزتي ... لاتهتمي ... انها ...
قاطعتها غسق قائلة بجمود
- هي تقول ما يردده الناس عني ... وهي ..هي ..محقة ... لماذا تزوج ابنها من فتاة ملوثة ... حتى ان كنت بريئة ...هم أصبحوا يروني ملوثة .. فاسدة ... عا...
قاطعتها تبارك وهي تتقدم نحوها بسرعة
- لاتكملي يا غسق ..لاتكملي ...نحن نعلم ماانت ... ونعلم انك لم تخطئي بشيء ... اما بالنسبة لكلام الناس فلا تهتمي حبيبتي هم سينسون بعد فترة قصيرة !
هتفت غسق بهذيان وكأنها ليست بوعيها
- لكنهم لا يعلمون ..لا يعلمون ...سيظلون يتكلمون ... لن ينسون ..لن ينسون ابداً ..ابداً
انطلقت لترتقي الدرجات وهي تمسك القدح الحار الذي اندلق نصفه على ملابسها وعلى الارض الا انها لم تنتبه ولم شعر بحرارته ... كانت حرارة ولهيب قلبها ولوعته يطغى على اي شيء اخر ... تمنت ان ما تعيشه وما يحصل لها مجرد حلم .. كابوس ... ستصحو منه لتجد ان كل شيء كما كان سابقاً في بغداد .. لم يتغير ابداً ... والدها ... شقيقتها ... منزلها ... صديقاتها ...حياتها الهادئة المطمئنة
دلفت للحمام الواقع بنهاية الممر العلوي ...قفلت الباب ووقفت في الوسط .. تلتفت حولها بحيرة وتشوش ... لتبكي بشهقات خافته ثم اصبحت تعلو اكثر واكثر .... وكأن جدران المكان تتحرك وتضيق عليها ... لا تستطيع التنفس ... هي محاصرة ... محاصرة ولا طريق امامها الا هذا الطريق المظلم المجهول ... عليها ان تسير به ... بل هي مجبرة على السير به الى النهاية ... نظرت للكوب الشبه فارغ القابع بين يديها لترفعه دون شعور منها وترميه بقوة على المرآة ... محدثاً صوتاً مدوياً وقوياً .. خلال ثانية واحدة سمعت اصوات جلبه في الممر ثم صوت تبارك يليه صوت والدتها و حبيبة ... واصوات اخرى لم تميزها ... لكنها لم تسمعهم ... كان كل ما يتردد داخل عقلها هو كلمات دلجين ونازدار .. هي اصبحت بنظرهم فتاة سهلة ..مستهترة ... تعبث بمشاعر الشباب وتستغلهم ...
هتفت بصوت متألم وهي تذرف الدموع الحارقة على وجنتيها
- اتركووووووووووني وشائني ...اتركونييييييييييييييي ....ماذا تريدون مني !
لتسمع والدتها وهي تطرق الباب بذعر وخوف
- غسق ..ابنتي ..افتحي الباب ... افتحي ولا توجعي قلبي عليكِ !
لم ترد ... لم يكن لها طاقه للرد ... فقط شهقاتها هي ما تصل اليهم ....تراجعت للخف ثم جلست على الأرض الباردة بصمت و شرود ... انتقلت نظراتها الحمراء لقطع الزجاج المتناثر تحت قدميها ...لتنحني بجذعها وتلتقط احدها تنظر لصورتها المنعكسة المصغرة داخله ... بينما كل الأفكار والأصوات اختفت ... حتى مشاعرها تجمدت ... وكأنها تعبت ... او اختارت غيبوبة وقتية بأرادتها ... تناست كل ماجرى ... وكأنها غسق القديمة الخالية من الهموم .... أراحت رأسها على الجدار وهي لا تنبس ببنت شفة
..................
...............................
همست سعدية بخوف وهي تنظر لتبارك تارة ولسعاد تارة اخرى بعينان غارقتان بالدموع
- لماذا صمتت ... ابنتي ... ابنتي ... يا ويلتاه عليك يا غسق .. اخشى ان تفعل بنفسها شيئاً
اتكأت على الجدار وبدأت تولول بصوت يقطع نياط القلب
قالت تبارك بهدوء مصطنع بينما ملامح غسق ووجهها الشاحب الذي لم يفارق مخيلتها اصابها بالذعر حقاً ...غسق كانت منهارة تماماً بدت وكأنها يائسة من الحياة
- اهدئي ..عمتي ... س..سأذهب ..لأتصل بوليد حالا ... هو بالتأكيد يعرف كيف سيتصرف !
.........................................
الأصوات أصبحت متداخلة لكن صوته اخترق سمعها ... كان قلق جداً ... أتراه بالفعل قلق عليها ام هي مجرد شفقة !!!
شعرت بوخزة وحرقة في باطن كفها أنزلت عينيها المتورمة من البكاء تنظر لذلك الدم المتجمع في راحة يدها نتيجة ضغطها على قطعة الزجاج التي كانت تمسكها بقوة ... لقد تعبت من كل شيء ... تعبت من تلك الضغوطات والهمهات التي تسمعها باستمرار ... شعورها بأنها أصبحت بلا فائدة وجودها من عدمه سواء يزداد يوماً بعد يوم ... ساعة بعد ساعة ...
سمعت صوته المهتز الذي يحاول ان يجعله هادئاً وواثقا لكنها احست بذعره وخوفه
- افتحي الباب أرجوك صغيرتي ... وانا اعدك بتنفيذ كل ما تريدين !!
ابتسمت وهمست بصوت مسموع
- لم يعد يهم .... اسفة على ما سببته لكم من ازعاج ... اسفة كل شيء
ثم بثانية واحدة بل اقل جزء من الثانية قطعت وريدها وهي تضغط على اسنانها ولا اراديا صدرت عنها صرخة خافته ليتكأ رأسها على الحائط وتغمض عينها وقد اصبح كل شيء امامها ضبابياً .... بينما الدماء المتدفقة ملأت ارضية الحمام مكونة بركة كبيرة ومرعبة !!
..........................
................................
نهاية الفصل الثامن عشر

شكرا اسورة حبيبتي تعبتج ويايه


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 20-07-19, 10:37 PM   #73

أسماء44

? العضوٌ??? » 322660
?  التسِجيلٌ » Jul 2014
? مشَارَ?اتْي » 846
?  نُقآطِيْ » أسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond repute
افتراضي

لا اله الا الله

أسماء44 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-19, 10:37 PM   #74

عشقي بيتي

نجم روايتي وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 427263
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,408
?  نُقآطِيْ » عشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond repute
افتراضي

فصول رائعه فيها ابداع منقطع النظيرواحداث رهيبه واكشن
ومشاعر عميقه وجميله واعترافات صريحه
الصراحه اشبعتيني بالفصول صح اني تاخرت في قراءتهابسبب انشغالي بظروف معينه بس في الاخيراكملتهاتستحق قراءتها لروعتها وجمالها
يسلمو يداتك يامبدعه يامتالقه وفقك الله دائماوابدا


عشقي بيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-19, 10:51 PM   #75

أسماء44

? العضوٌ??? » 322660
?  التسِجيلٌ » Jul 2014
? مشَارَ?اتْي » 846
?  نُقآطِيْ » أسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond repute
افتراضي

لا اله الا الله

أسماء44 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-19, 12:43 AM   #76

عشقي بيتي

نجم روايتي وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 427263
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,408
?  نُقآطِيْ » عشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond repute
افتراضي

والله فصلين روعه رووووووعه مسكينه غسق كله بسبب سلمى الحقيره من نشرت عنهاالاشاعات الكاذبه
وحبيبه اخيرا بدأالحظ يبتسم لها بحب زهيرلها
ورضاب اعتقد انهاستدخل في صراع مع معاذلاجل ملك وسوف يحبها متاكده
حلوووووووه الروايه والشخصيات والاحداث يسلمويداتك حبيبتي
لكي مني اجمل وارق تحيه


عشقي بيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-19, 10:04 PM   #77

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم
الفصلين التاسع عشر والعشرون
قراءة ممتعة

الفصل التاسع عشر
..........................
يجلس في الممر يتكأ على ركبتيه بمرفقيه ... محتضناً رأسه من الجانبين ... ينظر للبلاط الأبيض بجمود ... عيناه الفحميتان جامدتان .. حمراويتان ... ربما بسبب الدموع المتجمعة بهما ... مشهد غسق وهي متكئة على الجدار وبركة الدماء تحيط بها لا يغادر خيالة ابدا ... عندما كسر الباب ... تجمد لوهلة وكأن اطرافه شلت ... الزمن توقف لوهلة ...وكأن ما يشاهده هو خيال وليس حقيقة ... لايعرف كيف ربط رسغها ولا كيف حملها كالمجنون ... لم ينتبه لمن جاء معه ولم يهتم لما قد يفكروا به ... المهم هي ...هي ... يالله كيف استطاعت ان تمزق قلبه قبل ان تمزق رسغها ...سقطت دمعه من عينه ... غسق ... صغيرتي كيف فعلت ذلك !!! لِمَ لم تتحملي قليلا ... هل هو السبب ... هل كان بعيداً عنها ...هل فشل في فهمها ! لقد شعر بها ... شعر بتغيرها فور عودتها من الجامعة ... توقع ذلك ... توقع ان تسمع بعض الهمهمات البعيدة ..لكن ان تتأثر بها الى هذا الحد ... الى حد الانتحار هذا ما لم يتوقعه ابداً !
ساعات الانتظار ثقيلة وبطيئة ... كل دقيقة تمر يود لو ان يكسر هذا الباب الفاصل بينهما ليدخل اليها ويبقى معها ... هو اراد ذلك ...اراد ان يدخل معها الا ان الطبيب منعه منعاً باتاً ! مسح وجهه بكفيه متنهدا بعمق وقلة حيلة !
شعر بيد تربت على كتفه ليرفع رأسه ويرى تبارك تقف جانبه تبكي بخفوت وهي تهمس
- هل انت بخير اخي !
اومأ قائلا بجمود
- وكيف سيكون حالي وغسق بين الحياة والموت !
رفع نظراته الحمراء لها واعتدل بجلسته قائلا
- اخبريني بالضبط مالذي حصل !! مالذي حصل وجعلها تفعل ذلك !
تقدمت لتجلس جانبه ثم تنهدت ومسحت وجنتيها قائلة
- لقد جاءت والدة رازكار !
ضيق عينه ينتظرها لتكمل وياليتها لم تكمل ... كل كلمة قالتها تبارك كانت كأنها سكين مسنن يطعنه بقوة ... كيف يمكنهم ان يكونوا بهذه البشاعه والحقد !!! كيف تطعن بشرفها وتشوه سمعتها ؟!
ان لم تخجل من رابطة الصداقه التي تربطهم معاً .... فلتخجل وتستحي من الله ... الا تفكر بيوم القيامة ! الا تفكر بأن الله يسمع ويرى !!!!!! بل الا تخشى على بناتها !!!!
ليته كان موجوداً ... ليتها تكلمت أمامه لعرف جيداً كيف يسكتها ... هب واقفاً ما ان خرجت الممرضة من غرفة العمليات هتف بسرعة ولهفة
- كيف حالها ارجوكِ طمئنيني !!!
هزت رأسها وهي تقول بسرعة
- نحتاج الى متبرع للدم الان حالاً !
ثم ذكرت فصيلتها ليهتف وليد بسرعة قائلا
- انا احمل نفس فصيلتها ...
أومأت تجيبه وهي تحثه على ان يتبعها
- حسناً هيا بسرعة المريضة بحاجة لنقل دم فوراً
بعد مرور وقت طويل جداً وغسق لازالت بغرفة العمليات بينما زهير وتبارك يقفان جانبه .. الكل يقرأ الآيات القرآنية ويهمس بالدعاء لها .. خرج الطبيب فجأة ليسارع وليد يسأله بلهفة
- كيف هي دكتور ...كيف أصبحت ..
اجابه بهدوء وابتسامة جدية
- هي بخير اطمئنوا ... سنخرجها الان ... لكنها تحتاج لدعمكم المعنوي ومساندتكم وتفهمكم لها ... لقد نجت من الموت بأعجوبة !
ما أن اكمل الطبيب جملته وغادر .... حتى خر وليد يسجد لله شاكراً وفي خشوع تام و بهمس حار وعينان دامعتان يحمد لله ويشكره مراراً وتكراراً وبصوت عالٍ ... تبادل زهير وتبارك النظرات المشفقة على حال شقيقهم العاشق ... ليهمس زهير بتعب وهو ينحي ليربت على كتف وليد الذي اطال بسجوده
- حمداً لله على سلامتها اخي ... حمدلله
وقف وليد قائلا وهو يتجنب النظر له
- عد الى المنزل يا زهير .. لقد تركنا الفتيات هناك وحدهن وهذا لا يصح !
اومأ قائلا بعد ان زفر بأرتياح
- حسناً اخي ... سأذهب مادمنا طمئنينا على غسق !
نقل نظراته المتعبة لتبارك ثم لوليد قائلا
- تصبحون على خير
..........................
.................................
كان يراقب تنفسها بانتباه شديد ... وجهها شاحب للغاية ... ظهرت بعض قطرات العراق على جبينها ... الطبيب اخبره بأنها ستستعيد وعيها بعد قليل ... ابتلع ريقه هامساً
- لا حرمني الله منك حبيبتي
تبارك تركته وذهبت لتطمئن على العمة سعدية فهي الأخرى لم تتحمل الصدمة وقعت مغشياً عليها لينقلوها الى القسم المجاور في المشفى ... فقد ارتفع ضغطها بشكل خطير مما اضطر والدته للبقاء معها ... اما تبارك كانت حائرة بين هنا وهناك .... لكن مما بدا له ان تبارك تعمدت الذهاب بعد ان اخرجوا غسق من غرفة العمليات ... ربما عرفت ما يكنه لها ... وارادت ان تفسح له المجال ليبقى وحده معها !
لايهم ان اكتشف العالم اجمع حبه السري لها ... لايهم ان سخر احدٍ منه .... لايهم اي شيء في هذه الدنيا ... مايهمه الان انها بخير ... بخير ...
عاد لينظر لها من جديد ... اصبح دمه يجري بجسدها .. اصبحا كياناً واحداً ... اه غسق ... لما تفعلين هذا بي ! لما تتعمدين جرحي وطعني بتصرفاتك !!
لا يعرف أتتعمد فعلا ان تفعل ذلك !!! أتستخف هكذا بحياتها وتجعلها رخيصة بهذا الشكل ومن اجل ماذا ! من اجل بضع كلمات تافهة !!! اجل تافهة ولا معنى لها .. كان يجب ان تفكر بعائلتها والدتها به هو !! فهو سابقاً كان يعيش حياته كالميت .... يؤدي ما عليه بجمود وآلية ..اما الان ...الان هو..هو....قطع عليه سلسلة أفكاره عندما بدأ جفنيها يتحركان لتتوثب حواسه بسرعة ... اقترب منها اكثر وهو يهمس
- غسق ...غسق .. حبيبتي كيف تشعرين !
همست بشفتان متيبستان
- ما..ء ..اريد الماء..
وبسرعة التقط قنينة الماء الصغيرة وقربه من فمها وهو يرفع رأسها باليد الأخرى ...شربت القليل وهمست بتعب
- ك..فى ..
اعاد رأسها على الوسادة وجلس قربها ينظر لوجهها بتعب وانهاك ... يتنفس بعمق وكأنه الان قد عاد للحياة بعودتها ... كم ود لو ان ينام لجانبها ... يضع رأسها على صدره ويحتضنها بقوة ... لكي يخبرها بأنه هنا ...معها ... لن يتركها ابداً .... الا انه لم يستطع .... فهي محرمة عليه ....محرمة عليه ... وربما محرمة الى الابد !
بعد مرور وقت ليس بقليل استعادت وعيها واتزانها اكثر ...كانت تتجنب النظر لوجهه ... وكأنها تحاول الهروب ... بل كأنها تعرف تماما العتاب الصامت الذي يرسله لها بعينيه الداكنتين العميقتين المركزتين عليها ..... الصمت كان يلف المكان ... صمت كئيب وثقيل ... لم يعد يتحمل ... لم يعد يستطيع السكوت والادعاء بأن كل شيء سيسير عى مايرام !ليس وهي كادت ان تزهق حياتها !! حياتها التي لاتزال في ربيع شبابها !والتي هي لديه اغلى من حياته هو !
همس بصوت خشن ومعاتب
- لماذا فعلت ذلك ؟!
لم ترد ... اساسا هي لم تتذكر ما جرى ... وكأنها كانت نائمة واستيقظت فجأة .. لم تستوعب اين هي ولا ماجرى لها ... عندما استنشقت رائحة المطهرات واحست بوغزة في رسغها ..عندها فقط تذكرت كل شيء ... تذكر كل الكلمات المهينة ... كل النظرات الجارحة الساخرة ... كانت صامته لم تنطق بحرف .. ادارت وجهها الى الناحية الاخرى بينما تجمعت الدموع بعينيها ... ماذا ستقول !! كيف ستخبره !!! هي نفسها خجلة مما سمعت ... فكيف ان سمعه هو !!! امسك وليد ذقنها وادار وجهها ناحيته قائلا بقوة وقهر
- اجيبِ ..لماذا فعلت هذا !!! لماذا .. ان لم تهتمي وتفكري بنفسك كان من المفترض ان تفكري بوالدتك التي ترقد في الغرفة المجاورة لك !!! تفكري بكل الذين يحبونك !!!!
ايضاً لم تنطق ... بكت .. بكت بأنين خافت ومع كل كلمة ينطقها تبكي اكثر واكثر
- هل اردت ان تموتي كافرة ؟! اجيبِ !!! تباً ...ارفعي نظراتك لي وكفي عن البكاء ! لم اكن اظنك ستستسلمين بهذه السرعة ... اين غسق القوية !! اين غسق الجامحة ذات الكبرياء واللسان السليط اين ذهبت !!!
هتفت بصوت مبحوح ومرتجف من البكاء وهي تنظر له بنظرات جعلت قلبه يتلوى الماً
- تعبت ..تعبت ..تعبت ..لم يعد لي طاقه يا وليد ... اقسم بان طاقتي نفذت ... لقد تحطمت تحطمت وانتهى !!!!!!!!
امسك وجهها بين كفيه وهو يقترب منها اكثر ...يجبرها على النظر اليه ليقول بقوة
- لم تتحطمي ... انت اقوى من ذلك ... سنتخطى الامر معاً ... ثم مالذي تهتمين به ! أتهتمين لبضع كلمات يقولها الناس عنك !!! هناك فتيات تعرضن لاكثر وأبشع مما تعرضتي اليه ولم يتحطمن بل بالعكس أصبحن أقوى واصلب !
اجابته بصراخ وهي تهز رأسها بينما دموعها تهبط ببطء لتستقر بباطن كفيه السمراويتان تحرقهما وكأنها ماء نار حارقة
- ليس هنا ..بالتأكيد من تقصدهن لا يعيشن هنا في العراق .. حيث الفتاة لا تمتلك الا سمعتها وشرفها !
هز رأسه وقال بتعب بعد ان مسح دموعها برقة ثم ابتعد قليلا بجلسته
- كلا يا غسق بل هناك حالات شاهدتها بنفسي صدقيني ... صغيرتي .. فقط ثقي بي ونحن سنتخطى الامر معا وسترين !
ابتلعت ريقها بصمت بينما عيناها متورمتان وحمراويتان بشكل مخيف ... وجهها اصفر جداً .. وشفتيها الورديتان أصبحتا متشققتان ومتقشرتان وباهتتان ... همس داخله بوجع ...
" اه منك يا غسق ... اين اخفيك !! فقط قولي وأجيب ... أين أخفيك عن عيون الناس ... عن هذه الغابة الموحشة ! أأخفيك بين ضلوعي ! ام بداخل قلبي النابض باسمك !!! ليت مافيكِ ينتقل لي ... ليتني احمل العبء عنك ... ليت الله يأخذ روحي... ان كانت روحي ستجعلك سعيدة فأنا مستعد لتقديمها قرباً لعينيك .. فقط كوني بخير وانسي ماجرى "
ابتلع ريقه ثم قال بإصرار وقوة
- والان ...عديني ان لا تفعلي ولا تكرري فعلت الحمقاء تلك مرة اخرى!
ليهمس بقوة وصلابة
- هيا عديني غسق ..عديني ...قولي اعدك وليد بأني لن افعها مجدداً
كانت تحدق بعينيه ... خوفه وذعره كان منعكساً عبرهما ...تكاد تلمسه ...تكاد تشعر به داخلها هي ... اجابت بتعلثم وكأن لسانها نطق دون ان يأخذ الامر منها
- أع..دك ..لن افعلها مجدداً
تنهد براحة ثم وقف وتوجه ليجلس على الكرسي الذي جعله ملاصقاً لسريرها
- حسناً ...هذا جيد... والان ارتاحي ... ونامي وكل شيء سيكون على مايرام
بعد مرور عدة ثوان سمعا صوت الباب يطرق ومن ثم تدلف تبارك وهي تنظر لغسق .. وما ان رأتها حتى هرعت اليها وهي تقول بابتسامة سعيدة ... وان كان شحوب وجهها وتعبها واضح جداً عليها
- حمدلله على سلامتك يا غسق
جلست قربها لتحتضنها وهي تعدل من حجاب غسق البني الذي لف حول شعرها بعشوائية .... لتكمل بتنهيدة طويلة ونبرة معاتبة
-أهكذ تفعلين يا غسق !!! أبهذه طريقة تواجهي مشاكلك ... لازال هناك الكثير والكثير من المشاكل والتعقيدات التي ستواجهك ! اذا كنت من اول عثرة استسلمت و رفعتي الراية البيضاء ... فكيف ستقضين بقية حياتك اذن !!
اسبلت غسق اهدابها بصمت وأمارات الندم بادية على وجهها ليجيبها وليد بهدوء بينما عيناه مثبته على وجه حبيبته الشاحب
- لقد اتفقنا ان نواجه كل شيء معاً ... وغسق لن تكرر ما فعلت ابداً ... اليس كذلك غسق !
رفعت غسق نظراتها المرتبكة وهي تهمس بتشوش
-أ..أجل ..
ابتسم لها وليد ابتسامة جعلت الدفء والطمأنينة الموجودة في العالم اجمعه تتسلل اليها لتستقر بأعماق روحها المتعبة ... فجأة ودون سابق انذار فتح الباب ودلف رازكار وهو يهتف بخوف وذعر
- غسق حبيبتي هل انت بخير !!!!
.....................
...........................
أغلقت الهاتف بعد ان تكلمت مع تبارك بضع كلمات مقتضبة وسريعة ... لتتنفس الصعداء .. ثم تهمس قائلة
- الحمدلله يارب .. الحمدلله انها بخير !
المنزل بات فارغاً .. زهير وتبارك بالإضافة للخالة سعاد وسعدية جميعهم ذهبوا الى المشفى .... رضاب تجلس في الغرفة ... ملتفة حول نفسها بعالمها الخاص الذي يدور كله حول تلك الطفلة التي تسميها يقين .... وهي تجلس هنا في الصالة كانت تنتظر اي خبر عنها ليطمئنها .. والحمدلله تبارك اتصلت واخمدت قلقها وذعرها على غسق ... منظرها وهي شاحبة .. بينما الدماء تغطي ملابسها وقدميها يكاد لايفارق مخيلتها ... مسكينة يا غسق ... لم تستطع ان تتحمل كلام نازدار السام ... تلك المرأة كالأفعى تماما .. تبث سمها اينما تذهب ... تتمنى من كل قلبها ان تتخلص غسق منهم اذ يبدو ان حياتها ستكون مليئة بالمشاكل معها !
صوت جرس الباب اعادها من شرودها ... قطبت وهي تنظر للساعة وقد كانت تشير للعاشرة مساءاً ... ترى من سيزورهم بهذه الوقت المتأخر !!!
تجاهلت الباب في بادئ الامر الا ان صوت الجرس اخذ يصدح من جديد .... تنهدت ثم مشت بترد الى البوابة الخارجية همست من خلف الباب
- م..ن هناك ؟!
ليصلها صوت كمال الرخيم بوضوح تام
- انا كمال جاركم ...
فتحت الباب بتردد ثم قالت بحرج
- خيراً يا استاذ كمال هل هناك شيء ؟!
اوما قائلا بلطف وعيناه السوداء تتفحصها بدقة
- كنت اريد التحدث مع وليد في امر ضروري !!
وقبل ان تجيبه التفتا معا على صوت زهير وهو يقول بغضب وحدة
- وهل تعتقد ان هذا وقت مناسب للزيارة سيد كمال !!!
اجابه كمال بحرج وهو يتنحى جانباً
- اسف فقط كنت اريد ان ..ان اطمئن فقد سمعنا صوت جلبه في المنزل وخفنا ان يكون مكروهاً قد حدث !
اجابه زهير بابتسامة باردة قبل ان يدلف للداخل
- كثر الله خيرك ... شاكرين اهتمامك .. لكننا الحمدلله كما ترى لانعاني من شيء ...تصبح على خير
قال جملته الأخيرة واغلق الباب بقوة ووقاحة ... همس من بين أسنانه المطبقة
- هيا امامي الى الداخل يا فتاة
مشت بسرعة وهي تطرق رأسها بينما ملامح زهير كانت مرعبه ومظلمة .. خطواته تدب الارض برعب وقوة ... دخلت الصالة ومنها توجهت الى الممر الداخلي لكنه اوقفها قبل ان تصل و بصوت عالي ومتوعد هتف قائلا
- تعالي هنا ... تعالي ... اين تظنين نفسك ذاهبه ؟!
التفتت تنظر له بخوف وذعر ثم ابتلعت ريقها وقالت بشجاعة زائفة
- ماذا هناك زهير ؟!
تقدم ووقف قبالتها قائلا بغضب وهو يغرس اصابعه بذراعها الطرية
- كيف تفتحين الباب بهذا الوقت من الليل !!
اجابت بنبرة مذنبة وهي تنظر له بخوف
- حسنا .. لقد فكرت بأنه ربما ربما ربما
هتف بحدة جعلتها تجفل بخوف
- ربما ماذا هااااا !!!!
اجابت بسرعة ولهاث
- فكرت بان ربما احدكم قد عاد !!اقسم لك زهير لم اكن اعرف بأنه كمال !!!
تقول كمال !! تنطق اسمه على لسانها !!! لاااااا هذه الفتاة جنت بالتأكيد
قال بغيض وهو يضغط على اسنانه
- لا تقولي كمال !! لاتنطقي اسم ذلك الغبي ...
ليكمل بقوة وجدية تامة
- اسمعيني جيدا ... هذه اخر مرة أراك بها تفتحين باب الشارع ... اياك ...ثم اياك ان تعتبي باب الحديقة حتى !!!
ابعدت يده الضاغطة على ذراعها بصعوبة بالغة ثم تراجعت الى الوراء قائلة
- ولماذا هل انا بسجن !!! ثم انا دائما افتح باب الشارع ولم تكن تعترض فمالجديد الان !!!
اراد ان يقول لها الجديد هو اني كنت غبي وابله وأعمى ... الجديد هو اني لم انتبه لجمالك وأنوثتك الطاغية الا متأخراً ... اراد وبقوة ان يتقدم ليلتهم شفتيها الورديتان التي كانت تلويهما بامتعاض وكأن ما قاله لم يعجبها ... ابتلع ريقه قائلا
- الجديد يا حبيبة خانم .. هو انك اصبحت ...اصبحت ...
ليكمل بحشرجة وهمس رغماً عنه بينما حاجبيه الكثيفان معقودتان بانزعاج
- اصبحت شابه جميلة وملفته للنظر .. ولم تعودي حبيبة الصغيرة !
رفعت حاجبيها بتعجب بينما ضربات قلبها تهدر بعنف وقوة وهي تفكر بسرعة ... ما يصيب زهير احتمال واحد من احتمالين .. اما انه يشرب الخمر او يأخذ خبوب مخدرات وهلوسة ... التغير الجذري الذي طرأ عليه منذ رجوعها من لندن ليس طبيعي ... ليس طبيعي مطلقاً .... اجابته بمشاكسة وعناد وهي تكتف ذراعيها
- لكن ماذا افعل ان طلبت مني خالتي ذلك ؟! هل اعصي اوامرها ؟!
ضغط على فكيه اكثر ووجهه اصبح اكثر عبوساً ليجيبها بجمود
- قولي لها زهير حذرني من ان اعتب باب الشارع ... فهمتتتتتتتت
صمتت تبادله النظرات الرافضة وفمها الصغير مزموم بقوة ليصرخ مرة اخرى وبقوة اكبر
- اجيب لم اسمع صوتك هل فهمتتتتتتتتتِ !!!!
اومأت و قالت بامتعاض واستخفاف
- فهمت فهمت !
تقدم منها قائلا بشك
- مابك يا فتاة وكأن كلامي لم يعجبك !!!
تراجعت بسرعة واتجهت الى ناحية الدرجات وهي تقول بسخرية وكأنها تتحداه
- يعجبني استاذ زهير وهل يحق لي الاعتراض في هذا المنزل !!!
قال زهير بدهشة وهو يتبعها ببطء ليقف اسفل السلم ينظر لها كيف ترتقي الدرجات بخفة كأنها غزالة برية آسرة خاصة وهي ترتدي منامة صوفية وردية اللون .. وجديلتها الطويلة تتراقص على خصرها يمياً ويساراً ....
- تعالي هنا يا بنت واعيدي ما قلته ....
الا انها فرت هاربة بسرعة البرق وهي تصرخ
- أرجوك زهير اقفل الباب جيداً قبل خروجك من المنزل ... وأوصل سلامي لزوجتك !
ضرب كفاً بكف وهو يهمس بذهول
- لا اصدق ... حقاً لا اصدق !!! لقد أصبحت تمتلك لساناً طويلا تلك الفأرة الخجولة !!!
ليكمل بهمس متوعد وهو يعض على شفته اسفلى
- حسنا حبيبتي ... اطوليه اكثر سأعرف حتما كيف اقصة وفي الوقت المناسب !
....................
.....................................
كانت تهمس بخفوت وهي تلوي فمها يمينا ويساراً
- اجل يا امي مثل ما اقول لك انتحرت ...انتحرت
صمتت قليلا ثم قالت
- اقطع يدي ان لم تكن حاملا وخافت من الفضيحة !
قطبت تنصت لوالدتها واجابت بسخرية
- يستحقون كل مايجري لهم ..الى جهنم وبئس المصير !
سمعت فجأة صوت الباب يفتح لتقول بسرعة
- حسناً امي سأغلق الهاتف لقد جاء السيد زهير .. سأكلمك لاحقاً لأوافيك بأخر الأخبار !
اغلقت الهاتف ورمته بسرعة على الطاولة ثم امسكت جهاز التحكم واخذت تقلب القنوات الفضائية بملل .. دلف زهير للغرفة وهو ينزع سترته مرهقاً ... قالت وهي تدعي الاهتمام
- كيف اصبحت ابنة عمتك ؟!
نظر لها ساخراً ثم قال باقتضاب وهو يشرع بحل ازرار قميصه
- الحمدلله بخير
اومأت بتساؤل وهي تقلب شفتها للأسفل
- ترى لماذا فعلت ذلك ؟ّ ربما بسبب ...
حدجها بنظرة حادة اخرستها ثم قاطعها ببرود وصرامة
- لا شأن لك مطلقاً بها فهمتي ؟! مطلقاً !!!
رفعت كتفها بلامبالاة واجابت
- اهدأ عزيزي ... انا الملامة لاني اهتم لأمرها !!
اومأ بتهكم وقال ساخراً
- شكراً لك ... ونحن لانريد اهتمامك ... اهتمي بنفسك افضل !
تركها وذهب الى الحمام وهو يهمس بقرف ... وجودها اصبح ثقيلا جداً عليه الى متى ينبغي ان يحتملها !!!! لااااااا هذه ليست عيشة ابداً ... مالذي يجبره على تحملها وتحمل كلامها المسموم المبطن !!!
فقط فلتمضي هذه الايام على خير وسيجد حلا سريعاً لكي يتخلص منها !
بالمقابل كانت سلمى تراقبه بسخرية وشماته وهي تقول بخفوت
- عائلة كالأفاعي المجلجلة فعلا .... أسرارهم بينهم ... لا يخرجوها ولا يشاركون بها احداً ... تباً لكم جميعا !
......................
...........................

هاجرت طيور السعادة مدني وباتت مجرد أطلال باهته لا روح فيها
...........
عندما دلف بلهفة وخوف توقف كل شيء .... وليد تجمد بمكانه ...تبارك نظرت له بشفقة فرزكار من الواضح جدا بأنه يحبها بصدق ومتمسك بها لأخر رمق ... من يرى نازدار بوقاحتها ولسانها السليط لا يصدق بأن هذا الشاب هو ابنها .... بينما غسق تنظر له بذهول وعيناها الزرقاء متسعة بشدة ... كيف يجرؤ ... بعد كل ما حصل لها بسببه ..كيف يجرؤ على الحضور والوقوف أمامها ... حتى ان لم يكن يعرف بقدوم والدته الا انه سيظل السبب بكل كلمة وتهمة وجهتها نازدار لها .... قال وليد وهو يتقدم منه يحاول ادعاء الهدوء
- مالذي جئت تفعله هنا ؟!
اجابه رزكار مقطباً وهو ينقل نظراته بينه وبين غسق
- جئت لأجل زوجتي ... لقد اتصلت بزهير و.....
قاطعته غسق بغضب وقوة
- لا تقل زوجتي ...لا تقل زوجتي ....
ثم نظرت لوليد بعينان دامعتان مستنجدة به كطفلة صغيرة
- دعه يذهب من هنا .. دعه يخرج من حياتي كلها ... وليد اريد حريتي .... فليحررني ... اريد حريتي
ابتلع رزكار ريقه واقترب منها هامسا
- ماذا تقولين يا غسق !!! انا احبك ...احبك ..ارجوك
صرخت بذعر وهي تدفن نفسها بحضن تبارك اكثر .. جسدها كان يرتجف بقوة ملحوظة ... ذعرها ورفضها كان واضح من خلال دموعها المنهمرة بغزارة ... بينما كلمات والدته تردن بأذنها كمطارق حديدية مدوية
- ابتعد عنيييييييي اتركني وشائنيييييييي ماذا تريدون منيييييييييي
وهنا لم يستطيع وليد ان يتمالك نفسه اكثر ... امسك رزكار من تلابيبه قائلا
- أسمعت ! لا تريدك ... اتركها وشئنها ...ارم اليمين عليها ..ارمه حالا والا اريتك شيئاً لم تره بحياتك !
هتف وهو ينظر ناحيتها بيأس
- ارجوك غسق ... اهدئي ..اهدئي حبيبتي ... بالتأكيد انت لا تقصدين ...
قاطعته قائلة بقوة وهي تهز رأسها
- وليد ..وليد ...خلصني منه ..لا اريد رؤيته ... لا اريد رؤيته
دفعه وليد من صدره ليرميه الى الخارج وهو يقول بشراسة
- اخرج .. اخرج من هنا ... وسترمي اليمين رغماً عنك وعن عشيرتك !
صوت صرخات رزكار كانت تتردد في الممر والتي وصلتها بتحدي ساخر .... كانت تسبب لها الاختناق اكثر واكثر
- احبك غسق ..لن اتخلى عنك ابدا سمعتيييييييييييييي لن أتركك
وضعت يديها على أذنيها هامسه بجنون
- يالله ... يالله ...ماذا يريدون مني ...ماذا يريدون منيييييييييييييييي
.........................
....................................
ضربه وليد بقبضة قوية جعلته يهوى على الارض ... ليهتف قائلا بغضب ... لم يهتم لتجمع المارة الذين اخذوا يراقبونهم بتعجب وفضول
- الا تمتلك كرامة !!! اليس لك مشاعر !!!! لا تريدك .. اتركها بسلام يا رجل !!!
همس بخفوت وهو يحاول الوقوف بينما يده ارتفعت لتمسح خيط الدماء التي تدفقت من اسفل شفته
- احبها يا وليد ارجوك ... افهمني و ساعدني
مالذي يطلبه هذا المجنون الأهبل !!! أيريده ان يساعده باستمالة قلب محبوبته !!!! أيريده ان يحاول التأثير عليها لتعدل عن رأيها !!! هو لم يصدق انها أخيرا طلبت الانفصال ! اخيرا غسقه ستعود لعشها ... ستشرق له من جديد ... تعود الى حيث تنتمي ... تحت خيمته .. تحت عينيه ورعايته وحبه !!
وقبل ان يرد صدح صوت نسائي حاد في ارجاء الممر دون حياء او خجل
- انت هنااااااااااااا الن ننتهي من هذه المهزلة ... مالذي تريده منك تلك المستهترة خطافة الرجال !!!
جمهور المتفرجين أصبح بازدياد ... حتى ان احدهم اخراج هاتفه المحمول لكي يصور هذه المشاجرة المثيرة .... فهي خير مادة دسمة لكي ينشرها على موقع التواصل الاجتماعي ... الا ان وليد تدارك الامر وامسك هاتفه وضربه بالحائط ليجعل أشلائه تتناثر بقوة ... هاتفاً بشراسة وكأنه اسد جريح يواجه قطيع من الضواري التي تحاصره من كل اتجاه تستعد لالتهامه
- الى ماذا تنظرون ...هيااااااااا الكل يذهب من هنااااااااااااااا !!!
لتهتف نازدار بدورها
- بل دعهم يرون ابنتكم الوقحة كيف تحاول استدراج ابني لتوقعه بفخها ....
التفتت لهم قائله بلهجة سوقية فجة وكأنها تقف على ناصية شارع وهي تصفق بيديها
- انظروا ... انظروا ... يا ناس ... انظروا لكيد النساء ... كيف تدعي الانتحار لكي ترجعه اليها !!
نظر لها بعينان حمراويتان وهو يتقدم منها ببطء خطير جعلها لا اراديا تتراجع للوراء
- قسماً بالله لو لم تكوني امرأة لعرفت كيف اسكت فمك القذر هذا يا عديمة الحياء !!!
قال رزكار متدخلا وهو يحاول السيطرة على دموعه
- كفى يا امي ...كفى وهيا اذهبِ من هنا
اجابته بصلافة وصرخاتها لم تهدأ
- لن أغادر الا وأنت معي ...وقبلها يجب ان تنهي ارتباطك المهين مع هذه العائلة المنفلته !
وقبل ان يرد عليها وليد وصله صوت غسق الهامس وهي تقف أمامهم فجأة ووجهها شاحب للغاية
- وانا لا اريد ان ارتبط بابنك ... اخبريه ان يدعني وشأني .. اخبريه ان يرمي اليمين علي الان لأرتاح ...
لتكمل بهمس حار ومعذب دون شعور منها
-حراماُ عليكم ما تفعلونه بي ... حرام ...حرام ...
قالت نازدار بحقد وغل
- ارمي اليمين وخلصنا من هذه المستهترة
هتف رزكار وهو يحاول التقدم ناحيتها ليمسكه وليد هامساً بصوت بارد ومتوعد
- ارم اليمين ... والا .. اقسم بالله سترى شيئاً مني لن ولم تراه انت ولا والدتك ولا عشيرتك بحياتكم القذرة كلها ...وبالنهاية ايضاً ستطلقها رغم انفك !
ابتلع ريقه واخذ ينظر لغسق الشاحبة التي بدت كالشبح تماماً ليقول برجاء وتوسل حقيقي وصادق
- لكني احبك ... لقد ..لقد أحببتك بصدق يا غسق !
اجابت وعيناها تذرف دموع المهانة بينما صرخات نازدار الفاضحة كانت تضربها وكأنها اسواط نار حامية ...
- ان كنت تحبني فعلا كما تدعي ...افعلها وحررني ... ارجوك !
لتهتف نازدار مرة اخرى بنفاذ صبر
- هيا يا ولد اتعبتني معك جدا ... حسابنا سيكون في المنزل !
القى رزكار نظر كريهة وحاقدة على والدته ثم نظر لوجه وليد المظلم لينقلها اخيراً لغسق الغارقه بدموعها ... ليهمس بصوت متخاذل ونبرة مبحوحة
- انت طالق ..
همسها وخرج مسرعاً ... لتلحقه والدته وهي تطلق زغاريد السعادة التي تردد صداها في الممر الطويل .. فيما انفض جموع المارة الذين كانوا يقفون على بعد عدة امتار منهم .. انفضوا وتفرقوا بعد ان انتهت نازدار من تجريدها من كل شيء ... سمعتها .. كرامتها ونظرة الناس لها ...
انهارت غسق ارضاً وهي تبكي بقوة بينما تبارك تسندها من ذراعها تشاركها البكاء بشفقة وتأثر... تقدم وليد ليجثو أمامها لاهثاً .. محمر العينين ... وقلبه يخفق بجنون امسك وجهها ليثبت نظراته الصلبة العميقة على عينيها ماسحاً دموعها الساخنة عن وجنتيها بإبهامه ... ليهمس وهو يومئ بهدوء
- انتهى كل شيء صغيرتي ...انت حرة الان !
ارتمت بين أحضانه دون ان تشعر ... دفنت وجهها بصدره لتكتم شهقاتها هناك ... بينما التفت ذراعا وليد حولها وكأنها سور يحميها من الجميع ... سور عالي ... محصن ... ترددت كلمة وليد داخل عقلها ... هي حرة ..حرة ...الان أنت حرة يا غسق ...لكن هل هي فعلا حرة ! هل تحررت من كل القيود التي كبلتها بأحكام !! هل تحررت من نظراتهم ! هل تحررت من همساتهم !! هل تحررت حقاً !
..........................
........................
يتبع


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 21-07-19, 10:09 PM   #78

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اليوم التالي ظهراً
...........
جنوب العراق .. محافظة البصرة
........................
دلف معاذ الى المطبخ من الباب الجانبية للمنزل ... كانت والدته تقف أمام الموقد تتذوق الطعام ... تقدم معاذ وقبل رأسها قائلا
- سلمت يداك أمي الرائحة شهية جداً
التفتت تنظر له ووجهها المليء بالتجاعيد والتي لم تقلل من جمالها الوقور ابداً .. رسم ابتسامة واسعة وحنونة
- لقد أعددت لك الطعام الذي تحبه ... مرقه السمك المجفف مع الأرز !
استنشق معاذ الرائحة مغمضاً عيناه ثم زفره بحرارة قائلا
- امممممم يا سلام ...اكاد اموت جوعاً ... سأذهب لأستحم واتي فوراً
أومأت بصمت وهي تراقب خروجه بابتسامة ...لكن ابتسامتها اختفت ما ان غادر المطبخ ... مسحت يدها بالمنشفة وتوجهت الى الكرسي لتجلس عليه وهي تفكر بحال ولدها البكري ... مالذي يمنعه من الزواج وهو بعمر الثلاثين !!! اااااه يا ويلي عليك ياولدي لو ان الكلام الذي الفوه عنك صحيحاً ... عندما عرض عليه عمه ان يختار زوجة له من بنات عمومته او عماته اسوةً ببقية شباب عشيرتهم اللذين تزوجوا اغلبهم لا بل معظمهم وهم في بداية العشرين حتى ولدها المرحوم ايضاً تزوج مبكراً جداً .... فهكذا هي تقاليدهم المتعارف عليها ...فما ان يشب الصبي ويظهر له شارب على وجهه يزوجوه في الحال ....الا معاذ فقد رفض بأدب وبشكل قطعي ... رفضه استمر لعدة سنوات وبصورة متكررة الى ان تركوه بعد ان قال له عمه بوضوح تام
- امتناعك عن الزواج ليس له الا تفسيرين
كان معاذ يستمع له بصمت ليكمل الأخير كلامه بتحدي
- انك تعاني من مشاكل جنسية ... او ربما انت عاجز تماماً !!!
الذي كسر ظهرها وجعلها تبتلع لسانها هو انه لم يدافع عن نفسه وينكر ما قاله عمه !!!! لم يقدم لهم مبرراً لرفضه المستمر !!! وهذه ما اثبت الامر عليه ... منذ ذلك الحين ونساء العشيرة بدأن يتهامسن فيما بينهن عنه ... حتى وان لم يكن امامها فهي أم وتشعر جيداً عندما يمس احداً ما ابنها بنظرة واحدة .... تكاد تسمع كلامهن الصريح بأن معاذ عاجز جنسياً لا يستطيع الزواج !!!!
فقط لو يتزوج لأسكت تلك الألسنة الحادة ... فقط لو ينكر .. مجرد ان ينكر ويقول كلا انا سليم ولا اعاني شيئاً !!! لأطفئ نار قلبها الملتاع عليه !
هي تستطيع ان تجبره ليتزوج ... وتستطيع ان تجد له بدل العروس الف ... لكنها تخاف الفضيحة ... ماذا ان كان ولدها فعلا عاجز ..خاصة وهو صامت بهذا الشكل المريب !!
همست بتنهيدة ثقيلة
- يا حسرتي عليك يا ولدي من هذه التي سترضى بالزواج منك بعد ان انتشر خبر عجزك !!!!!
ياربي ماهذه المصيبة التي تحل ولا زالت تحل على رأسها .... في البداية الامر كُسر ظهرها بخبر عجز ابنها البكري ثم ليأتي خبر موت ولدها المدلل الأصغر لينسف البقية الباقية من قوتها وشموخها وكبريائها الذي تشتهر به في العشيرة كلها !!
.............................
..................................
اربيل ظهراً
....................
جلست غسق في السيارة وهم بطريق العودة للمنزل ... تحيط بها والدتها التي احتضنتها بقوة وهي تهمس وتقرأ المعوذات والأدعية عليها دون ملل او كلل ... والخالة سعاد وتبارك بالإضافة لوليد الذي كان يحدق بها طوال الوقت في المشفى وفي السيارة ايضاً ... كانت تنظر الى الشوارع المغطاة بالثلوج وهي ساهمة وحزينة ... لقد قضت نازدار على البقية المتبقية من سمعتها بتلك الفضيحة التي افتعلتها في المشفى .... يا الهي كم تريد الان ان تصرخ ...أرادت ان تهتف قائلة اوقف السيارة اريد التنفس ... أكاد اختنق قهراً وكمداً .. اريد الذهاب لمكان لا احد يعرفني فيه ....مكان بعيد حيث لا حقد ولا كراهية ... لاخيانة صديق لصديقه ... ولا تهم باطلة ترمى على الناس دون شفقة ولا رحمة !
اردت البكاء ... ارادت النحيب على حظها العاثر ..غير انها صمتت فقط من اجل والدتها المسكينة التي اتضح بأن ضغطها ارتفع واغمي عليها وبسببها هي ...وما زاد من شعورها بالذنب هي نبرتها المنكسرة المعاتبة صباحاً في المشفى
- أهكذا تفعلين يا غسق !!! تريدين حرق قلب امك عليك يا ابنتي ؟! من لي في هذه الدنيا سوالكِ !من لي غيرك يا قرة عيني ومهجة ايامي !
اغمضت عينها وهي تحاول كتم تنفسها اللاهث لتنزلق دمعة ساخنة على وجنتها ..... يا الهي ...متى سينتهي هذا الألم ...متى ستعثر على الراحة ! متى يا الله متى !!!

عند وصولها استقبلتها حبيبة ورضاب وسلمى التي لم تكف عن سؤالها وفضولها غير ان تفهم وليد واهتمامه انقذها كالعادة حيث قال
- خذيها لغرفتها لترتاح عمتي !
اومأت سعدية وهي تحثها على الصعود بمساعدة حبيبة لتتبعهم رضاب بسرعة .. لوت سلمى فمهما بغيض بينما داخلها هي مصممة لمعرفة ما جرى وماسببه بالضبط !!
.........................
دلفت تبارك لغرفتها وهي تفتح حجابها بتعب وانهاك بعد ليلة متعبه وطويلة مليئة بالأحداث الغريبة التي لا يصدقها عقل .... كم تحتاج الى شخص تتكلم معه ... تفضفض له بما في قلبها ... لوهلة تمنت ان تتصل به ... لاتعرف لماذا .. لكن حديثه الهادئ و ابتسامته الدافئة تشعرها دائما بالراحة والسكينة .... وكأن كل شيء سيكون على مايرام .... رمت حجابها على الفراش وتقدمت من طائر الكناري الأصفر الذي اختاره هو لها قائلا بمرح
- هذا طائر الكناري .. لا يوجد اسهل من الاعتناء به .. وهو سيكافئك بصوت والحان رائعة خاصة في الصباح
اخذت تنقر على اطراف القفص الصغير وهي تهمس
- احتاج لأن اكلم صاحبك كثيرا...ماذا فعل !
فكرت لعدة دقائق ثم همست بخفوت ... حسناً سأتصل به بحجة الطائر اتكلم معه قليلا ... قليلا فقط ...بيد مرتعشة ضغطت على رقمه المدون عندها ... لتقطب باستغراب ... فهاتفه مقفل !!! اتصلت مرة ومرتين وثلاث وايضاً لا رد !!! ماذا هناك !!! القلق اخذ مأخذه منها ... وقلبها بدأ يخفق بذعر ...ليس امامها خيار الا الاتصال برونق ... وبالفعل اتصلت بها ولم يمض الا ثوان ليصلها صوتها المعاتب وهي تقول
- اهلا اهلا بصديقتي التي نستني تماماً .. اهلا بهلال رمضان الذي يطل علينا في السنة مرة واحدة !!!
ضحكت تبارك بحرج فهي بالفعل في الآونة الاخيرة اصبحت قليلة الاتصال بها ... قالت بنبرة آسفة
- معك حق حبيبتي ... لكن صدقيني عندما تعلمين ظروفي ستلتمسين لي العذر وتسامحيني !
قالت رونق بمزاح وهي تدعي الغضب
- ايتها الظالمة ... انا لا صديقات لي هنا الا انتِ ... وانت دائمة الهروب مني !
اجابت تبارك بخفة
- قلبك ابيض يا رونق ..هياااااا لا تغضبي مني ارجوووووك ... أعدك ما ان نلتقي سأخبرك كل شيء !
اجابت رونق قائلة
- تعالي غداً لمنزلنا فعزوز مسافر !
ابتلعت ريقها بانزعاج ثم قالت وهي تدعي البراءة
- مسافر !!!! الى اين ؟!
اجابتها بنبرة متهكمة
- وكأنه يهمك امره !!!
اجابت تبارك بخجل وهي تزيغ حدقتيها في الفراغ
- بالطبع يهمني اليس ..اليس ...صديق اخي
قالت رونق بعدم رضا فقد اخذت تبارك وقتاً طويلا في التفكير ...ان لم يكن يعجبها الارتباط بأخيها فلتقول وتعترف مباشرة هذا افضل من الانتظار والامل
- اجل ..اجل ..نسيت فعلا صديق اخيك !
تنهدت واكملت
- على العموم هذا ليس وقت الكلام غداً عندما تأتين لنا كلام كثير معاً ... عبد العزيز لن يعود الا بعد اسبوع تقريباً ... فهو مسافر الى بغداد .. صديق له اتصل به ليخبره بأنه يمتلك أدوات طبيه يعرضها للبيع وقد ذهب عزوز ليشتريها !!
بغداد !!! انقبض قلبها ولا تعرف السبب ... خاصة عندما كان هاتفه مغلقاً .. همست بخفوت وهي تشعر وكأنها لم تعد تستطيع التركيز بما ستقوله
- ح..سناً ..غداً لن استطيع القدوم ربما بعد عدة ايام ان شاءلله...
اجابتها رونق بترحيب
- حسنا حبيبتي وانا انتظر قدومك بلهفة في اي وقت !
.......................
ويسعدني
أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية
ولو خيروني
لكررت حبك للمرة الثانية
......................
بعد مرور عدة ايام
............
دلفت لغرفته لتجده جالساً على فراشه يحدق في الفراغ ... يبدو عليه الهم والتعب ... بينما أصابعه تسبح بمسبحته الكهرمانية وفمه يردد الأذكار بصمت .... ارتسمت ابتسامة حزينة مثقلة بالهموم على حال ولدها .... متى سيجد الراحة التي يبحث عنها ! متى سيجد واحة الأمان التي ينشدها وينتظرها !
بل راحته وواحته موجودة أمام عينيه تنتظر ان يتشجع ويتقدم ليدخلها بقدمه اليمنى الا انه واقف بجمود ينتظر ان يخطفها احد اخر منه مرة اخرى !!! يخطف راحة ولدها وسعادته شخص اخر ؟! وهي على قيد الحياة وتعرف ومتأكدة جيداً اين هي واين تكمن واحة الراحة الابدية له ! هل ستقف هي الاخرى مكتفه ذراعيها تراقب انكسار وذبول نورعينها امام ناظريها !!!
لا والله لن يحصل ...لن يحصل ابداً !!! تقدمت بخطوات هادئة لتجلس قبالته تنظر له بعينان دمعتان ... انتبه لها فأعتدل بجلسته قائلا بهمس وهو يبتسم لها بتعب
- امي ؟!!
أجابته دون مقدمات ودون مراوغة ... هي تفهمه ... تعرف علته ... وتعرف اين تجد دوائة ...
- اخطبها يا ولدي ... ولا تنتظر ... انت تحبها ... هي متعبه وانت متعب .... تزوجا وافتحا صفحة جديدة ... كلاكما يستحق السعادة
نظر لها بتردد قائلا بهمس وكأنه يكلم انعكاسه في المرآة ... اجل مع والدته يكون كالكتاب المفتوح يعود طفل صغير يشكو اليها همه دون غموض او خجل
- لكن يا امي انت تعرفين ان ..
قاطعته بحزم وإصرار
- اشششش لا تعيد كلامك السخيف ذاك ... فهي مجرد حجج واوهام موجودة بعقلك انت فقط ...
ابتلع ريقه ثم اجابها مقطباً بجمود
- ماذا ان رفضت !!!
قالت بضيق وانزعاج
- اخطبها انت اولا ولن ترفض بأذن الله ...
لتكمل بابتسامة حنونة
- قلبي بارد جدا يا وليد ... وعندي شعور ان هذه الفتاة من نصيبك .. أحساس الام يا نور عيني يخبرني انها لك ..لك انت !
اضطربت دقات قلبه بعشوائية لذيذة هو يتخيلها فعلا عروس .. بفستان الزفاف الأبيض تنتظر وصوله لها لتتأبط ذراعه وتتوسد صدره .. ينتشر شعرها الذهبي الطويل على وسادته ... تشعر بخفقاته التي تنبض من اجلها هي فقط ... اخذ ينظر لها صامتاً وكأنه يقول لها اتمنى ذلك يا اماه ...اتمنى ....لتهب سعاد واقفه وهي تقول
- خير البر عاجله ... الان سأفاتح سعدية بالامر وانا واثقة من موافقتها !
تركته وغادرت وهو لم يطاوعه قلبه على ايقافها ... همس بشرود وهو يحدق للباب الذي اغلقته والدته لتو
- ليست المشكلة بعمتي سعديه يا امي بل المشكلة بها هي !!!
..........................
...............................
منذ متى ونحن لم نجلس هكذا جلسه هادئة يا سعديه
أجابتها الاخيرة قائلة وهي تأكل قطعة من مخبوز التمر الذي أخرجته سعاد للتو من الفرن
- اااه يا سعاد وهل المصائب التي مررنا بها أتاحت لنا المجال لألتقاط انفاسنا !!!
كانتا تجلسان في المطبخ على السجاد الوثير ... قرب المدفئة النفطية .... صبت سعاد الشاي في قدحين صغيرين وهي تقول
- اجل معك حق ... الحمدلله على كل حال !
ناولتها الشاي واكملت وهي تعتدل بجلستها ثم رتبت وشاحها الابيض وقالت بجدية
- اسمعيني جيداً يا سعدية ... دون مماطلة ولا لف ودوران انا ناديتك الان من اجل ان اطلب منك امراً مهماً جداً
شربت سعدية القليل من الشاي وقالت
- خيراً ان شاءلله ماذا هناك ؟!
اجابت سعاد قائلة بهدوء
- أريد ان اخطب ابنتك !
وضعت سعدية القدح ارضاً وقالت بتعجب
- غسق !!!!!
رفعت سعاد حاجبيها وهي تقول بسخرية طفيفة
- وهل لك غيرها يا ذكيه !
ضحكت سعدية واجابتها مبررة
- لا طبعا لكن انت فاجأتني يا سعاد .... ولمن تريدين ان تخطبيها !
قالت سعاد بفخر واعتزاز وقد انتفخ صدرها بحماس امومي
- لولدي البكري وليد !
لم ترد عليها سعدية بحرف بل ظلت تنظر لها بدهشة .... السعادة التي شعرت بها الجمت لسانها ... وليد يخطب غسق .. وليد اكثر ابناء شقيقها قرباً لقلبها ... تمنت بسرها ودعت ان يخطب غسق رجل يمتلك نصف رجولة وشهامة ورزانة وليد .... لكن ان يصبح هو زوج ابنتها ! ان يتحقق ما كانت ترجوه بصدق !!! هذا اكثر بكثير مما تمنته على الاطلاق .. قالت سعاد وقد اختفى الحماس منها عندما لاحظت شرودها وصمتها
- مابك يا سعدية ! هل انت غير موافقة ؟!
أكملت بكبرياء وترفع
- ان كنت غير موافقة لابأس ... منذ الغد سأذهب وابحث له عن عروس والف فتاة وفتاة ستتمنى أشارة منه !!
هتفت سعدية بسرعة وهي تقول بتعجب
- مابك يا امرأة انطلقت كخرطوم الماء في وجهي .. اصبري ودعيني اعيش اللحظة !
وضعت سعاد يدها على ذقنها وقالت
- اي لحظة هذه التي تريدين ان تعيشينها يا سيدة سعدية ؟!
ابتسمت سعدية بحنان واجابت
-اللحظة التي حلمت بها دائما ... هو ان يكون زينة شباب العشيرة لا بل زينة شباب العراق كلها زوجاً لابنتي !
اعتدلت سعاد بجلستها وقالت بشك
- افهم من كلامك انك ....
قاطعتها بسعادة وفرحة
- بالتأكيد موافقة ايتها العجوز وهل مثل وليد يرفض ...
لتكمل بقلق
- لكني لازلت خائفة قليلا
قطبت بتساؤل
- مما تخافين يا سعدية ؟!
همست بحزن
- اخشى ان ترفضه غسق ...انت تعرفين بالظروف التي أحاطت بها مؤخراً ... يا الله ... قلبي يؤلمني كلما تذكرت مافعلته بنفسها تلك الفتاة المتهورة بسبب بضع كلمات خرجت من فم انسانة حقودة و لاتفقه شيئاً بالأصول والأدب !
اجابتها سعاد بهدوء
- الحمدلله اننا تخلصنا منهم ... تخيلي لو ان الزواج كان قد تم بالفعل !!! اقسم لك ان نهايتها كانت لتنتهي بالفشل !
اومأت توافقها بصمت لتكمل سعاد قائلة
- انت افتحي معها الموضوع ولنرى ماذا ستقول ... ان رفضت نصبر عليها اكثر بالنهاية ستهدأ وتنسى كل ماجرى لها سابقاً
اجابت سعدية بهدوء بينما داخلها هي غير مطمئنة لردة فعل ابنتها ابداً
- حسنا سأحاول ان افاتحها بالامر قريباً
اجابت سعاد بسرعة ولهفة
- فاتحيها اليوم !! ارجوك يا سعدية
اجابت الاخيرة قائلة وهي تنظر للساعة المعلقة على جدار المطبخ
- اخشى ان تكون قد نامت الان !
قالت سعاد بحماس اكثر
- لازال الوقت مبكر على النوم يا امرأة ... اذهب هيا ولا تكوني كسولة !!
ابتلعت سعدية ريقها وهمست
- حسناً .. حسناً ... سأذهب .. فليقدم الله الخير لهما !
.....................
.........................
تعبان كَلبي. من الوكت مــــــقهور
مثل غيمة حزن تمـــــطر على كبـــــريت
وانه بنار عايش والدمـــــوع. تــفــــــــــــور
كل يوم الامس مثل الفلــــــم ينعــــــــاد
وباجر والامس والجاي نفـــــــس الطــــور
ناعور الوكت يســـــــگيني جان. اشـــعار
وافتر الوكت وانه الــــــصرت ناعـــــــــــــور
جنت اضحك واسولـــــــــف ويا هذا وذاك
على غفلة ولگيت الناس. كلها جــــــــور
طرت بجـــــــــناح واحد للفرح فد يـــــــوم
شو حتـــــــى الفرح ردني بجنح مكسور
ضيعت البـــــــــخت . وانه الجنت محـــظوظ
حتى ويا العــشك ما عشت لحضة بنور
يا كَلبي شكثر عذبـتك انت ويـاي
احس كَلبي على كَلبي من الحزن مفطور
.......................
كانت غسق متكورة في فراشها كالجنين ... خيالات وأصوات وهمهمات التي سمعتها بتلك الايام العاصفة لا تفارقها .... تحاول ان تلهي نفسها وتنساها الا انها فشلت فشلا ذريعاً ...نظرات سلمى الساخرة ونظرات الشفقة التي ترمقها كلا من حبيبة وتبارك وحتى رضاب تخنقها بشدة .... لم تعد تستطيع تحمل نظراتهم لذلك انطوت في غرفتها ... تصلي اغلب الوقت وتناجي ربها ... الليل طويل وثقيل .. xxxxب الساعة تسير ببطء شديد .. كانت تقرأ القران وهي تبكي بحرقة ... بكائها كان يريحها ... وقراءة القرآن تضيء الظلام المرعب المحيط حولها ....
والدتها المسكينة كانت لا توفر جهد بالتكلم معها وملاطفتها تحاول قدر استطاعتها ان تخفف من الهم والحزن المرسوم على ملامحها ...وهي كانت تجاريها وتبتسم لها بشحوب .... حتى حبيبة وتبارك تقضيان الكثير من الوقت معها .... الا ان ابتسامتها كانت مجاملة لهم فقط ... مابقلبها من احتراق وانقباض لن يشعر و يحس به احد الا الله ...الله فقط !
احست بدخول والدتها وجلوسها الى جانبها هامسه بحب وحنان
- غسق ..حبيبتي هل انتِ نائمة ؟!
كادت ان تدعي النوم فعلا غير ان قلبها لم يطاوعها على ذلك اذ التفتت وهي تعتدل لتجلس هامسة
- ليس بعد يا امي !
اومأت والدتها بحنان وقالت
- اريد ان اخبرك امراً مهماً !!!
رفعت غسق نظراتها الذابله بصمت تنتظر ما تريد قوله لها ... لتبتلع سعاد ريقها وهي تبتسم بتردد ...قالت غسق بتساؤل وفضول
- ماذا هناك امي ؟!
رطبت سعدية شفتيها وقالت
- انظري يا غسق ...انت فكري جيداً ... الامر بحاجة للتريث يا ابنتي ... لا تعطي رأيك الان ...انتظر..
قاطعتها غسق قائلة بأرهاق
- اميييييييي ماذا هناك ؟!
اجابت سعدية بسرعة قبل ان تخونها شجاعتها
- خالتك سعاد طلبت يدك لوليد !!!
.......................
...................................
صباحاً
....................
طرقت الباب بخفة وهي تهمس داخلها بامتعاض ... اوف ماذا تريد مني هذه الحقودة !!
والله لولا ان خالتي قالت اذهبِ ف ( سلمى ) تحتاجك لتساعديها لما وصلت ووطئت ارض شقتها ابداً ... لكن لابأس ..لابأس كله يهون من اجلك يا زهير ... لم يمض الا عدة ثوانٍ لتفتح سلمى الباب هاتفة بترحاب كاذب
- تعالي حبيبة اهلا بك .... تفضلي بالدخول!
همست وهي تدلف للداخل ببطء
- صباح الخير
اجابت الاخرى وهي ترمق حبيبة بسخرية مبطنة
- صباح الانوار حبيبتي ... شكراً لك على مجيئك ... كنت اريدك ان تساعديني بأخراج السجادة من الصالة اريد استبدالها بواحدة اخرى !
اومأت حبيبة بصمت وهي تتبعها الى الصالة الصغيرة ... قالت سلمى بعفوية
- سأذهب لأعد الشاي تعالي نتكلم قليلا قبل البدء بالعمل
اجابت حبيبة بضيق
- لاحاجة لذلك ..فلنبدأ الان !!
تجاهلت سلمى كلامها وهي تتوجه للمطبخ قائلة بصوت مرتفع
- هراء ما تقولين ...تعالي تعالي لنجلس هنا !!
تبعتها حبيبة باستسلام وهي تشعر بأن هناك سبب ما جعل سلمى تطلب منها المساعدة ! والا فهي تكرهها كثيراً ولا حاجة للتفكير بذلك !
جلست على الكرسي المجاور للطاولة فيما بدأت سلمى باعداد الشاي وهي تقول
- اممممم كيف حالك وكيف حالك شقيقتك ؟!
تمتمت حبيبة وهي تراقب ما تفعله ببهوت
- الحمدلله بخير !!
حملت الأقداح ووضعتها على الطاولة ومن ثم اخرجت كيكة الشكولاته من الثلاجة ووضعته أمامها ... جلست قبالتها وقالت
- تذوقيها لقد أعددتها بنفسي .. فزهير حبيبي يحبها من يدي ويطلبها باستمرار !
اختنقت انفاسها واضطربت دقات قبها بألم وهي تجيبها بهدوء ظاهري
- شكراً لك ... سأكل منها لاحقاً
اصدر ابريق الشاي صفيراً يدل على نضوجه لتقف وتتجه للموقد تطفئة بسرعة ثم تبدأ بصبه في الاقداح قبل ان تعاود الجلوس ...ظلت تتجاذب معها اطراف الحديث الذي كان معظمة تافهاً وبلا معنى الى ان سألتها فجأة وهي تدعي البراءة
- اخبريني يا حبيبة .... امممم ... مابها غسق ؟! اقصد ما سبب الانتحار !! هل ..هي ..حامل !!!
اتسعت عينا حبيبة بقوة وقد فهمت تماما ماهو سبب هذا الاهتمام والاستدعاء المفاجئ فمنذ متى وسلمى تطيق وجودها في المنزل ... أجابت بأقتضاب وهي تنظر لها بهدوء
- لا اعرف شيئاً !
هتفت سلمى بقوة واستنكار ... فهي لم تدعوها الا لتعرف بالضبط ماجرى هناك ولماذا انتحرت تلك الفتاة !! لن تدع فرصتها هذه تذهب هباءاً نتيجة لبلاهة وغباء هذه الخرساء المقرفة ... لقد سهرت طوال الليالي الماضية وهي تفكر بكيفية معرفة ما يخفونه عنها ... لم تصدق متى يأتي الصباح و يخرج زهير للعمل لتسارع بالاتصال بتلك العجوز الخرفة سعاد لكي تنفذ فكرتها بأن تطلب منها بأدب ورقة ان تأتي حبيبة لكي تساعدها في حمل وتنظيف سجادة الصالة والتي لا تحتاج لتنظيف ابداً !
- نعم !!!! لا تعرفين !!! كيف لاتعرفين وانتما بنفس المنزل !!
رفعت حبيبة كتفها قائلة ببراءة تامة
- انا اقضي معظم الوقت في الغرفة مع رضاب ... ولا اتدخل بما لا يعنيني ابداً
اومأت سلمى وهي تزفر الهواء بغضب وحدة بينما اخذت تهز ساقها بتوتر وسرعة .. وقفت حبيبة قائلة
- والان هل نبدأ العمل !!!
نظرت لها سلمى بغيض وكراهية شديدة وهي تقول
- لا اريد غيرت رأي شكراً لك
رفعت حبيبة حاجبيها قائلة
- هل انت متأكدة !!!!
اجابت بنفاذ صبر وقد تغيرت معاملتها اللطيفة بثانية واحدة
- اجل متأكدة ... شكراً لك !
قالت حبيبة ببساطة وهي تقلب شفتها
- كما تشائين عزيزتي !
.....................
...........................
همست سعدية بحزن وهي تجلس على طرف الفراش في غرفة سعاد
- لم توافق ...
قالت سعاد بهدوء وصبر وهي تجلس جانبها
- لماذا !!!
اخذت سعدية تسرد عليها ما حصل وهي تتذكر ثورة غسق العارمة وعيناها الذابلة التي توحشت فجأة وتألقت بشراسة لبوه حبيسة بين قضبان قفص ضيق ...كانت تهتف بوجع ادمى قلبها وجعلها تبكي بقوة
- يكفي يا امي يكفي .... لا اريد التطرق لهذا الامر ..لا الان ولا في المستقبل !
اجابت سعدية بحزن ومواساة وهي تحاول تهدئة ثورة ابنتها
- لماذا يا ابنتي ..لماذا مابه وليد هو ...
قاطعتها وهي تهب واقفه تنتقل بين ارجاء الغرفة ببكاء مرير وهي تضع يدها على رأسها
- العيب ليس بوليد ... العيب مني انا ..انا ..
ثم اخذت تلطم خديها وهي لازالت تصرخ بجنون
- انا ..انا ...انا ... العيب مني ..مني ...
اجابت والدتها وهي تنهض بسرعة لتقف امامها تمسك يدها تمنعها من ايذاء نفسها بينما جسدها يهتز من اثر ابكاء
- كفى ...كفى ... لاتقولي هذا الكلام .. يا ابنتي الف شاب يتمنى ان ...
صرخت بقهر وهي تشد شعرها بقوة
- لا يا امي ...لا ... سمعتي تشوهت ... وانا لا احد يتمناني ابداً ...حتى ابن اخيك ... يفعل ذلك لأنه يشفق علي .. يشفق على ابنة عمته المسكينة ..التي لن يطرق بابها احد وهو يعرف ومتأكد من ذلك
همست والدتها بصوت مبحوح وهي تحاول احتضانها
- حبيبتي غسق ...يكفي بالله عليك يكفي
ارتمت غسق بأحضانها هامسة بشهقات متقطعة وضعف وتعب
- ان كنت تحبيني حقاً قولي لهم ان يتركوني وشائني ...لا اريد شفقة من احد
انتهت سعدية من حديثها وسردها وهي تمسح دموعها بطرف وشاحها بيدين مرتجفتين برزت بهما العروق الخضراء نتيجة ضعفها وهزلها الذي اصابها مؤخراً على ابنتها ...اومأت سعاد بشرود وهي مقطبة
- توقعت رفضها ...هي الان مجروحة يا سعدية وليس سهلا مامرت به !
اجابت سعدية بحزن
- اذن ماذا سنفعل !
وضعت سعاد اصابعها على ذقنها وقالت
- ننتظر قليلا ونعاود المحاولة من جديد
اومأت سعدية وقالت
- ووليد هل ستخبريه ؟!
هزت سعاد رأسها وهي تجيب
- لالا ... ان سألني سأخبره بأنها تفكر وستأخذ وقتا طويلا بالتفكير
همست سعدية بمرار وقهر
- ارجوك ان تكون من نصيبه انا احب وليد جدا واعرف بأنه خير من سيحافظ عليها بعد موتي !
ظلا يتهامسان بخفوت وهما غافلتان عن الجسد الرجولي المتشنج الذي كان يقف قرب باب غرفة والدته والذي جاء ليتحدث معها بالصدفة ليسمع ويدرك سبب رفض غسقه الغبية للارتباط به والذي يعرف جيداً كيف سيعالجه !!!
نزلت الدرجات وهي تقضم شفتها بتوتر ... يجب ان تجد حلا سريعاً لمشكلتها ... هي لن تعيش طوال الوقت بهذه الدوامة المرعبة ..... الف فكرة وفكرة تخطر ببالها كل دقيقة ... لقد تعلقت بها حد الجنون ولن تسمح لأي احد ...اي احد مهما كان بأن يفرقهما .... عندما تنطق بكلمة ماما تشعر وكأنها تحلق فوق السحب ... بل وكأنها لامست النجوم البعيدة بيديها ليرفرف قلبها بسعادة لم تشعر بها منذ فترة طوووووووويلة طويلة جدا جداً !
رأت وليد يمشي ببطء في الممر وهو يمرر أصابعه بين ثنايا شعره ... عابس الوجه ومتجهم ... ربما الوقت غير مناسب الان لتكلمه !!! لالالا فلتذهب الان وتطلب منه ما فكرت به منذ عدة ايام مضت ... نزلت الدرجات المتبقية بسرعة وهي تقول بتردد
- وليد ..وليد ارجوك انتظر
توقف وليد والتفت ينظر لها بهدوء قائلا
- نعم يا رضاب ماذا هناك ؟!
ابتلعت ريقها وابتسمت بشحوب
- ا..نا ..اريد ان ..ان ..اتكلم معك بأمر ضروري جداً لايحتمل التأجيل !!
قطب باهتمام وقال
- حسناً ... تعالي الى المكتب نتكلم براحة اكثر
اومأت وهي تتبعه بتوتر ملحوظ ... جلس خلف المكتب وقال لها بلطف
- تعالي اجسلي يا رضاب ... واخبريني ماذا هناك !
جلست بحرج ثم وضعت خصلة من شعرها خلف اذنها بارتباك وخجل ... تنهدت وقالت
- الحقيقة يا وليد ...اريد ان اطلب منك معروفاً
نظر لها بصمت وهو يهز رأسه لتكمل برجاء وتوسل
- ارجوك ..ارجوك ان تحققه لي ...بالله عليك ...ارجوك ... فليوفقك الله ويحقق لك كل ما تتمنى لا تخذلني ولا ترد طلبي ! ليس لي الا الله وانت !
اجاب باهتمام صادق وقد انتابه الفضول لمعرفه ماتريده رضاب والذي من اجله تتكلم هكذا وتتوسل بكل خوف وذعر وعيناها تلتمع بالدموع
- حسنا يا رضاب ان كان بمقدوري ...لك وعداً مني بتحقيقه ان شاءلله ! لكن ماهو طلبك ؟!
اجابت بسرعة وقوة وتصميم
- اريد ان اتبنى يقين ..اقصد ملك !
...........................
................................
أحبك
كيف تريديني أن أبرهن أن حضورك في الكون
مثل حضور المياه
ومثل حضور الشجر
وأنك زهرة دوار شمس
وبستان نخل
وأغنية أبحرت من وتر
دعيني أقولك بالصمت
حين تضيق العبارة عما أعاني
وحين يصير الكلام مؤامرة أتورط فيها
وتغدو القصيدة انية من حجر
دعيني
أقولك ما بين نفسي وبيني
وما بين أهداب عيني وعيني
دعيني
أقولك بالرمز إن كنت لا تثقين بضوء القمر
دعيني أقولك بالبرق
أو برذاذ المطر
دعيني أقدم للبحر عنوان عينيك
إن تقبلي دعوتي للسفر
لماذا أحبك
إن السفينة في البحر لا تتذكر كيف أحاط بها الماء
لا تتذكر كيف اعتراها الدوار
لماذا أحبك
إن الرصاصة في اللحم لا تتساءل من أين جاءت
وليست تقدم أي اعتذار
......................
............................
طوال النهار كان يعمل بشرود ... يفكر بكيفية إيجاد حل مع تلك العنيدة !! طوال الوقت هي معتكفة بغرفتها ... لا تكلم احداً ولا تنزل لتناول الوجبات معهم !!!
كيف سيساعدها وهي ترفض ان تساعد نفسها ! كيف سيقترب منها ويحتويها بحبه وحنانه واهتمامه ان كانت متباعدة عنه بهذا الشكل المبالغ به !!
كم واجه بحياته السابقة من مشاكل وتعقيدات لا حل لها الا انه لم يشعر يوماً بالعجز وقلة الحيلة كالتي يشعر بها الان !!!
عندما اقترحت والدته الخطبة وافقها بصمت ... يعرف ان الوقت ربما غير مناسب وربما تسرع بأختيار هذا التوقيت بالذات .. لكنه فعل ذلك من اجلها .... لكي يكون قربها ... قربها اكثر واكثر فقط !!!
حسنا اليوم سيحسم الامر ... اليوم سيذهب لصومعتها لكي يتكلم معها .. يجب ان يخبرها ما في قلبه منذ شهور طويلة ... سيخبرها ليرتاح هو ... وتختار هي !
لم يعد للمنزل على الغداء بقي يتجول في المزرعة ... يجهد بدنه بالعمل ... يحاول اشغال عقله عن التفكير والقلق المستمر عليها .... حتى انه نسي ان يذهب للميتم لكي يرى ما يستطيع فعله من اجل رضاب ... هو متأكد من ان احتمالية تبنيها مستحيلة ... لكنه سيحاول من اجل تلك المسكينة المتمسكة بها وكأن روحها خرجت منها واستقرت بجسد تلك الطفلة التي ظهرت في حياتهم فجأة !!!!
حل المساء وعاد متعباً ومنهكاً الى المنزل .... ذهب لغرفته مباشرة ثم استحم ليريح جسده المتعب تحت رذاذ الماء الساخن ....
والدته كانت ترمقه بصمت وتوتر طوال الوقت وكأنها تخشى ان يسألها عن جواب غسق بشأن الخطبة ... ابتسم ساخراً بمرار ... ليهمس بسره اعرف يا امي ... انا اعرف ان الحظ السعيد لم يكتب لي ابداً !!
............
..................................
كانت الساعة تشير الى التاسعة والنصف تماماً عندما صعد بنية التكلم معها ... قلبه كان يهدر بعنف ..يحاول التحكم بأنفاسه المشتعلة .... يهدأ قليلا من ملامحه المتشنجة العابسة ... وصل لباب غرفتها ثم سحب نفساً عميقاً ورفع يده ليطرق الباب بهدوء ... سمع صوت عمته من ثم فتحته لتتسع عيناها بتعجب ما لبث ان تحول لتوتر جلي على معالمها ... قالت بارتباك
- خيراً يا ولدي هل هناك شيء ؟!
هز رأسه قائلا وهو مقطب الحاجبين
- خير ان شاء الله عمتي .... اريد التكلم مع غسق ان سمحتي !
نظرت له بشك وكأنها عرفت مايريد لكنها صمتت قليلا ثم اجابت موافقة
- حسنا يا ولدي انتظر لدقائق فقط
اغلقت الباب ثم توجهت مسرعة لتنحني هامسة قرب اذن ابنتها الشاردة كعادتها
- غسق حبيبتي .. وليد يريد التكلم معك
نظرت لها بسرعة وعيناها الزرقاء برقت بشراسة وكأن لهيب نار ازرق اشتعل بهما لتجيبها بصوت عالي دون شعور منها
- ماذا يريد مني !!!!! الم توصلي له قراري !!!!
همست والدتها وهي تضع كفها على صدرها بتوسل وجبينها يتصبب عرق الإحراج والخجل بغزارة
- من اجل خاطري يا غسق ... من اجل والدتك ... فقط اسمعيه واعرفي ما يريده منك !
هزت غسق رأسها وعيناها تغرق بالدموع
- لماذا تفعلون هذا بي !! لماذا !!! لقد انزويت في الغرفة لكي لا اريكم وجهي ...فلماذا تصرون على تعذيبي وملاحقتي ... اتركوني وشأني ... اتركوني وشائنييييييييييييييي
سمع كل ماقالته ... وصله واستقر بقلبه قبل عقله ... وياللعجب لم يتألم كثيراً ..ربما لانه يعرف ويشعر بإحساسها ... يشعر بما تعانيه وهي وحيدة ... بالتأكيد الان تشعر وكأن العالم كله اتفق عليها ... لكن الا هو .... الا انا يا غسقي ... الا انا يا حبيبة الروح والقلب ... انت لي ..لي وستقرين وتعترفين بأحقيتي بك ... ربما في البداية كان متردداً الا انه الان وبعد ان سمعها أصبح اكثر إصرارا وثباتاً على نيلها والفوز بها ... وسيخبرها بكل ما يرده .... الان ...والان حالا !!!
سحب نفساً عميقاً ثم فتح الباب ليدلف الى الداخل بطوله الفارع وضخامته المميزة .... يعرف ان تصرفه هذا خطئاً لكونها محجبة الا انها هي ... حبيبته العنيدة من تجبره على فعل اشياء لا يرغب حقاً بالإقدام عليها !!!
نظر لها ... لوجهها الشاحب المصعوق من دخوله الجريء هذا ... شعرها الطويل المشعث الذي وضعت عليه عمته الحجاب فوراً ...يديها الصغيرتان اللتان تقبضان على الغطاء ألزغبي بقوة ... صمت ... صمت طويل جدا امتد بينهم ... صمت ظن انه لن ينتهي ابداً .... قال لعمته التي كانت تبكي بخفوت بينما عيناه المشتعلة مثبته عليها بصرامة
- اتركينا وحدنا عمتي من فضلك !!
نظرت له عمته بصمت ليومئ لها بصلابة وثقه ... همست وهي تخرج من الغرفة بخذلان
- سأنتظر في الخارج يا ولدي ... فليهدها الله ويريح قلبها وقلبك !
غادرت وأغلقت الباب الا أنها لم تغلقه كلياً تركته موارباً ... ظل ينظر لها ووجهه مظلم ... عيناه جامدتان مثبته على عينيها الحمراء التي تبادله النظر بتحدي .... وضع يديه خلف ظهره واقترب من مكان جلوسها قائلا
- لماذا رفضتِ !!!
تغيرت ملامحها الشرسة المتحدية بثانية واحدة لتتحول الى اخرى متألمة ومتغضنة ليكمل بقوة
- لماذا رفضتِ !!! اجيبِ على سؤالي !!!
أطرقت رأسها وهمست باختناق
- هذا أفضل لك ولي يا وليد !
اقترب منها اكثر يجلس قبالتها وبجراءة فاجأته هو قبل ان تفاجئها هي ... حيث تراجعت الى الوراء بسرعة ليقول وليد بسخرية
- وكيف تعرفين ما هو الأفضل لي يا غسق !!
نظرت له بضياع وتشتت وهي تجيبه بتشوش
- انا..ا..نا ..لم اعد ..انفع لشيء ..لقد..تحطمت ... و..انا ..شاكرة اهتمامك ..وشهامتك ... لكنك يجب ..الا تشعر بالشفقة علي ...الزواج يحتاج الى...
قاطعها بسرعة وقوة واستنكار
- شفقة !!! انت ترين اهتمامي بك شفقة !!!
لم ترد عليه ... بل ظلت تنظر له بنظرات حمراء ... منكسرة ... خجلة وذليلة ...
ماذا ستقول له !! أتقول انها انتهت ! فقدت ثقتها بنفسها وبمن حولها !!! أتقول بأنها أصبحت تشعر بأن الكل يرمقها بشفقة وتعاطف نتيجة ما حصل معها !!!!
طال صمتها وهي لاتزال على حالة الجمود .... ليتنهد وليد متعباً ثم اخذ ينظر لها بنظرات اختلطت ما بين ... حزن ... عتاب ... تأنيب ... حنين ... دفئ ...او ربما الم ... اكمل قائلا بنبرة لامست قلبها وجعلت الدموع تتجمع بعينها
- أتعرفين يا غسق ... بأني كنت اشبه الرجل الآلي ... اجل رجل الآلي ... حياتي مقتصرة مابين المزرعة والمنزل ... دائما أسارع لحل مشاكل الجميع ... دائما كنت الحائط الذي يتكئون عليه ...
ابتسم بحزن قائلا
- حياتي تشبه القمر ... يضيء للكل لكنه لا يستطيع ان يضيء لنفسه ... داخله بارد باهت ...مظلم ..ووحيد ... الى ان ...جئت انت ...جئت انت يا غسق ... ملأت حياتي ببهجتك ... شقاوتك ...عنادك ... أحببتك ...
اتسعت عيناها لتتساقط الدموع دون شعور منها ليكمل وليد مبتسماً ابتسامة جعلت الخطوط الدقيقة تظهر جانب عينيه
- اجل غسق احبك ...احبك ...اكثر من اي شيء أخر بحياتي .... ربما أحببتك منذ فترة طويلة ... طويلة جدا ... جدائلك الذهبية تزور أحلامي باستمرار ... كيف لم تنتبهي لنظرت عيني التي كانت تخبرك دائما بأني احبك ... لغيرتي المبالغ بها عليكِ دونًا عن الكل ... خوفي ... لهفتي ... محاسبتي ... و أوامري التي كنت تبغضيها !!!
اشار لرأسه هامساً بنبرة جادة او ربما متعبة
- انظري لهذا الشيب الذي اخذ يغزو رأسي اكثر من ذي قبل ... أتعرفين ما سببه !!ها ..أتعرفين ؟!
ليتنهد بابتسامة حزينة بينما غسق تنظر له وعيناها لا ارادياً تذرف الدموع بغزارة
- انه بسببك انت يا غسق ... اجل بسببك انت ..كنت ولا زلت دائم الخوف عليك لدرجة مرضية ونفسية ... احبك ومالي على قلبي من سلطان ...احبك جداً ... احبك لدرجة لم أتخيلها ... لكنك بعيدة ...بعيدة ومستحيلة يا غسق ... هل لك ان تتخيلي كيف هو شعوري عندما خطبك رزكار تمنيت ان اخطفك ... تمنيت ان أجعلك تحبيني ... ان تنتبهي لي ... تفهميني ... لكن للأسف كنت تكرهيني ... يالله ... يالله انت لم تكوني تطيقي لي كلمة واحدة فما بالك ان تقدمت لك ... رغبتي بالزواج منك لم تكن وليدة اللحظة ولا هي شفقة ... بل هي امنية تمنيتها منذ زمن بعيد ... بعيد جدا ... والان هاقد اخبرتك بكل ما في قلبي يا ابنة عمتي ...هل تعتقدين ان بعد كل ما قلته لك بأن ما اشعر به هو مشاعر شفقة !!
وقف قائلا بهدوء قبل ان يرحل ويتركها لاهثة وقلبها ينبض بعنف لم يسبق له مثيل
-لن اضغط عليك ... خذي وقتك وفكري بكل كلمة قلتها .... لكن قبل ذلك ازيلي فكرة الشفقة هذه من عقلك بل امحيها بالكامل !
...............................
.................................
البصرة صباحاً
.................
قطب معاذ حاجبيه الكثيفان وهب واقفاً وهو يقول بسرعة بينما نبضاته تخفق بسعادة
- أأنت متأكد انها هي !!
لينصت قليلا لصوت المخبر الذي يتصل به الان من اربيل ... همس وهو يعاود الجلوس على الكرسي
- الحمدلله يارب ...الحمدلله
ليكمل بصوت أعلى قائلا
- شكراً لك يا نادر ... كفيت ووفيت ...الى هنا وتنتهي مهمتك وتبدأ مهمتي ... شكراً لك الف مرة يا نادر !
اغلق الهاتف هامساً براحة وابتسامة رجولية تزين وجهه الوسيم بينما عيناه الزيتونيتان تتوهجان بسعادة
- قريباً ... قريباً ...ستعودين لأحضان جدتك وعمك يا ملاكي الصغير
.............................
نهاية الفصل التاسع عشر


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 21-07-19, 10:14 PM   #79

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل العشرون
.........................
شايف البحر شو كبير
كبر البحر بحبك
شايف السما شو بعيدي
بعد السما بحبك
كبر البحر و بعد السما
بحبك يا حبيبي بحبك

نطرتك أنا ندهتك أنا
رسمتك على المشاوير
يا هم العمر يا دمع الزهر
يا مواسم العصافير
...................
أغنية فيروز تصدح في ارجاء المطبخ الدافئ .... أشعة الشمس اخترقت الزجاج وستائر الدانتيل الأبيض لتنشر أشعتها في المكان .... دقات القلوب تعزف سيمفونيتها بصمت .. تشتعل وتتوهج لتوصل حرارتها بتان وتمهل وبطء لذيذ ....
الخالة سعاد تقف عند المجلى وهي تدعي تنظيف الخضروات بينما والدتها تجلس أرضا تشرب الشاي بهدوء تراقبهما بابتسامة واسعة ..... وهو .... يجلس أمامها على المنضدة يشرب الشاي بتمهل شديد يراقبها من بين رموشه السوداء وابتسامة صغيرة تزين شفتيه ..... ما زاد من خجلها هي كلمات الاغنية التي احست بأنها هي المقصودة بها ... وكأن وليد يخبرها ان هذه الاغنية لك انتِ !!!
منذ البارحة وهي لا تسيطر على حالة الارتباك التي تعتريها .... تركها بعد ان فجر قنبلته الموقوتة في وجهها ... يا الله ..هل ماقاله حقيقة ام انها توهمت !!!! لقد قال احبك !!
حتى عندما دخلت عليها والدتها لتسألها عما اراده منها لم ترد عليها .. فقد كانت بحالة صدمة ..لكن صدمة جعلت أزهارها الذابلة تستقيم وتعود للحياة من جديد ! لم تستطع ان تخفي تلك اللمعة التي ظهرت بعينيها ولا شبح الابتسامة التي تراقصت على شفتيها !
عندما استيقظت صباحاً كان كل شيء متغير ... غرفتها ... نفسيتها ...مشاعرها ... ودقات قلبها ... كل يوم تفتح عينها وهي كئيبة وحزينة ....اما اليوم ... اليوم كان مختلفاً .. استيقظت نشطة ...سعيدة .... تفوح منها روائح السعادة والامل ...
لاول مرة منذ عودتها من المشفى تقرر ان تنزل للمطبخ ... لكي تتناول فطورها خاصة وان الساعة تجاوزت العاشرة بقليل اي ان المنزل فارغ تقريباً .....خاصة منه هو ... بالتأكيد في هذا الوقت ذهب لمباشرة عمله في المزرعة .... لكنها تفاجأت بدخوله عليهم وجلوسه قبالتها على الطاولة الدائرية بكل اريحيه وتكاسل ...ابتسامته الرجولة وتحديقه المستمر جعلها تتوهج بحمرة الخجل والارتباك ..بثانية واحدة تذكرت كل ماقاله ليفق قلبها مرة اخرى ويضرب جدران صدرها بعنف شديد ....شديد جدا جدا ....
بالمقابل كانت تلك السعادة التي شعر بها فور ان شاهدها تجلس في المطبخ لا تضاهيها سعادة ابداً ...لقد ذهب اليوم ومنذ الفجر الى مخيمات النازحين ليشرف على توزيع الخرفان الأربعة التي نحرها خالصة لوجه الله شكراً وامتناناً لأنعم الله التي لا تحصى ولا تعد ...
خاصة عندما نجت غسق من موت محتم ... حيث اخذ اللحم الموزع في اكياس الى النازحين ... الذين استقبلوه بالدعوات .... ابتسم بدفء وسعادة وهو يتذكر ما قالته الخالة ام خالد حينما اتجه الى خيمتهم وهو يحمل حصتهم قائلا
- السلام عليكم امي كيف حالك
وقفت المرأة وهي تستقبله بابتسامة سعيدة
-وعليكم السلام يا ولدي كيف حالك ؟!
اجابها بوجه بشوش وضاحك
- الحمد لله امي ....تفضلي هذا لكم !
اخذت من يده قائلة
- تقبل الله يا ولدي ..شكرا لك
خرج من الخيمة العم ابو خالد وهو يقول
- اهلا اهلا وليد ... اين انت يا ولد لم تزرنا منذ فترة
تقدم منه ليحتضنه بقوة ثم قال باعتذار
- اسف يا ابي الفترة الماضية كنت مشغول جداً ..اعدك كل أسبوع ستجدني عندك الى ان تملوا مني وتطردوني بنفسكم
قالت ام خالد بصدق
- كيف نمل من ولدنا ... اهلا بك في اي وقت ..تعال لنجلس في الخيمة ... لقد اعددت الشاي المهيل على الفحم ... مذاقه رائع وشهي
اومأ وليد ثم تبعهما الى داخل الخيمة الدافئة ليجلس على البساط الأسفنجي بجانب العم ابا خالد .. قالت ام خالد وهي تصب الشاي في الاقداح
- والان اخبرني ماهي مناسبة هذه الذبائح !!
ابتسم قائلا بهدوء
- بلا سبب امي هي خالصة لوجه الله
اجابته بإصرار وهي تناوله قدح الشاي له ثم لزوجها الذي يجلس هادئاً صامتاً يتابع حديثهم ساهماً وقد عادت اليه حالة الشرود التي تنتابه بين فترة واخرى
- لاااااااا هل ستخفي عن والدتك السبب !!! هيا يا ولد تكلم واعترف ؟!
اجابها وهو يطرق رأسه ارضاً
- ذبحتها كشكر وامتنان لوجه لله تعالى على سلامة ابنة عمتي !
اتسعت ابتسامة ام خالد وانتبهت لتلك الملامح العاشقة اللينة التي اعتلت ملامحه الرجولية السمراء لتجيبه قائلة
- اممممممم تبدو مهمة جداً لك !!!
همس بشرود ودون ان يشعر او ينتبه لنبرته الخافتة
- اجل امي مهمة جدا جداً
قالت ام خالد ببشاشة وسعادة حقيقية
-فليحفظها الله يا ولدي ... ويقرب لك ما تريده وما تتمناه
ااااه لكم أسعدته هذه الكلمات والدعوات الصادقة وكم بثت داخلة وأحيت الأمل...اللهم امين ...يأرب استجب لدعائها ...يارب ...
عاد من شروده وهو يتطلع ناحيتها بجراءة وقوة على غير عادته .... وجهها الشاحب عاد الى توهجه وإشراقه .... يكتسبه اللون الوردي الصافي ... وخجلها جعله يحدق بها كالمنوم رغم وجود والدته وعمته الا انه لم يستطع السيطرة على نظراته العاشقة ... اه فقط لو كان الان عاقد القران عليها ...لاحتواها بين ذراعيه وأجلسها على فخذيه ليطعمه بنفسها كالعصفورة الصغيرة ... لكن الصبر ..الصبر يا وليد ... كون انها تجلس هكذا امامه هادئة ومبتسمة وخجولة هذا مؤشر يبشر بالخير ان شاءلله

سعاد وسعدية تنظران لهما بفضول وابتسامة بلهاء ترتسم على شفتيهما ... التفتت سعاد لتغمز لسعدية بمعنى انظري لطيور الحب اللذان يجلسان يختلسان النظرات لبعض ...لتجيبها الاخيره وهي تهز رأسها بسرعة وتعاود النظر ناحيتهما .... قطع عليهم حبل الصمت المرتبك المتوتر صوته الرجولي وهو يقول
- غسق ...اليوم عصراً سأخذك الى المشفى لكي يفحص الطبيب الجرح وينظفه !
اومأت صامته وهي تحرك كأس الشاي بيد مرتجفة ... لا تقوى على رفع نظراتها له
غمغم مستأذناً ثم خرج من المطبخ بخطوات هادئة ورزينة
تركت سعاد ما بيدها واتجهت الى حيث تجلس سعديه لتهمس بخفوت
- ماذا حدث ؟!
اجابت سعدية بذات الهمس وهي تنظر لأبنتها بفضول
- لا اعرف صدقيني ... منذ دخول وليد عليها البارحة وهي متغيرة
قالت سعاد بتنهيدة
- ماذا تظنين قال لها وجعلها هكذا !!!
هزت سعدية كتفها وقالت
- وما ادراني انا !! لو اعرف كنت اخبرتك !!
اجابت سعاد بغيض
- لماذا لم تسترقي السمع لهم ؟!
نظرت لها سعدية باستنكار وهي تلوي شفتها قائلة
- يا امرأة ابأخر أيامي اتنصت واسترق السمع ؟! لماذا أصلي اذن ؟!
همست سعاد بخجل وتوتر وهي تقول مبررة
- اوووووه ....معك حق لكن الفضول يأكلني لكي اعرف ماجرى بينهما !
تلك الهمهمات والهمسات جعلت موجه الخجل تتصاعد وتندفع لوجنتيها اكثر واكثر ... وقفت هامسه بصوت خافت
- س..سأذهب لأرتاح بغرفتي
...............................
...........................................
دار الأيتام
...............
اوقف وليد سيارته امام الميتم وهو ينفخ الهواء بحرارة ... يعلم ان ما يقوم به هو ضرب من الجنون وان تبني تلك الطفلة هو امر مستحيل الحدوث لكنه لم يستطع ان يكسر قلب تلك المسكينة التي توسلت بمذلة وكأن حياتها معلقة بهذا الامر !!!
ترجل من السيارة ثم توجه بخطوات هادئة الى الداخل ومنها الى الرهة الواسعة للدار لتستقبله إحدى المعلمات قائلة
- هل من خدمة سيدي !
اومأ قائلا وهو ينقل نظراته على أنحاء المكان
- اريد مقابلة المديرة من فضلك !
اجابت وهي تحثه على السير
- من هنا تفضل
مشى خلفها في ممر طويل وزعت على جانبيه أصيص المزروعات الشتوية ... بينما رسمت على حيطانها رسوم كارتونية متعددة ... توقفت عند باب يقع في اخر الممر ثم قالت له بأدب
- ثانية واحدة
دلفت الى الداخل ولم يمض الا عدة ثوان لتخرج من جديد قائلة
- تفضل سيدي هي بانتظارك
شكرها ولدلف الى الداخل ملقياً السلام ببشاشة ..فهو يعرف مديرة الميتم كما يعرف زوجها وتربط بينهما علاقة صداقه وان لم تكن قوية .... فالميتم يقع قرب منزلهم لا يبعد عنه الا عدة شوارع لذلك كان دائم الحضور في بعض الأحيان ليوصل تبارك او يوصل بعض المنتجات الزراعية والحيوانية لهم !
- السلام عليكم
أجابته وهي تقف مرحبة
- وعليكم السلام ...اهلا سيد وليد تفضل بالجلوس
جلس قائلا بابتسامة صغيرة
- ارجو ان لا اكون قد عطلتك عن عملك
هزت رأسها وقالت بهدوء
- اهلا وسهلا بك في اي وقت ...كيف هي تبارك والسيدة رضاب ؟!
اومأ قائلا بجدية
- الحمدلله بخير ... الحقيقية جئت اليك بأمر يخص ..رضاب !
قطبت قائلة باهتمام وانتباه
- خيراً ان شاءلله
تنفس بعمق وشرح لها باختصار ما جاء من اجله ....كانت المديرة تستمع له بصمت منتظرة ان يكمل كلامه ... وبعد انتهاءه عم الصمت بينهما لثوانٍ قبل ان تقطعه قائلة بهدوء وآسف
- سيد وليد ...انت تعرف ان امر التبني ليس سهلا ابداً ...هذا الامر يحتاج الى الكثير من الشروط ... كوجود سكن مناسب للطفلة ... وايضاً يجب ان يكون للسيدة رضاب دخل شهري ثابت ..وفي ... الحقيقة .... لا اعرف ما اقوله لك ... لكن تبارك اخبرتني عن الحالة التي اصيبت بها بسبب انفصالها وإجهاضها للطفل وهذا مربك قليلا ...
لتكمل شارحة بعد ان اخذت نفساً طويلا
- حتى ان كنت اثق بحب واهتمام السيدة رضاب بالطفلة ملك فالدولة لا تعلم ذلك ..وهي بالتأكيد ستتقصى وتتحرى عن كل صغيرة وكبيرة تخصها ... بالإضافة الى ذلك فأن ملك وضعها خاص ...فوجودها هنا مؤقت ليس كباقي الاطفال اغلبهم من اللقطاء او ممن تخلى عنهم عوائلهم بملء ارادتهم ...فهي تعرضت لحادث وتم إنقاذها وقد قام الشخص الذي انقذها بإبلاغ الشرطة لتتولى امر البحث عن عائلتها الحقيقية !!!
كان وليد غير متفاجأ ابداً مما قالته فهو يعرف مسبقاً ان لا فائدة ترجى من قدومه وان طلبه سيقابل بالرفض الا انه فضل ان يأتي ويحاول !!
اومأ قائلا بهدوء
- حسناً انا مقدر كل ماقلت ...لكن هل من الممكن ان تأخذها معها للمنزل فقط لعدة ساعات لكي تقضي الوقت معها ... وجودها مهم جداً لحالة رضاب فهي بسببها قد تحسنت كثيراً !
اجابت المديرة قائلة بحيرة
- انا اسفة سيد وليد ..هذه مسؤولية كبيرة ولا استطيع ان اجازف بهذا حتى وان كنت على معرفة شخصية بكم !
بعد ما قالته لم يعد للكلام اي نفع ... وهو لا يريد احراج المديرة والضغط عليها واستغلال الصداقة الأخوية التي تربط بينهم .... فمهما يكن هي مخولة بأن تقوم بواجبها بصدق أخلاص ...
اجابها وهو يقف
- حسنا ...شكراً لك سيدتي ..واسف مرة اخرى لإضاعة وقتك
خرج وليد من الدار وهو يحمل هماً على اكتافه ...كيف سيخبرها ويفهمها بكل ماقالته المديرة دون ان يصيبها بخيبة الامل !وهي هل ستتقبل الامر بهدوء ودون ان تنتكس حالتها مرة اخرى !!!
..............................
جنوب العراق ....البصرة
.......................
يرتب ملابسه في الحقيبة مدندناً لحناً مرحاً عندما دلفت والدته وهي تبتسم بسعادة
- اااه يا معاذ لا اصدق ..فعلا أكاد أطير فرحاً ..أحقاً ستعود ملك الى حضني اخيراً واستنشق رائحة الغالي مرة اخرى !
اجابها معاذ مبتسما وهو مستمر بوضع ملابسه في الحقيبة
- بل صدقي يا امي صدقي وافرحي .... غداً وقبل الفجر سأسافر بالطائرة الى اربيل .بأذن الله ... لن ابقى هناك طويلا ..ما ان اجدها سأعود بنفس اليوم ... انت فقط ادعي لي وسيكون كل شيء على مايرام !
رفعت يديها تدعو بصدق وتوسل ثم قالت برجاء
- لما لا تأخذني معك يا ولدي !!
ترك مابيده واتجه لوالدته ليرفع يدها ويقبلها قائلاً
- انت مريضة يا اماه والطريق من البصرة لأربيل طويلة جداً ....والطبيب وصى وشدد بعدم إتعابك وإجهادك !!
تنهد مستسلمة وهي تقول بتذمر
- حسناً يا ولدي اصبر وأمري لله
فجأة سمعا صوت جرس الباب يرن بإلحاح ... قال معاذ وهو يتوجه لينزل الدرجات
- سأذهب لأرى من في الباب !
نزل الدرجات بخفة ثم توجه الى باب الصالة ومنها الى الممر الخارجي المؤدي لباب الشارع ..فتحه وهو يقول بترحاب وأدب
- اهلا ..اهلا عمي لقد زارتنا البركة ..تفضل بالدخول
تقدم عمه الشيخ راشد وهو يعدل عباءته المطرزة بتطريزات ذهبية في حاشيتها بينما شماغه العربي يزين رأسه بوقار
- السلام عليكم كيف حالك يا معاذ !
اغلق الباب وتبعه الى الصالة قائلا
- الحمدلله عمي بوجودك نحن بخير
اومأ ودلف الى الصالة لتستقبله الحاجة هدى وهي تعدل وشاحها الأسود قائلة
- اهلا شيخنا اهلا وسهلا
اومأ بابتسامة صغيرة ثم جلس على الأريكة وهو يسبح بمسبحته الثمينة
- اهلا بك يا زوجة اخي ...
جلس معاذ جانبه ثم قال لوالدته بهدوء
- اعدي الشاي يا امي
هتفت والدته بسرعة واحترام وهي تتجه الى المطبخ
- حالا يا ولدي
قال عمه بتساؤل وهو ينظر لمعاذ بفصول
- سمعت انك وجدت ابن اخيك المرحوم !
اومأ معاذ بسعادة قائلا
- اجل وجدت ابنته ملك الحمدلله وغداً سأسافر لإحضارها !
غمغم عمه بغير رضا
- امممم جيد
ليكمل بصوت عالي ودون ان يبالي او يفكر بما يتفوه
- اذن ابنته هي التي على قيد الحياة !!! كنت اظن ان الصبي هو الذي نجا !!!
ليكمل متنهدا بجدية
- يا ليت الصبي هو الذي كان على قيد الحياة وليست الفتاة
رفع معاذ حاجبيه ثم اجابه بحدة طفيفة فمهما يكن يبقى الشيخ راشد هو كبير العشيرة وشقيق والده وعليه احترامه
- لماذا تقول مثل هذا الكلام عمي !! البنت كالصبي تماماً كلهم خير وبركة ..والحمدلله انها نجت وعادت الينا من جديد !
اجابه بسخرية متعمدة وهو يسبح بمسبحته
- انا اقول ذلك من اجل ان لا ينقطع نسلكم من العشيرة ..خاصة وانك ..
بتر عبارته متعمداً جرحه وتذكيره بعجزه ... الا انه لم يهتم ولم يبالي بل تصرف وكأنه لم يفهم الى ما يرمي له .... لقد عود نفسه على التجاهل ..وإدعاء الغباء والسذاجة فيما لو حدث وان سمع احاديثهم المملة عن الموضوع ذاته ... دلفت والدته وهي تحمل الصينية وتتجه ناحيتهم
- لقد انرت منزلنا يا شيخ اهلا وسهلا
اجابها متنهداً وهو يأخذ الشاي من يدها
- المنزل منير بكم يا ام معاذ
جلست في الأريكة المقابلة لهم ليتبادلون اطراف الحديث بينما معاذ يشعر بالضيق والانزعاج من تدخل عمه المبالغ به ... هو يستطيع ان يوقفه عند حده إلا انه يكن له الاحترام والمودة إكراما لذكرى والده فقط ...فهو لن ينسى وقفته ومؤازرته لهم عند وفاته ....
شرب القليل من الشاي ثم وقف قائلا
- عن اذنكم يجب ان اذهب الان
قال معاذ بأدب واحترام
- أبقى معنا على الغداء عمي !!!
هز رأسه واجاب بجدية
- كلا ياولدي لدي جلسة عشائرية يجب ان افصل بها .. ازوركم في وقت اخر ان شاءلله
اوصله معاذ الى الباب وما ان عاد حتى هتفت والدته بقلق فليس من عادة الشيخ راشد ان يزورهم في المنزل الا في اوقات متباعدة
- خيراً يا معاذ ماذا اراد ؟!
تنهد معاذ قائلا وهو يتقدم منها
- ابداً يا امي ...جاء ليستفسر ويتأكد عن موضوع ملك ... وقد اخبرته بأني غدا سأذهب لإحضارها
اومأت بصمت ليكمل معاذ وهو يتوجه الى غرفته
- سأذهب لأكمل حزم الحقيبة !
تعمد على عدم اخبارها ما قاله بشأن ملك فهو لا يريد ان يزيد النار حطباً خاصة وانه يعرف ان علاقه والدته مع عمه شبه متوترة ... او بالأحرى عمه من يكن الكره الدفين لوالدته ... فهو كان ولا يزال يحقد على والده بسبب زواجه واختياره الارتباط بشابة تعرف عليها في بغداد باحدى زياراته التي كان يقوم بها للتجارة ... وهذا الامر كان مخالفاً لأعرافهم وتقاليدهم ... لكن صبر والدته وطيبتها وتنازلاتها المستمرة التي كانت تقدمها لهم اكراماً فقط لزوجها ..جعلهم بل اجبرهم على احترامها رغماً عنهم !
.......................
اربيل
............
في احد المطاعم الشهيرة الراقية تجلسن باسترخاء وهن يتبادلن الحديث ويتناولن الغداء قالت نازدار بامتنان وهي تنقل نظراتها بين سلمى ووالدتها ...
- لا اعرف كيف أشكركما ...
ثم نظرت لسلمى قائلة
- لولا اتصال والدتك وإبلاغها لي عن تلك الحرباء غسق لما استطعت ان أنقذ ابني من براثنها
اجابت سلمى بابتسامة رقيقة
- يسعدني ان اقدم المساعدة دائما ..لكني لم اكن اعرف ان هناك علاقة تربطك بأمي !!!
أجابت رحاب والدة سلمى قائلة
- لقد تعرفنا حديثاً ... التقيتها في حفلة زفافك ثم عرفت أنهم يملكون معرض للسيارات الخاصة بولدها رزكار ... تبادلنا أرقام الهاتف لأني كما تعلمين ارغب دائما بتجديد سيارتي ... وللأمانة اتصلت بها فور معرفتي بأمر غسق ...لم يطاوعني قلبي على ان يتم خداع هذه السيدة الطيبة هي وولدها !
قالت نازدار بصدق وهي تنظر لسلمى بإعجاب
- لو كنت التقيتك قبلا لكنت اخترتك زوجة لولدي ...لكن ماذا اقول ..الفتاة سحرته جعلته كالمجنون
تنهدت سلمى بأسف وهي تتمنى داخلها لو انها فعلا التقت بنازدار قبل ان تتزوج من ذلك المعقد الفقير ...الذي يحسب لكل شيء ألف حساب وحساب ..حتى انها لم تصدق عندما وافق على خروجها مع والدتها فوراً ...ودون سؤال وجواب ... فهو دائما ما يمنعها من الخروج خاصة برفقة والدتها ..ويسمي تلك المرات القليلة التي يأخذها الى احد المطاعم العادية ..سهرة اخر الأسبوع ... التفتت حولها تنظر لهذا المطعم الفخم ..الذي لم ولن تحلم بدخوله مع زهير فلربما وجبه الغداء هنا تعادل محصلة ما يجنيه زوجها المبجل في شهر !
كانت نازدار ورحاب تتبادلان الكلام السام الحاقد عن غسق وعائلتها عندما تقدمت سيدة في الأربعينيات من عمرها وهي تقول بدهشة
- رحاب وسلمى هنا !!! لا اصدق
اجابت رحاب بترفع وهي تبتسم ببرود
- اهلا عزيزتي كيف حالك
جلست المرأة دون ان تنتظر الإذن وهي تقول ببشاشة
- الحمد لله بخير ..كيف حالك انت وزوجك !
أجابت رحاب بلامبالاة
- الحمد لله بخير
ابتسمت المرأة بحرج ثم نظرت لسمى قائلة
- وانت حبيبتي ما هي إخبارك ! هل هناك شيء في الطريق !
امتعض وجه سلمى بقرف وقالت
- فأل الله ولا فألك ...لا اريد ان ارتبط بطفل الان !
هتفت المرأة قائلة
- لماذا حبيبتي الأطفال زينة الدنيا وهي ستقوي أواصر المحبة بينكما انت وزهير !
أجابت رحاب بضيق وانزعاج
- دعينا من هذا الكلام واخبريني ...هل عرفت اخر أخبار عائلة اكرم العريقة ؟!
قطبت المرأة بفضول وقالت
- خيراً ماذا هناك !
تدخلت نازدار بسخرية واستهزاء
- اخبريها عن فضيحتهم ...هيا اخبريها عن ابنتهم الوقحة وماذا فعلت!
لم تبذل رحاب ولا سلمى جهداً بأخبارها كل ما يتعلق بغسق ابتدءا من اختطافها انتهاءا بانتحارها بسبب حملها الذي لفقته سلمى لها .. بينما المرأة تستمع لهم بذهول وهي فاغرة الفاه تحاول استيعاب ما تقولانه عن وليد وعن تلك الفتاة الرقيقة غسق والتي التقتها مرة واحدة عندما قاموا بدعوتها لحضور حفل خطبتها ...لكن الشيء الذي زادها تعجباً ودهشة هي كمية الحقد والغل التي تحملانه كلا من سلمى ووالدتها على تلك العائلة ...وكيف تتحدث عنهم هكذا دون حسيب ولا رقيب !!!!
.................................
..................................
تجلس على الفراش تبكي بصمت ...بقهر ...بعجز تام ... قلبها كان يحدثها ان ما تريده لن يحصل ...لن يحصل ابداً .... وقد تحقق فعلا ما كانت تخافه ... رباااااااااه هل سيأخذون طفلتها منها !!! هل سيخطفون سعادتها مرة اخرى !!!!!

تذكرت كيف كانت مرتبكة طوال فترة الظهيرة وحتى عندما كانو يتناولون الطعام كانت خائفة ومترددة ... لأول مرة تشعر بأنها مسئولة عن شيء يخصها ....بل لأول مرة تشعر بأن احدهم يحتاجها ... اجل يقين تحتاجها ..تحبها ومتعلقة بها تماما مثل ما هي متعلقه بها حد الجنون .... لكن تبقى هناك نغزة مستقرة في أعماق قلبها ... هاجس خفي يخبرها بأن هذه السعادة التي هي بها ما هي الا سعادة قصيرة المدة ...ستنتهي قريباً ...
صراعها وتفكيرها لم يدم طويلا ... اذا اتخذت قرارها ونزلت بسرعة متوجهة الى مكتب وليد لتتكلم معه قبل خروجه مع غسق الى المشفى ... طرقت الباب بخفوت ...وصلها صوته الرجولي يأذن لها بالدخول ...لتدلف بقدمين متخاذلتين مرتجفتين وعلامات التوتر ظاهره على ملامحها
- آسفة ..وليد ...لكني ..اردت ..ان .ان ..أسألك عن الموضوع الذي وعدتني بأتمامه لي ؟!
تنفس وليد بعمق ورسم ابتسامة هادئة على شفتيه ثم قال
- اجلسي رضاب
تقدمت ووجهها يشحب فجأة ما ان لمحت ملامح وليد التي انذرتها ان طلبها رفض وبالفعل ما فكرت به حدث حقاً اذ اخبرها بصبر
- الحقيقة يا رضاب ان طلبك ..حسناً ... لم يتم ..اقصد هناك معوقات كثيرة و..
قاطعته بعنف ودموعها تهبط على وجنتيها كقطرات المطر
- لما..ذا ..لماذ..ذا ..رفضوا ....انا ..انا ...احبها ..كثيراً ..و..و..سأعتني بها ....
تنهد بعمق وأجابها قائلا
- اسمعيني رضاب سبب الرفض ليس شخصياً ...
هتفت بقوة وهي تضرب سطح المكتب دون ان تشعر ...كانت تريد ان تكسر اي شيء ..اي شيء يقف امامها ...تصرخ وتنوح ..فقط تريد ان تخرج تلك الغصة من حنجرتها
- بلا ..بلا ..شخصي ...ربما ..يروني مجنونة ...اجل ..اجل ..هذا هو السبب ..انا مجنونة ..مجنونة ...
هتف وليد قائلا بصوت مرتفع وغاضب
- اصمت رضاب ودعيني انهي كلامي !!!
بادلته النظرات المتحدية لبضع ثوان ...كانت حائرة مابين الفرار والانزواء بغرفتها ومابين سماع ما يريد قوله .. ارتجفت شفتيها وترقرقت الدموع مرة اخرى بعينيها وهي تقول
- ارجوك وليد ..ارجوك ..لقد..وعدتني ..ارجوك ...فليحفظ الله لك غسق ..ارجوك ساعدنيييييييييي
كانت تتكلم بهستيرية ..بيأس وقلة حيلة ..تريدها ..تريدها يا الله ..تريد ابنتها فقط
اجابها وليد بلطف وشفقه وهو ينحني بجذعه الى الأمام
- صدقيني رضاب ..الطفلة ليست معروضة للتبني وضعها خاص ..هي تمتلك عائلة ... وحتما ستأتي للمطالبة بها ... أتعلمين شيئاً ...اختاري اي طفل اخر ..وانا ..
هتفت بمرار وقهر وهي تهب واقفه
- واناااااا لا اريد الا يقين ...ابنتي يقين ..
تركت المكتب بسرعة ودون ان تستمع لرده ... وصوت بكائها المبحوح يصدح بقوة مزلزلا الصمت المدقع في المنزل ...
عادت من شرودها على صوت حبيبة وهي تهمس بلطف وتمسد شعرها برقة
- حبيبتي يكفي ..لا تبكي عينك اصبحت حمراء ومتورمة
لتكمل تبارك التي كانت تجلس قبالتها على السرير ... بمحاولة اقناعها
- ما رائيك ان نذهب لزيارتها الان !!! اعدك سأأخذك اليها كل يوم منذ الصباح الى المساء ..بحيث لن تتركيها الا ليلا !
رفعت نظراتها الذابله وهي تزيغ حدقتيها بوجهيهما لتهمس بصوت مختنق
- كنت ..كنت اريدها ان تنام على ذراعي ..استنشق رائحة انفاسها ليلا ..اقص ..عليها القصص .. واخبرها كم كنت انتظرها !وكم احبها !!
ابتلعت حبيبة ريقها بصعوبة وقالت بصوت مرتجف ومتأثر
- حبيبتي استهدي بالله ...هي موجودة ... هناك ...وسننتظر بعض الوقت ثم نحاول تبنيها مرة اخرى بعد عدة شهور
نظرت لها رضاب بحزن وهي ترسم على شفتيها ابتسامة متألمة
- يارب ..ياااارب يا حبيبة ...فقط لو تريها لعذرتني وتفهمتي سبب تمسكي بها !
هتفت تبارك بمرح وهي تقف بسرعة
- اذن ما رأيكم ان نذهب لرؤيتها الان وسنأخذ حبيبة معنا لكي تتعرف عليها ايضاً
ثم سحبت رضاب من ذراعها قائلة بمزاح
- هيا ..هيا ..انهضي وامسحي هذه الدموع الكئيبة .. انت بالتأكيد لا تريدين لتلك المسكينة ان تراك هكذا وتفر منك هاربة !!
اومأت بصمت وهي تجاريها ابتسامتها ثم همست بصوت مبحوح
- س.سأذهب لأغسل وجهي
خرجت من الغرفة بخطوات متخاذلة وبطيئة لتهمس حبيبة بتأثر
- مسكينة ... بت اخشى عليها اكثر من ذي قبل يا تبارك !
همست تبارك قائلة
- يجب ان اجد طبيب نفسي لها وبأسرع وقت ممكن حالتها غير مطمئنة !
ثم التفتت لحبيبة قائلة
- هيا حبيبة غير ملابسك لنذهب الى الميتم !
ابتسمت حبيبة قائلة بسعادة فهي قليلا ما تخرج من المنزل
- حقاً يمكنني ان أرفقكم !
هتفت تبارك وهي تتجه للخزانة
- بالتأكيد يا فتاة هيا بسرعة
.....................
.............................
أهواك
أهواكِ رغم كل الأخطاء رغم غرورك الفاني رغم الكبرياء أهواكِ
فلا تسأليني لماذا لماذا أهواكِ
أنتِ دون النساء
لا تسأليني ما أحببت فيكي أحببت فيكي كل
الأشياء أحببت في وجهك براءةالأطفال
وفي عينيكِ صفاءالسماء
أحببت في شفتيكِ أريج الزهور وفي
ثغرك نسيمات المساء أحببت .... في جسدك
دفئ الصيف وفي راحتيك بردالشتاء أحببت في خديكِ ألوان الورود

منقووووول
..................
رغم حزنه الذي شعر به تجاه رضاب ... ورغم انقباض قلبه حين سمع بكائها وأنينها وهي تخرج من مكتبه ... ورغم عينيها المعاتبة الممتلئة بالدموع كانت تثير داخله غريزة الأبوة تجاهها الا ان ما يجري له الان قد فاق الحدود وانساه كل مايدور داخل عقله ... كان يحسب الدقائق لينهي هذا الطبيب السمج عمله البطيء وهو يختلس النظرات لغسق التي كانت تجيب على أسئلته السخيفة بعفوية
- ما اسمك ؟!
لاااااااا الى هنا وكفى ! ما شأنه باسمها ثم اسمها مكتوب على ورقة الفحص ام هي مجرد حجج فارغة وطريقة قديمة وفاشلة ليطول فترة الحديث معها ..الغبي الابله وكأنه لا يراه امامه بل كأن الغرفة لا تحوي الا هو وهي ! قبل ان تجيب غسق تدخل بحدة جعلت الطبيب يحمر حرجاً
- من فضلك انهي عملك بسرعة لا وقت لدينا لنضيعه !
اومأ بصمت وأنهى عمله بارتباك وسرعة بينما غسق كانت تشعر بتلك الذبذبات السلبية المتوترة التي تنتشر في الغرفة ...كانت تستطيع ان تلمح ملامحه القاطبة العابسة والتي لم تعرف لها سبباً!!
ما ان خرجا وجلسا في السيارة حتى هتف وليد بحدة وغضب
- طبيب فاشل ووقح !!
نظرت له دون ان ترد عليه ... أمن المعقول انه يشعر بالغيرة ! رمشت عينيها بارتباك وقلبها اصبح يخفق بعنف بينما الحرارة تصاعدت لوجنتيها وكأنها مرجل بخاري يهدد بالانفجار ... الطريق الذي سلكه وليد كان مختلفاً ...همست بخفوت
- هذا ليس طريق المنزل ! الى اين نحن ذاهبان يا وليد ؟!
أجابها بابتسامة واسعة بينما حروف اسمه التي نطقتها بشفتيها المثيرتين جعلت غضبة يتلاشى ..ونيران الغيرة تنطفئ قليلا ...قليلا فقط
- مكان سيعجبك كثيراً متأكد !
قالت بفضول طفولي
- اين!!!
همهم مبتسماً ثم أجابها وهو يركز نظراته الحادة العميقة على الطريق
-اممم ... حسناً ...مع انني كنت اريد ان أفاجئك بها لكن لابأس ... سنذهب الى منطقة حاجي عمران ... تمتاز بعيون مياهها العذبة ...ويوجد بها أيضا عين ماء معدنية يستخدمها السياح لأغراض علاجية ... فضلاً عن الطبيعة الخلابة للمنطقة ... عندما سترينها ستعتقدين وكأن الربيع لم يغادر تلك المنطقة ابداً

كان ينظر لها بين الحين والأخر عندما كان يتحدث معها ...نظراتها البراقة ...حماسها الطفولي ...وابتسامتها التي شابهت إشراقة شمس الربيع الدافئ ..جعلت قلبه يتضخم بشكل مهول ... ينبض بقوة ... بعنف ... بعشق خالص
عندما وصلا الى المكان المنشود أوقف السيارة على بعد عدة امتار .. ثم سارا جنباً لجنب
و بالفعل كما قال لها وليد المكان كان رائعاً وكأنه قطعة من الجنة ...أشجار السرو الخضراء تحيط بالشلال المتدفق من الجهتين ...الهدوء العميق ... خرير الماء ...وتلك الأصوات البعيدة للطيور تصل لمسامعها وكأنها ترانيم عذبة
همست دون ان تشعر وهي تدس يديها بجيب معطفها البني
- المكان جميل جدا جدا يا وليد !!
ليصلها صوته الناعس الرجولي الذي جعل كل ذرة بجسدها تقشعر ...ووجنتيها تتوهج بحمرة الخجل الفطرية
- ليس أجمل منك انت يا غسق
التفتت تنظر له بصمت ...واه مما رأت ...لقد رأت صدقاً ..عشقاً ...حباً ..وحناناً ...ارادت ان تقول ..وليد انا موافقة ..موافقة على الزواج منك ...خذني اليك ..أبعدني عن هذا العالم المتوحش ...خذني الى عالمك ..دفئك ..وحنانك ...ربااااااااااه وكأنها التمست حنان والدها ......أريدك يا وليد اكثر من اي شيء اخر في هذه الدنيا ..خذني واحتويني بين جناحيك يا نسري الذي يحميني على الدوام ... يا حرزي الذي يرافقني اينما اذهب واينما اتجه !!
الا ان لسانها عقد ..خجلها وقف وفصل بينهما وكأنه سور زجاجي سميك ... التمعت عيناها بالدموع وأطرقت رأسها تداعب بعض الاوراق الجافة المتساقطة على الارض
بينما هو كان عاذراً خجلها ...متفهماً لحيرتها ..صابراً على صمتها ... لا يهم ان لم يسمع موافقتها صوتاً المهم انه احس به في كل اختلاجة من اختلاجات وجهها البهي الذي فضح حبها له ...
كان يلتهم بنظراته العميقة السوداء ... حمرة خديها الواضحة ..ابتسامتها الناعمة التي كانت ولأول مرة موجهه اليه ...عينيها الدامعة تنظر بحب لن ولم يخطئه قلبه ابداً ...وما زاد هذا الحسن الرباني هو هذا الحجاب الأسود الذي يؤطر استدارة وجهها الناصع البياض ... أمن الممكن ان تكون هذه الفتاة يوما ما زوجته ! تتوسد ذراعه السمراء ! تستمع لكلمات الغزل الذي يختزنه لها في جوارحه !!!
لا يعلم لما تذكر قول زليخة ليوسف
" كنت يوما انا وألان كلي انت "
اجل ألان كلي انت يا غسقي وعشقي الأزلي !
....................
...............................
أحبك .. لا أدري حدود محبتي
طباعي أعاصير .. وعاطفتي سيل
وأعرف أني متعب ياصديقتي
وأعرف أني أهوج .. أنني طفل
أحب بأعصابي ، أحب بريشتي
أحب بكلي .. لا اعتدال ، ولا عقل
..................
دلفت كلا من حبيبة وتبارك ورضاب يتبعهم زهير غاضباً لتهتف سعاد بتعجب وهي تنقل نظراتها بينهم
- ماذا هناك يا اولاد لماذا عدتم ؟!
اجابت تبارك بنفاذ صبر وهي تنظر لزهير الذي وقف مكتفاً ذراعيه ينظر لحبيبة ببرود
- زهير يا امي .... يقول ان ملابس حبيبة ضيقة ولا تلاءم الخروج ؟!
نظرت سعاد لملابس حبيبة الاعتيادية ثم التفتت تنظر لزهير قائلة
- ما بها ملابس حبيبة يا ولدي ؟! انها مستورة وواسعة ؟!
أجابها بحدة وغضب وهو يثبت نظراته على وجه حبيبة العابس
- مستورة وواسعة ؟! انظري لبنطالها يا امي ..انظري له جيداً كيف يبرز ساقيها بوضوح ! ثم ..ثم ..القميص انظر للونه كيف يبرز بياض بشرتها أقسم انها تعمدت ارتدائه ! قليلة الأدب !!!
هذا الكلام كله يدور وحبيبة واقفة بجمود تحاول حبس دموعها بأستماته ... هي قليلة أدب ! ارادت ان تهتف بقوة وتحدي ...
" ومن هو الذي رباني يا سيد زهير ! أليس انت !!! أليس انت من كنت ترافقني كظلي الظليل اينما اذهب ..الم اقضي معظم وقتي هنا ! أليس بسببك تعلمت أبجدية العشق والغرام منذ ان كنت احبو والتمس طريقي اليكَ !! "
رفعت سعاد حاجبيها وقالت بتوبيخ
- حرام عليك يا زهير البنطال ليس ضيقاً ثم القميص واسع يكاد يصل لركبتيها ! أما بالنسبة للونه فهذا كذب وافتراء ... حبيبة جميلة وكل ما ترتديه يليق بها !!!
تنهدت ثم قالت لتبارك
- اذهبوا احبائي ولا تهتموا
قفز زهير بسرعة ليمسك حبيبة من ذراعها بقوة قائلا
- الا حبيبة اقسم بأنها لن تذهب وهي بهذه الملابس !
أجابت تبارك وهي تنظر لحبيبة معتذرة
- لن استطيع الانتظار حتى تغير ملابسها ...سنتأخر بالعودة !!
همست حبيبة باختناق والدموع تتراقص بعينيها
- اذهبوا انتم ...انا سأبقى !
خلصت ذراعها من أصابعه القوية ثم تركتهم وسارعت الى غرفتها .... متجاهلة هتاف سعاد لها
- حبيبة ...يا حبيبة ..انتظري حبيبتي لنتفاهم ...حبيبة !!!!
تنهدت بقلة حيلة وقالت
- اذهبِ يا ابنتي رافقتكم السلامة !
قالت تبارك قبل ان تغادر وهي ترمق زهير بمكر وخبث لم ينتبه له
- مسكينة حبيبة لا اعرف لما زهير يضعها هي دوناً عن الكل في عقله ويحب فرض واظهار عضلاته عليها !!!
رماها زهير بنظرة حادة وهو مقطب الحاجبين قائلا بجمود
- أكرمينا بسكوتك واذهبِ والا حرمتك انت الأخرى من الخروج!
أمسكت تبارك ذراع رضاب الصامتة التي كانت تتابع ما يجري بتجهم وحزن وكأن ما يجري أمامها لا يعنيها ابداً
- لالا ... السماح من حضرتكم ... افعل ماتريد يا مستبد!
قالت جملتها الاخير وهرعت خارجة من باب الصالة تتبعها تلك المسكينة بلا حول ولا قوة ... التفتت سعاد ناحية زهير وهي مقطبه
- انت يا ولد تعال هنا واجلس جانبي !
تقدم وفعل ما طلبت منه صاغراً ... مسدت على ذراعه قائلة بلطف
- مابك يا ولدي ؟! مالذي جرى لك !!! كيف تعامل حبيبة بهذا الشكل ! لما تقهرها وتكسر قلبها ...هي يتيمة ... يتيمه يا زهير ..الم تسمع قوله تعالى
" فأما اليتيم فلا تقهر "
صدق خلفها بصوت خافت ثم قال وهو ينظر للأرض بجمود
- اغار عليها امي وهذا ليس بيدي ..حبيبة دوناً عن الكل قريبه مني بشكل كبير ..انت تعرفين ذلك جيداً !
رفع نظراته العسلية ليكمل عابساً
- ثم لماذا لا تتحجب كتبارك و غسق !!
اجابت سعاد بتعجب ودهشة مما يقوله ولدها فهي بالفعل تعرف ان علاقة زهير مع حبيبة مقربة للغاية بحكم انها كانت تقضي اغلب وقتها هنا و منذ طفولتها ... فتقريبا زهير هو من ربى حبيبة على يديه
- تغار عليها لانها ابنة خالتك وبحكم شقيقتك وفهمناها ! انما تتحجب لماذا ! الحجاب ليس بالإجبار ... ثم تعال هنا بدل ان تجبر تلك المسكينة على الحجاب اجبر زوجتك ذات الشعر الأصفر المصبوغ !! الذي شعرها يتأرجح على أكتافها امام الرائح والأتي !
قطب صامتاً لا يعرف بما يرد عليها ! صحيح سلمى غير محجبة ! وهو فعلا لم يفكر يوماً بمحاسبتها ! لم يخطر بباله هذا الامر حتى !
ربما لانه يشعر بأنهما بعيدان جداً عن بعض !!! او ربما لانه منذ البداية لم يكن مقتنعا اقتناعاً كلياً بالزواج منها !!!! ادار وجهه وظل عابساً ..حائراً ... متجهماً .... لايزال يجهل كيفيه الرد على كلامها المنطقي !
تنهدت سعاد ثم ربتت على يده التي كانت تضغط بقوة على ركبته لتقول بمودة
- اخبرني يا زهير ...ما هي مشكلتك مع حبيبة ... لا تظن اني غير منتبه ! لااااا انا منتبهة لكل صغيرة وكبيرة تجري في المنزل ..وايضاً منتبهة للبرود والتباعد الذي بينك وبين سلمى
التفت ينظر لها وعينيه تعكس مدى حيرته وصراعه الداخلي ...فهو حائر ..أيخبر والدته عن حبه لابنه خالته ام يخبرها برغبته في الانفصال عن سلمى !!! وهل ستفهمه وتقدر موقفه وتعذره !! ام ستغضب وتؤنبه وتطالبه بنسيان حبيبه الى الابد!!!!
قالت سعاد مقطبه بتعجب
- يااه ألهذه الدرجة الأمر معقد معك !! تكلم يا زهير واخبرني ربما اجد الحل لمشكلتك !
وقف ثم تقدم نحو النافذة ليتنهد بعمق .. يزفر ذلك الهواء الحار من رئتيه عل تلك النار تخمد وتنطفئ قليلا ... ماذا سيقول لها ؟! أيقول انه ندم على زواجه من سلمى ! أيقول انه تصرف كالأطفال بإصراره على إتمام زيجته منها على الرغم من معارضة والدته وتبارك وحتى وليد !!

- لا يوجد لدي اي مشكلة امي .. صدقيني ..لا مشكلة !
همسها بتعب وأنهاك ... لم تصدقه ...ببساطة هي لم تصدقه لانها أم ..وقلب الأم يحدثها ان ولدها ليس مرتاحاً ...خاصة بهذه الأسابيع الأخيرة ... وقفت واتجهت حيث يقف ثم قالت بلطف
- حسناً يا زهير ..وانا لن أتدخل و اضغط عليك ... لكن تذكر دائما متى ما احتجت الى الكلام والفضفضة فأنا موجودة ان شاءلله ..تكلم وقل كل ما في قلبك ولا تخجل مني
صمتت قليلا ثم قالت بحنان
- ربما ما تحتاجانه انت وزوجتك طفل صغير يملئ عليكما هذا الفراغ والبعد الذي تعيشانه !
التفت ينظر لها ببهوت ...طفل !! هو يأتيه من سلمى طفل ! لالا .... ابد لم يفكر بذلك ولا يريد التفكير بإمكانية حدوثه ...صحيح هو يحب الاطفال وأمنية حياته ان يكون له ولد من صلبه ..لكن ان تكون سلمى والدته !!!! الفكرة بحد ذاتها تصيبه بالنفور والذعر
اجابها وهو يضغط على فكه المتشنج
- ليس هذا وقته امي !
هتف ببراءة تامة وعفوية
- لماذا يا زهير ...اريد ان أرى احفادي قبل ان اموت !
همس بخفوت وهو يرفع يدها ويقبلها
- اطال الله عمرك امي ...لكن صدقيني لازال الوقت مبكراً
قال جملته الاخير واستأذن بالخروج وكأنه يهرب من الفكرة المرعبة التي زرعتها والدته داخل رأسه قبل ان يهرب من الصالة
لتهمس والدته بتعجب وقلة حيلة
- فليريح الله قلبك يا ولدي وينير طريقك ويبعد عنك وعن أخيك كل سوء
........................
................................
وقفت أمام المرآة تنظر لملابسها بتجهم وعيناها تتلألأ بالدموع .. بنطال من الجينز الأزرق مع قميص صوفي اخضر اللون يصل لمنصف فخذيها وسترة سوداء طويلة تكاد تصل لركبتيها ... همست بألم
- اين الضيق بملابسي فقط اريد ان افهم !!
مسحت دموعها وتوجهت نحو السرير لتجلس بحزن ... لماذا لا يحاسب زوجته ..لماذا هي فقط ! لقد اصبحت تصرفاته لا تطاق فعلا ..يلاحقها من مكان لمكان وكأن المنزل لا يوجد به الا حبيبة !
لا تضحكي ..لا تفتحي باب الشارع .. لا توافقي على هذا العريس .. لا تصنعي القهوة لوليد ..وفوق هذا كله يتدخل بطريقة لبسها ايضاً ... ويقول عنها قليلة أدب !! لا هذا فعلا شيء خانق ولا يطاق !!!
التفتت لتنظر لتلك الدمية التي احضره لها من تركيا عندما عاد من شهر عسله الميمون ... لتقطب وهي تضربها بقوة جعلتها تطير وترتمي في زاوية الغرفة ..همست بقسوة
- تبا لك وله ..لا احبك ولا اريد رؤيتك !
كانت الدمية ممددة على جانبها تبتسم وعيناها مثبته على حبيبة وكأنها ترسل لها رسالة عتاب خفية .. انقلبت شفتيها بسرعة ثم نهضت تجاهها وانحنت لتحملها لتقبلها هامسة وهي تمسد على شعرها الصوفي الطويل
- اسفة حبيبتي ..اسفة ..انت لا ذنب لك ..هو السبب ذلك الوسيم المغرور المتباهي .. تباً له ...
عادت لتجلس على فراشها وهي تحتضنها قائلة بذل واستسلام
- اوووووف ليتني استطيع ان اكرهه لخمس دقائق ! خمس دقائق فقط !
...................
.............................
لندن
.............
ابتلعت ريقها وكل ذرة بجسدها يرتجف ...
كانت تجلس على طرف الحوض ...تنظر لهذين الخطين المتوازيين في جهاز فحص الحمل ... الفحص يشير الى انها حامل !
حامل وهي في الأربعين من عمرها البائس !!! ومن من ؟! من زوج ابنتها ! زوج ابنتها !!
أغمضت عينيها وهي تهمس بجنون كيف يا لله كيف !! أهذا هو عقابك لي ! اذا كان هذا عقاباً اذن ما لمسمى الذي يجب ان تطلق على تشردها .. ضياعها ... جنونها الذي تعيشه الان !!!!
لقد أصبحت تتسول الطعام والأموال من الكنائس والجمعيات الخيرية التي يوزعون فيها المساعدات والطعام للمحتاجين والمتسولين !!

هذا الطفل كان من المفترض ان ينمو بأحشاء ابنتها ..ابنتها التي سرقت هي منها كل شيء ..سرقتها بدناءة وحقارة ... سرقت سعادتها ....زوجها ...طفلها ... دمرت حياتها بسبب لحظة جنون ورغبة !
ماذا ستفعل ... هل ستنجبه !!! هل ستنجبه ليذكرها بقذارتها وبفعلتها الدنيئة !
هل ستنجب الطفل بدل ابنتها !!! يا الله ..يا الله ...مالذي يجري لي ..اين سناء القوية ! اين ذهبت ....لتهمس بتخاذل وعينان زائغتان
- لقد ضيعتها ونسفتها انت بنفسك بسبب رغبتك المخجلة الشاذة ..لم تحترمي سنك ..لم تحترمي حرمة البيت الذي عشت فيه ...لم تحترمي ابنتك ...والابشع من كل ذلك هو انك لم تحترمي الله .. لقد مارست الزنى ..الزنى ...واي زنى انه زنى المحارم ....زنى المحارم يا سناء !

مسحت دموعها وقد احتدت نظراتها بينما يدها المرتجفة تمتد لتضغط على بطنها بقوة وهي تهمس بصوت شرس
- هذا الطفل يجب ان يموت ..لكن قبل ذلك هناك حساب يجب ان أصفيه مع ذلك الحقير الوغد !!!!!
................
........................
اربيل
............
مع اشراقة اول خيوط الصباح ...كان معاذ قد وصل إلى اربيل وكله شوق لملاقاة ملاكه الصغير ...اخذ معه كل الأوراق الثبوتيه والصور التي تجمعه معها ومع وأخيه .... ولن يعود الا وهي معه ...
................
نهاية الفصل العشرون










Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 21-07-19, 10:19 PM   #80

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عشقي بيتي مشاهدة المشاركة
فصول رائعه فيها ابداع منقطع النظيرواحداث رهيبه واكشن
ومشاعر عميقه وجميله واعترافات صريحه
الصراحه اشبعتيني بالفصول صح اني تاخرت في قراءتهابسبب انشغالي بظروف معينه بس في الاخيراكملتهاتستحق قراءتها لروعتها وجمالها
يسلمو يداتك يامبدعه يامتالقه وفقك الله دائماوابدا
الله يسلمك يارب
اقريها براحتك وبأي وقت نورتيني بوجودك حبيبتي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عشقي بيتي مشاهدة المشاركة
والله فصلين روعه رووووووعه مسكينه غسق كله بسبب سلمى الحقيره من نشرت عنهاالاشاعات الكاذبه
وحبيبه اخيرا بدأالحظ يبتسم لها بحب زهيرلها
ورضاب اعتقد انهاستدخل في صراع مع معاذلاجل ملك وسوف يحبها متاكده
حلوووووووه الروايه والشخصيات والاحداث يسلمويداتك حبيبتي
لكي مني اجمل وارق تحيه
فعلا سلمى وامها بالاضافة لنازدار هم السبب بتشويه سمعتها
تخمينك عن رضاب صحيح بس ماراح تدخل بصراع مع معاذ بل ستكون مع صراع نفسي عميق وشرس
تسلميلي على التعليق المميز حبيبتي


Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:50 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.