آخر 10 مشاركات
دموع بلا خطايا (91) للكاتبة: لين جراهام ....كاملة.. (الكاتـب : *ايمي* - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          البديلة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hollygogo - )           »          178 - قيد الوفاء - سارة كريفن - روايات عبير القديمة(كامله)** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          1112-الإستسلام - شارلوت لامب ج6 -د.ن (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          الضحية البريئة (24) للكاتبة: Abby Green *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          وَرِيث موريتي(102) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء1 من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree9Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-09-19, 02:38 PM   #111

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
تسجيل حضور
بانتظار الفصل




زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-09-19, 07:45 PM   #112

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


** الفصل السادس **

راقبت بخوف اسوداد وجه علاء بعد أن حكت له ما حدث أثناء عودتها من الدورة...ارتعدت أوصالها عندما ضرب طاولة الطعام بيده و هو يهدر بعنف: "أقسم أنني سأقتله".
ثم نظر إليها ليعتصر كفها الرقيق و هو يهدر بوحشية: "لماذا تسمحين له بإيذائك؟ لماذا لا تدافعي عن نفسك؟"
همست بتقطع أثناء بكائها: "قلت لك لم يصبني شيء...لقد وقف الأستاذ نسيم في وجهه و دافع عني".
تراجع علاء ليدفن رأسه بين يديه و هو يتذكر المعضلة الجديدة...الأستاذ الذي ادعى أمام أيمن أنها خطيبته حتى يحميها من بطشه بدون أن يعرف بأن ادعاءه هذا سيرميها في قلب البركان من جديد، فأيمن بالتأكيد لن يتراجع حتى يخبر الجميع بهذه الخطبة...قام من مكانه ملقيا نظرة شرسة عليها قبل أن يدخل إلى غرفته و يصفق الباب بعنف...يحتاج أن يفكر بهدوء في حل لهذه المصيبة الجديدة...
وضعت رأسها على الطاولة بتعب و سالت دموعها و هي تتذكر الشجار الكلامي بين نسيم و أيمن، حتى أنه تحول لعراك بالأيادي قبل أن يفصل الناس بينهما مهدديهما بالاتصال بالشرطة، فتراجع أيمن كأرنب مذعور و استقل سيارته لينطلق برعونة...ليرسل لها رسالة بعد ساعة مفادها: "لا تظنني استسلمت أو أنني صدقت خطبتكما المزعومة، كلاكما لا ترتديان خاتم خطبة".
لم تستطع إجابته وقتها سوى بأن الخطبة الرسمية لن تقام حتى عطلة الربيع ثم حظرت رقمه...
حسنٌ، هي غير ملامة فنسيم هو من ابتدأ مسرحية الخطوبة، و هي استعملتها في رسالتها فقط لتنقذ نفسها منه...و الآن بالتأكيد أيمن سيتركها في حالها بعد أن أصبحت لغيره...
قامت من مكانها لتتحرك بتعب ناحية غرفتها لكنها توقفت ما إن هتف صوت علاء من خلفها: "أعطيني رقم أستاذك هذا يا عائشة".
ارتبكت نظراتها ثم التفتت إليه لتقول: "أنا لا أملكه...ثم ماذا ستفعل به؟".
نظر إليها أخوها بشك قبل أن يقول: "حسن، أحضري رقمه من الشخص الذي كان يتواصل معه في مجموعتكم...أحتاج لأن أتكلم معه على انفراد".
أومأت برأسها ثم تحركت نحو غرفتها و هي تتساءل في سرها: "ترى ما الذي يريده منه؟"...
*********************************************
نظر نسيم إلى وجهه في المرآة و هو يزفر بحنق لرؤية تلك الضمادة الملتصقة على جبينه...انزلقت يده التي كانت تلمسها إلى جانب شفتيه حيث يظهر جرح بوضوح رغم صغره...زفر بحنق للمرة الثانية ملقيا المنشفة التي كان يمسك بها و هو يهمس في سره: "رائع، لم أجد أفضل وقت لحلق لحيتي غير صباح اليوم...بل لم أجد أفضل من الدفاع عن فتاة إلا في هذا المساء الذي يسبق اجتماعي المهم...سأبدو غدا كالمرتزقة حقا".
توجه إلى غرفته و هو يجيب نفسه بأنه كان سيتدخل حتى لو حدث ما حدث يوم اجتماعه...لم يكن ليسمح أن تتعرض أي أنثى لمثل هذا الموقف، فما بالك بها...
جلس على السرير و هو يفكر كيف تغيرت مشاعره نحوها خلال أيام فقط: من قمة الحنق إلى قمة الإعجاب؟ ليجيب نفسه أنه لم تشعره بالحنق منذ البداية، بل شدته منذ حديثها معه قبل بداية تدريبه لمجموعتها...و عندما رآها أول مرة أعجبته حتى إن تصرفه الفظ معها وقتها كان بسبب هذا الإعجاب...
ربما يظن الجميع أنه عندما تساءل عن هويتها فور دخول المجموعة إلى قسمه أنه لم ينتبه إلى الصور المرفقة مع أوراقهم...لكنه كان منتبها جدا و يعرف وجوههم فردا فردا....حتى إن أوراقها ظلت بين يديه لوقت طويل...
ليست خارقة الجمال، لكن جمالها مختلف بالتأكيد...ملامح عربية أصيلة: بشرة أخذت لونها من سنابل القمح وقت الحصاد، عينان بلون الشوكولا الدافئة، أنف دقيق و شفتان ممتلئتان بدون إفراط...يمكن أن يقول أن صديقتها قمر أجمل منها بكثير، لكنها هي تملك جمالا دافئا في حين أن ملامح قمر لا تخلو من الأرستقراطية و العنفوان الذي يظهر مع كل حركة أو سكون لها...
رن هاتفه فجأة معلنا عن وصول رسالة جديدة، ليتفاجأ أنها منها...فتحها ليقرأ الكلمات القليلة التي كتبتها بدون مقدمات: "لقد طلب مني أخي رقمك و لا أدري لماذا؟ أخاف أن يرغمك على الخطبة بعد أن ادعيت ذلك أمام أيمن".
إذن لقد حكت لأخيها فورا ما الذي حصل؟ وجد نفسه يفكر أن هذا من حقها بالتأكيد فما تعرضت له لا يجب أن يبقى سرا خصوصا أنه كما فهم من قمر أن ذلك الشاب كان مرتبطا بها قبل أن يفسخا الخطوبة...رفع هاتفه ليتصل بها لأن هذا الحديث لا يمكن أن يتم برسائل نصية...أغلقت الخط فنظر إلى الهاتف باندهاش قبل أن يعيد الاتصال بإصرار لتجيبه بعد لحظات بصوت خافت: "هل تريد قتلي أم ماذا؟ تتصل بي و أنا جالسة برفقة أخي".
غمغم باندهاش: "أخوك؟ ألا يعيش في مدينة (****) لقد كتبت في العنوان الخاص بمنزلك شارعا يقع في تلك المدينة إضافة إلى عنوان دار الطالبة القريبة من الكلية".
سمعها تتأفف قبل أن تقول: "هل هذا تحقيق أم ماذا؟ عموما أخي انتقل للعمل في العاصمة و أنا أعيش معه حاليا...هل أرضيت فضولك سعادة اللورد؟"
قهقه عاليا ثم قال: "لورد؟ ما هذا التشبيه العجيب؟ هل رأيتني أرتدي زيا أوروبيا من القرون الوسطى و أحمل سيفا في يدي؟"
هتفت بدون خجل: "لأنك مغرور، متبجح و أنيق بشكل مغيظ ك..."
بثرت عبارتها و كأنها أدركت بعد وقت فظاعة ما تهمس به ليهمس لها بتسلي: "هل تغيظك أناقتي؟"
لم تجبه و لم يعرف أنها أشاحت بوجهها ووجنتاها تتورد و كأنه جالس أمامها...صاحت بحدة مغايرة الموضوع: "لم اتصلت؟"
-"ألم تخبريني في رسالتك أن أخاك يريد رقم هاتفي؟ لهذا اتصلت".
همست مجيبة بفتور: "أرى أنك انزعجت من الأمر...لا تقلق أنا سأتدبر أمر أخي...في النهاية لم تتبقَ سوى حصة الأسبوع القادم قبل أن تنتهي الدورة أستاذ نسيم و وقتها ستنسى أنك تعرفت علي أو تعايشت مثل هذا الوضع".
قال بهدوء: "أعطِ لأخيك رقمي و أخبريه أنني سأنتظر اتصاله حتى نلتقي و نتحدث حول الموضوع".
قالت عائشة: "هل أنت جاد؟"
-"لا مزاح في هذه المواضيع".
أجابها بثقة، فقالت: "حسنٌ كما تشاء...تصبح على خير أستاذ نسيم".
أغلقت الخط في وجهه دون أن تترك له الفرصة لإجابتها ففتح رسالة ليكتب لها: "و أنت من أهل الخير يا خطيبة اللورد المستقبلية"...
*********************************************
للمرة العاشرة يتصل بها هذا اليوم و تغلق الخط في وجهه دون أن ترد...
زفر شادي بحنق و هو يلقي الهاتف فوق الأريكة بجواره في الوقت الذي تعالى فيه طرق على الباب متناغما مع صوت الخادمة الذي يخبره بأن والده و زوجته ينتظرانه على العشاء...
تأفف و هو يخبرها أنه قادم ثم قام من مكانه تاركا الحزن الذي يشعر به -منذ أن عرفت تماضر بالحقيقة و لم تعد تجيب على اتصالاته- جالسا مكانه ليرتدي قناع السخرية قبل أن يجلس لتناول العشاء مع والده و زوجته...
نزل الدرج بهدوء ثم دلف إلى قاعة الطعام ليتوقف الشخصان اللذان يجلسان على الطاولة عن الوشوشة...ألقى تحية المساء بهدوء مصطنع و جلس في مكانه ليبدأ بتناول أكله في صمت قطعته نورا بهمسها المهتم الذي أثار استغرابه: "كيف حالك مع الدراسة يا شادي؟"
همس باقتضاب: "بخير، أشكرك".
كان والده من غمغم هذه المرة بهدوء: "لا داعي بأن أذكرك أن هذا العام مهم جدا لك يا شادي...عليك أن تحصل على معدل عالي في الامتحانات النهائية إن أردت الولوج لكليات الهندسة المرموقة في الوطن أو في الخارج...و لا داعي لأن أذكرك أن الامتحان سيجري في مدرسة عمومية، لا في مدرستك الخاصة".
هتف بفضاضة: "أعرف...أعرف لا داعي لأن تذكرني يا أبي...أنا أبدل جهدي".
قالت نورا فجأة: "فلنترك موضوع الدراسة...أريد أن أخبركم بشيء مهم".
نظر إليها زوجها باهتمام في حين تابع شادي تناول طعامه بدون أن يظهر اهتماما لما تريد زوجة أبيه الشابة أن تقوله...جاء صوتها الناعم هامسا بدون مقدمات: "أنا حامل".
ارتسمت الصدمة على وجه شادي لتسقط الملعقة التي كان يحملها بقلب الحساء، في حين تساءل والده باندهاش: "حامل؟ متى أجريت التحاليل؟"
قالت برقة: "ذهبت إلى المختبر صباح اليوم يا عزيزي و أجريت التحاليل و عندما ظهرت النتيجة مساء اليوم مررت عند قريبة لي طبيبة نسائية و أكدت لي الخبر... يمكنك أن ترى بنفسك".
قالت الجملة الأخيرة و هي تمد ظرفا إلى والده ليطالعه باهتمام قبل أن يقبل كفها و هو يهمس بصوت رخيم: "مبارك عزيزتي...مبارك لنا معا".
ابتسمت نورا برقة في الوقت الذي تمتم شادي باضطراب: "مبارك لكما...عن إذنكما سأصعد إلى غرفتي لأكمل عرضا أعده من أجل يوم غد...ليلة سعيدة".
راقبا انصرافه باستغراب لم يطل بعد أن التفتا ليتحدثا حول الطفل القادم...دلف شادي إلى غرفته صافقا الباب بعنف...هذا ما كان ينقصه الآن، أن تكون زوجة أبيه حاملا...أن تسرق مكانته في قلب والده كما سرقت مكانة والدته في بيت أحلامها...زأر بغضب كأسد هائج و يده تضرب أول ما طالته يده لتتبعثر أحجار رقعة الشطرنج التي كانت أمامه على الطاولة...نظر إلى الساعة الحائطية ليجدها تشير إلى العاشرة و النصف...والدته تكون نائمة في هذا الوقت و لن يزعجها الآن باتصاله، سينتظر إلى يوم غد و سيخبرها بالأخبار الجديدة لأن من المستحيل أن يصبر أكثر...من المستحيل أن يعيش مع تلك المرأة و ابنها القادم في مكان واحد...
*********************************************
صباح اليوم الموالي:
عدل شعره الذي استطال في الأشهر الأخيرة حتى وصل إلى نهاية عنقه ثم وضع القبعة الأنيقة فوق رأسه ليبتسم فجأة و هو يتذكر نعتها له باللورد ليلة البارحة، حتى أنها لامته حرفيا على أناقته الشديدة و سمتها بالمغيظة...عدل ياقة سترته ذات اللون العنابي ثم التقط سيجارة من علبة سجائره و قبل أن يشعلها التمعت عيناه بشقاوة و حمل هاتفه ليلتقط صورة له ثم يرسلها إليها معلقا عليها بمرح: "هل أبدو جيدا لمقابلة صهري المستقبلي؟"
وضع هاتفه على المنضدة مجددا و هو يفكر في سره أنه رغم المشاكل التي جمعته بها منذ أول مرة إلا أنها تثير بقلبه روحا مرحة لم يكن يعرفها...أشعل سيجارته و أخذ نفسا منها ليرن هاتفه بالنغمة القصيرة الخاصة بالرسائل...فتح الرسالة ليقرأ ما كتبته بنبرة رائقة: "أتدري أنني كنت أفكر أن هناك شيء ينقصك لتتمم مظهر اللورد لأقر عند رؤيتي لهذه الصورة التي أزعجتني بها منذ الصباح الباكر أن السيجارة هي التي كانت تنقصك...و بالمناسبة أود أن أخبرك إن كنت تدخن -و أنا متأكدة من ذلك- أن تتراجع عن رغبتك بالتقدم لي لأنني و حتى إن تجاوزت جميع أسباب رفضي لطلبك لن أستطيع التجاوز عن التدخين لأنني أكره رائحة السجائر".
أراد أن يناغشها فأرسل إليها: "أظنك وصلت إلى مراحل متقدمة من الحلم آنسة عائشة...لست آتيا إلى خطبتك أو ما شابه...لدي اجتماع مهم بعد قليل".
-"أتدري أن تراجعك هذا هو أسعد خبر سمعته في حياتي...لا تقلق سأتولى أمر أخي رغم أنني أعطيته رقمك و أخاف أن يسبقني و يتصل بك".
ابتسم بشرود ثم أجابها: "أخوك على رأسي و عيني إن اتصل بي...أنا كفيل بتفهيمه كل شيء دون تدخلك عزيزتي".
أرسلت له الرد فورا: "لست عزيزة أحد".
ضحك باستمتاع و هو يغادر شقته و ينزل الدرج و هو يكتب لها: "أتدركين أنك شرسة خلف الشاشات بينما تصبحين كقطة ناعمة بكاءة فور أن ترينني".
قرأت الرسالة و انتظر جوابها بحماس لكن ظنه قد خاب فلم تجبه...ابتسم مجددا و هو يفكر في سره: "أظنه ينتظرني الكثير مع هذه الصغيرة"، ثم انطلق إلى وجهته...
*********************************************
-"مرحبا لمار هل أمي في مكتبها؟"
رفعت السكرتيرة الشابة عينيها ناحيته ثم قالت ببشاشة: "أهلا شادي، أجل في مكتبها...لكن لديها عميل الآن يمكنك أن تنتظر لن يطول بقاؤه في الداخل".
أومأ برأسه متفهما ثم جلس على إحدى أرائك الانتظار التي تقابل مكتبها ليخرج هاتفه و يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي بشرود قبل أن يفتح باب مكتب أمه ليخرج رجل منه و يلقي التحية عليهما بينما قالت السكرتيرة بهدوء: "يمكنك الدخول الآن يا شادي".
دلف إلى مكتب أمه ليجدها جالسة خلف مكتبها تطالع بضعة أوراق باهتمام...تنحنح فرفعت عيناها إليه لتقول باندهاش: "شادي، ما الذي تفعله هنا؟"
همس شادي بهدوء: "أحببت أن أزورك، كما تعرفين اليوم يصادف مناسبة وطنية و نحن في عطلة...كيف حالك؟"
-"بخير بني، غارقة في الأعمال حتى النخاع...الهاتف لا يهدأ و كأن المدينة كلها تحتاج إلى موثق و لا يوجد فيها غيري".
ضحك باستمتاع ثم قال: "ستجدين جميع مكاتب الموثقين يقولون نفس الكلام أماه!"
رفعت سماعة الهاتف تطلب من مساعدتها إحضار مشروبين لهما ثم قالت باهتمام: "إذن ما سبب مجيئك؟"
ابتسم ثم قال بهدوء: "تعرفين أنني لم أكن لآتي بدون سبب".
أومأت برأسها و ارتسم الحزن جليا على ملامحها...أمسك شادي بيدها ثم قال: "لا أريد أن أكون سبب حزنك هذا يا أمي، أعرف أنك تشتاقين إلي، لذا قررت الانتقال للعيش معك".
ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة، هي أكثر من يعرفه و متأكدة بأنه لم يكن ليتخذ هذا القرار إلا إن حدث شيء جلل في البيت...أردفت قائلة باهتمام: "ما الذي حصل شادي؟ هل أزعجتك نورا بشيء؟"
-"لا...إنها حامل فقط".
صاحت والدته بفرح و كأنها تلقت خبر حملها هي لا حمل زوجة طليقها...بجمود كان يستمع إلى اقتراحاتها الحائرة حول تقديم التهنئة: هل بإرسال باقة ورد و علبة من الشوكولا الفاخرة أو ربما بشراء قطع ملابس خاصة بالأطفال حديثي الولادة...التفتت تسأله عن رأيه فأجابها ببرود: "ما ترينه مناسبا يا أمي".
فجأة ابتسم، و تحولت ابتسامته إلى ضحكة و قهقهة عالية جعلت والدته تتوقف عن عد اختياراتها متسائلة باندهاش عن السبب الذي جعله يضحك؟
لماذا يضحك؟ لأنه اكتشف أنه قام بأغبى تصرف في حياته عندما قرر القدوم بنفسه و إعلام أمه بالخبر...أمه التي عشقها والده و فعل كل شيء ليسعدها و ما كان جزاؤه في النهاية؟ الانفصال عنه...لا زال يتذكر ذلك اليوم...لا زال يتذكر تلك الجملة التي سمعها صدقة أثناء دخوله إلى المنزل بعد يوم طويل في المدرسة...جملة دمرت أحلامه حول الحب...جملة قلبت كيانه و تفكيره...جملة همست بها المرأة الواقفة أمامه و التي تسمى والدته...ابيضت سلامتيه من شدة ضغطه عليهما و تسرب هتافها ذلك المساء من سراديب الذكريات: "طلقني زهير...طلقني و إلا أقسم بالله أنني سأخلعك ببساطة خلعي لثيابي...أنت تعرف أنني امرأة قانون و أملك أكثر من صديق محام و أكثر منهم قضاة مستعدين لإنهاء زواجنا في جلسة واحدة".
امرأة قانون...ابتسم بسخرية و هو ينظر إلى والدته...امرأة القانون كما تحب أن تسمي نفسها...امرأة تؤمن بالقانون كدستور حياتها، لكنها خرقت أهم قانونين: قانون العائلة و قانون العشق...عشق والده الخالص لها...والده الذي كان مستعدا لفعل المستحيل لترضى و تعدل عن قرارها...لكن حتى ذلك المستحيل لم يكن كافيا في نظر والدته...
قام من مكانه ليقول بكل سيطرته: "لا داعي لأطيل الحديث معك أمي و أشغلك عن عملك...أنا راحل، سأزورك قريبا في البيت و نتحدث طويلا..."
أمسكت والدته بكفه و هي تقول برجاء: "لا تطل الغيبة يا بني... أرجوك".
ارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة ثم قال و هو يربت على كفها: "حسنٌ أمي"
غادر المكتب مفكرا أنه رغم كل شيء، رغم جميع المشاكل القديمة بين والده و طلاقهما الذي حصل قبل خمس سنوات ستظل أمه...لكنه حقا لن يكون مثل أبيه...لن تستغله أي من بنات حواء و لن يقع في حبها...
*********************************************
جلست على المائدة دون أن تهتم بإلقاء تحية الصباح على المحيطين بها...صبت لنفسها القهوة لتتوقف قبل أن تملأ الكأس بأكمله و هي تتذكر جملة له عندما أخبرته ذات مرة أنها لا تحب شرب الحليب، فضحك ثم قال لها أن القهوة المرة لوحدها لا تليق بها و عليها أن تجرب طعمها مع الحليب مع بضع مكعبات من السكر...انقبضت يدها و هي تضع الابريق بعنف في مكانه لتحمل الآخر المليء بالحليب و تضيفه بقهوتها تحت أنظار والديها المندهشة و تضيف مكعبين من السكر لترفع الكأس أخيرا إلى شفتيها لتتوقف يدها على بعد إنش منهما و صوت ساخر بقلبها يتساءل: "ما الذي تحاولين أن تتبثينه يا تماضر؟"
ما الذي تحاول أن تبينه؟ أنها لا تستطيع تجاوز ذكراه بعد أيام من الفراق غير المعلن؟ فأصبحت تتذكر كل شاردة و واردة، كل حديث بينهما...أم تحاول أن تبين لنفسها أنها لا تهتم به إطلاقا و أن رغبتها في شرب مزيج لم تجرؤ أن تتذوقه في حياتها نابع عن رغبتها الخالصة لا بسبب هذه الذكرى...توقفت عن التفكير لترتشف من الكوب ببطء شديد مغمضة العينين و متلذذة بمذاقه الحلو...وضعت الكوب أخيرا على الطاولة و هي تقول: "رباه! إنه لذيذ للغاية، كيف لم أفكر بتجربته من قبل؟"
عفويا كانت يد والدتها تتحرك لتملأ لها الكأس من جديد في الوقت الذي تحركت فيه يدها لتلتقط مكعبين من السكر لكن والدها أوقفها بقوله الواجم: "واحد يكفي يا تماضر".
أومأت برأسها و هي تتنازل عن مكعب و تضيف واحدا إلى كوبها لتبدأ في ارتشافه في الوقت الذي مدت لها والدتها قطعة الخبز المدهونة بالشوكولا التي تحبها و هي تقول بحنو: "كلي شيئا، لا تكتفي بشرب القهوة فقط".
للمرة الثانية كامت تحرك رأسها في طاعة استغربتها، ما الذي جرى لها فجأة حتى أصبحت لا تعاند والديها في أصغر الأشياء كتجاهلها لتناول الإفطار؟
تسمرت يدها على الكأس فجأة و هي تفكر أن علاقتها الجديدة مع شادي بعد الذي فعله بها في الثانوية تشبه إضافة الحليب و السكر على القهوة المرة، فقد تناست فجأة مرارة الأيام العصيبة التي عاشتها و دفعتها لترك ثانوية أحلامها بعد أن روى قلبها المجروح بتقربه الجديد منها و ملاحقته لها قبل أن يحصل في النهاية على قلبها من جديد، فيقرر العبث معها بطريقة أخرى...
زفرت بعمق و هي تفكر أنها كانت غبية عندما اعترفت له بحبها ذلك اليوم...بل كانت غبية منذ أن قررت أن تبدأ معه صفحة جديدة، صفحة قررت أن تخطها بحبر من خبث و انتقام فانقلب السحر على الساحر و أحبت شادي من جديد...
أليس من السخرية أن تركز على ذكر عبارة: "أحببته من جديد" أثناء حوارها العقلي؟ عليها أن تعترف أنها رغم كل شيء لم تتوقف عن حبه منذ سنوات...حبه استفحل في قلبها. ذكراه استفحلت عقلها كورم خبيث لا شفاء لها منه...حب تعرف حق المعرفة أنه سيقودها إلى التهلكة، فحتى بصيص الأمل الذي كانت ترى من خلاله تغير شادي انطفأ بعد أن كذب عليها و مثل عليها مسرحية إصابته في شجار...
لا تدري حتى لِمَ لم تكتشف الأمر منذ البداية لوحدها؟ فقد كان شادي مشهورا طوال فترة دراستهما معا بتلفيق إصابته بشتى الأشياء عندما يتغيب عن حضور امتحان أو لا ينجز العروض المختلفة التي يطلب منهم الأساتذة القيام بها...حتى أنه في أول لقاء لهما في القسم عندما دخل إلى الحصة متأخرا أعطى للأستاذة ورقة طبية -و كأن سبب تأخره وجوده عند الطبيب- و الكل ما عادها هي و الأستاذة كان يعرف أنها حيلة فقط يستمتع للقيام بها بسبب دلاله الزائد و تحكمه بالدكاترة الموظفين في مصحة والده حتى يحققوا له ما يريده...
أغمضت عينيها متذكرة اليوم الذي كشف خدعته أستاذ التاريخ و الجغرافيا في الوقت الذي عرف جميع زملائهما في القسم أنها تحبه...كانت خطة طويلة الأمد يقود صديقه أكرم خيوطها في الخفاء، فبعد أن وعدها بكتمان سرها الذي اكتشفه صدفة بعد أن وجد ورقة عليها اسم شادي بقلب دفتره الذي استعارته لم يفي بوعده بل سارع لإخبار شادي بالأمر بطريقة غير مباشرة و بعد مدة طويلة من ذلك اليوم، حيث أخبر إحدى الفتيات في القسم الذي كانت معروفة بثرثرتها الزائدة، فأخبرت صديقتها بالأمر و صديقتها أخبرت فتاة ليتناقل الخبر بين الفتيات حتى وصل إلى مسامع تقوى -قريبة بعيدة لشادي و صديقته المقربة منذ الطفولة- فأخبرت ابن عمها بالموضوع...طوال أسبوع كامل و هي تستمع لكلام الفتاة الساخر المبطن دون أن تهتم به قبل أن ترسل لها في اليوم الثامن رسالة من حساب آخر لها باسم فتاة أخرى، تخبرها فيه أنها صديقة مقربة لشادي و تقوى و أن هذه الأخيرة أخبرتها بأنها معجبة به فقررت بأن تتحدث معها و تساعدها...في البداية رفضت تماضر فكرة أن تكون هي السابقة بالاعتراف بمشاعرها ناحيته، لكن مع قليل من الجهد أقنعتها بعد أن أخبرتها بأنها من ستتولى المهمة عنها حتى لا تشعر بالحرج...فقبلت ببساطة و بسذاجة كانت تعطي للفتاة الرقم السري الخاص بحسابها الشخصي...في صباح اليوم الموالي تفاجأت تماضر عندما فتحت حسابها ووجدت أكثر من خمسين إشعار لإعجابات و تعليقات على منشور نشرته...باستغراب ضغطت على المنشور لتقرأ ما كتب بفضول: "أحبك و لا أدري كيف سأخبرك بهذا الحب؟" لينتهي المنشور بالحرف الأول من اسمه يجاوره قلب أحمر...ضغطت على التعليقات تقرأ تخمينات زميلاتها التي كتبت أغلبيتهن اسمه بينما البقية كن أكثر ذكاءً و كتبن أسماء أخرى تبدأ بنفس الحرف...عرفت أن الفتاة التي أعطتها كلمة سرها هي من قامت بوضع المنشور، فحذفته بسرعة و حملت الهاتف تتصل بقمر لتخبرها بالذي حصل...قمر كانت ذكية بما يكفي لتكتشف أن الأمر كله خطة محكمة بعد أن عرفت أن حساب الفتاة التي ادعت أنها صديقة تقوى لم تكن سوى تقوى نفسها، فادعت تماضر المرض ليومين حتى لا تذهب إلى الثانوية و ترى المعرفة في نظرات الجميع...لكن لم يطل اختباؤها عن الأعين طويلا خصوصا أن تلك الفترة كانت فترة امتحانات و كانت ستجتاز امتحانا في الانجليزية ذلك الزوال، فاضطرت للذهاب إلى الثانوية...زفرت بارتياح عندما لم تلمح شادي في قاعة الامتحان، حتى أن الجميع كان منشغل به و لم يبدوا أي تعليق عن الموضوع...اجتازت الامتحان بذهن غائب ...و قد كان غيابها اليومين السابقين كنزا لها فقد اجتاز زملاؤها امتحانا مفاجئا في الفيزياء فتوجهت في الحصة الثانية لتترجى الأستاذ حتى يعيده لها...عند التحاقها بآخر حصة صادف دخولها إلى القسم دخول شادي فتعالت الهمسات عند دخولهما معا...قدمت تبريرا للأستاذ لعدم حضورها الساعتين المنصرمتين فتفهم ذلك برحابة صدر بينما نظر باستخفاف إلى شادي الذي أخبره بتواجده في المشفى طوال الساعات المنقضية و قال له: "سأصدقك عندما أرى ورقة طبية لا تعود لمصحة أبيك يا شادي...إن ظننت أن خدعتك المشهورة التي تنطلي على جميع الأساتذة ستنطلي علي فأنت واهم".
تعالى ضحك زملائه الساخر أما هو فقال للأستاذ باستفزاز: "لا أحتاج لمبرر لحضوري أو غيابي، ففي النهاية ندرس في ثانوية خاصة و إن اتصل أحد من الإدارة بوالدي ليستفسر عن سبب غيابي سيخبرهم بأنني كنت أتلقى العلاج في مصحته".
ليجيبه الأستاذ بأنه غير ملزم بتركه بالقسم بما أن وقت الدخول إلى الثانوية يكون مع بداية الزوال لا في آخر حصة، فغادر شادي ببساطة الحصة دون أن ينسى رسم ابتسامة ساخرة على شفتيه عندما مر بجوارها...
تابعت شرح الدرس بذهن شارد قبل أن تشعر بعد لحظات بورقة تصيب ظهرها، التفتت تنظر بوجوم إلى الجالسين بالخلف فصاحت إحدى الفتيات: "هل تحبين شادي يا تماضر؟"
تعالت الضحكات المكتومة للمجموعة التي جلست على المقاعد الخلفية و الذين سمعوا سؤال الفتاة الساخر، في الوقت الذي همست فيه صديقتها بسخرية: "أحاول تخيلكما معا و لا أنجح أبدا".
ضحكوا من جديد، فانكمشت تماضر على نفسها و استدارت لتسيل دموعها بصمت...أصابتها ورقة صغيرة من جديد فكانت قمر من استدارت ناحيتهم لتهمس بشراسة: "فليلمسها أحدكم مرة أخرى و سيرى ما الذي سأفعله به"...
رن الجرس أخيرا معلنا انتهاء الحصة فلملمت تماضر حاجياتها بسرعة و غادرت القسم حتى لا تسمع همهماتهم الساخرة...أمسك أحدهم بيدها أثناء نزولها الدرج فنظرت باندهاش لشادي ثم هتفت و هي تخلص يدها منه: "اتركني شادي، المكان مزود بكاميرات المراقبة".
-"أريد أن أتحدث معك فقط".
همست بانهيار: "و أنا لا أريد...هل تفهم؟"
-"أنت مجبرة على الاستماع لي".
أجابها باستفزاز، فسالت دموعها و هي تهمس بادغان: "حسن، اترك يدي أولا و لنتحدث في الخارج".
ترك يدها و قال بهدوء: "حسنٌ، سأسبقك إلى ملعب كرة السلة و أنت الحقي بي لوحدك، إن كنت لا تريدين فضيحة أمام الجميع".
كانت خائفة لذا قبلت ما قاله و هرولت ناحية الملاعب على الجانب الآخر من الثانوية...و قبل أن تصل إلى ملعب كرة السلة كانت يده تسحبها من جديد إلى الحائط ليقف قبالتها ليقول بنبرة متهكمة: "أخبروني أنك تحبينني".
همست بتلعثم: "لا، من قال ذلك؟"
-"منذ مدة و أنا أعرف بالأمر جميلتي".
توردت وجنتاها و ابتسمت بخفر لنعته لها بالجميلة...ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة ثم مال ليهمس في أذنها: "قبل أن تحبيني يا صغيرة تعلمي كيف تواجهين الناس بما تريدينه بدلا من اللجوء إلى جنود الخفاء أو الوقوف خلف محاميتك الآنسة قمر".
ثم نظر إليها ليقول بازدراء: "ثم انظري لنفسك في المرآة و تعلمي تصفيف تلك الكتلة الشقراء التي تعلو رأسك الصغير كالفتيات قبل أن تتحدثي عن الإعجاب أو الحب".
نفض يده عنها ثم تحرك مبتعدا عنها لتنهار على الأرض باكية و لم تشعر بمرور الوقت حتى جاء حارس المدرسة يبحث عنها برفقة الناظر بعد أن تأخرت عن المنزل و اتصل والدها بالإدارة يتساءل عن سبب عدم حضورها، فاكتشفوا أنها لم تصعد على الحافلة المدرسية...أخبرتهم وقتها أنها انزوت تبكي عدم اجتيازها الجيد للامتحان و سمعت وابلا من الانتقادات و الشتائم من والدها أثناء توجههما إلى البيت...
شهرين متتالين عاشت فيهما كجسد بلا روح، استمعت لأيام طويلة لسخرية زملائها منها قبل أن تتوقف السخرية بعد أن حضرتها أستاذة اللغة الفرنسية صدفة فعاقبت المسؤولين عن الأمر...حصلت على معدلات متدنية في الامتحانات الأخيرة أثرت على معدل الأسدس بأكمله و مع بداية العام الدراسي الجديد كان قرارها بألا تعود لتلك الثانوية قاطعا فوافق والدها على الأمر دون أن يهتم بسؤالها عن السبب...ترجت والدتها بأن تقوم بمعالجة دورية لشعرها حتى يصبح أكثر نعومة و اعتادت على تصفيفه بمراكز التجميل كل أسبوع...كانت تفعل المستحيل لتبدو جميلة، لتجعل الفتيان يلحقون بها...أسرت زملاء لها في مدرستها الجديدة و طلابا جامعيين كثر، طوال آخر سنتين في الثانوية لم يكن ينجو أي شاب وضعته هدفا لها من شباكها، حتى عاد شادي من جديد....
كانت هذه المرة الأولى التي تتذكر فيها ما فعله بها دون أن تبكي، لا تدري إن كان السبب وجودها أمام والديها أو تعودها على تذكر خسارتها الكبرى بين الحين و الآخر لتشحن القوة منها؟ توقف عقلها عن التفكير مع رنين هاتفها فتهلهلت أساريرها و هي تقرأ اسم المتصل قبل أن تجيب عن الاتصال قائلة ببشاشة: "طلع البدر علينا أخيرا...اشتقت لك يا فتاة".
ضحكت قمر ثم قالت: "و أنا أيضا يا حبيبتي، لهذا اتصلت بك حتى نقضي اليوم بأكمله في النادي و لا أريد أي اعتراض".
-"بالتأكيد حبيبتي، نلتقي هناك بعد ساعة إذن".
أغلقت الخط ثم رفعت عينيها ناحية والدها لتقول له بهدوء: "سأقضي اليوم مع قمر في النادي، لقد اشتقت لها".
أومأ والدها برأسه متفهما، فاستأذنت من الجميع لتحضر نفسها و ما تحتاجه من أجل اليوم....
*********************************************
-"لقد مر وقت طويل منذ أن التقينا يا قمر...لا ندري كيف تكون صداقتنا بهذا العمق و لا نلتقي إلا لماما؟"
قالت قمر بسخرية و هي تربط حذاءها الرياضي: "بالتأكيد حبيبتي لا نلتقي منذ وقت طويل، لأن السيد شادي مفيد مستحوذ على وقتك الشاغر كاستحواذه على قلبك و عقلك".
تأففت تماضر ثم قالت: "أرجوك قمر، لا تفسدي جمالية اليوم بذكر اسمه أمامي".
قلدتها قمر بنبرة متهكمة قبل أن تقول: "حبيبتي أنا خير من يعرفك و متأكدة بأنك ستسامحينه بعد يومين...على أي حال إن كنت قد انتهيت هيا بنا إلى الملعب...تنتظرك مباراة صارمة ستنتهي بفوزي كالعادة".
-"لن أسمح لك بالفوز مجددا قمر بن سودة".
ابتسمت لها قمر بتحد أثناء تحركهما ناحية ملعب التنس المتواجد في النادي...ما إن دلفتا حتى توقفت تماضر لتهمس مشيرة بخبث إلى مكان ما: "انظري، رافيال نادال هنا".
تتبعت قمر المكان الذي تشير فيه لتسقط عيناها على زيد الذي كان يلعب مع أحدهم...من مصافحة اللاعبين عرفت قمر أن مباراتهما قد انتهت، فسحبت تماضر و هي تقول: "لنأخذ الملعب الجانبي، حتى لا يراني ذلك المعتوه و يلتصق بي من جديد".
لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فمع مرورهما لمحهما زيد فهرول ناحيتهما و هو يهتف بسعادة: "يا لحظي الرائع، سألعب التنس مع قمر ليالي حياتي".
أشاحت قمر بوجهها بضيق في الوقت الذي صافحته تماضر بحماسة و هي تقول: "جيد جدا أنك موجود...بفضلك لن أخسر أمامها من جديد لأنني لن ألعب أصلا".
نظر إلى قمر ثم قال: "سنتبارى و الخاسر سينفذ جميع طلبات الفائز".
التمعت شرارة غريبة في عيني قمر ثم مدت يدها لتصافحه و هي تقول بتحدٍ: "اتفقنا".
-"إذن أنا الحكم".
هتفت بها تماضر بصوت متحمس ليجيبها صوت من خلفها: "برأيي سأمنحك المشاركة في مباراة لا تنسى حبيبتي".
التفتت بحدة لتجد شادي يقف أمامها، سرحت عيناها تشبع اشتياقها منه للحظات قبل أن تتحول نظراتها إلى نظرات قطة شرسة فتقترب منه و هي تهمس بين أسنانها: "ما الذي تفعله هنا؟"
همس لها بصوت أجش يذيبها: "مذبوح باشتياقي لك من الوريد إلى الوريد يا جميلتي...قلت آتي إلى النادي فكنت أتوقع أن تكوني مع صديقتك الغالية قمر".
زفرت تماضر بحنق قبل أن تقول: "شادي ابتعد، لا أطيق جنونك هذا...أظنني أخبرتك بوضوح قبل أسابيع أن علاقتنا قد انتهت...لقد خدعتني يا شادي، خدعتني حقا".
ابتعدت قمر في اتجاه الملعب و نظراتها لا تحيد عنهما...ليقاطع تأملها صوت زيد: "أيمكنك أن تتخلي عن حرصك الزائد تجاه صديقتك يا قمر؟ تحاصرينها محاصرة أم لابنتها...اتركيها تعش حياتها كما تريد، لا نريد نسخة أخرى عنك".
التقطت قمر الكرة لتضربها ناحيته لكن مضربه صدها ببراعة لتعيدها بعنف أكبر و هي تهمس: "لا تريدون نسخا عني حقا؟ هل أتركها لضياعها فقط لأكون أنا الشخص النادر...لأذكرك أنني إنسان لست قطعة أثاث أو مجوهرات حتى أكون نادرة".
أعاد الكرة في اتجاهها و هو يقول: "أيمكنك التركيز على اللعب بدلا من الكلام، لأنني حقا لا أريد أن أسمع بكاؤك بعد خسارتك".
زمت قمر شفتيها و ضربت الكرة و هي تتمنى أن يفشل في التقاطها...ابتسمت بمرح عندما تحققت أمنيتها و قالت بعبث: "لنرى من سيبكي حقا يا سيد زيد أنا أو أنت؟"....
*********************************************
بعد دقائق من الحوار قالت تماضر أخيرا بجمود: "إن هزمتك ستتركني بحالي و لن تسأل عني".
قال شادي بمراوغة: "و إن هزمتك أنا ستغفرين لي".
كانت تقوم بتسخينات في مكانها عند سماعها لجملته، رفعت رأسها و هي تهتف: "مستحيل، لكنني سأوافق أن نجلس و تخبرني بسبب مسرحيتك الهزلية يا شادي...السبب الحقيقي، لا أريد كذبا أو كلاما منمقا".
-"سأخبرك إن وافقت على منحي فرصة أخرى يا تماضر".
قالها بجدية، فردت عليه بهدوء: "لست متساهلة في موضوع الفرص يا شادي...كفاك كلاما و لنبدأ اللعب".
كانت المباراة ساخنة، لا تتذكر تماضر أنها لعبت بجدية قبل هذا اليوم، كانت مصممة على الفوز رغم مهارته العالية التي أدهشتها...انتهت الست أشواط أخيرا لصالحه بعد أن أحرز أحد عشر نقطة تامة في الوقت الذي أحرزت فيه تسع نقاط...صافحها و هو يقول: "لعبت بشكل جيد".
ابتعدت عنه تبحث عن قمر فوجدتها تتجادل مع زيد...ابتسمت و هي تسير ناحيتهما لتتساءل: "من فاز؟"
لوحت قمر بمضربها و هي تقول بثقة: "أنا".
قال زيد بسخط: "لقد كنا متعادلين، لكنها من أحرزت أول هدفين بعد استمرارنا باللعب في آخر شوط".
لوحت له قمر باستفزاز و هي تسير برفقة صديقتها فغمغمت هذه الأخيرة: "لو كان مالك هنا لتغلب عليك".
ابتسمت قمر و قالت: "كنت سأكون سعيدة إن هزمني للمرة الثانية".
ضحكت تماضر، فتساءلت قمر و هي تنظر ناحية شادي: "هل هزمكِ؟"
أومأت تماضر برأسها و هي تقول: "مع الأسف".
حملت قمر حقيبتها ثم قالت: "حسن، رغم امتعاضي منه إلا أنه حصل على الرتبة الأولى في بطولة النادي الخاصة بالتنس السنتين الأخيرتين...كان عليك توقع هزيمتك على يده".
-"لا تثيري غيظي أكثر، يكفي أنني سأستمع للأسباب الكاذبة لفعلته".
نظرت إليها قمر للحظات قبل أن تقول: "و كأنك لست متشوقة لسماعها...منذ أن وصلك تسجيل ابراهيم و عرفت أن إصابة شادي لم تكن سوى كذبة و أنت تنتظرين تبريره حتى تعودين إليه متجاهلة كل شيء".
أجفلت تماضر على كلام صديقتها الصحيح، لكنها أنكرته قائلة: "لا، الأمر مختلف هذه المرة".
قالت قمر بوضوح: "لا أظنه مختلفا يا تماضر...أعرفك جيدا حتى بإمكاني أن أخبرك بما سيحصل الآن عندما ستتحدثان: ستعاندينه قليلا لكنك في النهاية سترضخين، لذا أود أن أخبرك أنني سأتدخل هذه المرة إن تصالحتما قبل أن يتطور الموضوع و تتأذي...لن يكون العطب الذي سيصيبك وقتها قابلا للإصلاح...فكري بكلامي جيدا قبل أن تتخذي أية خطوة".
ربتت على كتفها و تابعت: "سأستغل فوزي و أذهب لأتحدث مع ذلك المزعج حتى يتوقف عن حده...نلتقي بعد ساعة في مطعم النادي حتى نتناول الغذاء".
ابتعدت قمر عنها فظلت تماضر تفكر بكلامها مطولا قبل أن تحمل حقيبة ظهرها و هي تقول بحزم: "لا، لن أستسلم له هذه المرة، مهما حصل"...
*********************************************
كان كمال يعمل في مكتبه عندما قاطعه رنين الهاتف الداخلي، رفع السماعة متسائلا بهدوء: "ماذا هناك يا سليم؟"
قال سليم بهدوء: "السيد عاصم يريد رؤيتك سيد كمال".
ارتفع حاجب كمال باندهاش لكنه حافظ على هدوئه بقوله: "فليتفضل بالدخول".
أراح كمال ظهره على الكرسي متسائلا في سره عن سبب هذه الزيارة المفاجأة من أكثر شخص يكن له عداوة في الحزب؟ تعالى طرق صارم على باب مكتبه قبل أن يفتح فيدخل عاصم ملقيا السلام ثم يصافحه بحرارة استغربها كمال قبل أن يجلس براحة على الكرسي المقابل لمكتبه...طلب كمال قدحين من القهوة لهما ثم جلسا يتحدثا عن الحزب و الانتخابات القادمة قبل أن يقول عاصم: "في الواقع أنا لم آت إلى هنا للتحدث عن الحزب أو السياسة".
نظر إليه كمال باهتمام ففتح عاصم المحفظة التي كان يحملها ليخرج منها أوراقا و يضعها أمامه...قال بجدية: "هذا المشروع مستقبلي لشركتي مع شركة أجنبية، لكن شرط تنفيذه الذي وضعته الشركة ينص على أن تكون شركة ثالثة جزءا من المشروع".
قلب كمال الأوراق بين يديه قبل أن يقول باهتمام: "لكن نشاط شركتي بعيد كل البعد عن نشاط شركتك يا عاصم".
غمغم عاصم بنبرة يحاول إقناع غريمه بالأمر: "سيكون الأمر جيدا لشركتك حتى تهتم بقطاعات أخرى غير الصناعات الغذائية...كما أن الشركة تحتاج حاليا لتمويل مشروعها فقط لأنها لا زالت جديدة في السوق...شركائي يجدون المشروع جيدا و مربحا لجميع الجهات...يمكنك دراسة المشروع و أنتظر ردك قريبا جدا".
قام من مكانه ليقول بهدوء: "إلى لقاء قريب يا كمال".
راقب كمال انصرافه قبل أن يلتفت ناحية حاسوبه و يكتب اسم الشركة الأجنبية على أحد مواقع البحث...أنهى قراءة المعلومات المكتوبة قبل أن يرفع الهاتف ليقول: "سليم أخبر قسم المحاسبة و قسم التسويق أنني أنتظرهم في غرفة الاجتماع بعد نصف ساعة"...
*********************************************
-"ما هي طلباتك لليوم آنسة قمر؟"
تساءل زيد بمرح أثناء تواجدهما بقلب مقهى النادي فقالت قمر بهدوء: "لي طلب واحد يا زيد، أن تتوقف عن التغني بحبك لي في كل وقت و حين...الأمر يثير استفزازي".
ارتشف زيد من كوب الشاي أمامه قبل أن يقول باهتمام: "أريد أن أسألك سؤالا يا قمر و أنتظر إجابة صريحة منك".
أومأت قمر برأسها منتظرة سؤاله الغامض، لم يطل صمته للحظات قبل أن يقول: "ما السبب الذي يمنعك من تقبل حبي لك يا قمر؟ لا تخبريني لأنك لا تؤمنين بالحب فوقتها سأعرف بأنك كاذبة".
تفاجأت قمر من السؤال الجدي الذي طرحه عليها حتى أن ملامحه كانت تدل على الجدية التامة...ربما هذا أول حديث جدي لهما معا بما أنه خال من تعليقاته المحرجة و المستفزة ...استمر صمتها للحظات قبل أن تقول: "لا زلت صغيرة على هذه الأشياء...لا أفكر بها و لن أفكر لوقت طويل...كل ما يهمني دراستي فقط و أن أحقق أحلامي".
حسن، لقد كذبت فهي تحب مالك، لكنها لم تشأ أن تعترف بهذا الحب لشخص آخر فما بالك بصديقه المقرب لذا اختارت أن تجيب عن الأمر بدبلوماسية، لكنها لم تتوقع أبدا أن يكون رده: "حسنٌ، أظن أنني فهمت الأمر الآن...و أنا أعدك أنني لن أتطرق للموضوع أمامك أو أمام أي أحد آخر...انسي حتى بأنني أخبرتك بأنني أحبك ذات مساء...نحن الآن مجرد شخصين تجمع بينهما زمالة إضافة إلى قرابة بعيدة...لكن لا يعني الأمر أنني سأنسى مشاعري ناحيتك يا قمر، سيأتي الأوان لتكبر صغيرتي المجتهدة ووقتها سأطلب يدها من والدها مباشرة و سأتحرق انتظارا لردها".
آلمتها جملته، لم تتوقع أن تكون عبارتها تحمل أملا حول علاقة مستقبلية تجمعها...ولاء قلبها لمالك سيظل أبديا و لا تريد أن يشعر زيد بهذا الولاء ناحيتها...وجدت نفسها تهمس بهدوء: "إن لم تكتشف فجأة بأن مشاعرك هذه مجرد وهم يا زيد".
نظر إليها زيد مطولا قبل أن يقول: "الزمن كفيل بأن يظهر إن كانت وهما أو حقيقة يا قمر"...
*********************************************
-"لقد مرت نصف ساعة و أنا أنتظر تحدثك عن الأمر يا شادي".
اختفت ملامحها الواجمة مع نهاية جملتها لترتسم ابتسامة رقيقة على شفتيها بعد أن وضع النادل طلباتهما أمامهما...شكرته بإيماءة من رأسها ثم التفتت من جديد ناحية الذي يجلس أمامها متوترا فقالت بحنق: "دعني أسهل عليك الأمر، أنت لا تملك سببا لفعلتك".
قال شادي بحرارة: "بل أملك سببا قويا يا تماضر، كنت أتأكد من حبك لي".
ابتسمت بسخرية ثم قالت: "أصدقك حقا!"
-"أقسم لك تماضر، لقد كان هذا السبب الرئيسي كما أن السبب الثاني هو رغبتي بأن تتعرفي على والدتي".
تمتمت بنبرة خافتة: "أنتظر منك تفسيرا حول هذا، لأنني أعرف مدى توتر علاقتكما أنت و والدتك يا شادي...أنت أخبرتني عن الأمر بنفسك".
تنهد شادي بعمق قبل أن يقول: "رغم كل المشاكل القديمة بينها و بين أبي التي أدت إلى انفصالهما -و التي كانت أيضا سببا في توتر علاقتنا- ستظل أمي و من حقها أن تتعرف عليك...تماضر أنا لم أكن أمزح عندما أخبرت أمي بأنني أريد الارتباط بك رسميا".
غمغمت بوجوم: "و أنا لا أريد...كما أنني سأسافر إلى خارج البلاد بعد أشهر...سأتابع دراستي في كندا و سأستقر هناك إلى الأبد".
أمسك بمعصمها حتى تأوهت بخفوت بسبب الألم الذي سببته يده التي تضغط على رسغه...قال بجنون: "لن أسمح لك بذلك يا تماضر...أقسم أنني سأقتلك إن فعلتها و أقتل نفسي بعدها".
خلصت معصمها من قيده بعد أن ارتخت قبضته ثم هتفت في وجهه بصوت عال جذب أنظار المحيطين بهم: "هل أنت مجنون؟ أو تظن أن العالم يدور من حولك شادي مفيد؟ لن يمنعني جنونك هذا عن تحقيق أحلامي".
قامت من مكانها لتتحرك إلى الخارج فلحق بها و قبل أن يوقفها كان يلمحها تقترب من مجموعة كانوا قادمين ناحية المقهى...تعرف على إحدى زميلاتها في الدراسة حيث كان قد قابلها من قبل...التمعت عيناه بشرارة جنون عندما لمحها تسلم على شاب بحميمية ثم تحرك ناحيتها بخطى ثابتة ليقول بجمود: "تماضر انصرفت قبل أن نتابع كلامنا".
قال الشاب الذي كان يأسر يدها في يده: "هذا يعني أن كلامها معك لم يعجبها أليس كذلك حبيبتي؟"
حركت رأسها ثم قالت بغرور: "أجل، لقد انتهى حديثي معك يا شادي...الوداع".
تحرك ليقف أمامها يمنعها من المرور متسائلا: "من هذا الذي ناداك حبيبتي الآن؟"
أجابته باستفزاز: "عصام..."
قاطعها قائلا: "حبيبك السابق الذي التقيت بوالدك صدفة و أنت معه و انفصلتما...تنسين دائما بأنك أخبرتني بجميع أسرارك".
نظرت إليه بازدراء قبل أن تقول: "و أراك تحفظ جميع من أخبرتك به يا شادي عن ظهر قلب... ألا تشعر بالغيرة عندما أحدثك عن علاقاتي السابقة؟"
قال ببرود: "لا أهتم بها، بما أنك تحبينني و وفية لي...ماضيك يظل ماضيا و لا أهتم به مثقال ذرة".
قهقهت بسخرية قبل أن تقول: "وفية لك؟ أنت تثير سخريتي يا شادي...صيف العام الماضي و أنا مرتبطة بك كنت متربطة بشاب آخر، مغن مشهور و أنت تحب أغانيه و لا تمل من سماعها".
هتف بصدمة: "مستحيل".
رفعت هاتفها تبحث بقلب ألبوم الصور ثم مدته له و هي تقول: "يمكنك أن ترى بنفسك صورنا معا، و إن لم تصدق اسأل قمر فقد كانت تعرف بالأمر رغم امتعاضها منه...خلاصة الكلام أنا لست وفية لك و لن أكون كذلك".
تركه خلفها ثم استدارت لتغادر بعد أن لوحت له بسخرية، لكنها التفتت من جديد لتقول له: "بعد الذي فعلته قبل أيام أنا عدت لعصام في النهاية هو يحبني حقا بخلاف أحدهم لا زالت إهانته السابقة لي قبل سنوات تؤلم قلبي كلما تذكرتها...أحفظها حرفا حرفا يا شادي و أتمنى من أعماق قلبي أن تقابل فتاة تقتلك كما قتلتني وقتها بما أنني لم أنجح أنا في ذلك مع الأسف"...
*********************************************
بعد نهاية اجتماعه حمل نسيم هاتفه ليزيل وضعه الصامت فتفاجأ عند رؤية المكالمات الثلاثة الواردة من رقم غير مدون...عرف مباشرة أنه رقم شقيقها...اتصل به في الوقت الذي انطلق بالسيارة ليجيبه بعد لحظات صوت رجولي: "سيد نسيم".
قال نسيم بهدوء: "مرحبا، أنا نسيم، من معي على الخط".
-"أنا علاء...شقيق عائشة الأكبر".
ابتسم نسيم لصدق توقعه ثم تبادل معه بضع عبارات مجاملة قبل أن يقول محدثه: "لقد حكت لي عائشة ما حصل يوم أمس، أشكرك لأنك دافعت عنها".
-"هذا واجبي سيدي، لم أكن لأسمح له بأن يؤذيها أو يؤذي أي شخص آخر".
تابع علاء بجدية: "كما أنها أخبرتني عن إدعاءك بأنك خطيبها و هذا هو سبب اتصالي".
قاطعه نسيم قائلا: "الحديث طويل و من الأفضل ألا يجرى على الهاتف، إن كنت متفرغا سيد علاء لنلتقي بعد نصف ساعة في مطعم (****) و نتحدث في التفاصيل".
-"حسن إذن، أنتظرك هناك...في أمان الله".
غمغم نسيم بتحية الوداع قبل أن يغلق الخط ليعود عبر نفس الطريق الذي سلكه إلى المطعم الذي كان فيه لقاؤه مع الوفد الأجنبي قبل قليل...
بعد نصف ساعة بالضبط كان يلمح الشاب الذي يتبع النادل بعد أن استفسر عن مكانه...ابتسم و هو يهمس في سره: "كم أحترم الناس المنضبطين في مواعيدهم".
قام ليصافح الشاب الذي عرفه على نفسه قبل أن يجلس أمامه، فأشار للنادل و هو يقول له: "لنطلب شيئا أولا قبل حديثنا".
أحضرت لهما النادلة قائمتي الطعام، فراقب علاء بأعين صقرية نظراتها المرحبة لمن يشاركه الطاولة...يبدو أنه يأتي إلى هنا كثيرا، فكر علاء في سره و أنظاره تجوب أرجاء المطعم الأنيق...ابتعدت النادلة أخيرا فاستهل نسيم الحديث قائلا: "بداية، أعتذر على هذا الموعد السريع، لدي محاضرات علي إلقاؤها بعد ساعة لذا أحببت أن نلتقي الآن بما أنه وقت فراغي، أتمنى فقط ألا أكون قد عطلتك عن شيء مهم".
أجابه علاء بهدوء: "لا بأس، اتصالك صادف وقت فراغي أنا الآخر".
تعلقت أنظار نسيم بيد الرجل الذي كانت تطرق سطح الطاولة بشيء من التوتر و نفاذ الصبر، لذا قرر ألا يطيل كثيرا و استرسل شارحا لما حدث كرغبة منه للتأكيد على كلام عائشة أمام أخيها حتى يعرف بأن ما قالته صحيح تماما...عادت النادلة من جديد تحمل أطباق الطعام ليهتف علاء بعد انصرافها: "هل كان أمر الخطبة لتخلصها فقط من خطيبها السابق؟ أم أنها طريقة لتخبرها بأنك تريد بالفعل الارتباط بها؟"
قال نسيم بوضوح: "أنا بالفعل أريد الارتباط بالآنسة عائشة".
أشرقت ملامح علاء فجأة ثم قال: "هذا جيد إذن فلنتكلم في التفاصيل"...
غادرا المطعم فتوجه نسيم ليستقل سيارته بعد أن رفض علاء دعوته بأن يقله قائلا بأنه يملك سيارة...انطلق و هو يتذكر الحديث المفصل الذي دار فقط حول عمله و والديه حتى أنه شعر فجأة بأن الجالس أمامه يمنع نفسه بشق الأنفس حتى يسأله عن الراتب الذي يتقاضاه كمعيد في الجامعة و في الشركة التي يعمل فيها كمهندس معلوميات...كما أنه سأله بوقاحة إن كان والديه يعيشا معه أم أنه يعيش بمفرده، فأخبره نسيم أن عائلته تعيش في المدينة التي ينتمي إليها هو أيضا بينما يعيش هو في العاصمة...حسنٌ من حقه أن يعرف إن كانت أخته ستعيش مع حماتها أو في بيت منفصل مع زوجها، لكن هي من تملك القرار في الأخير بالقبول أو بالرفض لا أخاها...
استل سيجارة من علبة السجائر المرمية بإهمال فوق الكرسي الذي يجاوره ليتذكر فجأة و هو يشعلها أنه لم يتوقف عن التدخين أمام الرجل فقط ليرى إن كان سيعلق عن كثرة شربه للسجائر و أن أخته تكرهها و عليه أن يقلل من شراهته في التدخين إن كان سيرتبط بها، لكن لا حياة لمن تنادي فيبدو أن صهره المستقبلي لم يبالي بالأمر أو يمكنه أن يقول تجاهل الأمر لأن من يجلس أمامه بالنسبة إليه عريس لا يعوض لأخته و لا بأس إن كان يملك بعض العيوب...
زفر نسيم و هو يوقف السيارة أخيرا بالموقف الخاص بالأساتذة و الأطر الإدارية في الكلية مفكرا أنه من لقاء واحد كان يستطيع أن يصنف علاء ضمن قائمة الرجال المتحكمين بنسائهم...قائمة تضم والده الصارم الذي لم يكن يجد تسلية أفضل من التحكم في حيوات من هم أضعف منه...
وصوله إلى هذا الاستنتاج جعله يتمنى أن تصبح زوجته بسرعة و وقتها لن يسمح لأحدهم بالتحكم بها و إبداء رأي عنها و في صدره نفس يتردد...
*********************************************
-"تسنيم".
توقفت تسنيم عن السير بقلب الحرم الجامعي ثم التفتت باحثة بين الحشود عن الشخص الذي ناداها...لمحت قمر أخيرا قادمة في اتجاهها بسرعة و هي تلوح لها، فزفرت ببطء و هي تهمس في سرها: "ليتني ما سمعت نداءكِ".
أجبرت نفسها على الابتسام عندما اقتربت منها أكثر لتصافحها بحرارة، ثم سألتها باهتمام: "مرت مدة طويلة منذ أن رأيتك آخر مرة في المدرجات...هل كنت متغيبة؟"
أومأت تسنيم بنفي و هي تفكر في سرها: "كنت أتجنبك فقط"....لكنها قالت لها بهدوء: "كنت أجلس في المقاعد الخلفية، لهذا لم تريني".
أومأت قمر متفهمة لتقول بعد لحظات: "أريد أن أتحدث معك حول موضوع مهم، أيمكننا الذهاب إلى المقصف؟"
أومأت تسنيم برأسها إيجابا فتوجهت الفتاتان إلى هناك ليجلسا على إحدى الطاولات الموجودة بالخارج...ظلت قمر صامتة للحظات قبل أن تقول بدون مقدمات: "أنت معجبة بزيد صحيح؟"
رفرفت تسنيم بأهدابها و توردت وجنتاها لتتساءل بارتباك: "ك...كيف عرفت؟"
قالت قمر بهدوء: "ردة فعلك اليوم الذي اجتمعنا فيه في المكتبة كانت واضحة جدا بالنسبة لي، فتوقعت أنك معجبة به".
تنهدت تسنيم قبل أن تقول: "و حتى إن كنت كذلك، يعد إعجابي هذا مجرد حلم يراود ذهني و لن يبادلني الشعور أبدا...لن أكون لائقة بشاب مثله، بل لست لائقة بأي شاب".
قالت قمر بحزم: "قبل أن تنتظري من أحد أن يحبك أحبي نفسك يا تسنيم، أنت إنسان خلقه الله و اصطفاه على كثير من المخلوقات و أعطاه العقل...أغرقنا الله في النعم و لا يزال يغرقنا فيها، فاحمدي الله على كل نعمة أعطاها لك...لا تري مرضك نقصا أو تشويها لهيئتك، لأنه لا يوجد أحد كامل على هذه الأرض...أنت جميلة جدا، جمال روحك ينعكس عليك و يجعل الناس يحبونك...من لا يراك جميلة فذلك لعيب فيه لا فيك".
هزتها كلماتها فعادت قمر إلى موضوعها الأصلي قائلة بهدوء: "أنا أعرف زيد منذ أيام الثانوية، كما أنه أصبح قريبا بعيدا لي -فأخوه مرتبط بحفيدة عم والدي- كما أنني أعرف أنه معجب بفتاة أخرى لكنها مع الأسف لا تبادله هذه المشاعر...أي احتمال لعلاقة تربطهما مستقبلا ضعيف جدا بل مستحيل، لذا أنا أشعر بأنه يستحق أن يعرف بمشاعرك اتجاهه إن كنت تملكين شجاعة الاعتراف بما يحمله قلبك ناحيته من مشاعر".
-"حقا".
أومأت قمر و قالت بإقرار: "شجاعة الاعتراف بما تحمله القلوب من مشاعر رفاهية لا يملكها الكثير يا تسنيم...إن كنت تملكينها أنت فاستغليها جيدا".
ودعتها قمر ثم تحركت ناحية البوابة و هي تفكر فيما فعلته...لا يمكنها أن تسمي هذا خداع لأنها حقا أحست بصدق مشاعر تسنيم تجاه زيد و حتى إن كانت لا تطيقه لا تتمنى له أن يعيش حبا من طرف واحد...لا تريد أن تكون سبب عذابه، كما لا تريد أن يعيش أحدهم عذاب حب لا يوجد له صدى في قلب الطرف الآخر...تنهدت بعمق ثم تمنت في سرها أن يمنح زيد لتسنيم فرصة رغم صوتا بداخلها يخبرها أن زميلتها الجميلة لن تحصل على هذه الفرصة حاليا...
*********************************************
بعد أيام:
اليوم ستأتي عائلته لتتعرف عليها و على عائلتها قبل الخطبة...لا تدري حتى كيف جرى ذلك؟ كانت تتوقع أنه سيحل الأمر مع أخيها دون الحاجة لخطبة حقيقية و ها هي الآن تجلس لتعد نفسها لقدومهم...
ارتدت الفستان الذي اختارته مع قمر قبل يومين، لم يكن بتنورة كالعادة بل كان أسفله على شكل سروال واسع....كانت هيئتها تبدو و كأنها ستذهب إلى مقابلة عمل خصوصا أن فستانها كان أسود اللون، لكنها كانت قد قررت عدم ارتداء شيء مبهرج فهذه ليست خطبة و قمر كانت موافقة تماما على قرارها...جعلت طلتها أكثر نعومة بالوشاح الوردي الغامق الذي وضعته على شعرها ثم ارتدت عقدا طويلا كان هدية من قمر في عيد ميلادها السابق، لم تضع شيئا من الزينة غير ملمع شفاه ليبدو مظهرها أكثر طبيعية و غموضا...
لا تدري سبب إصرارها على هذا الغموض ابتداءً من ارتدائها للون الأسود؟ لون قمر المفضل و كأنها تستمد طاقة خفية من صديقتها عبر اختيارها للون تحبه و لعقد كان هدية منها...
ابتسمت فجأة و هي تتذكر أن مالك أيضا يحب اللون الأسود أيضا، لتتحول ابتسامتها إلى ضحكة و هي تتذكر أنه قبل ثلاثة أيام دلف كل من قمر و مالك معا إلى المدرج بعد أن التقيا صدفة أمام بوابة الكلية و كان كلاهما يرتديان نفس الملابس و كأنهما يقومان بإعلان زوجي لماركة ملابس؛ حيث كان ترتدي قمر قميصا صوفيا عنابي اللون و سروالا و معطفا بلون أسود بينما لفت حول عنقها وشاحا صوفيا بنفس لون قميصها...بينما كان مالك يرتدي سترة رياضية عنابية و سروالا أسودا بينما وضع على رأسه قبعة سوداء، فبدت قمر بهيئتها الكلاسيكية و كأنها تقوم بعرض أزياء للملابس المخصصة للعمل، بينما بدا هو و كأنه يعرض أزياءً رياضية عفوية...
ربما قد يبدو لأي شخص يراهما معا و يعرف حب قمر له أنه لا يستحق حبها لأنهما لا يليقان ببعضهما قائلين بأن الارتباط يجب أن يكون من شخصين يملكان شخصية مختلفة على بعضهما بينما قمر و مالك يملكان شخصية متطابقة تقريبا لكنها هي ترى العكس...
قمر فتاة واثقة من نفسها، مضحية، تملك قلبا كبيرا يسع الكون بأكمله، تملك كبرياء فرسان لا يكسر، لكن رغما كل هاته الأشياء هناك جانب خفي بقلب قمر لا يعرفه أحد غيرها ربما، رغم كل القوة و العزيمة التي تحملهما هناك رقة لا متناهية بروحها، رقة لن ينجح زيد -الذي يحاول دائما أن يظهر إعجابه بها- بأن يحتويها و يغدقها بما تحتاجه من عاطفة بصخبه و جنونه، بل تحتاج لشخص حكيم كمالك، شخص يعرف متى يرخي الحبل و يشده كي يمنحها كل ما تحتاج...مرات عديدة حاولت تصورهما مرتبطين في عقلها فتراهما كأكثر الأزواج التي تعرفهم مثالية...تساءلت فجأة عن السبب الذي منعه من الوقوع في حبها طوال هذه المدة التي يعرفان فيها بعضهما؟ فكان الجواب الأول بأن يكون هو أيضا معجب بها لكنه يكتم مشاعره كما تفعل هي أمامه لكنها استبعدت هذا الجواب لأن قمر أخبرتها أنها متأكدة بعدم حبه لها...
الجواب الثاني الذي راودها أن يكون مالك يعرف بالمشاعر الذي يكنها زيد لصديقتها لهذا ابتعد عن ساحتها من أجل صديقه، فكرت أن هذا الاحتمال أكثر منطقية فرغم مرح زيد مع الجميع إلا أنه يكن مكانة خاصة لقمر و لا يمكن لمالك ألا يلاحظ ذلك...
الاحتمال الثالث و الأخير و الذي تحب أن تراه كالأكثر منطقية أن مالك لا يفكر في الحب حاليا، لذا لا يرى قمر سوى صديقة و ربما عندما يريد الزواج سيختارها بين الفتيات اللاتي يعرفهن لتكمل معه حياته المستقبلية لأنها الأجدر بهذا المنصب إن لم يكن يفكر بالحب قبل الزواج...
تنهدت بحزن و هي تفكر لو كان مالك هو من يحب قمر بدلا من زيد لكانت سعادة صديقتها المقربة لا توصف...لكن مع الأسف تجري الرياح بما لا تشتهي السفن....
أفلتت تنهيدة أخرى و هي تتذكر رياحها التي تحرك سفينة حياتها على هواها و كأن ربانها أصيب بلعنة جعلت يداه تعجزان على قيادة السفينة....كونها أنثى لعنتها، بل كونها أخت علاء الريح التي تتحكم فيها كيفما شاءت و هي تسير على المسار الذي خطته لها الريح باستسلام...
أليس من حقها هي أيضا أن تقع في الحب قبل الزواج؟ أن تغرق بقلب الأحلام الوردية...أن تجد شخصا مستعدا لمحاربة كل شيء لينالها حتى و إن كان الأمر يحتاج لمحاربة شقيقها العنيد...
زفرت ببطء و هي تقر أنها لا تملك شيئا غير الرضا بقدرها هذا...لا تملك شيئا غير الخروج و الجلوس مع الضيوف الذين دلفوا لتوهم إلى المنزل...لا تملك غير أن تؤذي دور الفتاة السعيدة بخطبتها القريبة رغم أنها غارقة في التعاسة و الخواء...
طرق على الباب أخرجها من شرودها فتحركت بجمود لتفتحه لترى والدتها واقفة أمامها مرتدية لباسها التقليدي و قبل أن تهمس بما جاءت من أجله كانت عائشة تتحرك لتعد القهوة لتقدمها للأشخاص الذين يتناقشون حول مصيرها في غرفة الضيوف...
*******************************************
-"قمر هل أنت بخير؟"
رفعت قمر عينيها إلى مالك الذي تساءل عن حالها بقلق ارتسم في وجوه الموجودين معهما...ألقت بقلمها على الطاولة و هي تقول بتعب: "لا أشعر أنني بخير، تابعوا العمل بدوني، سأهتم بجزء العرض الخاص بي عندما أشعر بتحسن".
قال مالك بهدوء: "سأقلك إلى البيت إذن، لن أسمح لك بسياقة السيارة و أنت على هذه الحال".
أومأت برأسها و هي تقول: "سأكون شاكرة لك".
ثم التفتت إلى زيد الذي يتابع الحوار بوجوم و همست: "سأكون شاكرة إن أوصلت تسنيم يا زيد، لقد وعدتها أن أوصلها بنفسي، لكن كما ترى لا أستطيع القيادة حاليا".
قامت من مكانها بعد أن لملمت حاجياتها و حملت حقيبة حاسوبها...همست بوداع مختصر و سارت أمام مالك الذي لحق بها بعد أن لملم دفاتره و حاسوبه...توقفت قمر فجأة عن السير واضعة يدها على رأسها، كانت تشعر بالأرض تدور بها و قبل أن تتحرك لتجلس من جديد حتى تستعيد ثباتها كانت تغرق في ظلمات اللاوعي...هتف مالك باسمها ثم أسرع يمسك جسدها قبل أن يصل إلى الأرض...قام كل من زيد و تسنيم من مكانهما كما تعلقت أعين المتواجدين بالفتاة التي أغمي عليها فحملها رفيقها ليضعها على إحدى الأرائك الشاغرة...صاح زيد باستنكار: "فليحضر أحدكم قنينة ماء".
هرولت نادلة في اتجاههما و ما إن وقعت عينيها على قمر قالت بهلع: "أظن أن علينا أن نتصل بالسيد كمال والدها".
كان مالك يحاول إيقاظها لكنها لم تستجب له، فحملها و هو يقول: "لا داعي لإخباره، سآخذها إلى أقرب مشفى، حرارتها مرتفعة و أظن أن ضغطها انخفض".
قال زيد بإصرار: "سأرافقك".
-"لا داعي زيد، أوصل أنت تسنيم لن تتركها تنتظر الحافلة في هذا الجو".
لكن زيد أعند منه، التفت ناحية تسنيم ثم قال: "سآخذ قمر إلى المشفى و أعود لأقلك يا تسنيم".
أومأت الفتاة برأسها متفهمة فهرول زيد إلى الخارج و هو يحمد الله أنه أتى بالسيارة اليوم بدلا من الدراجة النارية...أخرجها من الموقف التابع للنادي ثم فتح الباب الخلفي لصديقه القادم و هو يحمل قمر...مددها بحرص على المقعد الخلفي ثم استقل المقعد المجاور للسائق في الوقت الذي انطلق فيه صديقه دون أن يبعد عينيه عن قمر...فتحت قمر عينيها بتشوش فالتفت مالك ليقول: "قمر تماسكي أرجوك، سنأخذ حالا إلى المشفى".
همست بضعف: "لا أريد الذهاب إلى هناك...خذني إلى البيت أريد أمي".
سلك زيد طريق بيتها في الوقت الذي رفع فيه مالك هاتفه ليتصل بأخته...قال بعد أن ردت على الاتصال: "مرحبا نهى، هل أنت في البيت؟....حسن، أرسلي لي من فضلك رقم الدكتور معاذ إنه مكتوب في مذكرة أبي البنية....لا لا، أنا بخير لا تقلقي، قمر من أغمي عليها أثناء وجودنا في النادي"...
أوقف زيد السيارة أمام بيت عائلة قمر ليقول لصديقه: "سأحملها أنا إلى داخل البيت".
كان مالك قد ترجل من السيارة ليفتح الباب الخلفي و يحاول إيقاظها لكن بدون جدوى...بدا و كأن حرارتها قد ارتفعت أكثر كما أنهى كانت تهذي بكلمات غير مفهومة...بدون أن يهتم لطلب صديقه كان يدس يده تحت خصرها و الأخرى تحت ساقيها ليحملها...تحرك ناحية المنزل يتقدمه صديقه الساخط الذي رن الجرس ففتحت لهما والدة قمر الباب عبر الجهاز اللاسلكي ليلمحانها تسير ناحيتهما و ملامحها مذعورة...تكلف زيد بإخبارها بما حصل بينما قال مالك: "من فضلك خالتي، أيمكنك أن تريني مكان غرفتها حتى أضعها هناك؟"
أومأت نجاة برأسها و ارتقت الدرج أمامه لتفسح له المجال أمام الباب الثاني في الطابق و هي تقول: "هذه غرفتها يا عزيزي".
لم يهتم مالك بتقييم الغرفة بل اتجه ناحية السرير ليضعها عليه برفق، فتشبثت يدها بقميصه فجأة و هي تهمس بكلمات بدت واضحة بعد هلوساتها السابقة: "أريد أمي".
هتفت أمها: "ها أنا بجوارك حبيبتي لا تقلقي".
ارتخت يدها و قبل أن يبتعد عن سريرها بعد أن وضعها عليه كانت تمسك بكفه...التفت ناحيتها ليجدها تنظر إليه بتشوش للحظات قبل أن تغمغم بهذيان: "لا تتركني أرجوك".
ابتسم و ربت على كفها و هو يقول بهدوء: "لن أتركك يا قمر".
التفت ناحية والدتها و هو يقول بجدية: "أحتاج لخافض للحرارة...أظن أن ضغطها أيضا انخفض و هذا سبب إغمائها...عموما لقد اتصلت بالطبيب و سيصل قريبا".
في هذه الأثناء دلفت الخادمة تحمل خافضا للحرارة فأخذ مالك الكأس من يدها ليحاول إنهاض قمر و هو يقول: "قمر ها هو الدواء، افتحي فمك حتى أعطيه لك عزيزتي".
بتشوش و بدون أن تفتح عينيها كانت تستجيب له...ابتسم و هو يحثها على إكمال الكأس: "لم يتبق سوى القليل، هيا".
فتحت فمها مجددا لتكمل شربه ثم سقطت على السرير لتهمس بضعف: "أشعر بالألم الشديد".
مسد على شعرها و هو يقول بلطف: "ستشعرين بتحسن بعد قليل".
تراجع إلى الخلف بعد أن وضعت والدتها كمادة الماء البارد على جبينها في الوقت الذي دلفت فيه الخادمة من جديد و هي تقول: "لقد وصل الطبيب سيدة نجاة"...
*********************************************
استقلت السيارة بجواره و التفتت تسأله باهتمام: "كيف حال قمر؟"
قال زيد بهدوء: "لقد جئت عند وصول الطبيب إلى منزل عائلتها لم أشأ أن أتأخر عنك...لكنها كانت تهمس بكلام غير مفهوم طوال الطريق...سأتصل بمالك بعد قليل و أسأله عن حالها".
كانت تبتسم ببلاهة بعد أن أخبرها أنه لم يشأ التأخر عنها...أجابت سؤاله التالي عن عنوان إقامتها ثم قالت: "سأتصل بها أنا أيضا لأطمئن عليها".
أومأ زيد برأسه و نظراته مركزة على الطريق...عندما وصل أخيرا إلى الشارع الذي تعيش فيه تبع تعليماتها ليتوقف أمام بناية جميلة مكونة من أربعة طوابق...سألها باهتمام: "هل تعيشين هنا؟"
أومأت برأسها، فقال بهدوء: "يا لها من صدفة...أخي الأكبر يعيش هنا أيضا مع زوجته...رغم أن إقامتهما هنا ليست دائمة بما أن لديهما أعمال في دبي، لذا يضطرون إلى الذهاب هناك".
أومأت برأسها ثم قالت: "هما محظوظان إذن، أحب دبي كثيرا و كم أتمنى زيارتها هل سبق لك و زرتها؟"
حرك رأسه إيجابا ثم قال: "إنها جميلة جدا، أتمنى أنا أيضا أن أستقر بها مستقبلا".
ابتسمت و هي تقول برقة: "لدينا نفس الحلم إذن".
صمت و صمتت هي تفكر في طريقة لتتطرق في الموضوع الذي يشغلها منذ مدة...تذكرت ما قالته لها قمر مؤخرا فاستجمعت شجاعتها لتقول له: "زيد أريد أن أخبرك بشيء".
نظر إليها منتظرا ما ستقوله باهتمام، ليتغلب خجل الأنثى على رغبتها فتهمس بارتباك: "لن أستطيع...انسى الأمر".
-"أثرت فضولي و بعدها تريدين مني أن أنسى، لست متناقضا لهذه الدرجة يا تسنيم...قولي ما تريدين بدون خجل".
أخذت نفسا عميقا قبل أن تقول: "أنا معجبة بك و منذ مدة طويلة".
لم يبدو عليه الاندهاش و كأنه كان يعرف الأمر...زفر بضيق فقط ثم همس بهدوء: "اسمعي يا تسنيم، أنت فتاة جميلة و تستحقين كل الخير و الإعجاب و التقدير...مع الأسف قلبي مملوك من طرف فتاة أخرى، أحبها و أرغب بالزواج بها حتى أن أهلي و أهلها يعرفون بالموضوع...و أنا أنتظر الوقت المناسب لخطبتها".
لقد صدقت قمر بما قالته لها، فكرت في سرها و هي تشعر بالألم في قلبها...همست بارتجاف: "و هل تبادلك هذه الفتاة الشعور؟"
-"حاليا لا، هي تفكر في دراستها و مستقبلها لكن الأمر لن يدوم طويلا سيأتي وقت و تعرف فيه مشاعري".
أومأت برأسها مانعة دموعها من النزول أمامه ثم قالت: "حسن إذن، اعتبرني لم أقل شيئا...أتمنى لكما السعادة معا، إلى اللقاء".
غادرت السيارة بهدوء لتدلف إلى البناية و في المصعد منحت الحرية لدموعها فسالت ببطء على وجنتيها...دلفت إلى البيت بمفتاحها ثم أغلقت الباب لتستند عليه بجسدها الصغير و تبدأ بالبكاء و صوت بداخلها يهمس بسخرية: "هل كنت تظنين أنه سيقبل بإعجابك هذا؟ حتى لو لم يكن يحب هذه الفتاة كان سيدعي حجة للرفض، لماذا؟ لأنك أنت مشوهة...أسمعت مشوهة".
ازدادت حدة بكائها ثم قامت من مكانها لتتحرك ناحية غرفتها قبل أن يأتي أحد أفراد عائلتها و يضبطها تبكي خزيها الجديد...
*********************************************
قامت من سريرها بعد أن أحست بأنها أفضل حالا...وضعت وشاحها الصوفي فوق كتفيها ثم سارت ناحية الشرفة لتجلس على كرسيها الدائري تراقب السماء الملبدة بالغيوم الرمادية التي تمنعها عن رؤية النجوم الصغيرة التي تزين السماء...ارتجفت شفتاها لتغادر تنهيدة عميقة صدرها كموسيقى ارتدت ترنيماتها الحزن كلون لها...ضمت ركبتيها إلى صدرها و هي تتساءل عن سبب تلبد وعيها بغيوم الإغماء فلم تنجح بتذكر تلك اللحظات القصيرة التي كانت ستصبح نجوما لامعة في ذكراها...نجوم تؤنس بها طريقها المظلم، تستمد منها الأمل...أمل أنه ربما معجب بها أو يحبها...
تنهيدة ثانية تحررت من سجن شفتيها لكنها لم تشعر براحة تحررها بعد أن أثقلت الهموم كاهلها و لم تعد خالية البال...كانت تتذكر الكلمات التي همست بها والدتها فور استيقاظها: "لقد أغمي عليك في النادي أثناء وجودك مع زملائك فأتى بك مالك إلى البيت بعد أن رفضت أن يأخذك إلى المشفى"...
تتذكر جيدا أنه كان سيوصلها إلى البيت بنفسه لأنها كانت متعبة، لكن عقلها قد توقف عن العمل و لم يوثق اللحظات التي عاشتها...لا تدري كيف اندفع سؤال غبي بأمر من قلبها: "هل حملني إلى هنا بنفسه؟"، فارتفع حاجب والدتها قبل أن تومئ برأسها و هي تنظر إليها بتمعن منتظرة التقاط أية ردة فعل، لكن قمر بالتأكيد سيطرت على عواطفها، مشاعرها، و نبضات قلبها التي كانت تصرخ في وجه عقلها قائلة: "كيف لم توثق هذه الذكرى بين طياتك؟"
رباه! مالك حملها، كلما تعيد الجملة يغزو الاحمرار وجنتيها، يتعالى وجيب قلبها و يرتجف جسدها و كأنه فقد مصدر الدفء بعد ابتعاده عنها...لقد كانت بين أحضان الشخص الذي تحبه و لم تتذكر أي شيء من الحادثة...رفعت عينيها إلى السماء تناجي من له علم الغيوب بكلمات لم تغادر قلبها: "لماذا يا إلهي؟ لم أعجز عن تذكر الذكرى الوحيدة التي كنت قريبة منه؟ لماذا؟"
التمع الجواب في ذهنها كشمس إلهام تبدد الظلمة: لم تتذكرها حتى لا تتشبث بوهم أمل لن يحدث يوما...أمل بأن يبادلها شيئا يسيرا مما تشعر به نحوه...
لم تكن هذه الحقيقة تبكيها، لأنها أدركتها منذ زمن طويل، لكن للأسف لا سلطة لها على مشاعرها...لا تستطيع أن تقتلعها من قلبها فهو يعيش على تلك المشاعر المرهفة...
تنهيدة ثالثة غادرت شفتيها متزامنة مع قرار مجنون راودها؛ أن تتصل به...تود أن تسمع صوته، و كم تتمنى أن تطرق الذكرى الغامضة أبواب حديثه فتشعر بأنها حقيقية و ليست حلما...و بين موافقة قلبها على الاقتراح و رفض كبريائها السامي الذي هتف بإنذاراته: "هو من يجب عليه أن يتصل"...تركت للقلب فرصة ثانية بعد الفرصة القديمة و كن تمنت أن تكون هذه الفرصة أفضل من سابقتها...
ضغطت على زر الاتصال بلهفة، استمعت إلى رنين الهاتف و هي تصدر أنفاسا متلاحقة مليئة بالإثارة و الشغف...ليصلها صوته الهادئ: "قمر".
أغمضت عينيها و صدى صوته يتردد في أذنها و كأن الحورية "إيكو" تحوم حولها...تنقل إليها صدى صوته الهادئ و العميق الذي بدا لها غريبا هذا اليوم و كأن القلق يتخلله...
همست باسمه بهدوء مخفية كالعادة لهيب مشاعرها، فحتى عندما يتخذ القلب قرارا يكون كبرياؤها كالسد المنيع حتى لا تتسرب مشاعرها إلى العلن...شده الحزن الذي في صوتها فهمس لها بصوت أجش: "هل أنت بخير؟"
أومأت برأسها و كأنه يراها قبل أن تقول بنبرة هادئة: "أنا أفضل حالا الحمد لله".
زفر مالك بارتياح قبل أن يقول: "الحمد لله...لقد قلقت عليك كثيرا".
ارتجفت شفتاها و لم تستطع منع نفسها من الضغط على زر كتم الصوت لتهمس بلوعة: "رفقا بقلبي يا مالك...كلماتك تثير بقلبه العجائب".
ثم أزالته لتقول بهدوء: "أخبرتني أمي أنك من أوصلني إلى البيت...شكرا لك".
ظل صامتا للحظتين قبل أن يقول: "أخبرتك والدتك؟ ألم تتذكري أنني من حملتك من النادي إلى السيارة و بعدها حتى غرفتك".
توهجت وجنتاها بحمرة قانية و همست: "لا أذكر شيئا مما حدث".
غمغم بصوت غامض: "هذا جيد...سينفعني عدم تذكرك لما حدث كثيرا".
اتسعت عيناها و عضت على شفتها و هي تتساءل بهلع إن كان لسانها قد زل بشيء ما بعد أن تهاوت حصون العقل و الكبرياء...أترى قلبها خانها و همس بشيء مما يشعر به؟ ستموت إن حدث هذا...تنحنحت بخفوت قبل أن تقول: "لم سينفعك؟"
عزفت ضحكته الخافتة ببراعة على أوتار قلبها قبل أن يقول بمرح: "رأيت قمر الطفلة التي تخبئينها بعناية خلف واجهة الرشد و الكبرياء السامي".
ارتجفت خوفا هذه المرة لتهمس بنبرة منهكة: " تحدث بدون ألغاز يا مالك أرجوك".
سمعته يأخذ نفسا عميقا قبل أن يهمس بطريقة مسرحية و كأنه يقلد فتاة مدللة: "لا تأخذني إلى المشفى يا مالك...خذني إلى البيت أريد أمي".
تعالت ضحكاتها قبل أن تقول باستنكار: "أنا لا أتحدث هكذا".
قال باستمتاع: "و عندما كنت سأضعك على سريرك تشبث بسترتي لتهمسي (لا تتركني يا مالك أرجوك)".
-"أنت كاذب".
سمعت صوت ضحكته مجددا قبل أن يقول: "و لم سأكذب عليك عزيزتي...سلي أمك فقد كانت برفقتي و سمعتك".
شهقت قمر بصدمة و كفها تلطم خدها بطريقة مسرحية، فقهقه عاليا قبل أن يقول: "حسنٌ حتى لا أكون كاذبا لقد قلت لا تتركني أرجوك، لم تهمسي بأي اسم".
نجحت في عدم إظهار ارتياحيها من جملته بقولها الحانق: "وغذ!"
ضحك مجددا فاكتفت بسمع ضحكته و هي تبتسم برقة، تعلقت عيناها بالطرف الذي يظهر من الشارع الذي يقع فيه منزلهم لتتسع عينيها باندهاش عندما لمحت السيارة الرياضية المألوفة التي توقفت أمام الباب ليترجل صاحبها منها و هو يحمل شيئا في يده...لحظات قليلة قبل أن يفتح الحارس البوابة و يسير الزائر المفاجئ على الطريق الحجري الأنيق المؤدي إلى مدخل البيت...رفع عينيه فجأة ناحية شرفة غرفتها فأخفضت رأسها بسرعة حتى لا يراها في الوقت الذي همس فيه مالك بقلق: "قمر أتسمعينني؟"
تذكرت للتو أنها لازالت تتحدث معه فقالت بهدوء: "آسفة مالك، لقد نادتني أمي سأتصل بك لاحقا".
لم تسمع لغمغمته قبل أن تغلق الخط و تندفع إلى خارج غرفتها لتجد والدتها أمامها...قالت لها بهدوء: "لقد أتى زيد ليطمئن عليك، إنه في البهو برفقة والدك".
قالت قمر بجمود: "لمحته أثناء دخوله".
نزلت ببطء إلى الطابق السفلي لتسير ناحية البهو حيث كان يجلس زيد مع والدها...ما إن رآها حتى قام من مكانه و قال بلهفة: "قمر، كيف حالك؟"
زمت شفتيها و وقعت عيناها على باقة الزئبق الموضوعة على الطاولة المستديرة بجواره ثم على أبيها الذي كان ينظر إليهم باستمتاع فقالت بجفاء: "بخير".
اللعنة! هل خطط ارتباطهما معا مستقبلا تحولت إلى حقيقة بعد أن كانت مزاحا...لقد أظهرت امتعاضها مرات من الأمر -حتى لو كان مزاحا- و أمام الجميع، فما معنى هذه النظرات التي يرمقها بها والدها...لا تدري كيف قبلت باقته دون أن تلقيها على وجهه و تجبره على أكلها كما فعلت بطلة رواية قرأتها مؤخرا...و لا تدري كيف تحلت بالصبر عندما همس والدها بضرورة إجرائه لبعض الاتصالات ليتركهما وحدهما...و لا تدري كيف ظلت هادئة أثناء استماعها لكلامه الفارغ دون أن تقذف كوب الشوكولا الذي أحضرته لها والدتها في وجهه...انتهت الزيارة غير المرغوبة بالنسبة لها لتزفر بارتياح ثم حملت الزهور لتصعد إلى غرفتها، ففي النهاية هي لا ذنب لها في علاقتها المعقدة مع زيد...
جلست على كرسيها الهزاز تعبث بالباقة بشرود في من ملك قلبها منذ أربع سنوات و بضعة أشهر ثم تساءلت في نفسها: لماذا لم يكن هو من يحبها؟ لماذا لم يكن هو من أرسل هذا الورد لها بدلا من صديقه المقرب الذي أصبح لا يترك أي لحظة دون أن يتقرب منها خصوصا بعد أن أصبح أحد أفراد عائلتها و كثرت اجتماعاتها به...لماذا كان هو من أنقدها ذلك اليوم و لم يكن صديقه فربما تعلقت به بدلا منه...ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة بعد الاقتراح الأخير، فحتى لو كان زيد من أنقدها وقتها كانت ستجمعها بمالك صدفا عديدة و كانت ستحبه لأنه قدر قلبها و سبب عذابه كما هي قدر قلب زيد و سبب عذابه...قدرها أن تعيش مشتتة بين قلبها و كبريائها...أن تتمنى أمنيات ليست سوى أضغاث أحلام لن تتحول إلى حقيقة...
امتدت يدها لتلتقط مذكرتها من فوق المكتب ثم فتحت صفحة بيضاء لتكتب فيها:
"أتدري أن تلك الشؤون الصغيرة التي كتب عنها نزار قباني في قصيدته كانت سببا كبيرا في أن أتعلق بك أكثر و أحبك أكثر؟...أجل يا مالك، قد تبدو جميع الأشياء التي سأخبرك الآن أنها كانت سببا في أن أحبك تافهة، لكنها لم تكن يوما كذلك بالنسبة لي يا مالك...كل لفتة منك، كل همسة صادقة خرجت من بين شفتيك...كل إطراء تلقيته منك، كل ابتسامة ساحرة...كل هاته الشؤون كانت تسرق نبضة من قلبي يا مالك، كانت ترسم جزءا من قلبي بماء حب من ذهب، كلها كانت كنوزي، أجيد إخفاءها بعناية بين أضلعي و بين طيات ذكرياتي و أجلس وحيدة أستعيدها و أنا أبتسم...
يوم لقائنا الأول عندما أنقدتني من الموت، ذكرى تربعت على عرش ذاكرتي، احتلت عقلي طويلا و كلماتي...كانت ذكراي الأفضل على الإطلاق رغم سوئها...شعرت بالأمان عندما اختبأت خلف ظهرك...كنت واثقة بأنك ستنقدني...أدهشتني شجاعتك و أنت تواجه رجلين يفوقانك طولا و حجما من أجل فتاة لم تكن تعرفها حتى...أسرتني عيناك و أنت تخبرني بعد وصول رجال الشرطة و اقتياد الرجلان إن كنت بخير متناسيا نفسك و كأنك لم تكن تواجه موقفا صعبا بدفاعك عني...شدني ثقتك العالية بنفسك و أنت تنصرف عن المكان دون أن تتأثر بما حدث...دون أن يشعر عقلك بالصدمة بعد ذلك الموقف...
عقلي رسا على ذكرى أخرى، كان وقتها قريبا من هذه الذكرى، بعد أشهر من لقائنا الثالث في الثانوية، أتذكر المطر الغزير الذي تساقط ذلك اليوم....كنا قد تصادفنا في باحة الثانوية بعد الراحة، عندما صافحتني كانت يداي متجمدتان بسبب الطقس البارد و لأنني نسيت قفازي...فأعطيتني قفازيك لأن يداي كانت تنتفخ دائما في الجو البارد...لم يكن دفئهما سببا في عودة الحياة إلى خلايا يدي بل إلى قلبي أيضا...
مرة أخرى مع نهاية ذلك العام، تلقيت خبر إغماء والدتي أثناء تقديمها لمحاضرة فأنهرت باكية في الساحة و لم تنجح أي من زميلاتي اللاتي كن من حولي في تهدئتي، حتى أتيت أنت و أخبرتني أنها ستكون بخير فصدقتك لأن صوتك كان منبعا للصدق و الأمان...
أقررت أنك ملاكي الحارس العام الماضي، بعد أن أنقدتني ذلك اليوم من مصير مجهول...أتدري أنني ما إن رأيتك بعد أن ترجلت من سيارتك و أنا أشعر بالأمان...لأنك أماني يا مالك و حتى إن كنت بقلب أشد المواقف خطرا لم أكن لأخاف و أنت معي...
و ها أنا أضيف ما حدث اليوم -رغم عدم تذكري له- إلى قائمة شؤننا الصغيرة التي تحتاج صفحات و صفحات حتى أكتبها...أحبك يا ملاكي الحارس...يا ملك شؤوني الصغيرة، و حبي لك يزداد يوما بعد يوم و كل أماني أن يأتي يوم تبادلني فيه هذا الحب يا نبض قلبي"...
غلق مذكرتها تزامن مع رنين هاتفها، نظرت إلى رقم عائشة و هي تفكر في سرها: "بالتأكيد تسنيم أخبرتها".
ردت على الاتصال متسائلة بهدوء عن لقاء عائلة عائشة و عائلة نسيم و تعارفهما، لكن صديقتها تراجعت عن إجابتها لتسألها عن حالها أولا و تعتذر لأنها لم تكن متواجدة معها...شكرتها قمر على اهتمامها ثم عادت لتطرح سؤالها الأول، فأجابتها صديقتها بفتور: "والدته أحبتني جدا، أخته لطيفة لكنها تعاملت معي بحرص لا أدري سببه...أما هو فقد سحر أمي و منذ أن انصرف و هي تتغنى بلباقته و وسامته و أناقته".
ضحكت قمر و هي تقول: "علينا إضافة لقب ساحر على لقب اللورد إذن...هل حددتما موعدا للخطبة؟"
-"ليس بعد، لكن عند انفرادنا أخبرني أنه سيمنحني مهلة كافية للتفكير و إن وافقت نقيم الخطبة في إجازة الربيع لأن الجميع سيكون متفرغا".
همست قمر: "و مراع أيضا هذا جيد".
تأففت عائشة ثم قالت: "أخبريني أنت، قالت لي تسنيم أنك فقدت وعيك و حملك الأمير الوسيم حتى السيارة".
قاطعتها قمر: "بل حملني حتى غرفتي على حسب قول أمي...مع الأسف أنا لا أتذكر الأمر".
صفرت عائشة بإعجاب ثم قالت: "لم تجدي وقتا ليغمى عليك إلا الآن...كنت أنتظر منك تفسيرا مطولا لشعورك بين يديه".
ضحكت قمر و توردت وجنتاها ثم همست: "أترك التفسير لك عزيزتي، يوم يحملك اللورد نسيم بين يديه...أخبريني بشعورك وقتها حتى أصفه بدقة في مذكرتي".
-"لن يحصل ذلك جميلتي، ما إن أرتبط به حتى أجد طريقة لإنهاء الخطبة مع مرور الوقت...لن أقيده بخطبة لا يريدها بسبب تهور أيمن".
قالت قمر بعقلانية: "صدقيني، لو لم يكن يريد الارتباط بك حقا لوجد طريقة ليتخلص من الموضوع بدون خطبة حقيقية...متأكدة أن الأستاذ نسيم معجب بك".
غمغمت عائشة بتهكم: "معجب جدا، حتى أنه من كثرة إعجابه صرخ في وجهي في أول لقاء لنا و لم يكف عن استفزازي برسائله السمجة...عموما لا أود إزعاجك و أنت مريضة... تصبحين على خير حبيبتي".
تمنت لها قمر ليلة سعيدة ثم أغلقت الخط لتتنهد بعمق و هي تقول في سرها: "متأكدة بأنه معجب بك يا عائشة...إحساسي يخبرني أن نسيم سيكون قدرك في النهاية"...
*********************************************
دلفت إلى غرفتها أخيرا، ألقت نظرة عابرة على سرير أختها أسماء و تنهدت بحزن...لقد اشتاقت لها جدا، لم تراها منذ جنازة والدها، فحتى في العطلة الصيفية لم تعد إلى الوطن بل ظلت هناك تستغل شهري الإجازة في العمل و دورات التدريب...أتت كغريبة في تلك الفترة و رحلت كغريبة...
تنهدت بعمق و هي تدعو لها بتيسير الحال ليرن هاتفها بالنغمة القصيرة المخصصة للرسائل...عرفت أنه هو قبل أن تنظر إلى هاتفها فارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها أثناء جلوسها على السرير...أخرجت الهاتف لتقرأ الرسالة التي أرسلها بحماس فاجأها: "مساء الخير، هل أنت متفرغة؟".
أرادت أن تمزح معه، فرفعت الهاتف لتتصل به لتقول ما إن فتح الخط: "هذا الرقم مشغول حاليا، المرجو إعادة الاتصال لاحقا أو ترك رسالة بعد سماعكم لصوت الصافرة شكرا".
ضحك بابتهاج، فصفرت بشفتيها ليتسرب صوته: "قولي لصاحبة الرقم أنني اشتقت لها...جمالها اليوم أصابني بالسهاد...أتقلب يمينا و شمالا على سريري و لا أستطيع النوم و أنا أتذكر حركاتها و سكونها".
كانت تبتسم برقة و هي تستمع إلى ما يقوله، استعادت جديتها بعد لحظات ثم قالت: "جميل أداؤك المسرحي سيدي اللورد، يليق بك دور الشخصية الساحرة أهنئك".
ضغطت على زر مكبر الصوت ثم وضعت الهاتف بجوارها لتصفق له، فقال نسيم بهدوء: "سعيد أنه أعجبك سيدتي".
ثم تابع قائلا باهتمام: "إذن هل فكرت في أمرنا؟"
شخرت بسخرية ثم همست: "بحق الله، لقد مرت ساعات قليلة على انصرافكم من بيتنا...لا زال أمامي أيام طويلة لأفكر في الأمر".
تغيرت نبرة صوته إلى الجدية أثناء قوله: "لكن علاء يقول غير ذلك، أراه متعجلا للقبول، حتى أنه يتمنى بأن تصبحي خطيبتي اليوم قبل الغد".
هتفت بحدة: "و أنت يروقك تلهف علاء صحيح؟"
-"صدقي أو لا تصدقي عائشة لا يروقني تلهفه و لا أهتم به إطلاقا...كل ما يهمني أن تفكري في الأمر بروية و حتى إن استغرق تفكيرك هذا سنة بأكملها لا أهتم...طول مدة تفكير في هذا القرار لا تهم، كل ما يهمني هو رأيك...رأيك الخالص بدون تدخل من أحد و أنا سأتقبله مهما كان: قبولا أو رفضا".
هزت جملته قلبها، أن يعطيها أحد الفرصة لاتخاذ قرار بنفسها دون أن يهتم بالنتيجة أمر عظيم بالنسبة لفتاة عاشت تحت ظل التحكم فقط لأنها أنثى...تمالكت نفسها فجأة و هي تفكر في سرها: "ماذا إن كانت خطة محكمة؟ ماذا إن كان هو أيضا علاءً أو أيمنا آخر؟"...لا لن تسمح لنفسها بأن تقع في نفس الفخ من جديد...إن كان يظن أنه سينالها بهذا القناع المراعي المتفهم فهو واهم...واهم جدا...بجمود كانت تهمس له: "حسنٌ سأفكر في الأمر جيدا و سيصلك ردي عبر أخي...الوداع الآن".
أغلقت الخط في وجهه ثم اضجعت على سريرها و عقلها لا يتوقف عن التفكير...
*********************************************
صباحا:
جلست أمام طاولة الإفطار ملقية تحية الصباح على والدتها و علاء...صبت لنفسها الشاي في كوب ثم بدأت تتناول طعامها بخلو بال استغربه شقيقها...قطع الصمت بسؤاله المستنكر: "إذن؟"
نظرت إليه باهتمام، فتابع قائلا بوجوم: "مزاجك رائق، هل يعني هذا أنك اتخذت قرارك بسرعة؟"
ردت عليه باستفزاز للمرة الأولى في حياتها: "لا، ألا يقولون في التأني السلامة...سآخذ وقتي الكافي في التفكير: شهر، شهران، ثلاث أشهر أو سنة ربما لا أدري بالضبط".
ضرب الطاولة بقبضته ثم هدر في وجهها: "هل جننت؟ لقد أعلن نسيم منذ أيام أنه خطيبك أمام أيمن...أتدرين ما الذي سيفعله ذلك المجنون إن عرف بأنك لا زلت متاحة؟ يمكنك تخيل آلاف السيناريوهات عما سيحصل وقتها...لقد تأخرنا بما فيه الكفاية حتى، كان عليك أن تكوني قد ارتديت خاتم نسيم...لن أتركك تقررين هذه المرة لأنني لا أريد أن ينتهي بك الأمر بصورة سيئة لا داعي لأخبرك بها -فاللبيب بالإشارة يفهم- أنا سأخبر نسيم بموافقتك...سترضين به زوجا يا عائشة لأنني حقا لست متفرغا لأظل حارسا شخصيا يتبعك في كل مكان حتى لا يؤذيك أيمن...لدي أمور أهم منك".
قام من مكانه بعد أن ألقى صفعات الكلام في وجهها ثم التفت إلى أمه ليقول: "عقلي ابنتك يا أمي و إلا سأجعلها تستعيد عقلها بطريقتي الخاصة".
ابتعد عنهما ليعود بعد لحظات و هو يقول: "جهزي أشياءك، سنعود إلى العاصمة مساءً لأن غدا لدي عمل مهم في الشركة".
ابيضت قبضتي عائشة من شدة ضغطها عليهما مقرة في نفسها أن استفزازها له قبل لحظات مجرد زوبعة في فنجان...أن أحلام ليلة أمس حول قرار تتخذه بنفسها مجرد أضغاث أحلام ذابت مع أول شعاع شمس...هذا واقعها... لقد قدر لها أن تعيش تحت رحمة رجل و أن تظل مستضعفة منه طوال حياتها... ربما يختلف الوجوه، تختلف الشخصيات، لكنهم كلهم مثل علاء في النهاية...
*********************************************
فتحت قمر عينيها على إثر مداعبة أحدهم لخصلات شعرها، نظرت إلى والدتها الباسمة ثم غمغمت بتحية الصباح لترد والدتها برقة: "صباح النور، كيف حالك أميرتي؟"
ابتسمت قمر و هي تندس في حضن والدتها قبل أن تغمغم بخفوت: "أنا أفضل حالا، الحمد لله".
ثم ابتعدت عن حضن والدتها لتقول: "كم الساعة الآن؟ ألم تذهبي إلى الجامعة؟"
-"العاشرة و النصف...بالتأكيد لم أذهب، لم يطاوعني قلبي أن أترك ابنتي المريضة، سأهتم بك اليوم جيدا حتى تشفي بسرعة و يعود وجهك الشاحب لتألقه".
أومأت قمر برأسها، فقالت والدتها: "حتى إنني جلبت لك الفطور إلى هنا و سأطعمك بنفسي".
هتفت قمر بابتهاج: "أحب أن أمرض حتى أصبح الأميرة المدللة".
-"عافاك الله يا ابنتي و أبعد المرض عنك...أنت أميرتنا المدللة بدون الحاجة إلى مرض أو ما شابه".
ابتسمت ثم نظرت إلى الصينية التي وضعتها أمامها والدتها لتبدأ بإطعامها و كأنها طفلة لم تتجاوز الرابعة...ابتسمت قمر في سرها و هي تفكر أنه لا ينقصها أي شيء لتكون سعيدة بفضل والديها...اختفت ابتسامتها فجأة و هي تتذكر ما حدث بالأمس، لقد كانت تأمل أن ترى ما لم يستطع عقلها تخزينه في حلمها، لكنها لم تحلم بشيء...
أنهت فطورها فتركتها والدتها بمفردها لتعيد الأطباق إلى الأسفل و تحضر أدويتها...استغلت قمر غيابها لتحمل هاتفها من فوق المنضدة المجاورة للسرير، فتحت رسائل أحد مواقع التواصل الاجتماعي لتمررها بعجلة حول الرسائل الجديدة...التقطت عيناها أولا رسائل من زيد و تسنيم فلم تهتم بقراءتها كما فعلت مع البقية لترى أخيرا رسالة مالك التي أرسلها في السابعة و النصف...قرأت المكتوب بصوت هامس: "صباح الخير أتمنى أن تكوني أفضل حالا اليوم...لا داعي لارتداء حلة الطالبة المجدة و المجيء إلى الكلية اليوم، سأرسل لك المحاضرات حتى إنني سأكون كريما و أسجل لك شرح الأساتذة أيضا...اعتني بنفسك".
ابتسمت قمر و هي تضم الهاتف إلى صدرها ثم تدندن بكلمات من اختراع عقلها:
"و يسألونني لم أحبكَ
و أنت سيد الأخلاق و النبلِ
يسألونني لم أحبكَ
و صوتك موسيقى يومِي
يسألونني لم أحبكَ
و ابتسامتك مصدر الأفراح في قلبِي
يسألونني لم أحبكَ
و عيناك البحر الذي أغرق فيه في كل وقتِ"
توقفت عن ارتجال الكلمات ما إن دلفت والدتها من جديد إلى الغرفة...ارتسمت على شفتيها ابتسامة واسعة و هي تستقبل ملعقة الدواء بحماس استغربته والدتها فهي تعلم جيدا أن ابنتها تكره هذا الدواء...لم تكن تعرف أن ابنتها غارقة في بحر من السعادة و أنها لم تهتم حقا بطعم الدواء المر أثناء ترديد عقلها لرسالته الصباحية العادية جدا بالنسبة للجميع و الكنز النفيس بالنسبة لقلبها العاشق له...
*********************************************
فتحت نجاة الباب لترى مالك أمامها بجواره فتاة أخرى، ابتسمت للاثنين بترحيب و دعتهما للدخول لتقودهما إلى غرفة الجلوس... بعد دقائق كانت قمر تدلف ملقية التحية لتقول بعدها بهدوء: "آسفة، لقد غفوت قليلا قبل مجيئكما...لا أدري لم أشعر بالنعاس عندما أشرب الدواء".
قالت تسنيم برقة: "لا عليك حبيبتي، كيف حالك اليوم؟"
-"أفضل من الأمس الحمد لله...لقد أرسل لي زيد فقرته في العرض صباح اليوم عبر البريد الالكتروني...أتمنى أن نكمله نحن اليوم حتى أهتم بترتيب الفقرات من أجل عرض يوم غد".
فتح مالك حاسوبه و هو يقول باهتمام: "أنا أيضا أنهيت فقرتي الخاصة ليلة البارحة، كما أنني وجدت أكثر من مقطع فيديو حول موضوع العرض يمكننا استخدامهم في العرض".
أومأت قمر برأسها و هي تقول: "هذا جيد جدا، أرسلهم لي و سأراهم لأعرف أين أضيفهم بالضبط".
أومأ مالك برأسه قبل أن يقول: "أحتاج فقط أن تنهوا فقراتكم أنت و تسنيم حتى أكتب الخلاصة".
قالت بهدوء: "مع الأسف لم أنهي سوى كتابة المقدمة و هي طويلة جدا...لكنني سأنهي ما تبقى هذا اليوم بإذن الله".
قال مالك بجدية: "إن أردت سأهتم أنا بترتيب فقرات العرض و إعدادها من أجل التقديم بما أنك لا زلت متعبة".
قالت قمر بعد تفكير: "حسن، بما أن الفقرات الأولى جاهزة، استعمل حاسوبي إن أردت لأنني كتبت المقدمة مباشرة على "الباور بوانت" من أجل العرض".
أومأ برأسه و هو يتناول منها الحاسوب بينما جلست هي بجوار تسنيم تعملان على الفقرة الأخيرة التي تخصهما...دلفت نجاة بعد وقت طويل تحمل صينية رص عليها أطباق مليئة بالحلويات و العصائر...كانت وقتها تسنيم قد ألقت على مسامعهم دعابة فانفجر الجميع ضاحكا بينما كانت والدتها ستتساءل عن سبب ضحكهم لتتعلق عيناها فجأة بمالك الضاحك بابتهاج فتتذكر ما كُتب على ورقة وقعت بين يديها عندما كانت قمر بالباكالوريا: "يكتبون في بعض الروايات أن البطل يملك ابتسامة سحرت البطلة و جعلتها تقع في حبه...
أ تُرانا كنا المقصودين في وصف كل رواية؟
فابتسامتك سحرت قلبي و جعلته يغرد على أوتارها...حتى بت أحلم بأن أراها حتى و لو من بعيد بدل الحزن الذي أصبحتُ أراه في المرات القليلة التي يجمعنا القدر فيها في نفس المكان بعد فراقنا الأليم".
لم تكتشف نجاة أنها ظلت متسمرة أمام ترجمة العبارة التي التمعت في ذهنها و هي تنظر إلى مالك حتى التفتت إليها قمر و هي تقول بقلق: "أمي، هل أنت بخير؟"
نظرت إلى ابنتها ثم حركت رأسها إيجابا لتقول بهدوء: "شدني ضحككم فقط، جعل الله حياتكم مليئة بالسعادة يا أولاد".
أمن الثلاثة على دعائها ليقول مالك: "انتهيت من ترتيب الجزء الأول من العرض...تبقى فقط الجزء الخاص بك أنت و تسنيم يا قمر و الخلاصة".
حركت قمر رأسها و هي تقول: "سننتهي من جزئنا قريبا أنا و تسنيم، بالنسبة للخلاصة كما اتفقنا قبل قليل لنستعمل فيها الخارطة الذهنية حتى تكون أكثر وضوحا و تركيزا بالنسبة للجميع".
كانت والدتها قد تراجعت لتغادر غرفة الجلوس، فتمتمت تسنيم: "أنا أيضا أنهيت فقرتي، و قد قمت ليلة أمس بشرح جميع المفردات العلمية المعقدة في البحث، أرى أنه ليس من الداعي إضافتها بالعرض، سنتطرق لها شفهيا".
أخبرتهم قمر أنها ستتكلف بترتيب ما تبقى بعد إنهائها لفقرتها ثم شكرتهم على اقتراحهما بأن يلتقوا بمنزلها بما أنها مريضة...رافقتهم إلى الباب فالتفت مالك إليها فجأة ليقول و هو يخرج أوراقا من حقيبته: "لقد قمت بنسخ محاضرات اليوم من أجلك".
أخذت قمر الأوراق و هي تغمغم: "لقد نسيت الأمر تماما، شكرا لك يا مالك".
أومأ لها برأسه ثم لوح لها قبل أن يبتعد ناحية الباب، فدلفت إلى الداخل و هي تطالع الأوراق باهتمام...كانت الخادمة تلملم فوضى الأوراق و الأقلام التي بعثروها على طاولة القهوة، فقالت قمر بهدوء: "سأهتم بالأمر يا خالة".
كان صوت أمها من خلفها من منعها عن القيام بما كانت تريده: "دعيها تكمل عملها يا قمر و الحقي بي إلى مكتب والدك...أود الحديث معك حول موضوع مهم"...
*********************************************
-"لا أصدق حقا أنك تخيلت كل هذه القصة فقط لأنك رأيتِ الشاب يضحك يا نجاة و صادف أن تكون ضحكته ساحرة".
قالها كمال أخيرا بعد أن استرسلت زوجته في إخباره بما حصل زوال اليوم لتربط اللحظة التي شهدتها مباشرة مع عبارة كتبتها ابنتها و تقر أن مالك هو الشاب الذي كانت معجبة به أيام مراهقتها و ربما لا زالت إلى الآن تكن له المشاعر...قالت نجاة بجدية: "إن ربطت الأمور ببعضها ستجد كلامي منطقيا يا كمال...التوقيت الذي وجدت فيه تلك الورقة كان قريبا من وفاة والدة مالك، و كلانا يعرف أن الشاب و أخته تأثرا كثيرا بوفاة والدتهما إذن بالتأكيد كان حزينا، ثم إنه وقتها كان مالك يدرس بالسنة الأولى من الجامعة بينما كانت قمر في آخر سنة من سلك الثانوي لذا أظن أن لقاءاتهما كانت نادرة في تلك الفترة".
قال كمال بهدوء: "لنفترض أن فرضياتك هذه صحيحة يا نجاة، ما الذي ستفعلينه: هل ستقفين في وجه قمر و تقولي لها لا تحبي مالك يا ابنتي لن تستمع إليك بالتأكيد".
زفرت نجاة بقوة قبل أن ترتمي على الأريكة بجواره و هي تغمغم: "هذا إن كانت تفصح عن شيء...لقد قالت لي عندما سألتها أن مالك ليس أكثر من مجرد زميل لها، حتى إنها لامتني محاولة البحث بسخرية عن المشتبه به الثالث في قضية احتلال قلب قمر بن سودة بعد زيد و مالك".
انفجر كمال ضاحكا و هو يقول: "معها حق في قول ذلك...أنا أثق في ابنتي و بما أنها قالت أن مالك زميل لها فهو مجرد زميل".
هتفت نجاة بسخرية: "و كأنه سيتجاوز رتبة الصداقة إن كانت تحبه حقا، كلانا يعرف جيدا كبرياء قمر السامي...ليست فتاة تقذف اعتراف حبها في وجه من تحب حتى لو كان عدوها لها و كان اعترافها سببا في إنهاء عداوتهما".
قال كمال بهدوء: "هذا جيد إذن، حتى لو كانت تحبه أو تحب غيره لن يكون حبها هذا حاجزا أمامها، بل ربما هو مركون في زاوية من زوايا عقلها إلى أن يحين وقته...لقد قاربت قمر على إتمام ربيعها العشرين يا نجاة، و هي قادرة على العناية بنفسها جيدا، لا داعي لمبالغتك هذه و الاهتمام بموضوع صار من الماضي".
-"لا يمكنني ألا أهتم، دعني أذكرك يا كمال بما فعلته قبل أزيد من سنتين و نصف...أنت تذكر ما حدث جيدا، السبب الذي كان وراء معرفتنا بهذه القصة...يوم واحد انهار فيه قناع التماسك و بكت أمامي كما لم تبك يوما و هي تخبرني بما فعلته بسبب هذه المشاعر...لتعود من جديد إلى تحكمها الذي دام سنة واحدة قبل انهيارها الثاني، الانهيار الذي كان سببا في تراجعها و عدم حصولها على المعدل الذي تمنته لولوج كلية الصيدلة".
تنهد كمال قبل أن يقول: "كما استجمعت نفسها بسرعة بعد الانهيار الأول، استجمعت نفسها بشكل أسرع...لو كان ذلك الانهيار قد أثر عليها حقا لما كانت ستحصل على معدل مشرف جدا...صحيح أن معدلها و معدل الانتقاء في كلية الصيدلة غير متطابق، لكن لم يكن بين المعدلين سوى القليل كما أنها قبلت في كليات أخرى لكنها أصرت على تحقيق حلمها و لم يتبق سوى القليل على ذهابها لألمانيا لتتابع دراسة الصيدلة هناك".
قالت نجاة: "أخاف أن تنهار مجددا، أخاف أن يحصل ذلك و نحن بعيدون عنها...لو أخبرتني على الأقل بهوية الشخص حتى أتصرف معها وفقا لذلك".
تساءل كمال باهتمام: "هل ستزوجينها به مثلا حتى تمنعي انهيارها من جديد يا نجاة؟"
صمتت نجاة لأنها لم تجد ردا على سؤاله المباغت، فقال كمال بهدوء: "أ تعلمين لم أصررت على قمر أن تتعلم الفروسية بعد أن عرفنا بما حصل؟ حتى تتعلم أن الفارس مهما سقط من فوق جواده أو حتى سقط هو و جواده عليه ألا يستسلم و يترك كل شيء خلفه، بل أن ينهض بعد سقوطه و يتابع تحركه و هو أقوى من الأول...قمر بعد انهيارها الأول ليست قمر بعد انهيارها الثاني و ليست هي قمر اليوم...قمر اليوم قوية و تستطيع أن تقف أمام كل شيء حتى أمام حلم وردي داعب قلبها عندما كانت مراهقة".
صمت قليلا قبل أن يتابع: "معرفة الشخص ليست مهمة يا نجاة، يكفي أننا نعرف القصة، و أننا تعاملنا بعقلانية مع ما عرفناه وقتها ليس بجهل و تهور".
كان يبدو على وجه نجاة الاقتناع التام بكلامه في النهاية، فتمنى لها ليلة سعيدة و هو يتحرك ناحية سريرهما دون أن يتوقف عقله عن التفكير...
*********************************************
اليوم خطبتها
لا تدري كيف مر الوقت سريعا...بل لم يكن سريعا على الإطلاق فبعد أن أخبر علاء نسيم بموافقتها على الخطبة بعد ثلاثة أيام من مجيئهم حدد موعد الخطبة بعد أسبوع رغم اعتراض نسيم و رغبته بأن تقام الخطبة في إجازة الربيع حتى لا تنشغل عائشة بالتحضيرات عن دراستها، لكن أمر علاء كان قاطعا بالنسبة إليها أما نسيم فيراه الموعد الذي وافقت عليه العروس بملء إرادتها...
و كأنها تملك إرادة أمام أوامر علاء...
ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة تحولت إلى قهقهة عالية، فاجأت ابنة جيرانها التي تعمل في مركز للتجميل و التي قررت تجهيزها لحفل الخطبة في المنزل.
هتفت المزينة بقلق: "عائشة، هل أنت بخير؟"
توقفت عن الضحك فجأة كما بدأته فجأة، لتقول بهدوء: "أنا بخير عزيزتي، لا تقلقي...تذكرت شيئا مضحكا و حسب".
أومأت الفتاة برأسها ثم تابعت عملها بينما عادت عائشة لتغرق في أفكارها السوداوية...لم تأبه لتغني الفتاة بجمال هيئتها بعد انتهاء عملها، و لم تهتم بوالدتها التي أجهشت بكاءً فور رؤيتها لهيئتها في الفستان الذي اشترته لها...و لم تصدر أية ردة فعل عندما نادتها والدتها مخبرة أن عليهم التوجه إلى الفندق الذي ستقام فيه الخطبة قبل مجيء الضيوف...فقط نزلت الدرج بجمود لتستقل السيارة بجوار أخيها بينما احتلت والدتها المقعد الخلفي قبل أن ينطلق نحو مصيرها الجديد و المجهول...
*********************************************
بعد خمسة أشهر:
ألمانيا:
ها هي ذي ستخط نحو بدايتها الجديدة...
ترجلت من سيارة الأجرة أمام الحرم الجامعي ثم سارت بهدوء و ثقة ناحية كلية الصيدلة التي تقع في الطرف الآخر من الجامعة الكبيرة...سألت أحد العاملين عن مكان المدرج الذي ستدرس فيه لتشكره بابتسامة بعد أن دلها على الطريق و تتابع سيرها...
توجهت إليها ابتسامات ودودة من الكثيرين أثناء مرورها، حتى أن بعضهم ألقوا عليها تحية الصباح فأجابتهم بابتسامة...
ربما الغربة صعبة، لكن يمكنك التعايش مع أي شيء في النهاية...لن تكون الغربة صعبة كالحب و الاشتياق...
دلفت إلى المدرج الخالي تقريبا ثم جلست على إحدى الكراسي لتفتح هاتفها و تنظر إلى الصورة التي حدثها قبل ساعات على حسابه على الأنستغرام...
إنه في فرنسا، لقد استغل فراغ وقته -بما أنه قد درس هذا الأسدس العام الماضي- ليتجول في أوروبا...و كان قد توجه إلى اسبانيا أولا قبل أن يسافر إلى فرنسا...
ابتسمت بشرود و هي تفكر منذ متى لم تره؟
لتكون الإجابة أنها لم تراه منذ بداية العطلة الصيفية عندما زارت والدها في الشركة فجأة فوجدته هناك...والدها كان طوال يخطط طوال أشهر من ذلك اليوم لعقد شراكة مع شركة يملك أحد زملائه في الحزب جزءا كبيرا من أسهمها و شركة أخرى أجنبية حديثة الإنشاء، و في اللحظة الأخيرة قبل توقيع عقد الشراكة، كان مالك من اكتشف أن الشركة الأجنبية لا وجود لها بل هي شركة وهمية...
لا تدري حتى كيف تسارعت الأحداث؟ كل ما تتذكره أن والدتها كانت تنصح والدها بعدم الاستعجال في الموافقة رغم أن والدها قد درس الموضوع من كافة الجهات و قرر الموافقة عليه رغم أن الشركة جديدة في السوق، لكن إصرار والدتها غير المنطقي -بالنسبة لقمر- جعل والدها يبحث عن شخص يعرف كل ما يتعلق بالبرمجيات حتى يعرف إن كان موقع الشركة الالكتروني حقيقيا أو لا...فكانت المفاجأة أن موقع الشركة أنشئ قبل أن يأتي السيد عاصم لزيارته حاملا معه هذه الصفقة...
لكنه بدا للجميع أنه قد أنشئ قبل ثلاث سنوات -وقت إنشاء الشركة المزعوم- .
لم يكن الخبر من أدهشها، بل بأن يكون مالك هو من عرف بالأمر...لم تكن تعرف من قبل أن مالك يجيد الأمور المتعلقة بالبرمجيات و القرصنة الإلكترونية...عندما سألته عن الأمر أجابها ضاحكا أنه تعلم الأمر منذ أن أنشأت نهى حسابا شخصيا على الفايسبوك فخاف أن تنجرف خلف أشباه الرجال الذين يخدعون الفتيات بالكلام المعسول فقرنص حسابها بعد أن رفضت أن تعطيه الرقم السري...ليثيره أمر البرمجيات بعد ذلك و يقرر تعلمه...أما عن تواجده في شركة والدها وقتها فقد كان صدفة بحثة حيث أنه أتى ليقدم السيرة الذاتية لإحدى قريبات والدته التي كانت تعيش بعيدا عن العاصمة، فطلبت منه تولي المهمة بدلا عنها ليسمع سليم يسأل المسؤول عن قسم الموارد البشرية إن كان يعرف شخصا يجيد البرمجيات؟...
ضغطت على زر الإعجاب بالصورة ثم تابعت تجولها لتتوقف على صورة حدثتها تماضر...صورة مجنونة تضمها هي و شادي...ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة و هي تفكر إن كان صلحهما بعد ما حدث آخر مرة سيدوم طويلا أم لا...لقد مرت أربعة أشهر عن صلحهما -الذي عارضته و بشدة- و ثلاثة أشهر و نصف على ذلك اليوم الذي اتصل بها شادي طالبا اللقاء بها في النادي بشكل ضروري...ليتوسلها بأن تقنع تماضر بألا تسافر نهاية الموسم الدراسي إلى كندا لأنه ينوي الارتباط بها رسميا لأنه بالفعل يحبها...لم تستطع قمر تصديق كلامه لكنها أخبرت صديقتها بما حدث و نصحتها بالثريت قبل اتخاذ القرار لتخبرها أنها أخبرت والدها أنها تود تأجيل الذهاب إلى هناك بعد حصولها على إجازتها حتى تتابع دراساتها العليا فوافق والدها ببساطة على طلبها، حتى أنه وجده أكثر منطقية من ذهابها إلى هناك و هي لم تتخل بعد عن طيشها...
الشيء الوحيد الذي يحزن قمر أنها لن تتمكن من لملمة شتات صديقتها إن قام شادي بأي تصرف أرعن جديد...لكنها مطمئنة لأن ابراهيم قد وعدها بأنه سيتدخل بنفسه هذه المرة إن أصاب شادي تماضر بأي مكروه...
المنشور الموالي كان مقطع فيديو قام نسيم بتنزيله أول أمس...حيث قام بمفاجأة لعائشة و حضر لها حفلة عيد ميلاد فاخرة في أحد المطاعم...تابعت الشريط و ابتسامة رقيقة تشق شفتيها، كانت تتمنى حقا أن تكون برفقة صديقتها التي تظهر دائما امتعاضها من ارتباطها بنسيم لكنها لا تستطيع القيام بأي شيء فإلى الآن لم يصدر عن خاطبها أي تصرف يجعلها تلقي خاتمه بوجهه...لقد بدت عائشة سعيدة جدا بالمفاجأة التي قام بها اللورد -كما تحب الاثنتان أن تسميانه- و متيقنة أنها ستصير أسعد بعد عقد قرانهما المقرر بعد أسابيع لأن وقتها لن يجد نسيم حرجا في التعبير عن مشاعره الظاهرة تماما لقمر...
بدأ الطلاب بالتوافد إلى المدرج شيئا فشيئا حتى امتلأ...صوت الكرسي بجوارها جعلها تلتفت لتتعرف على الشخص الذي قرر الجلوس بجوارها فكان آخر شخص توقعت رؤيته أمامها...
لقد كان زيد...
** انتهى الفصل
قراءة ممتعة للجميع






التعديل الأخير تم بواسطة سمية سيمو ; 03-09-19 الساعة 08:02 PM
سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-09-19, 07:50 PM   #113

عشقي بيتي

نجم روايتي وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 427263
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,408
?  نُقآطِيْ » عشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond repute
افتراضي

اولا اعتذرعن تاخري وغيابي عن الروايه بسبب ظروف شغلتني
ثانياكل فصل ينزل يكون اجمل وارقى من الفصل اللي قبله والروايه كل ماتعمقتي فيهاكلما زادت حلاوتها وروعتها
قمر حلالةالمشاكل ومنقذه المواقف الصعبه شخصيتها رائعه
عائشه والمنحنى الخطير الذي تحولت له حياتها لووصل الخبر لاخيها ان نسيم قال عنهاخطيبته سيجن جنونه عليها
لااعلم كيف احدد نواياشادي اتجاه تماضر هل يخدعهااويحبها عن جد
يسلمويداتك غاليتي فعلاانتي مبدعه ومتألقه روايه راقيه بكل مافيهامن معاني
موفقه حبيبتي باذن الله


عشقي بيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-09-19, 09:26 PM   #114

حفصة عزوز

نجم روايتي وقاصة في قلوب أحلام وراوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية حفصة عزوز

? العضوٌ??? » 426673
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 458
?  نُقآطِيْ » حفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الورد.
ريفيو الفصل 3
تماضر تلعب بالنار، كيف أمكنها فعل ذلك ستلهو بابراهيم على حساب تدمير شادي، هذا الأخير الذي طلب مواعدتها هل يا ترى قد ندم على فعلته السابقة وبدأ إعجابه بها؟ أم أنها مجرد نزوة عابرة وتحد يرغب الفوز به من جديد؟
قمر لولا لطف الله وإنقاذ مالك لها لكان قد حدث ما لا يحمد عقباه. تأكدت أن قمر تشبه حجر الصوان حتى بعد ما حدث لها مع مالك في عيد ميلاد ندى لم تظهر تأثرها به، حقا في ذاك المشهد رفعت لها القبعة.
مالك يبدو مهتما كثيرا بها رغم اخفائه للأمر.
والد ندى ماذا حدث له ليحاول ملاقاة ابنته وتعويضها بعد سنوات من الحرمان؟
سبحان مبدل الأحوال ندى قبلت بياسر ولا بد أن هذا كان سبب تغيرها المفاجئ، محمد لا تستحق حبه لها الخائنة.
هل ستدوم علاقتها بياسر هذا؟ أم أن هناك أحداث ستغير مجرى قصتهما؟
وأخيرا زيد المتهور الذي اعترف بإعجابه بقمر في أمسية عائلية، الأمر الذي جعل نجاة تحقق في أمر ابنتها ووجهة نظرها له.
كل فصل يكون أجمل من سابقه سلمت اناملك عليه.

💕💞💘💝💟💓😍😘💚💛❤💖💙💜💗


حفصة عزوز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-09-19, 09:27 PM   #115

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عشقي بيتي مشاهدة المشاركة
اولا اعتذرعن تاخري وغيابي عن الروايه بسبب ظروف شغلتني
ثانياكل فصل ينزل يكون اجمل وارقى من الفصل اللي قبله والروايه كل ماتعمقتي فيهاكلما زادت حلاوتها وروعتها
قمر حلالةالمشاكل ومنقذه المواقف الصعبه شخصيتها رائعه
عائشه والمنحنى الخطير الذي تحولت له حياتها لووصل الخبر لاخيها ان نسيم قال عنهاخطيبته سيجن جنونه عليها
لااعلم كيف احدد نواياشادي اتجاه تماضر هل يخدعهااويحبها عن جد
يسلمويداتك غاليتي فعلاانتي مبدعه ومتألقه روايه راقيه بكل مافيهامن معاني
موفقه حبيبتي باذن الله
تسلميلي غاليتي
تفاصيل اللي صار لعائشة في الفصل اللي نزل اليوم
و هنعرف في الفصل القادم المنحى الأخير لعلاقة تماضر و شادي
سعيدة برأيك جدا جدا و الله يعينك على أمورك
تحياتي وودي⁦❤️⁩


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-09-19, 09:27 PM   #116

affx

? العضوٌ??? » 407041
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 733
?  نُقآطِيْ » affx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond repute
افتراضي

علاء واطي جدا 🤨🤨🤨
منيح انه مالك كشف هل الشركة👩🏻‍💻👩🏻‍💻
قمر عنجد هي ومالك بلبقوا لبعض هادين وعندهم كبرياء عالي ونفس صفات بعض بشبهوا بعض جدا ..
زيد ليش رجعت وطلعت لقمر خلص حب تسنيم وحل عنها !
عائشة فرحت لالها لانه نسيم انسان محترم وحيحافظ عليها ..
نسيم شكلوا واقع بحب عائشة 🖤🖤🖤❤❤❤
تماضر الغبية لساتها مع شادي وتركت السفر لكندا عنجد تافهة !


affx غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-09-19, 09:43 PM   #117

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حفصة عزوز مشاهدة المشاركة
مساء الورد.
ريفيو الفصل 3
تماضر تلعب بالنار، كيف أمكنها فعل ذلك ستلهو بابراهيم على حساب تدمير شادي، هذا الأخير الذي طلب مواعدتها هل يا ترى قد ندم على فعلته السابقة وبدأ إعجابه بها؟ أم أنها مجرد نزوة عابرة وتحد يرغب الفوز به من جديد؟
قمر لولا لطف الله وإنقاذ مالك لها لكان قد حدث ما لا يحمد عقباه. تأكدت أن قمر تشبه حجر الصوان حتى بعد ما حدث لها مع مالك في عيد ميلاد ندى لم تظهر تأثرها به، حقا في ذاك المشهد رفعت لها القبعة.
مالك يبدو مهتما كثيرا بها رغم اخفائه للأمر.
والد ندى ماذا حدث له ليحاول ملاقاة ابنته وتعويضها بعد سنوات من الحرمان؟
سبحان مبدل الأحوال ندى قبلت بياسر ولا بد أن هذا كان سبب تغيرها المفاجئ، محمد لا تستحق حبه لها الخائنة.
هل ستدوم علاقتها بياسر هذا؟ أم أن هناك أحداث ستغير مجرى قصتهما؟
وأخيرا زيد المتهور الذي اعترف بإعجابه بقمر في أمسية عائلية، الأمر الذي جعل نجاة تحقق في أمر ابنتها ووجهة نظرها له.
كل فصل يكون أجمل من سابقه سلمت اناملك عليه.

💕💞💘💝💟💓😍😘💚💛❤💖💙💜💗

غاليتي حفوصة
بحب تحليلك للأحداث و الأمور
قراءتك للفصول الأخرى هتجيب على كثير من التساؤلات بالتأكيد
منتظرة رأيك حولهم
تحياتي و ودي😍


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-09-19, 01:32 AM   #118

رنا رسلان

قاصة هالوين


? العضوٌ??? » 304310
?  التسِجيلٌ » Sep 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,154
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
افتراضي

#نسيم فظاظته في التعامل في البداية بسبب اعجابه وحربه لقتله واخيرا اعترف لنفسه بالاعجاب بها فهو قرر خطبتها حقيقي
#شادي المنصدم من حمل زوجه ابية وخوفه من سرقه مكانه من قلب والده كما سرقت مكان والدته
#يعني والده مظلوم ووالدته هي الانانيه فهي من طلبت الطلاق رغم ان زوجها فعل المستحيل لتبقي وده السبب في عبثه بالفتيات وعدم ايمانه بالحب
#تماضر التي اكتشفت كذبه وخداعه عن طريق ابراهيم فانفصلت عنه رغم حبها له الذي لا تعرف نسيانه
#قمر التي فازت علي زيد في مباره تحت شرط الفائز له طلب يطيعه الاخر
وهو ان بكف عن كلمة احبك وزيد الذي اراد ان يعرف لماذا فكان بسبب انها صغيرة
للاسف اعطته امل وهي في النهايه مش هتوافق عليه فقلبها مملوك
#نسيم الذي علم من كلام علاء ان رجل متحكم مثل والده ورغبته في الاسراع في الزواج بعائشة
(هناك جانب خفي بقلب قمر لا يعرفه أحد غيرها ربما، رغم كل القوة و العزيمة التي تحملهما هناك رقة لا متناهية بروحها، رقة لن ينجح زيد -الذي يحاول دائما أن يظهر إعجابه بها- بأن يحتويها و يغدقها بما تحتاجه من عاطفة بصخبه و جنونه، بل تحتاج لشخص حكيم كمالك،) ايه ده😱 يعني مالك هيحب قمر في الاخر وهيكونوا مع بعض
#اغماء قمر وحمل مالك لها رغم عدم تذكرها
#نجاة التي علمت بحب قمر لمالك رغم عدم اقتناع والدها والخوف عليها من انهيار ثالث
قمر الت حققت حلمها ودخلت كلية الصيدلة والصدمه من ان مالك من انقذ والدها من الدخول في شراكه مع شركة وهمية
وزيد مازال يلاحقها
عجبني الفصل جدا وتشبيهاتك علي لسان الابطال ابدعتي 😍😍
💐💐💐💐💐💐💐💐💐💐💐💐
خاطرة
قمر

لعنتي هِي عِشْقِي هِي كبريائي
عَزّة نَفْسِي تأبي عَلِيّ الضَّعْف والانحناء دُمُوعِي الْمَرْسُومَة عَلِيّ شَفَا أحْزَانِي
تَرْوِي حكايا لِفَتَاه كَانَت كَآلْقَمَر شَامِخَة
لَا يَعْرَفُ الْخَوْفَ لَهَا طَرِيقًا . . .
تَرَسَّم قِصَّة وَرْدِيَّةٌ لأحلام عَلِيّ سَمَاء الْخَيَال عَائِمَة
وَشَابٌّ انقذها فِي صُدفَة قَدَرِيَّة وَأَخَذ الْقَلْب مَعَه . . . .
وَحُبًّا تُخْفِيه بَيْن اضلعها تَعْجِزُ عَنْ نِسْيَانِهِ و عَن إعْلَانِه
فَالْقَلْب أَعْلَن اِخْتِناقُه وَيَرْجُو الْفِكَاك
فَوَضَعَت آلَاف الْأَقْفَال أُلْجِمَهُ عَنْ الْهُرُوب
يُتَوَسَّل الرَّحْمَة والسُكني لحبيبه
أَهْدَر غاضبة كَفِي . . . . .
إلَيّ متي تُعَذِّبْنِي . . . كَفِى فَيَبْكِي
آلَاف الدُّمُوع .....


رنا رسلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-09-19, 01:52 PM   #119

عشقي بيتي

نجم روايتي وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 427263
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,408
?  نُقآطِيْ » عشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رائع ومؤثر جدا جدا
لاابالغ عندمااقول اني بكيت والله على تماضر اوجعني قلبي عليها راحت ضحيةلعبه وعبث من شادي ومن جهه اخرى تهورها اكثر ماآلمني عندماطلبت تلفونهاتتصل بقمر وابوها منعها واعطاهاتلفونه موقف مؤثر جدا
يسلمو يداتك والله قمةالابداع موفقه حبيبتي باذن الله


عشقي بيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-09-19, 02:46 PM   #120

حفصة عزوز

نجم روايتي وقاصة في قلوب أحلام وراوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية حفصة عزوز

? العضوٌ??? » 426673
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 458
?  نُقآطِيْ » حفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond repute
افتراضي

ريفيو الفصل 4:
واو تكور كبير فعلاقة مالك وقمر، بدأ يفضي لها بما يحنله قلبه من معاناة أخته، هل ذلك يعني أن علاقتهم ستعود إلى سابق عهدها؟
قمر كيف لها أن تظن أن ما رأته حقيقة، فحدث كهذا لا يمكن سوى أن يكون حلما.
شادي الكلب ما الذي يخبئه للتماضر؟ كنت أعلم أنه يظمر شيئا سيئا لها.
عائشة ما الذي سيكون مآلها مع نسيم بعد أن هاتفته؟
محمد بسبب ترك ندى له غير مساره الدراسي فقط لكي لا يراها ثانية سعيدة مسرورة بزواجها الذي كان سبب تغيير نظرتها لوالدها.
فصل مليء بالمفاجآت، في انتظار القنابل القادمة.
سلمت يمناك ودمت مبدعة
💗💜💙💖❤💛💘💝💟💓😍😘💚💞💕


حفصة عزوز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:58 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.