آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          54-لا ترحلي-ليليان بيك-ع.ق ( تصوير جديد ) (الكاتـب : dalia - )           »          تبكيك أوراق الخريف (4) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          للقلب رأي أخر-قلوب أحلام زائرة-لدرة القلم::زهرة سوداء (سوسن رضوان)كاملة (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          هل يصفح القلب؟-قلوب شرقية(33)-[حصرياً]للكاتبة:: Asma Ahmed(كاملة)*مميزة* (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          أغلى من الياقوت: الجزء الأول من سلسلة أحجار كريمة. (الكاتـب : سيلينان - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1161Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-11-19, 03:15 PM   #321

سيلينان
 
الصورة الرمزية سيلينان

? العضوٌ??? » 388542
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,266
?  مُ?إني » في حضن و دفء عائلتي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
الطيبة ليست غباء! .......... إنما هي نعمة فقدها الأغبياء!
افتراضي


حلو يا شموسة
عقبال فريدة و يونس


سيلينان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-11-19, 09:58 PM   #322

دودو عبده

? العضوٌ??? » 456178
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 73
?  نُقآطِيْ » دودو عبده is on a distinguished road
افتراضي

قلبي الصغير لا يتحمل😭❤❤❤

دودو عبده غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-11-19, 11:42 AM   #323

ghdzo
 
الصورة الرمزية ghdzo

? العضوٌ??? » 334773
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 257
?  نُقآطِيْ » ghdzo is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 50 ( الأعضاء 15 والزوار 35)
‏ghdzo, ‏سماره2, ‏Roro adam, ‏shodi8, ‏اليمامه الزرقاء, ‏Nor0123, ‏بدره م, ‏Soumeye, ‏رويف أنوار, ‏عبق الوطن, ‏Nora.10, ‏Shining Moon, ‏نهى عطار, ‏نورسه, ‏عطر الاحساس



❤❤


ghdzo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-11-19, 12:20 PM   #324

سوووما العسولة
 
الصورة الرمزية سوووما العسولة

? العضوٌ??? » 313266
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 928
?  نُقآطِيْ » سوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيييل حضووور شموستنا الجمميلة المبدعة... بانتظااارك بحماااس ♥️♥️

سوووما العسولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-11-19, 12:31 PM   #325

نورسه

? العضوٌ??? » 426042
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 213
?  نُقآطِيْ » نورسه is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضوووووووور

نورسه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-11-19, 01:00 PM   #326

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع عشر

الفصل السابع عشر


صباح جديد يتجدد فيه أمل ضاع يوما بين متاهات اليأس ..
صباح جديد بعد ليلة مليئة بالرغبات المكبوتة أو المختلسة قربانا للحظة كاملة منشودة .. وبأحلام التي لا تزال في علم الغيب ..
صباح جديد .. استقبل فيه زغلول صديق عمره الشيمي عائدا من أول الشارع في وقت مبكر من الصباح ببعض التهكم يقول" خير إن شاء الله يا عريسنا .. أين ذهبت في هذا الوقت المبكر؟"
تكلم الشيمي مراوغا" كنت ابتاع الجرائد"
عقد زغلول حاجبيه وقال باستغراب "ألا يحضرها البائع كل صباح ؟"


قال الشيمي وهو يتهرب من نظرات صاحبه المتفحصة " أحببت السير قليلا في الهواء النقي"
تطلع زغلول في يد الشيمي التي تحمل نسختين من الجريدة ولدهشته كانت نسخة منها مطوية على شكل اسطوانة مغلقة من الجانبين ليقول بفضول وهو يتناول من يد الشيمي النسخة الأخرى " لمَ اشتريت نسختين.. ولماذا هي مطوية هكذا ؟.. هل فارس بك سيقرأ أكثر من نسخة؟"
أجابه الشيمي باقتضاب وهو يبتعد عن نظراته المدققة "كلا هذه النسخة لرفيدة تريد نسخة من الجريدة"


وتحرك مبتعدا هاربا من المزيد من الأسئلة بينما هرش زغلول في رأسه مغمغما بغباء " منذ متى والأستاذة ترغب في متابعة الصحف .. ولماذا ذهب ليحضرها بنفسه كان من الممكن أن يتصل بالبائع ليحضر نسختين بدلا من نسخة !!"


قطع الشيمي حديقة الدار عيناه مثبتتان على شرفتها يحاول تخمين إن كانت استيقظت أم لا .. ثم رفع ذراعه بالجريدة مضيقا عينيه يحاول التصويت على شرفتها ليلقيها على مرمى ذراعه بقوة فضربت الاسطوانة في زجاج شرفتها في الطابق الثاني ثم استقرت على الأرض ..


فاتسعت ابتسامته الطفولية واستدار عائدا لزغلول استعدادا للاطمئنان على مغادرة فارس قبل أن يتوجه لعمله الجديد .. لكنه لم يستطع مقاومة الاستدارة كل بضع خطوات ينظر نحو شرفتها بنفس تلك الابتسامة السعيدة شاعرا ببعض الحرج وهو يتخيل رد فعلها حين ترى ما بداخل الجريدة .
تحركت رفيدة نحو النافذة تفتحها بعد أن اكملت ارتداء ملابسها استعدادا للنزول ..



لقد تأخرت في الاستيقاظ اليوم..
وكيف لا تتأخر وقد نامت بعد الفجر .. بعد يوم وليلة مليئين بالأحداث والأحاسيس الجديدة عليها.
نظرت للاسطوانة الورقية بفضول بعد التقاطها من أرض الشرفة .. ثم فتحتها لتجد بداخلها وردة حمراء .. فامتزجت ابتسامتها مع ارتجافة قلبها في موجة انتعاش بعد سنوات من الاختناق وهي تتطلع للوردة بعينين تغرغرتا بالدموع لتشتمها وهي تسرع للهاتف وتتصل به.


لم يرد عليها أول مرة وفي الثانية أغلق الخط في وجهها فنظرت من الشرفة لتجد فارس يستعد للخروج والشيمي يتحدث معه قبل أن يغادر الأول بدونه .. ثم استدار يرفع وجهه نحو شرفتها وهو يضع الهاتف على أذنه متصلا بها.
حين فتحت الخط بادرها بالقول" صباح الورد يا ست الناس"
تخضبت بالحمرة قلبها يتقافز في صدرها كمراهقة وردت برقة لم تتعمدها " صباح النور يا شيمي .. رائعة الوردة .. رائعة جدا"
قال ومشاعر ليلة أمس تأبى أن تغادر مخيلته " الورد يُهدى لزهر الياسمين"
قضمت شفتها بخجل .. ثم سألته أول سؤال تبادر لذهنها حتى تنفض عنها ذلك الخدر اللذيذ " هل نمت جيدا؟"


رد وهو يتأملها من بعيد "الحقيقة نمت بمجرد أن استلقيت على الأريكة وتأملت ذلك المحبس الذي يزين اصبعي يحمل اسمك .. فكما تعلمين لم أنم منذ يومين .. ( وأكمل بصوته الأجش هامسا ) لكني غرقت طوال نومي في أحلام برائحة الياسمين"
اشتعلت وجنتيها ولم تجد ما ترد به .. ليضيف الشيمي "علي أن اغادر الآن "


قالت بسرعة " إلى أين؟.. ولماذا لم تذهب مع فارس؟"
اجاب الشيمي موضحا " هذه هي المفاجأة الي أردت أن أخبرك بها مرتين ليلة أمس ولم استطع.. مرة في الحفل ومرة حين صعدت لغرفتك"
سألته بفضول" وما هي المفاجأة؟"


رد بسعادة لم يكن ليشعر بها إلا من أجلها " فارس بك كان جادا فيما قال بشأن وظيفتي.. لقد عُينت بالفعل مديرا لأحد معارض الرخام الكبيرة "
صرخت رفيدة بفرح " صدقا يا شيمي !"
رد بابتسامة " صدقا يا روح الشيمي"




قالت وهي تتحكم في رغبة ملحة للقفز كالأطفال "هذا خبر رائع جدا ألف مبروك .. "
رد سعيدا لسعادتها" بارك الله لك"
سألته " هل أنت سعيد بهذا الخبر؟"
قال الشيمي بجدية " سعيد من أجلك حتى لا تشعرين بأي ضيق بسبب وظيفتي"
قالت بارتباك " انا مؤمنة بأنك تستحق الأفضل يا شيمي صدقني "
قال بهدوء وتفهم " أنا لم أكن يوما طامعا في المناصب .. ولو كان هذا توجهي لكنت بقبضة يدي حققت ما أريد .. لكني لا أطمع سوى في حياة هادئة دافئة قليلة الهموم .. وكنت أجدها بمصاحبتي لفارس سعد الدين.. أما الآن فأصبح إسعادك شغلي الشاغل .. ومن أجله عليّ أن أفعل الكثير .. فأنا مؤمن بأن المناصب لا تصنع الرجال"
ابتسامة رضا وحبور تراقصت في قلبها.


فلم تطمع هي الأخرى سوى في رجل يشعرها بأنها الكون.. وبأنه حاميها.
ولم تطمع سوى في حضن آمن دافئ تستكين فيه بعد عناء الرحلة وطول السفر .
قال الشيمي وهو ينهي المكالمة" عليّ الذهاب فورا "
قالت بجزع" ألن تفطر؟!!.. لقد استيقظت اليوم متأخرة لكن حالا سأكون في مطبخ الدار"
اتسعت ابتسامته حتى اضحت عيناه كخطين في وجهه وقال " سلمت يدك يا ست الناس .. لكن الشيمي التهم ما ارسلتيه إلى غرفته كاملا صباح اليوم ولم يعد هناك مساحة أخرى في معدته الكبيرة"


سألته بفضول" لماذا لم تتناول عشاءك ليلة أمس انت لم تأكل طيلة اليوم؟"
قال ضاحكا" كنت متخما بالمشاعر بعد أن تركتك.. فلم يكن هناك مساحة بداخلي حتى للتنفس( وقهقه ضاحكا ) وهذا حدث جلل لو تعرفين الشيمي.. أن يفضل شيئا على الأكل.."


ضحكت رفيدة مستمتعة بسريان دفء لذيذ في أوصالها ليكمل الشيمي بخفوت ساخن "كما أنني لم أرغب في أن أمحو طعم عسل شفتيك من فمي.. وبت طوال الليل غارق في رائحة ياسمينك حتى الصباح"
غمغمت بحرج شديد .. تتذكر شعورها بين ذراعيه " ميمي أسكت .. كلامك يربكني"
قهقه بسعادة مغمغما " حسنا سأسكت.. لكن صدقيني الأمر أضحى صعب التحكم فيه"
سألته بدلال وهي تركن على سور الشرفة " أي أمر؟"


رد وهو يطالع من بعيد انعكاس ضوء الشمس الضعيف على زجاج نظارتها" تحكم الشيمي في زمام أمره أمام الأستاذة"
صدرت ضحكة خافتة منها ليقول الشيمي بسرعة متخذا قراره بالمغادرة" علي أن أذهب قبل أن أتهور واصعد إليك الآن وفي وضح النهار (وتحرك مسرعا وهو يقول بلهجة جادة ) رفيدة"
اجابت بنعم ليكمل " دعواتك لي في أول يوم عمل .. فأنا اشعر بالتوتر"


غمغمت بمحبة" سهل الله لك الصعب ورزقك السداد"
تمتم وهو يبتعد عن ناظريها خارجا من بوابة الدار " سلام يا ست الناس أراك آخر اليوم "
اغلق الخط يشعر بحالة من الطفو والسعادة مستمتعا بالحلم الذي يعيشه.. لكن هذا الشعور لم يمنعه من الاندهاش لمجيء زياد صديق يونس في هذا الوقت المبكر من الصباح .. مما أكد له شكوكه .. بأن هناك أمرا يدبره يونس .. فقد استشعر حركة غريبة في غرفته التي يحتلها الأخير طوال الليل.. وحين خرج من غرفته صباحا قابله عند باب الغرفة الأخرى مبادرا بالسؤال إن كان هناك شيئا أو يحتاج للمساعدة .. لكن يونس أكد له انه لا يحتاجه في شيء.


حسه الأمني يخبره أن هناك ما يدبره يونس وغالبا بدون علم فارس .. لكنه آثر عدم التدخل بين الأخوين خاصة مع ثقته في محبة كلاهما للآخر .
انتظر الشيمي بأدب حتى ركن زياد سيارته أمام الفيلا ليسلم عليه مبادرا ببعض العبارات اللبقة .. ثم استأذنه مغادرا ..بعد أن فتح له بوابة الفيلا الإلكترونية وأغلقها خلفه.


بينما توجه زياد مباشرة يتجاوز الفيلا يقطع الممر الجانبي نحو الملحق .
في نفس الوقت قالت فريدة ليونس على الهاتف " متى استطيع النزول يا يونس؟.. أمي ستقلق لتأخري في النزول اليوم ؟"
قال محذرا " لا تخرجي من غرفتك ولا تنظري من الشرفة إلا عندما اعطيك الإشارة كما قلت"
سألته فريدة بدلال" ألن تخبرني ما هي المفاجأة ولمَ تعمدت أن تنتظر أن يغادر فارس أولا؟ "


حيا يونس زياد القادم نحوه وهو يطالعه من نافذة غرفة الشيمي ثم تحرك ليلاقيه عند الباب وهو يقول " بعد قليل ستعرفين عليّ أن أذهب الآن سلام"
أغلق الخط وفتح باب الغرفة يسلم على زياد الذي بادره متهكما" تليق بك هذه الغرفة يا بقلظ أفندي"
لم يجاريه يونس في المزاح .. بل بدا عليه التوتر وظل ينظر حوله كمن يبحث عن شيء مفقود .. أو من يستعد لمهمة خطيرة ليسأله زياد متفحصا" يونس هل أنت بخير؟"


رد الأخر حانقا " كلا لست بخير .. ولم أنم طوال الليل .. أعد للمفاجأة في سرية وأراجع ما سأقوم به وأشعر حاليا بالتوتر الشديد "
حرك زياد مقلتيه أقصى اليمين وأقصى اليسار ثم سأله بهدوء " تشعرني وكأن فريدة سترفضك"
قال يونس مستمرا في حنقه " أشعر بالحرج من اظهار مشاعري يا زياد.. فما بالك أن تكون على الملأ بهذا الشكل .. ( وبدا عليه الجدية مضيفا ) المهم سأراجع معك تفاصيل الأمر مرة أخرى ..لأني أريدك أن تكون دقيقا في التوقيت "


قال زياد بهدوء" هل من الممكن أن أقترح عليك أنا الأغنية .. أعرف أكثر من أغنية مناسبة جدا للحدث "
قال يونس بعصبية وإصرار " كلا أنا جهزت لكل الشيء"
هرش زياد في رأسه وقال محاولا إقناعه "يا يونس لا تفسد الأمر بعنادك فالأمر لن يحتمل المزاح بأغان على تلك الشاكلة التي تسمعها"


رفع يونس إليه سبابته محذرا "زياد من فضلك اتركني وشأني .. فلست في مزاج لفلسفاتك "
ثم فتح هاتفه ليبدأ خطته بينما سأله زياد بغيظ "وما دوري أنا هنا وقد تركت أشغالي لآتيك في هذا الوقت المبكر؟!"
رد يونس بامتعاض " دورك أن تضغط على الزر فقط حين أشير إليك"


وتركه خارجا من الغرفة وهو يفتح صفحة فريدة على الفيسبوك فغمغم زياد باستنكار وهو يلحق به " أحضرتني لأضغط على زر يا ابن سعد الدين ؟!!!! "
على صفحة فريدة كتب يونس ما كان يعد له مسبقا .. وضغط على ( نشر ) .


اقر أنا الموقع أدناه ..
يونس سعد الدين ..
بأنك يا فريدة من كسبتِ الرهان بيننا .. وأقر ..
بأنني قد ابتُليت بحبك منذ أن جئت إلى هذه الحياة .. وبأنني..
واقعا في غرامك حتى الجنون ..
وأعترف..
بأني كابرت كثيرا .. وعاندت حبك في قلبي أكثر.. حتى أمرضني الحب .. وأضناني العشق .. وعذبني الشوق إليك ..
وعليه..
فأنا مضطر .. بكل أسف وألم وحسرة على زهرة شبابي
أن أستسلم ..
وأن ألبي نداء قلبي المُُلِح بشكل مغيظ .. واتقدم لطلب يدك للزواج .. لأحيا ما تبقى من عمري بين يديك سجينا .. وأُحرم من مغازلة هذه وتلك إلى الأبد
فإن قبلت يا ( حب عمري) الزواج بي.. فأخرجي إلى الحديقة الآن فأنا في انتظارك ..



وساعديني في اقناع أخيك ذو الرأس اليابس بزواجنا .. فليس لي ذنبا في أني أخاه وأنتِ في نفس الوقت أخته !! ..
وليست مشكلتي أنه سيزوج أخته لأخيه .. فلست أنا السبب في هذه العلاقة المعقدة !..
إمضاء
المأسوف على شبابه ..
يونس سعد الدين
#تزوجيني_يا_فريدة
#زوجني_اختك_يا_كبير
#سعد_سعد_يحيا_سعد


رغم أن الوقت لا يزال العاشرة صباحا .. لكن المنشور انفجرت فيه التعليقات بسرعة .. وعلامات الإعجاب والحب من أصدقاء الطرفين .. وغالبيتهم كانوا أصدقاء مشتركين .. بينما تطوع البعض منهم في توضيح للبعض الأخر الذي لم يفهم عبارة يونس ( أني أخاه وأنتِ أخته) وشرح قصة العلاقة المعقدة التي يعرفونها عنهم ..
لتتحول التعليقات بسرعة لمباركات وتعابير عن الفرحة وعن انتظار هذا الخبر منذ مدة.. واستهجان .. وتفكه على تأخرهما في اتخاذ هذه الخطوة ..
لكن الكثيرين ألحوا على أن ينقل لهم يونس الحدث على صفحته على الهواء وهو ما كان يخطط له منذ البداية .
" لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة "
"أخيييرا .. بت اشك في قواي العقلية "
"نريد بث مباشر يا يونس "
"محظوظة يا فريدة "
"WoW هذا احلى طلب زواج رأيته
"لم أفهم عبارة أنه أخو أخوها هذه أفهموني؟ !!!!"
"أخرجي إليه يا فريدة "
"نريد بث مباشر يا يونس"
"هذا اعتراف بالحب أم رسالة قبل الإعدام "
"يونس العظيم .. رائع يا مان👍"
"ما أحلاكما انتظرت هذا الخبر منذ سنين"
#زوجه_أختك_ياكبير
#زوجه_أختك_ياكبير
#زوجه_أختك_ياكبير
#زوجه_أختك_ياكبير
"نريد بث مباشر يا عالم !!"


اتصلت إحدى صديقات فريدة بها .. والتي لم ترى المنشور بعد لتصرخ في أذنها قائلة بفرح " مبارك يا فريدة مبارك .. لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة .. يا إلهي لا أصدق يا محظوظة ! .. هذا أجمل اعتراف بالحب رأيته في حياتي "
غمغمت فريدة بارتباك تحاول استيعاب تلاحق الكلمات من فم صديقتها " إهدئي يا رؤى أنا لا أفهم شيئا "
لتصرخ رؤى " افتحي الفيسبوك يا فتاة فورا "


فتحت فريدة صفحتها بارتباك بعد أن أغلقت الخط لتجد كماًً من الإشعارات التي تتكاثر في الدقيقة الواحدة لنفس المنشور .. فجلست على عقبيها بعد أن تراخت قدماها عن حملها ووضعت قبضتها المرتعشة أمام فمها دامعة العينان تقرأ كلمات يونس إليها..
تقرأ شهادة ميلاد حياتها القادمة ..
تقرأ الاعتراف الذي يئست أن تسمعه يوما..
تقرأ مشاعر حبيب العمر يونس سعد الدين .


في الحديقة وقف يونس ينتظرها مرتديا حلة أنيقة بينما زياد يجلس بأريحيه على السور الفاصل بين الحديقتين وبجانبه سماعتين متوسطتي الحجم يتطلع بتسلي في يونس المرتبك والذي استدار إليه يسأله بعصبية" هل أنت متأكد من أن هذه السماعات عالية الصوت"
صمت زياد يتطلع فيه بنظرات متسلية أغاظت الآخر قبل أن يرد عليه بابتسامة متشفية " أعلى مما تتخيل .."


ليقول يونس بارتباك وهو يمنحه هاتفه " اسمع أريدك أن تركز على فريدة وعلى الحدث فأنا متحرج من الظهور أمام الكاميرا سأحاول أن أوليك ظهري معظم الوقت "
رفع زياد حاجبيه اندهاشا وصاح " هل سأبث إليهم نقل حي لوقائع طلبك ليد فريدة للزواج وأنت تلعب في دور اللهو الخفي !!"
صاح يونس متوترا " اخرس يا زياد ونفذ"


مط الأخير شفتيه وقال ممتعضا " حاضر .. هل من الممكن أن تعطيني الأغنية ؟"
انتبه يونس وأخذ يتحسس جيوبه حتى أخرج من أحدهم جهازا صغيرا في حجم عقلة الاصبع طالبا من يونس توصيله بالسماعات فقال زياد للمرة الأخيرة " يونس أخبرني اسم الأغنية على الأقل لاستعد للصدمة يا بني ( حدجه الأخير بنظرة نارية ليقول مستدركا ) صدقني أنا أريد أن أساعدك في إنجاح الأمر "
قال يونس بغيظ" اخرس يا زياد وثق بي "


غمغم زياد " هذه هي المشكلة .. أنني لا أثق في اختياراتك "
كشر الثاني عن أنيابه وقال من بين أسنانه " حبيبي أبو الزوز لست وحدك الرومانسي يا صاحب الأكواب البورسلين "
عقد زياد حاجبيه يسأله باندهاش " من أين علمت بهذا الأمر؟!!!!"
رد يونس بامتعاض " عهد أخبرت فريدة ( واشار بيده آمرا) ركز في عملك وثق في صاحبك"


أطرق الأخير برأسه بملامح بائسة مستسلما لقدره .. لتخرج فريدة في تلك اللحظة من باب الفيلا لاهثة بعد أن أسرعت بارتداء فستانا قصيرا ملونا فوق بنطال من الجينز الأزرق وقد لفت حول وجهها حجابا رقيقا لتجد يونس ينتظرها في منتصف حديقة الفيلا وأمامه صندوق هدايا ضخم جدا باللون الأحمر يصل لمنتصف طوله تقريبا ..


لم تعرف ماذا ينتظرها ..
ولا علام ينوي ابن سعد الدين ..
ولم تعرف بأن زياد قد بدأ بتشغيل الكاميرا من هاتف يونس ليرسل بثا مباشرا على صفحة الأخير على الفيسبوك تحمس لمتابعته العديد من الأصدقاء بعد أن أعلم الحاضر الغائب بهذا الحدث المشوق .


أما الحاجة نفيسة والتي أسرعت تهرول كطفلة مستندة على ذراعي خضرة وكارمن بعد أن أخبرتهم فريدة سريعا وهي تمر من أمام غرفة أمها ... فوقفت على باب الفيلا تتابع بحماس فريدة التي تمشي ببطء وخجل نحو يونس وقد تعانقت أنظارهما عناقا طويلا.. في الوقت الذي جرت إحدى العاملات في الدار تخبر الجميع عن شيء غريب يحدث في الحديقة المجاورة ليهرعن كلهن وعلى رأسهن رفيدة عاقدة حاجبيها لمتابعة ما يحدث من بعيد مصطفين خلف السور القصير .. ليكتمل المشهد .


مشهد طال انتظاره بين العاشقين يونس وفريدته ..
بمجرد أن وصلت إليه فريدة بعينين دامعتين.. غطى يونس وجهه بكفيه لثانية يمثل الحرج .. بحركة ظريفة انفجرت فيها دقات قلب فريدته .. لتتحول تلك الدقات من قرع طبول إلى فرقعات العيد .. بعد أن كاد بوسامته وظرافته أن يصيبها بأزمة قلبية.. ثم أهداها ابتسامته المليحة يتجول بعينيه على صفحة وجهها الصبوح .. لتقول هامسة بخجل "ماذا تفعل يا مجنون؟ (وحانت منها نظرة مختلسة مسبلة الأهداب نحو زياد والهاتف في يده ففهمت ما يحدث لتعود قائلة ليونس بخفوت ) أهذا طلبا للزواج أم فضيحة؟"
اتسعت أمامها ابتسامته ورد بخفوت حرج "ألا يحق ليونس العظيم طلب فريدته في مشهد أسطوري يليق بحب عمره (وأشار بمقلتيه الساحرتين آمرا ) هيا افتحي الصندوق "
اقتحمت شروق باب الفيلا في نفس الوقت الذي تحضر فيه كل يوم أربعاء حتى تترك طفلتها عند أمها .. ووقفت مصعوقة تتطلع فيما يحدث وهي تصارع أعراض ذبحة صدرية وشيكة .


أما فريدة فعضت على شفتها وهمت بسحب الشريط الساتان لتفك عقدته لكنها توقفت تسأل يونس بتوجس " يونس هذا ليس مقلبا أليس كذلك؟! "
انفجر ضاحكا حتى سعل وقد بدأ يسيطر على شعوره بالتوتر ليقول لها بنظرة شقية هامسا " ربما"
كُتِبت تعليقات محتجة على الفيسبوك مطالبة بأن يعرفوا بم يتهامسان .. بينما مدت فريدة المواجهة للكاميرا يدها تسحب الشريط الساتان من عقدته متعجبة من ضخامة الصندوق .. لينفك معها الشريط .. فأمسكت بغطاء الصندوق العملاق ببطء لترفعه .. في الوقت الذي ضغط زياد برعب من جلسته فوق السور على زر تشغيل الأغنية وكأنه يضغط على زر تفجير قنبلة مرددا في سره "حانت فقرة التلوث السمعي .. إنا لله وإنا إليه راجعون ! "


ولدهشة الأخير انطلقت انغام رومانسية عالية من السماعات حتى خرج بعض الجيران من شرفاتهم لمعرفة ماذا يحدث بينما عقد زياد حاجبيه يحاول تذكر اسم الاغنية وجهز نفسه لانقلاب الاغنية فجأة لأغنية هابطة رديئة.. لكن هذا لم يحدث بل صدح صوت المطرب جميلا بالتزامن مع رفع فريدة للغطاء بفضول وتوجس .. ووقفت بعدها مصعوقة فاغرة الفاه وهي تشاهد ما يخرج من الصندوق بمجرد أن فتحته ..
بالونات..
بالونات حمراء تحتوي على غاز الهليوم بأحجام مختلفة كانت محشورة بعدد كبير في الصندوق تحررت منه وارتفعت للسماء .. مع كلمات الأغنية .


يا عسل ..
يالى كلك سحر ..
الله مكمل جمالك
ما شربتى من مي البحر

بتحلى المى كرمالك..


كان مشهدا رائعا تراقصت من أجله معظم العيون والقلوب المتابعة وانهالت بسببه التعليقات المنبهرة ..
بينما وقف يونس يديه في جيبي بنطاله يراقب رد فعل فريدة التي تتابع بملامح ذاهلة البالونات صعودا للسماء وهبوطا لبقيتها التي لاتزال تخرج من الصندوق واضعة قبضتيها تغطي بهما فمها مرددة باسمه بغير تصديق ..ثم التفتت إليه تتطلع فيه وابتسامته المليحة تضيء روحها بالتزامن مع كلمات الأغنية ليجعد لها يونس أنفه مناغشا.


ياحرام شو عملتى فينا ..
مثل الورق طيرتينا
بدى الدنى أعيشاها معك ..

يوجعنى يلي بيوجعك..
حقك تنغرى بيلبئلك..
ولا أهضم من حركاتك
ولا أهضم من حركاتك


لتخرج آخر البالونات وأكبرهن بالونتين تمسكان بيافطة من القماش مكتوبا عليها
(تزوجيني يا فريدة )
مذيلة بهاشتاج ( #زوجني_اختك_يا_كبير )
ارتفعت اليافطة ببطء بعكس الأخريات بسبب ذلك الشريط الطويل المتدلي منها في نهايته علبة مخملية.


امسك يونس بالعلبة يحررها من الشريط .. بينما تابعت عيون فريدة اليافطة التي تحركت صاعدة للسماء .. لتعود وتنظر ليونس الذي فتح العلبة يخرج منها خاتما من الألماس .. واقترب متمنيا لو يستطيع أن يأخذها بين ذراعيه لكنه وقف أمامها يقول بصوت مرتجف متأثر غطت عليه الموسيقى " فريدة سعد الدين .. هل تقبلين الزواج بي ؟"
بارتجاف واضح أمام عينيه .. أومأت برأسها موافقة بعينين دامعتين فاتسعت ابتسامته يمسك يدها ليلبسها الخاتم .. ولم يلحظ شروق التي تقف بعيدا خلف فريدة تراقب المنظر بوجه هربت منه الدماء .. وبرغم اختياره لهذا التوقيت بالذات في هذا اليوم بالذات لتنفيذ خطته لكن شروق كانت لحظتها أتفه من أن يتذكرها وهو يعيش لحظة من أهم اللحظات في حياته .


عندك خبر؟ .. شو حلوة إنتى ؟
يا روحى إنتى


نياله شعرك .. بيضله جنبك ..
نيالها المى ياللى ع شفافك
كانت يد فريدة ترتعش في يده فرفعها إلى شفتيه مقبلا بشغف يحاول التحكم في مشاعره الجامحة التي تلح عليه لفعل المزيد .. بينما غطت هي فمها بيدها الأخرى بخجل وتأثر ثم غمغمت " أخشى عليك من فارس "


ما يهمك يا حياتي .. أنا ع حسابك حياتي
ما يهمك .. دخلو قلبك .. ياللي بيفهم عقلاتي..

انتي دمي .. وفرحي وهمي
وانتي الروح الي جواتي .



اتسعت ابتسامة الحاجة نفيسة دامعة العينان واخذت تردد بحماس لكارمن وشهد اللتان تصوران الحدث " صوروهما.. صوروهما صورا كثيرة كثيرة"
ثم أطلقت زغرودة عالية .. بينما فرد يونس أمام فريدة ذراعيه في مستوى صدره يشاكسها محركا أصابع يديه مع كلمات موسيقى الأغنية وكأنه يطير




يا حرام شو عملتي فينا ..
مثل الورق طيرتينا
بدي الدني اعيشاه معك ..

يوجعني ياللي بيوجعك
حق تتغري بيلبئلك ..

ولا أهضم من حركاتك .
ولا أهضم من حركاتك .


تقدم يمسك يدها من جديد وقد غلبته مشاعره تجاهها.. فقاوم تلك الرغبة الملحة لمعانقتها وتقبيلها بأن اقترب يضرب برأسه جبينها بلطف ..



وانفجرا ضاحكين ..
وبمجرد أن انتهت الأغنية .. تحرك يونس ليواجه الكاميرا أخيرا ليقول قبل أن يضع كفه يسد عدستها وينهي البث " زوجني أختك يا كبير "


بعد قليل تسلل يونس من التجمع الذي كان في الحديقة من المهنئين سواء من الدار أو من أهل البيت .. لينادي على شروق التي خرجت للتو من بوابة الفيلا بخطوات متعجلة بعد أن ألقت بابنتها لأمها بسرعة وهمت مغادرة تشعر بالقهر والغيظ والغضب .. لكنها تسمرت متسعة العينان حين سمعت صوته يناديها فبلعت ريقها تستدير إليه ببطء تحاول السيطرة على ملامحها لتبدو عادية .
شاهدته يقترب منها .. وجيها .. وسيما .. رجوليا .. لكن عينيه المعذِبتين كانتا قاسيتين غاضبتين أخافتاها .. ليقف يونس أمامها متخصرا يقول بفحيح مرعب " ألن تباركي لنا يا شروق؟"
بلعت ريقها تتطلع فيه بدم يحترق في عروقها فمال نحوها يقول " يقولون في الأمثال أن الابن السوء يجلب لأهله الأذى .. ويبدو أن زغلول وخضرة سيلحق بهما الأذى قريبا بعد أن أفضح كل ما أعرفه عنك وآخره التصنت على الأبواب .. مساكين أن يخرجوا من هذا البيت في هذا العمر بفضيحة "


آلمتها لسعة السيجارة القديمة في قدمها لكنها تأتأت بصوت مبحوح " أنا لا أفهم عم تتحدث؟! "
صاح يونس بتهديد " اسمعي.. إن كانت فريدة تترفع عن الرد على ما تفعلينه معها بما يليق بك .. رغم أن الجميع يعلم بأنها لا تسمح لأحد بالتجاوز في حقها .. فهذا لأنها تتعامل بأخلاق الهوانم .. فلا ترد إلا على من هن في مستواها الاجتماعي والأخلاقي .. (وأمسك بمرفقها فجأة غارزا أصابعه في ذراعها فاطلقت شروق صرخة مكتومة مرتعبة بينما أكمل يونس بعينين تطلقان الشرر ) أما أنا فأتعامل بأخلاق الشوارع .. الحواري .. الأزقة .. بما يتناسب مع النفوس الوضيعة الحقودة "
ترك مرفقها بخشونة ورفع سبابته محذرا أمام عينيها اللتان تغرغرتا بالدموع " آخر مرة يا شروق .. هذه آخر مرة سأصبر عليك فيها ..ليس من أجلك ولكن من أجل أهلك الطيبين .. وسأقول لك ما قلته ذات يوم ( فريدة خط أحمر ) .. من الآن فصاعدا دخولك للبيت لا يتعدى الحديقة والمطبخ .. وإذا علمت بأن قدمك قد خطت لداخل البيت قسما بالله ستندمين أشد الندم "


حدجها يونس بنظرة استحقار واستدار ليغادر لكنه عاد ينظر إليها مضيفا " وبالمناسبة أنا لست متزوجا وليس لي أية أبناء .. ولم ولن تكن في حياتي امرأة سوى فريدة ( نطقها ضاغطا على حروف الاسم متعمدا ثم أكمل ) .. وما سمعتيه كان مقلبا مني لفارس .. أنا بالطبع لست ملزما بالتوضيح لك ..فأنت لست بهذه الأهمية .. لكني أخبرك حتى لا تشعرين بذرة انتصار واحدة على فريدة .. ( وعاد يرفع سبابته أمامها محذرا ) .. ما قلته سأتابع تنفيذه بنفسي ولو لم تلتزمي به .. سأريك أخلاق الشوارع كما يجب أن تكون "


وتحرك يعود للفيلا بينما وقفت شروق تبكي بحرقة تحترق بنيران الحقد والغل والخزي وتعض على نواجذها بقهر .
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-11-19, 01:01 PM   #327

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

بعد الظهر
تحركت ضحى جيئة وذهبا بتوتر في شقتها فقال فادي " اهدئي يا ضحى .. أنت متوترة جدا"
أسرعت تسأله السؤال الذي ألقته على مسامعه أكثر من مرة منذ أن فاتحت رفيدة في الأمر " هل تعتقد بأنه سيوافق ؟"
تنهد فادي يائسا من توترها ورد " يا حبيبتي قلت لك هم لا يأخذون رأيه بالشكل الحقيقي لكن بالطبع لو كان رافضا بشدة سيرفضون الفكرة "


قالت بتأثر " يا فادي إن لم يرضى معناها أني لم أؤثر فيه .. بأني مثل أي شخص آخر لست مميزة عنده .. (وتجمعت الدموع حول مقلتيها تغمغم بصوت متهدج ) وأنا أريد أن أكون مميزة عنده .. أريده أن يختارني "


تمزق قلبه من أجلها فتحرك يأخذها بين ذراعيه ويربت على شعرها قائلا " إن شاء الله ستتيسر الأمور بشكل سلس وسنستطيع التكفل به في بيتنا "
شددت من احتضانه وقد غلبها البكاء ليبعد عنها رأسه قليلا ويقول وهو يتطلع فيها ببعض الغيرة " رغم أنه سيأخذك مني .. بالإضافة لعملك الذي يأخذك مني بالفعل .. "


اتسعت ابتسامتها وسط دموعها ليضيف مشاكسا " لا تعتقدي بأني أشعر بالضيق .. أبدا .. بل أشعر بالسعادة لأن انشغالك هذا سيعطيني بعض الحرية وسيرحمني من زيارات التفتيش اليومية صباح كل يوم في الإذاعة والبحث خلفي وابعاد المعجبات عني "


تمتمت بصوت باك " هذا مالا سيحدث أبدا .. سأظل جاثمة فوق صدرك في كل لحظة "
قوس فادي شفتيه للأسفل متصنعا البؤس .. فقهقهت ضحى وقربت وجهها من وجهه تعانق شفتيه بشفتيها ليشدد فادي من احتضانها مستجيبا لقبلتها حتى رن جرس هاتفها فأفلتت ضحى من بين ذراعيه بسرعة تنظر فيه وتجيب بسرعة " نعم أستاذة رفيدة .. (واتسعت عيناها بتركيز ثم صرخت بفرح ) حقا .. وافق براء .."
اتسعت ابتسامة فادي بينما قالت رفيدة سعيدة بحماسها وفرحتها " أجل وافق على الفور بل انه كان سعيدا خاصة حين أخبرته بأنه سيكون لديه بيت وأم وأب جدد وأفهمته فكرة الكفالة "


قالت ضحى بحماس " هل نستطيع أن نأخذه اليوم؟ "
ابتسمت رفيدة ثم قالت بلهجة عملية" هناك بعض الإجراءات الرسمية لابد أن تتم أولا قبل هذه الخطوة"


تكلمت ضحى بإحباط وهي تنظر لفادي المتابع للحوار "ألا يمكن أن نختصر وقت هذه الإجراءات؟"
أجابت رفيدة مشفقة " ما رأيك أن تضيفيه عندك في البيت لبضع ساعات في اليوم كبداية .. عليه أن يمر بفترة انتقال .. ومن الجيد أنك تجاورين الملجأ فسيكون تأهيله للانتقال عندك بشكل أكثر راحة "


عادت ضحى لحماسها لتقول " وأنا موافقة .. ما رأيك أن نبدأ من اليوم ؟"
××××


بعد العصر
"هل جننت يا يونس !!!!.. هل فقدت عقلك؟؟!!"
قالها فارس غاضبا في غرفة مكتبه في الفيلا ممسكا بتلابيبه .. بينما ارتعدت أوصال كلا من فريدة وكارمن الواقفتان أمام باب غرفة المكتب في رعب بعد أن حضر فارس للبيت مبكرا عن موعده بمجرد أن سمع بالأخبار عن طريق موظفي الشركة .. وبعد أن انتشر الخبر على مواقع التواصل .. ليتصل بكارمن لترسل له الفيديو .


أما الحاجة نفيسة فوقفت تستند على عصاها أمام غرفتها متمتمة بالأدعية أن يمر الأمر على خير بين الأخوين .


في المكتب وقف يونس أمامه متصنعا الهدوء وقد توقع مسبقا رد فعل أخيه بينما صرخ الأخر يدفعه في صدره بعصبية قائلا "أهذا ما تفتقت عنه أفكارك الجهنمية يا عبقري !.. فضح العائلة !!!!"
تكلم يونس بهدوء وهو يعود لنفس وقفته أمام أخيه بعد أن دفعه الأخير بخشونة " اهدأ يا فارس وسأفسر لك"


صرخ فارس والجنون يتراقص في مقلتيه " كيف أهدأ وسيرتنا أصبحت على كل لسان ..( وأشار لنفسه قائلا ) أنا .. أنا فارس سعد الدين يتصل بي بعض أصدقائي من رجال الأعمال من يستفهم منهم طبيعة العلاقة بيني وبين فريدة .. ومن يتفكه ويستظرف ..

ومن يعيش دور المصلح الاجتماعي يتوسط عندي لأزوجكما!!.. أنا فارس سعد الدين تخبرني السكرتيرة بانتشار الفيديو على مواقع التواصل بين الشباب وبظهور ذلك المسمى بالهاشتاج يحمل عنوان (زوجه أختك يا كبير) مسببا لي كل هذا الحرج العلني"
قال يونس مدافعا وقد خشي للحظة أن يكون قد أخطأ في حسبته " سأخبرك لماذا فعلت ذلك يا كبير بعد أن تهدأ.. وصدقني رد الفعل هذا ما كنت أتوقعه وأراهن عليه.. وكانت مراهنة محسوبة أؤكد لك"


ضربه فارس على مؤخرة رأسه بغيظ قائلا من بين أسنانه " عن أي حسابات تتحدث! .. عن الفضيحة! .. عن سيرتنا التي أضحت على كل لسان !.. أخبرني عن أي حسابات تتحدث وأنت تفكر في حركة مراهقة كهذه!!"


دلك يونس مؤخرة رأسه وقال يحاول امتصاص غضبه " صدقني ما فعلته كان لهدف وليس مراهقة مني .. فارس أنا فعلت الأمر مجبرا عليه .. لقد كنت أموت من الحرج صدقني ..وكنت متوترا جدا.. وتمنيت أن أقوم بنفس ما حدث على نطاق عائلي أضيق "
سأله فارس بلهجة ساخرة " وما هي المكاسب يا عبقري زمانك؟؟!!!"


دفعه يونس برفق ممسكا بكتفيه ليجلس على المقعد قائلا "سأخبرك ولكن اهدأ أولا"
صرخ فارس مصرا على الوقوف " لا تطلب مني الهدوء!"
ساد الصمت قليلا .. فاقتربتا فريدة وكارمن من باب المكتب المغلق تلصقا أذنيهما عليه بترقب .. بينما قال يونس واضعا يديه في جيبي بنطاله يشرح فكرته " أنا درست جيدا ما قمت به يا فارس ولم يكن هناك حلا غيره .. لقد استخدمت ما يسمى بـ (قوة وتأثير مواقع التواصل the power of social media-) .. يستخدمه العديد من الناس للتأثير على الأخرين في أكثر من مجال .. أنا استخدمته لصالحنا مع أصدقائي وأصدقاء فريدة لألفت انتباههم أولا .. ولأشعرهم بأنه هناك عقبة في ارتباطنا ثانيا .. وكما ترى تحمس الشباب وبدأوا في نشر الهاشتاج مع من لا أعرفهم .. وهو عبارة عن عنوان لموضوع ما يلف الفيسبوك رغم أني لا أحتاج سوى لتوضيح الأمر أمام من يعرفوننا .. وبالتالي حين أقرر أن أتزوج فريدة في وقت قصير سيفهم الجميع بأن هذا كان بسبب ما قمت به من مشاركتهم بالحدث .. بل سيعتقدون أنهم بما فعلوا من تأييد ومؤازرة لنا قد ساعدونا لنتزوج"


هدأ فارس قليلا يفكر في كلامه لكنه ظل محتفظا بملامحه الغاضبة ليكمل يونس بثقة" الاستفادة الثانية في هذا الأمر هو أن اسم سعد الدين واسم منتجاتنا أصبح ملازما لما حدث .. الجميع أشار إلىّ وأوضح كنيتي ومن أكون .. وزاد عدد المقبلين على منتجاتنا .. أي أن هذا المنشور ارتبط بمنتجاتنا في الأذهان بذكرى مميزة .. وتعلم أن هناك من يقبلون دائما على أحدث ما هو مطروح على الساحة .."


ضيق فارس عينيه يطالعه بوجه جامد الملامح بينما اقترب منه يونس يريه هاتفه قائلا" تفقد حالة اسهمنا في البورصة اليوم يا كبير هناك زيادة طفيفة عن المعدل الذي اعتدنا عليه ..( وحرك الشاشة ليكمل ) وهذا تقرير عن حجم مبيعاتنا خلال الساعات الماضية وأنا أراهنك أن حجم المبيعات سيزيد لعدة أيام مقبلة .. ثم ستعود بعد ذلك لمعدلاتها العادية .. إنها قوة مواقع التواصل يا فارس العديد من المشاهير يطلقون أخبارا كاذبة للفت الانتباه أو للترويج لفيلم أو حدث ما .. حتى السياسة في بعض الأحيان تستخدمها في التوجيه أو الإلهاء .. (وختم حديثه قائلا ) صدقني ما حدث رغم شعوري بالحرج منه لكنه يصب في صالح علاقتي بفريدة وفي صالح المصنع"
ظل فارس يناظره بعينين باردتين لثوان ثم شتمه بغيظ " أ تغازل التاجر بداخلي يا ( .... ) !"
كتمت فريدة ضحكتها بصعوبة بينما شهقت كارمن تقول بالفرنسية " يا إلهي !.. أشعر بأنها سبة وقحة !"


أما يونس فانفجر ضاحكا .. وقد تيقن أن فارس اقتنع ليقول من بين ضحكاته" اعترف بأني اقنعتك يا كبير"
دفعه فارس للخلف قائلا بتجهم " أخرج من هذا البيت فلا أطيق رؤيتك حاليا "
قال يونس بحنق" لماذا تطردني كلما اختلفت معك يا كبير ألست أخاك!"
بحث فارس حوله شاعرا بالغيظ ثم التقط فتاحة الأظرف التي على شكل خنجر وقال " اذهب من هنا الآن يا يونس"


ابتعدتا فريدة وكارمن بسرعة حتى لا يراهما فارس إذا ما فُتح الباب بينما سأله يونس بإصرار" متى إذن موعد الزفاف ؟ لقد فعلت كل هذا من أجل زفاف سريع"
رد فارس من بين أسنانه "اذهب يا يونس الآن من أمامي"
في الخارج تحركت الحاجة نفيسة وقد اطمئن قلبها أن الشجار مر بين ولديها على خير عائدة لغرفتها ممسكة بذراع شهد تقول " تعالي أنت يا قصيرة معي لغرفتي لتشرحي لي بالضبط ماذا فعل يونس على الانترنت وأغضب فارس فأنا لا أفهم "


قال يونس مهددا وهو يفتح الباب " ليكون في معلومك سيظل الهاشتاج يلف ويلف الفيسبوك حتى أطمئن الجماهير العريضة على أنك قد واقفت على زواجنا وأعلن لهم عن موعده ..( وأكمل بمشاكسة يلعب له حاجبيه ) فإن كان يرضيك أن تكون سيرتنا على كل لسان فماطل في الأمر كما ترغب"
وأسرع بالخروج وإغلاق الباب قبل أن يتهور عليه فارس الذي كان يتفتت من الغيظ ..
بينما وقف الأخير يحاول ترتيب أفكاره واستيعاب ما شرحه يونس قبل أن يتمتم في سره " بَغل ! "
××××


استقبلته في مطبخ الدار عائدا من أول يوم له في عمله الجديد فدخل يلقي السلام على بعض الحاضرات .. ليردن السلام ويتحركن بحرج مغادرات بأعذار مختلفة حتى يتركاهما معا .


تأملها الشيمي بمريلة المطبخ الأنيقة التي ترتديها وهو لا يزال منتشيا بذلك الحلم الذي يعيشه وبعالمه الذي تغير بمجرد أن ظهرت هي فيه .. غير مصدق أنه أغمض عينيه وفتحها ليجدها بين ليلة وضحاها أصبحت مقرونة باسمه .


بينما تخضبت وجنتي رفيدة ومشاعر ليلة أمس تدغدغها فغمغمت " لا تخبرني بأنك قد تناولت عشاءك بالخارج "
حرك رأسه بلا وابتسامة تزين شفتيه فسألته شاعرة الحرج " لماذا تبتسم هذه الابتسامة؟"
قال مشاكسا وضربات قلبه تتراقص " ما بها ابتسامتي؟"
ردت " شعرت بأن لها معنى"


تجولت عيناه على تفاصيلها بجرأة أربكتها ورد " ابتسمت من سؤالك .. فلم أُُسأل منذ وقت طويل جدا وبصوت بهذه النعومة إن كنت قد أكلت أم لا .. (وهرش في رأسه مضيفا ) الحقيقة الوحيد الذي كان يسألها لي هو زغلول"


تحكمت في ألا يظهر على وجهها شعورها بالتعاطف معه وقالت مازحة وهي تمسك بذراعه الضخم وتسحبه ليجلس على أقرب طاولة " اسمح لي يا سيد ميمي أن أقوم بدور زغلول منذ هذه اللحظة "
قهقه ضاحكا ثم تأملها وهي تتحرك أمامه تضع الأطباق فسألته " كيف حال أول يوم عمل في منصبك الجديد؟ "


رد بهدوء " لا بأس .. تسلمت العمل رسميا ويونس سيتكفل بإعطائي بعض المحاضرات عن الدورة المستندية .... وأنا لا أجد صعوبة في إدارة الأفراد وتوجيههم وتفقد سير العمل وما إلى ذلك "
اقتربت منه مبتسمة وهي تقول "

أنا أكيدة أنك ستبلي بلاء حسنا "
رفع إليها نظراته العاشقة ثم أمسك بيدها مقبلا باطن كفها .. فغمغمت بخفوت معترض وقد سرت قشعريرة لذيذة في أعصابها "شيمي !"
سحبها لتجلس على حجره.. فأبعدت نفسها بسرعة تتطلع في الباب المفتوح تقول بتوبيخ هامس "شيمي ماذا تفعل!"
غمغم مبتسما " الشيمي ذهب عقله وضاعت هيبته منذ أن دخلتِ حياته اقسم بالله "


دبت الحرارة في جسدها .. بينما ربت الشيمي على الكرسي بجواره لتجلس فطاوعته بخجل مغمغمة " لاحظ أن وضعي .. بل وضعنا نحن الاثنان حساس جدا هنا "


رد موافقا" أعلم ذلك جيدا .. وأعترف بأن ذهابي لغرفتك ليلة أمس كان تهورا .. لكني لم استطع المقاومة .. بل انني اكتشفت بأن تحكمي في أعصابي معك أصعب مما كنت أعتقد"
اطرقت برأسها تحرك الملعقة بخجل شديد أجج مشاعره ليضيف بخفوت " علينا بأن نسرع في فرش الشقة.. أخبريني متى ستكونين متفرغة خلال الأيام القادمة حتى نمر على معارض الأثاث .. وأخبريني ماذا ينقصنا .. اعطني قائمة حتى اسرع في شرائها .. كل ما تريدينه سأشتريه فورا "


على الرغم من الرغبة الملحة بداخلها للاستقرار معه في مكان واحد يضمهما معا .. لكنها قالت بدلال أنثوي خافت وهي تسبل جفنيها تحت نظارتها الطبية " يبدو أنك لحوحا يا سيد ميمي وحين ترغب بشيء تحاول التأثير عليّ لألبيه لك "


رد الشيمي بخفوت مماثل" أجل يا ست الناس أنا لحوح ومتعجل جدا جدا ولا أعرف كيف سأتحمل ألا أصعد لغرفتك مرة أخرى لأني وعدت نفسي بألا أكررها "
اطرقت برأسها بوجنتين مشتعلتين ليكمل" لأنني اكتشفت أمس أن هيبة الشيمي أمام فتنة النساء ضاعت.. وتحكمه في أعصابه بات صعبا جدا أمام حسن وفتنة ست الناس .. ولو علم من يعرفونني بما حدث لي لتمسخروا وتهكموا على الشيمي المنيع"


بدأت رفيدة تتعرق مطرقة برأسها تغمغم بارتباك "الأكل سيبرد يا شيمي"
تطلع في احمرار وجهها فاتسعت ابتسامته ليضيف وهو يبدأ بالأكل " ولو علموا أن هناك من أخّر لهفة الشيمي على الطعام وجعله يجلس أمامه كل هذه الدقائق مشغولا عنه لازداد التحّفيل والتهكم عليّ في كل الأوساط "


أفلتت منها ضحكة قبل أن تكتمها وهي تشيح بوجهها عنه ثم عادت إليه بعد ثوان تتصنع بعض الحزم قائلة وهي تراه لا يزال يحدق فيها " كُُل يا شيمي إذن قبل أن تزيد عدد الدقائق ملهيا عن الطعام فيزيد التحفيل عليك"


اتسعت ابتسامته وبدأ في الأكل بنهم فتطلعت فيه بشعور أمومي يسيطر عليها تجاه هذا الضخم النهم .. وقد أدركت بأن هذا الشيمي الذي بات بين ليلة وضحاها زوجها .. يفجر دوما مشاعرها الأنثوية بداخلها بكل تفاصيلها ..


مشاعر اعتقدت أنا جفت ونضبت مع تقدم العمر .. مشاعر .. لم تعشها من قبل .. ولم تتاح لها الفرصة للتعبير عنها ..
مشاعر اشتاقت إليها جدا .. وتعذبت لافتقادها .. جدا .. وتمنت أن تعيشها وتشعر بها مثل أي أنسان.. جدا جدا .


وحده الشيمي من حفر في أرضها الجافة مفجرا ينابيع من المشاعر لم تتوقع يوما أنها تحملها بين جنبات قلبها .


غمغمت وهي تلتقط بعض اللقيمات " أنا طهوت هذا الأكل لك خصيصا .. فهو ليس الوجبة المطهوة اليوم للدار (وبلعت ريقها تسأله بصوت متهدج وكأنها تستجدي منه كلمات الإعجاب لتشبع جانب أنثوي تشتاق إليه ) هل أعجبك الطعام؟ "


توقف عن المضغ فجأة دون أن ينظر إليها لثانية ثم بلع الطعام بصعوبة يحاول ألا يظهر عليه تأثره وتطلع فيها يغمغم بحشرجة" رائع .. الطعام رائع سلمت يداك"
برغم شعورها بتفاهة وطفولية ما تقوم به لكنها سألته بإلحاح ظمآن لعبارات الإعجاب " أعجبك حقا يا ميمي أم أنك تجاملني؟ ( وأضافت بسرعة بلهجة مزقت قلبه ) أخبرني بصراحة حتى أغير الطريقة لو هناك شيئا لم يعجبك فيه "


سحب نفسا عميقا يقاوم قرص الدموع في عينيه مذهولا بما يجيش في صدره من مشاعر لم يعهدها من قبل ليهمس بحرارة "أنا لا أعرف كيف أصف شعوري بالكلمات فأنت الأستاذة لا أنا.. لكنه شعور رجل لم يُطبخ له طعاما مخصوصا منذ مدة كبيرة .. يتذوق طعام لذيذ الطعم ومميز .... طبخته له ست الناس بيديها .. هل تستطيعين صياغة هذا الشعور في كلمات؟ "
اغرورقت عيناها بالدموع تأثرا بما قال وتمتمت بلهجة مختنقة بمشاعر كثيرة "شكرا يا شيمي .. شكرا جدا "


لم يستطع المقاومة فمال نحوها يفرد ذراعه على كتفيها يسحبها نحوه بحركة مفاجئة ويدفن مقدمة رأسه بين رقبتها وكتفها هامسا " بل شكرا لك أنت يا تاج رأس الشيمي "
رفعت يدها بحركة عفوية تلمس لحيته المشذبة.. فتحرق شوقا لتقبيلها .. لكن حركة ما جاءت من ناحية الممر وصوت وصول أشخاص في الحديقة جعلهما يعتدلان بسرعة .. فدخلت إحدى المربيات متنحنحة بعد أن عاد الشيمي يمسك بملعقته ويدفن وجهه في طبقه يداري تأثره بمشاعر أصبح من الصعب السيطرة عليها.. لتقول المربية "

لقد عاد براء يا أبلة رفيدة"
قفزت رفيدة من مقعدها محاولة رسم الجدية على وجهها الأحمر وقالت " سأذهب لاستقباله ( ونظرت للشيمي ) سأعود بعد قليل "
في الحديقة وقف فادي يديه في جيبي بنطاله خارج البوابة يتطلع في ضحى التي جلست على عقبيها أمام براء تتحدث معه مبتسمة سعيدة .. بينما الأخير يرد على اسئلتها مطرقا برأسه في خجل .. ممسكا بشفته بسبابته وابهامه يومئ برأسه إيجابا بابتسامة .


اقتربت رفيدة تسلم على ضحى التي استقامت واقفة فسألتها وهي تضع يدها على كتف براء" هل كان براء ولدا مؤدبا ؟"
مسحت ضحى على شعره الناعم وقالت بحنان جارف "إنه ولد رائع .. وفعلنا الكثير أنا وهو .. واستمتعنا معا رسمنا ولعبنا بالصلصال وبالكرة أليس كذلك يا براء؟"
أومأ براء برأسه فنزلت ضحى على عقبيها أمامه مرة أخرى تقول وهي تمسك بكتفيه "غدا سأرتب مع ماما رفيدة موعد زيارتك التالية لبيتنا .. ( وأكملت باستدراك) هذا إن وافقت أنت وأحببت أن تأتي إلى بيتنا مرة أخرى "
ثم استقامت تقول لرفيدة " شكرا لك أستاذة رفيدة على هذه الفرصة "


اتسعت ابتسامة رفيدة متعاطفة معها .. تعرف جيدا ذلك الشعور الذي تشعر به ضحى .. فودعتها الأخرى مغادرة بينما اصطحبت رفيدة براء للداخل وهي تسأله" هل أحببت البيت الذي سيكون بيتك ؟"
تكلم براء بحماس يشرح لها ماذا وجد في بيته الجديد وعلام تحتوي غرفته ..
كان سعيدا .. وكانت رفيدة سعيدة لسعادته وسعادة ضحى .. فظلت تستمع له باهتمام وهي تدخل به إلى المطبخ لينضم إليهما الشيمي مستمعا بحنان لبراء الذي كان يتحدث بمنتهى الحماس .. وهذا لم يحدث له منذ حادث والديه .


بعد قليل فتح فادي باب شقته واجما ليسمح لضحى بأن تدخل أولا .. ثم توجه صامتا إلى غرفة نومهما .. فانتبهت لحالته أخيرا بعد أن ظلت طوال الطريق الذي قطعاه سيرا على الأقدام تثرثر بسعادة تارة.. وتصمت شاردة تكاد تطير من فوق الأرض تارة أخرى .
دخلت ضحى خلفه لغرفة نومهما تتطلع فيه وهو يبدل ملابسه واجما فسألته بتوجس " فادي .. ما بك ؟"


رد بهدوء وهو يتحرك نحو السرير ويرفع الأغطية استعدادا للنوم " لا شيء .. عندي صداع وسأخلد للنوم "
جعدت جبينها وبدأت تراجع ما حدث طوال اليوم .. لقد كان برغم هدوءه وتحفظه مع براء متفاعلا معهما من وقت لأخر وتعرف جيدا أنه لم يكن ليوافق على خطوة هامة كهذه في حياتهما إلا إذا كان مقتنعا بها .. فاشتدت حيرتها وتحركت نحوه تسأله وهي تلمس ذراعه " فادي أرجوك أخبرني هل صدر مني ما يزعجك؟"
استلقى على جانبه يوليها ظهره قائلا بعبوس طفولي " هذا السؤال تسأليه لنفسك "


ازدادت حيرتها وهتفت بجزع " حبيبي .. أخبرني أرجوك ماذا فعلت أنا ؟"
رفع رأسه قليلا مديرا بوجهه ناحيتها يقول بملامح طفولية بائسة " أشعر بأني لم يعد لي مكانا في حياتك وبأن هناك من سيستحوذ على اهتمامك ودلالك ويضحكك ويسعدك من الآن فصاعدا ... وسيذهب فادي إلى أي ركن مهمل في حياتك "
حدقت فيه ضحى متسعة العينين متخشبة لثوان ثم انفجرت ضاحكة وهي تتمتم " أتغار من الصبي ؟!!"
أدار فادي وجهه في حرج يدفن رأسه تحت الوسائد قائلا بصوت مكتوم " ها هي البداية .. تسخرين من مشاعري "


حاولت كتم ضحكاتها بصعوبة وهي تهز جسده البدين وتحاول أن تجعله ينظر إليها .. لكنه كان عنيدا فمالت بجسدها عليه مغمغمة من بين ضحكاتها " لا أصدق بأنك تغار من الصبي .. أنت غلبتني في جنون الغيرة "
أخرج رأسه من تحت الوسائد فجأة يدير وجهه إليها قائلا بكبرياء طفولي " عموما كل هذا لا يهمني .. فاهتمامك به سيخفف من محاصرتك لي .. وسيجعلني أشعر ببعض الحرية واتنفس ..

وسترحمينني من زياراتك الصباحية التفتيشية للإستوديو "
كست الخطورة ملامحها لتقول بحاجب مرفوع " هذا في أحلامك يا زوجي العزيز .. لن اتزعزع أبدا عن فرض الحصار حولك "


دغدغ التصريح رجولته ومشاعره الطفولية في نفس الوقت لكنه أضاف مغيظا " وسيتيح لي أن أتسلى مع الشقراوات .. مثل المعجبة التي تلقيت رسالة منها على هاتفي اليوم "
عقدت ضحى حاجبيها وقد لمع الشر في عينيها وهي تنظر للهاتف الموضوع على الجانب الأخر من السرير.. فحاول فادي الوصول لهاتفه قبلها .. لكنها انبطحت فوقه وأمسكت بالهاتف بقوة.. ليصيح فادي محاولا تخليص الهاتف من يدها " هاتفي حبيبي لا تلمسيه "


عضت ضحى يده فصرخ يترك لها الهاتف ثم صاح بغيظ "هل تعتقدين أني أبله ؟.. بالطبع حذفت الرسالة حتى لا ترينها .. ( ثم لمعت عيناه بمكر ليضيف بإغاظة ) لكني حفظت رقمها وحسابها أيضا على الفيسبوك "


تركت الهاتف بعصبية ووقفت على ركبتيها فوق السرير متخصرة يتطاير الشرر من عينيها لتقول له محذرة " فادي تعرفني وتعرف جنوني .. وبأني لا أعبأ بكوني مشهورة ولا بشكلي أمام جمهوري إذا ما تعلق الأمر بأنثى تحوم حولك "


على الرغم من سعادته دوما لغيرتها الشديدة عليه ومن شعوره أحيانا بالاختناق من حصارها له ومن بعض المواقف المحرجة التي وضعت نفسها ووضعته فيها بسبب غيرتها وجنونها إلا أنه تمادي في عبوسه قائلا ببؤس طفولي وهو يعود للاستلقاء واضعا الوسادة فوق رأسه " إذن سأبقى ما بقي من عمري وحيدا بعد أن تهمليني من أجل ابنك "


وقعت كلمة ( ابنك ) في قلبها كبلسم يطيب شعورا حارقا لا ينفك يؤلمها على مدى السبعة عشر عاما الماضية التي حاولت فيها الانجاب وفشلت فشلا ذريعا ..
فمرت أمامها في بضع ثوان لحظات احباطها مرة بعد مرة وهي تحاول وتحاول وتتبع الوصفات والأدوية .. وتخرج من عملية جراحية لتدخل الأخرى .. كل هذا مر أمامها بألمه ودموعه ومشاعره اليائسة .. لتطببها كلمة واحدة ..
( ابنك ).


براء ابنها ..
هكذا شعرت .. وتمنت .. ودعت الله أن يوافق فادي ويوافق براء .. ويسهل لها أمر كفالته في بيتها .
براء .. ابنها .. فمن قال أن عليها أن تحمله في رحمها ليكون كذلك ..
انه ابنها الذي ستربيه وستعلمه وستسقيه مما تعلمت من الحياة .. وستحقق له ما يتمنى ..
براء ابنها .. الذي رسمت من الآن نوع التعليم الذي تريده أن يتلقاه .. وتخيّلت شكله في المستقبل طويلا وسيما كما تراه بعيون قلبها يتخرج من أرقى الجامعات ..
براء ابنها الذي تخيلته وهو يتزوج وهي وفادي يبكيان تأثرا ..
فادي الغاضب مثل الأطفال الآن والذي يشعر بالغيرة منه.
فادي الرجل الذي تخلى عن طفل من صلبه من أجلها ..
فادي الذي أحبته والذي برغم فارق العمر بينهما لم تشعر يوما إلا بأنها طفلته .


فادي العابس الغيور من اهتمامها ببراء..
بلعت مشاعرها المتأثرة شاعرة بأنها قد عاشت جزءا كبيرا من هذا اليوم لنفسها .. لإنسانيتها كضحى .. بما قضته من وقت مع براء .. وحان الوقت لأن تلتفت لشريك عمرها وتبدي له بعضا من الاهتمام .. وتدلل هذا الصبي الغيور .


فمالت عليه تقول بصوت ناعم" هل ستنام؟"
رد بعبوس من تحت الوسادة "أجل عندي صداع قلت ... صداع"
دلكت كرشه الواسع الطري وهي تهمس بإغواء " ولكني كنت أخطط لأن نحتفل الليلة بأن أصبحنا أبا وأما "


بدأت الحمم السائلة تتحرك في دمائه من لمساتها التي تعرف أين بالضبط نقاط ضعفه .. لكنه تكلم بعناد متصنعا اللامبالاة "احتفلي وحدك"


أكملت بنفس الوتيرة " وجهزت نفسي لأقدم حفلا غنائيا استعراضيا بالملابس الفاضحة .. لشخص واحد مميز في قلبي "
رفع رأسه ببطء يدير وجهه نحوها وقد بدا عليه الاهتمام مغمغما "حفل بالملابس الفاضحة ؟!"
اتسعت ابتسامتها وهي تراقب عينيه اللتان لمعتا بالشقاوة وغمغمت بإغواء ويدها تتحرك من كرشه نحو صدره " "أصفر .. رداء أصفر من قطعتين .. مزين بالكثير من الحلي اللامع والخيوط الرفيعة "


بدأت أنفاسه تتسارع وبلع ريقه يسألها" الأصفر الذي أحبه؟"
اقتربت تهمس أمام شفتيه وقد أدخلت كفها تحت ملابسه" الأصفر الكناري الذي تعشقه .. رأيت الموديل في مجلة فرنسية .. وأوصيت إحدى صديقاتي أن تشتريه لي وهي عائدة من باريس .. فقط من أجل شخص مميز جدا يتهمني الآن بأنني سأنساه و اهمله "


دب النشاط فيه فجأة وتحرك يطرحها على السرير ويخيم فوقها مطبقا على شفتيها .. فاستجابت لقبلته بعشق عتّقته السنين والعشرة .. ثم سألته من بين لهاثها بعد أن أطلق سراح شفتيها " ألن أرتدي الأصفر الكناري؟"
غمغم وهو يفتح أزرار بلوزتها بعجلة "ننتهي من الفقرة الافتتاحية من الحفل أولا .. والليل أمامنا طويل يا أم براء .. أليس كذلك ؟!"


ومال يطبع قُُبل ساخنة على عنقها بينما اغرورقت عيناها بالدموع تأثرا بلقبها الجديد .. فضمته إليها بقوة هامسة " أجل يا أبا براء .. يا روح أم براء "
××××


قالت فريدة وهي مستلقية على سريرها وشعرها الأسود نائم بجوارها على الوسادة تتطلع في الخاتم الألماسي اللامع في يدها " لم أتوقع أبدا أن أتلقى عرض زواج بهذا الشكل المبهر .. والأكثر ابهارا هو أن تكون أنت صاحب العرض .. أنت يا يونس.. أنت "


قال يونس وهو يحدق في سقف الغرفة في الضوء الخافت "رغم أنها كانت اللحظات الأكثر حرجا في حياتي .. لكني أصريت أن أقوم بها لأكثر من سبب .. أولهم وأهمهم لأنك تستحقين هذا .. ولأكفر عن ذنبي في إيلامك بغبائي حتى اعتقدتِ بأني قد لا أنظر إليك كأنثى أبدا ..(وأكمل بصوت هامس ) ولأسرع في إتمام هذه الزيجة حتى لا أفقد عقلي وأرتكب لكم فضيحة في هذا البيت "


اشتعل وجهها .. وغلبتها مشاعرها فغمغمت بخفوت " اليوم أنت كنت الرجل الأكثر وسامة الذي رأيته في حياتي .. تعابير وجهك أتذكرها بالتفصيل .. وقفتك .. ملامحك المحرجة .. نظرة عينيك التي تقتلني يا يونس تقتلني حرفيا "
زفر من صدره نفسا ساخنا .. استشعرت حرارته عبر الأثير فحاولت تغيير الموضوع لتقول بانبهار " والأغنية يا يونس رائعة .. صفحتي على الفيسبوك لم تهدأ حتى الآن .. والكل يشير إليّ بالأغنية طول الوقت "
كشر عن أنيابه يسألها بلهجة خطرة" رجال أم نساء ؟"


لفت خصلة من شعرها على سبابتها تجيب بدلال " وهل أنت تترك مجالا لأي شاب للحديث معي! .. يكفي أن اسمي لا يزال عبد الجبار سعد الدين حتى الآن "
عادت لهجته للمغازلة ليقول " إذن غيريه ليكون (عسلية يونس ) أو ( حرم يونس سعد الدين ) "
صمتت بخجل إلا من أنفاسها العالية عبر الأثير لا تعرف بم ترد .. وما تشعر به لم يعد يوصف بالكلام ليضيف يونس وهو يعتدل على جانبه بعد أن سحب نفسا من سيجارته " هل تعرفين بأن تلك الكوابيس التي تزورني لم تأتيني منذ ذلك اليوم الذي اعترفنا به بمشاعرنا .. غالبا لأني مشغول بالتفكير فيك .. ولأنك بتِ تحتلين أحلامي طوال الليل "


تعرق جبينها مع اشتداد الحرارة في جسدها ليكمل يونس بشقاوة " هل تريدين معرفة تفاصيل أحلامي معك "
تكهربت أعصابها وغطت عينيها بكفها تطقطق بلسانها رافضة .. ليسألها بلهجة بطيئة متسلية" لماذا يا كحيلة العينين؟"
تعرف طريقته الماكرة وتحفظها جيدا .. فأجابت" هكذا فقط بدون سبب"
خجلها يشعل أعصابه.. فغمغم مستمرا في شقاوته "امممم .. هل تعرفين بأنه لو لم يكن عرض الزواج ببث مباشر كنت اخترت أغنية أخرى أفضل من هذه "
ردت بسرعة " لا أتخيل أغنية أروع من هذه "


رد بهدوء وإصرار "بل هناك"
سألته بدلع " أخبرني ماذا تقول كلمات الأغنية "
سحب نفسا عميقا وعاد يستلقي على ظهره قائلا " ماذا تقول كلمات الأغنية ؟... اممممم .. هي اغنية باللهجة الخليجية لماجد المهندس تقول :


اليوم من الصبح
قاعد وافكر بيك
انا ابتليت بعشق
وادعي الله ان يبليك
ومثلي تصحى الصبح
ما تعرف انت شبيك
متورط بهالعشق
من راسك لرجليك
اعترف كله كذب لو قلت انا ناسيك



صدرت منها ضحكة خافتة خجولة كتمتها فاتسعت ابتسامته وأكمل كلمات الأغنية في أذنها بصوت أكثر همسا وحرارة:
شانسى شفايف عنب
وطولك نبع ريحان
مملوح.. كلك مِلِح
وعيون كالغزلان



شع الصهد من كل ذرة من جسدها فهمست بحرج "يونس كفى شقاوة واذهب للنوم حتى لا تتأخر على عملك صباحا يكفي أن فارس غاضبا منك"
قال بنفس الهمس "ليس قبل أن أخبرك بالجزء الأهم والأروع في الأغنية .. والذي اريد أن أجعله لولا الملامة نغمة خاصة برقمك على هاتفي"
جعدت جبينها صامتة مترقبة بفضول ليكمل يونس بلهجة ساخنة :

والشعر فوق المََتِن
نازل على الرمان
زرر قميصك عِدل
لينفجر بركان
تَعبان واحنا سوى
ولو نفترق تَعبان



شهقت فريدة بحرج وارتبكت لم تعرف ماذا تفعل فأغلقت الخط بسرعة ليقول يونس بصوت أعلى عاقدا حاجبيه " ألو .. فريدة .. فريدة !"


ثم ابعد الهاتف عن أذنه ليحدق فيه لثانية ثم انفجر ضاحكا بقهقهة ذكورية منتشية .. وكتب لها على الواتساب " هانت يا عسل .. وسيغرف يونس العظيم من العسل حتى الثمالة قريبا بإذن الله .. "


أرسلت له وجها مغطى بكفين حرجا
فكتب لها " تصبحين على حبي يا كحيلة العينين "
اعتدلت فريدة جالسة على السرير وفكرت بسرعة كيف ترد عليه وبأي طريقة .. فأرست له شكل قُُبلة
لتتسع ابتسامته ويكتب لها " عيب يا بنت نحن عائلة محافظة وغير مسموح بإرسال القبلات على الواتساب"


ثم كتب لها رسالة ثانية " لهذا أريدها حقيقية على شفتاي ( وجه يغمز ) "
ارسلت له اشكالا لوجوه كثيرة مغطاه بالأيدي محرجة
فعاد يونس للقهقهة متسليا وسعيدا بما انجزه اليوم وبخطته التي نجحت نجاحا كبيرا .. لكنه لا يعرف لماذا لا يزال يسيطر عليه شعور يتسلل بخبث في داخله بالخوف من أن يؤذيها يوما ! .
××××


يتبع





Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-11-19, 01:01 PM   #328

Solly m

? العضوٌ??? » 434739
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 460
?  نُقآطِيْ » Solly m is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور يا شيمو ❤❤❤

Solly m غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-11-19, 01:01 PM   #329

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

بعد عدة أيام
انفجر الحاضرون في الضحك وهم يستمعون لإحدى حكايات ريتا عن أحد سفراتها إلى دولة أجنبية التي كانت تزورها لأول مرة ..
فتطلع فيها عاصم بإعجاب واندهاش كيف جمعت الحاضرون حولها منذ أول لقاء اصطحبها فيه لشلته أو أصدقائه القدامى - الذين لم يعد غالبيتهم مقربين - بعدما تنصل العديد منهم بأعذار مختلفة حين مر بأزمته الأخيرة .. لكن الحياة علمته ألا يكون متطرفا في مشاعره ورد فعله .. هو فقط أعاد ترتيب المسافة بينه وبينهم .. أعاد ترتيب معزتهم في قلبه.. فعلا من علا وسقط من سقط ..
وها هو يحرص على الانضمام إليهم في الموعد الأسبوعي الذي لم يخالفوه منذ أعوام طويلة .. في ذلك النادي الاجتماعي الشهير أو في بيت أحدهم كما يحدث الليلة.
تطلع في الوجوه من حوله متأملا .. فتعاقبت الذكريات في رأسه عن حياة كل شخصية منهم على حدة رجالا ونساء .. كيف كان وكيف سارت حياته .. وكيف فاجأته الأقدار أو كانت رحيمة به.. بل منهم من يعرفه منذ أيام الطفولة .. فمن الصفات الحسنة في المجتمع المخملي أن الرفاهية تمنحهم الفرصة لأن يحافظوا صلاتهم ولقاءاتهم دون أن تضيعهم الحياة في متاهاتها ..
عاد يتأمل ريتا من جديد وهي لا تزال تحكي حكايتها مع أحد أفراد الأمن بأحد المطارات .. يعجبه بساطتها وشخصيتها الخبيرة بالتعامل مع غالبية الأنماط والشخصيات .. ويعجبه اعترافها الدائم بأصلها البسيط رغم تلك الهالة من الغموض التي تتسربل بها حول حياتها ونشأتها ..
لكنه بعينه الخبيرة يتوقع أن أصلها شعبي .. فبرغم ما ترسمه لنفسها من أرستقراطية ,, وبرغم أناقتها وملابسها الفخمة واحتفاظها بجمالها وأنوثتها الطاغية ..
إلا أنه يراها منكّّهة بخليط بين الأصل الشعبي والأناقة الأرستقراطية .. مما يجعله أحيانا يشبهها بفارس سعد الدين.


قالت ريتا ضاحكة " المهم أن الرجل ظل يحدق فيّ مبهوتا وأنا كنت لا اتقن أي لغة.. فقط العربية وبضع كلمات انجليزية ركيكة فظللت أشير له إشارات جعلته يزداد في اساءة فهمي "
قالت سهير هانم صاحبة الفيلا التي يتجمعون فيها وهي تعتدل فوق الأريكة بجوار زوجها بعد أن سيطرت على موجة ضحك انتابتها من حكايات ريتا ومغامراتها " حديثك لا يمل منه يا ريتا .. نتمنى دوما أن تشاركينا لقاءنا الأسبوعي "
ابتسمت ريتا بمجاملة وحركت نظراتها لعاصم الذي قابلها بابتسامة دافئة بينما تحركت الخادمة الفلبينية تفتح الباب لتدخل عليهم شويكار بكامل أناقتها تحيي الجميع .


عقد عاصم حاجبيه متفاجئا بينما استقامت سهير مرحبة بضيفتها تهتف" لا أصدق !.. شويكار الشبكشي شخصيا عندنا .. ما هذه المفاجأة الحلوة يا شوشو "
قبلتها شويكار على وجنتيها ثم أجابت وهي تختلس النظرات نحو عاصم وريتا التي تجلس بجانبه " ألم يخبركم عاصم أني آتية اليوم "
نظرت سهير لعاصم باندهاش فتطلع الأخير في شويكار بنظرات جليدية لتعود سهير وتقول " تفضلي يا حبيبتي اشتقنا إليك"
قالت شويكار وهي تستقر على أحد المقاعد الوثيرة تضع ساقا فوق الأخرى " لم أعد أراك في الجمعية يا سهير لا أنت ولا زوجك نبيل بيك"
ابتسم نبيل بينما أجابت سهير " الحقيقة منذ أزمة نبيل الصحية الأخيرة لم نعد نخرج كثيرا إلا للنادي .. حتى اللقاء الأسبوعي يصر نبيل على حضوره أما أنا فأحيانا كثيرة لا أحضر "
ردت شويكار بلهجة ساخرة "تشعرينني بأنك أصبحت عجوزا يا سهير"


ردت سهير ببساطة معترفة " بالطبع أصبحت عجوز كلنا أصبحنا عجائز علينا أن نعترف بذلك.. هل سنأخذ زماننا وزمن غيرنا !"
قهقه الجميع بينما قالت شويكار بكبرياء ولهجة ذات مغزى وهي تختلس النظرات نحو ريتا "تكلمي عن نفسك فأنا مازلت في عز شبابي .. أليس كذلك يا عاصم؟"


وضعت ريتا ساقا فوق الأخرى تستعرض أناقتها في ذلك الثوب الأسود القصير حتى ركبتيها والجورب الأسود الشفاف الذي يغطي ساقيها بينما رد عاصم بجمود محاولا بذل جهده بأن يتمسك بأقصى درجات ضبط النفس أمام ضغط واستفزاز شويكار " طبعا .. بالتأكيد"
حدجت شويكار ريتا بنظرة أخرى قبل أن تستدير متصنعة اللباقة تقول لأحد الجالسين " حج مبرور رقية هانم حج مبرور مصطفى بك"


غمغم الاثنان شاكران فقالت شويكار "اشتقت لجلستكم فعلا.. لكن تعلمون العمل في الجمعية يستحوذ على غالبية وقتي ومنكم من يشترك معنا بتبرعاته ويعلم جيدا حجم المجهود الذي نقوم به وعدد الأسر التي نكفلها وغيرها من المشروعات التي نقيمها "
بعد قليل قال كمال" أكملي يا ريتا ماذا حدث بعد ذلك وكيف خرجت من هذا الموقف المحرج؟"
ابتسمت ريتا وقالت تكمل حديثها " تذكرت بأني كنت أعرف شخصا يعمل في نفس البلد وحاولت أن ..."


قطعت شويكار حديثها لتقول بصوت عال" أنا لم أكمل كلامي كمال بك"
احمر وجه الرجل من الحرج وغمغم باعتذار على وجهه علامات الضيق لتكمل شويكار بصوت أعلى وكأنها تلقي بإحدى خطبها " لم أخبركم بعد ببرنامجي الانتخابي إذا ما نجحت في انتخابات الجمعية إن شاء الله .. فالحقيقة أنا قدمت دراسة لمشروع كبير للقضاء على العشوائيات و... "


شعر عاصم بالحرج كالعادة من تصرفاتها .. وأخذ يتفتت من الغضب .. لقد باتت شويكار مزعجة فظة أكثر من ذي قبل .. ربما هي كذلك منذ أن تزوجها لكنها كانت تنجح في التجمل .. أما مؤخرا فيبدو أن تقدمها في العمر وتلك الضغوط التي واجهتها العائلة الفترة الماضية قد أفقداها ذلك التجمل الذي كانت تظهر به أمام الجميع .. فدوما تتعرى النفوس ويظهر جميلها وقبيحها تحت الضغوط .


استقام واقفا فتابعته ريتا بأنظارها المتعاطفة راغبة في أن تمسك شويكار هذه من شعرها وتلقنها درسا لن تنساه لتكف عن فظاظتها .. بينما تحكمت شويكار في ملامحها واستمرت في شرح برنامجها على الرغم من أنها أرادت بمجيئها أن تثبت للجميع كذب الاشاعات حول انفصالهما .. لكنها انجرفت كالعادة للحديث عن نفسها وبات التراجع أمرا محرجا فحاولت الاختصار منهية خطبتها بعد وقت قصير.. وتحركت خلف عاصم لتنضم إليه في الشرفة وهو يتحدث مع صديقين له فتأبطت ذراعه ترسم ابتسامة رقيقة على وجهها .. بينما انقبضت عضلات الأخير شاعرا بالنفور .


بعد قليل قرر عاصم الرحيل فسأل ريتا إن كانت ستغادر لتخبره بأنها سترحل هي الأخرى .. لتتحرك شويكار بالتبعية وبغيظ خلفهما خاصة حين لم يسألها عاصم إن كانت ستغادر أم لا ..
خرج عاصم من بوابة الفيلا والسيدتان تتبعانه .. إحداهما تتفتت من الغيظ .. والأخرى هادئة مستمتعة بغيظ الأخرى ..
فجأة التوى كعب حذاء ريتا العالي الرفيع فأمسكت بذراع عاصم الذي أسرع بإسنادها قائلا " هل أنت بخير ريتا ؟"


ردت بميوعة ممزوجة بالألم " قدمي يا عاصم "
اسندها عاصم بينما غمغمت شويكار بقرف " الكعب العالي خلق للراقيات فقط ( لتصرخ باستنكار وهي تراه يفتح لريتا باب المقعد الأمامي في سيارته ) ماذا تفعل يا عاصم ؟!"
استدار إليها قائلا ببرود "سأوصل ريتا فلم تحضر بسيارتها اليوم ألم تأتي أنت بسيارتك؟ عودي بها إذن "


امتقع وجه شويكار وهتفت بغيظ "علينا أن نتحدث يا عاصم ونوقف هذه المهزلة"
هدر عاصم بعد أن نظر حوله ليتأكد من خلو الشارع "شويكار .. لن أسمح لك بالتجاوز في الحديث ونحن في الشارع .. تفضلي اسبقينا بسيارتك وأنا سأوصل ريتا وسألحق بك وسنتحدث كما تريدين"


همت شويكار أن تخبره بأنها ستترك سيارتها وتركب معهما .. لكن ريتا قالت بمسكنة وهي ترتخي أكثر ففرد عاصم ذراعه حول كتفيها يدعم جسدها " أعتقد أني سأحتاج لزيارة الطبيب يا عاصم .. اشعر بأنني قد أذيت كاحلي .. (واختلست النظر نحو شويكار وغمغمت) أعوذ بالله .. عين الحاسد فلقت الحجر"
اسندها عاصم حتى جلست في السيارة أمام عيني شويكار اللتان تقذفان بالشرر .. ليتحرك نحو الأخيرة ويسحبها من مرفقها متوجها بها نحو سيارتها القريبة قائلا من بين أسنانه بتحذير " أي فضائح قد تفكري في إثارتها سأجعلك تندمين يا شويكار أشد الندم .. اسبقيني إلى البيت وسألحق بك ونتحدث كما تريدين"


لولا الحزم الذي لمحته في عينيه .. وخوفها من أن ينفذ تهديده بتطليقها وهي في فترة حساسة جدا في الانتخابات التي اقتربت جدا فستكون الضربة القاضية لها .. فيكفي أن ثريا تقف أمامها هذه المرة بقوة .. ولأول مرة يتملكها الشك في فوزها .. لولا كل ذلك لما ركبت سيارتها تقبض كفيها بقوة على عجلة القيادة بغيظ .. فأغلق عاصم الباب ببعض العصبية ليعود إلى سيارته ويشير لشويكار في المرآة الجانبية أن تتحرك أولا فضغطت على البنزين بغل لتتحرك أمامهما تسحق عجلات السيارة مبتعدة بسرعة .


قال عاصم وهو يتحرك بسيارته " هل تريدين أن نذهب لمستشفى معين ؟"
اطلقت ريتا ضحكة مائعة قبل أن تقول " هل صدقت ؟ .. أنا فقط أردت أن أساعدك من التخلص منها "
رفع عاصم حاجبيه متفاجئا ثم قهقه ضاحكا فقالت ريتا ببعض مشاعر الذنب " أعتقد بأنني قد زودت العيار قليلا لكني شعرت بأنك تريدني أن أفعل ذلك "
تكلم عاصم وهو يركز على الطريق " بل أحسنت صنعا .. يعجبني فيك أنك لماحة ( وانزل نظراته لقدمها التي تمد إليها يدها تدلكها وسألها) هل انت متأكدة من أنك بخير؟"
أجابت ريتا بعد أن رفعت يدها عن قدمها" التواء بسيط لا يستحق القلق .. لقد مررنا بأوجاع أصعب من ذلك بكثير فلن أذهب للمستشفى من أجل التواء في الكاحل "


تثير فضوله هذه المرأة .. تجمع خليطا من أضداد .. شكل أنثوي ناعم .. شخصية مرحة وجريئة.. ومع هذا يستشعر خلف عيونها حزنا ووحدة غريبين .. وأكثر ما يثير فضوله أنها ليست متزوجة منذ مدة كبيرة وتعيش وحدها تماما .


راقبها وهي تخرج علبة سجاير معدنية وتلتقط منها واحدة رفيعة تشعلها فغمغم " هذه أول مرة أراك تدخنين"
ردت وهي تنفث الدخان خارج النافذة المفتوحة وتشدد من احكام معطفها القصير المصنوع من فراء المنك " أدخن من وقت لآخر"
مد عاصم يده أمامه يخرج سيجارا ضخما من النوع الفاخر الذي يدخنه فقالت ريتا باستنكار وهي تشاهده يشعله "عاصم ماذا تفعل بالله عليك !.. ألم تخضع لعملية جراحية خطيرة منذ عدة شهور"


قهقه عاصم وقال "هل تقومين بدور كارمن في غيابها .. (وصمت قليلا بشرود ثم تغيرت لهجته ليقول بهدوء ) لم أعد أخاف من شيء بعد أن اطمأننت على كارمن (وغامت عيناه تأثرا وهو يضيف) صدقيني أنا الآن شاعر بالرضا والامتنان لأنها تحيا سعيدة تتفتح كوردة وتزهر وتثمر في بيئة نقية .. الحمد والشكر لله "


اشاحت ريتا بوجهها تحدق في الظلام ..تنفث الدخان فيكّّون سحابات قاتمة من الحزن الذي يسكن صدرها .. بينما استمر عاصم في حديثه " كارمن هي كل حياتي بالمعنى الحرفي .. والتي من أجلها تحملت ارتباطي بشويكار كل هذه السنين"
شردت ريتا في فارس وتباعده وانشغاله .. خاصة بعدما أخبرها بأن تتوقف عن البحث عن الشماع .. لأنه يحتاج لهدنة يرتب فيها أفكاره ..


ومن غيرها السبب ..
من غير كارمن السبب في رغبته في التشبث بالحياة ..
تشعر بارتباطه بها .. بالسعادة في عينيه .. وترى اشراقة وجهه..
وسعيدة لذلك .. سعيدة جدا ..
لكنها غير قادرة على التخلص من شعورها بالغيرة عليه..
غمغمت في سرها " فلتنعم بالسعادة التي تستحقها يا فارس حتى لو في حضن غيري "
قاطع عاصم أفكارها قائلا "فيم شردتِ؟"


قالت مستدركة وهي تعتدل في مقعدها " لا شيء أنا معك ..(وغمغمت قائلة بأول ما تبادر إلى ذهنها ) إذن انت جاد في الانفصال ؟
أومأ برأسه لتقول مازحة "وسنراك عريسا في القريب العاجل أن شاء الله"


قهقه عاصم حتى انتابه السعال ثم قال بلهجة شقية بعد أن هدأت أنفاسه " لو كنت أصغر عمرا لكنت تقدمت للزواج منك "
انفجرت ضحكة مائعة مجلجلة من ريتا وردت بتسلي "ولو كنت أنا أصغر عمرا لقبلت"
ليتملكهما نوبة ضحك لا إرادية ملأت أجواء السيارة من حولهما .
المودة التي تولدت بينهما والثقة التي ربطتهما ببساطة وخلال فترة قصيرة كانت كنبراس دافئ كانا في حاجة إليه .


مسحت ريتا دمعة من طارف عينها بعد أن هدأت موجة الضحك ليفاجئها عاصم بسؤاله " عندي فضول لأعرف قصتك يا ريتا .. وأتوقع أني سأسمع قصة غير تقليدية"
حركت مقلتيها تتطلع فيه قليلا ليقول مستدركا "هذا إن لم يكن لديك مانع .. فأنا أعلم بأنك تكونين متحفظة جدا مع من يسألك عن ماضيك فلا تخبريه إلا عن معلومات مبهمة .. بأنك من أصل بسيط وكونت نفسك بنفسك"


سحبت ريتا نفسا عميقا وقالت ببعض المرح " حسنا من أجل غلاوتك يا عاصم بك سأحكي لك .. رغم أن أقرب المقربين لا يعرفون عن قصة حياتي شيئا .. حتى فارس لم يسألني يوما ولم أخبره ..( وشردت قليلا تتطلع أمامها ثم بدأت في الكلام ) أنا ريتا زيان ..ولدت في أحد الأحياء الشعبية بمدينة خارج العاصمة .. كنت يتيمة الأب والأم .. وعشت طفولتي في بيت جدي والد أمي وبعد أن مات عشت مع خالي مع زوجته وأولاده .. تعرف ما هو شعور اليتيم حين يكون عالة على الأخرين ..



كنت جميلة هذا كل ما كنت أملكه .. ولأني جميلة لفت نظر الكثيرين بمجرد أن ظهرت علامات أنوثتي .. لكن كل ما كنت أريده هو أن أتعلم .. ليس حبا في التعليم .. ولكن لأني وجدته السبيل الوحيد لأن أكون قوية .. ولأعيش حياة مستقلة .. لكن الظروف لم تكن في صالحي .. فكنت اتذلل لخالي كي أكمل تعليمي ..وأرضى بالذل وكسرة النفس في بيته ومن زوجته وأولاده حتى حصلت على الثانوية العامة .. صحيح لم أحصل إلا على مجموع متوسط .. لكنه كان يؤهلني لدخول عدد لا بأس به من الكليات .. ليرفض خالي أن أكمل تعليمي .. حاولت أن اقنعه بأن أعمل لأسدد مصاريف دراستي .. لكنه لم يجد داعيا لأن أكمل دراستي .. خاصة بعد أن حرضته زوجته على الرفض لأنها كانت تعتمد عليّ في أعباء المنزل وتربية الأولاد الذين كانوا يصغرونني في العمر كثيرا .. حتى أنها كانت تحرضه على رفض العرسان التي تطلب الزواج مني لنفس السبب .. وبالطبع لم أكن متهورة حتى أفكر في أن أهرب وأنا فتاة ويتيمة وليس لي أحد لألجأ إليه.."


صمتت ريتا قليلا تسحب بضع أنفاس من سيجارتها ثم أكملت" حتى أتاني يوما عريسا لم يستطع خالي رفضه .. كنت في الثانية والعشرين من عمري وكان غنيا جدا .. ويكبرني بستة عشر سنة .. رآني في ورشة خالي الذي كان يملك ورشة خراطة .. خالي وافق وأنا لم يكن لدي أي اعتراض فعلى الأقل سأرحم من الخدمة في بيت خالي وفي الوقت نفسه سأعيش حياة ميسورة الحال في بيت خاص بي وأربي أطفالي أنا وليس أطفال غيري.. المهم تزوجته وذهبت معه للعاصمة بعد أن أغدق على خالي بالكثير من الأموال .. لكني اكتشفت بعد الزواج أني لا أحبه .. بل لا أطيقه .. واكتشفت أمورا كثيرة عنه لم أكن أعرفها ولم يدقق خالي ليعرفها أو عرفها لكنه لم يكن يهتم فالرجل كان كريما معه جدا .."


تطلعت في دخان سيجارتها الرفيع وقد استعادت كل الذكريات الأليمة والأوجاع لتتكتل كصخرة ثقيلة تجثم على صدرها .. فتطلع فيها عاصم يمرر نظراته بينها وبين الطريق ثم قال مشفقا" آسف يا ريتا لو كان سؤالي اجتر عليك الذكريات"
ظلت تحدق في الطريق أمامها بدون رد فأضاف متعاطفا "إذا أردت التوقف..."
قاطعته قائلة وكأنها لم تسمعه " عشت أسوأ سنوات حياتي معه ..أسوأ من اليتم .. أسوأ من الخدمة في بيت خالي .. أسوأ من ذل زوجته لي وتمنن خالي عليّ .. لم يكن بيننا أي تفاهم كان يريد امرأة تخدمه فقط .. لا أن تتشارك معه حياته .. فكنا كثيري الشجار .. كما أنني اكتشفت بعد مدة أن مصدر أمواله لم يكن حلالا .. كان يفعل كل ما تتخيله لكسب المال .. وكلها صفقات مشبوهة"
سألها عاصم مقاطعا "ولماذا لم تنفصلي عنه وقتها؟"


ابتسمت ريتا بمرارة وردت " ريتا التي تعرفها الآن ليست نفس ريتا القديمة .. أين كنت سأذهب وأنا بدون عائلة بدون شهادة .. كنت ضعيفة في مواجهة الناس وحدي كما أنني كنت لا أنجب .. أو هكذا اعتقدت ( وصمتت قليلا عالقة في خيوط الذكريات العنكبوتية لتكمل بعد ثوان ) عشت معه ثماني سنوات أحاول الانجاب ولم أفلح .. معظم الطبيبات قلن بأنني سليمة .. إلا واحدة أعطتني دواء لم أكن بحاجة إليه فسبب لي بعض المشاكل الصحية فيما يخص الانجاب خضعت فترة طويلة أعالجها .. وهكذا تحملت الحياة معه كما يقولون في المثل الشعبي (ظل رجل أفضل من ظل حائط ) أخاف من الانفصال لأني لم أعرف أين سأذهب ولأني لا أنجب فمن سيرضى بامرأة مطلقة لا تنجب ! .. حتى جمالي لم اعرف كيف استخدمه لصالحي .. حتى جاءت اللحظة التي قلبت حياتي رأسا على عقب .. لحظة أن حملت بطفل في احشائي "


رفع عاصم حاجبيه باهتمام .. لكنه لم يقاطعها لتكمل ريتا " بمجرد أن حملت .. انفتحت عليّ أبواب الجحيم .. فقد ثار زوجي يتهمني بالزنى.. بعد أن أعترف بأنه لا ينجب .. وأنه قد خبأ عني هذه الحقيقة طوال هذه السنين شاعرا بالعار من الإفصاح عنها .. "
قاطعها عاصم قائلا" لحظة ريتا .. كيف كنت تعرضين نفسك على أطباء ولم يطلبوا منه تحاليل للزوج؟!!!"
اطلقت ضحكة ساخرة ثم ردت بمرارة "كان يعذبني حتى يقوم بالتحليل وكل مرة تكون النتائج جيدة"
رفع عاصم حاجبا لتوضح له ريتا بابتسامة مرة" كان يزوره في كل مرة"
اتسعت عيناه لتكمل ريتا "كان ماكرا كالثعلب لا تتوقعه أبدا .. كم أكرهه ( وسحبت نفسا عميقا وأكملت ) كان يستغل سذاجتي ويذلني بعدم الانجاب ويسمم عيشي ... المهم حين حملت هاج وماج وضربني حتى كاد أن يتسبب في اسقاط حملي فهربت عند خالي فهو الوحيد الذي اعرفه .. فلحق بي زوجي ورفض الاعتراف بالطفل .. وفضحني في الحي الذي يسكن فيه خالي وأصبحت سيرتي على كل لسان .. تخيل أنت امرأة يعلن زوجها بأن ما في بطنها ليس بابنه .. المهم طلقني وتركني عند خالي الذي لم يعرف ماذا يفعل بي وأنا أقسم له بأنني شريفة وبأن الطفل من زوجي أو الذي كان .. المهم لولا الفضيحة التي حدثت في الحي .. ولولا أني قد هربت ببعض المشغولات الذهبية التي كنت أرتديها .. لما قرر خالي أن يرفع قضية نسب ليثبت أنه ابنه بعد أن وعدته بأنني سأعمل وسأتكفل بكل مصاريف المحاماة .. وتعرف هذه القضايا تأخذ وقتا في المحاكم .. كان ابني ولد وأصبح عمره عامين ونصف حين حكمت المحكمة بنسب الولد له بعد أن فشل طليقي في اثبات جريمة الزنا عليّ"


نظرت ريتا في وجه عاصم المتجهم المتألم فابتسمت بدفء وغمغمت بتهكم "أنت تطلع الآن على صندوق ريتا الأسود الذي دفنته منذ زمن عاصم بك "
لكن عاصم لم يبتسم .. كان شديد الفضول حتى يعرف بقية القصة وسؤال مهم خشي بأن يسأله شاعرا بأن الإجابة ستكون ليست مرضية وهو( أين هو ابنها الآن ) فقال بدبلوماسية " أنتظر بقية القصة "


تنهدت ريتا ونظرت للطريق أمامها ثم قالت" ما حدث لي جعلني أتمرد على كل شيء .. وتحولت من ريتا الفتاة الهادئة التي قررت أن تعيش تحت أي ظرف لامرأة أخرى تنفض عنها كل الخوف .. كل القيود .. أصبحت جريئة .. أطالب بحقوقي .. نمت لي مخالب اشهرها في وجه من يرغب في استغلالي .. أصريت أمام خالي على أن استقل في شقة صغيرة في نفس الحي وبدأت في العمل في مجال الملابس .. بعت الأساور الذهبية.. وبدأت مشروع صغير لأربي ابني .. ورفضت كل عروض الزواج التي أتتني .. لم أكن أرغب في تكراره أو أبلي ابني بزوج أم .. حتى جاء يوم أخر .. ماتت فيه ريتا القديمة تماما وظهرت فيه واحدة أخرى .."


لاحظ عاصم بأن السيجارة التي أوشكت على الانتهاء في يدها بدأت ترتعش فخمن أن مكروها حدث لابنها لكنه لم يجرؤ على السؤال بل التزم الصمت احتراما للمعاناة التي تظهر على وجهها جليا .. لتعود ريتا للحديث بصوت مبحوح " مات طفلي .. مات "
سرت رعدة مؤلمة في قلب عاصم وسألها بحشرجة "كيف .. ماذا حدث؟؟؟"


سحبت نفسا عميقا بصعوبة واضحة .. ونظرت إليه بعينين دامعتين تقول " كان صغيري يبلغ الثالثة من عمره .. وكنت أصحبه معي لمحل الملابس الذي كنت أستأجره وأعرض فيه بضاعتي في نفس الحي الذي كنت أعيش فيه أنا وخالي .. حين ظهر أمامي فجأة "


سألها عاصم بانفعال وهو يمرر نظراته بينها وبين الطريق أمامه "من ؟.. طليقك؟.. أبو الولد ؟؟؟"
أومأت ريتا برأسها وبدأت تشهق بالبكاء موضحة " أجل ظهر فجأة يريد الولد ويعترف به"
اتسعت عينا عاصم وسألها " نعم !!.. كيف !!"
حركت رأسها بضعف وخيل إليه في ضوء السيارة الخافت أنها عادت للحظة ريتا الضعيفة الشعبية القديمة تجيب بخفوت " لا أعرف "


ليقول عاصم بسرعة "بالتأكيد تأكد من أنه والد الطفل .. لا يوجد تفسير سوى ذلك"
ردت ريتا " لا أعلم و لم أجد تفسيرا لهذا التغير حتى الآن ولم تتاح لي الفرصة لأن أسأله"
سألها عاصم" منذ كم سنة حدث هذا "


ردت ريتا " حوالي عشرون سنة"
أوما عاصم رأسه عدت مرات قائلا "بالتأكيد قام بتحليل dna .. اعتقد أن هذه التحاليل ظهرت من ما يقرب من خمس وعشرون عاما .. (ثم غمغم وكأنه يحدث نفسه ) ولابد أن يكون قد أرسل عينة الفحص للخارج .. فلا أتوقع أن تكون هذه التحاليل موجودة في البلد حينها على ما أذكر .. هذا هو التفسير المنطقي يا ريتا لرجل يتحول للنقيض بهذا الشكل المفاجئ .. لكن السؤال هو .. كيف استطاع الحصول على عينه من الولد ليطابقها؟"


غمغمت ريتا " لم أعرف .. ولم أفكر في موضوع الـ dna هذا .. المهم جاء ليطالب بالولد ويطلب مني أن أعود إليه .. فطبعا رفضت .. فليس بعد أن فضحني وأساء لسمعتي وجرسني بين الناس يأتي ببساطة ليطلب مني العودة .. وبالطبع لم أكن أنا المهمة كان ابني الذي حاول حين رفضت أن يأخذه مني بالقوة هو المهم .. فصارت مشادة بيني وبينه في الشارع تجمع من أجلها أهل الحي .. منهم من يحاول الصلح ومنهم من يحاول إبعاده ويمنعه بألا يقترب مني أو من ابني .. ( وخرج صوتها باكيا متألما ) لا أستطيع أن أصف لك كيف كان شعوري وهو يحاول مع بعض البلطجية الذين أحضرهم ليأخذوه مني بالقوة "
هدر عاصم منفعلا " ما هذا السخف !! .. أين كانت الشرطة؟ أين القانون؟ أين خالك ؟ ..ألم تقولي بأنه يسكن في نفس الحي؟"


ردت ريتا بضعف وهي تمسح دموعها "كان حاضرا .. وكان يحاول أن يصلح بيننا ويقنعني بأن أهدأ وبأن مجيئه وشهادته أمام أهل الحي كفيلة بأن ترد لي سمعتي .. لكني لم أستطع قبول الفكرة .. كنت متفاجئة مصدومة.. مصدومة تماما .. كيف بعد ثلاث أعوام يظهر فجأة معترفا به .. ووقتها لم أكن أعلم بتحليل الـ dna .. فلم يكن شائعا مثل الآن .. وحتى لو فكرت فيه .. كيف سيحصل على عينه من ابنه ليطابقها"
رد عاصم مؤكدا "الإجابة واضحة يا ريتا من خالك والدليل أنه كان يقنعك للعودة له"


قالت ريتا وهي تسحب بعض المناديل الورقية من أمامها وتحاول السيطرة على تدفق الدموع بغزارة والذي بدأ يفسد زينة وجهها" وقتها لم أفكر في هذا .. ولم يكن في ذهني سوى ابني الذي يريد أن يأخذه بالقوة .. ابني الذي ارتعب من كل ما يحدث وأنا متمسكة به متشبثة فيه أصرخ وهم يحاولون انتزاعه مني.. وبمجرد أن وضعته بجانبي وأنا اتحدث معهم وأخبرهم بأني أخشى أن يدبر مكروها لأبني .. تركني الصغير وجرى بسرعة خائف مما يحدث.. فصرخت لتأتي سيارة وتصدمه يا عاصم ..أمام عيني "


بدأت ريتا تشهق بصوت متقطع .. ليحاول عاصم البحث عن مكان لركن السيارة بينما استمرت تقول من بين شهقاتها وقد حضر كل شيء إلى ذهنها دفعة واحدة .. لوجع أم مفجوعة فقدت صغيرها " أمام عيني صدمته السيارة يا عاصم .. فلذة كبدي سقط أمام عيني غارقا في دمائه "
ركن عاصم السيارة ومال نحوها يمسك بكلتا يديها قائلا بمواساة حقيقية" ريتا أنا أسف جدا .. أنا أشعر بذنب شديد أن طلبت منك أن تحكي لي قصتك .. لم أكن أعلم بأني سأنبش في جرح قديم "


قالت ريتا من بين بكائها " لا تقلق الجرح لا يندمل أبدا ولا أنساه أبدا.. كيف أنسى صغيري"
أطرق عاصم برأسه وهو لا يزال ممسكا بكلتا يديها بتعاطف يسمع نشيجها الصامت ثم رفع رأسه ليقول لها بغل "وماذا كان رد فعل طليقك؟"
قالت ريتا وهي تمسح دموعها" لم أره بعدها .. علمت بأنه حضر الدفن والعزاء واختفى .. فقد كنت في حالة يرثى لها بعد أن نقلت الإسعاف صغيري إلى المستشفى وأجروا له عملية جراحية عاجلة .. ثم وضعوه في غرفة الإنعاش .. ليوم كامل وأنا بالخارج لا أفعل شيئا سوى الدعاء لأن يخرج ابني سالما .. حتى خرج الطبيب وأخبرني بأنه مات .. فسقطت مغشيا عليّ ورقدت في نفس المستشفى حتى المساء في حالة انهيار عصبي .. حتى مراسم دفن ابني لم أحضرها يا عاصم ( وعلى نشيجها) صغيري .. حبة قلبي لم أتمكن من وداعه حين استيقظت كان أبوه وخالي قد دفناه .. ولا أذكر شيئا بعدها لمدة طويلة .. كيف حضرت العزاء كيف كنت بعدها لا أذكر .. "


ربت عاصم على يدها فاستمرت في حكايتها " اسودت الحياة أمامي وانزويت في شقتي عدة شهور غير راغبة في فعل أي شيء ..كل ما أفعله أزور قبر صغيري عند الفجر وأعود بعد طلوع الشمس .. ولم يتذكرني أحد إلا من رحم ربي .. حتى خالي وأولاده وزوجته لم يتذكروني ونحن نسكن في نفس الحي .."
بلعت ريقها ثم قالت وعيناها تشتعلان بنار لا تزال تأكلها " ولم تهدأ النار بداخلي كلما تذكرت بأن طليقي هو السبب .. فقررت أن اقتله .. "


اتسعت عينا عاصم فأجابت ريتا مؤكدة والجنون يتراقص في مقلتيها " أجل .. قررت أن أبحث عنه وأقتله .. لم أكن راغبة في الحياة من بعد صغيري (وصرخت بانفعال ) وهو السبب يا عاصم .. هو السبب .. لو لم يأتي .. لو لم يرعبه .. لو لم يحاول أن يأخذه مني بالقوة.. هو السبب يا عاصم"
قال عاصم مهدئا وهو يربت على ظاهر يدها "انتهى عمره يا ريتا .. ابنك انتهى عمره سواء كان طليقك السبب أو لم يكن"


أكملت ريتا بنبرة أهدأ " وقتها لم أكن أفكر بهذا الشكل .. فقررت في فجر أحد الأيام أن أترك كل شيء خلفي .. محل الملابس والحي وكل من أعرف وأرحل .. تركت كل شيء وحزمت حقيبتي عائدة للعاصمة أبحث عنه.. لكني لم أجده .. فاستأجرت شقة صغيرة وبحثت عنه في كل مكان لكنه اختفى كمعلقة ملح ذابت في الماء .. بعدها بدأت اتعب من البحث واستفيق من صدمة موت طفلي وقررت ألا أكون ضعيفة مرة أخرى .. أن أكون قوية .. غنية .. وأن أعتمد على نفسي.. وبدأت من جديد .. خاصة وأن ما معي من مال أوشك على النفاذ ولم يعد لدي ما يكفي لأبدأ مشروعا جديدا بعد أن تركت كل شيء خلفي في مدينتي ولم أرغب في العودة أو أن يعرف أحد أين أنا.. أردت أن ابتعد عن الجميع .. عن كل من يذكرني بابني .. بمأساتي .. بريتا القديمة .. بحثت في محلات الملابس فهي الشيء الوحيد الذي كان لدي خبرة لا بأس بها فيه .. فتعرفت على السيدة لطيفة امرأة من اصل تركي تدير سلسلة محلات لماركة ملابسة شهيرة .. تعرفت عليها في أحد المولات الكبرى التي سألت فيها أكثر من محل إن كان في حاجة لعاملات حتى قابلتها.. كانت سيدة لطيفة كاسمها .. ترجيتها للعمل فوافقت وبدأت في العمل في المحل الموجود في المول .. وهي من علمتني الكثير عن أنواع الملابس وعن كيفية اختيارها .. ومن ساعدتني لأتخلى عن المظهر الشعبي وأرتدي ملابس أنيقة .. فبدأت أرتدي بشكل عصري واتعلم كيف أن أظهر جمالي بفضلها "


بدأت انفاس ريتا تهدأ من انفعالاتها ..فترك عاصم يديها وعاد لمقعده .. لتكمل هي قصتها " وقررت أن أحقق حلمي أخيرا وأنا في الرابعة والثلاثين بأن ألتحق بالجامعة .. فالتحقت بكلية التجارة بنظام التعليم المفتوح .. وكنت أذهب للمحاضرات في أيام العطل .. بعدها اضطرت السيدة لطيفة أن تترك في عهدتي أمر إدارة المحل في المول بعد خضوعها لعملية جراحية في ساقها ألزمتها البيت لمدة .. فكنت أتردد عليها كل عدة أيام من أجل الإيراد وحسابات المحل وغيرها .. وهناك قابلت الشيخ أبو نواف"
جعد عاصم جبينه وسألها متعجبا" أبو نواف !!"


استرخت ملامحها وأجابت بابتسامة "الشيخ أبو نواف ثري عربي قابلته عند السيدة لطيفة بالصدفة كان من أحد معارفها .. وكان يكبرني بثلاثين سنة لكنه أعجب بي من أول يوم .. وبدأت أشعر بأن السيدة لطيفة باتت تستدعيني لبيتها بشكل متكرر لأمور تخص المحل لا تحتاج لأن آتي بنفسي وكنت في كل مرة أجده عندها .. ففهمت بأنه معجبا بي .. وبالرغم من أنه لم يكن الأول الذي يبدي اعجابه بي.. ولم يكن الأول الذي عرض عليّ الزواج قبل أو بعد ذهابي للعاصمة.... وبالرغم من عدم رغبتي في الزواج مرة أخرى لكني لا أعرف لماذا وافقت على الزواج منه حين فاتحتني السيدة لطيفة .. ربما أردت أن أشعر ببعض الحماية .. ربما شعرت به أبا أكثر منه زوج .. ربما أردت أن استفيد من جمالي الذي لم استفد منه من قبل .. وربما رأيت فيه فرصة جيدة لأحقق ما قررت تحقيقه وهو أن أكون قوية .. أملك المال الذي سيكون سندي أمام الاوغاد .. لا أعرف لكني وافقت واشترطت أن يكون مهري لا ذهب ولا مجوهرات ولكن شقة .. شقة تمليك باسمي أحتمي بها من كلاب الطريق .. أشعر فيها بأن لي مكانا أملكه لأول مرة في حياتي .. وقد تم ذلك بالفعل .. كتب أبو نواف شقة فاخرة باسمي لم أكن أحلم بأن أبيت فيها ليلة واحدة فكانت مهري .. رغم أني لم أطمع وقتها إلا في شقة عادية يعلم الله .. لأتفاجأ به يكتب لي تلك الشقة.. وتركت العمل عند السيدة لطيفة لكني ظللت على علاقة قوية بها .. وأصبحت السيدة زوجة الشيخ أبو نواف في البلد على سنة الله ورسوله .. فقد كان يأتي كل عدة أشهر ليقضي حوالي شهر بالبلد ليباشر أعماله ثم يعود لبلده ولزوجاته الأخريات وأولاده "



استرسلت ريتا في الحديث فشعر عاصم أنها باتت أكثر هدوء واسترخاء " لم أكن أحبه ذلك الحب الذي يتحدثون عنه في الروايات .. لكنه كان رجلا طيبا كريما جدا معي .. وفارق السن كان يشعرني بأنه كأبي .. أصريت على أن أنهي دراستي التي بدأتها فلم يعترض .. وكان يصحبني معه لكل الحفلات التي يحضرها هنا في البلد بصفتي الرسمية كزوجته .. وهناك تعرفت على الكثير من عائلات العالم المخملي .. وعلى رجال الأعمال فاندمجت معهم ومع عائلاتهم .. بل إنه كان يطلعني على الكثير من تفاصيل عمله فأفادتني خبرته فيما بعد حين احتجتها.. بقيت على صداقتي مع السيدة لطيفة وتحولت من عاملة لديها لإحدى صديقاتها المترددة على حفلاتها مع نساء المجتمع المخملي"


صمتت قليلا فسألها عاصم وهو يشغل السيارة ليتحرك على الطريق من جديد "وكم استمريت معه كزوجة؟"
ردت ريتا شاردة" اربع سنوات .. اربع سنوات عشتها مع أبو نواف نقلتني من ريتا القديمة إلى ريتا أخرى تماما .. لا أعتقد بأن من يعرفونني قديما قد يستطيعون التعرف عليّ الآن ..( وصمتت قليلا لتكمل بعد ثوان بحشرجة ) حتى مات الشيخ .. لم يعد بعد آخر زيارة له في البلد .. ووجدت محاميه يزورني ليبلغني بالخبر .. حزنت جدا جدا عليه .. رحمه الله .. كان رجلا عطوفا عاملني بحب ودللني .. وحين أفقت من حزني عليه وجدت المحامي يبلغني بأنه خصص مبلغا من المال لي مودعا في أحد البنوك المحلية لأحصل عليه بعد موته بعيدا عن زوجاته وأولاده الذين لا أعرف إن كانوا يعلمون بوجودي أم لا .. فكما تعرف لم أزر بلده ولم أعرف تفاصيل علاقته بهم ولم أحاول .. وهكذا وجدت نفسي بعد موت الشيخ أملك شقة وحاصلة على شهادة جامعية وعندي علبة مجوهرات هي مجمل هديا الشيخ لي .. وهذا المبلغ الذي في البنك والذي كان لا بأس به لأبدأ في الدخول في عالم الأعمال.. وهكذا ظهرت ريتا في ثوبها الحالي .. ضاربت في البورصة .. واشتريت أسهما في عدة شركات وانخرطت أكثر وأكثر في حياة المال والأعمال وأصبحت ريتا زيان التي أمامك"
ساد صمت لثوان قبل أن يقول عاصم لاهثا وكأنه كان يجري مع ذكرياتها" يا الهي ! ما هذه القصة يا ريتا ! "


ردت بلهجة مازحة" فتحنا الصندوق الاسود من أجلك عاصم بك"
غمغم عاصم شاعرا بالذنب " آسف ريتا لم أكن أعلم "
قالت مبتسمة وقد بدأت تستعيد مرحها " لا بأس .. لو لم أرغب في أن أشاركك قصتي لكنت راوغتك كما أفعل مع الباقين "
بعد قليل ركن عاصم السيارة تحت البناية الفخمة التي تسكن فيها ريتا ليستدير إليها قائلا بمزاح "تشرفنا بمعرفة قصتك ريتا هانم .. بالمناسبة أعتقد أن ريتا ليس هو اسمك الحقيقي!"


قهقهت وردت" بالطبع ليس اسمي الحقيقي .. لكني غيرته .. فكما تعلم حين تملك المال تستطيع أن تفعل أي شيء في هذا لبلد عاصم بك"
ابتسم عاصم وسألها بفضول " وهل استطيع أن أعرف اسمك الحقيقي أم ان الصندوق الأسود قد أغلق مرة أخرى للأبد ؟"
غمزت له ريتا تقول بلهجة شقية " خمن عاصم بك "
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-11-19, 01:02 PM   #330

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4

تطلعت كارمن في قميص النوم الذي ترتديه .. ليلكي قصير حتى منتصف فخذيها من قماش الساتان ..ودانتيل شفاف يغطي نصفها العلوي من الخلف والأمام لكنه لا يستر شيء .. منتهيا بحمالات رفيعة فوق كتفيها .


تفحصت جسدها أمام المرآة والتي بات مختلفا مؤخرا .. لقد زاد وزنها بالتأكيد زيادة محمودة .. ورغم أنها لم تعد نحيفه بالمقاييس الصارمة التي كانت والدتها تصر عليها .. بل أصبح ذا تقسيم أنثوي ملفت خاصة مع هذا القميص .. لكنها تشعر بانتفاخ طفيف في بطنها المسطحة .. أو التي كانت مسطحة حتى وقت قريب .. فأطرقت برأسها تتحسس بطنها قائلة بتوبيخ لنفسها " امتنعي عن الحلويات يا كارمن .. تماما .. تماما"
وبالرغم من عدم شعورها بالراحة لذلك .. لكنها كانت تشعر بالثقة في أنوثتها .. ثقة لا تخضع لقانون أشرطة القياس .. ولكن نابعة من داخلها .. ثقة ذاتية في كارمن باتت تتملكها مؤخرا ..
اليوم طوال النهار كانت تشتاق إلى فارس بشكل كبير .. لكنه عاد متأخرا من العمل .. وبمجرد أن تناول العشاء طرد يونس وأغلق الأبواب وانزوى في مكتبه مستغرقا في مزيد من العمل يخص خط انتاج جديد سيتم اطلاقه خلال أيام ..



اتجهت نحو السرير تنظر لهاتفها تفكر هل تتصل به أم تنزل إليه .. ليرن الهاتف في يدها برقم غير مسجل لديها فردت بتوجس " ألو "
جاءها صوت تعرفه جيدا " كارمن .. أرجوك أحتاج الحديث معك في أمر هام "
تملكها الغضب فصاحت " لؤي .. هل جننت .. ما هذا الالحاح وماذا تريد ؟"
قال لؤي بلهفة" أرجوك لا تحظري هذا الرقم أيضا.. أحتاج للحديث معك في أمر هام وعاجل يا كارمن ولا استطيع أن أجدك في أي مكان فأنت ملازمة للبيت تقريبا "


قالت بحزم " اسمع يا لؤي .. لم يعد هناك أي مجال للحديث بيننا فأنا امرأة متزوجة الآن فمن فضلك كف عن الاتصال بي وإلا سأخبر أبي "
قال لؤي بتوسل" أرجوك يا كارمن أريد بضع دقائق من وقتك .. بضع دقائق فقط .. لدي أمر هام جدا عليك معرفته لابد أن أراك وبسرعة "


ردت كارمن بعصبية على غير عادتها" قل ما تريد الآن يا لؤي فالوقت متأخر"
صمت لؤي لثوان قبل أن يقول" قبل أن اتحدث في الموضوع الخطير الذي أريد أن أخبرك به .. أريد أن أقول بأني نادم أشد الندم على ما فعلته بك .. وبأني سأجن من الشوق إليك "
أغلقت كارمن الخط .. وحظرت الرقم .. ثم ألقت بالهاتف على السرير تحاول أن تهدئ انفعالها .. لقد باتت تنفعل بسهولة هذه الأيام .. وفكرت في هذا الشيء الملح الذي يرغب لؤي في قوله لها .. لكنها خمنت بأنه ليس سوى ذلك الجنون الذي يقوله عن مشاعره تجاهها .. مستنكرة أن يصر على التواصل مع امرأة متزوجة .
تذكرت الرقم الجديد الذي طلبت من والدها أن يأمر بشرائه متعللة بأنها ترغب في أن يكون لها رقمين لتجعل الرقم الجديد فقط للمقربين حين تقرر أن تمارس بعضا من انطوائيتها .. وأخفت عن والدها السبب الحقيقي وهو رغبتها في اغلاق الرقم القديم تماما كآخر حلقة ربط بينها وبين ماض لا ترغب في استرجاعه .



فتحت الجارور المجاور للسرير وأخرجت شريحة الرقم الجديد وقامت بتثبيته في هاتفها بجوار القديم .. ثم نظرت في الساعة بملل لتأخر فارس في الصعود .. لتلمع في عينيها فكرة فتستلقي على السرير وترسل له رسالة على الواتساب من رقمها الجديد .


أخرج فارس من استغراقه في مراجعة التقرير الذي في يده صوت صفارة الواتساب فالتقط الهاتف بطريقة آلية ليفتحه .. ثم جعد جبينه وهو يرى رسالة بالإنجليزية من رقم غير مسجل لديه تقول " أين أنت ؟"
ألقى بالهاتف متجاهلا ليصفر من جديد فالتقطه بانزعاج وعقد حاجبيه وهو يقرأ بالإنجليزية " اشتقت إليك جدا .. جدا "
اسعفته ذاكرته لترجمة الجملة وفهمها فرفع حاجبا مندهشا ثم كتب بالإنجليزية " رقم خاطئ "
وألقى بالهاتف على سطح مكتبه بينما انفجرت كارمن ضاحكة بشقاوة وقالت محدثة نفسها بالإنجليزية " ممتاز أيها الطالب المجتهد والزوج الجاد "
ثم اعتدلت تسند بمرفقها على الوسادة ثم كتبت بالعربية هذه المرة " أنا أنتظرك بشوق لماذا لا تتصل بي "


حك فارس جبينه بعصبية بعد أن سمع تنبيه آخر للواتساب .. ولولا أن كارمن تراسله عليه لكتم صوته تماما فالتقط الهاتف يقرأ آخر عبارة .. ثم ابتسم بابتسامة ذكورية ساخرة .. ثم قام بحظر الرقم ليعود للتقرير الذي يريد أن ينتهي من قراءته .. لكن جرس هاتفه رن هذه المرة فأمسك به متحفزا فيكفيه من اتصالات ممن يعرفهم ليقنعوه بزواج أخيه من أخته .. حتى تمنى أن يسرع في عقد قرانهما لينتهي من هذا الصداع .. فكان يكتفي بالتوضيح بأن إعلان الزواج سيكون قريبا بعد الانتهاء من اطلاق خط الإنتاج الجديد ..
لكنه وجد اسم ريتا هذه المرة .. فرد بهدوء" نعم ريتا"
أما كارمن فحدقت في هاتفها تقول" هل حظر فارس سعد الدين رقمي الجديد !!!"


ثم اطلقت ضحكة شقية قبل أن تقفز من السرير مقررة النزول إليه وهي تغمغم لنفسها " حان الوقت للزوجة الثانية أن تخطفه عنوة من زوجته الأولى وتمارس عليه دلالها "
في المكتب قال فارس بلهجة جادة " حسنا يا ريتا سأتحدث مع الرجل رغم أني لم أحب أن يستخدمك كوسيط لتقسيط المبلغ .. كان من الأفضل أن يحدثني رجل لرجل "


قالت ريتا ترفع حاجبا وهي مستلقية في سريرها" وما بهم النساء يا فارس بك ! "
ابتسم يقول موضحا " لا أقصد المعنى .. قصدت أن يواجهني .. عموما أنا سأبلغ الإدارة المالية أن يقسطوا له المبلغ فقط من أجل خاطرك أنت "


اغمضت ريتا عيناها تستقبل ذرات صوته الجادة العصبية في أذنها .. بينما دخلت كارمن على فارس ترتدي مئزرا من المخمل الأسود اللامع .. فرفع فارس حاجباه متفاجئا من أنها لا تزال مستيقظة في الوقت الذي قالت ريتا" أعزك الله يا فارس .. سأخبره في الصباح بأنك قد وافقت على طلبه "
قال فارس" لكن في المرة القادمة لا تقبلي الوساطة في أمور كهذه يا ريتا فأنا أكره العملاء الجبناء .. "


ثم زينت ابتسامة زاوية شفتيه وهو يرى كارمن تقترب منه وتقف متخصرة ترمقه بنظرة خطرة بمجرد أن علمت بهويتها بينما قالت ريتا على الهاتف ممازحة " عُلم ويُنفذ فارس بك .. ( وأرادت أن تطيل الحديث معه لبعض دقائق أخرى فقالت ) هل قررت اغلاق أمر الشماع للأبد "


أمسكت كارمن بفتاحة الأظرف من فوق المكتب كما يمسك الخنجر فاتسعت ابتسامته وقال لريتا بمراوغة حتى يبعدها عن هذا الموضوع الذي بات خطرا " هذا الموضوع لا أفكر فيه حاليا فكما تعلمين مشغول بأكثر من أمر ملح هذه الأيام "


غمغمت ريتا شاعرة ببعض الاطمئنان .. فبعد ما حدث منذ مدة في سيارة فارس وهي تشعر بقلق شديد عليه " لا بأس ربما آن الأوان لتترك الماضي خلفك وتنتبه لمستقبلك يكفيك ما عانيته "
لم يكن فارس منصتا .. فأميرة الحكايات بدأت تغرز سن الفتاحة أمامه بغل وغيظ فوق المكتب وتحدجه بنظرات متوعدة فغمغم وهو يحاول تخليص الفتاحة من يد كارمن " حسنا يا ريتا .. سأتحدث معك غدا من المكتب .. فعليّ أن أغلق الآن فهناك مكالمة أخرى تنتظرني "



قالت ريتا متفهمة " تصبح على خير "
أنهى فارس المكالمة بسرعة ثم ألقى بالهاتف ليخلص الفتاحة من يد كارمن التي عضت على شفتها بغيظ .. ثم أخفاها في درج مكتبه وهو يقول" ظننتك قد نمت"
ردت متكتفة تهز ساقها" ظللت مستيقظة حتى تصعد .. وأنت تتركني بحجة العمل لتتحدث مع ريتا سماجة "


اتسعت ابتسامته وعاد يتطلع في التقرير قائلا " ألم يكن لديك مذاكرة تخص تلك الدورة التدريبية التي تدريسها .. كما أنني كنت أعمل كارمن هانم "
غمغمت ساخرة " واضح فعلا !"
رفع انظاره عن التقرير ينظر للمئزر الأسود وقال " منذ متى وأنت تتجولين في الفيلا بالمئزر !"


ردت وهي تقترب منه لتقف بجواره وتسند على المكتب "منذ أن علمت بأن يونس ليس موجودا.. وأنك أغلقت كل الأبواب والمنافذ التي قد يمكن أن يدخل منها "
قلب فارس الصفحة مدققا في بعض الأرقام أمامه دون تعقيب لتقول كارمن بغيظ " المهم أن ريتا سماجة ترد عليها و أنا تقوم بحظر رقمي الجديد .. ما شاء الله ! "
رفع رأسه يقول عاقدا حاجبيه " رقمك الجديد !!"



تكتفت وردت بتسلي " أحببت حين كتبت بالإنجليزية عبارة رقم خاطئ "
رفع حاجبيه باندهاش ثم قال "هل غيرت رقمك دون أن تخبريني يا كارمن ؟!! "
ردت موضحة "لم أغير رقمي وإنما اشتريت رقما إضافيا .. أنت لديك رقمين ويونس كذلك "
سألها فارس متعجبا "لماذا .. لمَ تحتاجين لرقمين ؟"


حركت كتفيها ترد بنصف الحقيقة " لأنني أريد رقما خاص لا يعرفه سوى المقربين حين أحب أن أدخل في نوبة انطواء .. لقد شرحت لك حالتي من قبل بتفضيلي في معظم الأحيان للتعامل مع عدد محدود من الناس "
أومأ فارس رأسه بذهن مشغول يعود للتركيز في هذا التقرير الذي لا يريد أن ينتهي فسألته كارمن " متى ستصعد للنوم؟ "
قال وهو يقلب الصفحة " لابد أن أنتهي من هذا التقرير قبل أن أنام .. اصعدي أنت للنوم أو للمذاكرة وسألحق بك بعد حوالي ساعة "
مالت بجذعها فجأة تسند بمرفقها على سطح المكتب أمامه وعبيرها يسبقها فينعش أعصابه وقالت بدلال خافت " ساعة كثير .. كثيرا جدا فارس بك "



رفع أنظاره عن التقرير ينظر أمامه لثانية قبل أن يتوجه بأنظاره لها يتطلع في وجهها الذي تحول أمامه لحبة طماطم .. بينما اتسعت فتحة المئزر بميلتها تغششه بما ترتديه تحته ليقول بعينين لامعتين "هل ليلتنا ( خميس ) الليلة ؟"
رغم الخجل الذي لم تتخلص منه بعد لكنها مررت أصابعها على رقبته وهي تهمس بمسكنة مغوية " هذا إن قررت أن تترك التقرير الهام وتساعدني في إيجاد شيئا لديك أريده بشدة"


أشعلت فتيل أعصابه خلال ثانية فقرب رأسه يسحب أنفاسها العطرة إلى رئتيه غارقا في عينيها الواسعتين قبل أن يعانق شفتيها بشفتيه ويده تندس في فتحة المئزر لتتجول بفضول ..
وكيف لا تشتعل أعصابه وأميرته الحلوة تجاهر برغبتها في وصاله وحاجتها إليه .
ترك شفتيها يتطلع فيها قائلا وهو يفتح المئزر " وهل أستطيع أن أتأخر عما تريده الأميرة .. خاصة حين يكون (بشدة ) "



رغبتها في وصاله كانت قوية فقربت شفتيها من رقبته مبادرة تطبع قبلات رقيقة على أطرف وشمه الذي باتت تحبه بعد أن كانت تخافه .. فأثارت جنونه خاصة مع نعومة القميص تحت يديه ..
كل ما يتعلق بها ناعم .. رقيق .. عطر .. وحلو المذاق .. وقادر على أن يشده لعالم خاص سحري في لحظة واحدة .


فاستقام يعانق شفتيها من جديد مائلا فوقها على المكتب وهو يدعم جذعها بذراعه بينما ذراعه الآخر يلف ساقيها حول خصره .. ليتبادلا قبلات بات مذاقها يزداد حلاوة بمرور الأيام بينهما .
بعد قليل حملها فارس مسقطا عنها المئزر فشددت كارمن من ذراعيها حول عنقه ومن ساقيها حول خصره .. وهي تقول بشقاوة حين أفرج عن شفتيها من عناق طويل "وماذا عن التقرير الهام العاجل؟"
غمغم من بين أنفاسه " سألغي خط الإنتاج كله من أجل تلبية رغبات مس سويتي"


قهقهت كارمن سعيدة .. ثم قالت متفاجئة وهو يميل ليضعها على الأريكة الجلد التي تتوسط غرفة مكتبه "فارس .. نحن في غرفة المكتب !!.. ماذا تظن نفسك فاعلا!"


تحركت يده على ساقها الناعم صعودا وهو يطبع بعض قبلات حارة على رقبتها .. ثم استقام واقفا يقول وهو يتجه نحو الباب " وهل تظنين أني سأصبر حتى أصعد بك إلى جناحنا بهذا القميص المهلك .. تحملي نتيجة تهورك كارمن هانم "
أغلق الباب من الداخل بالمفتاح ثم توجه نحو النافذة ليتأكد من اغلاق الستائر الثقيلة جيدا.. قبل أن يعود إليها يخلع عن جذعه ملابسه البيتية.. ويخيم فوقها يقبّلها بلهفة أشعلتها بمبادرتها .. لتسأله كارمن بميوعة وهي تتحسس عضلات أكتافه وظهره " لم تخبرني باسم خط الإنتاج الجديد ؟"
رفع رأسه عنها يتطلع في عينيها بنظرات لا تكف عن عشقها وهمس أمام شفتيها بحرارة " سويتي .. أسمه سويتي .. تصميم ناعم رقيق .. حالم .. يشعرك بأنك تعيش في أسطورة من الأساطير"
غامت عيناها بتأثر فرفعت رأسها تقبل شفتيه بشغف شديد لهذا الرجل الذي لم تتوقع يوما أنها قد تقع في حبه بهذه القوة .. وبهذا الاستسلام .



×××××


زفر عاصم قائلا بعصبية " ماذا تريدين يا شويكار بالضبط .. لماذا تضيقين الخناق عليّ وأنت تعلمين بأن انفصالنا بات حتميا "
قالت وهي تهز قدمها أمامه في بهو شقته "أريدك أن تبتعد عن تلك الجربوعة التي تعلقها في ذراعك في كل مكان فأصبحت سيرتنا في فم هذا وتلك"
ضرب عاصم كفيه ببعضهما قائلا " عن أي سيرة تتكلمين ونحن بالفعل قد قررنا الانفصال!"
تحركت تجلس على المقعد الوثير واضعة ساقا فوق الأخرى وقالت مشيحة بوجهها عنه " أنت من قررت ولست أنا "


صرخ منفعلا " وأنتِ.. ماذا فعلت لتقنعيني بالتمسك بهذا الارتباط ؟.. بل ماذا فعلت طوال حياتك لتبقي على ارتباطنا؟ .. أنا فقط من كنت ملتزما به من أجل كارمن .. أما أنتِ فلم تفعلي شيئا .. والآن حين أخبرتك برغبتي بالانفصال.. ماذا فعلت لتقنعيني بغير ذلك .. هل سألتني ما هي أسبابي؟ .. هل حاولت تقريب وجهات النظر بيننا. .. هل بذلت مجهودا لتحسين التواصل بيننا؟ .. ماذا فعلت من أجل انقاذ علاقتنا يا شويكار ؟"
ردت ببرود " تقول ماذا فعلت ؟.. تحملت تلك الأزمة التي أوقعت نفسك بها .. تركت فيلا السيوفي وجئت لأعيش معك في هذه الشقة الصغيرة الخانقة "


قال عاصم متحكما في أعصابه " أنا وأنت نعلم بأنك لم تأتي من أجلي يا شويكار ولم تفعليها يوما .. لم أشعر في حياتي بأنك تفعلين شيئا من أجلي أنا عاصم .. بدون أن أكون شيك بنكي .. أو شخص يلبي لك رغباتك .. بدون أن أحمل اسم عائلة تتشدقين بها ..قلت بأنك تحملتني في أزمتي .. وهل كنت تنوين القفز من المركب الذي ساهمت بنفسك في إغراقه ؟!! .. بل أنا أكيد من أنك لو كان لديك بديلا وقت أزمتي لاستغليتها ( حدقت فيه ممتقعة الوجه ليكمل بإصرار ) أجل هذا ما بت أؤمن به .. بعد هذه السنوات الطويلة من العشرة معك .. أريت لأي مدى أضحت علاقتنا !"



قالت شويكار بلهجة متهكمة " فقررت بعد كل هذه السنين أن تتركني وحدي في هذا السن"
وضع يده على صدره يشعر بألم بسبب انفعاله لكنه قال بحشرجة "جميل أنك تعترفين بالسن .. لكنك تعترفين به لمصلحتك الشخصية فقط .. صدقيني أنا لم يعد عندي صبر عليك ولا على أفعالك.. يكفي حياتي التي ضاعت معك ولم أعيشها ولم أشعر يوما بدفء امرأة في حياتي .. أي رجل آخر كان طلقك فورا ولم يتحمل ما تفعلين لكني لازلت أتعامل معك بنبل أنت لا تستحقينه فقط حتى لا أتسبب في إيلام كارمن "


بالرغم من شعوره الذي بات يلازمه بالنفور منها لكن أخلاقياته كانت تضغط عليه خاصة مع تلك النظرة التائهة في عينيها .. معترفا في قرارة نفسه أن تلك الغبية لا ترغب بالاعتراف بأنها قد كبرت في العمر .. وبأن الحياة لا تستحق كل هذا اللهاث خلف صناعة المجد ..
فأكمل عاصم بمرارة "الوضع الحالي الذي نحن فيه هو أنني لا أرغب في استئناف حياتي معك يا شويكار .. ومع هذا سأمنحك فرصة أخيرة لإنقاذ هذا الزواج .. بشرط أن تتركي خلفك كل ما يشغلك وخاصة منصبك في تلك الجمعية وتأتي معي لننعم بما تبقى من عمرنا بهدوء .. أنا أرغب في قضاء فريضة الحج .. تعالي معي نؤديها سويا .. ثم نذهب أنا وأنت لأحد المنتجعات السياحية نعيش ما تبقى لنا من العمر في هدوء وبساطة نرمم علاقتنا سويا .. فالحمد لله ظروفنا المادية أصبحت أفضل بكثير .. وسأترك لفارس أمر إدارة أسهمي فأنا أثق به وأعتمد عليه .. هذا ما أريده بشدة وأرسمه لما تبقى من عمري فهل ستشاركينني إياه ؟"


عقدت حاجبيها وردت باستنكار استفزه " هل تعتقد بأني قد أترك منصبي كرئيسة أهم جمعية خيرية في البلد لأعيش في منتجع سياحي ممل ؟!! "
جز عاصم على أسنانه لتسرع شويكار مقترحة ببعض الدبلوماسية " ما رأيك بأن تذهب أنت لذلك المنتجع .. وأنا سآتيك كل فترة لأقضي معك بضع أيام للاستجمام ثم أعود لأشغالي ؟"
صاح عاصم فيها منفعلا " أنت مصرة على أن أبقى وحيدا "
حركت كتفيها تقول بغباء " ما ذنبي أني لازلت شغوفة بالحياة وطموحة !"



قال بيأس وهو يهم بدخول غرفته ممسكا بصدره " اسمعي يا شويكار .. أنا سئمت من جدالك العقيم الذي لا يثمر عن أي شيء مفيد سوى التفزلك وإثارة أعصابي .. هذا كلامي الأخير لك .. إما أن تتركي كل شيء ونبدأ صفحة جديدة لحياة هادئة .. وتثبتي لي بأنك على استعداد للتغيير وتقريب وجهات النظر .. أو كل منا يذهب في طريقه .. وأنا على أتم استعداد للتكفل بطلباتك بعد الانفصال الرسمي ( وشدد على الحرف موضحا) في حدود المعقول .. وحتى يتم هذا الانفصال إياك أن تستفزيني وإلا سألقى عليك يمين الطلاق في لحظة بدون ندم .. سأنتظر ردك أي اختيار ستختارين .. تصبحين على خير شويكار هانم"
تطلعت بغل في ظهره وهو يبتعد في الممر لتسمع بعدها صوت باب غرفته الذي صفقه بعصبية
××××



صباح اليوم التالي



مشطت شعره بأصابعها بحنان متأمله قسمات وجهه الوسيمة ثم مالت لتطبع قبلات رقيقة على وجهه وهي تتحسس لحيته الخفيفة .. ففتح زياد عينيه فجأة مفزوعا .. لتجعد عهد جبينها قائلة بقلق " آسفة لم أقصد افزاعك"
استدرك زياد مغمغما ينظر لضوء النهار المتسلل من وراء الستائر " كم الساعة ؟"
أجابت وقد عادت لتمشيط شعره من جديد بأصابعها "الثامنة صباحا "
تحرك يحيط خصرها بذراعيه وهي جالسة بجواره على السرير ويدفن وجهه في حضنها فدلكت عهد ظهره بحنان .


تشعر بالقلق عليه .. وتشعر بأن عدم رضا أهله على زيجتهما يمثل ضغطا عليه .. رغم أنه لا يتكلم عنهما أمامها ..فلا تعرف سوى أنه يزورهما يوميا .. إما في المساء أو قبل أن يحضر ليأخذها من العمل .. وحين تسأله عنهم يرد بكلمات مختصرة .. لكنها تشعر به مضغوطا بشدة ولا تعرف ماذا تفعل من أجله ؟.. ولا تعرف وقع ذلك القرار الذي قررته وستنفذه اليوم كيف سيكون عليه.. لكنها قررته بعد تفكير عميق .. قررت المغامرة بكل شيء .


غمغمت بخفوت" ألم تخبرني بأن اليوم سيكون مشحونا ولديك أكثر من اجتماع هام في الشركة ؟"
غمغم في حضنها " حاضر سأقوم الآن"
وشدد في دفن وجهه في صدرها لبعض الوقت قبل أن يرفع رأسه لها قائلا" عهدي .. تعلمين أني أحبك أليس كذلك .. أقصد متأكدة من هذا ؟"


كلماته جعلتها ترتجف .. هل ينوي على شيء؟ .. هل سيجبره أهله على تركها ؟.. لكنها بلعت غصة مسننة في حلقها تقول بابتسامة حانية وهي تتحسس قسمات وجهه " أعلم ذلك لا تقلق ولن أغضب منك مهما فعلت "
غمغم زياد بصوت متأثر" أحبك جدا جدا جدا يا عهدي.. فأنت حبي الوحيد الذي لم يكن قبله ولن يكون بعده"
لن يكون بعده ! .


انقبض قلبها.. وترددت قليلا بشأن القرار الذي اتخذته .. لكنها ذكرت نفسها بأنها ستكون قوية .. وستتحمل أي شيء في سبيل مصلحته .. وفي سبيل ألا يخسر أهله فهي أكثر من يعرف كيف هو الشعور بدون عائلة.. وحتى لو خسرت بسبب قرارها هذا .. فمصلحته أهم بكثير .. فغمغمت قبل أن تميل لتطبع قبلة على جبينه "وأنا أحبك يا روح عهد .. وسأظل أحبك مهما كان "


شعر زياد بأن مشاعره قد تملكت منه حتى بات مقززا .. فقاوم بكبرياء ذكوري ما يشعر به من ضعف تجاهها .. وتحرك يغادر السرير استعدادا للذهاب لعمله .
حين خرج من الحمام بعد قليل سألها بتوجس "لماذا لم ترتدي ملابس الخروج؟.. ألن تذهبي للعمل اليوم؟"
ردت مراوغة " أشعر بالإرهاق الشديد فقررت أن استريح اليوم .. وهناك بعض الأمور لابد أن أنجزها هنا في البيت"


قال باندهاش " أي أمور؟ .. إذا أردتِ أن أحضر من يساعدك في تنظيف الشقة أخبريني وأنا سأطلب من حارس الxxxx"
قالت عهد بهدوء" لا احتاج حاليا .. أنا فقط أشعر برغبة في النوم لبضع ساعات إضافية ( وأضافت بلهجة ذات مغزي ) فهناك من لا يتركني إلا قبيل الفجر "
لم يتفاعل مع مداعبتها .. كان ذهنه مشغولا يحلل كلامها وأفعالها.. فاستدار يتناول ملابسه وبدأ في ارتدائها شاردا ..


إنها تدبر شيء لكنه غير قادر على تحديده .. وتتملكه رغبة كريهة تنفره من ذاته بأن يتوسلها بألا تتصرف بتهور وتقرر السفر فجأة وتتركه .. وهذه الرغبة الملحة تستفزه فيتعمد معاندة نفسه بألا يستجيب لها حفظا على كرامته وكبريائه .. معترفا لنفسه بأنه قد فعل الكثير من أجلها .. وعليه أن يقف عند حد معين ليترك لها مجالا للاختيار ..
يريد أن تختاره هو .. تختاره بإرادتها هذه المرة ..


لم يخبرها بعلمه بحصولها على التأشيرة ولا يعلم لماذا لم يخبرها .
هل ينتظر بأن تخبره بنفسها؟
هل يتجنب صداما بينهما يستشعر بأنه آت لا محالة؟
هل يشعر بالرعب؟
أجل عليه أن يعترف بذلك !.
تأملت عهد جسده الرجولي الذي لا ينفك يحطم أي مقاومة بداخلها ..


رغم عزمها الأكيد وهي تتخذ قرارها الأهم في حياتها لكن حالته منذ أن عاد والداه تؤلمها وتوترها .


تحرك إلى خارج الغرفة وفتح خزانة الأحذية ليرتدي حذائه فخرجت خلفه تشير للفطور الموضوع على السفرة قائلة "ألن تتناول فطورك؟"
غمغم بهدوء "كلا فليس لدي وقت"
قالت بسرعة وهي تتجه نحو المطبخ "سأحضر لك ساندويتشات لتأخذها معك"


وصل ناحية الباب مقاوما تلك الرغبة الكريهة بداخله لأن يواجهها .. ويتوسلها بألا تتركه .. فابيضت مفاصل يده وهو يقبض بقوة على عتلة الباب لتقول عهد وهي تخرج من المطبخ" ها قد جهزت سندوتشات سريعة.. ووضعت لك بعضا من القهوة في الترمس الصغير.. كُُل في السيارة أرجوك"


قطع المسافة من الباب مسرعا نحوها بخطوات واسعة ليأخذها في حضن قوي أجفلها وأثار دهشتها .. ورسخ ذلك الإحساس الذي تعتقده بأنه يتعرض لضغط ما من أهله حتى يتركها فغمغمت وهي تمسك بالترمس وكيس الساندويتشات "زياد ما بك؟"
همس بجوار أذنها "لا شيء ربما لأني لن أوصلك اليوم للعمل"
وشدد من احتضانها حتى كاد أن يكسرها بين ذراعيه وأكمل "أحبك يا عهد .. أقسم بالله أحبك حبا يمتلك كل ذرة وكل نفس في زياد وجدي"


اتسعت ابتسامتها تقاوم رغبة في البكاء ثم قالت بلهجة عملية " هيا يا أستاذ لديك مواعيد .. وقلت لي أن صفقة ضخمة قد يتم توقيع عقدها اليوم .. سأظل أدعي لك حتى تبشرني بتمامها"
حررها من ذراعيه وطبع قبله فوق جبينها قبل أن يجبر قدميه على المغادرة بشعور مؤلم حارق في صدره ..


حين خرج تسمر خلف الباب يمسك بمفتاح الشقة في يده .. يتمنى لو يحبسها كما كان يفعل من قبل .. لكن هذه المرة غلبت كرامته فترك الباب وابتعد موبخا نفسه أن يكون ذليلا لهذا الحب بهذا الشكل المهين ..
عليه أن يترك لها المجال لتختار ..
وعليه أن يثق فيها ..
ولكن أ هذا أمر سهل التنفيذ !


×××××


تطلع الشيمي في حائط الحمام الداخلي الخاص بغرفة النوم الكبيرة في ملحق فيلا سعد الدين وعيناه تبرقان بسعادة بينما قطرات العرق تتصبب من جبينه .


كاد أن يطير من الفرحة بعد أن أنجز مهمته والتي قسمها على عدة ليالي بسبب وجود يونس معه في الملحق حتى لا يزعجه .. فكان يعمل فيه حتى عودة يونس مساء للنوم في الغرفة التي يحتلها ثم يعود للعمل ساعتين بعد أن يرحل يونس صباحا .. لكن اليوم خرج يونس مبكرا جدا ليلحق باجتماع هام .. فأنهى كل شيء ووضع اللمسات الأخيرة .. وها هو يشعر بالسعادة وهو يتطلع فيما أنجزه .



تحرك يلتقط ملابس نظيفة ومنشفة كبيرة وخرج من الغرفة نحو الحمام الكبير ليغتسل حتى يلحق بالعمل الذي تأخر عنه اليوم كثيرا .
خرج بعد قليل من الحمام عاري الجذع يرتدي بنطالا رياضيا ودخل غرفته يستعد للخروج .
في الخارج عبرت رفيدة الممر الجانبي للفيلا المؤدي للملحق بحرج وهي مستمرة في الاتصال بالشيمي الذي يغلق هاتفه .


لقد تأخر اليوم كثيرا وتخشى أن يكون لا يزال نائما ..
خاصة انهما يتحدثان حتى الفجر يوميا في الهاتف بعدما قرر ألا يصعد إليها مجددا .. وتستبعد أن يكون قد ذهب للعمل .. لأنه لم يرسل لها الوردة المخبأة في الجريدة ككل صباح.
ابتسمت وهي تتذكر شعورها المدغدغ حين ترى الوردة نائمة في شرفتها حين تستيقظ ..
كاذبة لو أنكرت بأنها لا تشتاق إليه .. وبأنها رغم معرفتها بأن صعوده لها ليلة عقد قرانهما كان تصرفا غير مقبولا لكنها تظل كل ليلة في انتظاره ..



فالدقائق التي عاشتها بين ذراعيه حفرت كبصمة فريدة خاصة بصاحبها على كل خلية فيها.
مشاعرها المشتاقة للحياة .. للتنفس .. للإحساس بنعم افتقدتها كثيرا.. تلح عليها في انتظار ذلك اليوم الذي ستكون برفقته لا يفصلهما شيء .
كانت تعلم بأن يونس وفارس قد غادرا منذ الصباح لذا دفعت باب الشقة الموارب بهدوء ودخلت المكان الذي سيصبح بيتها بعد وقت قصير .. ووقفت في البهو الفارغ تبحث عن غرفته .. فتذكرت بأنه أخبرها باحتلاله لغرفة المعيشة سابقا قبل أن يطرده منها يونس .. فخمنت أنه بالتأكيد في إحدى الغرف الداخلية .. لتتحرك تجاه الممر تنادي بارتباك" شيمي .. شيمي أين أنت؟ "


عند الغرفة الكبيرة وقبل ثوان كان الشيمي قد استشعر حركة في الخارج فالتقط فانلة قطنية يرتديها على جذعه متوقعا أن تكون شهد .. لكنه أثناء ارتدائها بدأت ضربات قلبه تزداد ضجيجا حينما التقطت أذنه وقع كعب حذائها على رخام الأرضية وكأنها بكل خطوة خطتها كانت تدغدغ قلبه .



في اللحظة التي اسرع فيها لفتح الباب بلهفة كانت رفيدة على وشك أن تطرق عليه.. ليتسمرا أمام بعضهما.. فقالت بارتباك وقد أدركت مدى تهورها وجرأتها بالمجيء إلى غرفته "صباح الخير .. هاتفك مغلــــ"


سحبها الشيمي من يدها بحركة مفاجئة قبل أن تكمل عبارتها لتجد نفسها في داخل الغرفة التي أغلق بابها وذراعه الأخرى تحيط بها مطبقا على شفتيها بقبلة مشتاقة غير قادر على المزيد من التحكم في أعصابه فشهقت رفيدة شهقة مكتومة .. ليست متفاجئة ولكن مشتاقة .. غارقة في دفء ذراعيه وسخونة أنفاسه .


أطلق الشيمي سراح شفتيها لكنه أبقى عليها مسجونة بين ضلوعه وذراعيه وغمغم وهو يتجول بنظراته على صفحة وجهها المرفوع إليه "هذا رد الصباح لأحلى نهار طلع على الشيمي منذ أن ولدته أمه .. (ورفع عنها نظارتها يضعها فوق رأسه وقال ) ماذا عن هاتفي فلم أركز في بقية الجملة ؟"



انزلت وجهها بخجل تسند جبينها على صدره وغمغمت توبخ نفسها شاعرة بالحرج أمامه " ما كان يجب أن أتهور وأحضر بنفسي لكني .. لكني .. خشيت أن .. أن تكون قد تأخرت في استيقاظك .. و .... ( رفعت يدها تحك جبينها بارتباك .. بينما ازدادت ابتسامة الشيمي اتساعا وهو يشعر بها تختض بين يديه فأكملت رفيدة ) و.. أشعر بأني أتصرف برعونة وأنه كان عليّ أن .. أن "



دفن الشيمي وجهه بين كتفها ورأسها يحضنها بقوة مقاطعا بهمس حار "قلت لك افعلي ما تريدين واتركي الشيمي يتحمل المسئولية عنك في كل شيء "
لفت ذراعيها حول جذعه مبتسمة .. تحب تلك العبارة منه .. تشعرها بالراحة .. بينما غمغم الشيمي متأوها "اشتقت لرائحة الياسمين .. رغم أن بعضا منها لا يزال عالقا بي لكنه لا يرويني يا رفيدة بل يعذبني "



تشبثت بملابسه بقوة تتحكم في لحظة استسلام وشيكة استشعرها الشيمي في نفسه أيضا .. وتمنى أن يساير هوى نفسه مع من أضحت حلاله لكنه كان مدركا لضعفها وللهفتها .. فقبض على رغباته بإرادة من حديد احتراما لها .. وأبعدها قائلا وهو يسحبها للداخل " تعالي سأريك ما أخرني عن الذهاب للعمل اليوم "



تحركت معه ليقفا على باب الحمام الملحق بالغرفة فشهقت بمجرد أن دلفت إليه وهي تتطلع في الحائط الرخامي الذي كان يغطي معظمه صورة كبيرة لأنثى فيل وليدة لونها وردي تزين رأسها فيونكة باللون الزهري ..
غمغمت رفيدة بأنفاس مبهورة" شيمي إنها رائعة جدا .. بالتأكيد لم تكن موجودة من قبل "
وقف خلفها يطوقها بذراعيه قائلا بجوار أذنها "كان الحمام بهذا اللون بدون الصورة .. فطلبت من العمال بالمصنع صنع هذه الجدارية العملاقة بعد أن عاونتني شهد في البحث على الانترنت على صورة لفيل مناسب ورأيت هذه الصورة فأعجبتني جدا وطلبت منهم في المصنع صنعها خصيصا لشقتنا "


أدارت رفيدة وجهها إليه تطالعه بعينين غائمتين تأثرا ليكمل الشيمي أمام شفتيها " وأصريت على أن اثبتها على الحائط بنفسي فأخذت وقتا حتى تخلصت من مساحة الرخام القديم.. واليوم صباحا ثبتها مستغلا خروج يونس مبكرا حتى لا ازعجه "
غمغمت باكية" شيمي هذه أروع هدية تلقيتها .. ومن الواضح أنك تعبت في تنفيذها "


أفلتت أعصابه فمال يلتهم شفتيها بشوق وكأنه يحصل على جائزته .. فارتجفت رفيدة وهي تتلقى منه جرعة من جرعات الحب .. قبل أن يترك الشيمي شفتيها ويغمغم بحشرجة " أنا كلي فداء لست الناس "
اشتد احمرار وجهها وعادت تنظر للصورة على الحائط بانبهار فشدد الشيمي من احتضانه لها من الخلف وقال هامسا بجوار أذنها" الشيمي غير قادر على تحمل البعد أكثر من ذلك يا ست الناس .. فلترأفي بحاله وتحافظي على هيبته التي ضاعت أمامك وتوافقيني على تعجيل الزفاف"



حركت مقلتيها السوداوين ناحيته ثم عادت تنظر للصورة قائلة بخجل "لم ننتهي من شراء كل شيء حتى الأثاث لم ينتهوا من صنعه بعد "
رد عليها ليقنعها " ما لم نشتريه نسرع في شراءه وبالنسبة للأثاث سأستعجلهم ونفرش الموجود والباقي يأتي في موعده "
غمغمت بدلال" وماذا ستفعل مع يونس الذي يحتل غرفة المعيشة؟ "


قال الشيمي مستدركا " أخخخ نسيته .. لكن سأتحدث معه رغم ما سأشعر به من حرج فالبيت بيتهم لكني أعلم بأنه لن يمانع "
اسرعت رفيدة تدير وجهها إليه تقترح بدون تفكير "شقتي موجودة .. عمر سيسلمها لي بعد يومين "
ابعد الشيمي رأسه يتطلع في وجهها فتخضبت بالحمرة تتهم نفسها بالحمق وهي تظهر أمامه متلهفة بهذا الشكل الوقح فغمغمت" أقصد.. أقصد "


اتسعت ابتسامته وسألها "إذن أنت موافقة على تعجيل الزواج؟ "
قالت مراوغة بحرج شديد" قصدت .. قصدت أنك تلح كثيرا وتجعلني أنفذ ما تريده في النهاية .. لكني سأحتاج بالطبع وقت لأفكر "
غمغم الشيمي بلهجة متوسلة وقد بدأ يفقد السيطرة على تماسكه "حبا في الله يا رفيدة .. وحفاظا على هيبة الشيمي الذي بات يبذل مجهودا خارقا كل ليلة ليسيطر على نفسه في ألا يصعد إلى غرفتك ( وطبع قبلة على بشرة كتفها الذي انزاح عنه حجابها ثم أكمل ) أن توافقي على تعجيل الزفاف فلست بقادر على التحمل أكثر من ذلك"


صمتت في حرج فمد الشيمي يدا متسللة تلعب في أزرار قميصها الحريري الذي ترتديه تحت حلتها الرسمية فارتبكت رفيدة شاعرة بأنهما اقتربا من نقطة اللا عودة لتفلت من بين ذراعيه وهي تغمغم" شيمي !"
ثم استدارت تتجاوزه تخرج من الحمام عائدة إلى الغرفة ذات الأريكة الواحدة .. بينما اتسعت ابتسامة الشيمي وهو يلحق بها وقد أشعل خجلها أعصابه أكثر فاسرع يعترض طريقها عند الباب يقف أمامها يسند قبضتيه على خصره قائلا بابتسامة متسلية" لن تخرجي من هنا إلا بعد المواقفة على تسريع الزواج"
قالت باستنكار "هل ستحتجزني هنا يا سيد ميمي!"
وقف أمامها ضخم كمارد يرفع حاجبا وهو يقول " فكرة جيدة وساعتها ستنتهي مشكلة الشيمي وعذابه .. "


هو ..
بكامل كينونته وما يصدر منه يدغدغ الأنثى فيها على نحو لم يحدث لها أبدا..
لكنها سحبت نفسا عميقا واستحضرت الوجه الحازم تحاول التحكم في ابتسامة ملحة وهي تقول "يا سيد ميمي الوقت قد تأخر وعلى كل منا أن يذهب إلى أشغاله"


رد عليها بإلحاح " ارفقي بحال الشيمي أولا "
حدجته بقمريها قائلة "أنت لئيم يا سيد ميمي بالمناسبة .. وكما قلت لك تؤثر عليّ دوما لأتخذ القرار الذي يناسبك أنت "
رد الشيمي متصنعا البراءة " هذا افتراء على شخصي المسكين (ومال نحوها يحدق في قمريها المضيئين رغم سوادهما وأكمل ) لو كان الشيمي لئيما لحصل على ما يريد منذ ليلة عقد القران .. (وأكمل بهمس ) لكنه يرغب في تحقيق حلم ست الناس بكل تفاصيله خطوة بخطوة دون أن يستبق الخطوات "


تحول وجهها لحبة طماطم .. وتسارعت ضربات قلبها لكنها تماسكت أمامه تشمخ بذقنها قائلة بكبرياء زائف" لا أفهم ماذا تقصد"
اتسعت ابتسامته ثم رمقها بنظرة خطرة لذيذة دغدغت أعصابها وغمغم وهو يخطو خطوة نحوها "حالا ستفهمين "


همت بقول شيء قبل أن يسمعا حركة في الصالة فاتسعت عينا رفيدة بينما استدار الشيمي نحو الباب ليسمع طرقا خفيفا عليه وصوت شهد يقول" عمو هل أنت هنا؟"
اسرعت رفيدة نحو الباب بارتباك لتختبئ خلفه .. فحدجها الشيمي بنظرة موبخة وهو ينظر لحذائها الذي أصدر طقطقة مع حركتها المتعجلة قبل أن يتنحنح ويعدل من ملابسه ويفتح الباب قائلا "هلا بالدكتورة الصغيرة"



قالت شهد تناوله الهاتف" أبي يريدك ويقول بأن هاتفك مغلقا فطلب مني أن أتفقد إن كنت لازلت في البيت أم لا .. لأنه اتصل بالمعرض ولم يجدك"
قال الشيمي متجاهلا الهاتف الذي تناوله إياه "يبدو أني نسيت شحن هاتفي أخبريه بأني سأتصل به بعد قليل "


نظرت شهد للهاتف في يدها حيث ينتظر والدها على الخط وغمغمت بعدم فهم " ألن .. تحدثه !"


قال بإصرار " كما قلت لك اخبريه بأنني سأتصل به بعد قليل "
وضعت الهاتف على أذنها تقول "هل سمعت ما قاله يا أبي .. حسنا .. أنا سأذهب للدرس الآن .. سلام "
تحكم الشيمي في ابتسامة ملحة وهو يختلس النظرات لرفيدة المنكمشة خلف الباب تولول بدون صوت بينما قالت شهد فجأة " هل أصبحت ترتدي نظارة طبية يا عمو ؟!"


تفاجأ الشيمي بأن نظارة رفيدة لا تزال معلقة فوق رأسه بينما لطمت رفيدة على وجهها بصمت فتنحنح قائلا وهو ينزل النظارة من فوق رأسه " ذكرتني بها .. إنها نظارة رفيدة "
شهقت رفيدة بدون صوت واتسعت عيناها رعبا حتى كادت أن تخرج من محجريها ليبتسم الشيمي بتسلي وأكمل "أرسلتها لي حتى أربط لها مسمارا فكنت أبحث عن مفك لمسامير النظارات "
أسرعت شهد تقول "أنا عندي طقم كامل لمفاتيح النظارات "


قال الشيمي متنحنحا "لا بأس أنا عندي مفك سأصلحها وإن لم ينفع . سأطلبه منك .. اذهبي أنت الآن حتى تلحقين بدرسك "
أومأت شهد برأسها بابتسامة واستدارت مغادرة فلحقها الشيمي بنظراته حتى خرجت من باب الشقة ليعود إلى رفيدة يرمقها بتسلي فقالت تبعده عن طريقها "لابد أن أذهب فورا اعطني نظارتي "
وضع لها الشيمي النظارة على عينيها ثم مد ذراعه يسد أمامها الباب قائلا " لم أعرف الجواب على طلبي "


قالت مراوغة وهي تثبت نظارتها على أنفها " أي طلب؟"
قال بخفوت "حفل زفافنا يكون آخر الأسبوع"
صاحت رفيدة معترضة "آخر الأسبوع !!"
أومأ برأسه .. فأحنت رأسها تمر من تحت ذراعه لتصبح خارج الغرفة وهي تقول مراوغة" سأفكر في الأمر "
ضيق عينيه وتكلم متوعدا " فكري على مهل لكن ليلة عرسنا ستكون الجمعة القادم بمشيئة الرحمن .. بعد حفل سأقيمه لك في أي مكان تختارينه وسنذهب بعدها لشقتك مؤقتا .. "


استدارت إليه ترفع ذقنها بتحدي قائلة وضربات قلبها تعزف أغاني الأفراح" وإن رفضت !"
اتسعت ابتسامته ورد بثقة " من حقك الرفض بالطبع يا أستاذة .. لكن هذا لن يقدم الموعد أو يؤخره .. فقط سيغير مكان ليلتنا الأولى من شقتك لغرفتك في الدور الثاني في الدار "



تلجمت شاعرة بالحرج ولم تعرف بم ترد فاستدارت بسرعة مغادرة تطرق بكعب حذائها على الرخام ليتأملها بنظراته حتى توقفت فجأة عند باب الشقة وهبط كتفاها ثم استدارت إليه قائلة بقلق " ميمي .. كيف سأخرج من هنا ؟.. أنا أشعر بالحرج "
اقترب منها بخطوات ثابتة ثم قال" ماذا ستعطيني مقابل أن أخرجك من هنا دون أن يراك أحد؟"
قالت باستنكار " شيمي هل تبتزني ؟"


أومأ برأسه معترفا ببساطة
فقالت بلهجة متوسلة " شيمي عندي أمور مهمة أقسم بالله"
قال بإصرار "ماذا ستعطيني؟"
سألته بحرج وهي تراقب تلك النظرة المتسلية في عينيه "ماذا تريد؟"
أعطى لها خده قائلا " أريد قبلة"
أسبلت أهدابها مغمغة" شيمي!"
قال مداعبا "ألم أقل لك بأنك ظالمة .. كم قبلة أعطيتك حتى الآن وأنت تبخلين عليّ بقبلة صغيرة على الخد "


اشاحت بوجهها تتحكم في ابتسامة ليقول الشيمي "حسنا إما أن تعطيني قبلة ..أو تظلين محبوسة هنا في غرفتي للأبد وهذا سيسعدني جدا "
ظلت تطرق على الأرض بمقدمة حذائها لثوان ثم استدارت إليه مسبلة أهدابها .. ليميل الشيمي أمامها يمنحها خده ..فطبعت قبلة سريعة على لحيته قبل أن تطرق برأسها .. لتتسع ابتسامته ويفتح باب الشقة ثم يقف أمامها يتطلع في الطريق من جميع الاتجاهات قبل أن يقول " ستخرجين الآن ولكن ناحية اليمين حتى آخر السور وسألحق بك"


قالت رفيدة عاقدة حاجبيها وهي تنظر ناحية اليمين" انه طريق مسدود "
قال آمرا "اسمعي الكلام.. لا تسيري باعتدال لتخرجي إلى حديقة الفيلا الأمامية سيشاهدونك بسهولة "
اومأت برأسها رغم عدم فهمها وتحركت بخطوات مختلسة نحو اليمين في الحديقة الخلفية للفيلا تدعو في سرها ألا يخرج أي من قاطني الفيلا إلى النوافذ الخلفية وإلا لشاهدها بسهولة خاصة من غرفة الحاجة نفيسة "


في أخر السور وجدت بابا حديديا وخمنت بأنه باب (المنور) الذي يطل عليه الدار .. وقبل أن تسأل أخرج الشيمي مفتاحا من ميداليته المدججة بالمفاتيح وفتح الباب ثم أدخلها بسرعة لتجد نفسها في ممر ضيق على يساره سور قصير ارتفاعه حوالي متر يفصل بين المنور وإحدى ممرات الدار فنظرت للشيمي عاقدة حاجبيها ليقول بتسلي "اقفزي من فوق السور "


تطلعت فيه مذعورة لتتسع ابتسامته قائلا " أو أحملك فوق السور لكني سأحتاج لرشوة أخرى "
تطلعت فيه قائلة بتوبيخ "شيمي أنت لئيم"
لم يعلق ولكن مال بخده إليها فطبعت قبلة عجولة لكنه أدار وجهه إليها لتطبعها رفيدة على شفتيه فتفاجأت وغطت وجهها بكفها بحرج .


قهقه الشيمي ورفعها من خصرها.. فاطلقت رفيدة صرخة قصيرة ليتمتم الشيمي مشاكسا وهو يضعها فوق السور " عيب الصراخ يا أستاذة .. ماذا سيقول الأطفال والمعلمات إن سمعوك "
أطبقت على شفتيها تطالعه بوجنتين مشتعلتين .. لينزع عنها حذائها ذا الكعب العالي ويمد يده يتحسسهما فتمتمت رفيدة بخفوت تتطلع حولها وهي ترفع يده عن قدمها "شيمي قد يرانا أي شخص اعطني الحذاء"


قال بهدوء " لا بأس .. سينتظر الشيمي حتى مساء الجمعة .. (ثم أشار خلفها مضيفا ) انزلي إلى الناحية الأخرى أولا حتى لا تلوي كاحلك بكعب الحذاء "
نفذت رفيدة واستدارت تقفز للناحية الأخرى قبل أن تمد يدها تتناول حذائها وهي تنظر حولها
ليقول الشيمي " الجمعة .. الجمعة بإذن الله يا ست الناس "
فمالت ترتدي حذائها بابتسامة تزين شفتيها قبل أن تتحرك بسرعة مبتعدة وصوت كعب حذائها يقرع بنغمات أغاني الأفراح
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:47 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.