آخر 10 مشاركات
زواج على حافة الانهيار (146) للكاتبة: Emma Darcy (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          597. آثار على الرمال - قلوب عبير دار نحاس (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          ..خطوات نحو العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : smile rania - )           »          245 - الصياد الأسير - ماري ليونز (الكاتـب : عنووود - )           »          236 - خطايا بريئة - آن ميثر (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          زوجة اليوناني المشتراه (7) للكاتبة: Helen Bianchin..*كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-04-20, 12:45 AM   #2841

دلال الدلال

? العضوٌ??? » 199871
?  التسِجيلٌ » Sep 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,028
?  نُقآطِيْ » دلال الدلال has a reputation beyond reputeدلال الدلال has a reputation beyond reputeدلال الدلال has a reputation beyond reputeدلال الدلال has a reputation beyond reputeدلال الدلال has a reputation beyond reputeدلال الدلال has a reputation beyond reputeدلال الدلال has a reputation beyond reputeدلال الدلال has a reputation beyond reputeدلال الدلال has a reputation beyond reputeدلال الدلال has a reputation beyond reputeدلال الدلال has a reputation beyond repute
افتراضي


في فصل اليوم🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺

دلال الدلال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-20, 12:52 AM   #2842

أسيل33

? العضوٌ??? » 457427
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 39
?  نُقآطِيْ » أسيل33 is on a distinguished road
افتراضي

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

أسيل33 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-20, 12:56 AM   #2843

فاطمة توتى

? العضوٌ??? » 417864
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » فاطمة توتى is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور فى انتظار الفصل الجديد

فاطمة توتى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-20, 01:20 AM   #2844

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير تسجيل حضوررررررر

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-20, 01:57 AM   #2845

Fayza Elkady
 
الصورة الرمزية Fayza Elkady

? العضوٌ??? » 400472
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 345
?  نُقآطِيْ » Fayza Elkady is on a distinguished road
Rewitysmile2

تسجيل حضور💖💖

Fayza Elkady غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-20, 02:01 AM   #2846

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الخامس والثلاثون

النائم لا يكبر في النوم

ولا يخاف ولا يسمع أنباء تعصر العلقم في القلب

لكنك تسأل نفسك قبل النوم: ماذا فعلتُ اليوم؟

وتنوس بين ألم النقد ونقد الألم

وتدريجياً تصفو وتغفو في حضنك الذي يلمّك

من أقاصي الأرض.. ويضمك كأنك أمُّك

النوم بهجة النسيان العليا

وإذا حلمت فلأنَّ الذاكرة تذكرت ما نسيتْ

من الغامض

محمود درويش.. "سَبنتي"

**********

كانت تقف خارج حجرة الاجتماعات منتظرة دخول كليهما العاصف عندما تقدم كلاهما بكامل تألقهما يمشيان متجاورين في الطرقة الطويلة، ثابتين وشامخين، ومخيفين.. لوهلة نغزها قلبها بطريقة محببة إذ أنها لن تنكر وجود كليهما بهذا التناغم وبتلك القوة مع ذلك التماثل الذي يثير حسد أي أحد يقع بصره عليهما، ووجب أن تقر في هذه اللحظة رغم كل سخطها وكرهها لما فعله أبوها بأنه كان محقًا عندما أوصى بإعادة راشد إليهم، فها هي الآن رغم كرهها الشديد لكل ما عليه والد ابنها تجد نفسها تبتهل لله سبحانه أن يحفظه هو وأخاها دائماً بجوار بعضهما وبنفس الهيئة التي تجعل القلب يخلع من مكانه...

"هل جميعهم هنا؟!" سأل راشد عندما وصل إليها

حركت كتفيها وهي تقول بلا اهتمام: "وأين سيكونون من بعد قضائهم لأسبوعٍ من عذاب توسلكم لهذه المقابلة؟!"

قال خالد بحزم "إذا تعشموا في أي رحمة فهم يحلمون"

التفت إليه راشد وقال يوبخه "وفر سخطك للداخل فأنا أحتاجه"

تنهدت بدور وهي تقول بيأس "أنتَ لن تستخدم معهم لعبة الشرطي السيء والطيب.. وبالطبع خالد هو من سيأخذ دور العضلات الغاضبة عديمة التفاهم"

رفع راشد جفنيه يتفحص خالد لوهلة وحاول أن يكتم ضحكته بصعوبة وهو يشير نحو الضمادة العريضة على جبهته "أتخيل إن علموا بأن هالك الأخضر الشرس عديم الرحمة هذا قد سببت له فتاة صغيرة ورقيقة هذه العلامة المميزة, ماذا سيكون رد فعلهم؟!"

غطت بدور فمها بأصابعها وهي تنظر لوجه خالد الذي احمر بالحرج والغضب بينما ارتفعت أنامله لا إرادياً تتلمس جرح جبته الذي اضطره لأن يخضع للطبيب ليقطبه بغرزتين..

تنحنح بخشونة وهو يجلي صوته الخشن وقال: "كفاكما, ليس مكانه أو وقته"

تأمله راشد مرة أخرى وهو يقول بزهو "لا أستطيع مقاومة تفاخري بفتاتي عندما أرى علامتها المميزة عليك.. على الأقل لن تستطيع أن تتوه عن نفسك أو تتخبط مرة أخرى بعد أن وضعت بصمتها عليكَ"

زمجر بعنف.. قبل أن ينصرف من أمامهما ليس لغرفة الاجتماعات كما توقعا ولكن نحو غرفته هو ويقول من بين أسنانه "اتبعاني من فضلكما وبعدها سنناقش أمر تفاخرك بفتاتك"

تبعاه بالفعل معتقدين أن هناك أمرًا آخر يريد مناقشته ولكنِ آخر ما كانا يتوقعاه عندما فُتِح الباب أن يجدا تميم الخطيب أمامهم واليوم بالذات.. وكالعادة كان كلا الرجلين يتحفز فور رؤيتهما لبعضهما وكأنهما مجرد وحشين أعيد حبسهما في قفص واحد..

"ما الذي تفعله هنا سيد تميم؟" حاول راشد بكل ما أمكنه من تحكم أن يصبغ نبرته بالبرود, ولكن هيهات فطاقة جسده العنيفة وهو يتقدم ليغطيها وراء ظهره تماماً أوضحت أي ضغط أعصاب وقع تحته...

رفع تميم جفنيه بطريقة جعلت خطوط جبينه تظهر واحد تلو الآخر ونظر إليه بطريقة متهكمة ومستفزة عندما لمح بدور كما توقع تخرج من وراءه وهي ترمقه بنزق ثم تقدمت بكبريائها المعهود لتجلس على مقعد خالد واضعة ساق فوق الأخرى، وهي تتأمل كليهما بجليد..

قال تميم أخيراً باستفزاز "ما زلت أملك أسهم هنا تمنحني الحق بالحضور في الوقت الذي أريده"

صحح راشد بحزم "لا تمنحك أكثر مما أقرر أنا اطلاعك عليه... كما أن اجتماع اليوم لا يخص العمل بأي صورة"

تخلى تميم عن مقارعته إذ أن الرجل محق فيما أقره, كما أنه بطريقة ما ومن خلال مواجهتهم الأخيرة هناك جزء حكيم داخل نفسه ذلك الذي ساعده علي البقاء والمقاومة و جعله يدرك أن عداء رجل كراشد ليس وقته ولا في صالحه إطلاقاً... قال أخيراً بهدوء: "أنا هنا لعدة أسباب.. أولها عندما تُسِخِّر كل موارد الشركة وعملائها للتلاعب بشركات أخرى وتقضي عليهم أو تضربهم كما فعلت خلال الأيام الماضية, هنا من حقي التدخل خوفاً على أموالي"

قال راشد ببرود جليدي: "لم يمس أحد مالك أو مال غيرك، وما قمت به للحقيقة أتى بمكاسب عدة لنا ولك"

قال تميم ببرود "أنا لست غِرًا سيد راشد, فما قمت به من تلاعب وقلب كل الموردين والعملاء على شركة سليم وغيره من الشركات الكبرى كان فعل انتقامي بحت وغير أخلاقي"

تدخل خالد وهو يقول بحزم "وما الغير أخلاقي تحديداً.. لقد قدمنا عروضًا أفضل لهؤلاء العملاء فقبلوا بها"

"آه وتسخير زوجا أختيك السيد إيهاب والسيد مالك وبعضاً من حلفائكم المخلصين... منصفاً يا خالد عندما ينافس نمر الراوي بكل شراسته رجال أعمال آخرين و...."

قاطعه راشد وهو يقول بهدوء: "هل أنتَ هنا لتمنحني درساً أخلاقياً أم لتتوسط لهم؟!"

رمقه تميم بلا معنى للحظة قبل أن يدير عينيه نحو بدور التي لم تتغير نظرة عينيها الجليدية نحوه... فعاد ليحدق في راشد الذي لمح التهديد والتحذير في قسمات وجهه ثم قال أخيراً "أعلم أني لستُ فرداً من عائلتك كما أوضحت جيداً المرة السابقة في حديثنا الخاص, وأنك لن تسمح لي أو لغيري الدخول, ولكن أنا هنا للمساندة فقط كما إيهاب زيدان"

"قلتها بنفسك.. السيد إيهاب من العائلة أما أنت..."

قاطعه تميم بسيطرة :"الشريك الذي لن تستطيع التخلص منه قريباً وبهذا الوقت تحديداً ستحتاجني ..إن استفزاز ست شركات دفعة واحدة لن يمر بخير"

صمت وهو يرمق خالد بنظرة متلاعبة ذات مغزى ثم أكمل "بجانب السيد حميدة الذي علمت من مصادر موثوقة أنه يجهز لضربة قاسمة لينتقم فيها من السيد خالد"

لم يرد عليه أحد فقط كلا الرجلين ينظر إليه بشموخ غير متنازل أو مهتز... فأكمل تميم باستسلام "نحن نحتاج للظهور كيد واحدة يا راشد أعلم أنك لا تحتاج لأحد كما أوضحت بالسابق.. ولكن بعض التحلي بالمنطق وإظهار أكبر عدد متضامن معك لن يضر"

سأل راشد باقتضاب: "والثمن؟"

زفر تميم نفساً طويلا قبل أن يقول "الثمن هو ما ترغبه أنتَ بالضبط, تهذيب آباء من تعدوا على أختك قبل أبنائهم"

حدق فيه راشد بعدم اقتناع.. مما دفع تميم أن يقول ببساطة "كلنا لنا أسرارنا وعقدنا الشخصية سيد راشد، ربما أنا أحتاج فقط لأن أسدد دين مماثل لماضي عجزت عن فهمه وقتها حتى أنتقم لواحدة أخرى"

*******

مر أكثر من ساعة وما زال السجال فيما بينهم مستمراً وكل الأطراف جلسوا متواجهين وعلى رأس الطاولة كان خالد تجاوره بدور أما هو فكان كالعادة يقف بعيداً وينفث دخان سجائره بلا اهتمام لما يحدث وكأنه ليس المسؤول الأوحد, وكأن كل من هنا لم يأتي قاصداً توسله هو.. إنه لم يحتج يوماً ليفرض سيطرة أو يموضع نفسه في قالب معين أو يتمسك بكرسي ليوضح مدى قوته وتحكمه... إنه راشد الراوي خليفة عمه وأبيه ووريث أجداده الذي لم يحتج مطلقاً لأمر مادي يؤكد أن الخيوط بيده...

أخيراً تنازل وتقدم نحوهم ليقف بجوار خالد وانحنى نحو وجه "سليم بك" الغاضب كالثور وقال بنبرة ميتة "سقوط مكانتك بسوق المال والأعمال كان أول عقاب لإهمالك في تربية ابنك وحاشيته.. صدقني سليم بك ثمن كل قطرة دماء نزفتها أختي أعلى من كل أموالكم وأولادكم مجتمعين"

تدخل سلطان الذي علم أنه والد المدعوة مايا وهو يقول من بين أسنانه: "كل الأهالي أبناءهم غاليين عليهم.. وكأنك لم يكفيك ترهيب الفتيات وحجز خمس رجال حتى الآن!"

قال خالد بازدراء "لا تقل رجال... إنهم مجرد صبية عديمي كل شيء وليس الرجولة فقط.. وحجزهم لديّ بغرض تهذيبهم كما لم تفعلوا أنتم"

ثار الجمع مرة أخرى.. قبل أن يقول إيهاب بهدوء حكيم: "أنتم هنا يا سادة للاتفاق وليس التهديد فكما أيقنتم أن الجميع في صفنا ضدكم.. ومع الضربات المالية المتلاحقة في فترة قصيرة والتي تسببت لكم بخسائر فادحة... دعونا نقول أن التحدي والتهديد ليس في مصلحتكم"

حرك سليم وجهه بتعب وجبن.. الآن علم خالد من أين اكتسب ذلك القذر أخلاقه وفرد عضلاته على من هو أضعف منه ..لكن عند المواجهة الحقيقية يصبح مجرد وغد يتوسل تحت الأقدام ليبقي على حياته ويحمي نفسه من العقاب الجسدي كما فعل معه بالضبط "دعنا نوقف هذا النزيف على الأقل سيد راشد إن ما خسرانه قد نحتاج لأعوام لتعويضه.. كما قال سيد إيهاب سنقبل بشروطكم"

انتصب راشد بطوله مرة أخرى ثم قال بلا اهتمام "إن أوقفنا النزيف المادي تماماً كما كنت أنوي فذلك لا يعني إلا شيء واحد تسليم أبنائكم للشرطة بتهمة الشروع في القتل"

هبّ أحد الجالسين وهو يقول "لا.. لا.. هذا الجنون بعينه.. سيضيع مستقبلهم تمامًا.. ألا يكفيك رفضهم النهائي من الجامعة؟!"

أدار ظهره مرة أخرى وأشعل سيجارة أخرى وابتسامته الظافرة ما زالت تزين وجهه إذ أنه حاصرهم في مكان واحد بالضبط كان يسعى بإدخالهم فيه... قال أخيراً بهدوء مدعي التعاطف "آسف حقاً يا سادة, كنت أرغب بكل جوارحي أن ألبي توسلكم المقيت بكل محبة, ولكن إلى هنا قد انتهى دوري.. وحان دور خالد الراوي ليحكم"

قال سليم بنفاد صبر "بأي صفة.. نحن هنا للقائك أنتَ وتسوية الأمر بين الأطراف المعنية"

تولت بدور الرد بتلك الابتسامة الجانبية المخيفة "نعتذر عن هذا فالوقت لم يحن لإعلانه رسمياً بعد لذلك لم يخبركم أحد أن الضحية المسكينة خطيبة خالد منذ سنين عدة"

"ماذا؟!!"

ضرب الهرج الاجتماع مرة أخرى بينما قال أحدهم باندفاع "على حد علمنا أنه مرتبط بابنة حميدة رشوان.. ما الذي تحاولون فعله تحديداً؟!"

قال تميم بطرفة "وواضح أنه ليس كذلك, لذا سأقتبس عن السيد زيدان وأقول دعونا لا نتدخل في الأمور العائلية وننهي هذا الأمر الذي طال بترضية لجميع الأطراف"

صمت الجميع على مضض سامحين لخالد أخيراً أن يقول بنبرة خالية من الرحمة "حتى ترضى هي لنوقف ما نفعله.. ستأتي ابنتك سيد سلطان مع ابن السيد سليم للمشفى ويقدمون اعتذارهم راكعين أمامها"

انتفض كلا الرجلين بثورة حانقة رافضين الأمر تمامًا حتى قال سليم أخيراً "هذا سخف لما نحل الأمر بطريقتنا كالمعتاد... اطلب المال الذي تريده ونغلق على تلك الحادثة تماماً"

تحفزت كل عضلة في راشد وهو يلتف إليه صارخاً قاطع وقوف خالد الثوري من مكانه وكأنه يوشك على قتل الرجل كما ابنه... ثم قال "هل تظن أن المال يشتري كل شيء.. كما يشتريك أنتَ وابنك وأخلاقك يا عديم الشرف"

توترت الأجواء بينما وقف إيهاب بقلق وهو يقول "راشد...."

قاطعه تميم وهو يقول "هذا عرض مخزي سيد سليم, هل يحتاجان فعلاً لأموالك والتي بالفعل استنزفوها منكم؟!"

قال راشد بنبرة حادة "كان لديّ حق بالفعل أن أجعلكم تخسرون كل شيء.. ليس تشفياً مني كما اعتقدت ولكن لأمنحك الفرصة أخيراً لتعيد تربية نفسك، قبل أن تهذب أخلاق ابنك من جديد"

صمت أمام وجه الرجل المحمر بالغل ثم التفت للباقي وهو يقول: "بالطبع قولي ينطبق على الجميع.. نحن نربي بناتنا جيداً كما رجالنا.. والنتيجة واضحة أمامكم... أما أنتم لم تخرجوا للمجتمع إلا أنصاف بشر لن أقول رجال... وفشلة في كل شيء... لذا قولي الأخير إن كنتم فشلتم معهم فدعوا فارس الراوي يصحح أخطائكم"

عم الصمت للحظات طويلة قبل أن يقطعه خالد قائلا بنبرة مميتة "هناك قوانين جديدة سترسل لكم عن الفتاتين.. أما ابنائكم مروان وشركائه سيبقون لديّ عام كامل أتصرف فيهم كما أشاء... هذا أو كما قال راشد السجن"

قال سليم: "هذا ليس عادلا"

هب خالد نحوه وهو يقول من بين أسنانه "وهل من العدل أن يجتمع خمسة كلاب حول فتاة ضعيفة لم ترتكب خطأ أو جرم واحد.. إلا أنها ذات أخلاق ومبادئ حتى تقول لا للانجرار نحو وحل أبنائكم... فتاة كل جرمها أنها رفضت أن تكون سيئة السمعة والأخلاق كما...."

قطع جملته وهو ينظر لوجهي والديّ مايا وهاجر بازدراء.. ثم أطلق استغفاراً طويلا مانعاً نفسه أن يخوض في أعراض أحد حتى وإن كانت الحقيقة.. ثم ببساطة شديدة وضع الإقرار الذي كان قد جهزه راشد من قبل مع محاميه أمامهم وانسحب من المكان...

وقف راشد أمامهم لبرهة وهو يقول "بالطبع أنا أفضل أخذ احتياطاتي إن وافقتم على شروطه.. هذا إقرار منكم أن أولادكم عنده برغبتكم ورغبتهم لعام منذ الآن... سيعملون في مزرعة المواشي التي يمتلكها خالد الراوي... سيرفعون الروث تحديداً"

شحبت وجوه الخمس رجال وهم ينظرون إليه بفاجعة.. أولادهم المدللين الذي كبروا على كل غالٍ وثمين يتواجدون في مزرعة للمواشي... لا... بل يعملون بأيديهم فيها!!

أكمل راشد بسيطرته المعتادة "ليس لديّ المزيد من الوقت لإضاعته معكم.. إما السجن والفضيحة في كل الجرائد والمزيد من الاستنزاف الذي لن تتحمله أعمالكم.. أو هذا.. وأنتم لديكم حرية الاختيار يا سادة"

ثم غادر متبعاً خالد تاركاً نظراتهم لوجهي إيهاب وتميم راجين إياهم التدخل.. ولكن نظرات كلا الرجلين أوضحت دون كلام مساندتهم لآل الراوي للنهاية...

قال سليم في محاولة أخيرة يخاطب بدور "أنتِ أم ومؤكد تفهمين ورطتنا.. لذا نرجوكَِ التدخل"

حلت بدور ساقيها ثم شمخت بقامتها تعتدل وهي تقول بترفع أنيق: "نصيحتي الأخيرة اتركوهم لحكم خالد, هذا لصالحهم... حتى تروا بأعينكم قبل قلوبكم التي عميت عنهم طويلاً كيف تكون تربية فارس آل الراوي..."

*********

بعد وقت كان راشد يغلق هاتفه مودعاً مدحت بعد أن أخبره عن انتهاء الأمر وأنه لا يحتاج لمساعدته, إذ أن مالك قدم بالفعل كل ما طلبه منه على أفضل صورة... من الرائع بالنهاية أن يعيد ذلك الحادث الموجع ترابطهم كعائلة واحدة وأن يعلم أنه برغم كل شيء ما زال هيكل بنيانهم لم تهدمه الأنانية.. وعِند الحاجة يكون جميعهم على قلب رجلٍ واحد...

سأل خالد الذي كان يقف عند النافذة ينظر للشارع بكآبة: "ما الذي يعنيه إعلان بدور على الملأ خطبة أنتَ ترفضها؟!"

نظر راشد إلى بدور لبرهة قبل أن يقول: "لا شيء إلا ما استدعاه الموقف"

"ظننت أنك ترفض التلويح حتى بالأمر, حماية لها ومنع أي شائعات عن سر فسخ خطبتي مع لانا وزواجي السريع منها.."

قال راشد بتلاعب: "ومن الذي ذكر أي زواج هنا؟ بعد وقت سنعلن فسخ تلك الخطبة الوهمية على ابنتي.. وعلى كل حال إن فَشلكَ مع فتاتين وفي وقت قصير سيدينك أنتَ وليس هما"

حدجته بدور بنظرة نارية ثم قالت "توقف عن أسلوبك هذا، ربما أنت وليّ أمرها ولكنك لا تستطيع أن تقف في وجههما إن قالت هي نعم"

لم يقاوم راشد أن يطلق ضحكة عالية أخرى عندما التفت خالد إليهما وهو يمسد جرح جبهته بغيظ مكبوت ثم قال وهو يشير إليه "أعتقد أن رفض سَبنتي واضح للجميع بطريقة فعالة أبدية ستبقى على وجه شيخنا"

"استغفر الله من كل ذنب... توقف قبل أن أتهور وأمنحك مثلها" قال خالد بنزق..

بينما وقفت بدور وهي تقول بجمود "لقد أصبح الأمر سخيفاً بينكما حقاً.. أنا سأذهب لمكتبي"

"انتظري, أريدكِ على انفراد" قال راشد بهدوء

فتحت الباب وهي تقول بسلاسة "ما تريده ويتمحور حول العمل فقط تستطيع إرساله لي على مكتبي.. أما إن كان حول إياب يمكنك أن تأتي لزيارته في المنزل"

تحركت للخارج دون أدنى اهتمام تاركة ابتسامة خالد المتشفية تتوسع وهو ينظر إليه باستفزاز كما فعل هو معه بالضبط في الليلة التي دخل فيها عليهما ووجد وجهه غارقاً في الدماء بينما الدعسوقة الجاحدة كانت تأمره دون أن يهتز لها رمش بالخروج من عندها وعدم عودته أبداً...

"لا تظن أنها انتصرت.. تعلم أن حربي معها لم ولن تهدأ"

قال خالد بهدوء "وأنا لن أترك جبهتها أبداً، إن كانت حرباً فهي معي أنا أيضاً"

"ليس من صالحك أن تستفزني يا خالد"

زفر خالد وهو يقول "ما مشكلتك تحديداً؟ ما أسباب رفضك الحقيقية غير تلك التي ترميها في وجهي؟"

وقف راشد من مكانه ثم أغلق باب المكتب وعاد إليه مرة أخرى وهو يقول بهدوء شديد "لا أثق بك، أعلم أنك ستجرحها عند أي عثرة أخرى كما فعلت سابقاً"

قال خالد بتعب "وإن وعدتك أن لا أفعل؟"

أومأ راشد بتفهم قبل أن يقول "لقد وعدتني بالفعل من قبل ورغم تحذيري لك فعلت.. لقد حطمت المتبقي منها"

أغمض خالد عينيه بتشدد قبل أن يقول "أنا أخطأت ولكني كنت أتألم حين تركتني.. لقد ظننت أني قادر على تحرير نفسي منها كما تحررت هي مني"

تراجع راشد يريح جسده على طرف مكتبه ثم كتف ذراعيه على صدره وهو يقول: "أنا من منعتها في البداية عن أي تواصل معك رغبةً مني لقطع أي علاقات بكم من ناحية ومن ناحية أخرى حاولت أن أرممها بعيداً عن الأمل فيك.. لقد أردتُ أن تبني نفسها بنفسها حتى لا تعتمد على أحد يوماً"

للحظات لم يرد عليه خالد بشيء ملاحظاً الأسف الشديد في عينيه و شيء آخر أدركه خالد بوضوح عندما قال "هل أردتَ أن تمنحها ما عجز أبي عن منحه لبدور؟!"

أسبل راشد جفنيه ثم قال بصوت متوتر مقراً لأول مرة فاتح قلبه لابن عمه دون قلق من لومه "نعم من بداية إحساسي بتغير مشاعرك معها.. بل ملاحظة الجميع ذلك وقد شبهوكما بنا"

قال خالد معترضاً "نحن لا نشبهكما"

زفر راشد وهو يقول بأسى: "أعلم... ولكن ما عنيته أنه ربما سَبنتي تتشابه مع بدور في شيء واحد وهو تعليق كل أحلامها وآمالها عليك، وهذا خطأ في حد ذاته، إذ عندما كسرت أنا كل أحلام بدور انهارت كل ثوابتها وتحولت لذلك الكائن الذي عانى ويلات حرب دمرتها قبل أن تدمرني... أنا لم أرد لسبَنتي نفس المصير"

للحظات كان يحدق فيه خالد بشعورين مختلفين الضيق والصدمة.. كان راشد يتحدث معه بوضوح عن مشاعره.. يقر بشكل مباشر بما تسبب فيه لأخته..

أكمل راشد بهدوء "لقد أردُتها أن تُخرِج من رأسها اعتمادها على أي أحد.. إن كانت ستقوى فبيدها هي، وأن توازن نفسها من داخلها.. كان تواصلها معك عثرة كبيرة في تقدمها... إلا أنني لم أتوقع أنه برغم طول المدة ستبقى متعلقة بك"

"لماذا لم تعد يا راشد.. كيف استطعت أن تكمل كل هذه السنين بعد أن علمت بما جرى لبدور؟!"

وقف راشد مرة أخرى يتحرك حول أطراف المكتب بعصبية قبل أن يقف مكانه وهو يقول بقهر لم يره فيه خالد مطلقاً من قبل "كنت ما زلت أعاني، وصدمة انهيارها بهذا الشكل كانت أشد فتكاً بي من معرفة أنها أتمت زواجها منه... من أخبرك أني لم أرد العودة.. رغبت ولكن جزء ملعون أناني بداخلي ذلك الذي يخص أبوتي قد ارتعب من الفكرة وإلقاء سَبَنتي التي أخيراً استطاعت أن تقف على قدميها وتحارب من جديد بينكم، إذ أنها أظهرت تقدم جيد في علاجها.. أما إياب كان قد حرم منها في أهم فترة من حياته وانتهى الأمر لذا خشيت عليه هو الآخر أن يعود إليها.. وترجع نارها من جديد... كانت ثقتي في بدور معدومة رغم معرفتي بعد عام ونصف من دخولها المصح"

اشتعل الغضب في عيني خالد من جديد ولكنه سيطر عليه بمهارة وهو يقول "ولكنك كنت ترتب لعودتك، هل انتفت أسبابك بعد أربع أعوام؟!"

قال بجمود "لم تنفى وما زالت قائمة ولكني غلبت نفسي أخيراً، إذ أن إياب يحتاجها في حياته، أنا لن أكرر أخطاء أحد.. إن ابني يتعذب لعدم وجود أم في حياته فكان يجب أن يعود إليها ليحصل منها على كل ما حرَمَتهُ منه وكانت هي السبب فيه.. أما باقي أسبابي لن أناقشها مع أحد غيرها"

قال خالد بعدم اقتناع :"هي لن تقبل الاستماع إليك ولن تغفر أبداً"

"تركت لها الخيط من البداية يا خالد ولكنها كانت أكثر إهمالا من أن تتبعه.. لقد كانت تائهة في عالمها المؤذي ذاك.. إن بقي إياب مع بدور بوقتها لم يكن ليطاله إلا التحطم, ناهيك عن محاولتها إدخال عزام في حياتها هي وابني"

هتف فوراً "لقد رفضته"

صرخ فيه "لم يصلني هذا كما أني بشر.. كم تحتاجون لفهم ذلك؟ أنا لست إله ولست ملاك لأحتوي وأتفهم.. كنت محطم ومفطور بسبب فاجعتي بها، في المرأة التي لم ولن أحب سواها.. لقد وقفت أمامي على الملأ ببطنها المنتفخ بابني تعلن زواجها من آخر.. هل تستطيع أن تشعر بما أحسسته أنا؟ لا شيء يقارن البتة بقهر رجل في محبوبته وأم ابنه"

قال خالد بغيظ "وهي رأتك مع..."

قاطعه بحدة "رأتني مع حثالة... مجرد جسد قذر لم أذكر حتى ملامحه عقب انتهائي منه.. هل تقارن الحرة نفسها بساقطة؟!"

أشار خالد بيده الموجهة لأسفل بينما كانت عروقه تنتفض بحمائية وهو يقول من بين أسنانه "أختي لم تقارن نفسها مع "قرفك" رغم رفضي لكل ما فعلته.. ولكن فعلتها لا تقارن البتة مع جريمة الزنا التي ارتكبتها"

قال بنبرة جامدة بدون تردد "بالضبط كما ذكرت ولكني لست مثلك, كانت نشأتي مختلفة.. كنت بعيداً تماماً عن الالتزام... لدرجة كنت أعتقد أن ما فعلته هو مجرد إشباع غريزة تتفاخر بها رجولتي كما الكثيرين.. لم أدرك فداحة ما كان يحدث إلا متأخر جداً.. وصدق أم لا أن توبتي ليس لبدور يد فيها، لا أنكر أني عاهدت نفسي أن لا أمس امرأة بعدها.. ولكن الخطأ من البداية أني مثلها ومثل العائلة اعتقدت أن حبي لها وارتباطي بها هو من سيمنعني عن هذا الطريق كما فعلت طوال عامين منذ رأيتها من جديد في بيت شذى منذ عشقتها.. ولكني أدركت بالطريقة الصعبة أن الأمر لا يتعلق بأحد.. لا امرأة قادرة على تغيير رجل.. لا حب يحمي من السقوط كما اعتقدنا بسذاجة، بل شيء واحد ما يجعلني أقف في وجه أي أحد بقوة الآن أني تبت.. أني لا أمس امرأة ليست حلال لي.. توبتي لله وخوفي منه، وعهدي له أن لا اقترب من حرام.. ما عادت النفس ولا صحيفتي تتحمله... يكفي ذنوب الماضي"

تراجع غضب خالد كله وهو ينظر لابن عمه الأكبر بتفهم وبنوع من التعاطف وتقبل الصدق في نبرته ثم قال بتردد "قد أفهم سر صمودك لخمس سنوات في انتظارها إذ كانت زوجتك ولكن ما لا أستوعبه وهنا أعني نظرة رجولية بحتة لما لأربع سنوات أخرى وأنت فاقد الأمل فيها وأنتَ تحترق قهر منها... أعني كيف يتعلق عدم تفكيرك ولو عرضاً في زواجك من امرأة غيرها؟!"

ابتسم راشد بتندر قبل أن يقصفه بالقول "أتقصد مثلك؟ أبحث عن امرأة تحميني من المغريات حولي؟!"

اصفر وجهه خالد بالسخط والحرج ثم قال مدافعاً: "لم تكن تلك أسبابي فقط"

تجنب راشد إجابته وهو يقول بهدوء شديد "لست مثالياً لتلك الدرجة، ولكنِ كنت أكثر انشغالا بتربية أولادي.. إن حب الأبناء يحمي من أي زلة أو سقوط يا خالد, فالنظر لوجه إياب بالذات ورؤية بدور عبره كان كافيا أن يمنعني من التفكير في أي امرأة.. ما كنت أخاطر بولدي وادخل في حياته واحدة قد تهدمه لما تبقى من عمره عندما ينضج ويفهم كل الحقائق..."

صمت لبرهة ينظر إليه بتمعن ثم قال أخيراً بأنفاس محترقة "كما أني أستطيع الثقة بك وإخبارك أن الأمر راودني بالفعل، أنت تعلم تفكير الرجال الحسي المقرف على قول أختك... ولكن ما منعني أيضاً ووأد أي فكرة أتت لعقلي بأنه لا توجد على وجه البسيطة واحدة سواها تستطيع ملئ الفراغ الذي تركته هي"

صمت خالد لبرهة وهو يشيح بوجهه بعيداً عنه, كان وكأنه يحاول أن يحجم نفسه وغيرته حتى لا يلكمه على وجهه لما يسمعه منه بتواري.. ثم قال أخيراً بخفوت "رغم ثقل هذا على نفسي ولكن أنا أيضاً اكتفيت من رؤيتها هكذا... أريد لبدور أن تتقدم في حياتها يا راشد, إن كانت سعادتها بين يديك فأنا على استعداد لتقديم أي شيء تطلبه مني لتكفر عن ذنبك بحقها وتعود لتحتويها بطريقة صحيحة هذه المرة!

قال راشد بيأس "إن بدور لن تغفر.. كما أني لا أشعر بأني أخطأت بما فعلت"

ثار خالد وهو يعود ينظر إليه وقال بحدة "ها قد عدنا لنفس النقطة.. تنازل مرة واحدة من أجلها، ألا يكفيك تسع سنوات كاملة من العذاب ضاعت من كليكما هباءً.. هل حقاً أنا من سيخبرك أن توهمها بندمك علك ترمم الجروح بداخلها"

جز راشد على أسنانه وهو يقول "لم أقل أني لم أندم لما فعلته، ولكني لم أخطئ, شتان بين الأمرين"

نظر إليه باستنكار شديد... شاعراً بيأس غير محتمل منه ومن أخته ومن المجنونة العبثية الأخرى ثم قال صادمه بتغيير مجرى الحديث تمامًا "إذن فليهديك الله على نفسك... زوجني سَبنتي الليلة ودعنا نحن نغير مصير عائلتنا أخيراً"

"عفواً؟!!"

"لا عفواً ولا سهلاً... هيا يا راشد قم بتزويجها لي فأنا لا أستطيع مقاومة وجودها أمامي دون أن تكون حلالا لي "

استهزأ راشد "حلالك! كما قالت سَبنتي عندما تطير الفيلة"

كور خالد قبضته وخبطها بسطح المكتب وهو يقول "حسناً قبلت التحدي.. سأفعل أي شيء وأنتَ ستكون مجبراً لتزويجها لي.. شرطك أنتَ وهي أن تطير الفيلة صحيح؟!"

هز راشد رأسه بقنوط قبل أن يقول بتعقل "سأخبرك مرة أخرى لن اطمئن عليها معك.. بصراحة لا أثق بك"

"لك كلمتي"

كرر راشد بحزم "سبق وأخذتها منك وخذلتني... لذا كلماتك لا شيء"

انمحت كل انفعالات خالد ولم يبقى إلا الرجاء الذي يصرخ من نبرته كما ملامحه ثم قال "أي ضمان أنا على استعداد له، ضع المهر الذي تريده، سأكتب كل ما أملكه باسمها.. أضع حياتي بين يديك ويديها, أي شيء يا راشد.. فقط زَوِجها لي"

ابتسم راشد بعصبية بينما ذلك الجزء الخاص بمكانة خالد لديه يتعاطف معه ويتضامن بشكل كامل..

وأكمل خالد وهو يقترب منه: "أنا صادق وواثق مما أريده هذه المرة... أحبها بصدق وأعاهد الله أمامك أني لن أجرحها أبداً.. لن أخذلها ما حييت.. لن أتركها مطلقاً... أحب الصبية يا راشد حب العابدين والزاهدين ولم أرغب يوماً في غيرها، أعطها لي يا أبا إياب وترفق بقلب الفتى الذي لم ينبض يوماً لسواها"

توسعت ابتسامته النادرة هذه المرة وهو يفتح ذراعيه بأخوية ثم قال بنبرة خشنة :"تباً لكل شيء.. تعالى إليّ"

تقبل خالد حضنه الرجولي لبرهة قبل أن يقول بإلحاح "هل هذا يعني أني حصلت موافقتك؟!"

قال راشد بتلاعب :"لقد وجهت كل طاقتك للشخص الخاطئ، أنا آخر خصم قد يقف أمامك.. إن عدوك الشرس يتمثل فيها وهي لن تسلم لك مطلقاً بسهولة"

*********
داخل جناح المشفى الخاص، تركت بدور إياب يسبقها مندفعاً نحو فراش سَبنتي التي اعتدلت بمساعدة شيماء فاتحة حضنها لاستقباله: "حبيبي، اشتقت إليكَ"

كفيه الصغيرين أخذا يتتبعا جروحها بحزن شديد رافقه طفور دموع عينيه وهو يقول: "من السيء الذي ضربكِ ماما، لماذا لم تخبريني لأعقابهم؟!"

أمسكت يديه تقبلها وهي تقول مهدئة من روعه: "لم يضربني أحد, ألم تخبرك بدور عن الحادث؟"

همس داخل أذنيها بتآمر لم يمحي حزنه "لا تكذبي، نحن نعرف كل شيء, لقد سمعت شجار خالد مع "تيتا" وهو يقول أنه يحبس الأشرار ويضربهم مثلما فعلوا بكِ"

أدارت سَبنتي عينيها داخل الغرفة التي امتلأت بالزوار لبرهة وكأنها تحتاج أن يمنحها أحد إجابة مرضية تخبرها به.. فسمعت مريم تقول بهدوء: "لا تحاولي إقلاعه عن الفكرة.. الأطفال دائماً يعرفون كل شيء يدور حولهم، ولكن نحن الكبار أكثر سذاجة واستخفاف بملاحظاتهم"

همست شيماء: "أذكر أن سَبنتي قالت في الماضي نفس جملتك، ولكن يبدو أنها نضجت بالفعل وانضمت لفئة السذج الكبار"

ابتسم نزار بعصبية والذي أتى لزيارتها مع والدته ووالده برفقة مريم ثم قال ممتعضاً من بين أسنانه: "تعجبني ثقتكِ تلك شيماء وكأنكِ لم تصبحي أكبر الحمقى"

ضربته هناء بمرفقها في بطنه موجهه له تحذيراً شرساً ألا يحاول الاشتباك معها... بينما قالت شيماء بهدوء: "على الأقل لم أكن أكبر الأغبياء معدومي البصيرة من البداية كأحدهم"

تقدمت بدور تجلس على طرف الفراش بجانبها وهي تطلق نفساً طويل ثم قالت بتعب "حسناً, وقت مستقطع لدينا بالفعل في الوقت الحالي بعبع غاضب مندفع.. ودعسوقة عنيدة حانقة.. هل ننتهي منهما وننظر لطلبك يا سيادة المحامي؟!"

"دكتور من فضلك" صحح نزار وهو ينفخ صدره بغرور!

دحرته بدور بنظرة ممتعضة مستخفة... بينما قال جوشوا بعدم فهم "مهلاً نصف حديثكم لا أفهمه، ماذا يعني البعبع هذا؟!"

همس نزار بسماجة "إنه كتلة عضلات متحركة في ظاهره شخص هادئ وقور وفي باطنه لا يجيد التحدث إلا بتحطيم أنف من أمامه"

"وهذا من تريدني أن أتحداه وأظفر لك بالفتاة من بين يديه؟!"

أومأ نزار مؤكداً "بالضبط يا كبارة البلاد"

قال جوش ساخراً "انسى, لقد غيرت رأيي، لقد قررت أن ألوّح أمامه بشيء ليحطم رأسك أنتَ ونرتاح أنا ووالدتك المسكينة منك"

أطرقت هناء برأسها وهي تمسد حجابها بتعب يائس ثم تحركت تجاور منى وهي تقول باعتذار: "أعتذر منكِ، لقد اعتقدت أنه تغير ولكن لا فائدة فالطبع غلاب.. ولتزيد كارثتي الضعف والده أشد جنوناً منه, كما ترين طوال الوقت هما في تحدي وشجار"

ابتسمت منى بطيب خاطر ثم قالت: "تعتذرين عن ماذا, نحن تجاوزنا كل هذا منذ زمن، يكفي أنكِ الصديقة الوحيدة الحقيقية التي جاورتنا كل هذه الأعوام بغرض المحبة الصادقة فقط"

أومأت هناء بمحبة وهي تسألها بهدوء: "لقد تحدثت مع بدور كما أخبرتكِ، لذا أعتقد أن الجانب النسائي يوافقكِ على عطيتنا"

سحبتها منى من يدها ثم تقدمت نحو نقطة بعيدة عن الجمع الذي حاوط فراش ربيبتها التي غابت عن الدنيا الآن وما حولها مكتفية بصحبة إياب.. ثم همست: "انظري يا هناء, أنا ليس لديّ أي نية أن أقف في وجه سعادة صغاري، ورغم غضبي من نزار في الماضي لتعديه على حرمة بيتي ثم تهوره فيما فعله مع شيماء وأنتِ لكن كل هذا أصبح رماداً ...أنا أناصره وأثق أني لن أجد أفضل منه لها.. ولكن كأي أم أيضاً لا ترغب إلا في رضا صغيرتها ولن أستطيع أن أقنعها أو أجبرها على أمر تنفره"

توتر فم هناء وهي تكرر باستفهام "تنفره؟!"

أكدت منى ببساطة "بمجرد أن فتحت الأمر معها جن جنونها كما لم أرها قط من قبل... حاولت أن أحاورها بالمنطق كالعادة ولكنها أصرت على الرفض وأخبرتني أن مجرد فتح الأمر معها غير مقبول إطلاقاً... لذا أنا الآسفة حقاً يا هناء"

حدقت كل منهما في الآخر لأكثر من دقيقة... حتى قالت هناء أخيراً بفتور "حجة مكشوفة يا منى إذ أن كلتانا يعلم جيداً أن رفض شيماء ليس نفوراً وإنما غضباً، ربما قهراً عندما تركها لسنين دون أن يحاول التواصل معها ويرمم خطأه في حقها... ابنتكِ لم تنسه ولن تفعل كما كلتانا يعرف أيضاً إن كان هناك رجل واحد قادر على تفهمها والاطمئنان عليها معه فهو نزار لا غيره... إنه يحبها من أجلها فقط وليس لأي اعتبارات أخرى"

لم تتبدل نظرات منى المتفهمة قبل أن تقول بحزم "وماذا عنكِ أنتِ؟!"

عبست وهي تقول بحيرة "وماذا عني الآن.. تعلمين أني أحبها وإن لففت العالم لن أجد أفضل منها لابني"

زفرت منى قبل أن تقول بصراحة مطلقة "ابنتي حالة خاصة.. كما أن ما فعله ياسر معكِ.. أعني..."

ابتسمت هناء برزانة رائعة قبل أن تقول: "دعينا من موضوع حالتها تلك فهذا أمر تحله بينها وبين ابني ولا يعنيني في شيء... أما عن فعلة زوجكِ رحمه الله وغفر له.. فأنا لن أعاقب أبرياء على ذنب رجل آخر، كما أني تصالحت مع الأمر حد أن أخبركِ لولا فعلته تلك ما كان انكشف الماضي لابني، وربما ظل ثابتاً في تخبطه ووجع فقده لأسرة تحبه.. وظللت أنا في جُبني وقهري الذي أهلك أجمل سنين عمري"

قالت منى بسخرية مميتة "من دواعي سروري أن أعرف أن بالنهاية هناك حسنات للجانب المظلم من زوجي"

ربتت هناء على كتفها في تعاطف متضامن ثم قالت بهدوء "هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"صدق الله العظيم.. أشعر أنكِ قريباً جداً ستنالين مكافأة إحسانكِ, لا حزن ولا ظلم يبقى للأبد"

همست منى بخشوع "ونعم بالله... ونعم بالله"

الدخول الصاخب الذي ملأ الغرفة لفت نظر كلتيهما بينما همست منى بتعجب: "نوة ما الذي تفعلينه هنا؟!"

ألقت نوة حقيبتها الضخمة على ساقي بدور دون اهتمام تخبطها بعنف ثم قالت بعتب: "ألهذه الدرجة أنا وشذى نعتبر خارج العائلة، سَبنتي هنا منذ عشرة أيام ولا أحد يخبرنا.. عارٌ عليكم والله"

تأوهت بدور من أثر الضربة ومدت يدها دون تفكير تزجها من خاصرتها وهي تقول "صدقت لوليتا أنتِ إعصار لذا رغبنا في دفعكِ بعيداً"

امتعضت وهي ترمقها ببرود ثم عادت لتقبل شيماء على وجنتيها "اشتقتكِ يا عصفورة، هل يمكنكِ أن تسمحي لي بمجاوراتها؟!"

وقفت شيماء سامحة لها بأن تأخذ مكانها.. بينما هتف نزار باندفاع متلهف "المقعد المجاور لي فارغ يا عصفورة.. تعالي إليّ"

خبطت هناء على جبهتها بعنف يائس.. بينما سحبت منى سريعاً يد شيماء ووضعتها تحت جناحها وهي تنظر إليه بغضب... وهمست بدور ومريم بنزق في صوت واحد "يا للخسارة.. ها قد عدنا لجنون الأشقر الأحمق"

ضيقت نوة ما بين عينيها وهي تنظر لأختيها باستفهام.. ثم التفت مرة أخرى تبعد إياب عن حجر سَبنتي وهي تقول بعتاب "هل سترفضينني كآخر مرة يا بقة؟!"

انتابتها مشاعر عارمة في تلك اللحظة وهي تقلب عينيها الدامعتين في الوجوه حولها.. حتى وقعت حدقتيها أخيراً داخل نظرة نوة المحبة ثم قالت باختناق "هل أتيتِ من أجلي أنا؟!"

ابتسمت.. ابتسامة صغيرة ثم قالت بتفهم: "وإن لم نأتي من أجلكِ، فلمن إذاُ؟! لقد كِدتُ أجن عندما عرفت سَبنتي"

لم تمنحها فرصة أخرى للرد أو حتى للعتاب عندما لفت ذراعيها حولها تحتضنها برأفة ثم قالت "لقد اشتقت لكِ يا صغيرة.. تبت يدا كل من فكر بلمسكِ بأذى"

بعد وقتٍ كان نزار وأهله يهموا بالخروج مودعين إياهم عندما انتبهت لهم نوة أخيراً وهي تقول باستفهام حرج "العذر منكم، لقد كنت قلقة لا أكثر"

ردت هناء بلطف: "لا عليكِ, حمداً لله على سلامتكِ"

ابتسمت نوة في وجه صديقة والدتها قبل أن تسأل بفضول "هل هذا ابنكِ؟!"

قالت هناء بفخر وهي تنظر نحو نزار: "وأخيراً تعرفتِ عليه, هو بذاته"

حدقت نوة في كلا الرجلين المتشابهين في الملامح بشكل ملحوظ... متذكرة بشكل جليّ أنها رأتهما من قبل في بعض الصحف المحلية في السويد... ثم قالت بمرح متلاعب: "أيٍ منهما هو نزار؟!"

احمر وجه هناء بحنق بينما اندفعت بدور لتقول "توقفي يا إعصار, خالة هناء ليست حمل مزاحكِ السمج"

تحدثت نوة بالسويدية "البروفيسور جوشوا هابر من ترك كل شيء وعاد يطارد الأميرة العربية؟!"

اومأ جوش بثقل وهو ينظر لهناء التي تتابع حديثهما "هو بذاته، أفهم أن الشائعات بدأت في الظهور هناك أيضاً؟!"

"وهل هي شائعات بالفعل دكتور؟" قالت نوة...

تراجع جوشوا خطوة يمسك يد هناء بين أصابعه بقوة ثم قال بحزم: "لا, إنها زوجتي منذ أكثر من ستة وعشرون سنة.. وستظل حتى مماتي ومستعد للتنازل عن عمري إن لزم الأمر لأبقى سويعات بجانبها"

صفقت مريم بسعادة وهي تزف الخبر الذي نبهتها هناء أن لا تبوح به: "لقد منحته موافقتها بعد أن كاد أن "يتخلل" الدكتور المسكين من تلويعها له"

شهقت هناء وهي تنظر لمريم قائلة بلوم: "مريم..!"

قالت مريم بنزق: "ماذا؟ سيعلم الجميع عاجلاً أو آجلاً"

التفت جوش يضيق ما بين عينيه ناظراً لمريم بتوجس ثم قال بلغته الفصحى: "ما معنى "يتخلل" تلك.. هل سبتني؟ هل تسبيني يا مريم؟!"

"لا والله يا دكتور, كنت أسب هناء"

:"بكِ الخير يا مريم, لا أعرف أين سأذهب بأفضالكِ تلك؟!"

راقبهم نزار بكبت وهو يشيح بوجهه نحو تلك التي تحتمي في أمها منه رافضة أن تمنحه ولو نظرة من وجهها الصبوح الذي تبعده عن مرماه... ثم تقدم خطوة نحو فراش سَبنتي وجلس القرفصاء مقابلها وهو يقول أخيراً بتعقل: "فكري في الأمر.. واستشيري راشد ثم أخبريني بقراركِ"

همست سَبنتي بخفوت: "لا أعرف يا نزار، الأمر أصبح صعباً بالنسبة لي, أحيانا أشعر أن هذا المكان ليس مكاني"

قال نزار برفق: "بل أنتِ في المكان الصحيح تماماً, بين أناس يحبونكِ بصدق ويهتمون لأمركِ، إن تجربتكِ مع هؤلاء الجبناء حفنة الحثالة العالة على المجتمع ليست نهاية الكون"

فركت وجهها قبل أن تقول بتردد "لقد فكرت بالفعل أن أعود للدراسة هناك.. لا أعتقد بأني قادرة على قبول عرضك"

قال نزار بهدوء: "ظننتكِ أكثر شجاعة.. أكثر قوة وبأس لتقاومي وتقفي من جديد, لستِ أنتَ من تستسلم من أول ضربة"

ارتسم على شفتيها شيء أشبه بابتسامة أسى قبل أن تقول: "أنت ليس لديك أي فكرة عن كم الضربات التي أخذتها يا نزار...."

"ما الذي تحاول فعله تحديداً.. ابتعد عنها"

أغلق نزار عينيه جازاً على أسنانه بعنف بينما تبدلت كل مشاعر سَبنتي للنقيض تمامًا... مشاعر كثيرة متزاحمة ارتسمت على وجهها الذي ارتفع بحدة وبغضب.. غل وحقد نحو الشخص صاحب الصوت الصارم الذي أتى من خلف ظهره ووتر كل المتواجدين "البعبع خاصتكِ, أليس كذلك؟!"

قالت بعنف: "ليس خاصتي.. لا أعرفه ولا أريده هنا"

أمسك راشد الذي دخل ورائه بذراع خالد ثم نظر إليها بهدوء قبل أن يقول بنبرة مسيطرة ومحذرة: "عندما تتحدثين مع ابن عمكِ الأكبر التزمي حدود اللياقة يا سَبنتي"

شحب وجه سَبنتي وهي تنظر له بعدم تصديق وإحباط "أنتَ تتحدث معي هكذا يا راشد من أجله؟!"

تقدم راشد ثم مال نحوها وقبل جبينها وهمس في أذنها برقة: "سَبنتي التي أعرفها لا تحرج أحد أمام كل هؤلاء... خاصةً إن كان خالد يا بسبوسة راشد"

ألقى راشد سلام سريع على الحضور قبل أن يولي اهتمامه لنزار الذي وقف يمد يده في سلام ودخل في الأمر مباشرة متجنباً ذلك الذي يغلي قهراً وغضباً من خلفه "أنا أعمل في إحدى الجامعات الحكومية الآن، لقد أخبرتك من قبل"

أومأ راشد بهدوء متذكراً بشكل ضبابي لقائهما السابق قبل يومين والذي لم يخرجا منه بأي شيء نظراً لانشغالهما فيما حدث.. أكمل نزار بهدوء: "كنت أخبرها بعد إذنك بالطبع يمكننا بالقليل من العلاقات أن نسحب ملفها من تلك الجامعة الخاصة.. ونقدمها في كلية الصيدلة في نفس المكان الذي أعمل انا فيه!"

الآن استرعى جل اهتمامه عندما قال بهدوء "وما الذي سيميز ذلك المكان عن سابقه؟!"

تنهد نزار قبل أن يقول "أولاً الجامعة تحتوي على كل طبقات المجتمع ووجود شخص كسبَنتي ومع تحفظها بالفعل وانغلاقها على نفسها لن تلفت نظر الكثيرين... هذا إن لفت أحد من الأساس.. وثانياً ستكون تحت أنظاري وبالطبع سأتولى أنا إنهاء كل أوراقها بتكتم شديد.. ولن يعلم أحد عن هويتها وبهذا نحافظ على جزء الخصوصية الذي ترغبه هي.. ويطمئنك أنت"

تدخل خالد وهو يقول بحنق "ومن أنت بالضبط لتكون في رعايتك؟!"

تنحنح جوش وهو يقول بعملية "هل يمكننا أن نتحدث في الخارج ونترك الغرفة للنساء والطفل الجميل حتى لا نسبب لهم مزيد من التوتر؟!"

أومأ راشد وهو يمد يده باحترام أمامه في دعوة أن يتقدمه.. فخرجوا واحداً تلو الأخر ووقف أربعتهم في دائرة مغلقة فقال جوش بعد برهة: "اعتذر لتدخلي, ولكن ما عرضه نزار يبدو حلا منطقياً في الوقت الحالي"

قال راشد بحيرة: "لم أفكر في الأمر حتى.. كل ما كان يهمني أن تصبح بخير وتتخطى ما حدث"

عاد نزار يخاطبه بتعقل: "لقد كنت أنا قبل سفري في جامعة حكومية, كما اعتقد أن البعبع كذلك؟!"

صحح خالد ببرود "خالد الراوي"

رفع رأسه ناظراً إليه مدعياً الذهول وقال باستفزاز "هل تعتقد بأني أهتم؟!"

نفخ راشد بنفاد صبر كما حرك جوش رأسه بغيظ حتى قال راشد: "كم عمرك؟!"

"لماذا؟"

تراجع راشد يجلس على مقعد جانبي قبل أن يدحره بأحد نظراته المقيمة والـمخيفة.. ثم قال بلهجة لاذعة "لأنكما تبدوان لي مجرد طفلين أحمقين يرغب كل واحد منهما بالسيطرة على منطقته حتى يتباهى أمام فتاته ذات الضفائر"

عبس خالد وهو ينظر لنزار الذي انقلبت ملامحه هو الآخر بحرج "نحن لسنا كذلك"

قال بلهجة قوية وكأنه يصفع كليهما حتى يفيقا "إذاً تصرفا كرجلين مسؤولين.. وليس مجرد ذكريّ غابة يتصارعان لإثبات قوتهما"

أجلى نزار حنجرته بحرج قبل أن يقول "الخلاصة.. سَبنتي ستكون آمنة هناك وسط أناس لا يعرفون من هي ولن يهتموا بالأساس للمعرفة.. هؤلاء الطلبة وإن اتفقوا على شيء واحد خاصة ذلك القسم الذي ستدرس هي فيه.. سيكون الاجتهاد لتحصيل العلم فقط"

قال راشد أخيراً بتعب: "شكراً للعرض, سأفكر فيه وأبلغك ما توصلت إليه.."

عم الصمت لبرهة حتى تقدم جوشوا يجلس بجانب راشد وهو يبادل ابنه النظرات في تحالف ضمني... ثم قال بتلك اللكنة الملكية الموزونة "لم نتعرف من قبل.. جوشوا هابر"

رفع راشد رأسه ناظراً إليه باحترام ثم أومأ وهو يقول: "غنيٌّ عن التعريف يا دكتور.. أشكرك لقدومك المتكرر"

هز جوش رأسه قبل أن يقول بهدوء "في الحقيقة كنت أرغب في لقائك والسيد خالد, ولكن الأحداث جعلتني أؤجل الأمر قليلاً"

قال راشد باهتمام "نستطيع القول أن كل الأسباب نفيت تماماً وها أنا وهو هنا.. تفضل"

بريق أمل خافت مر في عينيّ جوشوا وهو ينظر لابنه ثم قال ببرود: "التوتر الذي بين هذين الاثنين بالذات لا يشجع على الإطلاق"

كتف نزار ذراعيه على صدره ثم قال بتحكم: "أنا ليس لديّ أي مشاكل مع خالد.. بل هو من يبدي العدائية دائماً عند رؤيتي"

قال راشد محذراً بجفاف "ها قد عدنا..."

ثم استدار بكل اهتمامه نحو جوشوا وهو يقول "يمكنك تحاشيهما تمامًا.. ونتحدث نحن فيما ترغبه دكتور"

اومأ جوشوا ثم شرع في إخباره مقدمة طويلة... بينما تراجع نزار حتى وقف بجانب خالد بالضبط وتمتم مستفز جمود ملامحه "كنت أرغب في أن أعارض رأيه بي بأني مجرد طفل نزق يتصارع معك... وإلا كنت أخبرته عن إغضابك لسبنتي ذلك اليوم؟!"

قال خالد بجمود: "ما يمنعني عن تحطيم وجهك الأصفر هذا هي والدتي التي للأسف أخذت عهد مني بعدم إيذائك مرة أخرى"

طرقع نزار بلسانه قبل أن يقول "هراء... محض هراء بل لأنك تعرف أني مطلقاً لم أكن لأقترب من سَبنتي وهي لن تسمح لي... رغبت في أن أخبرك أن غبائك استفحل يومها وأنها لن تغفر لك زلتك تلك, ولكن بما أني فعلت نفس الغباء من قبلك لم أملك الجرأة"

رمقه خالد بطرف عينه ثم قال بامتعاض "وتعترف بذلك؟!"

مط نزار شفتيه قبل أن يقول: "بكل مصداقية.. أبي لا يدعوني إلا بحماره الأبيض منذ أربع سنوات.. فقط فلنحمد الله أن لا أحد من عائلتي هناك فهم اللقب"

أخيراً منحه الوجه المتجهم ابتسامة خفيفة وهو يولي وجهه نحوه ثم قال وهو يتحرك باستسلام: "هل أنتَ صريح دائماً؟ أعرف أن المحامين أشد خبثاً"

قال نزار بقلة حيلة: "إذاً اعتبرني محامي فاشل... قبل أن أبدأ"

صمت قبل أن يغمز بعينه وهو يقول: "لهذا اخترت مجال التدريس وأعتقد أني سأكتفي به لمدة ما"

انهمرا في الحديث السلس البسيط والذي بالكاد كانا سيتفاهمان أخيراً وربما تنشأ علاقة من نوع ما فيه...

بينما كان راشد يصغي باهتمام شديد لجوشوا الذي يقول ببساطة "حسناً ما سأطلبه الآن غريب عليّ بعض الشيء... إذ أننا من عالمين وثقافتين مختلفتين تماماً.. لن أخفيك سراً لقد اضطررت للبحث في بعض الكتب والمقالات عن سر فعلكم لتلك العادة وكيف أبداً فيها"

لم يجبه راشد على الفور بل ابتسمت شفتاه وهو يقول بتعقل "أدرك الفروق يا دكتور, لذا لا تقلق من فهمي لك بطريقة خاطئة وتفضل أمر بما شئت "

أطرق جوشوا برأسه لبرهة يراجع كالعادة كل حرف سينطق به ليضعه في مكانه الصحيح ثم رفعها أخيراً ينظر إليه بعينين سلطانية مهيبة وقال بخفوت متمهل "نزار وكلني لطلب كريمتكم ابنة عمك الصغرى للزواج، فهو إن لف العالم أجمع لن يجد فتاة يرتضيها خلقاً وديناً ويفخر بها نسباً مثلها "

أول تعليق من راشد كان يقول متفكهاً "من الواضح لكليناً أنك بحثت بالفعل عن أفضل صيغة تقدم بها طلبك"

قال جوش بهدوء مبتسماً "كان يجب أن أفعل، لقد وعدت نزار في الماضي أن أعوضه عن كل شيء بالطريقة الصحيحة وأن يقف أبوه في ظهره وحمايته.. والآن كل ما يريده هو كريمتكم"

أطرق راشد برأسه يهزها بتفهم بينما ازداد وهج نظراته الصامتة بالغموض لعيني جوشوا الواثقة... رغم جهله بما يدور في نفس راشد والذي تذكر الآن في هذه اللحظة ما خبئه عن خالد ووافقته بدور ضمنياً حتى وإن لم يناقشا الأمر عندما أخفت تلك الورقة من ملف وصية أبيها والتي اعتقد خالد أنها فقط لترميم كبريائها ..فالحقيقة المؤذية لم تكن الوصية تحتوي على هذا فقط وإنما عمه ترك أمر شيماء بيده هو فقط.. كوليّ شرعي عليها ليس من ناحية المال.. ولكن من النواحي الاجتماعية وترك الحرية لها.. والتي تدعوه للتدخل والإقرار في مثل هذا الموقف الذي وضع فيه الآن... بطريقة ما عندما علم بهذا الأمر لم يلمه لأول مرة إذ أنه فهم مقصد ياسر الراوي منه... خالد حمائي بطريقة بغيضة بعض الأحيان ليست مؤذية ولكنه يصبح كالثور عند تأمين أخواته خاصة شيماء.. وبالطبع أيضاً عمه لم يكن يقصد زواجها من نزار إذ أنه لو علم بأن هذا الفتى سيعود ويطالب بها.. لكان وضع وصية تمنعها من الزواج كله...

بعض الأفكار والطباع لن تتغير حتى وإن كان على فراش الموت... ولكن الغرض منها كما فهم من رسالته التي تركها هو ترك الحرية لفتاته إن أرادت السفر، الاستقلال والارتباط بأيّ رجل عادى نزار..

عندما طال صمته خاطبه جوشوا بهدوء "ما قولك.. مع وضعك في الاعتبار أن نزار يرغبها بحق وليس منذ اليوم أو حتى منذ شهرين ولكن منذ زمن طويل.. هو لم يحد عن رغبته تلك قط حتى وهو بعيد"

وضع راشد مرفقيه على ركبتيه وأمسك فكه بأصابعه في علامة على الحيرة والسرور المذهول... لم يفهم جوشوا تمامًا سر هذا التعجب فقال بهدوء "هل أزعجك الطلب؟!"

قال راشد بهدوء "لا ولكن هل ترى "البعبع" هذا.. نحن نتشاجر منذ أيام طويلة لأنه لديه نفس طلب نزار ونفس الأسباب تقريباً... فقط تستطيع القول أن الأمر يشعرني بالغرابة أو بأني مسؤول مكتب عرائس في موسم تزاوج يافعي الغيلان"

أصدر جوشوا ضحكة خافتة على تعليقه ثم قال "إذاً هل عليّ أن آمل بعدم رفضك أو غضبك حتى الآن بأنك توافق؟"

أخذ راشد نفس عميق قبل أن يجلس بانتصاب وهو يقول "كما تفضلت أنتَ وقلت نحن لدينا عادات معينة أولها أني أحتاج للسؤال عن نزار بنفسي وجمع المعلومات بشكل وافي يطمئنني ...وإن كان أني لن أجد أفضل من نسبك يا دكتور لابنة عمي"

"أعتبر أنها موافقة مبدئية إذاً؟!"

قال راشد بهدوء "من ناحيتي ليس لديّ أي مانع, ولكن أمام رغبة الفتاة وقبول أخيها موافقتي من عدمها ليس لها معنى"

قال جوشوا بصلابة "على حد معلوماتي بأنك تملك تلك المكانة مع السيد خالد وأبناء عمومتك"

قال راشد بصرامة "ليس في الزواج يا دكتور, هذا أمر يخص شيماء بصورة بحتة ومن قبلها وليّ أمرها أخوها"

قال جوشوا بطريقة عملية بحتة تلك التي رغم تغير جوهره لم تنزع منه طباعه ونزعته الأوربية "إذاً دعنا الآن نسأله, لما تضييع الوقت وكل تلك العقد؟"

أومأ موافقاً دون تعجب من طريقته وهو يقول: "خالد السيد هابر كان يطلب مني يد شيماء لابنه.. وأخبرته أن القول الأول والأخير لك... فما هو رأيك؟"

انقلبت كل ملامح خالد في لحظة للغضب العارم والسخط الناري وكأنه تلقى أمراً مفاجئ لم يتوقع سماعه يوماً.. ولكنه لم يتردد للحظة عندما اعتدل من وقفته ثم نظر لراشد وهو يقول بنبرة حادة شابهت مشرط دقيق وباتر شطر قلب نزار لنصفين: "مع احترامي لطلب الدكتور... ولكني لن أزوج أختي لرجل.. عندما يغضب لا يضع اعتبارات لأحد.. رجل داس على أمه بالسابق"

"خالد!" نهره راشد محاولا إيقافه

"عذراً أنا أقول الحقيقة, شيماء لن تكون آمنة أبداً مع رجل لم يرحم والدته.. ومن لا يصون أمه لا يؤتمن على زوجة... طلبك مرفوض تمامًا"

وبطريقةٍ ما كان محقاً هذه المرة... محقاً في خوفه عليها ومحقاً في صفعة أخيرة كان يحتاجها نزار.. فبعض أفعالنا لا تمحى أبداً من صحيفتنا بل تبقى هناك كالوشم تذكرنا أي حاقدين كارهين بغيضين كنا!
.................................................. ......

يتبع الان








ru'a and كريم الشيخ like this.

Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-20, 02:14 AM   #2847

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewity Smile 3

تابع الخامس والثلاثون

وَعَدْتُكِ..



أن لا أُبالي بشَعْرِكِ حين يمرُّ أمامي



وحين تدفَّقَ كالليل فوق الرصيفِ..



صَرَخْتْ..



وعدتُكِ..



أن أتجاهَلَ عَيْنَيكِ ، مهما دعاني الحنينْ



وحينَ رأيتُهُما تُمطرانِ نجوماً...



شَهَقْتْ...



وعدتُكِ..



أنْ لا أوجِّهَ أيَّ رسالة حبٍ إليكِ..



ولكنني – رغم أنفي – كتبتْ



وعَدْتُكِ..



أن لا أكونَ بأيِ مكانٍ تكونينَ فيهِ..



وحين عرفتُ بأنكِ مدعوةٌ للعشاءِ..



ذهبتْ..



وعدتُكِ أن لا أُحِبَّكِ..



كيفَ؟



وأينَ؟



وفي أيِّ يومٍ تُراني وَعَدْتْ؟



لقد كنتُ أكْذِبُ من شِدَّة الصِدْقِ،



والحمدُ لله أني كَذَبْتْ....






صباح اليوم التالى وقفت سَبنتى من الفراش رافضه تمامًا الاعتماد على مساندة احدهم ، كما كان يحدث وتقبل بالاستناد على منى او شيماء ... ولكنه الان باتت في حالة افضل وتصر على الخروج من هنا ولكن راشد من يصمم على بقائها حتى يطمئن تماماً ...
" مساء الخير"
اندفع إياب سريعاً تارك اتباعه لسبنتى ...وفتح. ذراعيه في دعوة ، التقطته ضامه إياه بقوة وهى تقول " اشتقت اليك يا صديقى ؟!"
قبل خدها بقوة في حركة اعتادتها منه ثم قال " وانا كثيراً كثيراً
...لقد اخبرت بابا وسبنتى انى سأعود معك اليوم .. ان كنتِ ستسمحى لى بالسهر حتى الفجر!"
قالت سريعاً بتلقائية " بالطبع انتَ تأمر تطاع يا قلب الماما !"
عبس بهم لم تفسره بدور ...ثم قال بعد برهة بنبرة خلعت قلبها من مكانه وتجمد لها كل من في الغرفة وهم ينظران اليها بنوع من الشفقة والترقب" انا واختى ليس لدينا ماما...ولكنِ احلم عندما انام هنا " ضغط على صدرها بكلا كفيه الحارقتين ثم اكمل " احلم ان تكونى انتِ ماما إياب .. انا احبك مثل الطاووس خاصتى!"
احست بانفاسها تتردد في صدرها بعنف بينما دمعت عينيها تلقائياً وهى تضمه بقوة ..بقوة اكبر وهى تستنشق رائحته بقهر تقبل جانب رقبته وتضم كتفيه اليها بلهفه متمنية ضرب كل شيء عرض الحائط ...تخطى رأى الطبيب الذى استشارته مع راشد بالسابق ..والصراخ الان في وجهه وأخباره ان أحلامه حقيقة بان ما يشعر به عندما يسمع نبض قلبها ما هو الى ذلك الرابط الخفى بينهم والذى لن يفصل ابداً " بدور مازل الوقت مبكراً" شعرت بيد أمها تمسد ظهرها ... تعيدها لتوازنها ...جاعلها تتحامل وهى تبعده عنها بتماسك وهى تقول بنبرة مختنقه رقيقة " وانا أتمنى ان أكون ...ان أكون أمك يا إياب !"
منحها ابتسامة حلوه وامطرها بقبلاته ثم قال " سأذهب معك حتى وان لم تسمحى لى بخرق قوانين بابا !"
قالت بهدوء " اتفقنا ولكن انا لدى امر ارغب فى إخباره لسبنتى وحدنا لذا انتَ ستذهب مع " تيتا " ستأخذك في جولة في اعلى المشفى ثم تعود الى هنا !"
اوم موافقنا وهو يفتح ذراعيه لمنى التي تلقته وهى تنظر اليها باستفهام ..تبدلت نظرة بدور كما نبرتها للبرود المقيت وهى تقول " سيحدث امر لا أريدك او هو رؤيته ..خذى شيماء أيضاً معك ..سأكتفى بنوة ...كما ان راشد وخالد سينضما إلينا مع بعض الصحبة !"
...................................

" هل انتِ متاكدة بقدرتك لفعل هذا" سأل راشد وهو يراقب نوة تمشط لها شعرها برفق شديد ، بينما ملامحها تجفل عقب لمسه وأخرى ..ثم قالت " نعم لقد وعد ابن عمك بتحقيق رغبتى تلك ..لذا لا تحاول ممارسة نصائحك الأبوية علىّ ..!"
اقترب منها راشد وحاوط وجهها بين كفيه وهو يجلس القرفصاء امامها ثم قال " الانتقام ليس من شيمك صغيرتى اخشى عليك من نار قد تحرقك قبلهم !"
أغلقت جفتيها وهو تميل بوجهها تضغط على كفه متنعمه بحنانه لبرهه ثم قالت " انا لا انتقم بل استرد حقى ثقى بى ..لدى هدف من رغبتى تلك !"
اعتدل راشد من جلسته ثم قبل راسها وهو يقول " حسناً كما ترغبى !"
توجه نحو الباب وهو يشير لنوة وبدور ،، وأمراة أخرى تلتزم الصمت التام كانت أتت بها بدور لسبب لا يعلمه " تطرف بنات الراوى ..كيف له ان يقف في وجوههن ولكنه لن ينكر اعجابه بتضامنهم أيضاً !"
فتحه اخيراً سامح لخالد بالتقدم ووقف ..بمحازته بينما تبعه احد رجاله يدفع امامه شخص ما مقيد اليدين وراء ظهره وشد وثاقه حتى انحنى ظهره انشات قليلة لأمام ... انتفضت وكل صرخة منفرة مشمزة من ذلك القذر تعود تصم اذنيها ...ارتعشت وهى تشعر بكل جسدها يعود يأن بالوجع ... لا اردياً كانت أنفاسه تحتجز داخل رائتيها والذعر يعود يغزوها نظرت لراشد باستجداء ...فاقترب منها ناوى منحها دعمه ولكن نوة من أوقفته عندما أمالت تهمس داخل اذنها " انتِ راوى يا سَبنتى .. تذكرى انك تملكين القوة والشموخ والكبرياء راوى لا يهاب ولا ينحنى !"
" حقك امامك ، لا تتراجعى!"
وقفت متبعه نصيحة نوة ... شمخت مستمدة من سند ابيها قوة ..
امسك خالد مروان من طرف ملابسه من الوراء ثم ضربه بقدمة عند ركبتيه جاعله يطلق زمجرة الألم وغضب ثم رفع عينيه الحاقدتين نحوها وهو تتملكه الشجاعة اخيراً بعد طول جبن وتوسل " حقيرة ، ان كنت ظننت بانك نجوتى فأنت واهمه !"
ركله خالد وهو يأمره بجمود " اخرس ...ام تريد قطع لسانك أيضاً ؟!"
للحظات ظلت تحدق فيه بصمت ..فى وجهه الدامى الذى فاقت جروحه كثيراً جروحها ، في ظهره المنحنى في وسامته وثقته وماله الذى لم ينفع الا فى إذلاله .... لحظات وكان الباب يقرع ..ودخلت مايا تخبطها سيدة أنيقة مبالغة جداً في مظهرها وهو تدخرها قائلة .. نفذى ودعينا ننتهى !"
صرخت مايا بغل " لن اركع للعاهرة بل هي من ستفعل !"
لم تشعر سَبنتى بكل هذا الحقد والغضب يتعاظم بداخله قط ولم تشعر حتى بنفسها عندما تقدمت كالطلقة ودون تفكير كانت تقطع صراخ مايا بصفعة حاده ومفاجأة هبطت على وجهها ...
جمدت مايا للحظة مكانها وهى تنظر اليها بذهول وكأنها لا تستوعب ما حدث لتوه تستنكر جراءة تلك لتصفعها هي...
تراجعت خطوة حتى أصبحت في مواجهت كليهما ..أخذت نفس عميق مثابر قبل ان تقول بصرامة " لقد طلبتك انتِ وهو بالذات .. ليس لتركعان لى كما ظننتم ..انا ليس مثلكما لا احتاج ان اخبرك انتِ بالذات يا مايا لأقول انى افضل منك بكثر ..انا لا أقارن بك حتى هذا سيكون انحطاط لقدرى....وانتِ تعلمى هذا منذ ان كنا في الثانوية ...!"
" زمجرت مايا في ووجهه وهى تقول " مغرورة كما انتِ !"
قالت " لانى استحق الغرور ...لانى سأخبرك الان أي نوع من البشر انتِ ..بعض الناس لا تحتاج دوافع او أسباب. لسواد ارواحهم لحقدهم على من غيرهم ، من مثلك يا مايا يشعر بالنقص بداخله عارف حقارة نفسه ووضعتها ، وما تشعرين به يستدعى شفقتى لانه مرض سقام لا علاج منه .. كما هذا الحقير الذى يركع تحت قدمى بالضبط ...
" هل اتيت الى هنا لنسمع منها محاضرات أخلاقية " قال مروان بتهكم !"
ردت سَبنتى بجمود " لا بل لأخبرك انك مجرد وغد ضعيف ، لا يثير بداخلى الا القرف، تعديك علىّ وربما قبلى الكثيرين محاولة فرضك لنفسك على الغير ..ومحاوطتك بكل هؤلاء وفرض سيطرتك عليهم ، للفت انتباه اليك باى طريقة لرغبتك بالشهرة وانت مجرد فارغ من الداخل كما الخارج لا يعنى الا انك مجرد مريض مهمل مهمشم من الجميع واولهم أبويك !"
صمتت مبتلعه ريقها قبل ان تنهى الوضع كله وهى تقول بحسم " رغبت في كليكما هنا لشئ واحد حتى تكونا عبرة امام أنفسكما ولتفكرا مليون مرة في المستقبل قبل ان تهما بأذية احد اخر !"
ثم التفت نحو خالد وهى تقول " انا ما عدت اريد ركوع احد يكفى قدوم كليهما الى هنا بهذ الشكل المخذى !"
هز خالد راسه ناظر اليها بسعادة خفيه اذ انها بالنهاية لم تخيب توقعه ...
وقفت بدور اخيراً تتقدم أمامهم بتلك الخطوات المتمهلة والأنيقة المعتادة ثم قالت ببرود " تحدثى عن نفسك عزيزتى ، ان كنتِ اكتفيت انا لم انتهى بعد !"
ضيق راشد ما بين عينيه بينما فرقعت بدور باصبعيها نحو تلك المراة الضخمة وقالت بجفاف " الآنسة مايا وضح انا لديها. عقدة ما مع شعر سَبنتى ، ولانى سيدة لطيفة ارغب في منحها مظهر مماثل .."
صرخت مايا وهى تحاول ان تندفع للخارج " امى ، ماذا تعنى تلك المجنونة !"
دفعتها والداتها نحو المرأة التي تحكمت في ذراعيها وسيطرة عليها بينما قالت بدور بأسف خادع " خسارة ذلك الشعر الحريرى في القص حتى فروة رأسك التي ستصبغ بالاحمر القانى ..."
إشارة لامراة بسحبها مرة أخرى ثم لوحت بيدها وهى تقول " وداعاً مايا ..وعذرًا منىّ ان لم افعل لنفسى ...لانى لا أحبذ تلويث يدى"
اقترب راشد منها وهو يلاحظ إشارة خالد لسحب مروان وامر رجله بأخذه من باب خلفى كما أتوا بعيداً عن اى احد قد يراه " ما الذى حدث هنا للتو
قالت بدور بتلك النبرة الباردة " لقد وعدت إياب ان اضرب الأشرار الذى اذوها ...كما انك وهو لن تأخذوا كل الرفاهية وحدكم هذا ليس عادل ؟!"
بعد ساعات طويلة... كانت الغرفة قد فرغت تماماً لاحتياجها هي لبعض الراحة ولم يبقى أخيراً إلا هو معها...

جلس راشد بجوارها سامحاً لنفسه أن يتتبع خطوط ملامحها المتعبة بحنانه راصداً الشحوب الذي ما زال يسكن قسماتها كما جسدها الذي فقد بعض من وزنه وهمس "آسف لأني لم أكن هناك... أنا السبب في تعرض هؤلاء الأوغاد لكِ.. لم أحميكِ عندما احتجتني"

تمتمت سَبنتي بإرهاق "هذا ما كان يبعدك عني مقيماً لهذا الحاجز بيننا؟!"

قال بخفوت "مطلقاً لم يكن بيني وبينكِ حواجز يا حبيبة أبيكِ"

حركت رأسها ووضعتها على ركبته ثم أمسكت يده تدس أصابعها فيها وهي تقول "بل تفعل.. نسيت أني أفهمك جيداً يا أبي.. تلوم نفسك على أمر لم يكن لك يد فيه.. إذ كيف لك أن تتوقع مطاردة هؤلاء الأوغاد لي... أنا نفسي لم أتخيل أن يصل الأمر لهذا الحد"

مدّ يده الأخرى ليربت على كفها وهو يقول بحنو متألم "بلى, لقد أهملت وأكاد أفقد عقلي كلما نظرت لجروحكِ وأتذكر أني لم أحميكِ كما يجب، لم أجب على اتصالكِ.. لم أنقذكِ من يدهم... لم أقم بدوري نحوكِ"

الألم الشديد كان مضغوط بين أضلعه متراكماً بشكل أوجعها هي... عندما تنظر إليه تتأمله وتتفهمه كما هو يفهمها... كانت ترى هذا بوضوح.. راشد برغم كل من حوله وكل علاقاته لم يحظى قط بشخص يتفهمه أو أحد يحتويه ويضمه فيزيح عنه كل همومه وأوجاعه.. كان الجميع ينظر إليه على أنه رجل الأعمال الشرس.. ووريث العائلة القوي... الشخص ذو الذنوب الكثيرة والتي لن تغتفر في عرفهم... ولم يحاول يوماً أحدهم أن ينظر إليه على أنه مجرد إنسان يحتاج للعطف.. لإخباره أن كل الأمور ستكون بخير إن أفلتت من يده، بأنه يسمح له بالإخفاق من حين لآخر..

"ضمني بابا... احتضني وأخبرني أن كل شيء سيكون بخير وأني معك وبين ذراعيك وأنك أتيت لي بحقي.. ضمني بقوة وأخبر نفسك بأنك حميتني من كل ضرر بمقدار استطاعتك واعلم أن أي أمر خارج قدرتك ما هو إلا قدر كتب له الحدوث... نحن لا نملك تغيير الأقدار يا راشد"

تنهد بإرهاق وهو يرفعها إليه يضمها على صدره بتشدد ثم همس باستسلام: "كيف تكونين جميلة لهذا الحد يا سَبنتي.. أشكر الله بكل لحظة أنه منحكِ لي صغيرتي"

"وكيف لا أفعل وأنتَ السبب في كل ما أنا عليه.. طالما أنتَ بجواري يا أبي أنا قوية وسأتحمل وأتقبل كل ما كتب لي برضا.. فقط لا تتخلى عني أبداً"

أبعدها عنه وهو ينظر بداخل عينيها بحنان ثم قال "أبوكِ دائماً سيكون بجانبكِ, لن يمنعني عنكِ إلا موتي يا حبيبة أبيكِ"

"روحي فداك"

أمسك ذقنها وهو يكافح أن لا يجعل الدموع تطفر من عينيه مرة أخرى وهو يتذكر أنه كان على وشك فقدها ثم قال: "ليس على الآباء أن يروا أطفالهم ما يعانون يا سَبنتي, وظيفتي حمايتكِ.. أن أفديكِ أنا بروحي وليس العكس"

شاكسته راغبة في تبديد قهره وهي تقول "حسناً لنتوقف, ليس على أحد أن يَفقِد أو يُفتَقد هنا... كلانا بخير"

تنهد مرة أخرى وهو يشيح بوجهه ثم قال: "هل قررتِ ما تريدين, لن أضغط عليكِ مرة أخرى ولكن يعجبني اقتراح نزار"

أزاحت نفسها بعيداً عنه وعم الصمت لدقائق بينهما حتى قطعته أخيراً وهي تقول بهدوء: "آه هذا... أردت إخبارك بأني قد قررت بالفعل أن أغادر، بابا أنا لن أستطيع الاستمرار هنا"

قال راشد بوجوم: "ظننت أن هذا الموضوع قد أغلق نهائياً، لقد سبق وأخبرتكِ بوضوح وجهة نظري"

قالت بحنق "وجهة نظر غير عادلة... كما أن ذلك ال.. ال.. الشيخ يطاردني, وأنا حقاً أريد نسيان كل شيء... لقد اكتفيت"

وهكذا وجد راشد نفسه يتسلح بدروع لا يحبذ استخدامها معها.. وقف من جوارها ليواجهها بشكل صلب حاسم وهو يقول "الشيخ!! هذه هي المشكلة إذاً؟!"

قالت بهدوء "نعم هو.. لم يعد عندي طاقة لرؤية وجهه حتى"

وضع راشد إحدى يديه على خصره والأخرى كان يضعها في جيب بنطاله وهو يقول "لماذا.. ألم يكن هو نفس الشيخ الذي انهرتِ في غرفتكِ إثر معرفتكِ بخطبته؟! ألم يكن هو نفسه الذي كنت تتابعين أخباره عبر حسابكِ الوهمي لأعوام وتنامين كل ليلة بدمعة عالقة على خدك.. هو نفسه إن لم تخني ذاكرتي"

توسعت عيناها بشكل مذهل وهي تحدق فيه بصدمة وكأنها أصابها الخرس.. قال راشد بجفاف "هل ظننتِ بأني غير مدرك لما تفعلينه وتعيشينه يا سَبنتي.. حسناً ربما أفلحتِ في إخفاء بعض أسراركِ عني، ولكن عند خالد أنتِ فشلتِ تمامًا"

هبطت دمعتان حارتان على خديها وهي تقول باختناق "أنا كنت..."

"تحبينه وما زلتِ صغيرتي.. وسأكون رجل غبي إن تركت عنادكِ وكبريائكِ يحطمكِ.."

هزت رأسها بنفي قاتل ثم قالت "لا أريده، إن كنت تريد حمايتي بحق أبعده عني"

هتف بدون تفكير "وأرتكب الخطأ مرتين، هذا الغباء بعينه"

همست بعناد "لا تستطيع إرغامي على ما لا أريده"

للحظات لم يرد عليها فقط يتأمل هيئتها وهو يعيد التفكير في الأمر للمرة الألف.. سَبنتي إن تشابهت مع بنات عمه في شيء فهو العناد، الغباء العاطفي وعدم التنازل ولو بعد مئة عام.. لذا أبداً لن تقدم على الموافقة على خالد مهما حاول إقناعها بالعقل... عند تلك النقطة كان يتخذ وجه أب متزمت متشدد الرأي والبصيرة... قبل أن يقول بثبات وبرود: "أنتِ لا تملكين أي حقوق صغيرتي.. أنا من يقرر فقط مصيركِ, ستتزوجين من خالد رغماً عن أنفكِ"

"لا.. لا.. أنتَ فقدت عقلك"

أشرف عليها ينظر إليها بطريقة مرعبة قبل أن يقول محذراً: "تأدبي وأنتِ تتحدثين مع والدكِ.. لقد أُصدر الأمر وانتهينا، ستتزوجين خالد وستوقعين على العقد كأي فتاة مطيعة, وحذاري من أن تقومي بأي حركة متهورة يا سَبنتي..."

"لن يحدث سأشكوك الشرطة.. سأذهب للسفارة.. سأ...."

ربت راشد على وجنتيها قبل أن يقول بنبرة متمهلة خطرة "سَبنتي تعقلي, إن من تحدثينه هو راشد الراوي الذي قرر الأمر وأنتِ ليس عليكِ إلا التنفيذ"

"ولكن...."

كادت أن تقول شيء عندما اندفعت مريم نحوهما وهي تهتف فيها: "سَبنتي انهضي حالاً.. هناك أمر يجب أن تريه"

اعتدل راشد ينظر لابنة عمه باستنكار ثم قال: "ما مشكلتكن تحديداً.. هل تظنون أن المكان تحول لبيت الشاطئ ونحن في نزهة عائلية.. نحن في مشفى وهي مريضة!"

جحرته مريم بعينيها العسليتين الغاضبتين ثم قالت: "نقطنا أنتَ بسكوتك إن تكرمت!"

فغر راشد فاهه وهو يراقبها تجذب سَبنتي من مكانها عنوة تجرها خلفها خارج الغرفة.. مهلاً هل تلك الفتاة حقًا كبرت في الولايات المتحدة.. إذاً من اين اكتسبت ألفاظها العجيبة.. "بيئة"

"ما الذي يحدث هنا؟!" انضمت سَبنتي لتراصهن بجانب بعضهن أمام نافذة زجاجية أخذت جداراً كاملاً في المشفى.. للحقيقة لم يكن هن فقط بل بعض الممرضات والعاملين قد انضموا للعرض الذي يدور في السماء على ما يبدو.. قبل أن تقع عيناها على ما جعلهم يقفون حرفياً فاتحين أفواههم على اتساعها كانت تلاحظ تواجد شذى أيضاً عندما قالت بتعجب: "مرحباً متى جئتِ؟!"

أسكتتها شذى وهي تشدها بلطف لتضعها أمامها "هششش... انظري"

أطلقت سَبنتي شهقة طويلة وهي تنظر بذهول مضاعف للأعين التي تبحلق في الخارج.. وعجزت تمامًا عن إبداء أي رد فعل شاعرة أنها مشدوهة بما يحدث..

انضم راشد أيضاً باستسلام يغلبه الفضول للجمع الذي تحول لأصنام وفور أن وقعت عيناه على ما يحدث... كان رد فعله مختلف إذ انفجر في الضحك كما لم يحدث في عمره كله..

"هذا ليس عدلاً أريد أن أفهم.. لما الجميع خرس.. هل ماتوا؟!" جذب راشد شيماء من معصمها قبل أن يقطع ضحكاته وهو يقول "لا ولكن أخوكِ أبدع في تقديم مهره.."

قالت بحماس: "صف لي"

قال بسلاسة "هل تسمعين أصوات طائرات الهليكوبتر؟!"

"نعم"

"حسنا... هناك أربعة منهم.. اثنتان في المقدمة ينزل منهما سلك غليظ مثبت في آخره قفص من نوع ما واحزري ما الذي يحتويه القفص..."

هزت كتفيها بجهل حينها قال راشد بتفكه: "كيوبيد الفيل, إنه نوع جيد ابتكره خالد وسبَنتي كما اتضح لي.. إذ أن هناك فيلين صغيرين كل واحد في قفص.. وثبت على ظهورهما أجنحة صناعية عريضة ترفرف بفعل الهواء عند كل حركة من الطائرة.. بينما الطائرتين الأخيرتين، حملا أفيال قطنية محشوة.. لا أعرف عددها وجميعها أيضاً بأجنحة يحلقون أمامنا الآن في عرض متهور ومبهر..."

"يا ويلي, لقد جُنّ أخي" همست شيماء بذهول

فقال راشد بتفكه وهو يلمس ذقنه: "ومن هذا الذي يبقى على عقله المسكين عندما يقع في غرام واحدة منكن يا بنات آل الراوي؟!"

احمرت وجنتا شيماء بخجل، ثم ابتعدت عنه وهي تسمع الهمسات التي تصاعدت أخيراً مخبرين عن تهافت الناس في الشارع وهم يراقبون العرض ما بين استنكار ومرح.. وفضول أوقف حركة السيارات التي تمر بالخارج.. حتى قرر الطيارين إنهائه أخيراً وهم يحررون الفيلة المحشوة لتهبط على طول الشارع ويبدأ الناس في التقاطها للذكرى أو المرح... عادى بالطبع عن اللقطات والصور والفيديو الذي أخذ للعرض ليرفع على صفحات التواصل الاجتماعي لوقت طويل...

قرر خالد أخيراً الظهور بالتوافق مع ابتعاد صوت الهليكوبتر.. وهو يقول بهدوء وغلظة وكأنه ليس المسؤول عن ما كان يحدث في الخارج منذ دقائق: "لقد طارت الفيلة.. بل وتساقطت من السماء سَبنتي.. لذا أعتقد أن عرضي مقبول!"

هتفت نوة: "أي عرض؟ و.. و.. مهلاً هل أنتَ المسؤول عن تلك الحماقة؟!"

أجابتها بدور بتهكم "بالطبع هو.. والعرض أنه طلبها للزواج"

هللت أسارير نوة وهي تقول: "وبالطبع وافقت؟!"

هزت بدور رأسها بالنفي بينما رفعت يدها تدعي نسخ شيء عن جبهتها مشيرةً نحو "بطحته" موضحة دون كلمات...

ولكن شيماء فعلت عندما قالت بشماتة كأي أخت مصرية أصيلة: "هل ترين تلك الغرز في جبينه.. هذا كان ردها يا نوة، لقد أسالت دمه"

"شيماء!!" هتف فيها بحزم..

قالت نوة بنزق "اترك شوشو لحالها.. وأفرد عضلاتك على الفتاة التي فتحت رأسك.. يا إلهي إنها لا تتعدى نصف حجمك حتى"

همست شذى لسبَنتي "هل كان يستحقها؟!"

هزت رأسها بالإيجاب سريعاً.. فقالت شذى بلا اهتمام: "إذن سلمت يداكِ يا حلوة وشكرًا لمنحنا شيء أعدكِ سنجيد استخدامه ضده"

تقدمت نوة ووقفت أمامه تتأمل جرحه، وهي تراقبه يتململ بحنق في مكانه ثم قالت أخيراً وهي تحرك فمها يمين ويسار في حركة خيبة شهيرة ثم قالت "لقد تسببت لك في علامة مستديمة، وفيلة تطير وأنت لم تحصل على موافقة حتى.. ماذا بعد يا خالد؟!"

هتفت سَبنتي من ورائه بنبرة عادية بطيئة ومستفسرة كمن يسأل عن حالة الطقس "هل كان يجب أن أقول عندما تطير الحيتان؟!"

نظر إليها خالد بعينين تلمعان وكأنه بدأ يقلب الفكرة في عقله..

مما دفع أخواته ووالدته يصرخن برعب "لااااا.. إياكِ!"

******

بعد وقت من المشاحنات بينهم..

"ولكنها وافقت"

عاود راشد إخباره بحدة وهو يقف من مكانه منفعلًا "لم تفعل ...أخبرتك أني أنا من أصدرت الأمر بحزم ...ربما إننا نعلم جميعاً طبيعة سَبنتي فهي لن تستسلم"

قفز خالد من مكانه بطريقة لم تتناسب مطلقاً مع حجم جسده الضخم ثم قال بتذمر "حسناً دعنا نركز.. أنتَ وافقت.. لذا سنأتي بالمأذون الآن أعقد عليها... ونأجل الزفاف حتى حين.. أنا لست في عجلة من أمرى طالما ستكون زوجتي"

زفر راشد بقوة وهو يحرك عينيه بحيرة نحو وجوه عائلته التي تنظر إليه في ترقب ورجاء.. وكأن الجميع تضامن مع تهوره واندفاعه الذي تتحكم فيه سنوات عمره التي لم تتعدى السابعة والعشرون....

"أوصلني لهدفي الوحيد معها علَّ روحي المقيدة تتحرر ونفسي المشتتة تستقر"

عقد راشد جبينه وهو يقول بتذمر "أنت تجيد الحديث والإقناع.. ولكني ما زلت أخاف.. هل ستكون كلمة مقنعة، أنا أخاف من الوضع كله"

تمالك خالد نفسه وهو يهز رأسه قليلاً كي يحاول أن يقتنع بأسبابه ويقنع هو بوجهة نظرة ثم قال بدبلوماسية "تخشى ماذا يا راشد... تجنيبي وإياها من اللهاث لنلحق طريق سبقنا ونحن تائهين وواقفين في ماضينا"

فتح راشد فمه ليقول شيء إلا أن لسانه تلجم وهو يستوعب ببطء شديد مقصد خالد مما قاله، متوافق مع تذكره حديثة السابق مع بدور "لا تكرر خطأ أبي"

ولكن المشكلة ليست فيه مطلقاً...

تبدلت ملامح راشد قليلاً وهو يتحرك نحو النافذة ثم غمغم بإيجاز "الوقت والمكان ليس مناسب, دعني أخرجها من هنا وبعدها سنتحدث"

قال خالد بهدوء "قلتها سابقاً سَبنتي ليست فتاة مضمونة ولن ترضخ بسهولة.. كما... حسناً... أنا لا أثق بك إن خرجت من هنا"

أظلمت عينا راشد وهو ينظر إليه بحدة وكاد أن يهتف في وجهه بأنه لن يزوجها له لا اليوم ولا غيره حتى ترضى هي...

ولكن وقفت زوجة عمه تتدخل أخيراً وهي تقول "ليس هذا ما يقصده خالد... ما رأيك أن نعقد قرانهم الآن، كما يرغب هو ونأجل إعلان الأمر تمامًا حتى تمر مدة كافية على وفاة عمك وشفاء سَبنتي.. وأيضاً نسمح لهم في إطار شرعي كما يرغب هو أن يقتربا ويحلا مشاكلهما"

قال من بين أسنانه والفكرة تتقلب في عقله بوضوح "وإن لم يتفقا خلال تلك المدة؟!"

قالت منى بصبر "هذا شرطي عليه إذاً إن لم ترضى سَبنتي, لها حرية إكمال طريقها معه.. أو فراقه"

قال خالد بملامح عاصفة "أنا لن أحررها أبداً.. سواء زوجتها لي أم لا سأظل حولها ولن أسمح لها بالفراق ..لقد ارتكبت تلك الحماقة مرة ومستحيل أن أكررها.."

بعد إقراره هذا وبعد كل شيء لم يجد راشد بدًا إلا أن يمنحه موافقته وهو يقول "أنا وجدت مكتب واحد مفتوح الآن وشاهدين.. أنا ليس لديّ مانع.. وليعيننا الله على رد فعلها"

**********

وبعد مرور ساعات قليلة أخرى إذ أن الوقت وصل لمنتصف الليل...

كان كل ما يحدث عبث بالمعنى الحرفي للكلمة.. ضرب من الجنون وتهور محمود لن ينكر أنه أعجبه، أحب المخاطرة فيه.. إطفاء عقله لمرة واحدة واتباع قلب ابن عمه كما كان رجائه...

وها هو الآن يضع يده في يد خالد ..بينما جلس كل من إيهاب الذي حدثه هو لرغبة منه أن يكون شاهد على العقد ونضال الذي أصر خالد على أن يكون الشاهد الآخر بجانبهما...

كان المأذون أيضاً رغم ترديده أقواله الشهيرة ليرددها كل طرف منهم يحدق فيهم بنوع من الاندهاش والتعجب... ولكنه لو عرف كيف ينتهي كل زفاف أو احتفال لديهم لبطل عجبه.. إذ أن دائما أفراحهم تنتهي بكارثة...

ابتسم بطريقة متوسعة بينما عيناه تستقر على وجه خالد المحمر رغماً عنه بعجب، مشاعره الفتية كانت تتوهج، نبرة صوته المتلهفة كانت تزداد بشكلٍ شره وكأنه وحش لن يوقف الا إذا استزاد حتى التشبع من رابطه بها.. كرر راشد دون تأخير راحمه من صمته الذي استمر لثوان جعله يتململ بقلق في جلسته وهو يضغط على كفه بقوة وكأنه يهدده!!

"زوجتك موكلتي على سنة الله ورسوله..."

احتجزت أنفاس خالد داخل صدره بينما يسمع قول الشيخ وترديد راشد وراءه.. لم يعرف ما جرى له أو ربما هو لا يصدق شاعر نفسه داخل حلماً رائع وصعب المنال "حقاً تزوجها لي... أم هي خدعة؟!"

قطب راشد بوجهه بينما كتم نضال وإيهاب ضحكتهما...

وسمع المأذون يقول "اهدأ يا بني وتعقل.. هذه ثالث مرة أعيد عليك أن لا تنطق بشيء إلا ما أخبرك أنا به"

همست نوة بجوار أمها دامعة العينين بتآمر لأخواتها الواقفات على مقربة منهم "عوض الله في أخينا الوحيد, الفتاة أذهبت بكل تحكمه و عقله"

تغضنت زوايا عيني منى ما بين السعادة الشديدة والحزن ثم همست "لا يهم كل هذا، طالما هو راضي وسعيد ..فقط تمنيت لو سعدت بكليهما في زفاف ضخم ولائق وليس هكذا"

همست بدور بهدوء "لقد قلتها لتوكِ، المهم أنه حصل على ما يريده، الفرحة التي تتقافز من عينيه كما حركات جسده المسرور بالعالم أجمع.. ولا تنسي يا أمي أنه حصل من قبل على حفل ضخم تحدثت عنه الصحف لأيام ..ولكن هل تذكرين كيف كان وجه ابنكِ وتعاسته وقتها؟"

حدقت منى في ابنها مرة أخرى بابتسامة متزنة ثم قالت "الحمد لله أنه وصل إلى هنا ..ولكن هذا لن يمنع بأن أخبركن أن تضامننا لن يكن معه ...بل مع زوجته"

كررتها منى مرة أخرى بنوع من النعومة والحالمية التي امتزجت بالفخر الشديد... تربية يديها، صغيرتها وحبيبتها التي عادت إليها أصبحت زوجة ابنها... هل سيكون عار عليها إن صرخت الآن مبتهجة ترقص طائرة بكليهما؟!

تنحنحت بحرج من أفكارها بينما سمعت ابنها يقول بصوت انتفض له كيانه.. وتزلزل قلبه متصدعاً ثم رمم ملتحم من جديد "وأنا قبلت زواجها على كتاب الله وسنة رسوله..."

"تباً.. نحن فاشلات وبائسات بالفعل.. ألن تستطع أي واحدة منا فعل أي طريقة للاحتفال كما نرى في الأفلام؟!" قالتها شيماء بتذمر

ردت شذى وهي تضع ساق فوق الأخرى بترفع وبهاء "الفرحة في القلب شوشو ..ولا تلك الأفعال لا تليق بنا بالطبع"

تمتمت نوة بحنق "اسكتي أنتِ يا بكيزة الدرملي ودعيني أفكر في شيء"

استمعوا مرة أخرى لقول المأذون "بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"

لم يستطع أن يحدد راشد مشاعره في تلك اللحظات إذ أنها كانت تتزاحم بداخله بشكل عجيب لم يتوقعه... فرحة.. سعادة غير عادية بصغيرته.. حزن لفراقها الذي أصبح وشيكاً.. وغيرة حانقة لأنه سلمها لأحدٍ غيره وبرضاه الكامل "تباً لماذا أرتكب تلك الحماقة!"

"مبارك عليّ يا راشد.. لقد استعدتها منكَ أخيراً... سَبنتي.. ح.. لا.. لي"

قال راشد بغيظ: "توقف وإلا لن أجعلها توقع على العقد"

استرخى في مقعده وهو يغلق عينيه أخيراً بتعب وزفر براحة.. راحة كبيرة كمن كان يسابق الزمن لمدة طويلة يصارع الظروف ويحارب نفسه ومن حوله ليكسب الشيء الوحيد الذي يهمه في هذا العالم.. هي زوجته.. رباه هل يصح أن يصرخ الآن بفرحته وأن يجهر بها في كل شارع وكل حارة.. وكل مدينة.. دعسوقته عادت إلى كنفه، وبعقد حلال.. لقد استجاب الله لدعائه ومنحها له وهو أول طلب منه متوسله في ركوعه وتذلله إليه "حمداً لله"

شعر بيد نضال الذي وقع على العقد كشاهد كما رغب هو ثم قال "مبارك عليكَ لن أوصيك عليها.. إذ أني أثق بأنك أكثر من سيحتويها ويحميها بروحه.. مُصلِحاً ما فعلناه بها"

هز رأسه موافقاً شاعراً أن كل كلماته نفذت من قاموسه ولن تخرج إلا عندما ينفرد بها حتى ولو دقائق...

سمع نضال يتوجه نحو راشد وهو يقول "مبارك يا راشد.. لقد سلمت حمايتها هذه المرة للشخص الصحيح"

لقد تقابلا من قبل في الأيام الماضية, بالطبع اهتم كل واحد فيهم بالجانب العملي بعيداً عن المشاعر أو فتح أي دفاتر قديمة..

"شكراً لك.. على كل شيء يا نضال"

"اعتبره بجانب صداقة خالد نوع من التكفير!" قال نضال بهدوء

وقف راشد من مكانه ثم قال بحزم "لقد انتهينا من تلك النقطة إلى الأبد.. بالإذن منك سأصطحب إيهاب والمأذون الآن لنتمم باقي الإجراءات"

راقبهم نضال بأسى ينصرفون متمنياً لو امتلك القوة للدخول عليها الآن ورؤيتها بنفسه.. لإخبارها كم تفتقدها جوان وتهفوا روحها لرؤيتها... ولكن أليس هذا ما ارتكبه بالضبط في الماضي.. تراجع عن موقفه.. لا هو لن يقوم بتلك الجريمة مرة أخرى أبداً..

*****

على حدود غرفتها كان راشد يقف على الباب يراقب عيني سَبنتي التائهة وكأنها لا تستوعب ما يحدث إذ كانت أشد ذهول من أن تعترض حتى، بينما جلس إيهاب جانبها راسم ابتسامة وقورة ومشفقة وهو يساعدها لتبصم على العقد.. ثم تضع إمضائها.. كما طلب منها المأذون..

سمح لنفسه بالتقدم يشرف عليها بطوله، فرفعت عيناها التائهتين ترجوه استفسار ..ربما إقناع, أي شيء غير حالة التوهان التي ألقيت فيها..

"لا أفهم" همست لراشد الذي جلس أمامها وهو يراقب إيهاب الذي سحب دفتر العقد ثم ألقى مباركته وخرج تاركهما..

تبسم وقال "لا تفهمي ماذا.. لقد أعدتكِ فقط للبعبع.. ليس هناك جديد إلا ذلك العقد ..الذي أوفي به بوعدي"

اتسعت عيناها بذهول وهتفت "إذن ما حدث صحيح أنا زوجة ذلك.. المتخلف"

هدر صوت خالد من على الباب "اخرسي، أنا لا اسمح لكِ سيدة سَبنتي"

فغرت فمها بقوة ثم قالت وكأنها تشكوه "يقول لي سيدة ..ابنتك البريئة الصغيرة سيدة يا راشد"

قفز برشاقة قبل أن يجذبها لتقف أمامه ثم احتضنها بقوة.. بتشدد شاعر بصدره يرتج وينتفض ..وهو يدور بها تلقائيا ثم قال بصوت عاطفي أجش "صغيرتي الحلوة عروس، ذلك "المتخلف" لا يصدق نفسه.. ولكن أنا يا سَبنتي من لا أستوعب أني أمنحكِ أخيراً شيء يسير من سعادتك المسروقة.. حتى وإن عنى ذلك قسوة فراقكِ عن قلبه"

احتضنت كتفيه بقوة ثم همست "لا أريد تركك أبداً... لا أريد الزواج.. على الأقل ليس من خالد.. ان رغبت في الخلاص مني أوافق على رجل يشبهك"

سمع زمجرة خالد الشرسة من ورائه تذكره بأحد تلك الشخصيات الضخمة قليلة المنطق...

حررها منه وأوقفها أمامه محتضن وجهها بين كفيه ثم قال "لماذا لم تخبريني عن رغبتكِ تلك قبل أن نتورط؟"

ابتسمت بارتجاف وهي تقول "وكيف لك أن لا تعرف بأن كل فتاة بأبيها معجبة؟!"

انتفض قلبه مرة أخرى وهو ينحني ليقبل وجنتيها بعمق سامع زمجرة أخرى أكثر اعتراضاً من البعبع المخيف... " استغفر الله.. التوبة يا رب من هذا الرجل"

"اخرجه من هنا" همست سَبنتي ..بينما اعتدل راشد يخرج علبه صغيرة مخملية الملمس وبنفسجية اللون كان أخذها من خالد قصراً ثم قال بطرفة "سيحدث لا تقلقي, عقب أن نضع هذا في أصبعكِ"

هزت رأسها نفيا وقالت "هذا الزواج غير شرعي.. أنا لن أوافق.. زمن الإجبار انتهى... أنا لست مثل أحدهم.. سأختبأ وراء حجة أبي الذي ألح عليّ..."

احمر وجه خالد من قصفها المقصود وهو يتقدم منها عابسًا.. ثم مد يده نحو راشد وهو يقول "دعنى ألبسه لها"

قال راشد بنبرة شرانية "ألم تسمع ما قلته.. أنت لن تمسها ولن تنفرد بها ..لقد أخبرت الطبيبة بأن تصدر قرار خروجها وستغادر"

"ماذا؟!" هتف مستنكراً ثم أضاف "ألا يكفي سرقتك أول حضن وأول قبلة عقب القران.. حتى حملها والدوران كما أرهقت خيالاتي... وتفضلت أنت وسرقته مني"

قال راشد ببرود وهو يخرج خاتم ويرفع يد سَبنتي ليدسه بها "ضف أيضاً هذا ..أنا من ألبستها خاتم زواجكما"

حدق فيه بغل عاصف وهو يجز على ضروسه بعنف، بينما رفعت سَبنتي كفها نحو بصرها.. تحدق في خاتم زواجها الماسي والذي لم يكن إلا حجر كريم متوسط الحجم متناسق الرسم لحشرة الدعسوقة بلونيها المميزين بين الأحمر والأسود بينما الحلقة ذاتها كانت من الذهب الأبيض ورصع جناحيها بماسات صغيرة بلون عينيها البنفسجي... لم تقاوم وهي تحدق في الخاتم أن تدمع عيناها تأثراً بينما سمعت خالد يهمس بضحكة مرتعشة وكأنه يقاوم نفسه بمعجزة أن لا يمد يده ويمسها لا بل يحشرها بين ضلوعه أمام راشد "هذا لم ينتهي بعد، هناك المزيد من ما يناسبكِ يا بقة... العالم كله إن جلبته لكِ لن يكفي مقداركِ عندي"

رفعت عينيها البراقتين نحوه قبل أن تهمس "لم يعد لديك في عالمك هذا ما قد أرغب فيه.. إذ أن الشيء الوحيد الذي طمعت فيه منك.. سبق ودمرته"

زجه راشد خارج الغرفة بعنف وقال مهدداً "إياك أن ألمح طيفك حولها ..لقد منحتك هذا العقد لتحل عنا"

قال خالد بعصبية منفعل "إنها زوجتي"

نفخ راشد وهو يقول "ما هذه المصيبة يا بني ..هل علقت عند هذا الحدث.. عرفت أنها زوجتك ..ولكنك لن تطالها ..هي ستظل لي"

تدخل إيهاب يفض الاشتباك بينهم وهو يقول بوقار "خالد ألم تكن ترغب في صلاة ركعتي شكر.. ما رأيك أن تأتي معي, أصلي أنا صلاة العشاء... وتتركه هو الآن معها"

وافقه على مضض.. بينما سمعه يهمس لراشد بتآمر " تعاطفي معك لهذا تحديداً.. أنا أبداً لن أزوج لوليتا واسمح لغريب بأخذها مني"

قال راشد بغيظ "أخذ من... ربما هو رجل الأعمال المرعب والشاب الواعد المسيطر.. ولكن عند النمرة الصغيرة لا يمكن لأحد أن يخطفها مني.. انظر للعلامة التي في رأسه وأنتَ ستعلم"

مسد خالد جبهته بضيق قبل أن يقر بكبت "تفضل يا أبا إياس ..من الواضح أن ابن عمي غيرته هي من تحركه.."

انصرفا خلال برهة, مما أتاح لراشد أن يراقب توتر نوة غير الطبيعي وهي تقطع الممر ذهاباً وإياباً.. وهى تقول بنبرة قاربت الهوس: "إن ما يحدث الآن جريمة.. كيف استطعتِ يا أمي موافقتهم؟!"

قالت منى بتعجب "أعوذ بالله.. أي جريمة.. إنه زواج على سنة الله ورسوله يا نوة"

"الفتاة لم توافق.. لقد تكاثروا عليها"

قالت بدور بنبرة غريبة بينما تضم ابنها النائم على صدرها: "ستوافق لاحقًا.. لا تعطي للأمر أهمية"

توجهت لراشد محاولة مخاطبته بالعقل: "راشد إن سَبنتي صغيرة.. كيف استطعت؟!"

"عمرها عشرون عام.. عن ماذا تتحدثين؟!"

قالت نوة بحماقة: "حقاً.. لماذا أشعر إذن أنها تلك الطفلة ذات الفستان المنتفخ باللونين الأسود والأحمر ولم يتخطى عمرها أكثر من عامين.. هل تزوج ابنتك ذات العامين يا راشد؟!"

جاراها راشد في اضطرابها وهو يقول: "أنتِ محقة, حبيبتي الصغيرة كيف تجرأت لفعل هذا؟ أين أخوكِ, سأطالبه بإنهاء الأمر"

قالت منى بلهفة "رباه توقفا حالاً.. إن شاء الله زواج العمر، هل تسمحان لي بأن أسعد بشيء أخيراً دون حماقاتكم ومشاكلكم المعتادة؟!"

قالت شذى بهدوء: "أنا أسعدتكِ يا أمي ولم أُثِر أي مشاكل مع مالك مثلما فعلت نوة"

مالت منى تحتضنها وهي تقول بفخر: "أنتِ حبيبة أمكِ, ليتهم يتعلمون منكِ"

امتعضت نوة وهي تقول "وأنا أيضاً زوجة مطيعة ومدحت لا يستغني عني"

قالت شذى بمشاكسة: "المسكين وهل لديه حل آخر معِ؟ إنه يجاريكِ خوفاً على حياته"

"مضبوط.." قال راشد بمرح قديم كانا بينهم..

امتعضت نوة وهي ترمق كليهما بغيظ ثم جلست أخيراً وكل توترها يهدأ ثم أمسكت بيد شيماء الصامتة وهي تقول: "لقد تزوجت إحدى صغيرتينا.. ولم يبقى إلا العصفورة"

لم تجيب شيماء لوهلة حتى ظنوا أنها صمتت خجلاً.. ثم همست أخيراً بجمود: "أنا لن أتزوج أبداً.. لن أسلم قلبي وحياتي لرجل يحطمني ويذلني بعيوبي وإعاقتي أبداً يا نوة"

شحب وجه نوة كما منى التي مدت ذراعها تخطفها على صدرها بعنف وكل سعادتها تتبخر في لحظة، متحولة لوجع تام.. بينما وقفت بدور من مكانها تمنح إياب لشذى برفق وهي تقول بمرارة "أخيراً قررت شيماء.. لا تمنحي نفسكِ مطلقاً لرجل لن يترك بداخلكِ إلا الفراغ وبقايا امرأة"

بدا الحزن العميق على وجه راشد وكأنه كبر فجأة ضِعف عمره وهو ينظر في أثر خطواتها التي اختفت خلف أحد الأبواب.. ثم أخذ نفساً عميقاً وهو يقول بابتسامة شاحبة "سأذهب لأرى إيهاب ومن معه بالخارج حتى ينتهي خالد من صلاته"

*****

بعد دقائق انضم إليهم خالد تتراقص فرحته على وجهه وهو يتلقى التهاني من أخواته.. ثم تقدم يجلس تحت قدمي والدته وأمسك بيدها وهو يقبلها بإجلال.. ربتت منى على رأسه ثم قالت بحنان: "مبارك بني، تذكر يا خالد أن سَبنتي كما أخواتك قطعة من قلبي, لن أغفر لك أبداً إن أسأت لها أو أوجعتها يوماً"

قال بهدوء: "لن أفعل أبداً... أمانتكِ في عنقي لما تبقى من عمري, سأحفظها يا أمي"

همست منى مختنقة بدموع سعادتها: "تمنيت لو أعرف كيف أحتفل بك أو أطلق تلك الأصوات المدعوة "زغرودة" لكن أنا وأخواتك فاشلات للأسف"

الألق زاد في عينيه فرحاً وعشقاً وهو يقول "يكفيني نظرة الراحة والسعادة والرضا التي أراها على وجوهكن يا أمي... يكفيني معرفتي بأن اختياري الصحيح هذه المرة وافق قلوب أخواتي"

ربتت منى على وجهه بحنان.. وعيناها تطفر بدموع أخرى هادئة وقورة مما دفعه أن يحني رأسه لينظر بعينيها مباشرة وهو يقول بنبرة مرتاحة عميقة تزاحمت فيها مشاعره: "سَبنتي زوجتي أخيراً.. أرددها على مسامعي كما شكرت الله في سجودي مراراً.. أكررها لنفسي.. أشعر أني كنت في حلم صعب المنال يا منى"

ضمت منى ولدها بقوة وهي تردد شكرها لله بدورها مع آيات تحصنه من كل شر مبتهلة في داخلها أن يكتب له سعادة واستقرار دائم, أن لا يناله وجع أكثر مما طاله"

حررته منها سامحة له أن يتقدم نحو شيماء وهو يمسك يدها ثم قال بهدوء: "أنا لم أنسكِ يا عصفورة، لنا حديث مطول.. فقط أردت أن أحبس الدعسوقة الشريرة على أغصان زرعتي وداخل جدران مملكتي.. حتى لا تغافلني وتهرب مني مرة أخرى"

لم تهتم شيماء في هذه اللحظة إلا لشيء واحد.. صديقتها فقط لذا قالت بتوعد شرس: "فكّر في أذيتها مرة أخرى وأنا من سأنتقم منك هذه المرة.. أتفهم؟!"

ادّعى الرعب وهو يقول: "بالطبع.. بالطبع يا جميلة سأتذكر هذا التهديد دائماً"

وعندما ترك شيماء وتوجه لنوة اعتقدت أنه يريد منحها من مشاعره الفياضة لذا سخرت منه "هل أخذت مضاد حيوي، أخشى أن تكون مصاب بمرض ما إثر تلك الضربة، ولا تشعر به من فرط كيوبيد الفيل الذي يرفرف في الأجواء؟!"

"سأحترم فرق السن بيننا ولن أقصف جبهتكِ"

"الآن امنحني بعض الحب"

"لا سأوفره لزوجتي"

خبطت نوة جبهتها مدعية اليأس وهي تقول "الرحمة يا رب، لن ينفك يرددها حتى يصيبنا بفوبيا زوجتي"

اقترب خالد منها خطوة ثم قال بخفوت "سأسمح لكِ بالسخرية كما تشائين ولكن أريد منكِ خدمة"

الآن أثار فضولها وهي تسأل: "تكلم يا عريس الغفلة"

تحكم في أعصابه إكراماً لما يرغب أن يقول "أريدكِ أن تلهي راشد لعشر دقائق فقط حتى أنفرد بها.. إذ أنه أخبرني بحزم أنه لن يتركها للحظة حتى تخرج من هنا ويأخذها لمنزله ويفرض حصاراً عليها"

راقصت نوة حاجبيها وهي تقول بتلاعب: "خيراً يفعل، سأسانده حتى لا تنفرد بها"

قال برجاء أخوي: "من أجلي يا نوة.. عشر دقائق فقط أحتاج لرؤيتها"

"وهي حلالك؟!"

أومأت موافقة وادعت التفكر ثم قالت: "اممم أعتقد أني أملك إلهاء مناسب ولكن بشرط أن تعدني بأن لا تلتهم الفتاة "

قال بلهفة: "أعدكِ أني لن أفعل أكثر من إثارة جنونها"

"إن كان الأمر هكذا فانطلق يا قلب نوة لحلالك"

*****

عندما دخل خالد الغرفة ببطء عاكس خفقات قلبه المتسارعة وهدير دمائه داخل عروقه... جمد مكانه محاول أن يتمسك بأقصى ضبط أعصاب ممكن وعيناه تسقطان مباشرة على سَبنتي التي جلست حاشرة نفسها في جزء صغير للغاية على الفراش تضم ساقيها إلى صدرها ..مسندة ذراعها ذو الجبيرة فوقهما ..بينما يدها الأخرى احتضنت كتفها وكأنها كما أخبره راشد تحاول أن تمنح نفسها الاكتفاء، أن تستوعب ما حدث منذ دقائق.. إذ أن وجهها الشاحب وعينيها الشاردتين للبعيد والمذهولتين بينت بشكل صارخ مدى التخبط الذي تعيشه الآن... لقد بدت له صغيرة.. ضائعة وخائفة، في تلك اللحظة بالذات بينما يعود قلبه للهدير بعنف فاقد سيطرته عليه ..تذكر خالد بشكل موجع وممتع حبيبته العبثية المشعة, كتلة الجنون والطاقة التي كانت قديماً..

لقد كانت تجلس هكذا عندما تقع في مشكلة ما كبيرة أو صغيرة، تحتمي فيه هو ومنه، ثم تحايله بعفرتتها المنعشة أن يحل ورطتها، بأن لا يتركها ولا ييأس منها.. بأنها سترحب دائماً بكل أحكامه وعقابه..

"بقة"

اقترب منها بتمهل حتى وصل أمامها وجثم على ركبتيه لينظر إلى عينيها الحبيبين من قريب وهو يكرر "حبيبتي"

أول رد فعل منها حصل عليه أنها حركت رأسها برفض قاطع وهي تقول بخشونة "توقف، لا تدعوني بهذا, ليس من حقي"

قال بصوت أجش "حق من إذاً يا بقة؟!"

"هل سأكون منصفة إن قلت أنه حق أخرى منحتها ما وعدت بالسابق.. إنه حق مغتصب لي"

هز رأسه وهو يقول "لم أخبرها قط بألفاظ تحببية، لم أمنحها أبداً أيُّ من حقوقكِ"

قالت مقاومة دموعها "هل تظن بأني سأسعد بما تقول ..هذا ظلم يا خالد"

لم يستطع مقاومة حاجته لأن يلمسها.. خاصة مع ما سيقوله الآن، لذا مد يده يلمس وجهها مداعب ملمسها الذي شابه نقاء القطن ونعومته "نعم هو كذلك ..ولكن أمر قلبي لم يكن بيدي.. حاولت أن أكون لسواكِ وفشلت يا سَبنتي، هل تذكرين نظرية توحدنا؟!"

قالت باقتضاب وهي تزيح يده عنها "آه ذلك الأمر الذي ضحكت به على عقل المراهقة معدومة الخبرة.. لا تذكرني به.. هذا ليس في مصلحتك"

قال بهدوء "بل سأفعل لأخبركِ كم أنا نادم.. كنت موجوع ربما مفطور لفراقكِ، غير قادر على التعاطي مع ترككِ ونسيانكِ لي"

أشاحت بوجهها بعيداً ثم قالت بارتباك "دعني أوضح شيئاً... أنت محق أنا نسيتك بالفعل... وأنا لا أريد التحدث"

أخذ نفس عميق قبل أن يقول "لا تتحدثي إن لم تريدي.. لم أعد أرغب في سماع شيء ...إلا أنكِ تكرهيني ونسيتني, لأني أثق بأنها كذبة ..ما زال قلبكِ يدق لي يا بقة ..ما زالت عيناكِ تتبعني وكأنه لا يوجد في العالم سواي"

قصفته دون تفكير مدفوعة بغضبها بحقدها عليه "لا تغتر في نفسك كثيراً ..هناك من هو أفضل منك وأوسم منك و...."

قاطعها بحسم "كاذبة... الأمر ليس بكم رجل أو امرأة أفضل منا أو مثلنا أو حتى أقل.. بل في التجانس, في التكامل والتناغم ..لذا ببساطة أنتِ لن تجدى سواي.. كما أنا لن أحب وأرغب غيركِ يوماً"

همست "اخرج من هنا يا خالد قبل أن أمنحك ضربة على جبهتك من الناحية الأخرى.. محققة لك أحلامك في التوحد والتماثل أخيراً"

لمعت عيناه بطريقة كادت أن تسرقها وترميها في عالمه من جديد.. خاصة عندما رفع رأسه وهو يضحك بخفوت لتتحرك تفاحة آدم في حلقه متواطئة مع فكه العريض، وتلك الفرحة المستفزة وكأنه ظفر بأهم انتصاراته وأولها وآخرها لتوه... ولكم تمنت.. يعلم الله كم رغبت الآن في أن تنهش وجهه ماسحة تلك الفرحة من قلبه ..كما أحرقها هو.. " لن تفعلي سيدة سَبنتي، ليس في أول ساعة وأنتِ زوجة لي"

هزت رأسها بنفي ثم قالت "أنا لست زوجتك.. أذكرك علك نسيت والدتك علمتنا الشريعة جيداً حد أني اعلم أن أهم ركن في الزواج ..هو موافقتي وأنا لم افعل ..لذا "بل العقد واشرب مائه"

انمحت كل انفعالاته وهو ..وأحس بالحزن يعود ليغمر روحه وهو يقول "أنتِ لن تفعلي هذا بناء ...ربما ستعذبينني ستنتقمين مني ولكنكِ لن توقيعنا في تلك المعضلة"

"لا تراهن عليّ يا خالد، صدق أنا لم أعد أنااااا!"

تحرك خالد وجلس أمامها ثم سحب كفها الصغير ليخفيه بين دفء راحتيه ..وصمت.. صمت طويلاً بينما مشاعر كثيفة تتصارع على ملامحه محاولة أن تجد لها مكان.. ما بين اليأس.. الندم.. الألم.. والحب.. العشق الصافي الذي لمع كزخة شهب.. ثم قال أخيراً بخفوت "لا أذكر أنكِ سألتني يوماً لماذا أنا من كان دائماً يهتم بقص الباستا من أجلكِ!"

عبست وهي تحدق في وجهه بجهل.. محاولة التغاضي عن دقات فؤادها الخائن الذي هدر مهلل لقربه وصارخ بالحاجة الملحة لأن يرتمي فوق صدره... سمعته يكمل عندما لم تقل أي شيء "عندما أتى بكِ راشد أول الأمر ..أنا لم أبدي أي اهتمام نحوكِ، وعلى عكس توقع الجميع كنتِ طفلة هادئة للغاية.. تنامين أكثر مما تفيقين.. المشكلة الوحيدة أنك كنتِ تقرضين بأسنانكِ كل شيء تقريباً"

أطلقت شيء أشبه بضحكة مشوبة بالوجع.. أكمل خالد بهدوء وهو يرفع يدها ثم يفتح كفيه وهو يقبلها، جاعل كتفيها ينكمشان برهبة.. وذهول إثر رفرفة شفتيه هناك، "لقد قرضتِ يدي في أحد المرات محاولة لفت انتباهي إذ أني كنت الوحيد تقريبا الذي يتحاشى وجودكِ ..ليس كرهاً ولكن خوفاً من الكائن الفضولي والغريب الذي يفرض وجوده ويسرق حب كل من يتعامل معه .. بجانب طبعاً عينيك التي لم أفهم سر اختلافهم وعبثهم .... لقد كنت في الثامن فقط وقتها ...!"

" قالت قاصفة إياه " لانك اعمى ومنذ متى فهمت لغتهم ؟!"

دفن أصابعه خلف عنقها حابس بعض خصلاتها بينهم برقة ثم همس " تفرق... دعينى اصحح لك مقصدى كنت افهم ولكن ارتعب عليهما منىّ والبشر حولنا؟!

قالت باختناق " ما الذى ترغب في الوصول اليه ؟!"

مد يده يحرك انامله في خصلاتها الحمراء برقة شديدة حريص ان لا يوجعها ثم قال " اول تعامل فعلى معك ..كانت والداتى تحاول تعليمك كما شيماء الاعتماد على الذات .، اذكر وضعها لك في مقعدك ثم تقديم الطعام لتتناولية بنفسك ..كانت هي تصر ان تفعلى ..وانت كنت عنيدة ، نزقة وتخطفى القلب لوعة بحزنك ، لم اقدر على سماع بكائك لم أقاوم دموعك ولا نظرات استسلامك في تلك اللحظة كان طفل الثامنة يشعر نحوك بالحماية، بالغضب من اى شيء قد يجرحك او يتسبب في بكائك ... !"

صمتت لبرهة كى ينظر الى وجهها مباشرة .. محتوي إياه بين كفيه يتأمل ذلك الطيف الذى يخصه يلوح في الأفق البعيد من بين ذلك البنفسج الذى يعود يلتمع على استحياء و تردد ..ثم قال بطرفة " لقد كنت أقصها لك من ورائها ثم ابدل شوكتك بملعقة بلاستيكية حتى لا تأذيك ..بالنهاية يبدوا انى من تسببت في فشلك حتى الان لتناولها !"

اغمضت عينيها بقوة ثم هزت رأسها هامسه مستوعبة ما يحاول ان يصل اليه من قصته .. مما دفعها ان تقول بحرقة " كنت أعيش على امل انك تنتظرى بأنى ذلك الجزء الناقص فيك بأن لن يكمل غيرى ..انتَ رسمة الوهم حولى وجعلتنى أعيش فيك بكل تفانى.... انا لن اعتابك على ارتباطك بها يا خالد ..بلانا بالذات التي أوجعت مشاعرى الوليدة زمان ..وهى تتخايل حولك ...ما المنى بحق ما دمرنى وقتلنى انك لم تملك القوة لتقاتل من اجلى لتقدم لى ما فعلته انا بطيب خاطر ..اذكر انى قاتلك انتَ رغم جهلى بما يحدث لى ...ولكن ان ادرك فجاة بأن مشاعرى وقلبى لما يمثلا أي شيء.... لقد دمرتنى يا خالد !"

اعتصر كله وكل كلمة تخرج. منها يشعر بها سيوف باتره تمزق تمزيقاً بغير رحمة ..قال بتعاسة " بل المصيبة انهم عنوا الكثير حبيبتى ..ان لم تعنى كل هذا وأكثر ما كنت تهورت ، ما كنت جننت وانا أقاوم طيفك ..لقد كنت غاضب يا سَبنتى !"

أبعدته عنها مرة أخرى ..ولكن هذه المرة أبدت عنف شديد وهو تزيحه من جانبها ثم قالت بشراسة " وانا لم اعد اريد لا غاضبين..ولا متهورين يكفينى حمولى الخاصة ..اخرج من هنا يا خالد وأخبر ابن عمك كما نفسك بانى لن امنحك موافقتى عقدك لا شيء دونها !"

" تكذب ...اهم ميزة بقت فيها ولا يخطائها ابداً ، بانه يستطيع اكتشاف كذبتها الضعيف ..ربما تجيد التلاعب ولكن ليس هذه المرة ، اذ انه يثق تمامًا ان ما يحدثه الان هو لسانها العنيد فقط...هى زوجته ....

عند هذا الخاطر كان كفيل ان يعود له كل سعادته ان يمحى كل ألمه من مواجتهم القصيرة ان يودع كل الحزن ..ولا يذكر الا شيء واحد رغم بكل جوارحه ان يرقص له بالعصى طرباً " سَبنتى زوجته ..."

هتف خالد اخيراً بنبرة خشنة من فرط الانفعال الفرح " سأفقد عقلى بسببك ...انتَ زوجتى ....حلالى اخيراً يا بقة "

حدقة فيه بعينين متوسعتين غير مصدقتين لما منطقه ..

قالت من بين أسنانها بغل " فى أحلامك فقط قد تصل الىّ..لن أوافق مطلقًا على الزواج " اقترب خالد خطوة من فراشها حتى خبطت ساقيه هناك موقفه اياه ..ومال نحوها يشرف عليها بطوله وبسخطه مهددها بمشاعره ومحاوطها بتملكه دون ان يمس طرفها حتى رفعت رأسها بآباء تحدق فيه بعينيها العاصفتين دون اهتزاز حتى نطق اخيراً بنبرة متلاعبة وخافته اهتزت لها كلها بالطريقة الصحيحة هذه المرة وأحمر وجهها الشهى منافس جنون شعرها المشعث حوله عندما قال " اوه حبيبتى إنتِ ليس لديك أدنى فكرة بما افعله بكِ فى أحلامى !"

علق صوتها داخل حنجرتها وهى تردد كميكرفون خرب ..او احد تسجيلات الراديو التى علقت عند شيء واحد " انتَ...انتَ انتَ انتَ "

كتم انفعاله وهو يمثل تغضن ملامحه ثم قال بجدية " قليل ادب...... هل هذه ما تبحثى عنها ؟!

اومت سريعاً وهى تشير بإصبعها نحوه باتهام " لقد خدعت فيكِ وانا من اعتقدتك مؤدب سأخبر راشد وزوجة عمى!"



همس مرة أخرى بنبرة تزاحمت فيها العاطفة العاصفة،جُنَّتْ فيها كل ثوابته وفقد كل تلابيب عقله وحتى حرصه على الرفق بها لتستوعب وضعهم الجديد:"لا تنسى ان تخبريهم بأنكِ زوجتي،حلال لى مباركتهم،افعل بك وأقول ما أريده..محقق فيكِ كل خيالاتي الجامحة واتحرش بك كما ارغب وأنفذ معك كل خيالاتى المنحرفة..منحرفة للغاية!"

احمر وجهها أكثر بشكل مؤلم جعل قلبه يرق لها..تراجعت محاوله الابتعاد عنه رهبة،و ذهول...لم يفكر لا هو لم يهتم بأي شيء لم يرى امامه الا إياها عندما مد يديه يرفعها بسهولة شديدة لتصبح في لحظة كلها على صدره..أطلقت شهقة عنيفه وهى تدفعه دون صوت فقط عينها الواسعتين تحدق فيه وكأنه كائن فضائي عجيب لا تستوعب مظهره او تفهم لغته وفعله...

"انتِ زوجتى...كيف سأصدق الأمر،أحاول تكرره مرراً يا اعظم انتصاراتى وكل حروبى..انتِ لى يا بقة..لى اخيراً أستطيع الصراخ بها البوح دون الخوف من فقدك...زوجتى وحلالى..كما طلبتك من رب العالمين واستجاب دعائى!"

لم ترد فقط عينيها كانت تتوسع بانبهار وهى ترصد انفعالاته،ترتجف بين يديه اكراماً لكلماته..تسمح لنفسها ان تسعد ان تبكِ..وان تفرح..عدلها خالد ببطئ جاعل جسدها الهش ينزلق على طول جسده مسبب له كما لها هزه عنيفه..ولكنه كان اكثر انشغالا ان يهتم بجانب حسى ....بل كل ما همه جانب عاطفى رغبة فيها بكل كيانه..بتلك السعادة التي تفرقع بداخله كحزام من النجوم المتراص في المجرات البعيدة..لف يده على خصرها ببطئ ثم انحنى نحو وجه محبوبته الذى ارتفع ينظر اليه بانبهار وبراءة كزهرة العباد النظرة التي تتفتح وهى تلتف ببطئ لتلاحق أشعة نور الشمس"نحن من فزنا وحبى لكِ لم يكن وهماً،وتعلقك بي لم يكن اندفاع مراهقه!"

همست بخفوت"خالد انا...."

سمح لشفتيه ان تلثم جبهتها مرراً وتكراراً حتى شعرت انه طبع شكلهم هناك في وشم أبدى ... ثم تمتم من تحتهما " هشش كفى حديث لا تضيعى اللحظة ارجوكِ فقط اغلقى عينيكِ ودعينا نخلد تلك الثوان طوال العمر متذكرين يوم عودتك لذراعي وإشباع نفسى وروحى منك.. اللحظة التي سأحتويك فيها من جديد،دعينى اتشربك بعد عثورى عليكِ وبعد طول عذاب وفرقة"فأنت زوجتى يا سَبنتي..زوجتى يا حبيبتى...يا الله اعتقد انى قد لا اصدق هذا الحلم ابداً"
ّ


.....................

قبل وقت ...دخل راشد من الباب متوجها صوب غرفة سَبنتى وهو يسأل بجمود :" أين خالد؟ "

قفزت نوة نحوه ...تمنعه من التقدم وهى تقول بثبات :" لم ينتهى من صلاته بعد!"

اطلق صوت ينم عن عدم تصديقه وهو يقول " لماذا هل يقيم صلاة التراويح ، مازال هناك شهرين قبل الشهر الكريم "

وقفت نوة تمد ساقها امامها وكتفت يديها على صدرها تنظر اليه بحزم وبعض من الغيظ مما دفعه ان ينسى امر خالد وهو يقول مستفهما: " ماذا هناك الان ؟هل اعتراض اخر على زواجهم!"

قالت نوة ببرود مستنكر "اى اعتراض ، لولا المكان والظروف ما كنت ترددت ان أقيم احتفال لسبع ليالي ممتدة ..ان سَبنتى هي الفتاة التي أرغبها له منذ البداية !"

تنهد بنفاذ صبر وهو يقول " نوة صدقاً انا أعيش اسوأ أيام حياتى ، وليس لدى أي طاقة لنوبات غضبك الغامض "

ادعت الحزن وهى تطرق بوجهها نحو الأرض ..او ربما لم يكن ادعاءا ..فبدور كانت ومازالت غصة تنحر قلبها ، مرارة بطعم العلقم لا تفارقها كلما تذكرت ما عانته شقيقتها ...وعندما تنظر اليها وترى ذلك الجرح الغائر الذى لم يشفى ابداً حتى وان أنكرت ....عندما طال صمتها ولحظة توتر عضلة في فكه كأنه فهم ما تفكر فيه ... أخذت نفسا عميقا وهى تعود تنظر اليه وقالت: "ان بدور خلف هذا الباب منذ وقت وترفض التعاطى مع احد ففكرت انك ربما تستطيع الحديث معها "

عقد حاجبيه وضيق ما بين عينيه وهو يمد وجهه نحوها بتوجس وإتهام ثم قال " هيا ، تلك النبرة وهذا الطلب بالذات انا لن اخدع فيه .. ماذا وراء تلاعبك هذا !"

شهقت وهى تدب على صدرها ، بحركة جلبت له الامتعاض ثم قالت ببراءة زائفه " كنت أحاول .. التقريب بينكما ليس الا كما فعلت مع اخى...كما انها وبصراحة أخذت ابنها وحجزته بالداخل "

:"نووووة " قال بتلك اللهجة الصارمة التي شابهت نبرة وكيل نيابة يستجوب متهما !"

رفعت يدها تنفض اصابعها امام وجهه ثم استدارت وهى تقول :" لقد منحتك مفتاح ، ولحظة نادرة ظننت انك تستحقها لك حرية قبولها او لا ، قبل ان تخرج هي من الحالة الغريبة التي تتملكها ..."

صمتت حين شعرت بذبذبات جسده المتصلب خلفها تملأ الأجواء بشحنات سلبيه ..ثم ابتسمت ،.ابتسامة ظافرة وهى تقول بخبث " سألحق بوالدتى واخواتى وإياب في السيارة اذ اننا نستحق وقت مستقطع وراحة بعد يوم مرهق طويل !"

تركته واقفا مكانه بينما أخرجت هاتفها وهى تكتب لشذى "اخبرتك عزيزتى لتشغلى ثور غاضب ما عليك الا بالتلويح امامه براية حمراء يحملها مصارع متهور .....بالضبط مثل اختك!"

...........................

يتبع الان
:syriasupersta rra8:





التعديل الأخير تم بواسطة رغيدا ; 14-04-20 الساعة 03:19 AM
Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-20, 02:23 AM   #2848

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

[align=center]
تابع الخامس والثلاثون


وعدتُكِ أن لا أُحِبَّكِ..

ثُمَّ أمامَ القرار الكبيرِ، جَبُنْتْ

وعدتُكِ أن لا أعودَ...

وعُدْتْ...

وأن لا أموتَ اشتياقاً

ومُتّْ

وعدتُ مراراً

وقررتُ أن أستقيلَ مراراً

ولا أتذكَّرُ أني اسْتَقَلتْ...



وعدتُ بأشياء أكبرَ منّي..

فماذا غداً ستقولُ الجرائدُ عنّي؟

أكيدٌ.. ستكتُبُ أنّي جُنِنْتْ..

أكيدٌ.. ستكتُبُ أنّي انتحرتْ

وعدتُكِ..

أن لا أكونَ ضعيفاً... وكُنتْ..

وأن لا أقولَ بعينيكِ شعراً..

وقُلتْ...

وعدتُ بأَنْ لا ...

وأَنْ لا..

وأَنْ لا ...

وحين اكتشفتُ غبائي.. ضَحِكْتْ...







انه ليس غراً حتى لا يفهم لعبة نوة .. ويدرك انها ترغب في ان تزيحه بعيدًا عن طريق سَبنتى وزوجها...تباً اشتعلت غيرة بداخله لم يدرك مطلقاً انه يحملها نحو صغيرته .. فتوجه نحو غرفتها بدون تفكير ناويا ركل خالد بعيداً عنها ...ثم يخرجها من هنا ويضعها خلف الف باب داخل منزله ، بين امانه هو رجلها الأول لا غيره ...ولكن اصابعه تجمدة عند المقبض ..وهو يسمع همهمات واضحه بينهما .. كلمات متفرقة خرجت من فمها هي تتحدث معه بانطلاق عن ما تكتمه داخل صدرها ..." هل له ان يقر بالحقيقة مبعدا جانبه العاطفى ومفكرا ببعض المنطق والحيادية كما فعل عندما منحها له بكامل رضاه .." بدور محقة ان خالد هوالوحيد القادر على ترميمها من جديد وان يعيدها لشخصيتها القديمة قبل ان تعصف بها الحياة ختباراتها وتحطمها مبكر جداً...

ترك راشد المقبض وتراجع خطوة تلو الاخر ي، دقائق معه لن تضر من حقه ان يغمره السرور بنيل عروسه بعد كل هذا الألم ...بعد ان افاق من غيبوبته...

حرك راشد يده في شعره بعصبيه مفرطة وعينيه لا تحيد عن ال باب الاخر الذى يعلم انها تتواجد خلفه ...لن ينكر انه لاحظ تغير أحوالها للنقيض ،عزلتها ومراقبتها كل ما يحدث بصمت تام ، وكأنها لم تكن هي التي حايلته وحوارته منذ أيام من اجل ان يصلا لهذا اليوم ..انها حتى لم تبارك لخالد بعد ..رغم يقينه انها سعيدة جداً من اجلهما ...تذكر تعليق زوجة عمه المؤذى .. عينيها التي رفعت اليه بحدة باتهام صارخ وكأنه كالعادة المجرم الوحيد في جرحها ..تباً يا زوجة عمى لم يكن وقت أمنيتك تمامًا حتى وان كان من الواضح انك قولتيها لاستفزازى وهى....

اقترب ناحيتها ثم فرك وجهه بكلا كفيه بتعب .. وإحباط ، وحنين شديد وحاجة ملحه تكاد تقسم روحه..انه يحتاجها و لن يرضى او يقبل يوماً بسواها ليرمى على صدرها رأسه وهمومه ...ابتسم بيأس اذ ان كل ما يفكر فيه هزيان ..مجرد هزيان عالما ان " طريدته " شرسه لا تستسلم ولن تكف عن الركض ..وهو كان معها لفترة طويلة صياد " غبى وقاسى !" وعند احتداد كل هذه الدوامة التي تعصف بعقله وتطيح بروحه لم يفكر مرة أخرى بل ترك كل العقل والمنطق والظروف والأسباب...وكل ما فعلته وفعله جانباً .. وصفى علقه لشئ واضح انه رجل عاشق " يحتاج " وهى أمرأته ومحبوبته الضائعة ...

فتح الباب ودخل بخطوات سريعة ثم اغلقه جيداً خلفه ..وكأنه يقطع على نفسه اى فرصة للتردد او التراجع ...

رفع عينيه بالتوافق مع شهقتها الطويلة المرتاعه وهى تقول " هل فقدت عقلك ؟ما الذى تفعله هنا "

توتر جسده وتشنجه لم يكن مخفيا عنها وهو يقول " لقد تأخرت !"

قيمته بنظراتها المستفزة قبل ان تفتح صنبور المياه وتعود لخبط وجهها بالمياه مراراً وهى تقول " حقاً ..لماذا لم تبلغ الشرطة عن تلك الجريمة .. "

توقفت عن ما تفعله قبل ان تفتح اول زرين لقميصها الأبيض الحريرى الذى ارتدته تحت بدلة زرقاء عملية من قطعتين ...بللت يدها الماء ومررتها هناك على صدرها أولاً ثم أدخلت أصابعها العاجية من الجانب الأيسر تحت ملابسها ترفل بها على حرير بشرتها بنعومة ..غير متوافقه مع نبرتها الغاضبة " او ربما من الأفضل ان تنشر غداً على صفحات الجرائد الكبرى ، بدور الراوى ارتكبت فضيحة كعاداتها وغابت داخل الحمام ...فاقتحمه النمر البطل الهمام وخلصها من غيها كعاداتها!"

اغمض عينيه بقوة للحظة ..محاول أن يخفى تأثره بها ، كابح جموحه الذى افتعلته حركتها البسيطة المغوية تلك .. مصر انه معاد يريد حرباً معها ...ثم فتحهما اخيراً وهو يقول بصوت اجش " ما الذى حدث معكِ... هناك شيء عاد ينبض بقيحه داخلك!"

اخفضت وجهها لاسفل قبل ان تستدير وتضع كلتا يديها على حوض الغسيل مطرقة برأسها انشات وهى تقول بنبرة مجروحه " انت اخر شخص قد اخبره عن امر يخصنى"

حرك راشد ساقيه يقترب منها بتهمل شديد ..لا لم يكن مهددا كعاداته ، لم يثير بداخلها التحفز ..ولا حتى النفور بل بطريقة ما وهى تشيح ببصرها جانباً مغلقه عينيها بقوة كانت تفهم سر تقدمه هذا " هل راشد يمد جسور تفهم معها ..يتنازل عن لسانه السليط وهجومه المعتاد ...

اجفلت عندما لفحتها أنفاسه القريبة...عندما مست اصابعه برقة أصابع صانع الماس جانب عنقها .. وهو يهمس بصوته الرخيم " ربما انا الوحيد الذى تحتاجينه الان ، كما قالت والداتك لم يبقى سوانا يا بدور حبس في الماضى ..نعيش بأوزارنا التي ضيعت اجمل سنين عمرنا.. و تعذب صغيرنا بيننا كما يفعل منذ ان قررت انا بغباء زراعته بداخلك!"

ضمت شفتيها بقوة بينما تتشبث بالحوض اكثر كأنه يحميها من سقوط محقق ثم قالت بصوت مختنق "ا إياب القرار الوحيد الذكى الذى أخذته عنا وقبلت انا به ..لذا لا تحاول ادعا ندم يخص ابننا امامى ..انا اكشف كذبك بسهولة يا راشد !"

يده الأخرى لمست احدى يديها ثم قال بحسرة " ليتك تقتعنى بصدقى كما تعرفى كذبى!"

رأسها انخفض انشات اكثر لاسفل اخذت معها شعرها الذى تساقط كشلالات من العسل الصافى على كتفيها ويديه التي أسندها بحذر على عنقها ..كتم راشد تأوه مضنى ..بداخله اعتراضًا على الضغط الهائل الذى تسببت به ..غضباً على ثورة جسده التى وقفت لها كل عضلة في جسده تعظيمًا واحتراما ... تأوه انفاسه بظفرة نارية ثورية خرجت كالحمم تلفحها عبر ستارها .. ليمنحه توتر جسدها رد فعل مماثل وعادل ... فلهثت وهى تفتح فمها بنفس مكتوم حتى لا يرصده ..ثم قالت اخيراً بصوت مختنق " لا أستطيع حتى وان جعلتك تعبر ذلك الحاجز الذى بنيته لبنة لبنة بينى وبينك ...سيظل وحش امومتى الكسيرة عائق لن يتنازل او يخفف ما بيننا !"

:-" استمعى لى ..اسمحى فقط بان تعرفى ما لدى ..وبعدها انا لن اعترض طريقك مرة أخرى ..ما عدت قادرا على المتابعة بهذا الوضع المؤلم لكلينا "

رن صمت طويل بينهما ثم رفعت رأسها ببطئ تحدق في انعكاس عينيه في المرآه امامها ..وأفلتت منها شهقة بكاء مفاجئة وهى تقول " إياب اخبرنى اليوم انه عندما يضع رأسه نحو قلبى ويغمض عينيه يحلم بانى امه .. ابنى يتمنى ان أكون طاووسه الذى سيخرجه من وجع اليتم ....وانا حيه "

صمتت مرة أخرى تنظر للمرارة على ملامحه ندما وقهرا داخل حدقتيه في انعكاسه على المرآه ..منذ متى لم ترى

راشد كإنسان يحق له ان يتألم وان يشعر بالوجع مثلها ..لا ابداً لم تفعل ولن تفعل ترى الان ؟! .. فهو المجرم الذى حرمها من صغيرها ..وهو الحبيب الذى تكره نفسها المقيتة لانها تأبى التحرر منه لتتابع حياتها ...

تابعت بصوت خنقته الدموع " لقد عجزت ان اخبره أنى امه وانه لا يحلم بل عاد لمكانه الصحيح ...هل تريد ان تعرف ما بى ..حسناً هل يريحك ان اخبرتك انى وددت لأول مرة قتل نفسى لما فعلته ، لمرض روحى واضطرابى ، وتشوش تفكيرى الغبى الذى لم يدرك منذ ان وضع بذرة بداخلى انه الأهم في العالم ..لو لم احرق نفسى معك لو لم امزق طاووس الراوى من اجلك ..ما كنت تجرأت وأخذته منىّ ، لكنت نجوت انا وهو من جحيمك... ان إياب يقتلنى ببراءته ..وحاجته ، ووجودك انتَ حولى يجعلنى اريد نحر عنقى دون تردد!"

شحب وجهه وهو ينظر اليها غير مصدق ..فى حين كانت هي تغلق جفنيها رافضة للتواصل معه اكثر ، فقبض على كتفيها يديرها ببطئ نحوه وهو يقول بخفوت ذاهل " بدور ، لم اعود لايذئك بل لتعويضك واياب ..ان كان وجودى يجرحك لهذا الحد يهدد استقرارك الذى اثق به الان يقين ..سأرحل "

رفعت وجهها نحوه كالطلقة ثم قالت بانفعال تتأجج بجحيم عينيها " تهرب مرة أخرى ؟! "

اخذ نفس عميق قبل ان يقول بهدوء " ليس هروبًا...بل رحيل ..إلا اننى ...

قاطعته بحدة " الا انك ماذا ، ستأخذ إياب منىّ..اما ستتركه معىّ وتحرمه من حب وامان ابيه ؟"

أدارها لتواجه ثم رفع يديه للاعلى وهو حريص ان لا تحيد عينيه عن عينيها و طبع قبلة طويلة ..وقديمة على معصمها ..و قال بصوت اجش" وماذا عن أم إياب هل ستظل الباقي من عمرنا تهرب منىّ ..ويدفعها وجودى لقتل نفسها ؟!"

توترت شاعره بخطر تواجدهما بتهديد حقيقي حولها ..رباه مستحيل ان تضعف افلتت يدها ثم ابتعدت عنه خطوة وهى تدعى الجمود وأمرته " أخرج يا راشد .وانسى كل ما قيل ..."

:" انسى انك ترغبي في قتل نفسك بوجودى؟"

سخرت في محاولة كي تدارى ارتعاش صوتها كما ضعفها المؤلم بوجوده " وكأن هذا الامر جديد عليكَ ...انا ارغب من يوم معرفتى بك في قتل نفسى الف مرة لانى أحببتك وسلمتك قديماً..ولكن أيضا

كلنا يعلم انك لا تستحق ان اودى بعمرى لأجلك!"

تنهد بعمق وهو يبتعد عنها بثقل شديد ثم قال " لقد تأكدت انك بخير الان ..اذ انك عدت لطبيعتك ولسانك السليط يا حجر الصوان !"

ضمت يديها على صدرها رافعه رأسها ناظرة اليه بغير تنازل ..معتاد أيضًا جاعله إياه يمتعض وهو ينسحب من امامها حتى وقف يمسك مقبض الباب ليديره ناوي الخروج حتى قالت بنبرة غليظة " اترك خالد لحاله ولا تحاول ان تتلاعب به مرة أخرى..هو وهى يحتاجان الكثير ليتعافيا مما عانوه سوياً ...."

صمتت وقبل ان يرد بشئ لاذع كانت تقول بصوت مضطرب " كما انك شخصياً تحتاج لان ترتاح إرهاقك مكشوف للجميع كما انى...انا ..تباً اعرف انك ترغب في .."

صمتت مرة أخرى سابه نفسها بعنف عن ما كادت تقوله ..ما بالها هل تتعاطف مع راشد ؟!فليحترق وكأن الامر يهمها ..

بينما هو حرر المقبض من يده بل وتراجع يقف لبرهه .. قبل ان تلاحظ بصدمة اصابعة التي كبست زر إطفاء الإضاءة ثم بكيانه الضخم يتوجه اليها بسرعة جبل البحار المدمر ذلك الذى يظهر دون إنذار ..ويسحق كل ما في طريقه باجتياح ..شعرت بجسدها يطير عن الأرض حرفياً وذراعه يلتف حول خصرها رافعها لاعلى وصدره الصلب يسحق صدرها ، بثقل جسده الضخم يوازنها محركها حتى التصقت هناك ..كل ما يفعله كان يحدث سريعاً جداً بتلاحق وخلال برهة تكاد لا تحصى في عداد الزمن " هل....

" جننت ..فيكِ" نطق مقاطعها بصوت لم تسمعه قط منه نبرة تصرخ بالحاجة والقهر ، بالعذاب والألم ، هل تتوهم اما حاجتها هي الأخرى التي وجدت صدى عنده غشت حواسها ...اذ ان نبرته تلك امتلئت بالعشق الصافى الخالى من " حسيه قذرة " دمرت عالمها وأحلامها ،..

أصدرت صوت مختنق من حلقها ..تحت وطئة شفتيه المكتسحة..صوت معترض ومتوسل بينما قلبها يعلن ألماً وصل أقصاه نال منها مسبب لها ضعفاً ..بينما هو كانت تضيع كل حواسه فيها شاعرا بقلبه ينفجر داخل صدره .. ساحبها اكثر إليه يقبلها بلهفه مودعها كل بؤسه وحرمانه من حبيبة كان يحتاجها بجانبه طوال تلك الأيام الماضية ..لا بل كل هذه الأعوام المريرة ..اما هي كانت كل ما تشعر به إكتساح ..وإباده ضاع معها كل أسباب حقدها ولم يبقى الا شيء واحد جلب دموع القهر لعينيها كيف السبيل منه ، كيف النجاة من حبه.، كيف لها ان تقاومه وكل أنش منها يحن اليه يطالبه بالمزيد يصرخ فيه لان يثبت بالدليل القاطع كل اكاذيبة ... لقد تاهت بحالها الموجع معه .. ضاعت وهى تسلم لاجتياحه ليديه التي تعصرها اكثر اليه يسحقها بقوة طرقعت لها عظامها الينة جاعله إياه يزمجر بتأوه اخر متألم !! وملتهب بأنفاسه اللاهثه ، حاسه بدمائه التي هدرت بصخب تحت كفيها الناعمتين التي تتلمسه في نوع من الغيبوبة مستشعرة جنونه " مازالت تؤثر فيه ،..مازال رغم قسوة حديثهما ، لا يشبع روحه الشرسة سواها ... للحظات ..دقائق او حتى ساعات لم يتمكن من حسابها او لم يرغب ان يعدها إجلال ل شعور واحد ..ان بدور بين ذراعيه وفمها الناعم يستسلم تحت وطأة شفتيه العاشقتين القاسيتين ، دموع عينيها التي بللت قبلتها لم تزده الا اختناقا بمشاعره المتضخمة ، وذوبانه الكامل بين يديها وعلى قدها الفارع ... حتى سلم كل شيء وسلمت هي ...بصعوبة ، وبوحشية الحرمان وبوجع الفراغ والافتقاد ..كان يجبر نفسه ان يستجيب لاعتراضها اخيراً... ومقاومتها التي بدات متمثله في ضربه بقبضتها على كتفه ..تركها سامح لكليهما باستنشاق الهوا ..انفاس كليهما الصاخبة تلفح وجهيهما بينما علقت نظرة صدمة على وجهها قابلت نظرة متعبه بجرح نافذ على وجهه ... لم تعلق بشئ ..ولم تحاول ان تتحرر اذ انها كانت اكثر ذهول من نفسها لان تفعل ..بينما شعرت برأسه يسقط عليها يدفنه بين نحرها وكتفها وهو يهمس " لو تعلمين كم كنت احتاج لارتاح في هذا المكان يوم حديثنا بالسيارة !"

تمتمت بصوت بذلت جهد كبير ليخرج موزوناً خالى من دموع الندم " راشد ، ارجوك توقف ..رباه الي اى حد قد توصلنى بكره نفسى!"

رفع رأسه إليها ..سامح لها برؤية الشجن في عينيه وهو يقول " لم تكن غريزة يا بدور ..ولا حاجة جسديه ..بل اشتياق ..انا احتاجك واشتاق اليك ..لو فقط تشعرين وتفهمين ؟!...."

بريق اليأس مر في عينيها وهى تقول بتهكم مرير" كان كل هذا واضح منذ عودتك ، وأخبارى انى اخر أنثى تطيق النظر اوأخبارى انى اخر أنثى تطيق النظر اليها ....وانتهى بتمنى والدتي انا زواجك بامرأة غيرى !"

بردة فعل غريزية مد يده نحو فمها يغلقه بكلا أصبعيه مانعها من الاسترسال ثم قال بضحكة بائسه " سواكِ لن اقبل ..هل هذا مفهوم وان بقيت عمرى دون زواج "

تمتمت بحنق من بين شفتيها المضموتين " هل تظن ان تلك القبلة ستحل شيء ..مازلت اصر على عدم ربط نفسى بك ..او غفرانى؟!"

اطلق تنهيدة متعبه ثم قال " وانا لن اقبل باقل من عقاب يريحك ، ومواجهة تذيب جليدك ، ثم بعدها انا من سيأخذك رغماً عنك يا طاووس !"

صمت قبل ان يعود ليحدق فيها من بين الظلام ثم سمعته يضحك مرة أخرى بطريقة غامضة متفكهه ثم قال " اتدرى ما سخرية الامر انى تمكنت من بثك كل مشاعرى في نفس اليوم الذى تبجحت لأخيك فيه انى لن امس أمرأة ابداً الا ان كانت " حلالاً لى...

توقف عاقد حاجبيه بسخط وهو يقول

"تباً لقد أصبحت أتحول ببطئ للتحدث مثله."

لم تجد ما تقصفه به لذا حركت قدميها راكله إياه بعنف على قصبة ساقه وهى تهتف " فقط ابتعد !"

حررها وتراجع للخلف شاكرا الظلام الذى يحيط بهما ساترها من رصد عينيه وحتى وان كان يدرك بوضوح كل القلق والحرج الذى تعيشه ..على الأقل هي تحتاج لان تعرف انه لم يكشفها ...

عادت تقف عند الحوض تسند مرفقها هناك وتغمر باطن كفها في وجهها ممسده إياه بعنف .وندم .." تباً لك يا راشد ..تباً ماذا فعلت ؟!"

..................................

عندما دخل نضال المنزل كان الوقت قد قارب الفجر ..اذ وجد والدته تتحرك في المنزل كالعادة بحرص وبطئ لتستعد للصلاة ...

ألقى عليها التحية وهو يقترب منها يطبع قبله على جبينها ، تلقتها هي بالرضى ثم قالت " لقد تغيرت أحوالك يا حبيبي منذ أيام ، هل هناك مشكلة ؟."

ابتسم بلطف وهو يقول " صديق لى كانا يحتاجنى في امر ما ولم اقدر على التخاذل ولكن حمد لله كل شيء انتهى وعاد اليوم لطبيعته بل ربما افضل !"

ربتت بيدها المكتنزة على كتفه ثم همست " جوان أيضاً..لا تعجبنى هناك شيء يحزنها ،وانت كنت اكثر انشغالا من ان تنتبه لذا أتمنى ان تعرف ما بها ..لانها تتمسك باخبارى انها بخير "

هز رأسه بقنوط وهو يتوجه نحو الغرفة مفكرا انه يبتعد عنها بالفعل رغم ألمه لما يخبئه عنها ، وهو يعلم يقينا انها تذبل منذ ذاك النهار الذى شعرت فيه بما جرى مع ابنتها ..وتكاد تفقد أنفاسها ليلاً من البكاء العاجز وهى تلح عليه ان يتواصل مع احد أولاد الراوى فقط لتطمئن انها بخير.. ربما يكون احدهم يعرف اي خبر عن راشد..كانت المرارة تتعاظم بداخله كيف يجرؤ ان يواسيها وياخذها بين ذراعيه ويهدئ من روعها وهو الذى عرف بما تعرضت له الفتاة ..علم بانها معها تحت سماء واحده منذ اشهر ...كيف له ان ينظر في عينيها الحزينتين وهو من كان منذ لحظات يشهد علي عقد زواج ابنتها ، دون ان يمنحها احد حتى تلك الفرحة لرؤيتها ...عندما فتح باب الغرفة صدم بوجودها هناك تقف امامه بتصلب وهى تحدق لداخل عينيه بنوع من الخيبة ..انقبض قلب نضال وهو يشعر بخسارة قريبة تلوح في الأفق " لقد تأخرت ..ولكن هذا اصبح عادتك مؤخراً !"

توتر فمه وهو يتقدم نحوها ثم قال " اخبرتك لدى شيء مهم وعدت ان اتولاه !"

:- لصالح من؟!

قال بصوت مكتوم " عند وكيلا لىّ وانتهينا اعتبريه دين قديم !"

ترقرقت الدموع داخل عينيها قبل ان تسأله " حسناً يا نضال ..ولكن اجيبنى بصدق هل تعلم شيء عن سَبنتى !"

توتر جسده كان صارخ كما تقبضت سلاميته وهو يخبط يديه الى جانبه ثم قال بوجوم " ظننتك ستشكينِ انى على علاقة بامرأة أخرى ..كاى زوجة محبه تفتقد زوجه الذي تغيرت أحواله !"

امال رأسها نحو عنقها فقالت باختناق " وهل فعلت يا نضال ؟!"

لوهله خدعته نبرتها التي اظهرتها حتى ظن بالفعل ان هذا ما تفكر فيه اقترب بلهفه يحيطها بحنانه ثم قبل وجنتها بمراضاة وهو يقول " كيف تشكين في الامر حتى !"

شعر انها تبتعد عنه بمشاعرها اميال وهى تقول " لم اشكك انتَ من اقترحت !"

ابعدها عنه ممسك بذراعيها ثم قال بخشونة " لا يا جوان ليس هناك أخرى !"

" وسبنتى ماذا تعرف عنها " كانت صلبه الان وهى تنظر اليه عادا عن تلك الدامعتين الفارتين التي تجرى على خديها !"

قال من بين اسنانه " لا شيء ..وحذرتك ان ترددى هذا الامر هنا ، او في اى مكان "

تحاشت النظر اليه وهى تقول " لماذا ؟!....حتى أظل أعيش بالذنب وانا انظر لعينى والدتك التي تظننى إنسانة أخرى بينما انا لم اكن الا إنسانه مخادعة "

قال بصبر " جوان ..توقفى لا تستسلمى لشيطان يأسك الذى يوسوس لك حتى يخرب استقرارنا !"

عادت تنظر اليه بطريقة غريبة للحظات حتى تحركت من مكانها اخيراً تجلس على طرف الفراش وهى تقول بنبرة أوضعت كل ضعفها فيها " انا أسفه ..لا اعرف ما يحدث معىّ!"

اقترب وجلس بجانبها يلمس وجهها برقه وهو يقول " لا عليكِ اتفهم ما تمرين به !"

رمت نفسها على صدره ثم قالت باختناق " أريدك ان تضمنى ، ارغب في النوم بين ذراعيك !"

امسك ذقنها رافعا وجهها بين انامله ثم قال " ما رايك ان نصلى الفجر سوياً لتنالى بعض السلام وبعدها احقق لك كل ما ترغبيه!"

اومات سريعا موافقه إياه ثم قالت " ادخل أولاً وخذ حماما دافئا ، سأنتظر "

قال ممازحاً محاولا إزاحة التوتر متوهما انها سلمت اليه كالعادة " هل رائحتى سيئه لهذه الدرجة "

نظرت اليه بطريقة غريبة ثم قالت بالم " فوق ما تتخيل ...واتحمله!!"

شعر بانقباض قلبه مرة أخرى ولكنه تحاشى الامر وهو يقف ليخلع ملابسه ثم ساعته ويخرج محفظته وهاتفه ووضعهم بروتينية على المنضدة المجاورة للفراش ..

راقبته جوان يدخل الحمام اخيراً وانتظرت لدقيقة لتطمئن .. لصوت الماء المنهمر ثم تحركت ببدن مسلوب نحو هاتفه تفتحه بأصابع مرتعشه حتى تتأكد ، من ما عرفته اليوم على احد صفحات التواصل الاجتماعي التى دخلت اليها قاصده لتجد خبر عودة راشد الراوى عقب وفاة عمه ... راشد هنا ..وهذا لا يعنى الا شيء واحد حبة قلبها الصغيرة معها تتتفس نفس الهواء وتتلفح بذات السماء وتشاركها خطواتها على ارض واحده .. في الواقع كان الولوج لهاتف نضال سهلا للغاية اذ انه لم يحتاج يوماً لوضع رقم سرى كما هي تفعل اذ ان الثقة بينهما كانت كبيرة للغاية ، ثقة غير مشروطة وغير قابله لشيطان الشك يوماً...

فتحت خانة الرسائل .. لتجد الاسم المتصدر هو اسم خالد الراوى بذاته ..كما لاحظت مكالمات كثيرة بينهما وكما ان تاريخ هذه الرسائل يعود لفترة طويلة الأمد ..اذن هو لم يقطع علاقته بهم قط كما أوهمها ... بنفس مقطوع وقلب مفطور كانت عينيها تقع على اخر رسالة .. طلبه الحضور حالاً ليشهد على عقد زواجه ثم طرفة بينهما عندما استفزه نضال وسأله عن اسم الفتاة فأخبره خالد انه نضال شرعيًا في مكان ابيها " رباااه ..لماذا يا نضال حتى هذا حرمتونى منه ؟!"

بيد أضرمت فيها النيران كما أمسكت في فؤادها وأحرقته كانت تمرر الرسائل تقراها بعدم فهم او ربما ارتعبت ان تفهم ...

حتى وصلت لرسالة رافقت تغير أحواله ..رسالة ان لم تخطى الظن وصلته بعد زمن قصير من انهيارها بين بيديه وأخبارها إياه بحدسها الامومى " لقد تعرضت لاعتداء ،.سبنتى عانت علي ايدى وحوش نهشتها ..طفلتها الجميلة كان حظها تعس في الحياة كما أمها ..."

اطلقت جوان صرخة استغاثة عالية وهى تشعر بنفسها تموت وتموت الف مرة بينما يقع الهاتف من بين اصابعها اندفعت في ارجاء الغرفة متجوله بعشوائية باحثه عن اول شيء طالته يديها ووضعته على جسدها كما اتفق ... اندفاع نضال للخارج وافق ذعر عفاف التى دخلت عليهما الغرفة " جوان بسم الله عليك ماذا حدث يا ابنتى "

لم تكن تراها وهى تحرك رأسها يمين ويسار برفض شديد بينما تهزي من بين شفتيها بحديث غير مفهوم ضائع في صراخها المفجوع ..اقترب نضال منها محاولا بيأس ان يسيطر على هلعها ... " جوان ، أهدئى !"

كورت كفيها والتفتت اليه تضربه على صدره بهوس وهى تصرخ " يا عديم الرحمة ..كيف استطعت ..كيف قدرت يا معدوم الضمير؟ ابنتى انا كانت بين الحياة والموت ولم تخبرنى ، لاجاورها ..سَبنتى كانت في غيوبة مهدده بفقدها للابد ولم تشفق علىّ لالمحها"

اصفر وجه عفاف وهى تتراجع للوراء بصدمة عظيمة تخبط على وجهها مرارًا بفقدان سيطرة ...بينما تنظر في وجه ابنها بذهول وخيبة لا تماثلها خيبة ...

" زوجتها...زوجتم صغيرتى دون ان تخبرنى حتى هذا سلبه أولاد الراوى منىّ ... كيف امتلكت الجراءة لتأتى اليّ كل ليلة تمسح دموع امومتى وانتَ تعلم انها ملقاه في فراش مرض ...ما الجريمة الكبيرة التي كنت سأفعلها يا نضال ان سمحتوا لي بشم عطرها ..انتم قساة ، مجرد اشرار معدومى الأخلاق ، منزوعى القلوب !"

" جوان .. تعقلى" صرخ فيها نضال بقسوة ..بينما يراقب وجه امه الذى انقلب الى سواد تام وهى تضع يدها على قلبها وكأنها ستفقد وعيها في أي لحظة

" ما الذى تقوله زوجتك يا نضال ؟عن اى ابنة تتحدث الم تكن انتَ اول رجل أحبته وتزوجته بعد ان هربت من ابيها ؟!"

تصاعدت هسترية جوان وهي تلتفت نحوها ثم تخبرها بنبرة مفطورة تمامًا موجوعة ومكسورة بشكل محزن " لا ..لم يكن ..انا لدى ابنة سرقوها منىّ مرتين وحرمونى منها مرتين وكتب علىّ أعيش بأمومة ناقصة ان احرم من كل لحظات حياتها ..فقط لانى ارتكبت ذنب واحد ..جرم واحد خطأ لم ادرك فداحته.. فوشمة بحرمان أبدى انا وصغيرتى...هذا ظلم والله انه ظلم هو لن يرتضى به ...ظلم ساهم فيه ابنك للنهاية انا امكث هنا اتنعم بين أحضان رجل بينما ابنتى تصارع للحياة تحت وطأة الأجهزة الباردة !

نهرها مرة أخرى صارخا شاعرا هو الاخر بكل عالمه الذى بناه بتعب حولها بكل حمايته لتحظى باستقرار .ينهار ويتحطم وايضا شعر انه يخسرها ووالدته دفعه واحده



" اللعنة على غبائك .. هي بخير !"



التفت اليه تهتف بصوت واِه " بالطبع بخير وزوجتها لتوك ..وتتجرأ بكل بجاحة لان تقف في وجهى متهمني بالدراما والجنون واه وسوسة شيطانى!"

اقتربت عفاف منها تسحبها بشدة لتواجهها ثم نظرت اليها بخيبة وخذلان شديد ، جعل جوان لبرهة تعود لوعيها تنظر اليها بعينين متوسعتين وكانها افاقت فجاءة على فاجعة اكبر من مصيبتها الحاليةفتمتمت" امى "

نهتها عفاف وهى تقول بنبرة مبحوحة مختنقه " اخرسى ..اياك ونطق اسمى ، ان تنادينى بامى انا لست امك ولا اعرفك .. خدعتينى يا جوان ..ابنة ...ابنة يا كاذبة وانا من ابكيِ كل ليلة مترجية الله ان يمنحك ضنى ..بينما انتِ ...كيف يا جوان .."

حركت رأسها بمرارة بقلة حيلة بضعف عاجزة عن إيجاد ما تخبرها به ..

زجتها بعنف وقرف بعيداً عنها ثم خرجت امام الغرفة وهى تقول بغضب

" اخرجا من بيتى ، حالاً "

تقدم نضال منها وهو يقول " أمى ،.ارجوك اهدئى سافهمك!"

قالت عفاف بجمود بينما لا تتوقف دموع عينيها عن الجريان قط " خذ تلك المرأة ولا تعودا ابداً ..منذ اليوم انتَ لا ابنى ولا اعرفك "

حاوطت جوان صدغيها بكفيها بينما انأملها تنبش في شعرها بقسوة بعصبيه ثم هتفت " كفى ..ليس انتِ الأخرى ..كفى لقد تعبت..حقا انا تعبت ...هل الحل في قتل نفسى ..أبى محق انا كان يجب ان اقتل نفسى بعارى "

لم ترد عفاف بشئ فقط عيناها باكيتان ويد مفرودة في علامة لطردها من حياتها ..اذ انها في تلك اللحظة كانت اكثر صدمة من التعاطى مع الامر بالصراخ عليهما ولومهما او حتى ضربهما وإفراغ كل وجعها ..هى ببساطة لم تستطع النظر إليهما حتى..



اقترب نضال من والدته محاول ان يفهما ان يحتوى نارها ..فاستغلت جوان الفرصة لان تخطف مفاتيح سيارتها ، دون مزيد من اهدار الوقت معهما كانت تندفع الى خارج المنزل ..تاركه إياه يصرخ في اثرها بفزع ..بينما عفاف تردد" لا تعودى ..يا جوان ..لا تعودى يا من أحببتك وحميتك مثل ابنائى ولم أنال منك غير الخداع " بماضيك المهين " ... ولكن كيف الومك وولدى هو من بدأ؟!

....................................

بعد وقت ..

لم تكن يتحرك السائق من امام المشفى بعد منتظرين بدور كما الح ابنها ...عندما رصدت نوة تلك السيارة الصغيرة التي وقفت في منتصف الشارع بصرير مزعج ،..وخرجت منها امرأة في عمرها تقريباً تندفع جاريه نحوهم بملابس مشعثة وشعر احمر نارى يتحرك حولها في هاله من الجنون محدث عن هلع صاحبته ...أمرأة عندما مرت بجانبها بدت انها تظهر من اشباح ماضى بعيد ، لدقيقة كامله ظلت نوة تحدق فيها عاجزة على ربط وجهها باسم معين اذ ان ظلام لم يساعد على الإطلاق بالتواطؤ مع الدموع الكثيفة التي تغطيها ...ثم توسعت عينيها دفعه واحده وهى تهتف والمعرفة تتدفق اليها " جوان .."

خرجت شذى من السيارة على الفور كما اتبعتها والداتها .. ركضت نوة ورائها ووصلت اليها وسحبتها من ذراعها عند مكتب الاستقبال الذى رفض تماماً منحها اى معلومة عن المريضة التي تسال عنها حتى ولو تعاطف على مظهرها الذى يدمى القلب بالحزن والشفقة

" جوان " اغرورقت عينا نوة بالدموع وهى تنظر لعينيها التائهين ولشفتيها التي ارتعشت وهى تهمس " انتِ ام يا نوة ، لديك فتاتين الان "

" نعم "

همست مرة أخرى وهى تغص بدموعها " اذا ستفهمينى ستشعرين بى اريد ان المحها ..أعدكم انى لن افعل أي شيء ..غير ان اضمها الى صدرى اشتم عطرها اطمئن انها بخير ثم سأختفى..لن أؤذيها واقسم اني لن اؤذيها مرة أخرى !"

تعاطفت نوة معها وهى تقترب منها خطوة أخرى ثم شدتها مجبرها إياها للرضوخ اليها ..ربتت عليها برفق وهى تهمس لها بنبرة رحيمة " اهدئى ..سأجعلك ترينها ، لا احد يملك سلطة حرمانك منها "

وصلت منى وشذى تنظران لكلتيهما ..بتعاطف " لم آتى لسرقتها منك سيدة منى .، انا فقط...يا الله هذا صعب...الرحمة "

اقتربت منى منها وهى تقول " الحقوق لا تسرق يا جوان ..انا غضبت مما فعلتيه وليس باقترابك منها !"

قالت بتوسل مرير " اريد انا أراها ارجوك"

أمسكت نوة يدها بحزم ثم سحبتها خلفها وهى تقول بصرامة " اعتقد سَبنتى أصبحت اكثر نضجًا ..لتحدد ما تريده معكِ، كما اخبرتك ساوصلك اليها ، وهى من ستقرر رؤيتك !"

:-" لن ترفض ..ربما لم تكبر بين يدي ولكنى اعرف انها اكثر عطفاً من ان تقسوا علىّ " قالت بنبرة مرتعشة بينما يستقلان المصعد الذى أخذهم للاعلى..

امسكت نوة يدها مرة أخرى وأطلقت زفرة طويلة من بين شفتيها قبل ان تخرجا نحو الباب الأبيض ذو الضلفتين الذى تسكن خلفه ... فور ان أصبحا في ذلك الجناح المنعزل .كانت تتواجه مع راشد وخالد اللذان ادارا رأسيهما نحوها بصدمة

" ما الذى تفعله هنا !" أشار راشد نحوها بغضب واتهام ...

" وان قتلتنى هنا لن أتحرك قبل ان أراها " هتفت جوان في وجهه بتصميم

بينما اقتربت نوة منه تقف في وجهه بتحدى وهى تقول " جوان تريد الاطمئنان على صغيرتها "

قال من بين اسنانه "أخطأت جوان المكان ، ليس لديها أطفال هنا "

قالت نوة بنبرة صارمة وحاده كسيف باتر:

" لديها ابنة زوجتها لتوك وأصبح امرها بيد زوجها "

قال بعصبيه " ابتعدى عن طريقى يا نوة تعلمين ان لا شيء سيوقفنى ولا شخص قادر على اجبارى لشئ ارفضه



شمخت وهى تقول " لقد وعدتها بان تراها وانتَ تتوعد بأنها لن تفعل لذا .....انا راوى وانتَ راوى ..لنرى من منا سيحقق وعيده "



انتهى

قراءة سعيدة[/align]





Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-20, 02:31 AM   #2849

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

الفصل تحفه تسلم ايدك
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 391 ( الأعضاء 121 والزوار 270)
‏aber alhya, ‏وسام عبد السميع, ‏BASRI, ‏Rasha elmofty, ‏ملاك وشيطان, ‏مريم المقدسيه, ‏Agaiaa, ‏Duaa abudalu, ‏اميرة امها, ‏شجن المشاعر, ‏besomahd, ‏Menna23, ‏Heba Atef, ‏maha elsheikh, ‏soosbat, ‏دعاء سعده, ‏سيدةنفسها, ‏رقيةرقية16, ‏Manonasser, ‏Nor BLack+, ‏aliah ha, ‏رائحة الفراوله, ‏املي بالله كبير, ‏نسيم88, ‏Diego Sando, ‏مريم ياسمين, ‏شيماء حسانى, ‏وجدان1417, ‏جنا احمد, ‏nanash, ‏Emaimy, ‏nadjou, ‏ريمةمف, ‏ملك إيهاب, ‏Heckenrose, ‏Zozaaaaa, ‏Noor Alzahraa, ‏yousra 05, ‏داليا انور, ‏hanane aba, ‏MohgaMaher, ‏2792000, ‏لولو73, ‏هبة الله 4, ‏نورهان1997, ‏عواصف الصمت, ‏رينو اسامة, ‏pooh10, ‏myryam, ‏فاطمة توتى, ‏اسماء سلوم, ‏Saboed, ‏مريم جمال, ‏mariam.mohamed.h, ‏Fayza Elkady+, ‏فرح وهبة, ‏rahasff, ‏alyaa elsaid, ‏ayamahdy, ‏مهمة صعبة, ‏اسمااء محمد, ‏زهرة الحنى, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏مها العالي, ‏راما الفارس, ‏خمسية, ‏Aengy, ‏zezeabedanaby, ‏sira sira, ‏حنحون3, ‏Lutesflower, ‏تالن يوسف, ‏غائب, ‏Time Out, ‏chaimaeM, ‏lobna_asker, ‏Rozana samih, ‏حسناء_, ‏توتى على, ‏Hoda.alhamwe, ‏Noha Saeid, ‏Samah Ali1, ‏saro22, ‏رغيدا, ‏Dalia Huzaien, ‏لحن الاوركيدا, ‏ولاء حنون, ‏هالة ممدوح, ‏Nagat farouk, ‏almoucha, ‏Latofi, ‏amira salim, ‏فخر آل شريف, ‏لولوn, ‏حارس الليل, ‏Mariam rabie, ‏Lazy4x, ‏Habibaketat, ‏samah saied, ‏همهماتى, ‏Omsama, ‏Mai hasan, ‏Soumeye, ‏mariamsh94, ‏عشق العين, ‏ريم1996, ‏حلا هشام, ‏ميمو٧٧, ‏om elez, ‏ولاء21, ‏دلال الدلال, ‏Hendalaa, ‏La.99, ‏اهات منسية, ‏manar.m.j, ‏kokyyou, ‏نيفين الحلو, ‏Oya_a, ‏Gezel, ‏جنى نور, ‏همسات ناعمه


aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-20, 02:34 AM   #2850

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
Elk

اجمل متابعات لاجمل نور بلاك⁦❤️⁩

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 439 ( الأعضاء 129 والزوار 310)
‏aber alhya, ‏Agaiaa, ‏حنان راقد, ‏nadjou, ‏lobna_asker, ‏ملك إيهاب, ‏sira sira, ‏chaimaeM, ‏Romareem, ‏Aya nasser, ‏مهمة صعبة, ‏تالن يوسف, ‏Um-ali, ‏سيدةنفسها, ‏Duaa abudalu, ‏زهرة الحنى, ‏جنا احمد, ‏2792000, ‏hayat sheta, ‏Diego Sando, ‏شيماء حسانى, ‏hanem Atef, ‏Enas elmoher, ‏fatma ahmad, ‏walaasaad, ‏Rasha elmofty, ‏[email protected], ‏ملاك وشيطان, ‏Ayaomar, ‏وسام عبد السميع, ‏BASRI, ‏مريم المقدسيه, ‏اميرة امها, ‏شجن المشاعر, ‏besomahd, ‏Menna23, ‏Heba Atef, ‏maha elsheikh, ‏soosbat, ‏دعاء سعده, ‏رقيةرقية16, ‏Manonasser, ‏Nor BLack+, ‏aliah ha, ‏رائحة الفراوله, ‏املي بالله كبير, ‏نسيم88, ‏مريم ياسمين, ‏وجدان1417, ‏nanash, ‏Emaimy, ‏ريمةمف, ‏Heckenrose, ‏Zozaaaaa, ‏Noor Alzahraa, ‏yousra 05, ‏داليا انور, ‏hanane aba, ‏MohgaMaher, ‏لولو73, ‏هبة الله 4, ‏نورهان1997, ‏عواصف الصمت, ‏رينو اسامة, ‏pooh10, ‏myryam, ‏فاطمة توتى, ‏اسماء سلوم, ‏Saboed, ‏مريم جمال, ‏mariam.mohamed.h, ‏Fayza Elkady+, ‏فرح وهبة, ‏rahasff, ‏alyaa elsaid, ‏ayamahdy, ‏اسمااء محمد, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏مها العالي, ‏راما الفارس, ‏خمسية, ‏Aengy, ‏zezeabedanaby, ‏حنحون3, ‏Lutesflower, ‏غائب, ‏Time Out, ‏Rozana samih, ‏حسناء_, ‏توتى على, ‏Hoda.alhamwe, ‏Noha Saeid, ‏Samah Ali1, ‏saro22, ‏رغيدا, ‏Dalia Huzaien, ‏لحن الاوركيدا, ‏ولاء حنون, ‏هالة ممدوح, ‏Nagat farouk, ‏almoucha, ‏Latofi, ‏amira salim, ‏فخر آل شريف, ‏لولوn, ‏حارس الليل, ‏Mariam rabie, ‏Lazy4x, ‏Habibaketat, ‏samah saied, ‏همهماتى, ‏Omsama, ‏Mai hasan, ‏Soumeye, ‏mariamsh94, ‏عشق العين, ‏ريم1996, ‏حلا هشام, ‏ميمو٧٧, ‏om elez, ‏ولاء21, ‏دلال الدلال, ‏Hendalaa, ‏La.99, ‏اهات منسية, ‏manar.m.j, ‏kokyyou, ‏نيفين الحلو, ‏Oya_a


aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:56 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.