آخر 10 مشاركات
همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          عشيقة الإيطالي (1) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          في بلاط الماركيز(71)-غربية-للكاتبة:منى لطفي(احكي ياشهرزاد)[حصرياً]كاملة بالرابط -مميز (الكاتـب : منى لطفي - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          الجاغوار الأسير (68) بقلم majdalina "مميزة"... كاملة & روابط جديدة (الكاتـب : monny - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          لذة العذاب (67) للكاتبة رعشة هدب *مميزة* ×كـــــاملهــ×تم تجديد الروابط (الكاتـب : جيجي22 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-03-21, 12:54 AM   #9701

Asmaa Abdel atif

? العضوٌ??? » 447625
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 5
?  نُقآطِيْ » Asmaa Abdel atif is on a distinguished road
افتراضي


لا اله إلا أنت سبحانك استغفرك و اتوب اليك

Asmaa Abdel atif غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-21, 01:10 AM   #9702

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الثالث والستون المشاركة "١"

ارْحَم نَفسَك من الحِقْدِ فإنّه عَطَب، نارٌ وأنتَ الحَطَب
"أحمد شوقي"

**********
أغمضت لانا عينيها وهي تطبق شفتيها المرتجفتين في صمت قد طال.. ترهف السمع من خلف الباب الداخلي لمكتب والدها والذي يوصل لمكان خفي بالممر الطويل..
بقعة قد حرصت على احتلالها دائماً عندما تعلم أن عزام الراوي هنا في زيارة مخفية لوالدها.. وقد سمعتهما لأول مرة منذ أشهر بالصدفة البحتة.. الصدمة تكبلها كما أول مرة أيضاً.. كم يئن قلبها المجروح بصمت مذهولاً من تورط أبيها الذي لم تعرف عنه قط بأعمال خبيثة كهذه؟!
إذاً مصلحتها في زواجها من خالد أو حبها كما يزعم ليس له دخل بالموضوع من الأساس وإنما الأمر كله اقتصر على حب اكتناز المال، وكبر المناصب والسيطرة على تركة أولاد الراوي وقد خيل لأبيها أنه بعد موت الأسد العجوز سيسهل بالطبع التلاعب بخيوط الوريث الشاب، بحجة مساندة زوج ابنته..
همست شفتاها المرتجفتان: "ليس اليوم يا أبي, بالكاد أتعامل مع مشاعري وجرحي بعد رؤيتهما سعيدين معاً.. وبعد إقراري بالهزيمة لصالح تلك المراهقة الغوغائية.."
أغلقت جفنيها بقوة قبل أن تهمس بصوت شاحب: "ما الذي ملكته وميزكِ عني؟! لا شيء.. لا شيء مطلقاً يا سَبنتي يفترض أني من تفوقت عليكِ بمميزات عدة, أقلها أني وقفت جانبه ولم أتركه وعائلته بينما اخترتِ أنتِ الهروب!"
هزت رأسها بقوة وإصرار أن تدفع كل الأحقاد جانباً.. إن كان والداها غرقا في أحقادهما و ضلال نفسيهما هي لن تسمح بذلك.. إن كانا ينويان إيذاء بيت الراوي.. مؤكد هي لن تقبل أن تكون جهتهم كما يتفوه والدها الآن..
إذ سمعته يقول بغضب: "لا.. لن أقبل بأقل من محوهم كلياً.. ما تقترحه يا عزام مجرد ضربات ستخسرهم بعض أموال هزيلة وسرعان ما سيعوضها"
رجع عزام بظهره على المقعد ليجلس بعجرفة ولا مبالاة أمام شريكه الجديد الذي يحتقره.. رفع قدميه على طاولة القهوة يعقدهما فوقها بإهمال.. بينما أرجح رأسه للوراء وأخذ نفساً طويلاً من سيجاره ثم أطلق كم هائل من الدخان مخفياً خلفه وجهه المكمود بالنيران.. ونبضات قلبه الدخاني كما دخان سجائره.. بداخله بركان تتفجر حممه وتهدد بصهره منذ أن علم بعودتهما سوياً..
لقد عادا.. رغم كل الجهد الذي بذله ليصحح وضعاً خاطئاً.. عشقًا لم يكن إلا كل الخطيئة.. رغم خسارته التي لن يعوضها شيء مطلقاً.. اسمه وماله ومكانته بين عائلته التي تم نبذه منها.. وخسارته لابنته الوحيدة, كل تضحياته لم تحرك قلب الجاحدة مثقال ذرة واحدة نحوها.. لقد خسرها هذه المرة للأبد ولا شيء في العالم الآن قد يعيدها إليه..
كل مرة كان يتقدم على راشد خطوة.. يتلاعب بهما في الخفاء ويفرقهما عن بعضهما ليصحح الوضع المائل ويكسب حبه الأبدي والأوحد.. فقد كان لديه أمل معها.. كان هناك بقعة من ضوء تخبره أنها ربما ستنظر إليه بعين الرحمة وستعلم أنه من أحبها منذ الصبا ومن ضحى بكل شيء لأجلها..
ولكن الآن كل شيء دمر وعادت الحلقة المفرغة تدور في مدار شاذ.. راشد فقط من يملك زمامها والغبية تتبعه مغلقة العينين مسلوبة الإرادة.. بينما هو فقط سيبقى ويراقب..
ما الذي قد بقي الآن ليفعله فيفرق بينهما.. يهزها، يصفعها مراراً علها تفيق، علها تراه وتمنحه فرصته؟!.. الإجابة المُرة التي تقتله لا شيء.. لا شيء أبداً ..هذه المرة مختلفة إنها معه كامرأة تريده وتحبه.. لديها طفلٌ منه أيضاً..
كان الغضب يتلاعب به أسوأ ألعابه وأشدها.. الحقد يتعاظم بشراسته داخله.. لكن لم يبقى مفر ولا تراجع سينتهجه.. حتى وإن لم يبقى هناك أمل فيها فما زال هناك أمل يتلألأ داخله بإعادة صغيرته إليه ونزعها من بين براثن عدوانهم..
لن يخلص سَبنتي من راشد فقط بل سيعمل كل جهده أن يطلقها من المدلل ابن عمه ..هذه هي الضربة القاضية والنهائية ..وإن اضطر لترتيب حادثة مفتعلة ليتخلص من وجود راشد في الدنيا نهائياً..
صرخ صوت حميدة من جديد: "لم آتي بك إلى هنا وأضع نصف قوتي ورأس مالي بين يديك لتجلس صامتاً.. لعب الأطفال هذا لا يناسبني، لقد أتيت لأنك تمتلك خطة تخلص ثأري منهم, ولم أرى منك إلا لعب أطفال حتى الآن"
قناع من السخرية تلاه آخر من القسوة والتكبر.. عندما اعتدل ينظر إلى السيد حميدة ببغض ثم قال وكأنه يبصق كلماته: "أنت تُغَير الحقائق لتشعر بالرضا عن نفسك.. فأنت من أتيت إليّ متوسلاً بعد أن ركلك راشد وخالد خارج المجموعة، عندما أوهما الجميع بسقوط أسهم الشركات فسارعت ببيع نصيبك ثم اكتشفت لعبة راشد الخبيثة وأن الشركة التي اشترت أسهمك ما هي إلا شركة وهمية مستترة يملكها هو شخصياً ..فإياك أن تدعي شرفاً أو تظن أنك تتحكم بي.. أفق لنفسك.. فأنا عزام الراوي"
جينات العجرفة المغيظة ذاتها، ونفس العنجهية الفارغة التي تمتاز بها عائلة الراوي.. فكر حميدة بصمت قبل أن يستريح في مقعده ثم قال ببرود: "احترم نفسك يا ولد، واعلم أنت مكانة من تقف أمامه، لا تنسى مكانتك بعد أن غسلوا أيديهم منك ورموك بعيداً عن سطح حمايتهم كالكلب الأجرب.. أنت الآن كالشاه التي تاهت عن السرب، فأصبح دعسك وافتراسك أمراً يسيراً.. وبالمناسبة لا يستهويني"
التوى فك عزام بغضب كاسح قبل أن يندفع من مقعده ويقف مهدداً الرجل الذي غرق سريعاً كالفأر في مقعده بينما امتدت يدا نحو زر استدعاء حرس المنزل..
ازداد التواء فك عزام بابتسامة مفترسة أكثر قسوة ثم قال باشمئزاز: "لن أضربك.. فضرب الفئران لا يستهويني اطمئن، وما قبلت التعامل معك إلا لتسريع الأحداث قليلاً وشد حبال المشنقة حول رقابهم"
صمت لبرهة قبل أن ينحني نحو حميدة، يده تستند على المكتب ثم قال ببرود: "نحن في جانب واحد لذا لا خطر عليك مني، أليس كذلك؟!"
نظر إليه حميدة بجمود، وهو يفكر بهذه الثقة التي وضعها في رجل عرف أنه لم يتورع بضرب أخيه في ظهره عن طريق زوجته.. رجل تحالف معه ومع غيره ليطعن أفراد عائلته.. يعد غباء ما بعده غباء..
هو لم يتسم بالغباء يوماً.. ولكن إن كان سيوصله لإزاحة بيت الراوي من طريقه فلا بأس من تحمله قليلاً..
غمغم أخيراً: "بالطبع"
اعتدل عزام وهو ينظر إليه باستعلاء واضح ثم قال بفتور: "إذاً سنلعبها بطريقتي.. وحدي من يعلم نقاط قوتهم كما ثغرات ضعفهم"
هدر حميدة من جديد: "الصفقات الصغيرة التي خسروها لا تكفي, من الواضح أنهم ينسحبون ويتركون لك الرحب متعمدين.. لا تستخف بالشيطان الأكبر أخيك"
قبض عزام أصابعه بعنف قبل أن يقول بجمود غريب: "هذه نصيحة جيدة بالفعل لقد استخففت به في الماضي معتمداً على غروره وثقته التي لا تطاق في نفسه، ولكن هذه المرة مختلفة ثق بيّ ..إن كنت أحمل ضده سبباً واحداً في الماضي للبغض, الآن كثرت أسباب عزيمتي لكسره"
وقف حميدة من مكانه ثم دار حول مكتبه قبل أن يرفع وجهاً بارد التقاسيم نحوه ثم قال: "لا تعنيني أسبابك، ولا ما تحيكه في الخفاء بعيداً عني.. ولكني لن أتنازل عن أخذ حق ابنتي من تلاعبهم بها"
راقبه عزام بحدة لثوان قبل يطلق ضحكة وقحة وهو يقول: "أخرج ابنتك من الأمر، فنحن نفهم بعضنا جيداً، أنت حاقد على الفرصة التي رتبت لها سنوات طويلة ثم سلبت من بين يديك ليس أكثر"
أخذ حميدة نفساً طويلاً من أنفه ثم قال بصوت حاد خشن: "وهل هذا سبب مخجل، لقد ساندت عمك، على أساس المصاهرة بيننا، هذه صفقة شرف متعارف عليها ..ما كان عليهم اختراقها"
هز عزام كتفيه ولمعت عيناه بطريقة شرسة قبل أن يقول باستخفاف صريح: "هذا غباء أبديته أنت ومنيت نفسك به، من قال أن أحدنا كان سيسمح لك بالتلاعب بابن عمي الصغير حينها.. اسم الراوي يبقى للراوي فقط ..هذا قانون حياة أو موت حرص عليه أجدادي بالتعاقب ..حتى أنا لن أقدر على الفكاك منه"
شحب وجه حميدة قليلاً قبل أن يقول: "إذاً ما معنى تعاونك معي؟!"
قال عزام ببرود شديد: "تقابل مصالح ليس إلا ..تريد ضربهم وهذا ما أريده أيضاً ..وعندما نصل لهدفنا مؤكد سيكون هناك كلام آخر.. المصالح أولاً وبعدها يأتي دور التباري ..هذه هي لعبة الضواري سيد حميدة.. إما تقبل أو ترفض.. ولك الحرية المطلقة الآن"
ضواري!! عن أي افتراس يتحدث الذي أمامه وقد وضح له أي ضبع عفن هو, لعبته المفضلة الضرب في الظهر ثم أكل الجيف حتى وإن انتمت لعائلته..
قبض حميدة على كفه بتشنج قبل أن يقول: "أتركنا من هذا الآن، أريد الضربة الكبرى التي وعدت بها خلال أيام، لا أفضل المماطلة"
أخفض عزام سيجاره يطفئه على سطح المكتب الجلدي الفخم بكل وقاحة.. بينما تلاعبت ابتسامة تسلية على وجهه وهو يراقب وجه حميدة المكبوت من فعله ..سحب سيجار آخر وأشعله وهو يومئ موافقاً..
في الحقيقة الضربة الكبرى التي ستهز الأرض من تحت أقدام أخيه وابن عمه، وستجعلهم في أشد حالاتهم ضعفاً لضرباته الأخرى التي ستتعاقب.. هي ابنته بحد ذاتها.. ابنته التي سيمنحها اسمه ونسبه ثم سيستعيدها كاملة إليه حتى وإن اقتضى الأمر باختطافها.. اتسعت ابتسامة داخل صدره المدخن بنيرانه.. وهل يخطف أب مشتاق صغيرته الحبيبة؟!.. هو يعلم جيداً أن سَبنتي ليست بالابنة سهلة الانقياد خاصةً مع سيطرة الحقير على رأسها بأبوته المزيفة..
ولكنه أيضاً يدرك أن من عادت بعد طول هروب ليست بالمراهقة الشرسة, فهناك ضباب سواد يغيم عليها ورغم وجعه الذي لا ينافس لإدراكه هذا.. يجد أنه لا غضاضة في استغلاله ليسيطر عليها..
في الحرب كل الوسائل متاحة أليس كذلك؟! المشكلة الوحيدة تكمن أنه حتى الآن لم يعثر على إثبات واحد يقر أن سَبنتي ابنته.. ولكنه لن يتنازل عن الأمر ولن يتراجع حتى وإن عنى هذا أن يقابل تلك الحثالة جوان ويقنعها بأي طريقة بأن تشهد بنفسها أن الصغيرة ابنتهما ..مؤكد تلاعبه بحلم جوان الأمومي نحو ابنتهما سيربحه جولة وسوف تنصاع لم يريده بكل سهولة!
سمع حميدة يقطع أفكاره أخيراً وهو يعود ليجلس على مقعده واضعاً ساق فوق الأخرى مشيراً إليه بعجرفة وكأنه عبد عنده يتلاعب به لمصالحه مسيطراً عليه في فعل ذكره بسيطرة ياسر الراوي عليه طويلاً.. مؤكد رأى عمه مراراً يحدثه بتلك الطريقة ويلقي أوامره وهو كان ينفذ دون نقاش وبإرادة مسلوبة: "وتلك الفتاة التي أفسدت حياة ابنتي والمغرورة الأخرى لا تنساهما.. أريد أولًا ضربة عنيفة من خلالهما.. لا أهتم بنوع القذارة التي سوف تستخدمها.. كل ما يهم أن أشاهدهما مكسورتي الأنف كما كسرت نفس ابنتي"
فتح عزام شفتيه بطريقة مريعة وكأنه تنين ينفث ناراً ثم اندفع من جديد نحو حميدة يمسك يده التي كانت على وشك ضغط زر الاستدعاء ثم لف يد أخرى على عنقه بكل سهولة..
التنافس الجسدي كان بينهما معدوم بالأصل.. بل إن أراد استخدامه الآن كشيء يفرغ فيه كل غضبه وقهره سيفعلها بكل سهولة ودون أدنى مقاومة.. إلا هما.. إلا وجيعة قلبه..
-:"اتركني ولا تجن يا ولد"
هدر عزام بصوت مستحقر مرعب في تحذيره: "إن سمعتك تناديني بالولد أو حدثتني بتلك الطريقة من جديد، ستكون أنت هدفي الأوحد لنزع رأسك عن جسدك.. هل تفهم؟!"
أومأ حميدة برعب.. هدر عزام بصوت متسلط يرتجف غضباً: "أما عن نساء عائلة الراوي.. أي واحدة منهن مهما كانت صفتها, إن علمت أن يدك القذرة أو يد كلابك لامستهن, ثق بي أنا من سيكون قاتلكم قبل أي رجل آخر ينتمين إليه.. أما عن سَبنتي وبدور خاصةً فهن خط أحمر دموي من يقترب من حدوده سيكون الجاني عن نفسه.. كلتاهما تخصاني أنا قبل الحقيرين اللذين يملكان زمامهما"
هدر حميدة: "أختك من سرقت زوج ابنتي"
قال عزام بتشفي: "لا.. بل ابنتك من لم تكن كافية.. ولن تكن يوماً.. أنتم من منيتم أنفسكم بالمستحيل وليس ذنب الصغيرة.. لذا أفق وركز على حقدك الشخصي ولا تدخلها في الأمر، مفهوم؟!"
هز حميدة رأسه قبل أن يقول: "ستندم لهجومك هذا يا عزام، سأكون أشرف منك وأخبرك أنك هدفي اللاحق بعد الأحمقين"
قبض عزام على عنقه بتشفي لبرهة, قبل أن يخلع يده ويطفئ السيجار أمام عينيه في جزء آخر من المكتب.. ثم قال ببرود: "هاتان البقعتان اعتبرهما للذكرى.. حتى لا تنسى مع من تورطت.. وإن كنت تنتظر أني سألاعبك بشرف مثلهم فأنت واهم من جديد"
**********
بعد ساعات.. أخذت لانا قرارها بأن ترسل لخالد رسالة مختصرة بأنها تريد أن تحدثه لأمر هام, فقد هاتفته مراراً وكان هاتفه مغلقًا.. فرغم كل شيء ورغم أنه تعامل بالأمس وكأنه لا يعرفها عندما أمسك يد زوجته أمام عينيها وتخطاها بكل هدوء, بينما بقيت عينا سَبنتي تحدق فيها بنظرة غامضة من وراء كتفها حتى اختفيا.. فهي لا تريد أن تكون في الجانب السيء..
وقتها هي لم تحاول بالأصل أن تعلم سر وجودهما مع زوجة حارسهما السابق.. ربما لأنها تعرف أن هناك صداقة وثيقة تربط خالد مع الرجل فقد رجحت أن الأمر كله مجاملة ليس إلا خاصةً أن نضال كان المعني بتأمين سَبنتي لوقت طويل جداً كما علمت من خلال تورطها مع تلك العائلة لأعوام طويلة..
غرقت لبرهة في فراشها دون صوت أفكار حتى، إذ أن كل ما هناك أنها ترغب بكل جوارحها أن ينتهي كل هذا اللغط ويختفي الحقد.. وبأن تنسى كل ما يخص خطيبها السابق..
هل تحجج أبوها بأنه يريد تطبيب جرحها المفتوح عبر الانتقام منه؟! بئس التطبيب إذاً، فقد أعاد فتح الحسرة بداخلها ودفعها في طريق رجل متزوج..
اهتزاز هاتفها طفيف أيقظها من أفكارها الخاصة, رفعته بفتور لمعرفة هوية المتصل, وسرعان ما قفزت من مكانها وهي تجيب سريعاً بحدة: "ماذا تريد؟!"
رد المتصل بصوت متلاعب: "أنا أمام منزلكِ, في مكاننا المعتاد، أتيت لأريكِ شيئاً هاماً شريكتي العزيزة"
وقفت من مكانها وهي تلف حجابها كما اتفق وأسرعت خطواتها الشبه راكضة تقريباً بينما عيناها تتربصان بخلو بيت الدمى لعائلتها.. ثم قالت من بين أسنانها: "لا تناديني شريكتي هذه.. لقد حذرتك"
رد الصوت الشبابي العميق بشقاوة: "إذاً لا بأس بقول عزيزتي"
ردت مزمجرة: "ولا هذه أيضاً.. ومهلاً.. مهلاً منذ متى أصبح لنا مكان يا أستاذ؟!"
ضحك قبل أن يقول ببساطة: "منذ أن أصبحتِ تأتين إليه طواعية دون أن أبذل جهداً في إقناعكِ"
ودون انتظار الرد كان يغلق الهاتف في وجهها.. ثبتت خطوات لانا بذهول وهي تنظر للهاتف بصدمة.. هل أغلق في وجهها.. المتغطرس, الأحمق, المندفع؟!
"تباً.. تباً.. هذا ما كان ينقصني"
خرجت لانا بعد دقائق من المنزل.. ثم أسرعت بضع خطوات حتى اختفت عن أعين الحراس وانحدرت لشارع آخر جانبي.. وعندها وقعت عيناها على السيارة الشبابية الحديثة التي تعرفها..
لقد ينتظرها هناك أمام السيارة, يجلس بإهمال على مقدمتها.. وهو يدندن بلحن مزعج جداً، أن ملكت الجرأة مؤكد ستهدر في وجهه أن لا يغني أبداً وكأن العالم يحتاج لمزيد من التلوث..
عندما وصلت إليه صرخت تقريباً: "ماذا تريد؟!"
ارتفع حاجبا الشاب قبل أن يقفز ليقف على الأرض فيتفوق عليها بطوله بضع إنشات.. ثم قال بريبة: "لِمَا هذه الحدة؟ أين الوجه البارد العملي المعتاد؟"
فغرت شفتيها قليلاً للوصف الصريح والوقح.. قبل أن تغلقه بتزمت ثم قالت بهدوء: "ما الذي تريده بحق الله؟ ما أملاه ضميري عليّ ناحيتك فعلته، إذاً لماذا هذه المطاردة يا سيد؟"
تمطى بكسل أمام عينيها قبل أن يقول برزانة مناقضة تمامًا لأفعاله المشاغبة: "أنا لا أطاردكِ، بل ضميري المهني يحتم عليّ إخباركِ بالمستجدات"
تنهدت لانا بصبر قبل أن تقول بعملية بحتة: "لا أهتم في الحقيقة.. أنا حذرتك وانتهى الأمر ..لذا أي ورطة تُلقي نفسك بها لا تعنيني يا سيد"
"عبد الغفور تبدو أفضل من ندائي بسيد" قالها بابتسامة رهيبة وهو ينفخ صدره بغرور
ولكن هذا لم يصل لوجه لانا العبوس بأي طريقة بل ظلت تحدق فيه بانزعاج، حتى قالت أخيراً بفتور: "بحق الله من الأحمق الذي منحك هذا الاسم كل من في عمرك الآن أو أكبر يمتلك اسما حديثاً قليلاً.. والمريب أيضاً فخرك به؟!"
اختفى المرح من وجه عبد الغفور, وحلّ مكانه الوجه الذي قابلته أول مرة واثقاً في نفسه لدرجة تثير الاستفزاز ..متحفزاً دائماً وكأن هناك أحد يلاحقه أو يستعد لخوض شجاراً ضاريًا.. ومتزناً هادئاً جداً رغم عمره الذي لا يكبرها إلا بعامين على الأكثر.. قال أخيراً ببساطة شديدة: "والدتي مديرة المدرسة الدولية والسيدة شديدة الرقي من منحته لي، بعد شجار خاضته مع أبي الذي رغب في منحي اسماً حديثاً كما تفضلتِ وأشرتِ.. تستطيعين القول أنه نوع من النذر كان عليها الإيفاء به لوجه الله فقد رغبت بشدة في صبي بعد أن رزقت بفتاتين"
كثير من المعلومات!! بحق الله ولماذا تريد أن تعرف شيئاً عنه؟! هل قال أن والدته التي منحته الاسم؟!
شحب وجه لانا وتلون بالإحراج.. تباً.. تباً لقد وصفت السيدة التي لا تعرفها بالحمقاء.. عضت طرف فمها بحرج قبل أن تهمس بتردد: "آسفة لم أعني ما قلته"
هز كتفيه ببساطة قبل أن يقول مبتسماً: "لا بأس، على كل حال أنا أعرف أنكِ تملكين قلباً بارداً كقطعة جليد حادة"
قالت من بين أسنانها سريعاً بغيظ: "لا داعي للتطاول.. أخبرتك لم أقصد، ومن أين لي أن أعرف بالأساس أن والدتك من أسمتك؟!"
نظر إليها نظرة شاملة وكاملة أربكتها قبل أن يقول بمرح: "لستِ ذكية جداً كما اعتقدت.. ومن غير والدايّ قد يمنحني اسماً, آنسة لانا الذكية جداً؟!"
تذكرت لانا باحتراق لقب المراهقة الحمقاء والمفضل عند محاولتها الاستهانة بها.. فلم تسيطر على نفسها وهي تهتف بحدة تقريباً: "اسمع لقد انتهت أي علاقة لي بك لذا أنا أحذرك من ملاحقتي من جديد"
إلا أن عبد الغفور لم يتراجع عن هدفه الأوحد نحو لانا حميدة.. الأمر خرج من يده رغم أنه حاول أن يقاومه فهناك شيء يجذبه نحوها ..منذ أن رأته أول مرة يخرج من مكتب والدها ووقعت عيناها في عينيه، وأسرت شيئاً سريعاً داخل العينين الداكنتين والباردتين رغم الدفء المشع منهما..
هذا إن استوى وصفة المتناقض.. يومها يذكر أن أباها طرده تقريبًا وقد أدرك ذلك السحر الخفي الذي دار بينهما من ناحيته على الأقل..
ويومها أيضاً.. هي من لاحقته متخفية بسيارتها.. ثم دون مقدمات حذرته بأن يقع في حرب شنعاء تدار بين الكبار سيحترق فيها وتقضي على مستقبله، لذا طلبت منه بلطف الابتعاد.. ثم غربت عنه كشعاع شمس الصباح.. إلا أنه وجد نفسه ينجذب إليها دون إرادة وأصبح يلاحقها هي بدل أولاد الراوي الذين يأخذهم كحجة للقائها..
"أنتِ شريكتي لذا عليكِ معرفة المستجدات" كرر بهدوء واستفزاز
زمجرت لانا تكسر برودها المعتاد الذي تقابله به.. وقبل أن تستدير وتنوي المغادرة قال ببرود: "لقد حصلت على صور حصرية وصريحة لزوجته.. وأنوي نشر مقال ضخم عنها وأطرح التساؤل لماذا يحاول إخفائها"
وتوقفت كما راهن نفسه تلتف إليه بحدة ثم قالت بصقيع: "لم أتخيل أنك ذميم النفس أنت الآخر.. لم تجد شيء لديهم فبدأت بملاحقة النساء"
هز كتفيه يتصنع عدم الاهتمام ويعقد يديه على صدره ثم قال: "وأين الخسة في الأمر؟! هم شخصيات عامة بالنهاية، وبعض الفئات التي تهتم بمتابعة أخبارهم من حقهم أن يروا وجه المرأة الشابة أخيراً وأن أوضح سر إبعادها عن الأضواء"
استدارت لانا بهدوء نحوه ثم قالت ببرود: "لقد أجبت على نفسك يا أستاذ، يريد إبعادها عن الأضواء، بالنهاية من حقه أن يحتفظ بحياة الخاصة لنفسه.. لا سيما أن الفتاة ليس لها أي علاقة بأعمالهم بتاتاً"
ظهر شعور غريب في عينيه لم تفهمه بدا كنوع من الغيرة والاحترام, ثم قال بهدوء شديد: "أهذه حماية أخرى لرجل لم يتردد أن يترككِ خلف ظهره قبل أسابيع قليلة من زفافكما المرتقب يا لانا؟!"
انتفضت عروق لانا وهي تغمض عينيها بقوة وكأنها تبتلع الجرح المفتوح لكرامتها.. تحميه من مهاجمتها وعندما فتحت جفنيها أصبحت قطعة جليد عملية وهي توضح باختصار شديد بارد: "يحبها أخبرتك قبلاً.. لذا أنا لا أدافع عنه بل أحترمه لأنه لم يورطني في زواج مكتوب له الفشل ويحسب عليّ تجربة في مجتمع لا يرحم"
قال ببرود: "الأمر سيان لقد حسبت عليكِ خطبة لرجل لم يردكِ"
التوى وجه لانا الشاحب بالغل وهي تهتف: "أنت بغيض، لا تقدر المساعدة, ليتني تركتك تقع بين يديه عله يقطع لسانك"
عبس قليلاً قبل أن يقول بتهكم: "لديكِ نظرة سيئة عني يا لانا.. وتستخفين بشخصي كثيرًا"
هتفت بقلة صبر وهي تمشط الشارع بعينيها: "يا الله.. افهم يا رجل أنا لا أقدرك ولا أستخف بك.. أنت لا شيء مطلقاً.. ما شغلني فقط أني وجدت شاب صحفي مندفعاً بحماسه على وشك تحطيم نفسه بين غيلان لن ينظروا إليه حتى ويعتبرونه إنسانًا فحذرته.. نقطة وانتهى السطر"
لا يفهم نفسه.. ولا يعرف لماذا ينجذب إليها حقاً.. ويستعجب من هذا الشعور الذي يسيطر عليه بتوحش أن يكسر هذه الهالة من البرود ومن التعامل بفوقية وبعملية بحتة.. استدار سريعاً نحو سيارته وأخرج منها مغلفاً قبل أن يسحب بعض الصور يتأملها أمام عينيها بعينين تلمعان بالإعجاب والتمني.. ثم قال بخفوت قاسي: "لا عجب أنه ترككِ لصالحها، لديها عينان مميزتان ودافئتان تعدان بالجنة, وحدهما فقط كفيلتان بأن يقع أي رجل في غرامها.. عكسكِ تماماً"
شحب وجه لانا وابيضت وارتعشت شفتاها وقد باتت على وشك بكاء محقق أمام هذا (المتخلف).
همس صوتها المثقل المشبع بإحساس المرارة: "لا أصدق حتى أنت الآخر وقعت في براثن أسرها، ما الزائد فيها بحق الله؟!"
-:"لا شيء.. لا أرى فيها أمراً مميزاً حتى جمالها عادي بالنسبة إليّ.. بالنهاية الأمر نسبيّ من شخص لآخر"
نظرت إليه مجفلة وهي تتمتم بصوت مرتجف: "لم أعني ما قلته"
فتح كفه نحوها في دعوة غريبة غامضة وكأنه يمد لها يد مساعدة متفهمة بها تمني بأن تمسكها: "ولكنكِ قلته.. وأراهن أنكِ لم تصرحي به لأحد من قبل"
سيطرت لانا على غلالات تأثر غبية, رافضة البكاء أو الأخذ بمبادرته.. لقد كان محق في هذا فوالدتها لم تسمح لها بلحظات انهيار أو ضعف.. لم تسمح لها حتى بالبكاء على صدرها محتوية ألمها..
همست أخيراً: "فقط ابتعد عنها من فضلك.. لن تجد عندها إلا الأذى صدقني"
ابتسم قبل أن يقول بتحدي: "سوف أصدقكِ إن قبلتِ بدعوتي على مشروب _باااارد_ كاعتذار على وقاحتي معكِ"
تراجعت خطوة وهي تنظر إليه بارتياب ثم همست بأنف استعاد عجرفته: "أنا لا أصعد السيارة مع أحد"
قال بشقاوة: "الوقت منتصف النهار يا لانا.. مؤكد لن أختطفكِ بعد أن أجعلكِ تشتمّين شيئاً ما!"
نظرت إليه لانا بارتياب مضحك وكأن تصريحه وحده كفيل بإثبات ما قاله.. دبّ بيده الحرة على رأسه بيأس ثم قال بتهكم: "أنتِ محدودة الذكاء بحق، إن رششت أي شيء مخدر مؤكد سأنام كالمغفل بجانبكِ ويقبض عليّ قبل أن أحقق مخططي الإجرامي الرهيب"
رفعت حاجبيها لأعلى بارتياب أشد ثم قالت بتوجس: "أنت مريب حقاً.. أكلمك بصدق.. يجب أن ترى طبيب من نوع ما"
زفر قبل أن يقول بنفاذ صبر: "هيا مستقبلي بيدكِ.. إما النشر فأوقع نفسي في المشاكل مع فارسكِ النبيل ..أو مشروب لن يكلفكِ شيئاً؟"
كررت ببرود متغاضية عن كلمة (فارسكِ) التي نطقها بنوع من الاستخفاف: "أنا لا أصعد السيارة مع أحد"
:-"هل يتعلق الأمر بوجود محرم؟! حسناً هذا أيضاً متوفر.. انتظريني لحظة واحدة سآتي به"
راقبته لانا بعينين هلعتين وهو يتوجه نحو السيارة يفتح باب الحقيبة.. رفعت كفيها نحو وجنتيها برعب تفكر: (هل يحتجز شخصاً مسكيناً هناك؟! ربما تعيس الحظ كان خبراً حصرياً لهذا المجنون لذا حجزه حتى يجبره على التعاون! هل عليها أن تصرخ الآن لتنقذ الضحية ولكنها إن فعلت ربما يحشرها مع المسكين في حقيبة السيارة؟! ربما الخيار الأفضل أن تصمت وتجاريه حتى تبلغ الشرطة أو ربما..... مهلاً ما هذا؟!)
تدلى فك لانا حتى شعرت به يلامس صدرها وهي تنظر نحو عبد الغفور العائد بدمية كبيرة الحجم على صدره ثم قدمها لها بفخر: "هل هذه ستحل المشكلة؟!"
عقدت لانا حاجبيها وهي تنفض وجهها وكأنها توقظ نفسها.. ثم قالت بتوجس فضولي: "أما زلت تلعب بالعرائس؟!"
تمتم بحنق: "رباه أنتِ محدودة التفكير والخيال حقاً؟!"
:-"ماذا قلت؟!"
أجاب وهو يقترب منها خطوة: "قلت أن عروس البحر هذه من أجلكِ فهي تشبه الكثير من صفاتكِ"
ارتبكت لانا وهي تنظر إليه بعينين متهربتين حتى سمعته يقول بمناغشة: "لديّ أختين مزعجتين، لذا أعلم أن الفتيات يتأثرن بهذه الأشياء القطنية السخيفة"
ضحكت لانا أخيراً وهي تهز رأسها بيأس ثم قالت بخفوت: "أنت لا تكمل جملة جيدة أبداً سرعان ما تشوهها بتعليقاتك المريبة"
قال بابتسامة جانبية صغيرة: "سعيد أني رسمت الضحكة على وجهكِ بالنهاية.. إذاً هل تقبلين دعوتي؟"
تنهدت وهي تمد يديها تسحب دمية عروس البحر من يديه ثم قالت بهدوء: "أنا جادة يا عبد الغفور ..لن أستطيع الصعود معك.. ولكني سأقبل بهديتك شاكرة مقابل أن تبتعد عن زوجة ابن الراوي ثق بي هذا لمصلحتك"
لمعت عيناه من جديد بتقدير واحترام لمبدئها ..ولم يحاول أن يجادل إلا أنه قال بصدق: "أنا لست صحفي فضائح يا لانا لأفعلها.. ووالدك يعلم هذا جيداً حين قصدني متعشماً أن أجد أي شيء خلفهم مستغلاً الشائعات التي تدار حول تلك العائلة دائماً"
قالت بحيرة: "لماذا تتبعتها إذاً؟"
وضع يديه في جيبي بنطاله بينما يمر وميض غريب في عينيه قبل أن يقول بسلاسة: "فضول لا أكثر، فدائماً المعلومات عنها معتمة فأردت أن أفهم"
عم الصمت لدقائق قبل أن تقول لانا بتردد: "وهل تخليت عن مطاردتهم؟"
رد بصوت خفيض: "أردتُ أن أقابلكِ لهذا.. لقد حاولت ترصدهم بالفعل حتى أني اشتريت ضمير بعض العاملين معهم.. ولكن لا شيء مريب حتى الآن ولا أي خيط لأعمال غير شرعية تدار هناك.. حتى التسهيلات التي يحصلون عليها من الجمارك وغيرها، كلها عادية لا تتخطى إلا اختصار الوقت.. أما عن سجل الضرائب فهو نظيف تماماً"
ابتسمت لانا وهي تقول: "لقد أخبرتك هذا قبلاً، وأنت اعتقدت أنه دفاع عن خطيبي السابق.. ولكن الأمر أني كنت قريبة جداً حد إن كان هناك أي رائحة لأعمال غير مشروعة لعرفتها ..على كل حال هذا جيد من أجلك ..أرجوك لا تورط نفسك مع أولئك الرجال وأعني جميعهم بما فيهم والدي"
أومأ بهدوء لا يفسر عن شيء.. وما زال ينظر إليها مبتسماً.. رمشت بعينيها وهي تنظر إليه بتوتر من نوع آخر قبل أن تحرك قدميها وهي تقول باضطراب: "سأغادر الآن, شكراً للهدية، لقد أسعدتني حقاً فهذه المرة الأولى من نوعها"
صمتت وهي تقطب سريعاً بعدم فهم لما يدفع عقلها محدود الذكاء فعلاً للثرثرة مع رجل لا تعرفه؟!
إلا أن كل ما منحه لها ابتسامة متسعة بشدة وعينان تلمعان بانتصار خفي غير مفسر..
تباً هذا خطأ..
هتفت وهي تصل للرصيف المحاذي: "وداعاً يا عبد الغفور احترس لنفسك، أشك أنك المرة القادمة ستجد عروس بحر باردة تحذرك من الوقوع في لعبة الوحوش"
راقب خطواتها الجميلة وكأنها تخطو فوق فؤاده ..دون أن يحاول حقاً تفسير ذلك الهادر بين أضلعه عندما يُلح عليه بأن يحاوطها من كل جانب ..هو حتى يجهل كيف ستنتهي الحكاية ولكنه يصر أن تكون لها نهاية.. لن يدفع وحده ثمن التوغل فيها بل سيكون بداية تجمعهما..
هتف بثقة وراء ظهرها: "بل إلى اللقاء يا لانا.. لقاءات متعددة لن تنتهي"
توقفت خطوات لانا وهي تنظر إليه من وراء كتفها بحاجبين ارتفعا بشدة ..إلا أنها لم ترد بل منحته ابتسامة خجلة بوجنتين متوردتين فشع بداخله الأمل.. ثم التفتت أمامها وأكملت طريقها بينما ابتسامته تتسع أكثر فأكثر وهي تضم العروس الضخمة إلى صدرها بقوة..
هناك شيء يتبدل، شعور غريب يزيح انكسار الذي بداخلها ويرممها على استحياء.. إحساس لا تفهمه إلا أنه وعلى غفلة منها أنساها كل آلامها الخاصة وملأ الفراغ ليحل مكانه أشياء عديدة لم تفسرها..
هناك فرق ضخم شعرت به.. إذ أن هذا الـ(عبد الغفور) وضح لها معنى أن يكون الشخص راغباً، ملتهبًا ومندفعاً نحو امرأة.. وبين شخص بكل بساطة لا يريد ولا يرغب امرأة دخلت حياته بالخطأ..

يتبع الأن


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-21, 01:18 AM   #9703

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الثالث والستون المشاركة "٢"

ضغط وإغلاق يتبعه إشعاع لضوء يملأ الغرفة من حولها ثم يطفأ لتغرق في الظلام التام.. تكة أخرى.. تتبعها أخرى.. بينما العقل نفسه يومض وينطفئ.. وينير ويعتم بكل بساطة دون ترتيب للعبث والفوضى بداخلها..
سحبت يدها أخيراً بعيداً عن الجهاز الصغير الذي يتحكم في الإضاءة ثم أسندته جانبًا.. وهي تطلق زفرة تعب بينما يدها الأخرى لم تتوقف للحظة عن فرك جسد شلبي الذي ينام عند قدميها بكل سلام...
رفعت عينيها للبعيد نحو السماء المتسعة, فكرها شارد كطفل لا يجد مأوى، أو ككائن يرتجف من الحرمان والجوع رغم محاولة كل من حوله لسحبه من قارعة الطريق..
تنهدت من جديد بينما عيناها تبحثان عن الوقت الآن ..لقد انتصف الليل ولم يعد.. رغم أن راشد وعدها بأن لا يجعله يطيل البعد.. عندما حدثهم بالأمس مطالباً بأن يوصل خالد بنفسه إياب لجورجيا حين صرح بكل وضوح أنه لم يعد يثق بأي بشر مع أبنائه.. هو لن يقع في الخطأ مرتين، عندما تركها في الماضي مع حارسه الأمين وماذا كانت النتيجة؟!
تذكرت سَبنتي بعقل معتم وهي تمنع نوبة بكاء بصعوبة بعد محادثتها مع بدور والتي مر عليها ساعات طويلة جداً حينها..
هبت من مكانها وقبل أن تفكر فيما تفعله أخبرته بأنها لا ترغب أن يبتعد خالد عنها ..وأنها أيضاً تحتاج لوجوده..
أغلقت عينيها بقوة ووجهها يلتهب بحمرة الخجل، كيف قالت هذا لراشد؟! بل كيف استطاعت أن تخبره عندما توجس من ردها وشك أن هناك خطبٌ معها، وشيء تداريه عنه حيث كانت المرة الأولى التي تحدثه فيها منذ زواجه..
فردت بكل وقاحة لم تقصدها (أنها بخير، هي فقط تحتاج زوجها معها ..وأنه اتصل بوقت متأخر لهذا صوتها مضطرب قليلًا)
مررت كفها في شعرها وهي تغلق جفنيها بقوة بينما هواء الخجل العاصف يحرق دواخلها، لم تقصد حرف مما قالته هي فقد أرادت أن تبعده عن كل انهياراتها.. وأن لا تعكر صفو حياته وقد طال عذابه وتشتته هو الآخر..
بكل الأحوال لقد تخلت بالنهاية عن طلبها بتواجد خالد متذكرة أن بدور تحتاج طفلها لذا طلبت منه بتردد أن لا يجعل خالد يطيل البقاء عنده وهو وعد بأن يجعله يعود على الفور..
ولكن خالد خرج قبل صلاة الفجر بعد أن طلب إذنًا للطيران بطائرة راشد الخاصة.. وحتى الآن لم يعد.. وهي تدرك أن المسافة بين مصر وجورجيا لا تتعدى الثلاث ساعات ونصف على الأكثر..
إذاً لماذا غاب كل هذا الوقت ..يفترض أن يكون قد عاد الساعة السابعة كأقصى تقدير وإن منحته بعض الوقت لالتقاط أنفاسه هناك!!
ربما يجدر بها الاستسلام وأن تهبط كما اقترحت والدته وتنام في غرفتها القديمة ..إلا أنها لا تريد أن تترك مكانهما من جديد..
ليس بعد كل ما حدث، وليس بعد أن أدركت احتياجها اليه.. رغبتها أن تبني معه حياة جديدة خالية من عثراتها الخاصة ..ولكنها حتى الآن تجهل كلياً كيف ستفعل، أو تطلب منه مساعدتها لتجد توازنها المفقود..
كما أن ليلى ليست في مخططها بالمجمل.. لن تنكر أنها تنبثق من أفكارها من حين لآخر وتشعر بحافز غريب يلح عليها أن تقبل يد ليلى الممتدة وأنها الوحيدة التي تقدر على مساعدتها كما صرحت بثقة في وجهها مراراً.. إلا أنها تعود تنفي هذا الاقتراح بأسف.. لا، لن ترغب بأن تقترب منها تلك المجنونة من جديد ..هي قادرة على إيجاد مساعدتها الخاصة دون اللجوء لأحد..
"أنتِ توهمين نفسكِ يا سَبنتي، تخدعينها هذه المرة كما خدعتِ من حولكِ قبلاً" همست بقنوط, بينما عقلها المتطرف ينقلها من جديد للمشهد الأخير في المشفى.. لانا تتجسد أمامها بثقتها, بنجاحها وثباتها.. لقد بدت مثالية بحق.. طبيبة ناجحة بماضي نظيف ونسب لا تشوبه شائبة.. لقد بدت أنها الوحيدة التي تليق بالوقوف جانبه حقاً ومنحه سعادة يستحقها..
نفضت رأسها سريعاً بحدة تتخلص من أفكارها السلبية المحتقرة لذاتها.. بينما عيناها الملونتان تنظران للسماء بألم وهي تهمس بمرارة: "ولكنه حقي وحدي، هو لي أنا, مرساتي الوحيدة وأملي، أنا لم أطلب غيره منكَ يا الله فلا تجعلني أفقده"
منذ متى لم تدعو الله؟! هي لا تذكر.. ربما تصوم وتصلي بانتظام.. تتبع طريق الإيمان على استحياء ولكنها توقفت منذ زمن طويل عن التضرع إليه، وكأنها تخجل منه وكأنها تحمل كل آثام العالم فأصبح حمل الدعاء ثقيل على قلبها.. ليس قنوطاً وإنما خجلاً وألماً...
توترت دون أن تتحرك من مكانها كما وقف شلبي من مكانه بتحفز عندما سمعت فتح الباب الخارجي للغرفة ..ثم خطوات تحفظها عن ظهر قلب كانت مثال للنجدة قبل الغرق في أفكارها وفقدان نفسها داخلها..
دخل خالد بتعب وإرهاق شديد ثم فتح نور الغرفة قبل أن تقع عيناه عليها.. نظر إليها بتعجب للحظات متفاجئاً من وجودها واستيقاظها على حد سواء!
يشاهدها فوق أريكة وثيرة بمسند أزرق اللون تقع أمام الشرفة مباشرة.. الشرفة أيضاً كانت مفتوحة وتتطاير ستائرها الحريرية بنعومة حولها.. تجلس وتربع قدميها بينما شلبي انطلق سريعاً يحوم حوله طالباً حنان صاحبه حين خربش على ساقيه..
انحنى خالد يداعب عنقه ورأسه قبل أن يدفعه بهدوء نحو الخارج.. ولم يرفض الكلب بل بدا مطيعاً جداً لأمر خالد..
وعندما عاد بعد برهة وجدها تقول بفتور دون أن تتحرك من مكانها: "كنت أريده معي"
تنهد خالد وهو ينظر إليها بوجه فارغ من الانفعال.. ثم خلع معطفه وعلقه فوق المشذب وتوجه نحو أبواب الشرفة يغلقها ثم قال أخيراً: "لا أفضل تواجده في المكان, عوّدي نفسكِ على هذا، لقد أخبرتكِ بهذا قبلاً"
تجهمت ولكن لا رد..
-:"الجو بارد، ألا تشعرين؟!"
انتفخ أنفها بحنق وكأنها تقاوم أن لا تقصفه من فضل لسانها الطويل ..منحها خالد نظرة متلكئة وهو يخلع قميصه بهدوء: "البدلة السوداء من جديد.. وتبدين متحفزة وكأن أحدهم داس على ذيلكِ.. هل هذا طلب للنكد يا سَبنتي؟!"
أشاحت بوجهها بعيداً وهي تعقد ذراعيها على صدرها, ولم ترد..
حسناً, بدلة سوداء وغاضبة صامتة.. هذا مؤشر جيد بكل الأحوال، لا انهيارات الليلة على الأقل تبدو في حالة... اممم هو يستطيع أن يطلق عليها طبيعية!
اقترب خطوة.. فزحفت لآخر الأريكة برفض واضح دون أن تنظر إليه ..قال بتمهل وإن كان الإرهاق يبدو جلياً في نبرته: "حسناً، هل يعني صمتكِ أن لا شجار، فأنتِ تعاقبيني منذ الأمس لأمر ليس لي ذنب فيه.. رغم طلبكِ من راشد أن أعود إليكِ سريعاً؟!"
نظرت إليه أخيراً وهي تعقد حاجبيها ثم قالت بانفعال: "وتأخرت.. لماذا تأخرت لقد انتظرتك؟"
هاجمها بنفس منطقها: "ولماذا لم تتصلي بي لتطمئني عليّ، تسألي وتلحي أيضاً أين أنا؟ وماذا أفعل؟ هل ما زلت بخير؟ لقد استقللت طائرة وكنت معلقاً بين السماء والأرض لأكثر من سبع ساعات إن كنتِ لا تعلمين!"
ارتبكت قبل أن تقول بتعثر: "لم أشأ أن أكون حملاً زائداً, يكفي ما فعلته بك الأيام الماضية"
ضرب خالد كف على كف قبل أن ينظر لسقف الغرفة بقنوط شديد.. ثم قال بخفوت: "إظهار قلقكِ عليّ، واهتمامكِ بي لا يعد حملاً, بل هو أقل شعور أطلب منكِ أن تبديه نحوي"
ارتسم الذنب على وجهها جلياً قبل أن تهمس: "آسفة لم أفكر بهذه الطريقة"
ربما هنا تكمن مشكلتها بأنها باتت تغرق في عالمها الأسود بعيداً عن التفكير بما يحتاجه منها!
(الصبر.. الصبر) همس لنفسه بهدوء.. قبل أن يستعيد كل حلمه وهو يقول: "أنا مجهد حقاً, اليوم كان طويلاً جداً.. سفر وعودة ثم الذهاب لمكتبي لأرى بعض الأوراق العاجلة.. وصدقاً يومي لم يحمل أي لطف أو رفاهية ..لذا هل يمكنني النوم ؟"
نظرت إليه بتعاطف للحظات بينما قلبها يدق من أجله بحنان.. يومه لم يكن مرهقاً فقط بل كل الأيام الماضية، هي تذكر بشكل واضح الآن بأنها خلال غيبوبتها الخاصة كانت تنتفض جزعة من بين أحلامها وكانت تجده بجانبها مستيقظًا يراقبها, ويحتويها على الفور.. بل وأحياناً كان هو من يوقظها بنفسه ليسحبها من أحد كوابيسها ولا يسمح لها بالنوم إلا عندما يطمئن أنها هدأت تمامًا وتبدد عنها الخوف...
راقبته وهو يتحرك متثائباً نحو الفراش.. ودون كلمة أخرى كان يلقي نفسه منبطحاً وهو ما زال يرتدي بنطاله الجينز, ولم يكلف نفسه عناء خلعه أو ارتداء شيئاً مريحاً للنوم.. ولم تمر لحظات حتى سمعت صوتًا مرتفعاً أوضح كم هو متعب حقًا...
أرجعت هي الأخرى رأسها للوراء تغلق جفنيها بينما تخرج زفرة ارتياح تجهل حتى أسبابه.. أو ربما تعرف بأن وجوده جوارها يمنحها اتزان من نوع ما.. ربما يشتتها فيمنع الغرق داخل اضطراباتها الشخصية..
بعد وقت وجدت سَبنتي قدميها تقودانها نحوه.. حتى جلست على ركبتيها على الأرض بجانبه.. عيناها تتأملان وجهه بشغف، كما ارتفعت يدها بتردد تمر على خطوط ذراعيه ومنكبينه العريضين..
اشتعل وجهها من جديد بحرارة رهيبة وهي تعض على شفتيها بقوة, تسمح لشعور جديد أن يتملكها ويغرقها في عالم من نوع آخر.. بأنها تنجذب إليه وهي معجبة به..
هناك شيء يجذبها نحو خالد ويبدل نظراتها نحوه.. رفعت عينيها نحو وجهه لتتأكد أنه غارقاً في النوم.. بالنهاية هي لا تريد أن يكتشف ويمسكها بجرمها المشهود..
وجهه مرهقًا كما قال, فالهالات الداكنة أحاطت عينيه وفكه.. ابتلعت سَبنتي ريقاً جافاً بينما عيناها تنحدران لتستكشف تفاصيل أكثر عنه..
لطالما كان خالد عالمها عن الرجال ..ذلك العالم الآمن الذي اكتشفته حوله كل شيء ..من أول مشاعرها حتى تفاصيلهم البنيانية..
من المضحك والمخجل في آنٍ واحد أن تكون الآن في عامها الجامعي الثاني لكلية الصيدلة وزوجة فعلية له منذ أشهر وما زالت تجهل الكثير عنه..
هي حتى تجهل إن كان إعجابها الشديد بتفاصيل جسد زوجها شديد الجاذبية أمر طبيعي أم أنه أحد أفكارها الشاذة؟!!
فقد علمت دائماً أن المرأة من يجب أن تكون جذابة لعين الرجل ..بينما حب المرأة له يتعلق بالمشاعر وفقط!
كانت أصابعها تتمرد رغم ترددها لتلامس ذراعيه تمررها فوقه بنعومة بينما شفتاها تهمسان بتعسف مرتجف: "إنه خالد.. خالد الذي يصبح كل شيء معه صحيحاً طبيعياً خالياً من أي خطأ"
أجفلت وهي تتعثر في جلستها قبل أن تجد ذراعها يسحب سريعاً وبقوة، ولا تعلم بالضبط ماذا حدث حين وجدت نفسها تسحب عمليًا تحت جسده الضخم..
توترت وهي تنظر لعينيه المغلقتين نصف إغلاق ولوجهه المطل عليها بدهشة.. ولحاجبيه المنعقدين بارتياب ثم همست: "أنا كنت.."
منعها خالد سريعًا بنبرة خشنة بفعل النوم: "لا تفسري.. فقط لا تتحركي"
وكأن وضعها الآن قد يسمح لها بأي حركة.. فذراعه يحتضنها و ساعده مدفون تحت إبطها.. بينما جذعه كله ينام مستريحاً على صدرها.. ورأسه انحنى وأراحه على بعد إنش واحد من رأسها ..وبكل بساطة أغلق عينيه من جديد وتبلدت أنفاسه التي تغيرت أثناء محاولتها الفاشلة لاستكشافه لأنفاس منتظمة من جديد..
أدارت وجهها لتحدق بفضول في وجهه الذي يوليه نحوها.. خال وسيم.. أوسم من راشد ، وأوسم من أي رجل قد رأته ولو صدفة.. وسامة رجولية هادئة وجذابة.. على الأقل في عينيها هي كما كان دائماً وسيبقى..
خالد لم يكن مرساتها الخاصة فقط بل وجوده حولها ومشاعرها العميقة نحوه وفضولها الجديد في استكشافه مثل سبباً ممتازاً لتشتيت آلامها الخاصة..
تستطيع أن تكون جيدة من أجله ..أن تثق به من جديد أليس كذلك؟!
اقتربت من جديد وشعور من الحاجة الغريبة يحرقها، أحاسيس كانت أقوى من أن تقاومها ..وهو يبدو بكل هذا السلام والاستسلام ..هي ليست مجبرة حتى أن تواجه عينيه إن فعلت ما تريده الآن بكل جوارحها وهو مستيقظ...
بالبداية وجدت شفتيها تقبلان وجنته وكأنها تشكره على وجوده بجانبها الأيام الماضية.. شعرت بتصلب جسده فوقها وحركة خفيفة لساقيه الطويلين المستريحين على الفراش بجانبها.. ورغم هذا لم تتوقف بل رفعت يديها لتحيط بها كتفيه.. فقط لمسة خفيفة تكاد أن لا تكون محسوسة ولكنها مثلت شيء عظيم بداخلها، أنها تملك الاختيار وتملك زمام أمرها والمبادرة دون أن تحتاج إلحاحه عليها لتبادله عواطفه..
أغلقت سَبنتي عينيها تتشرب بعمق رائحته, مذاقه وتأثيره عليها معجبة بذلك الاستكشاف، قبلة أخرى حطت على طرف ذقنه الخشن قليلاً، ثم أخرى فوق عينيه.. وأخرى انخفضت لتلامس خطوط فمه برقة دون أن تلامس شفتيه حقيقة..
انتفض وجهه أخيراً كما جسده ثم سحبها بيده الخشنة من جديد لتصبح تحته كله هذه المرة بينما هو يسند كفيه على الوسائد حولها موازناً نفسه..
ينظر إليها عاقداً حاجبيه المرتفعين بشدة من الصدمة، ولم يستوعب ما يحدث بالأصل.. هل هو في حلم آخر من أحلامه الرهيبة التي تتمحور حولها؟!
لقد كذب نفسه مراراً وهو يشعر بيديها الناعمتين تلامسانه وبشفتيها الحلوتين تقبلانه بخفة رفرفة أجنحة فراشة، أم يقول كائن دعسوقة ملونة نشرت البهجة والمتعة داخل روحه..
توترت وهي تهتف في حالة دفاعية: "ماذا؟!"
عقد حاجبيه بشكلٍ أكبر وهو يقول: "أنا الماذا؟!"
لم تفكر عندما هتفت بارتباك وكأنها تحاول إيجاد أي ذريعة للدفاع عن نفسها: "أليس من حقي أن أشكرك؟!"
أخفض خالد حاجباً ورفع آخر مرتاباً: "تشكريني؟!"
همست باختصار: "لقد عدت كما طلبت منك"
انخفض وجهه نحوها ثم همس بصوت أجش: "ألم تجدي لحظة واحدة لتشكريني بها وأنا مستيقظ ..كان سيتغير الكثير حينها"
ضغطت شفتيها بشدة على بعضهما قبل أن تقول بلا تفكير: "أنت تفعلها كثيراً وأنا نائمة أيضاً ولا أعترض.. بل.. بل أنت وقح وتأخذ أكثر من القبل بكثير ولم أعترض"
رفع خالد ذقنه قليلاً قبل أن يضيق عينيه ثم سأل كمن ضبطها حقاً بجرمها: "وإن كنتِ نائمة كيف علمتِ بما أفعله؟! هل تخدعيني؟!"
احمرت وهي تغلق عينيها سريعاً بينما كلها تتشنج بالحرج..
ضحك من بين إرهاقه على رد فعلها.. قبل أن يخفض وجهه وتتسارع دقات قلبه ثم همس بصوت انفجرت منه العاطفة: "إن كنت لا تنوين الرد، فعليّ أن أريك كيف تكون القبلة الحقيقة حبيبتي، وليس لعب الأطفال الذي تفعلينه"
وهي لم تجد فرصة للرد حتى وإن كانت لن تعترض.. فهي تريده بقدر ما يرغبها ..تحتاجه في هذه اللحظة بالذات دون التفكير في أي شيء آخر.. أغرقها بين ذراعيه واختطفها من العالم أجمع داخل عاطفته..
أغلقت عينيها من جديد وهي تلف ذراعيها حوله تتمسك فيه بشدة بينما ارتفع ساقاها لتحيطان خصره وتتعلق فيه كالعادة كالقردة.. كانت قبلته حلوة ومسكرة.. تسحبها لدنيا غير الدنيا.. شفتاه حازمتان شديدتا الصرامة والعطاء.. صدره يهدر بحنانه ورفقه وووو.....
توسعت عينا سَبنتي بذهول وهي تدرك ارتفاع رأسه بعيداً عنها ثم أعاده لوضعه السابق بجانبها ثم غرق في النوم من جديد بل وأصدر شخيراً عالي النغمات أيضاً بينما ابتسامة مريبة راضية جداً تكلل فمه..
هل نام؟!!
أتركها ونام بالفعل؟!
وما سر هذا الحماس والإثارة في تلك الابتسامة على وجهه النائم ؟!
أقرر أن يكمل مشاعره معها في الحلم؟!!
ظلت تنظر إليه ببلاهة وصدمة قبل أن ينقلب كل شيء للقنوط.. فخالد لن يترك فرصة كهذه معها.. لقد كان ينتظر مجرد إيماءة منها ليستغل كل شيء ويمارس حياتهما الغرامية.. والآن هي من طالبته تقريبًا ..فتركها ونام ببساطة!
أترى ملّ منها أم هو يخاف الاقتراب فتعود لتتلبسها حالة من حالات فقدان السيطرة؟!!
الأسئلة كثيرة والمخاوف أكثر.. وهي تجهل الإجابة ولا تجرؤ لسؤاله.. ولكن ما تعرفه جيداً أنها ليست على استعداد لخسارته لصالح أشباحها ..أو امرأته المثالية..

يتبع الأن
:01 8:


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-21, 01:22 AM   #9704

بسمالله

? العضوٌ??? » 426186
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 183
?  نُقآطِيْ » بسمالله is on a distinguished road
افتراضي

لا إله إلا الله محمد رسول الله
ميررر likes this.

بسمالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-21, 01:22 AM   #9705

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الثالث والستون المشاركة "٣"

بعد يومين..
جلست بدور فوق الأريكة المريحة تراقب إياب المنهمك في ترتيب قطع البازل الضخمة التي تحتل جزء كبير من أرضية الغرفة عاقد الحاجبين مقطب الجبين ومركز جداً فيما يفعل..
ابتسمت بينما تشعر بوخز ممتع ومؤلم في صدرها، وقد تطابق مظهره في هذه اللحظة مع وجه أبيه عندما يكون مشدود كلياً في العمل..
لقد مر اليومان بسلام منذ أن أتى إياب إليها, بلا انهيارات ولا حتى بكاء أو فتح للماضي بأي طريقة ..فقط كان يعيش ثلاثتهم كأسرة طبيعية, يحاولان بكل طاقة وجدت داخلهما أن يعوضا كل ما فات مع طفلهما.. بخلق ذكريات جديدة في هذا المنزل البارد فيحيلاه للدفء كما توغلت كل حرارة المشاعر داخل فؤادها..
لقد أبحروا في المركب الخشبي الصغير.. سبحت بصحبة إياب أيضاً بينما راقبهما راشد مبتسماً حتى أنهما توغلوا قليلاً في رحلة الأمس ليصطادوا بعض الإسماك..
بالطبع فشلت صنارتها وراشد بينما نجح إياب في اصطياد سمكة كبيرة، أشرقت لها ضحكاته وأغاظتهما أيضاً.. وبالطبع التهمها كلها وحده ولم يشارك إلا بقطعة صغيرة لها وحدها فقد رفض منح أبيه أي قطعة..
ارتسمت ضحكة مبهجة على وجهها.. وهي ترجع رأسها للخلف هامسة: "بهجتك تستحق الكثير ..ربما حبي لأبيك لا يخضع لأي قوانين أو منطق ولكن وجودك بيننا يبرر أي شيء ويمحو كل الضغائن يا حبيبي الصغير"
خطوات هادئة, ثم ذراع قوي رفع رأسها وجذبها لصدره العريض.. جعلها تفتح عينيها وترفع وجهها تنظر لوجهه الناظر إليها برقة رجولية نادرة: "إلى أين وصلتِ؟!"
أبرمت شفتيها وهي تقول مداعبة: "وأين سأذهب، معك ومع ابنك المتجبر"
همس بتلاعب مرح: "من شابه أمه فما ظلم"
عبست: "تقال من شابه أباه"
اعتدل قليلاً دون أن يفلتها من على صدره ليمسك بكوب ساخن ويمنحه لها ثم قال ببساطة: "تلك هي المشكلة بكل أسف, إياب فيه منكِ أكثر"
ضحكت وهي تتناول الكوب وتضمه بكفيها مستمدة من سخونته بعض الدفء ثم قالت بخفوت: "حبيب قلب والدته.. لا أظن أني سأحب يوماً أي طفل بقدره"
سحب راشد كوبه ثم ارتاح للوراء بينما يده التي تحاوطها ارتفعت لتداعب شعرها العسلي بنعومة.. ثم قال بصوت أجش: "لا أتصور هذا.. أنتِ ستكونين أماً رائعة لستة أطفال رائعين يشبهونكِ"
ضمت بدور ساقيها وطوتهما تحتها.. بينما جزئها العلوي كله يرتاح على براح جسده إلا أن هذا لم يمنع نظرة الذعر من أن تعلو وجهها وهي تسأل بتوجس: "ستة ماذا؟!"
أنامله توغلت حتى فروة رأسها يفركها بنعومة شديدة جلبت لها استرخاء فوري..
تباً كيف يعلم عنها هذا التفصيل الصغير التي لطالما فعلته لها والدتها وهي طفلة، فالعبث في شعرها بهذا الحنان والرقة يجلب لها الاسترخاء، ويزيل عنها التوتر.. ثم تغرق في النوم سريعاً بعدها..
سمعته يهمس بحزم مزعج: "ستة أطفال، لن أتنازل عن هذا الرقم ولا فصال فيه.. يكفي أننا متأخرين جداً بالفعل.. لقد أهدرنا عشرة أعوام كاملة وعليكِ التعويض"
كانت مسترخية بالفعل، أحاسيس عدة تدغدغها من تلامسها معه.. ضمها بين ذراعيه يحاوط ثلاثتهم جو من الألفة الشديدة.. ولكنها أيضاً لم تكن مرتاحة لنقاش هذه النقطة بعد إذ همست بهدوء: "الوقت مبكر للتطرق لهذه النقطة.. هلّا أجلته؟"
شعرت بتصاعد أنفاسه تحت وجنتها وانقباض أصابعه قليلاً حول خصلات من شعرها.. إلا أنه لم يتفوه بكلمة ..وهي لم تحاول أن تصدر أي رد فعل..
تعلم جيداً أنه يمنع نفسه بصعوبة من فتح أي أمر يخص الماضي حالياً كما أنه ينتظر بأمل أن يكون قد حدث الحمل، فيصبح الأمر لا رجعة فيه ولا حديث آخر ..إلا أنها متيقنة منذ صباح اليوم مليون بالمائة أن هذا الأمل لم يعد واردًا في الوقت الحالي.. فقط هو الذي لم يكتشف الأمر بعد..
فقبل الليلة عندما احتواها بذراعيه فوق فراشه وحده لثلاث سنوات وأكثر. .ثارت مشاعرهما رغماً عن إرادتهما.. ولكنها وقتها لم تكن في حالة نفسية تسمح بأكثر من قبلات تبادلاها لذا عندما صرحت بهدوء أنها لا تريد في هذا الوقت.. احترم رغبتها ولم يحاول أن يجبرها بعاطفته..
عندما طال الصمت شعرت بفمه ينخفض نحو أذنها وهمس بمناغشة: "سأؤجل ما تريدين.. ولكن بشروط، هناك قميص ذهبي شاب شعري وأصابتني الكهولة ولم يتحقق حلمي بأن أراكِ فيه بعد"
كتمت ضحكة خافتة وهي تنظر لإياب بحرص.. ثم رفعت وجهها تهمس بتآمر لائم: "ألم تكتفي من كل الأشياء التي بلون العسلي والأصفر؟"
قال بنبرة حارة يائسة: "نفسي فيه يا بدور, حققي حلمي قبل أن أموت مكوياً بذلك الحلم البائس"
تمتمت بلهفة: "بعيد الشر عنك"
قال بإصرار: "سيبتعد إن فعلتها"
تنهدت ثم قالت بتهكم: "ألم يمنحك كل ما يحدث عقب تمني هذا القميص الملعون أي أفكار سلبية نحوه, ألا تتوب يا بُني؟!"
مط راشد شفتيه ثم قال بتهكم: "لا يا ماما لن أتوب ولن أقلع عن حلمي اليائس.. لذا أطالب بحق مشاعركِ الأمومية المريبة نحوي بتحقيقه"
رفعت الكوب ترتشف منه ببساطة بينما عيناها تراقبان عينيه بلمحة باردة: "ليس لي مزاج بعد"
قال بغيظ: "ارتديه وأنا سأخرج مزاجكِ ومزاج من يعرفكِ"
غيرت مجرى الموضوع ببساطة شديدة متجنبة الرد ثم قالت عابسة: "شاي مرة أخرى.. أليس هناك في قاموسك مشروب يدعى القهوة؟!"
نفخ راشد وجهه بكمد قبل أن يقول بفتور: "لست معجباً كثيراً بالقهوة، إن كنتِ تريدينها هزي قدميكِ قليلاً وأعدّيها بنفسكِ"
"هل أنت غاضب؟!" سألت بدهشة باردة
رد بصوتٍ عالٍ قليلاً: "مفروسٌ منكِ ومن ابنكِ.."
ضحكت.. بينما وقف إياب سريعاً ثم قفز نحوهما حد أن انسكبت بعض قطرات الشاي على صدر راشد الذي اعتدل سريعاً يبعد قميصه عن صدره ..ولكنه لم يغضب ولم يبدي أي فعل حانق متوقع ..بل حررها ثم أسند كوبه وهو يعود يتفحص إياب الخائف قليلاً: "هل أنت بخير؟ هل انسكب عليك شيئاً؟"
هز إياب رأسه نافيًا قبل أن تضمه بدور لصدرها.. وراقبت راشد يقبل رأسه مهدئاً خوفه دون أي كلمة عتاب أو لوم.. ثم انصرف وهو يأخذ منها كوبها أيضاً متوجهاً نحو الحمام..
لم تتعجب من فعله، وإن ما زالت لا تستوعب حلمه الشديد مع الأطفال خاصة، لا ينفَعِل بسهولة ولا يغضب ولا حتى يحاول أن يلوم أو يعاتب بل دائماً همه الأوحد سلامتهم ثم لاحقًا يشرح ببساطة وهدوء أن الفعل أزعجه..
رفعت بدور إياب تجلسه على بطنها ثم قالت: "لماذا تبدو خائفًا يا حبيبي؟"
قال إياب بعبوس: "لقد أزعجت بابا.. أنا لم أقصد"
قبلت وجنته ثم همست: "بابا يعلم أنها حادثة، ولم ينزعج أو يتضرر أيضاً لحظات وسيعود إلينا ..ما رأيك هل نشاهد فيلماً، ونخبره أن يأتي لنا بالبيتزا؟!"
هز كتفيه بحزن قبل أن يضع رأسه على صدرها, ولف ذراعيه حول عنقها متشبثاً فيها..
يا الله لا شيء بالعالم يضاهي إحساسها وإياب بين ذراعيها ويضمها بدوره متى تكتفي من هذا الجمال.. ومتى تكف عن الهوس والمخاوف إن ابتعد عنها ربما ستفقده ..هي لا تقول بأن لديها شك واحد بأن أي شيء قد يفرقهمل.. تعلم أن راشد مثلها تعلم درسه وتثق في وعوده جداً، ولكن قلب الأم بداخلها ما زال يخاف..
-:"أنا أحبكِ يا ماما"
قبلت بدور رأسه ووجنتيه بقوة، تضمه بشكلٍ عنيف وهي تهتف: "وماما تعشق إياب ..تحب إياب وتجن بإياب نمري الصغير"
اعتدل إياب وهو يمنحها ضحكة حلوة جداً ملونة بخجل الأطفال.. قبل أن تراقبه وهو يفك يديه من حولها ويتلاعب بهما متشابكين ويقول بتردد: "إياب لديه سر يخبئه عن بابا"
رفعت بدور حاجباً واحداً مرتاباً قبل أن تهمس بسخرية: "وما طبيعة السر الذي لدى إياب؟ هل أكلت قطع الشكولاتة التي اشتراها بابا بالأمس وحدك؟ حسناً هذا نعرفه بالفعل واكتشفناه صباحاً ولم نشأ إحراجك"
انزعج ونزق وهو يهتف محذراً: "عيب عليكِ لا تمزحي بيّ هذا سيء"
امتعضت وهي تهمس بحنق: "وها هي عادت جينات أبيك الجلفة للسطح.. مرحى"
قال إياب بجفاء: "أتركيني أنتِ مزعجة, لن أخبركِ بما قاله خالي"
الآن جذب انتباهها بالكامل..
أجلسته على ركبتها وأمسكت كتفيه وهي تنحني لتساوي طوله وقالت برقة: "أعتذر لقد كنت أمازحك.. تستطيع الثقة بماما حبيبي ..ما الذي تخبئه عن بابا؟"
فرك إياب يديه بتوتر طفولي قبل أن يقول بتردد: "عندما سافرتِ مع بابا كنت أفضل النوم مع أختي ..أنا أنزعج من نوم خالي جانبها.. لماذا لا يعيدها إلينا؟!"
كتمت بدور ضحكة حقيقية قبل أن تتلبس وجهاً جاداً وهي تقول: "أنظر، يجب أن تفهم أن سَبنتي زوجة لخالد الآن، كما أنا زوجة لبابا، لذا من الطبيعي تواجدهما سوياً.. ثم إنه لا يمنعك عنها بأي وقت تريدها"
انزعج إياب بشدة ثم قال: "أنتِ وبابا لديكما أنا, وجدتي قالت يجب أن يكون هناك أطفال"
قالت بدور بابتسامة رقيقة: "سيكون لديهما إن شاء الله قريبًا كما أتعشم"
تنهد إياب بأسى لم يضحكها هذه المرة بل أقلقها: "تستطيع إخباري، هل أزعجك شيء وخالك طلب منك عدم إخبارنا؟"
:-"نعم.. هناك ما أحزنني وأبكاني كثيراً"
ضمته بدور إلى صدرها تقبل رأسه وشعره وهي تقول بلهفة: "يا قلب ماما أنت.. لن أتركك من جديد ولن أسمح لشيء بأن يبكيك"
همس إياب بصوت خافت حزين: "أعتقد أني سأبكي إن رأيت سَبنتي مجنونة ومخيفة مرة أخرى وإن أبعدتني عنها"
تصلبت بدور بقوة قبل أن توقف قبلاتها لابنه.. أمسكته من ساعديه تنظر إليه بقلق جم: "ماذا قلت يا حبيبي؟"
همس إياب من جديد حتى لا يسمعه أباه كما حذره خالد وسبَنتي أيضاً: "أختي كانت مجنونة, سمعتها تصرخ في وجه جدتي، و جدتي صعدت إليها بحقنة كبيرة جداً، أنا لم أرها فقد أغلقت عليّ باب الغرفة مع تلك السيدة الطريفة التي تعلمني القرآن"
تعلم أن والدتها عينت له مدرسة للقرآن والكتابة والقراءة أيضاً بالاتفاق معها وراشد.. حتى يعوضونه ما تركه هنا من تعليم.. ولكن ليس هذا ما يعصف بها الآن..
سألت من جديد باهتمام وخوف: "وبعدها ما الذي حدث أخبرني حبيبي؟"
هز كتفيه وهو يبرم فمه منزعجًا وحزيناً: "لا أعرف.. ولكني عندما ذهبت إليها كانت نائمة.. دائماً نائمة وعندما تستيقظ قليلًا، كانت تقبل شعري وبعدها تطلب من خالي وجدتي أن يخرجاني.. هل سَبنتي ما عادت تحبني ماما؟!"
هتفت بدور على الفور: "لا يا حبيبي، هي تحبك جدًا، لقد أخبرتني هذا عندما طلب بابا من خالك أن يأتي بك، وألحت عليّ أن أبقيك معها ولكني كنت أشتاق لك أيضاً!"
(بعض الكذب لن يضر في هذه الحالة أليس كذلك؟) تساءلت بقلق..
الآن ضحكت عيناه وهو ينظر إليها بفرح إلا أنه عاد يهمس سريعاً بقنوط: "هل أختي مريضة؟!"
ابتلعت بدور ريقاً جافاً قبل أن تهمس: "لا، هي متعبة فقط.. هل تذكر جرح ماما الذي ضمدته لها؟"
هز رأسه على الفور مصدقاً.. لذا قالت بدور برقة وإن كان بمرارة مريعة لفت صدرها تعاطفاً: "سَبنتي أيضاً لديها ندبات كبيرة ومتعددة، وتحتاجنا جميعاً لنضمدها، فهل تكون طفل سحري وطيب وتساعدنا؟!"
قال على الفور وكأن هذا سوف يفسر كل شيء: "أنا أحب أختي جداً"
همست بدور باختناق: "وأنا اكتشفت بعد طول غباء أني أحب أختك جداً جداً"
قال إياب بلهفة: "هل يمكننا أن نأتي بها إلى هنا إذاً؟ أعلم أنها تريد العودة, لقد أخبرتني هذا فهي تحب منزلنا يا أمي"
أومأت بدور دون رد.. عندما شعرت أخيراً باقتراب راشد ونظرة واحدة لجسده المتصلب ووجهه الذي احتلته المشاعر الخارجة دائماً عن السيطرة في كل ما يتعلق بأولاده أعلمتها أنه سمع كل شيء..
-:"كان يجب أن أعلم منذ محادثتي معها، لقد شعرت بأن هناك شيء خاطئ ولكني بأنانية وجشع اخترت أن أصدق مبررها التافه.. لأبقى بجانبكِ أنتِ"
هزتها كلماته المفاجئة وفهمت ما يعنيه تماماً.. إلا أنها لم تتحكم في السؤال الذي خرج من شفتيها دون تفكير: "هل أنتَ نادم لاختياري؟"
اندفع بضخامة جسده نحوها ولوى ركبته ووضعها على الأريكة جانبها ثم انحنى يحاوط وجهها بين يديه ثم قال بصوت خشن باتر في معانيه: "لا.. لستُ نادم ورغم أن هذا يؤلمني الآن يا بدور.. ولكني أدرك خطئي جيداً لقد تركتكِ تعانين وحدكِ طويلاً متغافلاً عن أنكِ تحتاجيني بقدر كلا طفليّ.. وأن مكانتكِ في قلبي لا تمس بأي صورة مكانة إياب وسبَنتي.. أحبكم بنفس القدر، تهموني بنفس القدر دون أن تخل محبة أحدكم في قلبي الطرف الآخر.. هي تحتاجني ولكنك تحتاجيني أيضاً.. ومشكلة الموازنة دون أن أجور على احتياج ومكانة إحداكما مشكلتي وحدي.. أنا أحبكِ.. أتفهمين، واهتمامي وعشقي لصغيرتي لا يعني بالضرورة أن أجور على حقوقكِ أنتِ.. وسأحرص على هذا في المستقبل ولن أوقع نفسي في ألم الاختيار من جديد"
غطت بدور كفه بيد مرتعشة كما ابتسامتها.. ثم همست: "ما زلت أحتاجك بجانبي، أريدك معي.. ولكني أيضاً أتحمل المسؤولية مثلك تمامًا نحو كل فرد في العائلة.. لذا..."
صممت لبرهة تبتلع ريقاً مرتجفاً.. قبل أن تقول بنبرة مهتزة: "لن أنكر رغبتي في البقاء هنا أكبر قدر ممكن بعيداً عن كل شيء ..عن العالم أجمع وأن تقتصر دنياي عليك وابني.. إلا أننا.. أنا وأنت أصبحنا يد واحدة، لذا أدرك عدم قدرتنا على التهرب من مسؤولياتنا طويلاً.. أنت تريد العودة إليها صحيح؟"
توتر ولم يرد وإن لم تترك عيناه حصار عينيها.. ربتت بدور على صدره بيدها الحرة بينما يدها الأخرى تتشبث بإياب الذي ينظر إلى عاطفتهما بانبهار طفولي فظيع.. هتفت بحزم تأخذ عنه حمل الاختيار: "ماذا تنتظر إذاً؟ هيا جهز الطائرة لتقلنا في التو واللحظة.. أنا وإياب سنجهز الحقائب في أقل من نصف ساعة"
تركها بالفعل في خطوات حثيثة وهو يتوجه لاختطاف هاتفه.. بينما هي دفعت صغيرها عن قدميها وهي تقول بصرامة: "هيا يا بطل، عليك أن تساعدني في حزم الأغراض التي تحتاجها"
هز إياب رأسه قبل أن يتقافز على الدرج متوجهاً للأعلى بينما اتبعته هي.. إلا أنها شعرت بيد راشد تسحب ذراعها قبل أن تستقر كلها على صدره يضمها بحرارة وقوة ..ثم قبّل جبهتها مما دفعها لتغلق عينيها تتذوق معنى تلك القبلة الجديدة.. تحبه.. تحبه بكل عاطفته وحبه الذي يبثهما من خلال هذا التلامس الناعم..
سمعته يقول بصوت أجش: "لم يسمح لي الوقت قبلاً لشكرك على ما تفعلينه معها"
ردت ببساطة: "هذا واجبي"
:-"قبلاً كان واجبكِ أيضاً ..لذا لا أظن أن الواجب من يدفعكِ نحوها"
ارتبكت قليلاً وهي تنظر للطفه والتفهم في عينيه ..لذا قالت بتردد: "الفتاة منا, أي في مكانة أخواتي.. وأنا لا أحب أن أجور على حقوق أحد.. يكفي أنها تخصك أنت قبل أخي و.."
لامس فمه شفتيها برقة في قبلة لم تطل إذ أنه لم يعد يحتاج أي توضيح منها: "مدمرة.. والله إن كل ما يخصكِ أصبح مدمراً"
ضحكت بدور بصوت عالٍ قليلاً متوردة.. قبل أن تشد قميصه بقوة وترتفع على أطراف أصابعها وهي تهمس بتلاعب أنثوي: "ذلك الوصف ذكرني بلعنة القميص الذهبي المسكين، لقد حذرتك ولم تستمع لي.. يبدو أن به لعنة كلما طلبته يحدث أمر فظيع"
أراد أن يجاريها ولكن قلقه وآلامه التي يشعر بها في هذه اللحظة كانت تسيطر عليه وبقوة..
همست بدور: "ستكون بخير، لا تنسى خالد معها، لقد منحتها له لهذا السبب خاصة.. أنا أثق بخالد فهو يجيد العناية بالمحطمين"
ربما لم تقصد إلا طمأنته.. ولكن هذا لم يساعده بأي صورة بل لفح صدره بنيران لا تنطفئ.. تحرقه كمداً ووجعاً وندمًا، كم كان مغروراً قاسيًا معمي القلب.. غافلاً عن تركه لأهم امرأتين في حياته تعانيان بصمت دون أن يقدم لهن يد المساعدة.. كيف لم يحميهما من كل الأوجاع كما وعد نفسه مراراً وتاركهما أمام عينيه أو خلف ظهره جسداً بلا روح..
-:"أنا معك هذه المرة، لن أتركك دائماً في ظهرك كما تمنيت"
تغضن وجهه بالعاطفة مدركاً أخيرًا أنه ليس عيباً أو مخيفاً أن تملك امرأة قوية وتكون سلاحك وأمانك ضد العالم أجمع..
وعندما ضمها بقوة قهره وألمه هذه المرة تلاشى ولم يبقى إلا إحساسه بهذه الجميلة بين ذراعيه وعلى صدره.
******************


يتبع الأن
:ridinghors e::ridingho rse:


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-21, 01:32 AM   #9706

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الثالث والستون المشاركة "٤"



بعد ساعات..
"كفى قلة ذوق" قالها خالد وهو يدفع قدمي سبَنتي التي تجلس أمامه في وضع مقلوب وغريب بينما تفتح كتاباً بين يديها وتحدد أشياءً بقلم ملون.. تشرحها والدته التي تجلس على مقعد مقابل..
عبست بأنفها وهي تعتدل.. إلا أنها لم تحاول الرد.. هي صامتة منذ تلك الليلة السوداء فوق رأسه ويبدو أنها تخاصمه..
سمع والدته تقول بهدوء: "أتركها تفعل ما يريحها, لا دخل لك بها"
قال خالد بفتور: "ومن له حق التدخل إذاً؟! الهانم منذ أن أتيت لم تحاول أن تعتدل أو ترحب بعودتي ولو من باب المجاملة"
ابتسمت منى بلطف قبل أن تقول بوقار هادئ: "ستفعل، امنحها الوقت واعذرها قليلاً فهي تحاول أن تتدارك ما فاتها من الدراسة"
زفر خالد بقنوط قبل أن يتمتم: "عدنا لدفاعكِ المستميت عنها، منذ أن كانت طفلة ترتكب الجرائم، وكأن ليس لها لسان لتوضح موقفها"
رمقته سبَنتي بنظرة طويلة جداً.. قبل أن تقف من مكانها لتجلس على ذراع مقعد والدته.. ثم أشارت نحو الكتاب الآخر المفتوح على حجر منى: "لم أفهم هذا المقطع ..هل يمكنكِ توضيحه بطريقة سلسلة قليلاً ..بتّ أشعر أن عقلي أصابه الصدأ والغباء منذ أن تزوجت للأسف، يبدو أن هناك عدوى من نوع ما تنتقل في الأجواء"
اتسعت عينا خالد بذهول غير مصدق ما تقوله الوقحة!!
ستقتله.. يقسم أنها سوف تتسبب في موته صغير العمر.. منذ أسبوع أو أكثر قليلاً كانت تتشبث في ملابسه منهارة تطالب بتواجده.. فاقدة كل ركائزها.. والآن يبدو أنها عادت لصفاقتها وكأن ليس هناك أي شيء يقيدها أو تلقي له بال..
وما صدمه وجعل وجهه كله يسقط على صدره.. تنهدات والدته الطويلة قبل أن تقول بأسى متصنع: "هذا هو الحال صغيرتي.. حسرتي عليكِ كبلتِ بهموم الزواج وغباء الزوج سريعًا.. ماذا أقول فكل شيء مقدر"
سمعت خالد يقول باهتمام: "عذراً يا أمي لم أعد أستطيع كتم سؤالي داخل صدري أكثر من هذا ..هل أنتِ متأكدة بأني ابنكِ..ابنكِ؟ أي حملتني وأرضعتني كما بناتكِ؟!"
مطت منى شفتها لأسفل قبل أن تقول ببساطة مسرحية: "للأسف متأكدة جداً.. إذ أن تقاسيم وجهك الحلوة تنتمي لي طبعاً.. ولكنِ جينات أبيك شوهت جمالي الذي حملته بالنهاية مع كل الألم والندم"
وقف خالد وهو يفتح ذراعيه بمسرحية: "مع كل الندم، وكل الألم، واعترافكِ الصادق هذا، إذ أني لو علمت بأنكِ تبنيتني لكان الأمر أهون مما تفعلينه بي أنتِ وتلك المجنونة"
قطعت سبَنتي ضحكتها الخافتة وهي تقفز من مكانها هاتفة بحدة و بوجه شاحب وكأنه داس على وتر حساس ما كان يجدر به لمسه: "أنا لست مجنونة.. أنا بخير جدًا.. ذاك النهار كنت متعبة لا أكثر.. لست مجنونة.. لست مجنونة"
وقفت منى سريعاً تمسك يدها التي ارتفعت تمنعها من الوصول لرأسها.. كما وقف خالد على بعد خطوات منها مبهوتاً برد فعلها المضطرب.. سمع والدته تقول بحنان: "ومن قال هذا حبيبتي، هو يمزح معكِ بخشونة قليلًا حتى تتحدثي معه.. إنه يائس ويطلب ود صغيرتي ونحن لن نمنحه هذا الشرف"
بدأ صدرها يرتجف, عيناها تغوران في عمقهما بنظرة مضطربة مشتتة لم تطل كثيرًا.. عندما أخرجت نفساً متسارعاً ثم هدأ كل شيء على الفور..
"لا تمزح معي بهذه الطريقة مجددًا" هتفت مرة أخرى بصوت حاد وإن لمس في عمقه التوسل..
وضع خالد يديه المرتعشتين في جيبي بنطاله قبل أن يقول بهدوء مرح وكأن ما حدث لم يقلقه: "إن قبلتِ دعوتي على العشاء في غرفتي بالخارج قد أفكر"
اتسعت عيناها: "ماذا؟!"
رفع خالد وجهه للسقف بملل قبل أن يقول بفتور: "توقفي عن هذه الـ(ماذا) الحمقاء.. بحق الله ألا يكفي استفزاز بدور باستخدامها؟!"
حكت شعرها بقوة وهي تنظر لمنى بحرج ثم قالت: "لا أريد العشاء معك، ولا أحب تلك الغرفة.. ألوانها مريعة وذوقك سيء بصراحة"
أخفضت منى وجهها تداري ضحكة أخرى.. لقد ظنت أن بقاء هذين الاثنين معها سيكون حملًا آخر وهماً, ولكن رغم كل شيء الأمر يبدو ممتعًا وبشدة وكأنها تشاهد مسلسلاً حصرياً عن زواج القاصرات، لا بل القاصرين عامة.. مع مجاراة ابنها لزوجته..
تنحنحت منى وهي تتركها بحذر.. ثم قالت بوقار وحزم: "سأطلب من الخادمات تحضير العشاء لكما وأخذه لهناك, بينما أنتَ تجد حل لتصليح ذوقك المريع، زوجتك بصراحة لديها حق"
ربتت منى على صدره بينما خالد ينظر إليها بتوجس ثم قال: "ما زلت أشك في موضوع (ابنكِ) هذا, راجعي نفسكِ ربما أبدلوني"
ابتسمت منى وهي تهز رأسها بيأس.. قبل أن تركض سبَنتي وراءها وهي تهتف: "انتظريني, لم ننهي المذاكرة"
أوقفها خالد عندما وقف أمامها بطول جسده.. فانزعجت وحاولت الالتفاف من جانبه فنقل خطواته سريعاً.. تراجعت للناحية الأخرى فتراجع معها بخفة.. زفرت وهي تكور شفتيها بغضب.. ثم رفعت عينيها الحانقتين الحارقتين بمشاعرها نحوه: "أريد أن أمر"
:-"مري وهل منعتكِ؟!"
-:"أنت تسد المكان بضخامتك المبالغ فيها يا هالك البعبع"
توسعت ابتسامته حتى بينت صفي أسنانه قبل أن يقول: "أنتِ الضئيلة أكثر من اللازم يا دعسوقتي الملونة"
نفخت بفتور قبل أن تقول: "لا أرغب في الحديث معك، ودعوتك مرفوضة"
ابتسم وهو يمد يده ليداعب وجهها إلا أنها أزاحته بحدة فأمسك كلا يديها متعاكستين قبل أن يسحبها نحوه.. شهقت بخجل وعيناها تحاولان النظر بقلق إن كان أحد يراهما إلا أن هذا لم يمنعه عندما قال: "هل تخاصميني؟!"
توترت قليلاً وهي تعود تنظر إليه بكامل انتباهها.. تدرك وجهه المنخفض الذي يعلوها بإنشات، وكله الذي يحتويها بكيانه المهمين.. همست باقتضاب: "لا أفضل الحديث معك.. ويجب عليك احترام منطقتي الخاصة, لذا لا تلمسني لو سمحت"
ضاقت عينا خالد قليلاً ثم قال بصوت خفيض بارد: "في الحقيقة أنتِ لا تملكي هذا الحق، وليس لديك مناطق خاصة أو تلك الخزعبلات النسائية المزعجة.. سأقتحمكِ وقتما أرغب، وألمسكِ بكل أريحية عندما أقرر"
زمت شفتيها وعينيها تتوسعان في حالة من التأهب حد أنها قصفت سريعًا قبل أن تفكر فيما تقوله: "طبعاً.. وبعدها تنام مصدراً نغمات مذهلة قد تتسبب في صمم الجنين ببطن أمه"
شهقت سريعاً عند إدراكها لتصريحها اليائس هذا.. اللعنة على غبائها.. ماذا سيقول عنها الآن ويفكر فيها؟ هل سيتهمها بالانحراف حد أنها غاضبة من يأسها وحاجتها لعاطفته ثم تركه لها لينام؟!!
أغلقت سبَنتي عينيها وكلها يتشنج في يده ولم تقدر على مواجهته.. حتى شعرت به يحرر يديها وبشفتيه تحط على وجنتها ثم طرف ذقنها ..وأخيراً قبض على فمها بشفتين حازمتين، فتحت عينيها سريعاً في حركة واحدة كاللص الذي ينام بحذر.. تقاوم لجذب يديها منه وجسدها كله يزج جسده بينما صوتها يغمغم بسباب داخل فمه..
وعندما حررها كانت تنظر إليه بتوحش منقطعة الأنفاس ..بينما هو هادئ جداً ممتلئ بالعاطفة وكأنه تناول وجبة دسمة ومشبعة لتوه..
:-"أنت قليل أدب، كيف تفعل هذا هنا؟ ماذا سيقولون عني؟"
مط شفتيه قبل أن يقول بصوت متصابي مستفز: "سيقولون أنكِ قليلة أدب أيضاً ..تقبل زوجها في منتصف الردهة دون حياء، يالَ الفضيحة"
:-"لا تسخر"
ترك خالد يدها ثم رفع يديه.. تراجعت سبَنتي خطوة فاقترب.. ثم تراجعت من جديد وهي تنظر إليه بحذر.. فقاتل مرة أخرى وتوالت الخطوات حتى التصقت قدميها بمقعد خلفها فلم تجد بديلاً إلا الجلوس فوقه وهي ترفع إصبعاً محذراً في وجهه: "سوف أصرخ"
انحنى خالد يغطيها بضخامته يحتويها بكيانه كله من جديد.. إحدى يديه استندت على ذراع المقعد ..بينما صوته الصارم يأمرها لا يطلب: "تعاليّ معي للخارج ..وسأعتذر منكِ طوال الليل"
ابتلعت ريقاً جافاً ثم قالت بحذر حانق: "لا أريد الذهاب.. لتتركني وتنام بالنهاية"
هل تلومه.. معذبته ترغب في جعله يشنق نفسه بحسرته على حظه الأسود الذي جعله يتركها ليلتها وينام كأي رجل بارد لا يحمل ذرة دماء في جسده الحار بطبعه..
اللعنة لقد ظن أن هذا مستحيلاً معها في الوقت الحالي، وكاد أن ينتهي مكبوتاً برغباته ..ليجدها ليلتها بمحاولتها الخرقاء الجاهلة تحاول استكشاف تقبيله..
لقد ظن أنه في أحد أحلامه التي تكون المجنونة الصغيرة بطلتها المنفردة.. حتى عندما استيقظ ونظر لعمق عينيها المتمردتين المطالبتين بالحاجة والعاطفة..
أي مغفل هو؟ أي تعيس حظ هو؟ اللعنة على راشد وابنه وشقيقته أيضاً، هما يسعدان هناك.. وهو يهدر كل فرصه النادرة مع عذراء الربيع خاصته..
تباً للنوم, تباً له شخصيًا.. إن كان يملك الأمر لاختار أن لا ينام باقي عمره..
عندما طال رده سمعها تقول بسخرية رهيبة: "خالد، هل نمت لمجرد عرضك للأمر؟ كنت أنتظر حتى نصل للفراش, كيف سأحملك الآن؟ مظهرك سيكون سيئاً للغاية أمام والدتك والمساعدين بالمنزل"
نظر إليها نظرة غاضبة متوعدة: "احترمي نفسكِ"
قالت ببرود وهي تهز كتفيها: "أنا محترمة ومتيقظة دائماً"
انخفض وجهه أكثر نحوها حتى لامس أرنبة أنفها ثم قال مداعباً بصوت أجش: "نعم, كمصاصي الدماء واللص المخادع"
توترت واشتياق غادر غريب يتحرك نحوه.. تستطيع التظاهر من أجله وأن تدعي العاطفة ومجاراته أليس كذلك؟!
بالنهاية الجميع أكد أن بقايا سبَنتي العبثية ما زالت بداخلها، لذا هي تقدر على سحبها بعيداً عن أشباحها لتظهر له، وتجعله يكتفي بها ويتشبع منها وتستعيده لها وفقط..
هي تملك القدرة أن تكون امرأته المثالية, حبيبته المثالية وزوجته المثالية ..وكل وصف ومكانة حملت كلمة مثالية يبحث عنها خالد..
-:"لست مخادعة, لقد كنت أشكرك فقط وو... أفقتدك!"
أخفض خالد وجهه أكثر ثم هدر بصوت خفيض منفعل: "إذاً تخلي عن عنادكِ وتعالي معي للخارج، أو نصعد لغرفتنا"
اضطربت عيناها قليلاً في نزاع عهده.. في قلق يعلمه ..وتشوش يكاد يقفز من عينيها ليسحبها بعيداً من جديد..
-:"سبَنتي"
:-"نعم"
لم تفهم جيداً ما كان يمر في عينيه الآن ..بينما يهمس بصوت خفيض رهيب المعاني وكأنه مجرم عتيد يقر بأحد جرائمه الرهيبة بفخر متمتع: "هل تذكرين أول مرة لمستكِ فيها؟!"
احمرت بقوة وهي تقول وقد نجح في تشتيت أفكارها الخارقة من جديد: "ليلة زفافنا ..لم يمر كل هذا الوقت لأنسى"
نظراته الآن انحدرت بوقاحة نحو مفاتنها المميزة باستدارتهما ونفورهما قليلاً عن جسدها الضئيل بطبيعته..
همس بوقاحة: "لم أعني هذه الليلة، بل أول مرة عندما صدمت بأنكِ أصبحتِ آنسة كبيرة لا ضير إن انجذبت نحوها"
توسعت عيناها دفعة واحدة مرة أخرى في نظرة عميقة حوت ألف وألف قصة ..وهل نسيت قط؟!!
توردت أكثر وتعثر لسانها وهي تدفعه بضيق: "ليس تاريخاً مشرفاً لتذكرني.. لقد كنت طفلة ..أو أنك متحرش أطفال"
ضحك خالد بصوت خشن قبل أن تصيبها يده التي مرت فوقها مكرراً نفس المسكة القديمة وهو يهمس: "أنا أحب الطفلة، أهيم بالطفلة ..وأرغب بكل كياني أن أعيد تحرشي بالطفلة"
هتفت وهي تحاول نزع يديه بعيداً عنها بخجل تورد له وجهها على الفور: "أيها المنحرف.. ابتعد عني، سأخبر والدتك بأنك تحرشت بي"
زاد ضغط يديه كما فمه الذي داعب جانب عنقها: "أخبريها إذاً.. وأنا سأكون غير متحفظ لأصرح في وجهها أني أعشق التحرش بكِ"
:-"يا بغيض ألا تخجل من نفسك؛ هذا ليس من حقك"
رفع وجهه لينظر إليها بينما ثبت كفيه فوق مفاتنها دون أن ينزعهما ثم قال من بين أسنانه بكبت: "ست وعشرون سنة.. سنة تنطح سنة أحافظ على نفسي، ابتعدت عن كل المغريات.. لم أنجذب لفتاة، ولا أحاول مطلقاً.. حرمت نفسي من المتع.. لتأتي الآن زوجتي عذراء الربيع تخبرني بأنه ليس حقي ..اسمعي إذاً.. أنا سوف أقبلكِ في المكان الذي أرغبه وسأتحرش بكِ دون رادع ..سأفعل كل ما أريده محققاً أحلامي ومعوضاً كل ما فاتني ..وأنتِ ستتقبلين كل هذا كأي زوجة مطيعة"
أفلتت نفساً طويلاً من بين شفتيها ..لكن لا خوف ولا دموع بل هي مبهورة متوسعة العينين تنظر إليه بتلك الطريقة التي تسلب لبه حتى همست بغباء متوترة: "أنا لست عذراء!"
ضحك خالد على الفور وهو ينظر إليها بعدم تصديق ثم قال من بين أنفاسه: "يالَ الصدمة ..ومن الوحش الغادر إنسان الغاب طويل الناب الذي فعل بكِ هذا؟!"
هتفت بحنق وهي تحاول دفعه بعيداً: "دمك ثقيل، أيها البارد النائم ال......"
"ما الذي يحدث هنا؟ أليس لديكما غرفة؟!"
انتفض كلا من خالد وسبَنتي مجفلين.. قبل أن ينظرا لبدور التي تبادلهما النظر بذهول وصدمة..
"يا إلهي, اكتملت!" همس خالد وكأن دلواً من الماء البارد سكب فوق رأسه..
رفعت بدور حاجباً أنيقاً مترفعاً وهي تنظر لكليهما بنظرة القابض على مراهقين يفعلان أشياء سيئة من وراء ظهر عائلتهما..
أبعد خالد يديه عن سبَنتي وهو يهتف بخشونة من جديد لنفسه ساخطاً: "ألن أتخلص من هذه العائلة أبداً؟ هل لديهم قرون استشعار للحظاتي الخاصة مع زوجتي؟! مرة هي ومرة وزوجها وابنها مفسدي البهجة.. حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبنا الله فيكم"
عقدت بدور ساعديها على صدرها ثم قالت ببرود ساخر ينم عن خبرتها الشديدة الآن بالطبع: "يفترض أن العريس لا يوقفه أي مقاطعات ويأخذ حقه في زوجته من فم الأسد لو أراد ..لا أن يشكو عجزه!"
ارتجف عرق في عنق خالد بحنق متعاظم.. واكتملت بالفعل عندما علقت زوجته بسخافة: "آه في الحقيقة العريس يفضل النوم، والشخير أيضاً.. تاركاً زوجته المسكينة لأشباح الليل!"
تدلى فك خالد ببلاهة أشد وهو ينقل عينيه بين الوقحتين..
خاصة عندما قالت بدور بتعاطف مبالغ فيه: "يا حبيبة قلبي يا سبَنتي، سامحينا عزيزتي لم نكن نعرف أن هناك رجلاً راويًا يمتلك دماء باردة!"
أخفضت سبَنتي رأسها بخجل قبل أن تقول بأسى: "الحمد لله, مصيبة وأنا تقبلتها.. يبدو أن خالد أكثر من شرب الكافور، هذا ذنبي بالنهاية.. وكأنه كان ينقصني ذنوب"
"اخرساااا" هدر صوت خالد أخيراً جاعلاً وجه سبَنتي يمتقع وكلها ينتفض في مقعدها مرة واحدة..
هتفت بدور: "لا تداري خيبات شخيرك بالتنمر على المسكينة وإلا أخذتها معي لبيت أبيها كما ينوي هو"
انمحى المرح وتحول جسد خالد لكتلة من التحفز: "يأخذ من؟ هل تظنان الأمر لعبة؟ إن كانت مزحة سخيفة فأنا لا أقبل بها"
حركت كتفها بأناقة ولم ترد بينما قرون استشعارها تلتقط وجود راشد جانبها بكامل هيمنته..
فاندفعت زوجة أخيها في أقل من برهة لتحتل ذراعي راشد المفتوحتين دائماً من أجلها..


يتبع الأن


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-21, 01:37 AM   #9707

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الثالث والستون المشاركة "٥"

-:"ماما.. ماما.. ماماااااا"
انخلعت لورين من مكانها قفزاً تقريباً: "ماذا تريدين؟!"
تراقصت أمل حول نفسها بغرور قبل أن تقول برقة مريبة: "أريد كأس حليب لأكبر بسرعة"
رفعت لورين وجهها وهي تتنهد ثم علقت بتهكم: "المشكلة أن لسانكِ فقط من يكبر, إلا أن طولكِ لا يزداد إنشاً واحداً"
حركت أمل كتفيها من جديد في رقصتها المريبة التي لا تتوقف ثم قالت: "لسان أمل لذيذ.. أريده أن يصبح طويلاً جداً أمامي، طول لساني أفضل من طول قدمي"
أجفلت لورين للحظات وهي تنظر إليها بعدم تصديق: "صبرني يا الله على هذه المصيبة المسماة ابنتي"
صرخت أمل دون أن يتوقف رقصها للحظة: "أريد حليب الآن، أمل عطشى"
جزت لورين على أسنانها بغيظ عاجزة عن التصرف مع هذه البلوة، في الحقيقة ابتعادها عن رعاية أمل لسنوات يجعلها الآن وكأنها تجرب رعايتها لأول مرة، هناك اثنان فقط يسيطران على جموح ابنتها، مرح وممدوح..
توقف رقص أمل صامت النغمات ثم زجت لورين من قدميها وهي تقول: "هاااااي يا لولو هاتي الحليب أو سأخبر بابا أنكِ لا تطعميني وتعذبيني أيضاً"
نظرت لورين لهذا الكائن تحت قدميها بذهول: "هل تبتزيني؟!"
ضيقت أمل عينيها بجهل قبل أن تضحك برقة لا تليق مع ابنتها أيضاً: "أنا أستفزكِ.. هيا أمل عطشى"
توجهت لورين نحو المطبخ تاركة حاسوبها الجديد وهاتفها الجديد أيضاً الذين اشتراهما لها ممدوح كمصالحة بعد ما حدث: "ولماذا لا تشربي الماء مثل باقي البشر ..ابنة من أنتِ لترتوي بالحليب؟"
لمعت عينا أمل وهي تختطف الهاتف المحرم عليها لمسه سريعاً كقطة وجدت طبق عاري مليء بالسمك.. ثم خبأته في جيب تنورتها المنفوشة بطبقات من الدانتيل: "ابنة دوحا حسين زيدان"
عادت لورين بكوبها المخصص بالحليب ثم سحبت مقعد أمامها وهي تقول: "أنا مني لله لتعليمكِ اسمكِ, هذا أكبر شيء أندم عليه معكِ"
ابتسمت أمل بأدب وهي تجلس على المقعد وتأخذ منها الكوب: "شكراً ماما"
نظرت إليها لورين بارتياب من هذا الأدب واللطف المفاجئين ..إلا أنها لم تتوقف كثيراً عندما قالت: "أسمع صوت آلة الغسيل، سوف أذهب لنقل الملابس للمجفف هل تعديني أن لا تفتعلي كارثة ريثما أعود؟"
همست أمل بنفس الأدب: "أعدكِ مامي"
رفعت لورين حاجباً حذراً مرتابة بشكل أكبر ..إلا أن مهامها اليومية التي تريد إنجازها قبل عودة ممدوح كان لها الأسبقية, على كل حال هي لن تغيب أكثر من دقيقتين..
انصرفت لورين.. وعلى الفور أخرجت أمل الهاتف ووضعته بجانب كوب الحليب وأخذت تنظر إليه نظرة شرهة مخيفة بعينيها الواسعتين وفمها المفتوح حتى بينت صفي أسنانها..
فركت كفيها في بعضهما مفكرة الآن سوف تنفرد بالهاتف الذي رفض كلا أبويها أن يجعلاها تلعب به قليلاً..
حركت إصبعها على شاشة اللمس ولكنه لم يفتح ..جربت مرة أخرى وهي تضحك له بوجهها بلطف.. ولكن أيضاً ولا أي حركة..
فاشتعل مزاجها الناري دائماً حتى خبطته على الطاولة بحدة فلم تدرك إلا وكوب الحليب ينسكب فوقه كاملاً..
هلعت الصغيرة خوفاً من جنون أمها لذا أمسكت الهاتف الغارق في الحليب وشردت تحاول تجفيفه.. أخذت فوط المطبخ ولكنه ظل ملطخاً ولزجاً قليلاً..
:-" أمااااال، سأضربكِ, هل أسقطتِ كأس الحليب؟"
انتفضت أمل وهي تفكر أين ستخفي هذه الجريمة ..فلم تجد إلا فرن الطعام لذا فتحته سريعاً وألقت الهاتف هناك ووقفت بأدب تشبك كفيها وراء ظهرها وتنظر للأرض بذنب..
مظهرها هذا جعل قلب لورين يرق وهي تقترب منها متنهدة وجلست على ركبتيها أمامها وهي تقول برقة: "حسناً لا بأس, لن أعاقبكِ ولكن هلّا انتبهتِ أكثر أرجوكِ؟"
أومأت أمل موافقة.. فقالت لورين من جديد: "سأذهب الآن لتنظيف هذه الكارثة، وسوف أثق بكِ، يمكنكِ فتح الثلاجة، وأخذ علبة عصير ولكن اشربيها هنا اتفقنا"
أومأت من جديد دون رد وبكل وداعة وأدب..
التوجس سكن لورين من جديد خاصةً عندما همست أمل: "متى ستأتي ماما مرح ..أريد الذهاب الآن"
وقفت لورين من مكانها وتوجهت لتأخذ بعض أدوات التنظيف وهي تقول بهدوء: "قريباً, الآن اجلسي ولا تلطخي ملابسكِ"
اندفعت أمل تحتضن ساق لورين بقوة ثم قالت: "أنا أحبكِ كثيراً"
ما سر هذه المشاعر الرهيبة الآن؟!!!
-:"وأنا أحبكِ كثيراً كثيرًا"
هتفت أمل: "أكثر من دوحا؟"
:-"أكثر من دوحا والعالم أجمع"
:-"وأكثر من عملكِ؟"
ضحكت لورين قبل أن تترك ما بيدها وتحتضنها بقوة معتقدة أن صغيرتها تحتاج لجرعة من الحب: "وأكثر من عملي، ومن مرح وفرح وبابا أيوب ومن نفسها ومن الدنيا بكل ما فيها ..أمل وحدها تمتلك قلب ماما كاملاً"
منحتها أمل قبلة كبيرة مبالغ فيها حد أن بعض الرطوبة علقت بوجنتها: "جيد, يمكنكِ إنزالي, الآن أريد العصير"
-:"متحكمة جداً" همست لورين وهي تنزلها على الأرض.. ثم خرجت لتنظف ما فعلته ابنتها بينما فتحت أمل الثلاجة ..وقد نسيت خلال لحظات أمر الهاتف برمته..
إلا أنه يبدو أن سوء الحظ يلازمها اليوم ..فعلى الفور سقطت علبة البيض على الأرض ..وانكسرت واحدة ولطخت السجادة ...انزعجت أمل بشكلٍ كبير بل وغضبت جداً لذا أخذت علبة البيض وخرجت نحو أمها ودون أي سبب منطقي التقطت واحدة بعد الأخرى ورمتها على الأرض هاتفة بحنق: "بيض سيء.. أزعجت أمل، ماما ستغضب مني الآن وأنت المزعج"
ارتفعت لورين وهي تسمع ما يحدث ولمحته أيضاً من موقعها ..إلا أنها عجزت عن فعل أي شيء إلا اللهاث بصدمة كبيرة وبأنفاس مقطوعة تماماً حتى أنها لهثت وهي تحاول الصراخ ففشلت تماماً..
-:"لولو البيض مزعج, عندما فتحت الباب سقط هكذا ولطخ الأرض"
قفزت واحدة أخرى وسقطت تحت قدمي لورين مباشرة ..حدقت لورين في السائل الذي تناثر على قدميها المطلية حديثاً.. واتساخ الأرض البشع بصدمة أكبر وأكبر.. أنفاسها تختنق وتختنق..
حتى صرخت أخيراً: "أمااااااااااااااااااال"
****************
بعد وقت.. وضعت لورين أمل وحقيبتها على مقعد أمام باب الشقة كأي قط أجرب.. ورفعت كل الفوضى وهي تثرثر بحنق.. ثم توجهت أخيراً نحو المكتب الصغير تبحث عن هاتفها لتتصل بشقيقتها وتعلم أين وصلت بالضبط!
زمجرت عندما لم تجده وتوجهت نحو أمل بملامح غير مستقرة: "هاتفي يا بلطجية"
رفعت أمل عينيها الواسعتين دون إجفال واحد ثم أشارت نحو المطبخ: "هناك، وضعته في الفرن ليجف"
أسندت لورين قلبها بكفها شاعرة بنوبة قلبية على وشك إسقاطها قتيلة..
"مرحباً، لماذا تجلس أمل على الدرج؟!" هتفت مرح وهي تخرج من المصعد بتوجس..
إلا أن لورين لم تمنحها الفرصة وهي تحمل أمل من ذراعيها بقرف ثم وضعت حقيبتها فوقها وهي تقول صارخة: "خذيها من هنا، أتنازل لكِ عن أمومتها إلى الأبد.."
امتقع وجه مرح وهي تنظر لوجه أمل العابس: "ماذا فعلتِ؟"
فتحت أمل يديها بقلة حيلة ثم قالت: "لا شيء, أنا طفلة والحوادث تحدث رغماً عني.. ماما مجنونة ولا تحب أمل"
هتفت لورين وهي تدخل الشقة ثم أمسكت الباب بإحكام وهي تقول: "ماما مجنونة يا مصيبة، حسناً مبارك عليكِ مرح فلتريني كيف ستتحملكِ أكثر من يومين"
قالت مرح ببرود وهي تطلب المصعد من جديد: "آه ..لا تقلقي لقد اهتممت بها وربيتها منذ أن كانت لفافة صغيرة ..أنا لن أمل ولن أغضب من حبيبتي أبداً يا معدومة الأمومة والرفق بطفلة صغيرة"
هتفت لورين منزعجة: "هذه المشكلة الكبرى أنكِ ربيتها، وأنتِ نفسكِ تحتاجين للتربية"
:-"أمل، أخرجي لسانكِ لماما" همست مرح بفتور
ضحكت أمل ثم أرسلت للورين قبلة في الهواء وهي تقول: "لا أنا مهذبة، لن أفعل هذا لماما, ممدوح سوف يغضب, عيب يا مرح"
تبرمت لورين وهي تغمغم بغضبها ..ثم اقتربت منها تطبع قبلة أشبه بمراضاة قبل أن تفتح باب المصعد وتزجهما: "هيا من هنا, لا أتحمل تواجدكما"
سألت مرح قبل أن تغادر: "هل ستأتين غداً؟ والدي يريدكِ" تنهدت لورين قبل أن تقول: "بالطبع سأفعل، لقد خططت لأن آتي بالصباح الباكر حتى يتنسى لي الجلوس معكم اليوم بطوله، وحتى نملك الوقت أنا وأبي لمناقشة أمر العيادة الطبية المشتركة أيضاً "
ابتسمت مرح بلطف قبل أن تقول:" جيد, أنا سعيدة من أجل والدي فهو يستحق أن يمارس مهنته التي حرم منها ..كما أن فرح وجدت عمل في مدرسة دولية قريبة، لقد طلبوا منها بعض الأوراق طبعًا وساعداها زوجكِ والسيد مراد لإنجازها.. أرأيتِ يمكن للأمور أن تتحسن ونجد مرساة لنا أخيراً"
ابتسمت لورين ابتسامة باهتة وهي تومئ بصمت.. ربما الجميع بالفعل يحاول أن يرسو حياته ويخرج أفضل ما عنده ..جميعهم لديهم الرغبة في مستقبل أفضل ..ورغم أن مرح أيضاً خطت أول خطوة عملية لعمل يلامس روحها حقاً.. إلا أنها تحت الطبقة من التظاهر وبأن لا شيء يشغلها تخبئ الكثير مما يقلقها عليها.. فقط لو تقدر على دفعها للكلام..
-:"سأرحل الآن, عندي موعد لتسليم لوحة لأحد الزبائن"
أوقفتها لورين وهي تقول بقلق: "ولماذا لم يأتي للورشة ليأخذها بنفسه"
رفعت مرح كتفها بعدم مبالاة ثم قالت: "إنها سيدة وأخبرتني أن لديها أطفال ولا تستطيع التحرك، لا داعي لخوفكِ, لقد اتفقنا على مكان عام قريب من منزلها"
سألت لورين بفضول: "وماذا نحتِّ هذه المرة؟"
بهتت ملامح مرح قليلاً كما تكاد تقسم أن عينيها ارتجفتا في محجريهما وهي تهمس بصوت مختنق شارد: "طلبت (دير) تشرد في غابة كثيفة من براثن أسد.. الطلب مريب وغريب ولكني أحتاج في أول طريقي على الأقل لبناء سمعة جيدة"
ربتت لورين على كتفها ثم قالت بحنان: "متأكدة أنكِ أبدعتِ بها، وددت لو استطعت أن أراها"
-:"لقد أخذت لها عدة لقطات أثناء عملي عليها، سوف أرسلهم لكِ"
-:"سوف انتظركِ.. انتبهي لنفسكِ "
همت مرح في غلق الباب وضغط زر الدور الأرضي.. حتى هتفت أمل أخيراً وهي تنظر للورين بعينين واسعتين متوسلين كجرو صغير مسكين: "ماما لا تغضبي مني, لقد قلتِ بأنكِ تحبيني.. أريد البقاء معكِ, لم أعد أرغب في مرح "
اندفعت لورين سريعاً بينما تشعر بقلبها يعتصر وينخلع من مكانه مع هذه النظرة والنبرة: "قلب ماما.. مولي حبيبتي ..تعالي يا عمري لن أجعلكِ تغادرين"
أخذت لورين ابنتها تحتضنها بشدة بينما امتعضت مرح وهي تقول بتهكم: "أصيلة يا ابنة ممدوح, الآن أصبح لكِ أم تفضلينها عليّ!"
ضحكت أمل بخجل منعش قبل أن تتمسك في صدر أمها بقوة المحتال المنتصر ووضعت إصبعها في فمها
"لم يعد لدي وقت لهذا الهراء، لا تتصلي بي أنتِ وهذه النصابة إلا وأنتِ متأكدة من رغبتكِ للتخلص منها .."
ابتسمت لورين قبل أن تلقي قبلة في الهواء بمناغشة نحو مرح التي مثلت التقاطها وهي ترمش بعينيها بخجل وغرام مصطنعين.. ثم اختفت أخيراً تحمل كل أسرارها وحزنها المختبئ معها...
دخلت لورين وهي تغلق الباب سريعاً متوجهه للمطبخ، بينما تمسك بيد أمل وهي تقول بحزم: "هل عدتِ لمص إصبعكِ, إن فعلتها مرة أخرى سأعود لوضع القفاز الطبي هناك"
عبست أمل بمزاجها الناري ثم هتفت بغلظة: "لا أحبه، يخنق أمل "
أنزلتها على الأرض وهي تقول بقوة: "إذاً توقفي عن فعلها ..والآن لنرى الكارثة الأخرى لجنابكِ"
وقفت أمل وهي تشبك يديها خلف ظهرها بينما تطرق بوجهها للأسفل بذنب، تراقب والدتها وهي تخرج الهاتف وتحمد الله أنه مضاد للسوائل وبأنها تؤمن أي مصدر للنيران فهي تعلم شقاوة ابنتها ..وضعت الهاتف جانباً بعد أن مسحته، وانتظرت ساعتين حتى يجف.
"-:أمل جائعة, أريد بروكلي"
تنهدت لورين وهي تقول: "ليس لدينا بروكلي.. ما رأيكِ في شطيرة زبدة الفول السوداني؟ "
قفزت أمل بسعادة ثم قالت بنهم: "هل يمكنني الحصول على شطيرة نوتيلا؟"
رفعتها لورين من جديد وثبتتها على خصرها تداعب بأناملها صدرها ونحرها: "هل تريد النوتيلا النوتيلا؟ هذه مرتي الأولي التي أشاهد فيها الحلوى تأكل بعضها!"
ضحكت أمل ضحكتها المنعشة التي تبدد كل شيء وتنسي كل الهموم ..بينما لورين تتأملها بعينين لامعتين بالحنان والسعادة..
وبعد وقت عندما أجلستها بجانبها تراقبها تتناول طعامها بنهم وتلذذ.. أخرجت كوب عصير بارد ثم جلست تتجرع منه بدفعات علّ الثلج يبرد من نيران توترها الخاص ...التي تركت لها حرية التحرر أخيراً والتفكير فيها دون محاولة تجنبها.. لقد ملت من الوضع كله، تعبت من عدم تقدمهما في حياتهما الخاصة خطوة واحدة، واليوم بالذات هي عازمة على إنهاء الأمر ..لن تقول أن الرهبة زالت, فالأمر يسيطر على عقلها رغماً عنها ..يقيد إرادتها الحرة ويخيفها ..ولكن إن استمر هذه المماطلة سوف تسوء حالتها وليس كما يعتقد ممدوح بأنها ستعالج ..
وكيف ستفعل تحديداً وقد أخذت قرارها بعدم الذهاب لأي طبيب، وكأنها تحتاج لأطباء.. لطالما أجادت العناية بنفسها وأخرجتها من كل مآزقها النفسية بيدها.. وهذا الأمر بالذات ورغم أن الذكرى المؤلمة وما زالت تسطير عليها من حين لآخر ..إلا أن الوضع تبدل الآن ..وكل نواحي حياتهما تبدلت للنقيض ..وأصبحا متفاهمين يظهران مشاعرهما دون تورية, كلاهما يرغب في اقتناص فرصة من الحياة وإن كانت غصبًا، رافضين ترك أيدي بعضهما.. إلا أن حياتهما العاطفية المعلقة تزعجها وتوترها طوال الوقت ..لذا هي تريد كسر هذا الحاجز وفقئ (عين الحية) كما يقولون.. ليكملا حياتهما دون مخاوف أو هواجس تقلق كليهما ..
وقفت من مكانها أخيراً تمد يدها لابنتها التي أنهت شطيرتها وكأس الحليب الذي لم ينسكب هذه المرة بحمد الله: "ما رأيكِ بأن نجهزكِ للنوم، سأحكي لكِ قصة"
لمعت عينا أمل وهي تقفز سريعًا من على مقعدها وترمي نفسها على صدرها, أمسكتها لورين ..ثم توجهت لغرفة النوم تنوي أخذ حمام سريع ثم ستجهز نفسها قبل عودته لتحاصره في الزاوية ...إذ أنها إن تركت له الخيار لن يفعلها أبداً, لذا عليها أن تأخذ هذا القرار عن كليهما.. بعد أن تنام الآنسة أمل بالطبع.
:-"ماما تريد الاستحمام أولًا.. هل تريدين أخذ حماماً معي؟"
:-"إن لعبنا بالفقاعات الملونة والبط"
:-"أممممم أعتقد يمكننا فعل هذا.. ولكن بشرط لا كوارث أخرى أرجوكِ"
بعد وقت... جلست لورين فوق فراش أمل الصغير تمد قدميها الطويلتين بجمالهما الجذاب أمامها.. بينما أمل ما زالت تتقافز جانبها وشعرها الغزير الذي ورثته عنها يتطاير حولها بمرح.
"هلّا توقفتِ واستمعتِ لقصتي؟ "
صرخت أمل ببهجة وما زال النشاط يدب في جسدها الصغير.
هذا خطأها بالتأكيد.. أي طبيبة هي بحق الله حتى تمنح طفلة لم تتجاوز عمر الرابعة والنصف هذا المقدار من الشوكولاتة قبل النوم ..ولكن مبررها أن قلب الأم يهزم عقل الطبيبة بكل سهولة ..
تذكرت أن نسرين كانت تفعل معها أكثر من هذا، تقفز فوق كل القوانين والمنطق من أجلها، لا يهمها من قال أو من حكم مقابل أن ترى ابتسامتها فقط.
رفعت لورين رأسها دون إرادة منها تنظر لصغيرتها بينما عيناها تنخرطان بدموع لم تشعر بها حتى, فكل ذكرى تنبض باسم أمها تعني ألماً متجدداً، وجعاً لا ينتهي وندماً لن يجبر بكلمة مسامحة..
(ولكني أشعر بأنكِ تسامحيني، يجب أن تفعلي يا أمي, فأنا أفهم الآن كل أسبابكِ وكل دوافعكِ.. أعرف أني مهما فعلت ستغفرين لي "
عادت لواقعها ويدا أمل الصغيرتان تمران على وجهها وتجففان دموعها وصغيرتها تسألها بلهفة: "هل تبكين؟ لا تفعلي, لن أغضبكِ من جديد، مولي فتاة سيئة لأنها أحزنت ماما"
أفلتت ضحكة مشوبة بالبكاء من شفتي لورين بينما تمسك بيد أمل وهي تقول برقة: "لا، مولي أفضل فتاة بالعالم، أنا من أصبحت سيئة جداً حينما يجب أن أكون فيه بحنان ورقة قلب مولي الأبيض"
لفت أمل ذراعيها حول عنق لورين ثم ربتت عليها وهي تقبل جانب رأسها وكأنها تراضيها: "لا تحزني يا أمي أنا أحبكِ"
سحبتها لورين ثم وضعتها فوق ساقيها وهي تقول بصوت أجش: "من أي خلطة سحرية رائعة خلقتِ أنتِ؟ "
رفعت أمل كتفيها ضاحكة من جديد بطفولية ..فسحبت لورين وسادة ثم وضعتها فوق ساقيها ووضعت رأس أمل فوقها بينما باقي جسدها كان يستريح فوق ركبتيها وقدميها أمام بطنها.
:-"جدتكِ كانت تساعدني على النوم هكذا ..وتغني لي أيضاً ..وأنا كنت أغني لفرح بدوري وهي في عمركِ أو أقل ..هل تريدين سماع غناء الماما؟"
:-"نعم ..نعم أريد هذا "
بدأت لورين في تمايل ساقيها بنعومة وكأنها تأرجحها بينما تمسك كفي أمل الصغيرتين بين كفيها الدافئتين ..ثم بدأت في الغناء بأحد (التهليلات الفلسطينية.. التِشّة)
(نام يا يما نام واتهنى
ريتك يا عيوني ما تبعد عنا
نام يا يما نام واتهنى
يا هادي الطير في ظلام الليل تهديلي حبيبي وتنيمه طول الليل
يا هادى الطير يالي عليك اعتمادي خلي هالأحباب بأحضننا يكبروا ويجي النوم لعيون الأولاد
هي وهي وهيا)
بدأت عينا أمل الواسعتان في الإغلاق والنعاس.. فقاومت وهي تنظر لوجه لورين المبتسم بحنان فائض: "تابعي ماما، لقد أحببتها, صوتكِ جميل أفضل من سردكِ للقصص "
انحنت لورين تقبل كفي أمل على التوالي بينما عيناها تدمعان من جديد بتأثر عاطفي "
(هي البنت الشلبية وهي البنت الامورة ركبت على المرجوحية
والتشه والتشه والتشه ويطعم الى مالهوش
ويطعمك يا جارتنا بنية متل حكايتنا
والتشه بناله بيت.. بيت صغير على قدة
والمشمش طلع زعلان تعالى يا عنب رده
هلي يا مشمش هلي على قمرنا المتعلي
تنور على الحلوين ويجعل ليلتهن فلي
نامت عيونك يا يما وعيون الحق ما نامت
رغم القلوب الي قست ولا لانت
مهما الزمان علينا جار وعمر الشدة على المخلوق ما دامت
نامت عيونك يا حبيبي نامت عيونك يا حبيبي))
نامت أمل بالفعل عند آخر كلماتها.. وكفيها تقبضان على أصابع لورين بقوة رافضة تحريرها وكأنها تتشبث فيها.. ابتسمت لورين بشجن بينما ساقيها لم يتوقفا للحظة عن هز الصغيرة.. وشفتاها تهمسان بحنان: "ريتني ما رديت يما ..ريتني فداء لروحكِ "
لا زالت تتعامل مع أمل عندما شعرت بحركته الخافتة التي تعلن عن قدومه.. وانتظرت بهدوء وثبات بينما عيناها وشفتاها لم يتوقفن للحظة عن حصار ابنتها بالتهويدات والحنان ..حتى دخل الغرفة أخيرًا..
توقف ممدوح مكانه للحظات ..ينظر للجمال الوحشي الذي تجلى أمامه بنظرة بطيئة ..جمالًا منعمًا يحتضن ابنته، قطعة منه, صغيرته من صلبه..
بينما الجاحدة التي أرهقت روحه وأعادت تهذيبه، وتربيته إن صح القول تحتضنها بهذا الشكل, تغني لها, تنظر إليها وكأنها العالم كله وما فيه..
دخل ببطء شديد حتى لا يزعجهما حتى جلس بجانب لورين وأحاط ظهرها بذراعه ..بينما يده الأخرى تداعب كفها وكف صغيرته المتشابكين, ثم همس: "توقعت أن جريمة من نوع ما تنتظرني، ولكنكِ تبلين جيداً"
تنهدت لورين وكلماتها تتوقف ثم أراحت رأسها على صدره لبعض الوقت ..حتى همست أخيرًا: "الحمد لله على سلامتك، لقد تأخرت قليلاً "
همس بصوت أجش: "اليوم كنت أتابع بنفسي الديكورات الخاصة بغرفة أمل، وبعدها ذهبت مع مراد لأختار أثاث عيادتكِ أيضاً، أما الأدوات الطبية فسوف نترك أمرها لكِ وللعم أيوب"
أغلقت جفنيها، حابسة نفساً مرتجفاً.. ودقات قلبها تتصاعد بهدير مجنون بترقب وامتنان أيضاً: " شكراً لك "
شفتاه داعبت رأسها.. كما عيناه مرت بقوة فوق مفاتنها المكشوفة قبل أن يغلقهما وهو يتنهد بتعب ..تعب لم يخص إرهاقه الجسدي بل حرمانه العاطفي.. همس أخيراً بصوت خافت: "أفعل أي شيء لأجلكِ"
اعتدلت لورين مكانها ثم حدقت فيه للحظات وهي تعض باطن وجنتها بتوتر ..حتى همست: "خذ أمل من على قدميّ وضعها في فراشها إذاً كبداية وحاول أن لا توقظها ..لأني أريدك في غرفتنا"
هبطت يده لتحاوط خصرها وشد عليه للحظات بينما عيناه تومضان بطريقة جرفتها جرفًا من كل الأحاسيس ولم يبقى إلا إحساسها الفظيع في اشتياقها إليه...
وقف بالفعل ثم أخذ الصغيرة برفق، ووضعها مكانها سامحاً لها بالانسحاب ..راقبته وهو يميل ويقبل يدي ابنتها وجبهتها ثم يهمس جوار أذنها برقة وحنان: "اشتقت إليكِ، تمنيت أن أجدكِ تنتظريني يا مولي ..لكن لا بأس غداً إن شاء الله لن أفعل شيئاً إلا البقاء بجانبكِ"
تنهدت لورين ولم تحاول إزعاجه سامحة له باللحظات الخاصة مع ابنته لا سيّما أنه منذ أيام للآن لا يسمح له انشغاله في تجهيز منزلهم الجديد وعيادتها بجانب مكتبه الهندسي، بالتواجد مع أمل كما كانا.. بالطبع مرح وإسراء تساعدان مع أمل.. إلا أنها أيضاً أصبحت توفر أكبر قدر ممكن للتواجد مع ابنتها وتنتظره هو ليلاً..
ولكن لا شيء تغير في علاقتهما من حينها وهذا ما تصر هذه الليلة على تغييره...
......................................
في ثغرها ابتهال يهمس لي تعال إلى انعتاقٍ أزرقٍ حدوده المحال نشرد تياري شذا لم يخفقا ببال لا تستحي فالورد في طريقنا تلال ما دمت لي.. مالي وما قيل ، وما يقال .. وشوشة كريمةٌ سخية الظلال ورغبةٌ مبحوحةٌ أرى لها خيال على فمٍ يجوع في عروقه السؤال .. يهتف بي عقيقه غداً لك النوال أنا كما وشوشتني ملقىً على الجبال مخدتي طافيةٌ على دم الزوال زرعت ألف وردةٍ فدى انفلات شال فدى قميصٍ أخضرٍ يوزع الغلال .. قومي إلى أرجوحةٍ غريقة الحبال نأكل من كرومنا ونطعم السلال وأشرب الفم الصغير سكراً حلال إن ألثم اليمين منك قلت والشمال لا تسألي تحبني كنت ولا أزال " ممدوح "


عندما دخل أخيراً وبعد نصف ساعة كاملة كانت تنتظره واقفة أمام النافذة ذات الستائر المخملية المغلقة ...ظاهرياً قوية ثابتة ومصرة ..بينما داخلياً كانت ترتعش وتنتقض من رأسها حتى أخمص قدميها.. وتوقفت خطواته عند إطار الباب بينما عيناه تحاصران عينيها في نظرة طويلة حملت الكثير وطالبت بالأكثر ..حتى خلع عينيه منها يمررهما ببطء على جسدها الفارع الذي يقف متحدياً مستفزاً لكل ألوان الرجولة ولكل أحاسيسه، إن تجرأ وتخطاه هذه الليلة والوضع ورغم اختلاف كل شيء ..ونظرة عينيها المتوترة وانتفاض جسدها الخجل ذكره بأول ليلة امتلك لورين فيها بين ذراعيه ..تجرع من حلالها وحلاها البريء والنقي الذي ما كان يستحقه مدنس مثله حينها ..ولكنه التهمه منها واقتات عليه حتى أصابته التخمة ..ووصمها به إلى الأبد ..
سيء أم لا.. جيد أم لا ..يستحق المغفرة، أو يستحق الشنق ..من حقه فرصة أخرى أم لا ..لورين له, ملكه وحده وانتهى الأمر ..وقد وقعت أخيراً وبكامل رضاها على صك وفاء وملكية أبدي ..كما هي تمتلك كل ما فيه
كانت هادئة ..رغم توترها الملحوظ, تقف أمامه في قطعتين من الستان الأحمر الشاحب ..بلوزة بحمالة رفيعة من الأعلى وبنطال صغير جداً بالكاد لامس أحرف ركبتيها ..بينما ترك الفراغ بينهما خصرها عاري تماماً ..أما عن شعرها فتركته أسود حر كثيف يلتف حولها بدرجات حتى منتصف ظهرها ... واكتفت بتلوين شفتيها بحمرة خفيفة ولا شيء آخر..
تكلم فجأة بصوت ساخن خشن: "دائماً بناطيل قصيرة، لا أذكر أني رأيتكِ بأحد تلك الأشياء النسائية التي تعرض في واجهات المحلات "
ابتسمت لورين وقد تبدد بعض من شحوبها وهي تهمس: "هل تعني غلالات النوم، أتريدني أن أرتدي لكَ إحداها ؟!"
دخل ممدوح بخطوات غير متزنة تقريبًا وقد تفاعلت معها كل وظائفه الذكورية المحرومة على الفور ..سيفقد عقله، سيجن بالنهاية أو يحدث له انفجار في شرايينه الحساسة إن استمرت بالضغط عليه بهذه الصورة.. قال بخفوت أجش وهو يحاول أن لا ينظر إليها: "لا أهتم بما ترتدينه.. فأنتِ جميلة دائماً، مميزة ورائعة وكل النساء في قلبي وعينيّ حتى وإن ارتديتِ شوال بطاطا"
اقتربت لورين منه بخطوات ناعمة متمايلة وهي تقول بإغراء:" ولكني أريد إسعادك، لذا موضوع البطاطا ليس على قائمتي"
بإرادة من حديد تمكن ممدوح من كبح مشاعره كما روحه النهمة المجنونة التي تزن عليه بصخب (هذا لك كله وحدك فقط مد يدك واقتحمه.. تبدو راضية راغبة.. إذاً ما مشكلتكِ؟)
:-"لن تفرق كثيراً يا لورين ..بالنهاية كله يخلع ويلقى قبل أن نبدأ حتى"
أجفلت لورين قليلاً من رد الفعل البارد ..يا مصيبتها إن كان قد تأثر بالنهاية طبياً من كثرة دفعها له لحفة الجنون والثورة ..ثم دفعه بعيداً يأن بعذاب مشاعره المكبوتة!!
اقتربت بجرأة ثم وضعت كلا يديها على ظهره بينما هو تظاهر بانشغاله بفك أزرار قميصه ..توتر على الفور تحت كفيها ..ولكنها لم تكن لتسمح له باستعادة توازنه أو التفكير بالأصل ...لذا ألصقت وجنتها فيه وكفيها تعبثان تلامسان خصره وهي تهمس أخيراً بنبرة خرجت متوترة للغاية رغماً عنها: "لماذا لا تقربني يا ممدوح ..لما تتهرب دائماً؟"
تشنج بقوة ..قبل أن يستدير إليها وهو يرفع يديها بعيداً عنه ولكنه لم يتركها.. لترى فتحتيّ أنفه تتسعان وفمه يرتعش بقوة ..بينما عيناه تحولتا لقصة من الكبت والرغبة ..إلا أنه قال بنبرة حذرة: "لا أريد أن أزعجكِ، أو أخاطر بهذه الخطوة الآن لقد أخبرتكِ قبلاً ..كما أني أعتقد بأنكِ لستِ راغبة.. وإن تواجدت الرغبة فأنتِ غير مستعدة"
رجعت لورين خطوة للوراء قبل أن ترمقه بنظرة طويلة مستنكرة وهي تسحب معصميها منه بغيظ.. ولم تفكر عندما هتفت من بين أسنانها لاهثة بقوة وعنف: "لست ماذا ؟! وماذا عن ما نفعله كل ليلة؟! ما الذي تركته تحديدًا لتشعر بهذا الترفع الرهيب سيادتك؟! بالأصل ما الذي تبقى.. فأنت تفعل كل شيء ..كل شيء يا ممدوح فهل توقفت معك على إتمام الأمر؟! أم تريديني أن أتوسل لك؟ هل هذا هو ما في الأمر؟ أهذه رغبتك أن تراني أتوسل لك للل .."
صمتت عاجزة عن قولها للنهاية.. بينما نظر إليها بصدمة في البداية حتى تحول الأمر لاهتمام وتركيز شديدين.. ثم اقترب منها خطوة ببطء وهو يقول بهدوء وبساطة: "ما كنت لأدفعكِ لهذا قط ..لن أخدعكِ أو أكذب عليكِ، كل ليلة عندما أنظر إليكِ تنامين بين يديّ أتمنى لو كنت النذل الجامح القديم، فأهجم عليكِ وآخذ منكِ كل ما أطاله بكل النهم والشجع بداخلي ..و نهاراً عندما أنظر إليكِ أجد نفس الرغبة المجنونة وأتخيل أني أسحبكِ من شعركِ بكل خشونة وتهور لألقي بكِ بهذا الفراش تحديدًا، آخذكِ بقوة ووحشية حتى أجعلكِ تتلاشين بداخلي كاملة.. ولكن.."
توسعت عينا لورين بقوة وانبهار عاطفي أحمق مع كل كلمة ينطق بها.. مؤكد هي الآن تحتاج لعلاج نفسي من نوع آخر ..إذ أنه حرك مشاعرها ودفعها للشعور بأشياء، والتأثر بأمور عدة.. هي تريده ..رغم كل مخاوفها ترغبه بكل كيانها وتحبه.. تحبه للمرة الألف ..
تعرق كفاها, جسدها أضرمت فيه نيران الرغبة والخجل عندما همست بارتجاف: "ما الذي يمنعك إذاً؟"
توقف على بعد خطوة منها ثم قال بدهشة: "حالتكِ طبعاً, ما كنت لأسبب لكِ ضرر من أي نوع "
أطلقت لورين نفساً مرتجفاً قبل أن تقول بتوتر دون أن تنظر إليه مباشرة وبعملية بحتة: "اسمع إذاً.. إن ظللت تبتعد عني بهذه الحجة أنا لن أشفى أبداً ..يجب علينا سوياً خوض هذه المغامرة لكسر رهبتي، أنا لا أخشاك مطلقاً بل أحب ما تمنحه لي من عاطفة "
توتر وكأنه يتعرض لأسوأ امتحان بعمره كله ..ويريد الهرب منه بأي صورة ..نطق أخيراً بجفاف: "أنتِ ترتجفين ذعراً كلما اقتربنا من هذه النقطة ..قبل سفركِ لبلادكِ ..تلك الليلة تحديدًا وأنتِ تفقدين قوتكِ التي أعرفها، خوفكِ آن ذاك, وهواجسكِ وكأن الأمر مرّ عليكِ ليس عقلياً فقط وإنما جسدياً ..كل هذا ما زال طعمه مُرّ كالعلقم في حلقي وخنجراً مغروساً في قلبي"
ابتسمت لورين وهي تقترب منه ووضعت كفيها الناعمتين على صدره ثم همست بصرامة: "ولكني عدت، وأنت فعلت أكثر من إزالة خوفي ذاك.. ولم يتبقى إلا خطوة أخيرة ..ممدوح خوفي سوف يستمر كل مرة سوف تقترب فيها، هذا أمر لا أستطيع التحكم فيه ..إلا في حالة واحدة"
تمردت يداه لتلتف حول خصرها المياس بحنان ناقض الوحشة في صدره، ونيران الرغبة والجوع بداخله ..بينما هناك في أعمق زوايا قلبه أمل ينير على استحياء: "أي شيء لأجلكِ "
احمرت قليلاً بلون زاهي منح لونها الأسمر بريقا شهياً ..ثم همست: "بل لأجلنا ستفعله.. أنا أطالبك بأن تأخذ حقوقك وتمنحني حقي بك كاملًا، أن تحارب معي ذعري وخوفي ..لا تتركني وتبتعد أرجوك, حتى نهزم ذلك الوحش المخيف"
ارتفعت يد مرتعشة نحو شعرها الكثيف يتخلله بأصابعه ..وهو يقول بخفوت منتفض من شدة شوقه الذي أفلت من عقاله مكرراً: "أفعل أي شيء لأجلكِ ..أي شيء ..لا تحتاجي للطلب ..بل أنا الذي أتوسل لكِ لتقدمي لي أغلى هدية في الوجود أتمناها الآن ..أن تحييني من جديد كما فعلتِ قبلاً, إذ أن رجولتي كما قلبي منذ تلك الليلة غادرا معكِ وتدمرا "
ارتفعت أنفاس لورين قليلاً وهي تسبل جفنيها بينما صدرها يختنق بالمشاعر، بالرهبة والحنان والغرام: "لا تذكر الماضي.. الليلة لي ولك.. عاشقان تقابلا ويقتلهما شوقهما لبعضهما "
أحنى ممدوح رأسه والتقط شفتيها منقضاً وكأنه يريد أن يخلص رأسه من أي أفكار تسيطر عليه ..يده تضم خصرها وتجتاح أبعد من أنوثتها ..ويد حازمة تمسك مؤخرة رأسها بحزم ورقة وكأنه يختم على كلماته بإعلان موافقته ..حتى رفع رأسه وهو ويردد: "عاشقان يا سمراء الجمال، يا وحشية العطايا"
أسدلت لورين جفنيها من جديد بقوة وكلها ينتفض برهبة لمعاني كلماته واستجابة لغزوه الذي عاد ليكرره دون توقف ..
شعرت بيده تنتقل لطرف ذقنها من جديد يرفعه قليلاً وبشفتيه تحطان على شفتيها بسرعة واقتناص صقر لفريسته العصية, في البداية كانت قبلته ناعمة, مترددة وحازمة تحرك الحجر من مكمنه وليس امرأة ترغبه بالأصل ..
ارتفعت يداه تزيحان قطعتيّ ملابسها ببطء شديد ..حتى ابتعد عنها للحظة سريعة يمرر بلوزتها من فوق رأسها وذراعيها الذين ارتفعا دون أي مقاومة ...لتبقى أمام نظرته الجائعة المتلهفة عارية بما يتعد كثير من تخلصها من ملابسها, عاد إليها ينقل شفتيه فوق كتفيها, جيدها ومفاتنها.. يقتنص منها بلهفته أكثر من مشاعرها وأحاسيسها حتى سيطر فمه على شفتيها المنفرجتين بتأوه يائس ..
وتلاشى كل شيء فجأة ومدت يديها تقتطف منه كما يسرق منها ..يداها تشابكتا مع كفيه بلهفة, تخلع قميصه وتدفعه بهمجية عن ساعديه وذراعيه القويتين اللتين التفتا حولها يسحبها للخلف دون أن تتوقف قبلاتهما المحمومة للحظة واحدة ولا تلامسهما لكل من جسديهما بهوس ..حتى شعرت بنفسها تنخفض معه على الفراش بوضعية غير معتدلة ولكنها سمحت لهما أن يكونا متقابلين, ملتصقين كجسد واحد لا يقبل التورية ولا يرضى بالانفصال !
لم يترك ممدوح أي جزء صغير فيها لم يكتشفه ولم يمنحه من شوقه ودفئه ..بينما هي تتمسك فيه كأنه كل ما يهم من العالم ..وكأنه كل ما تعنيه البهجة، والحميمية، تشتاقه ..تفتقده رغم أنه معها ..ورغم أنه كل ليلة بين يديها ويمنحها حتى تشعر بأطراف أصابع قدميها تلامس السماء بالسعادة.
"حبيبتي.. لورين" صوته الشجي همس بسخونة، ولهفة وكأنه لا يصدق، وكأنه ما ةزال ينازع ويريد تأكيداً حياً منها
"نعم، معك يا ممدوح، أريدك يا حبيبي فلا تتركني"
لف بها يدور ويدور, يتقلبان وينقلبان كما هوجاء رغبتهما ..حتى شعرت به يبسطها أخيراً وارتفع يدفعها أسفله ليعلوها، مستعد لامتلاكها ما بين لهفته وحرصه ودون أن يظهر بأي طريقة محاولته للسيطرة لا كان ناعماً رقيقًا ومتمهلاً لدرجة الاستفزاز, وكلما فلتت منه أفعاله المحمومة يقيدها سريعًا ليبقى في وجهها ذلك الرائع المهتم.. ورغم هذا عندما حاوطها بجسده وشعرت بأن أخطر لحظة قادمة لا محالة اضطربت وتشنجت، تدفعه لأن يتوقف,, عيناه تحدقان في عينيها بتفهم وترجي أن لا تخذلهما.. ليس الآن ..ليس بعد أن طالبت وعشمته، يصبح الأمر هذه المرة مستحيلًا كنزع الجلد عن اللحم والإنسان متيقظ عملياً!! ...
بيدين مرتجفتين وضعتهما لورين على صدره تلامس الشعر الخفيف الناعم هناك ..عيناها السوداوان تشعان دفئاً وصحوة بينما شفتاها تهمسان: "لا ترحل ..أغلق عينيك وامنحني ما أرغب فيه "
أطلق ممدوح نفساً كالأعاصير ..يزفر نيراناً من النهم والنشوة والحب الصافي ..ثم انقض كله مرة واحدة.. يهبط فوقها وفمه عاد ليغرقها من جديد في عالم ليس له حد.. أطفأت عقلها عن كل شيء حد أنها جهلت تماماً متى وكيف سرق منها لحظة رقيقة جداً, مراعية جداً وكسر الجدار الذي كان يحول بينهما أخيراً..
وقتها شهقت لورين بقوة ..تخللها الألم في البداية ثم انتفضت كلها دفعة واحدة ذعراً.. سرعان ما تبدد عندما ضمتها ذراعيه الرؤوفتين إلى صدر واسع وساخن بعاطفته إلا أنه لم يحررها
"اهدئي حبيبتي, لقد انتهى كل شيء, أنتِ بخير" صوته الخشن من بين لهاثه هتف في أذنيها بينما قبلاته لم تتوقف لحظة ولا نزع نفسه عن جسدها المتلهف الذي عاكس رد فعل عقلها..
"لورين احتضنيني وانظري إليّ" أمر هادراً.. وفعلت, ساعداها تضمان كتفيه بلهفة, تتعلق به, تتسلق فيه وإليه بقوة, تتمسك فيه كأنه الحياة, تمنحه دعوة مفتوحة ومرحبة ليدخل الجنة ويقتطف كل ما يشتهيه من حدائق سحرها
عيناها تتوسعان بالرهبة وشيئاً فشيئاً ورقة برقة وإحساس يتبع آخر، كانت أنفاسها تتكسر وتتفاعل معه, يداها تلامسانه وتضمانه, وزهور أنوثتها تتفتح ..بينما دموعها تسيل من فرط المشاعر والامتنان لنجاتها أخيراً..
ووقتها فقط سكت الكلام ..وانمحى التردد ولم يبقى إلا الحذر الذي لفهما ..وأنفاسهما مرتفعة سخية ساخنة تلف أرجاء الغرفة الهادئة وقلبين مشتاقتين ومحرومين، لا يكتفيا ولا يشبعا.. وشغف رجل لم يتوقف ولم تمنعه حواجز هذه المرة فقد حطمها كلها.. واستسلما لأمواج أحاسيسهما التي جرفتهما بعيدًا..
**********

قراءة سعيدة


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-21, 01:48 AM   #9708

Ingyamer

? العضوٌ??? » 422056
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » Ingyamer is on a distinguished road
افتراضي

تسلمي من كل سوء 😍😍

Ingyamer غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-21, 01:56 AM   #9709

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك ياكيوت

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-21, 01:58 AM   #9710

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 409 ( الأعضاء 153 والزوار 256)
‏اجزخنجية, ‏housewife, ‏ltoofsi, ‏هدير إيهاب, ‏Omsama, ‏besomahd, ‏Redred, ‏Lulu9, ‏Marwa07, ‏Sama tamer, ‏مرموره موره, ‏k_meri, ‏Nagat farouk, ‏آلاء1999, ‏مرام مرمرة, ‏اسراء رفاعي, ‏روهي, ‏مها العالي, ‏marwa kh, ‏Angelin, ‏Abcabc, ‏احمد حميد, ‏بسمالله, ‏لولو73, ‏hedia1, ‏دانه عبد, ‏Latofi, ‏ضحى عبد الناصر سالم, ‏Metan, ‏ريم اسامة, ‏ليلى عمرو, ‏ايه عصام, ‏اني عسوله, ‏نفوسا, ‏amal omar 12, ‏غيمة السعادة, ‏رضا الرحمن غايتي, ‏دعاء خليلي, ‏الزول الفرحة, ‏Ingyamer, ‏داليا انور, ‏Aya yoga, ‏محمد75, ‏Erenyi, ‏نورهان م محمد, ‏زهرة الحنى, ‏امي احمد, ‏soosbat, ‏لايوجد اسم, ‏سمر فاضل, ‏رقيه95, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏زهراء يوسف علي, ‏توتا روني, ‏هبه مختار2, ‏ريا راشد, ‏Randa Nasry, ‏باسل حبيبة, ‏بسمة هاشم, ‏ولاء محم, ‏alyaa elsaid, ‏totajjkh2, ‏وسام عبد السميع, ‏Roro Rania, ‏شادية كريم, ‏روكااااااا, ‏رغدالعيشولاء, ‏Dalia Huzaien, ‏Ino77, ‏كوتي كوتي, ‏روان سعد, ‏سارة الشافعى, ‏منه ايمن, ‏شيماء عيد, ‏الذيذ ميمو, ‏ادم الصغير, ‏قمر صفاء, ‏نوربلاك, ‏ناهد رزق, ‏Dreamdida, ‏eman hamid, ‏سهام الهوى, ‏أب عرب, ‏نولا 2000, ‏Mony Daib55, ‏طائر العنقاء الحر, ‏user0001n, ‏nes2013, ‏عفاف ن, ‏Um-ali, ‏Gannamedhat, ‏جهاد أحمد محمود, ‏yawaw, ‏nadjou, ‏Mariam Mohamedh, ‏meriemdgh, ‏اداام, ‏Kendaaaa, ‏maha elsheikh, ‏Hagora Ahmed, ‏Nor BLack+, ‏emytroy2, ‏لميس رضا, ‏difa, ‏Mummum, ‏Reader92, ‏nanash, ‏Emaimy, ‏منال نبوي, ‏هامة المجد, ‏yasser20, ‏Ayaomar, ‏نورالهدى**, ‏داليا حسام, ‏ريم سيد, ‏rahafe, ‏leria255, ‏صبا غازي, ‏غائب, ‏ملاك وشيطان, ‏Diego Sando, ‏om malk90, ‏راما الفارس, ‏sara Ashoor, ‏aber alhya, ‏ميسى93, ‏دكتورة سهير, ‏جنا احمد, ‏فجرالليل, ‏سيز العلي, ‏حورررررر, ‏imy88, ‏سوووما العسولة, ‏Koch, ‏صابريناا, ‏zainzain, ‏هوس الماضي, ‏totalen, ‏دموع ال, ‏مزاهر عبده, ‏safsf, ‏زيزفون 2, ‏رودينة محمد, ‏Asmaa Abdel atif, ‏هبة الله 4, ‏Fayza Elkady, ‏مريم مري, ‏قمر حلوة, ‏ياس مشمش, ‏Shemo nada, ‏Sarah Sarah, ‏دعاء سعده, ‏Dodowael


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:45 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.