آخر 10 مشاركات
أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          عاجل2026| سايتوتك |الاصلي| للبيع الرياض 0563940846 حبوب اجهاض المنزلي للبيع في الر (الكاتـب : دكتور تركي - )           »          صيدلية الرياض| حبوب اجهاض |بسرية تامة| في جدة 0563940846 حبوب سايتوتك 200 للبيع جدة (الكاتـب : دكتور تركي - )           »          حبوب سايتوتك في الرياض |اطلبها الان| 0563940846 الدفع عند الاستلام (الكاتـب : دكتور تركي - )           »          عرض مغرى (148) للكاتبة Michelle Conder .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عشيقة الإيطالي (1) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          220 - همسات - جيسيكا ستيل (الكاتـب : monaaa - )           »          261-سحابة من الماضي - ساره كريفن ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-04-21, 01:58 AM   #9871

ساره ابراهيم حلمي

? العضوٌ??? » 482221
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » ساره ابراهيم حلمي is on a distinguished road
افتراضي


الفصل رائع كالعاده تسلم ايدك .. اتمني سبنتي تلاقي الراحه تعبتلها جدا وخالد لسه مشواره طويله ربنا معاه .. اما لورين وممدوح علاقتهم ولا اروع اخيرا اخيرا وصلوا لبر الامان ❤❤

ساره ابراهيم حلمي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 02:09 AM   #9872

Hoda.alhamwe
 
الصورة الرمزية Hoda.alhamwe

? العضوٌ??? » 456087
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » Hoda.alhamwe is on a distinguished road
افتراضي

روعة روعة رووووووعة فصل دسم بمعالجة علاقة ممدوح ولورين وارتقائهم لبداية جديدة وثابته وواضحة احتواء وامان في حتة خوف بسيطة بالعلاقة من ناحية لورين لكن مع الوقت هتتصلح
منى انا بزعل عليها جدا بتمنح بسخاء بتحتوي بمحبة ام معطائة لكل فرد من عائلتها تستحق انها تشوف راحتها في اولادها ربيبتها ابنها الي ماخلفته مهما غضبت منه الا انها بترعاه وعينيها محاوطاه في حضوره وغيابه مواجهة راشد وخالد كان لابد منها رغم تجبرهم وتحفز لاتنين امام بعض لأحقية كل واحد فيهم بسبنتي الا نهم بيتصرفو بغباء مفرط امام حمايتهم لها بيضغطو عليها بشكل فظيع وهي مش حمل اي انهيارات تانية
راشد وبدور ماشين بوتيرة رائعة من تفهم والاحتواء لبعض في وقت الشدة
اما عيلة المجانين اجمل شي بالفصل 🤣🤣
لكن حزنت على العصفورة انها خايفة مش تشوف ابنها ودي اصعب حاجة في الحياة وديما نزار الهوا بيثبت رجولته وعطائه لابعد حد
اتحاد راشد وخالد بيخليني فخورة فعلا بيهم كانهم خلقاليصلحا كل ما هو اعوج نهاية فصل قمة الابداع سلمت يمناك يانوارة

هداروي likes this.

Hoda.alhamwe غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 02:24 AM   #9873

ديدي امبابي

? العضوٌ??? » 366569
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 742
?  نُقآطِيْ » ديدي امبابي is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايديك يا نور الحوارات التي بالفصل بالغة القوة مليئة بالمشاعر والعواطف الجياشة المتنوعة بين الحزن والقهر بين خالد وراشد ومنى وسبنتي. والارتياح والطمأنينة مع ممدوح ولورين. والأمل مع خالد وسبنتي. والضحك والفرحة الخالصة مع الحمار الأبيض وعصفورته والكبارة وهنائه😁. الفخر والاعجاب مع راشد وخالد 😍.

ديدي امبابي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 02:32 AM   #9874

Ingyamer

? العضوٌ??? » 422056
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » Ingyamer is on a distinguished road
افتراضي

تسلمي يا نور 😍😍😍😍😍😍😍😍

Ingyamer غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 02:55 AM   #9875

Hoba Nasry
 
الصورة الرمزية Hoba Nasry

? العضوٌ??? » 435719
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 545
?  نُقآطِيْ » Hoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond repute
افتراضي

يااه على الجمال الفصل إبداع سيمفونية رائعة جدا جدا سلمت يداك ❤️❤️😍❤️❤️❤️❤️❤️😍

راشد الأب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى حقيقي ما تحملش يعرف انهيار بنته هرع إليها يحتضنها ويخفيه في ربوع صدره
سبنتى وراشد علاقة خاصة ومميزة جدا جدا ❤️❤️❤️
فرحت للعصفورة ونزار الهوى بقدوم ولي العهد 😍😍😍😍
راشد وخالد متحدين يد واحدة ضد الضباع المتربصة بهم


Hoba Nasry غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 03:13 AM   #9876

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الخامس والستون مشاركة "١"

سقطت مرح على المقعد المخصص وهي ترمق أولياء الأمور في مدرسة أمل وترفع جانب شفتها بترفع مع حاجبها الأيمن: "هل نحن في عرض أزياء؟! لم تخبريني يا لورين قبل أن تجريني إلى هنا, لكنت أنفقت ثروة على مظهري لكي أشرفكِ.. ملحوظة صغيرة زوجكِ هو من سيدفع الثروة المشار إليها طبعًا"
ابتسمت لورين ببساطة وهي تتفحص الملابس الرياضية المريحة التي ترتيدها مرح كالعادة ..مناقضة لمظهرها الشخصي شديد الأناقة بطبعها ثم همست بحزم وثقة: "أنا أكفي عنكِ.. ثم دعيني أصارحكِ لقد أتيت بكِ خصيصاً لأن مظهركِ يتوافق جداً مع تشرد أمل الطبيعي لذا إن حدثت أي كارثة منها كما أتوقع ..سأخبر الجميع أنكِ والدتها وأتبرأ منكما"
امتعضت مرح: "أصيلة.. وماذا توقعت منكِ، على كلٍّ أنا فخورة بأمل وتشرد أمل ..على الأقل سهلة العشرة والتعامل عكسكِ أنتِ، الفتاة خسارة فيكِ بصراحة.. أنتِ من لا تليقي بنا"
ضحكت لورين وانكمش وجهها باستنكار, إلا أنها قالت بعد برهة: "صحيح لم تخبريني يا متهربة، لماذا كنتِ على صفيح ساخن عند زيارتي لأبي منذ أيام؟ لم أرد أن أضغط عليكِ حينها، ولكن الآن بصراحة مستعدة للشجار معكِ"
تجمدت نظرة مريعة في عيني مرح.. ونفثت نفساً بدا كدخان هادر.. إلا أنها قالت وكأنها تبصق الكلمات: "تشاجرت مع العميل الذي طلب اللوحة وانتهى الأمر بي زأنا أحطمها فوق رأسه ..لقد ألبستها له حرفياً ودون مبالغة"
توسعت عينا لورين بذهول ثم قالت بخفوت: "يا الهي أنتِ خطيرة.. خطيرة فعلاً، هل جننتِ؟ أهذه السمعة الطيبة التي تسعين لبنائها؟!"
أصبحت ملامح مرح صارمة, غاضبة مما حدث وعلى النار التي تنبش في صدرها تصرخ بشيء واحد: "الخبث.. الخيانة والخذلان للصميم)
إلا أنها ردت بجفاء: "يستحقها وكأن لديه عين للتحدث بالأمر حتى.. لا تقلقي لن أكررها مع أحد"
توجست ملامح لورين وهي تتذكر قائلة: "مهلاً ألا يفترض أنها عميلة ..كيف تحولت لعميل، وماذا فعل ليكون ردكِ إجرامي هكذا؟!"
أسبلت مرح جفنيها فوق عينيها المتألمتين وودت أن تصرخ: (فعل الكثير، حطمني فوق تحطمي, قضى على آخر بقايا مني كنت أتشبث بها)
إلا انها ردت ببساطة وصراحة: "لقد خدعت كما توقعتِ، المرأة كانت من طرفه واختفت فور أن ظهر ذاك الحقير"
قالت لورين بغضب: "كنت أشعر.. مرح يجب علينا إبلاغ الشرطة"
ارتعدت مرح في مقعدها ولم تسيطر على نفسها وهي تهدر: "لا.. إلا الشرطة"
التفتت بعض الأنظار إليهما ما بين متعجبة ومستنكرة وممتضعة ومقيمة.. فغرقت مرح في مقعدها قبل أن تنظر لعينيّ لورين اللتين لم تهتزا للحظة وهي تشمخ بأنفها بتعالي مواجهة النظرات.. تعيد لكل واحد نظراته بأخرى متعجرفة.. ثم عادت لأختها وهي تقول بهدوء: "لقد أشعلتِ كل فضولي لتوكِ, إن ظننتِ أنكِ ستتهربين من الحديث فأنتِ واهمة، يجب أن أعلم بكل شيء"
انزعجت مرح ..إلا أنها تهربت: "لماذا لم يأتي زوجكِ معكِ؟ فأنا لا أحب هذا النوع من الناس"
قالت لورين مبتسمة: "هل لديكِ نظرة عنصرية طبقية إذاً؟"
هزت مرح كتفها ثم قالت: "لا أفضلهم ..أحب البساطة في التعامل ..كما أن هذا النوع من البشر من يملكون السلطة وسطوة المال يتعاملون مع من هم أقل منهم كسلعة تباع وتشترى.. يدوسون عليهم في طريقهم ويتاجرون بهم إن اقتضت الحاجة، لا أخلاق ولا دين يمنعهم أو يردعهم ..ولا حتى قصة حب سخيفة تعشمتها مراهقة ساذجة"
توسعت عيني لورين بقوة, بينما يسكنها توجس أشد.. مرح لا تتكلم عرضًا, أختها لديها تجربة مباشرة مع أحد ما مؤكد يملك سلطة وسطوة من نوع ما ..ولكن من؟!
سطع اسم محدد في عقل لورين إلا أنها عادت تنفي لنفسها بقوة وبأمل ..مستحيل أن يكن هذا الشخص بالذات هو من تربطه علاقة بأي نوع بمرح ..ليس لاعتراضها على شخص تميم الخطيب فقط ..ولا من أجل فرق العمر الشاسع بينهما ..بل لأن وبكل بساطة وأسى إن علم عيسى بشيء كهذا لترك كل الأمور العالقة وراءه وأتى إلى هنا وارتكب جريمة في تميم دون التفكير مرتين.. ألم تره بعينيها يهدده لمجرد معرفته بأنه من أدخلها لأرضها؟!!
"لماذا لم يأتي ممدوح؟" كررت مرح السؤال مرتبكة وهي ترى تلك النظرة المخيفة في عينيّ لورين مع طول صمتها..
قالت لورين بجفاف متهربة أيضاً مما تفكر: "لا يسمح لنفسه بالتواجد.. فهناك أسباب تمنعه"
لمعت عينا مرح بإدراك ثم قالت بخفوت: "تلك المرأة.. قريبته؟!"
تنهدت لورين وهي تشعر بموجة من الأسى تغمرها: "نعم ..يفترض أنها ستتواجد اليوم كما أشارت إسراء.. لذا..."
صمتت وهي ترفع كفيها بقلة حيلة وكأن هذا سيشرح الأمر ..ربما مرح لا تعلم بالماضي الذي يربط مريم وممدوح ..إلا أنها رأت بالطبع انهيار مريم تلك المرة لمجرد سماعها لاسمه..
:-"متى سيبدأ العرض الغنائي؟"
أجابت لورين وهي تلتف بالترافق مع مرح نحو الضجيج الذي يحدث خلفهما ..والترحيب المبالغ فيه لأشخاص قد وصلوا وقد تم حجز المقاعد الأولى المقابلة لهم كما فهمت: "يفترض أنه الآن..."
صمتت لورين وعيناها تضيقان بشدة نحو امرأة فارعة الطول دخلت وسط ترحيبات مبالغ فيها من مديرة المدرسة شخصياً وبعض أفراد طاقم التدريس ..بينما انتشر داخل المسرح اثنان من الحراس ضخميّ الجثة كما تراهم في التلفاز.. يؤمنون المحيط أولًا ويتفحصون المقاعد ..قبل أن تتوجه تلك المرأة لمكانها المخصص..
امرأة أنيقة أيضاً بطريقتها الخاصة, ترتدي طقم رغم عمليته ومناسبته مع المكان إلا أنه أيضًا كان شديد التناقض مع كل المتواجدين.. يحيطها سحر من نوع ما ويحرس خطواتها شديدة الثقة والدقة وكأنها عارضة أزياء عالمية ..أو أميرة خرجت من قصور العصر الفيكتوري ..بنطال بلون الجملي عالي الخصر ارتدت فوقه قميص بورود هادئة ومعطف باللون الزيتي.. وجهها مستدير ببياض لا يتخلله شائبة واحدة ..نظارة كبيرة أخفت نصف وجهها, أزاحتها الآن فوق شعر عسلي مموج مسترسل حتى خصرها من الجانبين.. وعينان باللون العسلي ..ليس عسلي تماماً وإنما أقرب للون النرجس شديد الصفار..
هذا الوجه تعرفه, لقد رأته قبلاً رغم أنها متأكدة بعدم لقاءها لهذه المرأة أبداً ..وعندما جلست أخيراً وسحبت طفلها كما هو واضح جانبها واضعة ساق فوق أخرى وهي ترفع أنفها بكبرياء طبيعي..
لم تسيطر لورين على نفسها وهي تهمس: "طاووس"
قالت مرح بلمعان مشرق: "تعرفينها إذًا؟!"
عبست لورين قليلاً وهي تستدير نحو أختها: "من تقصدين؟"
وقفت مرح من مكانها سريعاً بسعادة: "بدور الراوي طبعاً ..لقد قلتِ وصفها لتوكِ.. مؤكد تعرفينها.."
لا, هي لا تعرفها بالمطلق ..ولكن أي عين قد ترى هذه المرأة ودخولها المميز لن تستطيع إلا إطلاق عليها لقب طاووس في زهوه وغروره الطبيعي...
تركتها مرح بسرعة وهي تتوجه نحو المكان الذي جلست فيه بدور ..تاركة لورين تحدق في أثرها ..بمشاعر مختلطة وتتذكر اللوحة التي نقشتها مرح قبلاً وأهدتها لشخص مجهول.. هذا يفسر كل شيء..
طاووس اللوحة.. كانت الطاووس الجالسة أمامها.. والتي حملت لقب الراوي ..أليس هذا نفس لقب عقدة ممدوح الأبدية؟! الآن ربطت الأمر ووضح كل شيء, وجهها مألوف لأن الشبه بينها وبين الصور الكثيرة التي رأتها لمريم قبلاً لا يخطئ, إذاً هذه شقيقتها الكبرى غير الشقيقة!!!
راقبت مرح تعبث برأس الصغير العسلي وناغشته قبل أن يكافئها بقبلة على وجنتها ..ثم أجرت حوار قصير مع بدور المبتسمة في وجهها برقة وترحيب شديد..
استدارت بدور نحو لورين مباشرة وابتسمت لها بلطف تومئ بترحاب صامت ..بادلتها لورين بمشاعر حيادية.. متجنبة قرصة غريبة أمسكت فؤادها ..لا لم يكن حقد أو غيرة, فهي أيضاً امتازت بالجمال والرقة وحسن المظهر..
ولكنه شعور عجيب لم تفسره حتى هذه اللحظة.. ربما تلك الطاووس جميلة، ملونة وملفتة إلا أنه من الواضح بأنها تمتلك صلابتها وقوتها أي أن الأمر لا يختلف كثيراً عن موضوع (جعفر) الذي أشار إليه ممدوح كما تأمل..
مؤكد الحظ لم يكن معها اليوم إذ فور أن عادت مرح لجانبها تعالى هناك ترحاب من نوع آخر.. التفت بضجر وكأن لا شيء يجذبها وهي التي لم يكن الفضول يومًا من شيمها..
وهذه المرة شعرت لورين بنار رهيبة تلفحها لفحاً بينما فكها يتدلى بذهول ..وهي تراقب رجل خط الشيب فوديه وعكر الشعر الأسود في رأسه يحتضن بكل رقة وحنان العالم ظهر امرأة متوسطة القامة، قد تصل حد كتفها هي.. منتفخة البطن وقد بدا أنها في أشهرها الأخيرة من الحمل.. جميلة.. جميلة, ناعمة, مدللة لحد لا يمكن التغاضي عنه.. تتمسك بكلا كفيها شديدتي البياض والنعومة حد التناقض مع لون بدلة زوجها السوداء ..ترتدي فستان (مدهم) الألوان ناعم يحتضن منحنياتها بنعومة ..شعر عسلي أيضاً وإن كان يختلط به بعض السواد.. في تناقض شديد وملفت في جماله.. وجه به لمحة من براءة الأطفال، والتي تعاكست بشدة مع شقاوة العينين الناعستين بطبيعية..
لديه كل حق زوجها من غضبه الذي يطارد ممدوح في كوابيسه.. إذ تكاد هي شخصياً ترغب في قتل ممدوح الآن لأنه تجرأ وآذى كل هذه الميوعة والدلال..
التفتت لورين أمامها فوراً لتضع ساق فوق الأخرى.. متمسكة بوجه حيادي بارد ..بينما كل دواخلها الآن في حالة من التأهب الأقصى والاحتراق والكمد ..فهي تغاااار ..تغار حد عدم التحمل لأي ذنب وضمير وغباء وتفهم كانت تبديهم نحوه كلما ذكر هوسه بتلك المرأة.. ستقتل ممدوح، ستمزق وجهه الوسيم، هي من ستقطع لسانه ويديه وكل عضو في جسده.. ذنب.. ذنب.. أي ذنب هذا يحمله نحو هذه الكتلة من الإغراء السائر على قدمين؟!!
"هل أنتِ بخير؟"
رفعت لورين وجهها بحدة نحو مرح.. ولم تدرك أنها كانت تطحن أسنانها بعنف وأن أظافرها تخدش باطن كفها بينما ملامحها تحولت لإجرامية بحتة بغيرة امرأة حارة ملتهبة..
أغلقت لورين جفنيها بقوة مسيطرة على نفسها بينما تتمتم بحنق: (أيامك كلها سوداء يا ممدوح إن ذكرت تلك الكتلة من النعومة والدلال أمامي، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى)
همست لمرح: "بخير, فقط أرجو أن ينتهي هذا العرض, أريد أن نغادر"
**********
ابتدأ العرض الراقص أخيراً ما بين غناء الأطفال، وعروض قصيرة لرقصة البالية الشهيرة ..والتي شاركت فيها ليبرتا كالبجعة بطلة المسرحية.. بعدها عرض صغير لأطفال من نفس العمر كل واحد يعزف على آلة موسيقية.. إياس شارك أيضاً بعزف مبهر على البيانو منفردًا بعد أن هدأ أوركسترا الأطفال وتركوا له الوقت ليعزف وحده..
لن تنكر إعجابها بالفتى, لقد بدا ماهراً جداً ويتدرب باستمرار ربما حتى لديه مدرس خاص لتعليمه العزف على النوتات الموسيقية دون أي اخفاق..
بينما عينا لورين لا إرادياً انحدرت من وقت لآخر نحو إيهاب وزوجته.. لقد تأملت وجه إيهاب عن قرب لأول مرة في حياتها.. فهو كما وصفه ممدوح تماماً وقور, يخفي رعبًا ورهبة تحت كتلة من الهدوء الخادع..
لقد أخبرها مرة أنه حبسه لأيام وقام بجلده يومياً وأمام أنظار أبيه دون أن يستطيع أحد منعه ..لقد نوى قتله وكان مُصراً.. اختلج قلب لورين بقسوة وارتعشت خوفاً من مجرد التخيل..
أغلقت عينيها بقوة تذكر نفسها بأنه نجا بالفعل ..وربما فعلة إيهاب تلك ثم حادثته كانتا سبباً مباشراً لتحصل عليه هي بالنهاية.. كله قدر مرتب من رب العالمين, أحداث متشابكة بدقة رحمانية أوصلتهما إلى هنا الآن..
من جديد جذب أنظارها الرجل الذي يبالغ في تدليل زوجته المستريحة على كتفه دون أي خجل أو اهتمام بأنظار من حولهما.. تتمسح في صدره كالقطة وهي تتابع بسعادة وفخر فقرة أطفالها.. تعجبت: (من يصدق أن هذه بكل دلالها الذي يبدو إن لمسها أحد قد يكسرها لنصفين أن تكون أماً لطفلين رائعين يكبران ابنتها بأعوام؟! رقة.. جمال مختلف كلياً عن جمالها الوحشي.. ناعمة، بينما هي خشنة التعامل.. رقيقة بينما هي جافة كالطوبة.. جعفر.. جعفر وشيتا!!)
اندلعت نيران أخرى في أحشائها تحرقها دون رحمة, وصوت واحد لا يغادرها: (ليلتك أسود من فكرك وتكوينك يا ممدوح)
غمزة مرح أفاقتها من فكرها الشارد المجنون وهي تشير نحو المسرح فقد حانت فقرة أمل أخيراً ...التي ظهرت تشارك طفلة أخرى البطولة في مسرحية قصيرة ..بأول الأمر كان كل شيء يجري بخير جداً وتبدد كل احتراقها وغيرتها ليحل مكانها الزهو بصغيرتها الذكية التي أجادت دورها ..والتقطت لها بالطبع العديد من الصور والفيديوهات حتى يراها ممدوح لاحقًا..
حتى أتت الكارثة التي جعلت لورين تتسمر مكانها.. بينما مرح تقافزت وهي تهتف بحماس: "Go أمل, امنحيها ما تستحق"
"يا إلهي!" همست لورين بوجه ممتقع من شدة الحرج..
بينما أمل فوق المسرح أسقطت الفتاة الأخرى أرضاً وبركت فوقها تجذب شعرها وتضربها ..رداً على أخذ الفتاة منها تاج الملكة كما الدور في المسرح ..وحدث الهرج على الفور..
اثنان من المدرسين يهرعان لتخليص المجني عليها من يديّ ابنتها ..بينما هناك أم وأب يصرخان معترضين على اشراك تلك الهمجية من الأصل ..إلا أن هناك ضحكة خافتة راضية هي ما لفت انتباهها
انحدرت عينا لورين نحو وجه إيهاب الضاحك بقوة، وعيناه تخونانه بشعور زهو وهو يراقب ابنتها ..لقد عرفها..
هذا الشعور والإحساس لا يمكن أن يكون مجهولاً, إيهاب زيدان يعرف ابنة أخيه بالقانون الأمريكي..
والتقت عيناها بعينين عسليتين متهمتين نافرتين أخيرًا.. سرعان ما ارتبكتا وتبدلتا لنظرة أخرى.. وكأنها.. كأنها تتعاطف معها وتشفق عليها ..نظرة حيرتها بشدة ولكنها تعجز بالطبع عن الاستفسار عن سر تلك النظرة..
******
بعد انتهاء العرض الكارثي وبالطبع إلقاء اعتذارات لا تنتهي, تحمد الله أنها قوبلت بالتفهم ..هذا بالطبع إن تغاضت عن رد فعل والدة الفتاة الغاضبة بشدة والتي رفضت الاعتذار وشددت بأنها ستنهي حياة أمل المسرحية للأبد.. هه وكأن أمل تلقت عرضاً من مسرح التربيون مثلاً وسوف يتحسرون على الفرصة الرهيبة التي ستفوت ابنتها!!
"توقفي يا أمل، وتحركي أمامي" نهرتها بحزم وهم يهمون بالخروج من الباب ..إلا أن أمل أفلتت من يدها ثم انطلقت بتمرد للوراء ..حتى وصلت إياب.. تقف أمامه بأدب القرود.. وتكمش كتفيها برقة وخجل..
رفعت لورين طرف فمها باستهجان شديد ..وللحظات كادت أن لا تتعرف على ابنتها التي تحولت لكتلة من الوداعة والرقة وهي تقول: "مرحباً إياب, هل رأيتني وأنا أمثل؟"
تركت بدور يد ابنها بينما تعلق بصوت عالي طريف: "وهل بقي أحد في العالم لم يره الآن ..لقد أصبحتِ (تريند) خلال خمس دقائق لا أكثر يا كائن الأدب والوداعة!"
رفعت أمل وجهها تنظر لبدور بعبوس ثم هتفت بغضب: "مزعجة لا أحبكِ.. سأعضكِ"
شبكت بدور ذراعيها على صدرها ثم قالت بنبرة ممطوطة، وبنفور الحماة الطبيعي ..حتى وابنها لم يتجاوز ركبتها بعد: "هددي أحد آخر يا سوكا.. إذ أني آكل الأطفال مثلكِ على العشاء"
لم تهتز أمل وهي تقول: "وأنا سآكلكِ كلكِ على الغداء "
وقف إيهاب متأخراً عن بدور خطوتين بينما مريم تتعلق بذراعه بقوة ومعهم طفليهما.. عندما قال بهدوء: "لقد وجدتِ لكِ نداً لا يرهبكِ أخيرًا، الأمر مبشر"
صححت بدور: "لا, بل خطير جداً فالفتاة نجحت في وضع يدها على ابني خلال مقابلتين اثنتين فقط, لقد صدعني بذكر أمل والانبهار بشجاعة المبجلة أمل"
ضحكت أمل برقة.. قبل أن يتقدم إياب نحوها ثم باشر في احتضانها وتقبيل خديها أيضاً وأمام والدتها وخالتها..
خبطت بدور وجهها بكفها وهي تنظر للورين المصدومة بحرج زائف.. وعلقت: "سيد إيهاب أليست الفتاة تخصك، أمنع عنها ابن أبيه فإن تركنا له الحرية سنصحو جميعاً خائفين من شيء ما إن شاء الله ودون مقاطعة!"
ترك إيهاب جانب مريم بلطف قبل أن يتوجه نحو تشابك الصغيرين وخلع أمل من يدي إياب الذي قاومه لفترة صغيرة منزعجًا.. حملها على كتفه.. وساد صمت مفاجئ ومزعج متوتر بينهم, بينما الصغيرة ضحكت له برقة وهي تلف ذراعيها حول عنقه وقالت بطفولية: "اشتقت إليك عمي الطيب ..هل أخبرتك لوليتا بأني ألعب معها؟"
ضمها إيهاب إلى صدره بشعور تملك خانه ربما حنان يحتل لها مكان في قلبه فقط لو لم يكن أبوها.. هو أباها!
احتضانه لم يستمر دقيقة عندما أبعدها وقبّل وجنتها وهو يقول بهدوء: "اشتقت إليكِ أيضاً، ونعم هي أخبرتني بأنكِ فتاة لطيفة وصديقة جيدة"
ضحكت أمل في وجهه ببشاشة طفولية ثم قبّلت خده بقوة ..وهي تقول: "تعالى عندنا وأخبر مريم ألا تكره أمل ..أنا أحبها لأنها ماما لوليتا وإياس"
اهتزت ابتسامة بائسة على وجه إيهاب ..قبل أن يتوجه نحو لورين ويمنحها أمل بهدوء ..لم ينظر إليها مباشرة وكأنه يتحاشى الأمر ..إلا أنه قال بهدوء: "سعيد بمقابلة والدة أمل أخيراً ..أرجو أن تكونوا سعداء هنا"
أخذتها لورين من بين يديه وهي تقول بهدوء وثبات: "الحمد لله.. شكراً للطف السؤال.."
أومأ وهو يرفع عينين رمادتين ينظر إليها بطريقة خاطفة لم يكن فيها أي مشاعر واضحة ..ثم انسحب وهو يقول: "انتبهي لها واحرصي على سلامتها دائماً.. أمل طفلة تستحق الكثير من التضحية"
فهمت ما يعنيه تحديدًا إلا أنها لم تعلق واحترمت رغبة الرجل في التباعد فقد بدا أن هذه الجملة قد كلفته الكثير من المجهود.. على كل حال يكفي أنه لم يحاول يبعد طفليه عن ابنتها بأي طريقة..
بعدها تقدمت بدور نحوها وهي تقول بحبور: "مرحبًا لم نتعرف قبلاً رغم علاقتي الوثيقة بسوكا هانم"
بادلتها لورين الترحاب بأدب حار: "إذاً أنتِ والدة السيد إياب.. أشكركِ لإنجابه طبعًا, فهذه المرة الأولى التي أرى فيها ابنتي في وداعة القطط أمام أحد"
ضحكت بدور وهي تقول بغرور: "جينات, ماذا نفعل.. أبوه وخاله يجيدان ترويض الوحوش بالفطرة"
ضحكت لورين هي الأخرى.. ثم قالت: "وددت لو أخبرتكِ بنفس الفخر أن جينات أمل هي المسؤولة عن حالة التشرد المخجلة ..ولكن كما هو واضح الأمر ليس كذلك فأمل حالة شاذة بيننا"
مال وجه بدور قليلاً نحو تململ مرح ثم قالت غامزة: "ربما لديها امتداد لشخصٍ ما ..أليس كذلك يا مرح؟!"
مطت مرح شفتيها وهي ترفع كتفيها بلا مبالاة ثم قالت: "ربما ..من يعرف؟!"
ابتسمن ثلاثتهن.. قبل أن يسمعن صوت مريم يقول بفتور: "أريد الانصراف من فضلكم ..الوقوف ليس جيداً من أجلي"
دون تردد أسندها إيهاب وصاحبها للخارج، بينما بدور ابتسمت لهن باعتذار رقيق ..قبل أن تنسحب متابعة طريقها وخلفها الحارسين..
إلا أن خطوات مريم توقفت أمام لورين ..تنظر إليها مباشرةً بتوتر ونفور خوف والالم لم تتحكم فيهم ..إلا أنها نجحت بالنهاية عندما مدت يدها بتردد وهي تقول بهدوء: "تشرفت بمعرفتكِ"
لم تعبر ملامح لورين عن أي شيء إلا الثبات المرحب: "الشرف لي"
السلام كان مجرد تلامس لأطراف الأنامل ليس إلا ..ليس من جانب لورين ولكن من جانب مريم التي لا تستطيع لومها لكن الأمر لم ينتهي عند هذا الحد.. حين صدمت مريم الجميع عندما تحررت من يد إيهاب وجلست على عقبيها بصعوبة بسبب ثقل حملها أمام أمل ثم أمسكتها من كلا ذراعيها وقربتها منها ..ثم قالت بهدوء وبطء شديد الرقة: "أنا لا أكرهكِ.. ولن أفعل أبداً.. تذكري جيداً أن الجميع يحبكِ ..لا طفل يستحق الكره يا أمل، لا صغيرة بريئة تستحق النفور أو البغض وقسوة القلوب من أي شخص بالعالم ومن أفراد عائلتها خاصة ..إلا أن هناك أمور أخرى صغيرتي تحكمنا نحن الكبار ونعجز عن التصرف فيها.. أنا لا أحمل لكِ بداخلي إلا الحب ولكني من الكبار صغيرتي لذا هناك ما هو أكبر مني وما يبعدني عنكِ.. ولكن كل ما أستطيع أن أقدمه لكِ حاليًا هو صحبة لوليتا وحماية إياس ..وهذا وحده جهد كبير مني لن تقدريه إلا عندما تنضجين بشكلٍ كاف.."
ربما لم تفهم أمل معظم كلام مريم ..إلا أن تصريح الحب وحده أبهج قلبها الصغير وجعلها تبتسم محتضنة مريم بقوة ومنحتها مكافأة على شكل قبلة ..تقبلتها مريم بعينين دامعتين وقلب يختلج وينقبض. .تركت أمل أخيراً بينما انحنى إيهاب يرفعها..

ينظر لها بعينيه العطوفتين بالفخر ثم قال بنبرة خشنة ثابته ٌ صديقها يا أمل .... فأن كانت النساء جواهر فمريم درتهن النفيسة ٌ

ودون كلمة إضافية أخذ زوجته وطفليه وغادر..
ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد إذ سمعت صوت مريم المختنق يحدث أختها التي تمسك يدها من الناحية الأخرى: "لا أستطيع رؤية مريم أخرى تعاني ..أنا تألمت كثيراً يا بدور ..ألماً رهيباً حد أني لا أتمناه لابنة عدوي.. لا طفل في العالم يستحق أن يشعر بالنبذ أو الكراهية.."
ربتت بدور عليها وهي تقول بحنان: "أفهم حبيبتي.. أفهم.."
وأمام عيني لورين وعلى بعد أمتار راقبت إيهاب وهو يتوقف وأمام جميع من تبقى من الحضور.. ثم احتضنها بقوة وكأنه يريد أن يمزجها فيه..
شعرت لورين في هذه اللحظة بوجع رهيب يتملك من كل جزء منها ..الآن فهمت لما لن يستطيع ممدوح أن يغفر لنفسه يوماً مهما فعل.. هذان الزوجان بطيبتهما وطبيعتهما الخيرة لا يستحقا أي وجع أو حزن يعكر صفو حياتهما..
***********


يتبع الان


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 03:20 AM   #9877

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الخامس والستون مشاركة "٢"




:-"هل لديكِ فكرة معينة حول ما تريدين شرائه؟!"
هزت سَبنتي رأسها بجهل ..وهي تقول: "لا أملك أي خبرة حول ما يجب أن يهدى لطفل"
قربها خالد منه.. ووضع ذراعه حولها قاصداً ..ارتبكت للحظات وعيناها تتفحصان الناس الذين يتمشون في المجمع الضخم حولهما ..ولكنها لم تحاول إبعاده بل سكنت أخيرًا ومشت معه جنباً لجنب..
سمعته يقول بهدوء: "لا, لديكِ خبرة جيدة، ألم تهدي إياب خلال الثلاث سنوات قط؟!"
تنهدت: "إياب يختلف، ثم من أخبرك أن أول عام قضيته معه كنت أتحرك من المنزل أصلاً.. لقد أنهيت المرحلة الثانوية من المنزل"
يعلم هذا، لقد أخبره راشد من قبل حفل زفافهما ببعض التفاصيل عنها وهي بعيدة عنه ..سَبنتي لم تبدأ التفاعل الحقيقي إلا بأول سنة لها بالجامعة..
وحينها حتى لم تكن منفتحة على الناس بل تقريباً لم تقم بأي صداقة من أي نوع ولا حتى زمالة ..كانت مجرد آلة تتحرك متحججة بأن إياب يحتاجها لذا هي ليست منغمسة بأي نشاطات اجتماعية..
وهذا سبب مباشر أنه أصبح يصر عليها أن تخرج علانية معه ..بأن تشارك أخواته جلساتهن.. تذهب للجامعة ونجحت في إقامة بعض الصداقات مع فتيات لطيفات, فقد تعرف عليهن قبلاً إذ أنه أصبح يقلها متعمداً أحياناً.. ويخلق لها وقتاً مقتطعاً من يومه..
مثل الآن, فقد أنهى كل أعماله وذهب ليقلها من الجامعة التي عادت لتنتظم بالذهاب إليها بعد وعكتها الأخيرة ..حتى يذهبا لـ(سبوع) ابن نضال الذي أصر الأخير أن يحضره هو وسَبنتي سوياً..
:-"ما رأيكِ أن نشتري له ولوالدته قطعة من الألماس؟!"
رفعت سَبنتي نحوه وجهاً ضاحكاً ثم قالت مكشرة باستهجان: "ألماس! ألا تبالغ قليلًا؟!"
قال ببساطة: "كل إنسان يقدم قيمته.. وبالطبع قيمة من يهاديه"
صمت مداعباً أرنبة أنفها بأنامله قبل أن يقول بحبور: "وقيمة جوان وطفلها من قيمة بقتي العبثية.."
ابتسمت وهي تزيح خصلات من شعرها وراء أذنها ثم قالت بتردد: "ما رأيك إذاً أن نكتفي بسلسلة ذهبية يحمل حروفنا ثلاثتنا.. غياث وآسية و.. وأنا، أعتقد بأنها فكرة ستعجب جوان"
أشار خالد نحو محل مجوهرات شهير وقريب كان يقصده من البداية ثم قال مشجعًا: "أجزم بأنها ستطير من فرحتها بها ..فكرة جيدة حبيبتي هيا بنا"
********
بعد وقتٍ خرجا من المكان وهي تحمل في يدها حقيبتين صغيرتين ..تختطف النظرات من حين لآخر نحوه وهي تضحك بسعادة ..لم تكن الهدية سببها طبعاً ..بل تقديره لمن أصبحت تهتم بهم ومشاركته إياها أدق التفاصيل..
أن يأتي بنفسه ويُصر أن يصطحبها إلى هناك ..قاطعاً ترددها الأولي فرغم أن راشد لم يناقش معها الأمر حتى ..ولكنها فكرت في عدم الذهاب حتى لا تسبب له إزعاج من أي نوع إن علم بأنها تتردد على جوان مؤخراً وكثيراً..
فهي تقدر قلق راشد وخوفه ..ولكنها أيضا تحتاج لجوان معها ..شعورها نحو جوان الذي يعلو كل لحظة بالفقد والحاجة لم تعد لديها أي قدرة لمقاومته..
"أريد أن أشتري أرجوحة للرضع وبعض الألعاب لغياث" هتفت فجأة وهي تتقافز على قدميها..
سحبها خالد تحت ذراعه من جديد وهو يقول بنفس حماسها مداعباً: "نشتري محل كامل لغياث وأخت غياث الكبرى والصغرى إن كان هذا سيسعدكِ"
لمعت عيناها كألف نجمة ..قبل أن تتحرر منه لتقف أمامه تنقل خطواتها بشكل عبثي وهي تقول ببهجة: "هل تعلم ما الذي سيبهجني حقاً؟"
وقف خالد مكانه يرفع معطفه من الجانبين بيديه ويضعهما على خصره بينما يراقبها بصمت مبتسمًا.. تبدو جذابة بهذا الشكل الطفولي العابث, جميلة بشعرها القصير الذي اهتمت به بعد عودة بدور طبعاً لتعيد طوله ليلامس كتفيها بالكاد.. عيناها المتميزتان تبتسمان بلونهما البنفسجي الزاهي.. فاتنة بقامتها التي لم تزد إنشاً واحداً وإن استدارت لتخرج من مرحلة الطفولة والمراهقة.. لتصير امرأة صغيرة الآن ..إلا أنه لم يرها في هذه اللحظة إلا دعسوقته الملونة الصغيرة التي تثير البهجة أينما حلّت..
لكم افتقدها.. اشتاق لتلك اللمحات العابثة منها ..ليتها تبقى على هذه الحالة دائماً..
توقفت سَبنتي مكانها وهي تفرد ذراعيها بينما كفيها يتأرجح من خلالهما حقيبتي المجوهرات: "لم تسأل.. ولكني سأخبرك ..أريد الوقوف على عربة التسوق بينما أنت تزجني متجهماً ومجبراً كما الماضي"
قال بهدوء خافت: "لقد كبرنا على هذا ..ماذا تعتقدين أن تكتب عنا صحف الغد إن التقط أحد لنا صورة بهذا الوضع؟!"
قالت بمرح على الفور: "سيقولون أن والدتك ليست هنا لتعنفنا.. وتلقي كل الخطأ عليك لأنه ما كان يجب عليك أن تنفذ رغباتي"
تظاهر خالد بالضيق وهو يقول: "إذاً لا مهرب, فقد قررتِ"
أومأت سريعًا بحزم..
تحرك نحوها ثم أمسك بيدها وهو يقول: "أمري لله، لقد حسم الأمر ..المشكلة أن راشد لن يعجبه ما سيراه في المواقع غدًا"
:-"لا تقلق سأتحدث معه من أجلك حتى لا يقطع عيشك"
ضحك خالد بخفوت وهو يهز رأسه بيأس من ردها.. وتوجها بالفعل نحو المكان الشهير بالتسوق داخل المجمع التجاري...
سحب عربة ووضع داخلها الحقيبتين الصغيرتين ..وقبل أن تمسك سَبنتي بمقدمة العربة لتضع قدميها في الجزء المرتفع الحديدي من الأسفل, شعرت بخالد وراءها يغطيها بجسده الضخم ثم وضع يديه ملامساً لكفيها من الجانبين قبل أن يحركها بكل سهولة..
أغلقت عينيها وهي تبتسم تدريجيًا حتى تحولت الابتسامة لضحكة عالية مبتهجة.. انحنى خالد نحو أذنها وهو يقول بخفوت محذر: "ستلفتين الأنظار إلينا.. اخفضي صوتكِ"
لهثت هاتفة دون أن تفتح عينيها: "لا أريد التوقف"
قال خالد معارضاً: "تعجبني ضحكاتكِ التي لم أسمعها لوقت طويل ..ولكني لا أحبذ أن يفتن بها غيري لذا من الأفضل أن تتوقفي حالاً"
هتفت: "أنت مزعج ..حسناً خرست ..حتى الضحك تريد التحكم فيه!"
ضحك بحبور ووضع ذقنه على رأسها ثم همس ببساطة: "أنا أغار ..هذا كل ما في الأمر يا عبثية"
ضحكت مرة أخرى ولكن برقة ..مستسلمة لهذه اللحظة من الحرية دون قلق من أي شيء، بالنهاية التظاهر ليس مزعجًا أو حمل كما توقعت ..بل ها هو يساعدها لاقتناص أوقات من البهجة التي لم تعرفها منذ وقت طويل جدًا..
توقفا أخيراً في ركن خاص بالأطفال.. فهبطت تنتقي العديد من الألعاب المناسبة لهذا السن ..حتى شعرت بخالد يشرف عليها وهو يمسك بفيل ضخم جداً يحمل جناحين عجيبين ثم قال مازحًا: "سأهدي هذا للصغير، كنوع من التأمين منذ الآن ..حتى إن أوقعه حظة العاثر في المستقبل مع مجنونة تريد تطيير الأفيال.. سيكون جاهزاً"
مطت شفتيها بعدم رضا قبل أن تظهر علبة من وراء ظهرها وهي تقول بنبرة ممطوطة: " لقد أتيت بهذا لآسية ..ربما مستقبلاً ستقابل بعبعاً ضخماً متجهماً بقلب صغير يخاف من التعبير عن مشاعره لمجرد صغيرة لا تصل حتى لخصره"
اقترب وهو يقول بصوت أجش: "ستعلم حينها أن الوحش السيء يحمل قلباً كبيراً جدًا، وكان يحميها من اندفاعه وجنونه بها ..لذا ستحبه وتغفر له خطأه"
نفت سَبنتي بقوة قبل أن تقول بحزم: "لا.. غرضي من الهدية فور أن تتقابل معه ..تفتح رأسه من فورها حتى تجعله يفيق لنفسه ..أو تنتقم منه وتتركه وتغادر أيهما أقرب"
اكفهر وجه خالد ثم قال بخشونة: "تفتح رأسه ليس لديه أي مانع.. إنما أي تفكير أخرق في الفراق مرة أخرى ..سيخنقها البعبع بيديه ويعلقها أمام المدفأة كالأضحية"
ارتعشت شفتا سَبنتي قليلاً.. وهي تنظر لعمق عينيه التي تخترق عمق عينيها.. ابتلعت ريقها بضعف قبل أن تقول بنبرة مهتزة: "المشكلة لا تتعلق بتفكيرها ..بل فيه هو لذا دع الأيام تثبت إن كان سيدفعها للفراق من جديد أم لاختياره والبقاء معه حتى آخر نفس يتردد بصدرها"
********
أزاح نضال باب غرفته بكتفه منادياً: "جوان"
استدارت جوان بلهفة من أمام المرآة ..وهي تلف حول وجهها شال بلون فيروزي مناسب مع عباءة عربية الطراز اشترتها لها عفاف خصيصًا بمناسبة سبوع طفلهما: "هنا.."
دخل نضال وعيناه تتعلق بها بانفعال أصابها بالرجفة تلقائياً ..وضع الحقائب العديدة التي يحملها على الأرض بحرص ..قبل أن يتوجه نحو طفليه النائمين بالعرض فوق فراشه..
قبّل وجنتيّ صغيره وآسية برقة بينما عيناه المنفعلتين تبتسمان بقوة ..تركهما بحرص حتى لا يزعجهما ..ثم اقترب من جوان التي ما زالت تتفحص مظهرها أمام المرآة واحتضن خصرها من خلفها ..وهو يقول بخفوت: "لقد ابتعت لهما بعض الملابس والأغراض، أعرف أننا جلبنا الكثير ..ولكن لم أعد أقاوم كلما رأيت واجهة لمحل أطفال"
استدارت جوان بين ذراعيه ونظرت إليه بعينين بنفسجيتين لاهبتين بالأحاسيس وهي تقول بخفوت: "حفظك الله لي ولهم"
الابتسامة داعبت شفتيه السخيتين.. ومال يلثم جبهتها برقة ..ثم تابع قبلته حتى احتوى شفتيها ..أخذها في سحابة وردية لفتهما وعلت بهما بين النجوم ..ارتفعت يدا جوان تمسك رأسه من الجانبين بينما أناملها تمشط شعره برقة كما رقة قبلتهما..
"اشتقت إليكِ يا حمراء" حرر شفتيها دون أن تتوقف أناملها عن مداعبته..
همست جوان مازحة دون أن تفتح عينيها محتفظة بأكبر قدر ممكن من ذلك الشعور الرائع الذي منحه لها عبر قبلة: "تبقى من الزمن ثلاثون يومًا.. وبعدها يمكنك أن تطفئ اشتياقك بكل طريقة تريدها"
ضحك بصوت أجش وهو يقول بتلاعب: "أفكاركِ منحرفة ..لم أقصد هذا يا أم غياث"
الضحكة الآن كانت من داخل قلبها وهي تفتح عينيها ببطء تنظر إليه بعينين حريصتين أن لا تتركا وجهه الحبيب للحظة: "قلها من جديد يا نضال، عندما تنطقها يهتز قلبي بين أضلعي"
رفعها قليلاً عن الأرض وهو يهمس بعينين عاشقتين: "أم غياث.. أم ولدي يا حمراء"
اغرورقت عينا جوان بالدموع وهي تهمس متنهدة باختناق: "أم ابنك يا حبيبي ..ابنك أنتَ يا أعظم رجل قابلته في حياتي"
زفر نضال بحرقة وهو يمرر ذقنه إلى عنقها ثم قال بصوت أجش: "لا دموع اليوم ..فقط السعادة حبيبتي، لا أريد الشجن, فكري بنا والصغير فقط"
خرجت ضحكة خافتة من حلق جوان وهي تهز رأسها موافقة..
استمر تناغمهما لدقائق, كلاهما يتشبث في الآخر بقوة ..دقات قلبيهما بوتيرة واحدة من العشق والغرام ..لا يتخللها لغط ولا ألم.. وماذا تريد من الدنيا بعد أن أهدتها نضال، ثم أتت رحمتها بشفاء قلبها المحطم لترممهما تمامًا بإرسال غياث لها من داخل رحمها..
ورحمتها التي تمثلت في آسية.. حتى إن ماتت الآن ستكون أسعد امرأة في الكون وقد حصلت على كل ما قد يرغبه إنسان..
شعرت بقدميها العاريتين تلامسان الأرض أخيراً مودعة السباحة بين النجوم.. عندما أطلق نضال سراحها ..ثم رفع يده الخشنة تحت ذقنها وقال بهدوء: "تعجبني العباءة ..اختيار موفق من الوالدة"
قالت جوان مبتسمة: "لقد أهدتني إياك.. فما الغريب بأن تجيد اختيار قطعة من الملابس لي؟!"
تنهد نضال قبل أن يتركها متراجعاً للخلف دون أن يترك حصار عينيها ..وأمسك أحد الأكياس الضخمة وهو يقول بهدوء: "لقد أتيت لكِ بهدية، وأرغب أن أراكِ اليوم بها"
قالت: "من عينيّ, سأرتديها بعد ذهاب الضيوف"
"لا" هتف بحزم ..ثم أكمل بلطف: "بل الآن ..وسأساعدكِ بنفسي في ارتدائه"
لم تتردد وهي تفك حجابها وتلقيه بعيدًا ثم قالت: "أغلق الباب، لا أريد لهبة أو والدتك الدخول ونحن بهذا الوضع"
توجه نحو الباب وهو يقول مداعباً: "قلت سأساعدكِ لارتدائه فقط ..لن أقوم بأي شيء مبتذل"
مطت شفتيها وهي تقول بينما تخلع عباءتها: "أنتَ غير مضمون من هذه الناحية ..بالأمس كنت سأختنق من هجومك عليَّ"
اقترب نضال وهو يتفحص جمالها في القميص القصير المخصص للملابس بعد أن عادت بطنها لطبيعتها تقريبًا: "كانت مجرد قبلة سلام لا أكثر"
ردت بصوت مشاغب بينما دقات قلبها ترتبك من سطو عينيه فوقها عارفة بالطبع معنى هذه النظرات: " قبلة قصوى لامست كل قطعة مني بكل الطرق الممكنة ..حالتك ميؤوس منها جداً"
فتح نضال الحقيبة وهو ينظر إليها مبتسماً بهدوء وقور ..مناقضاً للبريق الساحر في عينيه وفور أن أمسك علاقة الملابس وترك الكيس الضخم يسقط من يده تبعه الغطاء الحامي لذلك الفستان الذي ظهر..
رفعت جوان كلا كفيها تضعهما على فمها ..تغطيه بشدة تكتم صرخة وشهقة دموع تصارع للخروج من أعماقها ..وغلالات دموعها تهبط مدرارًا فوق وجهها.. بينما عيناها تتفحصان فستان أبيض من الساتان والحرير لا تشوبه شائبة..
"أبيض!" همست باختناق من تحت يديها ..
هي لا تتذكر أنها ارتدت الأبيض أبداً منذ حملها في سَبنتي.. لا, لقد فعلت مرة واحدة عندما دخلت عامها الأول بالجامعة.. كان مجرد قميص أبيض حيادي لم تقصد به أي شيء ..يومها قتلها أبوها للمرة الألف عندما تفحصها ساخراً وهو يقول: (العاهرات لا يرتدين الأبيض فهن يدنسن طهر رمزه).. وبعدها لم ترتديه أبداً حتى بعد أن تحررت من ظلمه.. لقد أخبرت نضال بهذا قبل شهرين فقط من ولادتها..
رقت ملامح نضال وهو يقترب منها وكأنه يعرف تماماً ما تفكر فيه ..ثم قال بصوت خافت أجش: "لم تتح الطريقة التي تزوجنا بها أن ترتديه كما كان يجب أن أجعلكِ تفعلين ..لذا اليوم تحديداً شعرت أن الفرصة أتت على طبق من ذهب، ستزفين كالعروس وأنتِ تحملين ابني ..بينما أراقبكِ وأنتِ تتهادين به عالماً أنكِ ترتدينه من أجلي"
رفعت جوان يديها ببطء وهي تبتلع غصة هائلة تكورت في حلقها ..قبل أن تمد يديها بتردد رهيب لتلامس القماش ناصع النقاء ..وبوتيرة بطيئة قربته منها وضمته على صدرها بقوة..
وبكت وهي تميل ببطء حتى احتواها صدر نضال وذراعيه ..ومنحها وقتها للتعاطي مع مشاعرها..
"شكراً لك.. شكراً على كل شيء.. على وجودك في حياتي، وتقبلك لي دون الإقلال مني"
ابتسم نضال بأسى وهو يشد على كتفها ليضمها أكثر إليه ثم قال بخفوت: "أقلل منكِ؟! وهل أنتِ قليلة يا جوان الأمير ..الطبيبة, الجميلة, الحمراء, المميزة التي تعطفت عليَّ وعلى قلبي ..من أنا لأقلل منكِ يا دكتورة؟!"
بل هو كثير عليها ..كثير جداً على من مثلها، وقد لفظها أقرب الناس لها بسبب خطيئتها.. من يعلم ما الذي كان سيحدث لها إن لم يدخل نضال حياتها؟!
:-"أحبك"
ربت على كتفها بحنان رجولي قبل أن يجعلها تعتدل وهو يقول بهدوء: "إن كنتِ تحبيني دعينا نسرع إن تكرمتِ, بدل أن تخرطنا عفاف للبط الذي تطعمكِ إياه وكأنها تسمنكِ للعيد"
ضحكت باختناق.. قبل أن تستسلم ليديه التي ألبستها الفستان ..وبالطبع لم يسلم الأمر من بعض القبلات البريئة والتي لم تقرب للبراءة قط..
*********
حلاقاتك برجالاتك حلقة دهب في وداناتك
ويا رب يا ربنا
تكبر وتبقى قدنا
بريله بريله بريلله ضحكت أمه وفرحة أبوه
********
جلست جوان على مقعد في منتصف الصالة الواسعة التي خلت من كل الأثاث ..ولم يضع بها إلا هذا المقعد المذهب ..الذي وضعتها عفاف فيه ..وكأنها ملكة متوجة بصغيرها ..بينما ارتدت الفستان الأبيض المحتشم الذي شابه فستان زفاف بالفعل ولكن دون ضخامة أو مبالغة بل كان بسيط جداً يرفل حولها باتساع ..وبالطبع ارتدت حجاب أبيض من نفس القماش وقد ابتاعه نضال مع الفستان..
تضحك بسعادة الأطفال المتألقين وعيناها لم تنخلعا من عينيّ نضال الذي وقف عند الباب مستنداً على إطاره مكتف يديه على صدره وهو يبتسم لها بدوره..
عج المكان بالجيران والأقارب ..والأطفال المبتهجين حولهم ..بينما غطت عفاف وجه صغيرها وحملته بتحفظ بين ذراعيها رافضة أن تجعل أي أحد مهما كانت صفته ومهما حاول أن يلقي نظرة على وجهه الملائكي الجميل..
لقد قامت عفاف بطقوس عدة.. دق الهاون.. وجعلتها تخطو فوقه سبع مرات ..حتى أنها أرادت أن تهزه في الغربال ..ولكن جوان رفضت بتعنت أن تسمح لها بهذا، وقد توقف هنا قلب الأم والعاطفة وتدخل عقل الطبيبة الذي يعلم خطورة هذه العادة, الحمد لله أن عفاف تفهمت عندما شرحت لها أسبابها..
أي تفهم.. فقد فزعت تقريبًا وهي تخطف الصغير من الغربال ودارته في حجرها بطرف عباءتها آمرة هبة أن تبعد هذا الغربال لأقصى مكان بالمنزل..
لقد قاموا أيضاً بعمل كل شيء لآسية حتى أن الحلوى والتحف الصغيرة التي جهزوها لصغيرها حملت اسم آسية أيضًا وكأنها ولدت لتوها ..لقد شعرت أنها ولدت لنضال توأمين حقاً..
سَبنتي وصلت أيضاً منذ وقت وقد أجلوا كل الاحتفال حتى وصولها ..وها هي تجلس على الأرض بجانب عفاف ..مستقبلة الأجواء الشعبية للاحتفال بانبهار بحت..
بالطبع زوجها يرافقها ..وها هو يقف بجانب نضال دون أن تترك نظراته مراقبة سَبنتي المشتعلة بحماس الأطفال..
راقبت عفاف تتشاجر مع امرأة من الجيران، تعرفها جوان بحكم الجيرة الطويلة فقد سمعت المرأة تقول وهي تمصمص شفتيها: "وهل أتينا لمِلء بطوننا فقط ..أفرجي عن الطفل ودعينا نراه.."
قالت عفاف بحدة: "قلنا نائم ..ولديه الصفرة والطبيب أوصى بتغطية عينيه طوال الوقت"
راقبت عفاف ضاحكة وهي تميل بجانبها ..تمثل بشفتيها التفل ثلاث مرات.. وهي تهمس: "بعيد الشر عنه, صفرة تلفكِ يا أم عينين مدورتين"
امتعضت الجارة وهي تقول: "وكأن أحد لم ينجب إلا ولدكِ.. هل تخافين أن نحسده.. ما شاء الله لديّ من الأحفاد عشرة"
رفعت كفيها تخمس في وجه عفاف..
بادلتها عفاف وسط ضحكات النساء وتغامزهن ..التخميس وهي تقول: "ونحن صبرنا خمسة.. وأمه توعكت عشرة في حملها.. وذهبت لأطباء خمسة عشر.. والمسكينة نازعت في المخاض عشرين ساعة.. وصرخت خمسة وعشرين مرة"
هتفت سَبنتي مصححة ببلاهة: "هذا لم يحدث, لقد ولدته خلال ثلاث ساعات.. وأنا لم أعد الصرخات طبعاً، ولكنها صرخت كثيراً"
ضربت عفاف بمرفقها سَبنتي وهي تقول من بين أسنانها: "اخرسي أنتِ يا عبيطة"
صمتت تأخذ نفساً نافذ الصبر وهي ترحل عينيها بين سَبنتي والجارة التي قالت: "حلوة هذه الفتاة وصادقة وليس مثل ناس.. ابنة من هي؟"
شوحت عفاف بقوة: "لا حلوة ولا شيء، الفتاة تعاني من نوبات صرع، وقليلة عقل بعيد عنكِ.. لقد احتار الأطباء في تشخيص علاتها التي لا تنتهي"
التفتت لسَبنتي بحدة ثم أمرتها من بين أسنانها: "فزي من هنا ولا تريني وجهكِ.. ستطرقكِ بالعين، ولا شيخ الأزهر نفسه يقدر على إخراجها منكِ"
همست سَبنتي ببلاهة: "عيناها حلوتان وطيبتان, كيف ستطرقني بهما؟ مهلاً هل تبليتِ عليَّ بكل هذه الأمراض؟!"
هدرت عفاف: "قفي من هنا يا قليلة العقل ..واسمعي كلام الكبار"
قفزت سَبنتي بالفعل وتوجهت نحو جوان ..تجلس على ذراع مقعدها بتجهم ..أمسكت جوان بيدها بحنان صامت ..فابتسمت لها سَبنتي على الفور وتبدد كل التجهم.
*******
بعد ساعات انتهى الاحتفال أخيراً وتخلصوا من آخر الأطفال والأهل المزعجين لعفاف.. بعد أن وزعوا الهدايا والفشار وحلوى السبوع التقليدية..
أمسك خالد بيد سَبنتي وهو يقول بهدوء: "مبارك مرة أخرى.. سنضطر للمغادرة الآن، فقد تأخر الوقت"
هتفت جوان سريعاً: "دعها قليلًا، لم يتثنى لي الوقت للجلوس معها"
فلتت سَبنتي من يده ..ثم اقتربت منها وهي تقول بهدوء: "سآتي لكِ قريبًا لأرى الصغيرين"
:-"هل هذا وعد؟"
:-"أعدكِ.. راشد لم يعد ممانعاً، وخالد أيضاً لذا أنا أملك الحرية قليلاً في القدوم إليكِ"
ضمتها جوان بقوة وهي تقول بخفوت: "لقد رأيت هديتكِ.. جميلة حبيبتي وأحلى ما فيها أنها حملت حرفين من اسمكِ"
ابتسمت سَبنتي ثم قالت: "حرف النون كان اقتراح خالد إذ أنه الحرف الوحيد المشترك بإسمينا"
نظرت جوان لخالد تشكره بامتنان ..فدائماً شكرها يحمل معنى واحد لم يخطئه.. رعاية سَبنتي بالطبع..
قال نضال أخيراً بحزم: "لن تغادرا قبل تناول العشاء ..حتى وإن كان متأخراً ..قُضِيَ الأمر والحاجة أمرت"
خرجت الحاجة بالفعل من المطبخ أخيراً تدفعها هبة الضائجة من فرط الضحك على أمها التي تحمل مبخرة ضخمة جداً تلقي بها بخور يزكم الأنفاس ..وأخذت تدور حول كل فرد منهم وهي تُتمتم آيات التحصين وبعض الأذكار ..ذكرتهم بهؤلاء الدراويش الذين يدورون في الشوارع والموالد كالمهابيل..
سعل خالد وهو يتخلص من أثر الدخان بيده ثم قال بصوت هامس: "ما هذا بالضبط؟!"
تنهد نضال وهو يقول بأسى مضحك: "هذه الجولة فقط.. انتظر لترى الفقرات الأقوى والأعنف"
سعل خالد من جديد وهو يقول: "أعنف من هذا؟! أشك!"
لم يرد نضال وهو ينظر لما يحدث متنهداً وكأنه بالأصل يملك حرية الاعتراض..
وها قد أتت فقرة عفاف الأخرى أعنف وأشد بالفعل ..عندما أتت بورقة ضخمة وإبرة وأخذت تدور بجسدها المكتنز وهي تردد: "من عيني أسماء, من عيني إشراق, ومن عيني سلمى, وعيني زينب.. زينب زينب زينب _أخذت تردد اسم زينب تلك الجارة بقوة وهوس ثم تابعت_ وعيني سَبنتي الواسعتين البلهاء"
دبت جوان على صدرها: "تفقئين عينيّ حبيبتي يا عفاف ..كيف استطعتِ؟"
نظرت إليها عفاف شذراً ثم أكملت: "وعين جوان.. وعين جوان مرة أخرى ..ومن كل عين رأت حفيدي أزرق العينين ولم تصلِّ على النبي.. عليه أفضل الصلاة والسلام"
ثم ببساطة أحرقت الورقة وأخذت من رمادها على أصابعها ومسدت جبهتيّ غياث وآسية.
قالت سَبنتي بذهول أخيراً: "هل هذا طقس من السبوع أم تحضير أعين الأرواح؟!"
هدرت عفاف ترعبهم: "اصمتي أنتِ يا بلهاء واقتربي.."
اقتربت سَبنتي بكل أدب وهي تنظر لخالد الضاحك بقوة تطلب النجدة ..ولكن عفاف أمسكت بورقة أخرى وشكلتها على هيئة عروس وهي تقول بصوت حازم: "الآن حان دوركِ وزوجكِ ..لقد كانوا سيأكلونكم بأعينهم.. حتى قالت إحداهن بعينيها المدورتين بأن الوسادة لا تجمع اثنين حلوين ولكنها جمعتكما.. هل تريدين أن تصيب عينيها زوجكِ؟"
نفت سَبنتي بقوة وإن لم تفهم أي شيء من طلاسم عفاف الغريبة..
وقبل أن تبدأ عفاف في عملية الثقب الدقيقة.. أخرجت سَبنتي حقيبة المجوهرات الأخرى وهي تقول بمودة: "قبل عملية التحصين، هل يمكنكِ قبول هذه الهدية مني؟"
توسعت عينا عفاف وهي تقول بحنان: "هل أتيتِ لي بهدية يا وش السعد؟"
هزت سَبنتي رأسها لأعلى وأسفل بابتسامة بهجة: "لم أحظى بحنان الجدة قبلاً ..وأنتِ.. أنتِ طيبة معي لذا فكرت أن أعطيكِ تذكار مني، ألا يفعل الأحفاد هذا؟!"
دمعت عينا عفاف بتأثر وهي تضمها لحضنها ذي الرائحة العطرة.. ثم قالت: "مقبولة منكِ يا حلوة، أياً كانت لن أخلعها أبداً"
نظرت سَبنتي لخالد بعينين كفضاء واسع وفارغ يطالب بامتلائه بكل الأحاسيس التي كررت أكثر من مرة بعدم قدرتها على التعامل معها ..ووعد نفسه أن يتحين الفرصة المناسبة ليملأ هذا الفراغ بكل ألوان المشاعر ..كما ألوان الطيف المبهجة التي تميزها..
استدارت نحو عفاف وهي تقول: "لقد اشتريت لكِ سلسلة مثل ما قدمته لجوان ..وأضفت لها حروف جوان ونضال وكف بخرزة زرقاء لقد قال الرجل بأنكِ ستحبينها"
ضحكت عفاف بخجل منعش قبل أن تدفعها بعيداً وهي تقول: "مقبولة منكِ ..والآن اصمتي ودعيني أفقأ الأعين التي نظرت إليكم بحسد"
وبالنهاية وبعد ساعة أخرى خرجا هي وخالد يودعان الجميع ببطون منتفخة من كثرة الأكل الذي حشتهما به عفاف حشوًا ..وجبينين ملونين برماد عروس الحسد المحترقة..
نظرا لبعضهما ..ثم انفجرا في الضحك الذي لم يتوقف هذه المرة ولم يطالب هو بأن تخفض صوتها بل كان قلبه يتراقص طرباً متقافزاً بجنون ماثل جنون ضحكتها..

يتبع الان


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 03:36 AM   #9878

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الخامس والستون المشاركة "٣"


قول لي ولو كذبا كلاما ناعما
قد كاد يقتلني بك التمثال

مازلت في فن المحبة طفلة بيني وبينك ابحر وجبال
لم تستطعي بعد ان تتفهمي ان الرجال جميعهم اطفال
فإذا وقفت امام حصنك صامتا فالصمت في حرم الجمال جمال
كلماتنا في الحب تقتل حبنا ان الحروف تموت حين تقــــــــــال


*************
بعد أسبوعين..
هذه المرة في تجمعهم الذي أصبح روتينياً.. أصرت منى أن يقام داخل منزل العائلة مع شروط نارية حاسمة.. لا مفاجآت تقدم.. يحذر على أي شخص وتعني أي شخص دعوة ضيف لا ينتمي لعائلتها ..تمنع مريم الراوي بالذات من أكل الأطعمة الحارة والحلوة ومن يغافلها ويقدم لها طعام من وراء ظهرها سوف يعلق على باب المنزل حتى وإن كانت بدور شخصياً..
لا شجار ولا تنمر على فرد من العائلة.. تمنع نوة منعاً شديد اللهجة من حشر أنفها في شؤون أخواتها.. وبكيزة أي شذى إن رأتها تنظر لأحد بترفع ستفقأ عينيها دون تردد..
تبرمت نوة بحنق، وهي تناول مريم طبق الخس وهي تهمس بضجر: "رفضت أن تعطيني ولو جناح دجاجة لكِ.. وأرسلت هذا"
نفخت مريم بل وترقرقت عينيها بالدموع وهي تتناول ورقة خس تقضمها بقرف: "ما هذا الذل، كنت أنتظر هذه العزيمة منذ أسابيع إذ أن إيهاب بدوره منع عني معظم أنواع الطعام ..هذا ظلم والله"
صمتت لبرهة قبل أن تنظر بطرف عينيها لشيماء وسَبنتي اللتين تجلسان على أول درجة من السلم ..تحملان بين أيديهما أطباق ضخمة من الحلوى الشرقية.. ثم صاحت بحنق: "هذه تفرقة عنصرية يا زوجة أبي ..ظلماً ستحاسبين عليه، هل تسمعيني.. بناتك يأكلن أفضل وأجود الأطعمة بينما ابنة زوجكِ تمنحينها بعض الحشائش وكأنها بقرة"
كانت منى تقف أمام باب المنزل تشرف على خروج إحدى مساعدات المنزل بمشروبات مرطبة للرجال الذين يلعبون كرة قدم بالخارج..
قالت ببرود شديد: "هذا أجمل ما نطق به لسانكِ من يوم معرفتي بكِ, لقد أصبحتِ عجلة ضخمة فعلاً ..أليس لديكِ مرآة في منزلكِ؟!"
توسعت عينا مريم بصدمة ..بينما أخفضن شذى ونوة وبدور رؤوسهن غارقات في الضحك..
علقت هناء بطرفة: "لقد أزال إيهاب جميع المرايا منذ شهر بعد أن دخلت في حالة غضب وبكاء متهمة المرآة بالتآمر على شكلها المدور كالكرة"
صرخت مريم بجنون لاهث: "دعي غيركِ يتكلم يا هناء, فالحال من بعضه، إن كنت أنا كرة فأنتِ أصبحتِ متوازية الأضلاع أو مربعة.. لا أعلم أيهما أصح"
استرخت هناء على مقعدها ثم قالت بغرور وهي تمسد انتفاخ بطنها الطريف جداً: "كذبتِ يا حقودة, بل ازددتُ جمال وحلا.. وجسدي كما هو رغم أني ضعف عمركِ"
تبرمت مريم ثم قالت: "هذه جينات مكتسبة من العائلة المجنونة التي انتميت إليها، جسدي يقبل بالسمنة في الحمل"
تنحنحت بدور قبل أن تعلق بهدوء بارد: "هذا غير صحيح، عندما حملت في إياب لم أزد كثيراً.. كما أتذكرك في حمل التوأمين لم تكتسبي حينها الكثير من الوزن ..ولماذا نذهب للبعيد ها هي شوشو أكملت حمل الشهرين ومن يراها يستحيل أن يشك حتى بأن أحشائها تحوي طفلاً"
فتحت مريم فمها تنوي الدفاع..
إلا أن نوة قفزت من مكانها وهي تهتف بفرحة حقيقية: "هل العصفورة حامل ..يا خونة لماذا لم يخبرنا أحد؟!"
قالت هناء مازحة: "خفنا من الحسد.. نحن لم نخبر أحداً"
قالت شذى منزعجة: "وهل نحن أحد ..بدأت أضجر حقًا من مسألة العيش خارجاً تلك وكأن غربتنا تنفي كل حقوقنا لمعرفة أخبار عائلتنا"
وقفت شيماء من مكانها وتبعتها سَبنتي.. ثم قالت بتردد خجل: "لم أقصد عدم إخباركم.. ولكني فضلت أن أنتظر حتى أتأكد تمامًا قبل أن أشيع الخبر"
اقتربت نوة تحتضن شيماء سريعاً وهي تقول بعاطفة أخت كبرى وأم ثانية: "دعكِ من بكيزة وسخافتها ..مبارك حبيبتي إن شاء الله يتم حملكِ على خير وترين أحلى عصفورة، أو عصفور لذيذ أشقر.. المهم أن تقومي بالسلامة"
ابتسمت شوشو بتورد وهي تبادلها الحضن الدافئ..
قبل أن تتركها نوة سريعاً وتعود لمشاكساتها وهي تنظر لسبنتي بعينين ضيقتين ثم قالت بلهجة خشنة: "وأنتِ متى سنسمع خبركِ؟"
رفعت سَبنتي حاجبيها بتوجس: "أي خبر؟ هل تريديني أن أموت؟!"
تمتمت شذى بحنق: "معدل ذكاء سَبنتي أصبح يبهرني!"
بينما علقت بدور بنبرة دفاعية حازمة: "نوة أخرجي سَبنتي من تحقيقاتكِ إن تكرمتِ, ما زالت صغيرة، بجانب أنها لن تتحمل مزاحكِ الثقيل"
إلا أن نوة قالت بقوة: "لا ليست صغيرة بل امرأة تزوجت بنفس الليلة مع هاتين الاثنتين ..كما أنها أكثر منكن طرافة لذا ستخبرني هل لديكِ شيء تخفينه؟!"
صمتت قبل أن تقترب منها خطوة تسأل بلهفة: "هل أنتِ حامل؟ أهناك أي بشائر؟"
ردت سَبنتي بضيق: "ما مشكلة الجميع مع الأطفال؟ ألا تكفي المدرسة التي سنفتتحها قريبًا؟!"
علقت مريم وهي تقضم ورقة من الخس: "كل طفل سينتمي لمنزله، وكل زيادة خير ..هيا أجيبي على السؤال"
قالت سَبنتي ببرود: "شوشو حامل عنا نحن الاثنتين"
رفعت شذى حاجباً مترفعاً ثم قالت بصفاقة: "شوشو يمكنها أن تنجح عنكما أنتما الاثنتين، تشارك في حفل أو نشاط ..تلعب عنكما وتربح جائزة ما ..حتى يمكنها التحدث عنكما سوياً.. لكن إلا هذه شيماء زوجة نزار ..كيف ستحمل إن شاء الله طفلاً عنكِ ..هل منحتها إحدى بويضاتكِ للتخصيب؟!!"
احمرت سَبنتي بقوة وتمنت أن تشتمها بأفظع الألفاظ.. لكن يبدو أن النساء وجدن تعليقها الثقيل طريفاً فقد انفجرن في الضحك..
هتفت سَبنتي دون سيطرة: "لست حامل ..ولا يمكنني أن أكون لا الآن ولا في أي وقت قريب ..هل ارتحتن؟!"
قالت نوة بتسلط مكفهرة: "ولماذا إن شاء الله تتحدثين بكل هذه الثقة، معكِ رجل كالحائط، شاب بكامل صحته وعافيته؟!!"
كتفت سَبنتي يديها على صدرها ثم قالت باستفزاز: "هذا ليس مقياس لإنجاب الأطفال"
نظرت إليها نوة بشك وقلق..
بينما هتفت بدور بحزم لعلمها أن سَبنتي لن تتحمل مزيداً من الضغط، فهي تعلم بالطبع أن العلاقة الحميمية تسبب لها مشكلة ضخمة: "نوة اتركي سَبنتي لحالها ..سألتِ وأجابتكِ نقطة وانتهى السطر"
تراجعت نوة بالفعل وجلست مكانها بينما يكسو وجهها التشاؤم والخوف.. همست بوجل: "هل لدى خالد مشكلة من نوع ما؟!"
نفخت بدور بملل قبل أن تقول بخفوت صارم: "لا دخل لنا بالأمر برمته.. لديه أم لا, الأمر يخصهما وحدهما ويناسبهما أي كان"
إلا أن سَبنتي سمعتها عندما هتفت دون تفكير: "ينام وأنام.. نحن لا نهتم لهذه الأمور ..هل ارتحتِ؟"
ارتدت وجوه الجميع بوجل لدقائق قبل أن ينظرن إليها بضحكة خائنة..
علقت مريم بارتياع حقيقي وكأنها ما كانت تتوقع سماع هذا التصريح أبداً من المتزوجين: "تنامان؟!! ماذا؟ ماذا؟! والمشاعر والأحاسيس وقلة الأدب الممتعة الشهية تتركانها لمن؟!"
"لكِ.. فأنتِ تلتهمين حقكِ وحق البشرية" تمتمت هناء ضاحكة متعجبة مما يحدث برمته..
هتفت بدور بحنق: "اخرسي يا سَبنتي ..سأخبركِ شيئاً الأفضل أن تذهبي من هنا"
"لا" هدرت شذى بحزم ثم تابعت بتسلي: "بل تعاليّ واشرحي كيف لشابين مثلكما أن يناما تحديدًا بعد أشهر قليلة من الزواج؟!"
كررت ببرود: "ينام ..وأنام، فلا تتاح لنا الفرصة لعملية التخصيب الخارقة وكأن هذا ما يهم في الحياة، كلانا يهمه وجود الآخر بجانبه وليس انحرافكن"
لطمت نوة وجنتها بأطراف أصابعها.. وفتحت فمها لتعلق تعليقاً سخيفاً.. إلا أنها توقفت سريعاً تبتلع حروفها ..ليس خوفًا، ولكن احترامًا.. عندما التقطت عيناها أخاها الذي يقف أمام الغرفة يمسح جبهته بطرف قميصه الرياضي.. بينما حاجباه معقودان بشدة.. فمه مضموم بتصلب ..وعيناه تطلقان الشرر.. لا فهو في هذه اللحظة لا يتقبل أي مزاح ولن يتحمل أي طرفة منها وبصراحة لديه حق..
عم الصمت عليهن جميعًا.. وقد التقطن التحذير والتهديد في وجهه وهو ليس بجديد عليهم بالنهاية خالد من صلب أبيه.. يملك عند اللزوم وجهاً خطيرًا مخيفاً يجعل كل لسان يلجم في حلق صاحبه.. وإن لم يروه منه أبداً ..ولكن بدا الآن أن الأمر مختلفاً..
استدارت سَبنتي أخيراً ببطء.. وعندما تلاقت عيناها مع عينيه ارتجفت وشحبت ملامحها.. وقد بدا مخيفاً.. مخيفًا وعلى استعداد حقيقي لخنقها..
لقد حذرها مرة بعد أن عرف بأنها تحكي بعض الأمور لبدور وتطلب المساعدة.. بأن ألا تخبر أحد مطلقاً بتفاصيل علاقتهما الحميمية حتى شيماء نفسها ..وها هي من مجرد استفزاز سخيف صرحت بانعدام علاقتهما منذ شهر تقريبًا.. هذا إن اعتبرت المرات التي تعد على الأصابع علاقة صحية بالأساس..
لم ينطق خالد بكلمة بل استدار بهدوء شديد وتوجه نحو المطبخ يطلب شيئاً ما..
عندما اختفى وقفت بدور من مكانها وهي تقول من بين أسنانها: "دائماً تجمعكن يأتي بالكوارث ..سأذهب وراءه"
صمتت لبرهة قبل أن تهمس لسَبنتي عندما مرت من جوارها: "لا بأس، سأتحدث معه"
أومأت سَبنتي بصمت ولم تعلق ..كما لم تفتح فمها طوال الفترة اللاحقة وحتى بعد أن زال التوتر..
******
بعد وقت... حان وقت تقديم الغداء وقد انتهى صخب الأطفال في حوض السباحة ذي المياه الساخنة.. ومباراة الرجال أيضاً..
وجهزت طاولة ضخمة في الحديقة ليتناولوا الغداء جميعاً..
شقيقاته الأربعة تلهين في تجفيف وتدفئة أطفالهن.. بينما شيماء لا تتحرك بطبيعة الحال ولا يمكنها المشاركة في مناولة الطعام لخالد ونزار لرصه على الطاولة ..إذ تحركت سَبنتي تساعد منى وهناء مع الخادمات ..ولم تفكر مطلقًا في تفحص ملابسها أو تبديلها كما كانت تنوي قبل خروجها من المنزل للحديقة..
وقفت عند المخرج ..وهي تمسك صينية ضخمة تمنحها لرويد وهي تقول: "انتبه وتحرك خطوة خطوة، ولا تضعها بنفسك استعن بأحد الكبار"
:-"لا تقلقي يا زوجة خالي ..أنا كبير كفاية وأعرف ما أفعل"
رفعت جفنيها سريعًا تنظر إليه مجفلة فهذه المرة الأولى التي يناديها أحد الصغار بهذا اللقب ..لطالما كانت سَبنتي بالنسبة إليهم وحتى بعد زواجها منهم ..ابتسمت بوجهه مرتبكة..
وفور أن سلمته الصينية واستدارت للداخل لتأخذ شيئاً آخر.. وجدت نفسها تدفع للأمام بفظاظة أفقدتها اتزانها..
صرخت سَبنتي صرخة لم تكتمل ..وهي تسمع الباب الكبير يغلق بعنف ..بينما هناء شهقت مصدومة مما ترى ..وصوت منى يهدر: "ما الذي يحدث؟! خالد!"
خرجن أخواته على الصوت أيضًا ..إلا أن أحدهم لم يملك الوقت للاعتراض كما هي لم يسمح لها بأن تستعيد تركيزها لتفهم ..اندفع خالد يقبض على عضدها بقسوة ثم جرها جراً نحو الدرج يقفز كل سلمتين في خطوة واحدة, ولم مهتم بتعثرها ورائه..
"توقف يا خالد.." هتفت منى من جديد وهي تتحرك بالفعل لتلحق بهما..
ولكن بدور أمسكت بها وهي تقول بهدوء شديد: "تدخلنا سيضر ولن ينفع، اتركيهما كما طلب مراراً"
قالت هناء بوجل: "كيف تتركهما؟ ألا تريّ منظر أخيكِ الإجرامي؟ لقد أخافني شخصيًا.. بعض الرجال عند استفزازهم لا يؤتمن غضبهم"
ابتسمت بدور بلطف ووداعة ثم قالت منهية أي كلام: "بعض الرجال أو كلهم ..إلا خالد ..وإن فعل لن يحدث أبداً مع سَبنتي ..هيا لنكمل ما كنا نفعله واعتبراهما غير موجودين بالأصل"
*********
عندما دفعها خالد بعنف داخل جناحهما.. تمسكت سريعًا في أول حائط قابلها لتحمي نفسها من السقوط ..وفور أن استعادت توازنها رفعت له رأسها بشرر وقد انتابتها نوبة هادرة من الغضب الهائج, لا الخوف..
هتفت ساخطة: "كيف تعاملني بهذا الشكل؟!"
اقترب خالد منها ببطء وحش يتربص بفريسة مستفزة ..عيناه كانتا تتفحصانها بدقة ..كما فعل عندما لمحها وهي تقف عند الباب مرتدية أحد سراويلها القصيرة اللعينة..
قال أخيراً بصوت جمد الدماء في عروقها: "لا مزيد من الخطب الرنانة ولا التهديد يا سَبنتي.. هذه المرة قرار سينفذ كحد سيف على عنقكِ، إن رأيت إنشاً واحداً من جسدكِ يظهر أمام أحد غيري، ستحبسين داخل جدران هذه الغرفة حتى تتعلمي الأدب، ولا أحد، وأعني أي أحد قادر على تخليصكِ من بين يديّ!"
انكمشت قليلاً إلا أنها رفضت أن تظهر له خوفها عندما هتفت: "الأمور لا تحل بهذه الهمجية.. ثم أنا مهذبة رغماً عن أنفك.. لقد كنت أنوي تغيير ملابسي و..."
هدر خالد بنبرة مرعبة: "اخرسي وابتلعي لسانكِ, لا أريد سماع المزيد من الهراء ..كلامي سينفذ بالحرف الواحد"
منظره المتوحش مع صوته كان يفترض أن يشعرها بالرهبة والخوف إلا أنها وجدت نفسها تقول بتحدي: "أنت لا تمتلك أي سلطة عليّ ..سأظل أفعل كل ما أريده وما يناسبني"
توقعت أن يقوم بإحدى ثوراته وأن لا يتحكم في انفلات أعصابه كالعادة ولكن هذا لم يحدث ..بل ظل ينظر إليها طويلًا.. نظرة جعلت عظامها تذوب بالرهبة واختلاج آخر يدغدغ أطرافها الحسية لم تفهم أسبابه..
"جيد" أجاب أخيراً وهو يتوجه نحو غرفة النوم بهدوء تسبب بالفعل في إخافتها..
ثبتت سَبنتي مكانها لدقائق عاجزة عن إبداء أي رد فعل ..هل تستغل الفرصة وتهرب من هنا وتحتمي في والدته وراشد المترجل بالحديقة أم تدخل وراءه لتفهم سر هذه الضوضاء المكتومة التي بددت هدوء الجناح..
ولكن متى تحكم التفكير السليم، مع خالد دائماً ما كانت تتبعه تطلب وده، تحاول مراضاته.. وملعون قلبها الذي عاهدته أنها لن تعود لفعل هذا أبدًا.. ملعون بكل سخط العالم إذ جرها نحو اتجاهه جراً..
توسعت عينا سَبنتي بهلع وشهقت بصوت عالي وهي تندفع نحوه تمسك بكل قوتها يده التي حملت مقصاً معتدياً على كل ملابسها المميزة يحولها لأشلاء.
:-"خالد.. ما الذي أصابك؟ توقف"
زجها بمرفقه بكل سهولة ..وعاد يجذب بنطالاً قصيراً مميزاً من الجينز الملتصق وأمام عينيها أمسك أطرافه بيديه ومزقه دون استخدام المقص بسهولة وبكل بساطة ودون انفعال واحد عكس قلبه الذي يغلي كطنجرة الضغط متصاعدة الأبخرة بدوي مزعج داخل صدره.. ثم قال: "هذه المرة كان دور ملابسكِ.. المرة المقبلة..."
صمت قبل أن يلتقط بنطالاً آخراً ومزقه بشكل إجرامي وهو يكمل بتشفي: "المرة المقبلة سأنزع وركيكِ الذين تفرحين بهما حد التخايل, عن سائر جسدكِ"
تدلى فك سَبنتي حتى منتصف صدرها.. وأخذت تتراجع خطوات للوراء بذعر يتصاعد.. ودون تحكم آخر رفعت يديها المرتعشتين لتصم أذنيها وتغلق جفنيها بقوة..
إلا أن حركتها هذه لم تكتمل ..عندما ترك خالد الفوضى التي امتدت من حجرة الملابس حتى غرفة النوم.. أحست بكفيه يقبضان على يديها فبدأت نزاعها المعتاد معه وهي تنكمش أكثر برهبة..
هدر أخيراً بصوت صارخ غاضب في ظاهره ولكنه ارتعش في باطنه خوفاً عليها: "إياكِ.. افتحي عينيكِ وواجهيني حالًا.."
أخذت سَبنتي تجذب يديها بقوة دون جدوى هامسة بصوت مختنق.. وقد بدأ كل شيء كما مشاعرها ومشاعره تخيفها حقاً: "اتركني.. ابتعد عني"
أبى أن يفعل ..كما تحول كل غضبه في لمح البصر لكتلة من نيران الخوف وعنف المشاعر: "واجهيني.. تبجحي كما فعلتِ بالأسفل ..هذا الرعب لن يخدعني مرة أخرى يا سَبنتي ..أعلم أن وجهكِ الآخر انتصر وبدأ في نشر فوضاه"
بدأت دموعها بالتساقط ورأسها يتحرك يميناً ويساراً برهبة ..قائلة بترجي: "غير صحيح.. ابتعد أرجوك.."
إلا أنه انحنى نحو وجهها وقد نجح في رفع ذراعيها وألصقهما في الحائط خلفها ثم همس بصوت أكثر عنفاً وعمقًا: "إن لم تنظري إليّ الآن ..سأقبلكِ وألمسكِ يا سَبنتي دافعاً لكِ أحاسيس عدة حقاً, هذه المرة لن تقدري على التعامل معها"
ضمت شفتيها بعنف بينما تعتصر جفنيها أكثر رداً على تهديده.. بينما تحاول عبثًا إبعاد وجهها عن مرماه..
انحنى خالد يتتبع وجهها حتى داعبت أنفاسه بشرة عنقها وجننتها متسارعة النفس بجنون وألم: "إذاً سأعتبرها دعوة مرحبة"
انتفضت بقسوة عندما حطت شفتيه المحترقتين فوق وجنتها ثم عادت لتواجهه سريعاً.. فسقط وجهه عنها ..تنظر إليه وهي تفتح عينيها بطريقة اللص الهارب ..صرخت بعنف: "ابتعد ..لا أريدك"
ابتعد بكل هدوء وبساطة ..ووقف ثابتًا أمامها مستخفاً ..برغم أن كل عضلة فيه كما كل خلجة لم تكن ثابتة قط: "ولا أنا أريدكِ ..أفضل حماماً قصيراً ونوماً طويلاً على رؤية وجهكِ ..وليس معاشرتكِ"
تحركت من مكانها تشرد بعيداً في مكان قصي وهي تهتف بجنون: "لا تتحدث معي بهذه الطريقة.. أحذرك"
منحها نظرة شاملة مستخفة وساخرة ..وهو يرفع كتفيه بلا مبالاة ثم قال وهو يخلع القميص الرياضي المبتل بعرقه نتيجة الجري الطويل منذ ساعات: "لا ..سأتحدث بما هو أسوأ من هذا، بالنهاية وجب عليّ تثقيفكِ لتجدي مادة قذرة تتشاركين بها في الجلسات النسائية"
امتقع وجه سَبنتي بالغضب والحرج ..ولم تجد دفاعاً واحداً توضح به موقفها, لأنه محق جداً فيما يتعلق بهذه النقطة..
أطرقت أرضاً ولم ترد ..ولم تتحرك من مكانها أيضاً.. كما هو لم يحاول أن ينطق بأي حرف آخر ..حتى وهي تسمع هوجاء أنفاسه و ترى حدة أفعاله وهو يركل الملابس الممزقة بعنف من أمامه متابعاً طريقة نحو الحمام..
وعكس الاحترام الذي كان يبديه نحوها مراعياً خجلها وحالتها خلع ملابسه كلها.. وكأنها ليست موجودة بالأساس..
وجوده في غرفة الملابس المكشوفة بالنسبة لها قد طال ..كما حدة تحركه.. مما دفعها بوجنتين محمرتين وقلب يدق بعنف غير مسبوق ..أن ترفع وجهها ببطء مختلسة النظرات إليه كما اعتادت مؤخراً..
تسرق لقطات من الانبهار بجسده الضخم، صدره العريض, فكه القوي المنحوت.. جاذبيته طاغية تزداد كل يوم في عينيها بطريقة خطرة ومؤلمة ..لا هو يساعد ليفهمها ..ولا هي تملك شجاعة أخرى للاقتراب ودعوته..
لقد كانت المرة الأولى والأخيرة تلك الليلة التي عاد بها من السفر حين تجرأت فيها وطالبته بصمت باحتياجها متعشمة أن يفهم وحده عبر تلك الدعوة انجذابها نحوه..
تفهم مشاعرها التي أصبحت تتحرك نحو خالد كزوج وليس حبيب المراهقة بحب عذري.. ولا ابن العم ..إلا أنه لم يفهم بالطبع كأي رجل شرقي أصيل عقله يتوقف عند التصريح المباشر والمحدد فقط!
انتفضت منتزعة من أفكارها عندما سمعت صوته يصرخ من جديد: "أنتِ يا عذراء الربيع، أين المناشف؟! لا أجد أي واحدة تخصني"
تقدمت بارتباك نحو الغرفة الصغيرة ..دخلت أمامه تحاول بأكبر قدر ممكن تحاشي النظر إليه ..بيدين مرتعشتين لأسباب أخرى تماماً هذه المرة سحبت من الأرفف الخاصة بها منشفة ومنحتها له دون أن تستدير: "يمكنك استخدامها"
إلا أنه لم يكتفي بعد من الشجار كما يبدو.. التقط أنفاسه وها هو يتأهب لجولة أخرى: "لا والله.. أستخدم منشفتكِ الوردية الطفولية؟! وأين البقية يا هانم؟! أخبريني لماذا تزوجتكِ تحديدًا.. لأقبلكِ كل ليلة وأضعكِ بجانب الحائط؟!"
ضحكت ..رغم كل التوتر لم تقاوم ضحكة اهتز لها كتفيها وهي تعلق بسخافة: "أنت تقبلني وتضعني على الفراش.. لا الحائط"
صرخ منفلت الأعصاب: "سَبنتي"
مدت سَبنتي ذراعها للوراء ثم قالت مدعية الجدية وكأنها تحدث طفل: "سأهبط وآتي لك بالمناشف التي تحبها ..استخدم هذه الآن ..لن أخبر أحداً.. أعدك"
جذب منها المنشفة بحدة، ثم لفها تحت خاصرته وهو يعلق باستياء: "بالطبع ..أنتِ لا تنشري إلا الأمور الحساسة ..ربما لاحقًا تحتاجين لأخذ صور لتؤكد حجتكِ على نومي"
أطرقت وهي تتنهد ..ثم همست: "أنا لن أدافع عن نفسي ..ولن أتحمل جلد آخر بالإذن منك"
استدارت تنوي المغادرة ..إلا أنها لم تفعل, بل فور أن واجهته علقت عيناها داخل عينيه المحتقنتين بدماء الغضب والاشتهاء!!
هل يرغبها.. الآن وبعد شجارهما.. بعد أن نفى أي رغبة بها؟!
ذاهلة.. مرتبكة وضائعة في أحاسيس لم تكره لأول مرة تدافعها بداخلها.. حدقت داخل عينيه بضبابية الغرام ..تتنقل عينيها بخفة وانبهار على عضلاته البارزة المنحوتة كأجساد المصارعين.. ولكن دون توحش بل بطريقة فاتنة مثيرة بسحر خطر ..لا إرادياً وبأنفاس تتلاحق انزلقت عيناها نحو معدته المسطحة البارزة عضلاتها بإبداع من الجانبين ..حتى أغلقت عينيها بقوة وهي تلهث بجنون أكثر ..ودفعت نفسها دفعًا لتشرد من أمامه كظبي هارب قبل الوقوع في براثن نمره النائم!
ولكن محاولتها طارت في الهواء عندما سحبت من ياقة ملابسها عند عنقها كحرامي غسيل قبض عليه بالجرم المشهود..
"لا ...لن تفلتي كل مرة بعد أن تثيري فوضاكِ" زمجر بصوت خفيض خشن..
حينها شعرت بلسعة من الألم عندما أدارها بخفة وزجها نحو الأرفف يلصقها فيها, أمسك خصرها ورفعها للأعلى ..تلقائياً أسندت يديها الناعمتين على كتفيه ..بينما تهتف باضطراب وهي تنظر نحو وجهه المرفوع: "ماذا؟!!"
زمجر مرة أخرى من بين أنفاسه: "تريديني؟!"
أجفلت.. لهثت.. وتعثرت: "نعم"
حبس أنفاسه ..بينما قلبه يهدر بصخب لحد إن زاد بدقة أخرى سيتوقف لا محالة ..نبرته معذبة مبحوحة وهو يصيح: "ترغبيني؟!"
تدفقت بداخلها عواطف كثيرة بعثرتها ..أسقطت كل دفاعاتها.. أنهت كل الأصوات المعتادة التي تحاوطها كلما اقترب ..بينما أحاسيس وردية تنتشر بداخلها وتموج كالمياه الناعمة داخل كل شريان فيها..
"أنا ..أنا أعتقد بأني معجبة بك.. بكل شيء فيك ..وأجهل إن كان هذا صحيحاً أم أني..."
صمتت سريعًا تسبل جفنيها ..تترك كل جزء منه يحترق كما كل لمسة منها تحرق جلده وتضعف عضلاته المتصلبة.. تسللت كلها ما بين شريانه لتجري في دمائه..
أخفضها قليلًا بينما يده ترفع إحدى ركبتيها يلفها حول خصره ..ثم بيده الأخرى خلصها من كل ملابسها بلمح البصر ..بينما يقول بحرقة من بين أنفاسه: "وأخيراً نطق هذا الفم الغبي والشهي بالإجابة الوحيدة والصحيحة التي أحتاجها.."
تلاحقت أنفاسها بجنون حتى ما عاد مكان في صدرها لتحمل المزيد من الضغط ..عندما غرز أصابعه في مؤخرة رأسها يخفضه نحوه.. يقبلها بجوع وعنف وبقسوة كل الحرمان الذي أحيته بداخله لشهور وربما لسنوات..
حرارة عواطفه أذهلتها.. إذ أنها تستمتع لأول مرة دون حذرها ..متخلية عن قلقها وأفكارها المشوهة نحو الحميمية ..بأنها مرغوبة, مثالية, تفقده عقله، تمتلكه وحدها, لم يشاركها فيه أي امرأة قط ..ولن تفعل أبداً..
وحدها من وشمت خالد بكل عبثيتها وجنونها ..وحتى أشباحها ..لقد تملكت كل جزء منه وملأت كل أحاسيسه ..كما تشعر بامتلائها به دون فكاك..
أزاحت رأسها للوراء محشورة بين الملابس التي تتساقط حولهما كما تتساقط كل موانع الأيام الماضية ..كما انفلت كل تحكمه وحذره ...سامحاً لوحشه أن يغزوها ..همست من بين لهاثها: "خالد.. توقف، ليس هكذا أرجوك ..لا يصح..."
رفع رأسه ثم تكلم بنبرة ضارية ..بحاجة لا تؤجل: "وما الذي تعلمينه أنتِ يا عذراء الربيع عن ما يصح وما يجب؟!"
تشبثت بكتفيه بقسوة ..ورأسها يرتفع قليلاً تحدق فيه بذهول غلبه الارتباك والشوق..
"لا أعرف" همست
إلا أنه عُمِي بحاجته وصدمته التي تتوالى وهو يضبط عينيها تنظر إليه بتلك الطريقة التي رغم براءتها وانعدام خبرتها تحرقه وتذيبه، تطبع بنفسجها فوق كل بقعة من جلده تقع عليها ..بنيران ملونة تثير الفوضى، ولا ترتبها أبداً..
وبعدها لم يتبادلا كلمة واحدة إذ تركا حاجتهما من تتحدث، عواطفهما الطبيعية من تتصرف ..غرائزهما الإنسانية من تسيطر..
ضئيلة, صغيرة مقابل جسده الذي يغطيها كلها ويحركها كاللعبة.. يحطمها فوق الأحاسيس.. يعبر بها لطريق لم يهتم ما الذي قد يجده مقابله حتى وإن كان الندم ..أو تسميم بدنه المعتاد ..سيأخذ حقه منها ..ويمنحها ما تطالبه به دون أن تفسره حتى ولا رجعة في قراره..
**********
بعد وقت...
سقط رأسه على كتفها.. بينما هي تتعلق فيه كالقردة ذراعيها يحتضنان كتفيه بقوة ..تقرب نفسها منه وتدفعه إليها بأكبر قدر ممكن.. ولدقائق طويلة الشيء الوحيد الذي كان يعلو على أنفاسهما الصاخبة هو الذهول البحت والمعتاد من جانبها..
إحدى ذراعيه تحاوط خصرها بينما يده الأخرى مستندة على أحد الرفوف يوازن ثقل جسده وثقلها الملتصق فيه..
رفع وجهه قليلًا وفمه يداعب خصلات شعرها الملتصق على عنقها نتيجة إجهاد عواطفهما.. قال أخيراً قاطعاً الصمت بصوت مبحوح: "حبيبتي أحتاج للنظر لعينيكِ ..اشتقت إليهما"
دفعت بكتفها وجهه في رد فعل أوحى بخطورة الوضع ورد فعلها ..وخلال دقائق أفلتت نفسها منه ..تزجه بكل قوة دون أن ترفع نظرها إليه..
أفلتها خالد وفي لمح البصر تبددت كل المتعة ليحل مكانها القنوط.. راقبها دون أن يحاول تحاشيها أو تعثرها وانتفاضها الشديد وهي تصل لأول شيء التقطته يداها وارتدته على عجل، مئزر من الحرير الناعم بلون أسود وخطين مذهبين من شقه المفتوح..
بالطبع لم يرها قبلاً ترتديه ..هو بالأصل لم يلمحها ولو على سبيل الشفقة على قلبه ترتدي أي ملابس خاصة ..ما زالت تمنحه ظهرها ..أصابعها الخرقاء تربط الحزام بإحكام..
والتفت إليه أخيراً ..تحدق فيه بطريقة غير مفهومة ..نحرها يتحرك بصعوبة وكأنها تجلي حلقها وتجهز نفسها لإحدى زوابعها..
تحركت سَبنتي للوراء دون أن تفارق عيناها عينيه ..لقد حاولت أن تفلت من استحواذ هاتين الحدقتين الدخانتين.. المغويتين ولكنها لم تستطع..
وقفت أخيرًا أمام الفراش ..بينما هو استند على إطار الباب ..ولم يرحمها من حصاره ..ملامحه تتغير للإصرار، ولنفاد الصبر .ويخبرها بأنه ما عاد هناك أي أسباب للخوف ولا التراجع لأفكارها المشوهة عن العلاقات ..هما مختلفين ..هما لا يشبهان أحد.. هي به معجبة و تحبه ..وكل ما يحدث بينهما تحت إطار شرعي مبارك من الخالق قبل المجتمع أجمع..
"لا أحب أن تلمسني" همست بعينيها المتوسعتين.
كست عينيه غشاوة من العاطفة، ولكن بلا غضب أو انفعال: "لقد لمستكِ وانتهى الأمر يا سَبنتي ..عليكِ أن تنضجي قليلاً ..إذ أني لم ألاحظ وأنتِ معي أي موانع من جانبكِ، أو حذركِ المعتاد"
هزت رأسها بيأس قبل أن تقول بقوة: "لا ..قصدت أني دفعتك عني في الليالي الماضية لأني أخشى أن تلامسني, ليس لأني أكرهك أو أخافك وإنما..."
صمتت وهي تقترب منه خطوة ترفع رأسها بإصرار ثم أكملت بثقة: "السبب الوحيد هو كل هذه العواطف والأحاسيس التي تخلقها بداخلي ..إنها كثيرة ومتشابكة ..وأنا.. أنا ما عدت أحتمل التعامل مع كل مشاعر البشر دفعة واحدة.."
عيناه الداكنتان نظرت إليها باتساع وارتجفت شفتاه ..وكلماتها تهبط على بقايا نيرانه التي لم تنطفئ بعد فتشعلها كما يشتعل الهشيم بكل بساطة..
اعتدل واقترب منها هو الآخر خطوتين ..إلا أن تضاربها تصاعد مرة أخرى بوتيرة ثورية وهي ترفع يديها بتنديد صارخة: "ولكن ورغم عدم ممانعتي.. لا يحق لك أن تتعامل معي بهذه الطريقة الهمجية ..أنا زوجتك ..زوجتك ولست قطة وجدتها في إحدى الأزقة فتحشرها هناك"
ارتفع حاجبه الأيسر وجبهته تميل ينظر إليها بسخرية ودهشة من التفسير الرهيب..
قفزت على قدميها كدمية تلاعب بها أحد الأشخاص فيزيد مظهرها إغراءً ..بشعرها المبعثر وعينيها اللامعتين وفمها المنتفخ ..ووجهها المحمر.. رفعت كفيها وضربته فوق صدره العاري ثم كررت بغضب ثوري: "إياك أن تكررها, هل تفهم؟"
لم يكن تحذيراً بل دعوة أخرى مفتوحة وتحدي عالي ..الآن الذهول أصبح من نصيبها.. عندما أمسك بمعصميها وجذبها منهما.. وهو يقول بنبرة عميقة كخرير الشلالات: "تريدين المعاملة كزوجة ..حسناً دعيني أوضح لكِ بطريقة أكثر عملية كيف تتعامل الزوجات"
ارتعدت والحمرة تكسوها وتمتد من وجهها حتى عنقها وما أسفله.. متلاحقة الأنفاس راقبته وهو يفك حزام مئزرها بحركة واحدة بينما يده الأخرى تحتضن خصرها من تحت فتحته.. ورغم انكماشها الذي لم يدم إلا لحظة.. إلا أن لهفته وحرارته وفقدان سيطرته قوبل بمشاعر متطابقة منها.. فمها قابل فمه بالمنتصف ..يداها ارتفعت تدفنها في مؤخرة عنقه ..كما فعل هو ..كلها يتراجع بالتوافق مع دفعه لها ..حتى أنها لم تتدارى خجلاً منه عندما سقط مئزرها كما كل دفاعاتها حول قدميها ..حتى سقطت فوق الفراش ..جالسة بينما هو ينحني فوقها متشابكين بالمشاعر واللهفة..
تجذبه إليها بلهفة كما هو يقترب منها بتسارع مجنون لاهث, فمه تتسلل منه الكلمات من بين قبلة وأخرى: "أريدكِ ..أريدكِ يا سَبنتي ..لطالما أردتكِ كما لم أرد شيئاً في حياتي قط"
أسدلت جفنيها المفعمين بالغرام لأول مرة في حياتها تتذوقه ..جسدها خاضع تحته ومتنعم بجماله ورجولته كما لم تحس به أبداً ..هل أخبرت نفسها أنها شعرت به آخر مرة ..لا لقد كانت مجرد طفولية جاهلة ..بل الآن فقط هي تشعر بأنها زوجة لخالد وتكتشف معه معنى الأحاسيس الحقيقية وتتذوق الحميمية..
أرادت أن تقول شيئاً ..أي كلمة تهدئ بها لوعة قلبه فوقها ..تهدئ من عذاب كلماته وهوسه بها ..ولكنها جهلت بما يجب أن يقال، فعبرت عن مشاعرها بكل الخيالات والحاجة التي بنتها بداخلها خلال الأشهر التي كانت فيها تتأمل تفاصيله بانبهار وشهوة..
إن كان هذا هو الوصف الصحيح لما شعرت به نحو زوجها ..وبالنهاية ولأول مرة حصل خالد هو الآخر على ما يريده ،أن يملأ الوحشة التي تتركها بداخله كل مرة دون أن تشبعها ..لم تكن مستقبلة فقط.. بل متفاعلة بقلبها, بعواطفها وبيديها التي حاربت مع يديه فوق بعضهما يلامسان كل إنش وعضلة من جسديهما..
"أحبني ..أحبني" همست أخيراً برجاء ضوء الشمس الذي يتسلل عنوة من داخل ضباب ستار ثقيل يصر على حجب دفئها, ووقتها هو أيضًا أحبها بطريقته ..بطريقة رجل يريدها ولا يرغب من الكون سواها, مترجماً كلامه لأفعال حارة تصهر الحجر ..وتغلب كل أشباح الماضي والحاضر..
..............................
صباحاً... فتح خالد عينيه على ضجيج مكتوم يلحقه آخر وآخر..
ارتفعت يده للوراء يبحث على الطاولة الجانبية لفراشه عن الهاتف.. وسحبه أمام عينيه المغلقتين للمنتصف..
فتح الرسائل يكتب بضجر: "مزعجة, حتى داخل غرفة نومي تجدين لكِ مكاناً للتسلل"
أرسلت بدور لاصق قبلة شفاه حمراء مغيظة ..تبتعها بضحكة طويلة ..ثم أرسلت: "هذا جزائي بعد أن ألهيت راشد الذي سأل عن زوجتك فوق العشرين مرة ..ومنعت إياب من الصعود لخطفها منك"
أرسل بتهكم: "إنجاز فظيع تحتاجين عليه صفعة"
ضحكت مرة أخرى قبل أن تكتب بتآمر: "اسمع أحدثك الآن لأخبرك بأن تبقى في غرفتك لأكبر وقت ممكن وإن أجبرت للخروج اهبط من النافذة ببراشوت سيكون أفضل لكما يا حبيبي ..لأن فرقة الإعدام تنتظرك منذ الأمس بتحفز ..لقد كنت بطل جلستهن بالأمس ..أعتقد أنهم يحسدونك الآن"
أرسل مشاغباً فبدور الوحيدة التي يستطيع أن يمازحها دون تحفظه المعتاد: "جيد، هذا يوحي بأني أصلحت صورتي أمامهن بعد فضيحة نومي المدوية"
أرسلت بدور ملصقات لقرود خجلة ..ثم كتبت: "أخبر كائن الكوالا أن تلتزم الصمت أو أحجزها عندك أيضًا فالجميع يتوعد بتكتيفها ونزع المعلومات الخطيرة منها انتزاعاً"
ابتسم وهو يرسل لها: "علم وينفذ.. شاكرين أفضالك يا عميل ألف"
وضع الهاتف جانباً ..وهو يستدير للكوالا التي لم تصبح كوالا بالمطلق ..ولا عذراء الربيع أيضاً بأفكارها ..لقد أصلح خطأه الشنيع أخيراً إذ بقي طوال الليل متيقظاً عاجزاً عن أن يرحمها أو يرفع يديه وعواطفه عنها..
لم يتبادلا الحديث مرة أخرى ..لم يتكلم أحدهما بل تركا لمشاعرهما العنان, كل منهما يعبر بطريقته عن حاجته للآخر ..لن ينكر أن بعض من التوجس ما زال يحيطهما من جانبه على الأقل ..إذ لم يحاول أن يفتح معها أي كلام من أي نوع ..وبالنهاية عندما أستنزفها تماماً ..كان يرفع وجهها إليه ليحدق في عينيها يرى ما يتزاحم فيهما.. ولكن لم يكن هناك إلا انعكاسه هو ..وضحكة خجلة خبأتها في صدره ..ثم نامت أخيراً بين ذراعيه التي تحاوطها..
تحركت بجانبه تتقلب على بطنها فسقط الغطاء الذي كانا يتشابكان تحته حتى منتصف ظهرها العاري بلونه الذهبي ..شعرها القصير الفوضوي منثوراً على الوسائد جانبه ملامساً وجهه..
شعر خالد بحرارة جسده تحرقه ..تثيره من جديد وتعذبه للنخاع .. ألا يشبع منها ..لقد ظن أن قلبه امتلأ حد التخمة.. ولكن هو اكتشف أن كلما نهل منها وحشه الرجولي يهدر مطالباً بكل ما يطاله منها..
اشتدت قبضته حولها ..بينما أصابعه تلامس بشرتها الناعمة ببطء, جفناه يغلقان وفمه يقبل كل خصلة من شعرها الناري على حدة..
بالبداية تحركت بنعومة مطلقة ضحكة ناعسة وكأنه يدغدغها ..حتى شعرت بيديه تسللان بجرأة أشد.. وقتها انتفضت دفعة واحدة مجفلة ..تجلس على ركبتيها أمامه..
توسعت عيناها بنظرة اللصوص الحذرة تلك قبل أن تغزوها الحرارة كما كل ذكريات الأمس دفعة واحدة..
"صباح البنفسج.. بقتي الشقية"
عضت على شفتها السفلى بقوة ..وهي تدفع شعرها وراء أذنها في حركة معتادة تثير جنونه ..ثم اندفعت تتسطح جانبه وتستر نفسها به وبالغطاء ..لم تهرب ولم تدفعه ..هذا مبشر جيد أليس كذلك؟!
عم صمت هادئ بينهما ..بينما هي تتحرك بنعومة شديدة على صدره وبين ذراعيه ..حتى تراجع رأسها على الوسادة جانبه..
تشبك أصابعها في بعضهما ببعض التوتر الذي لم يصب ملامحها: "أحتاج للسؤال عن شيء"
ارتفع خالد على مرفقيه يشرف عليها ..ثم قال برقة: "هكذا منذ الصباح ..أليس أولى أن نناقش أمورنا المعلقة؟!"
ارتفع حاجباها بجهل: "أي أمور؟!"
ارتسمت ابتسامة حنونة شقية على شفتيه ثم انخفض يلثم وجنتيها بحنان وهدوء وقال: "هناك أمور معينة ..يمارسونها العرسان عادةً قبل أن يستيقظوا من نومهم حتى"
ارتفع حاجباها أكثر وهي تقول بدهشة: "مرة أخرى!! لماذا؟ هل نحن مشتركين بسباق من نوع ما؟!!"
رفع أصابعه يداعب بها عنقها ..ثم قال بصوت خشن: "إنها أحلام مؤجلة منذ سنوات طويلة وقد حان وقت تحقيقها"
أسبلت أهدابها وهي تضحك بخفوت خجل ..حتى أطلقت سؤالها أخيرًا: "أحتاج لأفهم نفسي، ولا أستطيع إخبار أحد بذلك غيرك"
بانت الجدية على صوته وملامحه ..وهو يقول: "أسمعكِ حبيبتي"
فتحت له عينين واسعتين مغويتين بعفوية بريئة ..قبل تقول بتوتر: "لقد أمسكت نفسي أنظر إليك مرات عديدة بإعجاب جسدي بحت ..فأنتَ تغويني بطريقة ما ..وما أعرفه بأنه يفترض أن الأمور تكون بالعكس ..فهل هذا طبيعي أم أني..."
عضلات جسده جميعها توترت ..وتشنج كله بطريقة حسية خطيرة ..بينما نظرة عينيها تلك تضربه بالضربة الناهية لكل تماسكه.. ولما التماسك بالأساس؟ لقد فات الأوان للحذر وما عاد هناك احتمال للتراجع..
شهقت عندما أمسكت بها يداه وسحبها بخشونة يغطيها كله ..مرتفعاً على كفيه بجانب رأسها ثم قال بصوت مفعم بعواطفه ..حاراً قاهرًا أنساها كل محيطها ويذكرها بأنها معجبة به وتعشقه: "أنتِ تريدين قتلي ...لا بل أصاب سهمكِ قلبي منذ زمن"
رمشت وهي تقول ببراءة: "وماذا فعلت الآن ..كان مجرد سؤال عفوي"
عندما انخفض إليها قال بخشونة: "وسأمنحكِ الإجابة عملياً من جديد إذ أنكِ لا تفهمي الإجابات الشفوية.."
ولم تملك إلا أن تضحك من بين أنفاسها مدركة شيئاً واحداً يصرخ في عقلها ..لقد أخبرت نفسها أنها تستطيع التظاهر لمنحه ما يستحقه حتى لا تفقده ..ولكنها الآن تعرف أنها منذ الأمس نسيت أن تتظاهر كلياً..
*****************

يتبع الأن
:s m91::sm1 2:


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 03:54 AM   #9879

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الخامس والستون المشاركة " ٤"


انتصف النهار عندما نظرت سَبنتي لساعتها داخل سيارتها المخصصة..
مرتبكة ربما ..خائفة هذا لا جدال فيه ..إلا أن تملك من العزيمة والإصرار أن تلاحق الأمل متخلية عن الألم ..وما الذي قد يحدث أكثر مما حدث معها بالفعل؟!
لقد قطعت شوطاً هائلاً في حياتها وخلال ثلاثة أسابيع فقط..
هبطت أخيرًا من السيارة مدركة لذلك الحارس الذي لا يرفع عينيه عنها بحذر!
يزعجها ..متى تقدر على التخلص منه ..والإجابة القاطعة حصلت عليها من خالد قبل ساعات عندما أوصلها للجامعة "أبداً!"
لقد عرفت أيضاً أن حارسها يراقبه حارس بأمر من راشد نفسه ..أي أنها محاصرة والدائرة حولها مغلقة بشكل يصعب منه التنفس حتى..
تحركت نحو المبنى المألوف فتبعها بالتوالي ..توقفت وهي تنظر إليه ثم قالت بهدوء: "ابقى هنا ..لن أحتاجك بالأعلى"
أومأ إلا أنه لم يسمعها وكأنه حجر..
نفخت بتعب وهي تسلم أمرها.. يكفيها التعامل مع كل فوضاها الخاصة الآن..
استقلت سَبنتي أخيراً المصعد ..وخلال وقت قصير جداً فتح الباب الداخلي لها ..بعد أن سمحت لها المساعدة لتتواجه مع ليلى..
"مرحباً" قالت بارتباك
وقفت ليلى أمام الباب تعقد ساعديها على صدرها تتأملها بهدوء شديد وبكل حيادية ..ثم قالت بهدوء شديد مختصر: "مرحباً يا سَبنتي الراوي ..كيف حالكِ؟ ولماذا أتيتِ؟؟"
سحبت سَبنتي نفساً طويلاً جداً قبل أن تتقدم خطوة وتغلق الباب وراءها ..ثم ردت بريق جاف: "أتيت لأني أحتاج مساعدة من متخصص ..أرغب في العلاج ..أنا أجيد التظاهر بأني بخير إن أردت وبقليل من الاهتمام ..ولكني لست كذلك"
ارتخت ملامح ليلى بابتسامة عملية غلبها الحنان ثم قالت برقة: "مرحبًا بكِ إذاً ..يسعدني لأنكِ اخترتني بالنهاية لمساعدتكِ"
اضطربت من جديد وعيناها تتهربان من ليلى قبل أن تقول بنبرة صرخ الجرح الدامي والضعف فيها: "لكني أحتاج لسؤالكِ أولاً ..كيف أصبحتِ تريني بعد معرفتكِ بمن أكون؟!"
ارتفع حاجبا ليلى تدعي التعجب وكأنها لم تتوقع مسبقاً سؤال كهذا ..ثم تحولت الدهشة لتنهيدة تعب متقنة وهي تقول بهدوء: "أراكِ سَبنتي الراوي ..فتاة محاطة بالكثير من النعم التي لا تدركها ..وبقلوب تحبها وتهتم لأمرها ..أبٌ وأخٌ اثنان في واحد قد يفقد روحه فداءً لأنين ألم منها ..وزوج رائع يحسدها عليه كل من يعرفه ..إلا أنه لا يرى من العالم سواها ..وبدل الأم لديكِ اثنتان ..هل اكتفيتِ أم أعد لكِ بقية النعم التي تحيطكِ؟!"
ارتعدت شفتا سَبنتي قبل أن تشير لصدرها وهي تقول بحرقة: "لا ..أريد أن أعلم نظرتكِ لداخلي ..لحقيقة نسبي الملوث"
ابتسمت ليلى بهدوء أيضاً ثم قالت ببطء: "داخلكِ أراه كطفل متهور, غاضب وحاقد على نفسه وليس الآخرين ..طفل نقي يتوجع لأسباب لم يكن له يد فيها ..هذا كل ما رأيته بكِ"
هبطت دمعتان من عينيها وهي تسأل بحرقة: "إذاً هناك أمل ..لن أؤذي أحد مجدداً ..لن تغلبني أشباحي وأتحول لشيطان رجيم مثله"
قالت ليلى برقة: "دائماً هناك أمل ..نحن من نحدد من نكونه يا سَبنتي ..وليس خلفية ولادتنا بالحياة.. الشر موجود لنميز الخير أينما نراه ..الشيطان خلق لنتعلم من معصيته الأولى ولا نتتبع خطاه.. لديكِ عقل يميز، لديكِ ضمير متيقظ ..سيمنعكِ أبدًا من أن تتحولي لأي شيء لا تريدينه"
ارتجفت وهي تقول بضعف: "ساعديني ..ساعديني أرجوكِ"
رقت ملامح ليلى وهي تمد يدها لتلمس ذراعها بحنان في حركة تهدئة ثم قالت بهدوء: "سأفعل ..إن ساعدتِ نفسكِ أولاً يا سَبنتي"
هتفت سَبنتي بقوة تولدت من باطن الضعف: "سأساعدها ..لأني لا أريد الخسارة ..لا أرغب في الألم من جديد يا ليلى ..بعد الأمس ..بعد كل ما حدث بيننا ..لا رغبة لي لأبقى في قبر جدي بين أشباحي.. أريد الحياة"
استرعت انتباه ليلى على الفور، تفهم الآن أن هناك أمر أكبر دفعها لتأتي باختيارها دون ضغط من أحد.. فهي لم تتلقى أي مكالمة من زوجها أو راشد الراوي تخبرها بقدومها..
"وما الذي حدث بالأمس يا سَبنتي؟"
ارتبكت متوردة وهي تضحك بخجل من بين دموعها ثم همست أخيراً: "هذا ما لا أستطيع البوح به ..ولكني سأخبركِ عن بعض الفوضى التي أحدثها بداخلي علّكِ تساعديني حقاً"
ابتسمت ليلى وقد خمنت ما حدث لذا قالت بمرح: "أياً كان هذا السر الخطير.. من مقياس واحد لعشرة ..هل سببّ لكِ الإزعاج والنفور ..أم سعادة تستحقينها؟!"
قربت كتفيها بطريقة منعشة خجلة وابتسمت ثم قالت: "لا زال لديّ بعض الذكاء لذا لن تغلبيني ولن أخبركِ"
تنهدت ليلى براحة هذه المرة.. فهذه الابتسامة وضحت بما لا يقبل الشك أن الأمر حصل على رقم مائة وليس عشرة فقط..
**********
بعد يومين..
تحركت سَبنتي بعيداً عن صديقتها وهي تهمس بخجل لخالد على الهاتف: "ماذا تريد؟"
رد مداعباً: "تعلمين ماذا أريد.. موعد غرامي إن تكرمتِ فغرفة الملابس تفتقدكِ"
"قليل أدب" هتفت بحنق
قال بصوت خشن: "وأشتاقكِ.. احسبي هذا أيضاً"
قالت بصرامة زائفة: "احجز موعداً مسبقًا.. إذ أني مرتبطة بمواعيد"
سأل بهدوء: "ستذهبين إليها؟!"
توترت قليلاً وهي تجيب: "لا أريد المجازفة الآن والتحدث عن طبيبتي ..عندما أحتاج للكلام سأخبرك.. أعدك"
لم يحتج لمعرفة شيء فقد ذهب ليلى بالفعل ..وسمع منها باختصار بعض الإرشادات السليمة هذه المرة ..وحذرته من بعض النقاط التي يعرفها مسبقاً..
قال أخيراً بهدوء: "إذاً أراكِ بعد موعدكِ.. لنذهب أنا وانتِ في نزهة نيلية.. ما رأيكِ؟"
قالت بخفوت: "موافقة طبعًا إن كنت ستطعمني كعاوي"
قال مازحاً: "الكعاوي ومن عرفكِ الكعاوي تحت أمر الأسنان الطريفة"
ضحكت وهي تغلق بعد مواعدته على اللقاء ..ثم ذهبت تودع صديقتها أيضاً ..وانسحبت نحو سيارتها لتلحق موعدها المنتظم مع ليلى..
ولكن هاتفها رن من جديد فرفعته سريعًا: "مرحبًا"
قالت جوان بهدوء مباشر: "اليوم أريد الذهاب للتسوق بعض الأشياء لصغيري ونفسي وفكرت أنه من الممكن أن نتقابل هناك"
:-"لماذا؟!"
تنهدت جوان: "لأني أشتاق إليكِ بكل بساطة وأريد الجلوس معكِ لوحدنا دون حصار من أحد ..أنا وأنتِ والصغير فقط ..هذا إن استطعت تهريب غياث من عفاف بالطبع"
لم تفكر سَبنتي مرتين وهي تقول بحماس: "امنحيني العنوان ..سأتوجه بالحال"
أغلقت الخط ..ثم اتجهت لسيارتها وهي تبعث رسالة قصيرة لأحدهم..
وقبل أن تصعد نظرت للحارس وهي تقول بصرامة: "لا أريدك معي اليوم"
:-"هذا لن يحدث سيادتكِ"
هددت بكل هدوء: "بل سيحدث وإلا سأخبر خالد بأنك تعصي أوامري ..ثق بي لن يعجبك الأمر فأنا بارعة في التملص من حراسي عند الحاجة"
لا, لقد تسببت في ضرب أحدهم لنفسه بالنار ..بعد أن أجبره أخوها، لقد حذروه بالفعل منها مراراً.. إلا أنه لم يخف ولم يتراجع..
لذا كذبت كذبة بيضاء لن تضر أليس كذلك: "لقد أخبرت خالد مسبقاً, يمكنك الاتصال به لاحقًا.. والآن هات المفتاح"
مدت يدها بتعجل.. فظل ينظر لها بشك إلا أنه وقع في خطأ لن يغتفر فقد منحها المفتاح أولاً ..قبل أن يتأكد من زوجها شخصياً..
وهي أسرعت وحركت السيارة وفرت من أمام عينيه الساخطتين.. وليزيد الطين بلة خالد الراوي لم يرد على اتصاله المتكرر..
********
بعد وقت...
هبطت سَبنتي من سيارتها فور أن رأت سيارة جوان وهي تصفها جانبها ..اندفعت تحتضنها بسعادة وهي تقول بتبرم: "لا أحب لون العدسات اللاصقة، لون عينيكِ أجمل مع وجهكِ"
هبطت جوان وهي تفتح باب الصغيرين الموضوعين في مقاعدهما الصغيرة المخصصة ..ثم توجهت نحو الحقيبة لتخرج منها عجلة الأطفال المزدوجة وهي تقول ببساطة: "لا نريد المجازفة أو لفت الأنظار ..هكذا الوضع آمن وأفضل للجميع ..كما أن تغيير مظهري يجعل من الصعب قليلًا لأحد التعرف عليّ كجوان الأمير"
انحنت سَبنتي وهي تدفع حقيبتها الصغيرة وراء ظهرها ..تداعب غياث النائم بانبهار معتاد ..وتمسك بيد أسية الضاحكة لها بجمال.. سريعاً ما تشوه بصوت حقير مظلم دنيء في قسوته.. جعل كل من الأم وابنتها شاحبتين تتحطمان مكانهما من الرعب والكراهية والقهر..
"ابنتي وأمها في مكان واحد وعلى بعد خطوات مني ..يالَ جمال حظي وتغريد قلبي ..من أسعد مني الآن في العالم أجمع؟!"
*********
انتهى
قراءة سعيدة




:el7q oni::smi6 5:



رمضان كريم ☪️ علينا جميعًا أن شاء الله دا هيكون اخر فصل قبل الشهر الكريم ...الرواية بالفعل لم يتبقي فيها الكثير مجرد فصول لن تتجاوز عدد الاصابع ...ولكن بالطبع لن أستطيع الاستناف الا بعد العيد بأذن الرحمن أن كان في العمر بقية القاكم على خير أن شاء الله بعودة شظايا القلوب لأنتهاء رواية تركت بىّ شخصيًا أثر لن يمحى ❤️❤️



Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 04:35 AM   #9880

Ingyamer

? العضوٌ??? » 422056
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » Ingyamer is on a distinguished road
افتراضي

تسلمي نوربلاك 😍😍😘😘😘

Ingyamer غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:59 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.