آخر 10 مشاركات
الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          أشلاء امرأة " قصة قصيرة " بقلم " نور الهدى "...كاملة** (الكاتـب : نور لينة - )           »          خريف الحب / للكاتبة خياله،،والخيل عشقي (مميزة) (الكاتـب : لامارا - )           »          اسرار في الجامعة...قصة حب عراقية " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : شوق2012 - )           »          الرغبة المظلمة (63) للكاتبة: جاكلين بيرد×كامله× (الكاتـب : cutebabi - )           »          تحت إيوان النخاس (3) * مميزة ومكتملة * ...سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          عروسه البديلة (32) للكاتبة: Michelle Styles .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2430Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-07-20, 10:54 PM   #1701

تالن يوسف

? العضوٌ??? » 431382
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » تالن يوسف is on a distinguished road
افتراضي


تسجيل حضور ياشموسه💕💕💕💕

تالن يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 10:55 PM   #1702

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 1

الفصل الخامس والعشرون


(1)


صعد سيد درجات المقهى برشاقة ينافس بها سنوات عمره التي لامست الأربعين وقال وهو يدفع الباب الزجاجي بكتفه ويمسد على لحيته البنية الأنيقة "حسنا لا بأس أنا سأنتظرك في المقهى "
دخل المقهى بخطوات واثقة ووقف يتطلع في الطاولات أمامه والهاتف لا يزال على أذنه .. في الوقت الذي أوقعت بسمة فجأة ملعقة من فوق الطاولة لا تعرف كيف اصطدم بها مرفقها فأصدرت رنينا بارتطامها بالأرض جعل بعض الموجودين يحركون أنظارهم نحو الطاولة قبل أن يعودوا للاندماج مع مرافقيهم منهم سيد الذي تجمد مكانه وهو يرى جانبا من وجه كامل نخلة بوضوح والذي مال يلتقط الملعقة ويعيدها للطاولة ويعود للناحية الأخرى حيث يقف النادل الذي يتلقى منه طلباته .
لم يكن سيد متأكدا إن كان هذا هو كامل أم شامل ..فقط كان على يقين بأنه أحد توأميّ غنيم .. لكن تلك الشابة التي تجلس بجواره بشعر أسود حالك تولي ظهرها له وهيئتها التي استشعر بأنه يعرفها جيدا أكدوا له بأنها بسمة وبأنه كامل نخلة .
قال محدثه على الهاتف "سيد باشا هل أنت معي؟"
غمغم سيد بصوت أجش مرتبك" أجل شريف باشا سأنتظرك سلام "
قالها وهو يخطو خطوتين حذرتين للأمام ليتطلع في المرآة التي تزين حائط المطعم الذي تجلس عنده بسمة مع مجموعة من الناس وبمجرد أن لمح عينيها الزرقاوين في انعكاس المرآة وهي تتطلع في كامل عاد نفس الخطوتين للخلف ليقف عند باب المطعم .
كان لا يزال واضعا الهاتف على أذنه وقد أغلق محدثه الخط فاقترب النادل من سيد يقول بأدب" طاولة لكم فرد؟"
أشار له سيد على الهاتف بما يعني أنه ينصت لمستمعه فرفع النادل يده معتذرا وابتعد بظهره للخلف عدة خطوات ثم وقف يراقب الوضع في المطعم بينما ظل سيد على وضعه يتأمل الثنائي الجالس على بعد أمتار .
كان كامل وبسمة يوليان ظهريهما لباب المطعم وبمجرد أن انتهى النادل من أخذ الطلبات من كامل وابتعد عدلت بسمة مقعدها قليلا لتكون في وضع جانبي من الطاولة ظهرها لا يزال لباب المطعم تكتف ذراعيها وتنظر لكامل بحنق .
بابتسامة ماكرة استدار كامل قليلا لينظر لها فقالت بهمس من بين أسنانها جعله يميل عليها بأذنه ليسمع "لماذا لم تحدثه بصوت عال .. لا تريدني أن أعرف اسم القهوة؟؟"
مال كامل عليها يقول بجوار أذنها مستهبلا "أه !.. نسيت أن أعلي صوتي ..آسف لكني أشرت له على الاسم وانتهى الأمر "
ابتعد عنها وتطلع فيها متسليا وهي تتفتت من الغيظ و تناظره بعينين زرقاوين خطرتين قبل أن تجز على أسنانها وتتكلم من جديد فمال برأسه ناحيتها " هات كتيب الأصناف"
حركة جانبية سريعة من عيني كامل ناحية أصدقائه ليتأكد من أنهم لا يراقبونهما ثم ابعد رأسه عن بسمة قائلا وهو يضع الكتيب أمامها" تفضلي يا باشمهندسة كوني على راحتك واطلبي ما تشائين "
كان سيد لا يسمع ما يقولانه لبعضهما .. لكنه ركز جيدا على لغة الجسد بينهما ورغم أن بسمة لا تزال تجلس بوضع جانبي تولي ظهرها له وكامل لا يظهر منه إلا جانب وجهه حين ينظر إليها .. إلا أن سيد كان يتمنى أن يجد إجابة تريحه .
نظرت بسمة في الكتيب فوجدته مجرد أسماء وأسعار بالإنجليزية دون معرفة أيهم ما تحبه فنظرت لكامل بغيظ فتجاهلها متعمدا ليركز على ما يقولونه على الطاولة وللمرة الثانية يشعر بأن إيوان يختلس النظر لها هو ودعاء .
قبل أن يبدي أية ردة فعل كانت بسمة تمد يدا مختلسة إلى جانب كامل وتقرصه من تحت الطاولة بغيظ في ظهره انتقاما وهي تتصنع متابعة الحوار بين الجالسين فتلوى كامل قليلا لكنه احتفظ بملامحه عادية رغم سعادته بمشاكستها وحدجها بنظرة جانبية ثم مد يده وأمسك بيدها من خلف ظهره واحتفظ بها في يده قليلا مع بعض الضغط الخفيف جعلها تشعر بالألم وتنظر له ببعض الحدة وهو يرمقها بنظرة جانبية متسلية قبل أن يترك يدها ففركتها تجز على أسنانها متوعدة.
كل هذا كان يشاهده سيد وهو يستقرئ لغة جسديهما وقبل أن يتأكد من الانطباع الذي وصل إليه لمح إيوان في الواجهة حينما ترك من كان يغطي عليه بجلسته أمامه مقعده ليذهب إلى الحمام.
بمجرد أن تعرف سيد على إيوان أسرع بالتحرك للخلف وخرج من المطعم وسط اندهاش النادل لكن سيد ظل يراقب الوضع من خلف الباب الزجاجي لبعض الوقت.
في الوقت الذي قال كامل بنظرة موبخة لبسمة وهدير قلبه يعلو على صوت الحاضرين "الناس جالسة لا يصح أن أكسر يدك أمامهم "
اتسعت عيناها فزينت البسمة شفتيه والتفت نحو أحد الندل الذي اقترب يضع أمام بسمة قهوتها وكامل قهوته وبمجرد أن تحرك مبتعدا عدل كامل الفنجان أمام بسمة التي تناظره بغيظ قبل أن تعبس ملامحه وهو ينظر لنقطة ما على شعرها .
نظرته جعلتها تتوجس فمال قليلا نحوها ومد يده إلى رأسها من الخلف وأمسك بورقة شجر صغيرة كانت عالقة بشعرها ووضعها في يدها قائلا بسخرية" ألم أقل لك أنك حورية تعيش بين الشجر !"
دققت بسمة في ورقة الشجر الصغيرة في كفها بذهول بينما حانت من كامل حركة لا ارادية وهو يبعد بعض الخصلات الثائرة عن كتفها ليصطفوا بجوار الاخريات ثم فرد ذراعه على ظهر مقعد بسمة بتملك وهو يعود ليرد على منذر الذي قال بتهكم "يا عرسان هذا عيد ميلادي أنا "
ابتسم كامل ورد وهو يجلس جلسة عنجهية وذراعه لا يزال على ظهر مقعد بسمة "ونحن قلنا عيد ميلاد سعيد يا عم هل تريدنا أن نغنيها .. لديك المغني أمامك "
قالت زوجة منذر" بالطبع سيغني إيوان وهل سنتركه دون أن يغني لنا اليوم "
ليقول إيوان مجاملا " وهل لدينا أعز من منذر "
همست بسمة لكامل بحرج مبررة فمال عليها ليسمعها "بالتأكيد هذه من الشجرة التي مررنا عليها على رصيف المقهى أنا مررت من تحتها "
قال كامل بلهجة متهكمة" مفهوم مفهوم .. (وتطلع في شعرها مضيفا بمشاكسة ) المهم ألا يكون هناك المزيد فيظنون بأني تزوجت من حورية الشجر "
عند هذه العبارة توجست بسمة من أن يكون هناك المزيد على شعرها فلمته على جانب واحد تتفحص أطرافه ثم استدارت لتمنح كامل قفاها ليتفحص شعرها ولولا أنهما أمام الناس لاستغل كامل الفرصة جيدا لكنه لمس بكفه أعلى رأسها لمسة حانية سريعة ليطمئنها وهو يدير وجهه ليرد على سؤال أحد الجالسين .
إنها لحظة التحرر من الأسر .. أو ربما الأمل في الحصول على صك الغفران .
ففي الخارج تحرك سيد مبتعدا .. تحرك بسرعة .. وكأنه يطير .. وأخذ يبحث عن سيارته التي ركنها للتو تائها ..فوقف على الرصيف يمسك بجبهته ويحاول السيطرة على مشاعره ..
إنه سعيد .. سعيد بشدة .. ما استشعره من علاقة الاثنين طمأنه .. فلم يكن يحتاج للكلام ولا الاثباتات ولا التصريحات ..يكفيه أن يحلل لغة جسد الاثنين اللذين بدا بينهما الانجذاب واضحا .. بسمة كانت عفوية بشكل يختلف عن شخصيتها المتحفظة التي يعرفها ..أما كامل الذي كان يرى جانبا من وجهه بوضوح والذي لو كان أدار رأسه قليلا لكان رآه وتقابلت العيون .. كامل كانت كل حركة صغيرة منه تتحدث توشي برجل يهتم بتلك المرأة التي تجاوره ..
وهل هناك من ينافس سيد في فهم لغة العشاق !.. فكامل بدا أمامه مهتما بها .. متملكا لها .. كل هذا وصله من تلك الدقائق وأشعره بالابتهاج .. وأراحه .. أراحه من ذنب ثقيل كان جاثما على صدره .
تمالك سيد فرحته وتحرك بتركيز أكثر يبحث عن سيارته وهو يرفع الهاتف على أذنه ويقول بصوت أكثر ابتهاجا من المكالمة السابقة " شريف باشا يبدو أننا ليس لنا نصيب في أن نرى بعضنا اليوم فالمقهى مزدحم لآخره ... أنت أيضا لازلت عالقا في الطريق ؟ .. لا بأس ما رأيك أن نؤجلها للغد فلنجعلها في الاستوديو .. تمام .. ليس هناك مشكلة في حفظ الله "
قالها وهو يركب سيارته ويغلق بابها ثم ظل ساكنا لثوان يستعيد ما رآه ليتأكد من شعوره قبل أن يرفع أنظاره لأعلى يقول بصوت متهدج "اللهم لك الحمد والشكر لأنك استجبت لدعائي ورزقتها بمن يحبها ويهتم بها .. يا رب أغدق عليها من فضلك يا كريم كما رزقتني من أوسع الأبواب"
وحرك السيارة بحماس وهو يغمغم" في انتظارك يا بسمة أن تخبريني بأنك قد وجدت السعادة كما وعدتني.. في انتظارك لأطوي صفحتك تماما بعدها "
في المقهى بعد قليل شعرت بسمة بالضيق ولم تكن قادرة على التجاهل أكثر لأن إيوان ودعاء لا يكفان عن التحديق فيها كل منهما على حدة .. لكن دعاء هذه كانت نظراتها أكثر جرأة وتحديقا فبدأت تتوتر.. أما كامل فما كان يحاول تجاهله دون جدوى هو نظرات إيوان المختلسة لبسمة.. صحيح لم تكن نظرة مغازلة لكنها بدت غريبة وكأنه يعرفها من قبل .. وحين أدار وجهه ليخبر بسمة برغبته في المغادرة لأن جرعة اليوم كانت قوية على أعصابه وجدها هي الأخرى تختلس نظرة سريعة مرتبكة لإيوان ثم أشاحت بنظراتها فقال بخشونة وهو يحاول ضبط اعصابه" هيا لنرحل"
تفاجأت بسمة بانقلاب وجهه المفاجئ .. ولم تفهم ماذا حدث لكنها هزت رأسها موافقة وكامل يقول للجميع " مضطرون للاستئذان لارتباطنا بموعد و .. "
اندفعت دعاء تصيح فجأة بانتصار "تذكرتك .. أنت زوجة الملحن سيد صبرة .. قابلناك قبل أربع سنوات في أول حفل أقامته شركة الإنتاج لإيوان ( واستدارت لإيوان الذي امتقع وجهه تقول بحماس وكأنها قد اكتشفت اكتشافا خطيرا ) أليس كذلك يا إيوان؟"
ساد الصمت الذاهل وامتقع وجه بسمة بينما ناظر إيوان صديقته بتوبيخ كما ناظرها بعض الجالسين فانتبهت الأخيرة لما قالت وأضافت بارتباك " أقصد .. كنتِ ..زوجته فبالتأكيد لست زوجته الآن"
رجع كامل بالمقعد للخلف بحركة حادة ووقف طويلا ضخما يقول بنظرات مقلوبة وبلهجة خطرة وهو يناظر دعاء "بسمة الوديدي زوجة كامل غنيم نخلة .. حرم .. كامل نخلة"
ارتبك الحاضرون فأسرع منذر بالقول بحرج شديد "كامل .. أرجوك لا تغضب نحن نعتذر بالنيابة عنها .."
ونظر باعتذار لبسمة التي وقفت بارتباك بمجرد وقوف كامل تتطلع في الجميع بحرج من دعاء ومن رد فعل كامل .. وتملكها الضيق حينما شعرت بأنها بزواجها السابق كمن ارتكبت فعلا مشينا.
قال كامل لمنذر بتجهم وهو يحاول أن يسيطر على ضيقه وشعوره بالغيرة لذكر سيرة زوجها السابق " كل عام وأنت بخير يا منذر .. سنلتقي مرة أخرى إن شاء الله "
ونظر لدعاء وايوان شذرا ثم أمسك بمعصم بسمة يشدها نحو الخارج بتشنج ..بينما نظرت دعاء لأصحابها وقالت شاعرة بالحرج "ماذا حدث؟.. لماذا تنظرون إليّ هكذا؟ .. هل كذبت ؟.. إنها كانت زوجته ورد فعل كامل يؤكد ذلك"
قالت إحدى الحاضرات" حتى لو كانت كذلك لقد احرجتهما"
أضاف إيوان بغضب شديد " وأحرجتني أنا أيضا .. أنا تذكرتها منذ أول دقيقة لكن لا يصح ما فعلتيه "
غمغمت دعاء ببرود قبل أن ترفع الفنجان لفمها" حدث ما حدث لم أقصد "
على قارعة الطريق سحبت بسمة معصمها من يد كامل باعتراض تقول بانفعال "كفى اترك يدي"
استدار إليها وقد انقلب لنقيض ما كان عليه قبل نصف ساعة فقال والشياطين تتراقص أمامه" اسمعي يا بسمة ..أنا حاليا في مزاج سيء جدا فلا تستفزيني أكثر "
وأمسك بمعصمها وتحرك بخطوات واسعة يسحبها خلفه وهو يعبر الطريق بمجرد أن توقفت السيارات لعبور المشاة.
بعد بضع دقائق كانت سيارة كامل تخرج على الطريق وهو في حالة من حالات الغضب لم تفهم لها بسمة سببا وجيها .. فازداد شعورها بالاستياء واسترجعت الدقائق التي مرت عليها في المقهى وهي تشعر بعدم الراحة لتلميح دعاء بأنها قد سبق ورأتها مع زوجها السابق ..
هذا الشعور جعلها تعنف نفسها لما تشعر به لحظتها .. فهي ليست بخاطئة لتشعر بهذا الحرج .. لقد كانت متزوجة على سنة الله ورسوله .
قطع كامل شجارها مع نفسها حينما سألها بصوت خافت يخرج من الجحيم وهو يتطلع في الطريق أمامه "هل تعرفينه ؟"
تطلعت في جانب وجهه المكفهر وسألت بعبوس "من؟"
بكلمة مقتضبة أجاب" إيوان"
سؤاله وحالته أضافا لشعورها بالاستياء والضيق المزيد بل وأشعراها بالإهانة فسألته بحدة" ما معنى هذا السؤال؟"
أدار لها وجهه يقول باستنكار" ما معنى السؤال في رأيك؟!"
اتسعت عيناها الزرقاوان وهي تسأله باستنكار مماثل" لماذا تسأل عنه هو بالذات؟؟!"
رد بعصبية واستهجان لسؤالها" رأيته يختلس النظر إليك أكثر من مرة وكأنه يعرفك"
صرخت باستنكار" دعاء أيضا كانت تنظر إليّ"
وزع كامل نظراته الغاضبة بينها وبين الطريق هاتفا "وأنت كنت تنظرين إليه "
عبارته جننت جنونها وزادت من شعورها سوءا فقالت بغير تصديق "هل تشك في أخلاقي؟!!!"
هتف بعصبية وهو يضرب على المقود" أنا لو كنت أشك في أخلاقك لم أكن لأسألك الآن "
صرخت بجنون وقد وصلت لذروة الشعور بجرح الكرامة "ماذا كنت ستفعل إذن؟!!"
نظر إليها كامل يرفع قبضته يحاول تلجيم تدافع الكلمات والأفكار المؤذية في رأسه ثم قال من بين أسنانه" ردي على السؤال .. انطقي يا بسمة "
مجددا نطقه لاسمها دون لفظ التدليل يشعرها بالضيق فزاد ذلك من جنونها وصاحت فيه " لماذا تصرخ في وجهي؟!!.. ماذا فعلت أنا !!.. هو كان ينظر لي ونظراته هو وهذه المرأة اربكتني واشعرتني بالحصار "
بدأ صدر كامل يعلو ويهبط بتوتر واضح مما يكابده اللحظة من السيطرة على موجة غضب عارمة معترفا بينه وبين نفسه بأنها ليس لها ذنبا ..فسألها بصوت بذل فيه مجهودا ليهدأ وهو يدخل بالسيارة مرآب الفيلا " هل ما قالته دعاء صحيحا .. شاهداك في حفل يخص إيوان؟"
ردت بعصبية "أجل ولهذا كنت مرتبكة من تلميحاتها ..لمَ هذا الاستجواب لا أفهم؟"
أوقف السيارة في المرآب ونظر إليها يقول بحدة مماثلة وهو يشير على نفسه" من حقي أن أعرف .. أنا زوجك "
قالت باعتراض وقد نجح في استفزازها كليا فأخرجت درع الكبرياء تتسلح به أمامه "كامل أنا لا أحب هذه الطريقة التي تكلمني بها.. ولم أحب الطريقة التي سحبتني بها أمام الجميع ( ورفعت سبابتها تقول والجنون يتراقص في زرقة عينيها ) وإياك أن تكررها مرة أخرى"
كلماتها ضربت كبرياؤه المجروح كما كان صوتها العالي يضرب بجدران المرآب حولهما فقال كامل باستهجان" ما معنى (إياك) ..هل تهددينني ؟!!"
كانت تشعر بالأسف على نفسها لأن ينتهي اليوم بهذه الطريقة لمجرد أن أحدهما أشار بأنها قد سبق لها الزواج.. وآلمتها (عقدة المطلقة ) التي لم تبرأ منها بعد فهتفت وهي لا زالت ترفع سبابتها " أرفض هذه اللهجة المتشككة في سلوكي ..وأرفض أن تكون حياتي السابقة فرصة للاستجواب والتشكيك يا كامل أنا لا أقبل بهذا"
ما كان يرزح تحته من انفعالات قوية كان عظيما فمال بجذعه نحوها يواجه عينيها قائلا وهو يصارع انفعالاته "أنا لا أشك بك يا غبية .. (وتطلع في وجهها القريب واتساع حدقتيها الزرقاوين وأضاف بصوت متقطع مشحون بالانفعالات ) ألا تستطيعين الفهم .. (حاول البحث عن كلمات تصف متاهة المشاعر التي يدور فيها فقال بصوت مخنوق) ألا .. ألا ..."
في ثانية كان يمسك بوجهها ويطبق على شفتيها بقبلة عنيفة مؤلمة كمشاعره .. فتفاجأت بسمة وحاولت ابعاده مصدرة همهمات معترضة وقد شعرت بالإهانة فضربته بقبضتها على صدره.. لكنها لم تنجح في زحزحته.
افلت كامل شفتيها لكنه لم يتركها لتفلت منه بل ظل يناظرها بغضب ممزوج برغبة توشك على الخروج من عقالها .. فتعانقت الأنفاس اللاهثة للحظات ثم قالت بسمة بهمس غاضب وهي تتجاهل الحاح قلبها وجسدها للاستسلام له" ماذا فعلت؟!! .. ابتعد عني فورا"
همس أمام وجهها الذي يمسكه بيديه فيجبرها على أن تنظر إليه" أنت زوجتي .. هل تفهمين زوجتي أنا كامل نخلة"
قالها ثم هاجم شفتيها من جديد وهذه المرة كان يضغط عليها بكامل جسده ويطوقها بذراعيه بقوة وكأنه يختم على ممتلكاته بخاتم (كامل نخلة) .. خاتم مؤلم كالجمر متقد بنار الحب والغيرة والرغبة والحرمان .. بنار شوق يتفنن في تعذيب صاحبه .
للحظات همدت مقاومتها لكن غضبها لم يهمد وكرامتها ازدادت أنينا خاصة حينما استشعرت استسلام صاحبتها وجنوحها للذوبان بين ذراعيه .. وبمجرد أن أطلق سراح شفتيها طلبا للهواء وفك تشابك ذراعيه حولها .. أبعدته بسمة بحدة لم تكن موجهة له وحده ولكن لنفسها أيضا لتنفض عنها استسلامها اللحظي وأسرعت بفتح الباب وترجلت بسرعة فراقبها كامل وهي تهرول نحو باب المرآب الموصل للفيلا .
ظل لدقائق مشلولا يلهث بقوة وانفعالات عدة تتلاعب به قبل أن ينزل بغضب ويلتقط الأكياس وحقيبتها من السيارة ويذهب خلفها لا يعرف بالضبط إلى أين ستقوده اللحظة التالية وهو في حالة من حالات عدم السيطرة .
بمجرد أن انتهت بسمة من صعود السلم أمام أنظار سوسو المندهشة كان كامل يقتحم الفيلا من باب المرآب وشاهدته الأخيرة وهو يهرول حاملا أكياسا في يده بشكل غير مرتب وحقيبة بسمة فسألته بقلق وهو يصعد السلم" ماذا حدث يا كامل هل تشاجرتما؟"
غمغم الأخير وهو يصعد درجات السلم بسرعة متخطيا بعض الدرجات" لا شيء يا أمي"
كانت بسمة تقف في الغرفة والغضب وجرح الكبرياء يسيطران عليها .. الحدث كله منذ تعقده في المطعم حتى اللحظة كان يشحنها بمشاعر سلبية جعلها تستدير بحدة بمجرد أن اقتحم كامل الغرفة وأطل عليها بطوله وعرضه يغلق الباب خلفه بعنف وناظرها بتحفز فقالت بغضب " كيف تجرؤ على فعلها !!.. أنا لا أسمح لك ...( وصرخت بجنون ) أنا لا اسمح لأحد أن يعاملني بهذه الطريقة "
رمى ما في يده في الأرض يباريها في الغضب وفي الكبرياء المجروح وهتف باستنكار وهو يشير إلى نفسه " لا تسمحين لي!! .. لا تسمحين لي !!.. (وضرب على صدره يصيح والشرر يتطاير من عينيه ) أنا زوجك وهذا من ضمن حقوقي "
قالت باعتراض "هذا لم يكن اتفاقنا"
رد باستفزاز "لنعدل الاتفاق إذن "
كل شيء أمامها كان مشوشا وكبريائها ينزف بشدة فهتفت بتحدي "وأنا أرفض تعديله (ورفعت أصبعها تهتف بتحذير ) وإياك والاقتراب مني مرة أخرى واهانتي بهذه الطريقة يا كامل .. ( وأضافت بصوت مرتعش تقاوم البكاء) أنا اتغاضى عن أي شيء إلا الإهانة"
جن جنونه وهتف باستنكار "إهانة!! .. تقبيلي لك إهانة !!"
رفعت ذقنها ذا طابع الحسن تقول والموج الأزرق في عينيها عاليا " ما دمت لم تستأذن مني فهي إهانة .. "
كان وجهه أمامها مخيفا بشكل أرسل رعدة في أوصالها فقاومت ذلك الخوف بالقول الغاضب " اسمع أنا وأنت لدينا اتفاق وأنا لن أقبل بأي تجاوز منك فيه .. ( وأضافت بكبرياء مجروح ) أنا لست وسيلة للتسلية ترفه بها عن نفسك "
ركل كامل الأكياس وهتف بغير تصديق والجنون يعصف به " بعد كل هذا تقولين أتسلى بك!!.. بعد قضائي الليالي بعيدا عن غرفة نومي !!.. بعد احترامي لك !!..( وأشار بسبابته عليها يقول من بين أسنانه غاضبا ) أنت بالفعل غبية يا بسمة .. غبية ولا تفهمين أبدا ما افعله لضبط نفسي معك"
لم يصلها ما قاله بشكل صحيح فالغضب يعميها وشعورها بالإهانة كان يؤلمها فهتفت " وهل كنت تتوقع بأني سأتركك لتتجاوز معي بما يخالف اتفاقنا .. لا أنا .."
قطعت حديثها حينما اندفع نحوها وقد وصل الجنون إلى مداه فأمسك بذراعيها بقوة يقول بعنجهية ذكورية " أنا آخذ ما أريده حينما أريد .."
قبل أن تستوعب كان كامل يدفعها بخشونة لتقع على السرير خلفها وخيم فوقها بضخامته.. فأسرعت بسمة بمقاومته وهي تصرخ وقد تملكها الخوف "ابتعد يا كامل"
أبعد يديها التي تضرب في صدره و ثبت معصميها بجوار كتفيها وهو يحتلها بجسده قائلا والشرر يتطاير من عينيه " قلت لك أنا أفعل ما أريد وقتما أريد .. "
كانت عيناها الزرقاوان متسعتين أمامه وهو يصارع الموج العالي فيهما فأضاف " وما مر بيننا طول هذه المدة كان بسبب كرم أخلاقي وليس لأنك المرأة المنيعة التي ستستطيع ردعي إن أردت أن آخذ حقي فيك .. ( وخرج صوته صلبا يضيف بلهجة خطرة مردفا ) أفيقي يا بسمة فأنا كامل نخلة .. ومن الواضح أن دلالي لك وصبري عليك قد منحاك صورة خاطئة عني .."
إن كان الغضب يسيطر على رأسه فكل ما فيها كان يسيطر على كل ما فيه .. وهو يشعر بجسدها الطري يرتجف من تحته فأضاف بصوت أكثر هدوءً وخطورة " وبقائي بعيدا حتى الآن دون أن اشاركك هذا الفراش ليس لأني لست بقادر على اخضاعك .. ولكن لأسباب أخرى تخصني أنا ملخصها أني أحترم نفسي .. ولم ولن أجبر امرأة على أن تشاركني الفراش دون رغبة منها.. ولأني أحترم وعدا وعدتك به يوما ولن أقبل على رجولتي بأن أخالفه.. حتى ..."
حاولت مقاومته مرة أخرى لكنه كان مطبقا على معصميها بقوة في الوقت الذي تجولت نظراته على وجهها البهي الحسن رغم ملامح الغضب فيه وأردف بأنفاس ثقيلة وأنظاره تنزل إلى قميصها الحريري الذي انفتحت أزراره " حتى لو كنت أعيش في جحيم رجل يتشارك مع حليلته غرفة النوم .. ( ورفع أنظاره إلى عينيها فهالها ما رأته فيهما من نار الرغبة بينما كامل يضيف وهو ينهت ) رجل يبذل قوة خارقة لضبط النفس في شيء هو من أشد الأمور الحاحا عليه .. رجل يتوق بشدة لعلاقة كاملة مع امرأة خاصة وأنه قد سبق له الزواج.. وبرغم هذا يعيش مع حليلته المكتملة الأنوثة دون أن يشعرها بمعاناته.. أفيقي يا بسمة أنا كامل نخلة وعدم تعرضك لأي امتهان لكرامتك ليس لأنك المرأة الخارقة بل لأني رجل يحفظ كلمته"
كانت ساكنة تماما تتطلع فيه بذهول .. بينما هو يبذل مجهودا جبارا للتقهقر بدلا من التقدم والغزو .. فانتزع نفسه انتزاعا من فوقها واستقام واقفا وهو ينهت ..
لتسحب بسمة نفسا عميقا أخيرا ثم انكمشت على نفسها فوق السرير تتابعه ولا يزال الذهول يسيطر عليها بينما فتح كامل الثلاجة الصغيرة وأخرج زجاجة بها ماء مثلج وسكبها على مؤخرة رقبته وعلى ظهره وفوق رأسه ثم ألقى بها فارغة فارتطمت بالكومود وهو يغادر ويغلق الباب خلفه بقوة .
أخذت ترتجف بشدة وقد هربت منها أعصابها فتكومت على نفسها غير قادرة على ترجمة مشاعرها لتحدد بالضبط ما الذي تشعر به فلم تجد إلا البكاء لتنفس به عن عاصفة المشاعر والأفكار التي عصفت بها عصفا لتبعثر كل مشاعرها وأفكارها وكأنها تطلب منها (إعادة ترتيب).
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 10:56 PM   #1703

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

(2)


وضعت مهجة علبة فوق طاولة الزينة بارتباك واسرعت بالخروج من الغرفة مارة بالحمام الذي تسمع صوت الماء فيه .. فأسرعت بالدخول للمطبخ هاربة وهي مكبلة بمشاعر مختلطة كما يحدث معها طيلة الفترة الماضية وبالتحديد منذ يوم زفاف بسمة .. تلك الليلة التي تغير الوضع بينها وبين وليد وأضحى غريبا .
ليلة زفاف بسمة
دخلت مهجة إلى شقتها منهكة بعد اليوم الطويل واسرعت نحو غرفتها تخلع الحذاء ذي الكعب العالي وأخذت تمسد ظهرها وقدميها قليلا .. ثم قامت بخلع فستانها ووضعته على مشجب وتحركت تخرج من الغرفة قبل صعود وليد لتذهب للغرفة الأخرى التي تنام فيها منذ شهر ..
وقفت بالقميص الداخلي أمام المرآة في الغرفة الأخرى تنظف وجهها بالكريم المخصص لإزالة مساحيق الزينة ..وحين سمعت باب الشقة يفتح علمت بأنه قد وصل فأسرعت نحو الخزانة الصغيرة التي نقلت فيها بعضا من ملابسها البيتية وبحثت عن منامة مريحة فاليوم بالذات لا تريد إلا أن ترتدي ملابس فضفاضة وتنام لثلاثة أيام .. حتى أنها فكرت في أن تخبر حماتها في الصباح بأنها غير قادرة على النزول .. لكنها عادت ووبخت نفسها من هذا التفكير فبالتأكيد حماتها ستعد الصباحية التي ستذهب بها إلى بسمة .
ورغم أن حماتها شديدة الطيبة والبساطة ولا تزعجها بأي شيء كما يحدث من غالبية الحموات في القرية إلا أن مهجة شعرت بأن عليها أن تكون في الطابق الأرضي في وقت مبكر للإشراف على ما ستقوم به الخادمات ككنة البيت..
فُتح الباب فجأة فانتفضت مهجة تستدير بينما وليد يقول "أنت يا ست الهانم أنا أنادي"
ردت باقتضاب وهي تلمح تلك اللمعة في عينيه التي تحركت ببطء فوق جسدها "ماذا تريد؟"
بلع وليد ريقه وقال " أريد أن أحاسبك على وجهك المقلوب طول الحفل.. وطوال الطريق ..الجميع لاحظوا وسألوني إن كنا متخاصمين"
ردت ببرود وهي تلتقط منامة من الخزانة "جميل جدا حتى نمهد لهم ما سيحدث بعد ذلك "
هتف بغيظ والشرر يتطاير من عينيه "اسمعي يا مهجة أنا اليوم في أسوأ حالاتي المزاجية "
ردت بلهجة متهكمة باردة " حقا !.. غريب!.. رغم أنك طول حفل الزفاف كنت سعيدا وترقص وتضحك "
سألها باستنكار "وهل تريدينني ألا أفرح من أجل أختي؟!! "
غمغمت موضحة "لم اقصد .."
تحرك نحوها ببطء ففهمت ما تبوح به عيناه وأسرعت بالقول وهي تسرع في ارتداء ملابسها" من فضلك أخرج أريد أن أنام"
جذب من يدها المنامة وألقى بها أرضا وأمسك بخصرها يقول بصوت متهدج " لن أخرج وما تفعلينه لا يرضي الله بأن تمنعين نفسك عني"
قالها ثم قبّل عنقها فحركت عيناها في سقف الغرفة تشعر بالحيرة.. في قلبها غصة وفي كرامتها جرح ومعرفتها بأنها تغضب الله بمنع نفسها عنه تشعرها بالذنب .
لم يقدر وليد على كبح جماح نفسه.. إنه مشتاق والشوق ذباح فطوقها بذراعيه يحضنها بحنان رغم غضبه منها فسألته بصوت يائس مجهد بالمشاعر" ماذا تريد يا وليد؟"
همس بحرارة " أريدك الآن ..لن استطيع السيطرة على نفسي لحظة واحدة إضافية وإلا سأقتل نفسي أمامك حتى ترتاحين مني ومن بلاياي"
رغم وجع الكرامة استسلمت وتركته يقترب بقبلاته صعودا على عنقها ثم وجهها حتى أطبق على شفتيها بقبلة مشتاقة ملتهبة ..

ستكون غبية لو لم تدرك هي وعقلها وقلبها وجسدها بأنه يحبها حبا كبيرا.
وستكون غبية أيضا لو استمرت حياتهما معا وهو على حاله دون تغير وكأن ما كان لم يكن ..فقد انكسر شيء بينهما.
لكن الغباء الأعظم يكمن في عدم ايجادهما للمخرج من المتاهة التي افترقا فيها .. تلك المتاهة التي بات كل واحد منهما يبحث فيها عن طريق الوصول وحده . . الطريق إلى الآخر! .
حين نزع وليد عنها ملابسها وهو يبث لها شوقه ولهفته ورغبته المتأججة .. كانت مهجة قد بدأت تنسى شيئا فشيئا كرامتها المتورمة وأفكارها المعقدة .. وذابت بين ذراعيه مستسلمة تماما لحريق اللهفة والحب .
وبعد بعض الوقت .. وحين انطفأ الحريق عاد كل شيء كما كان.. فغادرت السرير تبحث عن ملابسها في صمت .. وتركت له الغرفة ونامت يومها على الأريكة في الصالة .
عادت من شرودها حين شعرت بباب الحمام يفتح وبوليد يعود لغرفة النوم .. وتذكرت كيف أن نفس الموقف قد تكرر بينهما على مدى أكثر من شهر.. فأصبحا يتحدثان برسمية .. يتشاجران أحيانا .. يصمتان كثيرا وكل منهما يبحث عن شيء يقوله للأخر .. لم يعد بينهما مواضيع مشتركة .. ولا ثرثرة تافهة ولا أي شيء ..حياة ليس لها لون وكلاهما يشعر بغصة من الأخر وبجرح من وليفه..
كلاهما لا يزال تائها في تلك المتاهة يبحث عن الأخر دون أن يعرف بأن الثاني يبحث عنه أيضا .. الجدران التي أقيمت بينهما لا تتلاشى إلا لبعض الوقت .. ذلك الوقت الذي يفقد فيه وليد أعصابه ويأتيها مشتعلا فيصيبها بعدوى الاشتعال لتستسلم وهي توهم نفسها بأنها مضطرة لكنها في قرارة نفسها تعلم بأنها مشتاقة متلهفة وتريده .. تريد تلك اللحظات التي يكونا فيها معا الأقرب مسافة من بعضهما والأكثر اتفاقا على مستوى المشاعر .. لحظات يذهب فيها العقل في إجازة وتنام فيها الكرامة ولا تعلو إلا كلمة الحب .
اليوم عيد ميلاده .. وتعرف بأنه سيكون أحد تلك الأيام التي سيشتعل فيها ليلهما فيغطي برودة نهارهما .. وقد سمعت بكلام بسمة ومليكة رغم أن كلا منهما تحدثها على حدة لكن الاثنتين أكدا عليها ضرورة أن تشتري له هدية في عيد ميلاده كمحاولة لرأب الصدع.. ومليكة أعطتها بعض النصائح بعد أن وبختها أكثر من مرة وهي تصفها بالمثالية الزائدة وبأن عليها أن تكون أكثر لينا وصبرا عليه .. لكن مهجة لا تزال في تلك المتاهة لا تعرف كيف تصل له .
انتهى وليد من ارتداء ملابسه ينوي بأن يقضي السهرة مع أصحابه بمناسبة عيد ميلاده عنادا منه مع مهجة .. فهو بات يتعمد معاندتها ومناكفتها وفعل كل ما يستفزها كما لو كان يخبرها بأنها على حق وأن لا فائدة منه لأنه تعب ومل من البحث عن مخرج من المتاهة التي يدور بها منذ ذلك اليوم المشئوم يوم حادثة بدير .
اقترب من طاولة الزينة فلاحظ العلبة المستطيلة الملفوفة بالتل وانتابه الفضول ليفتحها بسرعة ويجد زجاجة من عطره المفضل غالي الثمن .
انفجرت دقات قلبه وشعر بسعادة كبيرة لأنها تذكرت يوم مولده فهو أول عيد ميلاد لهما وهما متزوجان فأسرع نحو باب الغرفة ليبحث عنها .
دخل المطبخ فتصنعت مهجة الانشغال وقلبها اللعين الأحمق قد انفجرت دقاته بينما قال وليد بلهجة سعيدة "مهجة ما هذه المفاجأة !"
تبا لقلبها الذي يحبه
وتبا لكرامتها التي تئن
وتبا لها وهي العالقة بينهما .
مال وليد يحضن قامتها القصيرة من الخلف وقال بهمس بجوار أذنها "ظننتك قد نسيت أو تناسيت يا عمري"
تبا لقلبها مرة أخرى .. هذا ما فكرت فيه وهي تغمض عينيها بينما كلماته الممتنة تتدفق بجوار أذنها بتلك الطريقة الطفولية التي يفعلها دون قصده فتلمس الجانب الأمومي فيها قبل الأنثوي .
همس وليد "وأنت طيبة يا عمري"
استدارت مهجة ترفع إليه وجهها وتقول "وليد أما من طريق للخلاص؟ "
تغضنت ملامحه وهو يسألها " الخلاص مني أم مما نحن فيه ؟"
قالت بصوت مبحوح وهي تتطلع في وجهه "أنت تعرف "
رد بعاطفة يائسة " لم أعد أعرف "
قالت "أنا تعبت"
رد "وأنا أكثر "
تكلمت بلهجة عاتبة " لكنك لا تساعدني"
قال وليد بترجي " دليني ماذا أفعل ..أنا عالق ..تائه ..حائر"
أخذت تفرك يديها بحيرة وهي تقول " ماذا لو كنت أنا أيضا مثلك لا أعرف أين الطريق لأدلك ؟!"
همس بلهجة متألمة " إذن اصبري حتى أجد شعلة من نور لتهدينا نحن الاثنين "
لم تجد ما تقوله ..فمال عليها يحضنها ..فهمست معترفة وهي تستند بذقنها على صدره" وليد أنا في قلبي غصة كبيرة .. وبيني وبينك جدار شاهق الارتفاع لا أعرف متى بني.. أشعر بأني استيقظت فجأة فوجدته بيننا "
تغضنت ملامحه متألما بشدة لكنه همس "أعدك بأني سأفعل كل ما أقدر عليه لأمحو تلك الغصة وأهد ذلك الجدار .. فقط اصبري عليّ"
قالت وخدها يستقر على صدره " هل ستفهمني حين أقول لك بأني أشعر كمن تقف على أرض غير مستقرة تهتز من تحت قدميها وكلما تحركت شعرت بأنها ستبتلعها هوة سحيقة مخيفة ؟"
ازداد الوجع في قلبه فشدد من احتضانها وقال" سأتحملك في كل شيء حتى في عزوفك عني .. سأتحملك حتى أفوز بك من جديد.. لكن لا تتركيني يا مهجة "
تحركت عينا مهجة الخضراوان على الأشكال التي تزين الثلاجة أمام انظارها والحيرة تسيطر عليها حتى ابتعد وليد يقول بلهجة ذات مغزى"ما رأيك في أن أعتذر لأصدقائي ثم نخرج لنشتري كعكة لعيد ميلادي؟ "
غمغمت بحرج" لقد ..لقد صنعت واحدة صغيرة بهذه المناسبة "
اتسعت عيناه ذهولا ثم صفق بيديه بخشونة يقول مداعبا "الله الله عليك يا مهجتي "
احمرت وجنتاها بينما قال وليد" أين هاتفي لأتصل واعتذر لأصحابي"
غادر المطبخ بسرعة بينما رن هاتف مهجة فالتقطته من فوق المنضدة الرخامية وأسرعت بالرد" نعم أخي"
جاءها صوت مفرح مخيفا رغم خفوته وهو يسألها "منذ متى ؟"
شعرت بالقلق وسألته" ماذا تقصد؟ ما بك يا مفرح؟!!"
هتف بصوت أعلى " منذ متى وأمِك تتصرف مع مليكة بهذا الامتهان ومليكة تخضع لها؟"
شهقت مهجة ووضعت يدها على فمها فلمحها وليد وهو يتحرك في الصالة والهاتف على أذنه يحدث أحد أصدقائه فعقد حاجبيه بينما هدر مفرح بقوة "انطقي يا مهجة "
انتفضت الأخيرة وسقط قلبها في قدميها وهي ترد" منذ البداية يا مفرح "
هتف باستنكار متألم " وكنت تعرفين .. كنت تعرفين ولم تخبريني يا مهجة !"
قالت بسرعة " والله العظيم ربي يعلم كم تكلمت مع أمي وكم أخذت من تقريع بسبب ذلك"
صاح بغير تصديق " لم تخبريني .. أنت لم تخبريني يا مهجة والست الهانم بسمة لا ترد على هاتفها وبالتأكيد كانت تعرف ولم تخبرني (وصرخ من وقفته في اسطبل الخيل فأزعج الأحصنة ) وربما القرية كلها تعرف إلا أنا .. أنا الوحيد الذي يستغفله الجميع .. ويضحكون عليه من خلف ظهره"
قالت بلهجة باكية وقد آلمها غضبه منها " يا مفرح صدقني مليكة أقسمت علينا أنا وبسمة ألا نخبرك ..هي طلبت ذلك وكانت ترد دوما بأن هذا من أجلك ولا تريدك أن تقف أمام أمي بسببها .. ولم ترغب في أن تخسر أنت والدتك أو أن تضعك في موضع خيار بينهما .. أو لا تكون على مستوى ما ضحيت به من أجلها "
صرخ مفرح وكل ما يسمعه يزيد من شعوره بالألم" اسكتي .. اسكتوا كلكم .. لا أريد أن أسمع تبريرات غبية سخيفة لا معنى لها .. وأنت حسابك معي كبير يا مهجة .. حسابك معي كبير لأن صدمتي فيك أنت وبسمة هي التالية بعد صدمتي في أمي ومليكة "
قالت تحاول الشرح " مفرح أنا..."
أغلق مفرح الخط فنظرت للهاتف وقد انهمرت دموعها فسألها وليد الذي دخل للمطبخ بعد أن أنهى مكالمته "ما الأمر؟"
رفعت إليه عينيها الخضراوين باكية وردت "مفرح غاضب مني؟"
عبس وهو يسألها " لماذا؟"
أخذت تبكي وهي تجيب " لأني لم أخبره بشيء يخص مليكة وأمي .. لكني كنت عالقة بينهما ومليكة اقسمت عليّ ألا أخبره "
لم يعرف وليد ماذا يقول بينما وضعت مهجة الهاتف على المنضدة الرخام ودفنت وجهها في كفيها وأخذت تبكي.. فاقترب وليد ليحضنها ..وقبّل رأسها قائلا" إهدئي يا مهجة أرجوك"
غمغمت في صدره " لا أحب أن يغضب مني مفرح .. لا أتحمل أن يغضب مني لا أتحمل يا وليد "
حضنها وليد ومط شفتيه ممتعضا وهو يقول بلهجة ساخرة " أعرف هذه المعلومة .. أعرف .. (وهمس في سره) ضاعت الليلة ..وضاع الاحتفال بعيد الميلاد وكالعادة بسبب (كامل الأوصاف) مفرح! "
××××
جلست على الأريكة في شقتها شاعرة بالإجهاد ورشفت قليلا من كوب النيسكافيه الذي استطاعت أن تحصل عليه أخيرا .
إن اليوم كان مجهدا كالعادة مع التوأمين رغم أنها ليست بمفردها .. فرحمة لا تتركها وتتناوب معها في مباشرتهما خاصة مع ظروف عملها في الإذاعة الذي يتطلب منها أن تغادر بعد الفجر لتلحق بتقديم برنامجها الصباحي مع فادي ورد.. وهناك مربية خاصة بالتوأمين تلازمهما .. هذا بالإضافة لسيدة تأتي لتباشر الشقتين يوميا شقتها وشقة أخوات سيد .. ومع هذا تشعر دوما بالإجهاد.. فمسئولياتها كزوجة ومذيعة وأم لتوأمين شقيين ليس سهلا .
استمتعت بالهدوء بعد أن أرسلت المربية بالتوأمين لجديهما إبراهيم وإلهام وقررت أن ترتاح قليلا .
تركت الأريكة وتحركت متبخترة بشورت جينز يصل بالكاد لأعلى فخذيها والتقطت المتحكم الالكتروني وشغلت بعض الأغاني لعلها تسترخي قليلا .. ولولا أن سيد غير موجود لقامت بالرقص قليلا لكنها لم تعد تستمتع بالرقص إلا أمامه .
عادت لتجلس على الأريكة فرن هاتفها فأوقفت الموسيقى وردت" نعم سيد"
قال بصوته الرخيم " أخرجي للشرفة"
عقدت حاجبيها وسألته بغباء" شرفة شقتنا؟! .. ألم يكن لديك موعد !!"
قال سيد" قلت أخرجي للشرفة يويا"
أسرعت بوضع الهاتف والتقطت اسدال الصلاة لبسته بسرعة ثم التقطت الهاتف مجددا وخرجت للشرفة تنظر في الحارة لتجد سيد يقف مستندا على حائط بيت سماحة المواجه للبناية التي تقع فيها شقتها فعقدت حاجبيها بتساؤل .
قرب سيد يده الحرة ليخبئ فمه الذي قربه من الهاتف وهو يغني بهمس وصوت أبح تلك القصيدة التي ألقتها عليه يوما حينما اعترفت له بالحب .
متى ستعرف كم أهواك يا رجلا
أبيع من أجله الدنيا وما فيها
ارتج قلب آية وهمست بتأثر "سدسد ..ما الذي فكرك بهذه القصيدة !"
استمر سيد في الغناء وقد لمعت عيناه بدموع التأثر فما يشعر به من راحة كان كبيرا
لو تطلب البحر في عينيكَ اسكبه
أو تطلب الشمس في كفيكَ أرميها
سألته آية مبتسمة "ما بك؟.. هل حدث شيء سعيد ؟"
رد وعيناه معلقتان بهيئتها المطلة عليه من الشرفة " لا جديد سوى أني أحبك .. مريض بحبك أنا يويا .. واليوم بالذات أشعر بأني أريد أن أعيد ما قلته لك يوما في نفس هذا الشارع ولكن بصيغة أخرى "
يا آيتي ..
أحبك جدا وجدا وجدا
وما عاد الطريق إلى عينيك مستحيلا
اقترب أحمد بسيارته عائدا من عمله ولمح سيد يقف في نفس المكان الذي يصف فيه سيارته تحت بيت والده وكاد أن يناكفه بمحاولة ضربه بالسيارة لكنه لاحظ وقفته فركن بعيدا عن البيت وترجل يتطلع في سيد وأخته التي تقف في شرفتها تتحدث معه في الهاتف .
سألها بابتسامة " هل زوجي النسانيس نائمان؟"
ردت آية ضاحكة " إنهما عند أمي طلبتهما فأرسلتهما مع المربية "
جحظت عينا سيد وقال "وتتركيني أقف في الشارع يويا دون أن تبلغيني بأن الشقة خالية!!"
ضحكت وردت بدلال "كان لديك موعد هام"
قالتها ثم صمتت فجأة وهي تلمح أحمد يقترب ببطء من سيد .
قال سيد مفسرا " الموعد تم تأجيله من حسن حظي ( وأكمل بلهجة حارة) من حسن حظي جدا جدا "
انتبه فجأة لمن يميل ليقرب أذنه من الهاتف فالتفت باستنكار ووجد أحمد الذي اعتدل يتطلع فيه بتدقيق.. فعقد سيد حاجبيه وسأله بعبوس" ماذا تفعل؟؟!"
رفع أحمد أنظاره نحو آية في الشرفة ثم عاد لسيد يقول "أشاهد ماذا يحدث كما سيشاهده كل المارين في الشارع "
قال سيد بعبوس " مالك أنت .. أنا أتحدث مع زوجتي في الهاتف!!"
أطلق أحمد ضحكة ساخرة ورد " زوجتك هذه في بيتكما لا أن تفضحانا في الشارع فتقف تحت الشرفة تغازلها في الهاتف عيب على ضخامتك وسنك (واحاط رقبته بذراعه يقول) تعالى يا حبيبي أريدك"
أفلت منه سيد بعنف يقول بعبوس" ماذا تريد مني؟"
قال أحمد مستهبلا "تعال أريد أن أتحدث معك اشتقت إليك يا رجل "
سبه سيد فتجاهل أحمد ذلك وحاول شده في الوقت الذي خرج فيه وائل ليوصل جابر دبور إلى سيارته وسلم عليه قائلا" أنرتنا يا أستاذ جابر وأنرت العاصمة كلها .. ولا تحمل هم تلك القطعة المميزة التي تريدها فقط حينما يأتي إلى ذهنك التصميم أبلغني في الهاتف وأنا سأعدها لك بنفسي أما الشبكة فأنا أكيد بأن ذوقك سيعجب العروس بارك الله لكما "
شكره جابر بامتنان" أنا شاكر جدا أستاذ وائل ( وركب سيارته يضع علبة مخملية كبيرة بجواره ثم قال لوائل) السلام عليكم"
رد وائل السلام وشاهده وهو يتحرك بسيارته مغادرا قبل أن يستدير فيلمح صاحبيه اللذين يتشاكسان في الشارع فرفع حاجبيه ينظر حوله على المارة ثم هتف "عيب يا ولد أنت وهو "
أسرع أحمد بالقول وهو يجاهد ليمسك بسيد "ألم تكن تريد سيد يا وائل؟! "
غمغم وائل بتردد وهو يفكر" آمممممم ..أجل بالطبع أريده"
دفع سيد أحمد وقال بلهجة خطرة" ابتعد عني يا أحمد"
اقترب وائل يقول بمداعبة " سدسد حبيبي روح قلبي اشتقت إليك "
قالها وهو يقبض على سيد من الناحية الأخرى فألقى سيد سبة وقحة ..ليرد وائل ببرود وهو يسير بجواره مع أحمد "سامحك الله ..أنا لن أرد عليك لأن أهلي قد ربوني"
ثم مال من خلف ظهر سيد ينظر لأحمد ويغمز بعينه بما يعني (ما الامر؟) ..فأشار له أحمد بأنها مجرد مناكفة .
طاوعهما سيد مستسلما حتى اقتربوا من المقهى ثم قال "أتركاني وسأسير معكما بدلا من أن أضربكما في الشارع .. أتركاني وسأعطيكما ربع ساعة بالضبط لتقولا ما تريدان "
نظر وائل لأحمد بتردد ثم تركاه بعد أن اقتربا من المقهى وأصبحت العيون عليهم ليقول سيد" ما الامر ؟..ألسنا سنتقابل في العاشرة مساء؟"
قال أحمد بإصرار " أريدك في أمر هام هيا اصعد أمامي"
وضع سيد قدمه على سلم المقهى وقبل أن يضع الثانية كان يعود للخلف ويعدو عائدا إلى حيث كان مهرولا كصبي ضخم وهو ينظر للشرفة فوجد آية قد دخلت ..ليسرع نحو البناية التي يقطن فيها بينما وقف أحمد ووائل يضحكان وقد منعهما الحرج والسن من العدو خلفه فلحقه أحمد بصوته قائلا "عيب على طولك وضخامتك أن تهرول بهذه الطريقة يا هولاكو ( وغمغم ساخرا بصوت خافت سمعه وائل ) يا للفضيحة فتوة الحي يجري في الشارع كحرامي الغسيل!"
وضرب كفه في كف وائل وانفجرا في الضحك.
فتح سيد باب شقته ودخل فوجد آية تقف في الصالة وقد خلعت الاسدال تستقبله بابتسامة .. فغمغم وعيناه تأكلانها في الشورت الجينز والتيشيرت البصلي الذي تزينه (قُبّلة حمراء كبيرة ) من الأمام بينما شعرها ذو اللفائف الناعمة كذيل حصان خلف ظهرها " أوباش يريدان أن يفسدا عليّ الفرصة "
غمغمت آية بدلال " من يسمعك قد يقول بأنك محروم يا مسكين"
تأكد من اغلاق الباب ثم قال بلهجة مغازلة وهو يبتسم "طبعا محروم .. (وتصنع المسكنة كالعادة ) هل نسيت بأني يتيم يويا!"
ضحكت وهي تقترب منه فلف ذراعه حول خصرها ليلصقها بجسده العضلي وسألها بصوت أجش " أين كنا قبل أن يقاطعنا هذا الثقيل... آه تذكرت "
وأكمل غنائه لها يميل بها جانبا على ذراعه فغمغمت معه تشاركه الغناء .
أنا أحبك فوق الغيم أكتبها
وللعصافير والأشجار أحكيها
أنا أحبك فوق الماء انقشها
وللعناقيد والأقداح أسقيها
أنا أحبك حاول
حاول
حاول
أن تساعدني .
أطبق على شفتيها بقبلة نهمة ملتهبة الأنفاس فتحسست آية ذراعه الضخم قبل أن يفلت شفتيها ويكمل غناءه بصوت متهدج وهو يعبث بملابسها .
فإن من بدأ المأساة ينهيها
وإن من فتح الأبواب يغلقها
وأن من أشعل النيران يطفيها
عاد لالتهام شفتيها في الوقت الذي رن جرس الباب .
بنفس الوضع المائل فضا اشتباك شفتيهما وأدارا وجهيهما بنظرات محبطة للباب خاصة حينما سمعا دقات كفوف صغيرة عليه ..فعادا ينظران لبعضهما وسألها سيد بصوت هامس" قلت متى سيحضر زوجي النسانيس خاصتنا؟"
ردت بنفس الهمس "أمي أخبرتني بأنها لن تتركهما إلا عندما ارسل إليها لأنني أخبرتها بأني قد أغفو قليلا"
ظل طرق الكفوف الصغيرة على الباب مصاحبا لرن الجرس مرة أخرى فترك سيد خصر أية التي أسرعت بتعديل ملابسها بينما ذهب هو للباب وفتحه ينظر للمربية قائلا بلهجة خطرة" ماذا حدث لماذا عدت الآن؟"
تأتأت المربية وهي تحمل نغم ذات العامين التي تمد يديها لوالدها بينما أفلت باسل من بين ساقي والده الذي يقف أمام الباب متحفزا يسده بضخامته وأسرع نحو والدته التي استقبلته بالأحضان.
ردت المربية بارتباك" أستاذ أحمد أخبرنا بأنك قد عدت وتريد الطفلين ..فطلبت مني الحاجة إلهام أن أعود "
أطلقت آية ضحكة مجلجلة من خلفه بينما ألقت نغم بنفسها عليه فالتقطها سيد بسرعة وهو يشتم أحمد في سره ويتوعده ثم استدار لآية يناظرها بغيظ .
قالت آية للمربية" أدخلي وأغلقي الباب "
دخلت المرأة بقامتها القصيرة وتحركت تتحاشى سيد إلى الداخل بينما شدت نغم وجه والدها بكفها الصغير إليه تغمغم بسعادة "بابا"
التقط سيد كفها من فوق خده وقبّله وهو يقول بحنان" روح بابا والله ..لكن خالك هذا يحتاج لإعادة تأديب "
قربت نغم وجهها منه وطبعت قبلة على لحيته وكأنها تواسيه .. فقهقه سيد وهو يتطلع في عينيها العسليتين كعيني والدتها وشعرها القصير ذو اللفائف الناعمة .
طلب باسل من آية أن ينزل وأسرع لوالده يرفع يديه الاثنين يطلب منه أن يؤرجحه فوضع سيد ابنته فوق كتفيه يطلب منها أن تمسك برأسه بينما أمسك هو بيدي باسل ورفعه في الهواء يهزه إلى الأمام والخلف لتقول آية بقلق "سيد قلت لك أنا أخاف على ذراعيه من هذه اللعبة "
قال سيد وضحكات ابنه تداعب قلبه" قلت لك لا تقلقي أنا أتصرف بحرص ( ثم أضاف وهو يداعب ابنه) لا مفر من تسريبكما عند رحمة لبعض الوقت "
قالها وهو يغمز لآية وعيناه مسمرتان على الشورت الجينز.
×××××


يتبع




Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 10:56 PM   #1704

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

(3)



"يا الهي !.. وأنا الذي كنت أشعر بالسعادة لخروجكما للنزهة !"
قالها شامل فأطرق كامل برأسه في وقفته أمام باب المطعم يديه في جيبي بنطاله .. فأضاف شامل" هذا ما كنت أخشاه أن تنفلت أعصابك فترعبها"
قال كامل باختناق" تعبت يا شامل ..تعبت ..أنت تشعر بي أليس كذلك ؟"
هز شامل رأسه وقال بأسف " أشعر بك ومتألم لأني غير قادر على مساعدتك بأي شيء لكن يا كامل لا تستسلم لوساوسك .. لا تجعلها تنغص عليك حياتك.. أنت تحبها ..وتتوق لإتمام زواجك بها ..يصعب عليّ أن أجدك عطشان والماء زلال أمامك لكنك تحرم نفسك منه"
فرك كامل رأسه بأصابعه بقوة وهو يقول "أشعر بأني على حافة الجنون وأشعر بأني لو انفلتت أعصابي معها ستكرهني بشدة .. لأني سأكون معها لحظتها بكل وساوسي وجروحي وعقدي الشخصية "
صمت شامل يشعر بالأسف والخوف في الوقت نفسه على توأمه بينما أردف كامل "أشعر برغبة في الابتعاد لابد أن أعيد ترتيب أفكاري "
قال شامل وكأنه قد تذكر شيئا "نسيت أن أخبرك .. متى تفقدت بريدك الالكتروني آخر مرة ؟"
رد كامل عابسا" آخر مرة منذ أسبوع لأني التهيت بمرضي وبالأمور الأخرى التي حدثت بعد ذلك"
قال شامل " أنا مثلك و اكتشفت اليوم بأن هناك دعوة للاشتراك في الدورة التدريبية للطباخين بأمريكا يا كامل قد أرسلت لي.. الدورة التي كنا نتمنى أن يقبلونا بها"
اتسعت عينا كامل بمفاجأة وأسرع بإخراج هاتفه ليكمل شامل مضيفا " بعثوا لي موافقة للاشتراك وتسهيلات للحصول على تأشيرة سريعة من السفارة وأتوقع بأنهم قد ارسلوا لك أنت أيضا "
قلب كامل في بريده الالكتروني بسرعة ليقول بعد دقيقة "لقد أرسلوا لي أنا الأخر( ورفع رأسه لأخيه يسأله ) ماذا سنفعل ؟"
رد شامل بوجوم "أنا طبعا لن أستطيع أن أترك ونس في هذه الفترة تعرف بأنها مندفعة والحمل لم يستقر وضعه بعد كما أننا لن نستطيع أن نترك البيت والمطعم نحن الاثنان في نفس الوقت لفترة طويلة "
دقق كامل في البريد الالكتروني يقرأه بتمعن وسأله" كم مدة الدورة التدريبية ؟"
رد شامل "أسبوعان "
هز كامل رأسه وقال" أنا سأسافر"
تطلع فيه شامل بتساؤل إن كان متأكدا مما يقول ..فأجاب كامل السؤال الذي برأس أخيه قائلا " بعيدا عن أن هذه الدورة كنا نتمنى أن نلتحق بها أنا وأنت ..وأن الشهادة الخاصة بها شهادة معتمدة وعالمية وستضيف لنا بالتأكيد .. فأنا أرغب في هدنة أشعر بأني أوشك على أن أفعل شيئا بشعا يا شامل وأنت تفهم ما الذي أعنيه ووقتها سأكره نفسي ..سأموت إن أذيتها "
قال شامل متفهما " ربما يكون هذا هو الحل حاليا لكن عدني بشيء "
نظر له أخيه ليردف "عدني بأنك حينما تعود ستتحدث مع بسمة بشكل مباشر وستصارحها بكل شيء"
تطلع فيه كامل بنظرات استهجان جعلت شامل يقول "الصراحة والوضوح يا كامل وهذا ما قلته لك منذ أن عزمت على الزواج منها ما تفعله هو الغباء بعينه"
قال كامل متألما "وماذا لو كانت لا تزال تحب زوجها السابق قلبي سيؤلمني بشدة"
هتف شامل بعصبية " المشكلة ليست في قلبك يا كامل وأنا وأنت نعرف .. إن كان الأمر سيقتصر على القلب فالقلب دوما يصفح ..يتخذ اعذارا ..يرضى بقليل القليل .. القلوب عندما تحب تبرر ..وتصبر ..وتستسلم خاصة وأنها الآن زوجتك ولم تعد زوجته ..وبالطبع هي ليست غبية لتصرح لك بكل فجاجة بأنها تحب زوجها السابق حتى لو كانت هذه هي الحقيقة .. ستعيش معك بما يرضي الله وأنا أكيد بأنك قادر على جعلها تحبك "
هتف بعذاب عاشق غيور يشعر بالظلم "ولماذا لا تحبني من أول لحظة! .. من أول نظرة !..ولماذا عليّ أن أقنعها بحبي؟!"
قال شامل يواجه توأمه .. كضميره .. كمرآته " هذه هي مشكلتك يا كامل عنجهيتك .. غرورك .. الاثنان يقفان ضدك يفسدان عليك كل شيء .. الحب ليس أنانية يا كامل بل تضحية من أجل الأخر "
هتف بكبرياء ذكوري متضخم " لكني أريد أن أكون أناني معها .. أريدها لي أنا .. لا قبلي ولا بعدي لأني أنا الأخر..."
قاطعه شامل بلهجة موبخة حازمة " أنت الأخر كانت لك زيجة سابقة وعلاقات سابقة أيضا "
رد بصوت متألم يدافع عن نفسه وعن مشاعره " لكني لم أحب أيا منهن كما أحبها .. ( واختنق صوته بالمشاعر يضيف ) بل انني لم أحب سواها وأنت تعرف"
رغم شعوره بكل ما يجيش في صدر توأمه لكن شامل كان متماسكا ومصرا على أن يواجهه " وما أدراك بأنها ليست مثلك لم تحب زوجها السابق وتحبك أو ستحبك ولن تحب غيرك "
غمغم كامل بضيق "لكن.."
قاطعه شامل بنفس اللهجة الحازمة "اسمع يا كامل هذا الوسواس الذي تملك منك قلت لك من قبل عليك بهزيمته .. أمامك حلّان .. إما أن تخسرها للأبد أو تقبل بها بكل ما فيها من علل بالنسبة لك ..كحقيقة زيجتها السابقة التي تزعجك وإمكانية أنها قد تكون قد سبق وعشقت زوجها السابق .. ( ونظر في عينيه يدقق على كل حرف ) إما أن تحصل على جزء منها .. أو تخسرها يا أخي .. ليس هناك حل ثالث .. فهي لن تمحو ما مرت به قبلك من تاريخها "
فرك كامل رأسه بيديه فأشفق عليه شامل وهو يسمعه يقول " أنا فقط كنت أحاول الانتصار على وساوسي أولا "
قال شامل بهدوء مؤكدا "الانتصار على وساوسك سيكون بتقبلها بكل ما فيها "
شعر كامل بأنه محاصر من جميع الجهات فغمغم وهو مستمر في فرك رأسه بأصابعه "أنا مرهق جدا .. لهذا سأسافر لهذه الدورة لأرتب أفكاري .. ادع لي أن اتخلص من جحيمي يا شامل .. ادع لي فأنا في حاجة ماسة للدعاء"
كانت كلماته المتوسلة وما يشعر به شامل بالنيابة عن أخيه تؤكد له بأن توأمه في حالة سيئة أقلقته عليه فغمغم وهو يربت على كتفه" أسأل الله أن يهدي لك نفسك وييسر أمورك ويسعدك إن شاء الله "
××××
خرجت المرأة التي تساعد في بيت العسال من إحدى الغرف الأرضية ممتقعة الوجه فسألتها وجدان" هل حدث شيء؟"
أجابت وهي تحاول أن تداري ضيقها" تريد عصيرا للحاضرات"
هتفت وجدان بهمس مغتاظ "عصير مرة أخرى بخلاف الشاي والحلويات والغداء !! "
أضافت هدى بتهكم وهي تتطلع في سواد الليل "والعشاء قادم أيضا "
أشارت وجدان للمرأة بأن تنصرف لتنفذ بينما عادت لتجلس على أحد المقاعد في صالة البيت تتفتت من الغيظ ونظرت لهدى تقول "لن نتحمل هذا كثيرا يا هدى .. لقد حولت البيت لصديقات تدخل وتخرج وكأننا في فندق لا ينقص إلا أن يبتن عندنا "
صمتت هدى تشاركها الشعور بالغضب بينما اعتدلت كاميليا في الداخل بخيلاء في جلستها على الأريكة وبحركة متباهية حركت ذراعها فرنت أساورها التي ترتديها في كل يد لتقول صديقتها أماني" هل هذه الأساور جديدة يا كاميليا؟"
ردت الأخيرة تتصنع عدم الاهتمام" لا هذه كانت إحدى هدايا أبو ميس "
غمزت صديقتها الأخرى سناء تقول بمكر "هل لا تزالين تلبسينها لأنك تشتاقين له"
أصدرت كاميليا صوتا ساخرا من حنجرتها وردت باستهجان "من التي اشتاقت إليه !.. لقد تخلصت منه أخيرا بعد أن كان يخنقني وها نحن عدنا للتجمع مرة أخرى يا بنات"
قالت صاحبتها الثالثة منى "أجل يا كاميليا لقد افتقدناك بشدة ..مر وقت طويل لم نلتقي إلا في المناسبات أو بالصدفة ولا يربطنا إلا الهاتف"
قالت كاميليا بضيق "كما تعلمن لم يعجبه أن تأتيّن لعندي وتقضيّن النهار ومنعني كما كان يمنعني من أشياء كثيرة لكن كل هذا كان في الماضي "
قالت منى "ربما لو تزوجت مرة أخرى يفعل زوجك مثله ويمنعك عنا وعن رغبتنا في مصاحبتك "
بابتسامة واثقة قالت كاميليا " لا ..هذه المرة سأنتقي بدقة أكثر وأضع شروطي .. لن أكون ساذجة في اختياري كالمرة السابقة"
بحركة مخفية عوجت أماني فمها تغمغم في سرها" إنها تتوقع بأنها ستتشرط وهي أضحت مطلقة "
تكلمت منى بلهجة ماكرة " البلدة ليس لها حديث إلا زواج جابر وأم هاشم ومنهم من يشيع بأنها قد عقدت له عملا عند أحد الشيوخ"
مطت كاميليا شفتيها تداري غلا وغيرة وردت بذقن مرفوع متصنعة عدم الاهتمام" بلا عمل بلا زفت ..كانت نفعت نفسها قبل أن تصل لهذا العمر دون زواج .. كل ما في الأمر أنه يحاول أن يهينني بزواجه من السوداء لأنني رفضت تذلــله لي كي أعود له "
رفعت منى حاجبيها تتهمها في سرها بالكذب بينما أضافت كاميليا "لكنه يغيب عنه أن الجميع يعرفون جيدا من هي كاميليا العسال"
قالت أماني بغيظ "وهل ستسكتين يا كاميليا على محاولته لإهانتك ؟"
بنفس اللهجة اللامبالية المزيفة ردت بهدوء "حبيبتي دعي السحر ينقلب على الساحر .. هذه السوداء منحوسة أنسيتم أيام المدرسة .. ألم نكن كلنا في فصل واحد وتعلمون الاشاعات التي كانت تطلق عليها بأنها وجه شؤم ( وبرقت لمعة شيطانية في عينيها وهي تحدق في الفراغ مضيفة ) سترون ماذا سيحدث له وكيف سيصيبه نحسها حتى يعرف كيف يحترم كاميليا العسال "
نظرت منى لصاحبتيها بحماس ثم قالت بلهفة" يبدو أن لديك خطة لرد تلك الإهانة التي وجهها لك يا كاميليا"
زينت ابتسامة غامضة فم كاميليا وردت "سنرى.. لا تستعجلن الأحداث .. هذا بالطبع لو أكمل الزيجة ولم يعد لرشده ويفيق من هذا الجنون الذي يفعله فليس لأني رفضت أن أعود إليه ينتحر بزيجة كهذه"
بعد قليل ودعت كاميليا صاحباتها الثلاث أمام بيت العسال لتقول أماني" والله يا كاميليا لا تعلمي مدى سعادتنا برجوعنا للتجمع عندك من جديد "
ضحكت كاميليا وردت بمفاخرة" لا تقلقن دوما جلسة كاميليا العسال ستستقبل الجميع"
ودعت الفتيات كاميليا وتحركن مغادرات بينما سمعت هي صوت بوق سيارة ينبهها قبل أن تغلق البوابة خلفهن فاشرأبت بعنقها لترى ابن عمها الحاج بسطاويسي يغادر سيارته بجسده البدين وهو يتطلع فيها .. ثم عدل من موضع عباءته على كتفيه بخيلاء واقترب منها فوقفت تناظره بتساؤل قبل أن تبادره بالقول" أخي بدير ليس موجودا الآن"
قال بسطاويسي" السلام عليكم يا بنت عمي .. أنا أعلم مكان بدير جيدا.. كنت فقط أمر من هنا فلمحتك وأردت أن ألقي السلام "
هزت كاميليا رأسها بينما أكلها بسطاويسي بعينيه .. هذه المرة الثانية التي يراها دون حجاب شعرها مصبوغ بالأصفر وتلك العباءة الناعمة تصف جسدها الأبيض الممتلئ .. ولاحظ لون طلاء أظافرها الملفت .. وزينة وجهها وهو يؤكد لنفسه بأنها تضع مساحيق تجميل رغم أنه ليس واضحا منها غير الكحل .. الكحل الذي يزين عينيها الخضراوين الواسعتين .
يا إلهي كيف لهذا الغبي أن يطلق سراح هذه الفاتنة من بين يديه !
لم تكن كاميليا غبية حتى لا تلتقط نظرة الإعجاب في عينيه ورغم أنها تفاجأت من نظرته .. لكن داعب هذا غرورها أن يشتهيها رجل قد أتم الخمسين .. بل إن هذا الشعور يمتعها بشدة .. أن يشتهيها الرجال من حولها وهي صعبة المنال .
قالت بميوعة وهي ترفع ذقنها "هل تريد شيئا يا أبا محمد؟"
ابتسم بسطاويسي ابتسامة لزجة وأجاب" أنا فقط أريد أن أخبرك بألا تقلقي من أي شيء .. وإن احتجت لأي شيء (وربت على صدره ) اتصلي بي .. ما تريدينه أيا كان (وربت على جانب رقبته ) رقبة ابن عمك سدادة "
اعجبتها اللعبة .. لم تتجاوب منذ مدة مع نظرات الرجال المعجبة بها .. بل إنها تشعر اللحظة بأنها أكثر تحررا من قبل زواجها .. هي الآن أجرأ وأكثر تطلبا وخبرة في التعامل مع الجنس الأخر فقالت بلهجة مائعة "عشت يا أبا محمد"
قال بسطاويسي بلهجة مغازلة" نريد أن ننول رضا جميلة جميلات البلدة"
أطربها اللقب .. غازل غرورها فقالت بدلال وهي تهم بالابتعاد" شكرا يا أبا محمد"
أردف بسطاويسي وهو يبلع ريقه" وحين تنتهي عدتك لنا كلام أخر كي ننول الرضا "
أطلقت ضحكة عابثة ساخرة وقالت بتهكم "من الذي يريد أن ينول رضاي فابنك أصغر مني ببضع سنوات ( وغمزت بعينها المكحلة وأضافت ) وأنا لا أتزوج ممن هم أصغر مني .. بعد أذنك اغلق البوابة حين تغادر "
قالتها مبتعدة للداخل بمشية متبخترة ترفع طرف عباءتها رغم أنها ليست طويلة إلى الأرض فلاح خلخال ذهبي أسر عين بسطاويسي وهو يتابعها يزين تلك الساق البيضاء التي تظهر من طرف العباءة حتى استدارت بمجرد دخولها لباب البيت ترمقه بنظرة ساخرة أخرى وتغلق الباب .
سحب بسطاويسي البوابة ليغلقها ونار الرغبة التي تشتعل في صدره قد وصلت لرأسه فقال بابتسامة باردة" يحق لك الدلال .. لكنك لا تعرفين من هو بسطاويسي بعد يا بنت العم "
××××
سمعت صوت باب الشقة ( الجديد ) يغلق فعلمت بأنه قد عاد أخيرا .. فانتفضت واقفة من جلستها على السرير ثم ترددت وعادت لتجلس من جديد وأخذت تفرك يديها في بعضهما وافكارها ما بين مد وجزر كما قضت الساعات الماضية وهي تنتظر عودته .
سمعته يدخل غرفة الأولاد .. المكان الذي لا يزال يبيت فيه ولم تعرف ماذا تفعل .. هل تذهب إليه أم تتركه حتى يهدأ .. المشكلة بأنها لا تعرف ماذا تقول له .. كيف تفسر له تلك المشاعر التي تسيطر عليها .. كيف تشرح له ماذا تفعل بها القوة السوداء .. وكيف تنتقم منها أشد انتقام كلما حاولت المقاومة ..
بعد قليل خرج مفرح من الحمام بعد أن اغتسل وعاد لغرفة الأولاد في صمت كئيب وروح منهكة .. واتخذ مكانه بجوار إياد يشعر بإجهاد شديد وكأنه كان يجر شاحنة خلف ظهره لمسافة طويلة .
أغمض عينيه يسأل نفسه بقلق ..هل عليه أن يذهب ليطمئن على أنها بخير ؟ .. لقد لاحظ اضاءة غرفتها مشتعلة..
أكله القلق فهم بالقيام من رقدته لكنه سمع صوت باب غرفتها يفتح فاطمئن قلبه بأنها بخير وعاد للاستلقاء و تابع صوت خطواتها التي اقتربت حتى وقفت أمام باب غرفة الأولاد للحظات .. قبل أن تعود لأدراجها وتبتعد ويسمع صوت باب الغرفة يغلق من جديد.
شعر بالراحة لأنها لم تدخل .. فهو غير قادر على مواجهتها الآن .. لا يزال غاضبا متألما مقهورا منها وعليها ويخشى من انفعالاته أن تؤذيها .
أغمض عينيه وتذكر كيف اتصل بأخيها الدكتور أكرم منذ قليل وأكد ضرورة اقناعها بالخضوع لاستشارة نفسية .. صحيح لم يستطع أن يحكي له تفاصيل ما حدث من والدته .. فكيف سيخبره بأمر مخزٍ كهذا كما لم يستطع أن يخبره من قبل بما يحدث بينهما في علاقتهما الخاصة ..لكن أكرم كان متفهما ووعده بأنه سيكون أكثر حسما معها .. أما هو ..مفرح ..فقرر أن يضغط عليها بالخصام لعل ذلك يأتي بنتيجة .
بعد قليل سمع صوت باب الغرفة يفتح لكنه ظل مغمض العينين فاقتربت مليكة حافية القدمين منه وهي تظنه قد نام وتأملت ذراعيه المعقودين تحت صدره في نومته على جانبه .. اقتربت أكثر ومدت يدها تمسح على شعره بحنان ثم مالت تطبع قبلة على خده وأسرعت تغادر الغرفة وهي تكتم شهقاتها الباكية بعد أن عدلت رأس إياد المتدلية من الناحية الأخرى من السرير وعدلت ملابس أدهم لتغطي ظهره الذي كان عاريا .
بمجرد أن أغلقت الباب غرس مفرح رأسه في الوسادة بقوة وكأنه يريد أن يلصقه بها حتى لا يضعف ويندفع خلفها .. قلبه يؤلمه وكرامته تؤلمه ورأسه وكل شيء فيه يتألم فغمغم متأوها وهو يكتم صوته في الوسادة "يا رب .. رحمتك بنا يا رب "
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 10:57 PM   #1705

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4

(4)


بعد عدة أيام
صباحا
وقفت تحضن نفسها تنظر لسوسو وهي توصي كامل بأن يهتم بنفسه أثناء سفره قبل أن يسلم الأخير على والده ثم وقف أمام ونس يقول بامتعاض" أنت يا صغيرة اهتمي بأخي وإياك أن تحزنيه وفي المقابل اعدك بأن احضر لك شيكولاتة "

قالها متهكما فضيقت ونس عينيها تناظره وهي تداري شعورها بالتأثر لسفره فتركها وتحرك يغادر الفيلا بعد أن تقابلت عيناه بعيني بسمة بنظرة خاطفة لكنها حملت الكثير من الكلام الغامض .
تحرك مغادرا فتحركت بسمة وونس خلفه إلى الحديقة ومنها للباب الجانبي المؤدي للمرآب فاستدار كامل يقول لبسمة " كما أخبرتك تركت لك نقودا في الدرج وإن احتجت لشيء اطلبيه من شامل وهو لن يتأخر .. ولو سمحت أي خروج خارج البيت أعلم به قبلها "
قالها وتحرك بوجه واجم كحالته معها الأيام الماضية ودخل من الباب المؤدي للمرآب .
أطرقت بسمة برأسها تبتلع غصة في حلقها رغم الشعور بالغضب الذي لا يزال يلازمها منذ أخر شجار بينهما ومن بروده معها بعد ذلك حتى أنه لم يعد يبيت على السرير بل اتخذ من غرفة الألعاب مقرا دائما .. كمن يتحاشى البقاء معها .. قضى الأيام الماضية كلها في تجهيز أوراق السفر أو هكذا كان يتحجج حتى يقضي اليوم كله خارج البيت ويومين منهم قضى السهرة مع مفرح الذي لم تكن تعلم ما به حتى حكت لها مليكة ما حدث ..
ورغم شعورها بالغيظ منه وبالغضب وبالرغبة في خناق ذلك البارد الذي عاد متعجرفا متعاليا أسوأ من ذي قبل .. رغم كل هذا تشعر بحزن شديد لسفره ..
ربتت عليها ونس بمواساة وكأنها تشعر بما يدور بخلدها فابتسمت لها بسمة ابتسامة حزينة وعادت لتحضن نفسها وتحدق في السور الفاصل بين الحديقة والمطعم والذي تخرج السيارات من المرآب بمحاذاته إلى الشارع وشاهدت السيارة تغادر .
شعور بالفقد فائق السرعة بدأ يجتاحها ..
آه يا كامل ..
يامن أضحيت لغزا في حياتها ..
طاقة نور ونار غامضة لا تعرف إن اقتربت منها ستدفئها أم ستحرقها.
رن جرس البوابة الخارجية فعبست ونس وأسرعت مهرولة كالعادة لتهتف فيها بسمة بتوبيخ" ألن تكفي عن الهرولة يا ونس!"
خرج غنيم من الفيلا وتبادل مع بسمة النظرات اليائسة من توقف ونس عن الاندفاع بينما صاحت الأخيرة بفرحة حين وجدت والدها على البوابة فطوقت رقبته بذراعيها بفرحة عارمة بينما عيد يحضنها ويربت على ظهرها متأثرا .
اقترب غنيم يرحب به قائلا" أهلا بالرجل الطيب"
أبعد عيد ذراعي ونس عنه ومد يده في سلام حار لغنيم قبل أن يستدير ويقول للسائق الذي أوصله" ضع الأشياء في الحديقة يا أبا سالم "
نفذ الرجل أمام انظار غنيم العاتبة فوضع أسبته وأقفاص ولفائف في الحديقة نقلها من السيارة قبل أن يحييهم ويغادر بينما اقتربت بسمة تحي عيد بابتسامة مرحبة" كيف حالك يا عم عيد؟ "
ابتسم عيد قائلا "بخير يا باشمهندسة أرجو أن تكوني بخير"
هزت بسمة رأسها ليقول عيد لونس بعبوس" أين زوجك أريد أن اخانقه "
اتسعت عينا ونس بينما قال غنيم بهدوء وقد خمن ردة فعله بعد أن أخبره شامل بأنه قد اخبره ليلة أمس بحمل ونس بعدما انزلقت الأخيرة في الحديث مع والدها وذكرت له أنها كانت بالمستشفى .. فأسرع عندها شامل بإخباره بما حدث وتوقع بأن يحضر من باكورة الصبح" ماذا فعل شامل يا حاج عيد ؟"
قال عيد لغنيم منفعلا "أيرضيك أن يخفي عني أمر دخول ابنتي المستشفى"
وقفت ونس شاعرة بالتوتر وبالذنب أن ذكرت أمر المستشفى دون أن تعي في حديثها معه على الواتساب أمس وحاولت مسح كلامها بعد ارساله لكنه كان قد قرأه.
رد غنيم وهو يسحب عيد من يده "يا حاج عيد كلنا اشفقنا عليك من القلق قلنا سنخبرك بعدما يستقر الوضع تعال لنجلس بالداخل "
قال عيد بإصرار" أنا أرتاح هنا في الحديقة على هذه المقاعد"
قالها وهو يشير إلى المقاعد أمامه فاستسلم غنيم لرغبته وقاده إليها بينما قال عيد لغنيم بانفعال" لكن كان على شامل أن يخبرني لأكون بجوارها بالمستشفى"
قال غنيم معاتبا "وهل نحن سنقصر مع ابنتنا "
وأشار لها لتقترب ففعلت وعلى وجهها ملامح شقية فأحاط الأخير ذراعه بجذعها بينما ونس تضحك .
قال عيد بهدوء" حاشا لله أنتم أهل الأصول كله .. مبارك لكم على الحفيد يا غنيم بك ليتممها الله على خير"
رد غنيم" ولك يا حاج عيد"
سألته بسمة" ماذا تشرب يا عم عيد؟"
أجاب غنيم "بل سيفطر .. أنا لم أفطر بعد وأنوي أن أطلب منهم أن يعدو لنا فطورا دسما"
قال عيد بحرج" لقد فطرت قبل أن أتحرك من البيت"
رد غنيم بإصرار" ستفطر معي ليس هناك فرصة للإفلات هذه المرة ( وأخفض صوته يضيف ) سأفطر معك حتى لا تعترض سوسو على أكلي فطور دسم"
قالت بسمة " إذن دعني أنا أعد لكما الفطور"
ابتسم غنيم وقال " خذيني معك لأساعدك فيه ولنترك هذا الرجل مع جنيته قليلا (ونظر لعيد مضيفا ) خذ راحتك يا حاج عيد البيت بيتك "
غمغم عيد بالشكر بينما تحرك غنيم يمنح بسمة مرفقه لترافقه فابتسمت الأخيرة رغم عيناها الحزينتان وتعلقت بذراعه نحو الداخل وغنيم يناغشها قائلا" سيمر الأسبوعان بسرعة وسيعود بإذن الله "
وكأن عبارته قد ضغطت على زر الدموع فقالت بحشرجة "إن شاء الله"
قالتها وهي تتشبث بذراع غنيم وذلك الشعور بالفقد تتسع رقعته بداخلها .
أما عيد فجلس ينظر لونس التي وقفت أمامه تشبك يديها خلف ظهرها وتتأرجح يمينا ويسارا بوجنتين مشتعلتين فغامت عيناه لكنه قال" أجلسي يا ست الهانم وأخبريني كيف انزلقت في الحمام "
اقتربت ونس وجلست على حجره تلف ذراعيها حول عنقه بدلال فقال شاعرا بالحرج وهو ينظر لباب الفيلا "بنت تحشمي واجلسي كالعقلاء "
ضحكت ونس وتركت حجره لتجلس على المقعد المجاور له وتطلعت فيه بسعادة .. فسألها بلهفة "هل أنت بخير ؟هل وضع الجنين مستقر ؟"
أمسكت بدفترها من جيبها القماشي الذي تعلقه في كل ملابسها وكتبت" كنا عند الطبيبة أمس وأخبرتنا أن الوضع أكثر استقرارا لكن هناك بعض التحذيرات حتى لا اؤذي نفسي "
غامت عيناه وتطلع فيها لا يصدق بأن ابنته الصغيرة ستصبح أما ..فضربها بمشط يده على خدها بخفة يقول مناكفا" ستصبحين أما يا بنت الكلب!"
ضحكت ونس فرحة ..فتأملتها عيناه وهي تكتب له" صوتك جميل يا عيد"
قال بابتسامة خجول على وجهه "وأنت تزدادين ميوعة وقلة أدب يوما عن يوم يا بنت عيد"
عادت ونس لتضحك ثم مالت برأسها على صدره كقطة صغيرة فلف عيد ذراعه حول جذعها يحضنها بينما وسواس شيطاني أخذ يذكره بولادة أمها المتعسرة التي تسببت في موتها .. لكنه أسرع بالاستعاذة من الشيطان الرجيم وأخذ يمسح على رأسها ويقرأ ما تيسر له من آيات القرآن يدعو بأن يحفظها الله هي وجنينها .
××××
بعد الظهر
وقفت أم هاشم تحدق في منامة عروس من قطعتين صغيرتين قطعة علوية صفراء من قماش مكشكش لن تغطي إلا نصف الجذع بربع كم .. والأخرى سفلية عبارة عن شورت أسود قصير مطبوع عليه وردات كبيرة من زهرة دوار الشمس الصفراء فغمغمت بصوت خافت بانبهار" يا إله العالمين! .. هذا الطقم يدعو صراحة للانحراف .. وأنا أتمنى أن أنحرف"
كتمت مليكة الضحك بصعوبة وهي تغطي فمها بكفها وتتطلع حولها ثم قالت لأم هاشم بهمس موبخ" أخرسي وكفي عن الوقاحة فأنت لسان فقط "
قالت أم هاشم وهي تتفحص القطعتين في يديها" وما ذنبي أنا أن القطعتين تحفزان المخيلة للوقاحة !"
سألتها مليكة "هل نشتريهما إذن؟ "
غمغمت أم هاشم "نشتريها لما لا (وأشارت للبائعة تطلب منها أن تضعها مع باقي حاجياتها ثم أضافت بصوت خافت ) رغم أني أتوقع بأنه سيكون بشعا عليّ وسيفسد لون بشرتي شكله لكن لا بأس من الممكن أن ارتديه بيني وبين نفسي في بعض الأحيان "
قالت مليكة بلهجة موبخة" ألن تكفي عن التقليل من نفسك؟ "
ردت أم هاشم بهدوء ولهجة عاقلة " أبدا والله أنا لا أعترض على شيء لكني اتحدث عن حقيقة "
قالت مليكة بتقريع " عن أية حقيقة تتحدثين يا غبية!.. هذا كله ما أدخله الناس في رأسك.. انتظري"
وأخرجت هاتفها تكتب شيئا على محركات البحث ثم قالت "انظري هؤلاء عارضات أزياء سمراوات أجرهن بالدولار"
دققت أم هاشم لتضيف مليكة "وهذه فتاة افريقية سمراء انظري إليها دققي في ملامحها أليست جميلة جدا"
غمغمت أم هاشم معترفة "بصراحة مبهرة"
نظرت لها مليكة تقول" أنت حينما تغيرين هذا السواد وتتزينين ستصبحين مثلهن "
قالت أم هاشم بحزن" ربما لأني أريد لجابر أفضل شيء أشعر بذلك "
تكلمت مليكة بيقين" أنت الأفضل يا أم هاشم .. ولو كان انسانا بهذه القيمة التي تختصينه بها.. وأنا أعلم بأنك لن تضعي أحدا في مكانة كهذه إلا من يستحقها فأنا أؤكد لك بأنه سيراك الأفضل على الاطلاق "
غمغمت أم هاشم بمحبة "لا حرمني الله منك يا مليكة أعلم ما تريدين أن تقوليه وصدقيني أفهمه.. لكن كما تعلمين لن أستطع أن أضغط على زر لأغير صورتي عن نفسي التي تكونت على مدى ثلاثين عام من تعليقات الناس"
ربتت مليكة على ذراعها وتحركتا نحو الكاشير للمحاسبة فحاولت الدفع إلا أن أم هاشم زمجرت ورفضت بشدة لتقول مليكة "لا بأس لك هدية زواج عندي سأشتريها على ذوقي ما دمت لا تريدين أن تخبريني ماذا أحضر لك"
بعد قليل دخلتا محلا للعباءات في ذلك المول الكبير بمركز المحافظة فقالت أم هاشم بامتنان" اتعبتك معي يا مليكة فيبدو الاجهاد عليك واضحا "
قالت مليكة وهي تتأبط ذراعها" وهل عندنا أعز من مشمش .. بسمة كانت تريد أن تحضر لتساعد .. لكن كما قالت لك زوجها سيسافر اليوم ولن تقدر على السفر في غيابه"
قالت أم هاشم مغمغمة بتأثر "لا حرمني الله منكما يا بنات( وتطلعت في مليكة مدققة تسأل) هل أنت بخير تبدين مرهقة بشدة؟"
أخفت مليكة خلف ابتسامة مطمئنة ما تمر به من حال صعب فمنذ ذلك اليوم الذي غضب منها مفرح لا يزال يخاصمها يخرج صباحا ويعود عند النوم فقالت" لا شيء يا حبيبتي ربما أنا مقبلة على نزلة برد .. (واتسعت عيناها فجأة ثم اشاحت بوجهها تقول) يا إلهي من أين أتت هذه الآن!"
أدارت أم هاشم وجهها لتجد كاميليا تدخل المحل بعباءة لامعة من عند الأكمام والذيل تضع مساحيق الزينة على وجهها بمبالغة والغرة الصفراء على جانب واحد من نصف رأسها المكشوف تحت الطرحة ومعها ثلاث من النساء تعرفهن جيدا فهن زميلات الدراسة ومن شلة كاميليا .. فأدارت وجهها وقالت "أعوذ بالله !"
سألتها مليكة" هل نغادر؟"
ردت أم هاشم بكبرياء " لماذا؟ .. لا أريدها أن تشعر بأني أهرب منها .. لابد أن تراني وأنا اشتري مثل أي عروس لتعتقد بأن الأمر حقيقي وبأنها تضيع من يدها شيئا ثمينا"
تنهدت مليكة وقالت" رأسك يابس كالعادة ومصرة على تنفيذ خطتك"
قالت أم هاشم لمليكة وهي تتطلع في العباءات" اختاري لي يا مليكة أنت ذوقك راقي "
قالت الأخيرة وهي تتطلع في القصات والانواع أمامها" بالطبع سأختار لك لماذا أنا هنا إن لم يكن لذلك "
على الناحية الأخرى وقفت كاميليا تدقق في عباءة مطرزة من أولها لأخرها على دمية العرض ولم تعجبها فقط العباءة ولكن أطربها أن ترى العيون المبهورة بالعباءة من صاحباتها خاصة حينما سألتها أماني "هل ستشترينها بهذا المبلغ الكبير؟؟"
ردت كاميليا بمباهاة واستعراض" حبيبتي أنا معتادة على شراء كل شيء يخصني بهذه المبالغ"
تكلمت منى تداري حقدها "بصراحة لن أنسى تلك العباءة الخضراء التي رأيتها عندك ذات التطريز المبهر"
لكزت سناء كاميليا تقول بسرعة" أنظري يا كاميليا انظري من موجود بالمحل "
استدارت الأخيرة لتتفاجأ بأم هاشم فلبستها الشياطين خاصة حينما قالت أماني متهكمة " تعيش في دور العروس وتشتري مع بنت الصوالحة ثيابها "
رفعت كاميليا ذقنها بكبرياء وتحركت متبخترة تطقطق بكعبها العالي في اتجاههما .. لتتبادل صاحباتها النظرات ويسرعن باللحاق بها وقد أصابهن الحماس لعرض شيق على وشك الحدوث .
وقفت كاميليا بالقرب من أم هاشم ومليكة وقالت لصاحباتها بتهكم "يقولون في الأمثال .. (القالب غالب ) أي أنه مهما لبست المرأة من ثياب جميلة إن لم تكن هي كذلك فلن تغير الملابس منها شيئا"
ردت أم هاشم بصوت مسموع دون أن تستدير" ما الذي أتى بالذباب في محل محترم كهذا !"
تدخلت أماني تقول بنفس التهكم" صدقت يا كاميليا فأمي دوما تقول ( وماذا قد تفعل الماشطة في الوجه العكر !)"
أطلقت كاميليا ضحكة متشفية وقالت "صدق المثل فما بالك لو كان الوجه اسودا كسواد العفاريت"
ردت أم هاشم " الذباب ملأ المحل يا جماعة"
قالتها للبائعة التي تقف قبالتها فنظرت الأخيرة حولها تبحث عن الذباب بينما استدارت أم هاشم تقول لهن بابتسامة باردة من فوق كتفها "هل هناك من ينادي؟.. سمعت من تتحدث عن العفاريت (ونظرت لصاحبات المدرسة تضيف بتهكم ) أنتن هنا أيضا ما شاء الله الصحبة اكتملت "
بلعت الفتيات الثلاث ريقهن يشعرن كالعادة بالرهبة من أم هاشم بينما ناظرتها كاميليا من رأسها حتى أخمص قدميها بنظرة محتقرة .
قالت مليكة وهي تسحب ذراع صاحبتها "هيا نخرج من هنا يا أم هاشم "
تكلمت الأخيرة ببرود" لم اشتري ما أريد بعد!"
قالتها واستدارت للبائعة تقول "هيا ساعديني يا مليكة لأختار فأمامنا أشياء كثيرة لننجزها اليوم "
لم تستطع كاميليا تصنع البرود أكثر .. فالغل يوغل صدرها والغيرة تأكلها .. وهذا ما لا تريد أن تعترف به حتى لنفسها .. فهناك شعور خفي بداخلها يشعرها بالغيرة من زواج جابر فقالت بهجوم مباشر" مهما فعلتِ قلنا القالب غالب .. وسيفيق هو عاجلا أو أجلا لغبائه ويدرك بأنه لن يستطيع إهانة كاميليا العسال بك "
قالت مليكة بلهجة حازمة " لا داعي لهذا الكلام يا كاميليا عيب "
غمغمت الأخيرة ببرود" لماذا؟.. ألا أقول الحقيقة !.. إنه غبي ويعتقد بأنه يهينني بالزواج من فتاة مثلها "
همت مليكة بالرد بغضب لكن أم هاشم أمسكت بذراعها ورغم شعورها بالألم مما قالت لكنها ردت بابتسامة باردة تقول لمليكة" اتركيها يا مليكة .. طبيعي أن تقول هذا الكلام .. وهل هناك امرأة عاقلة لن تشعر بخسارتها الفادحة حينما يتركها سيد الرجال .. من الطبيعي أن تشعر بالغيرة مني سأدعو الله لها بأن يهون عليها مصابها "
شهقت كاميليا وردت " غيرة منك !! "
واطلقت ضحكة مجلجلة فابتسمت أم هاشم ابتسامة باردة مخيفة وهي تناظرها وتغمغم "هداك الله يا مسكينة"
تدخلت سناء تقول بحقد "بل أنت المسكينة بالفعل قلبنا معك "
أضافت كاميليا باحتقار "هذا ما يليق بك فعلا .. أن تحصلي على فضلات كاميليا العسال فتصبح لك أملا لم تكوني لتبلغيه أبدا لولا أنها ألقت بها "
انقلب وجه أم هاشم فجأة وخلال ثانية كانت قد اندفعت نحوها تهم بالقبض على شعرها لكن مليكة أسرعت بالوقوف بينهما تحضن أم هاشم التي هتفت من فوق كتفها في وجه كاميليا بتهديد" أي كلمة أخرى في حق جابر سأمسح بك أرضية المكان"
تطلع الزبائن في المشهد بينما وقفت صاحبات كاميليا منكمشات بجبن ..بينما ناظرت كاميليا أم هاشم وهي تجز على أسنانها وتداري خوفها منها خلف نظرات مغلولة .
دفعت مليكة أم هاشم وهي تقول" صل على النبي يا أم هاشم ودعينا نغادر حلفتك بالله "
قالت الأخيرة وهي تحاول التحكم في أعصابها "اللهم صلي وسلم وبارك عليه .. من أجل خاطرك أنت يا مليكة.. لولا ذلك لكنت أطلقت عفاريتي على من يستحقها "
قالتها ومليكة تسحبها من ذراعها لتغادرا المحل أمام نظرات الجميع بينما أم هاشم لا تزال تحدق في عيني كاميليا بنظرات تحذيرية مخيفة .
بمجرد أن غادرت أم هاشم مع مليكة تطلع الجميع في كاميليا التي قالت وهي تضرب كفا بكف "امرأة مجنونة شفاها الله تهجمت علينا دون سبب"
عاد الجميع لما كانوا يفعلونه قبل دقائق بينما قالت كاميليا من بين أسنانها متوعدة "حسابك سيكون معي أيتها العفريتة السوداء وسأعلمك من هي كاميليا "
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 10:57 PM   #1706

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 5

(5)



بعد أسبوع
في المساء
"إذن هل ستفعلين ذلك؟.. ستذهبين لطبيب نفسي ؟"
صمتت مليكة لبرهة ثم ردت بصوت يخنقه البكاء " أنا لا أريد لكني مضطرة أن أفعلها من أجل مفرح "
شعرت بسمة بالألم الشديد تعاطفا مع صديقتها وأشفقت عليها بشدة أن تضطر لفعل ما يصعب عليها من أجل من تحب .. ورغم أنها تمنت لو أن تناقشها لماذا فعلت ما فعلت في ذلك اليوم الذي تشاجر معها مفرح ومع أمه لكنها خشيت أن تجرحها .
أضافت مليكة بضعف لا تظهره إلا أمامها "لكني أخبرته بأن نؤجلها لما بعد زواج أم هاشم فأنا مشغولة معها حاليا"
سألتها بسمة " وماذا قال؟"
ردت مليكة بصوت مهزوز متألم " لم يقل شيئا ..ما فهمته أنه اتفق مع أخي أكرم بل إن أخوتي كلهم يبدو أن الأمر قد وصلهم "
سألتها بسمة باستنكار "هل أخبرهم بما حدث مع عمتي؟"
ردت مليكة بسرعة " لا لا .. ولا الأمر الخاص بيننا ..ما فهمته من أكرم أنه أبلغهم بأني أعاني من الاكتئاب واحتاج لاستشارة نفسية "
شعرت بسمة بالحيرة فقالت بصدق لتشجعها "أنا أيضا أشعر بأني بحاجة لاستشارة نفسية .. وبعد أزمة طلاقي تمنيت بأن نكون في العاصمة حتى ألجأ لمرشد نفسي يساعدني على تخطي الأزمة لكن كما تعلمين لن استطع أن أفعلها في بلدتنا فزيارة أي طبيب نفسي في مركز المحافظة كان سيُعرف لا محالة .. المهم أتمنى أن تتحسن حالتك من أجلك أنت أولا قبل مفرح"
ساد الصمت قليلا قبل أن تضيف بسمة " يا الهي .. لقد كان غاضبا مني بشدة حينما اتصل بي يوبخني لأني لم أخبره عما تفعله عمتي معك"
قالت مليكة " غضب من مهجة أيضا (صمتت قليلا ثم سألتها بصوت مرهق ) وكيف حالك مع كامل؟"
ردت ببرود تبلع رغبة في البكاء " لا جديد يتعمد التجاهل .. منذ أن سافر يتصل بي كل مساء دقيقة واحدة يسأل عن احوالي باقتضاب وعن إن كنت احتاج لشيء ويغلق متعللا بانشغاله وفي المقابل يتحدث بالساعات مع أخيه "
سألتها مليكة "وأنت كيف تشعرين؟"
غمغمت بسمة بضيق وهي تتطلع في الغرفة الفارغة حولها " زفت "
قالت مليكة لصاحبتها تحاول التقليل من حيرتها "يا بسمة هو أخبرك في أخر مشاجرة أنه يهتم بك وأنت اعترفت بأنك شعرت بانجذابه الشديد لك ورغبته فيك كأي زوج وزوجة "
هتفت بسمة بانفعال "لا تقولي زوج وزوجة ..قولي كأي رجل وامرأة .. وأنا لا أحب هذا الشعور ..ولست محرومة من وجود رجال حولي يرغبون بي لأطير من السعادة حينما أرى الرغبة في عيني كامل بك نخلة.."
جادلتها مليكة بهدوء " لكنك تحبينه وتريدينه"
قالت بسمة بانفعال باك يخالف الجمود الذي اعتادت أن تتعامل به دوما مع الأمور حولها " هذا يزيد الأمر سوءا لا يحسنه .. لا أريده أن يرغب بي فقط يا مليكة ..لا أريد أن أكون لوحة جميلة يمل منها بعد قليل .. أريده أن يحبني .. يحبني"
قالت مليكة مواسية "اهدئي يا بسمة"
هتفت بسمة بحنق " ما يزيد الوضع سوءا أني اشتاق إليه جدا "
شاركتها مليكة الشعور وردت " حبيبتي أنا أدرك ذلك جيدا وأفهم شعورك"
رن هاتف بسمة بمكالمة أخرى فنظرت فيه عابسة ثم قالت وهي تمسح دموعها "لقد حضر على السيرة"
قالت مليكة بسرعة "سأتركك أنا ..سلام "
مسحت بسمة بقايا دموعها وأجلت صوتها تفتح المكاملة الأخرى وردت بصوت بارد "ألو"
جاءها صوته هادئا "مع من تتحدثين أعتقد أن الوقت عندكم متأخر الآن ؟"
" مليكة "
سأل السؤال الروتيني" كيف الحال؟"
ردت وسألت بروتينية " بخير .. وأنت كيف هي الدورة التدريبية اليوم ؟"
أجاب بنفس الرتابة " تمام الحمد لله ( ثم سألها ببعض الاهتمام لم يقدر على إخفائه خلف قناع البرود ) ما به صوتك هل كنت تبكين ؟"
غمغمت بإنكار " لا أبدا ولماذا ابكي !.."
ساد الصمت لتقول بعد برهة " كامل أنا لابد أن أحضر ليلة حنة أم هاشم وحفل زفافها هذا الأمر لا يمكن ألا أحضره "
رد ببرود استفزها "إن شاء الله سأذهب الآن لأن وقت الراحة انتهى سلام "
نظرت بسمة في الهاتف بغيظ ثم غمغمت بعصبية "لم يكمل حتى الدقيقة "
ألقت بالهاتف على السرير وتركت مكانها وبدأت في التحرك جيئة وذهابا في الغرفة تقول بغيظ شديد تحدث نفسها "ولماذا يتعب نفسه بالاتصال إذن !!.. هل يحاول أن يثبت بأنه الرجل المراعي .. أم تشغله الجميلات هناك .. بالطبع عيناه لن تفوتا فرصة كهذه (وأضافت متوعدة ) المرة القادمة لن أرد عليه .. لا أريدها هذه الدقيقة التي يتعطف عليّ بها (ورقصت كتفيها تقلده بتهكم ) كيف حالك هل تحتاجين لشيء ..سلام ( عادت وجزت على أسنانها تؤكد لنفسها ) لن أرد عليه .. لن أرد "
××××
قال يحيى باندهاش "كيف لا تريدين حفل زفاف يا أم هاشم ؟..هل هناك فتاة لا ترغب في إقامة حفل زفاف لها؟!!"
ردت أم هاشم على عمها بإصرار "أنا .. أنا من لا تريد حفلا أجلس فيه في الشارع أمام الرائح والغادي"
شرح لها يحيى " يا بنيتي جابر يريد أن يقيم صوانا كبيرا ..ولكن إن أردت من الممكن أن أطلب منه أن يؤجر قاعة للحفلات في مركز المحافظة لكن بصراحة لن يليق ذلك بمقام جابر دبور .. الصوان أفضل وأكثر وجاهة"
هتفت بضيق " ولماذا كل هذه التكلفة؟.. صوان ..وقاعة وتحضر الناس ..وتنم وتمصمص شفتيها!"
غمغم يحيى " لا حول ولا قوة إلا بالله!..كيف سيكون حفل زفاف إذن بدون احتفال يا أم هاشم !!"
قالت أم هاشم بترجي " من فضلك يا عمي أنا سأكتفي بحفل حناء يضم السيدات .. الحنانة السودانية لديها فرقة بنات وستحيي لي ليلة الحناء وكفى .. ونكتفي بزفة من صالون التجميل للبيت ( وأضافت في سرها ) هذا إن وصلنا لمرحلة حفل الزفاف "
قال يحيى بعبوس " اسمعي يا أم هاشم لا تريدين أن تجلسي في صوان بجوار عريسك كباقي العرائس لن أضغط عليك .. لكن لابد أن يقام لك حفل زفاف.. وجابر أيضا له معارف كثيرون من خارج البلدة وبالطبع سيرغبون في مجاملته .. هذا بالإضافة لأهل البلدة كلهم يترقبون هذا الحدث .. لذا سيتم الأمر كما كنا نفعل قديما سيحضرك العريس بزفة حتى هنا لتجلسي في داخل البيت مع من ترغب من النسوة لمباركتك.. أما في الخارج سيقام صوانا لاستقبال ضيوف العريس وفي أخر الحفل سيأخذك العريس للبيت والحمد لله أن بيت العريس أخر الشارع "
صمتت أم هاشم تناظره بغير رضا فقال يحيى بهدوء حازم "هذا آخر ما يمكن أن نفعله يا ابنة أخي "
في المطبخ غمغمت صباح معلقة على ما سمعت" وهل كانت تحلم بنت زكريا بذلك حتى تتبطر على النعمة ! ..صحيح (يعطي الحلق لمن ليس له آذان )"
قالت هند لأمها لائمة " لقد نهاك أبي عن هذا المثل لأنه حرام يا أمي"
غمغمت صباح بارتباك وهي تغادر المطبخ "استغفر الله العظيم ..هي السبب.. تخرج المرء عن شعوره "
قالت سامية بقلق "المشكلة الآن أن مزاجها قد تعكر وأخشى أن ترفض الطهي للغد وخلف سيأتي غدا "
ردت هند عليها "هذا إن كانت متفرغة لكم فهي تخرج كل يوم بعد الانتهاء من عملها لشراء ما يلزمها.. فالأشرف لك أن تطبخي أنت له حتى يعتاد من الآن على طبيخك السيء "
هفت سامية بغيظ "اخرسي أنت"
مطت هند شفتيها وقالت وهي تغادر المطبخ "خرست .. ليتها تُخرج عليك عفاريتها وتأكلك يا باردة "
××××
بعد أسبوع أخر
قبيل الظهيرة
قالت المشرفة في صالون التجميل الشهير لسوسو بمجرد أن رأتها تدخل من باب المركز" يا أهلا يا سوسو هانم أنرت المكان "
ردت سوسو بابتسامة أنيقة " أهلا بك.. كنت قد حجزت موعدي معكم من الأسبوع الماضي لفردين إضافيين معي"
قالت المرأة مرحبة" طبعا ..طبعا يا هانم أهلا بك وبضيفاتك (وتطلعت في بسمة وونس وقالت بمجاملة )هل هما اختيك ؟"
ابتسمت سوسو وقد شعرت بالإطراء ثم قالت" في الحقيقة هما زوجتي ولديّ "
قالت المرأة بابتسامة " ما شاء الله لا يبدو عليك أبدا أن لديك أبناء متزوجون"
ابتسمت بسمة على طفولية حماتها التي تحب الاطراء بينما قالت المشرفة وهي تقودهن لغرفة الانتظار "تفضلوا يا هوانم"
دخلت سوسو للغرفة وهي تقول "هل سننتظر كثيرا لدينا مشاويرا بعد ذلك ولا نريد أن نتأخر "
غمغمت المشرفة "لا يا فندم فورا ستدخلن ..( ومررت انظارها بين سوسو وبسمة وونس وسألت) ماذا تشربن؟"
ردت سوسو "ليس الآن"
طالعتهن بتدقيق سيدة تجلس في الغرفة تنتظر دورها بينما استأذنت المشرفة مغادرة ..فسألتها السيدة حين مرت من أمامها "وأنا؟"
ردت المشرفة بلباقة" حاضر يا فندم"
جلست سوسو بأناقتها المعهودة تضع ساقا فوق الأخرى وهي تقول للفتاتين" هذا هو الصالون الذي أتعامل معه دوما .. لكني في الحقيقة أحضر بمفردي غالبا دون رفقة "
تأملت ونس المكان بانبهار ثم اقتربت من صورة كبيرة على الحائط بها درجات لألوان الصبغات وطلاء الأظافر ووقفت تتأملها بينما سألت بسمة سوسو "أليس لك صاحبات تذهبين معهن ؟"
أجابت سوسو " لي صديقات لكن في بعض الأحيان لا نتفق في الوقت (ثم نادت على ونس ) ونس تعالي هنا من فضلك "
استدارت الأخيرة تعود إليها لتجلس بجوارها فقالت سوسو وهي تعدل لها ضفيرتها الكستنائية الطويلة" لا تلمسي الحوائط أو اللوحات هذا سلوك غير مهذب أبدا"
أومأت ونس برأسها مبتسمة ثم كتبت لهما في دفترها" هذا المكان جميل جدا وراقي "
ابتسمت سوسو بينما تطلعت بسمة في المكان حولها لتسألها سوسو "هل تريدين أن تغيري لون شعرك يا بسمة؟"
قالت بسمة بحيرة "لا أرغب حاليا"
ردت سوسو "لا بأس أنت يليق بك الأسود ويبرز لون عينيك جيدا "
سألتها بسمة فجأة" كيف كان لون شعرها؟"
عبست سوسو بعدم فهم وسألت" من؟"
شتمت بسمة نفسها أن تهورت بالسؤال بالتأكيد ستلاحظ حماتها بأنها مهتمة فردت وهي ترسم اللامبالاة على وجهها "أقصد زوجة كامل السابقة"
قالت سوسو" ري ري ؟ .. كانت تصبغ شعرها باستمرار لكن لون شعرها الأساسي أعتقد بني"
لوت بسمة شفتيها دون إرادة منها فابتسمت سوسو وقالت "كان هذا منذ زمن بعيد .. بعدها عزف كامل عن الزواج حتى التقى بك "
قالت بسمة بمكر "هل لازلتِ أنت أيضا على اتصال بها؟"
شرحت سوسو موضحة "نتواصل أنا وأمها من وقت لأخر فالعلاقات بين العائلتين جيدة حتى برغم الانفصال"
شعرت بسمة بالإحباط لأنها لم تتلق الإجابة التي تريدها فسألتها بشكل حاولت أن يكون عاديا" على الفيسبوك؟"
ردت سوسو " لا عبر الهاتف .. لكن ري ري عندي على الفيسبوك "
أخرجت بسمة هاتفها وقالت" اعطني حسابك على الفيسبوك فقد أنشأت حسابا جديدا "
قالتها ولم تخبرها بأنها قد انشأته ليلة أمس وأضافت شامل الذي وافق على طلبها بينما أرسلت لكامل طلبا للصداقة ولم يوافق عليه حتى الآن .. ولم تخبرها أيضا بأنها حاولت الدخول على صفحة الأصدقاء عند كامل لكنه كان مفعلا لخاصية عدم مشاهدة أصدقائه .
أعطتها سوسو حسابها أمام نظرات ونس الفضولية فأضافتها بسمة وهي تنوي بأن تتسلى بفحص أصدقاء سوسو حتى تصل لتلك المدعوة ري ري لكن سوسو التقطت فضولها نحو زوجة كامل السابقة وقالت بهدوء" لم يكن بينهما تفاهما من اللحظة الأولى .. وكانا كثيرا الشجار وبصراحة أحمل ابني جزءا كبيرا من فشل العلاقة "
علقت بسمة "كامل أخبرني بأنها تزوجت ولديها أولاد الآن"
ردت سوسو " أجل تزوجت بعد عدتها مباشرة ولديها أطفالا لو كانت بقيت مع كامل لكان لدينا أحفاد الآن.. انتظري سأريك إياها"
لمعت عينا بسمة بانتصار ومرت الثواني عليها ببطء قبل أن تريها سوسو في هاتفها "هذه هي صورتها مع أولادها"
أخذت بسمة الهاتف ودققت في امرأة في مثل عمرها بيضاء لها شعر بني طويل واعترفت في سرها بأنها جميلة .. فأكلتها الغيرة وهي تتخيلها مع كامل ..
في نفس الوقت دخلت المشرفة تقول لسوسو" خمس دقائق بالضبط ويحين دورك سوسو هانم أنت وضيفاتك"
هبت السيدة الجالسة في الغرفة تهتف فجأة "ما هذا التهريج !!. أنا وصلت قبلها "
استدارت إليها المشرفة تقول "يا فندم سوسو هانم حجزت هذا الموعد منذ أسبوع"
قالت السيدة "وأنا أيضا حجزت موعدا "
ردت المشرفة "لكنك لم تحضري فيه ولم تلغيه وأتيت اليوم بدون موعد "
قالت المرأة باستنكار " هل تعاقبينني!.. أين مدام لولا صاحبة المركز ؟"
ردت المشرفة بأدب " المدام لم تصل بعد وأنا لا أعاقب حضرتك أنا فقط ابحث لك عن مكان بين المواعيد المحجوزة مسبقا"
امتقع وجه المرأة تشعر بالحرج فقالت بعناد "أنا سأتصل بمدام لولا لأخبرها بهذه المعاملة ..ألا تعرفون من أنا !"
صمتت المشرفة وغادرت تكتم الغيظ بينما تطلعت ونس في المرأة التي تبدو ثرية ترتدي بلوزة بألوان جلد النمر فوق تنورة سوداء قصيرة وضيقة وتلف وشاحا ناعما حول رقبتها وراقبت بريق الخاتم اللامع في يدها فهمست لها سوسو "لا يصح التحديق في الأخرين بهذا الشكل"
هزت ونس رأسها بحرج ثم كتبت لسوسو "هل استطيع أن ألون خصلات شعري.. لم تسأليني مثل بسمة"
ابتسمت سوسو وردت "لا يستحب صبغ الشعر للحامل خاصة في الشهور الأولى"
مطت ونس شفتيها بتبرم طفولي فابتسمت سوسو وأضافت "لكن سأجعلهن يطلين لك أظافرك برسوم رائعة متداخلة الألوان ستعجبك جدا"
ألقت السيدة الجالسة الهاتف في حقيبتها بعصبية بعد أن فشلت في الوصول لصاحبة مركز التجميل وبرطمت وقد حددت جنسية سوسو منذ أن دخلت عليها من لهجتها الواضحة "استغفر الله العظيم .. يزاحموننا في بلدنا في كل مكان فيه "
اتسعت عينا بسمة بينما ناظرت ونس المرأة بصدمة فهمست سوسو لهما " تجاهلاها"
أخرجت المرأة هاتفها من جديد وأخذت تحاول الاتصال مرة أخرى وهي تقول بغيظ وتهز ساقها بعصبية" لم يبق لنا إلا أن نفتح الصنبور فنجدهم ينزلون إلينا منه .. لم يتركوا مكانا لم يزاحمونا فيه حتى مراكز التجميل "
جزت بسمة على أسنانها بينما زمجرت ونس بعصبية فربتت سوسو على يدها تقول بصوت مسموع وهي ترفع ذقنها بكبرياء" لن ننزل لهذا المستوى "
اغتاظت المرأة أكثر وصرخت في فتيات الاستقبال بالخارج من جلستها بالقرب من باب الغرفة " أنا إن لم أدخل خلال ثلاث دقائق ستندمون كثيرا ألا تعلمون من أنا "
جاءتها إحدى فتيات الاستقبال تقول بأدب "سأنادي المشرفة حالا يا فندم"
تركتها ورحلت فهبت المرأة واقفة وقد غلبتها العصبية وغمغمت بسخرية وهي تهز ساقها وتقلب في هاتفها " تركوا الحرب في بلدهم وجاءوا ليدللوا أنفسهم في مراكز التجميل عندنا !"
تطلعت بسمة في وجه سوسو فلمحت تغضن ملامحها ولمعان الدموع في عينيها وقد رشقتها كلمات المرأة في صدرها كالسهام المسمومة ..واستحضرت بسرعة تلك القصة التي حكاها لها كامل عن سبب مغادرتهم للبلد فهبت واقفة في نفس اللحظة التي لم تستطع ونس السيطرة على هرمونات الحمل التي ضربت في رأسها وتقدمتا نحو السيدة .
وقفت بسمة أمامها تقول بعصبية ليست من شيمتها "احترمي نفسك واحفظي لسانك ..مالك أنت بهم ؟..هل يشاركونك في بيتك أو يخطفون اللقمة من فمك؟"
تفاجأت المرأة بلهجة بسمة المحلية وقد حسبتها من نفس جنسيتها بينما أمسكت ونس بوشاح المرأة الحريري الذي كانت تلفه حول رقبتها وأشاحت بطرفه في الهواء وهي تطلق صيحة مهددة من حنجرتها أفزعت المرأة التي قالت باستنكار " ما هذه الوقاحة؟!!.. كيف تتكلمين معي بهذه الطريقة !"
هتفت بسمة بانفعال "أتكلم معك بالطريقة التي تستحقينها ما دمت تتواقحين "
رغم عدم ميلها للشجار شعرت سوسو بالتأثر الشديد لحمائية زوجتي ابنيها ودفاعهما عنها في الوقت الذي هتفت فيه المرأة في وجه بسمة " عيب عليك أن تقفي في وجه بنت بلدك من أجل الأغراب "
اقتربت بسمة منها أكثر تشيح بيدها في وجهها وهي تقول ساخرة "ما شاء الله على وطنيتك !.. إنها حماتنا يا نور عيني.. واقصري الشر واحفظي لسانك حتى لا أقطعه لك"
كادت المرأة أن تنفجر في وجه بسمة لكن زمجرة أخرى خرجت من ونس وهي تناظرها بمقلتين مقلوبتين جعلت المرأة تشعر ببعض الخوف غير قادرة على تفسير ما تفعله ونس وأحستها غريبة الأطوار بينما قالت سوسو بتأثر" يكفي يا بنات لن ننزل لهذا المستوى "
هبت المرأة وقد استفزتها من جديد لهجة سوسو المختلفة عن أهل البلد فصاحت "عن أي مستوى تتحدثين يا لاجئة يا مشردة .. أنت ألا تعلمين من أكون !!"
دخلت المشرفة مفزوعة في الوقت الذي هتفت فيه بسمة وهي تقف أمام المرأة "من الواضح أنك لن تحفظي لسانك .. ومن الواضح أنك لا تعرفين من نحن بالضبط .. "
قالت المشرفة تحاول فض الاشتباك " أرجو أن نهدأ يا هوانم .. ( وأشارت لسوسو ) تفضلي يا مدام سوسو للداخل"
صرخت المرأة بانفعال" قلت أريد أن أدخل حالا وإلا لا تعرفون ماذا سأفعل بكم "
أسرعت بسمة في التقاط حقيبتها وقد خرجت أعصابها عن السيطرة فأمسكت بالهاتف تدعي اجرائها لاتصال هاتفي وقالت " حالا سأريك من نحن بالضبط .. سأتصل بخالي اللواء عبد الرحيم الزيني في الأمن الوطني لأن ما حدث هذا إهانة لنا ولضيوف البلد "
وقفت ونس بجوار بسمة أمام المرأة متخصرة ترفع ذقنها بكبرياء وكأنها تؤيد بسمة فيما قالت قبل أن تعقد حاجبيها بارتباك تحاول أن تفهم معنى الكلام الغريب الذي قالته بسمة .. بينما امتقع وجه المرأة حينما سمعت باسم ( الأمن الوطني ) وأوهمتها طريقة بسمة بأنها صادقة فشعرت بالخوف .
رفعت بسمة الهاتف على أذنها .. لتقول لها المشرفة بسرعة "أرجوك يا هانم لا داعي لتصعيد الأمر وتعقيده ( والتفتت للمرأة تقول ) وأنت يا فندم أرجوك لا داعي للمشاكل نحن بالفعل نحاول أن نجد لك غرفة فارغة اعطينا فقط عشر دقائق أخرى نعدك أن نحل الأمر( واستدارت لسوسو ) تفضلي سوسو هانم "
قالت سوسو وهي تتحرك "هيا يا بنات يكفي هذا"
وضعت بسمة الهاتف في حقيبتها وناظرت المرأة بنظرة متعالية ثم شمخت بذقنها ذي طابع الحسن ومرت من أمامها وهي تعدل من شعرها .. وتبعتها ونس تنظر للمرأة بنفس النظرة المتعالية ثم أبعدت ضفيرتها الطويلة إلى خلف كتفها بخيلاء ولحقت ببسمة في الوقت الذي وقفت المرأة تراقب مغادرتهن وهي تتفتت من الغيظ .
بالداخل وبمجرد أن جلست الثلاث سيدات كل واحدة على مقعد مالت سوسو على بسمة فتركت ونس مكانها مسرعة تولي لهما أذنها لتسأل الأولى" من هو عبد الرحيم الزيني؟ "
ردت بسمة تلملم ابتسامتها" إنه عمدة بلدنا وزوج عمتي لم يسعفني رأسي بأي اسم أخر "
اتسعت عينا سوسو وقالت باندهاش "هل مثلت أمام المرأة؟!"
هزت بسمة رأسها تعض على شفتها ثم تبادلت النظرات معها ومع ونس التي اتسعت عيناها بدهشة قبل أن تنفجر الثلاث في الضحك .
××××



يتبع





Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 10:58 PM   #1707

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 6

(6)


بعد الظهر
اللحظة المستحيلة جاءت .. والحلم الذي لم تجرؤ يوما على تمنيه أوشك على أن يتحقق ..
الزغاريد التي حلمت بها..
تلك الوقفة على باب مسجد جدها الشيخ تيمور تمنتها ..
وأن تكون هي العروس .. هي أم هاشم العفريتة السوداء عروس .. كان أعظم حلم ..
لكن كل هذا لا يضاهي أبدا ذلك الشعور بتحقق حلم كان خرافي التمني .. وهو أن تحمل اسم جابر دبور حتى ولو لعدة دقائق فقط .
كانت عيناها البنيتان تتحركان ببعض الذهول على الجالسين في المسجد.. المأذون يدون البيانات في دفتره وعددا من الرجال من بينهم مصطفى الزيني الشاهد على العقد من طرف العريس يجلسون .. حتى محسن الذي بارك لها بصفاء نية كان حاضرا ..
تطلعت أم هاشم في مليكة التي تقف معها على باب المسجد تناظرها بابتسامة سعيدة .. طالعتها بنظرة مذهولة وكأنها تقول (أتصدقين ما يحدث !)
قالت صباح بترحيب وهي تخترق الواقفات ومعها مقعد خشبي "شرفنا مجيئك والله يا أم أدهم أجلسي ..تفضلي"
شعرت مليكة بالحرج من النسوة الواقفات ومن أم العريس الحاجة نجف الواقفة من بعيد وقالت لها وهي تعيد المقعد "شكرا لك لا أريد"
قالت صباح بلهجة عاتبة "لا يصح أن تقفي هكذا"
قالت مليكة بابتسامة بعد أن نظرت لأم هاشم "شكرا لك أنا بخير "
في المسجد قال يحيى لجابر بحرج وهو يخرج ورقة من جيبه" أنت أكبر مقاما من قائمة أثاث يا جابر ..ولكن أم هاشم أمانة في عنقي لابد أن أوفيها حقها كاملا "
قال جابر وهو يأخذ القائمة من يحيى "لا حرج في الأصول يا حاج يحيى "
وأمسك بالقلم يوقع أسفلها ليقول يحيى متعجبا "ألن تقرأ ما فيها يا جابر قبل أن توقع؟! "
طواها جابر وأعادها ليحيى يقول " مبارك علينا المصاهرة يا حاج يحيى "
أخذها يحيى ليعيدها إلى جيبه بامتنان بينما تدخل هلال يقول "بارك الله لكما وجمعكما دوما على الخير"
سأل المأذون" أين العروس لتوقع ؟"
استقام هلال الشاهد من طرف العروس ينادي على أم هاشم التي رفعت طرف عباءتها وخطت المسجد تسمي باسم الله بعد أن خلعت حذائها ..
تحركت بخطوات بطيئة ولم تر أمامها إلا هو يرفع رأسه ليتطلع فيها وابتسامة وسيمة هادئة ترتسم على شفتيه .. كانت الصورة أمامها مشوشة .. حتى الأصوات كانت متداخلة وكأنها تسمعها من بعيد ..
فقط وجهه وهو جالس بجلبابه الأبيض يبدو أصغر سنا يتطلع فيها ..
فقط صورته هي الواضحة وكأنها تراها عبر عدسة لا تظهر إلا حضوره الطاغي من وسط كل الموجودين.
تأملها جابر لثوان ترتدي عباءة رمادية اللون بها خرزات لامعة رقيقة من عند أطراف الأكمام الواسعة وقد كانت المرة الأولى التي يراها بدون الأسود .. قبل أن يقطع عليه هلال الرؤية حينما وقف أمامها يمنحها الدفتر لتوقع ثم طلب منها أن تغمس اصبعها في الحبر وتبصم على الأوراق .
دققت أم هاشم في اسم العريس واسم العروس وتساءلت في سرها .. ألن يسمحوا لقلبها أيضا أن يترك بصمته على الورقة هو الأخر؟ أو ربما يتركون لها الفرصة أن تقبل تلك الورقة التي تحمل اسميهما معا.
سحب منها هلال الدفتر عائدا للمأذون الذي وضع يد جابر في يد يحيى وبدأ في قول كلماته الرتيبة المبروكة لعقد القران .
انتابها شعور بالدوار وكانت الرؤية لا تزال مشوشة إلا من تلك العدسة التي لا تظهر إلا هو من بين الحاضرين .. فتحركت مستندة على حائط المسجد مغادرة لتقف بالخارج .. فعبست مليكة تسألها بهمس "لماذا خرجت قبل أن ينتهوا؟! "
تأبطت أم هاشم ذراع مليكة بصمت ..فشعرت الأخيرة بأنها تستند عليها وتطلعت في وجهها تسألها هامسة" هل أنت بخير ؟"
شفتاها كانتا مطويتان إلى داخل فمها وهي تومئ برأسها في خرس .. ثم عادت عيناها لتتابع المشهد في المسجد.. تحفظه .. تحفره في ذاكرتها .. تخلده في قلبها للأبد .. لحظة أن أصبحت زوجة جابر .. بينما أخذت مليكة تراقبها بقلق .
بعد قليل علت زغاريد الحاضرات من بعض نساء الشارع بالإضافة لبنات عمها وبعض فتيات المشروع اللاتي أردن مجاملتها بالحضور بينما تلقى جابر التهاني والمباركات بالداخل .
حضنتها مليكة تقول بتأثر "مبارك يا مشمش فليتمم لك الله على خير"
ربتت عليها أم هاشم بخرس فحضنتها مليكة أكثر وهي تمسد على ظهرها لتهدئ من ارتعاش جسدها الواضح ثم تكالبت الحاضرات على تهنئة أم هاشم رغم أن منهن من كانت تمصمص شفتيها باندهاش وتعجب قبل قليل .. في الوقت الذي ذهبت صباح لتهنئة الحاجة نجف أولا والتي تلقت منها ومن غيرها التهاني ثم اقتربت من أم هاشم فقالت مليكة وهي تلمحها "حماتك آتية اذهبي إليها أنت لا يصح "
انتبهت أم هاشم فاستدارت لحماتها وتحركت بضع خطوات كانت مليكة تسندها فيها بحركة مخفية وهي تدعي تأبطها لذراعها لتميل أم هاشم بقامتها الطويلة على حماتها دون أن تستطيع الكلام فغمغمت نجف وقد لاحظت ارتعاشها وهي تحضنها" مبارك لك يا أصيلة يا بنت الأصول"
ابتعدت أم هاشم تناظرها بعينين دامعتين لتطلق نجف زغرودة عالية جعلت الباقيات يقلدنها .
ناظرت مليكة أم هاشم الصامتة بقلق وراقبتها وهي تتلقى التهاني والقبلات والزغاريد قبل أن تستدير لمليكة وتمسك بمعصمها تضغط عليه بنظرة معتذرة ثم تحركت تترك الواقفات وتهرول نحو البيت وهي تلملم طرف عباءتها في يدها.
لاحظ الجميع تأثرها وليس مليكة فقط فغمغمت صباح تداري امتعاضها "يبدو أنها قد خجلت "
قالت احداهن بشفقة "المسكينة لا تصدق أنها تزوجت أخيرا "
ردت مليكة فورا "كل شيء بقدر الله وكله مكتوب من قبل أن نولد "
اسرعت المرأة تقول بحرج" طبعا ..طبعا يا أم أدهم وهل قلنا شيء ( واختلست نظرة للحاجة نجف وأضافت ) فليبارك لها الله "
قالت إحداهن بلهجة محبطة " كنت أنتظر أن أرى جهاز العروس لكني علمت بأنكم قد نقلتموه بدون احتفال"
ردت صباح" العريس رفض فكما تعلمن لا يزال ما حدث لبنت نصرة حاضرا في الأذهان"
غمغمت أخرى بتعاطف "حبيبتي نصرة وابنتها كان الله في عونهما لازالت نصرة غير ظاهرة ولا تقابل أحدا"
قالت مليكة بتعاطف "فليعوضهم الله بأحسن منه (ثم ربتت على الحاجة نجف تقول معتذرة بهمس) سأعود بعد قليل "
تحركت بضع خطوات فقالت صباح باعتراض" لا يصح يا ست مليكة أن تغادري هكذا "
قالت مليكة" أنا سأذهب لأسلم على الخالة نصرة ثم أعود لأنضم لأم هاشم وهي تفرش شقتها بإذن الله "
قالتها وتحركت وهي تنظر في الهاتف الذي يرن في يدها ففتحته ترد "نعم يا بسمة أجل حبيبتي كُتب الكتاب"
راقبتها النسوة وهي تبتعد بتلك العباءة الفاخرة التي كالعادة لم يروا مثلها من قبل ..ثم سألت إحداهن" وهل ستفرش الشقة قبل يومين من الزفاف !"
قالت صباح موضحة "الشقة تقريبا جاهزة أم هاشم ستضع اللمسات الأخيرة فقط اليوم بمساعدة البنات"
قالت أخرى بصوت خافت بعد أن تأكدت من أن الحاجة نجف مشغولة مع الباقيات "سمعت بأن البيت بعد التجديد أضحى رائعا وأن الأثاث غالي الثمن .. صبرت ثم نالت بنت الشيخ "
بعد قليل انتهى جابر من مكالمة زين الذي هنأه على عقد القران وتحرك مع الرجال لمغادرة المسجد فخرج لوالدته التي استقبلته بالزغاريد هي والواقفات ثم مال يلثم ظاهر يدها فقالت وهي تحضن قامته الطويلة" بارك الله لك بني وعوضك كل الخير على صبر السنين "
سأل يحيى زوجته" أين أم هاشم ؟"
قالت صباح "تركتنا ودخلت البيت "
عقد حاجبيه وقال "ألن تتلق مباركة زوجها فلينادي عليها أحد "
ردت سامية "حاولنا يا أبي ورفضت الخروج"
ابتسم جابر فقال يحيى "تعال يا جابر معي لا يصح هذا"
حين مر محسن مع الرجال قالت صباح بلهجة حارة" العقبى لك يا محسن يا ولدي "
حانت منه نظرة خاطفة سريعة نحو رباب التي تقف خلف أمها تختلس النظرات إليه كالعادة وقال بابتسامته البيضاء "العقبي لباقي بناتك يا خالتي"
وقف جابر في صالة بيت يحيى بينما صباح توزع أكواب الشربات في الخارج على النسوة اللاتي منهن من تشرئب هي وبنات يحيى بفضول تتطلع في العريس الذي ينتظر خروج عروسته ليبارك لها.. في الوقت الذي كان يحيى يقف خلف باب غرفة أم هاشم يقول باستنكار" أخرجي لعريسك يا أم هاشم لا يصح هذا"
كانت تجلس القرفصاء خلف الباب المغلق تبكي بانهيار وتكتم شهقاتها بصعوبة لكنها أجلت حنجرتها وردت بصوت عادي "لا أريد الآن يا عمي فأنا محرجة بشدة"
رفع يحيى حاجبيه باندهاش ثم عاد لجابر يقول "يبدو أنها محرجة بعض الشيء "
اتسعت ابتسامة جابر وقال بهدوء" لا بأس اتركها على راحتها أنا سأذهب لأن معي بعض الرجال من خارج القرية أريد أن أقوم معهم بالواجب ثم أودعهم "
أما في الداخل فأكملت أم هاشم انهيارها الباكي وهي تكتم فمها بيدها حتى لا يسمعها أحد .. وتحاول لملمة اعصابها ومشاعرها التي لم تعد تعرف لها أول من أخر.. ثم نظرت لأصبعها الملون بالحبر وأخذت تطبع عليه قبلاتها قبل أن تخر ساجدة في شكر ليس له حدود لربها .
××××
بعد ساعتين دخلت أم هاشم لبيت جابر مع مليكة المصرة على اصطحابها في أخر محطة لها قبل يوم حنتها لوضع اللمسات الأخيرة على بيتها الجديد.. فاستقبلتها نجف هي ومليكة وصباح وبناتها وبعض فتيات المشروع اللاتي جئن للمساعدة وبعض الفضوليات اللاتي أتين لمشاهدة البيت بعد تجديده ولرؤية الأثاث الفخم الذي كان ينزل من فوق السيارات قبل يومين .
علت الزغاريد والنسوة تنتشرن في البيت المرتب نسبيا في الوقت الذي تنحنح جابر وهو ينزل من الدور العلوي بعد أن بدل جلبابه الأبيض لواحد أخر ينافسه البياض .
تفاجأت أم هاشم بوجوده فاصفر وجهها وأمسكت بذراع مليكة ووقفت بوقفة جانبية لا تريد النظر نحوه.. فالإحساس الذي تشعر به كان أكبر من احتمالها أو سيطرتها على نفسها.. أما قلبها فكان كالكرة المطاط في صدرها يقفز بسرعة شديدة .
وقف جابر على بعد أمتار يمسك بميدالية مفاتيحه بين يديه وعيناه مركزتان عليها وهو يقول بهدوء وقد استشعر ارتباكها" كيف حالك يا أم هاشم؟"
انعقد لسانها للحظات لكنها قاومت حتى لا تظهر هبلاء أمام الواقفات بينما أضاف جابر" أم هاشم أنا أتحدث معك"
غمغمت وهي مصرة على الاشاحة بأنظارها بعيدا عنه "سلمت من كل شر"
قال بمناكفة رغم شعوره بالحرج لتحديق الحاضرات فيه" أنا اشتكيتك لعمك لأنك لم تخرجي لتسلمي عليّ "
لاحظ تحرك طرف عينيها نحوه بنظرة سريعة ثم عادت للإشاحة بهما وردت مغمغمة "الشكوى لغير الله مذلة"
اتسعت عيني صباح تناظرها مصدومة بينما ضحك جابر وقد تأكد له بأنها تشعر بالخجل وليس ما خمنه قبل قليل بأنها قد تكون غير متحمسة للزواج منه فقال وهو يهز رأسه وينظر في المفاتيح في يديه " تمام ..تمام تدللي علينا على راحتك يا بنت الشيخ زكريا "
اندفعت صباح تقول" تكلمي يا أم هاشم"
شعر جابر بالضيق لتدخل صباح وازداد شعوره بالحرج من تحديق النسوة فيهما فقال بلهجة عملية "هل تريدين شيئا يا أم جابر ؟"
قالت أمه" سلمت يا ولدي (ونظرت لأم هاشم تقول بلهجة ذات مغزى) ألن توصلي زوجك للباب يا أم هاشم؟"
ازداد تشبث الأخيرة بذراع مليكة وردت بلهجة متعجبة رغم فهمها لما تلمح له حماتها " وهل سيتوه لا يعرف مكان الباب!"
ضحك جابر من جديد .. ثم غادر بعد أن ألقى السلام لتقول صباح موبخة "هل هناك عروس تفعل ما فعلت؟"
تدخلت مليكة تدافع عنها " ماذا فعلت إنها محرجة كأي عروس مكانها "
قالت نجف ضاحكة " اتركيها يا صباح على راحتها ( ونظرت لأم هاشم ) هيا أنا سأتركك في البيت وأذهب للغرفة الخارجية لتأخذي راحتك أنت والأخريات "
قالت أم هاشم باندهاش" لماذا ستتركيننا؟!"
ردت نجف بابتسامة "حتى ترتبين كل شيء على ذوقك ..وبعد أن تنتهي من غرفة النوم اغلقي بابها بالمفتاح.. فجابر منذ عدة أيام ينام في الغرفة الخارجية "
قالت إحداهن وهي تتأمل كل شيء حولها "بسم الله ما شاء الله غيرتم النظام هنا "
ردت نجف "ليس كثيرا .. غيرنا ألوان الحوائط وركبنا مطبخ جديد وفتح جابر إحدى الغرف الأرضية ليكون لها بابان واحد إلى داخل البيت والثاني للخارج سيستخدمها للضيوف.
دخلت تماضر ومعها امرأة أخرى يحملان كرتونتين كبيرتين فقالت مليكة "ضعيهما هنا يا تماضر وادخلي أنت وأم محمود لتساعدا في الترتيبات"
سألتها أم هاشم" ما هذا؟"
مالت مليكة لفتح الكراتين فساعدتها بعض الفتيات يتملكهن الفضول حتى أخرجت لها طقم حلل للطعام غالي الثمن جعل أم هاشم تشهق وهي تنظر إليه ثم قالت وهي تلتقط إحدى القطع وتنظر لها ككنز ثمين "مليكة !"
ابتسمت مليكة وفتحت الكرتونة الأخرى واخرجت منها ثوبا معلقا على شماعة ومغطى بكيس بلاستيكي وقالت وهي تفتح سحاب الكيس وهذا الثوب هدية بسمة أوصتني لأشتريه لك (وهمست) من الممكن أن تستخدميه في حفل الحناء سيكون رائعا عليك "
لم تكن أم هاشم وحدها من شهقت وهي تنظر للثوب ولكن غالبية الواقفات .. فدمعت عينا أم هاشم وحضنت مليكة تقول "أنتم مصرون على أن تروني أبكي اليوم .. لا حرمني الله منك ولا من بسمة يا رب"
زغرودة أتت من ناحية الباب قبل أن تدخل امرأة تقول بصخب" ألف ألف مبروك يا حاجة نجف "
قالت الأخيرة تداري اندهاشها" بارك الله فيك .. كيف حالك يا أم عصفور؟"
قالت أم عصفور وهي تدور بعينيها في المكان بنظرات فضولية " الحمد لله جئت لأهنئ وأساعد في ترتيب البيت"
قالت نجف " بارك الله فيك ولكن لا تتعبي نفسك فأم هاشم معها الكثيرات والحمد لله"
قالت أم عصفور بإصرار " أبدا ..اقسم بالله لن أتركك يا حاجة نجف من الآن حتى يتم الزفاف إن شاء الله (وغمغمت وهي تطوي كميها استعدادا للتحرك في الشقة) وهل عندنا أعز ولا أغلى من المعلم جابر .. والله خيره يغرقنا "
غمغمت نجف باستسلام" بارك الله لك والعقبة لأولادك"
قالت أم هاشم وقد استعادت شخصيتها القيادية "هيا يا جماعة حتى ننتهي سريعا.. أنا سأصعد للدور العلوي لأنتهي من رص الملابس مع مليكة ثم سأعود"
قالت إحدى الفتيات" أنا سأصعد معك"
ردت أم هاشم بنظرة حازمة وقد استعادت قشرتها الصلبة "لا داعي حبيبتي من الممكن مساعدة الفتيات هنا "
أشارت مليكة وهي تصعد السلم لتماضر وأم محمود ليصعدا معهما بينما قالت أم هاشم للفتيات بلهجة تحذيرية بعد أن صعدت عدة درجات "إياكن أن تقتربن من أطباق النيش "
ردت حماتها "لا تقلقي الكراتين القابلة للكسر التي قالوا لي عليها جعلتهم يضعونها عندك في الدور العلوي"
ابتسمت أم هاشم لحماتها بامتنان حتى ظهرت غمازتيها ثم عادت تنزل الدرجات وحضنتها تقول بعاطفة جياشة" لا حرمنا الله منك ولا بركتك في المكان يا حاجة نجف"
ابتسمت لها نجف بحنان فسألتها أم هاشم بلهجة ذات مغزى "غرفة النوم هي التي على اليمين ذات الشرفة الأولى ناحية أول الشارع أليس كذلك ؟"
ردت نجف بصوت خافت وقد فهمت سبب السؤال" لا حبيبتي غرفة نومكما ناحية اليسار ذات الشرفة التي تطل على الحارة من الداخل .. الأخرى جعلها جابر غرفة معيشة"
تراقصت السعادة في عيني أم هاشم بينما نادت عليها مليكة من الدور العلوي فاستدارت تقول "قادمة حالا "
وهرولت كالطفلة فوق السلم سعيدة بأنها لن تنام في غرفة كان يشارك جابر فيها امرأة أخرى.
بعد دقيقة دخلت أم هاشم ومليكة غرفة النوم لتقول الأخيرة "ما شاء الله ذوقكما جميل في الأثاث"
تطلعت أم هاشم في الخزانة الفارغة أمامها والتي ستقوم بعد قليل برص ملابسها فيها ثم استدارت تمسك بذراعي مليكة وتقول بسعادة جمة "هل تصدقين ما يحدث معي يا مليكة هل تصدقين .. تزوجت من جابر .. صرت زوجته على اسمه .. هل مر عليك يوم شعرت فيه بما أشعر؟ .. شعرت بأنك تملكين الكون كله في قبضة يدك؟"
ابتسمت مليكة لفرحتها وتذكرت لحظة عقد قرانها على مفرح .
لمحة سريعة مرت في ذاكرتها ومفرح يترك المأذون بمجرد أن انتهى من إجراءات العقد ويترك الحاضرين من حوله في سرايا الصوالحة ويندفع نحوها يضمها أمام الجميع بقوة .
غمغمت مليكة بصوت متأثر وابتسامة سعيدة" نعم مررت بيوم كهذا وأشعر بمشاعرك جيدا "
وجمت أم هاشم فجأة وقالت لمليكة "اقرصيني "
رفعت الأخيرة حاجبيها لتكرر أم هاشم "اقرصيني لأتأكد من أنى مستيقظة وواعية ولا أهلوس اقرصيني يا مليكة"
قرصتها صاحبتها في ذراعها ثم قالت بمحبة " أنت واعية يا حبيبتي ..وأنا مستبشرة خيرا .. والله حين نظرت في وجهه وهو ينظر إليك منذ قليل شعرت بالراحة ..أتمنى من الله ألا يخيب ظني "
انفجرت أم هاشم فجأة في البكاء ..ومالت للأمام قليلا تدفن وجهها في كفيها أمام نظرات مليكة المتفاجئة والتي قالت " هل سنبكي مجددا! (ومسدت على ظهرها تقول بحنان ) هيا يا بنت لننتهي من كل شيء اليوم لأن غدا ستكون حنتك وستأتيك الحنانة منذ الصباح "
رفعت أم هاشم رأسها ومسحت دموعها ثم قالت باعتراض "ماذا ستفعل الخالة شهاليل الحنانة أكثر من ذلك حتى تأتي منذ الصباح؟!! .. المرأة منذ أسبوع تستلمني بالبخار والبخور والزيوت والعطور .. أخشى أن يصل بها الأمر لأن تشعل النار في جسدي المرة القادمة !"
ضحكت مليكة وقالت" إنها الخالة شهاليل أشهر حنانة سودانية في البلد كلها .. قلت لك دعي نفسك لها وستنبهرين بالنتيجة"
غمغمت أم هاشم معترفة " منبهرة والله ..والمرأة خفيفة الظل .. يكفي أني لا اشعر بأني غريبة بلوني معها ومع مساعداتها السمراوات .. المهم أن ننتهي قبل يوم الزفاف لارتباطنا بموعد مع صالون التجميل"
قالت مليكة وهي تتأبط ذراعها" ستكون ليلة حناء مخصوصة ولن تنسيها أبدا "
قالت أم هاشم بتأثر شديد " والله يا مليكة لا أعرف ماذا أقول لك يكفي بأنك أصريت على ألا تخبريني بالمبلغ الذي ستأخذه هذه المرأة وأنا أعرف بأن المبلغ كبير والله أنا معي نقود ..فقد اعطاني جابر مبلغا كبيرا كما تعرفين من أجل الفستان وصالون التجميل وتلك الأمور"
قالت مليكة بمحبة خالصة" تمم الله لك على خير ورزقك بأكثر مما تتمنين "
غمغمت أم هاشم وقد عادت لتأثرها" أنت وبسمة والله العوض الجميل من الله"
رن هاتف مليكة فقالت وهي تنظر إليه" ها هي بسمة تتصل مرة أخرى لقد اتصلت وأنا ذاهبة عند نصرة لتبارك لك .. كلميها وأنا سأخبر تماضر وأم محمود بما سنفعله"
×××××


يتبع




Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 10:59 PM   #1708

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 7

(7)



عند الغروب

دخلت سوسو مع بسمة وونس من باب الفيلا يحملن الكثير من الأكياس فاستقبلهن غنيم قائلا "هل كنتن تنوين على ألا تعدن إلى البيت يا هوانم (وعبس يتصنع الحزم وهو يسأل ) كم الساعة الآن ؟"

قالت سوسو وهي تضع ما في يدها على إحدى الطاولات "يكفي ابنك شامل يا غنيم الذي لم يتركنا في حالنا كل ساعة اتصال متى ستعدن؟ .. هل ونس بخير ؟.. هل اجهدت نفسها ؟.. هل آتي لأخذكن؟"

قال غنيم وهو لا يزال يتصنع الحزم" لديه كل الحق فقد تأخرتن وحجزتن السائق معكن طوال اليوم وكنت أريده أن يقضي لي مشوارا"

ردت سوسو بكبرياء" قلنا لكم نزهة نسائية للاستجمام والتبضع "

نظر غنيم لزوجتي ولديه الصامتين وقد بدا عليهما التغير في تسريحة شعريهما وقال بمداعبة "واضح الاستجمام فقد ازدادت قطع الحلوى حلاوة"

اقتربت منه ونس تريه أظافرها الملونة بفرحة فضحك وقربها منه يقبل رأسها قائلا" رائع يا جنية كيف حال حفيدي في بطنك؟"

أخرجت ونس الدفتر وقالت" يجعلني أبكي كثيرا بدون سبب"

قهقه غنيم بينما جاء صوت يدخل من باب المطعم يقول "هل شرفتن!"

استدارت بسمة وسوسو ولأول وهلة ظنوه شامل قبل أن ينفجر قلب بسمة بدقاته بينما تصيح سوسو متفاجئة" كامل متى عدت ؟!"

اقترب كامل من أمه ومال عليها يحضنها وهو يقول "عدت منذ ساعتين كيف حالك يا سوسو ..وإلى أين أخذتِ البنات ؟"

حانت منه نظرة سريعة تجاه بسمة ثم عاد ينظر لأمه التي قالت "لو كنت أعرف بأنك ستعود اليوم لما خرجنا أنت قلت ستحضر غدا "

قال وهو ينظر لبسمة والشوق يذبحه بنصل حاد" وجدت مكانا خاليا في موعد أبكر فبدلت تذكرتي حتى أتجنب الفم الملوي والنكد "

غمغمت بسمة بوجوم وقد تذكرت مشاجرتهما على الهاتف قبل يومين حينما أخبرها بأنه لن يستطيع المجيء إلا مساء الغد ومنعها من السفر بمفردها أو حتى مع السائق لحضور حفل الحناء" أنت تعرف أهمية حضوري لهذه المناسبة"

تحرك نحوها بخطوات بطيئة ومع كل خطوة كان قلبه يقفز ملايين المرات قبل أن يميل ويحضنها في صمت أبلغ من أي كلام ..لمن يفهمه ..

فرفعت بسمة ذراعيها وطوقت جذعه العضلي بشوق كبير لم تستطع أن تداريه ..

شعر كامل بالسعادة الشديدة لهذا الترحيب منها .. ونما في قلبه أمل بأن ما اعتزم فعله بأن يصارحها حينما يسافران غدا لتحضر حنة صاحبتها قد ينتهي بنتيجة جيدة .. فقد عزم على تنحية كبريائه جانبا والاعتراف لها بمشاعره ..

ابتعد عنها يسألها بصوته الرخيم الذي اشتاقت إليه" هل أنت بخير ؟"

هزت رأسها فتطلع فيها ولاحظ شعرها المفرود على ظهرها بتصفيفة عالية قليلا من فوق رأسها وتموجات من عند الأطراف وسألها" هل ذهبتن إلى صالون التجميل ؟"

هزت رأسها بخجل وقد اشتعلت وجنتاها من تلك النظرة المشتعلة في عينيه في الوقت الذي دخل فيه شامل صائحا بلهجة متهكمة "الحمد لله أنكن وصلتن أخيرا .. أنا شاكر جدا لهذه اللفتة الكريمة منكن والله "

اسرعت ونس نحو شامل بينما قالت بسمة وهي تحمل الاكياس التي تخصها من الأرض "أنا سأصعد لأغتسل وأبدل ملابسي"

فقالت سوسو " وأنا سآمر بإعداد الطعام سنجتمع كلنا على العشاء بعد قليل"

اسرعت بسمة بالهرب من نظرات كامل وهي تقبض على الأكياس وتهرول على السلم بينما الأخير يراقب صعودها ونفسه تهفو لأن يفعل أفعالا مجنونة ..لكنه طلب منها التريث قليلا حتى مساء الغد منتهزا الفرصة لمبيتها في القرية لأن يبيتا معا في بيت الجد صالح ويخبرها بكل شيء قبل أي تصرف منفلت الأعصاب منه قد يجعلها تخطئ الفهم كما حدث عندما قبّلها في السيارة.

ذكرى تلك القبلة وطعم شفتيها الحلو المغري فجرا الدماء في عروقه لكنها كالعادة متعة لحظية تنتهي دوما بذلك الكابوس حينما تسيطر عليه وساوسه وهي تصور له مشاعر زوجها السابق وهو يقبّلها.

هز رأسه بقوة وكأنه ينفض عنها السوس وتحرك يصعد الدرجات أمام أنظار شامل القلقة يشعر به لا يزال يعاني من صراعاته .

في الغرفة وجد كامل بسمة في الحمام فأمسك الأكياس من فوق السرير يفتحها بفضول قبل أن يخرج قميص نوم قصير باللون البرونزي من قماش الشيفون الشفاف بإطار من الدانتيل المخرم عند الذيل وعند منطقة البروز في الجذع .. في الوقت الذي شهقت بسمة حينما خرجت من الحمام وهي تراه كتمثال من الشمع يفرد القميص أمامه في الهواء ويحدق فيه باتساع عينيه .

كل انفجارات مشاعر الحب والرغبة كانت تضرب في رأس كامل لحظتها قبل أن تسرع بسمة بخطف القميص من يده وتكوره خلف ظهرها وهي تصيح بحرج" ماذا تفعل؟! كيف تتفحص الأكياس بدون إذن؟"

سألها وهو يبلع ريقه الذي جف" ما هذا؟ لماذا اشتريته؟!!!"

غمغمت بوجنتين مشتعلتين" أنا لم أشتريه والدتك مرت على محل ملابس حريمي واختارت لنا أنا وونس منامات وأشياء مثل هذه وتحرجت من أن أرفض"

قال بنظرة ذاهلة وصوت متحشرج "أمي اشترت لك هذا ؟!!"

قالت بسمة وهي تلملم الأكياس بعصبية "من فضلك أريد أن أبدل ملابسي "

سألها بسرعة" تبدليها بهذا القميص ؟!!!"

استدارت إليه تقول "أخرج يا كامل أرجوك"

سألها وهو يتقبض بقوة والفكرة وعكسها تلح عليه فكرة الهجوم عليها وبث شوقه كاملا لها بدون حتى اللجوء لهذا القميص البرونزي " ألن تريني على الأقل باقي الأشياء التي اشترتها لك أمي؟! "

رفعت إليه ذقنها تهتف بعصبية لتداري شعورها بالحرج "لماذا؟"

رد بنفس العينين المتسعتين المصدومتين "لأن أمي حبيبتي اشترت هذه الأشياء من أجلي أنا "

وصمت فجأة يحدق في طابع الحسن في ذقنها الذي يستفزه ولا تزال فكرة الهجوم تضغط عليه فأسرعت بسمة بارتباك وقد رأت في عينيه ما أربكها بأن دفعته بيديها تقول" من فضلك غادر أريد أن أبدل ملابسي"

هتف كامل معترضا" بدليها في الحمام ككل مرة "

زفرت بسمة بقوة وأسرعت بلملمة الأكياس ودخلت بها الحمام ثم أغلقت بالقفل من الداخل تقول بهمس لنفسها وهي تربت على ضربات قلبها العالية" اهدئي يا غبية هو منجذب لك لن ننكر وأنت أيضا لكن اتفقنا أنك لن تكوني متعة مؤقتة في حياته .. على أي أساس يريدك هل وعدك بشيء ؟"

أما كامل فأسرع بمغادرة الغرفة فارا من رغباته الملحة التي توشك على أن تفسد كل شيء وغمغم لنفسه وهو يهرول نازلا من السلم" اصبر يا كامل حتى مساء غد اصبر وتحدث بهدوء معها أولا .. (وتذكر القميص وقال بلهجة معذبة) سامحك الله يا سوسو .. سامحك الله "

بعد قليل نزلت بسمة ترتدي جلبابا مطرزا أنيقا وشعرها في تصفيفته الجديدة يضفي عليها جمالا فوق فتنتها الطبيعية .. وخرجت إلى الحديقة لتجد حماها وولديه وونس يجلسون على المقاعد الخشبية في انتظار تجهيز المطعم للعشاء بينما سوسو لا تزال في غرفتها لم تخرج بعد .

راقبها كامل وهي تقترب وأنوار الحديقة الساطعة من حولها تزينها بهالة تمحو ظلمة داخلية وخارجية في الوقت الذي قال شامل لونس بلهجة قلقة "بمجرد أن ينتهي العشاء تصعدين للراحة فورا وأنا سأنتهي من المطعم وسأصعد لأطمئن عليك "

رفعت يدها إلى رأسها بتحية عسكرية فابتسم وقال "مفرح وصل اليوم من القرية وقد أذهب له بعد انتهاء العمل في المطعم لأسهر معه قليلا ..فكما قلت لك إنه يمر ببعض المشاكل تخصه "

قوست ونس فمها بحزن فقال شامل "أعدك لن أتأخر المهم عديني أن ترتاحي "

هزت ونس رأسها فتركها واقترب من كامل وبسمة التي سرعان ما تركته مع أخيه وذهبت لتجلس على أحد المقاعد هاربة من نظراته التي تحاصرها .

قال شامل لتوأمه" أنا ذاهب لمفرح اليوم هل ستأتي معي سنسهر عنده قليلا "

رد كامل وهو يتطلع في بسمة من بعيد" أنا أحتاج بالفعل للهرب اليوم "

سأله شامل "هل ستفاتحها حينما تسافران؟"

هز كامل رأسه وقال "ومن الجيد أنك لن تأتي معنا أنت وونس لأني احتاج لأن أكون وحدي معها "

سأله شامل" ولماذا لا تفاتحها اليوم؟"

بلع كامل ريقه وقال" اليوم أنا أعصابي منفلتة ولن اتفاهم في أي شيء "

علق شامل بتهكم "وهل ستكون اعصابك أكثر تماسكا مساء الغد أشك في ذلك.. عموما أتمنى لك التوفيق"

سأله كامل باهتمام" هل مفرح لا يزال على حالة الاكتئاب لقد اتصلت به أثناء سفري ولم يعجبني صوته ؟"

هز شامل رأسه بالإيجاب فسأله كامل "هل علمت أي تفاصيل غير مشاجرته مع والديه بسبب زوجته ؟"

هز شامل رأسه نافيا قبل أن يُسمع صراخا مفاجئا انتفض له الجميع .

بسرعة حدد التوأمان أن الصراخ يأتي من خارج الفيلا ففتحا البوابة ليسمعا الصراخ قادما من الفيلا المقابلة فأسرع الاثنان بالطرق بقوة على بوابة الفيلا وخلفهما زوجتيهما بينما بقي غنيم يتابع من بوابة فيلته.

غمغم شامل وهو يبحث عن طريقة للولوج للفيلا" أين ذهب ذلك الحارس جنزير !"

فتحت الخادمة البوابة وقالت لهم بارتباك "لا أعرف المدام تصرخ بقوة ولم أفهم شيئا"

اقتحم الجميع الحديقة مهرولين قبل أن يدخلوا من باب فيلا تسونامي ثم وقفوا متسمرين في البهو فجأة .

شهقت ونس وهي ترى تسونامي ترتدي روب النوم الشيفون غير المغلق إلا من عند الخصر وباقي الروب مفتوح يظهر قميص النوم الطويل تحته .. ويظهر لحمها منه بسخاء .. بينما صرخت تسونامي الجالسة على الأريكة في البهو باكية "الحقوني هناك فأر ..فأر كبير جدا في غرفتي"

اقترب كامل ببطء وهو يتبادل النظرات مع توأمه الذي سألها بغير استيعاب "وجدت ماذا ؟!"

قالت تسونامي بلهجة باكية متمسكنة لا تخلو من الميوعة "وجدت فأر كبير .. ابحث عنه وأمسك به أرجوك"

سأل شامل أخيه بتهكم" أمسك ماذا يا كامل؟!!"

رد الأخير بلهجة ذات مغزى يلملم ابتسامة وقحة تريد الظهور على شفتيه " الفأر .. هل تريد أن تبحث عن ...الفأر.. وتمسك به؟"

منع شامل نفس الابتسامة الوقحة من الظهور بينما رفعت تسونامي ساقها وقالت بمسكنة وميوعة "قدمي ارتطمت بقوة وأنا أجري أنظر "

تنحنح التوأمان بعد أن انحسر القميص المفتوح من الأسفل ليكشف عن بياض ساقها أمامهما فهرش كامل في مؤخرة عنقه واختلس نظرة لبسمة التي تقف من بعيد تراقب ما يحدث بوجوم ثم قال لأخيه بلهجة متهكمة " إن الوضع متأزم جدا "

فأيده شامل وهو يرفع حاجبيه يبحث عن تصرف مناسب مع تلك المخلوقة الماثلة أمامهم "جدا جدا يا أخي "

الغيرة والغضب أخذا يصارعان بسمة ..وانتابتها رغبة قوية في سحل تسونامي ونتف شعرها وصفع كامل الوقح الذي تفضحه نظراته .. لكن كبريائها منعها .. منع العاشقة بداخلها عن التعبير عن تأثرها فاستدارت بوجه بارد وغادرت ترفع رأسها بغرور مزيف .

تغضنت ملامح كامل لثوان وقد ألمه انسحابها وعدم اهتمامها أو ثورتها .. في الوقت الذي نظر شامل لونس التي تناظر تسونامي متقبضة واسرع نحوها.

دخلت بسمة من بوابة الفيلا بخطوات عصبية تبرطم" ماذا يظن؟ .. أني سأغار! .. سأغار من قذرة مبتذلة كهذه !!..أنا بسمة الوديدي .. فليشبع بها وبفأرها"

وجزت على أسنانها تشعر برغبة في قتلها بينما جاءها صوت غنيم من خلفها يقول "الحب والغرور لا يجتمعان "

استدارت وقد نسيت بأنه يجلس في الحديقة فعادت إليه تصيح بغيظ" ابنك هذا .. ابنك هذا وقح ويملك عينين زائغتين ولا يستحق إلا رصاصة في كل عين حتى يرتجع "

سألها غنيم بهدوء "وماذا فعلت أنت؟.. تركتيه لها ورحلت!.. انسحبت !"

هتفت باستنكار " أنا انسحبت !.. أنا بسمة الوديدي لن أتنافس مع ساقطة كهذه "

قال غنيم موضحا " ما فهمته أن هذه المرأة هي التي تلقي بلاها على ولديّ وواضح أنها بالداخل فعلت شيئا مماثلا .. ونس بقيت مع زوجها وأنت هربت"

صاحت تدافع عن نفسها " أنا لم أهرب ..أنا فقط لن انزل إلى مستواها .. ولن انافس امرأة على رجل أبدا.. حتى لو كان .. (وتحشرج صوتها ) حتى لو كان هذا الرجل هو روحي"

أشفق عليها غنيم لما قصته عليه قبل عدة أيام عن قصة زواجها في جلساتهما التي باتت تتكرر للدردشة لكنه قال بلهجة أبوية حازمة" هذه المرة ليست كالمرة السابقة يا بسمة .. أطراف المعادلة مختلفة تماما .. ودعيني أخبرك بأن الرجل الذي يرغب في العبث لن يقوم بذلك أمام زوجته أبدا بل سيكون أكثر حيطة وحذر "

اشاحت بيدها تقول بعصبية" لن يفرق هذا الكلام معي لن يفرق"

قالتها وهي تهرب للداخل بخطوات متعجلة عصبية فأطرق غنيم برأسه بضيق من انسحابها .. ليتفاجأ بعد دقائق بها تخرج من باب الفيلا تقطع الحديقة بخطوات واسعة نحو البوابة وهي تشتم وتبرطم وتتوعد بكلمات غير مفهومة.

في الفيلا سأل كامل تسونامي التي لا تزال على وضعها" أين حارسك ؟"

ردت عليه باكية "جنزير أرسلته لمشوار يخصني"

قال ببرود " عموما حينما يأتي دعيه يبحث لك عن ذلك الفأر"

قالت بغنج وهي تمسك بقدمها المكشوفة "قدمي تؤلمني ساعدني أرجوك لست بقادرة على المشي"

عند باب الفيلا زمجرت ونس فقال شامل يهدئها وهو يسحبها للمغادرة" ونس من فضلك اهدئي سنرحل فورا هيا يا كامل"

كررت تسونامي عبارتها بغنج مرة أخرى "هل ستتركوني هكذا ؟.. أرجوك تفحص قدمي تؤلمني بشدة "

كاد أن يتحرك مغادرا حينما لمح بسمة تندفع لتدخل الفيلا كالطلقة تتجاوز شامل وونس فأسرع بالجلوس بجوار تسونامي ليغيظ بسمة لعله يجد خلف وجهها البارد بعضا من نار الغيرة عليه .. لكن الأخيرة فاجأته عندما اندفعت نحوهما وسحبته من ذراعه تقول بلهجة عصبية" انهض .. انهض فورا "

استجاب كامل بتثاقل وهو يشعر بالسعادة أخيرا فأبعدته وجلست بجوار تسونامي التي انكمشت فسألتها بسمة وهي تغطي لها ساقها بالروب بينما يدها الأخرى تمسك بزجاجة" ما هي شكوتك يا حلوة؟ ( ونظرت لقدمها التي بها سجحة كبيرة فوق ظاهر قدمها منزوعة الجلد تقريبا وقالت ) هذه مشكلتك .. لا بأس"

أمسكت بقدم تسونامي وسط ذهول الجميع وفتحت زجاجة مطهر الجروح وسكبتها عليها كلها ..فتغضنت ملامح كامل بشفقة على تسونامي التي أطلقت صرخة قوية من الألم بينما تركت ونس شامل يتطلع في المشهد ويتبادل النظرات الضاحكة المشفقة مع توأمه وبحثت عن المطبخ أمام ذهول الخادمة التي تقف من بعيد منكمشة .

وضعت بسمة الزجاجة الفارغة على الطاولة بعصبية ثم تركت الأريكة وأمسكت بذراع كامل تقول "وأنت هيا إلى البيت "

ناظرها الأخير بعينين لامعتين مبتسما ابتسامة استفزتها فدفعته صارخة "هيا يا كامل أمامي ولا تستفزني"

انتبه شامل لعدم وجود ونس فبحث حوله قبل أن يجدها تخرج من الداخل تحمل سلة القمامة الكبيرة في يدها فاسرع إليها يقول "ونس ماذا ستفعلين ؟!!.. ونس"

زمجرت الأخيرة تحاول الافلات منه تريد أن تصل لتسونامي فطوق خصرها .. فما كان منها إلى أن ألقت ما في السلة بأقصى مدى لعله يطال تسونامي فنشرت القمامة في بهو الفيلا .

خلص شامل من يدها السلة الفارغة ورماها بعصبية ثم شد ونس للخارج بحزم بينما دفعت بسمة كامل الذي يتحرك بخطوات متثاقلة ويدير وجهه إليها كل دقيقة بتلك الابتسامة المستفزة.

عند باب الفيلا استدارت بسمة تقول لتسونامي التي لا تزال تمسك بقدمها وتبكي مولولة من الألم " إن خطت قدمك عتبة المطعم تأكدي أن المرة القادمة سأسكب هذا المطهر في عينيك "

قالتها وتحركت بعصبية لتكمل دفعها لكامل.

بعد دقائق كانت ونس قد اتجهت لغرفتها غاضبة من شامل فذهب الأخير خلفها ليسترضيها بينما وقفت بسمة في وسط حديقة فيلا غنيم تصرخ في وجه كامل "ماذا كنت تنوي أن تفعل حينما جلست بجوارها على الأريكة؟"

كانت السعادة تلجم كامل وتمنعه عن الكلام وهو يراها غاضبة غيورة بهذا الشكل .. أخيرا سقط عنها الوجه الجليدي وحرارة الغيرة والوجه الجديد لها يلهبان مشاعره .. فصرخت بسمة بعصبية" لا تبتسم هذه الابتسامة وأجبني"

راقب غنيم ما يحدث من جلسته على المقعد في الحديقة بابتسامة بينما خرجت سوسو تنظر باندهاش لبسمة التي تصرخ في وجه كامل الذي يضع يديه في جيبي بنطاله ويتحاشى عصبيتها وجنونها بالرجوع للخلف وهي مصرة على مواجهته .. فيلفان في دائرة تتقدم فيتقهقر ونفس الابتسامة تزين شفتيه.

قالت بسمة صارخة بجنون "أجب يا كامل"

هز كتفيه ورد ببرود مستفز" كنت سأتفحص قدمها المصابة المرأة كانت تتألم"

أصدرت بسمة من حنجرتها صوتا ساخرا وغمغمت بتهكم "يا لك من حنون !"

بنفس الابتسامة السعيدة قال "وهل تنكرين بأني حنون !"

كانت قد فقدت السيطرة تماما على اعصابها وابتسامته وبريق عينيه وتلك الحركة الصبيانية التي يفعلها للهرب منها بالتحرك للخلف كلما اقتربت منه تزيد من وسامته ومن استفزازه لها فتوقفت تسأله متخصرة والدم يغلي في رأسها "وما قصة الفأر يا كامل؟؟؟ .. أي فأر بالضبط الذي كنت ستمسك به؟!! "

لم يستطع كامل التماسك فانفجر ضاحكا بقوة ارتج لها قلبها بعنف شديد .. وأصبح الوضع كله عبثيا هستيريا بداخلها ..وخارجا عن السيطرة .

كل شيء انفرط عقده وباتت لا تعرف كيف تسطير على ما تشعر به وهذا الوقح الماثل أمامها يقهقه عاليا ويستحق صفعة أو .. قبّلة لتوقفه .

اقترب منها كامل يمسك بذراعيها وهو لا يزال في موجة ضحك هستيري فصرخت في وجهه بعد أن أفلتت منه " إياك أن تلمسني (وأضافت وهي تنسحب من المعركة تداري جبنها خلف عصبيتها ) والله لن تدخل الغرفة اليوم يا كامل وسأغلقها بالمفتاح من الداخل "

قالتها واسرعت تهرول مبتعدة إلى داخل الفيلا ..

حينما هدأت ضحكاته استدار ينظر لوالديه فقال له غنيم" مرحبا بك على الأريكة في البهو بني"

عاد كامل للضحك هو يسرع نحو الفيلا .. سعيدا جدا .. يتقافز من السعادة ..

عند غرفتهما بعد دقائق قال وهو يطرق الباب "افتحي يا باسمة قلت لا تغلقي الباب من الداخل"

كانت لا تعرف كيف تلملم أعصابها فقالت من جلستها على السرير ترفع إليها ركبتيها وتحضن ساقيها "قلت لن أفتح وستنام اليوم رسميا أمام الجميع في الخارج "

قال من خلف الباب "افتحي لأبدل ملابسي لأني سأذهب لمفرح اليوم اسهر معه قليلا "

ردت بعناد فلم تكن قادرة على مواجهته بعد" أنا اقسمت ولن اتراجع في قسمي ...اذهب كما أنت أو ارتدي ملابس من عند شامل "

قال لها مهددا بلهجة عابثة " سأذهب لأمسك الفأر لتسونامي "

قالت بوعيد "افعلها يا كامل واقترب من فيلتها إن كنت مستغنيا عن عمرك "

صدرت منه ضحكة خافتة ثم قال باستنكار من خلف الباب "أنت تهددين بقتلي!.. عموما أنا ذاهب وحينما أعود سأحاسبك كيف تقسمين على كامل نخلة يا باسمة يا بنت الوديدي"

×××××


تطلعت أم هاشم في النيش الذي انتهت من ترتيبه بنفسها ..

أخيرا النيش الذي حلمت بأن يكون لها مثله في كل مرة رتبت فيها نيشا لعروس خلال حياتها ..

أخيرا النيش خاصتها .. انتهت من تنسيقه للتو ..

أخيرا النيش في بيتها هي .. وليس أي بيت وإنما بيت جابر دبور ..

نظرت إليها مليكة التي بدا عليها الإرهاق واضحا وقالت "مبارك يا مشمش "

قبل أن ترد قالت سامية "هيا يا أم هاشم تعبنا وعمك يسأل لماذا تأخرنا "

قالت الأخيرة "اسبقنني وأنا آتية بعد دقائق"

خرجت الفتيات إلا مليكة فقالت لها أم هاشم" مليكة قبل أن نغادر هلا صورتني بجانبه"

سألتها الأخيرة باندهاش "بجانب ماذا ؟"

ردت بابتسامة متسعة أظهرت بياض أسنانها اللؤلؤية "بجانب النيش .. كان دوما في مخيلتي رمزا لشقة العروس وللحياة الجديدة"

أومأت مليكة برأسها بابتسامة وأخرجت هاتفها من جيبها وذكرى النيش المهشم على الأرض قد آلمت قلبها فأسرعت بنفض الذكرى عنها كما تهرب دوما من الذكريات المؤلمة ..بينما اسرعت أم هاشم بالوقوف عاقدة ذراعيها أمام جذعها بجوار النيش ترفع ذقنها بشموخ .. وكأنها تتباهي بالنيش الذي يخصها ..

لتسجل في صورة تذكارية تلك اللحظة التي قد تمر مرور الكرام على الكثيرات .. لكنها كانت لها لحظة استثنائية.. لحظة تحقيق الحلم بامتلاك ..

نيش !

××××


يتبع

بقية الفصل على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t464653-172.html








التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 17-07-20 الساعة 11:16 PM
Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 10:59 PM   #1709

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 8



(8)






قبل الزفاف بيوم

صباحا

كان عاقدا ذراعيه تحت صدره وهو جالس على الأريكة يتطلع فيه على المقعد المقابل بعينين مدققتين متفحصا هيئته القلقة وهزره منذ أن دخل عليه قبل قليل .. ثم نظر لساعة الحائط ليتأكد من أن الساعة العاشرة صباحا وتساءل إن كان هذا الشخص القلق الماثل أمامه يهذي قد نام الليل أم لا .. ثم اعتدل في جلسته ليستند بكوعه على مقعد الأريكة وقال حينما صمت الأخر للحظات شاردا في الأرض "هل انتهيت يا جابر ؟"

رفع إليه الأخير انظاره وأجاب " أجل ..هل فهمت شيئا ؟"

رد مصطفى بلهجة ماكرة " نعم .. فهمت بأنك ندمت على الزواج من بنت الشيخ لأنك لست مستعدا بعد للزواج منها"

هتف جابر بانفعال " هل هذا ما فهتمه يا أبا حمزة ؟!.. (واستقام واقفا يهم بالمغادرة وهو يضيف ) حسنا أنا آسف أني ازعجتك في هذا الوقت المبكر من الصباح "

أسرع مصطفى بالإمساك بيد جابر يكتم الضحك حين مر من أمامه يهم بالمغادرة فهتف الثاني بغيظ" تضحك من جديد !!"

أشار له ليجلس وقال وهو يغالب ضحكاته "سامحني .. لكن كلما تعلق الأمر ببنت الشيخ تنقلب لشاب حانق في العشرين من العمر "

سأله جابر باستنكار "ما علاقة هذا الكلام بالذي قلته لك منذ قليل؟!"

شد مصطفى يد صاحبه وأشار له ليجلس وهو يقول " اجلس .. اجلس هداك الله "

حين جلس الأخير اعتدل مصطفى وقال بلهجة جادة " أنا فهمت بأنك مرتبك .. لذا دعنا نفند المشكلة لنضع يدنا على الجزئية التي تريد الحديث عنها بالضبط لنفض هذا الاشتباك بداخلك .. أولا سأسألك هل أنت نادم على زواجك من بنت الشيخ ؟"

اسرع جابر بالقول " بالطبع لا .. ( واعتدل يقول ) يا مصطفى أنا لست نادما ..(وحاول صياغة أفكاره يقول شاردا ) كيف اشرح الأمر؟ .. أنا أشعر بأني من المفروض أن أكن لها مشاعر أكبر من التي أحملها لها .. أنا أحترمها جدا واقدرها كإنسانة .. سأكون أكثر تحديدا ولا تؤاخذني فيما سأقول فأنت صاحبي وأتمنى أن تفهمني .. العلاقة الخاصة عندي مرتبطة بمشاعري أي أنني لست ذلك الرجل وقد تتعجب من ذلك الذي تكون تلك الأمور عنده حسية فقط .. ( وعاد يصحح بعبوس ) بالطبع عندي مشاعر حسية تجاه كل النساء كأي ذكر طبيعي فلا تفهمني خطأ "

لملم مصطفى شفتيه حتى لا يضحك ويقطع استرسال أفكار صاحبه بينما أضاف جابر شارحا لدواخله "لكن ما قصدته أن علاقتي بحليلتي أتمنى دوما أن تكون مصاحبة لمشاعري .. "

سأله مصطفى ليساعده على وضع يده على ما يريد "هل ارتباكك هذا لأنها مختلفة في لون البشرة؟!"

اسرع جابر بالنفي مؤكدا " بالطبع لا .. أبدا .. أنا لا أجد في لون بشرتها أي عيب فكلنا خلق الله سبحانه وتعالى خلقنا في أحسن تقويم.. ولا أنظر لها نظرة أقل من باقي النساء وإلا لما كنت عاهدت نفسي أمام الله أن تكون على ذمتي أمام الناس كلها "

بحكمة كان مصطفى يطرح عليه الأسئلة الفارقة المفرقة لتشابك أفكاره مع مشاعره فعقب على إجابته ليقتنص منه اعترافا "هناك فرق بين الشهامة والرغبة في اكرامها كرامة لقيمة والدها عندك أو التعاطف معها .. وبين أن تكون حليلة ترغب فيها بتلك الشروط التي تتحدث عنها "

أسرع جابر بالقول " لا لا أنت فهمتني خطأ تماما .. ما قلته قبل قليل عن قلقي ليس له علاقة بأني لا أريدها زوجة وبالتأكيد ما قلته عن مميزاتها يضيف لرصيدها عندي لكني..."



وصمت يحدق في الأرض يحاول فض اشتباك مرتبك بداخله فقال مصطفى بهدوء "أنا أفهمك يا جابر منذ أن بدأت في الحديث وأنا أفهم ما تتحدث عنه .. لكني أردت بأسئلتي أن أساعدك على فض الاشتباك لديك"

قال جابر موضحا دواخله " أنا لست نادما على الزواج منها يا مصطفى فالعكس هو الصحيح أنا اشعر بالراحة وبأني أفعل الشيء الصحيح لكني كما قلت لك أشعر بأن عليّ أن أمتلك لها مشاعر أقوى من ذلك لأنها تستحق أن أكن لها مشاعر مميزة مثل تميزها .. وتستحق ما دمت عاهدت نفسي على أن أكون عوضها عن الانتظار أن يكون هذا العوض ليس فقط عوضا ماديا أو اعتباريا أمام الناس ولكن على مستوى المشاعر أيضا ..( ووضع يده على صدره مضيفا ) أنا أرى أن عليّ أن أحبها أكثر مما أشعر به الآن"

ساد الصمت بين نظرات جابر الحائرة ونظرات مصطفى المتفهمة قبل أن يقول الأخير " دعني أقول لك رأيي.. أنت منفصل عن زوجتك منذ شهرين تقريبا .. وبعد أسبوع واحد فقط طلبت فتاة أخرى للزواج .. لم تعطي لنفسك فترة لتستعيد فيها توازنك تودع القديم وتستقبل الجديد هذه نقطة .. ضف عليها أن فترة خطبتك لأم هاشم قصيرة جدا لاعتبارات كثيرة وجيهة طبعا لن ننكر ذلك لكن هذا ما حدث بالفعل .. كما أنك بحكم سنك .."

انقلبت عينا جابر وقاطعه يقول باستنكار "ما به سني !!"

ابتسم مصطفى ورد " والله لا أقصد شيء .. اقصد أنك في مرحلة النضوج ولن تتصرف معها تصرفات شاب صغير فتتحايل لتلمس الأيادي في الزيارة الأسبوعية وما إلى ذلك .. الوقار والالتزام الديني سيفرضان عليك سلوكا معينا.. كما أنك بالكاد تزورها كأي خاطب عادي لانشغالك في تجهيز كل شيء بشكل سريع .. لذا بعد كل هذا أرى أنه من الطبيعي ألا يكون لديك ذلك الشعور المتأجج بداخلك لانتظارها "

قال جابر بسرعة " أجل .. هذا ما أقصده (الشعور المتأجج)"

هز مصطفى رأسه وأكمل " أنت تحترمها شخصا وأصلا ونسبا ومعجب بها كأنثى ولا يشكل لك اختلاف لون بشرتها عن الشائع حولها أي حاجز نفسي .. ولديك رغبة صادقة في أن تكمل معها حياتك وأن تكون أما لأولادك القادمين كل هذا يا جابر كفيل بأن يخلق لك حياة سعيدة مستقرة .. حتى لو لا قدر الله لم تجد في قلبك ذلك الشعور المتأجج لها فستكون سعيدا أؤكد لك "

قال جابر وقد بدأ يتتبع طرف الخيط صاحب العقدة " المشكلة ليست في سعادتي أنا يا مصطفى .. المشكلة أني متألم من أجلها .. لأني لا أحمل لها شعور متأجج وهي تستحق ذلك "

لم يستطع مصطفى التماسك هذه المرة فعاد للضحك وهو يضرب كفا بكف فهتف جابر بغيظ "عدت للضحك من جديد !!"



قاوم الثاني الضحك ورد بهدوء شارحا " أنت متألم لأنك لا تحبها بالقدر الذي تستحق !! .. تألمك هذا وشعورك بالحزن من أجلها أراه قمة المشاعر الجميلة التي قد تكنها لأي انسان.. يا جابر من خلال معرفتي بك والحمد لله نظرتي في الناس لا تخيب أنت تحمل مشاعر مميزة لبنت الشيخ .. وتتصرف فيما يخصها بشكل خاص جدا .."



طالعه جابر باهتمام فأضاف مصطفى "صدقني حينما يتقابل التقدير والاحترام مع الحب في قلبك تجاه امرأة فالمحصلة تكون حالة استثنائية .. ما أراه الآن أنك تقدرها بشدة ولهذا ترى أن مشاعرك لها حاليا قليلة فهي تستحق أكثر وفي رأيي ستظل تشعر بذلك مهما منحتها .. فعقلك وقلبك يتباريان عليها فيتهم الأول الثاني بالتقاعس عن حبها .. لكني سأقول لك ما يريح قلبك يا صديقي.. أساسيات الزواج الناجح متوفرة في هذه الزيجة بإذن الله وحتى لو توقف الأمر منك لها عند مجرد الاعجاب فهو كاف.. أما أمر القلب فهو بيد صاحب الأمر .. ومع هذا ما أشعر به يجعلني أقول لك أبشر يا صديقي "



ساد الصمت لبرهة قبل أن يسحب جابر نفسا ويخرجه في راحة فقد قضى الليل يشعر ببعض الارتباك غير المفهوم بشأن زواجه من أم هاشم وهو يتخيلها حليلته وخشي من نفسه أن يكون قد ظلمها بالتسريع في الزواج منها وآلمت قلبه هذه الأفكار فغمغم بامتنان" أراح الله قلبك يا مصطفى "



سأله مصطفى مشجعا " هل أنت جاهز لليلة الحناء يا عريس؟"

رد جابر بابتسامة متهكما "وماذا سأفعل هل سأحني يديّ!"

ضحك مصطفى وقال " ولمَ لا .. كان اجدادنا يفعلونها مع العرسان .. وندور بك في أحياء القرية بالزفة والصينية التي بها الشمع"

قال جابر وقد علت الجدية وجهه فجأة "تذكرت حلما غريبا رأيته قبل مدة "

قال مصطفى باهتمام " خير إن شاء الله"

اقشعر بدن جابر وهو يستعيد الحلم في ذهنه ويقول" حلمت بالشيخ تيمور "

غمغم مصطفى باندهاش " الشيخ تيمور !!"

هز جابر رأسه وأضاف " أجل ..هو والشيخ زكريا"

قال مصطفى مستبشرا " خير إن شاء الله"

أضاف جابر وهو يحدق في أرض الغرفة باتساع عينيه شاردا في تفاصيل الحلم "كنت قد انتهيت من صلاة الفجر في المسجد فوجدت نفسي بجوار الشيخ زكريا .. كنا وحدنا بالمسجد.. سلم عليّ فتأثرت بشدة وسألته (هل أنت غاضب مني؟) .. لأني في هذه الفترة كنت ألوم نفسي لعدم زواجي ببنت الشيخ فأنا أولى بها خاصة حينما حاولوا الضغط على عمها لتتزوج من ذلك العجوز .. المهم أن شيخي زكريا قال لي بأن الشيخ تيمور أرسل لي هدية تنتظرني خارج المسجد ثم اختفى"

غمغم مصطفى بانشراح " ما شاء الله ما شاء الله وعرفت الهدية ؟"

رفع جابر إليه أنظاره يقول باندفاع " أسرعت لخارج المسجد فوجدت فرس يا أبا حمزة ..فرس سمراء بديعة .. ( وتقطع صوته وأضاف ببطء )كانت تقول لي .. كلاما ..بعينيها.. "



صمت فجأة وهو ينظر لمصطفى ثم اتسعت عيناه وشحب وجهه .. بعدها تعرق جسده فأخذ يتنحنح في حرج والرؤية تتضح أمامه.. بينما كتم مصطفى الضحك لعدة ثوان وهو يتابع تطور الانفعالات على وجه صاحبه وهيئته الذاهلة المصدومة المحرجة وهو يحدق فيه بذهول جعلته لا يقدر على التماسك وينفجر في الضحك..

فلملم جابر شفتيه محرجا حتى لا يجاريه في الضحك على نفسه بينما قال مصطفى" هذه بشرى بصلاح حالك وبخير كثير يا جابر .. هيا انهض يا عريس انهض هداك الله يا حبيبي واستعد لليلة الكبيرة "

××××

تقلبت في السرير الذي تنعم به طوال الليل لمعرفتها بأنه لن يدخل الغرفة .. ورغم ذلك بقيت حتى الفجر قلقة لم تقدر على النوم مترقبة عودته من عند مفرح حتى وجدت رسالة منه يقول فيها " أنت بالتأكيد نائمة الآن لكني أرسلت لك ولأبي أخبركما بأني وشامل سنبيت عند مفرح الليلة .. "

وأضاف في رسالة أخرى " وقد نرسل لتسونامي لتأتي لتحيي سهرتنا وتحكي لنا بشكل مستفيض عن مشكلتها مع ( الفأر ) (وجه يغيظ) "

تركت بسمة السرير شاعرة بالضيق لأنها لم تشاهد الشروق اليوم .. فقد نامت مجهدة بعد الفجر مباشرة ..

توجهت نحو الحمام وهي تتساءل إن كان قد عاد من عند مفرح أم لا.

جاءها الرد على سؤالها بأغنية عبر الإذاعة الداخلية كما تحب أن تسميها للمطعم ولأن هذه العادة قد قطعت طيلة أسبوعين هما مدة سفره فهي تعلم بأنه موجود بالمطعم الآن .. وتساءلت هل جرؤت تسونامي على الحضور؟

عند هذه الخاطرة أسرعت نحو الحمام متوعدة .

بعد قليل نزلت بسمة بسرعة متجهة نحو المطعم ترتدي بنطالا من الجينز وتيشيرت رمادي تعقص شعرها خلف ظهرها وأنغام أغنية لفريد الأطرش تملأ المكان..

في الوقت الذي كان كامل يتطلع بابتسامة في ونس التي تقف أمام شامل تحاول تقليد رقصة بلدهم على أنغام الاغنية سعيدة جدا بأنها قادرة على سماع الإيقاع بشكل شبه طبيعي .. وارتبكت قليلا رغم حفظها للحركات لكنها كانت ترقص عليها بإيقاع الضربات على يديها والعد كما علمها شامل أول مرة في حفل زفافهما.



ساعدها شامل لتتقن الرقصة مع الإيقاع فتدخل ديمتري هو الاخر يريد أن يتعلم .. وحاول شامل تعليمه ليتحول الأمر لرقصة جماعية على أنغام الأغنية انضم إليهم فيها كامل الذي كان يعيش في حالة خاصة منذ ليلة أمس .. حالة استثنائية ينتظر بفارغ الصبر أن يسافرا معا اليوم حتى يعترف لها بكل شيء .. ويدعو أن يكون لديه الصبر والتحكم في الذات حتى لا تغلبه رغبته فتخطئ في تفسيرها كما حدث المرة الماضية.

حبينا .. حبينا .. حبيناكي حبينا

لو ما حبينا عيونك

لا اتعذبنا ولا جينا

تسمرت بسمة تتابع ما يحدث ..ونس وشامل وكامل وديمتري يصطفون ويرقصون رقصتهم على أنغام الأغنية.. فرفع كامل انظاره يتطلع في حسنها الذي اشرق على المكان .. وظلت عيناه تتابعان حركتها حتى اقتربت من الطاولة المستطيلة الخاصة بركن القهوة وجلست على الكرسي العالي وهي ترفع ذقنها بكبرياء لكنه يشعر بها مختلفة .. الهالة التي حولها كانت مختلفة لينة .. أنثوية .. حارة وليست قطبية .. ولم يكن حدسه مزيفا فبسمة نفسها اعترفت وهي تتعانق بعينيها مع عينيه وهو يرقص بجوارهم بأنها تشعر بنفسها في تلك اللحظة بالذات كالحلوى التي تذوب أمام الحرارة القادمة من عينيه .

وقعنا بالحب وقعنا

وعلى درب الهوى ضعنا

وياما وياما اتلوعنا

وياما وراكي مشينا

كانت ضحكات ونس سعيدة بينما ديمتري يحاول بجدية التقليد.. أما كامل فرفع شعره للخلف بمشط يده وأشار لها لتنضم وتشاركهم لكنها شعرت بالحرج فهزت كتفها بدلال أنثوي تلقائي رافضة .

وحياتك منضحي الروح

ومش ممكن بالسر نبوح

مطرح ما بدك منروح

وين ما بدك ودينا

تفرقوا مع الموال لتسرع ونس بحمل كيس لبسمة ومعها شخصية كرتونية كبيرة الحجم من الفراء لتريها بسعادة ثم أخرجت من الكيس ملابس أطفال ففهمت بأن كامل من احضرها لها فابتسمت تقول لونس "رائعة الهدايا ".

حضنت ونس اللعب وأشارت لشامل بأنها تشعر بالدوار فرافقها لتجلس بجوار إحدى الطاولات..

أما كامل فكانت عيناه تعانقان عيني بسمة على أنغام الاغنية التي تخبرها بكل شيء وهو يتحرك نحو ركن صناعة القهوة .

يا ليل غني .. بعدو الحب بأوله

خلي الحبايب يتقلوا ويدللوا

يا حلوة الحلوين حِبي واسهري

دا الحب بين الناس الله محلله

مال نحوها يستند على الطاولة بينهما وقال وعيناه ترسمان حسنها وتُقبِّلان كل انش في ملامح وجهها" طلباتك يا هانم مُريني "

أضحت ضربات قلبها أعلى من الأغنية لا تعرف ماذا حدث .. إنها في حالة من فقد السيطرة الكلي على كل شيء فيها وتشعر بأنه بات يتحكم فيها من بعيد فقالت بكبرياء أنثوي لتغطي عن حالتها الشبيهة بحلوى الهلام" أريد قهوتي من فضلك "

قال بلهجة مغازلة " من عينيّ كامل نخلة "

قبل أن تتوازن بعد عبارته التي أرجحتها في الهواء فرد ذراعه فوق الطاولة وأشار لها بيده لكنها لم تفهم فقال موضحا "ألا تريدين أن تتعلمي كيف تصنعين القهوة تعالي"

نزلت ببطء وبوجنتين مشتعلتين من فوق الكرسي وتحركت لتلتف حول المنضدة وتقف بجواره .

ناظرها لثوان بتلك النظرات المشتعلة قبل أن يبتعد نحو ماكينة متوسطة الحجم ثم قال" اقتربي"

نفذت بسمة ووقفت بجواره محاصرة بين رائحة حبات البن الزكية التي تغازل أنفها مختلطة برائحة عطره اللاذعة القوية .. وبين تلك الحرارة التي تشعر بها لا تعرف إن كان مصدرها جسده العضلي أم جسدها الهلامي في تلك اللحظة ..

شرح لها كامل وهو يضع حبات البن المحمصة في المطحنة " هنا تطحنين البن فيكون طازجا"

عيناه العميقتان كالمحيط كانتا تحدقان في زرقة عينيها المبهرة من مسافة قصيرة قبل أن تهز بسمة رأسها لتخبره بأنها فهمت .. فأجبر كامل عينيه على النظر فيما يفعل ثم أخرج الحبات بعد طحنها ففاحت رائحتها لتقول بسمة "رائعة ..الرائحة رائعة"

قرب كامل من أنفها البن لتشتمه وهو يغمغم بلهجة ذات مغزى "إنها بالفعل .. رائعة"

بلعت بسمة ريقها وابتعدت للخلف قليلا وهي تمسد على مؤخرة رقبتها بتوتر .. فمر كامل من جوارها متجها للماكينة التي تصنع القهوة .

اقتربت منه لتجده قد وضع البن في كوب يخص الآلة الكبيرة أمامه وبحركة جريئة سحبها من ذراعها لتقف أمامه وطوق ذراعيه حولها دون أن يلمسها وأخذ يشرح وهو يضغط على البن في الكوب بقطعة خارجية ليساوي سطحه.

لم تكن بسمة أكيدة بأنها قد ركزت كثيرا في كلماته الشارحة أكثر من تركيزها على حركة جسده وذراعيه العضليين وعطره وصوته الأجش بجوار أذنها ..وبدون سيطرة على نفسها أدارت رأسها ورفعت أنظارها تختلس نظرة إليه فلمس جبينها لحيته الخفيفة لتصدر شرارة كالكهرباء بينهما بتردد عالي جعلهما متسمران في ذلك الوضع الحميمي تتعانق الأعين بينما الشفاه تتعذب من أجل اللقاء .

أسرعت بسمة بسحب عينيها بحرج واستدارت تنظر للماكينة وهي تقول بارتباك" ألن تخبرني عن اسم قهوتي المفضلة؟"

قال بجوار أذنها بلهجة حارة" قلنا ماذا ستدفعين في المقابل ؟"

أدارت وجهها من جديد ورفعت أنظارها نحوه تقول بصوت هارب منها وقد سلمت دفاعاتها كلها" ما تريده "

ابتسامة ذكورية لا تزال تستفزها زينت زاوية شفتيه فأشاحت بوجهها من جديد وهي ترفع يدها لتلمس جانب رقبتها بتوتر .. وفي رحلة صعود وهبوط كفها لمست ذراعه العضلي فازدادت توترا.

الأمر بينهما يخرج عن السيطرة ..

التحفظ يسقط أرضا وتدوسه الأقدام ..

والخوف من الأخر يتلاشى في حضرة الانجذاب اللا إرادي بينهما ..

أما القلوب فكانت تهفو لعناق طال انتظاره .. بينما الروح لا تزال معذبة بين جروح الماضي وحواجز الحاضر وتكهنات المستقبل.. تتوق للراحة والنعيم في حضن الحبيب .

جعلها كامل تمسك بذلك الكوب وحضن كفيها بكفيه الممسكين به يساعدها على وضعه في مكانه بالماكينة وهو يستشعر ارتجاف جسدها بالقرب منه ردا على لمسته الدافئة .. فضغط على الزر واضطر للابتعاد خطوة للخلف ليقف بجوار الماكينة يتطلع فيها .

بخبرته وبإحساسه كرجل كان مدركا بأنه قد التقط شيفرة جسدها وبات متحكما فيه أو على الأقل جسدها أضحى مستجيبا له .. لكنها أبدا لم تكن مشكلته فدوما كان واثقا من أنه قادر على فرض سيطرته الذكورية على أنوثتها .. لكن ما هو عصي عليه .. وما هو أهم وأكثر تحديا له هو قلبها ..

حاصرها بنظراته وبأنفاسه الثائرة في صدره التي لو أدركتها لعلمت إلى أي مدى هو يجاهد بعذاب ليقف أمام حضورها الأنثوي الطاغي بهذا الانضباط بينما الأغنية لا تزال تضرب على الأوتار الحساسة .

حبيناكي من زمان

يا زهرة على غصن البان

حني ع القلب الغلبان

ويا حلوة اتوصي فينا

قال لها شارحا وعيناها تتهربان منه لتدقق في تفاصيله السارقة للقلب قبل النظرات " هنا تصنع القهوة بالتقطير فتحصلي على مشروب القهوة الخام لهذا يكون فقط ربع الكوب لأنه مركز جدا في حالته الخام بدون أي إضافات ويسمى( اسبرسو )"

نطقها ببطء فخرج الاسم مختلطا بعاطفته..

لمعت عيناها واتسعت ابتسامتها النادرة لتضيء وجهها أمامه فأصابت قلبه بصعقة كهرباء ذات تردد عالي وهي تنطق ببطء "اسبريسو "

أ يرد عليها بقُبلة يردع بها الوحوش الضارية في صدره؟! .. لكن تلك الوحوش لن يرضيها قُبلة .. إنها في حاجة ماسة وملحة لوليمة مشبعة بعد طول الصيام ..



وحياة الطير الشادي

الروح باسمك بتنادي

حني يا غزال الوادي

وجوة قلبك خبينا

تنحنح يحاول التخلص من وقع الابتسامة الحلوة وأكمل "بعد ذلك تأتي الإضافات إما إضافة الماء فتسمى (امريكانو) أو إضافة اللبن والرغوة فتصبح (لاتيه ) وهكذا هناك الكثير من الأنواع لكن أساسها هو الاسبرسو"



قالها مشيرا للكوب الذي تقطرت فيه القهوة ثم ناوله لها فاستنشقت الرائحة بهيام .

انتهت الأغنية وبدأت الأغنية التي تليها في القائمة التي أعدها كامل ..فتحركت بسمة عدة خطوات للخلف تستند بظهرها على الطاولة خلفها لكن كامل اقترب من جديد وعيناه تفضحانه بينما بسمة واقعة تحت حصارهما فقالت وهي تشيح بنظراتها عنه لعلها تستطيع الإفلات "اكتشفت للتو بأن الأمر كبير وليس فقط طحن البن فيصبح قهوة "

رد كامل وهو يقف أمامها طويلا عريض المنكبين يديه في جيبي بنطاله" هناك تخصص في علم الفندقة يخص صنع القهوة ومن يتقنها يسمى (باريستا) وأفضل المدارس لكي يصبح المتعلم (باريستا) توجد في إيطاليا وتمنح شهادات معتمدة بذلك "

قالت بمشاكسة "أنا أريد أن أكون باريستا وأصنع القهوة للناس "

رد ببرود" آسف لا يمكن "

عبست تسأله" لماذا؟!"

حرك كتفيه ورد بنفس البرود" زوجتي لا تقف خلف الطاولة ليتغزل في جمالها الرائح والغادي "

انحشر الهواء فجأة في صدرها وتوقف قلبها عن النبض بذلك التصريح الذي قد تكون قد سمعته كثيرا منذ صغرها بأنها جميلة لكنه اللحظة كان له وقعا آخر .. فرفعت الكوب نحو شفتيها بارتباك وهي تشيح بنظراتها بعيدا عنه لتهرب من عينيه المحدقتين في شفتيها .

حين طال الصمت المرتبك ذو الأنفاس العالية قالت بسمة وقالب الحلوى المتمثل فيها يزداد ذوبانا أمام حرارة عينيه "الاسبرسو مركز بشده أعشقه "

قال وعيناه العميقتان تمارسان سحرهما عليها" لأنه روح القهوة .. بلا أي إضافات .. لهذا هو قوى الرائحة والطعم لاذع المرارة (ورفع حاجبه يضيف بنظرة خاصة ) ويحتاج لقلب شجاع قوي يتحمل طعمه .. لذا ستجدينهم إما يحبونه بشدة أو يكرهونه بشدة ولا وسط بينهما .. ومن يدمنه لن يقتنع بغيره ابدا"

كلماته زادت من ارتباكها فأشاحت بوجهها ترفع الكوب إلي شفتيها وتتطلع من خلف طاولة صنع القهوة على المطعم الذي لم يفتح أبوابه بعد ..ونس وشامل يتشاكسان .. وديمتري يتابع عمال النظافة في عملهم ..

سألها" متى تريدين أن نتحرك؟"

عادت لتنظر إليه قائلة "فورا يا كامل أرجوك .. سأنتهي من قهوتي وأصعد للاستعداد فلا أريد أن أغيب عن أم هاشم .. يكفي بأني لم استطع أن اشاركها في الاستعدادات للزواج .. ومليكة بارك الله لها قامت بكل شيء رغم ظروف معينة كانت تمر بها .. فعلى الأقل أكون مع أم هاشم اليوم وغدا إنها فرحة لنا جميعا "

تنهد يقول بلهجة ذات مغزى" لا بأس أنا شخصيا مشتاق لبيت الجد صالح"

احمرت وجنتاها من جديد وأشاحت بنظراتها عنه تحتسي قهوتها وهي تغمغم "ومن قال لك بأنك ستبيت فيه"

سألها يرفع حاجبه" وأين سأبيت إن شاء الله!"

رمقته بطرف عينيها الزرقاوين تقول ببرود متعمد "من الممكن أن تعود للعاصمة لتبيت هنا في الغرفة وحدك"

انقلبت مقلتيه ورد "لا.. لن أترك زوجتي لتبيت خارج البيت وحدها "

تطلعت فيه تقول بنفس البرود" أنا سأبيت في بيت أهلي"

رد بعناد "بل في بيت الجد صالح أنا وأنت"

غمغمت وهي تعيد ابعاد نظراتها لتتابع أي شيء بعيدا عن حصاره "قلنا البيت مغلق"

رد عليها بثقة وإصرار " وأنا قلت لك سيفتح لي أبوابه حينما أريد في الوقت الذي أريده"

غمغمت وهي تشيح بنظراتها عنه "مغرور !"

تراقصت الابتسامة على شفتيه وسألها بلهجة ماكرة" لم تسأليني بعد عن المقابل الذي سأطلبه منك "

أدارت وجهها نحوه وردت بكبرياء أنثوي "لن أسأل لأني لن أنفذ "

وناظرته بزرقة عينيها بتحدي .. فتدخل كاظم الساهر بصوته بينهما ليزيد من حرارة اللحظة .. لتضطر بسمة للإشاحة بنظراتها عنه من جديد حتى تهرب من تحديقه المستمر في شفتيها ورفعت الكوب إلى فمها.

اتحدى من إلى عينيك يا سيدتي

قد سبقوني

يحملون الشمس في راحاتهم

وعقود الياسمين

اتحدى كل من عاشرتهم

من مجانين وأطفال

ومفقودين في بحر الحنين

أن يحبوكي بإسلوبي

وطيشي وجنوني

أتحداكي أنا ..

أن تجدي وطنا مثل فمي

وسريرا دافئا مثل عيوني .

وكأن أغنية كاظم كانت كحجر الدومينو الذي سقط فوق ما قبله فانهار كل شيء .. لتتفاجأ به بسمة يخطف الكوب من يدها ليضعه على الطاولة ويسحبها من معصمها ليخرجها من خلف الطاولة ويدخل بها حيث الباب المجاور ..باب المطبخ الخالي من الطباخين الذين لم يصلوا بعد.

قالت بسمة مصعوقة وهو يسحبها خلفه "كامل .. كامل ماذا تفعل .. كامل "

كان كامل قد وصل للحظة اللا عودة .. مراجل الرغبة والشوق تغلي في رأسه وتقذف به إلى حافة الجنون ..

في غرفة التبريد .. تلك الغرفة التي تشبه المبرد الكبير دخل كامل فاستقبلهما الهواء المثلج يرسل رعشة في جسديهما .. لكنه لم يقدر على السيطرة على حرارة الخلايا والمشاعر .

أغلق كامل الباب بيده وبالأخرى كان يدفعها حتى لصقها بالحائط وقبل أن تستوعب بسمة بركان المشاعر المتأججة في عينيه كان كامل يميل ليرتشف القهوة من شفتيها ..

قبّلها كامل بعنفوان ذكوري محروم وهو يلف ذراعيه حول جسدها الذي خانها بالاستسلام دون مقاومة ولو بسيطة لحفظ ماء الوجه ..

اعتصرها بين ذراعيه وقد فقد السيطرة على كل شيء .. وانمحى من ذاكرته كل شيء إلا هي..

واسمها ..وعينيها .. وشفتيها.. و جسدها الانثوي الذي يختض بين ذراعيه لحظتها .

حرر شفتيها لكن حصار ذراعيه كان قويا ففتحت بسمة عينيها تصارع حالة انصهار تامة بين ذراعيه .. فلم تقو إلا على القول بأنفاس متلاحقة "ألا تعرف بأن تستأذن أبدا؟!"

لم يكمل كامل التقاط أنفاسه بل عاد ليطبق على شفتيها من جديد ..يلتهمهما بحرمان وحرر أحد ذراعيه بينما الاخر شدد من اعتصارها ليدخل يده بلهفة تحت بلوزتها.. باستكشاف لحوح .. نزق .. جائع .. ينكر صبرا كان رفيقه لوقت طويل .

صوت الهاتف في جيبه بتلك النغمة المرعبة لطبول الحرب وصيحات القبائل البدائية بدد بعضا من ذرات المشاعر الساخنة حولهما والتي لم يستطع الجو البارد التأثير فيها .. فحاولت بسمة التملص .. ليطلق كامل سراح شفتيها وظل يلهث وهو يوشك على الغرق في البحر الأزرق أمام عينيه فهمست " كامل ..هذا شامل يتصل بك"

كمن فقد حاسة السمع مال يمرر شفتيه على خدها وجانب رقبتها وشحمة أذنها وكأنه يتذوقها .. فجاهدت بسمة رغم قواها الخائرة أن تبعده لكنها لم تقدر إلا عن ابعاد يده التي تعبث تحت ملابسها وهي تقول "كامل أرجوك نحن في غرفة التبريد واسمع أصواتا في المطبخ "

لم تعرف بأن الأخير كان بالفعل يجاهد ليخرج من دوامة البحر الأزرق .. يحاول أن يستعيد سيطرته لكن الوضع كان كارثيا.. فدفن وجهه في تجويف رقبتها يضمها إليه بقوة متأوها غير قادر حتى على النطق بشيء.

إنه يتعذب .. يتعذب بشدة .

فأخذ يذكر نفسه بضرورة الحفاظ على ما اكتسبه حتى الآن .. لتأتي طرقات حازمة على الباب وصوت شامل ينادي باسمه ليساعده شيئا فشيئا على اجبار نفسه عن الابتعاد عنها ببطء بينما بسمة تقول بحرج شديد "يا إلهي ما هذا الموقف المحرج ماذا سيقول علينا أخوك الآن"

انفصل عنها مبتعدا خطوة للخلف ..وتقبض وهو يشاهدها تعدل من ملابسها وشعرها وتناشد قدميها الثبات على الأرض ..قبل أن تفتح الباب لتجد شامل يقف على بعد أمتار والذي أسرع بالاستدارة يوليها ظهره بينما هي رفعت كفها إلى جانب وجهها لتتشاحى النظر لشامل وتمر من بين الطباخين الذين تفاجأوا بوجودها في المطبخ لكنهم لم يفهموا ماذا يحدث .

وقف شامل أمام غرفة التبريد متخصرا ينتظر خروج توأمه الذي أخذ بضع دقائق ليهدأ ويعيد سيطرته جزئيا على مشاعره قبل أن يخرج من الغرفة ..

فقال شامل بهمس موبخ" هل جننت؟.. هل فقدت عقلك؟ ..ماذا لو رآك أحد الطباخين ؟"

تركه كامل دون رد وتحرك يقطع المطبخ الواسع بخطوات متعجلة ثم خرج يبحث عنها متجها نحو غرفته ..



في الفيلا ناداه والده حينما رآه فوقف كامل في حالة من التشوش وعدم التركيز ثم قال لوالده" هلا أعطيتني قليلا من الوقت يا أبي أرجوك (وأسرع نحو السلم يضيف )سأعود إليك"



راقبه غنيم يصعد السلم بينما كامل يهرول .. غير قادر على الصمود .. لن ينتظر حتى يعترف لها .. لن يستطيع أن يصبر أكثر من ذلك .. هذا عذاب لم يعد قادرا على تحمله .

باندفاع وقلبه يسبقه .. يقفز أمامه .. يعدو .. يريد الوصول والوصال بلهفة .. وصل لباب الغرفة وفتحه فجأة .. لكنه صعق من المشهد الذي رآه ..

فسقط قلبه بين قدميه مرتطما بالأرض بقوة وتفتت لأشلاء.. وكأن شاحنة عملاقة سحقته تحت عجلاتها ..

فوقف في مكانه مشلولا كمن سقط فوق رأسه حجر!.

نهاية الفصل الخامس والعشرين

مع حبي

شموسة



Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 11:02 PM   #1710

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

رابط الفصل الخامس والعشرين


https://www.rewity.com/forum/t464653...l#post14985850

Dr. Aya likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:41 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.