آخر 10 مشاركات
صمت الحرائر -[حصرياً]قلوب شرقية(118) - للمبدعة::مروة العزاوي*مميزة*كاملة & الرابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          الصحوة ( الجزء الأول من مذكرات مصاص الدماء ) - كامل - (الكاتـب : Dalyia - )           »          715- رحلة غرام -عبير ميوزيك (أصلية) (الكاتـب : Just Faith - )           »          طلب مساعدة (الكاتـب : ام هدى وعدنان - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          شبح القصر (20) للكاتبة Donna Fletcher .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2430Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-07-20, 10:49 PM   #1801

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 314 ( الأعضاء 140 والزوار 174)

‏موضى و راكان, ‏sosomaya, ‏دمـوع الـورد, ‏Popolh, ‏butterfly.z, ‏الاوهام, ‏رهف أوس, ‏سها محسن, ‏mira amani, ‏ميمات4, ‏Heckenrose, ‏shammaf, ‏رودى رامى, ‏ارض اللبان, ‏ارج هاجر, ‏جورى انا, ‏Elbayaa, ‏Mayaseen, ‏toka_16, ‏بزغة, ‏Mayssa 92, ‏samaia, ‏Aengy, ‏نسائم ., ‏مالي عزا من دونك, ‏Ollaa, ‏احلام العمر, ‏em sg, ‏ايثو كردم, ‏زرقاءاليمام, ‏Somalove, ‏markunda, ‏kakouza, ‏rawa21, ‏Rama96, ‏MerasNihal, ‏TAGHREED HILLEIL, ‏ريرررررري, ‏Roro adam, ‏لمعة فكر, ‏soha, ‏آمنة عودة, ‏kamala, ‏جنغوما, ‏ام نودي, ‏الطاف ام ملك, ‏ايه هاشم, ‏Lolo rabah, ‏إسراء خالد, ‏يسورة93, ‏الشهرانيه, ‏Jeyda, ‏emtalal, ‏Hend2019, ‏Joie, ‏haboo$, ‏Mwatena mesrya, ‏Batatss, ‏مولا امال, ‏ريبكا, ‏Diego Sando, ‏غرام العيون, ‏Mon abdou, ‏dodoalbdol, ‏Berro_87, ‏نورهان askim, ‏Kemojad, ‏Toka tarek, ‏engsarahsnowwhite, ‏بنت الورد, ‏الروح الهائمه, ‏نداء1, ‏ميرو76, ‏ضحى الظاهر, ‏ام عبدالله نعمان, ‏مازن ممدوح, ‏laila2019, ‏ذسمسم, ‏ريامي, ‏Nesma96, ‏alan, ‏raniea, ‏mamanoumanoul, ‏amoaasmsma, ‏Ino77, ‏الزنجية الشقراء, ‏ام هنا, ‏Amonimoni, ‏شاكره لله, ‏كوثر سالم, ‏م ام زياد, ‏Rasha.r.h, ‏ali.saad, ‏نسيبة٠٠, ‏اشراقه حسين, ‏كنز29, ‏حووووووور, ‏منالب, ‏Asrarqq, ‏shrouke, ‏قمر نور, ‏maisalama, ‏nadamh, ‏ghdzo, ‏NoŎoR, ‏شهدsoso, ‏نجمة القطب, ‏منيره, ‏هشومة, ‏shf2000, ‏آية العيسوي, ‏همس حائر, ‏ميسى93, ‏rouka2000, ‏remasa997, ‏sara so, ‏الاميرة..., ‏سهام, ‏ريري المصري, ‏Nagat farouk, ‏مريم ١٢, ‏Ayaibrahim, ‏هجره, ‏لبنى أحمد, ‏ساره ٣٠٠٠, ‏Bint almahri, ‏Salma_3_, ‏امال ابراهيم ابوخليل, ‏As.S, ‏حلا هشام, ‏Fatima hfz, ‏samar_, ‏الحياه اغنيه, ‏أمل شريف, ‏ايمي ايم, ‏2o2a, ‏لمياء عادل, ‏ليش ؟, ‏Shammosah



أعاد الله عليكم هذه الأيام المباركة بكل خير 🌹 و دمتم فى حفظ الرحمن


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-20, 10:52 PM   #1802

Faten Farid

? العضوٌ??? » 432211
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 49
?  نُقآطِيْ » Faten Farid is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور يا بنات ❤❤

Faten Farid غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-20, 10:52 PM   #1803

شيماء منصور

? العضوٌ??? » 474416
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 154
?  نُقآطِيْ » شيماء منصور is on a distinguished road
افتراضي

متشوقة كتير للفصل بانتظار الرائعه شموسه

شيماء منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-20, 10:54 PM   #1804

لورا2

? العضوٌ??? » 107395
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 404
?  نُقآطِيْ » لورا2 is on a distinguished road
افتراضي

بانتظار الفصل علي نار 😍😍❤❤

لورا2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-20, 10:54 PM   #1805

ورد الشاام
 
الصورة الرمزية ورد الشاام

? العضوٌ??? » 378757
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 129
?  نُقآطِيْ » ورد الشاام is on a distinguished road
افتراضي

يوم الجمعه مايحلى الا مع فصل دسم من فصول الرواية بانتضار على نار 😍😍😍

ورد الشاام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-20, 10:55 PM   #1806

اللؤلؤة الوردية
 
الصورة الرمزية اللؤلؤة الوردية

? العضوٌ??? » 414871
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 722
?  نُقآطِيْ » اللؤلؤة الوردية is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور منتظرة على نار

اللؤلؤة الوردية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-20, 10:55 PM   #1807

أم_نوسة

? العضوٌ??? » 473827
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » أم_نوسة is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور ❤
بانتظار الفصل 😍


أم_نوسة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-20, 10:55 PM   #1808

Noor Alzahraa

? العضوٌ??? » 352224
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 225
?  نُقآطِيْ » Noor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond repute
افتراضي

بالانتظااااااااار تسجيل حضور

Noor Alzahraa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-20, 10:55 PM   #1809

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 1


الفصل السادس والعشرون
(1)
قبل قليل


دخلت بسمة الغرفة مقطوعة الأنفاس .. في حالة من الطفو لم تمر بها في حياتها من قبل .. شعور من البهجة والسعادة والدفء وانفراط في عقد الأمنيات التي تحولت لفراشات تطير من حولها طوال رحلة صعودها .. أو هروبها إلى غرفتها .



ما هذا الشعور .. وما هذه اللحظة التي عاشتها منذ دقيقة .. هل ما وصلها صحيح ؟.. هل المشاعر التي أخبرها بها كامل من خلال قبلته حقيقية أم أنها تتوهم؟ ..

القُبلة في حد ذاتها كانت من عالم أخر وهي بعد تجربتها السابقة تدرك الآن أن قبلة كامل بها شغف كبير وليست مجرد شهوة لامرأة يقال بأنها جميلة .

أهذا هو الاختلاف .. أهذا هو السبب الذي يجعلها تشعر بأنها أعظم قُبلة وأحلى تجربة مرت بها ؟

شغف !.. عاطفة !

أم لأنها هذه المرة تُحب ؟.. تحب ذلك الحب القدري الذي يتحدثون عنه في الروايات .. ليس حب العشرة والاعجاب أو حب العقل ..

هذه المرة هي عاشقة .. عاشقة لرجل لم تختره بالعقل وبالإعجاب .. بل دخل حياتها قدرا وجبرا .. مطرا سخيا فوق صحراء قلبها..

هل تفتح قلبها للأمنيات ؟

هل تتعشم في أن ما شعرت به مع كامل منذ قليل ينم حتى عن اعجاب .. مجرد إعجاب؟..

أم أن كل ذلك ما هو إلا وهم يوهمها به قلبها وعقلها من خيالات عاشق .

دخلت بسمة لغرفتها تمسك بقلبها المتخم بالمشاعر .. وجلست على السرير تحاول أن تهدئ من مشاعرها التي تفجرت في هرج ومرج منذ قليل بسبب قُبلة واحدة ..قبلة مليئة بالشغف تحرض على التمني .. فغمغمت لنفسها "اهدئي يا بسمة اهدئي حتى لا تخطئي الفهم ..كامل خبير في سرقة قلوب النساء ..احذري من أن تكوني قد عبرت فقط من بوابة عينيه نحو الطريق إلى جحيمه يا بنت الوديدي"

تحت الإلحاح الشديد لقلبها قررت ألا تغلق الباب بينها وبينه بل ستحاول أن تبقي عقلها يقظ معه لترى علام ينوي .

هكذا قررت وطعم القُبلة واحساسها بها يهيمن على أفكارها فحاولت التشويش على ذلك الشعور مؤقتا لتفكر في الخطوة القادمة..

امسكت بريموت مكيف الهواء وفتحته ليخفف من حرارة مشاعرها وتحركت بسرعة نحو الخزانة تفتحها لتضب حقيبة صغيرة للسفر تكفي للمبيت في القرية يومين ..

(المبيت مع كامل في بيت الجد صالح وحدهما)

انفجرت دقات قلبها من جديد .. وأحست بأنها ستصاب بنوبة قلبية لا محالة بهذا الشكل .. خاصة حينما تذكرت القميص البرونزي وتلك الملابس التي اختارتها حماتها والتي تعترف بأن لها ذوق رفيع جدا وفي الوقت نفسه غير مبتذل .. فاختياراتها كانت شديدة الأناقة والرقة رغم أن منها ما هو فاضح مثل ذلك القميص البرونزي الذي تسمر امامه كامل.

حركت يدها أمام وجهها تحاول التلطيف من الجو الملتهب ومن حرارة وجنتيها اللتين تحترقان اللحظة .. وقررت أن تضع القميص بين ملابسها الليلة .

وقفت تسحب نفسا لتهدئ من روعها وترتب افكارها ثم قررت بأنها ستأخذ القميص وتترقب ماذا سيفعل كامل في بيت الجد صالح .. تخبر نفسها بأنه إن حاول مغازلتها ستطلب منه بدلال الانثى أن تعرف أولا على أي أساس يطلب منها أن يتمما الزواج ..ستواجهه هي وتسأله سؤالا مباشرا.. لكن عليها أن تكون لطيفة وأنثوية .. هكذا حدثت نفسها .. ثم ضربت على جبهتها بتوتر معترفة بأنها لا تعرف أمور الدلال والميوعة ..هذا ما تعلمه عن نفسها ..ففي زيجتها السابقة لم تكن كذلك أبدا ولم تتقن هذا الدور .

وضعت بعض الملابس في الحقيبة وشعرت بأن الجو يزداد سخونة .. فعقدت حاجبيها متسائلة لماذا لا تشعر بأي تأثير للمكيف ؟!!

اغلقت باب الخزانة لتنظر للمكيف فوجدته مغلقا ووجدت أن التلفاز مفتوح بينما صوته مكتوما كما كان طوال الليل .. فضربت على رأسها تشتم غبائها الذي جعلها تفتح التلفاز بدلا من المكيف وتحركت نحو السرير لتلتقط ريموت التكييف ثم وقفت متسمرة لثوان تحدق في الشاشة أمامها بمفاجأة وهي ترى صورة زوجها السابق سيد صبرة في لقاء تلفزيوني.

لم تعرف إن كان التوقيت قدري أم مجرد صدفة ..لكنها لا إراديا اسرعت بفتح الصوت .. وكل ما سيطر عليها لحظتها أن تختبر مشاعرها .. أن ترى ما هو شعورها تجاهه الآن بعد هذه السنوات وبعد أن وجدت الحب وتزوجت .. أرادت أن تعرف كيف هو الشعور نحو شخص كانت تشاركه أيامه وسريره ..

قالت المذيعة لسيد بدلال" أنت معروف في الوسط الفني بأن لديك صوت رائع ..لماذا لم تسع لأن تكون مطربا ؟"

ابتسم سيد وقال وهو يجلس بكل ثقة في المقعد الوثير وذراعاه مستقرين على يدي المقعد" بعيدا عن أني لست مستسيغا لفكرة أن أقف أمام الجمهور لأغني .. فأنا أرى أن مواصفات المطرب لابد أن يكون وسيما وساحرا وليس بهيئة مخيفة مثل هيئتي .. (وابتسم مضيفا بتفكه ) أنا شخصيا إن رأيت مطربا على خشبة المسرح في مثل ضخامتي سأخاف أن يَقبض عليّ "

ضحك الجمهور وشاركتهم المذيعة ثم قالت" لكنك تجمع بين الوسامة والجاذبية والجسد الرياضي"

وضع سيد يده على صدره وهز رأسه يرد بحرج" جبر الله بخاطرك "

اعتدلت المذيعة في جلستها الأنيقة وقالت ببعض الدلع " سمعت أن زوجتك ( ونظرت للشاشة ) وهي بالمناسبة زميلة لنا في التقديم الإذاعي ..(وعادت لسيد ) سمعت بأنها تغار عليك من المعجبات هل هذا يضايقك؟"

رد سيد يهز كتفيه " من الطبيعي أن تغار على زوجها "

أصرت المذيعة على أن تخرج بتصريح معين منه فقالت "لكني سمعت بأنها عصبية في هذا الشأن مع معجباتك "

لاحت ابتسامة ونظرة عاشقة على وجه سيد وهو يرد " زوجتي تحاول جاهدة أن تتأقلم مع هذا الأمر ( وغامت عيناه بتأثر واضح مضيفا ) وأرى بأنها تبلي بلاء حسنا في ترويض نفسها .. دوما أنا فخور بها وبسعيها الدائم لأن تكون على قدر الثقة"

انفتح باب الغرفة .. لكن بسمة احتاجت لبضع ثوان حتى تنتبه .. فكل تركيزها كان منصبا على اختبار مشاعرها.. وحينما ادارت وجهها ..بإدراك متأخر .. ورأت ملامح كامل أدركت المصيبة التي أوقعت فيها نفسها .. فشحب وجهها وتجمدت وهي تراقب ملامح كامل التي لا تعرف من أي جحيم جاءت.

وقف كامل يحدق في وجهها وفي وجه ذلك الشخص الذي يزوره في كوابيسه .. وساد صمت قاتل لا يقطعه إلا صوت ضربات القلوب العالية المتوترة وصوت رخيم يأتي عبر الشاشة ..

صوت تحول فجأة لضحكة عالية مستمتعة تخرج من الشاشة لتزيد من استعار الجحيم الذي انفجر في وجه كامل ..

ضحكة مجلجلة كانت كموسيقى تصويرية لمشهد شديد الحزن .. شديد الألم .. ولمحة سريعة تمر أمام عينيه المحدقتين في وجه بسمة المشلولة لا تجد ما تبرر به .. لمحة خاطفة .. رأى فيها قلبه المنحوس كأشلاء دامية على الأرض وصوت ضحكة ..غريمه ..في الخلفية .

فأهلا بالجنون لربما يخفف عنه ذلك الشعور المميت الذي يشعر به لحظتها .

استعادت بسمة صوتها بصعوبة وهي تراه يقترب منها ببطء فقالت بحشرجة وقد أدركت بأنه يتذكر شكل زوجها السابق " أنااااااا..."

"هل اشتقت إليه؟!"

قالها بلهجة خطرة فجحظت عينا بسمة وقبل أن ترد عليه أطلقت صرخة مفزوعة حينما تحرك كامل وشد سلك الكهرباء الخاص بالشاشة فأصدرت طرقعة قوية .. لتنظر لبقية السلك الذي لا يزال موصلا بمصدر الكهرباء في الحائط وشعرت بالخوف على كامل من أن يقترب منه فقالت بسرعة في ذهول" كامل ما الذي تقوله؟!!"

حمل كامل الشاشة المعلقة على الحائط وضربها في الأرض وهو يهدر بعروق منتفخة "أقول هل اشتقت إليه فتتلمسين رؤيته على الشاشة؟"

صرخت بسمة وهي ترى الشاشة انكسرت وارتعبت من هيئة كامل فقالت وصدرها يعلو ويهبط وانفاسها تتسارع "كامل ..ما تقوله هذا خطير اعطني فرصة"

هجم عليها يمسك بذراعها بقوة آلمتها وهو يهدر في وجهها حتى كاد أن يصم أذنيها بصوته "فرصة لماذا؟.. لتصفين لي كيف تشتاقين إليه .. لتصفي لي مدى عشقك له؟!!"

اتسعت عيناها وصرخت بصوت مبحوح بمزيج من الغضب والخوف "كامل أنا لا اسمح لك"

كان ما يشعر به من ألم في كرامته وإحباط وغيرة كفيلا بأن يقتلها عقابا لها على ما يمر به لحظتها من عذاب .. وكان مدركا بأنه في حالة غير مسبوقة من الانفعال فحاول بقوة الالتجاء لعقله ليتدخل وهو يرفع قبضتيه أمامه ويهزهما ويجز على أسنانه بقوة ليحجم مشاعره المؤذية المحرضة على الإيذاء وهو يقول "مم أنت مصنوعة ؟.. أخبريني ..من الحجر ؟.. من الغباء؟ .. (وفرك رأسه بأصابعه بقوة وهو يقول بصوت معذب وصدر لاهث ) لقد ... لقد .. بالله عليك لقد كنتِ بين ذراعيّ قبل ربع ساعة!!!.. كيف؟!! .. كيف..."

تقطعت الكلمات فوق لسانه بسياط الألم بينما هتفت بسمة بغضب شاعرة بالإهانة" كامل!!!"

طرقات قوية على الباب مصحوبة بصوت شامل الذي قاده حدسه لغرفة أخيه قبل أن يسمع صوته العالي "افتح يا كامل .. بسمة أنا سأدخل يا بسمة "

كان الاثنان بالداخل يحدقان في بعضهما بترقب وكلاهما يرزح تحت أفكار ومشاعر تهدد بإحداث كارثة في الوقت الذي فتح فيه شامل الباب مواربا قبل أن يستدير كامل نحوه بتحفز وكأنه قد عثر على خصم يليق به لينفس فيه غضبه فصرخ بعنف وهو يقترب من الباب بسرعة "اخرج من هنا "

قال شامل بهدوء مدركا لخطورة حالة أخيه الغريبة" تعال معي "

كان جنون الغضب يبرق في عيني كامل كومضات كهربية متقطعة وهو يدفعه بقوة" قلت أخرج من هنا وإلا سأقتلك بدلا منها .. "

فقد شامل توازنه لثوان وارتطم بالباب كمن نطحه ثور بينما استدار كامل لبسمة يقول وقد فقد كل ذرة سيطرة على ذاته الجريحة" ألا يكفي بأني تزوجتك رغم كل شيء ..ألا يعني لك هذا شيئا ؟! "

ضغط على العقدة .. عُقدتها .. دهسها تحت قدميه بما قال كما دهس قلبها ..فصاحت بانفعال " آسفة كامل بك لأنك اضطررت للتورط معي ..آسفة لك بشدة ..وسأصحح هذا الخطأ حالا "

هدر شامل فيها بقوة " اسكتي يا بسمة .. (ثم سحب أخيه من ذراعه يقول ) وأنت تعال معي"

دفعه كامل مجددا وهو يصيح" قلت ابتعد واخرج من هنا (وضرب على صدره عدة مرات بقوة يصيح بجنون ) إنها زوجتي أنا .. لا أحد يتدخل بيني وبينها"

كانت ونس تقف بالخارج ترتجف بشدة ونازعتها الفكرة وعكسها .. فهي ترغب في الاندفاع للدفاع عن شامل وفي نفس الوقت عقلها يحذرها من التدخل .. في نفس الوقت وصلت سوسو مقطوعة الانفاس وبمجرد أن شاهدت الموقف على باب الغرفة سحبت ونس بسرعة وقالت "تعالي بعيدا فهما كثورين في شجارهما ..استر يا رب .. (وأضافت وهي تدخل بها غرفة الألعاب ) يا رب لم أعد احتمل تعب الاعصاب هذا "

تجمدت بسمة مكانها وقد نالت منها كلمات كامل ما نالت.. فانهمرت دموعها في الوقت الذي كان شامل يحاول السيطرة على ذلك الثور الهائج المنفلت الأعصاب الذي يقاومه ويرفض التحرك معه فانفعل هو الأخر يشعر بالخوف على توأمه وهدر فيه" قلت تعال معي وكف عن المقاومة"

قالها بعصبية شديدة وهو يطوق رقبته بذراعه كمن يلجم وحش ثائر ويقوده مطأطئ الرأس إلى خارج الغرفة .

بمجرد أن وصلا لصالة الجناح استطاع كامل التخلص منه بدفعه بقوة وهو يزمجر فارتطم شامل بالحائط وانطلقت صرخة من فم ونس التي كانت تقف على باب غرفة الألعاب.. فأسرعت سوسو بسحبها وهي تبكي بينما ونس تقاومها .

من وسط لهاث كامل وصدره الذي يعلو ويهبط وهو ينظر لتوأمه بتحفز ليستعد للهجوم التقطت أذنه نحيب أمه وبكاء ونس .. فتحركت عيناه بنظرة خاطفة لكلتيهما قبل أن يتحرك شامل ويدفعه نحو السلم في الوقت الذي كان غنيم قد وصل آتيا من جهة المصعد فهدر في كليهما" أخرجا إلى الشارع وأكملا شجاركما (وأشار بعصاه بحزم ) هيا خذ هذا الثور خارج بيتي يا شامل "

استجاب كامل هذه المرة لدفعة أخيه على درجات السلم وأخذ يناظره شذرا كلما دفعه حتى نزل الطابق الأرضي فقال شامل وهو يطوق رقبته بذراعه" هيا لنخرج ونتحدث كالعقلاء "

ابعد كامل ذراع توأمه عن رقبته وهو يصيح بقنوط ممسكا بصدر التيشيرت وكأنه سيمزقه " اتركني يا شامل بالله عليك أريد أن أموت الآن "

فعاد الأخير ليطوق عنقه بذراعه وسحبه لخارج الفيلا.

في الدور العلوي تحرك غنيم نحو غرفة كامل يقول لبسمة "ماذا حدث؟"

انهارت في البكاء وقالت من بين شهقاتها" أرجوكم أتركوني وحدي أستحلفكم بالله.. أرجوكم"

صمت غنيم يتطلع في الشاشة المحطمة ثم أمسك بالباب يغلقه بهدوء والحزن يعتصر قلبه وتحرك نحو غرفة الألعاب التي يأتي منها بكاء بصوت عال كان هو بكاء ونس التي هيمنت هرمونات الحمل عليها فوجدها على الأريكة تبكي وبجوارها سوسو تشاركها البكاء في صمت فقال لزوجته موبخا ومحاولا للتخفيف عنها" هل جديد عليك! .. بُلينا بثورين حينما يثور أحدهما ينطحه الأخر ليهدأ !"

غطت سوسو عينيها بكفها بنشيج متقطع فأشفق غنيم عليها وقال مطمئنا بعد أن تقدم وجلس بين الاثنتين ثم فرد ذراعه عليهما "إن شاء الله شامل سيهدئه .. دوما ما يستطيعا تهدئة بعضهما .. أتذكرين يا سوسو كيف كانا يربتان على بعضهما في صغرهما حينما يبكي أحدهما ؟"

قالها وقلبه يأكله على كامل فحاولت سوسو التماسك بينما اجهشت ونس بمزيد من البكاء.. فسحب غنيم رأسها لتنام على صدره وهو يقول" اهدئي يا ونس إنهما بخير"

في الغرفة كانت بسمة غير قادرة على التوقف عن البكاء فما قاله كامل كان جارحا بشدة .. فادركت بأن لحظة النهاية قد حانت .. نهاية قصتها مع كامل .. وعلى القطار أن يتوقف في هذه المحطة..

لكن ..

أتملك الشجاعة لأن تفعلها مرة أخرى؟!

كان الألم في قلبها عظيما لكن جرح كرامتها كان أعظم فقالت لنفسها وهي تمسح دموعها "كوني قوية يا بسمة .. لقد وعدت نفسك بألا تسمحي لشيء أن يهزمك .. لا شيء سيكسر ظهرك أو سيحني هامتك .. حتى لو كان الثمن تفتت قلبك إلى أشلاء "

اندفعت ناحية الخزانة وأسرعت بوضع بعض الملابس في الحقيبة الصغيرة بشكل عشوائي مقررة الرحيل فورا .

بعد قليل فتحت باب غرفتها وخرجت بالحقيبة الصغيرة وقد ارتدت بنطالا من الجينز وحذاء رياضيا .. فوقهما قميصا طويلا بينما شعرها مشدود إلى الخلف بقوة في كعكة أسفل رأسها .. وتحركت نحو السلم ..

ناداها غنيم قائلا بلهجة صارمة" إلى أين؟"

ارتعشت وتملكتها الرهبة منه فصمتت لثوان قبل أن تدير إليه وجهها المتورم من البكاء وترفع أنظارها الزرقاء من بين جفونها المنتفخة تقول بتصميم من وقفتها في منتصف السلم وهي تجز على أسنانها "سأغادر .. لابد أن أغادر الآن وفورا"

صمت غنيم قليلا ثم قال من وقفته في الدور العلوي " هكذا دون استئذان زوجك"

هتفت بحدة" ليس زوجي .. لن يبق زوجي"

صمت غنيم وأرخى أهدابه لثوان ثم أعاد صياغة كلامه "بدون اخبار من تعيشين معهم؟"

شعرت بالحرج وازداد الألم في قلبها فانفجرت في البكاء تقول "أرجوك أنا أعرف بأنك غاضب مني الآن لكني أريد أن أغادر فورا من هنا ...فورا"

تحركت توليه ظهرها فقال بلهجة صارمة "انتظري "

وقفت بسمة دون أن تستدير إليه ومسحت دموعها تطلب من نفسها أن تتماسك بينما رفع غنيم الهاتف وقال "عكاشة حضر السيارة الصغيرة ..ستوصل بسمة هانم للقرية حالا"

تغضنت ملامح بسمة شاعرة بمزيد من الألم في قلبها وادارت وجهها إليه ترفع أنظارها لأعلى بامتنان من خلف دموعها المصرة على الانهمار .. لكن ملامح غنيم كانت صلبة أمامها فأسرعت بالهرولة على السلم مبتعدة تشعر بالحزن لأنها اغضبته منها .

أما غنيم فتغضنت ملامحه تأثرا برحيلها لتقترب منه سوسو وتقول" كيف سمحت لها بالذهاب وحدها يا غنيم؟"

رد عليها باستنكار" وهل سنحبس بنات الناس عندنا ؟!"

غمغمت سوسو "اقصد كامل"

هتف بحزم " لقد تشاجرا وهي قررت السفر لأهلها .. فلن نحبسها عندنا .. عليهما أن يهدآ بعيدا عن بعضهما "

من خلفهما عادت ونس للنحيب تشعر بالحزن لما آلت إليه الأمور فاستدار غنيم وسوسو إليها قبل أن يشير لها والد زوجها لتقترب .. ثم أخذها تحت جناحه يقول" لا تنزعجي إنه مجرد خلاف بسيط وسيحل سريعا"

××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-07-20, 10:56 PM   #1810

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

(2)


بعد ساعة
"كيف سمحت لها يا أبي ؟؟.. كيف سمحت لها بالخروج دون إذني"
قالها كامل صارخا فصاح غنيم وهو يشير بعصاه نحوه "صوتك لا يعلو أمامي هذا أولا .. أما ثانيا فهي أرادت الذهاب لأهلها وهذا من حقها ..لن نمنعها عنهم .. ومن الأفضل أن يهدأ كل منكما بعيدا عن الأخر"
استدار كامل بعنف يصعد لأعلى .. فنظر غنيم لشامل الذي يضم ونس إلى صدره في الوقت الذي تذكر الأخير حواره مع توأمه منذ قليل.. وكيف أنه وبخه لثورته وكلامه الجارح لها دون أن يفهم أو يتعقل ..رغم أنه يعترف بداخله أن الموقف صعب على توأمه وجارح لكرامته ومشاعره .. لكنه لم يرغب في أن يعطيه الفرصة للتمادي في هياجه حتى يجنح للمنطق والعقل قليلا .. ليأتي سفر بسمة ليحير شامل في تحديد ما هو الأفضل لكليهما .
تأكد أن حدسه في محله حينما نزل كامل بسرعة بعد أن بدل ملابسه وتحرك نحو الخارج فسأله والده" إلى أين؟"
استدار كامل إليه يقول بتصميم وتحدي وبعينين تطلقان قذائفا من الشرر "ذاهب لإعادة زوجتي"
قالها واندفع خارجا فناظر غنيم شامل يأخذ رأيه بينما قالت سوسو بقلق "شامل اذهب خلفه ..أخشى أن يوقع نفسه في مشكلة "
أطرق الأخير قليلا يفكر ويوازن الأمر في رأسه ويحلل رد فعل توأمه منذ قليل وأفكاره واعتمد على ذلك الحدس العالي بينهما ثم قال بهدوء وهو يرفع أنظاره لوالديه" بسمة ستكون بين أهلها وعليه أن يتحكم في نفسه حتى يكسبها .. فكامل يطلق العنان لنفسه حينما يعلم بأني موجود سأتدخل إن خرج هو عن السيطرة .. لكن طالما يشعر بأني بعيد فذلك يجبره على السيطرة على نفسه حتى لا يقع بالمشاكل .."
سأله غنيم بقلق "ماذا لو أذاها؟"
تذكر شامل خطة توأمه الأساسية في أن يبيتا في بيت الجد صالح وبالرغم من قلقه طمأن والده "كامل لن يفعلها أنا متأكد"
قالها وهو يدعو في سره بأن يكون حدسه صحيحا ككل مرة وأن يسيطر كامل على نفسه كما يفعل دائما حينما لا يكون هو في المحيط
××××

وقفت صباح ذاهلة وهي تتطلع في العِجل الذي يقف أمام الباب بينما قال يحيى في الهاتف" ما هذا يا جابر؟ .. ( وصمت قليلا ثم رد بحرج) عشت .. وتمم الله لك على خير .. حسنا لا بأس ..السلام عليكم"
أغلق الخط وغمغم لصباح يقول" هديته للعروس في ليلة الحناء "
همست صباح بانزعاج "وأين سنطبخ هذا العجل يا يحيى ومن سيقوم بذلك ؟"
رد عليها هامسا" لا تقلقي يقول بأنه سيرسل طباخا بعد قليل ليطبخ لحفل المساء "
اشتعلت الغيرة في صدرها فهتفت بصوت عال باستنكار "يطبخ أين؟... في مطبخنا الذي مساحته شبرا ونصف !!"
امتقع وجه يحيى وناظرها بعبوس يقول وهو يتحاشى النظر للرجل الواقف ممسكا بالعِجل على بعد خطوات "اخفضي صوتك يا امرأة ..سأفتح لهم غرفة الكُتّاب القديمة ليطبخوا فيها "
قالت بشفتين معووجتين" الغرفة لا تكبر عن مطبخنا كثيرا"
رد عليها بعبوس "لا تشغلي بالك أنت فالطباخ سيتصرف( ثم استدار للرجل الذي يمسك بالعجل بينما تجمع بعض الجيران وخاصة الأطفال لمشاهدة ما يحدث بفضول وقال) لا أعرف أين ستذبحه (والتفت حوله ثم قال ) لا مفر من أن يذبح هنا في الشارع أمام البيت حتى ننتهي منه باكرا ثم ننظف مكانه استعدادا لحفل الليلة (وسأله) أنت لست من قريتنا أليس كذلك؟"
رد الرجل يخبره بأنه من القرية المجاورة قرية الحاجة نجف وبأن جابر زبون دائم عند محل جزارتهم ليقول يحيى مرحبا "بارك الله لكم"
سأل الرجل" أين العروس؟"
عقد يحيى حاجبيه وسأله" لماذا؟"
قال الرجل مبتسما "المعلم جابر أوصاني أن يذبح العِجل أمامها "
بدأت أعراض الذبحة الصدرية على صباح التي لوت عنقها وفمها تغمغم بصوت خافت" لقد جن جابر وذهب عقله بالتأكيد"
في الوقت الذي رفع يحيى حاجبيه لثوان ثم ابتسم وهو ينادي عبر بوابة البيت خلفه" يا وفاء .. نادي على أم هاشم"
بعد دقائق خرجت أم هاشم على البوابة فقال يحيى للرجل "ها قد جاءت العروس "
لأول وهلة تفاجأ الرجل بسمارها وقد ظهر ذلك على ملامحه قبل أن يتدارك الأمر بسرعة لكن أم هاشم الخبيرة بنظرات العيون كانت قد التقطت نظرته وتجاهلتها بتعمد وهي تنظر لعمها الذي قال مشيرا على العجل" هدية جابر لك يا عروس واشترط أن يذبح أمامك "
تطلعت في عيون الجيران التي تراقب بانبهار وكالعادة حصنت نفسها من (الموت من السعادة) بذلك الاعتقاد الذي لا يزال عقلها يتمسك به أنه يفعل ذلك متماديا في خطته فقالت وهي تعدل من حجابها بتلك الحركة المتباهية" أجل أنا العروس يا أخي تفضل .."
غمغم الرجل بتوجس "سأذبح لكن بدون تقيؤات واغماءات نسائية "
ابتسمت متخصرة فظهرت أسنانها اللؤلؤية وهي ترد بلهجة متحدية" هل تحب أن أذبحه أنا"
اتسعت عينا الرجل ثم ضحك قائلا" صدق ما قاله المعلم جابر "
سألته وقلبها يعزف معزوفة حب عذبة "وماذا قال المعلم جابر ؟"
رد الرجل وهو يجهز عدته "قلت له هل أنت متأكد أن أذبحه أمام العروس .. فبالتأكيد لا تريد انهيارات عصبية تعرف بنات اليوم .. قال لي بثقة أن العروس ستذبحه معك "
رفعت أم هاشم ذقنها بكبرياء في وقفتها المتخصرة ولمعت عيناها بدموع السعادة .. وقد أطربها ما سمعت فهذا الكلام عنها وهذه الثقة كانت أكثر تأثيرا عليها من ذبح عِجل تحت قدميها .

بعد قليل دخلت أم هاشم من بوابة البيت بعد أن شاهدت ذبح العجل لتستعد ليوم حنتها فجاءها من يناديها من عند البوابة فاستدارت تقول بنزق "من الذي يريد العروس مجددا ..ارحموني"
حين التفتت وجدت اسراء تقف في ساحة البيت مبتسمة فتفاجأت وقالت وهي تعود إليها مرحبة" أهلا يا إسراء ما هذا النور "
ردت اسراء بابتسامة هادئة وهي تقبل وجنتيها "حبيبتي يا أم هاشم جئت لأبارك لك وأتمنى لك كل السعادة التي تستحقينها "
لمعت الدموع في عيني الأخيرة وقالت بلهجة مستنكرة" لا تقولي بأنك لن تحضري في المساء "
قالت اسراء بلهجة معتذرة" سامحيني فكما تعلمين أمي لا ترغب في الخروج من البيت .. صحيح تركت غرفتها وبدأت تمارس طقوسها اليومية لكنها ترفض الخروج أو مقابلة أحد حتى الآن وأنا ( وبلعت غصة مرة في حلقها وقالت بابتسامة لم تمس قلبها ) أنا لا أرغب أيضا في الاختلاط ..سامحيني بالله عليك ..الله يعلم بمحبتك في قلوبنا وسأزورك إن شاء الله في بيتك"
قالت أم هاشم بلهجة متفهمة وهي تربت على ذراعها" لا بأس يا اسراء أسأل الله أن يعوضك خيرا منه "
وقفت سيارة أمام البيت وترجل منها عدد من الفتيات السمراوات بابتسامات ساحرة وعيون لامعة قبل أن يساعدن امرأة بدينة على النزول ترتدي زيا مميزا فقالت أم هاشم مازحة" ها قد جاءت مُعذبتي"
ضحكت الأخيرة بابتسامة حلوة وقالت ترد لها المزاح" وها هي العروس ذات اللسان الطويل ..مسكين هذا العريس اشفق عليه من الآن (وقالت لمساعداتها ) لا تنسوا أي شيء في السيارة يا بنات "
ضحكت أم هاشم بينما ابتسمت اسراء وربتت على ذراعها تقول" سأتركك أنا مع ضيوفك "
قالتها وهي تغادر فراقبت أم هاشم مشيتها الوقورة الحزينة وآلمها قلبها لتهمس في سرها " جبر الله بخاطرك يا بنت نصرة ورزقك من أوسع الأبواب "
×××××
بعد العصر
هذه المرة أصعب .. أصعب بكثير من المرة الماضية .. ولهذا كانت لا تريد الاقتراب .. التورط .. التمني .
إن القلب حينما يدخل في المعادلة يكون حل المسألة مؤلم والنتيجة كاسر أو مكسور جبرا أو اختيارا.
فتحت بسمة بوابة بيت الجد صالح فأصدرت أنينا يماثل ما تشعر به لحظتها ..
كان الشارع هادئا والجو حارا كحرارة القلب المريض الذي يتأوه طوال الطريق .
سألها السائق بأدب إن كانت تريد شيئا فأشارت له برأسها نافية وتحركت لتدخل البوابة .
إن المشروع مغلق لفترة لانشغال أم هاشم وانقطاع نصرة عن العمل .. ولم تستقر بسمة بعد على من سيديره في حالة أن رفض جابر أن تعمل أم هاشم فهذا الامر لم تناقشه فيه الأخيرة بعد.
فتحت بسمة الباب الداخلي للبيت ودخلت وهي تغمغم لنفسها "ستعودين لإدارة المشروع بنفسك مرة أخرى يا بسمة"
تطلعت في البيت حولها الذي يستقبلها بخيباتها وتذكرت بأن كامل قد حاول الاتصال بها في الطريق لكنها لم ترد فاتصل بالسائق ..وما فهمته من المكالمة أنه سأله أين هو بالضبط ثم أمره أن يكمل طريقه .. فخمنت بأنه سيأتي خلفها لهذا قررت أن تحضر إلى هنا وليس بيت أهلها فلا تريد أي جنون من كامل قد يفضحهما .. تريد أن تتكلم معه عن انفصال هادئ بدون مشاكل .. وستذكره باتفاقهما .
صعدت درجات السلم وكلمة ( الانفصال) كنصل سكين حاد فوق رقبتها ..لكنها قاومت بشدة ذلك الشعور المؤلم بالفقد المبكر قبل أن يحدث .. عليها أن تكون قوية حتى لو انكسر قلبها وتفتت إلى أشلاء .. وغمغمت لنفسها بمجرد أن صعدت للدور الثاني" ألم تكن هذه خطتك يا بسمة؟ .. ألم يكن هذا ما أردته ..أن يتم الانفصال لتعودي مطلقة للمرة الثانية وتنتقمي من الجميع !"
وقفت حائرة أمام أبواب الغرف المغلقة وهي تسأل نفسها باستنكار "أي خطة ساذجة هذه التي وضعتها !.. أي جنون هذا !.. لقد اخترت الحب يا بسمة .. أنت لم تضعي أية خطط سوى أنك أردت أن تخرجي من القرية وأن تبقي بجانبه قليلا .. أتنكرين على أم هاشم ما فعلته وقد فعلت مثلها !"
عادت بنفس النظرة الحائرة تنظر للغرف أمامها ..أيهما تختار؟.. غرفته القديمة أم غرفة أخرى؟ .. وترددت خطواتها قليلا قبل أن تسوقها قدماها رغما عنها نحو تلك الغرفة التي كان يسكنها يوما .
لوهلة بعد قُبلة اليوم تخيلت نفسها هنا معه في هذه الغرفة لكنها لم تتخيل أبدا أن ينقلب الأمر خلال دقائق بهذا الشكل .
رن هاتفها فوجدتها مليكة التي كانت تلح في الاتصال طوال الطريق فبالتأكيد تريد أن تعرف لماذا تأخرت ولم تأت من أول اليوم فرفعت الهاتف لأذنها وردت بحشرجة وهي تفتح باب الغرفة وتدخل" نعم مليكة "
صاحت الثانية بتوبيخ" أين أنت يا ست الهانم (وأضافت بتهكم تقلدها ) من أول النهار سأكون عندك يا مليكة .. نحن العصر يا ست بسمة "
انفجرت بسمة في البكاء وكأن كل ما ذرفته من دموع أثناء الطريق لم يكن كافيا فقالت مليكة بهلع "بسمة ماذا حدث ؟؟"
غمغمت الأخرى من بين دموعها" انتهى كل شيء يا مليكة وأنا لن أعود للعاصمة "
التاع قلب مليكة وقالت بلهفة" ما بك يا بسمة ماذا حدث؟"
استدارت أم هاشم من وقفتها في غرفتها ومعها الحنانة ترسم لها يدها بالحناء وتطلعت في مليكة التي ارتبكت وقالت لأم هاشم مفسرة حتى لا تزعجها بالخبر " السيارة تعطلت بها لهذا تأخرت .. سأخرج لأتحدث بالخارج لان الشبكة ضعيفة "
تحركت مليكة في البيت الضيق الممتلئ بالسيدات واسرعت للخروج لساحته وهي تنادي على بسمة التي تبكي بحرقة على الهاتف" يا بسمة أخبريني ماذا حدث؟ وأين أنت؟"
ردت الأخيرة " أنا وصلت إلى بيت الجد صالح"
سألتها بقلق "ماذا حدث"
من بين دموعها أجابت بسمة " كامل رآني أشاهد سيد على التلفاز .. كانت صدفة وكنت أريد أن أختبر مشاعري .. فالأمر كان غريبا عليّ ..كيف أن أكون مقترنة بشخص وتركته ثم أشعر بذلك الشعور الذي شعرته به لحظتها وأنا أشاهده .. شعور بالغربة .. شعور كمن كنت أرافقه يوما في رحلة قطار وافترقنا فصرنا غريبين هذا ما تأكدت منه.. لكن دخول كامل كان هستيريا .. غضب بشدة (و عادت للنحيب لبضع ثوان ثم قالت) أخذ يكسر ويحطم ويسألني أن كنت اشتقت له "
سألتها مليكة مصعوقة " اشتقت لمن؟!!"
"لسيد"
هتفت بغير استيعاب "يا الهي !"
أضافت الأخرى من بين دموعها " وقال كلاما جارحا بما يعني( ألا يكفي بأني ارتضيت بك) .. (وشهقت باكية ) قلبي انكسر يا مليكة وأنا أرى الاحتقار في عينيه .. كنت أظنني أؤثر فيه ولو قليلا لكني كنت عبئا عليه .. زواجه مني كان شهامة "
قالت مليكة مهدئة " اهدئي يا بسمة .. لو كان الأمر كما تقولين لماذا ثار بهذا الشكل ربما ...."
صرخت بسمة فجأة تقاطعها " لا لا .. أرجوك كفاني افتراضات وتخمينات .. كفاني تمني .. التمني مؤلم يا مليكة مؤلم بشدة .. أنت لم تري نظرة الاحتقار في عينيه .. لم تريها .."
سألتها مليكة "وكيف حضرت؟ "
في نفس الوقت دخل فيه كامل الشارع بسيارته الضخمة بعد أن أكد له السائق بأنه قد أوصلها لبيت الجد صالح فشعر بالراحة لأنهما سيكونان وحدهما .
لقد فكر طوال الطريق الذي كان يطير على اسفلته دون أن يدري بسرعته .. فكر وبعض منه يريد أن يصدق ما قاله له شامل بأنه لم يسمع منها بعد فربما إن سمع تفسيرها وجد ما يقنعه .
ضرب على المقود يشعر بأنه على وشك الجنون .. أي كلام مقنع سيدخل عقله بعد الذي رآه ..صورتها وهي أمام الشاشة تحدق بتدقيق لا تريد أن تنمحي من مخيلته .. تقتله .. تكويه بنار الغيرة القاتلة .. لقد فتحت أبواب الجحيم عليه وهو يتعذب ولا يعرف كيف يتصرف ..
هل يطلقها ؟.
تغضنت ملامحه بشدة والخاطرة تمر بعقله بل بكيانه كله كسم زعاف يميته بالبطيء ..
بمجرد أن اقترب من البيت وجد شاحنة كبيرة تحمل الرمل آتية من بعيد .. فزفر بعصبية وعاد بالسيارة للخلف ليفسح لها الطريق وانعطف يمينا ليصف السيارة في الشارع الجانبي بجوار بيت الجد صالح بدون صبر لأن ينتظر مرور الشاحنة .. ثم ترجل يسرع نحو البيت يبحث عن نسخة المفتاح التي لديه بين مفاتيحه وهو لا يعرف ما الذي سيقوله أو يفعله معها بالضبط .
في الدور العلوي قالت بسمة باكية" أنا تعبت من هذه المتاهة التي أدور فيها منذ أن التقيته .. تعبت من التقاط الإشارات والخوف من التفسيرات والجبن من اتخاذ الخطوات .. كلامه اليوم كان صريحا وواضحا وأنا وعدت نفسي أني لن أقبل بالإهانة أبدا ..أبدا يا مليكة حتى لو كان قلبي هو الضحية"
انفتح باب الغرفة فجأة فاتسعت عيني بسمة من هيئته المخيفة والغضب الذي يطل من عينيه ..وبرغم من توقعها لقدومه لكنها أحست الآن بالخوف من مواجهته وحدها .. فحاولت شحذ همتها فمسحت دموعها ورفعت ذقنها تقول بكبرياء زائف" ماذا تريد ؟لماذا أتيت ؟"
شعرت مليكة بالتوتر وسألتها" هل أتى خلفك؟"
ضرب كامل الباب في الحائط بقوة فأحدث صوتا قويا أتبعه هدير صوته الغاضب" لماذا لا تردي على الهاتف ها؟ .. وكيف تجرؤين على الخروج بدون إذني؟.. ماذا تحسبين نفسك ؟"
كان يلقي بالكلمات الغاضبة من فمه وهو يقترب بخطوات متحفزة وازدادت انفعالاته حينما انتبه من وسط موجات الغضب لوجهها المتورم من البكاء ..
بأي حق تبكي! .. وبأي عين تزيد من عذابه ببكائها !.
رغم محاولتها تصنع الشجاعة لمواجهته تحركت لا إراديا للخلف وهي تقبض يدها الحرة بقوة فتقدم منها وهو يقول بنظرات خطرة" ومع من تتحدثين وتتجاهلين مكالماتي؟"
قالها وهو يخطف الهاتف من يدها بحركة عنيفة فصرخت بسمة باعتراض "أعطني هاتفي يا كامل"
نظر الأخير في اسم مليكة على الشاشة ثم ألقى بالهاتف فوق السرير وانقطع الخط فهتفت بسمة باستنكار " لماذا تعاملني بهذه الطريقة وأي ذنب اقترفت أنا لكل هذا ؟"
هدر وقد استفزه السؤال " ألا تعرفين؟!! .. تقفين أمام الشاشة تتابعين زوجك السابق ثم ..."
"طلقني يا كامل"
قالتها صارخة في وجهه فضربت العبارة في صدره كالقذيفة وردت لصدرها بنفس القوة الموجعة ..ليسود بينهما صمت كالموت وهو يحدق فيها بمقلتين مرتعشتين بالغضب وعدم الاستيعاب لتضيف بسمة بعد وهلة وبصوت مبحوح رغم ذقنها المرفوع بكبرياء "طلقني .. ( وصرخت في وجهه ) يكفي إهانة وطلقني "
قلبه كان يؤلمه بشدة والخاطرة في حد ذاتها مرعبه فلاح الاستنكار الشديد على وجهه وهو يهتف بذهول" بهذه البساطة !"
هتفت باستنكار مماثل " ولماذا التعقيد عقدنا اتفاقا وحان وقت الغائه !"
كان لا يزال مصدوما فكرر كلامه بنفس الذهول " بهذه البساطة ؟"
قالت بقلب موجوع بشدة وهي تقاوم البكاء "بل قل بخيبة أمل ..بحسرة .. ( ثم عادت لتتماسك وهي تضيف بلهجة عاتبة ) أعلم بأن الذي يربطنا هو مجرد اتفاق .. لكن بالله عليك كيف تشك في امرأة منحتها اسمك؟! .. عموما أنا أدرك بأنك قد تورطت معي واضطررت لأن تتزوج مني لتنقذ زيجة اخيك وتحافظ على صداقتك مع مفرح .. وأعتقد أن الوقت مناسب للانفصال الآن دون أن تؤذي أحدا .. لقد فعلت ما عليك وأكثر وعلى شامل ومفرح أن يشعرا بالامتنان .. ليس فقط لما فعلته من أجلهما ولكن لتنازلك وارتباطك بامرأة لا تثق بها "
هتف بغيظ يدافع عن نفسه "أنا لم أقل بأني لا أثق بك "
صرخت بكرامة مجروحة " والكلام الجارح الذي قلته صباح اليوم؟!! .. (تشتاقين إليه) ..(مم أنت مصنوعة ) أنت اهنتني يا كامل "
أمسك بذراعيها يهزها وهو يقول بانفعال مقاوما رغبة قوية في استخدام العنف للتنفيس عن غضبه " وأنتِ .. ألم تهينيني حين وقفت أمام صورة زوجك السابق تحدقين فيها .. "
أفلتت ذراعيها من يديه تهتف بعصبية مدافعة عن نفسها " أحببت أن أراه وأحدد مشاعري تجاهه بعد هذه السنوات .. أحببت أن أعرف ما هو شعوري تجاهه والأمر ليس له علاقة بالحب والغرام والشوق .. والحمد لله أنه لم يكن كذلك وإلا لكان ألم الفشل والفراق أصعب .. والحمد لله أني وجدتني قد تخطيت التجربة .. أنا رأيته على التلفاز بالصدفة وأردت أن اختبر نفسي هذا كل ما في الأمر أنت من أخطأت التفسير"
أراد أن يصدق ..أراد أن يتشبث بالأمل .. فالشعور صعب .. ليسرع بالقول مدافعا عن نفسه هو الأخر " أي شخص مكاني كان سيفعل ذلك سيخطئ الفهم والتفسير "
هتفت بصوت خذلها حين خرج باكيا " ومع هذا ليس لك الحق في اهانتي والشك بسلوكي يا كامل "
شعر بضغط شديد على أعصابه والأفكار والمشاعر تحاصره بقوة فأمسك بذراعيها مجددا يقول بعصبية " أنا لا أشك في سلوكك يا غبية .. ألا تفهمين.. ألا تفهمين !"
رفعت إليه عينيها تقذفه بأمواج زرقاء غاضبة وهي تقول "وهل هناك تفسير غير هذا!! .. أنا حللت وراجعت كل شيء في طريقي إلى هنا ولا أجد تفسيرا غير هذا ..فتى السوبر ماركت الذي عنفته .. الشباب في المطعم .. موقفك من إيوان ونظراته وأخيرا ما حدث صباح اليوم ..أنا لن أقبل أبدا بالبقاء على ذمة رجل يشك بسلوكي رغم أني لا أعرف ما الذي أفعله بالضبط لتتهمني بذلك"
صرخ بعينين تبرقان بالشرر "هل هذا ما وصل إليه عقلك الألمعي ؟!!!"
سألته باستنكار غاضب وهي تبعد يديه مجددا عن ذراعيها" وهل هناك تفسير أخر؟!!"
تدفقت المشاعر كلها إلى رأسه فصرخ في وجهها " أنا أغار.. أغار عليك أغار"
اتسعت عينا بسمة بصدمة وساد الصمت لبرهة وكامل يناظرها بعينين لا تزالان تقذفان بالشرر وصدره يعلو ويهبط بقوة ثم قال من بين لهاثه بعد برهة "هذه هي الحقيقة ..أغار عليك ..ولا أطيق أن ينظر إليك أحد ..ولا أطيق سيرة زوجك السابق ..ولولا أني لازلت أحتفظ ببعض العقل في رأسي لذهبت إليه وقتلته ومحيت اسمه من بين الأحياء"
ما كان يقوله كان مباغتا وصادما وصعب الاستيعاب في ظل التناقض الذي عاشته فكررت ما قاله "تغار عليّ!"
هتف باستنكار " كيف لم تفهمي طوال هذا الوقت؟.. كيف لعقلك الناضج ألا يفهم طوال هذا الوقت بأني أغار عليك؟!"
عادت للقول بنفس الذهول " تغار عليّ!"
استفزه حالتها فهتف مؤكدا "أجل أغار عليك لدرجة تكاد أن تذهب عقلي ..لأني .. لأني أحبك "
قال الكلمة الأخيرة بصوت متهدج وظل يتطلع في وجهها وهو يلهث ينتظر أي تلميح منها يريحه بينما وقفت أمامه بسمة مصدومة فما يقوله يناقض أشياء كثيرة عاشتها معه ولم تستوعب لمَ لم يخبرها من قبل .. فسيطرت على الأمور بداخلها مجددا عقدة المطلقة فقالت بارتباك " أنا لا أعرف هل أضحك أم أبكي ..أفرح أم أقتل نفسي .. أنا .. أنت .. نحن متزوجان منذ شهرين وخطبنا شهرا قبلهما ولم تخبرني أبدا بشيء كهذا .. (ورمشت بعينيها عدة مرات وهي تحلل ما يحدث ثم أضافت باستنكار ) ولأنك تحبني تقول لي (تزوجتك رغم كل شيء)!! .. ما معنى (رغم كل شيء ) إن كنت تحبني كما تدعي .. هل تكبرتَ على الاعتراف لي يا كامل .. ما هذا الكلام غير المنطقي!"
كالعادة الجسور بينهما مغلقة ويحتاج الطريق لأن يُعَبّد ليصل كل منهما للأخر .. وزاد عدم تصديقها لمشاعره من ألمه فوقف كامل أمامها متخصرا يقول " اسمعي يا بسمة أنا سأتحدث معك بصراحة وأرجو ألا أكون فظا فيما سأقول .. لكن ما سأخبرك به هذا لأفسر لك لماذا تأخرت في الاعتراف وأثبت لك بأني أحبك جدا .. ( وصمت قليلا يسحب نفسا ثم أردف أمام عينيها المتسعتين أمامه ) أنا لم أتخيل يوما بأني قد اقترن بامرأة سبق لها الزواج من أخر .."
قذف بالعبارة في وجهها كماء النار دون أن يدر ثم أردف" حين التقيتك وشعرت بانجذابي الشديد نحوك حاولت المقاومة.. حاولت إخراجك من عقلي ومن قلبي ولم استطع .. ودعتك وقررت المضي قدما في قراري بالهجرة هربا من مشاعري .. ولم استطع أيضا ..فعدت لأعطي لنفسي فرصة لأهزم مشاعري السلبية ببطء وتروي .. ولكن حدث ما حدث مع هذا الزفت المدعو بدير وتزوجنا بسرعة .. ولهذا اعطيت نفسي فرصة لأن أتعامل مع مشكلتي قبل أن أعترف لك حتى لا أوذيك بما أشعر "
ما قاله كان جارحا .. مؤلما بشدة .. ربما تحملته وستتحمله من أي شخص أخر .. إلا هو .. فهتفت صارخة باستنكار وكرامة مجروحة " لم تتخيل نفسك تقترن بامرأة سبق لها الزواج !!..أنا لست بضاعة تالفة كامل بيك .. لست منديلا مستعملا تم التمخط فيه .. لست سيارة قديمة تباع في سوق المستعمل وفخامتك لا تشتري المستعمل ..كما أنك أنت أيضا كنت متزوجا"
هتف يدافع عن نفسه وقد شعر بالحصار "أعلم ذلك لكن الرجل غير المرأة الأمر مختلف كليا"
استفزتها عنجهيته وغروره جرحها بشدة فصرخت " مختلِف .. كيف؟ .. ( وضربت على صدرها تضيف بثورة وصوت مبحوح من كثرة الصراخ ) أنا إنسان ..إنسان من لحم ودم .. وكنت متزوجة على سنة الله ورسوله ولست عاهرة لتنظر لي بهذا الاحتقار"
صرخ أمامها يدافع عن نفسه وقد ندم على التصريح بأفكاره " أنا لا أحتقرك يا بسمة .. أنا أحبك كيف احتقرك .. افهميني أرجوك الأمر ليس له علاقة بالتقليل من شأنك أو من شأن أي امرأة سبق لها الزواج.. الأمر له علاقة بي أنا ..بتركيبتي .. أنا كنت أعلم بأني إن وقعت في الحب سأكون متملكا غيورا بشدة هذه هي طبيعتي .. أنا لا احتقرك ولكني أشعر بغيرة شديدة وهذه الغيرة تعذبني في الجحيم أن اتخيل المرأة التي تزوجتها كانت .. كانت يوما .. في أحضان رجل .. كانت متعة لرجل .. ( وأمسك برأسه وكأن ما يشعر به يكاد أن يفجر رأسه وأضاف ) هذا أمر لم أكن أقبله فما بالك أن تكون هذه المرأة هي التي أحبها"
هتفت بدفاع عن نفسها وعن أدميتها "أنا كنت متزوجة على سنة الله ورسوله أتحاسبني على ما فعلته في الحلال !!"
الحصار يطبق عليه .. يجثم على صدره فقال صارخا يدافع عن نفسه من جديد "الأمر ليس له علاقة بالحلال والحرام أنا أتحدث عن الفعل نفسه .. أنا تمنيت أن أحب امرأة لم تعرف رجلا قبلي ولن تعرف رجلا بعدي .. أنا بداخلي مشاعر من أجلك لو تعلمين قوتها لأشفقت عليّ"
سألته باستنكار وهي لا تزال تتطلع فيه باتساع عينيها " ولماذا لا أطالبك أنا بأن تكون أنت أيضا لم تمس امرأة قبلي؟ لماذا ليس لي الحق في طلب هذا ؟!"
قال بإصرار وبلهجة معذبة "قلت لك طبيعة الرجل غير طبيعة المرأة "
فتحت فمها وأغلقته عدة مرات تبحث عن وصف مناسب له يشفي ما تشعر به لحظتها من مشاعر سلبية ثم قالت "أنت ...."
أكمل لها ما تريد أن تقوله باعتراف وإقرار استفزها " أنا رجعي ومتخلف وأفكاري ذكورية قذرة ومتعفنة اعترف بكل هذا .. لكني لست بقادر على تغيير هذه المعتقدات .. لا أملك عصا سحرية لمحو هذه الأفكار المتعفنة والتي أعترف بأنها كذلك.. لا أملك عصا سحرية لذلك ولن تتغير بضغطة زر"
كان الشعور بالإهانة قد بلغ معها مبلغه فهتفت بعصبية مهاجمة غروره " ماذا تظن نفسك .. شخصا لم يأتي الزمان بمثله فتريد امرأة لم يمسها رجل! .. وكيف تتأكد من أنك لو تزوجت ممن لم يسبق لها الزواج بأنها لم تمس من غيرك؟.. هل أنت أكيد من هذا الشيء ؟.. هل راقبتها لحظة بلحظة قبل أن تلتقي بك؟.. هل راقبتها في طفولتها ومتأكد أنه لم يستغلها أحد يوما من الأيام؟ .. هل أنت مطلع على ماضيها كله.. بالمناسبة دعني أخبرك من وجهة نظر امرأة يا سلطان زمانك بما تستطيع أن تفعله النساء لإقناع شخص ذا فكر متعفن مثلك بأنها الراهبة التي كانت تتعبد قبله ومثل هذه الأمور.. واعتقد بأنك كرجل خبير تعلم ألاعيب النساء جيدا "
رد معترفا بلهجة لم تخل من العنجهية " كل هذا أعلمه ولا أجد له علاقة بي أنا وأنت "
قالت مصححة ومدافعة عن نفسها " أنا لم أكن أناقشك لأقنعك بي كامل بيك .. أنا كنت أناقش منطقك المغلوط .. (وهتفت بإصرار) طلقني يا كامل"
عاد الشرر يبرق في عينيه وهو يضيف باستنكار "أهذا ما تقولينه لي بعد كل ما قلته!!"
ردت ولا يزال غروره يستفزها " وهل كنت تعتقد بأني سأطير من الفرح حينما تقول لي (أحبك مع الأسف )!!"
رد بلهجة معذبة مدافعا " بل أحبك يا بسمة فقط دون أي أسف "
كان قلبها يحتضر في صدرها بعد كل هذه الصدمات المتتالية فقالت بقهر شديد وبلهجة خرجت باكية رغم محاولتها التماسك " حب !!.. عن أي مشاعر تتكلم وأنت تتحدث عن حبك لي وكأنه مرض معدي قد أصابك .. تتحدث عنه ولسان حالك يقول ( يا ليتني لم أقابلك ولم أحبك ) الحب ليس كلاما يا كامل بل أفعال"
صرخ بقوة يقول بلهجة عصبية يدافع عن قلبه " وهل كل ما قلته وفعلته ليس دليلا على مشاعري لك يا بسمة ؟!.. عدم قدرتي على البعد عنك أليس هذا حبا !.. ارتباطي بك رغم أني لم أكن ارغب في الزواج من مطلقة أليس هذا حبا ؟!.. قوة تحملي أمامك وأنا أكتم رغباتي بتحكم شديد حتى لا أعرضك لغروري كرجل فأؤذيك أليس هذا حبا؟! .. منحتك اسمي وادخلتك لتعيشي بين عائلتي أليس هذا حبا؟! .. ( وأضاف بصوت متهدج بالمشاعر ) أنا .. أنا من أجلك ..من أجل انقاذك مما حدث في القرية ساومت أبي ليأتي معي حتى يعطي لك ولي قيمة ويرفع رأسك أمام القرية .. أتعلمين يا بسمة بم ساومته ؟.. بتأشيرة سفري .. مزقت أمامه تأشيرة سفري حلمي بالفرار إلى أقصى الأرض من أجلك أليس هذا حبا؟! .. تزوجتك يا بسمة وأنا أعلم بأنك لن تستطيعي الانجاب وربطت حياتي بك للأبد أليس هذا حبا؟! .. وبعد كل هذا تقولين أهنتني! .. تحاسبينني على أفكار أحاول أن أهزمها .. تقولين أن أفكاري آذتك .. ( وضرب على صدره ) إنها تعذبني فهل هناك شخص يحب العذاب لنفسه !"
صدمها أنه يعتقد بأنها لا تنجب وفهمت بأنه عرف من أحاديث أهل البلدة .. وهذه الصدمة كانت قوية .. قوية أن يقبل بها رغم هذا .. ومع هذا لم تعرف كيف تستقبل ما يقوله لها .. كيف له أن يقدم لها حبا قويا اسطوريا لم تكن تحلم به وفي نفس الوقت ينظر إليها بانتقاص !..
أخذت تتساءل في سرها .. لماذا كتب عليها أن تتلقى حبه كجائزة ضخمة لكن على هيئة شيك ممنوع من الصرف .. كيف يكون هذا حظها مع الحب ..
( أحبك لكنك لا تليقين بي! )
هتفت بسمة بقهر شديد باكية " كل هذا العذاب الذي أنت فيه لأني مطلقة! .. كل هذا لأنه قد سبق لي الزواج! .. كل هذا لأني فشلت في تجربة في حياتي .. لأني لم أرغب في أن أعيش تعيسة فجئت أنت يا كامل لتختم على قلبي بالتعاسة الأبدية بهذا الكلام .. لتكسر قلبي ..لتسحقه تحت قدميك بهذه القسوة لأني قد سبق لي الزواج! .. تخبرني بكل هذا الحب الذي تكنه لي وبكل التضحيات التي ضحيتها من أجلي وأنا في نظرك لا استحق .. في نظرك لو كنت لم اتزوج لو لم يلمسني رجل قبلك حتى لو في الحلال سأكون في مرتبة أعلى عندك ؟"
شعر كامل بأن الأمر يخرج عن السيطرة خاصة وهو يراها بهذا الانهيار الشديد وهي تشيح بيدها أمامه وتبكي بحرقة مضيفة " ماذا تتوقع مني؟! .. ماذا تريد مني بعد تصريحك هذا؟! ..( وصرخت بقهر تسترجع كل ما مرت به وواجهته من الجميع وليس كامل وحده ) ماذا تريدون مني؟! .. هل تريدون أن أضرم في نفسي النار لترتاحوا؟! .. هل أصبح فشلي في تجربة واحدة في حياتي ينتقص مني؟! .. هل أقتل نفسي حتى يستريح الجميع ؟.. أهلي وقريتي وأنت حتى أخلصك من ذلك العار ؟!.. من عار ارتباطك بمطلقة أقل قيمة من المستوى الرفيع الذي يليق بكامل بك نخلة وعنجهيته "
اقترب منها يقول مهدئا وهو يمسك بها " اهدئي يا بسمة "
صرخت تدفعه بعيدا عنها " ابتعد عني .. ابتعد عني لا تلمسني .. "
وتطلعت فيه وهي تتحدى ذلك الشعور الملح بداخلها للاستسلام له فقالت بكل قوة حبها له لتثأر لنفسها منه " أنا أكرهك .. أكرهك يا كامل"
اقترب منها مهدئا فدفعته من جديد ورجعت للخلف تصيح " ابتعد عني قلت"
قال كامل ببعض الحزم يحاول السيطرة على انهيارها " بسمة أرجوك ..أرجوك اهدئي"
ابتعدت أكثر وهتفت فيه بتحدي وهي تطالعه بعاصفة زرقاء "لا تلمسني قلت ..لن أسمح لك بلمسي فهمت "
صرخ في وجهها بعصبية وهو يقترب من جديد " بسمة لا تجنينني واهدئي لنتحدث"
سمع طرقات قوية على الباب بالأسفل وجاء صوت مفرح ينادي " كامل ... كامل افتح "
كانا لا يزالا يتطلعان في بعضهما فقالت بسمة "قلت ابتعد عني "
اقترب كامل يحاول حضنها ليهدئ من حالتها الهستيرية وهو يرى وجهها المحتقن المنتفخ فقاومته بقوة ليقول كامل بعصبية " قلت اهدئي ستمرضين بهذا الشكل "
أبعدته بعناد تصيح" إياك أن تلمسني وستطلقني فورا"
قال بتحدي بإصرار وهو يحاول ضمها "لن اطلقك فأنت زوجتي"
نجح في لف ذراعيه حولها فقاومته بشراسة تقول "ابتعد "
الطرقات زادت حدتها على الباب بالأسفل وجاء صوت مفرح ينادي " كامل ... كامل افتح "
وقعا على السرير وخيم كامل فوقها .. وبعد عدة محاولات للسيطرة على هسترتها وبعد أن تركها تضرب فيه بيديها بكل قوتها على صدره وذراعيه لتنفس فيه عن غضبها قيد كامل معصميها فوق رأسها وساد صمت لاهث متحدي النظرات بينهما ثم قطعه كامل بعد برهة ليقول بأنفاس عالية " إياك أن تتوقعي أني قد اتركك أبدا ..ابدا .. ( وتطلع في عينيها الشرستين وأضاف بعد أن بلع ريقه الجاف بينما هاتفه لا يزال يرن منذ فترة ) قلت لك من قبل من ستمتلك كامل نخلة بالثلاث .. عيني وقلبي وعقلي .. لن اتركها حتى القبر"
من جديد جاء صوت مفرح أكثر إصرارا وغضبا لكنهما ظلا على نفس الوضع ثم ترك كامل معصميها لكنه لم يتحرك من فوقها فعادت بسمة تضربه على ذراعه وهي تقول بصوت خافت غاضب مقهور "كلامك هذا يؤلمني .. يفطر قلبي يا كامل ولم يسعدني .. كلامك عن كوني دون المستوى الذي يرضيك .."
قال بإصرار " كل ما قلته وضايقك أنا كنت أفسر لك لا أكثر .. عموما أنسيه ولا تتذكري منه سوى أنني أحبك"
سيطرت كرامتها عليها مجددا فقالت بهمس شرس في وجهه تتحدى قلبها "وأنا أكرهك يا كامل ..أكرهك من كل قلبي .. أتعلم أنا لم أكره في حياتي أحد حتى من آذوني.. لكني الآن أكرهك بشدة "
كان تصريحها كطلقات الرصاص التي اخترقت قلبه فورا لكنه قال بلهجة معذبة " وأنا أحبك بشدة"
ومال بوجهه يحاول تقبيلها فأبعدت وجهها بعناد وهي تقول " ابتعد ..قلت أكرهك .."
أمسك بصدغيها بكفه يعيد وجهها إليه وهو يجز على أسنانه ويناظرها بغضب فقالت بسمة بنفس التحدي "ولو فعلتها سأكرهك أكثر وأكثر يا كامل .. "
مال كامل يقبل رقبتها بقبلات حارة محرقة فزاد تجاوب جسدها معه من غضبها فقالت وهي تحدق في السقف " أتمنى من الله أن أموت هذه اللحظة ولا أكون بين ذراعيك .. طلقني"
كلماتها أصابته بالمزيد من النزيف في قلبه فصمت قليلا يستند بجبهته على كتفها ثم انسحب بيأس عاشق مهزوم في معركة عشق ضارية .. انسحب من فوقها يمسح بجبهته على طول جسدها غير قادر على الاستقامة .. فالضربات كانت موجعة ..
انسحب كامل حتى نزل على ركبتيه أمامها في الأرض بينما ذراعاه لا يزالان بجوارها على السرير وسقط وجهه في حجرها ينهت بقوة.
اعتدلت بسمة لوضع الجلوس وتطلعت متألمة في رأسه المخبأ في حجرها وللحظة مدت يدها تهم بأن تمسح على شعره معترفة لنفسها بأنها ذبحته بكلماتها كما ذبحها .. ليأتي صوت مفرح غاضبا متوعدا ومهددا بالأسفل فضمت يدها في الهواء قبل أن تصل إلى رأسه وأخذت تبكي في صمت فرفع كامل إليها وجهه يقول بعنجهية وإصرار يغطي بهما شعوره بالعجز والانهزام "لن أطلقك "
همست وهي تتطلع فيه " استطيع أن أرفع عليك قضية خلع "
ناظرها بنظراته المتألمة يهمس " بهذه البساطة "
كادت أن تضعف لكن صوت مفرح أعادها للواقع المر وفرض عليها هيمنة كرامتها من جديد فقالت هامسة بإصرار أنثى مجروحة" قلت أكرهك من كل قلبي.. ولن أسامحك على ما قلته أبدا .. أنا تحملته من كل الناس حتى من أهلي لكن منك لن اسامحك .. لأنك لا تعرف كيف حطمتني "
عادت لهجته الغاضبة وهو يقول وقد علا صوته " هذا هو سبب احجامي عن اخبارك قبل أن اتخلص من كل أفكاري المخزية .. هذا هو السبب أني أجلت إتمام زواجنا لأني خفت أن أؤذيك ..خفت أن تؤذيك شياطيني التي لا تسمح لي بأن أهنا بوجودك في حياتي .. أنت تقولين أفكاري عفنة وآذتك وأنا أقول لك وأنا اتعذب بها أكثر منك .. لو كنت قادرا على تخطيها هل كنت سأترك نفسي لأتعذب!.. "

ساد الصمت بينهما وتبادلا النظرات ليضيف كامل بلهجة معذبة لربما أصلح ما أفسده بتصريحه بمكنونات صدره "حينما قبّلتك عشت في جحيم أفكاري وأنا .. وأنا (قبض على ملاءة السرير بقوة وكأنه ينازع الألم وأضاف ) وأنا أتخيل ذلك الـ**** يقبلك "
عاد لبسمة جنونها فقالت " أنت مريض لقد كان زوجي"
ضرب كامل على السرير بجوارها بقبضته عدة مرات بعنف وهو يصرخ لا تقولي زوجي .. ولا تنطقي بسيرته أبدا .. عذبيني بأي طريقة أخرى إلا هذه .. ( وطالعها بعنفوان عاشق عنيد وهو يوجه هذه المرة الضربات لصدره قائلا ) أنت لي .. خُلقت من أجلي أنا .. خلقتي زوجتي أنا .. من ضلعي أنا .. لا أعرف لماذا أخطأت الطريق ووصلتِ إليه .. ولماذا لم أقابلك قبله .. بسمة خلقت من ضلع كامل .. لكن لا أعرف لماذا عاقبني الله بزواجك منه ..لماذا "
عباراته نجحت في هزيمة كرامتها .. وجنون العشق الذي رأته في عينيه انعش قلبها المثخن بالجروح بينما عاد الطرق على الباب من جديد فاستقام كامل واقفا .. وتطلعت فيه بسمة وهو يبتعد بظهره عدة خطوات حتى باب الغرفة ثم وقف أمامها متخصرا ينهت بقوة وهو يضيف بهدوء متألم "اكرهيني يا بسمة .. اكرهيني .. إن لم تقدري على أن تحبيني فاكرهيني من كل قلبك .. لكن لا تجعليني شخصا عاديا يمر عليك في حياتك مرور الكرام .. ليس لأني مغرور ..ولا من أجل عنجهيتي .. ولكن حتى أشعر بأن هناك شعور ما تختصينني به .. حتى لو كان هذا الشعور هو ....الكره "
اعتصر الألم صدرها وهي تحدق فيه بذهول مبهوتة بهذا القدر من العشق الذي يفاجئها به بينما أضاف كامل" سأنزل لمفرح فمن الواضح أن زوجته أخبرته بشجارنا .. ( ورفع سبابته يقول بتهديد هادئ ) لا تتحركي من المكان حتى أعود .. هذا أمر وعليك التنفيذ إن لم ترغبي في التسبب بفضيحة علنية أمام أهل بلدتك .. سأعود بعد قليل لنحدد شكل خطواتنا القادمة التي سأحرص بالتأكيد على أن أحظى فيها بكرهك لي عن جدارة"
قالها بلهجة ساخرة ثم استدار يغادر الغرفة ويتركها كتمثال ذاهل .
بعد دقيقة كان طرق مفرح مستمرا وصوته يبدو منفعلا كطرقاته ففتح كامل الباب ليقول مفرح بلهجة منزعجة" ماذا يحدث هل تتشاجران ؟"
كان وجه كامل لا يزال مكفهرا فقال بصوت مبحوح "ماذا تريد يا مفرح ؟"
رد الأخير بلهجة غاضبة " أريد أن اطمئن على ابنة خالي"
قال كامل بغضب " لا تتدخل يا مفرح "
هتف مفرح " كامل أنا لا أتدخل في أموركم الشخصية لكن من حقي أن اطمئن على ابنة خالي وأنها بخير لو سمحت "
وقف كامل أمامه يديه في جيبي بنطاله يتنفس بصوت عال دون إجابة .. فأعاد مفرح الهاتف إلى أذنه وطلب بسمة .
مضى بعض الوقت قبل أن ترد الأخيرة بصوت مبحوح "نعم مفرح "
سألها وعيناه تناظران صديقه بتحدي "هل أنت بخير يا بنت خالي "
ردت الأخيرة بهمس مجهد" بخير يا مفرح"
سألها مرة أخرى "بسمة هل أنت بخير .. لا تخشي شيئا أنا موجود تكلمي "
لم يكن مفرح وحده من ينتظر الرد بل كامل أيضا الذي تقبض بقوة ومرت الثواني قاتلة وهو ينتظر اجابتها بينما قالت بسمة لمفرح بتأكيد" أنا بخير يا مفرح صدقني كنا نتشاجر لا أكثر "
قال مفرح بارتياح لاح على وجهه وكان له صداه ومعناه المؤثر في قلب كامل" تمام يا بسمة .. سأخذ منك كامل قليلا "
قالها ثم أغلق الخط ووقف ينظر لكامل الذي أطرق برأسه يغالب المشاعر والأفكار والانفعالات ورغم كل المشاعر السيئة تأثر بأنها لم تخبر مفرح بشيء ولم تطلب منه أن تغادر لبيت أهلها .
بينما شعر مفرح بأن الأمر كبير وخاصة بعد ما قالته له مليكة بتلك الطريقة المتوترة على الهاتف أن يتدخل بسرعة لوجود مشكلة ما بين بسمة وزوجها جعلتها تحضر وحدها ويلحق الثاني بها .. فأمسك بذراع صاحبه وهو يقول "تعال لنتحدث قليلا "
ظل كامل يناظره فأصر مفرح عليه حتى استسلم وتحرك معه يقطع ساحة البيت نحو البوابة .
كان بحاجة للحديث .. للبوح .. كان بحاجة لترتيب أفكاره بعدما تأكد بأنها لا تحب زوجها السابق .. وكان بحاجة لمعرفة خطوته القادمة بعدما صرحت له بكل قسوة بأنها تكرهه .
تحرك مع مفرح يخرج من البوابة وصدى كلماتها يلاحقه (أنا أكرهك )
أي شخص بائس هو .
وأي حظ تعس يملكه.
المرأة الوحيدة التي أحبها .. وعشقها إلى حد الجنون تكرهه بشدة .
أمن الممكن أن يكون هو السبب؟ .. تصريحه بأفكاره عن المطلقات السبب؟ ..
قال مفرح بهدوء" تعال معي لنتحدث أنا وأنت ..أين سيارتك لم أرها حين وصلت ؟"
تركه كامل يقوده نحو سيارته المصفوفة أمام بيت الجد صالح وهو يقول" ركنتها في الشارع الجانبي حين حضرت لأن شاحنة كانت تريد أن تمر (ثم سأله ) إلى أين سنذهب ؟)
أجاب مفرح وهو يركب سيارته" سنجلس قليلا لنتحدث بهدوء "
قالها وتحرك بالسيارة مبتعدا فتعلقت عينا كامل بالبيت وبالتحديد بنافذة الغرفة لكنها لم تكن تقف فيها .
××××


يتبع

باقي الفصل على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t464653...l#post14999032





التعديل الأخير تم بواسطة Shammosah ; 24-07-20 الساعة 11:00 PM سبب آخر: اضافة راب
Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:51 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.