آخر 10 مشاركات
وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          415 - لن أعود إليه - ماغي كوكس (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          442 - وضاعت الكلمات - آن ميثر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2430Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-07-20, 11:04 PM   #1931

Mayaseen

? العضوٌ??? » 392811
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 129
?  نُقآطِيْ » Mayaseen is on a distinguished road
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 391 ( الأعضاء 158 والزوار 233)
‏Mayaseen, ‏بتو خليفه, ‏زهرة الثالوث المنسية, ‏zozo.math, ‏tlo, ‏Aya a qabeel, ‏أسيل محمد, ‏Nadoucha11416, ‏زالاتان, ‏دمـوع الـورد, ‏asli enver2000, ‏Saro7272, ‏Tokagahrieb, ‏meryamaaa, ‏amoaasmsma, ‏Rwida.147, ‏آمنة عودة, ‏ارض اللبان, ‏Sa Lma, ‏دندراوي, ‏مهندس, ‏markunda, ‏mira amani, ‏Hagora Ahmed, ‏ابتسامتي دليلي, ‏فاطمه ج, ‏سومة111, ‏نونني نوننا, ‏أم أريان, ‏eylol, ‏Mema11, ‏ميرو76, ‏rafalo, ‏mina10, ‏لووليت, ‏Sara Ali❤️, ‏omarboodi, ‏rasha emade, ‏Solly m, ‏Kholodsaad, ‏Aengy, ‏Heckenrose, ‏عمرااهل, ‏linasamar, ‏Dilan, ‏ميمو كوكي, ‏houda4, ‏راما الفارس, ‏نوال ياسين, ‏Samar hikal, ‏ميادة الكيادة, ‏nibal79, ‏Diego Sando, ‏dorra24, ‏شهدsoso, ‏ربى غفور, ‏Esraasora, ‏fatma ahmad, ‏حووووووور, ‏ايميلي انا, ‏MerasNihal, ‏ايمان حمادة, ‏ام زياد محمود, ‏Aml .M Gobran, ‏ساره ناانا, ‏Ino77, ‏ذسمسم, ‏اني عسوله, ‏ام عمر١١١, ‏ياسمين صابر 97, ‏امال س, ‏Omsama, ‏نيرو نانا, ‏ايلاف احمد, ‏موضى و راكان, ‏إيمّا مالك, ‏أم سيف, ‏yanayana, ‏De Amona, ‏Shaima Esam, ‏هاديةضاهر, ‏مالي عزا من دونك, ‏فاطمة زعرور, ‏ام هنا, ‏عشقي لديار الخير, ‏sama mohammad, ‏a girl, ‏الديسطي, ‏نور*الشمس, ‏ريامي, ‏ام نودي, ‏Iraqi1989, ‏Barky, ‏azizakahraman, ‏Hadooshtash, ‏شيماء عبده, ‏نجوى عبد السلام, ‏Asmaanasser, ‏كف القمر, ‏NJN, ‏ساره ٣٠٠٠, ‏Rasha Wahed Hamde, ‏زهرةالكون, ‏minasaloma, ‏منمن منار, ‏Berro_87, ‏شهوودة, ‏أمينة أمينة, ‏لولوn, ‏salma soo, ‏ياسمينة87, ‏رمد الرمد, ‏امال ابراهيم ابوخليل, ‏Mos3ad, ‏ميرو حامد, ‏Light dream, ‏منال سلامة, ‏من هم, ‏الزهراألزهراء, ‏احمدالعلاوي, ‏ريري المصري, ‏ريم الشوشى, ‏the earth moon, ‏Mon abdou, ‏كريستنا, ‏Ghada$1459, ‏أمل 1, ‏مارلا علي, ‏amira98, ‏آلاء الليل, ‏Moon roro, ‏Fatima hfz, ‏سر الاحساس, ‏لمعة فكر, ‏mango20103, ‏Booo7, ‏نافلة, ‏shezo, ‏داليا أمجد, ‏طوطه, ‏كوثر سالم, ‏آلاء1, ‏princess of romance, ‏Msamo, ‏عسل كوردي, ‏Rababb ahmed, ‏Walaa sham, ‏silviia, ‏Shammosah, ‏لبنى أحمد, ‏صافي12, ‏Freespirit77, ‏ام علي اياد, ‏بزغة, ‏haneen mh, ‏Anisa zayd, ‏Roro adam


Mayaseen غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-07-20, 11:05 PM   #1932

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 1


تنويه

كل عام وانتم بخير وعيد أضحى مبارك

الجمعة القادم بعتذر عن تنزيل الفصل لأني مش هقدر اكتب خلال أيام العيد وأنا الفصل بيحتاج مني 5 أيام متواصلة للكتابة لدرجة ممن تيجي على أوقات نومي وحياتي الشخصية .. أنا أصريت أني أنزل فصل العيد كعدية للقراء لكني بحاجة للراحة بعد الفصل الماضي المجهد في الكتابة فتقبلوا اعتذاري ونلتقي الجمعة بعد القادم مع الفصل ال 28 ان شاء الله

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ





الفصل السابع والعشرون


( 1)




في اليوم التالي

يوم جديد ..مشمس .. رائق ..صيفي بامتياز .. ذو حرارة معتدلة .. ونور يسطع على القلوب .

وأمنيات بالتحرر تعلو كطائرات ورقية في سماء صافية .

قبيل الظهيرة

جلست أم هاشم على طرف سريرها تضع يديها المرسومتين بالحناء في حجرها وتتطلع في رسم الحنانة الرقيق.. ورغم شعورها بعدم الثقة بسبب لون بشرتها لكنها تمنت أن يعجب جابر برسم يديها ..

ترى هل سينتبه له ؟.. كيف سيراها الليلة؟ .. أم أنه سيتراجع عن الزيجة ؟

عادت وردت على نفسها بأن جابر لن يفعلها حتى لو كان قد راجع نفسه فهي تعلم بأنه سيتحمل نتيجة أفعاله.. وثقتها فيه تجعلها تشعر بأنه حتى لو لم تعجبه كامرأة .. وهي على يقين بذلك .. يقين خلفته السنين وشكلته آراء مَن حولها .. فلن يظلمها ولن يجرحها .. وهذا كفيل بأن يمنعها من القلق لكنها كانت تتمنى لو أنها ترى نفسها أنثى في عينيه ولو لمرة واحدة .. أن ترى فيهما رغبة رجل في امرأة .

عادت تنهر نفسها على طمعها .. فقد أكرمها جابر أمام أهل البلدة ورفع من شأنها وفعل الكثير لذلك .. تمسك بها رغم ما قالوه .. واعترفت بأنه لن يجرحها حتى إن لم تعجبه ..كل هذا وتطمع في المزيد ؟!..

(الرضا يا أم هاشم .. الرضا .. قلبك أصبح طامعا ولا يصدق في أبجديات المنطق ).

أخذت تعدد لنفسها النعم التي تشملها حاليا .. أو ربما تعدد أمام قلبها الطامع في المزيد حتى دخلت عليها وفاء تقول بحماس "المعلم جابر بالخارج وينتظر لنقلك إلى صالون التجميل يا عروس ( وأضافت بهيام المراهقات ) رغم أني لا أعرف من أين أتيتم بلقب (معلم) هذا .. إنه شاب وسيم وأنيق وفي ريعان شبابه لقد قررت أن أناديه بالأستاذ جابر "

قالت أم هاشم وقد قفز قلبها كالكرة المطاط بحركات سريعة في صدرها " جابر ؟.. ظننته سيرسل أحدا بالسيارة لا أن يحضر بنفسه !"

ردت وفاء تهز كتفيها" إنه في سيارته بالخارج"

بعد قليل خرجت أم هاشم تحمل فستان العرس مغلف بحافظته الجلدية .. فستان اختارته مع مليكة كان من ضمن النعم التي عددتها لنفسها منذ قليل ..بينما هند وسميرة يحملن أكياس أخرى تخصها وتخصهن يتبعهما باقي اخواتهما.. فالخمس سيرافقن أم هاشم إلى صالون التجميل باعتبارهن الأقرب للعروس .. وسيتزينن هناك على نفقة العريس .

جلست أم هاشم في المقدمة بجوار مقعد السائق تشعر بأن روحها قد هربت منها وتطفو حول جابر الذي يجلس بجوار المقود .. حتى أنها همست بالسلام بصوت خافت وتعمدت أن تشيح بنظراتها عنه وذكرى حضن الأمس يجعل الحرارة تشع من جسدها .. فجاءها صوته الرجولي يقول" وعليكم السلام ورحمة الله "

ارتفعت حرارة الطقس في السيارة وكل منهما يتصور بأنه وحده من يشعر بذلك ولا يشاركه إلا قلبه .. فنظر جابر لبنات عمها المنشغلات بإدخال الاكياس في السيارة والجدل حول من ستدخل أولا ومن تريد أن تجلس بجوار النافذة ثم سألها "كيف حالك يا أم هاشم؟"

أشاحت بوجهها أكثر نحو النافذة وهي ترد "الحمد لله"

تحركت عيناه تتابعان الفتيات بجوار باب المقعد الخلفي ثم عاد ينظر لأم هاشم التي توليه قفاها وسألها مشاكسا" أرجو ألا تكوني قد رفعتِ عليّ قضية خُلع خلال ساعات الليل الماضية"

ظفري ابهاميها اخذا يحتكان ببعضهما وهي تغمغم لنفسها بخفوت "ومن هي تلك المجنونة التي تفكر في خلع سيد الرجال !"

قال جابر عاقدا حاجبيه "أنا اتحدث معك يا أم هاشم هل تحدثين نفسك ؟!"

عدلت رأسها لتنظر أمامها بعد أن خطفت نظرة سريعة نحوه ثم عادت تقول وهي تعدل حجابها بتلك الحركة المختالة " ما دمت مصرا على الاستمرار لن أمنعك لكن تذكر أني حذرتك "

اتسعت ابتسامته تلقائيا مصدرا قهقهة خافتة من حنجرته أجبرت عينيها على خطف نظرة أخرى نحوه .. نظرة كانت كفيلة بإذابتها كليا كشمعة تحترق أمام النار .. فرفعت كفها أمام وجهها تحركه بحركة عصبية تطلب مزيدا من الهواء وهي تغمغم "الجو حار جدا "

رد جابر وعيناه مسلطتان على نقوش الحناء المرسومة على ظاهر يدها معترفا بأنها مع لون بشرتها الأسمر تبدو أحلى بكثير من رسمها على بشرة بيضاء بينما بنات عمها بدأن في الجلوس في المقعد الخلفي فقال "سأشغل مكيف السيارة حينما يدخلن البنات "

انحشرت الفتيات الخمس في المقعد الخلفي فتطلع جابر في مرآة السيارة الأمامية يسأل" هل أنتن مستريحات أم نؤجر سيارة أخرى؟"

اندفعت وفاء تقول" أنا محشورة "

فلكزتها رباب بينما ردت سامية بحرج "سلمت .. نجلس براحة والمسافة ليست طويلة"

فغمغمت وفاء بتلعثم "أقصد شكرا نجلس براحة .. يا أستاذ جابر "

شغل جابر السيارة وتحرك بها وقد لاحظ أن أم هاشم عادت لتنظر ناحية النافذة بينما ذكرى ذلك الحضن تداعب خياله .. بل إنه نام الساعات القليلة بعد الفجر يعيد في ذلك المشهد بعد أن أضافت إليه مخيلته الذكورية دون إرادة منه المزيد من التفاصيل التي جعلته يضحك على نفسه حينما استيقظ .

تنحنح ينفض عنه ما يفكر فيه وسألها" هل هناك من ستصاحبك طوال اليوم غير بنات عمك ؟"

استدارت إليه أم هاشم تقول" كانت مليكة قد وعدتني أن تكون موجودة .. لكني لا أعرف بعد ما حدث ليلة أمس هل ستحضر أم لا .. وخجلت من الاتصال بها صباحا للاطمئنان عليها حتى لا أكون باتصالي أضغط عليها لتحضر"

في هذه اللحظة كانت على سجيتها .. رقيقة ..مراعية ..دون قناعها الساخر .. هذا ما لاحظه جابر مثلما انتبه لأن عينيها البنيتين تتوهجان بلمعة دافئة .. ملاحظة سابقة تتجدد الآن لتصبح حقيقة في ذهنه .

رد جابر وهو ينظر أمامه على الطريق "لا بأس إن لم تحضر فأنت تعلمين أن الموقف كله كان صعبا على الجميع"

ردت أم هاشم تهز رأسها متفهمة " أجل بالطبع جزاها الله خيرا تعبت معي بشكل لن انساه لها "

غمغم جابر بلهجة ممتنة" أولاد الأصول يظهرون في مثل هذه المواقف (ورمقها بنظرة مضيفا) ولا يفعلونها إلا لمن يستحق"

اشتعلت وجنتاها وحكت ابهاميها ببعضهما في حجرها ثم ردت بصوت متأثر" وبسمة أيضا جاءت من أجلي خصيصا "

تحشرج صوتها فقال جابر بهدوء ليهون عليها " كله مقدر مكتوب .. باليوم والساعة والمكان .. ولو لم تأت بسببك كانت ستأتي لألف سبب أخر لأنه قدرها أن تمر بهذه المحنة والحمد لله كان الله بها رحيما ولم تتأذ "

هزت أم هاشم رأسها بينما اندفعت وفاء من المقعد الخلفي تقول "هل تتوقعين يا أم هاشم أن يحضر أهل البلدة اليوم حفل الزفاف؟ ..فالجميع قالوا أمس ...."

خرست فجأة بعد قرصة من رباب في جنبها ونظرة موبخة من سامية حرجا من جابر بينما رد الأخير ببعض الحدة وهو يناظرهن في المرآة" من لا يريد أن يحضر فهذا شأنه .. حفلنا كما هو ..وفرحتنا لن يؤثر عليها أحد "

كان كلامه موجها ضمنيا لأم هاشم حتى لا تتأثر بهذا الكلام فهزت الفتيات في المقعد الخلفي رؤوسهن ليعود جابر للطريق وعيناه تختلسان النظر للجالسة بجواره لا تزال تحك ظفريها ببعضهما بتوتر ونظرات ساهمة مسلطة على الطريق .

أما هو فتحركت عيناه بعد قليل تشملها بكليتها بنظرة ذكورية مقيمة في تلك العباءة السوداء قبل أن يسحب عينيه نحو النافذة بجواره ويرفع يده الحرة إلى مؤخرة رقبته وهو يضحك على ما يحدث معه من مشاعر منفلتة كالمراهقين .

××××

تطلعت مليكة من نومتها على جانبها تولي ظهرها لابنيها في مفرح الذي ينام على الأريكة المقابلة وعادت للبكاء مرة أخرى ..

ليلة أمس كانت ككل الليالي المخيبة لآمالهما في نهاية رحلة وصالهما .. صحيح كلاهما كان متوقعا ما سيحدث.. وكلاهما حاول التمسك بالذكريات الحلوة الممتعة والشقية أثناء الرحلة .. لكنها كالعادة ذبحها الندم والشعور بالذنب من جديد .. وها هي بعد أن ادعت أمامه بأنها نامت فاستسلم هو للنوم على الأريكة مجهدا ظلت تبكي طوال الليل على حالها وحالهما وتلك العقد المتشعبة التي تزداد كل يوم تغلغلا في حياتها.. ومع ذلك لا تزال ليس لديها رغبة في زيارة طبيب نفسي .. فليس لديها ما تستطيع البوح به كما يعتقدون ..

بعد ساعة راقبت بسعادة تجمع عائلتها الكبيرة حول مائدة السفرة الطويلة على رأسها والدها بينما مقعد والدتها فارغا منذ وفاتها .. وأخويها علي وبشر وزوجتيهما وأبناءهم بالإضافة لأبنيها أدهم وإياد ومفرح الذي مر وقتا طويلا على اجتماعه مع عائلتها وتمنت أن يكون عامر وأكرم واسرتيهما موجودين أيضا .. فوجودها بجوار من تحبهم يشحنها بطاقة إيجابية للمواصلة وعدم الاستسلام .. لو فقط تحل مشكلة مفرح واحتياجاته كزوج حياتها ستكون أفضل ..

أما هي .. احتياجاتها هي .. وشوقها إليه .. عليها أن تتحمله فهي تستحق ذلك .. كما عليها أن تتحمل عذاب الغيرة لو استسلم مفرح يوما وقرر الزواج .

××××

في بيت الوديدي جلس وليد على منضدة طعام الإفطار بجوار مهجة بينما والده وأمه يجلسان على الناحية الأخرى فمد يده يقرصها في خدها قرصة شقية لتحمر وجنتا الأخيرة وتناظره موبخة بينما استدار وليد لوالديه يزف إليهم خبر انتظار الحفيد الأول لعائلة الوديدي .. فاتسعت ابتسامة سليمان شاعرا بالفخر بينما انشرح قلب فاطمة كثيرا وهنأت مهجة قبل أن تبلع غصة في حلقها وتفكر في بسمة .. ثم حدجت زوجها الذي يجلس بخيلاء بعد أن سمع بالخبر بنظرة حزينة لأنه منعها من السفر مع ابنتها.
××××


في حديقة الفيلا جلس غنيم وسوسو يتحدثان كيف سيجهزون الطعام الذي سيوزعانه على الفقراء شكرا لله على سلامة ولدهما وزوجته بينما شامل يشاركهما ترتيب ما يخص المطعم في التجهيز وأوقات التنفيذ خارج أوقات العمل في الوقت الذي كانت فيه ونس تجري في الحديقة وشهبندر يجري خلفها يلعبان سويا بسعادة فترك شامل والديه وأسرع بالعدو خلفها يقول موبخا "أنت مصرة على ايذاء نفسك"

توقفت فجأة متجمدة كتمثال تضغط شفتيها لداخل فمها بحرج وقد نسيت أن تحذر في حركتها ..فاقترب منها شامل يضربها بأطراف كفه بخفة على جانب رأسها قائلا بتوبيخ "ألن نهدأ أبدا"

حركت لسانها داخل فمها فلف ذراعه حول كتفيها يقربها منه وسألها بهمس" لماذا ألغيت موعد اخصائية التخاطب اليوم ؟"

أخرجت الدفتر من جيبها وكتبت" ألا ترى الظرف الذي نحن فيه ؟"

ضيق شامل عينيه يناظرها بشك فاحمرت وجنتيها ليقول شامل" لا تيأسي يا ونس .. كما قالت لك الاخصائية أنت تخجلين من التحدث لأنك تشعرين بأنك لا تنطقين الحروف كما ينطقها الأخرون لكن عليك بتقبل نفسك بهذا الشكل ونحن سنتقبلك أيضا "

حدجته بنظرة غير راضية ثم كتبت "تتقبلوني بنصف لسان وأنا لا أتقن نطق نصف الحروف !"

لف ذراعه حول خصرها موليا ظهره لوالديه وقال متفحصا وهو يلصقها به" إذن أنت تستطيعين النطق .. بدليل أنك تعرفين ما الذي لا تقدرين على نطقه .."

أطرقت ونس برأسها فقال بمناغشة " ألا تريدين نطق اسمي (وحاصرتها نظراته المشتعلة وهو يضيف مائلا بجوار أذنها ) شامل جني المصباح"

تسارعت دقات قلبها وهي تتطلع فيه بوجنتين مشتعلتين ثم أطرقت برأسها تكتب شيئا وترفعه في وجهه بانفعال حتى كادت أن تلصقه به مما اضطره للعودة برأسه للخلف ليقرأ" لن أنطقه أبدا لأنه يخرج من فمي بشعا (فعلق بتصميم ) أريد أن اسمع اسمي بشعا ..فأنا أعشق البشاعة "

اقترب شهبندر يمسك بطبق بلاستيكي في فمه ووقف على قدميه الخلفيتين ليعطيه لونس.. فأبعد شامل رأس الكلب بيده وهو يحدق في ونس غارقا في ملامحها الطفولية قبل أن يقول غنيم من فوق نظارة القراءة" يا أستاذ شامل هلا تركت المغازلة واحترمت نفسك واحترمتنا وعدت لننتهي مما كنا نفعله بالله عليك ؟"

احمرت وجنتي ونس وأطرقت أرضا بينما تنحنح شامل يقول بلهجة عسكرية "حاضااااار"

واستدار يعود لوالديه وعلى شفتيه ابتسامة شقية بينما مالت ونس وأمسكت رأس شهبندر الذي لا يزال يقف أمامها وأخذت الطوق من فمه وهي تفكر هل ستأتيها الشجاعة يوما وتتحدث بنصف لسان فهذا أقصى طموح قد تصل إليه بصعوبة ؟

طوحت الطوق في الهواء بعيدا وكأنها ترمي معه هذا الموضوع الذي يؤرقها فأسرع شهبندر خلف الطوق حتى يعيده إليها من جديد .

××××

كانت تجري بسرعة وهي تلهث بشدة بينما كرة كبيرة من النار تلاحقها .. حاولت أن تزيد من سرعتها لكن الكرة كانت أسرع منها فرأتها تقترب وتقترب ..قبل أن يحملها أحدهم فوق ذراعيه ويعدو بها بعيدا عن مجال تدحرج الكرة فنظرت للشخص الذي يحملها ووجدته وليد ثم تحول شكله لوجه كامل قبل أن ترتطم بهما كرة النار .

شهقت بسمة وفتحت عينيها الزرقاوين ككشافين منيرين تحدق في سقف الغرفة ثم نطقت بالشهادتين حينما تأكدت بأنها في غرفتها وفي بيتها ..موضع أمانها حتى من قبل الحريق .. ذلك الجناح الذي يشبه غرفة واسعة ملحق بها حمام كان أمانها قبل يوم أمس واضحى الآن جنتها بعد تلك التجربة الصعبة.

صوت أنفاس منتظمة بجوارها جعلها تعتدل لتتفاجأ بأنها تنام على صدر كامل الذي غير جهة نومه ليجعلها ناحية الباب حتى تنام على ذراعه السليم .

تذكرت ذراعه وانتابتها رغبة في البكاء وهي تسترجع أحداث يوم أمس البشعة ومدت يدها تتحسس وجهه ولحيته الخفيفة ثم انهمرت دموعها فكم الصدمات التي قابلتها كان يضغط على أعصابها بشدة .

تحركت لتغادر السرير تشعر بأن كل عظمة في جسدها تؤلمها وتوجهت نحو الحمام ولاتزال ذكريات الليلة الماضية تطاردها ..

كانت تشعر بانهيار عصبي ممزوج بشعور بالامتنان لكنها تحمد الله وتشكر فضله على نجاتها وقد حسبتها النهاية.

تذكرت أم هاشم المسكينة التي فسدت ليلة حنتها وشعرت بالحزن من أجلها وفكرت في مليكة التي أخبرتها أم هاشم بأنها قد نُقلت بعد الحادث لبيت أهلها في حالة من الإعياء وقررت أن تتصل بهما لتبارك لأم هاشم وتعتذر لها عن عدم الحضور وتطمئن على مليكة لكن عليها أن تحصل على رقمي هاتفيهما بطريقة ما بعد أن فقدت هاتفها المحمول .

لماذا تشعر بأنها على أعتاب مرحلة جديدة من حياتها؟

أم انها متأثرة بما حدث ليلة أمس وممتنة لأنه قد كتب لها عمر جديد ؟

أم أن اعتراف كامل لها الذي رغم كونه مؤلما قد زلزل كيانها ليأتي مشهد اقتحامه البيت المحترق والتضحية بحياته من أجلها ليمحو كل أثر لذلك الألم الذي تركه تصريحه لها ؟..

صحيح لا تزال تشعر بالجرح في قلبها وكرامتها لكن ما فعله كامل ليثبت حبه الاسطوري لها وذلك القدر الرهيب من المشاعر الذي يحمله لها في قلبه كان مذهلا لدرجة تجعلها قادرة على أن تتغافل عما قاله من آراء صادمة .

متى أحبها كل هذا الحب ؟.. إنها لا تعرفه إلا من ستة أشهر فقط ..

أمن الممكن أن يتدفق كل هذا الحب في قلبه لها خلال ستة أشهر !!

لن تنكر بأنها هي الأخرى تتفاجأ يوما عن يوم بمقدار حبها له .. لكنها استشعرت من حديث كامل يوم أمس عذابا يفوق الستة أشهر ..

عليها أن تواجهه وتتحدث معه بهدوء .. ما دام يحبها .. ومادامت تثق فيه ..

وهل من الممكن ألا تثق به بعد كل ما فعل !!.. ما دامت تثق به فأي شيء بينهما من الممكن التغلب عليه أو التغاضي عنه .. وهي لا تحتاج في حياتها إلا الأمان في كنف رجل يحبها .. وأي شيء قد يهون بعدها..

أي شيء .

قطعت بسمة استرسال أفكارها حينما اقتربت من الحوض لتغسل وجهها لكنها بمجرد أن نظرت لوجهها في المرآة أطلقت صرخة مرتعبة ..فقفز كامل من السرير قبل أن يستيقظ كليا وتلفت حوله بعدم استيعاب يهتف بفزع "بسمة " قبل أن يجري ليقتحم الحمام .

بمجرد دخوله اسرع إليها وهي تصرخ في هلع وهيستريا مشيرة على وجهها وذراعيها" انظر يا كامل .. انظر يا كامل ماذا حدث لي؟ .. ماذا حدث؟"

××××


يتبع




Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 31-07-20, 11:06 PM   #1933

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2


(2)



انتهى من صلاة الجمعة وسلم عليه الجالسون بجواره يهنئونه بيوم زفافه ..منهم مصطفى الزيني وهلال جمعة .. لكنه كان مشغولا بما تنامى إلى مسامعه من أحاديث جانبية قبل خطبة الجمعة تتحدث عما حدث ليلة أمس ويشيرون بعبارات مخفية عن ارتباط هذا الحدث بحفل حنة أم هاشم.

تحرك مصطفى الزيني ليسلم على شيخ المسجد بينما سأله هلال " ما بك يا جابر؟.. لماذا أنت ساهم هل أنت بخير؟ "

قال أحدهم بصوت خافت لصاحبه" فليسترها الله على قريتنا فاليوم يوم زفافها وأنظر ماذا فعلت بالبلدة في حنتها أنا شخصيا لن أحضر العرس"

التقطت أذنا جابر العبارة فاندفع يمر من بين الواقفين نحو الرجل وقال بلهجة خطرة" سمعت من يتحدث عن يوم زفافي ويلوك في سيرة زوجتي"

امتقع وجه الرجل وتلجلج قائلا "أنا لم.. لم ..أتحدث عنك يا معلم جابر ..كنت أتحدث عن حفل زفاف خارج قريتنا "

لحق به هلال وتنبه الواقفون لما يحدث بينما رد جابر ساخرا بنفس النظرة المخيفة" حفل زفاف خارج القرية تخشى على قريتنا منه !!"

تدخل آخر يقول لجابر بلهجة الناصح" لا تؤاخذه فهو يخاف عليك "

هتف جابر بانفعال" ممن؟ .. أتتجرؤون وتتحدثون في شيء يخص زوجتي؟!"

امسك به هلال يمنعه من الانفعال بينما اقترب عيد يناظر الواقفين بعبوس متضامنا مع جابر فهو يعلم جيدا كيف لا يتقبلون المختلف عنهم فتدخل يقول للرجل غاضبا" المرأة التي تتحدث عنها هذه ..ظفرها أغلى من شواربكم .. ماذا تركتم للنساء الجاهلات حتى تتحدثوا بهذه الأفكار العقيمة"

قال الأول متراجعا عما قال بجبن" لا تغضب منا يا معلم جابر أردنا أن ننصحك لا أكثر"

ازداد انفعال جابر بينما هلال يمنعه قائلا بهدوء" جابر اهدأ أنت في بيت الله "

تقبض جابر بقوة يناظر الرجلين بغضب بينما تدخل الأخرون يلومون الرجلين في الوقت الذي اقترب مصطفى الزيني وشيخ المسجد .. ليقول الأول موجها حديثه للرجلين" أنتما أخطئتما في حق جابر حينما تحدثتما عن أهل بيته وهذا لا يصح أبدا وعليكما الاعتذار له"

أطرق الرجلان وتمتما بحرج الواحد تلو الأخر" لا تؤاخذنا لم نقصد الإساءة أبدا "

تدخل شيخ المسجد قائلا " يا اخواني .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الطِّيَرَةُ شِركْ ، الطِّيَرَةُ شِركْ ، الطِّيَرَةُ شِركْ ..ثلاثا) .. والطيرة هي التشاؤم بالشيء .. وهذا ينهى عنه الدين فاستغفروا ربكم وتوبوا إليه .. كل شيء بأمر الله"

غمغم الحاضرون بالاستغفار بينما ظل جابر مكفهر الوجه متألم القلب فقال بصوت عال يحدث الجميع" اليوم يوم زفافي على ابنة الشيخ زكريا ..من يريد أن يحضر أهلا وسهلا به ومن لا يريد فقد وصلت تهنئته "

قالها وتحرك مغادرا فأسرع هلال باللحاق به بينما وقف مصطفى يناظر ابتعاده مشفقا على صاحبه فأهل البلدة لم يكفوا منذ ليلة أمس عن الحديث عن أم هاشم حتى بعد ما فعله بذبح عجل وتوزيعه على فقراء البلدة فداء لها..

أما عيد فحدج الرجلين بقرف وتحرك مغادرا وهو يتمتم "دوما ما أقول أن البعد عن الناس غنيمة .. خاصة حينما يكونوا بهذا الجهل .. اللهم لا تعذبنا بما فعل السفهاء منا فلا حول ولا قوة إلا بك "

××××



تطلع الطبيب متفحصا في وجه بسمة وذراعها وهو ينظر للبقع الحمراء أمامه بحجم العملة المعدنية تقريبا ثم تفحص رقبتها وهو يقول" جسدك كله بهذا الشكل؟"

أجاب كامل بلهجة عدائية شاعرا بالغيرة" أجل كل جسدها "

هز الطبيب رأسه فسحب كامل كُم بسمة قبل أن تعدله هي ثم وقف يتطلع في الطبيب بترقب ليقول الأخير وهو يكتب في دفتر" الحقيقة التهيج الموجود على جسدها غريب.. سنحتاج لعمل بعض التحاليل لنتأكد من عدم وجود مرض جلدي معدي"

قالت سوسو بقلق وهي تعود بخطواتها للخلف" هل تشك في مرض معدي يا دكتور؟"

رفع الطبيب إليها أنظاره في نظرة خاطفة ثم عاد يقول وهو يكتب في دفتره "كل شيء وارد لدي اشتباه في ذلك"

قال كامل مدافعا" لقد تعرضت لحادث صعب ليلة أمس .. فقد نشب حريق في بيتنا في القرية وكانت بالداخل هل من الممكن أن يكون لهذه الحادثة علاقة ؟"

طالع الطبيب بسمة ثم قال بنظرة مشفقة وهو يعود لدفتره" حمدا لله على سلامتها .. من الوارد طبعا ..لكن علينا أولا استبعاد الجزء المرضي بعمل التحاليل ( وسأل بسمة) هل هناك شعور بالألم أو الحكة؟"

رفعت إليه عينيها الدامعتين وهزت رأسها بلا فقال وهو يقطع الورقة التي كتب فيها أسماء التحاليل ويعطيها لكامل " إذن لن نصرف أي نوع من الأدوية حتى تظهر نتائج التحاليل .. ألف سلامة "

قالها وهو يتحرك نحو الخارج فتبعه كامل بعبوس وخلفه سوسو التي نظرت لبسمة نظرة مشفقة قبل مغادرتها .

في صالة الجناح كان غنيم وونس وشامل في انتظار الطبيب بملامح حزينة وقد سمعوا ما قاله فتحرك شامل يقول للطبيب شاكرا وهو يشير له ليتقدمه "شكرا لك يا دكتور"

قال الأخير وهو يتحرك نحو السلم "حينما تظهر نتائج التحاليل ابلغوني "

وقف كامل مطرق الرأس يديه في جيبي بنطاله يشعر بالحزن فقال غنيم مواسيا "ستكون بخير إن شاء الله"

اندفعت سوسو تقول لونس محذرة" إياك والاقتراب من غرفتها ..وأنتم جميعا حتى نتأكد من أمر المرض المعدي"

طالعها كامل بنظرة حزينة متألمة وتحرك عائدا لغرفته بصمت فقال غنيم لزوجته بلهجة عاتبة" سوسو !"

غمغمت سوسو تدافع عن نفسها بارتباك" أنا لا أقصد أن أكون فظة يا غنيم شفاها الله وعفاها لكن مثلا ونس حامل و ..."

قاطعها غنيم وهو يعلم بأنها لا تقصد الفظاظة فقال" تعالوا لننزل ونتركهما وحدهما "

تطلعت ونس في غرفة بسمة بشفتين مقلوبتين تشعر بالحزن من أجلها في الوقت الذي سحبتها سوسو بحزم نحو السلم .

في الغرفة أغلق كامل الباب واقترب منها في صمت ينظر إليها فطالعته بسمة بذهول قبل أن تنفجر في البكاء.

أسرع كامل إليها وجلس بجوارها على السرير يشدها إلى صدره فقاومته تقول من بين دموعها" ابتعد يا كامل ربما أكون معدية"

اصر كامل على سحبها لحضنه فأمسكت بملابسه وأخذت تبكي بحرقة .

إنها تشعر بالرعب .. وكأنها فقدت حاسة من حواسها أو طرفا من أطرافها .. جمالها كان جزءا من تركيبة بسمة وكان لوقت طويل هو ميزتها الوحيدة التي تفتخر بها والتي تعتمد عليها في الحصول على إعجاب الناس وحبهم .. وحتى بعد أن تغيرت نظرتها هذه واكتشفت بأن جمالها لا يكفي لأن يحبها الناس .. لا يكفي لأن تثق في نفسها وترضى عنها .. بقي جمالها هذا جزءً هاما في شخصيتها .. داعما لها لتثق في نفسها حتى بعد أن توقفت عن الاعتماد عليه ..وحتى بعد أن تمنت أن يراها كامل من جوانب أخرى غير أنها جميلة .

الآن .. وفي هذا التوقيت بالذات .. وبعد أحداث أمس التي لم تتوازن نفسيا بعد منها .. كان الخبر صادما ومؤلما لها .. لقد رأت نفسها مشوهة في المرآة .. بقع حمراء كبيرة في وجهها وجسدها .. بينما مقدمة شعرها الناعم مشعثة لانكماش بعض الخصل من الحريق .

همس كامل يقول بمواساة "باسمة الأمر بسيط إن شاء الله حتى لو كان مرضا معديا كل الأمراض حاليا لها علاج"

غمغمت وهي تتشبث به وقد أطاح هذا الخبر بما تبقى لها من توازن نفسي "لماذا يحدث لي هذا يا كامل؟.. لماذا؟ .. (ورفعت انظارها إليه تقول بلهجة باكية) أنا لم أؤذ أحدا صدقني ..حتى في أسوأ حالاتي لم أؤذ أحدا "

انفطر قلب كامل من حالتها المنهارة فلم يتوقع أبدا أن يرى بسمة المغرورة الباردة بهذا الانهيار والضعف فأمسك بذقنها ومال يقبل شفتيها بقبلة مواسية.. فاعترضت بسمة وقالت بعد أن أطلق سراح شفتيها " قد أكون معدية "

حضنها كامل بقوة وغمغم بصوت رجولي بجوار أذنها وهو يمسد على رأسها "تماسكي يا باسمة وفكري أين كنتِ ليلة أمس ستشعرين بأن أي شيء يهون ما دمنا لازلنا أحياءً ولم نفقد من نحبهم "

اعترفت لنفسها بأنه محق .. وحاولت التماسك .. لكن رغبتها في البكاء كانت شديدة .. بكت بقوة تشعر بالخوف .. فشدد كامل من احتضانها لتقول من بين بكائها وهي تدفعه بعيدا بضعف "كامل أرجوك ابتعد حتى نتأكد من أمر العدوى "

لم يطلق سراحها بل مال يدفن وجهه بين كتفها ورأسها هامسا بسخرية" أنا دخلت خلفك النار يا غبية فهل تعتقدين بأني سأخاف من أية عدوى .. قلت لك من قبل أنا معك حتى القبر"

كلماته كانت مزلزلة لقلبها المفطور .. فانفجرت بالمزيد من البكاء والتشبث به ولم تعرف إن كان بكائها هذا انهيارا أم حزنا أم سعادة وامتنان.

××××

دخلت مليكة إلى صالون التجميل تحمل حقيبة بها ملابسها التي سترتديها في حفل زفاف أم هاشم وألقت السلام على الحاضرات فهتفت أم هاشم بسعادة وهي تترك مقعدها أمام المرآة وتجري لتحضنها" مليكة "

حضنتها الأخيرة وغمغمت "كيف حالك يا عروس ؟"

قالت أم هاشم بخفوت" ظننتك لن تستطيعي الحضور بسبب ما حدث ليلة أمس"

أبعدتها مليكة لتنظر لوجهها وقالت وهي تداري حزنها واكتئابها خلف ابتسامة جميلة "وكيف سأتركك في يوم كهذا يا أم هاشم !"

أمسكت الأخيرة بيديها تقول بامتنان وتأثر "لا حرمني الله منك يا رب .. الله وحده يعلم كم أنا ممتنة لوجودك أنت وبسمة في حياتي.."

ربتت مليكة على خدها بحنان لتسألها أم هاشم" هل اطمأننت على بسمة؟.. أنا لا استطيع أن أصل لهاتفها إنه مغلق على ما يبدو فقدته أثناء الحريق "

ردت مليكة "مفرح اتصل بزوجها فطمأنه وأبلغه بأنها ستتصل بي إن شاء الله .. المهم هيا عودي لمكانك حتى لا تتأخرين "

عادت أم هاشم مكانها فاطمأنت مليكة من صاحبة الصالون بأن كل شيء على ما يرام قبل أن تتخذ مقعدا جانبيا تشعر بإنهاك نفسي شديد ولولا أهمية حضورها لما تحركت إلى أي مكان.

××××



بعد العصر

قالت مليكة في الهاتف" لا حول ولا قوة إلا بالله!.. بالتأكيد من الصدمة يا بسمة فما مررت به ليلة أمس لم يكن هينا أبدا كان الله في عونك "

قالت بسمة تحاول التماسك "الحمد لله على كل شيء .. مهما أحكي لك لن استطيع وصف شعور الاقتراب من حافة الموت "

ابتسامة مُرة زينت ثغر مليكة ثم قالت بخفوت متألم" أعرف هذا الشعور جيدا .. شعور الاقتراب من الموت لكن كل منا له فجيعته "

أسرعت بسمة بتغيير الموضوع لاستشعارها بألم صاحبتها فقالت ببعض المزاح" صدق تفسيرك للحلم يا بنت الصوالحة واكتشفنا بأنك لست قليلة أبدا "

عقدت مليكة حاجبيها وسألتها باندهاش" أي حلم؟"

دخل كامل من باب الشرفة يشير لها بأن زيلا قد أحضرت الغداء فهزت رأسها وعادت لتتحدث في هاتفه بعد أن حصلت على رقم مليكة من مفرح وقالت مفسرة "ذلك الحلم الذي كان يراودني كثيرا عن النار وعن الرجل الغامض الذي سينقذني "

قالتها وهي تختلس النظرات المحرجة المرتبكة لكامل الذي وقف يرفع حاجبا ويناظرها بفضول ..فمدت كفها نحو صدره ودفعته للخلف ليدخل الغرفة ثم سحبت بابها الجرار في الوقت الذي ارتفع فيه حاجبا مليكة وهتفت "تذكرت الحلم... يا الله! .. سبحانك يا رب"

قالت بسمة بخفوت " رُب ضارة نافعة .. أعتقد بأن هناك هدف ورسالة لخوضي هذه التجارب سأحاول أن أفكر فيها واستخلصها إن شاء الله "

التفتت أم هاشم لها بينما صاحبة الصالون تضع لها اللمسات الأخيرة وسألت" هل هذه بسمة ؟"

قالت مليكة وهي تترك مقعدها" أجل إنها بسمة اتصلت لتبارك لك لكني كنت أطمئن عليها أولا"

أخذت أم هاشم الهاتف منها تقول بتأثر" حمدا لله على سلامتك يا بسمة "

بذلت بسمة مجهودا حتى تظل متماسكة بدون بكاء وقالت لأم هاشم بتأثر هي الأخرى "كنت ستلقين بنفسك في النار يا مجنونة!.. ومتى؟ ... ليلة حنتك!"

سألتها أم هاشم" كيف حالك يا بسمة طمئنيني عليك"

قالت الأخيرة مطمئنة "أنا بخير .. انني فقط لم أتوازن نفسيا بعد هذه التجربة ..لهذا لم استطع العودة إليك"

قالت أم هاشم بتفهم " إلى أين تحضرين؟ .. يكفيك ما حدث"

قالت بسمة بمناغشة "لأراك يا عروس بفستان الزفاف"

غمغمت الأخيرة بلهجة ساخرة وهي تنظر لنفسها في المرآة" الوضع بالضبط كباذنجانة سوداء ملفوفة بالأبيض "

من خلف دخان سيجارتها نظرت صاحبة صالون التجميل بيأس لمليكة بعد أن فشلتا في تغيير نظرتها عن نفسها رغم انبهار العروس بشكلها النهائي لكن ما تركه الزمن من أثار لن ينمحي في بضعة أيام .. بينما قالت بسمة بلهجة صادقة "أتمنى من الله أن يتمم لك على خير .. وأنا أوصيت مليكة أن تصور لي الصور وترسل لي بثا مباشرا من بعض تفاصيل الحفل"

ناظرت أم هاشم الواقفات بنظرة مختلسة ثم مالت برأسها تهمس بخفوت "بسمة إياك أن تتشاءمي مني .. أنا لست كما يقولون "

هتفت بسمة بانفعال "وما ذنبك أنت ..ما هذا التخلف الذي يقولونه!"

غمغمت أم هاشم بامتنان" أنا أعلم بأنك مؤمنة ومثقفة لكن أحببت أن ..."

قاطعتها بسمة تقول "اتركي هذا الهراء جانبا واستمتعي بكل لحظة قادمة يا أم هاشم ..هذه نصيحتي لك لا تفكري فيما بعد .. عيشي اللحظة الحلوة.. وأنا أكيدة بأن الله سيرزقك خيرا مما تتمنين"

زغاريد جاءت من خارج الصالون بينما دخلت وفاء تقول بحماس "جاء العريس .. جاء العريس"

ارتباك أصاب أم هاشم حتى أنها نسيت للحظات أن بسمة معها على الخط لتقول الأخيرة" اذهبي الآن وسيكلف مفرح أحدا لأرسال بثا مباشرا لنا على هاتف كامل..(وأضافت بلهجة صادقة) مبارك لك يا مشمش هذا يوم سعد وهناء لنا"

وقفت أم هاشم تشعر بأنها على وشك الإغماء .. فاقتربت منها مليكة تقول مهدئة وهي تأخذ منها الهاتف "اسحبي نفسا عميقا واخرجيه بهدوء "

نفذت الاولى وهي تحاول السيطرة على ضربات قلبها العالية وخرجت من الغرفة التي حجزت لها خصيصا بالصالون إلى صالة متسعة كبيرة تضم عرائس أخريات بفساتين الزفاف .

لو كانت أم هاشم في حالة طبيعية للمحت في عيون الموجودات الفضول أو الإعجاب أو السخرية والتهكم أو الامتعاض لكنها لم تكن منتبهة لشيء إلا لأنها تقترب من لحظة فارقة من حياتها .. لحظة لا تتمثل فقط في قربها من الغالي .. ولكنها ستودع حياة .. وتستقبل حياة أخرى .. لها وحدها .. تخصها .. ترسي قواعدها بنفسها دون أن يشارك فيها أحد إلا هو ..

حتى أنها نسيت ..أو تناست .. ما تعتقد في سبب زيجة جابر منها..

أرادت أن تستمتع باللحظة .. لحظة أن تقترب منه .. لحظة أن تتمتع بكل ثانية لها معه بالحلال ..

ستحسب حياتها معه بالثانية ..فلربما الساعات أو الأيام معه أمنية صعبة التصديق أو التحقيق .

انفتح الباب ووقف جابر متوترا .. إنه يشعر بالحرج الشديد خاصة مع ارتدائه الحُلة الرسمية ..فقد أصر على ارتدائها حتى لا ينتقص من حلم أم هاشم شيئا .. وأحضر زفة تقف على بعد أمتار منتظرة خروج العروس .. كل هذا يشعره بالحرج الشديد لكنه غير نادم فقد عاهد نفسه على أن يحقق لها ما تأخرت في تحقيقه.

اشرأب بعنقه للباب المفتوح فلم ير إلا طرف فستان بينما خرجت إليه هند بنت عمها تقول بابتسامة ماكرة" إنها محرجة من الخروج "

ظهرت من خلفها مليكة بأناقتها المعهودة تقول لجابر "أعتقد عليك أن تدخل لاصطحابها أفضل "

كان لا يزال الحرج يسيطر عليه خاصة وهو يدخل صالون تجميل يمتلئ بالنساء والعرائس في مواجهته فدخل خطوتين يخفض نظراته بحرج ثم استدار يرفعهما لينظر إلى أم هاشم التي غطت وجهها بيديها ذات رسوم الحناء.

لم تكن خجلانة فقط بل كانت تشعر بالضيق من وجهها الأسمر .. إن سمارها يتناقض بشدة مع اللون الأبيض الذي يحيط بها من رأسها حتى أخمص قدميها ..

ما الذي يحدث لها؟..

لم باتت غير راضية؟ ..

ربما لأنها تمنت .. وبعض التمني يضني صاحبه .. تمنت أن تكون حلوة مثل الباقيات .

ولم تعرف بأن جابر تطلع فيها يشملها بنظرة كلية مدققة وخفق قلبه بعدها خفقة قوية..

لم تعرف بأنه رآها مميزة .. صحيح لم يكن لديه مشكلة مع سمارها قبل ذلك لكنه في تلك اللحظة ..رآها مميزة عن باقي العرائس الواقفات خلفه يتطلعن فيه بعيون مصدومة.

اقترب جابر يزيح كفيها عن وجهها فنهرت نفسها عن تصرفاتها التي وصفتها بالمراهقة أمام الواقفات وابعدت كفيها وحدقت فيه لثوان بالحلة .. حلة العريس ..

كان كالبدر المنير أمامها .. من يراه لن يصدق أبدا أنه قد تخطى الأربعين بعامين .. بل لن يعطيه أكثر من ثلاثين عاما.. حتى لحيته التي خالطها الشيب المبكر والتي شذبها وخففها .. تجعله مميزا ووقورا ورجوليا وصاحب أجمل ابتسامة ساحرة رأتها في حياتها.

قال جابر لها بخفوت مصاحب لابتسامة ستقتلع قلبها من مكانه "هل تشعرين بالخجل؟"

ردت باسلوبها الساخر وهي تهز كتفيها وتشيح بنظراتها عنه" لا .. ولمَ سأشعر بذلك؟.. فاللحظة عادية "

اتسعت ابتسامته وقال مشاكسا" إذن لماذا كنت تختبئين خلف كفيك وتحجبين عني وجهك؟"

سحبت نفسا عميقا وغمغمت وهي تشيح بنظراتها بعيدا عن طلته الساحرة " أردت أن أمهد لك الشكل.. فلربما كنتَ متوترا"

سألها ضاحكا" وهل أنت متوترة؟"

حركت نظراتها يمينا ويسارا ثم لأسفل تتطلع في أصابع يدها وهي ترد بلا مبالاة مصطنعة" لا .. لست متوترة .. أبدا أبدا "

بحركة عفوية لم يكن ينويها بسبب شخصيته المتحفظة اقترب أكثر ثم مال يطبع قبلة خاطفة على خدها فلم يقدر على تقبيل جبينها بسبب ذلك التاج الذي يزين جبهتها.. فذابت أم هاشم من قبلته الحانية.

كان يراها كائنا شديد النورانية بهذا الثوب الأبيض ..ضيق من الذراعين والجذع حتى خصرها النحيف ..بياقة مرتفعة مقفولة تماما .. ثم ينزل الفستان منفوشا بشكل مستقيم .. قماش الفستان كان سميكا من طبقتين طبقة سادة فوقها طبقة من رسوم مفرغة اضفى عليه ملمسا خشنا كطبيعتها التي توحي بذلك .. وكان بدون أي لمعة ينزل بصلابة واستقامة حتى الأرض .. تلف حول وجهها حجابا أبيضا بسيطا وناعما من الشيفون بينما تاج من خرزات اللؤلؤ يزين مقدمة رأسها .. وطرحة عالية مثبتة أعلى رأسها منسدلة على جانبي رأسها .

كل هذا البياض يحيط بوجهها الأسمر الذي اكتسب لمعة مميزة جعلته كلون الشيكولاتة الساخنة الذائبة .. عيناها مكحلتان من فوق الجفن بالأسود بينما خط من اللون الفيروزي يخط جفنها السفلي أبرز حجري عينيها مع لمعة ذهبيه خفيفة جدا فوق الجفنين العريضين والوجنتين.. أما شفتاها فمطليتان بحمرة داكنة.

منحها جابر مرفقه فتطلعت في مرفقه لثوان ودون أن ترفع إليه أنظارها أدخلت أصابع يدها لتتعلق بذراعه .. تلمسه .. بينما يدها الأخرى أمسكت بقماش الفستان ليخرجا بخطوات هادئة رزينة من باب الصالون ويبدأ عزف فرقة الزفة بالطبل والمزامير .

خرجت مليكة خلفها فكان مفرح في استقبالها لتقترب منه تقول" لم أتوقع بأنك ستحضر أين تركت الولدين؟"

رد عليها وهو يتأملها " إنهما في بيت جدهما العمدة أما أنا فجئت من أجل زوجتي .. (وأضاف بلهجة موبخة ) هل كنت سأتركك يا ست الهانم لتعاكسك نظرات الرجال(وتطلع فيها من رأسها حتى أخمص قدميها وهو يدقق في ذلك الفستان قائلا ) خاصة مع هذا الفستان الرائع"

تأبطت مليكة ذراعه وهو يأكلها بعينيه.. فستانها أسود فوقه طبقة سوداء أيضا مشغولة كلها بخيوط باللون الزيتي اللامع كتطريز السيرما مفتوحة حتى الذيل إلا من عند الخصر مربوطة بشريط رفيع بينما حجابها باللون الأسود يبرز بياض بشرة وجهها ذي الزينة الرقيقة .

اقتربت مهجة تقول لمفرح بعتاب "تركتني يا مفرح من أجل مليكة "

رد الأخير ضاحكا" وهل تركتك في الصحراء أنت على بعد خطوات مني "

تأبطت مهجة ذراعه الأخر فقال مفرح لمليكة" هل تصدقين بأن عقلة الاصبع هذه حامل .. أنا لا اصدق "

ابتسمت مليكة تقول بصدق رغم الغصة في حلقها" تمم الله لها على خير "

لاحظ مفرح الألم في عينيها قبل أن تشيح بنظراتها نحو أم هاشم الممسكة في ذراع جابر بكلتا يديها تتطلع في الحاضرين بخفر .

كانت في هيئة غريبة عن أم هاشم التي يعرفونها .. بل كانت في هيئتها الحقيقية .. واعترفت مليكة بأن وجود صاحبتها في محيط جابر يجعل منها شخصا أخر .. تسقط عنها قشرتها الصلبة الخشنة وتتحول لأنثى حقيقية .

مالت مليكة على أذن مفرح تقول من وسط صوت الطبول والمزامير" ألم توصيك بسمة بأن ترسل لها بثا حيا على هاتف زوجها؟"

رد مفرح بجانب أذنها وهو يشير على أحدهم "لا تقلقي كلفت أحد الشباب بذلك"

في غرفتها في العاصمة كانت بسمة تتطلع في أم هاشم على شاشة التلفاز التي جلبت من غرفة الألعاب ووضعت بغرفتها بدلا من الأخرى التي تحطمت .. بينما هاتف كامل موصل بالشاشة ما يرسل له من مقاطع مصورة أو بثا حيا لزفة أم هاشم في المول الذي يقع فيه صالون التجميل .

أما كامل فكان يجلس بجوارها على الأريكة يوزع نظراته بين الشاشة وزوجته التي تبدو ضعيفة مثيرة لينة ..وحارة أكثر من أي وقت مضى.

حارة جدا رغم تلك البقع الغريبة التي تنتشر على وجهها ورقبتها وذراعيها .. لكنها لم تغير شيئا من احساسه بها .. حتى عيناها الذابلتان من كثرة البكاء كانتا لا تزالان تمارسان عليه سحرهما بزرقة لم يرى في مثلها جمالا .. وكما يفعل منذ أن استيقظ اليوم .. حاول أن يهذب جانبا همجيا غير صابر فيه.. لكنه لا يعلم إلى متى بالضبط سيستطيع الصمود .. دقيقة ..أم ساعة .. أم يوم.

××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 31-07-20, 11:07 PM   #1934

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3


(3)


بعد ساعة

في السيارة المزينة التي لفت شوارع القرية كان جابر يتطلع في أم هاشم كل عدة دقائق يحاول أن يستشف من تعبيراتها الصامتة الهادئة إن كانت سعيدة أم لا.. فكما أصر على عمل زفة أمام صالون التجميل رغم شعوره بالحرج هناك زفة أخرى كانت من تدبير مصطفى الزيني استقبلتهما عند مدخل القرية وتتحرك أمام سيارة العروسين الآن بالخيول الراقصة .. لكن العروس كانت مسبلة الاهداب تحك ابهاميها بحجرها ولم يستطع فهم انطباعها فهي لم ترفع عينيها المسبلتين حتى للمارة الذين يتطلعون من نافذة السيارة والذي يعترف بأنه قد لمح منهم من ضايقه من نظرات متهكمة لذا حمد الله أنها لم تكن تتطلع في وجوههم بينما نظرات أخرى رأى فيها محبة أو انبهار .

وعلى سيرة الانبهار فهو الأخر كان منبهرا جدا .. فهي بكليتها رآها ليس لها شبيهة وهذا الإحساس أشعره بالرضا فمد يده ليرحم ظفر ابهامها وحضن كفها بكفه في صمت مستندا بيده على فخذها تحت طبقات قماش الفستان الخشنة ثم سألها بعد لحظات" هل أعجبتك الزفة؟"

كانت دقاتها تتسابق في القفز بشكل هستيري وهي تتطلع في كفه ودون أن تنظر إليه هزت رأسها بهدوء وتماسك فسألها بلهجة بدت لها متسلية" ألن تنظري إليّ؟"

احتاجت بضع ثوان ليصدر منها رد فعل لكنها لم ترفع أجفانها المسبلة بل هزت رأسها رافضة فقال جابر بنفس اللهجة المتسلية "هل شكلي بشع إلي هذه الدرجة"

حاولت بقوة أن تقاوم حالتها المشلولة وشعورها المتناقض بالضيق لنظرات تحفظها من أهل البلدة وسعادة لدرجة البله فهزت رأسها مجيبة بالإيجاب ..لتسمع ضحكة رائقة منه قبل أن يقول " جزاك الله خيرا على صراحتك هذه"

ابتسمت أخيرا رغما عنها دون أن ترفع وجهها فأسعدته ابتسامتها .. في الوقت الذي قاطعهما رجل اقتحم النافذة برأسه من ناحية جابر منتهزا توقف السيارة بعد سيرها البطيء خلف الزفة ليسلم الرجل على جابر الذي اضطر لترك يد أم هاشم والترحيب به وتقبل مباركته .

بعد دقائق كانت الزفة تمر من أمام الشارع الذي يقع فيه بيت آل العسال ورغم بُعد المسافة إلا أن صوت الزفة كان واضحا فكان أخوان العسال بدير وعماد وكاميليا كل على حدة يتميز من الغيظ ظانين بأن جابر يقصد أن يغيظهم بعد أن نفذ ما أقسم به بأن يتزوج قبل انتهاء عدة ابنتهم .. ولم يعلموا بأنه لم يكن يفكر فيهم من الأساس تلك اللحظة بل كان يتملكه فضول شديد للتعرف أكثر على تلك المخلوقة التي تجلس بجواره .. في الوقت الذي كانت كاميليا تعاني من أعراض ذبحة صدرية وأسواط من الغيرة تجلدها لحظتها .. غيرة لا تعترف بها لنفسها أبدا .

××××


بعد ساعتين

أمسى الليل وتلألأت الأنوار فأبهجت القلوب الصافية بالفرحة وأدارت رؤوس الحاسدين والحاقدين بالغل .

كان جابر يجلس بجوار مصطفى بينما الرجال مجتمعون في الصوان الكبير الممتد بطول الشارع من بيته حتى بيت العروس بحضور غالبية أهل البلدة حتى مفرح الزيني حضر جانبا من الاحتفال ثم استأذن لانجاز بعض من اشغاله واعدا مليكة بأن يحضر مرة أخرى للعودة بها بعد نهاية الحفل .. بينما الطباخون يغرفون الأكل للحاضرين وواحد من أشهر المنشدين يحيى الليلة بالغناء .

اقترب هلال من العريس يخبره بأن الحاجة نجف أرسلت له تقول أن عليه أن يذهب ليلبس عروسه شبكتها فاستأذن جابر الموجودين وتحرك إلى آخر الصوان حيث يقع بيت العروس .

في بيت آل تيمور كانت العروس أم هاشم تتوسط صالة البيت تجلس على أريكة بهيئتها المبهرة وبجوارها تجلس مليكة صوالحة فتعطي بهيئتها الوقورة الأنيقة شكلا أخر للاحتفال البسيط في البيت بينما الحاجة نجف وأخواتها وعمة العريس على المقاعد المجاورة ..

كان الزحام شديدا في المكان على عكس ما توقعته أم هاشم وأهلها ..وكانت الفتيات يرقصن على أنغام طبلة نصرة الساخنة من كثرة الطرق عليها منذ بداية الحفل وصوتها الذي يصدح بانطلاق وفرحة صادقة ورغبة في التحرر من الأحزان التي تغرق القلب .. فهذا ما شعرت به إسراء وهي تراقبها من بعيد ..ثم عادت للانخراط في احاديث البنات وثرثرتهن.

أحست إسراء باهتزاز الهاتف في حقيبتها فأسرعت بإخراجه ليسقط قلبها بين قدميها وتتسع عيناها وهي تنظر لاسم المتصل (طلال) فأعادت الهاتف مرة أخرى لحقيبتها دون رد وأخذ عقلها يعمل في محاولة لإيجاد سبب يجعله يظهر الآن .

لقد اختفى تماما منذ ذلك اليوم المشئوم من البلدة كلها وعلمت من أحاديث الناس أنه سافر للعاصمة .

اهتزاز قصير في حقيبتها جعلها تفتحها من جديد والتقطت الهاتف لتجد رسالة من طلال ترددت قليلا ثم فتحتها لتجده يقول (مساء الخير إسراء .. أنا أعلم بأنك لا تريدين سماع صوتي ولا النظر في وجهي وأعلم فداحة الجرم الذي قمت به لكني كنت في موقف صعب وسيطر عليّ غضبي وأنا الآن نادم أشد الندم .. أموت ببطء يا اسراء صدقيني ولا أجد لنفسي أي فرصة للخلاص بعد أن فقدتك)

أسرعت بحذف الرسالة وحظر الرقم قبل أن يكمل إرسال بقية حديثه .. ولم تعرف لماذا لم تحظره من قبل .. هل نسيت أم تناست أم كانت تنتظر لحظة كهذه ترد إليها كرامتها ولو في السر حينما يعلن لها عن ندمه وبأنها لم تكن بخسة الثمن عنده .

أعادت الهاتف للحقيبة ووقفت مطرقة الرأس تتحاشى بعض العيون التي لا تكف عن التحدث والنميمة على هذه وتلك ومصمصة الشفاه ..

في نفس اللحظة لاحظت نصرة بطرف عينيها ذلك التعبير الحزين على وجه ابنتها رغم بعد المسافة لكن قلبها كان كالرادار لها فصدح صوتها بإحدى أغانيها ذات المعاني الوقحة الجريئة التي تحفظها من التراث وتخص حفلات الزفاف لتشاكسها .. فناظرتها اسراء بحرج .. لتُرَقِّص لها الأخرى حاجبيها مغيظة وهي مستمرة في غنائها ..فنظرت اسراء لمن حولها من المتفاعلات مع الأغنية بحماس ثم رفعت طرف حجابها لتغطي وجهها بحرج.

دخل جابر مع هلال ويحيى فعلت الزغاريد بينما تركت مليكة مكانها على الأريكة الصغيرة بجوار أم هاشم و أسرعت الحاجة نجف بإخراج علبة مخملية جعلت الأعناق تشرئب لمعرفة ماذا يوجد بداخل العلبة التي تبدو كبيرة بشكل ملفت وكعادة الريفيين في السماح للحاضرات بمشاهدة هدية العريس للعروس أخذت الحاجة أم ياسين عمة العريس العلبة من نجف وفتحتها ومرت بها على الحاضرات لتريهن بفخر ماذا جلب العريس للعروس ..فانبهرت العيون وصَلّت على النبي قبل أن تعود العلبة ليد الحاجة نجف في الوقت الذي استقر فيه جابر بجوار أم هاشم التي هربت منها روحها لاستقباله والرفرفة حوله حتى وصل إليها فأسرعت بإسبال اهدابها السوداء الكثيفة من جديد .

ناولته أمه دبلة ومحبس بينما مدت أم هاشم يدها المنقوشة بالحناء تحافظ على عدم اظهار ارتعاشها ليدس جابر الخاتم في اصبعها .. ثم أخرج عقدا طويلا من الذهب لمعت من أجله العيون وخرجت بسببه بعض الشهقات رغم أنه في مستوى ما يجلبه العرسان القادرون ماديا في البلدة فالبسها إياه يحيط عنقها بذراعيه ومال عليها قليلا وكلاهما مرتبك لغلق القفل ..

كان العقد كحلقات متداخلة تتوسطه قلوب ذهبية كبيرة وينتهي بحلقة دائرية ثم دلاية ضخمة مشغولة بالذهب ويتدلى منها بعض السلاسل الرفيعة القصيرة .

بعد أن انتهي جابر من اغلاق العقد ناولته أمه اسورة من نفس تفاصيل العقد بها قلوب مختلفة النقوش ثم خاتم على شكل قلب كبير منقوش وأشار لأمه أن تبقي الحلق لصعوبة أن يلبسه لها حتى لا يفسد لفة الحجاب حول وجهها . .

علا صوت نصرة مصاحبا للتصفيق على الإيقاع على وقع دقاتها على الطبلة..

يا حسود ارجع ورا

خلي الشمعة منورة

يا حسود حصوة في عينك

ابعد دحنا عارفينك

كانت صباح تقف فاغرة الفاه هي وبعض النسوة صاحباتها وتطلعت في الأساور الأربعة اللاتي التقطهن جابر وألبسهن لأم هاشم في اليد الأخرى .. وسمعت إحداهن تقول بانبهار "ألم يكتفي بالطقم الذهبي الثمين بملحقاته فاشترى أربعة أساور كبار ما شاء الله !.. إن هذه الشبكة بمبلغ كبير جدا"

ردت الأخرى باندهاش " من كان يتوقع أن تتزوج أم هاشم زيجة كهذه سبحان الله "

يا عزول ابعد قوام

الليلة ماشية وفي التمام

طب بخروهم م الحاسدين

حلوة العروسة صلاة الزين

انتهى جابر مما يفعل وبقى دبلته الفضية التي أعطاها لها فأمسكتها بأصابع مرتعشة وجاهدت لأن تضعها في اصبعه وسط اهتزاز الصورة أمام عينيها حتى نجحت أخيرا .

رشوا الكولونيا عليهم

يكفينا شر عنيهم

يا جيراننا عقبال عندكوا

ونهيص في يوم فرحكوا

كانت لحظات دافئة بينهما انتهت بأن طبع جابر قبلة على جبينها بجوار تاج اللؤلؤ وعلت المزيد من الزغاريد فازداد حرج جابر من العيون المحدقة فيه واستقام مغادرا يتركها وحدها على الأريكة مسبلة الجفنين مقطوعة الانفاس مبهورة.. ليس بالشبكة والفستان والحفل رغم كونهم أمنية تمنتها لسنوات طوال .. بل به وبحضوره الطاغي ..لتعود مليكة لمكانها بجوارها على الأريكة وتخرج علبة مخملية صغيرة بها خاتم من الذهب هو هديتها لها .

آه يا بنات يلا ارقصوا

والعَشا لما تخلصوا

عادت عمة جابر لتجلس مكانها فقالت إحدى خالاته" لازلت غير راضية على هذه الزيجة جابر ليس قليلا حتى يتزوج بسوداء "

نهرتها العمة بنظرة ثم قالت بلهجة موبخة" ما بها البنت هل خلقت نفسها والله جميلة"

قالت الخالة وهي تنظر لأخواتها المحايدات في رأيهن" لن أنكر بأنها جميلة .. لكنها سمراء وهمس الناس كثير من حولنا .. ألم يجد في هذه القرية المشتهرة ببناتها البيضاوات أي فتاة مناسبة غير هذه !.. كنا رشحنا له من قريتنا "

قالت العمة بلهجة متحسرة "وماذا أخذ من البيضاء يا حبة عيني غير التعاسة وقلة التربية وضياع شبابه .. كما أنه حرام عليك السخرية من خلقة الله يا أم محمد "

اسرعت الأخرى بالقول مدافعة عن نفسها" والله لا أقصد أي إساءة .. على عكس ذلك أنا أراها أصيلة ومن بيت طيب .. ولا أنكر بأنها جميلة الملامح (ثم مالت عليها أكثر تهمس) مشكلتها الحقيقة أنها نحيفة أكثر من اللازم ماذا سيتزوج فيها"

كتمت باقي أخواتها الضحك بينما نهرتها الحاجة أم ياسين بنظرة حادة وقالت بلهجة متهكمة "اسم الله على ابنتك التي لا تدخل من الباب من بدانتها "

قالتها وهي تنظر إلى إحدى الشابات النحيفات الواقفات من بعيد مع باقي من في سنها فردت الخالة بوجه ممتقع "حسنا سأخرس يا أم ياسين .. ألأنك حماة ابنتي تعايرينني بنحافتها!!"

ردت إحدى أخواتها تقول ضاحكة" وهل فتحت الحاجة فمها !.. أنت من تسخرين من بنات الناس"

ردت الأخرى وهي تضع يدها فوق فمها "خرست وأغلقت فمي تمم الله له على خير"

ناظرت اسراء أمها التي كان وجهها الأبيض الممتلئ قد تحول للون الأحمر من الحر الشديد وتصببت عرقا .. واتسعت ابتسامتها وهي ترى حماسها في الغناء وكأنها ترسل رسائل مبطنة لبعض الحاضرات اللاتي تعرف بخبرتها ما يدور في أذهانهن وفي همساتهن فتركت اسراء البنات وتزاحمت مع الموجودات حتى وصلت إليها .. ثم أخرجت من حقيبتها منديلا ورقيا تمسح لأمها العرق ثم أخذت تهوي عليها بمنديل أخر لتلطف من احمرار وجهها لكن نصرة كانت مندمجة ومصرة على اشعال الليلة بالغناء وبالرسائل المبطنة فاستمر صوتها الجميل منطلقا.

يا سَتّار ويا سَتّار

خلّي عزولنا يولع نار

إوعى الجادار ( الحائط) إوعى الجادار

عين العزول بِطُق شرار

××××

عيناها الزرقاوان المتسعتان وهي تناظر مندوب معمل التحاليل حين دخل الغرفة ثم تطلعها فيه بتوجس جعل كامل يجلس بجوارها على السرير بينما نظرت هي للإبرة وقبضت على ملابسه فلاحت ابتسامة على زاوية فم كامل .. تلك الابتسامة المتهكمة التي تستفزها فناظرته بسمة وهمست بغيظ "لماذا تبتسم؟"

هز كتفيه ورد هامسا" لم ابتسم"

كانت نفس الابتسامة لا تزال على شفتيه فقالت بغيظ هامس وهي تضع سبابتها على زاوية فمه "وماذا تسمى هذه؟.. أتريد أن أصورك لترى نفسك !"

لمستها لشفتيه اصدرت شحنة كهربائية بينهما جعلتها تسرع بسحب اصبعها وتلتفت للمندوب هاربة من نظرات عينيه المشتعلة التي تحاصرها من أول اليوم .. لكنها بمجرد أن ربط المندوب أعلى ذراعها استعدادا لسحب الدم بدأت تتوتر .. فقال كامل بخفوت وهو يضع كفه على عينيها "اغمضي عينيك"

قبضت بسمة على كُمه بقوة وهو لا يزال يغطي لها عينيها ويسمعها تدمدم بخفوت بعبارات غير مفهومة على سبيل الولولة ..فاتسعت ابتسامته رغم غيظه من ذلك الشاب البطيء الذي يمسك بذراعها وراودته فكرة تحطيم اسنانه بعد أن ينتهي من سحب العينة.

بعد ساعة

وقف في الغرفة يشاهد التلفاز بدون تركيز وكل حواسه تترقب خروجها من الحمام .. لقد غابت كثيرا ولا يعرف إن كانت تبكي أم لا .. فقد فعلتها وبكت أكثر من مرة اليوم وقلبه يشعر بشفقة كبيرة عليها فما مرت به يوم أمس لم يكن سهلا ..

انفتح باب الحمام وخرجت منه بسمة فقال كامل متهكما "كنت على وشك اقتحام الحمام "

وتطلع في الرداء البيتي الذي بدلت ملابسها إليه مدققا وهبت عليه موجة حارة رغم أن المكيف يعمل فسألها "لماذا غبت بالداخل كل هذا الوقت؟ لم أسمع صوت الماء"

كانت عيناها محمرتان من البكاء لكنها قالت بإنكار تحاول التماسك "حاولت أن أدهن جسدي بكريم ملطف لربما غيّر شيئاً "

راقبتها عيناه وهي تمر من أمامه بذلك الرداء الصيفي من قماش طري أملس به لمعة خفيفة بربع كُم يظهر ذراعيها المبقعان بالأحمر وفتحة رقبة عريضة تظهر جزءا من كتفيها .. وينزل فضفاضا على جسدها بنعومة ..راقبها حتى جلست على السرير بينما رائحة عطرة تفوح منها فردد خلفها بسؤال ضمني "كنتِ تفعلين ماذا؟!"

لم تستطع بسمة ادعاء القوة والتماسك أكثر من ذلك.. إنها تشعر بالضعف وبرغبة شديد للاحتواء والدعم .. فغمغمت تعيد ما قالته وهي تناظره بنظرة بائسة مسكينة أثارت شفقته ومشاعر أخرى وقحة بداخله" كنت أدهن جسدي بكريم مرطب "

اقترب وهو يقول ساخرا" أجل أشم رائحة الكريم جيدا ..( ثم سألها وهو يجلس أمامها على السرير ) وهل وجدت نتيجة ؟"

ردت ببؤس طفولي" لا لم اشعر بشيء وأشعر بأن البقع تزداد "

تطلع في وجهها المرقط بالأحمر وشكلها الذي أضحى عجيبا وبدت أمامه بعينيها الفيروزيتين ولهجتها المتمسكنة كقطة صغيرة بائسة في الشارع في يوم ممطر فسألها بلؤم "وهل انتشر في كافة جسدك ؟"

هزت رأسها بنعم واستمرت في استدرار عاطفته دون تعمد إلا من شعور أنثوي يسيطر عليها اللحظة أمام حضوره الرجولي القوي فقالت ببؤس" كل جسدي يا كامل (وفتحت بعفوية أول زر من الرداء تريه جزء من أسفل رقبتها وهي تضيف شارحة مشكلتها بتركيز) لا أعرف إن كنت اتخيل ازدياد العدد أم أني محقة لكن ..."

قطعت كلامها وشهقت حينما انقض كامل يطبع قبلة على أسفل رقبتها .. قبلة حارة مشتعلة متلهفة وبطيئة ..ثم رفع رأسه يتطلع في وجهها القريب جدا فهمست "كامل ماذا تفعل؟"

مال مرة أخرى يطبع قبلة ساخنة كمشاعره على عظمة الترقوة ارتعش لها جسدها ثم رفع وجهه لتدور عيناه على صفحة وجهها وهو يقول بهمس حار كالدماء التي تضرب في رأسه "اساعدك في عد البقع الحمراء حتى نستطيع أن نحدد إن كانت تزيد أم لا "

كانت أنفاسه العطرة تلهب بشرتها فهمست بتمنع وهي تدفعه بكفها في صدره" كامل قد أكون معدية أرجوك"

هاجم شفتيها بشفتيه بقوة وهو يلف ذراعيه حولها ليشل أي مقاومة منها .. لا يعلم بأنها لم يكن لديها ذرة مقاومة.. كانت بحاجة ماسة إليه إلى حضنه إلى ذراعيه القويين وصدره العضلي .. كانت بحاجة للتدليل .. لأن ترى في عينيه هو بالذات ما كانت تتوق إليه من إحساس أنثى في عيني زوجها وبين أحضانه .. كانت تتوق لفيض من مشاعر قوية جامحة تخصها وحدها .. تُبث إليها وحدها .. وكانت تريد أن تشعر باحتياجه لها .. احتياج قلبي شعوري وجداني قبل أن يكون احتياجا جسديا .

أطلق كامل سراح شفتيها وقال لاهثا" قوليها .. قولي نعم حليني من وعدي لك "

بخجل أنثوي يمارس التمنع بتلقائية غير مفتعلة هزت كتفا واحدا بـ(لا) مائعة افقدته ما تبقى من ذرات عقل فأمسك بوجهها وهجم على شفتيها من جديد بقبلة أكثر عمقا يودع فيها ارهاصات شوق مكبوت كفيل بأن يحرقهما معا لو ترك له العنان دون سيطرة ثم تحركت يده بلهفة لتستكشف تفاصيل جسدها .

حين أطلق سراح شفتيها أخذ يطبع قبلات على وجهها وعنقها ويداه تتعاملان مع أزرار ثوبها بقلة صبر فغمغمت بسمة بمحاولة أخيرة واهية للمقاومة" أشفق على ذراعك يا كامل "

ابتعد بجذعه قليلا ثم خلع التيشيرت القطني الذي يرتديه متحاملا على ذراعه المصابة و قال وهو يميل بها لتستلقي على السرير مخيما فوقها" قلبي أولى بالشفقة يا باسمة لو تعلمين عذابه لما يهفو إليه بجنون"

قالت بهمس بائس وهي تتطلع في قسمات وجهه الوسيمة "لم أتخيل أن تكون أول مرة بيننا وجسدي مرقط بالبقع الحمراء "

تحركت يديه بجرأة أكثر على تفاصيلها وهو يميل ليطبع قبلة أسفل أذنها وعاد إليها يقول بهمس عاشق " الله يشفق بحالي ويعلم بأني قد أموت بنوبة قلبية إن كنتِ بكامل جمالك أمام عيني في أول مرة بيننا يا فاتنة المجرة "

ترقرقت الدموع في عينيها فالتهم كامل شفتيها وكلاهما يصدر أنينا متوجعا وهو ينهل من الآخر ويخبره كيف كانت أيام عذابه ويأسه.. كلاهما كان يروي عطشا مميتا بعد متاهة طويلة في صحراء العمر القاحلة .

بعد بعض الوقت أبعد كامل شعرها عن وجهها وطبع قبلة لاهثة فوق جفنيها المغمضين يطلب هبوطا على شواطئ الموج الأزرق الذي غرق فيه حتى الثمالة ثم ارتفع بعده نحو السحاب.. وتحركت شفتيه على وجهها يداعب ملامحها الجميلة وبدل من أن يعود لشفتيها قبّل طابع الحسن شديد الإغراء بأسنانه ثم عاد يغوص في حضنها باسترخاء .

كان مذاق وصالها غير كل النساء .. وكان يعلم أن شعوره كرجل بها سيكون مختلفا عن تجربته السابقة في الزواج .. فلم تكن بالنسبة له مجرد جسد بل روح وقلب يتوق لاحتلالهما .. لوضع بصماته عليهما .. لختمهما بختمه .. ختم كامل نخلة ..

ورغم أن وساوسه وشياطينه لم يدعوه لينعم باللحظة الكاملة بخلو بال لكنه كان مستعدا لهم .. لمقاومتهم .. حاولوا اللعب برأسه في أكثر اللحظات خصوصية بينه وبينها ليستفزوه ليتخيلها بنفس الوضع ورد الفعل مع زوجها السابق لكنه رغم ألم مشاعره وجرح قلبه كان قويا في مواجهتهم.. في نفضهم بسرعة عن رأسه ..

وهي ساعدته في ذلك .. ساعدته حينما أخذت تردد اسمه طوال الوقت وكأن ذكرها لاسمه كان بمثابة تعويذة لطرد وساوسه...

لقد تعلم من التجربة فأضحى أكثر سيطرة على شياطينه ولم يسمح لهم بإفساد اللقاء الذي كان حلوا مزلزلا لكيانه .. لقاء أعاد ترتيب شظاياه المتناثرة .. رغم أنه لم يعلم متى تفتت إلى شظايا .. قبل اليوم !.

رفع رأسه فأشرقت عليه السماء الصافية بزرقتها .. شروق خجول ثقيل الجفون متمنعا قبل أن ترسم قسمات وجهه الوسيمة رغم خشونتها بعينيها معقودة اللسان .

كيف تخبره ..

كيف تصيغها له في كلمات ..

كيف تجعله يصدق أن بكارة الأنثى الحقيقة ليست في نقطة ما في جسدها وإنما في نقطة مجهولة بين الروح والقلب ..لن يقدر أن يصل إليها ويزيل عنها خاتم الشمع الأحمر .. لن يستطيع أن يوشمها باسمه إلا من يمتلكها بكليتها .. يمتلك روحها وعقلها وقلبها وليس فقط جسدها..

كيف تخبره بأن الأمر ليس بالوسامة ولا بضخامة العضلات ولا بالفحولة .. بل بالمشاعر .. بلغة الجسد التي تقول الكثير دون زيف أو تصنع أو أنانية أو رغبة تقف عند حدود الغريزة .. بطاقة من عطاء وعشق ورغبة في المنح والإيثار .. بعلاقة حب متبادلة بين طرفين وليس طرف واحد ..

كيف تخبره بأنها حين كانت متزوجة قبله لم يكن ينقصها شيء من الجانب الجسدي كأنثى فالجسد كان مرضيا واحتياجاتها في هذا الجانب كانت ملباة .. لكنها كانت يتيمة الروح والقلب ..

كيف تخبره بأنها عاشت بين ذراعيه منذ قليل أجمل تجربة وأجمل شعور مر عليها في حياتها وأحست بأنها ملكة متوجة على عرش قلبه ..

كيف تخبره بأنه قد فض بكارة روحها لأول مرة قبل قليل ..

لم تجد بسمة ما تعبر به عما تشعر به ..فرفعت يدها وأخذت تمشط له شعره بحنان جارف تدفق في قلبها يهزم قشرتها الثلجية التي تحتمي بها ..فطالعها كامل بعينين عميقتين رأت فيهما قبل قليل ما أذهلها من العشق والغرام والشوق والرغبة .

حاولت البوح بشيء .. أي شيء ..لترد به على ما قاله وما لم يقله فلم تقدر إلا على الهمس "بسمة خُلقت من ضلع كامل غنيم نخلة "

ادخل كامل ذراعيه تحتها وضمها بقوة حتى كاد أن يحطم عظامها وهو يردد بهمس متهدج بجوار أذنها "بسمة سليمان الوديدي خُلقت من ضلع كامل غنيم نخلة"

×××××

وقف جابر في صالة بيته يتلقى التهاني من خالاته وعمته وأمه بعد أن دخلن مع العروسين إلى البيت مهنئين ثم توجهت نجف لتبارك لأم هاشم فمالت عليها الأخيرة تقبل وجنتيها بابتسامة لؤلؤية واسعة تخفي ارتباكها.. جعلت جابر يرفع حاجبه حين اكتشف خيالا لغمازة في خدها الأيسر لكنه اضطر للعودة للانتباه لما تقوله له عمته .

بعد قليل خرج جابر معهن حتى بوابة البيت الخارجية حتى يطمئن بنفسه بأن أمه ركبت سيارة من سيارات أبناء عمته وخالاته الذكور الذين هنئوه مرة أخرى وودعه الجميع مغادرين ..

في داخل الشقة نظرت أم هاشم حولها في حالة عدم تصديق أنها وصلت للحظة التي ستقف فيها في هذا البيت وحدها مع جابر وقد أقنعت نفسها لتتفادى الصدمة بأنه ربما سينتهي الحلم قبل أن تصل إليها ..

بعينين دامعتين تطلعت في الأثاث والستائر في كل شيء حولها بسعادة واستدارت تنظر للنيش الكبير في الواجهة .. النيش الذي رتبته بنفسها .. فلفت انتباهها انعكاس صورتها عليه بذلك الفستان الرائع .

عليها حين تحين لحظات الألم أو الفراق أن تتذكر بأنها ارتدت أحلى فستان زفاف وذهبت لأكبر صالون تجميل ورصت النيش الذي تمنت أن ترصه .

كان الفستان الأبيض مضيئا ببياضه رغم أنه لم يكن لامعا .. فقط وجهها الذي كان داكنا بشدة يتناقض مع اللون الأبيض الذي يحيط بجسدها وكأنه يصر على أن يخبرها بأنها سوداء .

سمعت بوابة البيت الخارجية تغلق فارتبكت وبحثت حولها لا تعرف كيف سيتحمل قلبها سعادة وجودهما وحدهما فلملمت فستانها وأسرعت تهرول فوق السلم إلى الطابق الأعلى بينما دخل جابر من باب البيت يعقد حاجبيه وهو يبحث عنها في المكان قبل أن يغلق باب الشقة .. ثم وقف للحظات يلعب بميدالية المفاتيح في يديه وابتسامة تزين شفتيه .. ابتسامة ساخرة من نفسه حين اعترف بأنه مرتبك.

بعد دقائق كانت أم هاشم تقف في غرفة النوم وقد ازداد شعورها بالارتباك والهلع .. أجل الهلع.. فمؤشر ثقتها في أنوثتها هبط إلى تحت الصفر .. لقد انتصرت شخصية أم هاشم الأنثى في أن تسيطر عليها بعد أن هزمت أم هاشم الإنسانة بداخلها .. هزمت أم هاشم الواثقة في نفسها الصلبة من الخارج حادة الطباع .. حينما ظهرت أم هاشم الأنثى التي تتواجد في محيط جابر ..

تصورت نفسها بملابس تكشف عن جسدها الأسمر ورفعت ظاهر يدها الداكن تنظر إليه بإحباط شديد ولم تدر ماذا تفعل .. بل إنها تمنت للحظة ألا يقترب منها .. أن ينبذها من أول ليلة ..

أفكار مجنونة بدأت تسيطر عليها وهي تسمع خطواته على السلم تزيد من توترها وارتباكها بينما المؤشر لا يزال يهبط لما أقل من الصفر..

فتح جابر الباب فاستدارت لتواجهه تطوي شفتيها للداخل وتتقبض إلى جانب جسدها وبمجرد أن أطل عليها في تلك الحلة التي تظهره أمامها طويلا وسيما لا يزيد عمره عن ثلاثين سيطرت عليها رغبة في البكاء من هذه الجرعة الكبيرة دفعة واحدة على قلبها .

سألها جابر "هل أنت بخير ؟"

ردت بحشرجة " نعم .. أقصد لا .. لست بخير .. أشعر بالحرج وبالارتباك ولست معتادة على أن أبدل ملابسي أمام أحد "

قالتها بكلمات سريعة متلعثمة فاتسعت ابتسامته وهز رأسه متفهما وقال" لا بأس سأتركك قليلا لتبدلي ملابسك (ثم دقق في وجهها الشاحب وترك الباب ليخطو إليها خطوات قلقة وهو يقول بعبوس) أم هاشم ما بك لا تبدين على ما يرام"

قبل أن يقترب ابتعدت خطوتين للخلف وهي ترفع سبابتها أمامه محذرة تهتف بنظرة شرسة "أريد بعض الوقت وحدي "

رفع جابر يديه أمامه بابتسامة هادئة حلوة هدأت من روعها فضغطت شفتيها ببعضهما تمنع ابتسامة ترغب في البزوغ فظهرت غمازتيها الغائرتين أمام عينيه قبل أن تضيف بلهجة هادئة" أرجوك "

شراستها الأنثوية مع خجلها الواضح داعب واستفز شيئا بداخله .. فقال بهدوء وثقة" أنا فقط كنت سأقترب لأطمئن عليك "

تسلحت بالمزاح هاتفة باستنكار "وهل الأمور بهذه البساطة والسهولة تقترب حينما تريد الاقتراب !!"

اتسعت عينا جابر لثوان قبل أن يقهقه عاليا فخرج تأوه خافت من حنجرة أم هاشم تاه وسط صوت ضحكاته وغمغمت في سرها "اللهم صل على النبي .. ليتني أنجح في اضحاكك دوما فلا يحمل قلبك هما أبدا "

سيطر جابر على ضحكاته وهز رأسه يقول بابتسامة " لا بأس يا بنت الشيخ زكريا .. أنا جائع ولم آكل في الحفل سأنزل لأحضر الطعام الذي أخبرتني أمي بأنه بالمطبخ .. وأتركك تبدلين ملابسك .. ( ورفع سبابته يقول بلهجة متوعدة) وحينما أعود لنا حديث آخر "

راقبته يتحرك نحو الباب قبل أن يستدير ليضيف بابتسامة وبنفس اللهجة المتوعدة" تدللي على راحتك يا بنت شيخي "

قالها وأغلق الباب خلفه ثم وقف قليلا يشرد بنظراته في الأرض وهرش بعدها في مؤخرة رأسه مبتسما يشعر بالحرج .. فأسرع بفك ربطة العنق وألقى بها على أحد المقاعد وتبعها بسترة الحلة قبل أن يتحرك بخطوات رشيقة لينزل للطابق الأرضي في الوقت الذي وقفت أم هاشم تدمدم ساخرة" عن أي دلال يتحدث !.. هل هذه هيئة أنثى تعرف كيف تتميع وتتدلل! .. بل هل هذه أنثى من الأساس؟!"

أسرعت بفتح باب الخزانة فتفاجأت بأنها فتحت الجانب الخاص به ووقفت متسمرة تتطلع بنظرات متأثرة في ملابسه المعلقة أمامها .. ثم مدت يدها لتلمسها .. لتمرر يدها فوقها .. ثم اقتربت وحضنت بعضا منها مصدرة تأوها عاليا من قلب يائس معذب وهمست "يا رب أنا لا أعترض على خلقتك ولا على قدري أنا فقط تمنيت أن يراني أنثى كاملة ولو للحظات .. (وأضافت بلهجة باكية) يا رب أنت وحدك تعلم بأن قلبي سينفطر إن رأيت نفورا في عينيه هو بالذات"

أما في الدور الأرضي فوقف جابر يكشف عن الصينية التي تحتوي على الطعام ثم أمسك بدورق العصير سكب منه في كوب كبير وشربه ليروي ريقه الجاف دفعه واحدة ثم نظر في ساعته يقول لنفسه "نعطيها عشر دقائق أخرى ثم نصعد لنرى هل الاقتراب صعب أم سهل يا بنت الشيخ"

قال العبارة الأخيرة بتحدي ذكوري مستمتع لم يحدث معه من قبل ثم وقف يلتقط لقيمات من الطعام ويصب المزيد من العصير وهو لا يعرف لماذا يشعر بجفاف حلقه .. أهو التوتر والشعور بالحرج أم الفضول والترقب ؟!.

بعد دقائق ألقى جابر بالكوب على المنضدة الرخامية وأمسك ببطنه عابس الوجه وهو يشعر بمغص شديد يمزق احشائه أتبعه شعور بالقيء لم يعطه الفرصة لأن يستوعبه بل أسرع مهرولا نحو الحمام ليلقي ما في جوفه .

××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 31-07-20, 11:07 PM   #1935

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4

(4)


قبيل الفجر
رنين الهاتف أيقظها فرفعت رأسها من فوق الوسادة تبحث حولها وهي تحاول استيعاب مصدر الصوت قبل أن تنتبه لأنه من الهاتف الأرضي الموضوع بجوار السرير .
صمت الرنين فنظرت لنفسها لتجدها عارية تحت أغطية السرير وبسرعة قفزت ذكرى ما حدث بينها وبين كامل قبل ساعات إلى ذاكرتها فاحمرت وجنتاها وهي تنظر بجوارها فلم تجده .
عقدت حاجبيها بتساؤل ونظرت نحو الحمام المظلم قبل أن يعود الهاتف للرنين فمدت ذراعها والتقطت السماعة تقول بهمس أجش "آلو"
جاءها صوته مصاحبا لأغنية خافتة في الخلفية يقول" أنا في المطعم انزلي "
رمشت بعينيها عدة مرات ونظرت للساعة الجانبية ثم قالت باندهاش" الآن؟!"
قال بصوت لم تتبين كنهه" الآن"
قالها وأغلق الخط فعادت برأسها للوسادة تشعر بالإجهاد ثم اعتدلت تبحث عن شيء على ضوء المصباح الجانبي لترتديه قبل أن تلتقط تيشيرت كامل وتلبسه .
بعد نصف ساعة نزلت إلى بهو الفيلا المظلمة إلا من أضواء مصابيح جانبية خافتة باتجاه الباب المؤدي للمطعم فعدلت من بلوزتها السوداء فوق البنطال القماشي الرياضي وتممت على شعرها المبلل المعقوص للخلف بكعكة منخفضة ثم تحركت نحو المطعم وهي مشغولة بالتطلع في ساعديها المرقطين بالبقع الحمراء.
دخلت المطعم الخالي من الزبائن والذي اُسدل ستارا بلاستيكيا على هيئة شرائط ليغطي واجهته الزجاجية بينما الأضواء خافتة فاستقبلها صوت عبد الحليم الخافت هو الأخر .
حركة سمعتها في المطبخ المشعل ضوءه بشكل كامل فدخلته بخطوات مترقبة لتجد كامل يقف أمام موقد كبير وبيده مقلاة يضعها على النار.. فأدار لها وجهه يتطلع فيها بنظرة رسمتها من رأسها حتى اخمص قدميها أصابت وجنتيها بالاشتعال قبل أن يشير لها في صمت أن تجلس على مقعد عند طاولة طولية جانبية تفصل بينهما .
اقتربت بسمة في صمت وجلست بينما الصوت الخافت يغني ..
عاشق ليالي الصبر مداح القمر
عشق العيون السمر غواني السهر
لولا النهار في جبينك..
لولا الورود في خدودك ..
لولا الأمان في وجودك ..
ما كنت هويت ..
ولا حبيت ..
ولا حسيت بطعم الحب يا عمري
رمقها كامل بنظرة جانبية أخبرتها بما لا يحمل مجالا للشك ( هذا الكلام لك ) فارتجف قلبها بقوة وتأملته وهو يقف أمام الموقد بفانلة كحلية ذات حمالات تبرز عضلات ذراعيه القويين وأعلى ذراعه اليمين مغطى بضمادة وبنطال رياضي أسود وحذاء رياضي بينما شعره الندي مصففا للخلف ..وانبهرت بطريقته المحترفة لمسك المقلاة وهو يقلب ما فيها بدون ملعقة وإنما عن طريق رفع محتوياتها في الهواء عدة مرات فينقلب ما فيها ويعود مرة أخرى للمقلاة .. هيئته أشعرتها بأنها أمام أحد الطباخين المشهورين الذين تراهم على التلفاز .
ترك كامل المقلاة وأمسك بيد مقلاة أخرى بجوارها وبالشوكة قلب شريحتين كبيرتين من اللحم ثم سكب سائلا من زجاجة فوقها فهبت نارا لثانية جعلت بسمة تطلق صرخة مرتبكة قصيرة وتغطي وجهها بكفيها للحظات ..
تطلع فيها كامل بقلق وأخفض النار ثم تحرك نحوها يسأل "باسمة هل أنت بخير؟"
قالت بسمة بارتباك تحاول طرد ذكرى قريبة من مخيلتها" أنا بخير "
عبر المنضدة أمسك بيدها يقول معانقا عينيها بعينيه "آسف"
قدك المياس يا عمري
أيقظ الإحساس في صدري
أنت أحلى الناس في نظري
جل من سواك يا عمري
تطلع في وجهها المرقط بالأحمر وفي حجري عينيها المذهلين بزرقتهما فقالت بسمة بخجل "اذهب أيها الشيف حتى لا تحرق لنا طعام الفجر"
لاحت ابتسامة على زاوية شفتيه وعاد لما يفعل فراقبت بسمة تفاصيله الرجولية وتذكرت لقاءهما المشتعل قبل ساعات بينما قال كامل بلهجة متفاخرة" عليك أن تكوني ممتنة لأن كامل نخلة يطبخ لك"
اتسعت ابتسامتها .. ابتسامة مضيئة سعيدة .. وما أحلى الابتسامات الحلوة حينما تأتي بعد وقت عصيب ..وقالت بلهجة مشاكسة" أرى شخصا مغرورا أمامي"
أحضر صحنين مسطحين كبيرين ووضعهما أمامه ورد وهو يضع كل شريحة من اللحم في طبق "هذه حقيقة باشمهندسة باسمة .. فأنا لا أقف في المطبخ إلا نادرا حينما أكون في مسابقة للطهي أو دورة تدريبية أو مزاجي رائق فأقرر أن أطبخ شيئا بنفسي"
قالت معترفة "الحقيقة تفاجأت حينما شاهدتك رغم أني رأيت شامل أكثر من مرة في المطبخ يطبخ بيديه"
رد كامل" شامل متخصص في صناعة الحلويات وأنا متخصص في صناعة الطعام العادي"
قالها واقترب يحمل الصحنين فقالت بسمة بلهجة متهكمة " أفهم من ذلك أن عليّ أن أشعر بالفخر وليس فقط الامتنان لأن كامل بك نخلة يطبخ لي ؟"
وضع الصحنين واحدا أمامها والثاني أمامه وحرك عينه بعيدا عنها مفكرا ثم عاد إليها يقول ببرود مستفز" بالطبع"
ابتسمت مرة أخرى ساخرة من غروره ثم نظرت لقطعة اللحم وبجوارها خضراوات مشكلة وأمسكت بالشوكة والسكين وبدأت في التقطيع وهي تقول بغرور مماثل "سنرى كامل بك مستوى طبخك "
تأملها من خلف المنضدة بابتسامة وهي تحاول تقطيع اللحم ورغم أنها كانت تستعملهما جيدا لكنه استشعر عدم راحتها في التعامل معهما فاستدار يخرج إليها من خلف الطاولة وراقبته بسمة وهو يقترب منها حتى وقف خلفها ثم مال عليها يحيطها بذراعيه ممسكا بيديها الممسكتين بالشوكة والسكين.
كان جسده دافئا ورائحة عطره قوية اصابتها بالانتعاش في الوقت الذي قال كامل بخفوت بجوار أذنها وهو يساعدها على تقطيع قطعة اللحم "لا تجعلي سبابتك متشنجة بهذا الشكل على السكين .. وتستطيعين تبديل الشوكة لتكون باليمين بعد الانتهاء من التقطيع"
دمدمت بحرج تبوح به لأول مرة أمامه" أشعر بأني خرقاء حين أفعل هذا "
ترك التقطيع لكنه لم يترك يديها وقال متأملا جانب وجهها "هذا غير صحيح أنت تبلين بلاء حسنا وتتعاملين بالشوكة والسكين بشكل جيد أنا فقط الذي يستشعر تشنجك"
أدارت وجهها ورفعته إليه فتعانقت الانفاس والعيون على صوت عبد الحليم العذب ليهمس كامل وهو يتأمل سحر عينيها" كل الأغاني موجهة إليك لكن استبدلي( العيون السود) بالعيون الفيروزية"
يا شعر ليل .. يا ليل يا ليل
وفارد ضفايرك ع القمر
يا بو ضحكة حلوة منورة ليل السهر
يا ليل يا ليل
يا للي حسنك خللى دقات القلوب بتقول آهات
يا ما قالوا فيك أشعار كتيرة وحكايات
وليلاتي بيحكوا في هواهم
وكلام ع الرمش اللي رماهم
والليل بيطول وياهم
ويقرب لي فرحة عمري
ارتجفت شفتاها أمامه لا إراديا ومشاعر قوية تجتاحها فمال كامل بوجهه وأطبق على شفتيها بقبلة حارة مفجرة لكل مكامن الأنوثة فيها قبل أن تفلت شفتيها منه وتقول بحياء أنثوي ستظل محتفظة به حتى لو تزوجت عشر مرات "الطعام سيبرد "
طبع قبلة أخرى على رقبتها وهو يلجم نفسه عن التمادي ويلجم مشاعر أخرى ترغب في افساد اللحظات الحلوة معها ثم تحرك يعود إلى حيث كان خلف الطاولة .
أخذت بسمة قطعة من اللحم في فمها وبدأت في مضغها وهي ترفع حاجبا معجبا وتنظر إليه واللحم يذوب في فمها بطعم رائع بينما ناظرها كامل بثقة مستفزة فقالت بغيظ لا تريد الاعتراف بمهارته" تواضع لله يا كامل بك"
ابتسم وقال وهو يمسك بالشوكة والسكين "انتهي من طبقك سريعا حتى نصلي الفجر ثم نذهب مشوارا"
اتسعت عيني بسمة وقالت باندهاش" مشوار !.. في هذا الوقت ؟!!!"
××××
بعد ساعة
ازاحت بسمة الوشاح الذي كان يغطي رأسها وهي تصلي مع كامل لأول مرة .. صليا الفجر في المطعم بعد أن رفض الأخير الصعود للغرفة متعللا بلهجة ذات مغزى بأنه إن صعد لن ينزل منها.. ثم نظرت له بترقب وهي تسأله" هل سنذهب لهذا المكان الغامض بهذه الملابس ؟"
تطلع كامل فيها ثم أجاب" أجل ولكن غطي شعرك المبلل بالوشاح حتى لا تبردين من نسمة الصبح"
عقدت بسمة حاجبيها باستغراب فتحرك كامل يدخل إلى الفيلا وخلفه بسمة ثم إلى باب المرآب .. ممسكا بكوبين حافظين للحرارة يحتويان على قهوة وقبل أن يدخله أخرج من الخزانة الخشبية سترتين متشابهتين من الجلد أعطاها واحدة فنظرت في مقاسها الكبير وقالت "هل أصعد لأحضر سترة لي؟ "
رد وهو يتفحص السترة في يده" ليس لدينا وقت علينا التحرك الآن "
عقدت حاجبيها باندهاش وأخذت تفكر وهي ترتدي السترة تحاول تخمين المكان الذي يريد أن يأخذها إليه في هذا الوقت المبكر.. بينما قال كامل وهو يعطيها السترة التي في يده ويأخذ منها الأخرى" البسي هذه لأنها سترتي أما الأخرى ( وارتداها ) تخص شامل"
لبست السترة وتبعته للمرآب وهي تتذكر تصريحه في بيت الجد صالح ( أنا أغار أغار عليك ) فاتسعت ابتسامتها بفرحة ثم سألته وهي تتبعه بخطوات خفيفة على الأرض أشبه بخطى طفلة رائقة البال" كيف تفرق بين سترتك وسترة شامل ولماذا تشتريان نفس الملابس تقريبا؟"
رد عليها وهو يترك السيارات المركونة بالمرآب ويتجه نحو ركن مغطى فيه شيء لم تدرك كنهه "نحن نميل لاختيار ملابس متطابقة .. وأحيانا لو اشترينا من نفس المكان كل منا على حدة نتفاجأ بتطابق الكثير من اختياراتنا .. أما بالنسبة للتفريق بين ملابسنا فقد تعودنا على أن نضع علامة بداخل القطعة تلصق بالكي أو خيط رفيع كانت تفعله أمي ونحن صغار الخيط الأحمر لي والأزرق لشامل والغريب أنها تستطيع أن تفرق بين ملابسنا المتطابقة بدون أن ترى العلامة "
طالعته بسمة باندهاش قبل أن يزيح الغطاء عن دراجة نارية فتحولت دهشتها للدراجة بينما سألها كامل السؤال المهم "وأنت كيف تستطيعين التفرقة بيننا؟"
هزت بسمة كتفيها وردت بمراوغة" هكذا كما تفعل ونس"
سحب خوذتين كانا فوق أحد الرفوف بعد أن وضع كوبي القهوة وعاد إليها يقول بلهجة ذات مغزى "لكن ونس تحب شامل "
احمرت وجنتاها وردت وهي تشيح بنظراتها عن حصار عينيه "ومفرح أيضا يستطيع وبعض من أصدقائك"
قال وهو يتطلع في عينيها" لكنهم يحبونني أيضا وأنت تكرهينني "
حركت عينيها بعيدا عنه مجددا وردت تتصنع البرود" الكره أيضا نوع من المشاعر القوية "
هذه المرة لم يحزنه التعبير عن الكره ربما لشعوره بكذبها المفضوح وربما لما لمسه منها وهي بين ذراعيه .. فلم تكن فقط امرأة مشتاقة لعلاقة جسدية وقد كانت المرة الأولى التي ينتبه فيها لكونها هي الأخرى لديها احتياج جسدي باعتبارها قد سبق لها الزواج ورغم شعوره الحارق كلما تذكر أمر زواجها السابق لكنه أرغم نفسه على تقبل الفكرة .. لكنه اكتشفها بين ذراعيه .. اكتشف حقيقتها كامرأة متعطشة للحب ..للشعور بالحماية .. وتأكد من شعوره بأنها خلقت له ومنه .. خلقت لتكمله .. ولدهشته لم يبد عليها بأن لديها خبرة بعلاقة الفراش .. كانت مرتبكة خجولة تحتاج للتوجيه والقيادة ..
نفض الخاطرة مرة أخرى لتداخلها مع أخرى مؤلمة تريد أن تنغص عليه فرحته بلقائهما وألبسها الخوذة على رأسها دون تعليق ..وارتدى الخوذة الأخرى ثم وضع الكوبين في صندوق صغير في مؤخرة الدراجة وركبها وشغلها وهو يقول لها من بين صوتها العالي" هيا اركبي وتمسكي بي جيدا"
ترددت بسمة قليلا فلم تكن من هواة ركوب الدراجات البخارية أو ما يشبهها قبل أن تقترب وتركب خلفه ثم طوقت جذعه بذراعيها من الخلف فشدد كامل من يديها حوله ثم تحرك منطلقا يغادر المرآب.
××××
بعد قليل
كان كامل ينطلق بها على طريق سريع يربط بين المحافظات بينما نور الصبح بدأ في الانبلاج على استحياء ليمحو الظلمة أمام العيون وفي الأرواح .. وتطلعت بسمة في الصحراء على جانبي الطريق وهي تحضن كامل بكل قوتها مستغلة الفرصة .
بعد دقائق توقف على الطريق وسط صحراء شاسعة على مرمى البصر على الجانبين فنزلت بسمة تشعر بأنها تقف على وسائد هوائية وخلعت الخوذة تنظر حولها باندهاش ثم رفعت عينين متسائلتين لكامل الذي وضع الخوذتين فوق الدراجة وقال بلهجة شريرة" قررت أن أقتلك وأتخلص منك في الصحراء لأنك تكرهينني ما رأيك في هذه النهاية الرومانسية؟ "
غمغمت بابتسامة "ولماذا تتعب نفسك كنت تركتني في النار "
وضع كامل هاتفه على الدراجة ومنه عبد الحليم يستأنف غنائه ثم اخرج الكوبين من الصندوق وناولها قهوتها وهو يقول بخفوت متألم " لا تتحدثي عن هذا الأمر علينا أن ننساه "
داعبت رائحة القهوة أنفها وراقبته وهو يقترب ليقف خلفها فوضع ذراعه فوق كفها ليضمها إليه بذراع واحد بينما الأخر ممسكا بكوب القهوة .
أدارت بسمة وجهها نحوه فقال وهو يمس شفتيها بشفتيه "أنظري أمامك لقد حانت اللحظة"
عادت بسمة بوجهها لتنظر أمامها ثم شهقت متفاجئة وهي ترى قرص الشمس أمامها يصعد للسماء ببطء فينير الدنيا وينشر الدفء .. ارتعشت بشكل ملحوظ بينما رفع كامل كوب القهوة الذي يخصه وارتشف منه .. وأصداء الأغنية تدغدغ مشاعرهما.
عيني يا عيني عيني عليكي
كل القلوب بتدوب حوالكي
أما أنا ..وحدي أنا
بشوفك بس بعيون غير عيون الناس
واحبك بكل ما في القلب من إحساس
وقفت تتأمل المشهد المهيب بعينين دامعتين وهي ترى الشروق بوضوح وكالعادة يصيبها المشهد بالشجن وبرغبة في البكاء لكن هذه المرة كانت اللحظة الأروع في حياتها .. كان شروقا مميزا بوجوده معها يشاركها اللحظة التي تمنح الأمل وتعد بالتغيير للأفضل بينما هي محاصرة برائحة القهوة وعطر كامل ودفئه ..
أما أنا ..وحدي أنا
باشوف الحزن متداري
ورا الضحكة اللي في عنيكي
وبسمع في رنين صوتك شجن مالي لياليكي
غمغمت بعينين دامعتين "يا الله!.. لا أصدق (ونظرت لكامل تقول) أرأيت جمال الشروق يا كامل ؟"
داعبها يحك أنفه في خدها وهو يهمس" أنا أرى الشروق كلما رأيت عينيك يا فاتنة المجرة"
همست بلهجة عاشقة" كامل"
طوقها بذراعيه ملتصقا بها وهو يهمس" ليلة أمس كانت مذهلة يا باسمة "
قالت بلهجة بائسة "وأنا مرقطة بالأحمر!"
وياريت اللي كتير وصفوكي
كانوا يخدوا عنيا يشوفوكي
كانوا بقلوبهم حبوكي
زي ما حبيتك أنا وقلبي
شدد من ذراعيه حولها وهو يتطلع في عينيها عن قرب ثم همس" قلت لك كان هذا لطفا بي أنا من رب العالمين حتى لا أموت من أول مرة بجرعة زائدة من جمالك ومن شوقي إليك"
كانت لحظة كاملة لم تتوقع أن تعيشها يوما..

إنه يحبها حتى بدون جمالها المعهود فهمست "كامل"
"فداك روح كامل "
"هل كل ما يحدث لي حقيقيا ؟؟..أنت وأنا والشروق والقهوة"
لم يستطع الصمود أكثر فاقتنص قبلة من شفتيها .. قبلة حارة بعشق متجمر وبدأت يده الحرة في تحسس جسدها بشوق حتى انسكبت قطرات من القهوة من يده الأخرى.
أفلتت بسمة شفتيها تقول لاهثة" كامل نحن في الشارع وقد تمر سيارة"
ألقى كامل الكوب من يده وخطف كوبها وألحقه بصاحبه ثم طوقها بذراعيه من فوق السترة الجلدية التي يغرق فيها جذعها وعاد ليلتهم شفتيها وقد فقد صبره .
بعد قليل أبعدته بسمة بحزم ورجعت للخلف تتعثر في خطواتها شاعرة بالدوار وقالت وهي تعدل من ملابسها بعد الفوضى التي أحدثتها يداه "كامل هيا لنعود"
رد بأنفاس متسارعة" أجل هيا قبل أن يقبض عليّ بجريمة اغتصاب أنثى في الصحراء "
××××
على باب الحمام الملحق بغرفة النوم وقفت أم هاشم بفستان زفافها وقد خلعت طرحتها وحجابها وبقلب مقبوض تابعت جابر وهو يغسل وجهه بعد أن تقيأ للمرة التي فقدوا عدها.
راقبت ظهره المتشنج في بنطال العرس الأسود والقميص الأبيض وهو يمسك بالحوض منكس الرأس صدره يعلو ويهبط وقد شحب وجهه فقالت بصوت متهدج" لماذا لا نستدعي طبيبا يا جابر "
رد بخفوت من بين لهاثه المتسارع" قلت لك ليس هناك داع سأكون بخير إن شاء الله "
قالت بصوت باكٍ " أنت على هذه الحالة منذ ساعات لم يبق في جوفك ما تتقيأه حتى الماء أصبحت تشربها وتتقيأ "
كان يشعر بإعياء شديد وبحزن من أجل فساد ليلة العرس لكنه قال دون أن يستدير نحوها "اصنعي لي أي مشروب دافئ أخر "
ردت بقلق" غير الذي شربته وتقيأت!"
قال جابر بقلة صبر" افعلي ما قلت أم هاشم وإياك والاقتراب من الطعام بالأسفل أو دورق العصير هذا بالذات احتفظي به في الثلاجة لأنظر في أمره فيما بعد"
قالت أم هاشم " لقد تفحصت الأكل والعصير ولم أجد شيئا غريبا "
قال بحزم وهو يمسك بمعدته التي تؤلمه بشدة "نفذي يا أم هاشم دون جدال بالله عليك ولا تحاولي أن تتذوقي أي شيء منهم "
أسرعت تحمل طرف فستانها وتهرول حافية القدمين تغادر غرفة النوم وهي تسترجع باكية كيف أنها شعرت بغيابه فظنت بأنها ربما أغضبته بكلامها قبل أن يدخل عليها شاحبا صامتا .. وقبل أن يحاول الشرح أسرع نحو الحمام ليتقيأ .. وعلى مدى ساعات قضاها بين المقعد في الغرفة والحمام لم تفهم ماذا حدث إلا أنه قد شرب من العصير وتناول بعض اللقيمات من الطعام .
دخلت المطبخ بسرعة تصنع له شراب النعناع وهي تدعو أن تتقبله معدته وغمغمت في سرها" لا حول ولا قوة إلا بالله .. اللهم الطف به واشفه"
حين صعدت بعد قليل كان جابر يجلس على المقعد يميل بجذعه للأمام وهو يسند بمرفقيه على فخذيه بينما رأسه فوق قبضتيه المضمومتين .
سمعها تفتح الباب ثم سمع حفيف فستانها على الأرض قبل أن تدخل مجال رؤيته فشعر بالحزن من أجلها أكثر من أي شيء أخر ثم انتابته موجة ألم قوية تمزق أحشائه بشكل صعب التحمل بينما وضعت أم هاشم الكوب بجوار مقعده على الأرض ونزلت على ركبتيها ترفع وجهها إليه وهي تقول "ما رأيك أن تضع غطاء على بطنك ربما الدفء يشعرك بالتحسن ؟"
تماسك بقوة حتى يخفف من ملامح الألم التي يظهرها أمامها ورد وهو يكتم أنفاسه" أي شيء يا أم هاشم أي شيء تعرفيه من الوصفات المنزلية افعليه"
قالت وهي تمسك بذراعه "عليك بالاستلقاء على السرير "
شعر بالإهانة لرجولته كعريس سيرقد في السرير في ليلة عرسه فقال يعاند نفسه" لا لا سأكون بخير بعد قليل هاتي الغطاء هنا "
أسرعت نحو الخزانة تخرج منها منشفة كبيرة سميكة فقال جابر وهو يسمح لها بأن تضعها على بطنه" لقد اشرقت الشمس ولم نصل الفجر لا حول ولا قوة إلا بالله!"
اسرعت أم هاشم بالقول وهي تناوله كوب النعناع الساخن "ستتحسن إن شاء الله وستصليه قضاء "
قبل أن تكمل جملتها كان جابر يقفز واقفا ويسرع نحو الحمام ليفرغ المزيد مما في جوفه الفارغ فأجهشت أم هاشم بالبكاء لا تعرف كيف تتصرف لتخفف عنه.
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 31-07-20, 11:08 PM   #1936

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 5

(5)




أوقف كامل الدراجة الهوائية في المرآب فنزلت بسمة تخلع عنها خوذتها بينما الهاتف لا يزال يصدح بالأغنية التي أعادها للمرة الثانية .
موال
عاشق أنا موال
وقصتي بتنقال للناس وللعاشقين
قالو في الموال قالوا
عللي صبر ونال قالوا
من بعد صبر سنين قالوا
ركن الدراجة واستدار ينظر إليها بنظرات مشتعلة بالرغبة فحاولت بسمة الهرب من أمامه وهي تشعر بأن قلبها يقفز من السعادة في صدرها كأرنب صغير .
لحق بها كامل وأمسك بها قبل أن تدخل من الباب المؤدي لداخل الفيلا فهمست تتلوي بين ذراعيه اللذين أطبقا عليها "كامل ماذا تفعل؟"
رد وهو يطبع قبلة على طابع الحسن في ذقنها" أعبر أن أشواقي "
أفلتت منه وهي تقول بغرور أنثوي مصطنع" ألن تتعلم الاستئذان! "
رفع زاوية شفته العليا باستنكار ثم عاد ليمسك بها قائلا "كامل نخلة لا يستأذن "
وقبل شفتيها بقبلة حارة أخرى.
وأنا اللي قلبي خلاص ارتاح ..أنا
وبقيت في دنيا من الأفراح ..أنا
ومشيت يا ليل مشوار طويل
ولا قلت مرة دة مستحيل
سكنت بسمة بين ذراعيه لثوان متجاوبة مع القبلة فلم تستطع مقاومتها تشعر وكأنه يقبلها بقلبه لا بشفتيه ثم ابتعدت عنه تقول بلهجة مشاكسة مغرورة وابتسامتها السعيدة تنير ظلمة المرآب الجزئية " وأنا بسمة الوديدي يا كامل بك وليس لأني ضعفت ليلة أمس يعني بأن تتمادى"
هتف كامل باستنكار" نعم!!!!"
اسرعت بسمة بالهرب من أمامه تدخل من الباب فأسرع كامل خلفها بخفة وقلبه يرقص طربا وفرحا وسعادة .
في البهو وقفت بسمة بحرج أمام الحاضرين تخلع السترة الجلدية وتعيدها للخزانة وأدخلت بعض الشعيرات المشعثة في مقدمة رأسها بسبب الحريق ولحق بها كامل دون أن يخلع سترته.. ليقفا أمام آل غنيم .. فتفحصتها سوسو بأنظارها من بعيد وهتفت "يا إلهي البقع تزداد في وجهك !"
وقفت بسمة تناظر الجميع بعينيها الزرقاوين بينما قال غنيم بابتسامة حانية" كيف حالك اليوم يا بسمة؟"
هزت رأسها وقالت بحشرجة وقد عادت كل الذكريات المرعبة لرأسها "أنا أفضل الحمد لله"
قالت سوسو محذرة "غنيم إياك أن تقترب منها"
ناظر غنيم الأخيرة بنظرة عاتبة لكنها اسرعت بسحب ونس التي همت بالفعل من الاقتراب منها وهي تقول "ماذا فيها؟.. بسمة لن تغضب مني ..لو كانت مكاني لفعلت ذلك هي الأخرى خوفا من انتشار العدوى "
قال غنيم " لم نتأكد بعد بأنها معدية يا سوسو"
ردت تجادله " لهذا الحرص واجب أليس كذلك يا بسمة ؟"
غمغمت الأخيرة بتفهم "كلامك صحيح "
قالت سوسو لكامل بلهجة موبخة " وأنت لماذا بت معها في نفس الغرفة؟.. ألم أطلب منك ألا تخالطها حتى نتأكد"
أحاط كامل جذع بسمة بذراعه وقال بلهجة متسلية " كيف أفعل ذلك يا سوسو لقد كانت في حضني طوال الليل بالطبع"
شعرت بسمة بالحرج الشديد فرفعت ذراعها خلف ظهره وقرصته بغيظ بينما قالت سوسو بوجه متورد " إذن أنت أيضا سنحبسك معها حتى تظهر نتيجة التحاليل هيا لا تتركا الغرفة ولا تخرجا منها حتى نطمئن "
لمعت عينا كامل وقال وهو يمسك بكف بسمة" علم وينفذ يا سوسو .. أنت محقة لابد أن نلتزم بالحجر الصحي للحفاظ على سلامة الباقين"
قالها وهو يسحب بسمة التي تلون وجهها بالأحمر خلفه فمرت على ونس التي رفعت أمامها دفترها كيافطة لتقول بسمة "انتظر يا كامل لأرى ماذا كتبت ونس"
تدخل شامل يقول بالنيابة عن زوجته" إنها تقول حمدا لله على سلامتك لقد قضيت وقتا طويلا في البكاء من أجلك .. وسترسم لك صورة وأنت مبقعة بالأحمر "
ردت بسمة وكامل لا يزال يشدها على السلم" شكرا يا ونس (ثم هتفت ) كامل سأنكفئ على وجهي"
توقف الأخير وجعلها تصعد أمامه ثم قال لأخيه مغيظا من فوق السلم وهو يُرَقِّص حاجبا واحدا " تول أنت الأمر يا شامل فأنا سأكون في الحجر الصحي بالأعلى ولا أريد ازعاجا"
قالها وأسرع بالصعود ليلحق ببسمة بينما غمغم شامل من بين أسنانه بغيظ يداري فرحة شديدة في قلبه لما التقطه من سعادة توأمه" ال**** نال المراد"
أمام الغرفة قال كامل بلهجة خطرة من خلف الباب" بسمة افتحي وإلا أقسم بالله سأفتعل فضيحة"
نطقه اسمها دون لفظ التدليل جعلها تدرك بأنه غاضب فأسرعت تفتح قفل الباب وتقف أمامه متخصرة ترفع ذقنها أمامه بكبرياء وتقول" ماذا تريد ؟"
أغلق الباب خلفه وتأمل شكلها المبقع بالأحمر وقد حلت شعرها الأسود فبدت مغرية أكثر من تحمل أعصابه فقال بلهجة خطرة وهو يقترب منها" حذرتك من قبل من إغلاق بالباب من الداخل أليس كذلك! "
قالت بوجنتين مشتعلتين وتلك الرغبة المشتعلة في عينيه خاصة في حالتها الحالية تسعدها" وأنا قلت ماذا تريد يا كامل "
أمسك بخصرها ليمنعها من الابتعاد وألصقها به يقول بلهجة حارة "أريد أن اتمادى وأحطم كل الحدود وما بعد الحدود "
افلتت منها ضحكة رغم تأثرها بذلك الاحتياج والجوع لها .. احتياج أدركت بعد ليلة أمس بأنه عاطفيا لا يقف عند حدود الجسد وقالت وهي تبتعد بجذعها عنه" ومن سيسمح لك بالتمادي!"
أخرج المفاتيح والهاتف من جيبه وألقى بهم على السرير ورد بعنجهية وهو يعقد ذراعيه حولها "ومن قال بأني سأستأذن .. ثم أنا لم أتمادى بعد .. أنا لم أفعل شيئا بعد"
صدح صوت عبد الحليم ليكمل الأغنية بمجرد ارتطام الهاتف بالسرير والمفاتيح بينما تعانقت نظراتهما وهي بين أحضانه .
ومشيت ع الشوك ما رجعني
لحد الحب ما طاوعني
همس بصوت أجش وهو يمس شفتيها بشفتيه اسمعي عبد الحليم سيخبرك بكل شيء.
وبقيت أنا والحلوة حكاية
عمره ما هيبقالها نهاية
طول ما انتي يا حبيبتي معايا
هتنورلي أيام عمري
التهم كامل شفتيها فاستسلمت له وكل حركة ولمسة منه تستقبلها بامتنان عاشقة لرجل يعشقها كما تحب أن تعشق.. قبل أن يسمعا طرقا على الباب جعل كامل يزمجر بعصبية.. فحاولت الإفلات منه خاصة حينما عاد الطرق فعادت زمجرة كامل باعتراض غاضب وهو لا يزال يلتهم شفتيها .
تركها أخيرا مع الالحاح خاصة حينما قالت زيلا بعربية ركيكة" باسما .. أمك هنا "
اتسعت عيني بسمة وأسرعت بتعديل ملابسها وتمشيط شعرها بيدها سريعا وهي تنظر لكامل الذي فتح الباب لزيلا يقول "ماذا تريدين؟"
قالت الأخيرة بالإنجليزية "والدة بسمة وصلت وأخوها وامرأة شابة معهما ..ويبدو أنها ستصعد لأن سوسو أخبرتها بأن بسمة في حجر صحي حتى تظهر نتيجة التحليل لكن والدتها أصرت على الصعود"
قالت بسمة لزيلا " ناوليني شرشف من الخزانة بالخارج يا زيلا بسرعة "
ناظرتها زيلا بغباء فأشارت بسمة بعصبية تقول بالإنجليزية "شرشف للسرير "
اسرعت الأخرى في تلبية الطلب بينما وقف كامل يراقب ما تفعله بسمة بتغيير شرشف السرير وتعديل الغرفة وقال باستهجان" هل ستستقبلينها في غرفة النوم!"
ردت وهي تداري ضحكة متسلية "وهل لديك مكانا أخر لاستقبلها فيه ؟..فسوسو لن تسمح لي بالنزول قبل أن تظهر نتيجة التحليل وأنا بصراحة لا أريد أن أشعر أحد بالخوف من العدوى"
قال باستهجان" ألن تخشى والدتك من العدوى؟"
رمقته بجانب عينيها وهي تفرغ الوسائد من أكياسها ثم قالت " وهل منعك أنت الخوف من العدوى! .. أنا أعرف أمي لن تهتم بهذا الأمر حتى لو أصيبت لا قدر الله لكن أنا سأحاول أن اقنعها بأن تكون بعيدة"
هتف كامل بصبيانية " عليك بإقناعها أن تبقى بالأسفل"
رمقته بسمة بابتسامة فقال بغيظ صبياني "كان من الممكن أن تتأخر قليلا هل هناك أحد يزور الناس في هذا الوقت المبكر من الصباح !!"
استقامت ووقفت أمامه متخصرة تقول بكبرياء" أمي كامل بك هل ستمنعها من زيارتي .. المرأة لم تفعل معي كما تفعل باقي الأمهات بزيارة بناتها من حين لأخر بسبب بُعد المسافة"
دخلت زيلا بالشرشف وحاولت إعطائه لبسمة من بعيد بتحفظ وخوف من العدوى فأعطتها بسمة الأخر لتضعه في الغسيل وراقبتها وهي تمسك الشرشف بأطراف أصابعها بقرف وتغادر الغرفة وشعرت بالحزن لكنها حينما نظرت لكامل الذي يتطلع فيها بغيظ وإحباط وحاولت بصعوبة كتم ضحكتها .
اقترب كامل منها وهو يشعر بأنها مختلفة تماما عن بسمة الحائرة أول مرة رآها قبل ثلاث سنوات وبسمة الباردة المتعالية حينما قابلها في القرية وبسمة المجروحة الثلجية التي تزوجها ..
رآها بسمة أخرى ..
بسمة مشرقة دافئة سعيدة ومرقطة بالأحمر.
ابتعدت بسمة خطوتين للخلف محذرة بهمس "كامل أمي ستصعد في أي وقت والباب مفتوح"
قلب مقلتيه وهو يقترب أكثر فوصلت حتى المقعد ثم همست من جديد وهو يمسك بذراعيها "الباب مفتوح يا كامل "
صوت خطوات ثقيلة وصوت أمها المتلهف في الخارج وهي تنادي "يا بسمة "
جعله يفلتها فأسرعت الأخيرة نحو الباب وقالت" أنا هنا يا أمي لكن بدون لمس قد أكون معدية"
ضربت فاطمة على صدرها وهي تتطلع في وجه ابنتها وهتفت بجزع "بسمة ماذا حدث لك؟"
قالت بسمة بحزن وقد عادت للتفكير فيما حدث" الحمد لله على كل شيء "
اندفعت فاطمة بعاطفة الأمومة تضمها باكية فقالت بسمة متأثرة "قلت لك بدون لمس يا أمي حتى نتأكد" شددت فاطمة من احتضانها وهي تغمغم" لماذا يحدث لك كل هذا لماذا يا ربي .. والله قلبك أبيض ولا تحملين ضغينة ولا غل لأحد"
همست بسمة بلهجة باكية وقد تأثرت بما قالته أمها" أقدار يا أمي "
ابتعدت فاطمة تتطلع فيها بعينين دامعتين ثم انتبهت لوجود كامل خلفها بالغرفة فقالت له مرحبة "لا تؤاخذني يا بني لم انتبه لوجودك (واقتربت منه ترفع إليه رأسها وتقول ) اقترب لأقبلك واشكرك على شهامتك ورجولتك "
شعرت بسمة بحرج كامل وهو يميل بقامته الطويلة نحو أمها فطبعت على خده عدة قبلات متتالية سريعة قصيرة تعبيرا عن الامتنان .. فرفع رأسه وابتسامة تزين ثغره وهي تربت على صدره مضيفة " والله لن أنسى لك هذا يا كامل .. أنت انقذت ابنتي من..."
وأطرقت برأسها تمسك بطرف وشاحها باكية فربت عليها كامل بتعاطف وهو يقول" الحمد لله يا حاجة فاطمة كان الله بنا رحيما"
اسرعت إليها بسمة تقول "أنا بخير يا أمي لا داعي للبكاء ..هل جئت مع وليد؟"
غمغمت من بين دموعها "أجل إنه بالأسفل مع مهجة متحرجان من الصعود "
غمغمت بسمة " لا داعي سأسلم عليهما من بعيد وأنت يا أمي أخشى عليك من العدوى "
قالت فاطمة " لا أنا لن أتركك طوال وجودي هنا سواء كنت معدية أم لا متى ستظهر نتيجة التحليل؟"
ردت بسمة وهي تراقب فم كامل الملوي لقرار حماته بالبقاء في الغرفة" أعتقد سيظهر اليوم"
نظرت فاطمة لكامل تقول بلهجة ممتنة" وأنت يا حبيبي تجلس معها ولم تخش من العدوى"
هز كامل رأسه في وقفته بملامح مبتئسة يديه في جيبي بنطاله ورد" أجل .. وكنت أتمنى أن أتمادى أكثر من ذلك لكن حظي نحس كالعادة"
رمشت فاطمة بعينيها عدة مرات بعدم فهم خاصة وهو يحدثها بلهجة بلده بينما ناظرته بسمة بنظرة موبخة وهي تمنع نفسها من الانفجار في الضحك ثم قالت لوالدتها" تعالي يا أمي استريحي "
راقبها كامل بامتعاض وهي تسحب أمها وتجلس معها على الأريكة قبل أن تأخذ فاطمة رأس ابنتها إلى صدرها وهي تقول "لابد أن ارقيك من شر العين والحسد .. متى سيتركونك في حالك .. متى ؟"
تأثرت بسمة ودمعت عيناها وذكرى اللحظات الصعبة تعود إليها من جديد فقال كامل وهو يجز على أسنانه" سأذهب لأنام في إحدى الغرف الفارغة لأني لم أنم طوال الليل"
كانت فاطمة لا تزال على اعتقادها بأنهما لم يتمما الزواج بعد فقالت بتعاطف "بالتأكيد كنت بجوارها طوال الليل أسعدك الله في الدنيا والآخرة "
غمغم كامل وهو ينظر لبسمة بغيظ "أجل فكما قلت كنت أتمادى"
عضت بسمة على شفتها تطالعه بتوبيخ فردها لها ببرطمة غير مفهومة قبل أن يستدير ليترك الغرفة قائلا" سأسلم على وليد أولا .. هذا إن سمحت لي أمي بالنزول للطابق الأرضي ... وبعدها سأنام لبعض الوقت "
راقبت الحاجة فاطمة خروجه وكالعادة حيرها ذلك السؤال الذي لا تجد له إجابة تقنعها .. كيف لرجل في مثل طوله وعرضه وصحته أن يعيش مع ابنتها الجميلة كالأخوات .. هذا أمر عجيب لا تفهمه.. لكنها تركت التفكير وعادت لبسمة تتفحص وجهها وعنقها وهي تقول بولولة "ماذا حدث لك يا بسمة!"
××××
احمر قرص شمس الظهيرة في السماء وازدادت درجة حرارة الجو كما ازدادت درجة حرارة جابر فتطلعت فيه أم هاشم وهو مصر على ألا يستلقي على السرير ملازما للمقعد الأقرب للحمام يسند برأسه للخلف على ظهر الكرسي مغمض العينين وأم هاشم التي لا تزال بفستان زفافها تعصر كمّادة بين يديها وتضعها على جبهته وهي تشعر بألم كبير في قلبها .. لكن ثقتها به وبرجاحة عقله كانت تطمئنها بأنه لن يتشاءم منها .. وتعلم جيدا بأنه لو علم أحدهم سيربط فورا بينها وبين ما حدث لجابر وسيتأكدون بأنها شؤم عليه .. ومع هذا حاولت اقناع جابر بأن تتصل بأي أحد لجلب طبيب أو حتى تتصل بصيدلية لربما صرف لها الصيدلي أي دواء لحالته الغريبة لكنه رفض بشدة وأخبرها بأن أي شخص سيقترب من البيت خاصة في أول يومين سيعرف بخبره الجميع وقد يبدأوا في نشر الإشاعات .. ففهمت أم هاشم بأنه قد يسيء الأمر له كرجل أيضا فلربما طعن البعض في رجولته .. لكن حالته تؤلم قلبها خاصة مع ارتفاع درجة حرارته وعناده ألا يتمدد على السرير .. ولا تعرف ماذا تفعل حينما تحضر صباح ونصرة وبعض الجارات لإحضار صباحية العروس .
لم تكد الخاطرة تمر برأسها حتى سمعت صوت زغاريد بالخارج وتصفيق وغناء ثم الجرس يرن .. فاتسعت عيناها ولطمت على وجهها لا تعرف ماذا تفعل ..
نظرت لفستان عرسها الذي لم تجد فرصة لتبديله بينما عدل جابر رأسه يقول بوهن" هل سمعت صوت الجرس أم أنني أخرف ؟"
هزت رأسها "وردت أجل بالتأكيد زيارة الصباحية (ثم استقامت واقفة تقول بصلابة وهي تمسح دمعة فرت من عينها رغما عنها) لا تقلق سأبدل ملابسي وأنزل لهن وأخبرهن بأنك في الحمام "
قال جابر رافضا "كلا .. كيف تفتحين أنت الباب يوم صباحيتك ؟!"
قالت مجادلة "بالتأكيد عمي لن يكون معهن .. إنهن نصرة وصباح وبعض الجارات "
تحامل على نفسه للاعتدال يشعر بألم عظيم في عظامه يضاف لألم أمعائه وقال "حتى لو كان كذلك عيب أن تفتحي الباب يوم صباحيتك ماذا يقول الناس عني وعنك (واستقام واقفا بصعوبة والجرس يرن من جديد يقول ) عليّ أن ابدل ملابسي بسرعة "
أسرعت أم هاشم نحو الخزانة لتخرج له جلبابا ليبدل فيه ملابسه .
بعد دقائق كان جابر يمسك بسور السلم بقوة محتفظا بظهره مفرودا وهو يتحامل على آلامه التي تشتد ساعة بعد الأخرى بينما درجات السلم تتراقص أمامه والدوار والصداع شديدين ..
على البوابة سألت إحدى الجارات "لماذا تأخروا حتى الآن؟"
فردت نصرة بسعادة" أليسا عريسين... كان من الممكن أن نتأخر قليلا "
كتمت الباقيات الضحك بينما خرج جابر إلى ساحة البيت يبذل جهدا ليسير معتدلا وهو يشعر بأن حرارته آخذه في الارتفاع ثم فتح البوابة وهو يرسم ابتسامة ضعيفة.. وأحشاؤه تتمزق .. فانفجرت الزغاريد في وجهه وتحرك مبتعدا للخلف ليسمح لهن بالمرور وهو يحاول التجاوب مع كلمات التهاني التي امطرنه بها بهز رأسه تارة وبعض الكلمات تارة أخرى لكنه لم يكن قادرا على التركيز فيما يقلن جيدا .. فأشار لهن بيده للدخول ثم سار أمامهن يتعذب من الألم وهو يحاول ألا يظهر ما به .
همست إحداهن للباقيات" ما به؟.. الرجل يبدو شاحبا"
غمغمت صباح وهي تعوج شفتيها " العروس مشتاقة للزواج ويبدو أنها لم تتركه طوال الليل"
غمغمت أخرى بهمس متهكمة" يبدو أن أم هاشم ستقضي على صحته "
انفجرن في ضحك مكتوم فهتفت نصرة بتوبيخ هامس احترمي نفسك يا امرأة أنت وهي .."
ونظرت لصباح شذرا فجبنت الأخيرة واشاحت بوجهها بحرج.. بينما قالت ثالثة بلهجة أوقح "وماذا قلنا نحن يا نصرة! .. كنا نتحدث عن أنها مشتاقة وحصلت أخيرا على رجل "
احتقن وجه نصرة فاسرعن باللحاق بجابر وخلفهن نصرة التي تحمل فوق رأسها صينية طعام الصباحية.
دخل جابر ليتفاجأ بأم هاشم تقف في الصالة مرتدية روب أبيض من الدانتيل ياقته من الريش الأبيض وشعرها مفرودا على كتفيها ترتدي مصوغاتها الذهبية .. وقبل أن يقول شيء قالت هي بهمس "سأستقبلهن هنا لا داعي لأن يصعدن لغرفة النوم (وأضافت بلهجة مشفقة ) اصعد أنت "
لم يستطع جابر قول أي شيء فالأرض تتحرك من تحته والمغص يشتد وعادت إليه الرغبة في التقيؤ واستخدام الحمام فتماسك وصعد على السلم يحافظ على استقامة ظهره وهو يسمع دخول النسوة بالزغاريد والتهاني.. يشعر بالمرارة والألم من أن اضطرا للكذب وادعاء أن كل شيء على ما يرام.
ورغم ما يعانيه شعر بالشفقة على أم هاشم أن فسدت ليلة عرسها بهذا الشكل .. ويكاد يجزم بأن ما حدث هو بفعل فاعل.. لكنه كان في حالة لا تسمح له بالتحليل المنطقي ليحدد ابعاد الموقف والجاني .
انتهت الحاضرات من التهاني والتبريكات والزغاريد وجلسن على الأرائك في بهو البيت يتطلعن في الأثاث حولهن وهن يصلين على النبي بينما خرجت نصرة من المطبخ تقول باندهاش " لم تلمسوا الطعام يا أم هاشم إلا بعض اللقيمات ؟!"
غمغمت الأخيرة بارتباك " لم يكن لدينا شهية للطعام "
انفجرت الموجودات في الضحك فناظرتهن أم هاشم ترسم ضحكة صفراء وكأنها تؤكد لهن ما يقصدن بضحكهن .. فسألتها صباح بفضول " المهم طمئنينا يا أم هاشم"
في جلستها مستقيمة الظهر على طرف المقعد شبكت أم هاشم أصابع كفيها على ركبة من ركبتيها وقالت بابتسامة "عم أطمئنك بالضبط يا زوجة عمي؟"
قالت إحدى الجارات تغمز بعينها" طمئنينا كيف هو الزواج؟"
ردت أم هاشم بابتسامة صفراء أخرى وهي تقسم في سرها أنه لولا سمعة جابر لزجرت هذه المرأة الوقحة لكن الظرف يحتم عليها تأكيد ما يقلنه حفاظا على سمعته كرجل ..فمجتمع صغير كقريتها هذه الأمور حساسة فيه جدا وأي شائعة قد تطالها لن تنمحي بسهولة فقالت بنفس الابتسامة المصطنعة "رأيي في الزواج كرأيك بالضبط مع أبو عيالك "
شعرت المرأة بالحرج بينما قالت أخرى" وهل أعجب جابر بالسمار "
ردت أم هاشم بنفس الابتسامة الباردة " هل انادي لك عليه لتسأليه بنفسك عن انطباعه؟"
خرست المرأة بينما هتفت أخرى" كنا نريد أن نعرف منك التفاصيل ورد فعله لنفرح لك"
قالت أم هاشم" لا بأس ولكن حينما تحكي لنا أنت أيضا عن تفاصيل ليلة زفافك "
هتفت صباح "ما بك يا أم هاشم تتعاملين معنا بتعال فالنسوة يسألنك ليطمئنن عليك"
تدخلت نصرة تقول " الحقيقة أنكن تتدخلن في أمور عيب التحدث فيها"
فأضافت أم هاشم بنفس الابتسامة المرسومة" وحرام .. إفشاء الاسرار بين الزوجين حرام .. عموما طمئنوا أنفسكن فكل شيء على ما يرام "
ورنت أساورها وهي تستقيم واقفة وتقول متجهة نحو المطبخ "لم أضيفكن بعد لا تؤاخذونني"
قالت نصرة وهي تذهب خلفها" لا داعي يا أم هاشم نحن سنغادر بسرعة"
همست إحداهن" إنها ليست نحيفة للدرجة التي توقعتها لكن من أين حصلت على هذا البروز؟"
قالت صباح موضحة "بالتأكيد ترتدي صدرية مبطنة رأيت منها في جهازها "
ردت الاخرى بوقاحة" لكنها ممتلئة في منطقة أخرى من جسدها بشكل ملحوظ وهذا يعجب الرجال جدا "
انفجرن في ضحك مكتوم لتقول صباح بعد أن تغلبت على ضحكاتها" مهما يكن لست مصدقة حتى الآن أن رجلا في عز شباب وصحة ووسامة جابر يتزوج من سمراء نحيفة لا تملك إمكانيات أنثوية .. هناك شيء لا أفهمه في الأمر"
ردت عليها إحدى الجارات "المهم أنها خرجت من البيت أخيرا .. ألم تشتكي مرارا من وجودها تزاحمكم فيه"
علقت صباح متنهدة" هذا ما يقلقني .. أن يكون هناك غرض لجابر من هذه الزيجة مثل ما قيل في البلدة بأنه يريد كسر عين بنت العسال .. فتعود أم هاشم لنا مرة أخرى.. وهذه المرة لن تخرج منه فمن سيرغب في الزواج من مطلقة سوداء لا تملك مؤهلات أنثوية ؟!"
في الداخل قالت نصرة لأم هاشم بقلق "هل أنت بخير تبدين شاحبة وجفناك متورمان.. هل كنت تبكين؟"
تمنت أم هاشم أن تبوح لنصرة .. وتمنت أن تستعين بهلال ليحضر له الطبيب لكنها خشيت من أن تسيء لسمعة جابر ولحساسية موقفه كعريس .. كما أنها لا تثق هل سيتصرف هلال بحرص أم لا .. وحتى لو تصرف كيف سيحضر الطبيب أمام أهل البلدة .. ولو طلبت منها احضار شيء من الصيدلية كيف ستفسر لنصرة هذا الطلب فقالت" أنا بخير كنت أبكي من السعادة فكما تعلمين لازلت لا أصدق ما يحدث معي "
قالت نصرة بمحبة" ربك كريم وكرمه واسع (وغامت عيناها تضيف ) العقبى لإسراء حينما يأتيها العوض هي الأخرى"
ربتت أم هاشم على ذراعها بمحبة ثم حملت صينية عليها بعض الحلوى وعلب بها هدية العروس من الحلويات لزائريها لتقول نصرة باعتراض "قلت لك ليس هناك داع "
ردت أم هاشم" لا يصح إنهن في بيتي لأول مرة (ثم قالت بتردد) أم كريم أنا نسيت أن احضر بعض الأدوية للطوارئ لأضعها عندي في الخزانة"
سألتها نصرة" أي أدوية؟"
ردت أم هاشم" أدوية مثلا لخفض الحرارة ومسكنات وأدوية للقيء أو المغص المعوي "
قالت نصرة تهز رأسها "لا بأس سأحضره لك في وقت أخر"
أرادت أم هاشم أن تتوسل إليها أن تسرع بجلبها لكنها قالت متماسكة" لو أن ترسليها مع كريم سأكون شاكرة"
قالت نصرة" بالتأكيد لا تقلقي سأحضرها لك أنا بنفسي غدا حينما أحضر "
قالتها وهي تترك المطبخ فأطرقت أم هاشم برأسها لثوان لا تعرف ماذا تفعل وأكلها قلبها على جابر تريد أن تسرع إليه لتطمئن .. فخرجت من المطبخ وهي تغمغم" يا رب فوضت أمري إليك واستودعت جابر ابن نجف في حفظك المتين "
بعد دقائق وبعد أن أصرت نصرة على أن يغادرن جميعا لترك العرسان .. وبعد بعض الأسئلة الوقحة من الباقيات لأم هاشم ظاهرها مزاح وباطنها سخرية غادر النسوة مودعات على صوت زغاريد نصرة فأغلقت أم هاشم خلفهن الباب واسرعت بلملمة ذيل ذلك الروب الذي ترتديه وهرولت على السلم بقلب مفجوع على زوجها الغالي .
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 31-07-20, 11:08 PM   #1937

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 6

(6)



"أنت يا أم الزفت هل ضحكت عليّ وأخذت المبلغ الكبير الذي طلبتيه دون أن تنفذي ما طلبته ؟.."
هتفت أم عصفور في الهاتف "لماذا هذا الكلام يا ست كاميليا أنا خادمتك والمبلغ أخذه العطار ولست أنا "
سألتها كاميليا بعصبية " هل أنت متأكدة من ذلك العطار؟"
ردت الأخرى بثقة " يا ست الكل هذا رجل مشهور في إحدى القرى المجاورة كما سبق وأخبرتك .. ويأتيه الناس من المحافظات الأخرى لوصفاته التي تعالج الأمراض بالأعشاب "
صاحت كاميليا " أنا لم أطلب علاجا .. أنا طلبت سم هاري على بدنك .. أ من الممكن أن يكون قد نصب عليك؟"
قالت أم عصفور بثقة " أبدا والله .. الرجل صدقني وتعاطف معي بشدة حينما ذهبت له باكية وأخبرته بأن زوجي قد طردني من البيت أنا والعيال واستولى على ميراثي من أهلي ليتزوج بأخرى وبأنني أريد أن أفضحه هو والسنيورة التي تزوجها فأعطاني خلطة الأعشاب هذه وأخبرني بأنها تذوب في السوائل دون أن تترك أثرا أو تؤثر على الطعم وبأنها ستصيب من يتناولها بقيء مستمر وارتفاع في درجة الحرارة خلال ساعات ولن يتم الحل إلا بالتدخل الطبي السريع وإلا ستسوء الحالة .. وأنا بنفسي وضعتها في العصير وفي الشوربة وفي الملوخية ومسحت بها على الطيور وكأنها توابل .. أي أنه أيا من كان سيأكل أو سيشرب لابد أن يمرض فورا"
سألتها كاميليا مفكرة " أمن الممكن أن تكون الحاجة نجف قد لمحتك وبدلت الطعام ؟"
ردت الأخرى نافية " لا لا أنا كنت حريصة واستغليت انشغال الجميع بالحفل "
قالت كاميليا بغيظ " حتى الآن لم يحدث أي شيء ولم يظهر شيء غريب حول البيت والصباحية ذهبت إليهما وليس هناك أي تحركات غير عادية"
قالت أم عصفور وكأنها تتعمد حرق دمها " من الممكن أن يكونا قد انشغلا لم يجدا فرصة للطعام .. فهما عروسان"
صرخت فيها بغل " اذهبي يا امرأة وادع ربك أن يكون هذا الرجل صادقا وإلا يا ويلك أنت وأولادك مني .. اذهبي"
وقفت كاميليا تقضم ظفر ابهامها وهي تفكر بتوتر في الوقت الذي دخلت فيه ميس تقول باكية " أمي.. زيد ابن خالي ضربني "
صرخت كاميليا فيها " اذهبي الآن من أمامي .. اشتكي لأمه واتركيني في حالي "
أسرعت ميس بالخروج تبكي بينما رفعت أمها الهاتف على أذنها مرة أخرى وقالت بعد برهة " أنت يا عصفور الزفت ما الأخبار؟"
رد عصفور بإنهاك " لا جديد أخي يقول لا جديد"
صرخت فيه " هل أنت متأكد؟.. ألم يطلبا طبيبا أو يزورهما أحد غير طعام الصباحية؟"
"لا جديد يا ست كاميليا"
سألته بغيظ " هل أنت متأكد من أن أخوك يراقب البيت؟"
رد الأخر بإجهاد " أتصل به كل نصف ساعة اقسم لك "
سألته باستنكار " ولماذا لم تراقب البيت بنفسك؟"
هتف عصفور قائلا " يا ست كاميليا أنا وجهي معروف وهلال جمعة يعرفني جيدا .. لقد سهرت طوال الليل بالقرب من البيت لكن حينما طلع الضوء تركت أخي هناك ونخشى أن نلفت انتباه أحد"
قالت آمرة " لا تجعله يتحرك من هناك وإذا شعر بأي زيارة غريبة عليه أن يخبرني فورا (وأكملت في سرها) وأنا سأرسل من يشاهد ويستخدم الأمر لإطلاق الشائعات المهم أن نأتي بدليل"
بامتعاض حرك عصفور رأسه بطاعة وهو يقف في الشارع قائلا " حاضر يا ست كاميليا حاضر"
اغلق عصفور الخط ونظر في الهاتف يريد أن يبصق عليه بقهر بينما وقفت كاميليا تحدث نفسها" ترى من منهما الذي أكل الطعام؟.. أم إنهما الاثنين قد مرضا ؟ المشكلة أن طعام الصباحية قد ذهب إليهما .. أمن المعقول أن فاتت الفرصة يا كاميليا .. كانت الضربة الأقوى التي ستجعل الجميع يتشاءمون منها.."
سحبت نفسا عميقا وقررت ألا تفقد الأمل فغمغمت " الصبر يا كاميليا الصبر وستنالين مرادك.. وستشفين غليلك "
××××
عند الغروب
علت ضحكة وليد بسعادة في جلسته بجوار بسمة ظهره لظهر السرير بينما قالت الأخيرة مشاكسة" لا أصدق أنك ستصبح أبا "
عدل الأخير من ياقة قميصه بفخر فضربته بسمة على ذراعه في الوقت الذي دخل فيه كامل وقد استيقظ للتو مسرعا لبسمة بعد أن أخبره شامل بنتيجة التحليل السلبية وخلوها من أي أمراض معدية أو حساسية لأي شيء وبأنه قد تحدث مع الطبيب بالنيابة عنه فأخبره بأن التفسير المنطقي هو نتيجة لما تعرضت له من صدمة بسبب الحادث ولا يوجد علاج أكيد ولكنه سيزول بالتدريج ..
تطلع كامل في جلسة وليد بامتعاض وقال " أنت هنا؟.. ألا تخاف من العدوى ؟"
رد وليد بابتسامة "لقد طمأننا شامل من نتيجة التحليل كما أنني لا أهتم من أمر العدوى أنا فقط اضطررت لاتخاذ الحيطة والحذر بسبب زوجتي (وأضاف بحرج) فنحن ننتظر وديدي صغير "
نظر كامل لبسمة ليرى ردة فعلها إن كانت متأثرة أم لا بالخبر فوجد ملامحها عادية فقال مهنئا" مبارك لكم (ونظر لبسمة يقول) الحمد لله أن اطمأنننا على النتيجة"
هزت رأسها بسعادة وغمغمت بحشرجة "الحمد لله لكن كون الأمر ليس له حلا طبيا يشعرني بالحزن والخوف"
علق كامل بلهجة جادة" ستتحسن حالتك إن شاء الله "
ونظر لحماته المتربعة على الأريكة تشاهد حلقة من مسلسل ما على التلفاز بتركيز وشعر بالضيق فهم بترك الغرفة لكنه لا يزال غير مستسيغ لوجود وليد بهذا الشكل في غرفته وفوق سريره وملتصقا بزوجته فقال له" لماذا لا تأتي معنا للمطعم بالأسفل؟ "
رد وليد" اذهب وسألحق بك بعد قليل"
ابتسم كامل ابتسامة ممتعضة ثم تبادل مع بسمة النظرات ذات المغزى .. فهزت له كتفيها وكأنها تخبره بأن الأمر خارج عن إرادتها ليغادر الغرفة وهو يدمدم بغيظ.. فقالت فاطمة لوليد" أين زوجتك يا وليد لا يصح أن نتركها كلنا ونجلس في الغرفة مع بسمة "
رد وليد موضحا " إنها مع ونس منذ أن حضرت يا أمي تثرثران بشكل مستمر .. عموما أنا سأنزل لها بعد قليل ..ماذا عنك أنت ؟"
قالت فاطمة " أنا لن أغادر غرفة ابنتي واتركها وحدها لم اشبع منها بعد .. ليتني استطيع المبيت معها "
قال وليد بجدية" ما المشكلة سنغادر أنا ومهجة بعد قليل وأتركك هنا معها "
ردت فاطمة بتوجس " وأبوك ؟"
قال وليد بلهجة حازمة " لا تقلقي أنا سأتصرف معه وأخبره بأني من أصريت عليك( ونظر لبسمة مستدركا ) هذا بالطبع إن لم يسبب لبسمة حرجا مع عائلة زوجها "
أسرعت بسمة بالرد "بالطبع لا ..إنهم أناس كرماء وأصحاب واجب .. والفيلا بها أكثر من غرفة فارغة .. إن أردت أنت المبيت أنت ومهجة أيضا "
قال وليد" لا لا .. أنا لابد أن أعود الليلة لأن مهجة لابد أن تذهب للكلية صباح الغد لتحصل على كتب مهمة لامتحاناتها الأسبوع القادم"
سألته بسمة بهمس" كيف حالك معها؟"
رد بهمس " الحادث أثر في مهجة كثيرا ..وهذا أثر فيّ أنا بشدة .. ووعدت نفسي بحتمية أن أكسب ثقتها واحترامها من جديد"
عادت لبسمة ذاكرتها بشأن ما فعله وليد من أجلها فهبت عليها نوبة بكاء وهي تقول بمحبة خالصة" لا أصدق أنك عرضت نفسك للموت من أجلي"
قالتها وهي ترفع يديها وتحضن وجهه بكفيها فابتسم الأخير وسحبها لحضنه يقول" سامحيني يا بسمة عما فعلته وأحزنك سابقا.. أعدك بأني سأكون لك أفضل مما تتمنين وتأكدي من أني أحبك جدا حتى وإن تصرفت بغباء يوما أو ببعض الأنانية لكني أحبك يا أختي"
تطلعت فيه بسمة بعينين دامعتين فأكد لها وليد بتأثر" هذا وعد مني لن أخذلك ثانية "
تأثرت بسمة بشدة وشعرت بأن تلك المنح والعطايا التي تنهال عليها منذ يومين هي عوض من رب العالمين لصبرها عما تعرضت له في حياتها فغمغمت وهي تبكي في صدر أخيها" لا حرمني الله منك يا وليد"
××××
قال حمزة بابتسامة سعيدة من أمام المقود" حسنا سأتحدث معك حينما نصل بإذن الله ..لقد أوشكنا على الوصول للقرية .. (ثم أضاف وهو ينظر للمقعد الخلفي حيث تجلس أمه ومنة ) أمي ؟ .. إنها بخير الحمد لله .. سلام"
اغلق الخط فقال مصطفى وهو يتطلع في ولده" مادامت تلك الابتسامة البلهاء والتي تصاحبك منذ أن تحركنا ظهر اليوم لا تزال على وجهك فهذا يعني أن أهل زميلتك لديهم انطباعا جيدا عنا بعد زيارتنا لهم "
قال حمزة بابتسامة وهو يتابع السيارة الأخرى التي تتقدمه والتي تحمل باقي أخوته الذكور" لم يكن عندي شك في أن آل الزيني سيتركون انطباعا ممتازا عند أهل هَنا "
قال مصطفى بجدية وهو يحرك سبحته بين يديه" بصراحة أنا كنت قلق من الزيارة لأن مستواهم الاجتماعي وطريقة حياتهم المدنية قد تجعلهم لا يقدروننا ونحن ندخل عليهم أنا بالجلباب وأمك بالعباءة"
قال حمزة بثقة" وأنا كنت متأكد أننا سنحوز على اعجابهم .. يكفي وجودك يا حاج وشخصيتك وثقافتك التي تفرض نفسها في أي مكان "
شاكسه مصطفى رغم شعوره بالإطراء" مهما قلت ستدفع تكاليف زواجك من حصتك في الأرباح السنوية يا حمزة ولن أساعد بأكثر مما وعدتك به فعليك أن تعلم بأن الزواج مسئولية وليست فقط تلك الأمور التي في عقلك"
قهقه حمزة ورد وهو ينظر في المرآه الامامية" سأتحفظ عن الرد مؤقتا لوجود النساء (ثم سأل أمه ) كيف حالك يا أم حمزة ألا يزال الدوار مستمرا؟"
ردت الاخيرة بوهن ورأسها مسند على كتف منه التي تتابع شيئا ما في هاتفها" لازلت أشعر بالدوار وبالقيئ"
ناظرها مصطفى بنظرات مشفقة بينما قال حمزة متفهما "حسنا كما قلت لك أي وقت تريدينا أن نتوقف اخبريني عموما لقد اقتربنا من الوصول"
قال مصطفى وهو ينظر في ساعته" عليّ بالإسراع لزيارة جابر قبل أن يتأخر الوقت فلا يصح ألا أزوره"
هز حمزة رأسه متفهما وساد الصمت بعض الوقت قبل أن يسأل مصطفى يختبر ابنه "وماذا لو لم يتقبلنا والد عروسك وكان من اولئك الأثرياء المتعجرفون من أهل المدينة الذين يحكمون على الناس بالمظاهر ماذا كنت ستفعل ؟"
رد حمزة بجدية "بالطبع كنت سأتألم بشدة لأني أحب هنا كثيرا "
"ثم؟"
رد حمزة" لا شيء .. لن أفعل شيئا إما أن يحترم أهلها أهلي ويقدروهم أو سأضطر للانفصال عنها فمن لا يحترم أهلي لا يحترمني"
اتسعت ابتسامة على وجه مصطفى وهو ينظر لولده برضا واعجاب .. فرمقه حمزة بنظرة سريعة وعاد للطريق وهو يقول بابتسامة " إن كنت قد أثرت اعجابك بما قلت فعليك مكافأتي بعدم المساس بأرباحي السنوية التي تأتيني من الأرض الزراعية والتجارة يا حاج "
قهقه مصطفى ولم يرد فقال حمزة بتدلل ابن على أبيه "العيادة يا حاج .. لا أريد أن افرط في ثمن العيادة المستقبلية .. تعلم بأني أدخر لها من الآن"
رن هاتف مصطفى فتحكم في ضحكاته ورد على محدثه قبل أن يغمغم بحزن" لا حول ولا قوة إلا بالله .. متى الدفن والعزاء؟ .. لا بأس انتظروني أنا سأكون معكم بعد قليل لقد أوشكنا على الوصول "
أغلق الخط فناظره حمزة بتوجس بينما هتفت صفاء بهلع "من مات ؟"
قال مصطفى مهدئا" إنه الحاج حافظ بدران"
غمغم حمزة "الدوام لله"
قال مصطفى" عليّ أن اذهب له أولا ثم بعدها أرى إن كنت سأستطيع أن أزور جابر أم أؤجلها لوقت أخر ..( وتنهد يقول ) إنا لله وإنا إليه راجعون "
××××
قرأت بسمة على الواتساب " لقد حل المساء يا بسمة ألن تنام والدتك؟! ( وجه بائس ) "
لم تعرف بسمة ماذا تقول له فوالدتها تلمح لرغبتها في أن تنام بجوارها .. وباءت كل المحاولات التي بذلتها سوسو لأن تنزل الأخيرة للدور الأرضي بعد ظهور نتيجة التحليل مستشعرة الحرج من رد فعلها السابق حينما خشيت من العدوى.. لكن فاطمة كانت متمسكة بالجلوس مع ابنتها في غرفتها لأنها تشتاق إليها حتى أنها ودعت وليد ومهجة من على باب غرفة بسمة ..
كتبت له بسمة " أمي تشتاق إليّ يا كامل ووليد تركها لهذا السبب"
كتب كامل " وأنا؟!! .. ألست مشتاقا لك أنا الآخر ( وجه غاضب )"
ابتسمت واختلست النظر لوالدتها التي تجلس بجوارها على السرير تشاهد فيلما قديما وتقطع لها التفاح وتحشره في فم بسمة بالإكراه مستعرضة فوائده العظيمة للبشرة ثم كتبت "من الممكن أن تبيت أنت في غرفة الألعاب اليوم أو في إحدى الغرف فأنا أشعر بأنها تريد أن تبيت بجواري الليلة"
كتب كامل "ألا يوجد لديكم حق للزوج في غرفته ..لا أفهم كيف تقرر المبيت في غرفة نومي وعلى سريري؟!"
حكت بسمة جبينها بأناملها لا تعرف كيف تفسر له بأن أمها تعرف باتفاق الزواج السابق بينهما وفي نفس الوقت تفكر في طريقة لتمهيد الخبر لأمها التي تخشى من أن تكون ردة فعلها مبالغا فيها فتسبب لها الحرج مع كامل فكتبت تحاول التبرير " لا تؤاخذها يا كامل .. فهي تعرضت لصدمة قوية لما حدث لي وشعورها بأنها ستغادر بعد يومين أو ثلاثة يجعلها ملتصقة بي "
" يومين أو ثلاثة !!!!!!"
ابتسمت مشفقة عليه لكنها كتبت " هل تمنع أمي من البقاء معي ( وجه غاضب) "
"يا سيدتي ليس لدي أي مانع أحملها فوق رأسي لكن تبتعد عن غرفتي وسريري وزوجتي"
صمتت قليلا وترقرقت الدموع في عينيها وكتبت "كامل"
"نعم"
"لازلت أشعر بعدم توازن ..وبكيت بدون سبب بعد أن غادر وليد "
"لماذا البكاء؟"
"هذا ما يشعرني بالضيق من نفسي لأني لازلت أبكي .. خاصة حينما رأيت نفسي في المرآة .. رغم أني ممتنة لله سبحانه وتعالى أن كتب لي عمرا جديدا وأن أعاد لي أخي ووهبني حبك لي .. أنت لا تعرف شيئا .. لا تعرف كيف أن حبك لي أعظم عوض لي يا كامل"
من وقفته في وسط المطعم تطلع كامل في الهاتف وقلبه يدق بسرعة ثم قرأ ما أرسلته بسمة " رغم أن قلبي لا يزال مجروحا مما قلته قبل الحادث"
رفع وجهه عن الهاتف يغمض عينيه نادما على ما تفوه به من قبل ..كان عليه ألا يشاركها فيه ثم عاد للهاتف يكتب " سلامة قلبك ( قبلة )"
بشعور مراهقة متأخر تسارعت دقات قلب بسمة ولمعت عيناها بالمزيد من الدموع التي لا تريد أن تتركها ولم تجد ما ترسله له إلا وجها مخبأ خلف كفين خجلا .
اتسعت ابتسامة كامل .. في الوقت الذي حشر شامل رأسه ليتطلع في هاتف أخيه الذي أسرع بوضعه في جيبه ..ليقول شامل مغيظا وهو ينفض غبارا وهميا من فوق صدر قميص أخيه" سأصعد لغرفتي اليوم مبكرا وأتركك يا عريسنا لتغلق المطعم وتتمم على الأمور فيه "
قال كامل بلهجة متحفزة "ولماذا لا تفعل أنت ذلك؟"
رد شامل بتنهيدة مصطنعة" أريد ان اقضي بعض الوقت مع زوجتي .. أما أنت فحماتك تحتل الغرفة وكل مخططاتك الوقحة يا عريس قد تأجلت "
قالها وتحرك مبتعدا فشتمه كامل من بين أسنانه بصوت خافت .
بعد قليل دخلت زيلا بعد أن طرقت على الباب تحمل صينية فيها بعض الحلوى وكوبا ورقيا من أكواب المطعم فيه قهوة ناغشت أنف بسمة قبل أن تراها .. فشكرتها بسمة ووضعت الحلوى أمام والدتها ثم التقطت هي قهوتها المفضلة فهتفت فاطمة" قهوة في المساء يا بسمة ستسهرين طوال الليل"
ردت الأخيرة" لا بأس يا أمي فهذا المهدئ الذي أخذته عند الظهيرة يشعرني بالدوار كما أنها جاءت في وقتها كنت اشتهيها بالفعل (وغمغمت في سرها ) وكأنه يشعر بي"
علا صوت الأغاني من غرفة الألعاب فجأة فاتسعت عيناها بينما اجفلت فاطمة وتفلت في صدرها وهي تقول "بسم الله الرحمن الرحيم ما هذا؟"
رشفت بسمة من القهوة وهي تتساءل عن اسم الاغنية ذات اللحن الحديث الصاخب التي لم تتعرف عليها قبل أن يبدأ المغني بالغناء .
شيلي هالدمعة من عينك شيلي
واللي يبكيكي تاني مرة قوليلي
شو ماصار عليكي أنا حدك موجود
كِل الأيام الصعبة أنا قدها وقدود
سألتها أمها باندهاش " من أين تأتي هذه الأغاني؟"
ردت بسمة بحشرجة وقد غلبها البكاء" من المطعم .. أغاني المطعم موصلة بسماعات هنا ( وأضافت بمراوغة ) ويبدو أن أحدهم قد ضغط على زر الطابق العلوي بالخطأ"
سألتها فاطمة" هل عدت للبكاء مجددا يا بسمة؟"
لم تستطع الأخيرة الرد وإنما تحركت تغادر السرير وهي تمسك بكوب القهوة وتذكرت على رائحتها الأغاني التي كان يبثها لها من قبل.
لَكْ.. إيه بحبك إيه
دخلك يا ربي
تحميلي إياها .. أنا معاها
وشو ما صار عليها أنا قدها وقدود
اهتزاز صدر من هاتفها فأسرعت لالتقاطه من فوق الكومود لتجد كامل يسألها" هل وصلتك القهوة ؟"
"أجل"
"والأغنية؟"
"أجل"
"وقلبي؟"
انفجرت بسمة باكية ولم تقدر على الرد .
هيدي عيون قلبي بالله لا تبكيها
وهيدي خدود ما بيلبقلها إلا اضحكيها
إيه بحبك إيه
دخلك يا ربي
تحميلي إياها .. وأنا معاها
وشو ماصار عليها أنا قدها وقدود
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 31-07-20, 11:09 PM   #1938

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 7

(7)



بعد العشاء انتهى مصطفى من واجب العزاء وهم بالمغادرة بعد أن سلم على الحاج عيد الذي قابله مثل غالبية أهل البلدة في صوان العزاء في أحد رجال البلدة من ذوي السمعة الطيبة .. فلمح يحيى وهلال يغادران فنادى على يحيى الذي قابله بابتسامة وهو" يقول عظم الله أجرك يا أبا حمزة"
سأله مصطفى "هل زرت جابر اليوم؟"
قال يحيى بحرج" الحقيقة أخرت نفسي أنا وأبا كريم للمغرب حرجا .. لكن جاءنا خبر الوفاة فاضطررنا للحاق بالدفنة ثم العزاء"
رد مصطفى "أنا أيضا كنت في العاصمة طوال النهار ما رأيك هل الوقت متأخر على الزيارة؟"
ناظره يحيى بتردد فقال هلال" نتصل به ونستأذنه أولا"
أخرج يحيى هاتفه من جيب العباءة وطلب الرقم قبل أن يناظرهما بنظرة ذات مغزى ويقول " مغلق .. هل أتصل بأم هاشم ؟"
تبادلوا الضحك ثم قال مصطفى "لا داعي لأن نحرجه لنترك العريس اليوم ونزوره في وقت أخر "
عادوا للضحك فقال هلال "هنيئا له لن أرحمه من التهكم حينما أراه "
في نفس الوقت كانت أم هاشم تجلس أرضا بجوار السرير بينما جابر قد استسلم أخيرا للرقاد بعد أن اشتدت عليه الحمى .
بشعور بقلة الحيلة واليأس أخذت أم هاشم تضرب على رأسها بولولة صامتة بينما كان جابر مغمض العينين يعاني من الحمى الشديدة لكنه كان يخبر نفسه بأن عليه أن يتحمل حتى مساء الغد على أقل تقدير فهو يعلم بأن أي خبر عن مرضه في هذا الظرف الخاص بالذات لن يتوان أهل البلدة عن تداوله والتندر به متشائمين من أم هاشم .. أي خبر سيثبت على المسكينة خرافاتهم .. ومهما حاول بعد ذلك إخراج هذه الترهات من عقولهم لن يستطيع .. هذا بالإضافة لأنه قد يعطي فرصة لآل العسال للنيل من سمعته كرجل وسيثبت لهم صحة ما ادعته كاميليا فالناس لن تصلهم المعلومة صحيحة بأنه يعاني من شيء ما في معدته بل سيضيفون من مخيلتهم ما قد يسيء له لكن يشهد الله عليه بأنه لا يهتم بما يخصه وأن جل اهتمامه منصب على عدم تعرض أم هاشم لأي إساءة فيكفيها ليلة زفافها التي خربت ..
عليه أن يتحمل قليلا من أجلها ..
عليه أن يتحمل آلامه المبرحة وضعف جسده الذي يعاني الجفاف ..
عليه أن يتحمل من أجلها ولا يعرف من أين أتى بهذا العزم القوى ليتحمل العذاب الذي يرزح تحته منذ ليلة أمس .
أما أم هاشم فلأول مرة تشعر بأنها مكبلة ..
لأول مرة تحجم جموحها ورغبتها في أن تتصرف.. في أن تنقذه لكنها تخشى عليه من أن يكون تصرفها هذا سيسيء له .. وضعهما كعروسين في بلدة صغيرة يعرف أهلها كل شاردة وواردة تحدث لأي أحد فيها يلجمها من التصرف .. حتى أمه حينما اتصلت لتطمئن عليهما منعها جابر من أن تبدي لها أي شيء ..وأكتفى هو بتبادل كلمتين معها ليعطي أم هاشم الهاتف ..
كم تمنت أن تخبرها بحالته .. لكنها تراجعت فماذا ستفعل حماتها العجوز سوى أن تلجأ لأحد أزواج خالاته أو لزوج عمته ولا تعلم إن كانوا سيحسنون التصرف أم سيلفتون الانتباه بزيارتهم لهما في يوم الصباحية .. كما أنها لا تعرف من الأساس طبيعة علاقتهم بجابر وهل سيحافظون على الأمر بعيدا عن إثارة اللغط أم ماذا .. لا تعرف ماذا تفعل فجابر يلجمها بأمره لها بالا تتصرف بشيء دون علمه ..وألا تخبر أحدا .. حتى أنه أغلق هاتفه وطلب منها إغلاق هاتفها هي الأخرى.
فكرت في أن تتصل بنصرة لتطلب منها تلك الأدوية التي أخبرتها عنها لكن خشيت من أن إلحاحها قد يثير شكها .. صحيح هي تثق في نصرة لكن عيون الجيران تعلم بأنها مسلطة على بيت جابر خاصة مع زيجته العجيبة وتلك الشائعات التي أطلقوها عليها .
سيتشاءمون منها ؟..
سيثبتون عليها صفة الشؤم إن تسرب إليهم الخبر ؟!..
لا يهم .. لا يهمها لو كان هذا فداء لجابر .
بدلت الكمادة فوق جبينه وهي لا تشعر إلا بانخفاض طفيف جدا في حرارته .. لقد كان يهذي قبل قليل بعبارات غير مفهومة .. كان يدمدم( سامحيني .. الأمر خارج عن إرادتي فسامحيني).
لحظتها انقبض قلبها وخشيت أن يكون قد ندم على زواجه منها وأن ما يحدث معه ليس إلا حزنا على كاميليا.
أيحبها لهذه الدرجة؟ ..
كيف لرجل برجاحة عقله أن يحب امرأة قميئة ككاميليا؟!! .. أم أن الحب كما يقولون أعمى؟!.
عادت والتمست له العذر فالقلب ليس عليه سلطان .. لو كان بيد الإنسان لأخرجته هي من قلبها .
ماذا تفعل؟.. هل ستتركه يموت أمام عينيها؟!..
على سيرة الموت أسرعت بحضن كفه المرتخية على السرير بجواره بين كفيها ففتح جابر عينيه وحرك رأسه قليلا يناظرها فقالت أم هاشم بحشرجة "بالله عليك دعنا نطلب المساعدة من أحد أنا لأول مرة أخشى من التصرف خوفا من أن أسيء لك.. يبدو أنني لم أخلق لأكون تحت إمرة رجل "
قال بصوت رخيم واهن " إياك أن تفعلي شيئا دون إذني هذا أمر يا أم هاشم "
قالت بلهجة متألمة " يا جابر لقد مر يوم كامل على زواجنا والأمر عادي ..من الممكن أن نقول أنك انزلقت في الحمام لا قدر الله ..أي سبب ؟؟ولا أرى أنه قد يسيء لك"
تحامل على شعوره بالألم المنتشر في كامل جسده ورد من بين أسنانه "الأمر لا يخصني وحدي يا أم هاشم فاصمتي "
قالت بشجاعة " تقصد سيتشاءمون مني؟! .. لا يهمني إن كان هذا ما يمنعك لا يهمني (وهمت بالنهوض وهي تقول) سأتصل بـ "
أمسك بيدها التي كانت تحتضن يده وقال من بين أسنانه متألما "قلت لا تفعلي أي شيء "
عادت لتفترش الأرض بجوار سريره وغلبتها مشاعرها القوية التي تكبتها احتراما لكلمته فأجهشت بالبكاء قائلة" أنت لا تصدق في أمور التشاؤم أليس كذلك يا جابر؟"
تألم قلبه فرفع يده يمسد على رأسها قائلا بحنان ومؤكدا "أنتِ ليس لك أي ذنب يا أم هاشم فلا تبتئسي لعله خير "
أمسكت بكفه من فوق رأسها لتحضنها بين كفيها ..فتطلع جابر لثوان في يديها متعجبا من ذلك الشعور بالراحة الذي يعتريه وهي ممسكة بكفه قبل أن يعود للتطلع فيها وهي تقول بلهجة جادة "اسمع يا جابر أنا لا أريدك أن تحزن لأي شيء .. أي شيء .. (ومسحت دموعها تضيف بنفس اللهجة الجادة ) صدقني لم يفت الأوان .. لا زلت تستطيع أن تحصل على ما تريد .. وإياك أن تتخيل بأنك قد تورطت معي أبدا .. استرد صحتك ونتحدث"
تطلع فيها جابر يشعر بالتشوش ولا يفهم بالضبط عما تتحدث بينما أكملت أم هاشم باندفاع وهي تصر على طمأنته" كل شيء لا يزال في يدك صدقني .. أنا متأكدة أن الذبابة الخضراء قد تعلمت الدرس جيدا .. أنت لم ترها حينما قابلتني وكيف كانت ستموت من الغيرة ...إنها تغار عليك وتشعر بالقهر لقرارك بالزواج مني .. خطتك نجحت يا جابر وأنا اكيدة من أنها تنتظر منك إشارة"
شعر جابر بأنه قد عاد للهلوسة فما تقوله لا يستطيع استيعابه خاصة وهو لا يعرف ما علاقة الذباب الأخضر بما تقول!! .. وكيف يشعر الذباب بالقهر بسبب زواجه منها!!. بينما استمرت أم هاشم بقلب العاشقة في الشحذ من همته بما كانت تعتقد بأنه حزين من أجل زوجته السابقة فقالت" أنا سأخبرك ماذا سنفعل.. أنت بمجرد أن تسترد صحتك.. ستطلقني لأي سبب .. الأسباب كثيرة .. من الممكن أن نبدأ فيها من الآن نحضر الطبيب والناس ستبدأ في اطلاق الشائعات بأنني شؤم ولهذا السبب تستطيع أن تطلقني دون أن يلومك أحد "
دارت رأس جابر بعدم استيعاب فرفع رأسه عن الوسادة بصعوبة يهتف باستنكار" نعم! .. أطلقك !! هل أنت مجنونة أم أن الحمى أصابتني بشيء في رأسي!!"
أسرعت أم هاشم تقول وهي تحضن كفه التي تقبض على أصابعها دون وعي منه " لا بأس هذا ما كنت انويه من الأساس .. صدقني بمجرد أن نتأكد من أن الذبابة الخضــ (وانتبهت أخيرا لما تتفوه به فقالت باستدراك وهي تضرب على فمها ) لا تؤاخذني اقصد كاميليا"
كان رأس جابر يطن ولم يفهم علاقة كاميليا بالذباب الأخضر ولم يسأل متوقعا أن تكون المشكلة عنده بسبب حالة جسده المحمومة فقال مقاوما موجة جديدة من الألم في معدته "هل أنت تهذين أم أنا يا أم هاشم ؟..عن أي طلاق تتحدثين .. لقد تزوجنا الليلة الماضية !"
قالت أم هاشم بهدوء وإصرار " أنا أعلم اخلاقك جيدا يا جابر وبأنك لن تسمح بأن تتسبب لي بخسارة سمعتي بسبب طلاق سريع لذا سأقترح عليك حلا أخر .. سأبقى في بيتك لمدة شهر مثلا .. تحمّلني فيها ..وبعدها يحدث الطلاق ومن الممكن أن تخبر كاميليا بذلك.. أخبرها بأنك ستطلقني بعد شهر وبعدها عد إليها (وأضافت بلهجة عاشقة أمام عينيه اللتين تحدقان فيها بذهول وارتباك وعدم الاستيعاب) كل شيء سهل تنفيذه يا جابر فلا تحزن أبدا ولا تشعر بأنك قد تورطت معي .. اعتبرني ضيفة وأعدك أن أكون خفيفة .. المهم ألا تحزن ..أبدا.. أبدا .. أنا أحمل أي شيء إلا أن يصيبك مكروه"
كان لا يزال لا يستطيع ربط عباراتها ببعضها حتى يخرج بشيء منطقي لكن قلبه أوجعه وجعا ليس له علاقة بحالة جسده المرضية .. ولم يستوعب السبب في ذلك .. أهي دموعها التي يراها أمامه الآن السبب ؟.. أم أن شيئا أخر في كلماتها يؤلم قلبه فقال وهو يضغط على يدها التي تحضن يده "لا تبكي .. بكاءك يؤلم قلبي يا بنت الشيخ .. يكفي حسرتي على اضطرارك بأن تمري معي بهذه التجربة السيئة .. سامحيني "
فهمت أم هاشم ما يقوله على نحو غير الذي يقصده جابر فأسرعت بالقول " لا لا .. إياك أن تشعر بالذنب تجاهي أنا تزوجتك وأنا أعرف كل شيء .. وأردت مساعدتك (وعادت لتصحح ما تقوله حتى لا يشعر بالمسئولية تجاهها ) أقصد أقصد لا تشعر بأي ذنب تجاهي (واضافت بتهكم ) فطبيعي أن أقبل بعرضك حتى أفعل ما يسمونه بتحسين الأوضاع .. أردت أن أغير اللقب من عانس لمطلقة ..أي أن خطتنا مفيدة للطرفين .. وأنا استفدت منها .. غيرت لقبي كما قلت لك وعشت مشاعر العروس وارتديت أحلى فستان زفاف رأته عيناي( وأضافت بتهكم) وبالطبع سأخذ منك هدياك الثمينة لي فسأكون مستغلة ولن أتركها لك خاصة تلك الشبكة التي كانت الأفواه فاغرة من أجلها ليلة أمس .. ( وانهمرت دموعها وهي تضيف بحشرجة ) والاهم من ذلك أني حملت اسم سيد الرجال .. حملته حتى ولو لوقت قصير"
عقله ظل لا يستوعب أي مما تهذي به أو يخرف به هو لكن قلبه ازداد تألما فقال لها بضعف "تعالي.. اقتربي"
تحركت أم هاشم على ركبتيها لتقترب منه ليسحب جابر رأسها لتنام على صدره قائلا "أنا لست مستوعبا الآن ما تقولينه ..لكن دموعك هذه تفطر قلبي فهلا توقفت عن البكاء فيكفيني ما أشعر به من ألم .."
قبضت أم هاشم على ملابسه بقوة وسحبت من رائحته إلى صدرها وهي تغمغم باكية "حاضر.. سأفعل كل ما تريد المهم أن تسترد صحتك ولا تحزن .. عهد عليّ أن أفعل ما أقدر عليه حتى لا يحزن قلبك أبدا"
مسد جابر على شعرها وقال" لا أدري لماذا تذكرت الآن حينما كنتِ صغيرة وكان الشيخ زكريا عندما يريد أن يوبخ أحدا من الطلبة الأكبر منكِ سنا يقول (تعالي يا أم هاشم واقرئي أمامهم القرآن حتى يشعروا بالخزي كيف أنت بسنوات عمرك العشر تحفظين التجويد والأحكام) (وابتسم يقول) كان هذا في أول زيارة لي للبلدة بعد سفري .. ذهبت لأسلم عليه ورأيت هذا المشهد ولم أدرك إلا الآن أني حفظته في ذاكرتي "
ساد الصمت لبعض الوقت وجابر يحدق في سقف الغرفة قبل أن يحرك رأسه ويقول "هلا قرأت لي قليلا من القرآن يا أم هاشم لربما أدركتنا رحمة الله "


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 31-07-20, 11:10 PM   #1939

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 8

(8)



"هل نامت؟"
"لا"
"إنها الثانية عشر مساء يا بسمة !!"
"تقاوم النوم تريد أن تبقى معي"
"بسمة اسمعي أنا سأصعد إلى غرفة من غرف الجانب الأخر من الفيلا.. وأنت بمجرد أن تنام والدتك تتسللين وتأتي إلي سأظل ساهرا طوال الليل في انتظارك"
"لكني أشعر بالنعاس (وجه يخرج لسانه مغيظا)"
"بسماااااااه !!!(وجه غاضب) صدقيني اتقي شري"
ضحكت فسألتها والدتها وهي جالسة بجوارها تغالب النعاس "مع من تكتبين وتضحكين في الهاتف؟"
قالت بسمة" مع كامل"
سألتها بفضول" وهل ينام هو على الأريكة؟"
أعادت بسمة بعض الخصل من شعرها إلى خلف أذنها ووجدتها فرصة جيدة لتخبر أمها متمنية أن تتلقى الأخيرة الخبر بهدوء فأجابت بحرج " الحقيقة ينام على السرير"
عبست أمها وعلقت باستنكار " هل يتركك لتنامين على الأريكة !!"
احمرت وجنتي بسمة وردت " أممم.. لا .. أصبحت أنام أنا أيضا بجواره على السرير "
بعد استيعاب قالت أمها" بسمة ما تقولينه معناه خطير .. رجل تنام بجواره امرأة تحل له ويتحكم في نفسه .. هذا ليس له إلا معنى واحد "
أسرعت بسمة بالقول" يا أمي نحن نعيش كأي زوج وزوجة طبيعيين "
اتسعت عينا فاطمة واعتدلت من جلستها تسألها باندهاش "حقا يا بسمة؟!.. اقسمي بالله "
بحرج هزت كتفيها وردت "اقسم لك لقد أصبحنا زوج وزوجة حقيقيين"
هتفت فاطمة غير مصدقة والفرحة ستوقف قلبها " هل تمم زواجه بك ؟"
ردت بسمة بدلال تحاولا اختلاق قصة ترضي أمها " لقد ظل يلح ويلح فلم أجد مفرا سوى بالقبول"
دمعت عينا والدتها وأمسكت بيدها تقول" لماذا لم تبلغيني حتى افرح؟"
قبل أن تجد بسمة ردا مناسبا لطمت فاطمة على وجهها فجأة تقول" يا للحرج ..يا للخزي"
قالتها وهي تترك السرير .. فتطلعت فيها بسمة بعينين متسعتين باندهاش بينما تقول الأخرى بولولة "سامحك الله يا بسمة .. وتتركيني احتل غرفة الرجل حتى هذا الوقت"..
بحثت على شبشب البيت الذي استعارته من بسمة ثم لطمت على وجهها مرة أخرى وهي تقول" يا لحرجي من الرجل .. كيف سأريه وجهي"
اتسعت ابتسامة بسمة .. فانفعلت أمها وقالت بتوبيخ وهي تلبس الشبشب " تضحكين! .. تضحكين على خيبتك وخيبة أمك يا بنت فاطمة !"
راقبت بسمة أمها وهي تتجه نحو الباب مسرعة حتى كادت أن تنكفئ على وجهها .. فأسرعت خلفها تقول ضاحكة "اهدئ يا أمي لم يحدث شيء "
ناظرتها أمها تقول " سامحك الله يا بسمة "
قالتها وهي تفتح الباب فتفاجأتا بكامل الذي طل عليها بضخامته قائلا بارتباك "هلا ناولتني منامة يا بسمة "
اشفقت بسمة على أمها التي أحستها توشك على البكاء والتي نكست وجهها تغطيه بطرف وشاحها بحرج شديد
بينما اسرع كامل بالقول" أنا فقط أريد منامة"
رفعت إليه فاطمة وجهها تقول وهي تربت على صدره "لا تؤاخذني يا بني كنت اشتاق لبسمة وكان قلبي موجوعا عليها (ونظرت لبسمة تسألها) أين غرفتي التي سأنام فيها ؟"
نظرت بسمة لكامل الذي أسرع بالرد "هناك في الناحية الأخرى تفضلي لأوصلك"
استدارت فاطمة لابنتها تقول" سأراك في الصباح "
وتحركت مغادرة وشعورها بالخزي والحرج يسيطران عليها بينما ناظر كامل بسمة بانتعاش وقد تبدل الوجه الواجم الذي كان عليه منذ دقيقة وأسرع ليلحق بحماته.
في الطريق إلى الغرفة أخذت فاطمة تكرر اعتذارها لكامل الذي لم يفهم سببا لتغيرها بعد أن كانت مرابطة في الغرفة طوال اليوم حتى أنها تناولت الغداء مع بسمة في الغرفة قبل أن تظهر نتيجة التحليل بينما تناول وليد ومهجة الغداء مع باقي أفراد العائلة في الدور الأرضي بينما كان هو نائما .
عند باب الغرفة قال كامل "هذه هي الغرفة يا حاجة لو احتجت شيء اخبري بسمة أو اطلبيه مني "
ناظرته المرأة بامتنان ثم ربتت على صدره تقول بعينين دامعتين "بارك الله لك في صحتك وشبابك يا ولدي ورزقك من وسع وأكرمك في الدنيا والآخرة كما أكرمت ابنتي"
ابتسم كامل لها بمحبة فربتت على صدره مره أخرى ثم قالت" هيا اذهب ولا تؤاخذني أني مكثت في الغرفة اليوم"
بعد دقائق دخل كامل للغرفة مسرعا وأغلق الباب من الداخل ثم بحثت عيناه عن بسمة قبل أن يقترب من الحمام قائلا " باسمة اخرجي فلا صبر لدي لغيابك في الحمام أيضا"
لم يأتيه رد فأضاف بلهجة شقية" إن كنت تدهنين ذلك الكريم ذا الرائحة الرائعة الذي دهنتيه ليلة أمس فمن الممكن أن اساعدك أنا "
انفتح الباب وخرجت بسمة بوجنتين مشتعلتين وقلب يرقص على وقع دقاته السريعة وتطلعت فيه ترتدي منامة من الحرير من بنطال وبلوزة بنصف كم هي اقصى ما استطاعت أن تبدل إليه ملابسها بسبب حالة جسدها بينما شعرها كان مسدلا على ظهرها والشعيرات المكرمشة رفعتها للخلف بدبوس .. فأمسك كامل بخصرها يلصقها به وقال بلهجة حارة "اشتقت إليك بشدة "
غمغمت بتمنع لم تعرف من أين تعلمته فلم تكن تفعل ذلك في حياتها الزوجية السابقة "سنعود للتمادي"
قال بلهجة متوعدة " أقسم لك أنت لم تر تماديا بعد"
سألت وهي تتطلع في ملامحه "هل وصلت أمي حتى باب الغرفة فهي ستتوه في المكان؟"
همس بجوار شفتيها " لا تقلقي أوصلتها حتى باب الغرفة .. وبصراحة لا أعرف ما الذي غيرها فجأة لتقرر أن تنام في غرفة أخرى "
اندفعت بسمة تقول لتصحح صورة (الحماة الثقيلة ) أمام زوجها" أمي تراعي الأصول عادة لكنها لم تكن تعرف بأننا قد تممنا الزواج "
انقلبت ملامح كامل وابعد رأسه عنها يناظرها باتساع عينيه قائلا بلهجة أرعبتها "هل كانت أمك تعرف باتفاقنا يا بسمة؟؟!!"
شعرت بسمة بالندم فأسرعت توضح" أمي لم تخبر أحدا لقد اضطررت لأخبارها لأني كنت أريد أن أمهد لها انفصالنا إن حدث في أي لحظة .. لقد حزنت بشدة المرة الماضية وأردت ..."
صمتت تتطلع في كامل الذي يبادلها النظرات في صمت فقالت "آسفة يا كامل صدقني أمي لم تتفوه بأي شيء وأفهمتها بأنك كنت تحاول معي لإقناعي بإتمام الزواج وأنا من كنت أرفض "
لطم كامل على وجهه يقول بلهجة عاتبة "فضحتني يا بسمة أمام والدتك !!"
قالت بسرعة "صدقني قلت لها أنني من يرفض"
وقف كامل يتطلع فيها يداه مثبتتان على جانبيه يحاول أن يتعامل بهدوء مع الموضوع فقالت بسمة شاعرة بالذنب "سامحني "
ضرب كفا بكف وهو يقول باستنكار " لهذا كانت كلما رأتني تناظرني بنظرات متسائلة وكأنها تريد أن تسألني إن كنت أشكو من علة ما .. (وجز على أسنانه يرفع يديه ويهم بخنقها قائلا ) سامحك الله يا بسمة"
تحركت مبتعدة عنه نحو السرير فهتف فيها قائلا" إلى أين؟؟"
ردت ببرود لتستفزه "لأنام"
هتف باستنكار " نعاااام بهذه البساطة! .. تفعلين المصيبة وتذهبين للنوم ببرود !.. (ورفع سبابته مضيفا بلهجة آمرة ) اسمعي .. أريدك في الصباح أن تعيدي تأكيد الخبر عليها بأن زواجنا قد تم"
هزت بسمة برأسها بطاعة ليقول كامل مؤكدا وهو يقترب منها" هذا الموضوع خطير يا بسمة وأخشى أن تكون قد أخبرت به أي أحدا"
قالت مؤكدة "صدقني لا أحد .. إنها تتفاخر بك أمام الجميع فكيف ستذكر أمرا كهذا !"
أمسك كامل بذراعها يضيف "وأريدك أن تصوري لها الأمر بيننا بكثير من التهويل"
اتسعت عيناها الفيروزيتان ليضيف كامل "كل شيء.. كل تفصيلة تخصني في هذا الأمر الخاص اضربيه في عشرة اضعاف وأنت تخبريها عني.. هل فهمت عشرة أضعاف"
أسرعت بسمة بغلق فمه بكفها لتمنعه عن الاسترسال وهي تقول بحرج "كامل كف عن الوقاحة "
ازاح كفها وقال وهو يلصقها به" حاضر دعينا من القول ولنجعله فعلا .. اخبريني ما أخبار البقع الحمراء؟"
قوست فمها لأسفل وقالت بمسكنة" ألا ترى وجهي أمامك؟!"
غمغم أمام شفتيها وهو يفتح أزرار بلوزتها "لا أنا أريد أن اطمئن على الوضع كاملا وبالتفصيل "
ضحكت بخجل ثم همست باسمه باعتراض ..فأخرسها بقبلة حارة مشتاقة يعتصرها بين ذراعيه قبل أن يطلق سراحها من شفتيه ومن البلوزة التي ألقى بها أرضا ثم مال بها على السرير يقول بلهجة مازحة وهو يخيم فوقها " صدقيني ما أفعله هذا من أجل علاجك هكذا أخبرني الطبيب"
غمغمت وهي ترتجف من قبلاته الحارة التي بدأ يدلل بها تفاصيلها" ومن هذا الطبيب الوقح الذي أفتى لك بهذه الفتوى !!"
رفع رأسه وقال بابتسامة شقية قبل أن يغرق في موج عينيها "دكتور كامل نخلة "
××××
لن تتحمل .. فليحدث ما يحدث لكنها لن تستطيع التحمل أكثر من ذلك .. لن تقدر على استمرار رؤيته وهو يتعذب دون أن تتصرف ..دون أن تنقذه .. حتى لو ستضحي بروحها .. حتى لو ستقدم نفسها قربانا .
إن كانت أحشاؤه تتمزق فنياط قلبها تتمزق هي الأخرى .. إنها تموت بالبطيء خوفا وحزنا وقهرا على حالته .
تحاملت على جسدها الذي وهن من عدم الأكل وعدم النوم .. وعقدت شعرها بربطة حازمة خلف رأسها وعيناها تبرقان بالعزم والتصميم .. ثم أخرجت عباءة سوداء لترتديها .. ووشاحا طويلا أكثر سوادا لفته حول رأسها وكتفيها ثم التقطت هاتفها وحافظة نقوده والمفاتيح..
استدارت تنظر إليه وهو ينام على جانبه ينتفض ويهذي وقد اشتدت عليه الحمى .. واقتربت منه تطبع قبلة على جبهته المشتعلة تنافس سخونة دموعها وهي تهمس "سامحني يا جابر .. أيا كانت النتيجة سأتحملها أنا وحدي .. في سبيل أن أحضر لك طبيبا"
بعد دقائق كانت تفتح بوابة البيت بخفة وتتطلع في الشارع الصامت يمينا ويسارا وسمت بسم الله وهي تلف الوشاح حول وجهها فلم تظهر إلا عينيها وخرجت من البوابة مقررة في تصرف يائس .. لا يعرف أبجديات المنطق .. لا يعرف سوى تهور العشاق .. أن تجلب لجابر بنفسها طبيبا متخفية تحت جناح الليل .




نهاية الفصل السابع والعشرون
عيد أضحى سعيد
ونلتقي الجمعة (بعد) القادم




Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 31-07-20, 11:10 PM   #1940

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,966
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

كل عام وشموستنا بالفةخير وعاطول منورة بابداعها

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:22 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.