آخر 10 مشاركات
قيود العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : pretty dede - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          الملاك والوحش الايطالي (6) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          أشلاء امرأة " قصة قصيرة " بقلم " نور الهدى "...كاملة** (الكاتـب : نور لينة - )           »          خريف الحب / للكاتبة خياله،،والخيل عشقي (مميزة) (الكاتـب : لامارا - )           »          اسرار في الجامعة...قصة حب عراقية " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : شوق2012 - )           »          الرغبة المظلمة (63) للكاتبة: جاكلين بيرد×كامله× (الكاتـب : cutebabi - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2430Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-10-20, 10:50 PM   #2911

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 455 ( الأعضاء 163 والزوار 292)





‏موضى و راكان, ‏Heba Atef, ‏ali.saad, ‏اشراقه حسين, ‏ذسمسم, ‏Modi11, ‏لبنى عايد, ‏سيدة الضوء, ‏توتى على, ‏amoaasmsma, ‏خفوق انفاس, ‏زهرةالقرنفل, ‏غنى محمد, ‏loulieta, ‏aseralroo7, ‏dodoalbdol, ‏ايميلي انا, ‏rowdym, ‏آمنة عودة, ‏طماطم يس, ‏MerasNihal, ‏Ghada$1459, ‏بنت الورد, ‏nibal79, ‏marwa2010, ‏نداء1, ‏هاجر جوده, ‏أسيل محمد, ‏Light dream, ‏لولو73, ‏laila2019, ‏maryam ghaith, ‏mira amani, ‏nes2013, ‏Freespirit77, ‏Ayaibrahim, ‏m-berr, ‏Menna23, ‏Walaa sham, ‏الشهرانيه, ‏browen eye, ‏رودى رامى, ‏هدوء الصمت222, ‏إيمّا مالك, ‏meryamaaa, ‏نهى 158, ‏رفيدة هشام, ‏markunda, ‏روكسآن, ‏Rasha.r.h, ‏منال نبوي, ‏عمرااهل, ‏S.F.MOHAMED, ‏Alali, ‏amira98, ‏كوثر سالم, ‏اروى محمدحمايده, ‏رحيق الجنان, ‏زهرةالكون, ‏ميرو76, ‏أسيل الشرفا, ‏zozo.math, ‏عائشه ن, ‏ضوى عبدالله, ‏Kemojad, ‏redrose2014, ‏زيزفون 2, ‏آلاء الليل, ‏Heba Abdallah, ‏ابتسامتي دليلي, ‏ام تالا و يارا, ‏ATHAR OSaMA, ‏دمـوع الـورد, ‏شارلك, ‏أميرة الساموراي, ‏Omsama, ‏Nana96, ‏بسبوسه بسبس, ‏اسراءالرسول, ‏همس حائر, ‏جوجو العراقية, ‏farah hajji, ‏Bama Rawan, ‏فاطمة زعرور, ‏Nadamohammed, ‏عبق الوطن, ‏هِمِـسًـهِ, ‏Rwida.147, ‏حنان الرزقي, ‏تقوي عمر, ‏Aya&omnya, ‏jewa, ‏Ahedelabed, ‏Shammosah, ‏ميمي777, ‏صفا الندى, ‏Bata1997, ‏سحابه ممطره, ‏rooreta, ‏واجده سكر, ‏مجد22, ‏هناء منير, ‏Anisa zayd, ‏مطر الصيف, ‏مون شدو, ‏ريما العدوان, ‏مجود الورد, ‏Fatima hfz, ‏kokyyou, ‏supermumy, ‏هدير الماء, ‏سويتي شام, ‏ريري المصري, ‏EAS, ‏kamala, ‏أم أحمد ومحمد, ‏Nagat farouk, ‏خفوق الشوق, ‏samam1, ‏موهة, ‏Hagora Ahmed, ‏shammaf, ‏SOL@RA, ‏ام هنا, ‏ميمو كوكي, ‏shrouke, ‏whiterose99, ‏asmaaasma, ‏محبة التميز, ‏shimaa saad, ‏انتظار راجح, ‏nada alaa, ‏ريما الشريف, ‏Rwabi bb, ‏منال سلامة, ‏a girl, ‏الاوهام, ‏eman amona, ‏Remaqasim, ‏Gufran 97, ‏mamanoumanoul, ‏ميمو4, ‏jasmin-1234, ‏الحياه اغنيه, ‏Nadoucha11416, ‏minion, ‏اويكو, ‏ابلول, ‏Mon abdou, ‏Atesbocegi, ‏اك حصه, ‏احلام العمر, ‏لمياء عادل, ‏طارق صلى, ‏كريستنا, ‏bochraa, ‏zahra Mino, ‏رانيا صلاح, ‏ام علي اياد, ‏canadiya, ‏الزهراء الجميلة, ‏فديت الشامة, ‏•Abeer•


مساء الأشراق و الحب


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 10:50 PM   #2912

توتى على

? العضوٌ??? » 373500
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 159
?  نُقآطِيْ » توتى على is on a distinguished road
افتراضي

تسجيييييييييييل حضووووووووور

توتى على غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 10:52 PM   #2913

Mayaseen

? العضوٌ??? » 392811
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 129
?  نُقآطِيْ » Mayaseen is on a distinguished road
افتراضي

تسجيـــــــــــــــــــــ ـل حضـــــــــــــــــــــــ ور

Mayaseen غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 10:52 PM   #2914

توتى على

? العضوٌ??? » 373500
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 159
?  نُقآطِيْ » توتى على is on a distinguished road
افتراضي

تسجيييييييييييل حضووووووووور
بانتظار الفصل


توتى على غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 10:52 PM   #2915

Amira94

? العضوٌ??? » 428003
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » Amira94 is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور 😍 😍😍😍😍😍😍😍😍💃💃💃💃

Amira94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 10:53 PM   #2916

sh damas

? العضوٌ??? » 233563
?  التسِجيلٌ » Mar 2012
? مشَارَ?اتْي » 21
?  نُقآطِيْ » sh damas is on a distinguished road
افتراضي

احلى مساء بالاسبوع شموسه

sh damas غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 10:56 PM   #2917

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 1

الفصل السادس والثلاثون


(1)

قبل دقائق
الحيرة كبندول الساعة الذي يتحرك يمينا ويسارا ..بين الفكرة وعكسها .. بين القبول والرفض .. بين الأمل والخوف.
خرجت إسراء من بوابة المدرسة شاردة تفكر .. لقد مر أكثر من أسبوعين وهي لم تحسم قرارها بعد بشأن زين.. فمن ناحية تراه زوجا مناسبا من كل الجوانب ..ومن ناحية أخرى تخشى من الدخول في تجربة أخرى دون أن تكون مستعدة بعد .. فليس لزين ذنب أن لها تجربة سابقة لاتزال عالقة كغصة مرة في الحلق ..
المشكلة أن وقته بالتأكيد محدود وإجازته ستنتهي بسرعة وعليه تحديد مصيره .. هذا إن كان لا يزال ينتظر هو وأهله منهم الرد.. فلقد تأخروا كثيرا وربما كانوا قد صرفوا نظر عن الطلب وشعروا بالإهانة من التأخر في تلقي الرد .
بحركة تلقائية تطلعت في الرصيف القريب والرصيف المقابل وكأنها تبحث عنه وبحركة أخرى مسيطرة حازمة أشاحت بأنظارها بسرعة لتكمل طريقها وهي توبخ نفسها على أسلوب المراهقين هذا ..
لن تنكر بأن زين لمس شيئا بداخلها..
ولن تنكر أنه بكينونته وبكل تفاصيله يعد رد اعتبار لكرامتها وكرامة أسرتها أمام أهل القرية .. وهذا ما يشعرها بالارتباك في تحديد انطباعاتها الحقيقية عنه ..
إنها شخصية واقعية عقلانية .. صحيح بداخلها مثل أي فتاة جانبا رومانسيا مراهقا لكنها تخبئه .. تتحكم فيه .. لأنها تفضل أن توازن الأمور بعقلها ..فالقلب إن تورط بكامله تحطم وتجربتها السابقة خير دليل ..
"إسراء"
نداء أوقف خطواتها الشاردة ولم تكن قد ابتعدت عن المدرسة إلا أمتارا ..
نداء جاءها من خلف ماض قريب أضحى من أسوأ الذكريات التي تريد أن تنساها.
نداء سمعته ووعته قبل أن يتشخص طلال أمامها يعترض طريقها .
تطلعت فيه متفاجئة وهي تقول بذهول" طلال!!"
كان قد فقد وزنا بشكل ملحوظ وبدا مرهقا بعض الشيء وهو يقف أمامها يأكلها بعينيه فسألته بدهشة" ماذا تريد؟!!"
قال والشوق يذبحه وما فعله معها عارا يطارده وما اقترفه أهله يُصعِّب عليه مهمته "علينا أن نتحدث يا إسراء"
هتفت باستنكار " نتحدث في أي شيء ؟!!"
قالتها وتحركت فخطا خطوتين للخلف وعاد ليعترض طريقها قائلا "إسراء أرجوك أنت حظرت رقمي وكلما اتصلت بك من رقم اغلقت في وجهي.. وأرسلت إليك تسجيلا صوتيا على الواتساب قبل أيام ولا أعرف هل سمعتيه أم لا"
واجهته تقول " سمعته يا طلال ..سمعته لأعرف ماذا تريد مني"
"وما رأيك فيما قلت ؟"
تكتفت تقول بلهجة حازمة "رأيي في ماذا ؟..الموضوع بيننا انتهى"
قال بإصرار " لا لم ينته صدقيني"
قالت بلهجة عابسة " طلال أرجوك ما تفعله لا يصح"
وقف أمامها يقول بترجٍ" أرجوك ..أريد أن أتحدث معك ربع ساعة فقط وسأقنعك "
لوهلة شردت تنظر إليه بعين جديدة.. بنظرة جديدة بينما قال طلال " كما أخبرتك في التسجيل أخي حصل لي على عقد عمل معه بالخارج نستطيع أن نتزوج ونسافر"
قالت بلهجة غاضبة " وما حدث لي ولأهلي أمام أهل البلدة؟!!"
قال موضحا" كان رغما عني ..إنها أمي وأهينت أمام الجميع" كادت أن تقاطعه إسراء فأسرع بالقول " علمت ما حدث.. ولن أنكر خطأها لكنها أمي ..وأنا كنت في وضع صعب ..ربما كان عليّ التعامل بطريقة أكثر حكمة وهدوء ..وربما لم يكن عليّ تطليقك لكني تلقيت إهانة منك ومن والدك أيضا ومع هذا لم يكن على التسرع في تطليقك"
هتفت تقول باستنكار " ومن قال بأني كنت سأبقى على ذمتك بعد ما حدث منك ومن أهلك؟"
قال بلهجة مستعطفة " إسراء أرجوك ..عودتنا لبعض أكبر رد اعتبار لك أمام البلدة كلها .. صحيح لن أستطيع أن أجبر أمي على الاعتذار لك ..لكني بزواجي منك وبإجبار أهلي بالقبول بك أكبر اعتذار لك أمام الجميع.. بسفري معك للخارج أكبر اعتذار ..أنت تعلمين مدى تعلق أمي بي فأكبر رد اعتبار لك أن أضطر لتركها والسفر معك للخارج"
نظرتها له اختلفت .. هذا ما تيقنت منه .. ربما استشعرت صدق مشاعره لحظتها لكن احساسها به .. تقبلها له كشريك لم يعد كالسابق .. بل إنه ابتعد كثيراً عن دائرة المهمين لديها ..وكأنه قطعة بالية من قماشة مهترئة باقية من الماضي .. لكن المدهش .. والمثير.. والعجيب أن هذا الماضي كان قريبا جدا.. كيف بلى من الذاكرة وخرج عن دائرة القلب بهذه السرعة؟.. كيف انتهت صلاحيته كـ (شخص عزيز) .. أو حتى كإنسان بهذه السرعة ؟..
أم أنه لم يكن بهذا القدر من الأهمية والقيمة لديها ؟!.
قالت بلهجة قاطعة وهي تنظر في عينيه "طلال لسنا مقدرين لبعضنا "
تحركت لتواصل طريقها فأمسك بساعدها يقول بتذلل "إسراء"
نفضت يده بسرعة وناظرته بتحذير ثم تحركت تتجاوزه فجن جنونه وأسرع مجددا بالوقوف أمامها وأمسك بساعدها يقول بعصبية" إسراء لا تيبسي رأسك واسمعي الكلام ماذا تريدين أكثر من هذا ؟.. سيرد لك اعتبارك وستسافرين للخارج وسأرحمك من أن تضطري للزواج من أخر ينتقص منك لأنك مطلقة"
توقفت وناظرته بذهول لثوان ثم قالت بلهجة غاضبة" شكرا أستاذ طلال على تضحياتك العظيمة لتصحيح وضع كنت أنت وأهلك السبب فيه ..لكني أرفض عرضك العظيم.. والآن توقف عن ملاحقتي وإلا اقسم بالله سأصرخ وأفضحك في الشارع"
عاد يمسك بساعدها والجنون يسيطر عليه.. إن وقته ضيق وهي لا تعطيه الفرصة للحديث ..ويعلم بأنه لن يجد فرصة مناسبة أكثر من هذه للكلام معها بعيدا عن القرية ..فحاولت إسراء نفض يده عن ساعدها بينما قال طلال منفجرا في وجهها "لماذا لا تقدرين ما فعلته من أجلك وكيف حاربت أهلي طوال فترة خطوبتنا من أجلك"
ناظرته بعينيها العسليتين بغضب وقبل أن تنجح في نفض كفه القوية عن ساعدها كان هناك كفا أخر قد قبض على معصم طلال بقوة وصاحبه يقول بلهجة عدائية "ولماذا لا تقدر أنت بأن ما تفعله هذا عيبا!"
تألم طلال وترك ساعد إسراء مذهولا مثلها وهي تتأمل ملامح زين الخطرة.. وشاهدته يقول لطلال بلهجة صارمة" ابتعد من هنا وإياك أن تكررها وإلا.."
هتف طلال متفاجئا" زين؟!! ..(ثم تمالك نفسه قائلا ) من فضلك لا تتدخل هذا أمر لا يخصك"
حاول زين التحكم بأعصابه فهو ليس صغيرا لينفعل ويعقد الأمر حتى لو كان ما يشعر به في هذه اللحظة رغبة في تقطيع هذا الذي يقف أمامه إربا فهدر فيه بصرامة "قلت ابتعد عن طريقها فورا وإياك أن تكررها ثانية"
كان طلال لديه طاقة من الغضب يريد أن يفجرها في أحدهم فدفع زين في كتفه قائلا" وما شأنك أنت لتتدخل!"
تماسك زين واستدار لإسراء المتخشبة يقول بلهجة هادئة تحمل حزما في طياتها" تفضلي أنت إلى طريقك يا أستاذة (واستدار لطلال يقول وهو يرد لطلال الدفعة بأقوى منها في كتفه ) شأني أنها جارتي (ودفعه مره أخرى ) وأنها بنت قريتي (وأخرى ) وأن ما تفعله ليس من أخلاق الرجال ولا يسكت عنه الرجال"
تحرك طلال نحوه يناظره بعينين ناريتين قائلا وهو يدفعه "اسمع ..لا تتدخل فيما لا يعنيك .. كنت أتحدث معها وهي لم تعترض وأنت قاطعتنا "
هتفت إسراء بتلقائية وغضب تدفع عنها التهمة وكأنها لا تريد لزين أن يعتقد بأنها تقف في الشارع تتسامر معه" أنت من اعترضت طريقي وفرضت نفسك عليّ"
ناظرها طلال بعينين ناريتين فأكلت النار قلب زين دون أن يعي السبب لكنه لم يحب أن ينظر إليها طلال فأسرع بالالتفات وقال بلهجة صارمة رغم تحليها بالأدب" قلنا تفضلي أكملي طريقك يا أستاذة"
(يا أستاذة)
لا تدري لماذا أثر فيها ذلك النداء .. منه بالذات .. في هذه اللحظة .. في هذا الموقف .. لكنها أخفت تأثرها وتحركت مبتعدة بينما عاد زين لطلال الذي ازداد جنونه لرحيلها وقال وهو يدفعه بقوة ليلصقه في الحائط ممسكا بعنقه" هذا آخر تحذير لك ..وقسما بربي أنا أمسك أعصابي حتى لا ألقنك درسا قاسيا لن يترك فيك عظمة سليمة"
كانت اسراء تمشي عكس اتجاهها المعتاد ..فكل انتباهها وهي تبتعد كان منصبا على المشاجرة ..فأوقفتها العاملة أم فلة أمام بوابة المدرسة ومعها بعض العاملات تسألها بانزعاج "أليس هذا طلال طليقك والأخر زين دبور ؟!!"
لم ترد عليها إسراء بل استمرت في طريقها تلتفت خلفها بين الثانية والأخرى تخبر نفسها بأنه ليس عليها الوقوف في الشارع لكنها استسلمت وتوقفت على بعد تتابع ما يدور بقلق ..فالشجار قد زاد عنفا حتى وصل للتشابك بالأيدي.. وزين بدا غاضبا جدا لا يقل في غضبه عن طلال .. ولوهلة شعرت بطلال صغيرا في كل شيء ليس فقط لأنه يصغر زين بخمس سنوات .
تجمع الناس لمحاولة فض الاشتباك فألقى طلال سبة جعلت زين ينفض من يمسكون به وينقض عليه بلكمة بجوار عينه قائلا "أنا حذرتك أكثر من مرة وأعطيتك الفرصة لأن تتوقف عن رعونتك لكنك مصر على تصعيد الأمر فلا تبكي على تشويه وجهك "
دفعه طلال بغضب وقد أحس بأن هذه الحمائية منه تتعدى الشهامة ليرتطم الأخير بالحائط .
شهقت إسراء واتسعت عيناها خاصة حينما وجدت ضابطا يقترب من المشاجرة مع أمين شرطة ..وتدخل لفض الاشتباك بين الشابين .. فحانت التفاتة سريعة تلقائية من زين إلى الاتجاه الذي سارت فيه ليتأكد من ابتعادها عن المشهد وعن الشرطة وشعر بالغيظ منها عندما لمحها تقف من بعيد ..لكنه عاد ليولي اهتمامه بضابط الشرطة في الوقت الذي قال طلال بغل "أنا مصر على تحرير محضر لأنه تعدى عليّ بالضرب"
بعد دقائق شعرت إسراء بالرغبة في البكاء وهي ترى زين وطلال يتحركان مع الضابط بعد أن تفحص هويتيهما .. فأسرعت بالتقاط هاتفها وهتفت من بين لهاثها " أبي .. زين يا أبي"
××××
بعد ساعة
تفحص الضابط هويتي الشابين الواقفين أمامه وفهم من بين السطور في مشاجرتهما أنهما يتقاتلان من أجل فتاة.. فاعتدل في مقعده وقال" لابد أن نعرف هوية تلك الفتاة سبب الشجار ونستدعيها "
أسرع زين بالقول بلهجة قاطعة" ليس هناك داع لإدخالها في الموضوع أو حتى الزج باسمها في المحضر فكما قلت لك كنت مارا بالصدفة ورأيته يعترض طريقها وطبيعي أن أتدخل عموما اسمح لي بالاتصال بمحامي مادام طلال مصر على المحضر"
نظر الضابط لطلال على أمل أن يتنازل ففي نظره الموضوع لا يتعدى مشاجرة عادية بين شابين وبعض اللكمات هنا وهناك أبرزها تلك الكدمة الزرقاء في وجه طلال .. خاصة وأنهما يبدوان أمامه ( أولاد ناس ) ولا يحملان أي ملامح إجرامية .. لكن الأخير كان يشعر بالغيظ وحرص زين على عدم البوح باسم اسراء في المحضر يؤكد له بأن الأمر أكبر من الشهامة وهذا يسكب البنزين فوق النار في قلبه وهو يتطلع في زين ويشعر بالغيرة والحقد عليه فقال بإصرار "أنا مصر على المحضر"
طُرق الباب ودخل العسكري يقول" شخص بالباب يدعى هلال جمعة يا سعادة الباشا ..ويقول بأنه جاء من أجل هذين الشابين"
لاحت المفاجأة على وجهي الشابين بينما أشار الضابط للعسكري بأن يسمح له بالدخول بعد أن أخذ منه بطاقة الهوية الخاصة بهلال .
دخل هلال تبدو على وجهه علامات القلق فقال الضابط "ماذا لديك يا هلال بخصوص الشجار "
تطلع هلال في وجه طلال وانفلتت أعصابه لتخرجه عن السبب الذي جاء من أجله ..وفي لحظة كان قد اندفع نحو طلال يريد أن يهجم عليه قائلا بانفعال "ماذا تريد منها ؟ ماذا تريد من ابنتي بعد ما فعلت بها واهنتها أمام الجميع؟.. ماذا تريد منها بعد أن طلقتها بعد نصف ساعة من عقد القران يا خسيس بسبب أمك التي أهانتنا من أجل عدد الغسالات والثلاجات "
أسرع زين بتلجيم هلال من الخلف بذراعيه قبل أن يلمس طلال الذي تفاجأ برد الفعل بينما ضرب الضابط على سطح المكتب هادرا" هل ستضربه في قسم الشرطة؟!!"
كان هلال لا يزال خارج السيطرة فبمجرد أن رأى وجهه تذكر كل شيء وكل شعور فهدر وزين يقيده" أجل سأضربه هنا وخذوني واحبسوني لا يهم.. المهم أن آخذ بثأر ابنتي منه"
نظر زين للضابط يقول معتذرا "أرجو ان تكون متفهما فهو منفعل من أجل ابنته"
أما طلال فكان يواجه اللحظة الأصعب ..لحظة التقاء الأعين بينه وبين حميه السابق ..وكم شعر بالخزي من نفسه رغم اقتناعه بأنه لم يكن هناك مفر من اضطراره للأخذ بحق أمه أمام أهل البلدة ..وإلا لوُشِم بالعار طوال عمره ..ربما تصرف ببعض التهور ..وبعدم حكمة وهذا ما يحاسب نفسه عليه لكن لا أحد يعلم بأنه قد أخذ حق أمه من نفسه حين طعن قلبه وهو يطعن إسراء في كرامتها.
قال الضابط بحزم وهو يرى زين يحاول إقناع هلال بخفوت أن يتحكم في أعصابه "كفى يا هلال وأخبرني ما الذي أتى بك إلى هنا"
وقف هلال يلهث من الانفعال ورد "جئت لأقول أن زين من الطبيعي أن ينفعل ويتدخل .. لقد أخبرتني ابنتي بما حدث .. فهذا (وأشار على طلال ) اعترض طريقها عند خروجها من المدرسة وكان مصرا على أن تذهب معه إلى مكان ليتحدثا سويا ليقنعها بالزواج منه مرة أخرى والسفر معه للخارج لكنها رفضت الحديث في أي شيء وحين حاولت المضي في طريقها اعترض طريقها وتجرأ وأمسك بساعدها .. ومن البديهي أن يتدخل زين ويقطعه تقطيعا فأي شخص مكانه يجد الفتاة التي تقدم للزواج منها يعترض طريقها شاب طبيعي أن يتدخل"
جحظت عينا طلال وسقط قلبه بين قدميه وهو يتطلع في زين .. فحدجه الأخير بنظرة نارية متحدية ..
لقد صدق حدسه .. فزين لم يكن مجرد شهم يدافع عن جارته بل هو يريدها للزواج..
ضربته خيبة الأمل في مقتل وشعر بأن الأمر بينه وبين اسراء قد انتهى تماما .. فتقدم شاب مثل زين لخطبتها لن يستطيع منافسته أحد ..
شعوره باليأس جعله يقول بانفعال" أنا مصر على عمل محضر (وأشار لوجهه المتورم وأضاف) وأثار الضرب شاهدة على تعديه عليّ"
قبل أن يتفوه زين الذي تأجج الغضب في مقلتيه تدخل الضابط قائلا بلهجة ذات مغزى بعد أن فهم أبعاد القصة" لا بأس يا طلال سنفتح محضر ونسجل الواقعة وفي هذه الحالة سنستدعي كل الأطراف بمن فيهم ابنة هلال للإدلاء بأقوالها فيه كطرف في هذا الخلاف "
اتسعت عينا زين وهم بالاعتراض بينما شعر طلال بالضيق لأن يجر إسراء إلى أقسام الشرطة لكن الضابط أضاف بنفس اللهجة " وإن أقرت ابنة هلال في المحضر بأنك حاولت إجبارها على التحرك معك يا طلال سنوجه لك تهمة التحرش بأنثى كما سنوجه لزين تهمة التعدي عليك بالضرب .. (وناظره بنظرة ماكرة قائلا) هل تعلم ماهي عقوبة التحرش بأنثى يا طلال؟"
قالها الضابط وتطلع في طلال الممتقع الوجه ينتظر منه ردا.
××××
"مداااام .. بوز جزمتك يدل على أنوثة طاغية "
قالتها أم هاشم تقلد أحد الأفلام القديمة وهي تقف أمام صاحبتيها ترتدي بنطالا ضيقا من الجينز الكحلي على بلوزة قصيرة بنصف كم وحذاء باللون الكريمي بكعب عالٍ جدا … وقد قلبت شعرها الطويل الذي أضحى ناعما كله للأمام ..فتلا هذه العبارة انفجار في الضحك من بسمة ومليكة اللتين مالتا للأمام من كثرة الضحك في جلستهما على الأريكة.
رفعت أم هاشم شعرها من الأمام للخلف بحركة استعراضية كفتيات الإعلانات لمنتجات الشعر ثم وقفت أمامهما بوقفة جانبية مغرية تضع يديها في جيبي البنطال الأماميين وناظرتهما بنظرة متكبرة .. فمسحت مليكة دموع الضحك من طارف عينيها وقالت "يا الله يا أم هاشم أسعدك الله في الدارين .. أنا لم أضحك بهذا الشكل منذ مدة طويلة جدا"
بحركة تحية الجمهور المسرحية قالت أم هاشم بلهجة مسرحية "ولك بالمثل هذه الدعوة.. يسعدني اضحاكك سيدتي"
تأملتها بسمة وتأملت سعادتها فمنذ أمس وهي في حالة غريبة من الفرح.. منذ أن خضعت لإحدى طرق فرد الشعر التي تدوم لعدد من الأشهر وشعرت بالسعادة من أجل سعادتها وتمنت من صميم قلبها ألا يخذلها زوجها وأن تكتشف صاحبتها أنها كانت أكبر غبية ومختلة عقليا بما تعتقده فيه وفي الوقت نفسه أشفقت عليها أن أدخلت نفسها في هذه العلاقة المعقدة بسبب الحب.
خلعت أم هاشم الحذاء العالي وقالت بتذمر" يا إلهي!.. لقد آلمني ظهري كيف ترتدينه يا مليكة؟"
ضحكت الأخيرة بينما قالت بسمة وهي تنظر في ساعة هاتفها " يا إلهي أخرتماني ولم أعد حقيبتي بعد .. فالأستاذ كامل سيصل في أي وقت ولا أريده أن يتصيد لي الأخطاء"
قالت أم هاشم بعد أن استعادت وقفتها الاستعراضية حافية القدمين " اذهبي يا حبيبتي وأعدي ما تريدين ..أما أنا فلقد فردت شعري وسيبقى ناعما لفترة ولم أعد أبالي بمن يذهب ومن يجيئ"
رن هاتفها الموضوع أمام مليكة على المنضدة لتصيح الأخيرة" ولا حتى جابر الذي يتصل الآن "
انتفضت أم هاشم وأسرعت بالعدو لالتقاط الهاتف بسرعة بشكل بدا مضحكا.. فكتمت صاحبتاها ضحكاتهما وهما يرقبانها تبتعد وهي ترفع شعرها عن وجهها إلى خلف أذنها بحركة أنثوية مرتبكة وتقول" نعم جابر"
"السلام عليكم"
سحبت نفسا واخرجته تهدئ من ضربات قلبها وهي ترد "وعليكم السلام"
سألها بعبوس "لماذا تلهثين؟!!"
وضعت يدها على صدرها وغمغمت "لا شيء"
جاءها صوته يقول "حسنا أنا بالأسفل انتظرك... كم تحتاجين للنزول؟"
اتسعت عيناها وناظرت صاحبتيها تسأله "أسفل أين؟؟!"
رد جابر بهدوء "أسفل البناية التي وصفها لي زين"
صاحت باندهاش" أسفل البناية!!"
اتسعت عينا صاحبتيها باندهاش وتبادلتا النظرات بينما اسرعت أم هاشم بالبحث حولها عن شيء لتغطي به رأسها فسحبت مفرش مطوي على يد الأريكة ووضعته على رأسها وخرجت للشرفة.
في الشرفة ازداد لهاثها وهي تلوح له قائلة" رأيت سيارتك"
تطلع جابر في شرفات الطابق الثاني فوجدها متشحة بوشاح طويل غريب يغطي نصفها الأعلى الظاهر من الشرفة فقال "هل لديك مانع سيدة أم هاشم في جمع حاجياتك والنزول .. أم أن لديك مواعيدا مهمة؟"
أسرعت بالقول بارتباك " آه طبعا ..طبعا.. خلال نصف ساعة .. أقصد ربع ساعة .. (وعادت تدخل من
الشرفة تقول مستدركة ) عشر دقائق بالضبط إن شاء الله"
قالتها وأغلقت الخط ثم وقفت واجمة تتطلع في الهاتف حتى أنها تركت المفرش لينزلق من فوق رأسها أرضا فسألتها مليكة "ماذا قال يا مشمش؟"
انتبهت الأخيرة وقالت "لا شيء ..لا شيء يريدني أن أجمع حاجياتي"
سألتها بسمة بقلق "هل قال شيئا أخر؟"
هزت أم هاشم رأسها وغمغمت "لا .. لا "
سألتها بسمة مجددا "إذن ما بك؟"
لم ترغب في أن تفصح لصاحبتيها بما تفكر فيه وتقلقهما .. لكن ما كان يسيطر عليها لحظتها سؤال مصيري : هل جاء ليخبرها بأنه قد عاد لزوجته ؟.. أو جاء ليخبرها بأنه قد طلقها ؟.
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 10:57 PM   #2918

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

(2)



كانوا جميعا في حالة استنفار.. البيت كله ..إسراء ونصرة وهمسة ونسمة وكريم .. في انتظار عودة هلال الذي دخل عليهم أخيرا فقالت نصرة بانفعال" لماذا لا ترد على هاتفك يا هلال!!"

هتف الأخير بغيظ "كنت مع زين طوال الوقت حتى أنه أوصلني إلى هنا ..كيف كنت سأرد عليكم والوضع كان محرجا .. لهذا كنت أغلق عليكم المكالمة لربما فهمتم (وأضاف بغيظ وهو ينظر لكريم ) لكنك كنت مستمرا بدون انقطاع أغلق عليك وتعيد الاتصال !"

قال كريم وهو يهرش في رأسه "أمي من كانت تطلب مني أن أستمر"

ضرب هلال كفه فوق الأخر يقول بعصبية وهو ينظر لنصرة "ماذا هناك يا نصرة؟.. لماذا الإلحاح في الاتصال ؟"

قالت الأخيرة باهتمام "نريد أن نطمئن يا هلال ماذا حدث لزين ..فالخبر وصل للبلدة لا أعرف كيف وسألتني أكثر من جارة لماذا كان طلال يحاول اعتراض طريق إسراء؟"



حول هلال نظراته لإسراء الواقفة بتوتر عند باب غرفتها ثم قال من بين أسنانه "هل انتشر الخبر بهذه السرعة ؟!.. (وتحرك ليجلس على الأريكة وتبعته نصرة مضيفا ) عموما تم إنهاء الأمر بطريقة غير رسمية.. فطلال بعد أن كان مصرا على تسجيل محضر بالواقعة تراجع بكل جبن حينما ألمح له الضابط أن إسراء من الممكن أن تسجل ضده محضر تحرش"

قالت همسة بغيظ" ليته كان أصر حتى تشتكي عليه إسراء وتعرف كل البلدة أنه كان يتحرش بها وزين أوقفه عند حده"

قالت نصرة تشعر بغصة" اللهم لا شماتة بالتأكيد وصل لكريمة ما حدث وكل كلام أهل البلدة عن أنه مازال يريدها ويتتبعها"

ردت نسمة بهيام "وأكيد وصلها أن زين دبور (قالتها بفخر وتعالٍ) قد طلب إسراء للزواج (وصرخت سعيدة ) وتشعر بالقهر الآن"

شاركتها همسة تقول بنفس السعادة المفرطة "وأي قهر يا اختاه ..إنه زين دبوووور"

تدخل كريم قائلا بعبوس "بالمناسبة اختكما لم توافق عليه بعد"

ظلت إسراء تراقب ما يحدث في صمت وشعور بالطبطبة على قلبها وبالتطبيب لجرح كرامتها قد تسلل إليها رغما عنها .. فقطع هلال شرودها حين قال " اسمعي يا إسراء اليوم أريد أن أعطي لزين ردنا.. أخذنا وقتا طويلا وهذا عيب في حقنا .. هذا بالإضافة لأن انتشار خبر تقدمه لخطبتك في البلدة لابد أن نجد ما نرد به على الناس هل وافقنا أم رفضنا"

هتفت نصرة بجزع وهي تضرب على صدرها" رفضنا!"

نظر إليها هلال قائلا" اسكتي يا نصرة لا تنسي اتفاقنا"

وضعت يدها تكتم فمها بعد أن قالت "صمتت " لكن عينيها كادتا أن تدمعان وهي تنظر لإسراء نظرة عذبتها لخوفها من أن يكون رأيها متأثرا بحالة والدتها بينما برطمت همسة بصوت خافت لكنه مسموع" وهل هناك من يرفض زين !"

حدج هلال ابنته همسة بينما تقبضت إسراء الى جانبيها تقول بشجاعة " قبل أن أقول رأيي النهائي احتاج لأن أجلس معه .. مع .. زين "

××××

وقفت مليكة وبسمة تودعان أم هاشم على باب الشقة فحضنت الأخيرة بسمة ثم مليكة وقالت لهما بامتنان" شكرا على كل شيء يا بنات.. هذه الأيام لن أنساها ..شكرا يا مليكة على كل شيء"

قالت مليكة بتأثر " أنا من عليها أن تشكرك فوالله هذه الأيام فرقت معي كثيرا.."

تحركت أم هاشم دامعة العينين وقبل أن تغلق الباب خلفها نظرت إليهما تقول" ادعوا لي يا بنات"

سألتها مليكة بتوجس " هل هناك شيء يا أم هاشم؟"

قالت الأخيرة بحشرجة "فقط ادعوا لي"

قالتها وأغلقت الباب خلفها فتبادلت صاحبتاها النظرات القلقة قبل أن تقول بسمة " يسر الله أمورك يا أم هاشم وهدى لك زوجك "

في الخارج أمام سور البناية تطلع جابر في المرآة الأمامية وعدل من شعره للخلف بمشط يده وتطلع في لحيته ثم فتح باب السيارة وترجل منها قلبه قلب مراهق يدق بعنف في انتظار حبيبته فركن بجذعه على السيارة يتطلع في المباني الفخمة حوله ثم في ساعته .

صوت البوابة يفتح تلاها خروج أم قلبه بعد أن شكرت ابنة عمار صوالحة التي أغلقت البوابة بعد خروجها بينما وقف الاثنان يتطلعان في بعضهما وكل منهما يداري لهفة واشتياقا وقلبا صاخبا بالنبضات والمشاعر.



وقف أمامها رجوليا أنيقا بملابس عصرية أسر أنظارها فنسيت أن تتنفس لبضع ثوان ..

ووقفت أمامه كإحدى أميرات الأساطير ترتدي عباءة سوداء فضفاضة بكم طويل مطوي عند نهايته بطيّة عريضة باللون الأبيض وإطار العباءة ذات الأزرار البيضاء حتى الاسفل هو والذيل بالأبيض ..يغطي رأسها وشاح باللون الأسود بإطار أبيض كموديل العباءة.

كانت رؤيته غيثا

وكانت رؤيتها شمسا وهّاجة

وبينهما بهجة العشق تلجم الألسنة

ونبضات القلوب كسباق المارثون

أما العيون ، فتغزل قصيدة أولها لهفة ..

وليس لها آخر.

تقدم منها بخطوات واثقة وهو يتطلع فيها بهدوء وابتسامة حانية افلتت منه قبل أن يمحوها متصنعا الجدية بينما الشوق لها يفتك به فتكا .. ولولا الملامة لحضنها في الشارع والتهم تلكما الماكرتين اللتين وقعت أنظاره عليهما منذ اللحظة الأولى ..

مال يأخذ منها حقيبتها الصغيرة ويضعها في المقعد الخلفي من السيارة بينما تحركت أم هاشم التي تكاد أن تصاب بنوبة قلبية من حضوره الطاغي كوهج شمس حارقة لتلف حول مقدمة السيارة وتتخذ مقعدها بجوار السائق وسرعان ما استقر جابر أمام المقود وهو يقول "كيف حالك يا ست مشمش؟"

ازداد نبضها جنونا وتحاشت النظر إليه حتى لا تنفلت أعصابها وتتعلق بعنقه كالأطفال وتمطره بالقبلات .. وهمهمت "الحقيقة لا أعرف إن كانت رؤيتك رحمة لقلبي المسكين أم صاعقة له!"

لم يسمع جابر ما قالت فقال متصنعا الحزم" ماذا تقولين يا بنت الشيخ لا أسمع شيئا!!"

أجلت صوتها وقالت" أقول نحمد الله ونشكر فضله"

شغل السيارة وتحرك بها يقول بلهجة متهكمة" يبدو أن حياة العاصمة قد أعجبتك"

غمغمت تبرطم بصوت خافت "ما هذا الحظ يا ربي .. هل أتاني بهذه الهيئة الساحرة ليودعني؟ .. ألا يوجد في قلبه شفقة؟"

صاح جابر فأجفلها" أم هاشم قلت لك هذه العادة تستفزني أخبريني بما تبرطمين؟!!"

نظرت إليه تقول باستنكار "لا شيء يا جابر من حق الإنسان أن يحدث نفسه"

تطلع في عينيها البنيتين الدافئتين ذواتيّ اللمعة وقال بغيظ "حدثيها في غيابي يا ست مشمش "

سألته باهتمام "كيف حال ميس؟"

رد وهو يتطلع في الطريق أمامه" الحمد لله عادت للبيت صباح اليوم"

قالت براحة "الحمد الله وأنت؟"

تطلع فيها بنظرة خاطفة ثم عاد للطريق قائلا" أنا في نعمة والحمد لله لكني متعب ومرهق .. كان أسبوعا عصيبا"

غمغمت بصدق "كنت ارتحت اليوم في البيت وأخبرتني لأعود بالمواصلات العادية أنا لست صغيرة "

رفع حاجبيه باستنكار ثم قال "أتركك لتعودي بالمواصلات !!.. ألم يكن لديك رغبة في رؤيتي؟!"

أسرعت بالرد "لا والله ..يعلم الله بأني لم أقصد إلا راحتك"

ناظرها بنظرة جانبية متفحصة ثم عاد ينظر أمامه قائلا " عموما أنا وأنت لابد أن نتحدث في أمور عاجلة لا تحتمل التأجيل يا بنت الشيخ وأرجو أن تكون أعصابك قد ارتاحت حتى نستطيع التحدث بتعقل"

سقط قلبها بين قدميها فقالت بحشرجة "أنا معك في أي شيء ..لا تحمل هما أبدا يا جابر إن شاء الله أيامك القادمة ستكون أفضل مما مضى "

ساد الصمت ولم يعلق بل عاد ذلك السؤال الحائر يطن كالنحلة في رأسه : ما معنى عبارتها التي قالتها لوالدته بأن سعادته أولا؟!"

أما هي فما كان يشغلها لحظتها : هل طلقها أم لا تزال على ذمته ؟..فهي تريد بشدة أن تريه شعرها .



كانت نظرات جابر تتأملها بتدقيق وبنظرات خاطفة ليعود للطريق لكنه عبس ودقق النظر في عباءتها المفتوحة من الأسفل والتي ظهر من تحتها البنطال الجينز الكحلي الذي انحصر عنه طرفي العباءة حتى الركبة فاتسعت عيناه وقال بعبوس "ما هذا الذي ترتدينه تحت العباءة؟!.. بنطال من الجينز!"

اشتعلت وجنتاها وردت بحرج" كنت أرتديه حين اتصلت بي فلم أجد الوقت لخلعه وضعت فوقه العباءة بسرعة"

أصابت موجة ساخنة جسده وهو يسمع كلمة ( خلعه ) من بين شفتيها فسألها "ومن أين حصلت عليه إن شاء الله؟!"

ردت مفسرة "مليكة كانت تشتري بعض الأشياء من الإنترنت فرأيت هذا البنطال وأعجبني ..وطلبت منها شراءه ودفعت لها ثمنه .. هو وهذه العباءة ما رأيك فيها؟"

تطلع في العباءة ثم عاد بأنظاره للبنطال الجينز وقال" جميل ما شاء الله"

غمغمت بحرج " ونحب أن نعلمك بأني قد صرفت النقود كلها"

وضع يده على قلبه يمثل الصدمة ثم اتسعت ابتسامته فأصابتها بأزمة قلبية لتهمس في سرها "رفقا بقلبي الذي يحتضر"

عادت نظرات جابر لساقيها يتطلع في البنطال بينما قالت أم هاشم "بصراحة كنت متخوفة جدا من المقاس ..تعرفني نحيفة ..لكن مليكة أخبرتني بأن المقاسات أوروبية وبالفعل كان مضبوطا عليّ"

ازداد شعوره بالاشتعال وهو يرسل نظرات مختلسة لساقيها ويقتله الفضول ليرى باقي جسدها في ذلك البنطال الضيق .. لكنه أوصى نفسه بالتريث فهناك أولويات عليه أن يتحدث فيها معها أولا قبل أي شيء حتى لو كان شوقه واحتياجه لوصالها وصل حد الجنون .



تبادلا أطراف الحديث كل منهما يحكي للأخر ما مر به خلال ذلك الاسبوع الذي افترقا فيه عن بعضهما.. تحدثا دون ملل كصديقين حميمين بينهما عشق سري و شوق حارق وكثير من الانجذاب .

بعد ساعة كانت أم هاشم تتطلع حولها باستغراب في السيارة الواقفة عند إحدى محطات تزويد الوقود بينما عاد جابر من السوبر ماركت يحمل كيسا كبيرا به زجاجات مياه وعصائر ومقرمشات فناوله لها من نافذة السيارة ثم استدار حول مقدمتها ليجلس أمام المقود وهو يقول "لم أجد لديهم مكسرات للأسف"

قالت أم هاشم وهي تفتح زجاجة مياه صغيرة وتناولها له" لا بأس هيا اشرب كنت عطشانا"

التقط منها الزجاجة فتلامست يداهما وازدادت الشحنات الكهربائية بينهما وتساءل جابر وهو يلقي بالماء في جوفه: كيف سيضبط أعصابه ويتحدث معها أولا ليعرف ما الذي تخفيه عنه .. فطوال الطريق وهو يعصف ذهنه يحلل تصرفاتها وسلوكها ويشعر بالتخبط ..

التقطت أم هاشم منه الزجاجة وشربت خلفه ثم سألته وهي تُحكم اغلاقها" أين نحن يا جابر؟.. أشعر بأنه ليس الطريق المعتاد للمحافظة"

رد بغموض وهو يعيد تشغيل السيارة ويتحرك" لسنا ذاهبين للقرية"

عبست وسألته "إلى أين إذن؟"

رد بلهجة أكثر غموضا" إلى مكان نتحدث فيه سويا دون أن يقاطعنا أحد"

××××



بعد ساعتين

على نصل حاد يفصل بين اليأس والأمل دلفا لتلك الشقة المطلة على البحر في إحدى المدن الساحلية كل منهما مشغول بالأخر .. ومترقب .

تحرك جابر يتطلع في المكان حوله.. كانت شقة صغيرة أنيقة ونظيفة فقال وهو يضع مفاتيحه وحافظة نقوده على المنضدة "زين هو من توسط لي عند أحد أصدقائه لأحجزها .. أتعلمين بأن هذا المختل تشاجر مع طلال طليق إسراء وذهبا إلى قسم الشرطة ؟.. لكن الحمد لله مرت على خير "

"ألا زلت على ذمتك؟"

سألته أم هاشم فجأة فاستدار إليها مصعوقا يقول باستهجان "نعم!!!!"

شعرت بسخافتها لكنها ردت بهدوء "أتأكد فقط لأعرف حدود تصرفي .."

اشتعل الغضب في رأسه وصاح باستهجان "تتأكدين من ماذا أيتها المختلة؟!!.. كيف تتصورين أني من الممكن أن أفعل هذا بك ؟ .. ( وأضاف باستنكار ) ثم هل كنت سآتي بك إلى مكان كهذا وحدنا إن لم تكوني على ذمتي؟!..( ثم صاح بعصبية ) أم هاشم هل سنعود للجنون!!"



تحركت بهدوء تفك الوشاح عن رأسها فكشفت عن شعرها الذي تلفه بعقدة ثم فكت أمام نظراته الذاهلة أزرار العباءة وخلعتها ووضعتها فوق ظهر المقعد بحرص فانفجرت الدماء الساخنة في أعصابه وهو يتطلع في قدها الممشوق الرفيع ذي المناطق المتفجرة الأنوثة في البنطال الجينز كإحدى عارضات الأزياء النحيفات على بلوزة تكشف ذراعيها الأسمرين الأملسين .

اقتربت أم هاشم منه بخطوات ثابتة ثم وقفت أمامه لا يفصل بينهما إلا شبرا تتأمله .. تملأ ناظريها بكل إنش منه .. ولم تعبأ بملامحه الغاضبة بل قالت بخفوت "لم أقصد إلا التأكد فقط "

هب عطرها المغوي يستفز أعصابه بينما شفتيها الماكرتين تقومان بمهمتهما في إغوائه لكنه كان غاضبا .. رغم كل هذا كان غاضبا منها بشدة فقال بعبوس "تعالي اجلسي لنتحدث"

هم بالتحرك فأسرعت بالوقوف أمامه مرة أخرى تقول بخفوت "لا تحتاج لأن تقول شيئا"

ناظرها بعدم فهم متقبضا إلى جانبيه يأمر نفسه بالتماسك أمام نظرتها المتوسلة التي يعرفها.. نظرة مغوية لم ير لها شبيهة تمنحها له في لحظاتهما الخاصة.. نظرة امرأة يعرفها شامخة تنهار أمام رجولته تطلب العطف فترديه قتيلا ..نظرة ساحرة يعرف جيدا أنها تدك حصونه بأنوثتها الناعمة الحادة كنصل السيف ..

ألقت أم هاشم بنفسها عليه تحاوط عنقه بذراعيها وهي تقول بخفوت" لا داع لإضاعة الوقت في الثرثرة"

حاوطها بذراعيه فأضافت بنفس الخفوت وهي تشدد من ذراعيها حول عنقه "كل ما تريده أوافق عليه ..(ومسدت بكفيها مؤخرة رأسه وعنقه وقبلت عضلات كتفه ثم أضافت ) هذا الوقت ثمين جدا دعنا لا نضيعه"

لم يقدر على المقاومة فسحقها جابر بين ذراعيه القويين مشتاقا لذلك الحضن الذي لا يعرف كيف عاش بدونه قبل أن تصبح زوجته فأصدرت أم هاشم تأوها عاليا صعّب عليه مهمته في البقاء خارج دائرة الجنون وأخذت تتحسس كتفيه ورأسه بلهفة وتشتم عطره وهي لا تعرف كيف قد تحرم من لمسه يوما فتمتمت بلهجة معذبة" يا معين يا رب"

الكلمة انتقلت إلى شفتيه فقال ويديه تخرجان عن سيطرته فوق تفاصيلها" يا معين يا رب على جنونك!"

أبعدت وجهها لتتطلع في وجهه من ذلك القرب وتحسست لحيته التي خالطها الشيب المبكر هامسة بعشق " ومن الذي يحتفظ بعقله في وجودك يا جابر "

قالتها واستطالت تطبق على شفتيه فانفجر كل شيء بعدها ولم يعد جابر قادرا على السيطرة على نفسه فرد لها قبلتها بهجوم ضارٍ على شفتيها الماكرتين لعله ينجح في وقف اغوائهما بينما يداه تثيران الفوضى على قدها الرشيق في البنطال الجينز .

بعد دقائق كانا قد تحركا عدة خطوات وألصقها بالحائط فابتعد جابر عنها مغمغما من بين أنفاسه السريعة" نحن غير مؤهلين للتحدث كالعقلاء حاليا "

قالها ومال يرفعها فوق ذراعيه فتعلقت أم هاشم بعنقه تقبل رقبته ليتحرك بها إلى غرفة النوم تاركا خلفهما نصف ملابسهما على الأرض.

خيم فوقها على السرير وهو يقول" دعينا نترك حكايتك جانبا الآن ونركز فيما تريدينه بالضبط يا ست مشمش"

لمست لحيته تقول بضعف أنثى عاشقة "كل ما تجود به ويخرج من ذمتك"

اتسعت ابتسامته ومال يقبل جانبا من وجهها وعنقها ويلفحها بأنفاسه الساخنة ثم قال مشاكسا "وهل ستحتملين كل ما سيخرج من ذمتي؟"

نهضت ودفعته فجأة ليستلقي على ظهره ثم تحسست بكفها صدره العاري وهي ترد "أتلهف له كلهفة الصحراء للغيث .."

اتسعت ابتسامته وتركها مستسلما لقبلاتها المغوية التي تدلل بها تفاصيله قبل أن يفقد صبره بعد قليل ويهجم عليها هو مهيمنا على كل ذرة فيها يمارس سلطاته بغطرسة رجولية جبلت لتتلذذ بالسيطرة ..



كان النزال قويا متأججا بين عاشقين يحفظ كل منهما خريطة الأخر .. يجزل له العطاء ويستعطفه للمزيد .



لقاء والتقاء يُهزم فيه الشريك بإرادته أمام شريكه .. ويخرج كلاهما منه ثملا منتصرا يطفو فوق غيمة وردية.



لحظات مسروقة من الزمن تُقدم فيها قرابين العشق .. وتسوى فيها النزاعات .. وتُراضى فيها القلوب في غياب العقول ..بعيدا عن ترهات الشك والتقويل ..



يتبع





Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 10:57 PM   #2919

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

(3)


بعد بعض الوقت ساد الهدوء الذي يلي العواصف .. سكون كالطفو فوق غيمة وردية حيث الشبع والأمان والسكينة .. فطبع جابر قبلة على عظمة الترقوة البارزة لديها وأخرى على نحرها الأسمر اللامع وأطلق سراحها يعتدل ليستقر بجوارها فهمست أم هاشم بلهجة مترجية والدموع تنساب من جانبي عينيها "لا تبتعد الآن"

عاد ليطبع قبلة تحت أذنها ثم همس" وكأني قادر على الابتعاد يا بنت شيخي "

رفع رأسه يمسح بإبهامه دموعها فتحسست صدره وعضلات ذراعه ثم رفعت رأسها ومالت تطبع قبلة موضع قلبه كعادتها نهاية كل لقاء بينهما ..قبلة بالنسبة له كالحلوى التي تأتي بعد وجبة لذيذة مشبعة فأبتسم برضا وأبقى رأسها فوق صدره بينما كفه أخذت تمسح على شعرها فأبعدت أم هاشم رأسها عنه تسأله "هل أعجبك شعري؟"

تطلع فيها ومشط بأصابعه شعرها قائلا بلهجة صادقة" أنت جميلة في كل الحالات"

عاودت السؤال بإصرار "لكن هل أحببته في هذه الهيئة؟"

رد عليها بابتسامة صافية كيوم مشمس رائق "رائع"

اتسعت ابتسامتها برضا وظلت تتأمل وجهه وكأنها تحفظ انعكاس صورتها في عينيه .. تتمنى لو أن تلتقط لتلك اللحظة صورة تحتفظ بها للابد .. لحظة أن كان لها انعكاسا في عينيه.



تركها تداعب لحيته مستمتعا متطلعا فيها بتردد .. أيتحدث معها الآن؟.. أم يحتفظ بسحر اللحظة وسكينتها وهدوئها؟



أما هي فاختلطت السعادة بالألم في صدرها... فرحة الامتلاء مع خوف من جوع قادم.. متعة المؤانسة برهاب الوحشة

.. والرعب من لوعة الشوق وعذابه.

حضنته بقوة فبادلها الحضن يسألها" ما بك؟"

فكت أسره وعادت لتستقر برأسها على الوسادة تتطلع في وجهه المشرف عليها وأجابت بخفوت" لا شيء ..كنت أتساءل بما كنت تريد أن تشبهني"

اتسعت ابتسامته وأمسك بكفها التي تداعب لحيته بحنو فطبع قبلة في باطنه وصمت لبضع لحظات قبل أن يقول "دعيني أولا أدلل تلك الماكرتين المغويتين اللتين لا تشبعان من التدليل أبدا"

مال يقبل شفتيها فحضنته أم هاشم بقوة ثم أطلقت سراحه فاطلق سراح شفتيها ويده تتحسس نعومة جسدها بينما عيناه تغازلان كل ما تقعان عليه منها بدءا من منابت شعرها وجبينها اللامع ثم قال "سمعتهم يقولون أن الأشياء السمراء فاتنة دوما ..كالقهوة والشكولاتة"

سألته تداعب لحيته "وأنا أشبه القهوة أم الشكولاتة؟"

مرر أنظاره على صفحة وجهها ثم أسفل قليلا وأجاب" كنت سأقول هذا لو كنتِ أكثر سمارا لكنك كالقهوة بالحليب أو شوكولاتة بالحليب"

عضت على شفتها المكتنزة فأضاف جابر "لكنه ليس التشبيه المضبوط .. أنت يا مشمش كعود القرفة ..حارق المذاق.. مميز الرائحة .. يشعل الحواس كلها .. عود قرفة غُمس في العسل حتى صار مسكرا يذهب العقل !"

حضنته أم هاشم بقوة وانفجرت في البكاء تغمغم وهي تتحسس مؤخرة رأسه وظهره "لن يغلبك أحد أبدا في حلو الكلام"

مشط شعرها بأصابعه قائلا "ولن يغلبك أحد في الفتنة ..أنت مغوية يا بنت شيخي "

ما ترسخ في يقينها من ترهات طوال عمرها لم يكن ليمحوه كلمات ككلماته حتى لو قررت أن تحتفظ بها في ذاكرتها إلى الأبد لتعلقها كالنياشين فوق صدرها .. فصورتها الذهنية عن نفسها كانت متأصلة في وجدانها .. ولم يستطع قلبها الواعي إلا أن يخضع لعقلها الباطن ويفسر كلماته بتحريف ..وبأنه جبر لخاطرها ..فحضنته من جديد تقول "جبر الله بخاطرك يا جابر .. جبر الله بخاطرك وأسعدك في الدارين"

غمغم في حضنها باعتراف تلقائي "أنا سعيد .. رغم كل شيء ورغم بعض الحزن الذي أصابني الأيام الماضية لكني سعيد"

وكأن كلماته هذه كانت الإشارة لها لتستجمع شجاعتها فأبعدته وطبعت قبلة على شفتيه ثم انسحبت فجأة وبدون مقدمات..

راقبها بعدم فهم تلتقط قميصها الداخلي من نهاية السرير ولبسته فدلك جابر ظهرها العاري يسألها "إلى أين؟"

كانت الدموع تخنقها .. فلم ترد .. وأجبرت نفسها بإرادة فولاذية على ترك السرير ..



الغيمة الوردية انقشعت وظهرت خلفها الحقيقة المؤلمة أو ما تتوهم بأنها .. حقيقة..

عقلها لا يزال متمسكا بادعاءاته غير قادر على الاستيعاب

كيف يستوعب هول ما يحدث؟!

كيف بعد سنوات من التنمر شوه أفكارها!

كيف بعد سنوات من حب يائس بائس متيم!

كيف وهو سيد الرجال الذي لا يستحق إلا ست النساء.. أو أميرة من عصر ماضٍ أو عصر قادم .. حتى تليق به .

كيف !

قال جابر بعبوس" أنا أتحدث معك يا أم هاشم"

اقتربت من الخزانة وردت على سؤاله" يكفي هذا القدر فليس هناك داع للبقاء هنا ..ليس له معنى ..فلا أريد منك أي شفقة"

علت الجدية وجهه واعتدل يلتقط بنطاله من الأرض ويرتديه وهو يتطلع فيها تغادر الغرفة ثم تعود بعد دقيقة تحمل حقيبتين صغيرتين واحدة تخصه والأخرى تخصها .. فمالت على الأخيرة تخرج منها قطعا من الملابس بينما قال جابر بلهجة آمرة " دعي كل شيء وتعالي ( وأضاف بعد ثانية بلهجة صارمة ) فورا "

استقامت وتسمرت لبضع ثوان ثم اقتربت أمام نظراته الصارمة ووقفت أمامه بقميصها الداخلي القصير تضع كفا فوق الأخر على بطنها وتناظره متصنعة البرود فرفع أنظاره لها في جلسته على طرف السرير يسألها "أخبريني مجددا لماذا وافقت على الزواج مني؟"

ردت بهدوء "لأنك تريد ذلك "

عبس وسألها " وأنت؟"

أجابت ببساطة كادت أن تجلطه " أريد طبعا"

سألها مستفهما " تريدين ماذا؟"

"أن أساعدك"

باستنكار سألها بعينين خطرتين "في عقاب كاميليا؟"

هزت رأسها بالإيجاب فصمت قليلا يتأملها مصدوما يحاول الاستيعاب .. التفسير .. إعطاء المبررات .. يحاول أن يتصرف بنضج مع خيبة الأمل .. مع الحسرة .. مع الصدمة.



أما هي فلم تقدر على التماسك أمامه دون أن تضعف.. أن تستعطف.. أن تترجى ..فتحركت مبتعدة .. هاربة ليأتيها صوته يقول بحشرجة "أنا مصدوم وأشعر بالحسرة"

استدارت إليه تقول بلوعة " بعيد الشر عليك"

وقف.. واقترب منها يتطلع فيها بحزن قائلا "أنا مصدوم لأني في نظرك بهذه الخسة والوضاعة.. أنت ترينني نذلا يا أم هاشم ..والله لو طعنتني بخنجر لكان أهون عليّ"

ردت بسرعة مدافعة "بعيد الشر عليك .. لم أقصد ما فهمته .. أنت.. أنت ( وتطلعت في عمق عينيه ) لم تكن تعي ما يريده عقلك الباطن ..أردت الزواج مني لمعاقبتها وكنت أعلم بأنك ستستوعب الأمر بمجرد أن تلين كاميليا ..والدليل على ثقتي في حسن نيتك أني قررت أن أبادر أنا بالانسحاب بمجرد أن أشعر بوصولك لهدفك "

طالعها مدققا وعقله يحلل الماضي والحاضر ..فإما هي مختلة عقليا أو عاشقة الى حد اليأس .. ويا لعذاب قلبه لو كانت الأخيرة .. وتزوجته وعاشت معه كل هذا الوقت وهي ترزح تحت تلك الأفكار المعذبة.

هدأ غضبه قليلا واستند بكفه على الخزانة خلفها في مشهد يعاد بعد أسبوع من المعاناة ليستكمل حوارا لم يكتمل ساعتها فسألها يحاول هذه المرة ألا يستفز ميلها للعناد "إذن أنت ترين بأني لم أكن أضمر سوء النية؟"

مسحت دمعة من طارف عينها كادت أن تفر ووقفت أمامه تحضن نفسها وهي تهز رأسها بالإيجاب .. تهز رأسها الذي تمنى أن يكسره لحظتها لكنه قال مدعيا الهدوء "وحان الآن وقت الانسحاب من حياتي؟"

هزت رأسها مرة أخرى بالإيجاب فعض على لسانه وتقبضت يده بقوة قائلا "أتعلمين ..أنا أمسك أعصابي في هذه اللحظة حتى لا أضربك علقة ساخنة يا أم هاشم "

ابتسمت .. فاستفزته أكثر ..فاقترب أكثر ..فالتصقت بالخزانة أكثر .. فضرب على الخشب بجوارها بقوة وهو يقضم شفته السفلى يتطلع في عمق عينيها ثم سألها هادرا "لماذا تضحكين؟.. أتظنيني أمزح!"



لم ترد وإنما تطلعت في وجهه صامتة فسألها متهكما وهو يستند بساعده على خشب الخزانة ويميل بوجه عليها "وماذا ستستفيدين يا ست مشمش من هذه المساعدة العظيمة التي قدمتها لي"



همت بالرد فابتعد قليلا يشير لها بأصبعه قائلا بلهجة تحذيرية خطرة "إياك أن أسمع خزعبلاتك عن (تصحيح الأوضاع ) وما إلى ذلك ..فلو كان هذا هو هدفك كنتِ تزوجت من الرجل العجوز وحصلت على لقب أرملة مع الكثير من المال"

حاصرها بما قال واغلق عليها باب الحجج فلم تجد مبررا تخبره به فأشاحت بوجهها تقول بكبرياء "كل إنسان له أسبابه"

أمسك بفكها يعيدها للنظر إليه قائلا "أريد أن أعرف أسبابك"

ردت بشموخ استفزه "وأنا لا أريد ان أقول أنا حرة"

قال بلهجة خطرة " اعترفي بالحقيقة يا أم هاشم "

تحركت هاربة من حصاره وهي تقول "لا توجد حقيقة سوى أني أرغب في الرحيل"

أمسك بذراعها يعيدها لمكانها لتلتصق بالخزانة قائلا وقد تأكد بأنها تخفي شيئا "ومن سيسمح لك"

رفعت ذقنها وقالت " أنا سمحت لنفسي"

قال بلهجة خطرة فبدا أمامها جذابا بشكل مهلك " اشربي من البحر أنت ونفسك"

هتفت بعصبية تحاول الفكاك من دائرة سحره" أريد أن أرحل يا جابر"

مراوغتها في الرد زاد من جرعة الأمل في قلبه ..وعقله لا يزال يركب قطع الأحجية بجوار بعضها فقال بلهجة ذات مغزى "وهل من تريد أن ترحل ..تفعل ما فعلتِ منذ قليل؟!!"

تعرق جسدها واشتعلت وجنتاها بحرج لكنها ردت بثقة وجرأة غازلت رجولته "حقي وأريد أن آخذه لآخر لحظة"

اتسعت عيناه ثم انفجر ضاحكا فانفجرت دقات قلبها .. ليقول جابر بعد برهة وكأنه يتعامل مع شخص مجنون "إذن لمَ لا تبقين وتأخذين حقوقك مني كلما رغبت (ووضع يده على صدره يقول بلهجة مغوية ) أنا رجل متعاون جدا في هذه الأمور ولا أتأخر أبدا في اعطاء الحقوق لأصحاب الحقوق (وأضاف بلهجة أكثر شقاوة ) وأحب أن أقوم بواجباتي على أكمل وجه "



طالعته وهو يطبق على شفتيه حتى لا ينفلت منه المزيد من الضحك فبدا أمام ناظريها رجوليا جذابا إلى حد أوشك على إصابة قلبها المسكين بسكتة فقالت وهي تحاول الإفلات من دائرة حصاره" علينا أن نضع لهذا الأمر حدا "

وضع كفه على الخزانة فمنعها من التحرك فأضافت أم هاشم ببعض التوسل "اتركني لأرحل صدقني أنا راضية بما حصلت عليه (وافلتت منها عبارة لم تكن تريد أن تظهر جانبها الضعيف ) فهو مالم أحلم به أبدا"



اقترب من الامساك بطرف الخيط .. وتمنى بشدة أن يجد في نهايته (قلبها ) ..فمال عليها يسألها" ما هو الذي لم تحلمي به "

كان حصاره يربكها .. يشعرها بأن الأرض تتكسر من تحتها ..فقاومت بقوة ..تشبثت بشراسة .. لا تريده أن يعلم شيئا عن مشاعرها .. كبريائها لن يسمح بأن تبدو أمامه كمستعطفة مثيرة للشفقة وكأنها تتذلل له ليبقيها فقالت بترجٍ "اتركني يا جابر"

تحركت خطوة فأمسكها من ذراعها وأعادها لمكانها يقول من بين أسنانه " لن تتحركي من مكانك قبل أن أفهم كل شيء"

قالت بعناد "لا يوجد ما يستدعي اهتمامك"

رد بصرامة "أنا من أقرر"

قالت بانفعال وعناد "ليس عندي ما أقوله"

تقبض بقوة يتحكم في أعصابه قبل أن يكسر رأسها العنيد ليعرف ما به .. ثم ابتعد خطوتين للخلف يستجمع أعصابه وعاد إليها يقول بلهجة مغتاظة " أنا مندهش .. كيف تتحدثين عن حقك قبل دقائق .. ثم تتركيني لامرأة أخرى .. كيف تتركين حقك فيّ لأخرى!!"

ردت عليه بلهجة متألمة أوجعت قلبه وقربته من اليقين بأنها تحمل له مشاعر قوية " المطالبة بالحق تكون لمن يملك هذا الحق .. أما من يطلب ما ليس حقه لا يكون إلا مغتصبا "

قال بنبرة مستعطفة "وهل أهون عليك يا بنت شيخي؟ .. ( وتطلع في عينيها مضيفا بصدق ) أنا لن أقدر على تحمل ابتعادك عني يا أم هاشم"



نجح في عبور قشرتها الصلبة العنيدة والوصول إلى لب مشاعرها فلانت ملامحها ولاح العذاب في عينيها وهي ترفع يدها لتتحسس صدره العاري وتقول بضعف دون أن تعي "وأنا أيضا لن أقدر على تحمل ذلك .. لن أقدر على التحمل يا جابر .. عذاب البعد أهون عليّ من النار التي ستأكلني إن بقيت "



تطلع فيها عاقدا حاجبيه بينما اعتصرت كلماتها قلبه خاصة حينما أضافت " أعلم بأني قد أبدو أمام الجميع مجنونة فمن هي في مثل ظروفي عليها أن تقبل بأي وضع راضية .. لكن هذا صعب عليّ يا جابر صدقني أنا الأكثر احتياجا للبقاء والأكثر عذابا بالرحيل لكني لن أطيق أن تشاركني أخرى فيك.. لم أوافق من قبل أن أشارك امرأة في رجلها.. فكيف سأتحمل أن أتشارك فيك مع أخرى؟.. أنت بالذات .. كيف ؟.. كيف أتحمل أن تلمسك أخرى؟.. أن أشتم رائحتها في ثوبك ..أن أتخيلك معها ثم معي!! .. "



وقف مذهولا وهو يقرأ مشاعرها أخيرا بوضوح بينما مسحت أم هاشم دمعة سقطت من طارف عينها وأضافت بتفهم "أعرف أنه حلال لك ولو رغبت في الزواج من أربعة.. لكني بالتأكيد لن أكون منهم يا جابر ..ليس لقلة ثقة في نفسي ولكن ببساطة شديدة .. لأني لن أطيق هذا.. "

أخيرا وصل إلى بقعة ضوء بعد السير في نفق مظلم شديد السواد حبس به لمدة أسبوع فسحبها إليه وحضنها بقوة مغمغما "يا فرج الله!.. يا فرج الله! .. الحمد الله لم يكسر الله بخاطري.. لم يكسر بخاطري"



أبعدها يحضن وجهها بين كفيه وقال أمام عينيها بعد أن فهم العلة .. بعد أن فك تشابك العقدة حتى وصل لآخر الخيط فوجد قلبها " يا بنت شيخي لا يوجد على ذمتي امرأة غيرك ..ولن يكون على ذمتي غيرك ..ولا توجد في حياتي غيرك"

ساد الصمت للحظات وهو يتطلع في وجهها بينما هي ترمش بجمود وعقلها يستعيد ما قاله ويحاول فهمه ثم همهمت "جابر!"



قال بتأكيد أمام عينيها " هل أكرر ما قلته؟..حاضر.. لا يوجد على ذمتي امرأة غيرك ..ولن يكون على ذمتي غيرك ..ولا توجد في حياتي غيرك "

كان جفناها يرتعشان حتى بدت له أنها تقاوم الإغماء وهي تقول بتأتأة "لكن ..لكن"

حضن كفها وقال وهو يتحرك " لا يوجد لكن ..تعالي لنجلس "

سحبها وجلس على طارف السرير وربت بجانبه لتجلس لكنها ظلت واقفة.. فسألها "ألن تجلسي؟"

هزت رأسها تقول بذهول" لا أريد"

وقفت أمامه فرفع أنظاره لها وأمسك بمعصميها قائلا " كل ما في رأسك خبال يا أم هاشم .. جنون .. من أول السبب الذي تخيلتيه لزواجي منك حتى تلك الترهات التي تفوهت بها في وجهي الأسبوع الماضي"

قلبها كان متوقفا عن النبض .. كان ساكنا في صدرها وهي تسأله بذهول "ما معنى هذا الكلام؟!!"

رد موضحا " معناه أني تزوجتك بكامل وعيي وادراكي يا غبية .. تزوجتك لأني أريد أن أتزوج من أم هاشم وليس نكاية في كاميليا ..فلست تافها ولا غرا لأفعل أفعال الصبيان المراهقين التي في رأسك!"

كانت عيناها متسعتين وسقطت عبرتان ثقيلتان منهما دون أن يرمش لها جفنا ثم قالت مجادلة "أنت كنت غاضبا يا جابر حين طلبتني من عمي .. شعرت بك وقلبي لا يكذب عليّ .."

قال معترفا " لن أنكر ذلك لقد خرجت من عندها بدم محروق لأني أمسكت أعصابي عن التهور والتصرف معها كما تستحق .. وتوجهت لعند عمك لأطلبك منه لأني أقسمت لها بأني قبل أن تنتهي عدتها سأكون متزوجا ممن هي في مقام تاج رأسها ( وتطلع في عينيها مضيفا بلهجة أكثر رقة ) من كنت أتمنى أن أتزوجها وشغلت عنها بأمور كثيرة ..لقد تمنيتك زوجة لي يوم رأيتهم يرغبون في تزويجك من ذلك العجوز ..فارت دمائي حينها وأدركت أي خطأ اقترفته بعدم التفكير بك واعترفت لنفسي بغبائي "

سحبت يديها من يديه ووضعت كفها على قلبها تقول بخفوت ذاهل "جابر ماذا تقول؟!!"

أكمل جابر اعترافه " وقتها فكرت للحظة في أن أتزوجك على كاميليا خاصة وأن الأمر بيني وبينها يومها كان قد انتهى .. و خيرتها إن أرادت الانفصال فلها ذلك.. لكني لم أرضى لك أن أتزوجك على ضرة .. فهذا لم يكن يليق بك يا بنت الشيخ زكريا "

وكأن زلزالا قد ضرب بعالمها .. كسر الأرض التي تقف عليها .. نقلها عبر الزمن إلى بقعة أخرى مع جابر .. إلى عالم أخر معه .. حياة أخرى ..أرض أخرى .. فلم تقدر أم هاشم على التحمل وسقطت على ركبتيها بين ساقيه باكية بانهيار تغطي وجهها بكفيها.. فأمسك جابر بذراعيها مستمرا في اعترافه الصادم " لكني ظللت أدعو لك بعد كل صلاة أن يرسل لك من يستحقك .. من يراك بعقله وقلبه .. وكم أنا سعيد لأني كنت هذا الشخص المحظوظ"

رفعت يدها وأغلقت فمه بكفها تقول بترجٍ "كفى يا جابر ارحمني سأموت ( وأمسكت بقلبها تقول بتقطع ) والله قلبي .. قلبي .. قلبي .."

لم تستطع اكمال العبارة وانهارت بالبكاء فرفعها من ذراعيها إلى حضنه .

دفنت أم هاشم وجهها في صدره وهي لا تزال تغطيه بكفيها تبكي بانهيار بينما جابر يمسد على ظهرها هامسا" بعيد الشر على قلبك يا أم قلب جابر"

استمرت في انهيارها ..

ماذا يقول؟ .. ماذا يحدث معها ؟.. أهو يهذي أم هي التي تهلوس ..

ابتعدت عنه بوجهها تسأله " أنت لا تكذب عليّ أليس كذلك!"

رفع حاجبيه يسألها بابتسامة "وما الداعي لأن أكذب؟"

ردت باكية "شفقة عليّ .. علمت بحالي وتشفق عليّ"

قال يمسح على شعرها بحنو " اعتقد بأني أشفق على حالي أنا أكثر"

مسحت دموعها بقوة ثم قالت بملامح جادة "جابر قل الحقيقة"

سألها باندهاش "أية حقيقة؟!"

استقامت واقفة فراقبتها عيناه مبتعدة ثم تحركت أمامه جيئة وذهابا بقميصها الداخلي القصير باللون الكريمي يبرز سمرتها اللامعة وساقيها الطويلين وبعض المناطق الشديدة الإغراء في جسدها فبلع جابر لسانه عن حدس معين اخترق شعوره وهو يراقبها لكنه لم يكن وقته ليصرح به بينما قالت أم هاشم موضحة "حقيقة أنك تهذي.. أو أني أهلوس .. أو أنك تشفق عليّ .. ( ووقفت تقول بلهجة مترجية كأن الحقيقة صعبة الاستيعاب ) قلها .. أنت تشفق عليّ"

تألم قلبه وسألها " هل تعانين لدرجة أن عليّ أن أشفق عليك يا أم هاشم؟ .. أخبريني بكل..."

اندفعت نحوه تقول بعصبية "أششش ..توقف عن الحديث حتى أستوعب ما قلته للتو "

اتسعت عيناه ورد عليها بهدوء حذر"أنت سألتني وكنت أجيب"

عادت لتتحرك أمامه جيئة وذهابا وهي لا تزال تبكي وتمسح دموعها وتبكي مجددا ..ثم توقفت تسأله" أنت لم تكن تكايد كاميليا بزواجك مني؟"

لاح شبح ابتسامة على وجهه وهو يرى حالتها وكأنها قد مسها الجنون فرد موضحا "كنت قد أقسمت فقط بأني سأتزوج بأحسن منها ..واندفعت لأنفذ ما كنت أنويه بمجرد أن طلقتها ..لكني كنت انتظر بعض الوقت حتى لا يزج باسمك في قصة طلاقي من كاميليا"

اقتربت منه تسأله بغير تصديق باكية" كنت تريدني أنا ؟"

"أجل؟"

"لماذا؟"

رد موضحا مرة أخرى " قلت لك لأني كنت معجبا بك دون أن أعي ذلك .. ولا أعلم أين كنتِ حين عدت أخر مرة من السفر وقررت الاستقرار والزواج .. لم أرك أمامي ربما لو رأيتك لكنت..."

"كنت في حالة حداد" قالتها مقاطعة فعقد حاجبيه وقال "حداد!"

وقفت أمامه قبضتها في ظهرها وهزت رأسها بالإيجاب قائلة " أجل حداد على بنت مليكة ..ظللت مدة طويلة بعدها لا أخرج من البيت"

قال جابر بسرعة " آه فعلا .. تذكرت أني علمت بالخبر المفجع حين وصلت كان مثار حديث الناس وقتها"

مالت عليه تحيط وجهه بكفيها وتقول بترجٍ باك "احلف بالله"

رفع أنظاره لها وقال " أقسم بالله أني كنت معجبا بك ..وكنت أدعو الله أن تتزوجي من يستحقك"

هزت رأسها برفض ثم قالت " لا ..لا.. قل أنك تزوجتني لأني (أم هاشم)"

قال مشاكسا " بالطبع تزوجتك لأنك أم هاشم ..هل تزوجتك لأنك عفريت؟!"

طالعته بذهول من اعترافه لكنه أسرع بالقول معتذرا "لم أقصد"

لم تكن كلمته ولا أسفه يشغلانها فقالت بترجٍ" "قل يا جابر"

سألها بدهشة "ماذا أقول يا قلب جابر؟"

نشجت باكية تتطلع في وجهه بين كفيها ثم قالت بعد برهة "قل ..تزوجتك لأنك أم هاشم زكريا جاد الله تيمور"

قهقه ضاحكا ...فتركت وجهه وهزت كتفيه قائلة" قل .. هيا قل "

قال من بين ضحكاته" أقسم بالله تزوجتك لأنك أم هاشم زكريا جاد الله تيمور ..المجنونة والمختلة عقليا "

انفجرت في البكاء وسقطت مجددا بين ساقيه بانهيار ..فحاول رفعها من كتفيها لتقف على ركبتيها ثم ضمها إلى صدره مضيفا "وبعد أن صرتِ حلالي اكتشفت بأنك أم قلبي"

هتفت بتوسل وهي تضربه بقبضتها في ظهره "جابر ..جابر ..جابر"

"نعم.. نعم ..نعم "

قالت بترجٍ" كفى بالله عليك ..سأموت ..قلبي سينفجر والله العظيم "

شدد من احتضانها قائلا بحنو "بعيد الشر عليك ..حاضر"



بعد برهة ابتعدت عنه ترفع إليه وجهها المغرق بالدموع قائلة بجدية "أصدقني القول ..هل أنا مت ودخلت الجنة؟!"

اتسعت عيناه وابتسامته معا ثم رد وهو يحضن وجهها بين كفيه "الجنة دخلتها أنا حين دخلت أنتِ حياتي يا بنت شيخي "

قالها ثم مال يلتهم شفتيها فظلت تبكي بحرقة.. قلبها في حالة شلل ..وعقلها يحاول جاهدا ألا يشت منها .

××××


يتبع









Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 10:58 PM   #2920

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4

(4)



دخل الولدان الشقة فمالت مليكة لتحضنهما وتطبع قبلة على وجنة كل واحد منهما ثم قالت " هيا بدلا ثيابكما واغتسلا"

قال إياد" جائع جائع.. بسرعة الغداء أرجوك يا أمي "

ابتسمت وهي تتابع دخولهما ثم أغلقت الباب حين تأخر مفرح في الصعود وتوجهت للمطبخ تقول للخادمة "أعدي الطعام على السفرة من فضلك"

فُتح الباب فأسرعت إليه ليقول مفرح وهو يتطلع في الشقة التي يراها مفروشة أمامه لأول مرة" السلام عليكم"

قابلته بابتسامة واسعة جميلة تقول " وعليكم السلام ورحمة الله"

قال متهكما وهو يخلع حذاءه عند باب الشقة " الحقيقة أنا سعيد أن ضيفاتك قد غادرن أخيرا يا مليكة هانم .. فكنت أخطط لأن أوصل لك الولدين وأذهب لأتناول الغداء في مطعم أولاد نخلة "

اتسعت ابتسامتها فدقق مفرح فيها وهي تقترب ببنطال قصير إلى تحت الركبة بلون وردي وبلوزة بيضاء بكم قصير ترفع شعرها البني للأعلى بمشبك فبادلها الابتسام ودون أي كلام إضافي مال عليها يحضنها بقوة. غمغمت من فوق كتفه" اشتقت إليك"

لم يرد .. يفضل ألا يرد .. فالكلام سيجر خلفه أفعال وهو وعد نفسه ألا يحاول الضغط عليها واستدعاء إحساسها العالي بالتقصير .. لم يفعل سوى أن شدد من احتضانها يتحسس ظهرها بحنان ويطبع قبلات على رقبتها.

خرج إياد مندفعا يقول "أبي تعالى لترى غرفتي بعد أن اكتمل فرشها (ثم أضاف ) ماذا تفعلان؟!!"

لم يتحرك مفرح ولم يرد فخرج أدهم وانضم لأخيه يتطلع فيهما بوجنتين حمراوين وقال متهكما" هل نحضر كأسين من العصير وشجرة لتظلل هذا المشهد العاطفي؟! "

قالت مليكة ضاحكة "مفرح رد على ولديك"



أبعدها يقول ممتعضا "نعم ..ماذا أقول؟ (ونظر لإياد قائلا ) ماذا تراني أفعل؟.. ألم تحظ بحضن مثله قبل دقائق ؟..أم أن كل شيء يأتي عند مفرح ويقف!"

قالت مليكة بخفوت موبخة "مفرح الخادمة بالمطبخ"

مط شفتيه بمزيد من الامتعاض فأسرع إياد بالاقتراب من والده وشده من يده قائلا "تعالى لترى الغرفة واترك الأحضان والقبلات لوقت آخر"

ارتفع حاجبا مليكة وهتفت وهي ترى مفرح يتحرك معه بتثاقل " احترم نفسك يا ولد! "



بعد قليل اقتربت مليكة من الحمام الرئيسي للشقة فوجدت بابه مواربا ومفرح يقف عند الحوض يغسل وجهه فتملكتها الحيرة الشديدة وذلك السؤال الحائر بشأنه منذ سنين طويلة ازداد إلحاحا: ماذا ستفعل مع مفرح؟

إنه قد طلب بأن توضع ملابسه في غرفة نوم ثالثة ..والحقيقة أنها لم تعترض .. لقد وعدت نفسها أنها لن تدع شيئا يضغط على أعصابها كما اتفقت مع الطبيبة ..وبأنها ستضع نفسها في المقام الأول ..واقتنعت بأنها بذلك ليست أنانية إن فعلت ذلك لفترة ..فهي وصلت لمرحلة كادت فيها أن تؤذي من تحبهم بسبب تضحيتها المستمرة من أجلهم دون الالتفات لآدميتها .. اقتنعت بأن قليلا من الأنانية لن يضير في سبيل أن تستعيد قوتها .. استوعبت أنها بشر وليست امرأة خارقة وأنها بحاجة للاهتمام بنفسها من وقت لأخر لتشحن طاقتها حتى تبقى محور ارتكاز لمن حولها.. وبأنها إن فعلت ذلك ليس عليها الشعور بالذنب فهي تستحق هذا .. وإن سقطت سيؤثر سقوطها على جميع من حولها لكن .. ستبقى شاعرة بالذنب تجاه مفرح .. من ناحية تعلم بأنه قد صبر كثيرا .. صبر صبرا لن يفعله رجل غيره ومن ناحية أخرى تخبر نفسها بأنها بدأت في مرحلة العلاج فلماذا تفسد الطبخة من أجل (ذرة ملح) كما يقال في المثل.



فتحت الباب فحانت منه التفاتة وهو يغلق الصنبور وينفض يده من الماء ثم نفضه في وجهها بمناكفة فعبست بينما التقط هو المنشفة وجفف وجهه .

وقفت أمامه تسأله" هل أعجبتك الشقة؟"

أبعد المنشفة يتطلع فيها وقرأها بسرعة ..قرأ نظرة عينيها وأفكارها وارتجاف شفتيها .. فاقترب بلهفة وشوق مكشوفين لها مهما حاول إخفائهما وقال بصوت متهدج وهو يغلق الباب خلفها " الشقة وصاحبة الشقة شيء مبهر بصراحة"

رفعت إليه وجهها بابتسامة متسعة ..ابتسامة تستحق أن يصبر أكثر ليحصل عليها بشكل دائم .. فلم يرها على وجهها منذ سنوات طويلة.. وبالرغم من أنه يعلم بأنها لحظة منح صغيرة لكنه كان راضيا بها ..فمن يعرف الحرمان ويجربه سيقدِّر جيدا حتى أصغر المنح ..

تحسس جسدها بيده وهو يقول هامسا "خاصة صاحبة الشقة "

أطبق على شفتيها بجوع المحرومين .. جوع لم يقدر على تهذيبه ..فتلاشت مليكة بين ذراعيه ونفخت فيها شفتاه الجائعتان النار .. فهي تشتاق إليه كما يشتاق إليها لكن المشكلة تكمن في ذلك الشعور القاتل الذي ينتظرها أخر كل مرة .

فتحت زرا من قميصه وتسللت يدها إلى بطنه فتقلصت عضلاته فجأة وأفلت شفتيها وهو يخرج يدها قائلا من بين لهاثه "لا أرجوك ..فبهذا الشكل سيخرج الأمر من يدي وأنا لابد أن أحافظ عليك يا خطيبتي العزيزة"

ابتسمت رغم شعورها بالألم وقالت "خطيبتك!"

أجاب وهو يطبع قبلة على رقبتها" هذه القبلات المختلسة تشعرني بأننا مخطوبان ..الفارق هو أننا لم تتح لنا الفرصة للشقاوة قبل زواجنا لكن الفرصة مواتية الآن لكثير منها معك يا خطيبتي (ورفع رأسه يقول لها واضعا يده على صدره ) وأقسم لك بشرفي بأني سأحافظ على شرف الصوالحة حتى ليلة الزفاف ولا أغمره في التراب"

ضربته على صدره ضاحكة فمال يقتنص قبلة أخرى جائعة من شفتيها حتى سمعا صوت أدهم في الخارج يقول " أين أبي وأمي؟"

صاح إياد" جااااائع"

أفلتت مليكة شفتيها وقالت بسرعة" فضحنا أمام الأولاد كيف سنخرج الآن !"

جز مفرح على أسنانه بغيظ بينما قالت مليكة وهي تعدل من هيئتها" أنا سأخرج وألهيهما ..وأنت أخرج بعد قليل"

تحركت نحو الباب ثم حانت منها نظرة اعتذار صامتة لمفرح الذي يقف متخصرا مغلق الملامح وأسرعت بالخروج .. فسحب هو نفسا عميقا وأخرجه بضيق قبل أن يستند بظهره على الحائط ويضرب رأسه للخلف في الحائط بحركة رتيبة عدة مرات يطلب من نفسه المزيد من الصبر ..آملا في أن تبادر هي قريبا بأي مبادرة للعودة لحياتهما.. كزوجين طبيعيين

××××

سلم جابر في الصلاة .. فسلمت أم هاشم بعده ليرفع يديه بالدعاء وتنفجر هي باكية من جديد ..

إنها على هذه الحالة منذ ساعتين وقد أقنعها بصعوبة أن تغتسل ليصليا لربما هدأت لكنها دخلت الحمام وخرجت لتصلي وهي لا تزال تبكي.

سحبها جابر إلى صدره وأخذ يقرأ بعض الأدعية والآيات ثم قبّل رأسها يقول" ما كل هذا يا بنت شيخي .. والله لم أقل كل شيء بعد ..والله لم أقل ما أشعر به و ما تستحقينه"

قالت بانهيار فوق صدره "اسكت يا جابر أرجوك"

قال بحنو وهو يدلك ظهرها " حاضر ..أنا فقط أردت أن أخبرك بما أشعر به .. وبأنني صدمت بشدة حينما أخبرتني قبل أيام بأنك تزوجتني من أجل أسباب غريبة.. صدمت وأصابتني الحسرة وألم شديد ..ألم عظيم في قلبي"

رفعت رأسها تنظر إليه قائلة "بعيد الشر عنك من الألم .. (ووضعت يدها على لحيته مضيفة ) دعه لي أنا لأتحمله عنك"

مسح دموعها بإبهامه وسألها بتأثر شديد بحالتها "ماذا في قلبك لجابر يا عود القرفة المسُكر؟"

"فيه .. (واعتدلت جالسة أمامه تكشف الغطاء عن شعرها ومسحت دموعها تضيف ) فيه حب يهيمن على كل ذرة في كياني .. لكنه لا يكفي .. ليتني أملك قلبا أكبر لأحبك أكثر.. حتى لو مت من أجل هذا الحب "

اتسعت ابتسامته بفرحة غمرت قلبه كالغيث بعد طول القحط فدمعت عيناه بينما قالت أم هاشم " تقول: مجنونة تزوجتني وأنت تعتقدين بأني أريد أن أكيد لكاميليا !.. أقول لك: وأفعل أي شيء من أجلك .. أي شيء .. (وطالعته بعينين أذهلته قوة العشق فيهما وأضافت بخفوت ) كم تمنيت أن يربطني بك أي شيء يا جابر ولو حتى علاقة عمل .. كم تمنيت ألا أكبر أبدا حتى لا تباعد بيننا الأيام والحواجز فأبقى في محيط رعايتك طفلة صغيرة.. تقول : مجنونة قبلت بصفقة زواج؟.. أقول لك : ولو كنت أقدر على أن أكون خيطا في ثوبك لقبلت .. "

أوجعت قلبه بكلماتها واستمر يناظرها بانشداه وهي تضيف بعاطفة حارة وأصابعها تلمس لحيته "أنت يا جابر .. أنت في كفة ..والناس كلهم في كفة .. لو طلبت روحي أقدمها لك .. أتلومني لأني قبلت بأن أحظى بالحديث معك! .. أتلومني لأني أردت أنا أراك عن قرب!.. أتلومني لأني منحت فرصة للبقاء تحت سقف بيتك ولو لأيام فقبلت! .. أتلومني لأني حظيت بفرصة لأصلي خلفك بعد أن كنت أصلي فجر كل يوم معك في خيالي!"

حضنها جابر بقوة .. فلم يقدر قلبه على تحمل هذا القدر من العشق الهائل اللا محدود واللا مشروط .. حضنها مغمغما بارتجاف وهو يدفن وجهه في شعرها " يا ويلك يا جابر كيف كنت أعمى عن كل هذا يا أبا الأغبياء "



ابتعدت أم هاشم عنه ورفعت إليه أنظارها تكمل وكأن لسانها لا يريد أن يتوقف عن البوح وقلبها واتته الفرصة أخيرا ليتحدث ويستفيض " كان الله كريما معي أن رأيتني بعينيك أنثى.. وعاملتني كأنثى وعاشرتني كأنثى .. أنا .. عفريتة القرية السوداء .. كان كرم ربي عليّ كبيرا حين منحت ولو بضعة أيام معك في الحلال "



أمسك بوجهها ومال على شفتيها يقتنص قُبلة من صميم القلب إلى صميم الروح.. ثم قال بخفوت لاهث بعد قليل

"كرم الله كان كبيرا على كلينا يا أم هاشم .. جمعنا ببعضنا وقد ظننا أن ذلك مستحيلا .. فأنا كنت سقيما يا بنت شيخي ..والله سقيما ..ولم أشف إلا بك "

همست بترجٍ ليشفق عليها "جابر !"

حضنها يقول مبتسما دامع العينين" حاضر ..لن أقول المزيد لكني أريد أن أسمع المزيد ..لن أتركك الليلة إلا بعد أن أعرف كل شيء.. كل لحظة .. كل شعور فاتني وعميت عنه .. يا أم قلبي "

××××

"لماذا فضحتنا بهذا الشكل ؟..لماذا فضحتنا يا طلال"

قالتها كريمة صارخة وهي تستقبل ولدها في المساء ثم ضربت على صدرها شاهقة وهي ترى الكدمة الزرقاء المتورمة في وجهه فهتفت "يا إلهي ماذا فعل بك ابن دبور؟ كسرت يده"

تركها طلال دون رد وتجاوزها صاعدا للطابق الأعلى فصاحت خلفه" لماذا لا ترد ..ألا يكفي بأنك فضحتنا .. خبر شجارك مع ابن دبور من أجل بنت نصرة يملأ القرية منذ ساعات والكل يمصمص شفتيه بأنك تريدها باستماتة وتتذلل إليها كي توافق على العودة لك .. وبأن ابن دبور قد خطبها"

استدار طلال صارخا " كفى كفى كفانا يا أمي من هذه السيرة لا أريد أن أسمعها"

هتفت فيه بقرف " قل ذلك لنفسك ..هل من خلقها لم يخلق غيرها ! ..هناك عشرات الفتيات يتمنين أن تتقدم لخطبتهن أولهما هناء ابنة أختي"

هتف من فوق السلم "أنا لا أريد أن أتزوج لا هناء ولا غيرها .. أخي أرسل لي عقد عمل و سأسافر "

شهقت كريمة تهتف بجزع" ماذا؟؟؟.. تسافر ؟؟؟.. لماذا؟ لقد كنت ترفض فكرة السفر .. هل ستسافر وتتركني يا طلال؟؟"

قال بهدوء " أجل يا أمي سأسافر مثل أي شاب .. مثل أخي الذي سافر قبلي"

هتفت باتساع عينيها مصدومة "وستتركني بسبب بنت نصرة!"

قال بعصبية "دعينا من بنت نصرة ..لقد ضاع الأمل حتى في استعادتها .. دعينا منها ومن قلبي الذي حرقته بيدي ولا تشغلي بالك به يا أمي.. يكفي فقط مفاخرتك بابنك الذي طلق زوجته أمام الجميع من أجل رد اعتبارك .. رغم أنك وخالتي من بدأتما بإلقاء الإهانات ..لكن المهم أني كنت رجلا وابن أبي وأعدت لك حقك ..اتركيني وشأني إذن"

دخل والد طلال من الخارج وتطلع فيهما بينما قالت كريمة بقهر" هم من بدأوا بإهانتنا حين أحرجونا أمام أهل البلدة بما جهزوه لابنتهم "

نظر طلال للأعلى يائسا من اقناعها بغير ما تقتنع به وتتمسك به من عادات مقيتة للمفاخرة ثم نظر إليها قائلا "وها أنا قد أجلت فكرة الزواج كلها وسأسافر"

صرخت كريمة بلوعة وهي تراه يستدير ويكمل صعود السلم "طلال .. طلال"

لم يرد طلال واستمر في الصعود فلطمت كريمة على وجهها وقالت لزوجها صارخة بولولة" ابني سيتركني ويسافر يا عطية .. نور عيني سيبتعد عني يا أبا حمدي "

××××

صباح اليوم التالي

دخل جابر من باب الشقة يحمل أكياسا توجه بها نحو المطبخ مباشرة ثم عاد بكيس صغير وبعض الأطباق يضعها فوق منضدة السفرة .. فخرجت إليه أم هاشم ووقفت عند باب الغرفة ترتدي قميصا داخليا باللون السماوي يصل إلى منتصف فخذيها .. شعرها مسدلا على ظهرها ووجهها في حالة شديدة من التورم فلم تتوقف عن البكاء حتى الآن.

لمحها جابر وقال بلهجة مرحة" أحضرت بعض الأشياء من السوبر ماركت لتوضع في الثلاجة وأحضرت أيضا فول وطعمية وباذنجان مقلي.. "

ردت أم هاشم بخفوت وهي تستند برأسها على إطار الباب "بالهناء والشفاء يا رب"

ثم وقفت تتطلع فيه وهو يفرغ ما في الأكياس في الأطباق وهي لا تصدق أبدا ما حدث أمس ..لقد ظلت تتحدث طوال الليل .. تبوح له بكل شيء ..بكل إحساس ..بكل وجع حتى أدمعت عيناه وانشطر قلبه من أجلها .. لكنها لا تزال في حالة صدمة .

قال جابر وهو يخرج أرغفة الخبز الطازج من الكيس "زين اتصل بي مبكرا ..إنه مدعو على الغداء عند هلال ليجلس مع إسراء كما طلبت "

سألته "هل هو بخير بعد موضوع قسم الشرطة ليلة أمس؟ .. أقصد هل لهذا الموضوع تبعات؟"

رد جابر " لا أعتقد فقد تنازل طلال عن الشكوى كما قلت لك ..أتمنى فقط ألا يتعرض له مرة أخرى ..بصراحة لم أحب أن يتطور الأمر حتى قسم الشرطة"

غمغمت " كتب الله له الخير"

ناظرها جابر مشفقا .. لقد أنهكها البكاء وهو لا يعرف كيف يتصرف .. كيف يوقفها .. ظن أنها حينما استسلمت للنوم أخيرا بين ذراعيه بأنها قد توقفت عنه ..لكنها عادت للبكاء حينما استيقظت وها هي تبدو أمامه قد ذرفت المزيد من الدموع.



قال بلهجة مشجعة وابتسامة حانية " هيا لتأكلي .. لقد نسينا الطعام يوم أمس وأشعر بجوع شديد"

ظلت ملتصقة بخدها على إطار الباب خائرة القوى فأشار لها بيده وهو يتخذ مقعده أمام الطاولة الصغيرة قائلا " تعالي هيا "

تحركت نحوه ببطء حافية القدمين وهي تقول بضعف" كُل أنت بالعافية أنا معدتي مشدودة"

حين اقتربت منه سحبها لتجلس على حجره وتأمل وجهها قائلا "يا إلهي لقد تورم وجهك أكثر.. ماذا أفعل معك ؟..هل نذهب لطبيب ليصف لك دواء مهدئا أم ماذا؟"

غمغمت بخفوت وهي تمسد على لحيته" أنا بخير.. يكفي أنك أمامي لأكون في خير كثير "

قال يتأملها متألما "لقد انهكك البكاء يا أم هاشم أخبريني ماذا أفعل معك؟"

قالت وهي تمرر نظراتها على صفحة وجهه " لا تبتعد ..ما تفعله هو ألا تبتعد .. فبعدما أخبرتني بأنك ملكي لن أسمح لك بالابتعاد.. (وأضافت باكية من جديد ) أصبحتَ ملكية خاصة لبنت الشيخ زكريا فيا ويل من تقترب منك .. يا ويلها "

قرصها من خدها قائلا " من حكم فيما يملك فما ظلم يا ست مشمش"

طوقت عنقه بذراعيها ونامت على كتفه بعد أن طبعت عليه قبلة فقال جابر مناغشا " هيا تماسكي فهناك مالم أعترف به بعد"

شددت من احتضانه ولم ترد ..فقال جابر ويده تدلك جسدها "اليوم سنذهب لنتناول الغداء على البحر ..الحقيقة أنا لست ضليعا في أمور التنزه والاستمتاع بالوقت لكني سأتصل بزين ليغششني .."



استمرت في صمتها .. لا تجد لديها طاقة للرد .. لا تزال في حالة انهيار .. إنكار .. ذهول .. ولولا يقينها بأنه لا شيء يعجز عنه الله .. لأصابها الجنون.. فحقيقة حب جابر لها .. حقيقة أنه تزوجها ليبني معها بيتا وأسرة .. تزوجها ووقع في حبها .. هي الجنون ذاته .



تحسست كتفيه وأعلى ظهره وطبعت قبلة على عنقه ثم شددت من احتضانها له تشتم عطره بقوة لعله ينعشها.. يخرجها من حالة الانهاك والانهيار الذي هي تعانيه لكنه أصابها بالمزيد من الخدر فقال جابر بلهجة شقية مداعبا" علينا أن نأكل أولا (وضربها على فخذها ) عليّ أن آكل لأجد الطاقة والقوة للنزال معك يا مشمش"

لكن مشمش لم يكن لديها القوة لخوض أي نزال.. لقد استسلمت وسلمت كل أسلحتها وقررت الاستمتاع قليلا بالأسر.

××××

يتبع




بقية الفصل على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t464653-293.html



التعديل الأخير تم بواسطة Shammosah ; 09-10-20 الساعة 11:50 PM
Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:59 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.