آخر 10 مشاركات
372 - هروب إلي ناره - ميلاني ميلبورن ... ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          130-كلمة السر لا-أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          كنزي أنا (53) -ج3 من سلسلة زهور الحب الزرقاء- للمبدعة: نرمين نحمدالله *كاملة&الروابط* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          468 - لهيب الظل - ريبيكا وينترز ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          31- المسافرة الى الحرية - ماغ وسغات - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          للأبلاغ عن الروابط والصفحات المعطلة (الكاتـب : اسفة - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          الخلاص - سارة كريفن - ع.ق ( دار الكنوز ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          وبياض ثوبك يشهدُ (1) سلسلة في الميزان * مميزة ومكتمله * (الكاتـب : um soso - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2430Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-01-20, 09:41 PM   #441

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


تسجيل حضورررر
وxxxxب الساعة بطيئة جدااااا
متى يحين اللقاء 😍😍😍😍😍
وأشرقت في القلـــ❤️ بسمة ❤️ـــــب
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️


Maryam Tamim غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-20, 09:47 PM   #442

Solly m

? العضوٌ??? » 434739
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 460
?  نُقآطِيْ » Solly m is on a distinguished road
افتراضي

يا مسهل هانت فاضل ساعة و ١٢ دقيقة 👏👏

Solly m غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-20, 10:16 PM   #443

ميريزااد

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية ميريزااد

? العضوٌ??? » 341336
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,005
?  نُقآطِيْ » ميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 50x( الأعضاء 22 والزوار 28)‏ميريزااد*, ‏Selinn, ‏ban jubrail, ‏meryamaaa, ‏aliya123, ‏فهوده حبى, ‏اكرام النافلة, ‏غصة في روحنا, ‏Solly m, ‏خفوق انفاس, ‏rouka2000, ‏Shammosah, ‏Maryam Tamim, ‏Qhoa, ‏رودى رامى, ‏MerasNihal, ‏mannoulita, ‏ميرو76, ‏كريستنا, ‏amal2004, ‏حلا هشام, ‏y

ميريزااد غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-01-20, 10:38 PM   #444

MerasNihal
 
الصورة الرمزية MerasNihal

? العضوٌ??? » 410863
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 252
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » MerasNihal is on a distinguished road
افتراضي

ف انتظاااااااار نزول الفصل بفارغ الصبر😍😍😍

MerasNihal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-20, 10:44 PM   #445

mayna123
 
الصورة الرمزية mayna123

? العضوٌ??? » 365675
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,279
?  نُقآطِيْ » mayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 65 ( الأعضاء 22 والزوار 43)
‏mayna123, ‏MerasNihal, ‏ام تالا و يارا, ‏Mema11, ‏هبه صلاح, ‏سامبو, ‏من هم, ‏ban jubrail, ‏prencess of aliens, ‏Maryam Tamim, ‏Anisa zayd, ‏Selinn, ‏aliya123, ‏اكرام النافلة, ‏غصة في روحنا, ‏Solly m, ‏rouka2000, ‏Shammosah, ‏Qhoa, ‏ميرو76, ‏كريستنا


mayna123 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-20, 11:06 PM   #446

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 1

الفصل الرابع



في نفس اليوم



في الواحدة بعد منتصف الليل كانت القرية تغط في نوم عميق بعد انتهاء ليلة حنة بنت العمدة .. بينما مفرح يقرع الباب الداخلي لبيت الجد صالح بعد أن نجح في فتح البوابة بمفتاح يملكه لكنه لم يكن لديه مفتاحا لباب البيت ..

بين طرقاته الملحة واتصالاته بالتوأم بإصرار مستفز .. فتح له كامل الباب عاري الجذع بوجه مكفهر فتجاهله مفرح ودفعه قليلا ليتجاوزه ويدخل للبيت ببرود جعل الثاني يعض على شفته بغيظ قبل أن يغلق الباب ويلحق به.



جلس مفرح على الأريكة ومد ساقيه فوق المنضدة أمامه يتطلع في شامل الذي نزل هو الأخر عاري الجذع مثل توأمه .. فانفجر مفرح ضاحكا وأشار إليهما قائلا "هل تتفقا مثلا قبل النوم (أننا اليوم سننام بالملابس الداخلية يا أخي فلا تخرج إلا وأنت عار الجذع)!!"

تطلع التوأمان في بعضهما وفيما يرتديان فلاحت ابتسامة على وجهيهما لكنهما لم يعيرا للأمر اهتماما فقد تعودا على ذلك السلوك المتطابق بينهما حتى بات الأمر لا يثير عجبهما ولكن قال كامل لمفرح بغيظ "ألا يوجد لديك أي نوع من الذوق يا أخي؟!!"



أشار لهما مفرح بيده قائلا بتعال "اجلس يا ولد أنت وهو لنتسامر قليلا"

تعجب كامل ونظر لأخيه يحدثه بلهجة بلده" ما هذا البارد الذي ابتلينا به!"

فتجاهله مفرح وقال لشامل ببرود" أعد لنا الشاي يا أخي بالله عليك "

××××

قالت فايزة منزعجة وهي تربت على ظهر مهجة التي تجلس على سريرها تبكي بانهيار "الشقة جميلة والله يا مهجة أقسم لك أن كل من رأى صور ترتيب الشقة كان منبهرا"



من بين دموعها هتفت مهجة "وأنا طلبت أن ترتب أم هاشم النيش (ونظرت لمليكة الواقفة على باب غرفتها تقول بلوم ) لماذا لم تخبريني يا مليكة بأن أمي طردتها ؟ (ونظرت لأمها التي تطالعها بغيظ واكملت) ولماذا لم تحققي لي يا أمي ما أريد؟ .. أنا تركتك تجهزين كل ما رأيتيه يليق ببيت العمدة ولم أتدخل إلا في الألوان والموديلات .. فهل كثير عليّ أن يكون النيش بالشكل الذي أحببت أن يكون عليه"



قالت نحمده باستنكار "وهل ستفهم أم هاشم أكثر من مهندس الديكور؟!!!"



ردت مهجة بانهيار " أنا لا يهمني مهندس الديكور يا أمي.. أنا دوما أعجب بتنسيق وترتيب أم هاشم.. وكنت أنتظر اللحظة التي سترص لي فيها النيش خاصتي .. هذا الأمر جزء من سعادتي وفرحتي بشقتي يا ناس ! "



تدخلت مليكة مشفقة على حالتها تقول مهدئة" يا مهجة أنا رأيت الصور وبكل صدق ترتيب المهندس للشقة جميل جدا "



أضافت فايزة بهدوء وهي تمسك بالهاتف "انظري لترتيب النيش رائع جدا"

دفنت مهجة وجهها بين كفيها تبكي بحرقة مغمغمة "أنا كنت أريد تنسيق أم هاشم "

صاحت نحمده ترفع يديها بغضب" الصبر يا رب على دلع البنات .. الصبر يا رب"



قالت فايزة لأمها بلهجة لائمة" يا أمي بالله عليك ليس هذا وقته"

بينما انفجرت مهجة في البكاء بشكل غريب.

××××

قهقهات عالية ممزوجة ببعض الصخب ملأت صحن دار الجد صالح الفخمة .. فأعادت للبيت روحه بعد فترة من السكون بعد رحيل صاحبه ..

و أطباق لطعام كان قد أُرسَل للضيفين قبل ساعات تفترش المنضدة الصغيرة بينهم.. ليقول كامل وهو يعود بظهره للخلف " يكفي هذا .. أكلنا كثيرا اليوم .. وكل حمية الشهور الماضية ستفسد بسبب مفرح وأهل بلدته"



قال شامل وهو يهم بترك مقعده ليغسل يديه" رغم أن الطباخ طعامه جيد لكني بكل صراحة أشعر بالإحباط يا مفرح"

سأله مفرح باهتمام" لماذا؟"

رد شامل بتعابير وجه طفولية" كنت أعد نفسي لطعام الريف ... وكنت أرغب في أكلات كمحشي الكرنب وكفتة الأرز وغيرها"



قال مفرح ضاحكا" لا تقلق أمهلني فقط حتى ينتهي حفل الزفاف مساء غدا .. ومبدئيا الإفطار عندي صباح الغد"



رن هاتفه فعقد مفرح حاجبيه وهو يرى اسم مليكة ليمسح يده بمنديل ويستقيم واقفا يرد" ظننتُكِ قد نمتِ .. كنت أعلم بأنك مجهدة طوال اليوم"



جاءه صوتها قلقا تقول "مفرح أعتقد بأن عليك الحضور"

سألها وقد أصابته عدوى القلق" ماذا هناك يا مليكة هل الأولاد بخير؟"

قالت بخفوت "مهجة منهارة في البكاء منذ ما يزيد عن ساعة"

اتسعت عيناه قائلا" لماذا؟ .. ماذا حدث؟ (وأضاف بتحفز مضيقا حاجبيه ) هل أحزنها ابن الوديدي !!!"



ردت مليكة" الأمر بسيط لا تقلق .. لكن يبدو أنها مشدودة الأعصاب كأي عروس و… (صمتت قليلا ثم أكملت بصوت أكثر خفوتا) وتشاجرت مع الحاجة نحمدو"

قال مفرح بهدوء" اعط الهاتف لمهجة "



بعد ثوان جاءه صوت مهجة تقول من بين شهقاتها "نعم أخي"

قال مفرح منزعجا" ما الأمر يا مهجة (ثم أكمل بأسلوبه المتهكم) ماذا فعلت لكِ ( بئر الحنان) الوديدي ؟"

قالت مهجة بصوت يقطعه البكاء "منعت أم هاشم من أن ترتب النيش .. ( وأضافت بانهيار ) النيش يا مفرح سيء.. سيء.. لا أريده بهذا الشكل.. ولا أشعر بأني عروس"

اتسعت عينا مفرح بصدمة .. ونسي فمه مفتوحا لثانية ثم انعقد لسانه لثوان في محاولة لاستيعاب ما يسمع.. قبل أن يضرب على صدره قائلا بفزع "يا الله !.. النيش ! ما هذه المصيبة التي وقعت على رأس آل الزيني!!"



تركت مهجة الهاتف لمليكة وهي تغمغم"أنت تسخر مني .. لا أحد يشعر بي"

تكلمت مليكة في الهاتف بلهجة موبخة "مفرح ماذا فعلت الأمر لا يحتمل سخريتك.. البنت منهارة فعلا حتى لو كان السبب تافها "



فرك مفرح جبهته بأنامله وغمغم بإنهاك شديد" حاضر .. أنا آت حالا"

أغلق الخط واستدار يقول للتوأمين اللذين يتطلعان فيه بترقب" آسف يا شباب.. عليّ أن أذهب بشكل عاجل"

سأله كامل بقلق " أهناك مشكلة ما ؟"



رد مفرح بلهجة ساخرة وهو يلملم هاتفه ومفاتيحه "لدينا مشكلة كبيرة في بيتنا تخص النيش"



عقد التوأمين حاجبيهما وتبادلا النظرات المتسائلة قبل أن يقول شامل لمفرح الذي تحرك مغادرا "لا نفهم ..لكن أأنت بحاجة لأي مساعدة؟"



استدار إليه مفرح قائلا" في النيش ؟! .. لا شكرا .. فيبدو أن المشكلة للأسف أكبر وأعمق من استيعابي واستيعابكما .. أراكما في الصباح"



قالها وأغلق الباب خلفه.. ليسأل شامل أخيه بتوجس" ما هو النيش؟"

حرك كامل كتفيه مغمغما" لا أعرف لكن يبدو أن الأمر خطيرا .. نسأل الله السلامة "

××××



" إسرااااء .. يا روءة .. هل نمت؟ "

قالتها نصرة بلهجة ناعمة منغّمة وهي تدخل غرفة البنات فرفعت إسراء التي تنام على جنبها وتوليها ظهرها مقلتيها للسماء نادمة على أنها أخبرتها بما حدث من طلال اليوم .. لكنها للأسف لم تعتاد أن تخفي عنها شيئا .. فغمغمت بخفوت وهي تغمض عينيها "أجل نمت يا أمي "

ضحكت نصرة وقالت هي تقترب من السرير "وكيف تردين عليّ إذن؟!"

ردت إسراء بخفوت "من وسط الأحلام"



غمغمت الأخرى وهي تستلقي بجانبها وتحشر جسدها الممتلئ بجوارها في السرير "افسحي قليلا .. ماذا لو لم تكوني رفيعة كعود القصب الممصوص ! "



ابتسامة زينت ثغر إسراء وهي تفسح لأمها المجال لتنام خلفها لتقول الأخيرة بعد أن استقرت أنفاسها " لا زلت غير موافقة على رد فعلك مع الشاب "

فتحت إسراء عينيها وقالت بلهجة متعجبة "يا أمي أنت تقلبين الموازين دوما .. المفروض أن أكون أنا المراهقة العاطفية الحالمة وأنت التي توبخيني لا العكس !"



مطت نصرة شفتيها وصمتت قليلا تحدق في سقف الغرفة المتقشر والمتشبع بالرطوبة تبحث عن رد لكنها لا تجد .. فإسراء في نظرها المتعلمة العاقلة التي أضفى عليها التعليم والشهادات حكمة وعقلا وإتزانا .. بل إنها ترى أن ابنتها البكر مولودة بالفطرة بهذه الشخصية ..

لو أرادت وصفها ستقول بأنها تحظى بركن خاص في قلبها لا يشاركها فيه أولادها الثلاثة الباقيين.. حتى كريم الذي يتهمونها دوما بتدليله .. فقالت وقد غلبها قوة منطق ابنتها كالعادة " لكن يا حبيبتي قصدت أن تكوني أقل خشونة في رد فعلك لربما الشاب كان جديا وباسلوبك احبطيه فصرف نظر "



انقلبت اسراء واستدارت على الجانب الأخر لتواجه أمها قائلة بهدوء " يا أمي أولا ما فعله كان خطأ خاصة أمام صاحباتي وفي وسط كل هذا العدد من الناس .. ثانيا من يريدني عليه أن يأتيني لا أن يرسل لي خطابا مع طفل صغير "

غمغمت نصرة بامتعاض " ما بها الخطابات .. أحببنا وتزوجنا بها والله!"

ضحكت اسراء وقالت " أعلم بأن أبي كان يرسل لك الخطابات بطرق خفية قبل أن يتقدم للزواج منك .. لكن أنتِ تعلمين بأن ليس كل الشباب صادقي النية كأبي "



غمغمت نصرة وقد أقرت أخيرا بما هي مقتنعة به لكن مراهقتها ورغبتها في تزويج ابنتها البكر دوما يغلبانها " لديك حق "



لاحظت إسراء تطلع أمها في ساعة الحائط وبالحزن الذي كسى وجهها فعلمت بأن والدها لم يعد من سهرته بعد.. لتسرع بتشتيت ذهنها عن التفكير في المزيد من الهموم وتقول وهي تدفن رأسها في حضنها "أشعر بالارهاق لكني غير قادرة على النوم أفعلي شيئا من أفعالك السحرية لأنعس يا نصرة "

أحاطتها الأخيرة بذراعيها وأخذت تمشط لها شعرها بأصابعها بحركة رتيبة وغنت هامسة بصوت جميل وهي شاردة تحدق في سقف الغرفة :

بتغني لمين ولمين يا حمام ..

بتغني لمين .. ولمين ؟

.. لإتنين أحبة جوة الجنينة

ونسمة دايبة

والروح سفينة



عدلت إسراء رأسها ..وغرقت أكثر في حضن أمها مغمضة العينين وبدأت عضلاتها تسترخي ..

وابتسامة حالمة تزين ثغرها على صوت أمها الحنون .

××××

بعد ساعة

كانت أم هاشم متكوّمة تحت الغطاء تولي ظهرها للحياة .. فاقتربت وفاء أصغر بنات عمها تهزها بعنف وهي تقول" أم هاشم.. أنت يا أم هاشم هل نمت؟"

بعينين متورمتين من أثر بكاءٍ مخفي تحت طيات الغطاء رفعت أم هاشم عنها اللحاف بغتة وأدارت وجهها لابنة عمها تصيح بعصبية "وماذا تعتقدين أني سأفعل في الثانية صباحا؟! احضر الجن تحت اللحاف!... ألم أقل لكم أني لا أريد أن يقترب مني أحد اليوم!"

ابتعدت وفاء للخلف مفزوعة من حالة ابنة عمها لكنها عادت لتقول" ماذا فعلتِ يا مصيبة أنتِ؟!"



اعتدلت أم هاشم جالسة تصيح في ابنة عمها باستنكار" تأدبي يا وفاء وابتعدي عني في هذه اللحظة فقد ارتكب فيكِ جريمة"



ناظرتها وفاء ببرود ممتعض لثوان قبل أن تقول ساخرة" آسفين لمقاطعة نومك يا (خانوم ) لكن مليكة صوالحة تريدك"

اتسعت عينا أم هاشم متفاجئة .. ثم استدارت يمينا ويسارا حولها تغمغم "مليكة!! أين هاتفي؟"



حين التقطته من تحت الأغطية وجدت عدة مكالمات فائتة من مليكة وبسمة .. وقبل أن تهم بالاتصال تكلمت وفاء بامتعاض" هل ستتركينها تقف في صحن الدار؟!"



جحظت عينا أم هاشم وسألت بعدم فهم "من؟"

ردت وفاء بغيظ" أم هاشم ألا زلت نائمة !.. أقول لك مليكة صوالحة في بيتنا تريدك على وجه السرعة"

انتفضت أم هاشم تبحث عن عباءتها السوداء لترتديها بسرعة وهي تحاول تخمين سببا منطقيا يجعل مليكة تزورها لأول مرة في بيت عمها في هذا الوقت المتأخر من الليل.



بعد دقائق خرجت تخترق زوجة عمها وبناته المتجمعات على الباب الداخلي للبيت يراقبن ما يحدث بفضول شديد .. واقتربت وهي تعدل حجابها الأسود فوق رأسها تطالع مليكة بوجه شاحب متسائل .. ثم حانت منها نظرة سريعة إلى خلف صاحبتها حيث يقف عمها على باب الدار وسمعته يقول" لا يصح يا باشمهندس مفرح .. لا يصح يا أستاذ وليد تفضلا "

بادرتها مليكة بالقول" أم هاشم نعلم بأن الوقت متأخر ( وصححت بحرج ) بل هو متأخر جدا .. وأنا ومفرح في غاية الخجل منك .. لكن مهجة منهارة وأقامت الدنيا حين علمت بأنكِ لم ترصي لها النيش كما كانت تتمنى .. والحقيقة باءت كل محاولاتنا لتهدئتها أو أقناعها بتعديل الترتيب بعد الزفاف بالفشل .. فلم نجد إلا أن نأتيك في هذا الوقت ونحن في أشد حالات الحرج والله"



خيم الصمت على المشهد لثوان إلا من هسهسة صراصير الليل في الخلفية .. فتسمرت أم هاشم فاغرة الفاه ترمش بعينيها عدة مرات .. قبل أن تعتدل فجأة في وقفتها بحركة استعراضية فتفرد كتفيها وذراعيها في الهواء وتقول بنشاط دب فيها خلال ثوان "وهل هذا يصح !.. كيف تبكي العروس وأنا موجودة !"

قالت مليكة بحرج شديد تنظر خلفها نحو زوجة عم أم هاشم وبناتها متسعات العيون فاغرات الأفواه " آسفين جدا للإزعاج في هذا الوقت نحن في غاية الأسف"



غمغمت المتجمعات خلف أم هاشم بكلام غير مفهوم في الوقت الذي وضعت الأخيرة يديها فوق بعضهما على بطنها المسطحة ومالت بجذعها للخلف قليلا تدير وجهها إلى صباح وبناتها وهي تقول بلهجة مغيّظة" أنا أيضا (آسفين جدا للإزعاج في هذا الوقت والله ) لكن بنت العمدة تطلبني شخصيا ..(وتحركت مع مليكة تغمغم) هيا يا مليكة ولا تشعري بأي حرج يا حبيبتي فالأمر بسيط وليس لدينا أغلى من مهجة "



تحركت مع مليكة نحو باب الدار وتجاوزت عمها الذي لم يكن أقل من أسرته اندهاشا بعد أن مالت عليه هامسة " اغلق الباب خلفي جيداً يا عماه .. وأعد لطاقم الحريم الذي لديك في الداخل دلو ماء بسكر .. فيبدو أنهن حبيباتي على وشك الاغماء .. أما أنا فسأغيب لبعض الوقت .. ( وتنهدت بطريقة مسرحية وأكملت) عليّ أن اتحمل ضريبة الأنامل الذهبية "



قالتها ثم تحركت مغادرة وركبت نافشة ريشها كطاووس أسود بجوار مليكة في المقعد الخلفي لسيارة مفرح الزيني الذي يجلس بجواره وليد الوديدي بعد أن حضر قبل قليل لبيت العمدة فزعا حينما أخبرته بسمة بحالة مهجة ..



وانطلقت السيارة إلى بيت الوديدي بأم هاشم التي تخفي تأثرها خلف تصرفاتها الفكاهية .. وهي تشكر ربها بامتنان أنه لم يكسر بخاطرها .

×××××




يتبع








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-01-20, 11:15 PM   #447

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

بعد ساعة أخرى:
دخل مفرح إلى غرفة نومه مجهدا منهكا بعد ليلة سابقة بدون نوم لإنجاز ما يمكن إنجازه قبل العودة للبلدة ..وبعد يوم طويل.. وبعد أن أوصل أم هاشم لبيت الوديدي وتركها مع بسمة يعيدون ترتيب ذلك النيش اللعين الذي انهارت من أجله أخته الصغرى ..
تأمل مليكة التي حلت حجابها وفردت شعرها البني أمام المرآة .. وبرغم إجهاده .. وبرغم ذلك الانهاك الواضح على وجهها لم يستطع كبح جماح شوقه إليها .. فاقترب منها وحضنها من الخلف يدفن وجهه في شعرها مستنشقا عبيره ..
إن مليكة قلبه مميزة دوما في اختيار العطور .. وأحيانا تكون تلك العطور وسيلة من وسائل تعذيبه ! .
دلكت ملكية ذراعه بدفء مغمغمة "أعرف بأنك اجهدت بشدة اليوم .. لا حرمهم الله منك ولا من وجودك ظهرا وسندا لهم"
رفع رأسه فوجدها تدير رأسها إليه فتطلع في وجهها من تلك المسافة الصغيرة جدا التي تتعانق فيها الأنفاس.
تجولت مليكة بمقلتيها على ملامحه بتلك النظرة التي لم تتغير أبدا منذ أن كانت صغيرة .. نظرة تحول كل العالم من حوله لواحة من الهدوء والسلام .. نظرة براءة وحالمية ودفء غامر ..
حضن بكفه وجهها واقترب بشفتيه يلتهم شفتيها برد غير منطوق..وهو يسحب جسدها الطري إليه ليسجنه بين ضلوعه يخبرها عن لمحات من شوقه العارم إليها .
طرقات صغيرة ضعيفة مترددة على الباب جعلته يطلق زمجرة منزعجة في شفتيها قبل أن يشعر بتشنج عضلاتها بين ذراعيه .. فأبعد مفرح شفتيه عنها وتشاركا لهاثا ساخنا قبل أن تهمس مليكة بارتباك " الـ ..باب"
من بين أسنانه قال مفرح بلهجة حادة منزعجة وهو لا يزال يأسرها بين ذراعيه "ماذا هناك يا إياد!!"
جاءهما غمغمة ضعيفة " آ..آسف "
ليسمعا بعدها صوت خطواته مبتعدا.
نغزة في قلبيهما تشاركا فيها قبل أن يرفع مفرح رأسه لأعلى مغمضاً عينيه يحاول السيطرة على أعصابه ...بينما غمغمت مليكة بصوت هادئ "تعرف بأنه تنتابه بعض الكوابيس والمخاوف التي تحدث للأطفال في هذا السن يا مفرح .. سأعود بسرعة"
افلتها مفرح باستسلام قائلا بعبوس" وأنا سأنام تصبحين على خير"
قالها وتحرك يوليها ظهره وهو يخلع ملابسه ويلقي بها في الأرض بإهمال .. فوقفت مترددة لثوان قبل أن تتحرك مسرعة لتغادر الغرفة إلى حيث غرفة الصبيين..ليلقي مفرح بنفسه على السرير بعصبية ثم يعتدل على جنبه بإرهاق ويغمض عينيه مستعيدا لتلك الثواني التي كانت بينهما منذ دقائق.. لعله يهدئ من اشتعال أعصابه .
××××
صباح اليوم التالي :
بخطوات متبخترة كعادتها وبنفس الحذاء الأخضر الأرضي التي تصر على أن ترتديه دوما .. كانت ونس تدندن بهمهمات غير واضحة من حنجرتها لأغنية سمعتها مساء أمس على الانترنت في جولتها الليلية السرية من تحت الغطاء دون أن يدري بها والدها ..
ولا تعلم لمَ بحثت عن فيلم يصور قصة علاء الدين وجني المصباح لتشاهده ..لكنها بالرغم من خفة ظل الممثل الأمريكي الأسمر الذي قام بدور الجني لم يعجبها لأنها ترى أن الجني يناسبه هيئة أخرى .. كهيئة ذلك الرجل الذي ضرب مهاجمها ليلة أمس بقوة في الحائط وجعله يفر هاربا بعد أن تأكد من أن العراك بينهما غير متكافئ .
ورغم انزعاجها مما حدث الليلة الماضية إلا أنها حين استعادت تلك اللحظات وبخت نفسها لأنها لم تشكر ذلك الرجل على مساعدته لها ..فقد فرت هاربة تحت وطأة مشاعر الخوف ..
أمسكت جيدا بكيس طعام الافطار بعد أن ابتاعت فول وطعمية وخبز .. واستمرت في مشيتها تفكر في ذلك الرجل الضخم متسائلة كيف هو صوته .. فقد تحركت سماعتها أثناء مقاومتها لذلك الشاب ولم تسمعه .. وبرغم قدرتها على قراءة الشفاه جيدا إلا أنها لم تقدر على ذلك في تلك الحالة التي كانت عليها .. كل ما تذكره هو مظهره الغريب عن بلدتها وطوله وعرض كتفيه بطريقة ذكرتها بجني مصباح علاء الدين .. والحقيقة أنه جني وسيم جدا يشبه ممثلين السينما .
عند تلك الخاطرة ابتسمت مقررة أن ترسم هذا الرجل على هيئة جني المصباح ..
فجأة تسمرت وتخشبت الابتسامة على وجهها أمام بيت الجد صالح وبالتحديد أمام سيارة الدفع الرباعي السوداء الضخمة التي ترابط أمام البوابة الخارجية للبيت ..
كشرت ونس عن أنيابها وأصدرت زمجرة مغتاظة وهي تضرب عجلة السيارة بقدمها ..فتوجعت قدمها بشدة .. لتقف للحظات تمرر نظراتها بين السيارة والبيت مفكرة قبل أن تسكن ملامحها فجأة ..وتنقلب مقلتيها بلمعة ماكرة تحركهما يمينا ويسارا كثعلبة صغيرة شقية تزين شفتيها ابتسامة شيطانية.. وهمست في سرها وهي تُرقِّص حاجبيها "حان وقت الانتقام! "
××××
بعد ساعتين
بشعر منتكش وملامح منزعجة أخرج مفرح رأسه من تحت الوسائد في نومته منبطحا على بطنه ليمد ذراعه الأسمر ويلتقط هاتفه من جانب السرير محدقا فيه بعينين مغمضتين قبل أن يرفعه على أذنه ويعتدل على ظهره قائلا بصوت أجش" كم الساعة؟..هل تأخرت عليكما؟"
قال كامل بلهجة غاضبة" اسمع يا مفرح .. أنا لا أعرف حجم المشكلة التي كنت تواجهها مساء أمس مع ذلك المسمى بـ(النيش).. لكن إن لم تكن المشكلة عويصة فعليك بالحضور حالا ..وإلا سأفقد أعصابي وسآتي إليك أنا لأحطم رأسك وأفرغ فيك غضبي كله حتى لا ارتكب جريمة في بلدتكم هذه"
لثوان ظل مفرح يتطلع في سقف الغرفة يحاول لصق كلمات كامل ببعضها ليخرج بمعنى منطقي مفهوم قبل أن يهدر كامل بغيظ " مفرح أنا أتحدث معك!!"
فرك مفرح جبينه وقال وهو يعتدل شاعرا بإجهاد وتيبس في عضلاته "من الذي ستضربه يا حبيب والديك! .. أنا ابن العمدة يا بني!"
تكلم كامل بلهجة ساخرة" إذن تعال يا سيادة ابن العمدة وأعد لي حقي "
تطلع مفرح في الساعة ليجدها العاشرة صباحا فنظر حوله يبحث عن مليكة .. ولم يجدها ولكن لمح عند المرآة عددا من العرائس الصغيرة التي تصنعها فأدرك بأنها باتت ليلتها تشعر بالأرق .. ليعود ويسأل صاحبه وهو يستقيم واقفا" ماذا حدث حتى أضطر لأن أستيقظ على صوتك وأنت تخور كالثور في هذا الوقت الباكر من الصباح؟!!"
××××
بعد أقل من ساعة كان مفرح يقف متخصرا بملابس رياضية وحذاء رياضي يتطلع بعينين متسعتين لسيارة التوأم التي غطتها رسوم بالطباشير الملون لجماجم وعظام وأشكال أخرى لم يستطع تفسيرها .. فكانت مقدمة السيارة مغاطاة بالكامل وجزء من الجانبين الأماميين .
بينما جز كامل على ضروسه وقال" ألست ابن عمدة هذه البلدة؟! .. عليك بمعرفة من فعل هذا وأفسد سيارتنا بهذا الشكل ومعاقبته أمامي حتى اهدأ ولا أؤذيه "
شعر مفرح بالحرج الشديد أمام ضيفيه لكنه تنحنح وقال" بسيطة إن شاء الله إنه مجرد طباشير ملون"
حدجه كامل بنظرة غاضبة وصاح باستنكار "مجرد طباشير !! .. وماذا لو مسحت الطباشير لأجد خدشا من احتكاك الطباشير بسطح السيارة.. أتعرف كم سيتكلف الخدش الواحد؟!! "
استشعر شامل موقف مفرح الحرج وحِدّة توأمه فتدخل قائلا" اهدأ يا كامل.. لا تنفعل بهذا الشكل "
صاح كامل في أخيه بغيظ " وهل يعجبك أنت ما حدث للسيارة؟!!"
حدجه توأمه بنظرة موبخة ثم تطلع في مفرح يقول "بالتأكيد أنت تعرف من فعلها يا أبا أدهم أليس كذلك؟"
تنحنح مفرح مرة أخرى وهرش في رأسه قائلا وهو يتهرب من الإجابة " وكيف لي أن أعرف؟ .. أتعتقد بأن عدد سكان أهل القرية قليل! .. كما أنه من الوارد أن يكون شخصا من خارج القرية"
ضرب كامل على سقف السيارة بقوة هادرا "ألست ابن العمدة عليك بمعرفة الفاعل"
حرك مفرح كتفيه يرد ببرود متعمد " وكيف سأعرفه يا بني آدم أأنت غبي! .. لا توجد كاميرات في قريتنا"
ناظره كامل والغضب يفتته فتدخل شامل قائلا "ما كنت أقصده يا مفرح أن هذه الرسوم هي بالتأكيد لشخص موهوب وموهبته بالتأكيد يعرفها الجميع .. أنظر لطريقة رسمه .. إنها رائعة ( وهرش في رأسه مضيفا ) رغم اندهاشي أن تُرسَم الجماجم والعظام بهذه الألوان الزاهية وأراه تناقضا غريبا الحقيقة ..كيف تكون الجماجم بألوان زاهية!!! .. لكن رسمه مبهر جدا"
صاح كامل وقد جن جنونه "شامل هل سنقف لنتغزل في مُخرب سيارتنا !!"
أسرع شامل بالقول "كنت فقط أحاول مساعدة مفرح في التعرف على الجاني (وضيق عينيه مدققا في الألوان وغمغم لنفسه) أو الجانية !"
قال مفرح لكامل مستمتعا بمناكفته " ما ذنبنا نحن إن كان نوع سيارتك ردئ وسيتأثر من خدش الطباشير !.. ( واشاح بيده باستهانة وأضاف ) عموما سأرسل لك أحد الغفر ليغسلها بماء الترعة (وأكمل مربتا بيده على رقبته عدة مرات وهو يتحكم في ابتسامة حين طالع وجه كامل المكفهر والجنون الذي يتطاير من عينيه) وأي خسائر في رقبة مفرح الزيني لا تقلق .. (ثم أضاف وهو يتحرك عائدا لسيارته يضع نظارة الشمس على عينيه ) استعدا سأمر عليكما بعد ربع ساعة لنفطر سويا لكن عليّ الذهاب لمشوار هام أولا"
تحرك يركب سيارته ويغادر أمام انظار صديقه الغاضبة .. والذي عاد ليتطلع في السيارة بغيظ شديد قبل أن يلاحظ أن توأمه يلتقط بهاتفه صورا لها فهدر فيه صائحا "ماذا تفعل يا شامل بالله عليك!.. أتريد أن تجلطني أنت الآخر !!"
تنحنح الأخير وقال وهو يعيد الهاتف لجيبه" كنت ألتقط صورا للرســـ..... أقصد للجريمة قبل مسحها لنوثق الواقعة "
××××
يا رب!
قصدت بابك .. وغير بابك ماقصدتوش
آدي الباب مفتوح .. عمري ماقفلتوش
يا سابل الستر .. استرها ما تفضحهاش
ولغيرك إنت أبداً .. ما تحوجناش
والحق يعلى وإحنا على الحق .. مانعلاش
يا واخد العهد على عمك ياخويا.. ماتعلاش
زي اللي قبلنا ما قالوا ..
العين على الحاجب ما تعلاش .
وإذا كنت بتحب حِب ..

بس لازم لازم تكون حساس
وفتش على روحك يا حبيبي..

قبل ما تفتش يا واد ع الناس.
على أنغام موال يصدر من مسجل صوت قديم بجواره تطلع العم عيد في سيارة مفرح الزيني التي توقفت أمام بيته مندهشا واسرع بإيقاف عجلة الفخار وحاول أن يغسل يده من الطين لكن مفرح كان قد ترجل من سيارته مسرعا واقترب يلقى السلام فلم يجد العم عيد إلا أن يمد إليه ساعده وليس كفه قائلا" لا تؤخذني يا باشمهندس"
أمسك مفرح بساعد العم عيد محييا قبل أن يقول "كيف حالك يا رجل يا طيب؟"
رد العم عيد بابتسامة "الحمد لله في نعمة "
وقضم سؤالا كاد أن يسأله عن سبب الزيارة الغريبة ليبادره مفرح قائلا "هل ونس موجودة؟"
تفاجأ عيد بسؤاله عن ونس ..ومرر نظراته بينه وبين باب البيت المجاور لتلك المساحة الصغيرة التي يتخذها مكانا لصناعة الفخار ثم قال بارتباك" أجل موجودة .. هل فعلت شيء؟؟"
اسرع مفرح بالقول مطمئنا " لا لا لم تفعل شيء .. أممم .. مليكة طلبت مني أن اسألها عن شيء"
تحرك عيد بقامته القصيرة وظهره المائل للانحناء يسرع نحو بيته وأخذ ينادي على ابنته .. فخرجت له ونس بنظرات متسائلة وقد خيل إليه بأنها تخفي شيئا ما في جيبها .. لكنه أسرع بالقول "ضعي وشاحا على رأسك واخرجي لمفرح الزيني ..يريدك "
عقدت ونس حاجبيها بتعجب ليسألها العم عيد بتوجس "هل فعلت شيئا؟"
حركت ونس كتفيها بلا أعرف قبل أن تلتقط وشاحها وتخرج لمفرح .
وقف ثلاثتهما خارج الدار .. مفرح متخصرا يتطلع في ونس وبينهما العم عيد رافعا كفيه أمامه ملطخان بالطين الفخاري .. يمرر نظراته القلقة بينهما .. فقال مفرح بهدوء "كيف حالك يا ونس؟..مليكة تسألك عن ألوان الدمى التي طلبت منك اختيارها "
حركت ونس مقلتيها يمينا ويسارا بغباء ..فأشار مفرح بمقلتيه لها ناحية والدها لتضرب قبضتها في كفها تدعي التذكر وقد فهمت أنه يريد أن يخبرها بأمر لا يريد لوالدها معرفته .. وخمنت أن يكون متعلقا بالهاتف الذي اعطته لها مليكة .. فتحركت خطوتين مبتعدة حاولت أن تجعلهما غير متعمدتين وهي تخرج دفترها ليقول مفرح للعم عيد مبتسما" أكمل أنت ما كنت تفعله يا عم عيد فلا أريد أن أعطلك"
انتفض عيد منتبها وقال وهو يتحرك مبتعدا نحو دلو من الماء ليغسل يده " لم نضايفك بعد .. سأعد لك الشاي حالا "
على بعد خطوات من العم عيد قال مفرح بخفوت لونس من بين أسنانه "لماذا فعلت ذلك؟؟"
ضيقت حاجبيها بعدم فهم ليضيف مفرح بصوت خافت وهو يختلس النظرات نحو والدها الذي يغسل يديه "لماذا رسمتِ بهذا الشكل على سيارة أصحابي؟!!"
اتسعت عينا ونس متفاجئة بكون أصحاب السيارة تابعين لمفرح الزيني .. لكنها عادت وكشرت عن أنيابها بسرعة وكتبت في دفترها حانقة "كنت أرد لهم ما فعلوه بي "
سألها مفرح باندهاش "ماذا فعلا؟؟!"
كتبت بخط كبير "كادت السيارة أن تضربني و توقعني في الترعة؟"
رفع مفرح حاجبه مندهشا ثم قال " مادمت قد حفظت شكل السيارة كان من الممكن أن تبلغيني أو تبلغي أحد الغفراء أو تبلغي مليكة لتخبرني أو والدك يا ونس .. لا أن تفعلي ما فعلت وتحرجيني أمام ضيوفي "
اشاحت بوجهها بامتعاض تهز ساقها بغير رضا لكنها أعادت أنظارها إليه حين أضاف مفرح قائلا بتوبيخ " وبعيدا عن موقفي المحرج .. هل تدرين ثمن هذه السيارة التي رسمتِ عليها ؟"
عقدت ونس كفيها خلف ظهرها ورفعت إليه مقلتين ممتعضتين ووجنتين مشتعلتين تطالعه بفم مزموم في حرج.. ليكمل مفرح قبل أن يضع نظارة الشمس على عينيه ويتحرك للخلف بعد أن شعر أن العم عيد قد انتهى من غسل يده " لا تكرريها مجددا .. وأتمنى ألا يلجأ صديقاي لسؤال أهل البلد عن الفاعل فأصغر طفل يلعب في الشارع سيخبره بأن هذه الرسمات تخصك (وتحرك نحو السيارة يقول) سأذهب أنا يا عم عيد"
قال عيد وهو يجفف يديه" والشاي؟!!!"
دخل مفرح السيارة ورد قبل أن يتحرك "دائما عامر يا رجل يا طيب .. سأنتظرك في حفل الزفاف إن شاء الله .. السلام عليكم "
رد العم عيد السلام قبل أن يستدير لإبنته يناظرها بتوجس .. فأسرعت الأخيرة تهرول هاربة لتختفي في داخل البيت .
××××
في سيارة مفرح بعد دقائق قطب الأخير حاجبيه وهو يتطلع في شاشة الهاتف الذي يرن .. وتحولت ملامحه الهادئة إلى بعض الجمود وهو يجيب بلهجة متحفظة "السلام عليكم "
جاءه صوت المتصل يقول ببعض التردد "وعليكم السلام ورحمة الله .. كيف حالك يا مفرح؟ "
تمتم مفرح وهو يتطلع في الحقول الخضراء على يسار الطريق " بخير والحمد لله وأنت كيف حالك يا سيد "
رد سيد صبرة مغمغما " الحمد لله بخير .. أردت أن أبارك لك بمناسبة زواج أختك "
غمغم مفرح بتحفظ " بارك الله لك شكرا جزيلا "
قال سيد بصدق " تعرف بأن لك عندي قدرا كبيرا من المحبة يا مفرح ولولا حساسية الوضع لكنت جئت بنفسي مهنئا "
رد مفرح بتحفظ " أعلم جيدا بأنك صاحب واجب يا سيد وأشكرك .. كيف حال أولادك؟"
نظر سيد في جلسته في سيارته للصورة المعلقة أمامه في المرآة الأمامية لتوأمين في عمر عامين ورد بهدوء" بخير والحمد لله .. (وببعض التردد والحرج أضاف ) وكيف حال ....( الجميع ) عندكم "
رد مفرح بتحفز لم يستطع التحكم فيه "(كلنا ) بخير يا سيد وفي نعمة كبيرة .. وأعتقد أن من يوصل لك أخبارنا أولا بأول بالتأكيد قد أخبرك بذلك .. فلا تُضيع وقتك في تتبع أخبارنا "
رغم شعوره بالحرج لكنه رد بهدوء " تعلم يا مفرح بأني لازلت أشعر بالذنب ولن أتخلص منه إلا بعد ..."
قاطعه مفرح منفعلا " نحن أناس مؤمنون بالقسمة والنصيب يا سيد .. ولا راد لقضاء الله .. ولولا أن ابنتنا هي من طلبت الطلاق وأصرت عليه لما كنت أرد على اتصالاتك الآن بهذا الهدوء والتحضر .."
ساد صمت كئيب حرج بينهما قبل أن يحاول مفرح التصرف بلباقة نادما على انفعاله فقال بهدوء "اسمع يا سيد .. على المستوى الشخصي تعرف بأني أحترمك جدا .. وربما أكون أكثر الناس تفهما لما حدث بينكما .. لكن الوضع الآن ومحبتي لإبنة خالي سيجعلني دوما متعاطفا معها .. وفي الوقت نفسه لا أحب أن أتعامل معك بطريقة لا تليق بك وبي ولا بالخبز والملح الذي كان بيننا يوما .. لذا أرجو أن تُخرج بسمة من رأسك .. عش حياتك ودعها تعيش حياتها .. وشكرا جزيلا على التهنئة .."
رد سيد بهدوء " أنا متفهم لوضعك جيدا يا مفرح ولا تؤاخذني .. في حفظ الله "
أغلق سيد الخط .. فألقى مفرح الهاتف بعصبية على المقعد المجاور واشتدت أصابعه ضغطا على المقود وقد ازدادت حدة ملامحه .. شاعرا بتلك الحسرة التي تعتصر قلبه حزنا على ابنة خاله .
أما سيد فاعتصر الهاتف في يده وضرب على المقود أمامه باليد الأخرى بعنف كارها أن يضطر لتحمل هذه المواقف المحرجة له .. لكن ذلك الشعور بالذنب تجاه بسمة لا يزال يطارده ...
يلتف كالحبل حول عنقه ويخنقه ..
يشعره دوما بسعادة منقوصة ..
يتشكل كظل أسود مخيف خلف لحظة سعادة يعيشها في حياته الجديدة مع زوجته وأولاده ..
ولا يعرف ماذا يفعل ليتخلص من ذلك الظل الأسود الذي يلاحق كل لحظة من حياته ..
ولا يعرف ماذا يفعل لبسمة حتى يطمئن عليها .
عاد برأسه إلى الخلف يستند على ظهر مقعده ونظر لسقف السيارة يتمتم " يارب .. كنت كريما معي.. لكني عبدك الضعيف الطامع في المزيد من كرمك .. ارزقها بمن هو أفضل مني وحررني من ذلك الحبل المشدود حول رقبتي ..وساعدني على أن أطوي صفحتها من حياتي للأبد "
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-01-20, 11:21 PM   #448

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

بعد قليل كان مفرح يجلس مع التوأمين في دار العمدة وبالتحديد في شرفة واسعة ملحقة بغرفة أرضية مرتفعة لها مدخل منفصل من ساحة البيت وسلم قصير .. وأخذ يناكف في كامل الذي كان عابسا عكر المزاج فقال " يا بني قلت لك سيغسل لك الغفر السيارة بماء الترعة وستكون لامعة تضوي تحت الشمس ليس بها أي شيء ..فلا تقلق"
قال كامل بلهجة خطرة مهددة "لو أقترب أحد من السيارة سأقتله"
على صوت قهقهة مفرح الصبيانية تنحنحت مليكة وافسحت المجال لتماضر لتدخل بصينية كبيرة فوقها العديد من الأطباق قبل أن تغمغم بهدوء" السلام عليكم"



استقام مفرح وتحرك إليها يهديها ابتسامة وَلِهة قبل أن يحيط ذراعه بجذعها ويستدير ليواجه صاحبيه اللذان استقاما واقفان قائلا "هذه حرمنا المصون مليكة صوالحة"
غمغم التوأمان بأدب جم مشبوب بالحرج "أهلا زوجة أخي "
كادت ضحكة ساخرة أن تفلت من بين شفتي مفرح وهو يراهما على هذا الأدب والحرج .. فاستدار لمليكة يقول "وهؤلاء شامل وكامل اللذان صدعت رأسك بحكاياتي عنهما "
ردت مليكة "أنرتما بيتنا .."
قال شامل بلباقة" بنوركم يا أم أدهم"
ابتسمت ملكية وسألت مفرح "أهناك شيء ينقصكم؟"
لمعت عيني مفرح وهو يتطلع فيها ورد بابتسامة " سلمت يداك"
تحركت مغادرة فجلس التوأمان يتفحصان الصينية العامرة بالطعام بعيون تتفجر منها القلوب الحمراء ..ليقول مفرح بإغاظة" هذا الإفطار من يد مليكة صوالحة ..أتفهما معنى هذا ؟.. أي من يد بنت البشوات.. إنها حفيدة باشا حقيقي يا ولد أنت وهو "
غمغم شامل وهو يمزق فطيرة كبيرة بين يديه "سلمت يداها ( وقال لأخيه يشير على أحد الأطباق بسعادة جمة ) عسل أسود يا كيمو عسل أسود بالطحينة"
غمغم كامل يهز رأسه وهو يكور قطعة كبيرة من الخبز مملوءة بالفول المدمس وحشرها في فمه هو الأخر فضحك مفرح وسحب كرسيا لينضم إليهما .


بعض قليل كانت تماضر ترفع الصينية فقال مفرح "الشاي بسرعة يا تماضر"
غمغمت بطاعة وتحركت مبتعدة بينما نظر شامل في هاتفه يقول وهو يستقيم واقفا "سأتصل بالبيت لأطمئن على أبي "
وابتعد يوليهما ظهره فسأل مفرح كامل " ألا يزال والدك غاضبا منك بسبب قرار السفر؟"
رد كامل مهموما " يتحدث معي لكنه ليس سعيدا بالقرار"
بلع مفرح غصة واستشعر الحرج أن يتدخل في قراره رغم شعوره بالانزعاج الشديد إلى حد التأثر فقال "وهل ستتركه غير سعيد وترحل؟"
رد كامل وهو يتطلع في ظهر أخيه الذي يتحدث في الهاتف "عندي ثقة بأن شامل رغم تمزقه بيني وبين والداي لن يستطيع الابتعاد عني ولهذا سيقنعهما بعد مدة لتصفية كل شيء والسفر إلى حيث سأكون"
قال مفرح يقارعه" لكنكما أخبرتماني بأن والدك يحب العيش هنا.. وأوصاكما إن لم تستطيعا دفنه بعد عمر طويل في الوطن فلتدفنوه هنا في هذا البلد "
سحب كامل نفسا عميقا معترفا بكل ما قاله مفرح لكنه غمغم بضيق هاربا" لا أعرف يا مفرح لكني أريد السفر بشدة "


صوت نسائي متحفظ جاء من ساحة البيت أسفل الشرفة المرتفعة قليلا عن الأرض فانتبها إليه.. ليعقد مفرح حاجبيه ويستقيم واقفا ثم يتحرك نازلا السلم القصير وهو يقول بدهشة" بسمة !"
غمغمت بسمة " اتصلت بك أكثر من مرة لكنك لم ترد"
تحسس مفرح جيوبه يبحث عن الهاتف ثم غمغم "ربما نسيته في السيارة "
ثم وقف أمامها يستمع باهتمام لما تقوله عن أمر تتابعه في الصوبات الزراعية ..


أما كامل ..
فاستقام ببطء واقفا .. وتوقف الزمن عنده للحظات ..
إنها هي ..
أخيرا وجدها وقد كاد أن ييأس ..
هي بالتأكيد ..



ليس لأن مفرح تلفظ باسمها الذي يعرفه .. ولكن لأن ملامحها محفورة في ذهنه منذ ثلاث سنوات ..بذلك اللون الفيروزي الذي يشع من مقلتيها .


فرغم طول المدة.. ورغم بعد المسافة بينهما الآن .. شيء ما بداخله يخبره بأنها هي..
شيء ما لا يدري كنهه..
ولكن يبدو أن هذا الشيء يعرفها جيدا !.



لكن سؤال ما صفعه ليستفيق من ذلك الشعور الذي شجعه على المجيء بمجرد أن سمع اسم القرية من مفرح وهو يدعوهما لحفل الزفاف .


سؤال صادم ..
ما علاقة بسمة بمفرح الزيني؟؟!!!


اختلس النظر نحو شامل الذي لا يزال مشغولا بالحديث في الهاتف ثم عاد ليتطلع فيها من هذا البعد متمنيا أن تكون أقرب ليروي ذلك الفضول الذي يأكله تجاهها .. وسمع مفرح يقول وهو يحك جبينه بيده
"يا الهي من الجيد أنكِ قد تابعتِ الأمر يا بسمة ..وإلا لكان المحصول كله قد فسد (وتحرك نحو سيارته التي تقع على بعد خطوتين يلتقط من نافذتها المفتوحة هاتفه ثم عاد إليها يقول وهو يرفعه على أذنه ) أعلم بأنكِ قد أخبرتيني بالأمس لكني نسيت تماما .. ممتاز جدا الإجراء الذي اتخذتيه مع الموقف .. سأعطيهم أوامري للاهتمام بهذا الأمر والمتابعة لأننا سنكون منشغلين في حفل الزفاف بالتأكيد"



غمغمت بسمة وهي تهم بالتحرك" سأذهب أنا"
فرفع لها مفرح يده مودعا قبل أن يقول في الهاتف "يا عم عطية أنا مفرح الزيني "
في استدارتها للمغادرة اختلست بسمة النظر بفضول لضيفيّ مفرح اللذان يحتلان بيت الجد صالح ..خاصة وأن أهل البلد يقولون بأنهما توأمين متطابقين .. فوقعت عيناها على كامل الواقف عملاقا في الشرفة الأرضية يضع يديه في جيبي بنطاله والذي أشاح بنظراته عنها لثوان يدعي اللامبالاة ..لتكمل بسمة استدارتها ثم تتوقف متخشبة للحظات.


ادارت وجهها مجددا تنظر إليه بحاجبين معقودين وتدقيق أكبر.. فاختلس كامل النظر إليها هو الأخر .. وتقابلت العيون للحظة خاطفة شعرت بعدها بسمة بالحرج والارتباك .. فأجبرت نفسها على التحرك والمضي في طريقها .. لكنها كانت مصدومة بشدة ومتفاجئة .. فأسرعت الخطى وهي تحدث نفسها قائلة بعدم استيعاب "ذلك الشاب! .. هنا ؟ .. في قريتنا ! .. ومع مفرح!!.. كيف ؟!!"




بعد دقائق أنهى شامل المكالمة.. واقترب من توأمه المتسمر يحدق في الساحة الخالية أمامه فسأله باندهاش "بم أنت شارد يا كيمو؟"
أجفل كامل وتنحنح قائلا " لا شيء"
لم يقتنع شامل فهو الأدرى به لكن عودة مفرح يصعد درجات السلم جعلتهما ينتبهان إليه ليقول الأخير " لا تؤاخذاني فقد نسيت أن أتابع أمرا هاما في الصوبات الزراعية لكن الحمد لله تم تداركه "


ابتسم كامل ابتسامة ضعيفة وجلس هو وتوأمه بينما قال مفرح بطريقة استعراضية متعمدة وشبح ابتسامة شقية تزين زاوية شفتيه" أين الشااااااي يا جماعة (وجلس أمامهما قائلا بإغاظة مبطنة ) لا تؤخذوننا .. تعرفان دوار العمدة به عددا كبيرا من المساعدات لكنهن يعملن كالنحل في يوم مهم كهذا"


حاول كامل نفض ذلك التساؤل الذي لا يزال يدور في رأسه فلجأ للمزاح قائلا لأخيه ليداري شعورا داخليا بالارتباك " أنت وقلبك العاطفي هذا السبب .. لو كنا كسرنا عظامه من أول مرة لما تجرأ وتكلم أمامنا بهذه الطريقة الاستعراضية "


وضع مفرح ساقا فوق الأخرى قائلا بكبرياء "حبيبي .. قرة عيني .. فلذة كبدي .. أنت في ديارنا فكف عن أحلام اليقظة هذه "
صوت أخر جاء ينادي من الساحة "باشمهندس مفرح "
رفع مفرح رأسه للسماء بغيظ ثم هتف وهو يستدير " مفرح مفرح مفرح ماذا تريدون من الزفت مفرح؟ .. ألا استطيع أن أجلس مع أصحابي بدون مقاطعة !!"


تطلع فيه شيخ الغفر بارتباك ولم يعرف إن كان ما قاله سماحا له بالحديث أم طلبا منه للمغادرة .. فأكمل مفرح بقلة صبر ".. قل يا عويس ماذا هناك هذه المرة؟!"
غمغمة خافتة جاءت من شامل مصاحبة لضحكة متهكمة وهو يقول لتوأمه بخفوت مسموع" يمثل علينا دور الشخص المهم .. كان أولى به أن يعرف ما حدث لسيارتنا !"


استدار إليه مفرح يهديه ابتسامة صفراء مستخفة متزامنة مع صوت ضحكات صاحبه المكتومة هو وأخيه بينما جاء صوت عويس من أسفل الشرفة يقول "الحاج سيلمان الوديدي بالخارج ويريد سعادتك على وجه السرعة ومعه الحاج بدير العسال"



رفع مفرح حاجبا وغمغم باندهاش وهو يستقيم واقفا "ولماذا لم يدخل؟ .. أيحتاج لإذن للسماح له بالدخول!! "
رد عويس " قال لا وقت للمضايفة ويريد سعادتك بالخارج ( وتنحنح ثم قال بصوت أهدأ ) ويبدو أن هناك مشكلة ما ..فهما متوتران جدا "
علت الجدية ملامح مفرح وقد بدأ في القلق فنظر لصاحبيه مغمغما "مشكلة ! (ثم تحرك بعدها ينزل السلم وهو يردد ) خالي العزيز!.. استر يا رب"


على البوابة بادره سليمان الوديدي ما أن رآه قائلا "لدينا مشكلة يا مفرح يا ولدي"
سأله مفرح بقلق وهو ينظر لبدير العسال الذي يضع هاتفه على أذنه يحاول الاتصال بشخص ما "ماذا حدث ؟"


قال سليمان ببؤس "الطباخ أصيب بأزمة كُلى ونقلناه للمستشفى في مركز المحافظة .. والأطباء يقولون بأنه لن يستطيع العودة للعمل قبل ست أو سبع ساعات .. ومساعدوه وفريق عمله مرتبكون ويهابون تحمل مسئولية حفل كبير وهام كحفل اليوم بدونه "
مط مفرح شفتيه بامتعاض ثم قال "وما العمل الآن يا خال؟"



جفف سليمان عرقه بمنديل وغمغم من بين أسنانه وهو يتطلع في بدير الذي لا يزال يتحدث في الهاتف "بدير يحاول التصرف لكني أحببت أن أخبرك بالمشكلة من البداية"


فرك مفرح رأسه بكفيه.. ثم نظر في ساعته مغمغا "وهل سنستطيع التصرف يا خالي ؟.. لو حضر شخصا آخر من العاصمة أو من أي محافظة مجاورة سيحتاج الأمر لساعتين على الأقل"



"وأين ذهبنا نحن يا أبا أدهم؟!!"



قالها شامل وهو يخرج من بوابة بيت العمدة مع أخيه بعد أن قلقا وقررا اللحاق به ..فاستدار مفرح إلى صاحبيه متفاجئا ثم قال باستنكار وحرج شديد "أنتما ضيفاي يا شامل!"
تدخل سليمان قائلا "ماذا تعني يا استاذ؟ .. هل تعرف طباخا ؟"



رد شامل بابتسامة " بل أنا وأخي نمتلك مطعما في العاصمة (وأخرج من جيبه بطاقة عمل يعطيها للحاج سليمان وأكمل وهو يغمز لأخيه وينظر لمفرح متفاخرا ومتعمدا اغاظته فقال بتعال مقصود ) وليس أي مطعم .. وإنما مطعم كبير .. راق .. شهير .. في مدينة من المدن الجديدة التي لا يسكنها إلا المستويات الاجتماعية الثرية .. ولا يزور مطعمنا سوى الشخصيات الهامة .. كما أنه ملاصق لفيلا والدي المليونير غنيم نخلة وبالتالي لن يكون صعبا علينا الاشراف على الطباخين عندكم "


اتسعت ابتسامة سليمان ولمعت عيناه بينما أسرع مفرح بالتدخل قائلا بابتسامة صفراء وقد فهم بأنه يغيظه " حبيبي والله يا أبو شامو لكن لا يصح فأنتما ضيفاي .. سنتصرف لا تقلقا"
عادت لشامل جديته وقال بإصرار وصدق هذه المرة بعد أن نفض عنه تلك الطريقة الصبيانية المتعمدة لإغاظة مفرح " يا عم مفرح لا تكبر الأمر فـ .."


بتر عبارته مجفلا وهو يتطلع بجوار ذراعه لرأس بدير التي أطلت على البطاقات في يده فناوله واحدة بابتسامة مجاملة ليأخذها الأخير منه ويتطلع فيها بعينيه الخضراوين ممتعضا .


في الوقت الذي تدخل سليمان قائلا بسعادة غير مبررة للواقفين" صاحباك أولاد أصول يا مفرح والله .. فلمَ تصنع فارقا يابن أختي !.. فالصاحب يقف بجوار صاحبه في المواقف الطارئة مثل اليوم"



حدج مفرح خاله بنظرة لائمة وقال من بين أسنانه" ألم تقل بأن بدير يبحث عن بديل؟.. فليتصرف ( ثم استدار للتوأمين يقول بحرج ) ما تفكران فيه لن يحدث "


قال بدير بلهجة باردة "أنا بالفعل أقوم باتصالاتي وبعون الله سأحل المسألة "
قال له سليمان بإصرار" مفرح كان صائبا يا بدير حين قال أن أقرب بديل سيأتي من خارج المحافظة .. وسيحتاج لساعتين على الأقل .. هذا إن وجدنا على الفور من يوافق على المجيء بدون ترتيب مسبق"


تدخل كامل قائلا "يا مفرح .. قلنا لا تصنع فارقا بيننا .. أنت تهيننا برد فعلك هذا "
ليضيف توأمه" اعتبرها هديتنا لك بمناسبة زواج أختك (ونظر للحاج سليمان يسأله)أين مكان الطباخين ؟"
تحرك سليمان يتقدمهما قائلا بحماس وهو يلملم في عباءته "تفضلا سأدلكما .."


تحرك خلفه التوأمان بعد أن ربت كامل على كتف مفرح يطمئنه أن لا عليه أن يشعر بالحرج .. بينما قال الحاج سليمان من بين لهاثه وهو يسرع الخطى "القرية ازدادت نورا ونحن ازددنا شرفا بأن يقوم طباخان من دولة عربية شقيقة بالطهي لضيوفنا .. هذا جميل لن ينساه لكما مفرح .. ولن ننساه نحن أيضا والله "


غمغم شامل شاكرا بحرج بينما التزم كامل الصمت وهو يستشعر لُزوجة هذا الرجل ..
في الوقت الذي تسمر بدير ومفرح مكانهما ..
كل منهما يشعر بالغيظ ويجز على أسنانه لسبب يخصه .


بعد أقل من ساعة كان التوأمان يقفان بضخامتهما في خيمة كبيرة ليست ببعيدة عن الصوان بينما الفريق المساعد للطباخ السابق يتطلعون فيهما فاغري الأفواه يشوبهم بعض التوجس خاصة من كامل الذي وقف بارد الملامح يديه في جيبي بنطاله يناظرهم ببعض التعالي ..


أما شامل فتقدم يقف أمامهم بكل ثقة قائلا بابتسامة هادئة وبلهجة أهل البلد يقولها منغمة "أحبائي .. وحوشي الصغار .. أنا شامل نخلة وهذا توأمي كامل .. لا أريدكم أن ترتبكوا من تطابقنا( وأخرج من جيبه منديلا يربط به رأسه قائلا ) احفظوا بأن شامل هو من يربط المنديل حول رأسه .. والآن لدينا مهمة ليست بالهينة .. وسباقا مع الوقت فقد تأخرنا في البدء (وتطلع لورقة في يده أعطيت له منذ قليل وقال) قائمة الأصناف المتفق عليها طويلة لكني واثق بأننا سنفعلها لو تحركنا كفريق واحد .. (وضرب كفيه ببعضهما بقوة يحمسهم وصاح) تحركوا هيا كلٍ إلى مهمته"



××××
بعد العصر



أمام أحد المباني الكبيرة التي يقع فيها صالون التجميل الشهير في مركز المحافظة وقفت فرقة موسيقية تستعد بآلاتها لاستقبال العروس حين تخرج من المبنى.. وبمجرد أن خرج وليد من السيارة الفاخرة المزينة بالورود وأشرطة الزينة يرتدي حلة أنيقة عزفوا التحية له .
أما في صالون التجميل في أحد الطوابق العليا عدلت مليكة صوالحة من فستان ونس وهي تقول بلهجة معجبة" فستان رائع جدا جدا رغم بساطته"
اتسعت ابتسامة ونس وفتحت حقيبتها تخرج دفترها وتكتب بحماس "إنها قطعة قماش أعجبتني مع تاجر أقمشة في السوق (ورفعت يدها تغطي ضحكة شقية ثم كتبت ) قماش خاص بالستائر"
قهقهت مليكة ثم قالت "لكنه اختيار رائع جدا"
فكتبت ونس مضيفة "ورسمت الموديل وأعطيته للخياطة لكني كنت في رعب من أن تفسده فقد شعرت بأنها غبية ولم تفهم من رسمتي شيء لكن الحمد لله بعد بعض التعب معها خرج كما أريد "
حشرت بسمة رأسها بينهما لترى ماذا كتبت ونس ثم رفعت أنظارها لتسألها وهي تتطلع في شعرها الكستنائي المموج الطويل المنطلق خلف ظهرها "وهل العم عيد موافق على عدم تغطيتك لشعرك؟"
هرشت ونس في رأسها تمنحهما ابتسامة محرجة .. فقالت مليكة بعينين متسعتين مكحلتين" وماذا ستفعلين يا مجنونة؟.. بالتأكيد سيغضب بشدة"



كتبت ونس في دفترها وهي تحرك كتفيها بلا مبالاة "سينتهي الأمر بعلقة .. لكن لا بأس فهذا الحدث لن يتكرر كثيرا لأطلق شعري وألبس هذا اللبس وأبدو كالأميرات "
قالت مليكة بقلق "غَطِ شعرك يا ونس وتجنبي المشاكل "
رقّصت الأخيرة حاجبيها بشقاوة وهي ترفع كتفيها رافضة .. فناظرتها بسمة وتمتمت بحقد "أيتها المحظوظة ! .. ليتني أملك شجاعتك في هذا الأمر وأطلق العنان لشعري"


تطلعت فيها ملكية بنظرة ممتعضة وبالتحديد في الوشاح الخفيف الذي تلفه حول رقبتها ولا يغطي إلا نصف رأسها ثم قالت بلهجة متهكمة "الحقيقة أنت ملتزمة جدا بغطاء رأسك يا مسكينة لهذا تحسدينها!"
تجاهلت بسمة تعليق صاحبتها المتهكم وتنهدت قائلة" من أهم مميزات الحياة في العاصمة أني لم أكن مضطرة لتغطية شعري"
ردت مليكة بنفس اللهجة المتهكمة "بالطبع خاصة مع حفلات الفنانين التي حضرتيها .. وإشادة الصحافة بجمالك الأخاذ"
حدجتها بسمة بنظرة متعالية باردة لتكمل مليكة مناكفة "طوال عمرك كنتِ تتحينين الفرصة لكشف شعرك ( وقرصتها في ذراعها تضيف ) أيتها اللعوب الماجنة "
توجعت بسمة وناظرتها بغيظ ..بينما ضحكت ونس ..



بعد دقائق ضيقت بسمة عينيها تسأل مليكة بفضول " هل تعرفين كيف تعرف مفرح على هذين الشابين؟ "
هزت ملكية كتفيها وردت" لا أذكر .. كل ما أذكره أنه يعرفهما منذ عامين تقريبا وأنه يذهب معهما لصالة الألعاب الرياضية .. وقد ارتبط بهما بسرعة غريبة حتى أنه قد زارهما عدة مرات في فيلتهما ومطعمهما وهما زاراه في شقته في العاصمة أكثر من مرة أيضا .. لمَ تسألين؟ "


نظرت بسمة لونس الواقفة بجوارهما تتابعهما وهي تتطلع في المرآة المواجهة لها كل دقيقة وتعدل من مظهرها ثم قالت بمراوغة " لا أبدا مجرد فضول كونهما من بلد أخرى ( وغمزت لها ) سأخبرك فيما بعد"
ردت مليكة بلهجة متأثرة "أنا في الحقيقة ممتنة لهما أن استطاعا أن يكسبا ثقة مفرح.. تعلمين بأنه يحتفظ بمسافة معينة بينه وبين الناس .. وكنت أشعر به يعاني من الوحدة بشدة لسنوات طويلة "


تنهدت بسمة بمرارة بينما قالت مليكة مغيرة الموضوع "هل اتصلت بك أم هاشم؟.. لقد فقدت الاتصال بها منذ أن تركتها في شقة مهجة "
ردت بسمة بهدوء " بالتأكيد أخذت اليوم كله نائمة .. لقد ظللنا أنا وهي حتى الشروق نرتب في هذا النيش اللعين .. والحقيقة أنها بذلت مجهودا كبيرا جزاها الله خيرا .. لهذا توقعت أن تأتي على الحفل مباشرة "



غمغمت مليكة بلهجة حزينة" اشفق عليها دوما .. وحزنت أن وصلت لسن الثلاثين بدون زواج لمجرد أنها مختلفة في الشكل"
قالت بسمة بسخرية مُرة " ليت الأغبياء يعلمون أن الجمال ليس ضمانا أبدا لأن تنال حب الأخر أو تحقق السعادة لنفسها "


كلماتها أوجعت مليكة في الصميم .. خاصة وهي ترى ذلك الحزن المتجسد على وجه صاحبتها لكنها حاولت المزاح فأمسكت بقلبها بيد واستندت على ذراع بسمة بيدها الأخرى تميل بجذعها للأمام قليلا مغمضة العينان .. فاتسعت عينا ونس بجزع بينما ضيقت بسمة عينيها تناظرها ببرود وهي تسمع مليكة تغمغم " يا إلهي ..هذه الجرعة من العمق الذي أصابتك بعد الثلاثين تقتلني يا فتاة! ( ثم فتحت عينيها تتطلع فيها واكملت سخريتها أمام ابتسامة تلح لتظهر على شفتي بسمة الجميلتين ) ما رأيك في أن تكتبي كتابا وتنشريه بعنوان (النصائح الذكية لبسمة السوداوية )"


ضحكت ونس بينما عوجت بسمة شفتيها المطليتين باللون النبيتي بابتسامة مستخفة لصاحبتها التي شاركت ونس الضحك ثم استدارت للأخرى تقول بامتعاض "هل أعجبتك ظرافتها ؟"


أصوات جلبة في الخارج غطت على أخر حروف سؤالها .. لتدخل إحدى صاحبات مهجة تقول بحماس "وصل العريس .. وصل عريسك يا مهجة"
استقامت مهجة تعدل من فستانها المنفوش وتتمم على حجابها الأبيض ثم نظرت لفايزة أختها ثم لمليكة وبسمة بارتباك واضح .. فقالت مليكة مطمئنة "ما شاء الله لا قوة إلا بالله ..بدر في ليلة تمامه "


أما بسمة فخرجت بسرعة لترى ذلك العريس الذي كبر أمام ناظريها عاما بعد عام .. ووقفت تتأمله وهو يقترب مع عدد من الأقارب ..
كان مليح الوجه مبتسم الثغر في سعادة ..
وكانت هي سعيدة من أجله ..



التقت عينيهما فاقترب وليد منها حتى وقف أمامها يسألها مشيرا لحلته " ما رأيك ؟"
غلبتها تلك العاطفة اللعينة تجاهه التي حاولت كثيرا خنقها لربما ماتت وأراحتها .. فمسحت على سترته وعدلت له من المنديل الذي يزين جيب السترة العلوي وهي تقول بتأثر " مبارك لك يا حبيبي "



مال وليد يطوقها بذراعيها مغمغما " بارك الله لك ورزقك بالعوض"
أبعدته في محاولة منها لاستعادة رباطة جأشها وغمغمت " هيا عروسك في الانتظار"
عند باب صالون التجميل عدل وليد حلته وفتح الباب ينظر في الداخل بترقب .. ثم عقد حاجبيه حين وجد مهجة توليه ظهرها..



أمام نظرات الواقفات دخل مقتربا منها حتى بات خلفها تماما ثم رفع قبضته أمام فمه متنحنحا وقال " مساء الخير يا فندم ..أنا العريس .. هل وصلت في وقت غير مناسب؟! "


انفجرت الموجودات في الضحك بينما استدارت مهجة إليه ببطء وحياء فلم يمهل وليد لنفسه فرصة حتى لتأمل فستانها أو لفة حجابها وزينة وجهها الجميل وإنما مال عليها يحضنها بقوة .. لتطلق فايزة الزيني زغرودة قوية شقت جدران المكان وفجرت السعادة في قلوب الحاضرات ..
××××


يتبع








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-01-20, 11:23 PM   #449

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4

بعد قليل



وصلت أم هاشم أخيرا لمبنى صالون التجميل بعد أن سرقها النوم حتى أذان العصر فقامت مسرعة لتستعد للحاق بالحدث من أوله عند خروج العروس من صالون التجميل .. لكنها حين اقتربت وجدت الفرقة الموسيقية التي كانت في استقبال العروسين عند خروجهما من المبنى قد انتهت وأن العروس تركب السيارة بمساعدة أختها فايزة الزيني ..


تملك الاحباط من أم هاشم وبحثت بين الوجوه الكثيرة من الشابات اللاتي كن في انتظار خروج العروس لمصاحبتها في موكب بالسيارات إلى مكان الحفل في القرية فلم تجد بسمة أو مليكة فهما الأقرب إليها دوما رغم تقطع الوصال بينهم على مدى السنوات الماضية لانشغال كل منهم في حياته .. وفي الوقت نفسه تحرجت من الاتصال بهما أو فرض نفسها عليهما ..


ليأتيها من خلفها صوت إحدى الفتيات تقول" علمنا بأن العروس أصرت ألا تدخل شقتها بدون ترتيبك أنت بالذات للنيش يا أم هاشم وأن رص مهندس الديكور لم يعجبها"
بحركة استعراضية استدارت إليها وقالت "معلوم .. فهي بنت العمدة وذوقها عالي"
ضحكت الفتيات .. ثم صاحت إحداهن وهي تشير لسيارات الأجرة الجماعية التي يتجه نحوها الواقفون ممن لا يملكون سيارات خاصة " هيا لنلحق مكانا في السيارات فلا أظن أنها ستسع الكل"


اسرعت الفتيات بالهرولة نحو السيارات المصطفة خصيصا بتكليف من أولاد الزيني لنقل المهنئين الذين ينتظرون العروس عند صالون التجميل حتى يدخلوا القرية معها في موكب سيارات يليق ببنت العمدة .. فراقبتهم أم هاشم ثم عادت تتطلع حولها بحيرة والشعور بالوحدة يقبض على قلبها .. لتقرر بسرعة حشر نفسها في أي سيارة جماعية حتى تعود للقرية..



مرت على السيارات فوجدتها كلها مزدحمة بالناس ولم تجد إلا كرسيا واحدا شاغرا في أخر سيارة وهو المقعد المجاور للباب فصعدت تجلس عليه لتصيح الفتاة المراهقة التي جلست بجوارها "هذا لصديقتي "
أدارت إليها أم هاشم وجهها وردت ببرود "وهل صديقتك هذه تلبس طاقية الإخفاء بينما أنا جالسة على حجرها الآن ؟!"
قالت الفتاة بحنق" إنها ستأتي الآن وأنا أحجزه لها"


تنهدت أم هاشم وأشاحت بوجهها تتطلع أمامها قائلة" إن أردتِ حجز لها مكانا فانزلي وابحثي عن (تاكسي) .. وادفعي أجرته لتحجزي لصاحبتك مكانا .. أما هذه فتابعة لأصحاب العرس (وأشارت لنفسها) ولكل المدعوين وليس أنت وصاحبتك فقط "


تدخلت إحدى النساء في المقاعد الخلفية تقول "ولمَ لا تركبين أنت يا أم هاشم (التاكسي) وتدفعي ثمنه ليدخل بك خصيصا للقرية ؟..هل ستتركين فتاة مراهقة تعود بمفردها؟"
استدارت أم هاشم تنظر للمرأة ثم عادت لتتطلع أمامها وهي تقول بلسان حاد" إن كنتِ تشفقين عليها .. فاعطِها مكانك يا أم شذى"



حوقلت المرأة بصوت مسموع في الوقت الذي صعدت الفتاة المعنية للسيارة ووقفت تتطلع في صاحبتها وأم هاشم .. لتقول لها الأخيرة" اسمعي يا صغيرة .. أمامك ثلاثة حلول ..إما أن تجلسي على حجري فالمسافة ليست ببعيدة .. أو تجلسي على حجر صاحبتك .. أو تذهبين للمقعد الخلفي فمن تجلسن عليه رفيعات ومن الممكن حشر نفسك بينهن "


زمت الفتاة الواقفة شفتيها بتذمر بينما ناظرتها الأخرى بغيظ متزامن مع حوقلة أم شذى كبندول ساعة مستفز في الخلفية ..
في الوقت الذي جلس السائق أمام المقود وقد التقط طرف الحديث في وقفته بجوار الباب وفهم ما يحدث فقال ساخرا وهو يعدل المرآة الامامية وينظر لأم هاشم ببشرتها الداكنة السُمرة والتي ترتدي عباءة سوداء وحجابا أسود " لمَ اظلمت الدنيا فجأة ؟!"


ضحكات خافته متهكمة وصلت لأم هاشم من الخلف كانت كدبابيس حادة تنغز في قلبها وتشعرها بالحرج لكنها ابتسمت ساخرة فظهرت أسنانها الناصعة البياض وهي ترد على السائق قائلة "ربما لديك مشكلة في النظر يا أسطى .. لذا أنصحك بالكشف على عينيك "


في نفس الوقت خرجت سيارة من خلف المبنى يقودها علي صوالحة تجلس فيها مليكة بجواره بينما بسمة وونس في المقعد الخلفي .. فنظرت الأولى لأخيها وسألته بقلق "هل تأكدت من أن إياد وأدهم في سيارة أخي بِشْر ؟"
رد علي مطمئنا " لا تقلقي بهذا الشكل يا مليكة أنهما مع أولادي وأولاد بِشْر "
هتفت مليكة وهي تتطلع في إحدى سيارات الأجرة التي بدأت في التحرك ومرت بجوار سيارتهم "أليست هذه أم هاشم؟! .."
أسرعت بسمة بفتح النافذة المجاورة لها ونادت عليها بينما السيارتان تمشيان بالتوازي خلف موكب السيارات التي تحرك .. فانتبهت أم هاشم ومعها أغلب الموجودات لسيارة علي صوالحة ولبسمة التي تصيح من النافذة "أم هاشم .. أنت يا أم هاشم .. لماذا تركبين عندك يا بنت تعالي معنا"



هدّأ سائق السيارة سرعته حينما اشار له علي صوالحة فوقف بجوار الأخرى التي وقفت بجانب الطريق .. لتدير أم هاشم وجهها للفتاة المراهقة بجوارها وتحجدها بنظرة إغاظة لم تستطع التحكم فيها .. ثم تركت مقعدها تفتح الباب ..لكنها استدارت تتطلع في الوجوه التي تطالعها فاغرة الأفواه وقالت للفتاة التي جلست بالخلف "تعالي بجوار صاحبتك .. (ثم نظرت للمرأة) وأنتِ كفي عن الحوقلة يا أم شذى وكأني كنت أجلس فوق حجرك .. فأنا ذاهبة فانعموا بالسيارة كلها "


قالتها ونزلت بهدوء تركب السيارة الأخرى بعد أن ألقت السلام .. لتهتف فيها بسمة بغيظ "ألن تتخلي عن ارتداء العباءات السوداء يا أم هاشم ؟"
ردت الأخيرة بلهجة متهكمة وهي تشيح بنظراتها وتتطلع في النافذة بجوارها للسيارة الأخرى "وبم ستفيد الألوان سوى أنها ستلفت النظر أكثر للقالب الأسمر (وأخرجت رأسها من النافذة تصيح) لا تنس بأن تعرض عينيك على الطبيب يا أسطى ! "
××××


على مقعد في غرفة أثاثها مطلي باللون الذهبي البراق في بيت حسيب العسال وضعت كاميليا ساقا فوق الأخرى وأخذت تهزها بعصبية وتلوي فمها وهي تناظر جابر الجالس أمامها يحدجها بنظرات جامدة غاضبة بينما أكمل الأخير قائلا " وهذا وضع لا يليق ببنت أصول يا بدير .. أن تعصي امرأة أمر زوجها وتخرج من بيته بدون علمه "


هتف عماد العسال بعصبيته المعتادة "أتريد أن تحبسها في البيت؟؟"
تدخل أخوه الأكبر بدير هادرا ليتحاشا أي قرار متهور من جابر الذي استشعره متحفزا أكثر من أي مرة سابقة "اسكت أنت ولا تتدخل ( ثم التفت لجابر يقول بمهادنة ) لا لا يرضيني طبعا لكن أنت أيضا يا جابر عليك ألا تكون متشددا في طلباتك "


جز عماد على أسنانه وغضب لأن أخوه احرجه أمام صهره فانتفض مغادرا للغرفة بينما قال جابر بانفعال " اسمع يا بدير أنا لست مطالبا بأن أدافع أو أبرر ما أفعله مع زوجتي أمامك.. لكن كاميليا تعرف بأني لست هذا المتشدد الذي تصفه أنت وتدعيه هي .. فكل ما أريده أن تظهر بمظهر امرأة عادية كنساء البلدة أو حتى كنساء المدينة المحتشمات.. وعندي خطوط حمراء لا أحب تجاوزها وهي تعلمها جيدا منها ارتداء الملابس الضيقة أو اللامعة الملفتة بشدة .. والمبالغة في وضع زينة الوجه بشكل تكون فيه اشبه بفتيات الليل من وجهة نظري .. أنا لا أمنعها من أن ترتدي ما تحبه وأن تتجمل مثل النساء لكن دون الخروج عن الخطوط الحمراء فهذا الأمر يثير حفيظتي ..وفي المقابل أنا أيضا أتغاضى عن أمور كثيرة أخرى "


صرخت كاميليا بصوت يخنقه البكاء " نساء العائلات الكبيرة كلها ترتدي أفخم الثياب لكنك تصر أن تخنقني يا جابر"
هتف جابر باستنكار " ما دخل الفخامة والعائلات الكبيرة بهذا الذوق في اللبس لا أفهم !!.. وحتى لو كن يرتدين ذلك مالنا نحن بهن ! .. على أية حال أنا اتحدث عن طاعتك لزوجك يا كاميليا"
استمرت في هز ساقها بعصبية وأشاحت بوجهه تقول بضيق " وأنا تعبت من تحكماتك"
أتسعت عينا جابر وأشار على نفسه يقول بغير تصديق " أنا؟!!!.. تحكماتي أنا يا كاميليا؟!! .. ( واطرق برأسه للحظات صامتا ثم رفع إليها أنظاره يقول بلهجة اهدأ ) حسنا.. ما هو المطلوب مني الآن"


كان الغضب يسيطر عليها ورغبة متملكة منها تلح عليها لكسب نقطة جديدة لصالحها فقالت بعناد" أنا لم أعد استطيع التحمل "
حدجها بدير بنظرة محذرة .. لكنها رفعت ذقنها بكبرياء في محاولة للضغط على جابر الذي تفاجأت به يستقيم واقفا بهدوء يخفي حسرة استشرت في قلبه خلف وجه متخشب جامد وقال بضيق" كما تريدين .. حددوا طلباتكم واخبروني ( واستدار مغادرا وهو يقول بحشرجة لم يستطع اخفائها ) السلام عليكم"


رماها بدير بنظرة خطرة اربكتها فوق ارتباكها الذي شعرت به وجابر يستدير مغادرا .. هذه المرة لم يحاول محايلتها كما يفعل في السابق ..في الوقت الذي انتفض بدير وهو يستقيم ويلحقه بصوته" إلى أين يا أبا ميّس ( وحدج أخته بنظرة موبخة وهو يقول ) ألا تعرف كاميليا وتدللها عليك "


في لحظة كانت كاميليا تدفن وجهها في كفيها وتبكي بنشيج مسموع ..ليسرع بدير قائلا بلهجة تمثيلية وهو يختلس النظرات نحو جابر الذي وقف مترددا عند الباب يولهما ظهره" ما بك يا كاميليا لم البكاء يا حبيبتي ..لا إله إلا الله!"
مرت بضع ثوان على جابر في حيرة .. أيكمل طريقه للخارج ويتجاهلها حتى لا تتصور بأنه قد رضخ لها؟.. أم يعود ليسترضيها ولا يساهم مثلها في زيادة الفجوة بينهما .. ليأتيه صوتها تغمغم ببؤس" لم تعد تحبني يا جابر .. بت لا اسمع منك إلا اللوم والتقريع والتوبيخ .. وعدتني بأنك ستسعدني لكنك أدرت لي ظهرك في النهاية بكل قسوة "


استدار أخيرا وقد لان قلبه فقال بهدوء" أنتِ من تصنعين الحواجز بيننا يا كاميليا.. أنت تصرين على عدم طاعتي بكل تحدي وهذا أسلوب لا أقبله"
تدخل بدير يستغل لحظة العتاب هذه حتى لا يعود أحد منهما للتشنج مرة أخرى رغبة منه في انهاء هذا الخلاف المزعج حتى يسرع إلى حفل الزفاف فقال" بالطبع غير مقبول وأنا لا أرضى بذلك يا جابر .. وأختي من بيت أصول وتعرف كيف تحترم زوجها وتطيعه "


فرفعت الأخيرة إليهما وجها مغرقا بالدموع وقالت بمسكنة ودلال "زوجها الذي لم يعد يطيقها"
اسرع بدير بالقول وهو ينظر في ساعته " لا تقولي هذا يا كاميليا فجابر ونعم الرجال (ونادى على زوجته ) يا أم علاء جهزي لي العباءة لنلحق بالحفل أنا وصهري ( واستدار يقول لجابر وقد لاحظ لين ملامحه واطمأن لأن كاميليا قد نجحت في استدرار عاطفته ) .. سأرتدي العباءة ونذهب يا جابر فلا يصح ألا نكون على رأس المهنئين ..أسرعي يا كاميليا واستعدي لنذهب جميعا "


قالها وترك الغرفة يغلق الباب خلفه ليترك لهما الفرصة للتصالح .. فرفعت كاميليا عينيها لجابر بمسكنة تزم شفتيها ببؤس ..فتشكلت أمامه كلوحة اغراء متكاملة رغم احمرار وجهها من أثر البكاء .. فلم يستطع جابر الصمود أمام دموعها وقرر أن يكتفي بهذا القدر لعلها تكون قد استوعبت الدرس ومد يده ليمسك بمرفقها ويسحبها إليه فاستقامت واقفة أمامه .. ليأخذها إلى حضنه قائلا بنبرة هادئة " الزوجة التي تريد الحفاظ على بيتها لا تتحدى زوجها يا كاميليا وتخرج دون علمه ولا تفعل ما يثير حفيظته .. لا أعرف متى ستتعقلين وتكفين عن ترك البيت كل فترة "


لم ترد كاميليا .. فقد كانت تتفتت من الغيظ أنه كاد أن يتركها منذ قليل ويرحل ببرود لم تعتاده منه .. وأنها اضطرت للرضوخ له حتى لا تفقد زمام سيطرتها على الأمور .. وهذا يفقدها لذة الشعور بالانتصار .. لكنها بالتأكيد ورغم شعورها بعدم الرضا على حياتها معه لن تسعى للانفصال حتى تظل متفوقة على بسمة الوديدي .
××××


بعد ساعة



اصطفت السيارات التي كانت ترافق سيارة العروسين أمام الساحة الواسعة حيث يقام الصوان الضخم بالقرب من بيت العمدة .. بعد أن قاموا بالسير في شوارع مركز المحافظة يعزفون بأبواق السيارات نغمات خاصة بالأفراح ..
وعند توقف سيارة بعينها التفت الرؤوس والعيون الفضولية للمتابعة بترقب .. فتباينت المشاعر والنوايا والهمسات تجاه الشابات الأربعة المترجلات منها..


نزلت من المقعد المجاور للسائق (مَليكَة صَوالحة ) بكل هيبتها ووقارها وجمال إطلالتها الهادئة الارستقراطية.. في عباءة ثمينة - كالعادة - لم يرى أهل البلدة مثلها من قبل ..لونها أخضر شديد الدُكنة من قماش الاورجانزا المبطن.. بأكمام واسعة الأساور وتطريز بارز مخرم من عند الذيل من نفس لون العباءة والذي يظهر من تحته حذائها المخملي الأسود الأنيق ذا الكعب العالي .. تلف حول وجهها بسيط الزينة حجابا ذا لمعة خفيفة .


ونزلت من المقعد الخلفي ( وَنَسْ) بنفس بنطالها الجينز القديم .. وحذائها الأخضر المسطح على الأرض الذي ترفض التخلي عنهما .. إلا أنها ارتدت فوقهما فستانا قصيرا رملي اللون مطبوع بالورود الصغيرة الملونة وذا لمعة .. مطلقة شعرها الكستنائي المموج على ظهرها دون أي تدخل خاص .. إلا من وردة كبيرة فوق إحدى أذنيها من نفس لون ورود الفستان الصغيرة .. ولا يزين وجهها إلا ملمع للشفاه .. فبدت رغم طولها المتوسط وجسدها الأنثوي أصغر من سنين عمرها الثلاثة والعشرين وأضفى على ملامحها براءة فوق براءتها الطبيعية.. تزين ابتسامتها فمها الواسع وهي تتطلع لأضواء الصوان بانبهار طفولي .


ثم تلتها تلك الفتاة غريبة المظهر ليس فقط بمقارنتها بالمترجلات من نفس السيارة وإنما أيضا بأهل البلدة الذين اشتهرت بناتهن بالجمال والحلاوة .. فنزلت (أم هاشم) بسُمرتها الداكنة جدا في عباءتها السوداء -كالعادة - وقامتها الطويلة وجسدها النحيل.. وجهها خالي من الزينة إلا من ذلك الكحل الاسود الذي تُأطِّر به عينيها البنيتين .. لتبدو أمام النظرات المتفحصة كائنا شديد الدُكنة شجع البعض على التلفظ السري بذلك اللقب الذي يطلقونه عليها بوصفها بـ (العفريتة السوداء)!.


خاصة وهم يتابعون بعيون منبهرة رابعتهن المترجلة من السيارة بعدها تخط بكعب حذائها الكحلي العالي برشاقة وتخرج إليهم في ثوب ناعم بلون نيليّ هادئ مائل للون الرمادي.. حزين كحزن عينيها.. مشدود من عند الخصر بحزم.. ينزل بكشكشة طبيعية لتنورة الفستان الطويلة .. وأساور لامعة ضيقة حول المعصمين تتحكم في وسع الكمين الناعمين ..



كانت تضع فوق رأسها وشاحا خفيفا ناعما من نفس لون الفستان يلتف حول رقبتها ولا يغطي إلا نصف رأسها فيظهر شعرها الأسود الحالك مصففا ببساطة فوق ذلك الوجه البهي الحسن بشفتيها الممتلئتين المطليتين باللون النبيتي وخاتم الحسن الطبيعي البارز الذي يزين ذقنها ..
أما عيناها..
المتلألئتان بزُرقة السماء الصافية ..
والمكحلتان بالأسود..
فكانتا حكاية أخرى ..
حكاية لم ولن يكف الجميع عن الحديث عنها ..
رغم ذلك الحزن المعتق فيهما ..
فاستحقت أن تكون (بسمة الوديدي ) جميلة الجميلات بشهادة الجميع .


واستحقت أن يتطلع فيها معظم الرجال الواقفين في استقبال موكب العرس خاصة بدير الذي تسمر يتطلع فيها منبهرا بجمالها الأخّاذ الذي أسر قلبه منذ سنين ..فلم يتحفظ كعادته في التحديق فيها وتأملها بعد أن غلب حسنها الذي لم يرى مثله من قبل حرصه الدائم على عدم إظهار ما يضمره في صدره ..


ومن بعيد وقفت زوجته وجدان تتطلع فيه بعينين دامعتين ثم أطرقت برأسها أرضا ..بينما ناظرت كاميليا البنات الأربعة بحقد كبير خاصة بسمة .. ونظرت لعباءتها التي اضطرت أن ترتديها بدلا من تلك البراقة اللامعة التي كانت تتمناها.. غير راضية عنها رغم اشادة الكثيرات بجمالها وفخامتها .. ثم عادت للتطلع في هيئة بسمة التي تبرزها في جمال أخّاذ ذكرتها بالمرات القليلة التي ظهرت صورتها في المجلات وفي مواقع التواصل في حفلات كانت ترافق فيها زوجها السابق.. واشتعل الحقد والغيرة في صدرها خاصة وهي ترى عيون الرجال تتطلع فيها بينما هي لم تلحظ إلا عدد قليل فقط من اختلسوا النظر إليها بسبب وجود جابر معها وملاصقته لها .. فجزت على أسنانها تتطلع فيه بغيظ شاعرة بالكبت والقهر تلعن ذلك الحظ العاثر الذي جعلها تتزوج منه وتدفن جمالها المتفرد من الظهور .



أما كامل فتقبض بقوة وهو يحدق في بسمة من خارج الصوان وبالتحديد من تلك البقعة التي وقف فيها ليشاهد موكب وصول العروسين ..
وقف يطالعها مشدوها .. مبهورا بجمال تلك المخلوقة..



يتملكه فضول قديم لم يروى بعد للتحدث معها..
وحائرا .. لا يجد إجابة على سؤاله الملح في رأسه منذ صباح اليوم..
ماذا تقرب بسمة لمفرح الزيني؟!



بينما وقف شامل وعيناه لا ترى من الأربع فتيات إلا تلك الصغيرة المرحة وقد اجتاحته راحة غريبة حين وجد الابتسامة تعلو وجهها وهي تتحرك بجوار الأخريات وتبدو عليها سعادة طفولية بأجواء الحدث ..
ونفس الشعور بالحيرة الذي سيطر على توأمه كان من نصيبه وهو يسأل نفسه ..
لمَ شعر بالراحة بل والبهجة لأنها سعيدة بالرغم مما حدث لها ليلة أمس؟ ..



لكن تلك التساؤلات تبخرت في ثوان وبدأت عيناه في الجحوظ تدريجيا حتى كادت أن تخرج من محجريها وهو يتطلع في تلك الفاتنة التي قطعت عليه تأملاته وهي تمر أمام بصره .. فتابعتها عيناه حتى وقفت على جانب من الصوان فكانت بوقفتها تواجهه وهي تنتظر دخول سيارة العروسين..
تسمر شامل للحظات يحدق فيها ثم أدار وجهه بحركة حادة ينظر لأخيه الواقف متسمرا هو الأخر يتطلع باتجاهها ..فناداه لكنه لم يرد ..ليصيح شامل بعصبية "كامل أنا أتحدث معك ؟؟؟؟"




استفاق كامل من الحالة الغريبة التي أصابته ونظر لأخيه متفاجئا بوجوده وقد حسبه لا يزال في خيمة الطباخين فبلع ريقه ووقفا متواجهان لا يفصل بينهما سوى عدة أمتار .


قال شامل يخاطره فكريا وملامح الصدمة تعلو وجهه " هذه هي أليس كذلك؟ ..بسمة؟!!"
حين لم يرد تكلم شامل قائلا " أكنت تعلم بأن بسمة من هذه القرية ؟!!.. أهذا هو السبب الذي جعلك تغير رأيك وتقرر فجأة المجيء معي لتهنئة مفرح بعد أن كنت تتحجج بإنشغالك بإجراءات السفر وتفوضني وحدي للمباركة !"
استمر كامل على صمته ..بل وقف يناظره في حالة من الارتباك الداخلي غير المفهوم له .. فجز توأمه على أسنانه وقد تأكد من ظنونه ..وعاد يتطلع في بسمة من بعيد يحاول استيعاب المفاجأة .. بينما ضُربت الأعيرة النارية في الهواء بالتزامن مع توقف سيارة العروسين فتابع التوأمان الحدث بشرود وكل منهما عيناه تختلسان النظر نحو بسمة التي تتابع بتأثر وليد وهو يخرج من السيارة ويمد يده ليساعد عروسه على الخروج .. ليتوجه العروسان بعد ذلك إلى داخل الصوان حيث يقع مقعدي العروسين وسط الزغاريد ونغمات الأفراح .




يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-01-20, 11:34 PM   #450

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 5

بعد قليل صاح إياد بانبهار وهو يطالع منة الله التي ارتدت فستانا من التُل الأبيض المنفوش بكم واحد بينما الآخر ما هو إلا حمالة رفيعة " وااااااو .. تبدين كعروس حقيقية يا منة!! "
وقفت الأخيرة وقفة استعراضية وردت بدلال أنثوي ووجنتين مخضبتين بحمرة طبيعية " أصريت على أن ارتدي فستانا كفستان العروس "
اقترب إياد يحدق في وجهها بعينين طفوليتين منبهرتين ثم قال مصعوقا" هل تضعين أحمر شفاه !.. أحمر شفاااااااااه !!!"
ازداد احمرار وجنتيها وسألته بتوجس " هل أبدو به قبيحة؟ "
رد إياد وقد ازداد اتساع عينيه "بل راااائع أحببته جدااااا "



بشفتين مزمومتين ووقفة جانبيه يديه في جيبي بنطال حلته الأنيقة اختلس أدهم النظر لمنة الله ووقعت عيناه على الكتف العاري فلم يستطع لجم لسانه وقال بلهجة ممتعضة " ألم تجدي فستانا إلا هذا بكُم واحد ؟!!.. تبدين كمن سُرق منها كُمها في مشاجرة !"
احتقن وجه الصغيرة ولاح الاحباط على ملامحها ..فنظرت لإياد وكأنها تطلب منه قول الصدق.. ليلتفت الأخير ويهتف معارضا لأخيه " بل إن موديل الفستان راقي جدا رأيته على الانترنت "
عاد الأخر للإشاحة بوجهه وهو يغمغم "هذا رأيي وكل انسان حر في رأيه "


اطرقت منة الله برأسها بإحباط ليرتفع صوت أدهم فجأة ويصيح هاتفا" أنظر يا إياد إنه أبي "


في نفس الوقت دخل شامل خيمة الطباخين بوجه غير الذي خرج به .. كان عصبيا متجهما حتى أن الموجودين شكّوا بأنه كامل رغم ذلك المنديل الذي يعصب به رأسه كعلامة للتفريق بينهما .. ووقف يضرب كفيه ببعضهما هادرا بحزم " هيا يا شباب .. فلنسرع قليلا لقد بدأ الحفل "



قال أحد الواقفين على باب الخيمة من أهل العريس لصاحبه بصوت عال " أنظر .. إنه مفرح الزيني على حصانه.. يا الهي يبدو كنجوم السينما .. طوال عمره فارس مغوار تليق به العمودية والله "
فتحرك شامل ليتركهم ويخرج من جديد ليشاهد ما يحدث .


في الساحة الكبيرة خارج الصوان كان مفرح الزيني على ظهر حصانه يتوسط الساحة فأسرعت مهجة تلملم في فستانها وتترك مقعدها بجوار عريسها مهرولة وسط ضحكات واندهاش الواقفين لتشاهد أخيها فوق حصانه .. فوقفت بجوار بسمة ومليكة وباقي الموجودين قبل أن يلحق بها وليد ضاحكا .. لينظر نحوها مفرح من فوق حصانه بحنان وعاطفة قوية .. عاطفة أخ تجاه اخته التي تحمل في قلبه رتبة (ابنة ).. ثم مرت عيناه على مليكة بجوارها فبرقتا لثوان ذلك البريق الذي لا يضوي ولا يلمع ولا يشع إلا لها وحدها .. قبل أن تبدأ الموسيقى .



على الأنغام الراقصة بدأ الحصان يضرب بحوافره الأرض الترابية ضربات مرتبة منغمة ويرقص برشاقة وهو يتلقى التعليمات الصامتة من صاحبه .. فتطلعت مليكة في فارسها فوق حصانه وهو يجلس مهيبا شامخا رجوليا .. ذراعاه العضليان المصبوغان بسمرة الشمس ظهرا من تحت كمي القميص اللذان رفعهما إلى مرفقه بعد أن ألقى كعادته بسترة الحُلة في مكان ما ستحتاج لاستكشافه قبل أن تضيع ..
فلاحت ابتسامة حنون على زاوية شفتيها الجميلتين واستدارت تبحث عن أدهم وإياد لتجدهما يقفان يتطلعان في والدهما بانبهار .


هيئة الصبيين بالحُلات الرسمية الأنيقة دغدغت قلبها فلمعت عيناها بالدموع وعادت للتطلع في مفرح الذي كان يُرَقِّص حصانه بمهارة حازت على اعجاب الجميع تعبيرا عن سعادته بزواج أخته .



كان الحصان( ألفونس )كما يطلق عليه ابن العمدة يتراقص برشاقة وخفة على صوت المزمار .. حتى أمره مفرح بعد قليل بالتوقف وترجل من فوقه بخفة وهو يشير آمرا لبِكره أدهم الزيني الذي تفاجأ بدعوة والده فلبى النداء في طاعة .. ليساعده الأخير على امتطاء الحصان ويلقي إليه ببضع كلمات قبل أن يتحرك بعض خطوات للوراء ويترك ابنه الذي بدا لثوان مرتبكا أحمر الوجنتين ثم استجمع شجاعته أمام أنظار والده المشجعة ليستعيد كل دروس الفروسية التي علّمها مفرح له ولأخيه ليعود الحصان للرقص من جديد .


أما مصطفى الزيني فسحب عينيه عن ذلك الصبي الذي يسر الناظرين له فوق حصان والده وهو يتمتم بـ ( ما شاء الله) ويبلع غصة مرة في قلبه لعدم تواجد بِكره في هذه المناسبة فجالت عيناه بين الحاضرين يبحث عن أولاده حتى وجدهم يصطفون أربعتهم بحلات أنيقة يشاهدون الحدث ..ليتفاجأ بعد دقائق بذلك الذي يقترب منهم يديه في جيبي بنطال حلته حتى انضم إليهم ووقف بجوارهم ليكتمل عدد أولاده الذكور ..فقام أربعتهم بالتهليل والمشاكسة بل ومنهم من ناكف حمزة بمحاولة القفز فوق ظهره من الخلف محتفلين بعودته.. لكنه كان يبعدهم عنه بتجهم واضح على وجهه .. ثم تحركت عيناه يبحث عن والده حتى تقابلت الأنظار..



أطرق حمزة برأسه فورا ما أن تواجه مع والده متحاشيا إطالة النظر في عينيه شاعرا بالندم والحرج .. ولم يدر بأن الأخير كاد أن يطير من الفرح برؤيته عائدا بعد أن لانت رأسه الصلبة قليلا .. يعلم بأنه لا يزال على موقفه .. لكنه سعيد أن ابنه حريص على إرضائه ..ويشهد الله أنه حتى لو لم يحضر لما قدر قلبه على أن يغضب منه .. فتمتم في سره بامتنان " اللهم لك الحمد والشكر "



على دقات قلبه السعيدة ونغمات المزمار والطبول عاد مصطفى الزيني يتطلع في الساحة بينما أنزل مفرح ابنه ثم سحب الحصان إلى حيث تقف مهجة وأمره قائلا "ألفونس .. قدم التحية للعروس "



مال الحصان ينحني قليلا بقدميه الأماميتين وبرأسه فغامت عينا مهجة تأثرا واقتربت تلقي بنفسها على أخيها الذي عانقها متأثرا هو الأخر وهمس يشاكسها "مهما لبست من كعب عال ستظلين قزمة يا قزمة"


انفجرت مهجة في البكاء فشدد مفرح من ذراعيه حولها يحاول الهرب من عدوى البكاء هو الأخر حتى لا تضيع هيبته أما أعين أهل القرية ..



أما منة الله فاقتربت من إخوتها الذكور تسألهم ببعض التوجس "هل هذا الفستان سيء وقبيح وأبدو كمن سُرق منها كُمها في مشاجرة ؟"
طالعها الخمسة بأنظار متفحصة غير مستوعبة لما تسأل عنه..ليهتف حمزة مصعوقا " هل تضعين أحمر شفاه يا بنت!! (ونظر لإخوته الذين كتموا الضحك يقول بتوبيخ ) هل سمحتم لها بوضع أحمر شفاه في غيابي "
ردت منة بتحدي "أمي وافقت فأنا أصبحت آنسة الآن "
فرد عليها بعبوس وبعينين ذاهلتين "وأنا لم أوافق "
هتفت في حنق "أنا أسألكم عن الفستان يا حمزة "
مال بجذعه يتطلع فيها عن قرب وقال بإصرار "وأنا أتحدث عن أحمر الشفاه (ورفعها فجأة فوق ذراعيه يقول لعبد الله الأقرب له في الوقفة ) احمل معي يا بني لقد باتت ثقيلة الوزن لكن لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى"
صاحت منة بغيظ "أتركني يا حمزة ولا تمزح بهذا الشكل "


في الوقت الذي أمسك عبد الله بساقيها وهو يسأل أخيه ضاحكا " كيف سنعاقبها يا دكتور؟"
رد حمزة وهو يحاول السيطرة على محاولتها للإفلات " عض ودغدغة يا بني"
تكالب عليها أخوتها مدغدغين من بين ضحكاتهم بينما تعالت صرخاتها الحانقة المغتاظة وهي تتفتت من الغضب هاتفة "اقسم بالله سأشكيكم لأبي .. يا أبييييي"




بعد قليل لمحت مليكة أخويها أكرم وعمار الأتيان من العاصمة يدخلان بصحبة أخويها الأصغر علي وبشر فأسرعت كطفلة صغيرة تهرول إليهما وهي تلملم عباءتها مما استدعى انتباه مفرح فترك أخته تعود مع عريسها إلى مقعد العروسين وتابعها بنظراته .


ألقت مليكة بنفسها تقول لأكرم صوالحة "اشتقت إليك يا أخي .. اشتقت جدا "
ضمها أكرم بحنان مغمغا "لو اشتقت إلي لكنت زرتني .. لكني اليوم آت لأخانق زوجك"
رد مفرح ضاحكا وهو يقترب" وماذا فعل زوجها الطيب المسالم الفقير إلى الله!"



بالسلام الحار رحب مفرح بأكرم بينما قال عمار لأخته بغيرة" اشتقت له هو فقط؟"
اسرعت مليكة تقبل وجنتيه قائلة" وهل عندي أعز منكم في حياتي "
ثم اقتربت تحيي زوجتي أخويها وأولادهم في الوقت الذي قال أكرم لمفرح مشاكسا "لماذا تمنع أختي عن زيارتي يابن العمدة ؟!"
تطلع مفرح في مليكة متفاجئا وهتف "أنا؟؟!!"
فتدخلت مليكة تقول ضاحكة "أبدا والله يا أخي لكني أنتظر أن تنتهي السنة الدراسية وسآتيك بالتأكيد في إجازة المدارس "


اقترب مصطفى الزيني مرحبا بحفاوة "يا أهلا يا دكتور يا أهلا يا باشمهندس أشرقت الأنوار"


على بعد أمتار قال أحد الرجال المتابعين للمشهد "سبحان الله من كان يصدق أن الصوالحة وأولاد الزيني سيقفان يوما يتبادلان الحفاوة والترحيب والضحكات بهذا الشكل بعد سنين طويلة من العداوة !"


فعلق أخر" لاحظ أن عبد الغني صوالحة حضر لمدة عشر دقائق بصفته عضو مجلس الشعب والأعراف تقتضي بحضوره .. وظل هو والعمدة واجمان في مجلس الرجال حتى استأذن الحاج عبد الغني بدعوى المرض "



قال ثالث " يا عمنا الكل يعلم بأنهما أجبرا على التصالح بعد أن ضغط عليهما أبناءهما بقيادة مفرح وأكرم وبمساعدة مصطفى الزيني .. وكان إدخال المحافظ في عملية الصلح وقتها خطوة ذكية من مفرح الزيني "



قال الأول ضاحكا " الحب يصنع المعجزات يا أخي .. كل هذا ليفوز بابنة الصوالحة "



اقترب منهم بدير يطالعهم بعينين خضراوين ماكرتين وغمغم بامتعاض وهو يراقب مثلهم المشهد " لا يغركم المشهد الوردي هذا فالقلوب متشبعة بتاريخ أسود بين الأجداد ولا يفر الأبناء أبدا من ميراث أجدادهم .. الأمر فقط يحتاج لشرارة .. عود ثقاب .. وسيشتعل كل شيء من جديد "



رد أحدهم بقلب مقبوض من الخاطرة "نسأل الله ألا يحدث شيء كهذا ..فيكفينا توترا وخلافات .. نريد أن نربي أبناءنا بسلام"
أمّن الواقفين على أمنيته بينما ظل بدير ساهما يتأمل المشهد من بعيد وعبارة سمعها منذ قليل تدور في رأسه( الحب يصنع المعجزات ) ..

وبحركة مختلسة من مقلتيه نظر إلى حيث تقف بسمة بين النساء توليه ظهرها ورسم قدها بنظرة ذكورية جائعة قبل أن يسرع بإشاحة نظراته حتى لا يلاحظه أحد وهو يغمغم في سره " إن كان الحب يصنع المعجزات فسأحقق حلمي بامتلاكك مهما كلفني الأمر يا بنت الوديدي .. فليت رأسك تلين وترضين بظروفي .. ليتك تعلمين بأنك ستكونين الأولى والأخيرة في قلبي .. وبأنني لو كنت أعلم بأنك ستستولين على قلبي بهذا الشكل لكنت انتظرتك بلا زواج حتى تكبرين .. وليتك تدركين كيف يعذب بدير من أجل نظرة من عينيك"



بعد ساعة



خرجت اسراء من الصوان تنظر حولها وهي تحاول الاتصال بكريم الذي لم تره منذ مدة بعد أن كان يتسامر مع أحفاد العمدة وبعض الصبية .. فحاولت أن تتصل به على هاتفه الجديد الذي ابتاعت له رقما بمجرد أن علمت بأن أمها قد أحضرت له هاتفا لكنه لم يرد فهمت بالعودة للصوان حين لمحت ذلك الذي يقترب منها .


ارتبكت اسراء واخفضت نظراتها تمر من أمامه مسرعة .. فقال طلال" السلام عليكم ممكن دقيقة ؟"
توقفت توليه ظهرها في تردد .. ليقول طلال ببعض الترجي " أرغب في التحدث معك بضع دقائق"
غمغمت بخفوت دون أن تستدير إليه "كيف سأقف لأتحدث معك في الشارع بهذا الشكل ؟!"
تطلع طلال حوله بحيره ثم سألها" هل استطيع أن اتصل بك إذن؟ .. أنا لدي رقم هاتفك "
غمغمت وهي تستدير لتواجهه" آسفة ..لا استقبل مكالمات من أشخاص لا أعرفهم"
حرك طلال كتفيه ورد ببساطة" ولهذا أردت أن أتحدث معك لتعرفيني"


هتفت باستنكار" أفندم !"
تنحنح طلال بحرج وقال" ها أنت قد اضعت الدقائق دون أن أخبرك بما أريد .. "
ساد الصمت للحظات واسراء توبخ نفسها على الوقوف أمامه ليسرع طلال قائلا قبل أن تقرر المغادرة " أنا أولا أعتذر عما حدث ليلة أمس .. فقد طلبت من الصبي أن يعطي الورق لك في الخفاء"


رفعت حاجبا متعجبا وردت ساخرة "هذا فقط ما تعتذر عنه ! .. لكن الورقة في حد ذاتها لا تستوجب اعتذارا !!"
قال طلال وهو يتحرك خطوة ناحيتها "إن كان هناك طريقة أخرى لأخبرك بها عن إعجابي بك فاخبريني "


حاولت إخفاء ارتباكها وقالت بوجه أحمر وشجاعة" وأنا لا أحب تلك الطرق "
قال طلال بسرعة " أنا لا ألهو يا اسراء أنا جاد جدا .. لكني أرغب في أن أطمئن قبل دخولي بيتكم أن هناك قبولا لديك "
تعرقت من الخجل لكنها قالت " وهل لو أوقف أحد الشباب أختك يسألها في الشارع عن رأيها فيه ستقبل بهذا "


بلع طلال ريقه بحرج فأضافت وهي تستدير مبتعدة " إذن ما ترضاه لأختك هو ما يجب أن تعامل به بنات الناس.. بعد اذنك "



اسرعت الخطى تشعر بالحرج الشديد وبتوهج وجنتيها بينما اتسعت ابتسامة طلال يتابعها حتى اختفت بين الحاضرات وأدار عينيه يبحث بشكل عاجل عن والدته .


يحيا أبوها وشنبو
يالي ما حدش غلبو



على صوت نصرة الصادح كان النسوة يحتفلن بطريقتهن الخاصة مستغلات فترة راحة بين فقرات الفرقة الشعبية التي حضرت براقصيها وآلاتها الموسيقية لإحياء الحفل .. فتجمع النسوة بجوار العروسين يغنين ويرقصن في الصوان المقسم لجانب للنساء وجانب للرجال ..



اقترب مفرح يتطلع في الموجودات بالقرب من الكوشة باحثا عن مليكة قبل أن يحدد مكانها في ركن ساهمة صامتة بالقرب من زوجات إخوتها المتابعات للمحتفلات .. فدنا منها يدقق فيها قائلا "ما بك؟.. كلما نظرت إليك شعرت بأنك لست على ما يرام"
ردت بهدوء والمطارق تضرب برأسها "أعاني صداعا شديدا "
قال باهتمام" أعرف بأنك قد أجهدت نفسك الأيام الماضية .. سأرسل أحدا ليحضر لك دواء للصداع "


ربتت على ساعده وردت " أرسلت تماضر لتحضر لي دواء "
لمعت عيناه وهو يمرر أنظاره عليها من رأسها حتى أخمص قدميها وغمغم بلهجة مغازلة "سلم لي الحلو وحفظه الله من كل شر "
سألته مليكة بلهجة موبخة " أين سترة الحُلة يا مفرح ؟"


انزل مفرح أنظاره ينظر إلى نفسه متفاجئا بأنه لا يرتدي سترة الحلة بينما رابطة العنق مفتوحة على جانبي عنقه فغمغم بحرج وهو ينظر حوله قائلا " لا أعرف .. لا أذكر أين خلعتها ولمن أعطيتها "


ضيقت عينيها تناظره بنظرة خطرة .. فهرش خلف رقبته بحرج يبحث حوله في محاولة للتذكر .. لتقول مليكة بهدوء " أنا وجدتها وتحفظت عليها يا مفرح .. وبها هاتفك وأوراقك ونقودك وكل شيء "


تطلع فيها يلملم ابتسامة محرجة ثم رد بثقة " أين ستضيع يا مليكة .. من سيجدها سيحضرها لنا "


ردت مقارعة " هذا على أساس أنه لا يوجد بيننا من هو غريب عن القرية الليلة !!"
مسد على لحيته الأنيقة عدة مرات مفكرا في رد ثم قال غامزا "ولمَ أهتم أين وضعتها أو لمن أعطيتها وأنا أعرف بأنها ستصل في النهاية إلى يديكِ يا مليكتي"



تخضبت وجنتيها لكنها استمرت تناظره بتوبيخ وقالت " هاتفك الجديد لم يمر عليه شهرين بعد الذي ضاع يا مفرح "
هرش مجددا في رأسه يتطلع فيها بنظرة صبيانية خجلة في الوقت الذي استدارت أم هاشم تقول باندفاع " مليكة أين بسمة وونس؟ "



لكنها حين وجدت مفرح شعرت بالحرج وغمغمت " سأذهب لأبحث عنهما "
أوقفها مفرح حين قال مشاكسا" أهلا بمنقذة عائلتنا من الانهيارات العاطفية "
كتمت أم هاشم ضحكتها بخجل شاعرة بالإطراء ليكمل مفرح مزاحه قائلا " بل ومنقذتي أنا شخصيا من الزن والدموع والانهيارات ومن توبيخ وعقاب زوجتي لي على تقصيري في عدم التعامل بحكمة في قضية مفصلية كقضية النيش "



غمغمت أم هاشم بحرج " العفو يا باشمهندس"
بينما هتفت مليكة" أنا يا مفرح أوبخك وأعاقبك ؟!!!"


استمر مفرح في مزاحه وقال لأم هاشم "ألم تلاحظي صاحبتك بنفسك وهي توبخني قبل ثوان يا أم هاشم ورأيتِ كيف أنا زوج مسكين؟ .. "



تأثرت أم هاشم بلقب (صاحبتك ) الذي أعاد لها علاقتهم السابقة والتي تقطعت منذ سنوات بعد أن التهت عنها صاحبتيها بعد الزواج وانشغلت كل منهما بمشاكلها وهي كالعادة لا تحب أن تفرض نفسها عليهما خاصة مع استشعارها للحرج من الاختلاف الطبقي بينها وبين مليكة وبسمة .
أما مفرح فأضاف بمسكنة " كل هذا لأني أضيّع هاتفي ثلاث أو أربع مرات فقط كل عام "
ضحكت أم هاشم مغمغمة " فداك أي شيء يا باشمهندس "
بينما دفعته مليكة تقول بغيظ " اذهب يا مفرح إلى ضيوفك "
فقال الأخير لأم هاشم "أنا اشهدك على المعاملة؟ .. ليعلم الجميع كيف أنا زوج مسكين "


غمغمت أم هاشم ضاحكة" لا حرمكما الله من بعضكما وأبعد عنكما عين الحاسدين "
تحرك مفرح مبتعدا وهو يقول لمليكة وقد عاد لجديته" سأذهب لأتفقد حال التوأمين أشعر بحرج شديد منهما لم يستريحا منذ صلاة الجمعة "


تأملت مليكة بقلب ترفرف خفقاته مشيته مبتعدا .. بقوام عضلي ممشوق يبدو شديد الجاذبية والرجولة والأناقة ببنطال الحلة وقميصها رغم رابطة العنق المتدلية على جانبي رقبته بإهمال ..وراقبت كيف أن ناداه أحد الأقارب ليذهب لوالده العمدة فغيّر وجهته إلى حيث مجلس الرجال الكبار والشخصيات الهامة ..



ثم تطلعت بنظرات غاضبة وقلب تنهشه الغيرة عليه في بعض الواقفات المتابعات له بإعجاب من بينهن كاميليا التي أسرعت بالاشاحة بوجهها بعيدا بمجرد أن لاحظت نظرات الأخرى نحوها .. فغمغمت مليكة في سرها " لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم اهدنا جميعا "



بينما بحثت كاميليا حولها عن جابر الذي كان يقف بين الرجال ناقمة عليه وهي تراه يرتدي جلبابا فاخرا يصر على ارتدائه داخل القرية ويرفض ارتداء الملابس العصرية إلا حين يذهب إلى العاصمة رغم أنه يكون فيها أكثر جاذبية وشبابا من مفرح .. فنعت حظها السيء في الحياة .




في الناحية الأخرى من الصوان قال بدير وهو ينتحي جانبا بوليد الذي كان ينهت من الرقص وسط الشباب" تعال يا عريس أريدك على انفراد"
أخرج وليد منديلا ليجفف عرقه من الجو الحار وسط الرقص والأغاني والاصوات وتجمعات الشباب وغمغم متسائلا " ماذا هناك يا عم بدير "


بنظرة ذات مغزى دس بدير يده في جيب جلبابه ثم أخرج سيجارة قائلا " هذه سيجارة من نوع خاص ..تعرفها أليس كذلك؟"
رد وليد بسرعة شاعرا بالإهانة أن يشك بدير في أنه يجهل نوع هذه السيجارة " بالطبع أعرف ما نوع هذه السيجارة يا عم بدير"
قال بدير وهو يناوله أكثر من واحدة " وهذه مباركة العم بدير لعريسنا الذي سيرفع رؤسنا عاليا اليوم "



اتسعت ابتسامة وليد وأخذ السجائر يدسها في جيب سترته الداخلي وهو يقول" عشت يا عمنا .. عشت "
اقترب أحد أصدقاء وليد هاتفا" أين اختفيت يا عريس الكل يسأل عنك .. هيا لقد بدأنا الرقص من جديد"


قالها وهو يسحب وليد مبتعدا بينما وقف بدير يحرك نظرات خفية يبحث عنها ..
خرجت بسمة من بيت العمدة بعد أن أصلحت من زينة وجهها لتعود للحفل فتفاجأت ببدير الذي اقترب منها بطريقة بدت عفوية لمن سيلمحهما لكن بسمة كانت تعلم بأنها ليست عفوية أبدا ..


فدوما كانت نظراته نحوها غير مريحة وحين أبدى قبل زواجها رغبته في الارتباط بها قوبل طلبه بالرفض المستنكر لأنه متزوج بالفعل فهو يكبرها بأربعة عشر سنة .. وعندما عادت للقرية مطلقة ازداد الحاحه على والدها للفوز بها .. لكنها رفضت بشدة أن تكون زوجة ثانية .. ومع هذا لا يزال يحاصرها بنظراته في كل مكان تذهب إليه في القرية .


بحركة متهورة لم يستطع التحكم فيها وقف أمامها يعترض طريقها للصوان قائلا "العقبى لك يا ست البنات"
قالت باقتضاب وهي تحاول تجاوزه" شكرا"
بحركة مدروسة ماكرة تظاهر بأنه يعدل من عباءته في الوقت الذي خطى خطوة جانبيه ليعترض طريقها مرة أخرى فطالعته بسمة بنظرات زرقاء تموج بالغضب هاتفة" أريد أن أمر يا أبا علاء "


لم يتحرك هذه المرة بل تركها تتجاوزه وهو يغمغم" تأمر ست البنات فتطاع .. (وأكمل بصوت خافت ) أحلى (أبو علاء) سمعتها في حياتي كلها !.. فداك والله أبو علاء "




انتبهت بسمة في طريقها لإمرأة عجوز ترفع طرف وشاحها وتمسح دمعة بائسة وهي تغمغم "ألا توجد رأفة بالفقراء البائسين!"



فتركت طريقها نحو الصوان واكملت ناحية العجوز وسألتها "ما بك يا حاجة؟"
رفعت إليها المرأة وجهها تقول بعينين دامعتين " لا يريدون أن يطعموني يقولون بأن الضيوف المهمين أولا .. لكني لن استطيع الانتظار فلابد أن أعود لقريتي قبل أن يشتد ظلام الليل"
شعرت بسمة بالغيظ .. وانطلقت كالسهم الناري نحو خيمة الطباخين وهي تقول بعصبية "من الذي منعك من الأكل ؟.."
هرولت المرأة بجوارها تقول "الشباب الواقفين على الباب"



لم تنصت لها بسمة جيدا .. أو ربما سمعتها وتجاهلت ما قالته ..


فشعوران كانا يسيطران عليها لحظتها.. شعور بالغضب وقد اشفقت على المرأة التي تبدو في حال بائس ومُنعت من الأكل.. وشعور آخر .. شعور خفي ..



شعور بالفضول يأكل في رأسها منذ أن رأت ذلك الرجل صباح اليوم .


في الخيمة تحرك شامل من أمام الموقد بعد أن قلّب بالملعقة العملاقة الرز في ذلك الإناء الضخم .. معطيا تعليماته للشباب بغرف المزيد في الأطباق .. ثم توجه لقدر أخر على الموقد وأخرج منه بعضا مما يحتويه الإناء بالملعقة ثم اتجه ناحية توأمه الذي استدار له بحركة آلية دون أن يناديه .. فاقترب منه يقول باقتضاب ووجه متجهم "أفكر في إضافة هذه التتبيلة كطبق جانبي للأطباق القادمة ..ذق واخبرني رأيك "


مد كامل له قبضته ليضع الثاني فوق ظاهرها بعضا مما تحتويه الملعقة .. فتذوقها الأول وغمغم "ممتازة .. ضع قليلا من القرفة الخفيفة فقط "


استدار شامل مغادرا لكنه عاد ينظر لتوأمه وقد استشعر ارتباكه المفاجئ قبل حتى أن يظهر ذلك الارتباك على ملامح الأخر التي بدت متخشبة .. فنظر شامل إلى حيث ينظر واتسعت عيناه .


بخطوات مندفعة وبجرأة لم تكن تختبرها في نفسها من قبل كانت بسمة قد اقتحمت الخيمة تمسك بتنورة فستانها ترفع طرفه عن الأرض .. وترفع معه أنظارها تتطلع في التوأمين اللذان تسمرا يحدقان فيها متفاجئان وهي تقترب منهما ..


نهاية الفصل الرابع



أتمى يكون عجبكم

أنا بقرأ كل تعليقاتكم لكن سامحوني في التقصير في الرد نظرا لضيق الوقت لكن أكيد راح أرجع أرد .. والحقيقة كل تعليق بتسيبوه بيشجعني على المواصلة ..


مع حبي
شموسة






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:00 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.