المغرور

[الحمامة قطة]

الفصل الاول : حياة جديدة
انها مرتي الاولى التي اصعد فيها الى الطائرة , لمحت طيف امي و هي تودعني عبر الزجاج العازل ,لم تتوقف دموعها عن الانهمار , جعلتني ارغب في البكاء ايضا "توقفي امي سارة لن تغادر لمكان بعيد انها نيويورك فحسب هه !" كان هذا شقيقي أدهم محاولا التخفيف عنها , حاولت الحفاظ على جمودي قدر الامكان لم انبس ببنت شفة ،اكتفيت بعناقهم ،والدي كان عند كلمته و لم يأت لرؤيتي , أتساءل إن أحبني يوما قط؟

اخرجتني المضيفة من شرودي بصوتها اللطيف و لغتها العربية الركيكة "انستي هل تريدين طلب شيء للاكل فالرحلة طويلة " ,هززت راسي بالرفض الصداع في راسي كان قاتلا لاني لم انم الليلة السابقة من فرط التفكير في الرحلة , الامر صعب جدا فقبل شهور بدا تحقيق حلم كهذا شيئا مستحيلا و مع رفض والدي لذهابي و اصراري على هاته الرغبة فقد اندلعت الحرب في البيت, بالتأكيد هو تبرأ مني كليا و باقي العائلة كذلك فانا الآن الفتاة العاقة المتمردة التي خرجت عن تقاليد الاسرة و سافرت بمفردها , اعلم جيدا ان امي ستعاني لقد اعتادت على وجودي معها و لكني لن اخاف أدهم سيهتم بها فلطالما كان حنونا مع الجميع حتى معي انا صاحبة المراس الصعب , ما اعلمه الان ان حياة جديدة امامي علي ان اركز عليها , اوصلت هاتفي بالسماعات و شغلت اغنية شعبية قديمة , دائما ستذكرني ببلدي حيث تركت احب الامور الي من اجل هذه الاحلام و لكني سعيدة فقد استطعت احداث تغيير في حياتي , على الاقل عندما اموت لن تذهب حياتي هباءا منثورا, اذكر اخر حديث بيني و بين ابي ,كان قد تعب من ضربي و حرماني من الاكل و الشرب لولا تدخل ادهم بيننا لكنت ميتة لامحالة

"هل انت مصرة على هدفك يا بنت؟"

"اجل ابي ارغب بالذهاب لا فائدة فقد اتخذت قراري ارجوك اسمح لي بتحقيق حلمي"

"ساقولها لك ان خرجت من هذا البيت اياكي ان تعودي اليه "

لقد صدمت من كلماته , والدي الحنون يقول هذا ,يتركني في منتصف الطريق دون شفقة , استجمعت شجاعتي و اجبت "حسنا من اليوم لا وجود لابنتك سارة و لكني اتمنى ان تتفهم قراري يوما!"

ازاح وجهه عني , لم اضف المزيد خشيت ان تفضحني دموعي و اتخلى عن اصراري "اغربي عني! " هذا كل ماقاله .

نظرت من النافذة الى السحاب حولنا فعلا امر مخيف ان سقطنا من هنا , صوت الكابتن الامريكي اعادني لارض الواقع " اعزائي المسافرين قريبا نصل الى وجهتنا مرحبا بكم في نيويورك العاصمة الاقتصادية للولايات المتحدة الامريكية , اتمنى ان تحضوا بأمتع الاوقات "

نيويورك ! اسمها فقط جعلني اقشعر ...

[الحمامة قطة]

الفصل الثاني : المدينة الجديدة
حطت الطائرة على مدرج جون اف كينيدي الدولي , لم استطع ان اميز صوت احد بسبب تسارع نبضات قلبي , هل فعلتها فعلا ؟ هل انا في نيويورك؟ ماذا سيحصل لي ؟ يا الهي ساعدني !

اول ما رأيته هو المبنى الضخم الذي يضم اكثر من ثلاثة الالاف مسافر جميعهم يبدون منشغلين كثيرا , بدوت تائهة في كل تلك الجلبة , رأيت العلم الامريكي معلقا عند خروجي , الادرينالين غزا عروقي علي ان اركب تاكسي الان و سياخذني الى شقة في يور هوم ان هارلم على بعد ثلاث و عشرين كيلومتر من المطار , في امريكا لا يهتمون بمقدار ما تدخله بل ما تقوم باخراجه . استقبلني السائق صاحب اللباس المهندم بوجه بشوش و حمل عني حقائبي الكثيرة , هذا اختلاف اخر بيننا و بينهم ففي بلدي لم اجد سائق تاكسي يقوم بفتح الباب لي و الابتسام في وجهي هكذا جميعهم يبدون منزعجين خاصة في الصباح , انا لا اقوم باهانة وطني و لكن لطالما تمنيت ان يحسن الناس سلوكهم حتى نتغير للاحسن , عبرت السيارة الانيقة من نوع شوفرولييه الطرقات المزدحة بالمارة , الناس غريبون هنا فعلا فهم يرتدون كل انواع الثياب من الفاضح جدا الى الملتزم و الوانهم مختلفة , حسنا لطالما سمعت عن اختلاف الاجناس هنا , انها احد الامور الصحيحة عن نيويورك , مررنا على محطة الغراند سنترال و التايم سكوار و متحف الفن الحديث , و بالتاكيد سائقي السبعيني تفضل علي بالشرح المطول لكل ما يحيط بنيويورك انتبه انها مرتي الاولى حيث اندهشت من كل شيء , لم احبذ مقاطعته فقد بدا مستمتعا بلعب دور الدليل السياحي , سألني بضعة اسئلة عن بلادي بدافع الفضول يبدو انه احد الذين لا يعرفون الجزائر و يحسبونها المغرب , هي بلد مسلم افريقي تقع في الشمال تعتبر بوابة افريقيا و تشتهر بالنفط و المناطق السياحية و لها تاريخ صراع استعماري مع فرنسا , فور ذكري للاسلام انطلق السائق كالقنبلة يسألني باستمرار حوله , بدأت اغير رايي فيه لكثرة كلامه و لكن لم يبد عليه التضايق خاصة انه لاحظ حجابي من اول وهلة . اخيرا وصلت لمكان الشقة , مكان واضح للجميع و يطل على حديقة جميلة , دفعت للسائق وودعته متمنية له يوما سعيدا و هو بالمثل تمنى لي حياة موفقة .

كان نمط المنزل اصيلا و الموظفون ودودين للغاية , حيوني بلطف , صعدت الى الطابق الثالث و اخرجت المفتاح الذي احضره لي اخي بعد منحه لي هاته الشقة , الشقة أكبر مما كنت أتوقع ، ونظيفة. إنها فسيحة ومفروشة بشكل جيد ، مع أرضيات خشبية جميلة,الاسرة مريحة والديكور يحوي لوحات جميلة جدا,البيت نفسه حيوي حقا ومفعم بالحياة. شعرت بالأمان تماما اخيرا يمكنني الاستحمام و الاسترخاء قبل بدء التسجيلات في الجامعة , كما انه علي ان ابحث عن عمل قبل ان تنفذ نقودي , الكثير من الامور يجب التفكير بها , فجأة دق جرس الباب , كانت هذه ستيفاني تحاول الاطمئنان علي , يبدو ان علاقتها جيدة بأخي أدهم , بدت مرحبة جدا و تهتم بأدق التفاصيل , لم تبق كثيرا علمت بحاجتي للانفراد لذلك ودعتني بعد ما احضرت لي شريحة هاتف جديدة وتركت رقمي عندها يبدوا أن كل شيء معد مسبقا , بدأت احب نيويورك فعلا!

[الحمامة قطة]

الفصل الثالث : المشهور
استيقظ خوان على صوت الخادمة تطرق باب غرفته بجناحه الخاص في جزر المالديف

"سيدي انها الحادية عشرة هل تريد ان احضر الافطار لك؟"

"ماري احضري قهوتي و لا تسمحي لاحد بالدخول"

انسحبت الخادمة يائسة من اخراجه, حاله هكذا منذ ايام عديدة بعدما انهى جولته العالمية , و الان من المفترض ان يكون مرتاحا و لكنه يعاني من اثار اكتئاب . اتجهت الخادمة نحو مديرة اعمال خوان المتذمرة حول برنامجه

"آسفة سيدة ليز و لكن السيد لا يرغب برؤية احد الآن "

"ياالهي! هذا الفتى المدلل متى ينضج ؟,لقد قارب السابعة و العشرين و هو مايزال احمق كما عرفته,ماالذي يبقيني في هذه الوظيفة بحق الجحيم؟"

لم يكن احد ليجرؤ على اخراج خوان لويس من مضجعه فهو الشاب الكولومبي صاحب الحنجرة الذهبية الذي يمتع الاف الناس بل الملايين من الاشخاص حول العالم باغانيه الراقصة , معجباته المجنونات في كل مكان و هو لا يبخل عليهن بصوره اليومية على حساباته و بسبب ذلك اعتاد الخروج متنكرا حتى لا يتعرف اليه احد و يلاحقه كالمعتاد, نعم انه مالوما و لكن الواقع مختلف عن ما تصوره لنا المجلات و اخبار التلفزيون فالمال احيانا يعمي بصيرة الانسان و يبعده عن الصواب .

اقتحمت ليز الغرفة و القت المجلة في وجه خوان الذي كان يشرب قهوته بكل هدوء

"اي كارثة هذه التي فعلتها , إقرأ العنوان "مالوما مع فتاة ليل" منذ متى تسمح للباباراتزي بتصويرك ؟"

"اهذا انا فعلا اين اخفوا اناقتي؟ ,لم اكن واعيا اهدئي عزيزتي ليز"

" ليس سببا كافيا لتدمر ما بنيناه لسنوات,انها فضيحة , اين كان حارسك الشخصي؟"

"قومي بطرده ,هو لم يؤدي عمله كما يجب , و اصمتي قليلا انا مصاب بالصداع"

"لن اهدأ , فانت ستغادر على الفور الى فرنسا و تظهر بجانب حبيبتك امام الاعلام و تقول ان الصور مزيفة و سنقاضي المجلة و المصور الذي فعل ذلك "

"مللت من ناتاليا هي منشغلة جدا , ارغب بتغيير ستايلي قليلا "

"هذا أمر خوان , لا تدعني ألجأ للمستثمرين , انت تعرف ماذا سيحدث! "

"اوووف! يا الله خذ روحي , انا في اجازة الآن اتركيني لاتنفس "

من الصعب ان يحضى الفنان بلحظات انفراد حتى اثناء نومه , فالضغط المتولد عن الشهرة يزيد كل يوم اكثر و اكثر

"اعدوا حقائب سفري سأذهب الى نيويورك "

[الحمامة قطة]

الفصل الاول : حياة جديدة
انها مرتي الاولى التي اصعد فيها الى الطائرة , لمحت طيف امي و هي تودعني عبر الزجاج العازل ,لم تتوقف دموعها عن الانهمار , جعلتني ارغب في البكاء ايضا "توقفي امي سارة لن تغادر لمكان بعيد انها نيويورك فحسب هه !" كان هذا شقيقي أدهم محاولا التخفيف عنها , حاولت الحفاظ على جمودي قدر الامكان لم انبس ببنت شفة ،اكتفيت بعناقهم ،والدي كان عند كلمته و لم يأت لرؤيتي , أتساءل إن أحبني يوما قط؟

اخرجتني المضيفة من شرودي بصوتها اللطيف و لغتها العربية الركيكة "انستي هل تريدين طلب شيء للاكل فالرحلة طويلة " ,هززت راسي بالرفض الصداع في راسي كان قاتلا لاني لم انم الليلة السابقة من فرط التفكير في الرحلة , الامر صعب جدا فقبل شهور بدا تحقيق حلم كهذا شيئا مستحيلا و مع رفض والدي لذهابي و اصراري على هاته الرغبة فقد اندلعت الحرب في البيت, بالتأكيد هو تبرأ مني كليا و باقي العائلة كذلك فانا الآن الفتاة العاقة المتمردة التي خرجت عن تقاليد الاسرة و سافرت بمفردها , اعلم جيدا ان امي ستعاني لقد اعتادت على وجودي معها و لكني لن اخاف أدهم سيهتم بها فلطالما كان حنونا مع الجميع حتى معي انا صاحبة المراس الصعب , ما اعلمه الان ان حياة جديدة امامي علي ان اركز عليها , اوصلت هاتفي بالسماعات و شغلت اغنية شعبية قديمة , دائما ستذكرني ببلدي حيث تركت احب الامور الي من اجل هذه الاحلام و لكني سعيدة فقد استطعت احداث تغيير في حياتي , على الاقل عندما اموت لن تذهب حياتي هباءا منثورا, اذكر اخر حديث بيني و بين ابي ,كان قد تعب من ضربي و حرماني من الاكل و الشرب لولا تدخل ادهم بيننا لكنت ميتة لامحالة

"هل انت مصرة على هدفك يا بنت؟"

"اجل ابي ارغب بالذهاب لا فائدة فقد اتخذت قراري ارجوك اسمح لي بتحقيق حلمي"

"ساقولها لك ان خرجت من هذا البيت اياكي ان تعودي اليه "

لقد صدمت من كلماته , والدي الحنون يقول هذا ,يتركني في منتصف الطريق دون شفقة , استجمعت شجاعتي و اجبت "حسنا من اليوم لا وجود لابنتك سارة و لكني اتمنى ان تتفهم قراري يوما!"

ازاح وجهه عني , لم اضف المزيد خشيت ان تفضحني دموعي و اتخلى عن اصراري "اغربي عني! " هذا كل ماقاله .

نظرت من النافذة الى السحاب حولنا فعلا امر مخيف ان سقطنا من هنا , صوت الكابتن الامريكي اعادني لارض الواقع " اعزائي المسافرين قريبا نصل الى وجهتنا مرحبا بكم في نيويورك العاصمة الاقتصادية للولايات المتحدة الامريكية , اتمنى ان تحضوا بأمتع الاوقات "

نيويورك ! اسمها فقط جعلني اقشعر ...

[الحمامة قطة]

الفصل الرابع : وحيدة
انها اول ليلة لي في نيويورك , لست معتادة على البقاء وحيدة هكذا , غلف السكون المكان و بدأت بتخيل اشياء , لا تضحكوا علي لطالما اخافتني امي بقصص الاشباح و كنت اصدقها حتى سن ما , لكني نفيت نفسي الى نيويورك الان فعلي التحمل اذا , قالت لي جدتي ذات مرة "سارة لست مضطرة للتغيير ان كان على حساب عائلتك" , جدتي تشبهني في كل شيء الا في شعرها القصير و الخط الذي يرتسم على وجهها عندما تضحك , كيف استطعت ترك عائلتي المحببة الكبيرة , في ذلك الوقت كذبت قائلة "اريد ان اذهب" و رددتها كثيرا حتى صدقتها ,بدا المطر بالهطول لم اره كفال شؤم بل مجرد امر لا سبيل لتجنبه , سمحت لبعض الدموع بان تفلت من عيني ثم كفكفتها سريعا و اخذت حقيبة ضروريات الحمام و دخلت الحمام حتى انظف نفسي بعد عناء السفر ,نظرت الى وجهي في المرآة مررت يدي على ندبة في كتفي الايسر ,بدوت اكثر شحوبا و اقل عافية , ربما جلدي هو السبب فهو يبدو شفافا و ابيض كالعاج , اضطررت و انا اواجه نفسي الى الاعتراف ان المشكلة لا تكمن في المظهر الخارجي فعن قريب سادخل الجامعة و انا لا اجيد التواصل مع الناس من مختلف الاعمار حتى امي و هي اقرب الناس لي لم اتوافق معها كليا ,كنت اتساءل احيانا اذا كان الناس يرون نفس الامور التي اراها او اني اعاني خللا ما .

لم انم جيدا طيلة الليل حتى بعد ان انتهيت من البكاء , غطيت رأسي باللحاف بعد سكون الجو في الخارج اثر الامطار و تمنيت ان احظى ببعض النوم و لكنه جافاني .كان تناول الفطور هادئا ,قمت بتشغيل بعض الموسيقى حتى تؤنسني في عزلتي , سيكون علي اقتناء قطة قريبا و الا فالاكتئاب سيغزوني ,دق جرس الباب ,انها ستيفاني تحمل فطور الصباح بدأت احب هاته الفتاة

"من المؤسف ان الجو سيء اليوم كنت ساقوم باخذك لتتعرفي على المدينة ستحبين كل شيء هنا "

"شكرا جزيلا و لكني سأذهب الى الجامعة اقترب موعد الدخول و اريد التأكد من اوراقي "

"اه هذا جيد ان احتجت اي شيء انا فوقك تماما سأساعدك قدر المستطاع , حظا طيبا" شكرتها رغم علمي ان الحظ الطيب سيتجنبني كالمعتاد .

لم اكن ارغب في الوصول الى الجامعة باكرا و لكني لم اطق البقاء وحيدة اكثر,احتاج رؤية بشر مثلي ,ارتديت قميصا ابيض بلا اكمام و اضفت له جاكيت الجينز بالاضافة للفة الحجاب التركي المشهورة , لم يكن العثور على الجامعة صعبا فهي كبيرة تضم كلية الحقوق وكلية الدراسات العليا للصحافة و طرق ممارسة الطب الحيوي , اخذت تاكسي من امام المنزل علي ان افكر بشراء سيارة لاحقا ساسال ستيفاني عن ذلك , مشيت عبر ممر كبير مرصوف كان الناس موزعين في مقاعدهم كل يقوم بشيء ما , احسست بالاحراج بسبب نظراتهم لي ربما بسبب الحجاب ,اخيرا وصلت لمكتب يحمل لوحة الاستعلامات , اخذت نفسا عميقا و فتحت الباب ,كان المكان اكثر دفئا مما توقعت يحوي مكتبين وساعة جدارية ضخمة تصدر تكتكة و كانت نباتات موجودة في اوعية بلاستيكية موزعة بحرص في كل جوانب الغرفة كما لو انها حصة العلوم الطبيعية و على المكتبين وضعت كمية ضخمة من الاوراق على احدهما تجلس امراة تجاوزت الاربعين تضع نظارات ,رفعت راسها و ابتسمت فور دخولي "هل استطيع خدمتك؟"

"اسمي سارة تابك , انا جديدة هنا ", فهمت من عينيها انها عرفتني , هل انا المهاجرة الوحيدة هنا؟ قالت"اكيد" ثم اخذت تقلب في اوراق مكدسة اخرى وراء المكتب لم انتبه لها حتى اخرجت مجموعة اوراق اعطتها لي "هذا برنامجك , و التعليمات حتى لا تضيعي , اتمنى لكي التوفيق " قالت ذلك مع ابتسامة سعيدة , مزيد من الحظ الجيد انا بحاجته فعلا , رددت بابتسامتي المقنعة الوحيدة التي اجيدها , بعد خروجي اخترت طاولة بعيدة قدر الامكان عن الانظار عند الناحية الشمالية من الكافيتريا , و بدات اعلم على الخريطة اماكن محاضراتي و اقرا باهتمام جدولي و اسماء الدكاترة , سمعت صوت الكرسي بجانبي يهتز , كان امامي شاب ذو ملامح جادة عيناه زرقاوتان و شعره بلون العسل له بشرة بيضاء و طول فاره و جسد ممتلئ بالعضلات كانت واضحة جدا من خلال قميصه الضيق ان صح التعبير ,اخفضت نظري خجلا "انت جديدة هنا صحيح؟" كلماته كانت بالعربية جعلتني انظر اليه باندهاش "اسمي مراد مايور من اصول جزائرية و لكني امريكي من طرف الاب , ااستطيع الجلوس معك؟" هززت راسي دون اجابة ,بدا مستمتعا بهدوئي فعاد للغة الانجليزية "يبدو اني اخطات حين حسبتك عربية "

"لا انا عربية فعلا , اسمي سارة "

"اهلا سارة سررت بالتعرف عليك" مد يده ليسلم علي فسحبت يداي "اسفة انا لا اسلم على الرجال" سحب يده بخفة خجلا "اسف علي التعود على عدم تسليمك هه "

اربكني كلامه , من اين ظهرت لي انت الآن؟

[الحمامة قطة]

الفصل الخامس : ملل
كان هذا الوقت من اليوم الذي تمنى فيه ان يكون قادرا على النوم , ناداه كابتن طائرته الخاصة "سيدي لقد وصلنا " ,حطت الطائرة على مدرج مطار لاغوارديا , في هذه المدينة الكبيرة لا احد يستطيع ايجادك بسهولة و الهروب من مديرة الاعمال تلك صعب للغاية , تنفس لوي الصعداء "اخيرا سأهرب منهم جميعا , كابتن ان سألوك عني قل اني مت" هز الكابتن رأسه بالايجاب و لم يعقب , ما يزال مزاجه سيئا للغاية ,الى حد ما الضجر و الاكتئاب ليس شيئا كبر عليه, حدق في الناس القادمين و الذاهبين بعضهم ينظر اليه بتفحص ,خشي ان يتم اكتشافه فارتدى نظاراته من نوع غوشي و احكم اغلاق جاكيته "هكذا لن يعرفني احد" ,خرج مباشرة من البوابة دون ان يتم ايقافه فالحراس هناك اتاهم الامر ان احد المشاهير هنا و لا يجب اعتراضه حتى لا تحدث جلبة , اختبأ في سيارته الاوستن مارتن التي اوصلها احد عماله قبل ساعتين من وصوله و شغل سي دي لموسيقى عادة ما تهدئه , و انطلق نحو فندق البلازا حيث حجز جناحا خاصا لسنة كاملة .

عند الفندق تم استقبال لوي على احر من الجمر , المدير و الموظفون هناك كانوا على اتم الاستعداد لخدمته ,انها احدى مزايا ان تكون مشهورا و ثريا جدا , تم ايصال حقائبه للجناح ,دعاه المدير لاحتساء كأس من الشراب البارد بعد الرحلة الطويلة التي قام بها

"لا شكرا لست في مزاج للشرب , اهتموا جيدا بملابسي و مجوهراتي "

"لا تقلق سيد مالوما ,كل شيء سيكون بخير , نحن تحت خدمتك وقت ماتريد "

بعد ذهابه ,همس المدير للموظف وراءه " احرص على ان يبقى كل شيء بأمان و الا سيفضحنا هذا المدلل, اللعنة عشرون سنة و انا اعمل في مجال الفنادق و الان صرت اتلقي الاوامر من ولد في سن حفيدي"

كانت السماء صافية من فوقه ,تلمع بالنجوم و تبرق بلون ازرق في بعض الاماكن و بلون اصفر في اماكن اخرى ,كونت النجوم اشكالا سحرية ملتفة حول الكون المظلم , المنظر مذهل جميل باتقان و توجب ان يكون كذلك , جلس لوي على مقعد في حديقة بالسنترال بارك منعزلة عن التجمعات حيث لن يستطيع احد ملاحظته , مرت فتاة بجانبه كانت فاضحة الثياب على اقل تعبير بدت كما لو انها تحاول اثارته لتتبعها , ادار وجهه بعيدا عنها و اشعل سيجاره الكوبي الفاخر و جعل ينفخ متناسيا الاجواء حوله , لطالما مقت النساء في نفسه لانهن يتبعن الاموال فحسب لذلك سعى لتدمير الكثيرات منهن سواء بالهجر او الاستفزاز رغم ان عدد عشيقاته يقدر بالمئات فهو لم يستطع ان يحب اي واحدة فيهن كانت هذه لعنته من البداية , ابتسم في نفسه "هذه نتيجة الشهرة يا صديقي تحمل الان " , لم ينتبه انها تلاحظ كل حركة يقوم بها ,استدار فجأة ليجدها تتطلع اليه بنظرات ساخرة

"هل تحتاجين شيئا ؟"

"لا ابدا , تحدث نفسك هكذا , نيويورك مدينة مجانين فعلا"

لم يستطع تمييز ملامحها فقد كانت ترتدي سترة و غطاء رأس , بعد كلامها ذاك انصرفت تاركة اياه مندهشا من حالتها العجيبة ,استولى عليه الفضول ليعرف من هاته التي سخرت منه و ذهبت بكل بساطة لذلك تتبعها ...

[الحمامة قطة]

الفصل السادس :الملاحق
اعتقد انني احرجته بكلامي ,لذلك حاولت ان ابدو مهتمة و تلطيف الاجواء بيننا

"اذن انت جزائري ايضا ,ماالذي تفعله في الجامعة ؟"

"جئت لاخذ بعض الاوراق , هل انت المهاجرة الجديدة ؟"

"اووه !اهذا مايطلقونه علي هنا ؟"

"لا ليس هكذا كل مافي الامر ان لي صداقة مع امراة الاستعلامات و اخبرتني بالصدفة عنك ,لذلك بحثت و ها انت امامي! "

اذن ففضوله هو ما احضره الي , اي نوع من الناس انت يا مراد ؟, لم اشأ ان اطيل الحديث كثيرا فقد بدات تمطر,قمت من مقعدي لكنه جذبني "مهلا هل انت ذاهبة ؟"

"نعم انا ذاهبة لو سمحت اتركني "

بدا كما لو انه يحاول استبقائي اكثر ،ولكني كنت مصرة اساسا جلوسي معه خطأ

"هل بامكاني دعوتك على العشاء؟"

اندهشت من جرأته الزائدة ،لا تربطني به اية صلة و مع ذلك يرغب بالخروج معي " انت مجنون ،دعني اذهب رجاءا"

كان وقوفنا بتلك الطريقة جاذبا للانظار ،و كأنه ينقصني ذلك ،تنحنح بحدة و ترك معصمي معتذرا عن خطئه " اذن ستقبلين دعوتي على العشاء "

مستحيل أن اخرج مع شخص كهذا ،قبل ان ارد عليه ،دق هاتفي معلنا وصول رسالة من ستيفاني تسألني عن موعد وصولي فالمطر بدأ بالهطول من جديد ، كتبت لها اطمئنها على حالي و قبل ان ارسل الرسالة اختطف مراد الهاتف من يدي ، حجمي الصغير هذا لن يساعدني مع طوله فبدأت ازفر و اضرب القدم برجلي ، نظر الي محذرا ان حاولت التمادي فتوقفت و بقيت احدق اليه بغضب ،كتب شيئا ما ثم سمعت رنة هاتفه لأدرك أنه سجل رقمي عنده ثم ابتسم لي بكل براءة ، لن أغفر له ابدا

" حسنا لقد اخبرتك اني سادعوك الى العشاء و لكن الحظ لم يحالفني اليوم ساتصل بك لاؤكد لك متى نلتقي , اساسا نحن ندرس في نفس الجامعة و ربما لدينا نفس المحاضرات من يدري؟" غمزني بعينه ,يال هذه الجرأة التي يمتلكها

كانت الرؤية شبه مستحيلة عند وصولي للبيت ,ازداد سقوط الامطار يعني المزيد من البلل ,وجدت ستيفاني تنتظرني اسرعت باعطائي منشفة لاجفف نفسي

"يا فتاة عليك فعلا شراء سيارة "

"اوه شكرا لتذكيري نسيت ذلك فعلا" لم تفهم سخريتي فحسبتها اطراءا ,يكفيني عدة اشهر على هذا النحو حتى انسى كيف اتحدث بسخرية , افرغت محتويات مشترياتي التي احضرتها من المتجر القريب من البيت و بدات اعد لفائف البطاطا مع الدجاج في الفرن اندمجت في عملي و نسيت تواجد ستيفاني بقربي ,لم الاحظ من قبل كم كانت لطيفة و طفولية ,وجه دائري و عيون خضراء كبيرة و بشرة بيضاء افضل من بشرتي بكل تاكيد و شعر بني ناعم دائما ما تحكم امساكه على هيئة ذيل الحصان , و كانت اقصر مني ربما ببضع سنتمترات فقط و لكن لا يبدو ذلك نتيجة ارتدائها للكعب العالي طوال الوقت ,لا اعلم كيف تستطيع المشي به

"اوه اسفة ستيفاني ,كيف كان يومك ؟"

"كان جيدا ,تعلمين انا اعمل في مجال الxxxxات لكني لست معتادة عليه بعد ,ان اصبح الجو جيدا فسنذهب للتسوق معا ,بالمناسبة كيف كانت الجامعة ؟هل انضممت لمجموعة ما؟"

"لدي الكثير من المحاضرات لاحضرها ,تعرفت اليوم على شاب اسمه مراد يبدو مهووسا على نحو ما لكنه ودود ايضا"

صدر منها تأوه سعيد "ياي سيكون ذلك ممتعا صفيه لي ,علينا ان نرتب لخروجك معه اعني ان بدا لك شابا جيدا ,هل عرض عليك الخروج؟ "

[الحمامة قطة]

الفصل السابع : اتصال
"لا انه مجرد زميل فحسب قد يساعدني في دروسي "

"معك حق لا تهتمي للرجال كثيرا عليك التركيز على النجاح و تحقيق ما تريدين لتعودي لاهلك"

كان وقع كلمة "اهل" صعبا علي , احسست بفارق الوقت الذي قضيته بعيدا عنهم,اخي ادهم لم يتصل بي الى الان ربما كان وعده لي بالاتصال مجرد حجة ليتخلص مني , هو سيحترم رغبة ابي و يبتعد عني مثل الاخرين ,ادركت كم انني وحيدة مجددا . بعد ذاك الحديث القصير مع ستيفاني تناولنا العشاء بهدوء ثم انصرفت بحجة القيام باتصال عمل ,اعلم انها شعرت بالاحراج من تصرفاتي و لكني لا الومها على فلتات اللسان فما في القلب لا يبقى الا في القلب و ساتناسى كل شيء حول الماضي فلدي حياة جديدة احياها .

ما ازال اعاني من تقلبات في النوم فجاة رن هاتفي ,كان رقما غريبا ظننته لوهلة اخي حتى سمعت صوت رجل غريب

"اهلا من معي؟"

"سارة هذا انا مراد , اسف ان كنت ايقضتك "

"لا ,انا لم انم بعد , اتحتاج شيئا ما؟"

"اردت الاطمئنان عليك فكما تذكرين انت لم تسمحي لي بايصالك "

"انا بخير و شكرا لاهتمامك و الان تصبح على خير "

"مهلا ,تمهلي يا عنيدة , لا يوجد عيب في ان نتحدث , مارايك ان نكون اصدقاء ,هيا الجميع يحتاج رفقة"

الا انا احتاج النوم "حسنا سنكون اصدقاء ابتداءا من الغد وليس اليوم فاحداهن تحتاج للنوم ,ممكن يا صديقي" حاولت قولها برجولية شديدة , اصدر ضحكة عالية بدت جذابة جدا في اذني , مهلا هل قلت جذابة؟

"حسنا يا صديقي الوسيم, تصبحين على خير و اسف لازعاجك ,عليك فقط التعود علي فانا مصيرك" "كلامك غامض و انا غير واعية حاليا , وداعا "

اقفل الخط , لا اعلم لم ظهر مراد في حياتي هكذا و لكنه يبدو شخصا جيدا بعيدا عن هبله , غرقت في سبات دون ان احس ,و لكن ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتي..

[الحمامة قطة]

الفصل الثامن : رجل اعمال في زي طالب
احسست بنشاط غير مسبوق هذا الصباح بعد حديثي مع سارة ,صرفت الفتاة التي بجانبي بسرعة رؤيتي لفتاة اخرى يفسد مزاجي المبتهج , ارتديت حلتي و ساعتي الذهبية ثم ركبت سيارتي الفولفو الفضية و اتجهت نحو "مايور سيتي" بالمناسبة هي شركة الxxxxات خاصتي و قد رفعتها بجهدي و اموالي الخاصة , ودعتني "ناني" عند البوابة كعادتها لقد ربتني منذ صغري بعد وفاة والداي في حادث سيارة و لم يكن لي احد سواها و ها انا الان احاول جاهدا لارد لها جميلها معي .

استقبلتني سكرتيرتي الخاصة ستيفاني عند مدخل المكتب ,انا استلطفها كصديقة لكنها تبدو خجولة جدا لذا لا اقوم بمعاكستها مثل باقي الفتيات

"قهوتك سيد مراد" استوقفتها قبل ان تخرج ,كنت محتاجا للمشورة في امور الفتيات فانا لا افهم فيهن الكثير من الامور

"نعم ,هل هناك مشكلة ما في القهوة سيدي؟" غزت حمرة بسيطة خديها

"لا في الحقيقة احتاج ان اسالك بعض الامور حول الفتيات ,في الواقع انا محرج من هذا قليلا"

بدت متفهمة لوضعي "لا عليك ,كيف استطيع مساعدتك؟"

"هناك فتاة" اصفر وجهها فجاة و كاد يغمى عليها لولا اني امسكتها "ماذا حدث لك ؟ هل انت مريضة او شيء كهذا؟"

سحبت نفسها بسرعة تذكرت حركة سارة في الجامعة كدت ابتسم على ذلك لولا جدية الموقف "احم ان كنت متعبة يمكنك الذهاب و الاسترخاء في المنزل "

"لا لاابدا تستطيع مواصلة حديثك ,اعتقد انه مجرد هبوط في السكر لا اكثر ,شكرا لاهتمامك"

جلست على المقعد المقابل محاولة التماسك ناولتها كأسا من الماء ,لم الاحظ من قبل كم هي ضعيفة هذه الفتاة ,هل يطعمونها في المنزل حتى ؟

تنحنحت متابعا"حسنا كما قلت هناك فتاة ربما انا معجب بها لا ربما وقعت لها " سعلت ستيفاني بشدة ,طباعها غريبة اليوم "لست متأكدا و لكنها جميلة جدا اعني عيون بلون العسل و انف دقيق ,خدود ممتلئة وابتسامة مذهلة كما انها عربية مثلي , اريد ان اعترف لها ايمكنك مساعدتي ؟" حرصت على حذف الجزء المتعلق بحجابها فلن انسى انني في بلاد اجنية حيث تنتشر العنصرية و لا اريد ان يتعرض احد لها حتى لو كان شخصا لطيفا كستيفاني

"ما اسم الفتاة ؟"

"سارة "

لهنيهة ظننت انها مكتئبة و لكنها ابتسمت فجأة "حسنا عليك دعوتها على العشاء و الاعتراف لها ,هل انتما مقربان ؟"

"لا و هنا تكمن المشكلة لا يبدو عليها انها قد تسمح لي بالاقتراب منها , اخبريني كيف اجعلها تلين ؟"

"سيد مراد يفترض بك ان تعرف ذلك نظرا لخبرتك و الان اعذرني لدي عمل كثير توجب انجازه"

كنت مصدوما من طريقة حديثها المتغيرة, خرجت مسرعة و لم تستمع لندائي الاخير لها , هي متعبة فعلا و حديثي لم يكن في وقته .

قررت ان اخرج لاستنشاق بعض الهواء بعدما انهيت اجتماعين دون حضور سكرتيرتي اخبرتني مساعدتها انها خرجت متعجلة ,علي الاطمئنان عليها لاحقا

في طريقي التقيت سارة ، كانت تحمل في يدها قفصا كبيرا ,ناديتها فحاولت تجاهلي كليا , جعلتني اركض اليها و احمل القفص عنها ,صرخت محذرة "انتبه لا تؤذي القطة "

"اذن هذه قطة حسبتك تحملين جثة شخص في يدك"

اصدرت تكشيرة ساخرة "مضحك جدا , اعطني القطة و انصرف من هنا "

"عيب عليكي كيف تقومين بطردي و انا احاول مساعدتك"

"مثلما ساعدتني في الجامعة غرازي ميل "

لم افهم ماقالته بدا التعجب علي , زفرت بتململ "انها شكرا جزيلا بالايطالية "

"اذن انت تتحدثين عدة لغات "

"هذه فائدة الترجمة حسب ما اظن "

"ما رايك ان نذهب لشرب فنجان من القهوة و نأخذ الحسناء الصغيرة معنا ,ماذا اسميتها ؟"

"اسمها "هابي" و نحن نرفض الذهاب معك "

اخذت القفص من يدي , فور تلاقي ايدينا سحبت نفسها على الفور و اعطتني ظهرها ,لا اعلم لم تستمر بصدي انا حتى الان احاول مصادقتها بعدها سأخبرها بهويتي فهي تعتقد اني طالب مثلها ,او استمر في هذه التمثيلية حتى تحبني , مصر انا عليها !

"انا منشغلة الان يمكننا الخروج لاحقا "

هذا كل ماقالته , احتار من تصرفات هذه الفتاة فتارة تجذبني و تارة تصدني , صحيح اننا لم نتعرف منذ مدة طويلة و لكني الفتها بسرعة , اعني لقد احببتها فعلا و لا اعلم السبب ..

تنويه
اسفة لاني رح اخر الرواية لاجل غير معروف بسبب عدم وجود التعليقات و الدعم

الفصلين القادمين لقاء سارة بمالوما