آخر 10 مشاركات
رحلة امل *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : maroska - )           »          موريس لبلان ، آرسين لوبين .. الغريقة (الكاتـب : فرح - )           »          جناح مهيض*مميزة ومكتملة* (الكاتـب : بدر albdwr - )           »          586 - حب لايموت - صوفي ويستون - ق.ع.د.ن ( عدد حصري ) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          598 - حين يتحطم القلب - ريبيكا ونترز ( أنت قدري ) - ق.ع.د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          قـيد الفـــيروز (106)-رواية غربية -للكاتبة الواعدة:sandynor *مميزة*كاملة مع الروابط* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          الفجر الخجول (28) للكاتبة الرائعة: Just Faith *مميزة & مكتملة&روابط اخف* (الكاتـب : Andalus - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree249Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-09-20, 08:27 PM   #771

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رانيا صلاح مشاهدة المشاركة
مساااء الفل على الكل وتسجيل حضوووور
مساء الفل والياسمين على أجمل رانيا❤❤❤


ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-20, 08:29 PM   #772

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي


دقائق ويتم نشر الفصل الثاني والعشرون


ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-20, 08:56 PM   #773

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني والعشرون


تميل على الورود تزيل الأوراق اليابسة منها وتنظف التربة من حولها بينما يتهدل شعرها حول وجهها وهي تحاول إشغال نفسها عن التفكير به خاصة نظرته الأخيرة لها كأنه يترجاها البقاء ، لقد قرأت ذلك في عينيه ولكنه لم ينطقها بلسانه .. إنه يطلب منها الكثير وفي المقابل لا يتنازل عن النطق بكلمة واحدة ليطلب منها ألا تذهب !...

" ديانا ...."

تسمع صوت والدها خلفها يحدثها لكنها لم تجبه، تكمل ما تفعل عله يفهم أنها لا ترغب في الحديث ، لكنه اليوم يلح عليها..

" ديانا اتركي ما بيدك وتعالي لنتحدث"

تجمدت بمكانها وتوقفت يديها عما تفعل ولكنها لم تتحرك ولم ترفع رأسها وهي تجيبه:

" لا يوجد ما نتحدث به أبي"

لكن علاء يعلم أن ابنته ليست بخير، منذ عدة أيام وهي لا تذهب إلى العمل وتتباعد عنه .. يشعر بحدوث مشكلة بينها وبين عصام خاصة وأن الأخير أصبح يطرق رأسه كلما التقاه !..
من حينها دارت بداخله الوساوس ولكنه يرفض تصديقها، من المستحيل أن يستبيح عصام عرضه ويخون أمانته .. مازال يستطيع تقدير الأشخاص وعصام شاب ذو معدن أصيل ولكن ديانا تقلقه من المؤكد حدث بينهما شيئاً ما جعلها بهذا الحزن ،فهو رأى في عينيها إعجابها بعصام و تمنى قدوم اليوم الذي يتقدم به عصام لخطبتها فمازال داخله ذلك الرجل الشرقي الذي يتمنى أن يطمئن على ابنته مع من يصونها

" بل يوجد ما نتحدث به ... عصام ...."

ما إن ذكر اسمه حتى تسارعت ضربات قلبها ولكنها قررت أنها ضربات غضب لا أكثر .. وقفت بسرعة والتفت إلى والدها قائلة:

" لا تذكر اسمه مرة ثانية"

يقترب والدها منها وقد بدأ القلق يظهر على وجهه:
"هل فعل معك شيئاً سيئاً ؟!.. هل تمادى معك؟!... "

تقطب ما بين حاجبيها ويزيد غضبها

" لا يا أبي لا تخف لم يفعل شيئاً.. أنا أساساً لا أسمح لأي أحد بالتمادي معي .. فأنا أعلم حدودي جيداً "

يعود وجهه لراحته وينظر لها بحنان وعاطفة يعلم أنها بحاجة لها من أم تشكو لها وحضن يستمع ولكن طوال تلك السنين وهو يلعب الدورين معاً

" احكي لي ما حدث.. لو كان مخطئاً بحقك طردته من العمل فوراً "

تشهق بسرعة وترفع يدها الملطخة بالطين توقفه:

" لا أبي لا دخل لعمله بما يحدث.. أرجوك دع العمل كما هو"

يدير ظهره عائداً إلى الداخل ويرفع صوته قائلاً لها:

" إن كنتِ تخافين على عمله إذن تعالي وحدثيني بكل ما حصل بينكما.. وانا أقرر إن كنت سأطرده أم لا "

ترفع وجهها إلى السماء تتنفس بعنف ثم تسير خلف والدها متذمرة، عليها الحديث معه لا مفر من ذلك .....

تجلس أمام والدها عابسة بصمت وهي تكتف ذراعيها أمام صدرها، بينما والدها مازال ينتظر منها أن تبدأ الكلام،
تنفخ الهواء بضيق ثم ترفع يديها علامة الاستسلام:

" حسناً.. سوف أتحدث.. كما تعلم طبعاً حصل بيني وبين عصام تقارب أو بمعنى آخر إعجاب متبادل"

يرفع والدها حاجبيه بمعنى هاتي ما عندك!

" حسناً لقد بدأت مشاعرنا تتعدى الإعجاب، إلى أن قرر عصام أن يُظهر وجهه الحقيقي"

" وجهه الحقيقي !!!....."

" أجل الرجل الشرقي الذي حاول أن يخفي شخصيته بداخله ويظهر بدلاً عنه بشخصية الرجل المتحضر المثقف،... لقد جلس وبكل عنجهية وتسلط يعدد لي تصرفاتي الخاطئة وعاداتي التي كما أطلق عليها تمس رجولته وعقيدته "

بدأت ملامح وجه والدها تتبدل ويظهر عليه الاهتمام للحديث توقعت أنه سيثور عليه مثلها ويدعمها بقرارها لذلك أكملت حديثها بكل حماس

" لقد أخبرني إنه يريد أن نجلس ونتفق على بعض الخطوط العريضة التي يجب أن نضعها معاً قبل اتخاذ أي خطوة جدية في علاقتنا أو أن نتعلق ببعضنا البعض أكثر"

" مثل ماذا؟... ما الذي لا يعجبه في تصرفاتك!.... "

تقف بعد أن ضاق بها الجلوس ثم أخذت تعد على أصابعها محاولةً شحذ تعاطف والدها:

" أولاً طريقة سلامي على أصدقائي مرفوضة وأخبرني عن المزاح معهم وتجاوزات لم أفهمها منه ثم وأخيراً حدثني عن ملابسي !...."
أشارت لوالدها على ملابسها

" ما بها ملابسي أخبرني أبي؟ "

بدأ علاء يمسح على رقبته محاولاً إخفاء إعجابه بعصام وفرحته بفوزه بجائزة اليانصيب الكبرى هذا الفتى هو ما يريد لابنته ... يجلي صوته قليلاً ويعطيه بعض الجدية:

" حدثك عن ملابسك وكل ذلك!! "

" أجل تخيل ما فعله ... لقد استغلني جعلني أتعلق به واعتقد بأني سوف أقبل بكل شروطه وأسير خلفه مغيبة العقل"

" ألا تعتقدين أنه لو كان يريد استغلالك كان الأولى به أن يحافظ على صورة الرجل الذي أحببته وبعد زواجكما وحصوله على الجنسية أو الإقامة وتسهيل حياته يستطيع القيام بهذه الخطوة ويبدأ بفرض شروطه وعاداته عليك؟!.."

تفتح ديانا عينيها على وسعهما

" ها ... ماذا تقصد يا أبي؟"

يقف والدها مستعداً للذهاب لعمله واللحاق بذلك الرجل الشرقي قبل أن تخسره ابنته بغبائها وبساطتها في التفكير..

" أنا ذاهب إلى العمل الأن وعند عودتي، سوف نتحدث مجدداً"

قبل أن يخرج يضع قبلة على جبينها المتغضن من جراء تفكيرها بحديثه فهي تخشى أن تضعف ويؤثر بها فتجد لعصام العذر ...لذلك قررت التمرد أكثر وإغراق نفسها بعالمها الذي تألفه فأخرجت هاتفها من جيبها لتكتب رسالة لأصدقائها ...

" لنخرج اليوم أيضاً ...."

..........................

يصنع قهوته صباحاً بينما يستمع لصوت فيروز القادم من منزلها ، لا يستطيع أن يتجاهل ذلك الصوت لابد أن يستوقفه ليتأمل ويصغي .. وكأن السنين الماضية تعود .. صوت فيروز يحرك بداخله شيئاً عجيباً ويذكره بأن في هذه الحياة ما يستحق أن تترك ما بيدك وتصغي له .. لابد أن يرغمك صوتها العميق أن تعيش قصة حب، وتبديل النهايات الحزينة إلى أخرى باسمة سعيدة ... فيروز الشريكة الأولى في كل قصص العاشقين . ترتسم على وجهه ابتسامة تصميم فيخرج هاتفه من جيبه ويبحث عن اسمها وبكل جدية واختصار يكتب :

" بعد ساعة من الآن سأنتظرك أمام الباب ... عندنا مشوار مهم لا تتأخري "

يهتز الهاتف بجيبها يعلن عن وصول رسالة .. لم تتوقع ما رأت إلى أن أعادت قراءة الرسالة مرة ثانية وهي تحدث نفسها :

" مشوار مهم .. وإلى أين ؟!"

لا تذكر أن هناك ما يهم الآن ماذا يريد منها !... تعيد الهاتف إلى جيبها الصغير لكن رسالة أخرى كانت قد وصلت فأخرجته لترى رسالة أخرى منه :

" لقد رأيتِ الرسالة .. إذن موعدنا بعد ساعة إلا خمس دقائق"

ماذا تفعل ... هل تتجاهل رسالته؟... أم تطاوعه وتذهب معه ؟... هل تستمر في الهروب منه و من نفسها؟... لقد أخبرها عمها أحمد أنها كلما تجاهلت المشكلة أصبحت أصعب وتعقد حلها ... لتبدأ إذن مواجهة حياتها وتجرب البدء بفك عقدها بنفسها ..

يتجه عامر إلى والده يقدم له القهوة ويجلس قربه ومازال ذلك الحماس مرسوماً على قسمات وجهه، يبتسم له أحمد و قد لاحظ أن عامر أصبح أكثر فهماً لمن حوله ولما يريد هو شخصياً فعندما يقرر ينفذ مباشرة لا يتردد ولا يؤجل أمراً هو مقتنع فيه..

" ما سر هذا الحماس الذي أراه في عينيك؟!"

يضحك عامر بخفة ويرفع شعره عن عينيه..

" دائماً أنت من يكشف أمري"

" أنت الذي يكشف نفسه بنفسه! هل أنت ذاهب إلى العمل مبكراً؟"

يعيد فنجان القهوة إلى مكانه ويشبك يديه ويبدأ حماسه يخفت ويظهر القلق بدلاً منه :

" لا كنت أفكر بأمر عودة نورا إلى الجامعة وما فهمته من ريم أن نورا ليست بذلك الحماس ... هي فقط ترغب بتغيير وتطوير نفسها، لذلك بحثت في الأمر ووجدت أن معاهد اللغات وبرامج التنمية البشرية قد تفيدها أكثر من دراستها في الجامعة وطلبت منها الذهاب معي للتقديم"

لا يريد أحمد إحباطه ولكن لتأتِ منه هو لعلها تكون أخف وطأة على قلب عامر :

" وهي هل وافقت على الذهاب معك؟.. أقصد هل تعلم ما أخبرتني به عن موضوع دراستها "

يمسح عامر وجهه بيديه ويقول :

" لا لم أخبرها سأترك الأمر مفاجأة لها، أنا أخبرتها أن الأمر مهم فقط"

" أخاف أن تفاجأ أنت بدلاً منها"

يقف عامر ويظهر عليه التردد، قبل خروجه يخبره أحمد :

" أنتما بحاجة للحديث معاً .."

نعم هما بحاجة للكلام والبوح عما بداخلهما ومشاركة المخاوف والقرار كما تشاركا خلال كل تلك السنين أدق تفاصيل حياتهما
والآن بعد أن تقاربا بالصفة وجمعهما الله تباعدا بالمشاعر وكأنهما غريبان ..

عند الموعد كان يقف أمام الباب منتظراً خروجها .. من أين أتى بكل هذه الثقة بأنها ستأتي؟!.. كان يقنع نفسه أنها لن تخرج ولكن الباب يفتح أمامه بشكل بطيء وتخرج له مرتدية ملابس الخروج وحجابها الأبيض يزيدها براءة وجمالاً ...
يرسم الجدية على وجهه ويقترب منها خطوتين قائلاً :

" جيد أنك استمعت لكلامي .. هيا بنا "
يدعها خلفه وينزل السلالم أمامها، تتبعه بهدوء مسيطر عليها تريد أن تسايره إلى الآخر حتى لا يتهمها أحد بأنها عنيدة لا تستمع لنصائحهم، بدأ هدوءها وهما في السيارة يقلقه!
فهي لم تتذمر ولم تحاول صده .. لم يصدر منها أي صوت!...
يلتفت ينظر لها فيجدها هادئة ولكن يديها تمسك الحقيبة بقوة .. هل تخفي عنه كل ذلك الغضب!
يتحدث فجأة فيربكها :

" لمَ تضغطين على نفسك؟!.. إذا كنتِ لا ترغبين بالقدوم معي ..أعدتكِ؟"

تنظر ليديها تعلم أنهما من كشف أمرها تحني رأسها فشلاً في إظهار قوة لا تملكها وتخرج كلماتها ضعيفة :

" كنت أحاول أن أستمع لنصائح الجميع"

ينظر لها مطولاً يشفق عليها، ما تحمله بداخلها كثيرا جداً عليها .. يظهر ذلك من كلماتها وانحناءة جسدها

" كنت أريد أن آخذك إلى مكان يساعدك لفهم الحياة وكيف تقفين بوجهها ولكن!! "

ترفع له نظرات تائهة حزينة

" لكن ماذا لا أستحقها أليس كذلك؟! "

" لا أنت تستحقينها، ولكن قبل ذلك علينا الجلوس والحديث معاً لا ينفع الهروب ولا أنكار حقيقة وضعنا "

تراقب يديه يقبض بهما على المقود بقوة ويغير اتجاه السيارة عن وجهتهما الأصلية وقد قرر أن يجلسا في مكان ما للحديث

" لا أريد الجلوس في مكان عام "

يسمع صوتها تترجاه، فيهز رأسه موافقاً فهو أيضاً لا يفضل الجلوس في مكان عام ليجد مكاناً هادئا ويبقيان في السيارة أفضل له ولها .

.................

نورا أنثى هادئة رغم أنف كل من يحاول استفزازها وإثارتها ،تصبر وتكابر كي تعيش بسلام، تحاول أن تكون مطيعة، تبادر وتقدم تضحياتها للجميع متمنية أن يعم الخير في الأسرتين و في حياتها أيضاً ، تهب روحها وتضحي لتسعد من حولها وتعطي من تحبهم كل الحنان والحب الذي وجد على الأرض بلا حدود ..
هكذا يراها عامر وهكذا يفكر بها كل يوم ويجد لها الكثير من المبررات، والآن نظراتها الحزينة مرتكزة على يديها المتشابكتين يؤلمه ذلك هي لا تستحق كل ذلك الضغط على أعصابها..
ما أن وصل لمكان هادئ تغطيه الأشجار وتتسرب منه أشعة الشمس بظلال ترسم أمامهما لوحة جميلة عن صيف قادم بصباحه الهادئ ونسمات هواء ناعمة تداعب وجهيهما
أوقف السيارة وأطفأ المحرك، لثوانٍ نظر أمامه ثم التفت إليها وبصوت هادئ يحمل بداخله الصدق قال :

" نورا احكي لي كل ما بداخلك .. مخاوفك وغضبك أريد أن أسمع منك كل كلمة حبستها في قلبك"

ترتعب نورا من المواجهة فهي تخشى أن تجرحه، يلفتها ارتجاف كفيها فتشد على حقيبتها بقوة علها تخفي عنه كل هذا التخبط .. كيف تحكي له عن دواخلها وقد تعطلت لغة الكلام عندها بعدما انفجرت به كالبركان؟!...
هل تخبره أنها تحاول البدء من جديد لتسير في طريق تختاره بنفسها لا أن تكون فيه مجبرة على الصمت فيما لا طاقة لها به ؟! لا تتملك قوة جرح أحدهم .. ولا تضمن نفسها وأفكارها، تخاف الخيانة .. إذا كان ما حدث من قبل ليس خيانة فالآن هي تعتبره خيانة وذنب وتطلب لأجله العفو والرحمة من الله كي تكمل ما تبقى لها من الحياة ..
الأمر لا علاقة له به ، بل أنها هي من تريد التجدد ونزع عباءة العجز عن كتفيها ..
تنظر أمامها لا تقدر على مواجهة عينيه وهي تحدثه بصراحة آن أوانها :

" قد يكون كلامي قاسٍ وجارح .. وأنا لا أريد لك ذلك"

تشعر به يشد جسده كأنه يستعد لتلقي لكمة بصدره تعود بنظرها إلى الأمام لتكمل شرح ما تشعر به

" هل نستطيع أن نحب شخصين في نفس الوقت في حين لا نتوقع؟!"
على الرغم من بساطة نطقها للسؤال كان يدخل صدره كوخز أبر صغيرة، ظهر وجعه على عينيه فأدار وجهه إلى النافذة وتركها تكمل حديثها، يريد أن يسمع.. يكفي هروباً ..

" كنت واقعة في حب شخص بكل ما أملك من عاطفة، وفجأة يدخل أحد جديد إلى حياتي، ويقلب كل ما فيها رأساً على عقب، وأضف على ذلك أنه ليس غريباً بل شخصاً موجوداً بكل سطر من حياتي .. لا يوجد صورة أتذكرها إلا ورأيت فيها وجهه يشاركني حزني وفرحي فشعرت بعاطفة غير متوقعة تجاهه .. الأمر أكبر من اعتياد.. إنها مشاعر جديدة، مختلفة بشكلها ومزاياها، ولكن!! "

يلتفت عامر نحوها هنا، هل هو يفهم ما تقصد قوله

" ولكن ماذا؟!!! "

" لا يكفي ذلك لإزالة كل ما يوجد هنا "

تشير إلى صدرها وقد فاضت روحها من كتم ما تشعر به بدأت كلماتها وآهاتها تخرج على شكل دمع قد فاض من وراء سد كان يحجب فيضانه ولكن السد قد تصدعت جدرانه ولا عودة سوى بفيضان هائل، إما أن ينجوان منه أو يغرقان فيه ،لم تتوقع أن تمتلك القوة لإكمال حديثها لكن قوة الفيضان أفقدتها السيطرة على لجم كلماتها،

" الخوف والرعب من أن ترى بعيني ما لا أقصده وتفسره بشكل خاطئ .... الشرود والضياع هما تفاصيل يومي، أكبر مخاوفي كان التفكير بباسل خلال اليوم حتى لفظ اسمه أحياناً كنت أعتبره أمر خاطئ وخيانة وأنا زوجتك!
الإحراج أثناء التواجد مع من يذكر اسمه أمامي وكأنه يعني لي، الجميع يتحاشى ذكره أمامي أو الحديث عنه ،
قبل ذلك أخبروني و طمأنوني أننا لا نملك سلطة على ذكرياتنا وقد حللها الله لكن الآن الأمر مختلف، إنه حي! هو شخص محرم عليّ وأنا متزوجة كيف سأقبلها على نفسي ؟ كيف ستتقبله أنت ؟! "

لم يعد يحتمل عامر كل ذلك، رغم تمسكه بحديث والده وعدم السماح لوساوس الشيطان لكنها محقة باسل حي بينهما لن يختفي ولن يقدر على استئصال ذكرياتهما معاً ولا حتى نكرانها ... الغيرة تحرقه .. يترجل من السيارة بسرعة يريد استنشاق الهواء، يقف أمامها ترى تشنج عضلاته وانحناء ظهره يرق قلبها له فمازال ذلك الواقف المحني أمامها هو نفسه عامر من مسك بيدها واستندت على كتفه .. من أخرج من جوفها ضحكة رغم صعوبة الأيام ...
تلحقه تقف بجانبه تمد يدها تمسك كتفه تحاول الاعتذار

" عامر .... أنا لم أقصد جرحك .."

ينظر لها بطرف عينه ويعيد نظره للبعيد ها قد جاء دوره في البوح :

" هل تعملين ماذا يعني أن تحبي شخصاً وتعلمين جيداً أنه يحمل مشاعراً لشخص آخر وليس الآخر سوى شقيقك ،هل تعلمين كم هو صعب أن تحاربي نفسك ومن حولك وتقمعين هواجسك ... لأني أحب وجودك أنت وحمزة بجانبنا وأرفض مشاركتكما مع أحد أخر ، كل ما فعلته كان من أجلكما ومن أجل بقائكما قربنا، ولكن هذه التضحية والحب أصبحا الآن كطوق خانق ومؤلم وجارح لنا جميعاً ، فكانت النتيجة الابتعاد والفراق ..... الغيرة نار تحرق من يشعر بها.... أعذر باسل بكرهه لنا فقد كرهت نفسي قبله "

تمسك ساعده بقوة وتضع رأسها على كتفه تبكي ويخرج الكلام من جوفها حارقاً لهما معاً :

" لقد أذقناه العذاب والذل والآن ألا نحترم وجوده رغم ابتعاده ؟!.. "

يهز رأسه يؤكد كلماتها

" علينا احترام حزنه وتقدير تضحيته أنت محقة "

" ذنبنا كبير بحقه يا عامر لقد حرمناه من والديه وابنه وآخرها وطنه لم نبقِ له شيئا ً"

" هل تعرفين ذلك الشعور الذي يتكون داخلك حينما ترتكبين خطأ ما ؟ ذلك الإحساس الذي ينتابك لو اقترفت عيباً؟ أو الشعور الصعب الذي يعذبك حينما تقومين بفعل حرام ؟ هذا هو ما أشعر به إلى اليوم ..... يوجد بداخلي كائن ضخم، عملاق مخيف، وحش كاسر، يأكلني من الداخل هذا هو شعوري بالذنب ....."
يمسك صدره فلم يعد قادراً على التنفس .. تلك النغزات الحارقة تلهب صدره .. لتكمل هي حديثه :

" لا أحد سيفهمك مثلي ..لا أحد سيشعر بنارك بقدري ... هذا الكائن يكتم انفاسي يهاجمني بنومي وصحوي .. هل سينتهي هذا الألم يوماً ما .... أرجوك أخبرني؟! "

يمسك يدها ويسحبها لتقف أمامه ... يلفهما الصمت وتحكي العيون وتنزف الروح .....

" لا أستطيع أن أعدك بأنه سينتهي ولكن سنجد له مسكناً،
سنهتم بأحبائه ونسعدهم ونحاول تعويضهم عن غيابه ... سنحارب هذه الدنيا ونسرق منها فرحة لوجوه من نحب .. واذا لم يكتب لنا الله الراحة سنحاول تقديمها لغيرنا ... وإذا نسينا الابتسامة سنرسمها على وجوههم لعل الله يرحمنا من هذه النار التي تستعر بداخلنا "

يبستم لها بوجه منهك وصدر متعب

" أولاً عليكِ الاهتمام بنفسك لتقفي بجانبي كما كنت دائماً .. لن أجد معين لي أفضل منك "

تهز له رأسها موافقة وتمسح دموعها بيدها مثل طفلة تستمع لنصائح والدها
يتجه إلى السيارة ويشير لها أن تصعد

" تعالي معي لتري ما كنت أحضره لك .. قد تعجبك الفكرة "

تجلس بجانبه وتسأله وهي تراقب كيف أعاد إدارة المحرك وانطلق بالسيارة بسلاسة :

" أية فكرة ؟! "

ينظر لها بسرعة ويعود للطريق

" ألم ترغبي في العودة إلى الجامعة !.. ولكني علمت من ريم أنك لم تشعري بالراحة وتجدين أن مدة أربع سنوات طويلة عليك "

" ريم هذه علينا قص لسانها "

يضحك بخفة فيعكس ابتسامة على وجهها

" في بعض الأحيان نجد أن لسانها هذا نعمة ، المهم بدأت معاهد كثيرة هنا باعتماد شهادتها حتى عالمياً .. معاهد لغات و كمبيوتر حتى معاهد مختصة بإدراة الأعمال .. وقد لا تستغرق الدورة التدريبية كلها سوى ستة أشهر فقط "

يشدها حديثه عن الأمر وتعجبها الفكرة

" حقاً هذا أفضل من أربع أعوام كاملة .. وأنا أعلم نفسي لن ألتزم بها "

" أجل هذه مناسبة ولن تذهبي للمعهد أكثر من يومين أو ثلاثة في الأسبوع وبعض الدروس ممكن أن تجديها على شبكة الإنترنت "

يشرق وجهها ابتهاجاً للفكرة، هذا ما ترغب به .. مدة قصيرة وتطوير لنفسها وحياتها وكسر ذلك الروتين الذي غرقت به ..

" هيا بنا لقد أحببت الفكرة كثيراً كيف لم أفكر بها من قبل؟! "

يلتفت لها بنظرة تحمل اندهاشاً ويقول :

"ومنذ متى يفكر أحدٌ منكم غيري ؟!.... لنرى فقط إذا كان سيأتي يوم ويقوم أحدكم بتقدير أفضالي عليكم ... "

يخرج صوتها صادقاً دافئاً :

" شكراً لك عامر ... شكراً لوجودك في حياتنا ... شكراً لصبرك علينا ..."

يلتفت لها بنظرة دافئة شملتها كلها

" نورا لا يوجد أنتم وأنا ... نحن أسرة واحدة لا داعي للشكر ..."

يتبع.......
........................

noor elhuda likes this.

ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-20, 09:00 PM   #774

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد خروج عامر من المنزل قرر أحمد الحديث مع باسل، فهو يحترم رغبة باسل بإخفاء أي أمر يخص عامر أو نورا عنه وما هو حالهما بعد سفره .. هو لم يسأل وهم أيضاً لم يتحدثوا .. لقد ترك لهم جميعاً الوقت الكافي ليتعافوا من صدمتهم ولكن لا أحد منهم اتخذ أي خطوة إلى الأمام خاصة بعلاقتهم الثلاثية الشائكة!
قد يبدو باسل أكثرهم تقدماً ولكن أحمد يعلم أن بداخل باسل بركان ينتظر الانفجار ، وأن وجود آمنة بحياته كان صمام الأمان له ونقطة اتزانه .. يحمد الله على وجودها في حياته لكن كم يخشى ظهور أقارب لها حينها سيعود باسل لذات الهوة وينتظر من ينتشله من ظلمته و وحدته ..

كان باسل على الجهة الأخرى يقوم بتمارين رياضية بينما آمنة جالسة أمامه تراقبه من على كرسيها ويغلبها الحماس لمشاركته أو تأمل أن يحملها كل ما نزل للأرض وصعد تضحك وكأنه يلاعبها ، هذه الطفلة تشعره بالحماس ووجودها ملأ حياته الخاوية .. معها يشغل وقته وتفكيره بها ويتعب جسده لراحتها فلا يعود لديه وقت ليفكر بآلامه... رن هاتفه الذي على الطاولة فتوقف عن حركاته المضحكة كما كانت آمنة تراها واتجه إلى الهاتف خلفها
تدير ظهرها وترفع رأسها تتابعه أينما يذهب ، يشاهد رقم والده يتصل فيفتح الاتصال المرئي ليظهر وجهه لأبيه محمراً متعرقاً

" صباح الخير .. ما بك؟ هل أنت مريض؟!"

" لا كنت أقوم ببعض التمارين الرياضية، جلوسي لمدة طويلة ممل ثم أن عليّ إعادة بناء جسدي المنهك"

يفكر احمد معترفاً بحزن بأن جسده الرياضي الذي كان سابقاً اختفى ... تلاشت معظم عضلاته لولا أن بنيته العظمية مميزة لاختلف شكله كثيراً ولصعب تميزه عليهم..

" الرياضة جيدة للجسد والعقل "

يعود إلى آمنة التي كادت تكسر رقبتها وهي تبحث عنه

" أنا هنا تعالي وارحمي ظهرك من هذه الحركات"

يضعها على الكرسي الآخر ويثبت الهاتف على حامل أمامها تشاهد أحمد والهاتف فتعود لذات النشاط الذي يوصلها لإصدار فقاقيع من فمها يسيل لعابها لتذوق ذلك الشيء الملون ،

" أبي سأدعك دقيقة معها حتى أغسل وجهي فقط"

" خذ راحتك بني سأتحدث أنا وآمنة بمواضيع مهمة كعادتنا"

يبتسم لهما باسل ويتجه إلى دورة المياه لاحقته الأخرى بعينيها إلى أن اختفى فبدأت بالبكاء..إنه لغتها الوحيدة في التعبير على الاعتراض!

" أنا هنا جدك أحمد "

تدير آمنة رأسها لأحمد تستمع له ودمعتين صغيرتين على خدها يتمنى أن يمد يده ويمسح وجهها، يلاحظ هدوءها واستماعها له فيكمل :

" لاتخافي سيعود هو هكذا يبتعد ثم يعود، قلبه نقطة ضعغه وأنت عرفتِ كيف تستغلينه"

تنظر له وتمد يدها تريد الهاتف

" اهدأي يا صغيرة اليوم سأتحدث مع حمزة عن والده، قد تجدين منافساً قوياً على قلب باسل"

يخرج منها صوت نزق هي تريد الهاتف بينما فهمه هو على أنه اعتراض على حمزة

" لا تقلقي لن يتخلى عنك على العكس سيصبح عندك أخ يجلس يحدثك مثلي الآن، يجب أن تبدأ علاقة باسل بحمزة ستساعده كثيراً لتخفيف عقدة ذنبه بسبب تركه له وتخليه عنه بالهجرة .. باسل لازال يصارع مصيره في البحر لا يعلم أين جهة النجاة ، علينا إعادة باسل إلى الأمان .. أنت كنت طوق نجاته وحددتِ له الوجهة الصحيحة وسيكمل حمزة دفعه وسحبه لبر الأمان وأنا أعتمد على إيمانه وحكمته
ليصل .. مهما طال تشتته سوف يصل "

عاد باسل إلى الغرفة فبدأت آمنة ترحب به وتركل بقدميها تريد منه أن يحملها، يحضر زجاجة الماء الصغيرة خاصتها

" ألم تتعبي لقد قمتِ بتمارين أكثر مني اشربي بعض الماء"

يجلس قربها يعطيها الماء ويعود لوالده

" كيف حالك أبي؟ "

" بخير بني كنت أحدث آمنة عن حمزة "

" كيف حاله؟ هو في المدرسة الآن أليس كذلك؟"

" أجل بقي أسبوع وينتهي العام الدراسي"

يضحك أحمد وهو يخبره :

" عنده امتحان ويجلس قربي كي أساعده بحفظ دروسه"

يبادله باسل الضحك ويرق قلبه لذلك الذي تركه رضيعاً، لقد كبر وأصبح تلميذاً في المدرسة ولديه امتحان !....
يعود باسل بانتباهه لكلام أبيه

" علينا أن نتفق على القصة التي سنرويها لحمزة عند انتهائه من المدرسة"
يعتدل باسل بجلسته قائلاً :

" ألم تخبرني أنك مهدت له الأمر"

" أجل أخبرته عن احتمالية وجودك على قيد الحياة في مكان ما ولكن عند تأكدنا من وجودك كيف ستكون تكملة الحكاية؟"

يمسح باسل على شعره بحيرة،

" نحن بحاجة إلى قصة مقنعة ومناسبة لسنه ،ما رأيك أن تقول أن من أرسلته ليبحث عني وجد أن بعض المرضى قد تم إرسالهم للعلاج بالخارج ووجد أن اسمي ضمن أولئك الأشخاص"

تعجب الفكرة أحمد فيقول :

" فكرة جيدة .. سأرى وأنا أحدثه كيف يسير بنا الحديث وإذا حدث تغير في الفكرة سأخبرك به ... لا نريد أن نخطئ معه بكلمة فنشتته ولا يعلم من منا الصادق "

يشعر باسل بخوف من الموقف كله، قد يتم الحكم عليه من قبل حمزة من أول مرة يحدثه فيها .... الخوف من أن يلاحظ حمزة قلقه أو أن يتذكر أنه ذات الرجل الذي خاف منه ..

يرى أحمد قلقه وخوفه من هذه المواجهة فقد تحدثا كثيراً ولكن مازال الشك يملأ قلب باسل فيطمئنه قائلاً :

" لا تقلق ولا تفكر كثيراً ... ثق بالله هو الذي وضعك في هذا الموقف هو مخرجك منه ... وستجد ما يفرح قلبك قريباً إن شاء الله"

" ونعم بالله أبي ، عليّ الذهاب الآن سنتحدث مساءً ونرى ما حدث معك أنت وحمزة "

يسلم عليه أحمد ويغلق الهاتف

يعود باسل لآمنة التي صدمت بانطفاء الهاتف وذهاب أحمد من أمامها تنظر بعيون متسعة لباسل ثم للهاتف، يبتسم لها باسل ويحمل الهاتف يفتح شاشته ثم يطفئها وهي كل مرة تندهش ذات الاندهاش!...
يضحك بصوت عالٍ على رد فعلها فتبتهج معه تجاوباً بلا فهم إلى أن رن الهاتف منبهاً بوصول رسالة صوتية، يفتحها باسل فيأتيه صوت سامر المميز فيتمتم لآمنة :

" دعينا نرى ماذا يريد هذا الشقي هو الآخر"

ما أن فتح الرسالة حتى تحولت ضحكاته لجمود تام .. فلم يتوقع هول ما شعر به لحظة سماعه لمجرد كلمات من ابن خالته .. فكيف سيكون إحساسه إذا ما حدث ذلك حقاً ؟!...

" باسل لقد وجدت من يبحث عن أسرة هاجرت عن طريق البحر بذات التاريخ والمكان معك ... أرسلت لك الإعلان أريد منك فتح الصور والتأكد منهم "

ضرب عقله سؤال ووسواس، هل يفتح الصور ويخسر آمنة؟! أم يتجاهلها ويحتفظ بها ولكن يخسر ضميره بالمقابل؟!
وقف من جلسته وبيده الهاتف .. لأنه لم يكن ليحتمل الجلوس جامداً طويلاً ... أخذ يتحرك في الغرفة الضيقة وكأنما اشتعلت أعصابه من القلق، بدأت يداه ترتعشان بسبب اضطرابه وقلقه، وضاق صدره و لاحت في عينيه نظرة شاردة غيبت صاحبها عما حوله .. وكأنه فصل عن العالم ...


........................


أصعب شعور عندما تكتشف أن من ظننته الأمل أصبح هو المستحيل نفسه .. هذا ما يفكر به عصام بعد انتهاء يوم آخر لم تأت فيه ديانا ولم تحاول حتى محادثته بالهاتف .. أيقن عندها أنه تقريباً فقدها ..
على مدار الأيام الماضية سيطر عليه القلق والخوف وشيء من الذل .. لماذا أحبها؟! هل تعتقد الآن أنه مستغل وطامع بها؟...
لكن هناك مقاومة خفيفة بداخله يمكنه أن يسميها : الأمل.....
لقد رأى فيها جمال وبراءة شخصيتها وعاطفيتها وهدوءها من المؤكد أنها عندما تعيد التفكير بحديثهما سوف تفهم رغبته بإنجاح هذه العلاقة ... أم إنه انخدع بها وزين له الحب صورتها فجعلها بتلك المثالية التي يتمنى؟!
لكن اختفاءها هكذا من غير نقاش أو سؤال يوتره فهو يريد نهاية لحكايتهما حتى لو كانت نهاية قاسية !....

يرمي ما بيده غاضباً من نفسه لا يريد رسم أحلام للمرة الثانية لا يريد لأحلامه أن تتحطم على صخرة الواقع لقد نحى عقله ومنطقه مرة وهذا ما وصل له .. ندم يأكله ليل نهار ..
يتجه لتبديل ملابسه والإرهاق ظاهر على وجهه من كثرة التخيلات والأفكار التي تدور برأسه فلم يسمع زميله وهو يناديه باسمه سوى عندما لمس كتفه، فانتفض عصام من لمسته والتفت إليه بسرعة فاجأته

" آسف لم أقصد أن أفاجئك ولكني أكلمك منذ مدة وأنت لا تسمع"
ينفض عصام الأفكار من رأسه ليصفي ذهنه قائلاً :

" لا عليك .. أنا آسف .. كنت شارداً بعض الشيء"

" السيد علاء يريدك بمكتبه قبل ذهابك"

" حسناً.. شكراً لك"

يقولها عصام بجمود ويلتفت عائداً إلى مكان تبديل ملابسه ولكن بحال مختلف، لم يفكر بالسيد علاء هل سيغضب منه؟
ما الذي يريد قوله له ؟

دقائق وكان يقف أمام مكتب السيد علاء يحاول تنظيم أنفاسه لا يريد أن يظهر ضعيفاً أو حتى قلقاً على عمله فهو لن يكذب ولن يتنازل عن رأيه .. تعود له رزانته وهدوءه فينقر على الباب نقرات صغيرة ويدخل، ينظر مباشرة لعيني السيد علاء نظرة واثقة قوية مهما كان ما يريده مناقشته بشأنه فهو لن يهتز .. يستند علاء إلى ظهر كرسيه يلاحظ
نظرات عصام الواثقة لتزداد قناعته بقراره رغم ما يحمل من حرج وتنازل، يقف ويخرج من خلف المكتب يتجه أمام عصام يرسم إبتسامة مجاملة له :

" أهلاً عصام .. تفضل اجلس، أريدك بموضوع خاص"

يجلس عصام على الكرسي ويجلس علاء أمامه وليس في مكانه خلف مكتبه الضخم لا يريد أن يشعره أنه صاحب العمل أو أن هناك أي فروقات بينهما :

"هل تشرب القهوة ؟"

يبتسم له عصام وقد فهم أنه يريد تخفيف التوتر بينهما :

" لا شكراً لك .. لقد شربت الكثير ليوم واحد "

يقترب علاء بجلسته منه ويسند ذراعيه على ركبتيه يشبك أصابع كفيه ونظرة قوية تنطلق من عينيه وقرار كبير يراهن عليه؛

" لن أتحدث بمقدمات كثيرة .. سأدخل في الموضوع مباشرة"

رغم توتر عصام والقلق الذي يقتات على دواخله أظهر تحكماً قوياً بملامح وجهه؛

" هذا أفضل فلا داعٍ لمقدمات"

فقد توقع قرار إقالته من عمله أو حتى تحذير بعدم اقترابه من ديانا مرة ثانية،

" ديانا ...."

كلمة خرجت من علاء لتصيب قلب عصام فيلمح علاء البريق في عينيه و
انتفاضة صدره وتسارع أنفاسه .. كل ذلك بفعل ذكر اسمها فقط ..

" إذا كنتَ فعلاً صادقاً بمشاعرك تجاهها فأنا معك وأطلب منك ألا تتخلى عنها وتحاول مرة أخرى ومن جهتي سأحاول شرح الأمر لها أيضاً ، بمعنى آخر أنا بصفك وأريدك زوجاً لابنتي..."

يمسح عصام بيده على رقبته ويحمر وجهه حرجاً من ذلك الرجل.. إنه يخطبه لابنته ويشجعه أيضاً !!... ماذا يقول له !

" سيد علاء أنا أتشرف بك وبديانا ولكني طلبتُ منها بعض الأمور وهي رفضت حتى مجرد الاستماع لي "

" أعلم كل ذلك .. لقد أخبرتني ديانا وهذا الذي شجعني لمفاتحتك بالأمر"

" هل تقصد أنها قبلت بما طلبته منها ؟!"

يعود علاء بظهره إلى الخلف ويمد يده على طول المكتب يستند عليه

" لا لم تقبل، بل كانت تتحدث وهي ما زالت غاضبة منك "

يشعر عصام بخيبة أمل وقد حاول تصديق علاء للحظات فقط...

" لكن أنا أعرف ديانا أكثر منك، غضبها هذا ناتج من علمها أنها ستوافق ولو بعد حين، وإلا كانت رفضت طلبك بكل هدوء واليوم التالي أكملت حياتها بكل بساطة لكنها عالقة معك ولا تريد الخروج من هذه العلاقة ... وقد تحاول الضغط عليك عاطفياً كما تفعل معي دائماً "

لا يريد أن يشعر بالأمل مرة ثانية ويسحب منه فجأة :

" بصراحة لا أفهم قصدك ؟! "

" لقد ربيت ديانا على قدر ما استطعت من انضباط والتزام بهذه البلاد .. حاولت مسايرتها حتى لا يأتي يوم تفتح الباب وتخرج منه وأنا لا أملك السلطة على أبقائها معي وتحت عيني ... حاولت حمايتها من المجتمع ومن نفسها وأعترف أيضاً هي أعانتني كثيراً بطبعها الهادئ .. ولكن يبقى المجتمع مسيطراً ويفرض عليها أسلوب حياة خاصة وهي نشأت كفتاة ذات أصول عربية .. كانت لا تشعر هذا الاختلاف تميزاً بل كان يسبب لها الوحدة غالباً.. "

يشعر عصام بالشفقة عليها، يحني رأسه يداري تأثره بعض الشيء
"ما تطلبه مني كثير .. لن أستطيع التنازل عن مبادئي وإن حصل وفعلتها اليوم فلا أضمن لك الاستمرار فيما بعد "

" لا أريد منك التنازل بل على العكس أطلب منك سحب ديانا من عالمها إلى عالمك، ديانا تسير على حافة هاوية قد تزل قدمها يوماً ما ... أنا لست دائماً لها ولا أضمن الأيام .. وقد وجدت من ينقذها .. دعنا نتعاون معاً لإنقاذ ما فشلت بإنقاذه لوحدي "

يؤكد عليه عصام

" سنحاول إقناعها ولكن لنرى رأيها أولاً "

" أنا متأكد أنها ستوافق ، راضية بل سعيدة أيضاً وأعتمد عليك بذلك لا تستسلم من أول جولة "

يقف بعدها علاء ويمد يده لعصام الذي وقف وعادت له بعض البهجة والتمعت عيناه بحماس فارقه لأيام

" أنا أثق بك عصام .. فلا تخذلني "

يمد عصام يده لعلاء يشد عليها

" آسف لأني خنت ثقتك من قبل ولكن منذ اليوم سأثبت لك حسن نيتي لن أتراجع إلى أن تطلب مني أنت ذلك "

يمسك علاء ذراع عصام يربت عليها

" أنت شخص جيد وعلى خلق لن تتبدل نظرتي لك مهما كان قرار ديانا سنبقى على علاقة طيبة "

"علاقتي بك شرف لي سيد علاء"

أنهى لقاءه مع علاء وخرج من المبنى يملأه الأمل وكأن روحه ردت إليه، سار بضع خطوات ليقطب حاجبيه ويشعر بالضيق يمسك رأسه يفكر هامساً لنفسه :

" لو طلبت مساعدة سامر لن أنجو منه إلى يوم الدين .. وإذا اعتمدت على نفسي وخبراتي المتواضعة فلن لن أنجو منها أيضاً ... ما الذي عليّ فعله؟!!!!!

يتبع.....
.............................


noor elhuda likes this.

ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-20, 09:05 PM   #775

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

يراقب حمزة وهو مستند على يد ويكتب باليد الأخرى بتركيز وبطء يناسب طفلا صغيرا يتعلم كيف يرسم الحروف وكأنها معادلة صعبة...
يقترب من الورقة التي اقتطعها من كراسة نسرين وكأنه كلما اقترب أكثر أصبح الأمر أسهل، يرفع رأسه ويسأل جده أحمد:

" هل هذه الكلمة صحيحة؟"

ينظر أحمد إلى خطه الكبير المائل

" الكلمة صحيحة ولكن عليك البقاء على السطر لا تُنزل الحروف من فوقه.. فقط حرف (م)"

يعود حمزة لورقته يمسح الحروف بقوة ويعود لتصحيح الخطأ ثم يرفعها ثانية

" هكذا انظر ويبدأ بنطق الأحرف (أُمّ)"

يبتسم له أحمد ويمسح على شعره

" جيدة.. انظر.. أصبح شكلها جميلاً ومتناسقاً، والآن دعك من الدراسة أنت ولد مجتهد ومستعد للامتحان، أريد أن أتحدث معك "
يضع حمزة القلم والورقة من يده ويقترب من جده الذي حمله وأجلسه على ساقيه مع مساعدة من حمزة.. كم يحب هذه الحركة منه وهو يستند على الكرسي حتى لا يتعب جده ..
" هل تذكر السر الذي أخبرتك به؟ "

يحاول حمزة التذكر ويقطب ما بين حاجبيه مثل رجل صغير
وكأن باسل عاد أمامه صغيراً بهذه الحركة ثم يهز رأسه بلا

" ألم أخبرك بأني سأرسل من يبحث عن والدك في ذلك المكان البعيد الذي عاد منه ابن صديقي"

تتسع عينا حمزة بحماس

" أجل لقد تذكرت الآن "

" هذا جيد والآن سأخبرك بباقي السر.. لقد ذهب الرجل إلى المكان وجد اسم والدك باسل موجوداً هناك"

" حقاً والدي هناك مثل ابن صديقك!... لكن لماذا لم يعد بعد ؟!.. "

" أخبرني أن والدك كان مريضاً جداً ولا يدرك ما يحدث حوله لذلك تم إرساله إلى بلد أخر للعلاج "

" تقصد مثل الأفلام أنه نائم!! "

يمسك أحمد بيده الصغيرة ويضمها بين يديه

" أجل مثل الأفلام كان نائماً .. ولكن المهم أننا علمنا أين هو الآن "

يرفع حمزة يديه بحماس
" هذا جيد نحن مثل فريق التحري سنجده ونخبرهم أننا وجدنا والدي "

" أجل نحن نعمل كفريق والآن سينضم لنا لفريقنا شخص آخر"

" من هذا الشخص؟!" يفكر لثوانٍ ثم يهتف

" عمي عامر ..."

لم يتوقع أحمد ذلك الرد منه ولكنه أمر طبيعي لطفل يعتبر عامر هو البطل بحياته

"لا ليس عامر بل خالك سامر أو خالك عصام ..."

"ولكنهما بعيدان جداً "

" فعلاً إنهما بعيدان ولكن من وجد أثر باسل أخبرني أنه قريب منهما "

يعود حمزة لحماسه الطفولي

" خالي سامر سيحب أن يلعب معنا "

"من المؤكد سيبحث معنا، ولكن إلى أن أتحدث معهما ويبدأان بالبحث، عليك أنت إنهاء الامتحان والدعاء كثيراً أن نجده بخير ، من المؤكد أنه أضاع رقم الهاتف ولا يستطيع العودة إلينا بمفرده "

" لا تخف خالي سامر سوف يجده ويجعله يتصل بنا من هاتفه "

في هذه اللحظات عاد عامر من عمله وما أن دخل إلى الصالة
حتى اقترب حمزة من جده وهمس بإذنه :

" لا تتحدث أمامه سندعها مفاجأة له "

يغمزه جده ويشير على فمه أنه لن يتحدث

يقترب منه عامر ويحمله بسرعة ارعبته ليخرج صوته عالياً
ثم يبدأ بالضحك

" ماذا كنت تهمس لأبي ؟.. ماذا بينكما ؟"

" إنه سر .. لن أخبرك"

يقلبه عامر رأسه للأسفل ويحمله من قدميه

" والآن ألن تتحدث أيضاً "

يبدأ حمزة بالصراخ بصوت وصل لجدته

" لا لن أتحدث، جدتي ... جدتي ..."


أتت سلوى مسرعة تحمله من بين يدي عامر وتؤنبه قائلة :

" كم مرة حذرتك ألا تحمله هكذا.. قد يتأذى الولد "

ينظر له عامر بتوعد قائلاً :

" لن يتأذى لو أخبرني ما بينه وبين أبي من أسرار "

تجلس سلوى وتحاول ترتيب ملابس حمزة التي ضاع تنسيقها على يد عامر

" لقد عدت باكراً اليوم"

يجلس عامر ويخرج هاتفه من جيبه ويضعه أمامه

" كنت عند المحامي، لقد اتصل بي وقررت العودة إلى المنزل بعد لقائي به"

يظهر التركيز على وجه سلوى ويسرع أحمد بسؤاله؛

" ماذا يريد ؟ هل من جديد عن القضية؟"

" أجل لقد تم القبض على سناء بعد مراقبتها والتأكد من وجود شبهات كثيرة تدور حولها ووجود ممتلكات باسمها ولا يوجد لديها أي اثبات عن مصدرها "

تضع سلوى يدها على صدرها رعباً

" يا إلهي كانت بيننا ومع الفتيات!... كيف لم أنتبه لها! "

يكمل عامر حديثه :

" الحمدلله تم كشفها واعترفت على من قام بتوريطها ولكنها لا تعرف سوى شخصاً واحداً كانت تتعامل معه بالرسائل المباشرة، أما باقي العصابة فلم يتم التعرف عليهم بعد"

يسيطر على سلوى الخوف والقلق فيخرج صوتها مرتعشاً من بين شفتيها :

" هل تقصد أننا لم ننته منهم بعد؟! "

" إن شاء الله سيكفون أذاهم عن الجميع ولكن عليكِ أن تتصرفي بشكل طبيعي وكأنك لا تعلمين أي شيء عن سناء، ثم لم يبق سوى القليل وينتهي العام الدراسي.. لذلك لا تخافي "

ينظر أحمد لسلوى محذراً :

" انتبهي لا تتحدثي مع أحد ولا تثقي بأحد .. دعي هذه الأيام تمر علينا بسلام "

تفكر سلوى بالفتيات المفقودات تخشى عقاب الله لها كيف لم تتحمل مسؤوليتهن؟ ... كيف لم تلاحظ سلوك سناء منذ البداية؟ ...
ماذا ستقول لأهل هؤلاء الفتيات !!....


...........................


تمسك بعض الأوراق تتأكد من أهمية كل واحدة منها، بعض الفواتير والإشعارات المصرفية..
تجلس على طاولة المطبخ الصغيرة قربها كوب قهوتها وأمامها حاسبها تدفع من خلاله ما عليها من فواتير ثم تنتقل
لتتصفح مراسلات الجامعة؛ لقد اقترب الدوام وعليها إعادة تنظيم الوقت. مع ذكر الوقت تطرف عينها ناحية الهاتف ....
هل يتذكر أنه بعد يومين موعد الفحص الطبي الخاص به هو وآمنة ؟...
تعود لعملها وتشغل تفكيرها عنه لقد مرت عليها أيام لا تفكر سوى بكلماته وما تحمله من ألم .. لقد فكرت كثيراً بتصرفاته وبعلاقته بآمنة، لقد فهمتها الآن أكثر .. إنه يعتبرها الشيء الوحيد الذي يخصه في هذا العالم.. الشخص الوحيد الذي نجا به ومعه من تلك الحرب ، حتى مصعب تأثر به وأخذ يحدثه عن أهم الخطوات بعد حصوله على اللجوء ،
تشعر بضيق وتوتر لماذا تدور أفكارها حوله بهذا الشكل وهو يعاملها كغريبة لا بل ومتطفلة على حياته أيضاً،
ولكنها مع كل أسلوبه الجاف معها تجد جزءاً منها يتعاطف معه .. وبشدة !
تحمل كوب القهوة وتتجه إلى النافذة تراقب الشوارع الهادئة والأشجار وما تخفي بين اغصانها من طيور صغيرة تتلاعب بالأوراق مع نسمات الهواء، تحدث نفسها بصوت عالٍ :

" ما بك شهامة لقد رأيتِ من هم بحال يرثى لها ولم تتأثري بهذه الطريقة !.. هل السر في الظلم الذي وقع عليه أم بقوته وصلابته في محاربة هذه الحياة رغم خواء روحه من أسباب المقاومة؟"

كانت قدرتها الهائلة على الصبر تجعل الناس يظنون أحياناً أنها لا تشعر ...
هو هكذا أيضاً لا يبدي لأحد ما يشعر به لكن إحساسه بالغدر كبير جداً ومن أحب وأقرب الناس إلى قلبه !... هذا كثير ... كثير ...
تمسد ما بين عينيها تضغط عليها تحاول التجاهل عليها إراحة نفسها ، هو يريد الوحدة ، لقد أوضح ذلك لها بأكثر من طريقة كيف ستفرض نفسها عليه مرة ثانية!!
ولكنه يحتاجها ولن يطلب منها المساعدة لو تجاهلت هي الأمر ولم تعرضه عليه ، يحاربها صوت ضميرها يهمس بداخلها

" دعي كرامتك جانباً وتصرفي كاسمك ... بشهامة! "

تعود إلى الطاولة لتأخذ الهاتف لكن يدها تتوقف لثوانٍ مترددة.. يغلبها ضميرها فتسرع وتضع كوب القهوة من يدها تأخذ الهاتف بسرعة تشعر باضطراب أصاب معدتها وكأن حجراً ألقي بها..

باسل يتصل بها الآن !! ... من المؤكد أن الأمر ليس جيداً وإلا ما فعلها :

" ألو باسل ....."

صمت من الطرف الأخر .. لا صوت .. سوى صوت أنفاسه الهادرة ... تنتظره تعطيه الوقت ليستجمع نفسه ويتكلم بينما تجلس هي متحفزة على طرف الكرسي ..

على الطرف الآخر كان باسل غارقاً في لجة أفكاره لا يعرف لماذا اتصل بها!... ضاقت به الدنيا فأراد من يشاطره هذا الخوف من فراق الصغيرة الوشيك ... أراد من يستمع لشكواه .. أراد من يقول له الصدق بموضوع آمنة .. فكانت الوحيدة التي تجسدت أمامه فهي لم تنبهر ولم تتأثر أو حتى تظهر تعاطفها مع حكايته هو وآمنة كما فعل غيرها بل كانت عملية، واضحة وصريحة.. رغم اهتمامها بالطفلة لكنها كانت قادرة على فصل قلبها عن عقلها .. بينما هو أغرق قلبه وعقله بالخيالات والأوهام !!...
أغرق نفسه وأقنعها ليألف الواقع الجديد على حياته ويتعايش معه، أسلم بوجودها في حياته ليتلاشى شبح النهاية من أمامه ويختفي ولكنه عاد ليظهر فجأة يحوم حوله من جديد .. زاعقاً فيه أن .. " أفق .. آمنة ليست ابنتك.. أخطأت عندما تعلقت بها لهذه الدرجة وأنت تعلم أنها قد تختفي يوماً .... ألم تعلمكَ الأيام أن لا شيء دائم في حياتك !!.... ألم توقن للآن أن الفراق مكتوب عليك ..."

" أريد أن تقولي لي ... هل حقاً سيأتي اليوم الذي أفارق فيه آمنة ؟... "

يا إلهي ما هذا السؤال؟ وبهذا الصوت العميق !! كانت تسمع عن الصوت العميق ولكنها لم تتخيله هكذا !.. تحاول التركيز على السؤال وتفكر بإجابة منطقية:

" أعتقد أننا من أكثر الأشخاص الذين يعلمون أن الله إذا كتب علينا الفراق فسوف نفارق مهما هربنا منه ... وإذا كتب لنا اللقاء فسوف نلتقي حتى لو كان لقاءنا معجزة ..."

يبادلها الصمت لتمسح جبينها توتراً، ما هذا الموقف الذي وجدت نفسها فيه .. إنها أفشل من ينصح:

" باسل لا أستطيع أن أعدك أنها ستبقى معك .... ولكن أستطيع أن أعدك أنه سيمر كل مر، سيتمهد الطريق وينطوي تعب الأيام ، سينتهي كل ما حدث معك وسيبقى كندبة على جسدك كغيرها لا تشعر بها لكن إذا أردت رؤيتها ستذكر حينها ألمها عندما تركت أثرها على جسدك"

" لم يعد في جسدي مكان للمزيد ... تعبت من كل شيء ... سئمت من أوجاعي المتراكمة ... نبضات قلبي المؤلمة ... أفكاري المزعجة ... دائماً أنتظر أن يقع الأسوأ ... ما عادت نفسي تتحمل المزيد ... استنفذتُ قدرتي على الصبر والتحمل.. آمنة أصبحت العصى التي أستند عليها ... لا احتمل فقدانها ... لم أعد أحتمل المزيد ...... "

هي التي لم تعد تحتمل ذلك الألم الذي انتقل لها مع كلماته تضع يدها على فمها تخفي أي صوت أو همسة قد تخرج من بين شفتيها قد تصله فتوقظه من لحظة قرر فيها إخراج ما يتعبه، قرر فيها أن يرمي قليلاً من حممه التي ثارت تحرق داخله ...
تدور بمكانها تستجمع قوتها وترتب أفكارها، هو يحتاج لمن يسنده ويرشده، من ينير له ذهنه بما اختفى من أمامه في تلك السحب المعتمة التي حاوطته فأعمت له بصيرته...

يخرج صوتها هادئاً سلساً يحمل بداخله صدق لامس عقله ووجدانه فصدقه ..

" إذا كنت تعتبر آمنة عصاً تستند عليها فحمزة هو العصى الأصلب والأقرب.. ولكن عصاك الحقيقية هي إيمانك ....
ايمانك هو قوتك هو عصاك التي لن تعصاك أبداً ...
لا تربط سبب بقائك ثابتاً راسخاً في الأرض سوى بالله وعلاقتك به .. كل شيء زائل ويتبدل إلا الله باقٍ لا يزول ..."

يغلق عينيه أسفاً وخزياً من نفسه..
الله هو سنده حين أوشكت حبال قوته أن تنقطع ....
الله هو ملجأه عندما تخلى عنه الأقربون والأحبة ....
لم يكن غيره مرافقاً لدربه .... لم يشتكِ سوى له ...

يهمس لشهامة بكلمات وقد عاد له بعض من وعيه :

" آسف لإزعاجك ... لقد وجدت ما كانت روحي تبحث عنه"

يغلق الهاتف قبل أن تجيبه أو يستمع لكلماتها التي أرادت قولها
ترمي الهاتف على الطاولة وتجلس تسند رأسها على ذراعيها، يتهدل شعرها من حولها يخفيها تهمس لنفسها :

" ما الذي تغرقين نفسك فيه !....."

يتجه إلى آمنة يراقبها نائمة هادئة يقترب منها يقبل رأسها بخفة كي لا تستيقظ

" ليسامحني الله إن أخطأت في حقك .."

يبتعد عنها ويتجه إلى ذلك الركن حيث سجادة الصلاة خاصته يدوس بقدميه عليها ويجلس ليناجي ربه برهبة ورغبة للقاء والوصال ...

لا ملجأ ولا منجا منه .... إلا إليه ....



نهاية الفصل الثاني والعشرون
قراءة ممتعة



noor elhuda likes this.

ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-20, 09:45 PM   #776

maram alsaeed

? العضوٌ??? » 440728
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 14
?  نُقآطِيْ » maram alsaeed is on a distinguished road
افتراضي ظلال الياسمين

أبدعتي ميس....كم هائل من المشاعر الإنسانية و الدفق العاطفي بأشكاله المختلفة.
علاء شخص واعي للخطر اللي ممكن يحيط ببنته بمجتمع غريب حتى لو هي جزء منه
باسل في شي جواته دفعه للحديث مع شهامة منتظرين الباقي.
أحمد مسكين واقع بين ألف نار
عامر و نورا القهر نصيبن
منتظرين البقية
موفقة يا رب


maram alsaeed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-20, 09:51 PM   #777

ام جواد
 
الصورة الرمزية ام جواد

? العضوٌ??? » 443659
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 778
?  نُقآطِيْ » ام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم
بارت ولا اروع تسلمي ميس على المجهود


ام جواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-20, 09:52 PM   #778

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

هلكتيني يا ميس نفسي انقطع من رسالة سامر , لا ومبسوط انه باعتله بس للحق اظن ان العيلة اللي بيدوروا عليها هي عيلة فاضل مو امنة. حبيت نصيحة شهامة لباسل ما تتعلق غير بربالعالمين هو منجاتك مو البشر. تسلم ايدك على الفصل روعة

ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-20, 10:16 PM   #779

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل رائع يا ميس كله مشاعر .. مشاعر .. غرقتني
يا رب على وجع باسل تعلق بآمنة وكيف احساسه وهي تروح منه .. اذا كنت انا متت قهر عالخبر كيف بقلب باسل شو قاااال 💔💔💔
شهامة حبيت كلامها كله ❤️❤️
احمد قدر يوصل لحمزة وجود ابوه بطريقة بسيطة وحلوة
عامر ونورا شريكا الالم والذنب
عصام حبيبي مايستاهل الحيرة ... اتذكرت سامر بفصل سابق لما ديانا عزمتهم قال لعصام راح يخطبوك مني 😂😂😂 وفعلا عصام اتخطب اتخيلت رد فعل سامر عالخبر 🤣🤣🤣
تسلم ايدك حبيبتي ابدعت 😘😘😘


Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 07-09-20, 11:02 PM   #780

DrWalaa

? العضوٌ??? » 428256
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 79
?  نُقآطِيْ » DrWalaa is on a distinguished road
افتراضي

ما شاء الله يا ميس
الفصل رائع
مواجهة نورا و عامر منطقية جدا و كلامهم عقلاني
شهامة اسم على مسمى حبيت منطقها في مواساة باسل
باسل إنسان مسكين حقيقي و فعلا اكتفي من الوجع و المعاناة و صعب عليه إنه يقابل اخفاقات و صدمات جديدة
علاء أب رائع و أعتقد الحيرة اللي هو عاشها في تربية ديانا بيمر بيها أي أب عربي عايش في دولة غربية ... حبيت صراحته و طريقته المباشرة مع عصام
تسلم إيدك ❤️❤️


DrWalaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
رواية ظلال الياسمين

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:06 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.