آخر 10 مشاركات
أميرتى العنيدة (87) للكاتبة: جين بورتر ..كاملة.. (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          بين أزهار الكرز (167) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ومازلنا عالقون *مكتملة* (الكاتـب : ررمد - )           »          69- الرجل الغريب -هازل فيشر -عبير جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          ذاكرة خائنة (الكاتـب : غارقة في بحر اليأس - )           »          80 - العذراء والمجهول - جيسيكا ستيل (الكاتـب : فرح - )           »          أمير ليلى -ج1 من سلسلة حكايا القلوب- للمبدعة: سُلافه الشرقاوي *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          412 - لن أكون لعبتك - ايما دارسى (الكاتـب : سماالياقوت - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree508Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-04-21, 02:27 AM   #911

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9




أنا باعتذر عن التأخير في النشر نظرًا لوجود ظرف عائلي طارئ، فبدلاً من التأجيل حاولت كتابة جزء من الفصل ..
شكرًا مقدمًا على سعة صدر حضراتكم ..


الفصل مائة وأحد عشر

الوفاء، الاعتزاز، الحنين، الاشتياق، والإخلاص العميق كلها سماتٍ استشعرتها بصدقٍ خلال حديثه المسترسل عن حياته السابقة، لم تكن "فيروزة" مهتمة في البداية بما يخبرها به الجد "سلطان"؛ لكن لمحة التأثر الظاهرة في صوته، وأيضًا في عينيه، نفذت إلى قلبها، وجعلتها تشعر بما يكنه في صدره من مشاعر غير مزيفة. نصائحه المتوارية، وتلميحاته المبطنة، كانت كإشاراتٍ خفية لإرشادها نحو الطريق الذي انحرفت عنه بفعل الضغوطات النفسية المتعاقبة عليها، ناهيك عن التذكار الذي تلقته من حفيده على وجه الخصوص، بدا مفاجأة غريبة ودافعة للفضول في نفس الآن. حملقت فيه بين الفنية والأخرى لوقت طويل، تستعيد مع تلك النقشة مواقف عايشتها جمعت بين الحزن والفرح؛ لكنها رمزت إلى قوتها، إلى تمردها، إلى صمودها، إلى معافرتها حتى تقف على قدميها.

أطبقت "فيروزة" بأناملها على الميدالية، كأنما تحاول استمداد قوتها منها، سرعان ما ارتخت قبضتها عنها، وشعرت بالوهن ينخر في روحها، فأغمضت عينيها تاركة فيضًا من الدموع ينساب من طرفيها؛ كانت مستنزفة القوى، زاهدة في مقاومتها، أرادت استعادة ما كانت عليه؛ لكن أين السبيل لهذا الطريق وهي تشعر بالوحدة والوَحشة؟!

.................................................. ...

انقضى على تلك الزيارة يومان، ومع هذا ظلت آثارها حاضرة، دومًا تصدح كلمات الجد في رأسها خلال استغراقها في التفكير، لتذكرها أنها ليست الضعيفة المستكينة لتستسلم هكذا، وفي نومها فتشت بداخل أعماقها المظلمة عن ذرة صمودها؛ لكنها ضلت عن دربها، وكادت تيأس من بلوغها، لولا أن رأته حاضرًا لأجلها، خفقة لذيذة أنعشت فؤادها، وأيقظت ما كان في الوجدان كامنًا، استيقظت "فيروزة" من نومها في حالة غير الليالي السابقة، بدت هادئة، منتبهة لما يدور من حولها، أحست أن شعورها بالخذلان قد خبا قليلاً عن السابق؛ وإن ظل ملازمًا لها.

تحولت أنظارها نحو باب الغرفة حينما أطلت "علا" منه أولاً، وهتافها المرح يقول:

-"فيرو" حبيبتي، وحشتيني أوي...

تقدمت نحو فراشها، ولمحت بطرف عينها شقيقها يتبعها، مالت عليها الأولى لتحتضنها وهي تواصل سؤالها باهتمامٍ:

-عاملة إيه النهاردة؟

شملتها بنظرتها، وأضافت:

-حساكي أحسن، مظبوط؟

لم تتوقع أن تجيبها، فقد لجأت للصمت الإجباري كوسيلة للهروب عن المواجهة، التفتت "علا" ناظرة إلى شقيقها تسأله؛ وكأنها تدعوه لمشاركتها في تفقدها بطريقة لطيفة:

-إيه رأيك يا "ماهر"؟

ألقى عليها نظرة فاحصة قبل أن يومئ برأسه مؤكدًا:

-هي فعلاً شكلها أفضل، ولسه برضوه لما نطمن من الدكتور.

جلست "علا" على طرف الفراش، وامتدت كلتا يديها لتحتضن كفها، وأخبرتها بغموضٍ مثير:

-أنا عايزاكي تشدي حيلك، وتخرجي من هنا بسرعة ...

توقفت للحظة لتضمن سماعها للبقية، ثم غمزت لها قبل أن تكمل:

-في مناسبة حلوة في الطريق.

تنهدت ببطءٍ، وتابعت بابتسامةٍ مزجت بين الخجل والحماس:

-خطوبتي قريب ..

رمشت بعينيها مضيفة:

-وطبعًا محدش هيساعدني ولا يظبط الديكور غيرك يا "فيرو"، ما إنتي أكتر حد فاهم ذوقي عامل إزاي.

علق "ماهر" من خلفها بابتسامةٍ هازئة، وهو يدس يديه في جيبي بنطاله:

-الله يكون في عون "وجدي"، أنا عارف عجبه فيكي إيه؟!

اغتاظت من طريقته المستفزة، وهتفت تشكوها في عبوسٍ زائف:

-شايفة يا "فيرو"؟ ده بدل ما ياخد صفي؟

رد بنفس أسلوبه المازح:

-يا بنتي ده كفاية إني مستحملك، ليه نبلي غيرنا بيكي.

استاءت منه، وأوشكت على التشاجر معه بقولها:

-بلاش كده يا "ماهر"، إنت هتعصبني.

توقفا عن الثرثرة مع دخول إحدى الشابات الأنيقات للغرفة، لم يكن وجهها مألوفًا في البداية لثلاثتهم، بدأت بالترحيب بهم، كاستهلالٍ منمق للتعريف بنفسها:

-مساء النور على حضراتكم.

ركز "ماهر" أنظاره المحققة عليها، وبادلتها "علا" التحية بقولها:

-مساء الخير.

تابعت تقديم نفسها بابتسامة مهذبة:

-أنا الدكتورة "ريم هلالي"، جاية للمدام بناءً على تعليمات الدكتور المسئول عن علاجها.

ظلت عينا "ماهر" عليها تتفرس بها، بدا وكأنه يعرفها من مكانٍ ما؛ لكن عقله لم يسعفه بعد لتذكرها. حمحم بصوتٍ خفيض، وسألها بلهجةٍ كانت شبه رسمية:

-حضرتك الدكتورة النفسية؟

نظرت في اتجاهه، وأجابته باقتضابٍ، دون أن تفتر بسمتها:

-أيوه.

قال بقليلٍ من الترفع:

-تشرفنا.

ردت مجاملة:

-شكرًا.

أوصاها وهو يخرج إحدى يديه من جيبه ليشير بها:

-شوفي يا دكتورة أنا مش هوصيكي على "فيروزة"، دي في مقام أختي، وآ...

قاطعته بثقةٍ ظاهرة على تعبيراتها الهادئة:

-مش محتاجة وصاية، أنا بحب أقوم بشغلي على أكمل وجه.

هتفت "علا" تشجعها:

-يا ريت بجد يبقى في نتيجة مع "فيرو"، أنا مش حابة أشوفها أعدة كده.

طمأنتها "ريم" ببسمتها الرقيقة:

-متقلقيش، بإذن الله هايكون في نتيجة طيبة.

تحركت رأسها في اتجاه "ماهر" لتنظر إليه بحاجبين معقودين عندما سألها:

-حاسس إني شوفتك قبل كده، هو والدك كان شغال في الداخلية؟

رغم تطفله الفضولي الغريب –وغير المستلذ عليها- إلا أنها أجابته بأسلوبها الرزين المهذب:

-أيوه، كان لواء، بس تقاعد بقاله فترة.

صمت لهنيهة معتصرًا ذاكرته قبل أن ينطق أخيرًا في صيغة متسائلة:

-اللواء "فاروق الهلالي"، صح كده؟

تفاجأت من صحة تخمينه، وأكدت هذا بترديدها:

-أيوه، حضرتك تعرفه؟

ارتخت تعابيره، واعتلت ملامحه ابتسامة زهو وهو يرد:

-أه، أنا خدمت معاه زمان، فكريه بيا "ماهر حجازي".

هزت رأسها قائلة:

-حاضر.

تبدلت نبرته المليئة بالعنجهية لأخرى ودية إلى حدٍ ما في سؤاله التالي:

-إزي صحته؟ وأخبار سيادته إيه؟

جاوبته ببسمةٍ ناعمة:

-الحمدلله.

ضحك وهو يكرر عليها:

-طالما طلعنا معرفة كده، يبقى مش هوصيكي على "فيروزة".

لم تفتر ابتسامتها وهي تعقب عليه بقليلٍ من العتاب:

-تاني؟ حضرتك اطمن، إلا إن كنت مش واثق فيا.

ارتسمت قسماته بالجدية وهو يقول:

-لأ إزاي.

راقبت "علا" ما يدور بينهما من حوارٍ تحول من تعارفٍ عابر إلى وسيلة لتعميق الصلات في طرفة عينٍ، مالت نحو "فيروزة" تهمس لها ساخرة منه:

-شايفة بيعمل إيه؟ فاكر إنه بيثبت البنات بطريقته دي.

اعتدلت في وقفتها، وانتبهت لـ "ريم" التي قالت:

-هستأذنكم تسبوني معاها شوية.

ردت عليها وقد انبعجت شفتاها عن بسمة مفتعلة:

-أوكي.

في حين استطرد "ماهر" قائلاً وهو يمد يده لمصافحتها:

-فرصة سعيدة، وإن شاءالله نتقابل تاني، سلامي لسيادة اللواء.

بادلته المصافحة، وقالت:

-حاضر.

وضع "ماهر" يده على كتف شقيقته يستحثها على الخروج وهو يقول:

-تعالي يا "علا"، خلي الدكتورة تاخد راحتها.

لكن كانت أنظاره مرتكزة على "ريم" التي تحاشتها لتتطلع إلى مريضتها المستلقية على الفراش. ودعت "علا" رفيقتها هاتفة:

-باي يا "فيرو"، هاجيلك تاني.

انتظرت مغادرتهما للمكان، لتغلق الباب خلفهما، ثم قامت بحمل أقرب مقعدٍ، ووضعته مجاورًا لفراش "فيروزة"، جلست عليه في مواجهتها، وبدأت في خلق جو من الحوار الودي معها بقولها اللطيف:

-مساء الخير، اسمحيلي أفرض نفسي عليكي شوية.

أخرجت مفكرة صغيرة من حقيبتها الجلدية، وسحبت قلمًا من جيبٍ داخليٍ بنفس الحقيبة، لتبدأ بعدها في تقليب الصفحات، وتدوين ملحوظاتٍ سريعة. تطلعت إلى مريضتها بنظراتٍ حانية وهي تخبرها بصورة ودية:

-أكيد إنتي عرفتي اسمي، الدكتورة "ريم"، وأنا موجودة هنا عشان أساعدك.

نظرات "فيروزة" نحوها كانت ضيقة، حذرة، أظهرت جانبًا دفاعيًا فيها، ومع هذا قابلت "ريم" أسلوبها المتحفظ بلينٍ معكوسٍ في نبرتها عندما خاطبتها:

-أنا عارفة إنك مريتي بحاجات كتير، واللي خلاكي توصلي للحالة دي مش موقف ولا اتنين، دي تراكمات على فترات طويلة.

كانت كمن يضع يده على الجرح المفتوح، فجعلتها تتحفز تتلقائيًا وتتخذ موقفًا غير متساهلٍ معها؛ لكن "ريم" استمرت في طمأنتها:

-ودوري هنا إني أساعدك تتجاوزي المحنة دي، وترجعي أفضل من دلوقتي بكتير، وقادرة على مواجهة أي مشكلة بعزيمة.

حافظت "ريم" على نعومة ابتسامتها وهي تكمل:

-أتمنى إن يكون في بينا استجابة كويسة، وحابة أقولك إني مش مستعجلة على النتيجة، أنا أفضل إننا ناخد وقتنا، لحد ما تتخطي أزمتك بنفسك، وتكوني أقوى من الأول.

لانت تعابير "فيروزة" المشدودة نسبيًا مع عبارتها الأخيرة، فتابعت توصيها مجددًا:

-تعاونك معايا هيفرق كتير.

أغلقت المفكرة، وأعادتها إلى مكانها بداخل الحقيبة، ثم قالت في نفس الأسلوب الودي الهادئ:

-النهاردة مجرد تعارف بسيط بينا، وإن شاءالله هنظبط مواعدينا سوا.

بقليلٍ من المجازفة مدت "ريم" يدها، وربتت على كفها عدة مراتٍ في حنوٍ، وأخبرتها وهي تتطلع إليها بنظراتٍ متفهمة:

-وأتمنى إني حقيقي أقدر أفيدك، زي ما كنت سبب في مساعدة ناس كتير.

..................................................

نزعت بجشعها اللا محدود كل ما كان ثابتًا في حياته، ألجمت الصدمة لسانه، وأصابت تفكيره بالعطب، بل وجعلته يتجمد في مكانه لمدة طويلة، محاولاً استيعاب الحقائق المريرة التي اكتشفها بمحض الصدفة، أعاد "هيثم" كل شيء إلى مكانه فيما عدا بضعة رزم من النقود، قطع متنوعة من الذهب، والأوراق التي أظهرت كذب والدته، وادعائها بالباطل على زوج خالته، فوالده الراحل لم يكن مالكًا لمحله المحترق، وإنما مستأجرًا لم يسدد دينه مطلقًا منذ اللحظة التي وطأه فيها، والأدهى من ذلك أنه تلقى مساعدات كثيرة لإقامة مشروعات عدة، أظهرت العقود القديمة هذا، إذًا كيف يكون "بدير" مخادعًا، وهو من كان يمول كافة أعمال أبيه غير الناجحة؟ من المفترض أن يُطالب بدفع مستحقاته؛ لكن على العكس تحمل مغالطات والدته، واتهاماتها الباطلة له على مدار سنوات.

شعر بكسرة النفس، بألمٍ قاسٍ يحز في قلبه، جر ساقيه خارجًا من المنزل وهو يمسح دموعه لئلا يراه أحدهم فيظن السوء. لا يعرف كيف قاد سيارته إلى المستشفى، جلس منتظرًا رؤيتها بصدرٍ موجوع، وحزن لا يمكن شرحه، بدا انتظاره طويلاً لا نهاية له، لم يعرف كيف يبدأ معها؛ لكن لا فرار من المواجهة بينهما. دار بنظراته في الحديقة المورقة المتواجد بها، لم تساعده المناظر الخلابة على تهدئة رأسه المشحون، كان فاقدًا لشعور السكينة، ومشبعًا بإحساس الألم، تحفز في مقعده، ونظر إليها في لومٍ عندما لمحها من على بعدٍ تسير ناحيته، جاءت إليه بصحبة إحدى الممرضات، أجلستها الأخيرة قبالته ليتحدثا معًا، وبقيت على مقربة منهما، حتى تتدخل عند استدعت الحاجة لذلك. اكتسب صوت "هيثم" ألمًا واضحًا عندما استطرد قائلاً:

-كويس إنهم سمحوا بالزيارة المرادي يامه.

بدت غير مهتمة بما يقول، ونظرت له باستخفافٍ غير مبالٍ، بالكاد ضبط نبرته، وجحَّم من انفعالاته وهو يخبرها:

-مكونتش هاقدر أكتم في نفسي.

تنفس بعمقٍ، ونظر إليها مليًا قبل أن ينطق بأنفاسٍ لم تكن منتظمة:

-مش أنا عرفت خلاص اللي موجود تحت البلاطة.

جحظت "بثينة" بعينيها مذهولة، وأدرك حينها أنها فهمت ما يرمي إليه. رفع الحقيبة الصغيرة المسنودة إلى جوار مقعده البلاستيكي ليضعها على الطاولة أمامها، فتح سحابها بأصابع متعصبة، وأخرج منها النقود والمشغولات الذهبية ملقيًا إياهم قبالتها وهو يردد في حرقةٍ:

-دول كانوا أهم عندك مني أنا وأختي.

ارتكزت كامل نظراتها عليهم، بل وامتدت يداها لتتحسهم، شعر "هيثم" بالمزيد من الغضب الممزوج بالاستياء منها، حدجها بنظرة لائمة وهو يعنفها:

-عيشتينا في كدب وضلال، وكل ده عشان تكنزي فلوس على أد ما تقدري، ومش مهم احنا يجرالنا إيه، الفلوس أهم عندك.

ارتفعت نبرته الحانقة نوعًا ما وهو يتابع هجومه عليها:

-سنين فاكر إن احنا اتنصب علينا، بس الورق اللي قريته، والحقيقة اللي عرفتها أكدتلي إنك مش على حق!

اختنق صوته مع إكماله:

-ورغم كده محدش لامك، سابوكي تتهمي، وتدعي بالباطل إن أبويا اتاخد حقه، وأهي حجة عشان تبرري بيها اللي بتعمليه، وتغرسي جوانا الشر والحقد.

تجمعت العبرات في عينيه، وأصبح صوته أكثر حدية عندما هتف بها:

-وطبعًا "خلود" كانت أول ضحية ليكي...

رأى "هيثم" في عينيها وهج الذهب، وطمع المال جليًا، لم تكن معه بذهنها، ولم تعبأ بصياحه المعاتب، تخيل أن لعابها يسيل وهي تأكل بعينيها قبل يديها ما يملأ الطاولة، هب واقفًا ليهاجمها مرة أخرى بعصبيةٍ جعلت الممرضة تنهض من مكانها في وضع تحفزٍ مستريب:

-يا ترى الفلوس دي هترجعها من قبرها؟ ولا جايز هتخلي لسانك يتعدل؟

جمع ما استعرضه قبالتها وسط نوبة من الصراخ غير المفهوم منها، اختطف ما حاولت الاحتفاظ به عنوة، وواصل لومه الشديد لها:

-ظلمتينا يامه بطمعك، ومحدش دفع التمن دلوقتي إلا احنا.

اهتاجت "بثينة" واِربدت قسماتها بعلامات الغضب الحاقدة، تهجمت عليه، ونبشت أظافرها في وجهه غيظًا من تصرفه، تفاجأ من جحودها، من تحجر مشاعرها؛ لكنه تماسك أمام صدمته، نجح في إبعادها عنه، وفي الاحتفاظ بمحتويات الحقيبة دون أن ينقص منها شيء. على الفور تدخلت الممرضة لمساعدته، ومع هذا لم تتمكن من تقييد حركتها. أولى "هيثم" ظهره لوالدته، وأخبرها بعزمٍ حاسم وهو يعلق الحقيبة على كتفه:

-الفلوس دي هرجعها لأصحابها.

نجحت "بثينة" في الإفلات من الممرضة، وانقضت على ظهر تضربه بعنفٍ وقسوة، مما جعله يرتد للأمام، بالكاد منع نفسه من الانكفاء على وجهه، واستدار ليواجهها، فأطبقت بكلتا قبضتيها على عنقه في غضبٍ أشد تريد خنقه، صرخت الممرضة عاليًا طالبة للمساعدة الفورية، فجاءت إليها وبدأوا في تخليصه منها. هتف "هيثم" عاليًا في صوتٍ متألم:

-إنتي خسرتيني يامه بطمعك.

لم تكف والدته عن الصراخ الهائج طوال سحبها للداخل، ونظرات "هيثم" تتبعها في حسرةٍ وألم، نكس رأسه في خزي معترفًا لنفسه:

-أنا مُت من وقت ما عرفت سرك.

تسللت الدموع الحارقة إلى عينيه، ولم يقاوم انسيابها، بل تركها تنهمر على وجهه ولسانه يردد في انكسارٍ:

-ليه ظلمتينا يامه؟ ليه؟

.................................................. ..


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 03-04-21, 10:56 PM   #912

دانه عبد

? العضوٌ??? » 478587
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 513
?  نُقآطِيْ » دانه عبد is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايديك يا منال ... لك مني أجمل تحية .

دانه عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-04-21, 01:52 AM   #913

شموخي ثمن صمتي

? العضوٌ??? » 179150
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,118
?  نُقآطِيْ » شموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

شموخي ثمن صمتي غير متواجد حالياً  
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
رد مع اقتباس
قديم 04-04-21, 11:04 PM   #914

رانيا صلاح
 
الصورة الرمزية رانيا صلاح

? العضوٌ??? » 395664
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 706
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رانيا صلاح is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
افتراضي

بثينة غير طبيعية بالمرة.... انا عديت مراحل الذهول من تصرفها... دى اتجننت رسمي...... اتصابت بلوثة عقلية✋🏻
صِعب عليا هيثم 😓 الصدمة بزيادة من رد فعل مامته....دى حتي ما اظهرتش ندم 😏
ماهر بيظبط لنفسه😂😂
تسلمى نولا 🥰🥰🥰🥰


رانيا صلاح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 02:47 AM   #915

تغريد&

? العضوٌ??? » 458904
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 245
?  نُقآطِيْ » تغريد& is on a distinguished road
افتراضي

الله يعطيك العافية
احنا تعبينك معانا.....د..لكن ما باليد حيله
تعلقنا بالرواية وابطالها
شكراً بكبر السماء 💕


تغريد& غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 10:33 AM   #916

Om aleen

? العضوٌ??? » 429997
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 66
?  نُقآطِيْ » Om aleen is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منال سالم مشاهدة المشاركة
المحتوى المخفي لايقتبس

اللهم صل على نبينا محمد


Om aleen غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 03:28 AM   #917

Gi gogo

? العضوٌ??? » 437923
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 20
?  نُقآطِيْ » Gi gogo is on a distinguished road
افتراضي منال سالم

أنا في البداية بس روووووووعة مع أني دمى محروق من الحيزبونة حمدية و جوزها و هيثم و سراج و محرز 😂

Gi gogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-21, 03:08 PM   #918

ام حاتم الطائي

? العضوٌ??? » 464229
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 345
?  نُقآطِيْ » ام حاتم الطائي is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله مبدعه سلمت يديك
واللهم بلغنا رمضان ونحن في أحسن حال
والقيام به من صلوات وختم القران عدة مرات والصدقات وإطعام الطعام
يارب العالمين انك قدر على ذلك
والصلاه والسلم على ختام الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم


ام حاتم الطائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-04-21, 01:22 AM   #919

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل مائة واثنا عشر



رغمًا عنها تركت توأمتها مضطرة، دون أن تنتظر حتى مجيء والدتها للمكوث معها، وعادت على الفور إلى منزلها، عقب تلقيها لمكالمة زوجها المريبة، دق قلبها خوفًا عليه، فصوته لم يكن مُبشرًا بالخير، وصدق حدسها حينما رأت ملامحه الحزينة العابسة في غرفة نومهما. دنت "همسة" منه، وألقت نظرة أكثر دقة عليه، كان شاردًا، متهدل الكتفين، هتفت متسائلة في توترٍ:

-مالك يا حبيبي؟ قلقتني لما قولتلي أرجع البيت، فيك حاجة؟

رفع "هيثم" عينيه الحمراوتين إليها، ولم يجبها، زاد قلقها ناحيته، بلعت ريقها، وجلست على طرف الفراش إلى جواره متابعة تخمينها:

-إنت شكلك كمان متغير أوي.

دون مقدماتٍ مال عليها طامعًا في احتوائها له وهو يخبرها:

-تعبان أوي يا "همسة"، خديني في حضنك.

لم تتردد في ضمه إلى صدرها، مسحت بحنوٍ على ظهره، حاولت أن تسيطر على مخاوفها المنتشرة في عقلها، وسألته بصوتٍ شبه مهتز:

-حصل إيه؟ طمني.

انفجر باكيًا في أحضانها، وألقى برأسه على كتفها مما أوغر صدرها أكثر، استمرت "همسة" في المسح على رأسه وظهره بعاطفةٍ حانية، ورجته قائلة:

-طب إهدى، مافيش حاجة إن شاء الله.

ارتفعت نهنهات بكائه، فواصلت التأكيد عليه بقلبٍ واجل:

-كله هيعدي، متقلقش يا حبيبي.

استمر كلاهما على تلك الوضعية لما يزيد عن الدقيقة، و"همسة" لم تضغط عليه للخروج منه بمعلومة مفيدة تشبع فضولها الحائر، بل على العكس أفصحت له بإصرارٍ:

-أنا هبات هنا النهاردة معاك، هكلم ماما وأعرفها بكده عشان تفضل مع "فيروزة"، مش هاسيبك في الحالة دي.

كفكف "هيثم" عبراته، وتراجع عن زوجته ليستلقي على الفراش قائلاً بصوته المنتحب:

-أنا عايز أنام.

نهض من مكانها، وسحبت الغطاء عليه لتدثره وهي ما تزال تحنو عليه قائلة:

-طيب، افرد ضهرك.

ظلت واقفة للحظات تراقبه في صمتٍ، ولم تكف عن تمسيد رأسه براحة يدها إلى أن غرق في سباتٍ مريب، أبعدت عينيها عنه متسائلة مع نفسها بتوجسٍ:

-إيه اللي حصلك بس يا "هيثم"؟

.................................................. ...........

الظهور في وضح النهار لم يكن محبذًا له، لكون آثار الندوب المحفورة على وجهه بائنة كقرص الشمس في كبد السماء، لذا آثر التجول في بلدته قبيل المساء، محاولاً نشر شائعة تعرضه لمحاولة سرقة عن عمد كادت تودي بحياته، لولا العناية الإلهية. آمل "فضل" أن تنطلي أكاذيبه على السذج، وتلعب الألسنة دورها في تضخيم الأحداث، ليغدو بطلاً مغوارًا في أعين الجميع؛ وإن كان بالكذب.

لوح بيده مرحبًا بأحدهم وهو يطئ بقدميه المقهى الشعبي المتواجد على أطراف البلدة، اتجه نحو المصطبة الخشبية الموجودة عند أحد أركانه، حيث اعتاد الجلوس عليها، واتخذ مكانه بها، ثم نادى على أحد الفتيان ليأتي له بالنارجيلة ومعها قطع الفحم ليزيد من وهج الدخان وهو يملأ به رئتيه، جلس أمامه أحد معارفه، واستطرد حديثه معه قائلاً:

-بقالك كتير ماجتش القهوة يا "فضل".

أجابه بإباءٍ سخيف، وهو يطرد الدخان في الهواء:

-مشاغل.

مال الرجل بجذعه للأمام ليسأله في تطفلٍ، وعيناه مثبتتان عليه:

-صحيح اللي سمعناه، في جماعة طلعوا عليك بهدلوك؟

استرخى في جلسته، ورفع ساقه للأعلى، ليخبره بزهو مبالغ فيه:

-دول حرامية ولاد (...)، زي ما تقول كانوا حاطين عينهم عليا، خادوني غدر بعد ما استلمت فلوس الاتفاق على الزرعة الجديدة.

قال الرجل في أسفٍ:

-البلد معدتش فيها أمان.

أيده مومئًا برأسه وهو يسحب نفسًا عميقًا، فأضاف آخر معلقًا عليه وهو يتفحص ندوبه الغائرة قبل أن يجلس على يساره:

-بس دول جوم عليك جامد.

غامت تعابيره وهو يرد بقليلٍ من العصبية:

-هو أنا سكتلهم؟ ده أنا طحنت فيهم لحد ما اتكاتروا عليا، وإنتو عارفين الكترة تغلب الشجاعة.

اتفق معه الرجل الأول قائلاً:

-إيوه صح.

نطق الآخر قائلاً بما بدا له شماتة:

-بس وشك اتبهدل خالص، العلامات اللي فيه مش هاتروح.

رغم استيائه من طريقته اللزجة إلا أنه رد ببرودٍ:

-هعمل إيه بقى .. الحمدلله إني لسه عايش، كنت هاسيب أبويا وأمي لمين؟

هتف الأول منهيًا هذا الحوار:

-فضنا من السيرة دي، وخلونا نشرب شاي في الخمسينة.

نادى الرجل على عامل المقهى ليأتي له بثلاثة أكوابٍ من الشاي، والتفت يسأل "فضل" بتطفلٍ غير مقبول:

-ألا صحيح موضوع جماعتك ده بجد؟

تحفز الأخير في جلسته متسائلاً بعدم فهمٍ:

-جماعتي مين؟

أجابه بإشارة ضمنية من عينه:

-أم عيالك يا جدع.

اكفهرت تعابير "فضل" بشدة، والرجل يختتم جملته:

-ده الناس بيقولوا هتتجوز قريب.

هتف في حقدٍ مضاعف:

-الولية الفقر دي؟ إياكش تغور في 60 داهية، ده أنا ربنا بيحبني ونجدني منها.

استرعى فضولهم بافترائه الباطل، فبادر أحدهم متسائلاً:

-يا ساتر، ليه كده؟

استدار برأسه ناحيته، وأجابه مسترسلاً في الكذب:

-دي ولية ماتعرفش ريحة النضافة، غلبت معاها بالحُسنى والكلمة الطيبة، مافيش، يا ستي يهديكي يرضيكي أبدًا، ده غير لسانها الزفر، أعوذُ بالله.

احتج الرجل على لسانه السليط، وقال متنحنحًا:

-لأ متقولش كده، مهما كان دي أم عيالك وآ ....

قاطعه بتشنجٍ:

-خلوني مكتوم وساكت، وربنا ده اللي هياخدها ما هيطقها دقيقة.

لامه الرجل الآخر في تبرمٍ:

-عيب يا جدع.

غمغم "فضل" قائلاً بسخط:

-اللي مايعرفش يقول عدس.

واستمر على تلك الحالة يلقي بالتهم جزافًا على زوجته إلى أن ضجر أحد الجالسين على مقربة منه مما يقول، ثارت حمئته، وانتفض يوبخه بتعصبٍ:

-إيه يا عم "فضل"؟ مايصحش اللي بتقوله ده .. ده إنت بتخوض في الأعراض.

زجره في برودٍ:

-ملكش دعوة.

هدر الرجل به مهددًا بتشنجٍ أكبر وهو يلوح بذراعه:

-لأ ليا، ولو غلطت هنضارب فيها.

رمقه "فضل" بنظراتٍ شمولية كانت مستخفة في البداية، وبحسبة عقلية أدرك أن فارق القوى الجسمانية لصالح هذا الرجل، فأشاح بوجهه بعيدًا عنه، وقال بفمٍ ملتوٍ في امتعاضٍ:

-روح الله يسهلك، مش ناقصة غباء.

توعده الرجل بنديةٍ واضحة:

-ماشي، ماترجعش تزعل من اللي هيحصل فيك.

ثم قذف بقدمه الكرسي الخشبي ليرتد على الأرضية في ارتطامٍ عنيف جعل الأنظار كلها تتجه إليهما، قبل أن يترك المقهى ويغادره، تبادل بعدها "فضل" نظرات حذره مع رفيقيه، وقال وهو يضع خرطوم النرجيلة في فمه:

-واحد فاضي، أنا عارف محموء على إيه، دي فردة قديمة قلعتها من رجلي.

شجعه الرجل الأول على مواصلة الحديث عن طليقته قائلاً بخبث:

-سيبك منه، وكمل.

لم يعبأ بالتهديد الذي تلقاه، واستمر في تلفيق حكاياته الكاذبة عنها، كأنما ينفس عن غيظه منها بهذا الأسلوب المتواضع والدنيء.

.................................................. ......

وقفت مرتكنة بظهرها على الحافة الخشبية وهي تكتف ساعديها معًا لبعض الوقت تراقب شقيقها في هدوءٍ، وتلك الابتسامة اللطيفة على محياها، تطلع "تميم" عبر شرفته للفضاء الفسيح أمامه، لم يشعر بوجود "هاجر" حوله، بدا لها وكأنه يسرح في ملكوت خاص به، توقعت أن تكون (هي) سبب شروده، بالرغم من عدم مشاركته لها عن مكنونات صدره تجاه إحداهن؛ لكن كأنثى أنبئها حدسها بهذا، حمحمت بصوت مرتفع لتخرجه من عالمه الخيالي، فانتصب في وقفته، واستدار ناظرًا إليها. خطت نحوه مقترحة عليه بوجهٍ مبتسم:

-أعملك حاجة ياخويا تشربها؟

رد نافيًا بتهذيب وهو يرفع كوب شايه الفارغ:

-لأ، كله تمام.

وقفت إلى جواره، واستندت بمرفقيها على الحافة الحديدية قائلة له بغموضٍ:

-طب بأقولك إيه، كنت عايزة أروح معاك في مشوار كده.

ركز بصره عليها متسائلاً بنبرة مهتمة:

-مشوار إيه ده؟

بادلته نظرة طويلة ذات مغزى قبل أن تخبره ببسمة ماكرة:

-عايزة أزور "فيروزة".

لم تتوقع ردة فعله عندما تبدلت ملامحه المسترخية للتوتر والخوف، بل وملاحقته لها بأسئلته المذعورة:

-ليه؟ حصلها حاجة وحشة؟ أمها اتصلت وعرفتكم بده؟ هي مش كانت كويسة؟

قطبت جبينها في دهشة، فصاح بصبرٍ نافذ:

-ما تكلمي يا "هاجر".

حافظت على نعومة بسمتها وهي ترد:

-لأ، هي بخير.

تنفس الصعداء، ولفظ الهواء بصوتٍ مسموع، فتابعت قائلة بعبثيةٍ:

-متقلقش أوي كده يا سيد المعلمين.

مرر يده على رأسه، ووضعها خلف مؤخرة عنقه مبررًا لهفته بتلعثمٍ مكشوف:

-ده .. أنا آ...

هتفت ضاحكة في استمتاعٍ:

-خلاص يا خويا، دي كل الحكاية إني كنت عايزة أشوفها شوية، وأقعد معاها، يعني تحس إن في حد بيسأل عنها.

رؤياها تعني نقل جوارحه إلى أسمى مناطق العشق، كما لو كان كاهنًا يتعبد بصلوات إخلاصه في محراب جمالها الآخاذ، هز رأسه بإيماءاتٍ صغيرة متعاقبة، فسألته بعينين لئيمتين:

-ها قولت إيه؟

حاول أن يبدو جامد التعبيرات وهو يرد:

-ماشي .. شوفي إنتي عايزة تروحي إمتى.

بقيت أنظارها عليه مبدية تمتعها برؤية تخبطه اللذيذ قبل أن تمنحه جوابها:

-على بكرة بأمر الله.

خفق ما كان ساكنًا بنبضاتٍ واثبة، ترجو بتلهفٍ راغب، انقضاء ساعات الليل في لمح البصر، ليجمعه بها لقاء جديد لطالما انتظر حدوثه. تنحنح "تميم" قائلاً بلهجةٍ ظهرت غير جادة:

-طيب.

ربتت "هاجر" على جانب ذراعه تشجعه بغمزة من طرفها:

-فضي نفسك بقى.

أدار رأسه مجددًا ناحيتها، وبادلها ابتسامة متحمسة لم يقاوم إخفائها على شفتيه، ثم قال:

-حاضر.

انصرفت شقيقته من الشرفة، وبقي في أوج ترقبه، لخفقةٍ بعينها، لا تصيب القلب إلا في وجودها!

.................................................. .....

ضبطت من وضعية الملاءة، وجذبت أطرافها لتصبح متساوية عند الجانبين وهي تطلع توأمتها على تبعات زيارة زوجها لوالدته في المشفى النفسي، لم تكن ملمة بعد بالتفاصيل الدقيقة؛ لكنها توقعت أن حالة الاستياء العظيمة التي نالت منه تعود للقائه بها. تنهدت "همسة" قائلة بنهجانٍ خفيف:

-الحمدلله إنها جت على أد كده، بس صعبان عليا أوي، مش ملاحق المصايب اللي فوق دماغه.

جلست على المقعد مريحة ظهرها، وأضافت وهي تمسح حبات العرق عن جبينها:

-ربنا يعدل حالنا جميعًا.

أصابها النشاط فجأة وهي تستطرد:

-صحيح أما في خبر بمليون جنية لازمًا تعرفيه.

نظرت إليها "فيروزة" في عدم اكتراثٍ؛ لكن توأمتها نهضت من مكانها لتجلس على طرف الفراش، وأخبرتها بنوعٍ من التشفي:

-المفترية مرات خالك، اتحول ورق قضيتها للمفتي، لسه عارفة بالخبر ده، يعني طازة.

وعلى غير المعتاد راق ما سمعته لها، وانعكس هذا في بسمة باهتة زحفت إلى شفتيها. تكلمت شقيقتها قائلة:

-إن شاءالله تاخد جزائها، وربنا يعين ماما على تربية "رقية"، ما هو أكيد خالنا مش هايقدر على كده لوحده.

لوهلة كسا الحزن وجه "همسة"، وبدا مقروءًا في عينيها كذلك عندما قالت برجاءٍ:

-نفسي أوي يا "فيرو" تردي عليا زي زمان، مفتقدة كلامك معايا جدًا.

استعدادها لمشاركة غيرها الحوار كان وشيكًا؛ لكنها ما زالت تفتقد ما يستحثها على تنفيذ هذا، منحت "فيروزة" توأمتها ابتسامة متفهمة، فبرزت أسنانها جراء بسمتها العريضة والمسرورة لتجاوبها البسيط معها، تلقائيًا قامت من مكانها لتحتضنها وهي تخبرها:

-ربنا يخليكي ليا.

................................................

بتوترٍ لا يمكن إنكاره فرك "تميم" كفي يده معًا، محاولاً كبح التخبط المستبد بكيانه الآن، وهو يتجاوز الردهة الطويلة متجهًا إلى حجرتها بالمشفى، لم يكن من المنطقي أن يكون على تلك الحالة الغريبة، وهو من يهاب غضبته أشد الرجال خشونة! بدا ما يجابهه ملحوظًا لشقيقته، فسألته في استغرابٍ:

-مالك قلقان كده ليه؟

قال على عجالةٍ:

-أنا عادي على فكرة.

قبضت "هاجر" على ذراعه، وضغطت بيدها برفقٍ عليه وهي تؤكد عليه بلطفٍ:

-دي زيارة يا "تميم".

بنفس الملامح المرتبكة علق عليها:

-أيوه .. مظبوط.

وصل الاثنان عند باب غرفتها، وهناك تصاعدت دقات قلبه كقرع طبول الحرب، رعشة متحمسة سيطرت عليه، تنفس بعمقٍ لعدة مرات ليضبط من انفعاله، التفت ناحية شقيقته يسألها وهو يعدل من ياقتي قميصه الأزرق الجديد:

-شكلي كويس؟

أجابت بابتسامة ماكرة:

-عريس.

حذرها بتوترٍ:

-"هاجر"!

كتمت ضحكتها قائلة بجدية زائفة:

-حاضر يا خويا، يالا بينا.

لم تمنحه فرصة للاستعداد لهذا اللقاء المشوق، حيث دقت على الباب مستأذنة بالدخول، فتضاعف حماسه كثيرًا، سبقته في خطواتها مُلقية بالتحية:

-السلام عليكم.

ردت عليها "همسة" بترحابٍ:

-وعليكم السلام، يا أهلاً وسهلاً، في ميعادكم مظبوط.

أردفت "هاجر" متسائلة بشكلٍ روتيني:

-إزيك يا "همسة"؟ عاملة إيه؟

أجابتها بعد زفيرٍ متعب:

-الحمدلله في نعمة.

تجاوزتها لتقف أمام فراش شقيقتها، وسألتها بوجهها البشوش:

-أخبارك إيه يا "فيروزة"؟ أنا جاية مع أخويا عشان نشوفك النهاردة ونطمن عليكي.

مع كلماتها الأخيرة استدارت برأسها نصف استدارة لتشير إلى وجوده خلفها، فضاقت عينا "فيروزة" ناحيتها باندهاشٍ، على ما يبدو لم تكن على علمٍ بمجيئه مسبقًا، أو ربما أخبرتها توأمتها خلال شرودها المتكرر بهذا ولم تنتبه لها. انتشلتها من تفكيرها التخميني قول "هاجر" المتفائل:

-بس بسم الله ما شاء الله، وشك منور، لأ ولسه، لما ترجعي بيتك، هتبقي أحسن.

في الخلف سعى "تميم" لمقاومة مشاعره المعاتبة لعدم جراءته على اتخاذ أي خطوة واللحاق بشقيقته، حيث تجمد في مكانه، والتردد متمكن منه، انتاب عقله هاجسًا مخيفًا من احتمالية رفضها لتواجده، فتراجع في رهبةٍ، والشحوب يزحف على بشرته، كور قبضته مخاطبًا نفسه:

-إنتي أكتر حاجة اتمنيت تحصلي، وخايف أكون خسرتك، وأنا ماليش ذنب غير إني حبيتك وبس.

نداء "هاجر" له جعل جسده ينتفض، فانحلت عقدة قدميه، وانزلق سائرًا للداخل، ليجد بهاءً فطريًا ما زال بانتظاره. قابلت عيناه الدافئتين وجهها الهادئ، فانطلقت شرارات الحب في حدقتيه لتغدو أكثر عمقًا وحبًا، تقدم دون ترددٍ من فراشها، فالروح اشتاقت لساكنها. وقف "تميم" أمامها محدقًا بها بنظرات مطولة، تاركًا للغته غير المنطوقة الفرصة للبوح بما يمتنع اللسان عن النطق به حاليًا.

شهدت "هاجر" بأم عينيها ما لم تكن لتصدقه عنه، شقيقها يعشق بحق! لمعت نظراتها بفرحةٍ لفرحته، وطلبت منه بجدية:

-حط الشنطة عندك يا "تميم".

قال بارتباكٍ:

-طيب.

ثم أسند ما ابتاعه من عصائر وحلوى على المنضدة المجاورة للفراش، حاولت "هاجر" من تلقاء نفسها خلق فرصة طيبة لشقيقها للانفراد بمعشوقته دون مقاطعة، فاستدارت نحو "همسة" تسألها:

-بالحق يا "همسة"، هو إنتي كنتي خدتي حقنة التيتانوس؟

أجابت الأخيرة نافية:

-لأ لسه.

سألتها من جديد باهتمامٍ مفتعل:

-دكتورك قال إمتى؟

حكت "همسة" جبينها قائلة:

-مسألتوش.

جذبتها "هاجر" من ذراعها برفقٍ نحو النافذة وهي تخبرها:

-طب تعالي أما أقولك شوية نصايح على جمبك عشان تفيدك الفترة الجاية.

تحمست لاقتراحها، فقالت مرحبة وهي تسير معها:

-يا ريت.

كان ممتنًا بشدة لما حدث؛ وإن كان يشك في نوايا شقيقته؛ لكنها أعطته مساحة من الخصوصية. جلس "تميم" على المقعد، ليبدو في مستوى نظرها، بلع ريقه الجاف في حلقه، واستطرد يسألها بصوتٍ خافت:

-إيه أخبارك؟

ابتسم متابعًا بنفس النبرة الخفيضة، وهو يشير بنظراته نحو "هاجر":

-أختي رغاية حبتين، بس طيبة والله، ومابتشلش في نفسها.

أطل شغف متعاظم من عينيه وهو يتطلع إليها عن قربٍ، بدت بهية رغم تعبها، مثيرة للحب رغم جمودها، شاع المرح في قسماته وهو يتنحنح مرددًا بربكةٍ حرجة:

-احم .. جدي كان قالي إنه جه زارك، هو أصله بيحبك أوي ...

تحاشي النظر إليها وهو يتم باقي كلامه:

-الصراحة كل العيلة عندي بتحبك وبتعزك جدًا.

لم يطمع في أكثر من هذا؛ لكن ابتسم الحظ له، وبسطت "فيروزة" كفها المحتضن لميداليته، فاتسعت عيناه مذهولاً، وتضاعفت دهشته مع همسها المقتضب:

-ليه؟

باغتته بسؤالها، فقد كان يعلم جيدًا أنها عازفة عن الكلام بإرادتها، أحس بخفقةٍ تعصف بصدره، بقلبه يقاتل للتحرر من ضلوعه، وبغزو الأدرينالين المتحمس لكامل عروقه. ظلت نظراتها الحائرة مسلطة عليه، ازدرد ريقه، وعمق من نظرته ناحيتها وهو يجيبها بنبرة ما زالت خافتة:

-عشانه شبهك ...

رفعت حاجبها للأعلى في اهتمامٍ، فأسبل عينيه مكملاً بتنهيدة، وتلك البسمة النضرة تزين ثغره:

-ده غير إنه .. بيفكرني بحد شجاع أوي، زمان رمى نفسه في النار عشان ينقذ غيره، رغم إنه مكانش يربطه بيه حاجة.

ودَّ لو احتضن كفها في تلك اللحظة، وأطبق على أناملها المحتوية لهديته، لتشعر بصدق وعده وهو يخبرها:

-أنا عايزك متخافيش، أنا جمبك، ولو وقعتي اتسندي عليا ..

تدارك سريعًا زلة لسانه –المقصودة تلك المرة- مصححًا:

-يعني علينا كلنا عشان تقفي، احنا أمانك وضهرك، احنا موجودين عشانك.

للمرة الأولى، بعد معاناتها الأليمة، منحته شفتاها بسمة صغيرة سرعان ما سحبتها بعد ثوانٍ؛ لكنها جعلته ينطلق ويحلق في الأفق الفسيح من شدة فرحته، اتسعت ابتسامته حتى برزت نواجذه، وسألها مازحًا وهو يقفز من على المقعد بسعادة مثيرة للشكوك:

-تاخدي عصير؟

أخرج من الكيس البلاستيكي علبة كرتونية، ناولها إياها وهو يقول:

-ده تفاح ...

لم ترفضها منه، فأصبح أكثر حماسًا بالتطور المشوق الذي أحرزته، جلس مجددًا وردد بمزاحٍ:

-صحيح مش زي الفاخر اللي يستاهلك، بس أهوو حاجة حلوة تبلي بيها ريقك.

انطلقت طاقة فياضة من المشاعر الصادقة في تلك اللحظة، عجز عن كبحها، أو حتى إعادتها إلى مهدها، ولسانه يتحرك ليعترف لها دون احترازٍ:

-صوتك وحشني ....................................... !!!

.................................................. ..










منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 07-04-21, 01:28 AM   #920

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9




الفصل مائة وثلاثة عشر




أسكرته النظرات الساهدة من جوهرتيها، فغار القلب من فطرة جمالها، وجعل اللسان الأحرف تتشكل بمعسول عباراتها، لتنطق عفويًا بما يعمر الروح الخاوية. لم يبدُ "تميم" نادمًا على تصريحه النزق، كان يعني كل ما عبر عنه بمختصر الكلام ويفيض عنه أضعافًا، تطلعت إليه "فيروزة" بعينين تضيقان في حيرة، لم تحتج على ما سمعته، ولم تستاء منه، بدت وكأنها استمدت طاقة خفية من مشاعره النقية. لسعادته أعطته بسمة أخرى أقل في مدتها؛ لكنها أرق في نعومتها.
كاد يرقص فرحةً وهو جالس قبالتها، تحول في غمضة عين لطفل صغير فاز لتوه بتذكرة مجانية لمدينة الملاهي، حمحم يسألها وهو يشير نحو علبة العصير الممسكة بها:
-تحبي أفتحهالك؟
أخفضت نظراتها تلقائيًا نحو العلبة، وعادت لتحدق فيه بترددٍ، فأصر مشيرًا بيده، وللغرابة لم تمانع إعادتها إليه ليفتحها لها! ابتسامة عريضة ممتزجة بحماسٍ ووله طغت على كامل قسماته، انتفض مع لمسة غير مقصودة من أناملها وهو يناولها إياها مجددًا؛ كأنما لامس جسده تيارًا كهربيًا، مع فارق أنه من النوع المنعش للحواس.
نظرات خاطفة بين الحين والآخر سددتها لهما "هاجر"، كذلك كانت تتعمد إطالة الوقت مع "همسة" في الحديث عن مواضيعٍ شتى، لتلهيها عن توأمتها، علَّ شقيقها يحظى بفرصة طيبة مع من أنسته الأحزان، وأوجدت الآمال. تحولت كافة الأنظار نحو باب الغرفة عندما أطل منه الطبيب وهو يلقي التحية:
-مساء النور.
تحركت "همسة" لتستقبله قائلة:
-مساء الخير، اتفضل يا دكتور.
اضطر "تميم" آسفًا أن ينهض من مكانه، ويتراجع بعيدًا عند الزاوية، ليمنح الطبيب المساحة للقيام بفحصه الروتيني لمريضته، خفق قلبه سرورًا عندما سمعه يردد في رضا:
-عال أوي، أنا شايف في تحسن كبير، يعني أقدر أقول إنه ممكن أكتبلك على خروج النهاردة.
هللت "همسة" في سعادة شديدة:
-بجد يا دكتور؟ الله ده أحلى خبر.
ضحكت "هاجر" مضيفة بتلميحٍ شبه متوارٍ:
-ماشاء الله، باين وشك حلو عليها يا "تميم"...
ثم غمزت له بطرف عينها وهي تتم جملتها:
-مش كنا نعمل الزيارة دي من بدري؟
تحرج "تميم" من أسلوب شقيقته الملتوي في إظهار اهتمامه بـ "فيروزة" بهذا الشكل، وحاول ألا ينظر في اتجاه الأخيرة فلا يشعرها هي الأخرى بالحرج، وأولى ظهره للجميع، مدعيًا تطلعه للمشهد خارج النافذة. أضافت "همسة" بمزيدٍ من السرور:
-دي ماما هتفرح أوي لما تلاقيها داخلة عليها البيت.
ردت عليها "هاجر" تؤيدها:
-طبعًا، وإن شاء الله ترجع تنوره، هو البيت يبقاله حس من غير أصحابه؟
ثم ركزت أنظارها على "فيروزة" تسألها في خبثٍ:
-وعقبال ما تنوري دكانك يا حبيبتي كمان، ولا إيه؟
رغمًا عنه أدار "تميم" رأسه ليختلس النظرات نحو "فيروزة" من زاويته، أراد بشدة معرفة ردة فعلها، ولدهشته العظيمة أومــأت برأسها إيجابًان فطرب القلب بعد جفاءٍ، وابتهج بعد كربٍ. تابعت "هاجر" قائلة بلؤمٍ، ونظراتها الماكرة تتجول تارةً على "تميم"، وتارة على معشوقته:
-احنا هنتسناكو عشان نوصلكم، مايصحش تاخدوا مواصلات واحنا هنا.
اعترضت عليها "همسة" بقليلٍ من الحرج:
-يعني هنتعبكم معانا وآ...
قاطعتها "هاجر" بإصرارٍ ودي:
-تعب إيه بس؟ ده احنا أهل وآ...
تعمدت النظر في اتجاه "تميم" وهي تختتم جملتها:
-حبايب.
برقت عيناه مصدومًا من تلميحاتها المتعمدة، وشعر بانكشاف أمره، فخفض رأسه حرجًا، محاولاً تخبئة ما يعتريه من توتر وربكة، بينما شكرتها "همسة" بامتنانٍ كبير:
-ربنا يخليكوا لينا.
تنحنح بعدها "تميم" قائلاً، وهو يتحاشى النظر نحو الجميع:
-احم .. أنا هاقف برا.. وخدوا راحتكم.
ردت عليه "هاجر" بضحكة لطيفة:
-خليك قريب يا خويا، عشان أما نناديلك.
رمقها بنظرة مزعوجة؛ لكنها لم تبالِ بتحذيره البائن فيها، كانت تريد بذل ما في وسعها لتمهيد الطريق إليه، وإن كان دون إرادته.
.................................................. .........
وقف بالخارج في حالة جمعت بين أحاسيسٍ متنوعة: اللهفة، الشوق، السرور، الهيام، والحماس. لم ينكر "تميم" انزعاجه من تصرفات شقيقته الجريئة، والمناقضة لطبيعته المتحفظة بشأن ما يخص أموره الخاصة، حاول ردعها بنظراته، وبملامحه المحذرة؛ لكنها تجاهلته لتثير في الأجواء ما لم يكن ليفعله بمفرده مُطلقًا، وجد نفسه يبتسم ببلاهة وهو يمسد بيده على رأسه، حين استعاد في مخيلته حواره اللطيف المفعم بالأمل والابتهاج مع "فيروزة"، شعر مرة أخرى باندفاع قلبه بين ضلوعه، بخيطٍ أصيل من الضوء يبدد الظلمة الكائنة في الروح، كل هذا جدد الأحلام في نفسه، فرفع بصره للسماء مناجيًا بتضرعٍ:
-يا رب قرب البعيد، يا رب ماتردش دعائي ليك.
لبرهةٍ تمسك باعتقاده بأنه أذاب جزءًا من الجليد الفاصل بينهما، وإذا استمر الوصـال بينهما على ذلك الوضع، لربما رقَّ الفؤاد، وتذوق حلاوة الغرام. انخفضت عيناه نحو يده، تأمل أصابعه التي لامستها دون قصدٍ بنفس الملامح المتفائلة، احتضن كفه بالآخر، وأكد لنفسه بعد تنهيدة عاشقة:
-الإيد مش هتمسك واحدة غيرك.
.................................................. ........
بقلبٍ ما زال يئن في صمتٍ، أصر "هيثم" على اصطحاب زوج خالته، والجد "سلطان" إلى منزل أبويه، دون أن يمنح أيًا منهما التفسير وراء هذا الطلب المُلح. أوقف السيارة أمام مدخل البناية، وترجل منها بخطواتٍ أظهرت انكسارة نفسه، في حين تبادل "بدير" مع أبيه نظرات غريبة حائرة، واتجه ثلاثتهم للداخل. صعد "سلطان" الدرجات بتؤدةٍ تخفيفًا لآلام ركبتيه، وسأله قبيل بلوغه للطابق المتواجد به المنزل:
-خير يا واد، جايبنا هنا ليه؟
نظر له بخزيٍ وهو يجيبه:
-هتعرف دلوقتي يا جدي.
قال بلمحةٍ من السخرية:
-يا خبر بفلوس.
فتح "هيثم" باب المنزل، وأشار لهما بالدخول بعد إضاءة البهو، فردد "بدير" بصوتٍ خفيض موجهًا سؤاله لوالده:
-هو قالك حاجة يابا؟
أجابه نافيًا:
-لأ، العلم عند الله.
أجلسهما "هيثم" على الأريكة، وانسحب مغادرًا ليختفي بالداخل للحظاتٍ قبل أن يعود ومعه الحقيبة الجلدية، وضعها نصب أعينهما، فبادر "سلطان" متسائلاً بفضول:
-إيه دي؟
حرك السحاب ليكشف عن محتوياتها الغامضة، وأجاب وهو يقرب الحقيبة منهما بعد أن ظهر ما احتوته من أموال ومشغولات ذهبية:
-ده حقكم.
قطب "بدير" جبينه متسائلاً في دهشة:
-حقنا؟
خنق "هيثم" الغصة القاسية في حلقه، وأوضح لهما:
-أيوه، أنا عرفت كل حاجة خلاص، وفهمت إن أمي كانت عاملة حوارات كتير عشان تستغلكم وتسرق بفلوسكم على حِس إنه حق أبويا الله يرحمه.
تشدق الجد متسائلاً بوجهٍ غير مقروء التعبيرات:
-إنت لاقيت اللي تحت البلاطة؟
اتجهت أنظار "هيثم" إليه، بعد أن حل الذهول على ملامحه، وسأله مصدومًا:
-كنت عارف يا جدي؟
أومأ برأسه مقتضبًا:
-أيوه.
نخر الحزن في وجدانه، وقال بعنادٍ:
-أنا مش عايز الفلوس دي.
تبادل "بدير" مع أبيه نظرة غريبة، ذات دلالة ما، قبل أن ينطق بحسمٍ:
-ولا احنا يا ابني..
تفاجأ من رفضهما المريب، وزادت استرابته بإضافة "بدير" المتسائلة:
-هو إنت فكرك مكوناش فاهمين هي بتعمل إيه؟
أشار "سلطان" لابنه بالصمت قائلاً:
-استنى يا "بدير".
رد في طاعة:
-اتفضل يابا.
حملق "سلطان" في وجه "هيثم" المتجهم، وأخبره بتريثٍ:
-لما أمك كانت مفكرة نفسها بتستنصح علينا، كنا بنجاريها، بمزاجنا، مش علشانها، بس عشانكم إنتم...
تعقدت ملامحه أكثر والجد يواصل حديثه:
-إنتو تخصونا، ومش هنسمح لولاد "غريب" يتبهدلوا من بعده.
هتف متسائلاً بصوته المتألم:
-طب ليه سكتوا على كدبها؟
بعد زفيرٍ بطيء خاطبه دون أن يبعد نظراته عنه:
-احنا بنراعي الأمانة، أبوك الله يرحمه كان شايل قرشين معانا على جمب، مش قايلها عليهم، احنا دورناهم في السوق وشغلناهم بمعرفتنا، واللي كان بيطلع كنا بنديهولها وزيادة، أول كل شهر، من غير ما تعرف أصل الفلوس دي إيه، مفكراها إحسان، بس الحقيقة غير كده، لأن أبوك وصانا مانجبش سيرة مهما حصل.
امتلأ وجهه بالمزيد من علامات الذهول، وتضاعفت كثيرًا مع إضافته للجملة الأخيرة:
-وكنت عارف إنها مخبية الفلوس تحت البلاطة.
تدلت شفته السفلى عن صدمةٍ أكبر، والجد ما زال يؤكد له:
-أيوه، ماتستغربش، ده سر أبوك ليا، "بدير" نفسه ما يعرفوش.
تراخت ساقا "هيثم" فجلس سريعًا على الأريكة ناظرًا إليه في عجزٍ ودهشة، حاول الجد تهوين ما يعانيه الآن، فخاطبه بلين الكلام:
-هاقولك على حاجة يا ابني...
لمعت عيناه بدموعِ الخذلان، مما جعل "بدير" يتعاطف معه كثيرًا، ويشفق على حاله البائس، بينما استمر "سلطان" في إخباره:
-شوف، الرزق ده بتاع ربنا، إنتو ليكم نصيب في حاجة، ربنا بيبعته ليكم عن طريقنا، فاحنا مش هنمنعه عشان زعلانين من أمك ولا من غيرها.
رد معترضًا بألمٍ:
-بس هي ظلمتكم جامد، وخليتنا غصب عنا نكرهكم.
تقوست شفتاه عن بسمة ساخطة أتبعها قوله:
-محدش بياخد أكتر من نصيبه، وأمك خدت نصيبها سواء من الكره، أو الفلوس.
هب "هيثم" واقفًا، وصاح برفضٍ قاطع:
-وأنا مش عايز الفلوس دي، جابت معاها الغل والحقد وآ...
قاطعه الجد بلهجةٍ ما زالت تحتفظ بهدوئها:
-ده حقك إنت والمرحومة أختك.
تمسك برفضه المعاند:
-بس ده آ...
قاطعه بصرامةٍ نسبية:
-بأقولك إيه سيبك من حكاوي الماضي، خليها مطرح ما هي، إنت دلوقتي راجل متجوز، ومراتك هتجيبلك بعد كام شهر عيل صغير، فالمفروض تفكر في مستقبله.
جلس مرة أخرى في مكانه، وقال وهو يحني رأسه على صدره:
-أنا عقلي مش فيا.
استطرد "بدير" هاتفًا بابتسامة متحمسة قليلاً:
-أقوله يابا على المفاجأة.
رفع بصره إليه، والحيرة تكسو تعبيراته المهمومة، بينما منحه الجد موافقته، فاستمر موضحًا:
-واحنا يا "هيثم" مش ناسينك.
زوى ما بين حاجبيه مرددًا:
-مش فاهم!
استقام في جلسته، وأخبره بصيغة متسائلة:
-عارف محل "عادل" العجلاتي اللي بعدنا بناصيتين؟
هز رأسه إيجابًا وهو يجيبه:
-أه، ده مقفول بقاله زمن.
نطق بتعابيرٍ مبشرة:
-احنا كلمنا صاحب العمارة، وأجرناه باسمك.
هتف غير مصدقٍ، وقد اتسعت عيناه على الأخير:
-إيه؟
تلك المرة تكلم الجد في هدوءٍ:
-ماتستغربش، حوشنالك فلوس الكام شهر اللي فاتوا ودفعناهم خلو للمكان.
وأضاف عليه ابنه يحفزه:
-اتجدعن بقى عشان تشغله قبل ما تتلبخ في الولادة، وطلبات العيل.
أدمعت عيناه تأثرًا بصنيعهما الكبير، وقال في امتنانٍ شديد:
-أنا مش عارف أقولكم إيه؟!
ضحك الجد وهو يُمازحه:
-تقولنا اتفقولي مع التجار.
.................................................. .....
زغرودة أتبعتها بأخرى -في نفس قوتها وتعبيرها عن فرحتها العامرة- أطلقتها "آمنة" حينما رأت ابنتها تقف عند أعتاب باب المنزل، وإلى جوارها شقيقتها تحاوطها من كتفها، انسابت العبرات السعيدة من عينيها، وأخذتها في أحضانها مرددة بلهفةٍ:
-حمدلله على سلامتك يا "فيروزة"، نورتي البيت يا غالية.
شدت من ضمها لها، وظلت تمسح على ظهرها بحنوٍ أمومي مشتاق إليها. أقبلت على صوت زغاريدها المبتهجة الصغيرة "رقية"، فقفزت طربًا لرؤية ابنة عمتها، وركضت إليها تناديها:
-"فيروزة"!
انضم إليهن "خليل"، وحرك مقعده المدولب في اتجاه الباب محاولاً الترحيب بها أيضًا، فقال بصوتٍ لا يخلو من سعادته:
-البيـ..ت مكانــ..ش ليه حــ..س من غيــ...رك.
هتفت "همسة" قائلة وهي تمسح دموعها العالقة في أهدابها:
-طب خلونا ندخل، مش هنفضل واقفين على الباب كده.
ردت عليها والدتها بصوتٍ شبه متأثر:
-من فرحتنا يا "همسة" بأختك، الحمدلله إن ربنا نجاها من اللي كانت فيه...
ثم أحاطت ابنتها من كتفيها؛ كأنما تحميها من المخاطر المحدقة بها بتلك الطريقة البسيطة، وحثتها على التحرك معها قائلة:
-تعالي يا حبيبتي.
أوصلتها على مهلٍ إلى غرفتها، ووجهت كلامها إلى توأمتها وهي تزيح الغطاء لتهيئ لها الفراش حتى تستلقي عليه:
-بس مقولتيش إنكم جايين ليه؟
أجابتها مسترسلة:
-كله حصل في تكة يا ماما، الدكتور دخل شافها، وقالنا بقت أحسن، وهيكتبلها على خروج، والحمدلله إن "هاجر" وأخوها كانوا موجودين ساعتها، مارضيوش يسبونا لوحدنا، ووصلونا لحد هنا.
تأكدت "آمنة" من تمديد ابنتها لجسدها، وامتدحت حسن أخلاقهما بترديدها
-ناس جدعة، وكلها شهامة ...
ثم تحولت نبرتها للتوبيخ إلى حدٍ ما وهي تسأل "همسة":
-طب ما عزمتيش عليهم ليه يا فالحة يطلعوا؟
أخبرتها الأخيرة بصورة عفوية:
-عملت كده، بس هما مرضيوش خالص، يعني عايزين يسبونا على حريتنا.
زمت شفتيها معقبة عليها:
-ناس أصيلة، فعلاً عيلة تفتخري بمعرفتها.
وافقتها الرأي، وقالت:
-أه والله.
تأكدت "آمنة" من تغطية جسد "فيروزة"، بعد أن تقلبت على جانبها لتغفو قليلاً، وأشــارت لابنتها الأخرى، وللصغيرة "رقية" بالانصراف، حتى لا يزعجاها، ثم أغلقت الباب من خلفهما، وأردفت متسائلة:
-صحيح جوزك عامل إيه دلوقتي؟
التفتت "همسة" ناظرة إليها وهي ترد:
-الحمدلله
سألتها بنبرة مهتمة:
-قالك على اللي مضايقه؟
هزت رأسها نافية وهي تجاوبها:
-لأ، وأنا بصراحة محاولتش أعرف.
علقت في استحسانٍ:
-سبيه، كده أحسن، هياخد وقته، وهتلاقيه يفضفضلك ...
اكتفت بتحريك رأسها كنوعٍ من التعبير عن استجابتها لنصيحتها، بينما تابعت "آمنة" توصيها:
-وإنتي من عندك شوية، لا تزعليه ولا تكسري بخاطره.
ردت مؤكدة لها:
-ربنا اللي عالم أنا بأعمل إيه معاه.
وضعت "آمنة" يدها على كتف ابنتها، وقالت بعد زفير بطيء:
-هو مالوش غيرك دلوقتي، واحنا مجربين الهم لما بيعشش جوا قلب الواحد.
ضمت شفتيها في أسفٍ، قبل أن ترد:
-معاكي حق يا ماما.
.................................................. .....
-سامع الزغاريط؟
استخدمت "هاجر" تلك الكلمات في سؤال شقيقها، أثناء جلوسها معه في السيارة، كنوعٍ من تحفيزه بشكلٍ متوارٍ وسبر أغواره الكامنة، عله يحرك ساكنًا، ويعترف لها بما يخبئه في أعماقه، فتسعى بطريقتها لتمهيد الطريق له، بقيت كل نظراتها عليه، وأضافت بمكرٍ، وتلك البسمة العابثة على محياها:
-مش كنا طلعنا معاهم؟
استحثته كل ذرة في كيانه على الصعود معها، ومرافقتها حتى اللحظة الأخيرة؛ لكنه قاوم تلك الرغبة بكامل ما أوتي من عزمٍ، حاول أن يبدو غير مهتم، وأخبرها بوجهٍ جاد:
-بلاش نبقى رزلين يا "هاجر".
ضحكت قائلة في استمتاعٍ:
-عليا برضوه يا "تميم"؟ ده إنت تلاقيك آ....
قاطعها محذرًا بجمود جدي:
-"هـــاجر"! مابحبش كده.
لم ترهبها نبرته، وحملقت فيه متسائلة بلؤمٍ:
-طب عيني في عينك؟
أدرك أنه لن يفلت من قبضتها الفضولية إن تابعت الضغط عليه بتلك الطريقة الأفعوانية، لذا أدار محرك السيارة، ولف المقود بكلتا يديه، ثم حرك رأسه بعيدًا عن أنظارها المراقبة له، ليقول بعدها بوجومٍ:
-لا عيني ولا رجلي، خليني أوصلك عشان أشوف شغلي.
استمرت في ضحكها المستمتع وهي ترد:
-ماشي، براحتك خالص يا خويا.
تنفس بعمقٍ، والتزم الصمت ساعيًا ألا يثير الشكوك، وإن كان متأكدًا أنها باتت على دراية بغرقه في بحور العشق حتى النخاع، وإن واصل إنكار هذا أمامها؛ لكنه بات على يقين كبير باقتراب مجيء هذا اليوم الذي يبصر فيه حبه النور، حينها ستزهر براعمه وتنضج على يد واحدة فقط، مملوكة لطاووسه النفيس ................................................. !!!
.................................................. ............











منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.