آخر 10 مشاركات
100- الإرث الأسر - آن ميثر - ع.ق - مكتبة زهران ( تصوير جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          نوفيــ صغار أسياد الغرام ـلا -قلوب زائرة- للكاتبة الآخاذة: عبير محمد قائد *كاملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          18 - بين السكون والعاصفة - كاى ثورب - ع.ق ( نسخة اصلية ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          1027 - القدر المشؤوم - سالي وينتوورث - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-09-20, 12:51 AM   #51

لولا السيد
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 472799
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 95
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » لولا السيد is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي مابين عينيك والبرية * حصرية *


" الفصل الثالث عشر "


وقف إلياس بجواره بسام ينظران لنور الذي صاح بهما فجأة
" لا لن أستطيع الانتظار أريد الذهاب الليلة لرؤية تلك الأنفاق ففضولي يقتلني ……"
ومن ثم وجه نظراته لبسام مستكملاً
" ألا تريد رؤية ما بداخل تلك الأنفاق أنت أيضاً …….."
أجابه بسام بلا مبالاة
" لا يشغلني الأمر كثيرا لكن إن كنتم ذاهبين فسآتي معكم ……"
بينما ابتسم إلياس في حماس وهو يقول
" تليد ينتظرني بالفعل عند المناجم سأذهب إليه بعد قليل لنستكشف الأمر إن أردتما الذهاب فمُرَحَب بكما ….."
ابتسم له نور قائلاً " هذا هو أخي لكن ماذا عن آدم ...؟ "
بتلك اللحظة قاطعتهم رفيف التي جاءت بزوبعتها المعهودة تحادثهم قائلة
" إن ذهبتم الي هناك بدوني فسأخبر الجميع ……."
نظر لها إلياس نظرة يتطاير منها الشرر ليعيد نظراته لأخيه مجدداً مجيباً إياه " آدم لن يستطيع الذهاب معنا فهو بحاجة للراحة عدة أيام حتي تشفي إصابته …..
كما أني أعتقد أنه لم يشغله أمر تلك الأنفاق من الأساس …"
فور انتهاء إلياس من حديثه جاءهم من الخلف تعجب سوفانا التي تحدثت قائلة " وأنا التي كنت آتية للبحث عنكم جميعاً لأجدكم مجتمعين هنا "
تساءل بسام " ماذا هناك …..؟ "
لتجيب سوفانا " آدم يريدكم جميعاً بالأعلي ومعكم زبير ……"
تعالت ضحكات نور الذي وجه الحديث لإلياس
" توقعاتك كانت خاطئة يا أخي ……"
ليزداد تعجب سوفانا بينما صَدَحَ تساؤل رفيف الفَرِحَة
" هل طلبني أنا أيضاً ….."
لتجيبها سوفانا وهي تبحث بعينيها عن زبير
" أجل طلبك أنت أيضاً يا رفيف ….."
لتتلألأ الفَرحة بأعين رفيف وتسبقهم في رتابة صعوداً علي الدرج
وقد شمخت بأنفها ليوسِع لها الشباب الطريق وبسام يكتم ضحكاته
بينما إلياس الذي يصدر لها النظرات الموَبِخَة وهو يمسك بنور الذي همَّ بمشاكستها لتسقط أرضاً مثلما كانوا يفعلون وهم صغار
………………………
فُتِحَ الباب ليطل منه إلياس برأسه وهو يمازح صديقه قائلاً
" للحظات ظننتُ أنك غير مهتم بالأمر ……"
ابتسم له آدم وهو يدعوهم للدخول ليدخلوا جميعاً وقد تحلقوا حول آدم الذي اعتدل في جلسته
وقد بادر بالحديث قائلاً لزبير الجالس بجواره
" زبير أتعلم ما تلك الأنفاق التي وجدوها أسفل المناجم ….."
ارتسمت ملامح الدهشة علي وجه زبير ليتساءل
" ومن أين لكم بمعرفة ذلك الأمر ……"
أجابه آدم قبضنا علي أحد رجالهم وهو من أخبرنا
فتنهد زبير ليجيب " لا أعلم عنها أي شيء ولم أدخلها من الداخل كل ما أعلمه أن ذاك رسلان عندما دخلها عاد ونظراته قد ارتسمت فيها الحيرة بصورة واضحة …….."
أومأ له آدم ليستكمل " نحن جميعاً يتآكلنا الفضول لنستكشف ما بداخل تلك الأنفاق لذا هلا سمحت لنا بالدخول فيها لمرة واحدة ومن بعد ذلك سنغلق الحفرة المؤدية لها ولن يعلم أحد بوجودها ……."
أخذ زبير يفكر للحظات في صمت ليجيب في النهاية
" أنا أعلم فضولكم جيداً ما دامتم أردتم فعل هذا الأمر
فلن يوقفكم رفضي له …"
ابتسموا له جميعاً بنظراتٍ مختلطة ما بين الحماس والحرج
ليستكمل زبير " متي تنوون الذهاب ……"
فرد إلياس سريعاً " فلنجعلها الليلة لقد واعدتُ تليد أن نقتحم المناجم اليوم لاستكشاف تلك الأنفاق وهو الآن ينتظرني هناك ….."
نظر له آدم قائلاً " كنت أعلم أنك ستذهب بدوني ان تأخرت عن اليوم "
بينما ابتسم زبير علي مشاكسة الاثنان لبعضهما ليتحدث قائلاً
" إذاً حُسِمَ الأمر هيا بنا ……."
……………………………..
ساروا جميعاً بجوار بعضهم البعض وهم يحملون المشاعل ليقطع الصمت تليد الذي تساءل
" أمتأكد يا زبير أن هذا هو الطريق الذي سلكه رسلان فلا يبدو لي أن هناك أي غرف هنا ….."
ليوميء له زبير مُأَكِداً وهو يطالع المكان من حوله
فلفت انتباههم صوت آدم الذي قال " ها قد عثرنا عليها ……"
نظروا جميعاً حيث أشار آدم ليجدوا أمامهم باب غرفة مغلق
ليدلفوا جميعاً للداخل وأخذ كل منهم يتفحص الكتب الموجودة بالغرفة من حولهم و التي أثارت ذهول الجميع ………
………………………
ارتفعت صيحة سوفانا الفَرِحَة
" يوجد هنا الكثير من الكتب النادرة التي لم أستطع العثور عليها يوميا
في علاج الأمراض والتشريح والكيمياء وغيرها "
فحذرها آدم " خذي ما تشائين لكن إياكِ والكتب المحذورة "
أومأت له سوفانا في فَرحَةٍ موافقة
بينما نادي إلياس
" أعتقد أن هذا هو الكتيب الذي عثر عليه رسلان عندما كان هنا ……"
ليترك الجميع ما بيدهم ويلتفوا حوله متسائلين عما بداخل الكتيب
نظر لهم إلياس في أسي قائلاً
" لقد حُرِقَت أغلب صفحاته ولم يبقي به إلا هذه الصفحة التي بالكاد أستطيع قراءتها ……"
فحدثه نور قائلاً " إذاً إقرأها لنا يا إلياس ….."
تطلع فيها إلياس قليلاً ليُخَيِم الصمت علي المكان
ومن ثم صدح صوته قائلاً " إنه العام الثالث لنا داخل تلك الحرب …
تعبنا كثيراً وسقط الكثير من حلفائنا أكتب هذه الكلمات وعبراتي تتساقط فيبدو أنه لا خيار لدي سوي الاستسلام لكن قبلها سأُدَمِر مايريدون أَخذَه "
صمت إلياس ليطالبه زبير الذاهِل بالمواصلة
فطالعه إلياس بنظراتٍ مشتتة " هذا كل المكتوب ….."
ليتعالي سؤال نور الدَهِش " إذاً ما الذي أوصل رسلان ومن معه لاستنتاج أن تلك الحرب قبل مئة عام ……"
ليجيب آدم " بالطبع أيها الذكي فالكتيب يحكي عن حرب قد قامت مع دول أخري وبالتأكيد ذاك قد حدث قبل مئة عام سواء ان كان قبل توقفنا عن استخدام التكنولوجيا بالكثير او القليل من الوقت لن يشكل ذلك فارقاً المهم ان تلك الحرب قد قامت في وقت كان يوجد فيه أناس غيرنا "
لتصيح رفيف في تذمر " صِدقاً أَوَدُ إكمال تلك القصة فأنا أُحِبُ سماع الحكايات عن العصور القديمة ليتني كنت أعيش قبل مئة عام حتي أعلم بَقِيَة القصة ……"
فصدح صوت تليد فَرِحاً وكأنه وجد ضالته " ربما لم تعاصِري تلك الفترة يا رفيف ولكن جد جارتي وصديقة طفولتي عمره مئة وسبعة عشر عاماً أي أنه كان علي قيد الحياة قبل مئة عام من الآن لذا فربما حدثت تلك الحرب بعدما وُلِد أو علي الأقل أخبره أحدهم بقصتها وهو طفل "
تهللت أسارير الفرحة علي وجه رفيف لتصيح بتليد
" خذنا إليه حالاً…."
ليوقفها صوت آدم قائلاً " رفيف يكفي لعب فلن يفيد بشيء معرفة بقية القصة أعتقد أنها انتهت بالاستسلام وأخذ الأسري كما ذُكِرَ في الكتيب "
و تنهد ليكمل " لقد كنتُ متحَمِساً لاستكشاف تلك الأنفاق الغريبة لكن أعتقد أن هذا أقصي ما نستطيع إيجاده بداخلها ……"
تذمرت رفيف قائلة " لكني أريد سماع ما حدث حقاً وليس مجرد توقعات "
وفجأة لفت انتباههم صوت زبير الذي خرج عن صمته وقد كان مكتفياً بالمراقبة …….
"هذه ليست المرة الأولي التي أسمع فيها بشأن تلك الحرب"
التفتت له جميع الرؤوس في وَجَل من نبرة زبير الغريبة وتعابيره الغير مقروءة ليكمل بنبرة مهزوزة
" ذات يوم صديق والدي الذي كان يكبره بعدد لا بأس به من السنوات
خَرَج عن هدوئه المعهود ليقف أمام عشيرتي السابقة يخبرهم عن أمر تلك الحرب تحدث يومها عن اكاذيب يشتعل لها الرأس شيباً
تحدث عن أمر موجة الاشارات الغريبة التي ضربت العالم وعن تسميم الآلات للبشر وماكان كارثة أنه قام بتكذيب كل ذلك مُدَعِياً أن هناك حرب قامت آنذاك وهي السبب فيما نحن فيه اليوم وليس تلك الأكاذيب "
ليستكمل زبير وكأنه قد انفصل عنهم وغاص في عالمه الخاص
حتي أن أحدهم لم يملك الجرأة علي مقاطعته
" وعندما سأله الناس عن المزيد من التفاصيل رفض الحديث وقد استعاد رشده من نوبة الغضب التي كانت مسيطرة عليه واعتَقَدَ الناس من بعدها أنه قد جُنَّ عقله ونبذوه
وحتي هو قد ابتعد عن الجميع في منزله حتي توفي"
رد إلياس بصوتٍ خافت بعدما أنهي زبير حديثه
" زبير وجود حرب قديماً لا يعني صدق حديث ذاك الشخص
أنا أعتقد أنه مجرد مجنون ….."
ليبدأ الهمس يتعالي من الحاضرين جميعاً مؤيدين لرأي إلياس
فتعالت صيحة زبير الآمِرَة
" اصمتوا ….. لم أطلب من أحد أن يصدق أو يكذب هذا الحديث لقد تذكرت القصة بسبب ما قرأه إلياس منذ قليل
ولكني الآن لدي نفس حماسي السابق لمعرفة الحقيقة ………"
ومن ثم استدار لتليد الواقف ذاهِلاً يسأله
" ألا يزال مُرَحَب بي لأزور جد صديقتك يا تليد ….؟ "
تنبه تليد لمُخَاطِبُه فأجاب علي الفور " بالطبع هيا بنا يا زبير …."
همَّ زبير بالانصراف ليحدثهم قبل ذهابه
" أنا ذاهِب من شاء أن يأتي معي فليأتي ومن شاء أن يعود للعشيرة فليَعُد
حسب توقعاتي فإن وافق ذاك الجد أن يتحدث
فستفوتكم قصة لن تتكرر مجدداً ….."
…………………………
كانت سيلين واقفة تحضر الغداء لتتعالي الطرقات علي باب المنزل
فابتسمت سيلين وصاحت وهي تهم بفتح الباب قائلة
" أخيراً أتيتِ يا ليلي ……"
ولكن فور فتحها للباب أطلت منه لياء برأسها لتمازِحها
" أنا لستُ ليلي هل لا يزال مُرَحَب بي ..؟ "
تعالت ضحكات سيلين وهي تعود للداخل قائلة
" ادخلي أيتها الشقية ……"
دخلت لياء لتغلق الباب خلفها واستدارت لتسير خلف سيلين حتي وصلت لكرسي قريب من المطبخ فجلست عليه وطالعت سيلين الواقفة تُعِد الطعام لتحادثها في مزاحٍ قائلة " ستكونين زوجة رائعة يا سيلين ….."
نظرت لها سيلين بطارف عينها وردت
" هل عُدتِ لهذا الحديث مجدداً …."
ابتسمت لياء ابتسامة مَرِحَة لتكمل حديثها قائلة
" معك حق فلنترك هذا الحديث لوقتٍ آخر والآن هناك أمر هام جئت أحادثك فيه ……"
تركت سيلين ما بيدها وقد استشعرت الجدية بنبرة صديقتها
لتوجه نظراتها للياء متسائلة فاستكملت الأخيرة حديثها
" هناك كتاب قديم عثر عليه تليد ومعه مجموعة من أصدقائه هذا الكتاب يحكي عن حرب قد حدثت قديماً ولكن هذه هي المعلومات الوحيدة التي ذُكِرَت داخل الكتاب وجميعهم متحمسون لمعرفة القصة كاملة لذا أنا وتليد نأمُل أن تسمحي لنا بسؤال العم زُهَير ليحكي لنا عن تلك القصة……"
ظلت سيلين تطالعها لعدة دقائق ومن ثم تحدثت قائلة
" ما تقوليه مُشَوِق فعلاً ولكني أخشي أن يكون الأمر شاق علي جدي وهل لي أن أسأل من أصدقاء تليد هؤلاء لم أسمع بهم يوماً "
تنهدت لياء وهي تهمهم " علمتُ أن مهمتي ستكون شاقة "
واستكملت مجيبة سيلين " أولاً بالنسبة لأصدقاء تليد فهم أهل ثقة يعرفهم تليد منذ سنوات طوال وأحدهم صديق مقرب لتليد ساعده منذ كنا صغاراً
وأيضاً فيهم صديقتي رفيف التي حكيت لك عنها سابقاً وأردتُ تعريفك بها كثيراً لذا لا خوف من جانبهم وأما بالنسبة لارهاق جدك فلا تقلقي تليد هو من سيتحدث معه البقية سيحضرون للاستماع فقط
وأنت تعلمين مدي حب الجد لتليد …….."
ظلت سيلين تطالع لياء دون رد لتكمل لياء
" هيا يا سيلين رجاءا وافقي فأنا أعلم أنك أنت أيضاً متشوقة
لمعرفة القصة ….."
استسلمت سيلين في النهاية تحت ضغط من صديقتها موافقة
لتهلل لياء فَرِحَة بينما ابتسمت سيلين علي شقاوة صديقتها ……
………………………
تحلق الجميع حول العم زُهَير بمنزل سيلين …..
ليهمس تليد لآدم
" أتيتم جميعاً في النهاية إذاً لمَّ العناد ….."
ليلكزه آدم مغتاظاً وهو يرد
" هيا اسأله حتي ننتهي من حكايا الأطفال تلك ….."
كتم تليد تأوهه ووجه نظراته لزبير الذي كان يرحب بالعم زُهير والذي بادله الترحاب بحرارة وقد أخذ زبير يعَرِفُ العم زُهَير علي جميع الحاضرين فرداً فرداً حتي وصل في النهاية لتليد
فابتسم تليد ليمازح الرجل المسن قائلاً
" لستُ بحاجة لتعريفك بنفسي أليس كذلك يا عمي ……."
أومأ له العم زهير مبتسماً ليتقدم تليد منه حتي جلس أمامه
وبادر بالحديث قائلاً
" بالطبع يا عمي أنت تريد أن تعرف سبب زيارتنا لك …."
أومأ الجد برأسه مجدداً فتحدث تليد قائلاً
" لقد وجدنا كتيب قديم في غرفة موجودة في أنفاق تحت الأرض وقد ذُكِرَت فيه حربٌ قديمة وأقوال أخري عن أن تلك الحرب هي سبب ما نحن فيه الآن وأن ما كان يُحْكَي لنا ونحن صغار ماهو الا كَذِبَة لذا أراد زبير سؤالك عن حقيقة ما حدث بالتحديد قبل مئة عام…"
اتسعت حدقتا زُهَير عقب انتهاء تليد من كلماته وارتسم علي ملامحه تعابير غير مقروءة غلفها بالصمت
لتتعالي نبرة حفيدته المُتَعَجِبَة متسائلة
" أَصِدْقٌ يا جدي ما يقوله تليد...؟ "
لم يقابلها هي الأخري سوي الصمت وتنهيدة مُرهَقَة من الجد
أثارت قلق سيلين علي جدها لتعود لرشدها وتقول
" جدي إن كان الأمر يرهقك ….."
لم تكمل سيلين جملتها ليقاطِعْها جدها قائلاً بنبرة وَهِنَة
" أجل يرهقني ….. أحداث الماضي ترهقني ……."
ليستكمل" لقد التبس الأمر عليكم إن الحرب قد قامت قبل حدوث الأزمة"
التفتت جميع الرؤوس مُنصِتَة للجد ليكمل
" فكلا الأمرين قد حدثا بالفعل سواء كانت الحرب أو موجة الاشارات الغريبة ومعها تسمم للبشر من الآلات كل ما في الأمر أن الحرب حدثت سابقاً يتبعها أزمة التسمم وأعداد الوفيات الكبي….."
تهدجت نبرة الجد مع آخر كلمة ليتوقف عن الحديث وقد اغرورقت عيناه بالدموع عندما طالع وجه حفيدته المنصِتَة له بِحُبٍ كعادتها وأخذ جولة في وجوه الشباب الجالسين حوله
ليشيح بنظراته بعيداً وقد حل الصمت علي المكان
فاستكمل بعد ثوانٍ بصوتٍ لايزال متهدجاً
" لن أستطيع قول تلك الأكاذيب أكثر من ذلك ……"
لتتعالي النظرات المتسائلة في عدَم فَهم
فأكمل زُهَير " عندما أري حفيدتي أمامي وقد بلغ منها التعب مبلغه وأراكم أيها الشباب أمامي وقد تجلي علي ملامحكم ذلك الارهاق……..
وعندما رأيت تليد ولياء منذ كانا صغاراً وكم عاشوا من آلام حتي وصلوا لليوم …………..
وعندما أري براء وبقية الأطفال أمامي في مثل تلك الحياة البائسة…….
كل هذا أقارنه بالحياة التي عشناها حينما كنتُ مُراهِقاً قبل مِئَة عام من الآن ……….
كل يوم أَجْلِدُ نفسي خِزياً من تلك الأكاذيب التي أقصها وأردتُ كثيراً قول الحقيقة لكني لم أمتلك الشجاعة يوماً ………"
استوقفته صيحة سيلين المتسائلة في خوف ونبرة مرتعشة
" جدي أية أكاذيب وأية حقيقة لا أفهم ……
أرجوك لا أستطيع تحمل هذا الضغط …….
هلا تحدثت بكلماتٍ واضحة …….."
بينما ظل البقية مراقبون لما يحدث وكلٌ منهم ممتنع عن التعبير مُقفِلْ علي ردة فعله منتظر المزيد من الحديث ليفهم
طالع زُهَير حفيدته ولازالت الدموع تترقرق في عيناه وتهدد بالهطول
ولكنه استعاد رباطة جأشه ليقول
" الحقيقة هي أنَّ كل ماقيل هو كَذِبَة كبيرة اختُلِقَت لنقنع بها الأجيال التي أتت بعد انتهاء الحرب ……"
قاطعه آدم بنبرة خافتة " ومن الذي اختلقها …."
ليتبعه تليد بسؤاله " ولمَّ اختلقوها من الأساس …."
ليجيب زُهَيْر بنبرة مُرتَعِشَة " دعوني أشرح لكم من البداية …..
منذ أكثر من مِئَة عام كان العالم قد وصل لتطور تكنولوجي كبير وكان لدينا العديد من الآلات الحديثة والتي اعتمدت غالبيتها في عملها وتحركها علي مصدران للطاقة أحدهما يدعي البترول والآخر يدعي الكوارتيلايت كنا نستخرجهم من باطن الأرض…….
نَفِد البترول منذ سنواتٍ طِوال لكن ذلك لم يشكل أزمة لوجود الكوارتيلايت والذي كان يفوق البترول في ميزاته
ولكن الأزمة الحقيقية قد حدثت بعد نفاد الكوارتيلايت
فاضطروا للجوء لمصادر طاقة أخري لم تكن بتلك الفاعلية
لتتهافت الدول المختلفة بعلمائها
في محاولاتٍ منهم لتخليق مصدر طاقة في المعامل يكون مشابه للبترول أو الكوارتيلايت لكن كل محاولاتهم كانت تبوء بالفشل لعدم استقرار التركيبة وبعد عدة أعوام
لاحظت الدول الكبري ظهور مصدر للطاقة جديد في البلدان الفقيرة ذاك المصدر أثبت نجاحاً كبيراً فقد كان يشابه
في خواصه الكوارتيلايت والبترول……
وبالتحري اكتشفوا أنه مُصَنَع وليس طبيعي وكذلك بأنه بِيِعَ لتلك الدول
من بلادٍ تدعي ساليفيا ………"
توقف زُهَير ليرتاح وأخذ يطالع الوجوه المستمتعة من حوله في اهتمام وكأنه يحكي لهم حكاية ما قبل النوم
ليسألهم " هل سمعتم بذاك الاسم من قبل …….."
فأجاب الجميع مابين النفي التام وبين محاولاتٍ باءت بالفشل لتذكر أين سمعوه ……..
فأجاب زُهَير في حَسرَة
" ساليفيا هو اسم بلدتكم التي تعيشون فيها الآن ……."
لم يعر أحدهم الأمر اهتماماً منتظرين بقية الحديث ……
ليتنهد زُهَير للمرة التي لم يستطع عَدَها وأكمل بينما ارتعاشة صوته لم تهدأ حتي الآن بل ازدادت وهو يقول
" بلدتنا تلك هي البلدة الوحيدة التي استطاعت التوصل لتركيبة مستقرة لمصدر الطاقة مما جعلها مَحَط أنظار العالم أجمع وتحديداً بعد رفضها لبيع تلك التركيبة للدول الكبري بينما كانت تبيعها للدول الفقيرة بأسعار بَخسَة ………"
صَدَحَ تساؤل رفيف الخافت والتي لم تنطق بكلمة منذ بداية الجلسة
" هل كانت بلدتنا تريد مساعدة تلك الدول الفقيرة ….."
ابتسم زُهَير ابتسامة متهكمة ليجيب
" لا يا صغيرة كل ما أراده حاكم بلدتنا في ذلك الوقت والذي قرأتم جزء من مذكراته هو أن يُسقِط سيطرة الدول الكبري علي العالم ليحل هو محلهم واعتَقَدَ أنه بسعيه الدؤوب لكسب الدول الفقيرة جميعها لصفه
بجانب الأموال التي كان يملكها سيكون معه العتاد الكافي من مصدر للطاقة و أموال وجنود لمحاربة الدول الكبري وإسقاطها …….
فاجتمعت الدول الكبري وشحذوا قواهم للقتال ……..
ومع استمرار القتال لسنوات كانت دولتنا فيها مابين منتصرة ومنهزمة
استطاعت في النهاية الدول الكبري الاستيلاء علي الدول الفقيرة المتحالفة معنا واحدة تلو الأخري بعدما تهالكت موارد الجميع واستنزفتهم سنوات الحرب كان الفوز مسألة وقت لمن يصمد لا أكثر …….
لذا عندما أيقن الحاكم الهزيمة قام بتدمير كل ما تبقي لدينا من مصدر للطاقة وكذلك دمر جميع المصانع التي أُنشِأَتْ لتصنيع مصدر الطاقة ذاك والتي كانت متواجدة في الأنفاق التي عثرتم عليها كما قَتَل كل من كان يحفظ طريقة صنع التركيبة
وأَحرَقَ كل ورقة لها علاقة بالتركيبة …….. "
انطلق تساؤل سيلين
" وما علاقتك أنت يا جدي بكل هذا أتُحَمِلُ نفسك مسؤولية ما اقترفته أيادي الآخرين حتي وإن كنت خبأت هذه الحقيقة عنا فلم يكن ليفيدنا كثيراً معرفتها من عدَمِها………"
كَسَت الحَسرَة ملامح زُهَير وبدي متردداً
بينما كان آدم جالس بنظراتٍ مُثَبَتَة علي الجد يتفحص تعابيره
وأخذ يُنَقِل تلك النظرات بينه وبين تعابير زبير الذي اسودت ملامحه فجأة
لينطلق تساؤله " وما كان الداعي لتلك الكَذِبَة من الأساس ...؟
ومن كان وراءها ….؟ …… وما كان …."
ليقاطِع زُهَير تساؤلات آدم قائلاً
" سأُجيبُك أيها الشاب علي كل أسئلتك ….."
ومن ثم وجه نظراته لحفيدته قائلاً
" ذنبي كان فيما اقترفته بعد سقوط بلادنا يا حبيبتي ……."
نظرت سيلين لجدها في قلق وخوف مُحاوِلَةً ابتلاع غُصَة مُسَنَنَة في حَلْقِها……….
بينما أكمل الجد وقد زاد توتره
وهو يقول " بعدما استولي تحالف الدول الكبري علي بلادنا ….
لم يُصَدِقوا أبداً أن طريقة صنع تركيبة مصدر الطاقة دُمِرَت بالكامل
فظل الحكام مؤمنين بأن حاكِمنا قد تَرَكَ نسخة منها في مكان ما هنا للأجيال الآتية من بعده ليكتشفوها……….
لذا قرروا إبقاء بعض معاونيهم للبحث بأرجاء البلاد ……"
وتهدج صوت الجد بشكلٍ واضح وهو يقول
" وأحضروا من بقي علي قيد الحياة من الدول المتحالفة معنا جميعهم إلي هنا أي أنهم جعلوا بلدتنا تلك كسِجنٍ كبير لكل أعدائهم في الحرب
وزادوا علي ذلك باصدار أوامِرِهم لنا ألا نتحدث عن أمر تلك الحرب مرة أخري وأي مولود جديد يولَد سنحكي له عن تلك القصة الباهِتَة التي استمعتم لها بالتأكيد وأنتم صِغار ……
ومع الوقت سُحِبَت موارِدُنا منا وتم استغلال أراضينا و مُنِعْنَا من التعليم و زال الأمان فكل من له حق أصبح يأخذه بقبضته
وصارت أقصي اهتماماتنا هي العثور علي طعام يكفينا لسد جوع اليوم
وكل من كان يُجَنْ ويتحدث في أمر الحَرب أو يُكَذِب قصة موجة الاشارات التي ضَرَبَتْ العالم وتسمم البشر وموت الجميع عدانا
كان يتم التبليغ عنه ليقتل من فوره هو وعائلته ومن قام بالبلاغ فله مُكافأة ضَخمَة أَخَذ يتهافت عليها الكثيرين وكأنهم يستَلِذون بتعذيبنا
وبَقينا علي تلك الحال علي أمل أن تتغير تلك الحياة يوماً ما
وَقُطِعَت أَلسِنَة كل من كان حاضِراً للحرب ومنهم أنا
حتي بعد كل تلك الأعوام وبعدما انقطعت الأخبار عن حكام البلاد الكبري وجيوشها منذ سنواتٍ طوال لدرجة أن أسوار بلادنا لم تُفتَح لما يقرب السبعون عاماً …...
ولا نعلم إن كانوا لا يزالون علي قيد الحياة أم نسونا ……
وبالرغم من ذلك لم أملك الشجاعة يوماً لأتحدث
فمشاهد عدة لأصدقائي وعائلاتهم و رؤوسُهم تُقطَع أمام عيني كانت تتلاحق تباعاً في ذاكرتي لتمنعني
بكل مرة أفَكِر فيها في البَوح ………
لكن رؤيتي لشباب مثلكم قد أنهكتهم المصاعب وهم لا يزالون في ربيع العمر كان موجِعْ لي
وأنا لم أَعُد أريد من تلك الحياة سوي حماية حفيدتي ولَعَلَكُم بمعرفتكم للحقيقة تستطيعون الظفر بحياة كريمة
أفضل مما تعيشون الآن…………"
واستدار زُهَير لسيلين وقد خانته عبراته
وهو يقول
" آسف يا صغيرتي سامحيني لإخفائي الحقيقة عنكِ ….."
كانت سيلين تطالع جدها وهي مُتَحَجِرة الملامح وكل ما يُطََمئِن
في مظهرها المُرَوِع ذاك هما خطان الدموع اللذان أخذا في الانهمار من عينيها ………
ليُخَيِم الصمت علي المكان فَورَ انتهاء زُهَيْر من حديثه
ليقطعه بعد عدد من الدقائق التي لم يبالي أحد بِعَدِها
همسة من رفيف وسط شهقات بُكائِها
" أُرِيد المُغادرة أرجوكم فلتُعِيدوني للعَشيرة ……."
لتُخْرِج همستها بسام المستند في وقفته لأحد الحوائط من ذهوله والذي سار حتي وصل لآدم ليلكزه لكزة أعادته هو الآخر من عالمه
فمال آدم علي تليد الجالس بجواره يُقَلِب نظراته ما بين الحين والآخر بين لياء وسيلين والعم زُهَير في نظراتٍ تَحكي الكثير من الآلام التي من الواضح انهم عايشوها معاً
أخرجه آدم من تلك الحالة بهمسه قائلاً
" تليد اهدأ وتمالك نَفسَك يا صديقي ….
نحن سنرحَل الآن ولنا حديث لاحِق ….."
أومأ له تليد موافقاً بينما استقام إلياس وهو يسحب نور الذي نظر إليه في صمت ليستسلم الأخير لذراع أخيه ليستقيم واقفاً……
بينما استقامت رفيف هي الأخري لتذهب لصديقتها لياء التي خَرَجَت من قوقعتها مضطرة أمام حالة سيلين التي فاقت دهشتها الجميع …….
وسط كل ذلك التفت آدم يبحث عن سوفانا التي اختارت التزام الصمت في تلك الجلسة …… ليجدها جالسة أرضاً تنظر للحائط في ذهول ….
استقام زبير وسط هذا الاضطراب ليتجه صَوبَ زُهَير
فالتفت له الأخير فور أن أحس باقترابه …….
ليبادر زبير بالحديث قائلاً
" أشكُرُكَ علي المساعدة ……."
ابتسم له زُهَير وقال
" كما توقعت لقد كنتَ تعلم بكل ما قلتُهُ سابِقاً أليس كذلك ……"
ارتسمت البسمة علي محيا زبير هو الآخر أثناء إجابته قائلاً
" أجل أخبرني أحدهم ذات يوم بكل ذلك لكني عانيتُ من صعوبة في تصديقه لأدفنه بداخلي …...لكن عند رؤيتي للأنفاق والمذكرات
ومعرفتي بوجود من شَهِد الواقِعَة ولا يزال علي قيد الحياة
قررت مقابلتك لأُصدَم أن الروايتان متطابِقتان ……"
سأله زُهَير بمكر
" أنت من استدرج هؤلاء الشباب جميعهم لهنا أَمَلاً منك أن تكون القصة صحيحة ويستمعوا لها مني ……"
أكد له زبير شكوكه وهو يوميء له بالموافقة ليستكمل
" أنا مثلك لا أريد لهم أن يعيشوا مثل تلك الحياة التي عِشتُها
فإن كانت لديهم فرصَة في حياة أفضل فليستغلوها لا يزال المستقبل يفتح ذراعيه لهم ……."
همَّ زبير بالاستدارة مُنصَرِفاً لتوقِقه جملة زُهَير
" أنا من توَجَبَ عليَ شُكرك يا زبير لتحريري من تلك القيود التي أثقلت كاهلي لسنواتٍ طِوال مهما كانت عواقب ذاك الشعور بالراحة الذي أشعر به الآن فسأتحمَلها ……."
ابتسم زبير فَرِحاً لملامِح السكينة المُرتَسِمَة
علي وجه زُهَير ليُوَدِعُه منصَرِفاً ………
………………………………………
استقام تليد عَقبَ انصراف الجميع ذاهِباً لسيلين التي لاتزال تبكي في صمت وجدها يطالعها من بعيد في أسي ….
كان في مخطط تليد أن يحاول إِفهامَها موقف جَدها وصعوبته
ليفاجأ بها قد تمالكت نفسها واستقامت راكضة لترتمي في أحضان جَدِها وقد تعالت شَهقات بكائها وقد أخذت تحادثه من بين شهقاتها قائلة
" جدي لا تعتقد أبداً أنَّ ما قُلته سيُقلل من نَظرَتي لك ولو لثانية
صدقني لقد زادت مكانَتَك عندي ارتقاءاً ولكني لا أستطيع
السيطرة علي الألم الحارق في قلبي لما عايشتَه
صدقني الألم يخنقني يا جدي ……."
ابتَسَم جَدها ليتقبل حفيدته بين أحضانه وقد خانته عبراته للمرة الثانية وهو يقول
" لا بأس علي قلبك يا صغيرتي …..
لقد استمعتِ للجزء المأساوي من حياتي ….
لكن تعالي لأحكي لكِ عن نَفَحاتٍ مُسَكِنَة
جاءت لتُرَبِتَ علي قلبي العليل ………..
تعالي لأحكي عن أجمَل امرأة بالعالم جدتك التي كانت عكازي في تلك الحياة وعن روعة شعوري حينما حمَلتُ والدك بين ذراعاي فور ولادته لأحمِلكِ بعدها وماذا عن قصص كثيرة حدثت بيني وبين والدتك التي اعتبرتني بمكانة والدها ……..
مثلما كان لجدك الكثير من الأمور الموجِعَة بِحياته كان له نصيب كبير من الفَرَح كذلك ……….
والآن هلا أطعمتيني يا زَهرة جَدك لأنام
وسأحكي لكِ في الغد عن تلك الأمور الرائعة
فقد أهلَكَني الكم الذي تحدثتُه اليوم …...
تَجَلَت ابتسامة سيلين علي مَحياها إِثر سماعِها لتدليل جَدِها لها
واستقامت قائلة " علي الفور …."
أتبعتها بقبلة أعطتها لجدها علي جبينه………..
…………………………
في الخارِج كان تليد يسير بجوار أختِه التي عَبَرَت عن قلَقِها قائلة
" أنا خائفة من أن تَجرَح سيلين العم زُهَير بأي كلِمَة ……."
ليبتسم لها أَخِيها مُطَمئِناً وهو يقول
" لا تقلقي مما رأيت فسيلين قد استعادت توازنها وستُحَكِم عقلها
لذا أنا واثِق أنها ستتفَهَم مَوقِف العم زُهَير كما تَفَهَمناه جميعاً …"
أومأت له موافِقَة وعادت لصمتها …….
الذي قرر تليد أن يَقطَعَهُ قائلاً
" كانا ليموتا علي أي حال ……"
توقفت لياء عن السير لتستدير ناظِرَة لأخيها ……
فنظر لها الأخير بلا مبالاة وهو يُكمِل حديثه
" لقد فَكَرت بنفس الأمر حالما سَمِعتُ حديث زُهَير …..
كان من الممكن أن يظل أبوانا علي قيد الحياة الآن وألا يعملا في المناجم
وكان من الممكن ألا نعاني تلك المعاناة منذ صِغَرِنا …….
كل ذلك كان ممكن حدوثه لو كنا نعيش حياة طبيعية كالتي حكي عنها زُهَير ……..
أليس كل هذه الاحتمالات قد مرت علي رأسك بعد ما سمِعتِه ….."
أومأت له لياء في سكون بالموافقة
ليكمل تليد ……. أتعلمين ما هي الإجابة التي توَصَلتُ إليها
ظَلَت لياء مُنصِتَة باهتمام ليُجيب تليد
" لو كنا نعيش تلك الحياة الطبيعية التي تحدث عنها زُهَير
كان من الممكن أن يحيا والدانا ويظلا بجانبنا للآن لكن هذا الاحتمال مستحيل لأنهما كانا ليموتا معاً لأي سبٍ آخَر غير المناجم
تلك الحياة لن تعصمهما من الموت ……..
وأما بالنسبة لما عانيناه بَعد وفاتِهما فبالتأكيد كنا سنعاني منه في تلك الحياة كذلك لأن أغلب ما عانيناه كان ألم نفسي بسبب فَقدِهما
وهذا الأمر لن يغيره تغير البيئة التي تعيشين فيها
وأما بقية ما عانيناه من تشرد فأعتقد أنه كان الجزء الأسهل والذي قابلناه بابتسامة واستناد كلاً منا علي كَتِف الآخر ….."
واستكمل تليد مُشَاكِساً
" ألَيْسَ كذلك أيتها المُتَشَرِدَة ……."
فضربته لياء في صَدرِهِ ضَربَة تَأوَه لها ضاحِكاً علي جملتها التي كانت مصحوبة بابتسامة مَرِحَة
" كلامك صحيح أيها المتَشَرِد سارِق التُفاح ……"
صاحَ بِها تَليد هامِساً وهم لا يزالون بالشارع
" هل تستطيعين تَحَمُل تَبِعات تِلكَ الضَربَة يا فتاة ….."
قهقهت لياء لتَفِر من أمامه مُجيبَةً " لا ….."
ليَتبَعْها تليد ركضاً وهو يقول ضاَحِكاً
" تعالي إلي هنا لِأَرُدَها لكِ …….."
……………………………………..
" يكفيني ما مَرَرتُ به في هذا اليوم لقد بدأناه بتحرير العشيرة فجراً
لننهيه فَجر اليوم التالي وقد أَوشَكَت الشمسُ علي الخروجِ من مَخبَئِها
أنا ذاهِب لأنام ……." زَفَر زبير الواقِف بِجوارِهم في ساحة العشيرة
قائلاً " اذهب يا آدم اذهب منذ متي كنتَ كثير التَذَمُر ……"
لم يبالي آدم بالرد ليسحَب قَدَماه مُتَجِهاً لِمَنزِلِه فَصَدَحَ صوت سوفانا الواهِن من خلفه " خذني معك يا آدم ……"
ليتوقف آدم مصطَحِباً إياها ….. طالَعَهُم زبير حتي انصرفوا
ليتسدير علي جملة إلياس
" أنا ذاهِب لأعثر علي نور المُختَفي منذ وَصَلنا لأراضي العشيرة …"
فتساءل بسام " هل تريد المساعدة ….؟ "
ليجيب إلياس " لا … أعلم أين أَجِدُه ……" أومأ له بسام مُتَفَهِماً
ليَجُرَ قَدَماه هو الآخر مُنصَرِفاً لِمَنزِلِه …..
فتحدث زبير " هيا أنتِ أيضاً يا رفيف إلي منزِلِك وحاوِلي عدم الاحتكاك بِعَمِك حالياً مع هاتان العينان المنتَفِخَتان من كثرة البكاء ….."
أجابت رفيف بالموافقة لتنصرف هائمة فاستوقفتها عبارة زبير
" رفيف كما أخبَرتُكُم لا تذكري ما حدث أمام أي أحد …."
ردت رفيف في وَهَن وهي تُكمِل سيرَها
" لا تقلق ….. لكَ وَعدي بِذلك …….."
راقبها زبير حتي دخلت المنزل بسلام ليتجِه هو الآخر لمنزله
فَوَجَدَها جالِسَةً علي الأريكة بالأسفل ويبدو أن النوم قد غادر جِفنَيها
لتستقيم روكا فور رؤيتها له متسائلة في وَجَل
" أين كنتَ أنتَ وأبنائي حتي الصباح يا زبير ……"
أجابها زبير وهو يتَجِه للأريكَة بِجوارِها
" هل يمكنني القول أني لا أستطيع إخبارك …. ربما فيما بعد …."
ظلت روكا علي نفس تَعَنُتِها بينما زبير قد بلغ منه الارهاق مبلغه
ليكمل " روكا أرجوكِ أنا تَعِب وبحاجة للنوم لعله يُريحُنِي …."
لانت ملامح روكا عندما استشعرت ارهاق رفيق دَربِها
فاستتقبلت رأسه التي أراحَها علي ساقِها بينما تمدد بَقيَة جَسَدُه محشوراً في المتبقي من الأريكة ……
لتربت روكا علي شَعراتِه في حَنان …….
…………………………….
ظل يسير بجوارِها وعيناه حمراوان من الارهاق يُطالِعها بنظراتٍ قَلِقَة ما بين الحين والآخر لتزفر سوفانا ومن ثم تتحدث قائلة
" أنت تَرمُقني بتلك النظرات منذ فِترة لا تقلق فأنا بخير …."
ليرد آدم " لم أري ذلك عندما كنا في منزل العم زُهَير …..
تلك الحالة التي كنت عليها أخافتني ……"
نظرت له سوفانا نظرات مُطَمئِنَة لتجيب
" لا تقلق كل ما في الأمر أني شَعَرتُ بلا شيء ……
كنت أعلم أنه يتوَجَب عليَّ أن أحزن أو أبكي أو أتألم لذاك الألم البادي في تلك الأحداث المأساوية التي سمعناها
كنت أقول لنفسي هيا اشعري بشيء
ولكن بداخلي بدا الأمر كما لو أني تم إفراغي من المشاعِر …..
والآن زال ذاك الشعور ليحل محله إرهاق الأيام الماضية وقد ازداد أضعافاً فوق جسدي "
تنهد آدم ليرد " لقد وصلنا لمنزلك هيا ادخلي ارتاحي
وللحديث بقية ……"
أومأت له سوفانا مُوافِقَة لتدخل مُغلِقَةً الباب خَلفَها
………………………..
كان إلياس يسير بين الأشجار حتي وصل لإحدي التلال ليهلل في فَرَح من بين لهاثه قائلاً
" عَلِمتُ أني سأعثُر عليك هنا فهذا هو مكانك المفضل
للاختباء منذ كنا صِغاراً …….."
قابل نور أخاه بالصمت فتحامل الأخير علي قدماه اللاتي لن تستطيعا حمله أكثر من ذلك ليقف في النهاية بجاور أخيه ويرتمي أرضاً
من الانهاك …….
ظل إلياس ممدداً جسده أرضاً منتظراً من نور أن يبادر بالحديث
وعندما يَئِس تحدث هو قائلاً
" ماذا بِكَ يا أخي لم أَرَكَ يوماً بهذا الخوف لن تخدعني بهذا الوجه التائه
فخوفك واضح للأعمي بعيناك ……"
رد نور " أنا مُرتَعِب يا إلياس ولستُ خائفاً …."
صمت نور منتظراً تعقيب ليقابله الصمت من جهة إلياس هو الآخر ليُكمِل نور بعد فترة
" ما حكاه زُهَير أَرعَبَني ….. ما عايشوه وما سنعايشه نحن بعدما علِمنا تلك الأمور يرعبني …… أنا أكره التغيير يا إلياس وأنت تعلم ذلك …
أمقته… هل تخيلت للحظَة كم التغيير الذي سنُعايشه في الفترة القادمة"
قاطع عُمق كلِمات نور سيمفونية من الشَخِير
الصادر من أخيه دلالة علي أنه غَطَّ في نومٍ عميق …..
استدار نور ناظِراً لإلياس في غيظ
سرعان ما تحول لابتسامة مع تنهيدة عندما رأي أخيه ينام قرير العين وكأن شيئاً لم يكن ……..
………………………………
كان بسام جالِس علي الأريكة في منزله تهتز ساقاه في اهتزازاتٍ رتيبة
بينما رأسه أرجعها للخلف مستنداً علي ظهر الأريكة ……..
وقد بدأت أفكاره تخرج من ثِقَلِها في شكل همسات لنفسه قائلاً
" ماذا سأفعل ……..
ماذا سأفعل …….... يجب علي إخبارهم ……
ليستقيم عند تلك الخاطِرَة ممسِكاً بإناء فخاري كان موضوع بجانبه
قاذِفاً إياه بكل قوته ليصطدم الإناء بالحائط متهشِماً لشظايا
بينما وقف بسام يطالع سقوط تلك الشظايا بعيناه اللاتي جحظتا من محجريهما وأنفاسه المتلاحِقَة في غَضِبٍ أسود ………..


# انتهي الفصل #




لولا السيد غير متواجد حالياً  
قديم 15-09-20, 12:55 AM   #52

لولا السيد
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 472799
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 95
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » لولا السيد is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رجاء من كل الصامتات القارئات الرائعات اللي بيفتحوا يقروا الفصل ويمشوا أنا طالبة منكوا بس المرة دي تدوني رأيكوا في الفصل
بالمصري طالبة منكوا تبلوا ريقي بكلمة حلوة المرة دي من باب التشجيع للكاتبة الغلبانة اللي بتكلمكوا 😂😂😂
وشكرا للناس اللي بتفتح علي معاد الفصل الموضوع فرق معايا نفسيا جدا ❤❤❤❤


لولا السيد غير متواجد حالياً  
قديم 15-09-20, 08:16 AM   #53

Duaa abudalu

? العضوٌ??? » 449244
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 84
?  نُقآطِيْ » Duaa abudalu is on a distinguished road
افتراضي

صباحك فل
الفصل روووووعة كتيييير
وصار نقلة بالاحدااث وانا بانتظار الباقي
❤❤❤❤


Duaa abudalu غير متواجد حالياً  
قديم 15-09-20, 09:24 AM   #54

لولا السيد
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 472799
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 95
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » لولا السيد is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة duaa abudalu مشاهدة المشاركة
صباحك فل
الفصل روووووعة كتيييير
وصار نقلة بالاحدااث وانا بانتظار الباقي
❤❤❤❤
صباحك جمال يا دعاء😍😍😍
الحمد لله كنت مستنية اشوف ردود الافعال علي الفصل لانه فصل انتقالي
فرحانة انك استمتعتي وسعيدة بدعمك 😘😘


لولا السيد غير متواجد حالياً  
قديم 19-09-20, 05:41 PM   #55

لولا السيد
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 472799
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 95
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » لولا السيد is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم
عذراً تم تأجيل فصل اليوم لظروف الامتحانات
كنت بحاول في الاسابيع الماضية اني اوفق بين الاختبارات وتنزيل الفصول
لكن ده أثقل أسبوع في الاختبارات كلها دعواتكم


لولا السيد غير متواجد حالياً  
قديم 22-09-20, 06:28 AM   #56

Duaa abudalu

? العضوٌ??? » 449244
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 84
?  نُقآطِيْ » Duaa abudalu is on a distinguished road
افتراضي

بالتوفيق والنجاح ان شا الله 😍😍😂

Duaa abudalu غير متواجد حالياً  
قديم 27-09-20, 12:17 AM   #57

لولا السيد
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 472799
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 95
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » لولا السيد is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة duaa abudalu مشاهدة المشاركة
بالتوفيق والنجاح ان شا الله 😍😍😂
تسلميلي يادعاء اللهم آمين ❤❤

الفصل دقائق ويترفع جاهزين ..؟ 💃💃💃


لولا السيد غير متواجد حالياً  
قديم 27-09-20, 01:48 AM   #58

لولا السيد
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 472799
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 95
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » لولا السيد is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

" الفصل الرابع عشر "

كان بسام جالِس علي الأريكة في منزله تهتز ساقاه في اهتزازاتٍ رتيبة
بينما رأسه أرجعها للخلف مستنداً علي ظهر الأريكة ……..
وقد بدأت أفكاره تخرج من ثِقَلِها في شكل همسات لنفسه قائلاً
" ماذا سأفعل ……..
ماذا سأفعل …….... يجب علي إخبارهم ……
ليستقيم عند تلك الخاطِرَة ممسِكاً بإناء فخاري كان موضوع بجانبه
قاذِفاً إياه بكل قوته ليصطدم الإناء بالحائط متهشِماً لشظايا
بينما وقف بسام يطالع سقوط تلك الشظايا بعيناه اللاتي جحظتا من محجريهما وأنفاسه المتلاحِقَة في غَضِبٍ أسود ………..
…………………………..
كان أيهم مُنغَمِساً في مطالعة أكوام الأوراق والمستندات القابِعَة علي مكتبه لتتعالي الطرقات علي الباب
تَبِعَها صوت أنثوي يقول " أيهم إنها أنا هل أدخل ….؟ "
تنهد أيهم ليجيب " تعالي يا رهف ……."
فُتِحَ الباب لتُطِلَ منه فتاة بالحادي والعشرين من عمرها قصيرة القامة
ذات شعر عسلي اللون ينساب قصيراً علي كَتِفَيها……
أخذت رهف تسير حتي وصلت لأحد الكراسي المقابلة لمكتب أيهم وجلست عليه
فتساءل أيهم وهو يستكمل ما بيده
" كيف حالك يا رهف ……."
بمجرد إلقاء أيهم لتساؤله انفجرت الأخيرة قائلة
" كيف حالي ...؟ كيف حالي …...؟
ألا يزال هناك من يهتم لأمري من الأساس …...؟ "
تحدث أيهم مستفهماً في هدوء " ألازال والداكِ يضايقانك ...؟ "
فارتفعت صيحات رهف مجدداً وهي تجيب
" ياليتهما ضايقاني لكان ذلك أفضل ……
أنا لم أعد أراهما من الأساس ……
منذ ان اجتمعنا لنلقي قسم الولاء لك وأنا لم أرهما فقد استضافهما والدا يامن ومؤيد وقَبِل والداي الدعوة …….."
قاطعها أيهم وقد ارتسمت علي وجهه ابتسامة قائلاً
" لا تقولي أنهم يحيكون المؤامرات هناك ضدي …..؟ "
لتصيح به رهف
" أيهم أنا لا رغبة لدي في المِزاح الآن ……"
أفلتت ضحكة أخري من أيهم وهو يقول
" حسناً أكملي ………."
أكملت رهف قائلة " لقد قضَيتُ أسبوعاً كاملاً بمفردي دون أن يُعِيرَني أحد اهتماماً لأني لم أرغب في الذهاب معهما لهناك …..
لكن مع وصولي لأقصي حدودي بسبب الجلوس بمفردي قررت البحث عما يشغل وقتي ……"
أجاب أيهم مُشَجِعاً " رائع وماذا فَعَلتِ ..؟ "
فأجابت رهف " حاولتُ في البداية تعلم تلك الرياضات التي تقومون بِفِعلِها فلم أُفلِح ……."
فشاكسها أيهم قائلاً " لأنك كسولة ……"
أجابت رهف وهي تكمل حديثها وقد ارتسمت بسمة علي وجهها إِثر مناوشة أيهم " لا بل لأنها صعبة …. لذا حاولتُ العودة للقراءة مجددا بم أني كنتُ أحِبُها قديماً ……."
أجاب أيهم
" جيد وماذا كان اختيارك كأول كتاب تقرئيه بعد انقطاع طويل ….."
ردت رهف وقد شردت عيناها
" لم أقرأ الكتاب الذي أخذته من المكتبة من الأساس ولا أذكر عنوانه "
رفع أيهم عيناه عن الأوراق أمامه لينظر لرهف التي بدي الحزن واضحاً بصوتها وهي تقول
" قابلتُ هناك مؤيد ويامن فحياني يامن بتحفظ وغادر بينما
مؤيد طالعني بنظراتٍ كالخناجِر ليغادر هو الآخر
ضايقتني معاملتهما لي بتلك الطريقة "
تعالت ضحكات أيهم التي لم يستطع كبحِها
ليعود اشتعال رهف مجددا وهي تسأله
" هل قِصَتي مضحِكَة لتلك الدرجة ……"
حاول أيهم تمالك نفسه ليجيبها من بين ضحكاته……..
" لا ولكن أبناء عمك لم تعُد طِباعُهما كما كنا ونحن أطفال لذا أضحك لتخيلي لطريقة تعاملهم الحالية معك وتحديداً من مؤيد الذي تحول لعدواني مع الجميع لكنه لم يتخلي عن السذاجة الطفولية ……."
تنهدت رهف لتشرد عيناها في البعيد
وهي تقول بنبرة خافتة " أجل أعلم ذلك ….
أعلم أننا لم نعد أصدقاء كالسابق … معك حق يا أيهم أعتقد أنهما تغيرا
منذ سنوات ولكني من لا تريد الاعتراف بذلك …."
همَّ أيهم بالرد عليها ليقاطعهم اقتحام يامن للمكتب صائِحاً ……
" أيهم لقد تعِبتُ من التفكير بالأمر كيف لم تعثر علي بسام للآن
ألم تعدني أنك ستَجِدُه ………"
توقف يامن عن الاسترسال في الحديث عندما لاحظ وجود رهف مع أيهم
لتتساءل رهف في حيرة " من بسام ذاك يا يامن ……."
نظر لها يامن ومن ثم أعاد نظراته لأيهم الذي كان يطالعه بطرف عينه
في غضب فأعاد يامن نظراته لرهف مجيباً
" إنه أحد حراسنا الذين اختفوا في ظروف غامضة لا تشغلي بالك بالأمر يا رهف ……."
أومأت له رهف مُتَفَهِمَة ليتحدث يامن قائلاً
" يبدو أنك مشغول الآن سأعود لك في وقتٍ لاحق ……."
لتعترض رهف سريعاً وهي تستقيم
" لا تعالي يا يامن لقد كنت علي وشك الذهاب ……."
لتستأذِن رهف مُوَدِعَة الجميع ….
……………………………..
فَتَحَت عيناها عندما اشتدت حرارة الشمس علي وجهها
لتجد نفسها قد نامت جالسة علي الأريكة وزبير لايزال نائماً
مستنداً برأسه علي ساقيها لتحاول روكا الاستقامة دون إيقاظه
ومن ثم اتجهت للنافذة المفتوحة لتغلقها …….
لتهرع بعدها خارجاً محاوِلَةً تحديد الوقت ……..
……………………….
دخلت روكا إلي مطبخ العشيرة لتجد ناهد وزينب واقفتان
تُعِدان الطعام وقد كانت ناهد أول من تلاحظها
فتحدثت في فرحة قائلة " أخيراً استيقظت يا روكا ……"
ابتسمت لها روكا لتتساءل وهي تدخل مُحاوِلَةً مد يد المساعدة لهما
" كم الوقت الآن يا ناهد ...؟ "
أجابت الأخيرة " لقد تعدي الظهيرة ……"
صاحت روكا متفاجِئَة " هل نِمتُ حتي هذا الوقت ….."
تعالت الضحكات من حولها لترد زينب
" جميعنا أهلكتنا الأيام الماضية لستِ الوحيدة التي نامت حتي الآن
فالجميع لم يستيقظ بعد عدانا نحن والأطفال ……."
زادت دهشة روكا ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها للتساءل في قلق
" والمناجم من فتح بواباتها اليوم …..؟
فحتي زبير لا يزال نائماً بالداخِل واليوم هو يوم التفتيش ……"
لتطَمئِنها زينب " لا تقلقي لقد استيقظ فياض وبهاء وذهبا الي هناك
تأخرا قليلاً في الاستيقاظ ولكنهما ذهبا في النهاية ….."
تنفست روكا الصعداء لتشاكس صديقاتِها كعادتها
" وماذا تطهوان لليوم ….؟ "
أجابت ناهد بِفَرَح " قررنا إعداد وليمة كبيرة فَرَحاً بتحرير العشيرة "
صفقت روكا بيدها مبتسمة في حماسٍ قائلة
" فكرة رائعة إذاً ما هي الأطباق التي سنعدها ……؟ "
………………………….
في المساء حيث اجتمع الكل علي مائدة الطعام كسابق عهدهم
كان بدر يقهقه وصغيرته تحكي عن كيف أنها أطاحت بالملثم أرضاً
ليقاطعها إلياس من بين قهقهاته وهو يحاول تمالك نفسه
" أمُتَأَكِدَة أن ذاك لم يكن أنا …….؟ "
أجابت تالا وهي تضحك هي الأخري
" لا بالطبع كانت أنا ……." أومأ لها إلياس بالموافقة
ليُكمل تساؤله " وماذا حدث بعد ذلك …..؟ "
ارتسمت علامات الحيرة علي الصغيرة وهي تسأله
" ماذا حدث ...؟ "
ليجيب إلياس مساعِداً إياها وهو يرفع يده الملفوفة بالضماد مشيراً إليها
قائلاً " تَلَقَيْتِ ضربةَ من سكينه علي يدك ……"
ارتسمت أمارات التذكر علي ملامح الصغيرة
قائلة بنبرتها الطفولية المُتَفَاخِرَة
" أجل أجل وتَلَقَيتُ ضربة من سكين الملثم علي يدي يا أبي ……."
تعالت ضحكات بدر والجالسين مجدداً علي مشاغبة الصغيرة
بينما مال إلياس برأسه ليحادث تالا هامساً
" أنت تعلمين أن الجميع يعلمون الحقيقة أليس كذلك ……"
ردت عليه تالا همساً هي الأخري
" أعلم ذلك ولكني أردتُ مشاكستك …."
فارتسمت بسمة علي محيا إلياس وهمَّ بمشاكستها هو الآخر
ليقاطعهم تذمر نور الجالس بالمنتصف بينهما والذي صاح قائلاً
" هلا أكملتما حديثكما بعيداً عني فساقاي تخدلتا وأنتما الاثنان تستندان عليهما لتتحدثا ……."
رفع إلياس نظراته لنور بينما علقت الصغيرة قائلة
" أخيك كئيب اليوم ……."
ليضربها نور علي رأسها قائلاً " إن كنتُ كئيباً فاجلسي بعيداً عني ….."
لتمسك آيلا رأسها إثر ضربة نور فصاح بها الأخير
" لقد ضربتُ تالا لمَّ أنتِ من تمسكين برأسك ……"
فشاكسته آيلا قائلة " لقد تلقيتُ منك الكثير من الضربات اليوم لذا أشعر بمعاناة الصغيرة……"
ليتلقي آدم الذي كان شارد دفة الحوار من آيلا
ويُحادِث إلياس متهكماً
" يبدو أن أخيك يَعِيثُ في العشيرة ضرباً اليوم ....."
ليقهقه إلياس ويجيب " لا يزال عوده غَض يا آدم مع تعرضه لأولي مناوشات الحياة ينقلب علي عقبيه ……
ماذا سأفعل عليَّ تحمله فلايزال أخي الصغير يا صديقي ……"
تعالت قهقهات الاثنان ليطالعهما نور في غيظ
بينما تعالي تساؤل روكا القلق
" ألا يوجد أمل في قَبول بسام للعشاء معنا اليوم ….."
نظر لها آدم مُجيباً " للأسف لا أمل يا روكا فقد رفض رفضاً قاِطعاً وفضل الانفراد بنفسه اليوم ……"
تنهدت روكا في أسي لتأتيها مشاكسات ألمي الجالسة بجوراها قائلة
" روكا لقد أَجْهَزَت هاتان الاثنتان علي طبقي رجاءً حضري لي غيره أشعر وكأنني أجلس بين قطيع من الدببة "
أجابت روكا سريعاً
" حاضر يا حبيبتي ولكن لا تقولي علي صغيرتاي فريال ورفيف دِبَبَة "
نظر الاثنتان للحديث الدائر بين روكا وألمي بلا مبالاة وهما تحاولان ابتلاع ما يتناولان
لتضحك روكا علي مظهرهما بينما تعالت
صيحة سوفانا التي كانت جالسة تأكل في هدوء
" إياكم والاقتراب من طبقي ……."
ابتلعت فريال ما بفمها لتهمس لرفيف
" أعتقد أن سوفانا إن اقتربنا من طبقها فستشهر سكينها في وجهينا ….."
أومأت لها رفيف موافقة إياها الرأي وهي تحاول كتم ضحكاتها
أخذ زبير يُطالِع الجميع في سعادة ورضي
ففي الأيام الماضية مرت لحظات ظنَّ أنهم لن يستطيعوا التجمع هكذا مجدداً كانت النفوس من حوله مُثقَلَة بالارهاق والعقول قد أنهكها التفكير
ولكن كل منهم الآن جالس يستجدي رؤية البسمة في وجوه البَقِيَة
والشعور بدفء تجمع المحبين حوله
…………………………
كان آدم جالساً بمنزله أرضاً شارداً تتلاحق أمام عيناه صور لذكرياته
فهذا ما كان يحدث معه منذ سماعه لكلمات زُهَير
صوره وهو طفل ضعيف بين طرقات مركز المدينة بمفرده
وما تعرض له من إهانة وضرب وإذلال ……
وكيف ظل يعايش تلك الظروف حتي قَوِيَ عوده واشتد
فأخذ يَضرِب ويُضرب…….
وتكاثرت الصور في رأسه عندما أتي لانضمامه للعصابة
وكيف كان يسحق من يقف أمامه …..
كيف عندما امتلك القوة هدم ودمر
ولم يستيقظ ضميره سوي عدة مرات ليساعد بعض من كانوا مستضعفين مثله خانت آدم عبراته عند تلك النقطة
ليسمح لخطٍ من الدموع الساخنة أن ينساب ………..
فنفض عنه فجأة تلك الذكريات القاسية ليبتسم عندما جاءت صورة زبير
وهو واقف أمامه بينما آدم مُشهِر السكين في وجهه
ليقول له آدم بنبرة مهددة " أنت كنت ماراً من الطريق لذا لا تُعِر اهتماماً لما نفعله هنا وأكمل طريقك …….."
ظل زبير يحدق بآدم حتي تحدث في النهاية قائلاً
" أنا مُتأَكِد أنه أنت ….أجل أنت من تُحضِر الطعام والحلوي للأطفال في هذا الطريق كل يوم ….."
تأفف آدم وقد هَمَّ بالمغادرة قائلاً
" ابتعد عن طريق عصابتي ولا تتدخل في عملهم مجدداً ….."
تنهد زبير في أسي ليكمل " أنا أري الخير فيك يا فتي لا تطمسه بتوسيخ يداك بالمزيد من تلك الأعمال القذرة ……"
صدرت من آدم ضحكة متهكمة كانت الرد علي حديث زبير ليتركه بعدها منصرفاً …..
عاد من تلك الذكري لتتسع ابتسامته وتتحول لضحكات صغيرة
عندما تذكر كيف ظل زبير يلاحقه بعدها بصورة يومية تقريباً
حتي أقنعه بالمجيء للعشيرة كزيارة لعدة أيام
ومن بعدها تحولت الأيام لشهور ومن ثم لأعوام ……..
تنهد آدم وحَمَلَ الحقيبة التي أعدَها مسبَقاً واستقام خارِجاً من منزله
……………………..
سار في ساحة العشيرة حتي وصل للأشجار فاستدار مجدداً
يُطالع المنازل القابعة خلفه وهو يحاول التماسك هامساً ومواسياً لنفسه
" سأعود ……."
" أَذاهِبٌ لمكانٍ ما …….." تلك هي العبارة التي انطلقت من خلف آدم
ليبتسم الأخير وهو يجيب " لم أَعلَم أنك أصبحت بارِعَة في توقع تحركاتي فقد كنتِ فاشِلَة فيما سبق ……"
فأجابته سوفانا عندما همَّ بالاستدارة لها " أنا لا …. لكن زبير نعم ….."
استدار آدم لسوفانا وزبير ولكن ما رآه جعل علامات الدَهشَة ترتسم علي وجهه ببراعَة ……..
فقد رأي أمامه الجميع ……. سوفانا, زبير, إلياس, نور, تليد, بسام
كانوا جميعاً واقفين في هدوء يطالعون ما يحدث
ظل آدم ينظر إليهم لعدد من الثواني في صمت ليَصدح في النهاية صوته أجشاً متسائلاً
" ماذا تفعلون هنا …….."
لتعلوا معالم الغضب وجه إلياس رافِعاً أحد حاجبيه
بينما تولت سوفانا الحديث قائلة بنبرة غير مقروءة
" أتريد أن تعلم ماذا نفعل …..؟ "
نظر لها آدم في قلق من نبرتها
لتستكمل سوفانا وقد أخذت نبرة صوتها تتعالي دون إدراكٍ منها
" ما سنفعله أننا ذاهبين مع أحمق ظنَّ نفسه يستطيع الذهاب لمصيرٍ مجهول والنجاة هناك دون مساعدة أصدقائه …….
وتعالت صرخات سوفانا وهي تقول
" أحمق ظنَّ أننا لا نريد الأفضل إن كان لا يزال موجوداً ……
أحمق تغاضي عن رغبتنا الأكيدة في الذهاب نحن أيضاَ لهناك وأقنع نفسه أنها رغبته منفرداً فقرر تركنا خلفه ….."
صاح زبير ليخرجها من تلك الحالة
" سوفانا ……"
صمتت سوفانا وأخذت تلتقط أنفاسها بعدما سَمِعَت صيحة زبير الحازمة
بينما كان آدم يطالعها في دهشة
وقد كان غضب البقية لا يقل عن غضب سوفانا فلولا
توقع زبير للأمر لكان آدم الآن قد انصرف ولا يعلمون عنه شيء
تعالت كلمات زبير الهادئة
" أعلم أنك تخاف عليهم من الأذي لذا قررت الذهاب وحدك
لكنهم اختاروا الذهاب بإرادتهم الخاصة وهم يعلمون بكافة المخاطر المتوقعة ……….
لذا فمن الأفضل أن تخوضوا ذلك الأمر معاً ……"
فور انتهاء زبير من كلماته استدار الجميع علي صوت رفيف الآتية ركضاً من بعيد …….
والتي ما إن وصلت إليهم حتي وقفت تلهث من فرط المجهود وهي تحادثهم من بين لهاثها قائلة " هل فاتني الكثير …؟ "
ابتسم لها زبير قائلاً
" لا لم يفتكِ شيء هل أنهيتِ ما طلبته منك ….؟ "
أومأت له رفيف بنعم بينما تعالت نبرة نور المَرِحَة
يشاكسها قائلاً " اعتقدتُ أنكِ تراجعتِ عن قراركِ في القدوم ….."
شمخت رفيف بأنفها لتجيب في فَرحَة
" في أحلامك …… "
ليبتسم نور لها مُشَجِعاً
بينما استقام بسام من استناده علي الشجرة المجاورة له وهو يتحدث في هدوء قائلاً
" هل نذهب الآن يا آدم ….."
نظر له آدم وقد ارتسمت الابتسامة علي محياه
أثناء قوله في حماس " هيا بنا …….."
لتتعالي الابتسامات الفَرِحَة علي وجوه الجميع
وقد أخذوا في التحرك حاملين حقائبهم بينما نفوسهم تخفي بداخلها الكثير من المشاعر المختلطة مابين ترقب وخوف وفضول وأمل …..
استدار آدم لزبير الواقف يودعهم ومن ثم عاد أدراجه حتي وقف أمامه
يطالعه بنظراتٍ ممتنة قائلاً
" شكراً لك يا زبير… شكرا علي كل شيء …….."
ظل زبير ينظر له في صمت ليتحرك في النهاية آخذاً آدم بين أحضانه قائلاً " لا تشكرني يا صغيري فلا شكر بين والد وولده ….."
ليبادله آدم ذاك الحضن الدافيء ومن ثم انصرف مُوَدِعاً إياه
ليلحق بالبقية ……..
………………………..
ظل زبير واقفاً يطالعهم حتي اختفوا عن ناظريه بين الأشجار
ليتنهد في قلق ويستدير عائداً أدراجه إلي العشيرة محاولاً الاستعاد لمواجهة الجميع هناك ………
…………………………..
مال علي أخيه أثناء سيرهم ليهمس له
" إن أردت العودة فعُد بينما لا يزال بإمكانك ذلك ……"
نظر له نور ليتساءل " وما الذي أوحي إليكَ بأني أريد العودة …."
تنهد إلياس ليجيب أخاه
" حتي البارحة كنت قد أبلغت الجميع برفضك للذهاب
لأفاجأ بك اليوم موافقاً ….."
ابتسم نور لإلياس وحادثه قائلاً
" حتي البارحة كان لا يزال خوفي من التغيير ومما سيحدث تالياً مسيطراً عَلَيّ …….."
تساءل إلياس " والآن …...؟ "
فأجاب نور " لا يزال مسيطراً لكن فضولي لمعرفة ما سيحدث يدفعني للذهاب معكم ….. وإن أردتُ العودة في أي وقت فسأعود "
واتسعت ابتسامة نور وهو يكمل " والآن دعنا نستمتع بتلك المغامرة…"
………………………….
عاد الثلاثة من المناجم ليجدوا جواً مشحوناً بالقلق يحوم في الآفاق
فوقف زبير محاولاً أخذ نفساً عميقاً ووقف صديقاه بجواره
ليتعالي تساؤل زبير " ماذا هناك لمَّ القلق بادٍ علي وجوه الجميع ؟ "
انتبهوا جميعاً لقدومهم فتولت روكا الحديث قائلة
" الشباب مفقودين أعتقد أنهم ذهبوا معاً في نزهة أو صيد لا أعلم …..
ما أعلمه أنهم لم يعودوا إلي الآن وقد قاربت الشمس علي المغيب كما أننا نعتقد أن سوفانا ورفيف معهما "
زفر زبير محاولاً تنظيم أفكاره قبل أن يرد
" لا تقلقوا إنهم بخير ……."
فتعالي تساؤل ناهد القلقة " أتعلم مكانهم ….؟ "
تبعها تساؤل بثينة " أين هم يا زبير ….؟ "
وأخذت الهمهمات والتساؤلات تتزايد ليغمض زبير عيناه في إرهاق
فطالعه صاحباه في قلق ……..
ليستدير فياض صائحاً بنبرة جهورية
" فليصمت الجميع ……."
عمَّ الصمت علي الحاضرين فور سماعهم لنبرة فياض
فتحدث الأخير من بين أنفاسه المتلاحقة غضباً
" جميعهم قد أرسلناهم في مهمة ما ولن يعودوا اليوم …..
فلا تقلقوا عليهم ……"
تساءلت روكا في شك " أية مهمة تلك …...؟ "
أجاب فياض وقد همَّ بالرحيل
" سنخبركم عن الأمر ولكن ليس اليوم لذا اعذروني أريد الذهاب لمنزلي لأرتاح ……."
وتَبِعه بهاء وزبير في صمت كلٌ منهم إلي منزله
ليتركوا البقية واقفين حائرين في ساحة العشيرة
من ماهية تلك المهمة ………
……………………………..
دخل فياض إلي غرفته ليتمدد علي سريره شارداً
وقد عادت إليه ذكري الصباح حينما طرقت رفيف باب غرفته تخبره أن زبير بالأسفل ……..
انتفض فياض قَلِقاً فنزل لصديقه والذي ما إن رآه حتي هدأ قلقه
ليجلس زبير بجوار فياض يحكي له عن الحقائق التي عَلِموا عنها
وأنهي زبير حديثه قائلاً " إلي هنا ينتهي الجزء الذي يخصني من الحديث والبقية تخص رفيف هي من ستحادثك عنها ……"
استدار فياض والذي كان يحاول استيعاب ما سمعه ليطالع رفيف الواقفة تنظر له في توتر بلغ ذروته بينما استقام زبير
وقد أرسل نظرة تشجيع لرفيف في أثناء مغادرته كانت في أمس الحاجة لها لتتلقفها الأخيرة وتتحرك لتجلس علي المقعد المُواجِه لعمها الذي تعلقت نظراته بها منتظراً منها التحدث ……..
قطع فياض الصمت بتساؤله القَلِق
" ما هو الحديث الذي يخصك يا رفيف …..؟ "
ابتلعت رفيف غصة مسننة بحلقها
لتجيب محاولةً التغلب علي خوفها " عمي أتعلم أني أحبك ...؟ "
ظل فياض ينظر لها وقد سُكِبَ عليه دلو من الماء البارد ليتبدل القلق القابع بقلبه لدهشة ……..
فأكملت رفيف حديثها وقد ترقرق الدمع في عينيها
" كنتَ تظنني أكرهك مثلما كنتُ أقولها لوالدي وأنا طفلة أليس كذلك "
ظل علي صمته لتكمل رفيف
" لقد اكتشفتُ بعد وفاته أني أحبه لذا كَرِهتُ نفسي وكرهت عدم إدراكي لذلك وقررت الهروب من عالمي بأكمله وترك العشيرة حينها ….."
واستكملت في تساؤل
" أتذكر حينما أعدتموني بعد هربي وأنا مراهقة ….؟ "
أومأ لها فياض بالموافقة لتكمل هي قائلة
" يومها عدتُ لأني أدركتُ حماقتي وعدم قدرتي علي مواجهة ذلك العالم منفردة فقررت العودة للملاذ الآمن والتخلي عن فكرة الهرب …….
هذا كل ما كان يدور بذهني يومها …… لكن فور عودتي ولقائي بك وجهاً لوجه كنت أتوقع منك أن تغضب غضب عارم وتوبخني
وهذا ماحدث بالفعل ……"
لتبتسم رفيف عند تلك الذكري وتكمل
" لكن ما حدث قبلها هو ما أدهشني ففور رؤيتك لي ظهرت اللهفة بعينيك وأنت تطمئن علي وتسألني إن كنت بخير حينها علمتُ أني حمقاء ……
وقررت ألا أتخذ العشيرة مجرد كنف آمن لي بل أردتُ أن أنشيء علاقات طيبة مع الجميع أن أشعر بدفء وجودكم حولي بدل إغلاقي لقلبي في وجوهكم ……..
وتوالت المواقف الجيدة والسيئة والضحكات والأحزان بيني وبين الجميع هنا وعلي رأسهم أنت يا عمي لكن كل ما كان يضايقني هو حمايتك المفرطة لي في كل تحركاتي
وما كان يهون كل ذلك ويجعلني أقبل به هو علمي بخوفك الكبير علي ورغبتك في تنفيذ وصية أبي ….."
حاول فياض استجماع الكلمات الهاربة منه عند تلك النقطة ليتساءل قائلاً
" رفيف أنا لا أفهم إلي أين سيؤول هذا الحديث ….."
أخذت رفيف نفساً عميقاً لتجيب
" كل ما أردته يا عماه أن أخرج ما بقلبي وأجري محادثة معك بمكنونه فكل تلك السنوات كنت أحاول وأفشل في إخبارك أن أبي كان ليصبح فَرِحاً بما أوصلتني له اليوم لقد صنتَ الأمانة التي استأمنك عليها "
ترقرقت الدموع في عيني فياض ليرفض أن تهطل عبراته في عناد
وبدلاً من ذلك توجه بالحديث لرفيف بنبرة مهتزة قائلاً
" بمَّ أننا نتحدث عن مكنون قلوبنا فدعيني أخبرك أني فخور بابنتي الكبري الجالسة أمامي الآن وما استطاعت الوصول إليه بإرادتها "
صُدِمَت رفيف بتلك الكلمات التي باغتتها علي حين غفلة
لتتسابق الدموع متقافزة من عينيها وأخذت تحاول تمالك نفسها لتستكمل من بين شهقاتها
" تتمة حديثي هذا يا عمي بعدما أخبرتك بما أريد فأنا لدي طلب منك وأشك في قبولك إياه لكني سأحاول "
أنصت فياض لرفيف التي قالت
" الجميع سيذهبون محاولين اقتفاء أثر أولئك الأشخاص خارج بلادنا … هلا سمحت لي بالذهاب معهم ……."
اتسعت حدقتا فياض ليحدق برفيف القابعة أمامه بُرهَة من الزمن
ومن ثم تحدث قائلاً " أنت تعلمين برفضي المسبق فهذا الأمر محفوف بمخاطر ليس لها حدود كما أن نهايته ضبابية وفي الغالب قاتمة اللون "
تمالكت رفيف نفسها لتجيب " أعلم كل ذلك يا عماه وأعلم احتمالية مقتلنا الكبيرة إن استطعنا العثور عليهم…….
ولكني اخترت خوض تلك التجربة أريد الذهاب بشدة ….
ولا تقلق أنا لن أهرب إن لم توافق فلن أذهب لقد قررت سلوك الطريق الأصعب ولكنه الأفضل كتصحيح لعلاقتي معك ….."
ظل فياض يطالعها في صمت ومن ثم استقام بعد انتهائها من الحديث مستديراً ليصبح ظهره هو ما يقابلها وهو يقول
" أنا ذاهب لأُكمِلَ نومي ……"
تعالت الحسرة في أعين رفيف وقد تم التصديق علي رفض ذهابها الآن بعدما كان لديها بعض الأمل في موافقته
ليصدح صوت فياض بعد صعوده أولي درجات السلم قائلاً
" عِديني أنك ستعودين سالمة فلا يزال هناك الكثير من الأحاديث بيننا "
أشرقت البسمة علي محيا رفيف فجأة لتتقافز فَرِحَة وهي تهتف قائلة
" هل وافقتَ حقاً ….!
أوافقتَ يا عمي ….! "
ارتسمت بسمة قَلِقَة علي وجه فياض وقد عاد من شروده في ذكري هذا الصباح ليهمس قائلاً " أرجوك عودي سالمة يا صغيرة ……"
………………………..
" سنذهب إلي منازل الأسر الحاكمة لنعثر علي أي معلومة هناك "
كانت تلك العبارة التي قالها آدم ليتعالي تذمُر رفيف
" يكفي…. يكفي سيراً لليوم يا آدم لقد أُنهِكَت قدماي
لقد طلبت منا أن نذهب في البداية لمنزل العم زهير مجدداً بمركز المدينة طالبين من تليد أن يسأله
عن موقف الأسر الحاكمة في كل ما حكاه سابقاً
لنعلم منه أن الأسر الثلاثة الحاكمة لم تتشكل إلا بعد انتهاء الحرب
وأنهم ليسوا من نسل الحاكم السابق بل هم أناس اختارتهم البلدان المنتصرة بالحرب ليكونوا في هذا المنصب هذا كل ما أخبرنا العم زهير أنه يعرفه
وبعدما انتهينا من العم زهير أصريتَ أن تأتي بنا للمناجم مرة أخري لنبحث بداخل الكتب في تلك الغرفة عن أي دليل
والآن تصِر علي الذهاب للتحقق عن أي معلومات داخل منازل الأسر الحاكمة كل هذا في يوم واحد أتمزح معي الشمس قاربت علي المغيب
وقدماي تؤلماني بشدة نحن بحاجة للراحة ….
تنهد آدم ليجيبها " أعلم أنكم تعبتم اليوم يا رفيف من كثرة التنقلات
ولكني أحاول انهاء جمع المعلومات سريعاً فحتي الآن معلوماتنا ضبابية للغاية ولا نعلم أي شيء عن أولئك الأشخاص …….."
رد تليد الذي جلس يريح قدماه علي أحد الصخور
" فلنرتاح لليوم يا آدم ولنكمل غداً ………"
زفر آدم ليستسلم في النهاية قائلاً
" حسناً سنُخَيِم اليوم هنا …….."
…………………………..
كان الجميع يحضر الموضع الذي سينام فيه وقد استفادوا من قربهم من المناجم وما حولها من أراضٍ خاوية ……..
بينما آدم جالس جانباً يتناقش مع إلياس في خطواتهم المقبلة
وقد كان البقية بالقرب منهم يستمعون لما يدور من حديث
حينما احتد النقاش بين آدم وبسام وصاح آدم قائلاً
" هل سيعرضنا التسلل داخل منازل الأسر الحاكمة للخطر ولن يعرضنا
السعي للخروج من أسوار المدينة لخطر
بينما لا نعلم ما سيقابلنا خارجها ……..؟ "
أجاب إلياس وقد نَفِدَ صبره هو الآخر " لكني عملت داخل تلك المنازل وقرأت بالكتب المتواجدة داخل مكتبتهم لذا أقول لك أنه لم تتسرب حتي ولو إشاعة واحدة تحدثوا بها همساً عن بلادٍ أخري ولم أقرأ بأي من كتباب من كتب المكتبة عن تلك الأمور التي علمنا بها …….
ولم أري يوماً أحد غريب قد أتي لزيارتهم …… لذا ما الداعي من أخذنا لمخاطرة لن نستفيد منها بشيء ….."
أجاب آدم " إن كانوا علي علاقة بهم فلن يسمحوا لأي إشاعة بالانتشار
لذا أنا أُصِر أن هناك إجابات تنتظرنا داخل منازل الأسر الحاكمة "
" تخمينك صحيح يا آدم ولكنك لستَ بحاجة للانتظار حتي تبحث عن إجابات هناك قد تعثر عليها وقد لاتجدها أبداً
اسألني عما تريد وسأجيبك فأنا منهم يا صديقي ……."
توقف تليد ونور عن الحركة وقد كانا ذاهبان لإلياس وآدم لفض المجادلة بينهما واستدارا يطالعان بسام
الذي قال هذه الكلمات والتي لم يفقها منها شيء "
بينما استدار آدم متسائلاً في عدم فَهْم
" مِنْ مَنْ يا بسام لا أفهم شيئاً مما تقول ….؟ "
ابتلع بسام القابع علي أحد الصخور في الظلام
غصة مسننة في حلقه ليجيب بنبرة متحشرجة
" من أولئك الأشخاص الذين استولوا علي بلادكم في الماضي ….."
تعالت شهقة رفيف الخافتة والتي استندت من هول صدمتها علي سوفانا الواقفة في صمت بجوارها……
استكمل بسام الحديث حينما عمَّ الصمت …….
" أنا مواطن في أحد تلك البلاد المُنتَصِرَة في الحرب
لكن صدقوني ليس لي دخل بما يحدث معكم هنا حتي أني علمتُ عن وجودكم بالصدفة وقادني فضولي للمجيء إليكم ….
حينما قابلتُكَ يا آدم كان ذلك أول يوم لي في بلادكم "
تخلي آدم عن التحديق ببسام ذاهِلاً ليستقيم واقفاً
وبلمح البصر كانت اللكمات تُسَدد إلي بسام واحدة تلو الأخري
يسقط بعد تلك لترفعه يدا آدم متلقياً أخري
وبسام يتلقي كل هذا في هدوء دون بذل أقل مجهود في الدفاع عن نفسه
صرخت رفيف وسارعت بالامساك بذراع آدم وقد أغرقت الدموع وجهها
" يكفي …… لقد سال الدم من وجهه …… كفي إنه صديقك "
صاح بها آدم صيحة جعلت أوصالها ترتعد قائلاً
" ابتعدي إن كنتِ لا تريدين أن تتأذي ……."
كان نور هو أول من استفاق إثر صرخة رفيف
ليهرع مقيداً ذراعي آدم من الخلف وهو يصيح برفيف
" ابتعدي يا رفيف فآدم بتلك الحالة قد يؤذيك فعلاً دون قصد ….."
كان الخوف جَلِياً بعينا رفيف لتبتعد حالما أحكم نور إمساكه بذراعي آدم
الذي صاح به غاضباً
" اتركني أنت أيضاً فهناك حساب وَجَبَ علي تصفيته ….."
تحدث بسام المُلقي أرضاً بنبرة خافتة وقد كان يحاول النهوض
" اتركه يا نور دعه يفعل ما يشاء ……."
اهتاج آدم فور سماعه لعبارة بسام ليضرب نور برأسه ضربة جعلت الأخير يتألم ويقلل من ضغط يداه علي يدي آدم
مما أعطي فرصة له ليلقي نور أرضا محرراً يداه …….
سقط نور علي ظهره متألماً ليتوجه له تليد الذي كان قد استقام محاولاً مساعدة نور في تهدئة آدم
فصاح نور بإلياس
" أنت هل ستظل جالساً هكذا كثيراً وتتركه يقتل بسام ….."
نفض إلياس عنه أفكاره ليستقيم هو الآخر
متجهاً لآدم الذي عاد يسدد اللكمات لبسام …….
صاح نور الذي كان يحاول النهوض عندما رأي المنظر أمامه قائلاً
" سيقتله ….. بسام أيها الأحمق دافع عن نفسك ….. "
ثم استدار موجهاً نظراته لتليد صارخاً
" اتركني واذهب إليهم يا تليد أنا بخير لا تقلق …."
اتجه تليد إلي آدم الذي كان إلياس يحاول منعه من تسديد المزيد من اللكمات …..
وأمسك تليد هو الآخر بآدم ليصيح بهما آدم
" اتركاني ….. قلتُ اتركاني "
صاح به إلياس " هل ستستكمل ضرب من يرفض الدفاع عن نفسه وتوجيه لكمته بوجهك …..؟ "
ظل آدم يطالع بسام القابع أرضاً بغضب أسود
ليوجه له الحديث قائلاً
" لقد خُنْتَ ثقتي ابتعد عنا لأني عندما أراك مجدداً فسأقتلك ….."
نفض آدم يداه من تليد وإلياس بعد تلك الجملة
ليتركهم مبتعداً ……..
………………………….

# انتهي الفصل #
* تعليق بسيط بعد ماكتبت الفصل صعب عليا بسام وكنت عايزة أروح أضرب آدم 😂😂😂


لولا السيد غير متواجد حالياً  
قديم 29-09-20, 02:40 PM   #59

Duaa abudalu

? العضوٌ??? » 449244
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 84
?  نُقآطِيْ » Duaa abudalu is on a distinguished road
افتراضي

تسلم اديكي يا رب 😘😘😘😘
الفصل روووعة رووووعة ❤❤❤
زعلانة ع ادم وبسام


Duaa abudalu غير متواجد حالياً  
قديم 04-10-20, 12:21 AM   #60

لولا السيد
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 472799
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 95
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » لولا السيد is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة duaa abudalu مشاهدة المشاركة
تسلم اديكي يا رب 😘😘😘😘
الفصل روووعة رووووعة ❤❤❤
زعلانة ع ادم وبسام
تسلميلي يا دعاء سعيدة إنه عجبك ❤❤❤
الفصل الخامس عشر سينزل الآن استعدوا


لولا السيد غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مابين عينيك والبرية, لولا السيد, رواية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:33 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.