آخر 10 مشاركات
عازب فى المزاد (143) للكاتبة : Jules Bennett .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عادات خادعة - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة: Nor BLack(مكتملة&الروابط) (الكاتـب : Nor BLack - )           »          معلومة بتحكيها الصورة (الكاتـب : اسفة - )           »          رواية المخبا خلف الايام * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          الغيـرة العميـــاء (27) للكاتبة الرائعة: فـــــرح *مميزة & كاملة* (الكاتـب : فرح - )           »          عذراء الإيطالى(141)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء1سلسلة عذراوات عيد الميلاد) كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          صمت الحرائر -[حصرياً]قلوب شرقية(118) - للمبدعة::مروة العزاوي*مميزة*كاملة & الرابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree68Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-06-20, 02:15 AM   #61

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي


الف مليوووووون مبروك يا شوشو بداية روايتك الجديدة.. وحشتينا واشتقنا لقلمك الرائع المبدع والمختلف.. سعداء ببداية رحلة جديدة... دون أن ننسي طبعا باقي الرحلة القديمة وسنعود لها يوما بعد إكمال رحلتنا هذه بنجاح وتألق كعادتك دائما بإذن الله 💗💞🌹❤️💐



رغيدا غير متواجد حالياً  
قديم 17-06-20, 03:02 AM   #62

نوراااا

? العضوٌ??? » 472437
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 20
?  نُقآطِيْ » نوراااا is on a distinguished road
افتراضي

مبروووك ياشوشو 😍😍😍بالتوفيق ياقلبي

نوراااا غير متواجد حالياً  
قديم 17-06-20, 03:41 AM   #63

soso#123

? العضوٌ??? » 456290
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 389
?  نُقآطِيْ » soso#123 is on a distinguished road
افتراضي

ثريا قداح
بالانتظار ان شاء الله


soso#123 غير متواجد حالياً  
قديم 17-06-20, 10:25 AM   #64

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

الف مبرووك على روايتك الجديدة
بداية مشوقة
تسلم ايدك 😘😘😘


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً  
قديم 17-06-20, 10:26 AM   #65

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً  
قديم 17-06-20, 12:06 PM   #66

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

الف الف مبروك حبيبة قلبي شيماء
كل التوفيق والتميز اتمناه لك




كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 17-06-20, 01:06 PM   #67

shymaa abou bakr

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية shymaa abou bakr

? العضوٌ??? » 355161
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,527
?  نُقآطِيْ » shymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم يا حلواااات
الفصل الاول من " و آن للروح ان تستكين"
طالبة منكم المشاركة والتعليق لانها هتفرق جداااااا معايا
❤❤❤❤




الفصل الأول

سار فاضل في مطار دبي الدولي يتلفت حوله...وارتباك شديد يلم به
لأول مرة يري مكانا بهذا الاتساع...والبشر فيه بهذا التباين
وهو...بالرغم من ان إنجليزيته جيدة بعض الشيء نظرا لاضطراره النجاح في ذلك الامتحان اللعين حتي يحصل علي الفيزا...
لكنه مع اتساع المطار والكل حوله يتحدث بالإنجليزية التي بسبب ارتباكه توهم انها افضل من انجليزيته بمراحل...فتطايرت اللغة بأحرفها وكلماتها من رأسه ولسانه...
جلس علي احدي المقاعد واضعا وجهه في هاتفه ... متوجس خائف ان يوجه له احدهم الحديث فيبدو كالأبله...
و لكن علي بُعد ...رأي فاضل محل معجنات بالشكولاتة والرائحة التي داعبت أنفاسه ...جعلت لعابه يسيل جوعا ...خاصة وقد طال انتظار الرحلة الأخرى .
مد أصابعه لجيب بنطاله يتحسس العملة الامريكية ..
" عشرون دولارا"
ليس معدما...وقد عمل لسنوات في كل عمل توفر له مهما كان طالما شريفا... وقد ترك له والده مبلغا كبيرا كميراث ، ولكنه ترك كل هذا لزوج عمته لأنه المتابع لحالة أخيه عفيف ..
(هو اولي منك يا فاضل بكل قرش )
لذا غض النظر عن ابتياع المعجنات..... خائف ان يحتاج المال في أي ظرف.. فيهان وينكشف أمام الاغراب ، وعاد لهاتفه العتيق الطراز يشاهد الصور بحنين من ابتعد لسنوات... ليس لساعات .
صور أخيه عفيف قبل المرض وبعده ... وفي كل الصور الابتسامة المشرقة تزين ثغره وكأنه يلقنه درسا في الرضا .
عفيف ذلك الطفل الذي تيتم قبل الأوان ..
فبعد انفصال ابيه عن شهيدة ... ظل والده ممتنعا عن الزواج لسنوات مخافة فزاعة " زوجة الاب" ، حتي اهداه الله ام عفيف بعد تسع سنوات من العزوبية وتربية ولديه وحده بمساعدة اخته فريال وزوجها .
وكانت نعم الزوجة له والام لأولاده... حتي وافتها المنية قبله بعدة سنوات ... رفض بعدها فكرة الزواج نهائيا وقد اكتفي بأولاده الثلاثة .
والده لم يكن غنيا ولا فقيرا.. كان متوسط الحال يعمل موظف في البلدية... وظيفة ان كان استغلها استغلال دنيئا لأصبح من الاعيان ... لكن كما سمي أولاده ورباهم علي اكثر ما يتمسك به (الفضيلة... النزاهة... العفة) .

صورا لنزيه قبل سفره... بشخصيته شديدة الانطلاق والجاذبية... والشبه بأمه ..
فنزيه كان دوما مصدر القلق في حياة والدهم ثم في حياة عمته وزوجها.. لحبه لكل متع الدنيا وزينتها .
المال... الملابس الانيقة.. الاماكن الفاخرة.. والحسناوات
لذا كانت الصدمة عظيمة علي الجميع بعد ان ذوب نزيه اجمل جميلات البلدة في غرامه.. ان يترك الجميع لامرأة اربعينية أمريكية ويرحل معها ... فيعود جرح شهيدة للتجدد .

صور أبناء عمومته الأقرب لقلبه...صور عمته تخبئ وجهها بحياء... صورة لنزيه قبل سفره بيوم... وصورة لسهى ..
توقفت حركة اصبعه عند وجه سهى المبتسم... وبدلا من ان تعود للذكري الحلوة ... عادت لما حدث منذ سويعات ..

"انا أحلك من خطبتك لسهى إبنتي يا فاضل...تزوج يا ولدي في الغربة وصن نفسك من الذلل"

هز لحظتها فاضل رأسه لعمه رافضا وهو يجيب بثبات :
(لا يا عمي...لن اترك سهى..)
(فاضل)
صوتها الاتي من خلفه ...فاجئه وجعله يلتفت للوجه المتورم من البكاء ... بالرغم من ان الدمع اختفي من علي صفحته :
(فاضل...انا أُحلك من خطبتك لي...أنت من هذه اللحظة كأخي ... )
ثم فعلت ما لم تفعله لسنة هي فترة خطبتهم ...مدت كفها الصغير والخالي الان من دبلته... تترجي بحرقة أم لا حبيبة :
(بالله عليك يا فاضل... أرأف بحالنا هنا ... أرأف بحال من يحبوك ولا تسمعنا عنك إلا كل خير)
أصابعه علي صورتها .. وكأنها تلسعه... فأبعدها بسرعة لا يلمس ذلك الوجه الصبوح
(لم تعد تحل لي)
مسح الصورة بسرعة قبل ان يغريه الشيطان ...
فهذا هو فاضل دوما... من صغره كما تحكي له عمته وهو يبعد بينه وبين الخطأ والحرام بالألاف الاميال ... حتي ان زوج عمته وأعمامه لم يأنفوا أو يستصعبوا ان يخطب سهى وهما يعيشان تحت سقف واحد... يومها رد زوج عمته كان جملة واحدة قالها بمليء فيه :
(انه فاضل يا أحبتي... صائن العرض وحامي الشرف)
نداءً علي طائرته المتجهة لسيدني...أعاد له الارتباك .. والخوف من المجهول ، لكنه توكل علي الله وخطي خطوة كان يقسم دوما ان لا يأخذها
خطوة تقربه من... شهيدة ..

....................................

وضعت فدا هاتفها وعلاقة مفاتيحها في الحقيبة وتأكدت للمرة الثالثة انها وضعت إجابة الامتحان في حقيبتها الظهرية...
اخر امتحان لتأتي بعد الاجازة... والاجازة في عرف فدا تعني المزيد من العمل... هربا من البيت لا أكثر .
خرجت فدا من غرفتها التي تشاركها مع عبدالله بهدوء شديد حتي لا توقظ الصغير.. فالكل يعرف عبدالله ونزقه إن أوقظه أحدا .
ينتابها نفس الشعور... شعور بالانقباض مما ستلاقيه بعد لحظات...
ألتقت عيناها بعيني والدها غسان الجالس علي مائدة صغيرة في مطبخهم المضيء بأشعة شمس الصباح القوية ولون حوائطه الأصفر المبهج.. وأمامه أطباق الإفطار العربي الأصيل لم تمسه سنوات الغربة .
(صباح الخير أبي)
همست بها بحب وهي تنحني تقبل رأسه الذي خالط فيه الشيب السواد بأناقة سنواته... وهي تسمي الله في سرها علي وسامة والدها التي تزيدها السنوات... وانعكاس الشمس في عسل عينيه يزيدهما بريقا أخاذاً
...فيرد بتربيته خفيفة علي كفها ويتمتم :
(صباح الخير علي صبيحة الوجه)
ابتسمت فدا لأبيها بحنان وهي تراه يحتويها بعينين حذرتين... وكأنه يبحث عن أي خلل قد تختلق عليه أمها مشكلة .
فوقفت فدا أمامه بوجهها الحنطي بلا أية مساحيق للتجميل وحجابها الأسود يحدد ذلك الوجه ويعكس سواد عينيها الرقراق... أما ملابسها المكونة من بنطال قماشي زيتي واسع وبلوزة بلون الحجاب يخفيان باحتشام ملامح جسدها الفتي الممتلئ ويظهران قصر قامتها...جعلت غسان أخيرا يزفر بارتياح ويبتسم في وجهها مطمئنا .
ألتفت كلاهما علي صوت البوابة الداخلية للبيت تُفتح وتدخل أمها راوية بإسدالها الأزرق وقامتها التي تماثل قامة فدا مع ميل أكبر للنحافة... وفي يدها بضعة عيدان من النعناع الطازج الذي تزرعه في ما تسميه عرضا " حديقة" .
فبيتهم المكون من ثلاث غرف نوم وصالة واسعة ومطبخا مفتوحا وباحة خلفية .. لم يكن واسعا أو راقيا ... ولكنه كان كل ما استطاع والده تحمل شراءه بعد سنوات من الايجار المرتفع كما هو الوضع في مدينة سيدني كلها... ومع ذلك لازال والدها يدفع اقساطه الثقيلة .
(صباح الخير.. أمـ.. )
لم تدعها راوية تستطرد التحية وهي تقاطعها بغلظة
(تأخرتِ في النوم كثيرا... هل توقعت ان تُحضر لك الخادمة الإفطار)
ابتلعت فدا التحية ومعها أي رد قد تبني أمها عليه مشكلة .. فردت بسرعة
(أسفة.. لقد سهرت طول الليل اتحضر لأخر امتحاناتي اليوم)
وانتظرت لحظة... تتمني ان ترد أمها وتتمني لها حظا طيبا في الامتحان... وحين لم تفعل ... هتف غسان مشجعا :
(ثقتي بالله أنكِ ستتفوقين حبيبتي... هل أخبرت رضا أنكِ لن تحضري للعمل اليوم بعد الامتحان أم أخبره انا؟)
ففدا تعمل مع والدها في مطعم " رضا" للأكلات العربية منذ أكثر من عامين ... يعمل غسان كمدير للمطعم الذي نمي كثيرا علي يده بينما تعمل فدا في المطبخ .
قبل ان تجيب فدا كانت راوية تقاطعه بغيظ وهي تزيح اسدالها لتظهر قامتها القصيرة النحيفة وشعرها الرمادي المجموع في ضفيرة طويلة :
(على رسلك انت وهي... ولما تعود بعد الامتحان؟ بل تذهب للعمل ... البيت أولي براتب تلك السويعات... أم ستعود لتؤانسني تلك الساعات؟)
سألت رواية سؤالها الأخير باستهزاء جعل فدا تبتلع ريقها بصعوبة ... خاصة وأمها تستطرد بنبرة تدل علي نيتها رمي إهانة أعمق :
(أو ربما..)
لكن والدها تحدث بسرعة بصوت أعلي من صوت أمها :
(صباح الخير يا عبدالله ... تعال حبيبي)
فجأة هدأ الوضع وتغيرت الملامح... وكأن كل ما دار من لحظات كأن لم يكن...حتي راوية قالت بلهجة تقطر حبا وهي تتطلع في عبدالله زي السبعة أعوام :
(فدا ...تناولي ساندويتش جبن ... لا تذهبي بمعدة فارغة)
ولكن حتي مع الجملة المختلقة ... لم تعطها أي اهتمام وقد حولت راوية اهتمامها كله لعبدالله تسحبه لكرسي مجاور لها وترص أمامه الاطباق بلهفة وتضع اللقيمات في فمه ولازالت عيني الصغير شبه مغلقة...وبالرغم من غرابة الوضع إلا أنه كان الطبيعى !!
ولكن هذا الصباح شيئا اختلف... ألا وهو امتعاض غسان الواضح ووجهه المقلوب في وجه راوية علي غير عادة .

......................................

دخلت فدا سيارتها الصغيرة والتي منعتها أمها منها لوقت طويل عقابا... لأنها سلكت طريقا مختلفا من المعهد للمطعم ، وما ان ابتعدت تماما عن الحي ... حتي فتحت درج القفازات تخرج منه حرزها الثمين...اسطوانة أغنيات عربية .
تمردها الوحيد علي أمها التي منعتها من سماع الأغنيات من زمن ، وضعت اغنيتها المفضلة... وكالعادة .. بكت مع كلماتها .
الاغنية في حد ذاتها مفرحة... لكنها لا تتمالك دموعها مع سماعها.. تذكرها بزمن اخر ... فدا اخري ... وجويرية اخري ..
تعيدها لتلك الذكري التي تتمسك بها كغريقة ..
جويرية في العشرين منحنية علي كتبها ... تحاول محاربة ضحكتها التي تود لو اتسعت علي فدا الصغيرة التى تقف امام المرآة ... تقلد حركات الرقص الشرقي علي التلفاز .
لم تعد قادرة علي التحمل... فانفجرت جويرية بضحكتها عالية الرنين وهي تتجه لحيث اختها .
وبالرغم من اعتراض الصغيرة... إلا ان جويرية سحبت الكوفية التي كانت تلفها فدا حول وسطها... لتلفها لنفسها ثم تبدأ في التمايل مع الموسيقي وملامحها تحكي قصة غرام خيالية وهي تردد لفدا المنبهرة :
"عيشي اللحن... عيشي الكلمات ودعي جسدك يترجمها في تمايلاته.. عبري "

......................................


صوت تنبيه علي هاتف خالد جعله يضع الشوكة البلاستيكية في حاوية الغداء ليتفحص الرسالة التي وصلته بتلهف ... قبل ان يعلن بارتياح :
(تلك الرسالة من فدا.. نجحت حمدا لله في امتحانها الأخير لهذه السنة)
لم يتوقع منها رد فعل... فهو الأكثر معرفة بجويرية دونا عن العالم كله
أكثر الناس دراية بهذا الوجه الجامد والجسد الأبكم بلا لغة
(حقا؟ لم اكن اعرف )
حتي صوتها أبكم... نعم تستطيع سماعه لكن لا يمكن ان تميز فيه أي عاطفة أو انفعال... إلا ان كنت خبيرا جدا في " جويرية المنسي" كما هو حال خالد الذي أجاب بتأكيد :
(بالتأكيد تهاني عندها خبر... ألن تذهبا الليلة لبيت ابيكم؟)
تحركت شفتي جويرية حركة ضئيلة جدا وهي تجيب
( يبدو أنك أكثر معرفة بأخباري انا وأخوتي.. مني)
ضحك خالد بصخب ... لفت إليه انظار بضعة فتيات تهامسن وهو متأكد دون ان يسمع مما يقولون ، كلمات سمعها منذ كانا في المدرسة :
" چو منسي وخالد حكيم ... أحباء"
كم سنة مرت وهما يسمعا تلك الجملة... ويضحكان ..
تسعة سنوات يضحكان معا ..
ثم ... سبعة اخري ... يضحك هو وهي تتطلع في وجهه بلا تعبير
قاطعت أفكاره وهو الادري بمنحاها الموجع سائلة :
(هل ستأتي معي انا وتهاني لزيارة عبدالله؟)
تمني خالد في تلك اللحظة ان يكسر رأسها... أن يعنفها ويوبخها مطالبا... ان تقول زيارة عبدالله وفدا.
لكنه عدل نظارته الشمسية الباهظة ومد يده يلتقط الشوكة ويستكمل تناول طعامه قبل ان يجيب بسماجة :
(لا... انا لا أحب امك ولا هي تحبني)
رفعت جويرية كتفيها بلامبالاة وهي أكثر من لا تحتاج اصطناع اللامبالاة... فكل ما فيها ينطق بها :
(ستعود تحبك ان عرضت ان تتزوج ابنتها المعطوبة)
تجمدت الشوكة في طريقها لفمه ... قبل ان يعيدها لحاوية الطعام ... يتطلع في تلك الجالسة أمامه برقي ملكي .
شعرها القصير جدا ... خفيفا جدا من الجوانب وغرة طويلة بلون العسل تغطي جبينها...وتظلل علي عينيها ... فلا تري تلك الأعين العسيلة... الميتة .
تذكر يوم قصها لشعرها إلا من الغرة لأول مرة ، هو من قصه لها... وهي تجري إليه وعينيها جامدة ووجهها جامد لكن روحها تبكي ... وهو من يسمع البكاء :
(غطي عيناي... لا اريد ان يراها احد)
بشرتها تختلف قليلا عن اختيها بلون اكتسبته منذ زمن حين وقعت في غرام المحيط ... فلم تمرر يوم إلا وسبحت علي شطآنه... فوهبها لونا ذهبيا يدير رؤوس الرجال... خاصة مع قوامها الملفوف ببذلة رسمية سوداء .
(معطوبة؟) سأل خالد بصوت جاد (إن كانت كل المعطوبات مثلك... فلن اتنازل عن الزواج بمعطوبة)
لم تجب ... بل علي جمودها .. تطلعت فيه بحب أخوي لا يمكن ان يقدره غريب.. تتطلع في طوله الفارع وشعره الأسود المصفف علي طريقة رجولية جذابة.. تتناسب مع ملامحه الوسيمة التي تشي بانتمائه لبلاد الهند وباكستان .
حين قالت معطوبة.. لم تعن نفسها.. فمن الاحمق الذي قد يظن ولو للحظة ان زواجا قد يتم بين خالد وجويرية... قصدت المعطوبة الأخرى ،
نظرت في ساعتها لتعلن بأسلوب تقريري :
(انتهت ساعة غدائي وعندي الان فصل... اراك بعد غد)
ونهضت مبتعدة دون ان تزيد...
هو يعرف انها ستشتاقه ... وستنتظر ان يهاتفها ويراسلها كل ساعتين كي يخفف عنها وطأة الوجود في بيت العائلة
وهي تعرف انه يسبها في نفسه... وقد سمحت للزمن ان يجعله هو اقرب لها من اختها...

...........................................

زفرت بضيق داخلي وهي تري " تشاي تشانج" يقف علي باب قسم الفيزياء في الجامعة حيث تعمل معيدة بينما تحضر الدكتوراه .
ما إن رأها تشانج حتي تهللت اساريره يغيظها بابتسامة واسعة من الاذن للاذن وهو يلوح لها غير مبال بالشباب من الجنسين الملتفين حوله :
(أستاذة چو منسي... عندي طلب لأحد الشباب )
ولكنها كالعادة ... حين يوجه لها تشانج حديث .. لا تقف
فضحكته الواسعة تسبب لها صداعا فوريا وهي يومها طويل وعليها ان لا تلجأ للمسكنات قبل ان تري امها .

اما تشاي فتتبعها بنظراته... التي تصرخ إعجابا

..........................................

اتسعت ابتسامة غسان وهو يتحقق من رسالة فدا المبشرة
(أخيرا انفكت عقدة حاجبيك يا غسان)
ابتسم غسان لرضا الذي رمي التعليق وعاد ينهمك في تقطيع اكوام الخضار بانهماك شديد وهو يدندن " راجعين يا هوا"
تراجعت ابتسامة غسان وهو يري اشعارا عمره ساعات علي هاتفه ولكنه لم يفتحه بعد... بالرغم من استطاعته قراءة بعض المكتوب .
" لم تودعني صباح اليوم.... هل انت غاضب ثانية؟"
كلمات راوية تحزنه... تشعره بذلك الثقل في قلبه الذي لم يعد يغادره... ذلك الثقل يزداد كلما تذكر ما عليه فعله ..
ولكنه الحل الأمثل .
هل هو السبب في ما آلت له الأمور بين فدا وراوية ؟؟
نعم... هو وحده المذنب وهو وحده من يستحق العقاب .
ومع ذلك يعاقب راوية...
" متأخر جدا كعادتك ياغسان! تأتي الان لتعاقبها وتقوم الاعوجاج بعدما تركته يزداد قوة ... فلم يعد التقويم صالحا إلا بالكسر"
ورغما عنه... عادت نظراته المحبة تمسح رسالتها وصورتها علي خلفية هاتفه .
صورة عمرها يزيد عن الثلاثين عام ..
كانت صورة فوتوغرافية من قبل وهو من جعل تهاني تلتقطها بهاتفها وتعدلها لكي يحصل علي صورة إلكترونية نقية .
كان في الصورة الاصلية يقف جوارها علي بعد خطوتين ولكنه قص صورته من الصورة الاصلية كي تبقي وحدها .
تذكره بذكري حلوة بينهما... هي في الصف الأول الجامعي وهو في صفه الأخير .
قصة حب معادة مكررة... لكن المشاعر بينهما كانت بكر ... تخصهما
ابن المدينة وبنت البلدة البعيدة التي كانت جيشه وسنده من اليوم الأول
تحملت معه اعتقالات ومراقبة من الشرطة... وأخيراً هروب من البلاد .
فكانت النتيجة هو حمله لجمائلها فوق كتفيه... حتي ناء بحمله وهي لازالت تثقل علي كتفيه .
" والله يا راوية لو علي... لحملتك فوق رأسي طول العمر... لكن إن تركتك تتمادين أكثر... ستجرحين كل من نحب... الولد يكبر ويوم يفهم ما يدور... لن نجد ما يداوي ولا يصلح العطب"
حمل هاتفه بين أصابعه ... يشتاق لصاحبة العمر ان يهاتفها ... يحادثها ويدللها .
لكنه قسي علي قلبه... فشدد قبضته علي هاتفه ثم خبأه في جيب بنطاله... لعله يمتنع عن التفكير فيما هو مقدم عليه للحظات .

..................................

ما إن انهت جويرية ساعات العمل حتي توجهت بسيارتها لحيث تنتظرها تهاني امام البناية التي تسكنا فيها معا في المدينة المركزية بعيدا عن الضاحية التي يسكن فيها والديها بساعتين .
وقفت تهاني امامها ولم تلحظ وجودها بعد.. تختلف عنها وعن فدا في كل شيء... كأن هذه الصاروخ ليست اختاً لهاتين الكئيبتين !!
ترتدي كعادتها الألوان الفاتحة ...فستانا صيفيا طويل بلا اكمام اصفر تزينه وردات بيضاء بأحجام مختلفة.. وقد اطلقت لشعرها الطويل جدا العنان ليصل لأسفل ظهرها وعليه ترتدي قبعة كبيرة من القماش القوي باللون الأبيض وإن تدلت من تحتها خصلتين طويلتين بلون وردي فاقع
وحتي اظافرها طلتها بالأصفر ومع ذلك لم يكن فيها ما يؤذي النفس أو ينفر .
كانت تشبه نسمة باردة في نهار صيفي حار.. خاصة بابتسامة مشاغبة ... توجست لها جويرية ... فسألتها وهي تفتح الباب لتلج للسيارة بعدما تخلت لها جويرية عن مقعد القيادة :
(لما هذه الضحكة الغير مريحة بالمرة ؟!!)
تحدثت تهاني بلغتهم العربية ذات اللكنة المميزة :
(ستعرفين خلال سويعات...يا مسمار)
تأففت جويرية بلا ادني تعبير مرددة نفس الجملة :
(لا تناديني مسمار)
وانتظرت لأقل من الثانية قبل ان تفعل تهاني المعتاد وهي تهتف بصوت نشاذ :
(قومي... انفعلي... انفجري... لا تقفي مثل المسمار)
من يصدق ان تلك المجنونة بكل ما تحمل كلمة مجنونة ... تعمل كأمينة في أكبر متحف في المدينة !!
يأتمنوها علي لوحات بالملايين وأثاراً لا تقدر بثمن...
كيف... لا تعرف !!
ألتفت جويرية... تراقب المارة من نافذتها... لتترك تهاني لأفكارها والتي غلفتها الأخيرة بغلاف من الصمت النادر كي لا تعرف اختها انها تستعد داخليا تشحذ أسلحتها ... لضرب قنبلة كاسحة اثناء عشاء اليوم .
كل بضع دقائق تنظر لجويرية بابتسامتها المغيظة وتعود للغناء بالعربي :
أنا هنا يا ابن الحلال
لا عايزه جاه ولا كتر مال
بحلم بعش
أملاه أنا سعد وهنا
أنا هنا يا ابن الحلال
مليت لك القلة.. عطشان تعالا
عطشان.. تعالا
يا جميل يلاااا
أنا ورا الشباك سهرانة بستناك
علمت قلبي هواك من قبل ما تجيني ولا... أتملاك
بحلم بعش
أملاه أنا سعد وهنا
أنا هنا يا ابن الحلال
لم يكن خفيا علي جويرية ..ولا علي أي شخص قد قابل تهاني حتي ولو مقابلة عابرة... انها جُنت حرفيا بفكرة الزواج...
فكل فتاة تحلم بالزواج والاستقرار والأمومة...
لكن تهاني لا تحلم إلا بهذا... حتي التعليم والعمل كانا بالنسبة لها مجرد خطوات في الحياة ... لتصل للحلم الأوحد ... الزواج ..
والزواج عند تهاني تختلف شروطه عن المعتاد...
فلاهي تبحث عن مهر أو شبكة !!
ولا كأغلب المغتربات تحلم بعشرة أطفال حي تؤسس عائلة تؤنس وحدتها في الغربة !!
شرطها الأوحد ان تتزوج ... بشبيه ابيها !!
حتي اغانيها كلها عن الزواج...فما ان انتهت من الاغنية الاولي حتي بدأت في أخري وهي تتمايل خلف عجلة القيادة :
" ما تزوقيني يا ماما... اوام يا ماما.."
قاطعتها جويرية برتابة صوتها وإن ارتفع قليلا جدا بنزق :
(انت مريبة أكثر من العادي اليوم)
ثم رفعت حاجبها تحاول نقل قليلا من توجسها لتهاني :
(هل سنصل للبيت لأجد زفتك معدة وفي انتظارك ؟)
ضحكت تهاني بصخب شديد جعل جويرية تحاول سد اذنيها بتململ :
(چو يا حياتي... انا لن اتزوج من هنا ... سأتزوج من بلادي.. رجلا يشبه ابي...)
تكره جويرية كثرة الكلام ... خصوصا وإن كان كلاما معادا سمعته آلاف المرات .
لذا صمتت مضطرة لسماع أغنيات اختها النشاز حتي وصلا للبيت ، تهاني بصخبها الذي يملأ البيت بأصوات تذكرهم بالماضي .
جويرية بغرابتها التي جعلتها تصافح والديها برسمية ثم تنحني مقبلة رأس عبدالله...وتهز رأسها من بعيد لفدا .
جلست العائلة حول مائدة العشاء العامرة بالأصناف التقليدية التي تفتقدها الفتاتين خلال الأسبوع وخلال وجودهما في المدينة... فلا تتوقف راوية بسلوك أمومي صاخب عن ملئ أطباقهم مرة بعد مرة ولا تتوقف عن زج الطعام في فم عبدالله .
(سيد غسان المنسي)
رفع غسان رأسه مواجها ابنته تهاني وهدأ صوت راوية وعبدالله قليلا...
لملمت تهاني شعرها المنسدل في كعكة مبعثرة وهي تبتسم باتساع لوالدها المنتظر :
(اريد الزواج)
أعلنت ببساطة... فأجاب الاب الذي سمع تلك الجملة لسنوات طويلة
(عرفنا وحفظنا... هل وجدت عريس علي مواصفاتك؟)
رفعت تهاني حاجبها بشقاوة طفولية وهي ترفع أصبعا بعد الاخر... حتي وصلوا... أربعة .
هنا عم الصمت الحقيقي وتطلعت فيها خمسة ازواج من الاعين باندهاش !!
ضحكت تهاني ضحكتها الصاخبة وهي تصفق كفيها بحماس مستطردة بصوتها الجهوري :
(ما عاد أمامي سوي العودة للوطن وجمع الأربعة عرسان وفرزهم وفحصهم ... إعادة التالف والعودة لهنا بالرابح الأوحد)

وتأكيدا علي جنونها أخرجت تهاني فلاشة ملونة ووضعتها في التلفاز ووقفت أمامه بطريقة عرض مهنية ... تعرض صور أربعة من أولاد عمومتها والذين يشبهون والدها لحد مذهل معلنة :
(كما تعرفون انا دائمة التواصل مع افراد عائلتنا في البلاد علي وسائل التواصل الاجتماعي... وهؤلاء هم المرشحين الأربعة لجائزة الزوج الذهبي.. أحمد المنسي ... محامي.. محمد المنسي اخصائي تحاليل..... شادي المنسي محاسب وأخيرا غسان المنسي صحافي.)
ولاعبت حاجبيها مشيرة ان الأخير هو المرشح الأقوى .
ساد الصمت المطبق علي الجميع وتحولت الأنظار لغسان الذي ظل علي نظراته الحادة لتهاني قبل ان ينطق بصوت صقيعي :
(هذا في حالة كان ابيك خروفا سيسمحك لك بهذا)

.....................................

استقبلته في المطار... غمرته بقوة لا تليق بجسدها النحيف جدا ولا بطولها الذي لا يتخطى منتصف صدره...
ولا يليق ببرودة سلامه عليها ونأيه بنفسه حين احتضنته .
ولا يقارن بلهفته علي ناجي وحرارة العناق الرجولي بين الاثنين .
ولكن صحبته للسيارة مع ناجي ...
لازالت لا تصدق وهي تجلس في المقعد الامامي جوار زوجها وفاضل يجلس في المقعد الخلفي... لا تصدق وهي تراقبه من المرآة ... ان حلمها الوحيد تحقق .. و أنه هنا !!
لن تكون غبية... فشهيدة أبعد ما تكون عن الغباء... لذا لن تكون غبية وتدعي ان فاضل قابلها بأذرع مفتوحة... بل أنها حتي لم تشعر بذراعيه حولها وهي تحتضنه في المطار ولكن يكفيها أنه هنا... وأمامها العمر كله تحاول التقرب منه والحد من الصدامات...
وعلي ذكر الصدامات... فقد بدأت فعلا حين خرجا من المطار فسأل فاضل ناجي متحرجا :
(هل لي بسيجارة؟ فقد رميتها في مطار دبي خوفا ان لا يسمحوا لى بالصعود للطائرة بها)
ضحك ناجي وهو يمد علبة سجائره لفاضل شارحا :
(لا بالطبع لا يحق لهم هذا... سيطلبون منك فقط الامتناع عن التدخين علي الطائرة)
لكن شهيدة كانت في حال اخر... حال ام تكتشف ان صغيرها يدخن... حتي وإن كان هذا الصغير في السادسة والعشرين !!
(انت تدخن يا فاضل؟!! منذ متي؟!!)
للحظة تطلع فيها فاضل بنظرة اوجعتها... ذكرتها بنظراته لها في أخر زيارة للوطن منذ عشر سنوات .
قبل ان يرفع كتفيه وبلهجة لامبالية يشرح :
(منذ كنت في الرابعة عشر... وقد عاقبني ابي... وعمتي.. وزوج عمتي... اما خالتي ام عفيف فرقة قلبها منعتها ان تعاقبني )
كان يعدد لها الأشخاص... ليؤكد لها أنها لا تملك ادني دور في حياته بعدما تنازلت بمحض إرادتها عن الدور الذي حباه الله لها... تنازلت عن امومتها جريا وراء الحلم .
ولكنها راضية... ابتسمت شهيدة بتشف لنفسها وهي تطلع في هيئته الرجولية في المقعد الخلفي تردد داخلها :
(انا من ربحت في النهاية... وقد اعدتموه لي رجلا)
ثم اشارت بإعجاب للشوارع التي تمر بها السيارة :
(انظر يا فاضل للشوارع النظيفة الخالية من الزحام والتلوث السمعي ..)
فعلا كان فاضل ينظر لشوارع ميتة بلا حياة... اين هي من شوارع مدينته العربية التي لا يهدأ فيها الصوت والحركة إلا مع انتصاف الليل... لتعود الحياة إليها مع اذان الفجر المنطلق من المساجد هنا وهناك .
تذكر مزاح عفيف أخيه وياسر صديق عمره... فيهتف الأول مغالبا ألمه :
(اياك يا اخي من السير في تلك الشوارع الخالية المظلمة التي نري في الأفلام الاشباح تلهو فيها مستأنسة ببعضها)
فيجيب ياسر ضاحكا :
(أي والله ... فالأشباح حاولت ان تسترزق في بلدنا ...لكن العمة ام شادي في اول الحي نادته كي يشتري لها الطحين من البقالية )
لذا لم يجب علي استعراض شهيدة المستفز.. وظل علي صمته ... يتنقل ببصره من شارع معدوم الحياة لأخر .
لم يظن أبداً ان شعور الغربة المقيت يستغرق ما يقل عن الساعة كي يملئ روحك .
ولكن ما كان يخرجه من ذلك الشعور للحظات هو عينيه تلتقي نظرات ناجي الرمادية الدافئة في المرآة .
علاقته بناجي لم تكن ابدا علاقة صبي بزوج امه ..
كانت اقرب لعلاقة صبي بعم أو خال ... بعيد يلتقيه كل سنة أو سنتين...
ومع ذلك يشعر بأنه سند... ظهر .

لم يتوقع فاضل ان يكون بيت أمه وناجي بهذا الحجم الصغير لأنها لم تتوقف عن التفاخر به للحظة .
البيت كما هو الحال مع اغلب بيوت تلك المدينة ... يتكون من غرفتين وصالة ومطبخ مفتوح وحمام وحيد.. مع جراچ لاحظ في طريقه ان اغلب الناس تحوله لغرفة معيشة للاستهلاك اليومي .
وقف فاضل في منتصف البيت تماما يشعر بالاختناق الشديد... فأين هذا البيت من بيت ابيه أو بيت عمته شديد الاتساع بالتصميم الشرقي مع " صحن الدار" المفتوح علي سماء زرقاء ويتوسطه بركة الماء التي تزيده جمالا... اين لهذا السقف المنخفض ان يشبه سقف دارهم العالي والذي يعطيك شعورا بالحرية .
حتي رائحة البيت النظيف حد الهوس... لا تشبه رائحة دار عمته المعبق بالمسك والبخور أو حتي مخبوزات فرن عمته .
ظنت شهيدة ان تطلع فاضل في البيت بهذا التيه دليلا علي الاعجاب... بينما فهم ناجي نظراته من اللحظة الاولي .
فللعجب علاقة فاضل بناجي افضل كثيراً من علاقته بأمه !!
فبعدما ملت شهيدة من العودة للوطن بسبب ما كانت تلاقيه من عدم ترحيب ونفور من عائلتها وولديها... ظل ناجي علي زياراته الدائمة بالرغم من كونه أصلا من دولة عربية شقيقة .
فكان كلما قرر زيارة بلاده... مر أولا علي بلد شهيدة ليقضي بضعة أيام مع فاضل ونزيه....
أول ما نطق به فاضل بعد فترة الصمت جعل شهيدة تتوتر مغتاظة :
(هل وفرت لي يا عمي عملا كما اتفقنا)
خلعت شهيدة حجابها بغيظ ليتحرر شعرها الكستنائي القصير لشحمة اذنها بتمرد وهي تهتف :
(ولما العمل بتلك السرعة يا فاضل حتي قبل ان تزور معالم البلد؟ اردتك ان تدرس أولا حتي تعادل شهادتك الجامعية)
قاطعها بلهجته الباردة معها :
(انا لم آت للدراسة أو للسياحة... انا هنا لأعمل وارسل لاخي كي يتعالج)
أخطأت شهيدة وهي تحاول فرض رأيها :
(انا معي من المال الكثير... خذ منه ما بدا لك وارسله لسليم اخيك حتي...)
نظرته كانت صاعقة جعلتها تخرس تماما... نظرة ثلجية مخيفة... تخبرها انها لا يحق لها ان تبدي رأيا فيما تنازلت عنه منذ زمن :
(أخي اسمه عفيف... وانا لن امد يدي علي مليما من اموالك حتي وإن كنت سأموت جوعا)
شهقت شهيدة وقد تلاشت تلك السياسية التي ارادت ان تكونها معه :
( ولما لا؟؟ انا جمعت كل قرش من أموالى بكد وتعب وشقاء ... لم أخذ يوم إجازة منذ نزلت للبلد واستخسرت في نفسي كل شيء)
قاطعها بحدة ساخرة :
(انت بطلة... انت لا مثيل لك... ومع ذلك لن أخذ منك مليما)
تدخل ناجي وقد شعر باحتدام الامر مع احمرار وجه شهيدة الأبيض والتماع نظرات فاضل المخيفة :
(صلوا علي نبينا عليه الصلاة والسلام... إهدئا انتما الاثنان واجلسا)
تراجعت شهيدة وقد شعرت انها تحامقت وفعلت ما ارادت تجنبه منذ البداية .
اما فاضل فأستغفر واستعاذ وجلس احتراما لناجي .
(يا فاضل ... انا وعدتك ان اجد لك عملا من يومك الأول في البلد... وقد وجدت لك بدل العمل اثنان... سآتي لاصطحابك غدا لمعاينتهم...اما بالنسبة للمال... فأنت بكل تأكيد ستحتاج لبعض المساعدة حتي تقف علي قدميك... ان لم تكن مرتاحا لاستعارة المال ... وانا أؤكد انها ستكون استعارة من امك... فأطلب مني ما شئت)
لم يرد فاضل لدقيقة... قبل ان يوجه نظرات مستفهمة لناجي وشهيدة :
( ستأتي غدا؟ ألا تبيت هنا؟)
أحمر وجه شهيدة بشدة وأطرقت بوجهها في توتر... اما ناجي فلم يبد عليه نفس التوتر وقد بدا وكأنه استعد جيدا لتلك اللحظة :
(انا ووالدتك انفصلنا منذ بضع سنوات لكن لم أرد ان اخبرك حتي لا تقلق عليها وهي وحيدة في الغربة)
اتسعت عينا فاضل بصدمة تلونت بالغضب وهو يلمح هيئة امه بلا حجاب وقد خلعت جاكتها لتجلس ببلوزة بأكمام قصيرة ... وقبل ان يثور سارع ناجي شارحا بدبلوماسية :
(انفصلنا يا فاضل... انفصلنا ولكنها لازالت زوجتي)


انتهى الفصل الأول

noor elhuda likes this.

shymaa abou bakr غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 17-06-20, 01:12 PM   #68

shymaa abou bakr

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية shymaa abou bakr

? العضوٌ??? » 355161
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,527
?  نُقآطِيْ » shymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاردينيا الغوازي مشاهدة المشاركة
الف الف مبروك حبيبة قلبي شيماء
كل التوفيق والتميز اتمناه لك


الله يبارك فيكي يا استاذة ❤❤❤❤
تعليق حضرتك بيفرق معايا جدا وشرف ليا بجد❤❤❤
انا مش قادرة اوصفلك قد ايه فرحانة بالتهنئة


shymaa abou bakr غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 17-06-20, 01:19 PM   #69

shymaa abou bakr

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية shymaa abou bakr

? العضوٌ??? » 355161
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,527
?  نُقآطِيْ » shymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 63 ( الأعضاء 13 والزوار 50)
‏shymaa abou bakr, ‏sira sira, ‏ام الارات, ‏Nourhene maa, ‏هبة الله 4, ‏MSoliman6, ‏heba eltokhey, ‏sa469450, ‏loubna j, ‏ندى معتز, ‏عليا حسين, ‏rwag, ‏totasalah


shymaa abou bakr غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 17-06-20, 01:28 PM   #70

eylol

? العضوٌ??? » 448333
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 118
?  نُقآطِيْ » eylol is on a distinguished road
افتراضي

مبروك الرواية الجديدة متحمسه لها جدا 🎉🎉🎉🎉

eylol غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:14 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.