آخر 10 مشاركات
التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-12-20, 10:22 PM   #1421

Narimano
 
الصورة الرمزية Narimano

? العضوٌ??? » 459758
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 171
?  نُقآطِيْ » Narimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond repute
افتراضي


بانتظار البارت🌹🌹

Narimano غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-12-20, 10:23 PM   #1422

توتا احمد غ
 
الصورة الرمزية توتا احمد غ

? العضوٌ??? » 474336
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » توتا احمد غ is on a distinguished road
افتراضي

فانتظار البارت يا جميل على احر من الجمر

توتا احمد غ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-12-20, 10:25 PM   #1423

Narimano
 
الصورة الرمزية Narimano

? العضوٌ??? » 459758
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 171
?  نُقآطِيْ » Narimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوارة البيت مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 74 ( الأعضاء 31 والزوار 43)
‏نوارة البيت, ‏توتا احمد غ, ‏الق الزمرد, ‏نادية الليل, ‏هدى الحسني, ‏hapyhanan, ‏just give me a reason, ‏ملوكه*, ‏برية انا, ‏ملك علي, ‏noooshy, ‏amana 98, ‏منيتي رضاك, ‏عمرااهل, ‏غدنا, ‏أمنيات بريئة, ‏hiba mohamed, ‏بلانش, ‏بيسان الفنانه, ‏فله بنت احمد, ‏راء!, ‏مروة عز, ‏نرمين ممدوح, ‏غير عن كل البشر, ‏k_meri, ‏alaa_lole, ‏هدوء الصمت222, ‏ظبية البان$, ‏هاجرر55, ‏تماارا, ‏بنادول الغرام
أدوات الموضوع
وانااا🌚🌝

✌😊 مع اني دائما اشاهد المحتوى ولا مرة قرات اسمي


Narimano غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-12-20, 10:55 PM   #1424

غادة 1990

? العضوٌ??? » 450998
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 168
?  نُقآطِيْ » غادة 1990 is on a distinguished road
افتراضي منتدى روايتى

السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته روايه جميله جدا جدا جدا جدا

غادة 1990 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-12-20, 10:56 PM   #1425

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 82 ( الأعضاء 36 والزوار 46)
‏موضى و راكان, ‏أميرةالدموع, ‏هانا مهدى, ‏Just give me a reason, ‏هدوء الصمت222, ‏Kemojad, ‏توتا احمد غ, ‏hapyhanan, ‏tota642000, ‏Maha27, ‏راء!, ‏همس الضلال, ‏الق الزمرد, ‏بلانش, ‏هدى الحسني, ‏أسـتـر, ‏سبحان اللة وبحمدة, ‏Alzeer78, ‏أم نسيم, ‏ملك علي, ‏هاجرر55, ‏Narimano, ‏ام ارومة, ‏ملوكه*, ‏برية انا, ‏NoOoShy, ‏منيتي رضاك, ‏عمرااهل, ‏غدنا, ‏أمنيات بريئة, ‏Hiba mohamed, ‏بيسان الفنانه, ‏مروة عز, ‏نرمين ممدوح, ‏غير عن كل البشر, ‏Alaa_lole


أسمك منور يا Narimano يا جميلة


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-12-20, 10:56 PM   #1426

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي





البارت الثاني بعد المائة
فراق 💔






بعد العشاء وقف سالم يودع ضيوفه , الذين أصر على تناولهم الطعام في بيته ,
بعد انتهاء مراسم الخطبة , بانصراف العريس و مرافقيه ,

و فيما أسيل منهمكة في رفع الطاولة لتنظيف المطبخ , دنت منها زوجة والدها لتسألها بفضولها المعتاد



" اذا لذلك الرجل زوجة أخرى فعلا ؟ "

سألت بحيرة عن مريم , و قد اعتقدت لوقت طويل أنه يكذب بهذا الشأن , فقط حتى يتهرب من الارتباط بربيبتها



لتجيبها أسيل بنبرة حزينة

" أجل زوجته الأولى هي مريضة جدا "



لم تكتف المرأة بهذا القدر الضئيل من المعلومات لتسترسل

" و هل تعلم التي أتت قبل قليل بشأنها ؟
بدت قلقة جدا على ضرتها "



قلبت أسيل عينيها تذمرا , بسبب تطفل المرأة المعهود , قبل أن ترد على تساؤلها علها تعتقها

" أجل تعرفان بعضهما , حتى أنها طبيبتها الخاصة "




مصمصت المرأة شفتيها بغل واضح , رفعت حاجبها باستنكار , و بدأت وصلتها الانتقادية

" أرأيت أيتها الساذجة , عليك أن تتعلمي من مثيلاتها ,
أتت لمعالجة المرأة و انتهت بأخذ زوجها منها ,
تبدو ملامحها بريئة , لكنها مخادعة جدا لتقدم على ذلك "



تنهدت أسيل باستياء من تلميحاتها المتشككة و أجابتها

" هما تزوجا قبل أن تصبح طبيبتها "


هذا ما أخبرها كريم دون تفاصيل أخرى , هو قال أن مريم و ملك صديقتين مقربتين ,
و أن علي ارتبط بملك , قبل أن تبدأ بالعناية بمريم .



لكن الاجابة لم تكن شافية كما اعتقدت , لتضيف بطريقتها التهكمية , مستغلة انهماك أسيل في جمع الصحون المتسخة


" غريب أمرها , لم أر امرأة في حياتي كلها تحب ضرتها هكذا ,
بدت و كأنها على وشك فقدان وعيها , بمجرد أن ذكر علي أمر وعكة زوجته

لكن صراحة جيد أن والدك , لم يصر على تزويجك له ,
من الواضح أنه لم تكن لديك أية فرصة للسيطرة عليه ,

كان يبدو غارقا في حب الطبيبة , لم يشح بنظره عنها لثانية , و كأنها اختطفت عقله "



تنهدت المرأة بحسد كبير ثم أضافت , و قد برقت عيناها مظهرة طبيعتها الفظة

" لكن أتعرفين هي محظوظة جدا ,

غدا تموت زوجته الأولى العليلة , و تحتفظ هي بكل الثروة , و الرجل تحلية فوقها و أي رجل ؟ "




تأففت أسيل و توقفت عن جدال المرأة المتطفلة , لم تر في حياتها أكثر لؤما منها ,

بدل أن تتعاطف مع انسان مريض , و لو من باب الانسانية ,
هاهي تقف هناك , و تذكر موته الوشيك دون أي احساس .


بدأت أسيل بعدها بجمع الأغراض المتناثرة في الصالون , لتهرب من ثرثرة زوجة والدها ,
تريد أن تنهي سريعا , حتى يتسنى لها الاتصال , و الاطمئنان على حال المريضة .



" أسيل عودي الى هنا لتريني الخاتم و الطقم , لا أصدق أن ذلك السكرتير , اقتناه من الماس من أجلك "


عادت أم خالد للتركيز في موضوع الساعة , فهي لم تصدق عينيها , حينما رأت هدية كريم ,
و قد تجدد أملها في الحصول على صيد ثمين , بعدما اعتقدت أنه مجرد عامل بسيط ,


رغم ذلك هي لا تتردد , في نعته بالسكرتير نكاية في أسيل , التي لا تعيرها أهمية مهما قالت ,
فهي آخر من سيؤثر على مشاعرها و احترامها لكريم ,


لذلك غادرت مجددا الى المطبخ , للالتهاء بغسل الأواني , بدل أن تستمع الى التلوث السمعي , الذي تبثه زوجة والدها في روحها بكل حقد .





في المطبخ دخل خالد خلف أسيل , التي كانت تساعد الخادمة في التنظيف , و بادرها بنبرة فضولية تشابه نبرة والدته

" أسيل هل أنت متأكدة , أن خطيبك ذاك ليس رجلا آليا ؟ "



عبست شقيقته و رمقته بنظرة مستنكرة ليضيف مباشرة

" راقبته طوال الاحتفال لم يتذوق شيئا ,
كان يجلس و كأنه على وشك مهاجمتنا و ضربنا ,

و كان يحدق في الأرجاء , و كأن قنبلة على وشك الانفجار "




"...."

صدمت أسيل من وصف خالد له , لكنها لم تمنع نفسها من الضحك بصوت عال ,
و قد ظهرت ملامح التشوش على وجه شقيقها ,

بعدما تذكرت ما فعله به في المشفى , و كيف شوه وجهه المتجهم هذا بكل بساطة


" فقط لو يعلم أنه الجني العاشق , سيركض من هنا الى آخر القارة حافيا "

تمتمت أسيل بينها و بين نفسها باستمتاع , قبل أن ترد عليه بنبرة جادة


" تأدب ذلك خطيب شقيقتك , و هو أكبر منك بكثير ,
ثم هو لا يحب الحلويات لذلك لم يأكل شيئا ,
أؤكد لك أنه انسان من لحم و دم "



حك خالد خده مكان اللكمة , التي تلقاها منه يوم أوصل أسيل ,
و التي لا تزال تؤلم في ذاكرته , و كأنه حصل عليها البارحة ,

و لحسن الحظ لم يذكر كريم , أي شيء بخصوصها اليوم , و الا كان سيحرجه بشدة ,
و استرسل في انتقاداته الحذقة

" تبدين معجبة به جدا , من يراك هكذا لا يراك و أنت تعارضين ,
كل خطيب يقترحه والدي عليك "



اكتفت أسيل بالتزام الصمت , و قد علت وجهها ابتسامة مشرقة ,
فلا أحد يدرك حجم الحب , الذي تحمله في قلبها لكريم , ليقطع خالد تفكيرها مجددا


" المهم أسيل أنا أحذرك عليك الانتباه , فذلك الرجل يبدو متوحشا ,
و صدقيني اذا لم يجد يوما ما يفطر به , سيلتهمك داخل سندويش مع شرائح طماطم "



علت حمرة واضحة وجه أسيل من تلميح خالد , و رشقته بمنديل كانت تحمله في يدها ,
قبل أن تبادر لطرده صراحة

" أخرج من هنا و الا سأخبره عن كل ما قلته الآن , و سأدعك تجرب توحشه بنفسك "



ظهرت ملامح الرعب على وجه خالد , و تراجع للخروج من المطبخ , خشية أن تنفذ تهديدها ,
لكن قبل أن يغادر خاطبها بنبرة مرحة

" مبارك عليك أختي , بدوتما لائقين جدا هناك ,
ستنجبان لنا قريبا روبوتات صغيرة "

قال و هو يحرك حاجبيه لاستفزازها .


ابتسمت أسيل بحنان ناحية شقيقها متقلب المشاعر , فرغم أنه كان يتنمر عليها طوال الوقت ,
الا أنها تعرف أن داخله روح طفل صغير , و لولا دلال والدته و تربيتها غير السوية , لكان أفضل أخ في العالم ,


لكنها تأمل دوما في أن يتحسن حاله و شخصه حينما ينضج أكثر , ففي النهاية هي لا تملك غيره من لحمها و دمها ,
و من يدري قد يكون سندها في يوم ما .


.
.
.



" اهدئي سيكون كل شيء بخير "

استمر علي في اقناع ملك , أنه لم يكن بسببها , و استمرت هي في البكاء الى أن اتنبج وجهها ,
لكنه لم يتحرك من مكانه , و تركها تأخذ المواساة التي تحتاجها من حضنه .



في هذه اللحظات سمع صوت خطوات مهرولة , في رواق المستشفى الهاديء ,
مع الكثير من الضوضاء المصاحبة

" أين ابنتي ؟ ماذا فعلتم بابنتي ؟ "



تنهد علي بعمق , فالقادم لم يكن الا سعاد , التي كانت تنوح بصوت عال يثير الاشمئزاز ,
و قد وصل نحيبها قبل وصولها ,


لكنها كما توقع تماما , لم تتجه الى الزجاج المطل , على غرفة ابنتها المريضة ,
بل خطت مباشرة ناحية علي , الذي كان يجلس محتضنا ملك بوجهها الباكي ,

و الذي أخذ نفسا عميقا , تحضيرا لمواجهة ضارية معها , فنظراتها الحاقدة و الملتهبة , لا تنم عن أي خير .





برؤية الجالسين على الكرسي في الرواق , استنفرت مشاعر سعاد الساخطة ,
و شعورها بالحزن لم يمنع لسانها السليط , من التعليق بكلمات سامة و مغرضة

" أنتما تتغازلان هنا دون خجل , بعدما أوصلتما ابنتي الى حتفها ؟ "




ارتجفت ملك لسماع صوتها و اتهاماتها , لتطلق يد علي الذي استغفر في سره ,
ثم استقام ليقف أمام عمته مباشرة ,

أراد بداية أن يرد بحزم كعادته , لكنه تمالك نفسه في آخر لحظة , و قرر تجاهلها تقديرا لحالتها النفسية ,

ليرد بعقلانية محاولا السيطرة , على ثورة يكبتها منذ ساعات

" مريم حالتها مستقرة الآن , و هي تنام في الغرفة هناك "



أراد أن يوصل لها أن من يجب أن تحزن عليها , تنام في غيبوبة بعيدا عن هنا ,
و ألا مكان لها بينه و بين ملك , علها تريحه من تعليقاتها السمجة .



لكن سعاد لم تبال بتعليقه المقصود , و استمرت في النواح و توجيه اتهاماتها ناحية ملك ,
التي وقفت هي الأخرى خلف علي ,

متخذة منه درعا بشريا , بعد أن تراجعت خطوة الى الوراء بملامح شاحبة ,
خوفا من عنف هذه المرأة , التي بدت مهتاجة جدا حد الجنون



" أنت أيتها الحية الرقطاء , ألم يكفك أنك احتللت منزلها و أخذت زوجها ؟
ماذا تريدين منها الآن ها ؟

أو أنك تنتوين ارسال ابنتي الى قبرها , حتى تستمتعي بكل شيء أيتها المتسولة ؟ "



مسحت سعاد جسم ملك بنظراتها الثائرة , لتولول بصوت أكثر حدة , و كأنها دخلت جنازة للتو

" أنظروا اليها هذه الخبيثة عديمة الحياء ,

تضعين زينة كاملة على وجهك المنافق هذا ,
و ترتدين زيا للاحتفال بتخلصك منها بكل وقاحة ؟

أسأل الله أن يجف رحمك , كما تذبل ابنتي كل يوم من قهرها ,
و لا تري ذرية صالحة الى نهاية عمرك "


قالت المرأة الحانقة تعليقا على مظهر ملك , دون أن تكلف نفسها عناء السؤال , عن سبب تأنقها من الأساس ,

لكن حتى لو قالا أنهما كانا في خطبة كريم , كانت ستبدأ جولة ساخنة من الانتقادات , عن أنهما من تسبب في جلطة لابنتها ,
بتسكعهما سويا أمام الناس , و لن ينجوا أبدا منها , لذلك لم يبررا لها شيئا .





" عمتي "

دوت صرخة علي في الرواق لينهرها عما قالته , و استرق نظرة متأسفة ناحية ملك ,
التي تيبست مكانها تضع يدها على بطنها , و قد صدمتها دعوة المرأة عليها ,

مما أشعره بالألم من تعرضها لكل هذا , خاصة أنها تقف هناك لا ترد عليها بنصف كلمة .




لكن سعاد لم تبال بمعارضته , كانت تصرخ بشدة , بعدما أثار حنقها بالدفاع عنها , غير عابئة أنها في قسم الانعاش ,
و استفزها أكثر وقوف علي بينهما , مانعا اياها من الوصول اليها ,

و قد كانت ترغب باشفاء غليلها , بشدها من شعرها و ضربها حتى تفقد وعيها ,
لتضيف بنفس النبرة الممتعضة

" لم تبكين ها ؟

وفري دموع التماسيح هذه , ستحتاجينها لترثي نفسك , بعدما تعود ابنتي بالسلامة الى بيتها ,

لا أحد هنا يريد رؤية فألك السيء , و أنت تبكين على مريم و كأنها ستموت "



شعر علي بصداع سيء يجتاح رأسه , لكنه كز على أسنانه , و ضم قبضتيه ليمنع نفسه من التهور هنا , فما يحصل كثير جدا ,

هو كان قد طلب من كريم , اعلامهم بعد خروج مريم من غرفة العمليات ,
لم يتوقع وصولهم بهذه السرعة , و لم يكن لديه الوقت الكافي لابعاد ملك من هنا .



" عمتي "

كرر علي اسمها باستياء شديد , و قبل أن يكمل ما أراد قوله , نطق أحدهم ليستوقفها بصوت جاد

" سعاد "


كان زوجها أحمد يقف خلفها مباشرة , برفقة ابنتيه مروة و مرام ,
و اللتين رأتهما ملك مرة واحدة سابقا , فهن لا يزرن شقيقتهن الا نادرا



" اهدئي لنطمئن على مريم أولا "

خاطب الرجل زوجته بنبرة حازمة , ثم استدار نحو علي بملامح متجمدة


" مساء الخير علي , أين غرفة ابنتي ؟ "

سأل بهدوئه المعتاد , و رمق ملك بنظرة متفحصة زادت من توترها


" مساء الخير عمي , هناك "

و أشار الى الغرفة المقابلة .


رمقت سعاد ملك بنظرة حاقدة تكاد تلتهمها , لكنها التزمت الصمت أخيرا , و اتجهت مع الآخرين حيث أشار علي .



بسبب تعليقات سعاد المهينة , توقفت ملك عن البكاء الذي كانت غارقة فيه ,
طأطأت رأسها و قد شعرت بالخجل ,

لأن ما قالته المرأة هو ما تشعر به و تعتقده بالضبط , و هي لا يمكنها لومها على التفكير بهذه السلبية ناحيتها .



علي الذي بقي صامتا لبرهة يراقبهم , بمجرد أن ابتعدوا عنهما , مد يده مجددا و أمسك كف ملك , ثم جرها خلفه في الرواق باتجاه المصاعد ,

ما ان دخلا المصعد , حتى انتبهت ملك و بدأت في الاعتراض

" أرجوك علي لا أريد أن أغادر , أريد أن أبقى من فضلك ,
بامكانها أن تقول ما تشاء , لن أرد عليها أعدك "




كانت ملك تعتقد أن علي , ضاق ذرعا بما يحصل كلما تقابلت مع عمته ,
و يريد تجنب الصدام مع سعاد بصرفها من هنا ,

و هي لا تريد الذهاب الى المنزل , لأنها لن تكون مرتاحة أبدا , و هي لا تعرف كيف هي حال مريم ,


لكن في الحقيقة علي لم يعد يتحمل , هجوم عمته في كل مرة على ملك ,
هو يلوم نفسه لسماحه بتكرر الأمر , فقد كان بامكانه تجنبه بكل سهولة ,

فما الذي توقعه من ابقاء ملك معه في الرواق ؟


طبعا هو كان بامكانه افحامها مع أول كلمة , فلسانه أكثر حدة من لسانها , لكنه لا يرغب في دخول مشاحنة معها في هذه الظروف ,

و لأنه متأكد أن المرأة , ستعود قريبا من أجل غارة أخرى , فقد قرر أخذها الى مكان آخر الى أن ترحل .




" لا تقلقي لن نغادر "

طمأنها علي بصوته الدافيء , و هو يضم يدها في يده , منحها ابتسامة ترضية خفيفة ,
ثم ضغط على زر الطابق العاشر , أين توجد أجنحة الفي أي بي هنا .



بالوصول الى الطابق المنشود , خطا علي أولا و ملك تتبعه باذعان تام ,
فتح باب احدى الأجنحة ثم تقدم و أضاءها

" تفضلي "

جالت ملك بنظرها في المكان , قبل أن تخطو للدخول بتأن و علي في اثرها .



" ما هذه ؟ "

سألت ملك باستغراب , و قد أدركت أن علي يريدها أن تبقى هنا , لكن بدا من غير المعقول , بقاؤها هنا فقط , لاستخدام غرفة مجهزة داخل مشفى ,
فيما المريضة ترقد في الأسفل , هي ليست هنا للاستجمام .



ليجيبها علي بكل بساطة

" الجناح الذي ستقيم فيه مريم , بعد تعافيها ان شاء الله , لقد حجز لها مسبقا ,
هو الآن فارغ خذي بعض الراحة "



لم تحرك ملك ساكنا و كأنها لم تفهم ما قاله , و قد علا وجهها نظرة استفهام واضحة ,

خطا علي مجددا ناحيتها , أمسكها من يدها و أجلسها على السرير ثم خاطبها برقة

" استلق لبعض الوقت , سعاد ستغادر بعد قليل "



ارتخت ملامح ملك بعدما أزال علي التباسها , و فهمت ما يريده منها , و قد قدرت كثيرا عدم اصراره على ابعادها ,

لكنها استغربت تصريحه

" كيف ستغادر قريبا ؟ مريم حالتها حرجة جدا ,
ألن تبقى للاطمئنان عليها ؟ "



فكرت ملك أن سعاد , بعد كل تلك الثورة لطردها من هنا , أكيد سترابط أمام غرفة الانعاش , و هي لن تلومها أبدا فهذا حقها ,

لذلك لم تستوعب فكرة أنها ستدع ابنتها , بين الحياة و الموت و تغادر كما يقول صهرها .




فهم علي قصدها و أجابها بهدوء العارف

" سعاد لا تتحمل المستشفيات و رائحة الأدوية , و هذه ليست المرة الأولى التي تمرض فيها مريم "


قال علي مشيرا الى أن هذه عادتها , تنوح و تثير ضجة لاستدرار عطف من حولها ,
و لكنها أول من يغادر مع عائلتها , لذلك لم يكلف نفسه عناء اعلامها سريعا .



هزت ملك رأسها بتفهم , و لم تطل الأسئلة ,
تفحصت بعدها المكان سريعا , كانت الغرفة واسعة و فخمة جدا , بسريرين طبيين متجاورين و حمام مستقل , مع باقات ورود في كل زاوية .


قررت ملك أخيرا الانصياع لطلب علي , هو متعب كفاية و يبدو على وشك الانهيار ,
لا تريد اضافة نزاعها مع عمته الى همومه , لذلك تخلت مؤقتا عن عنادها و رضخت .



" حاضر "

ردت ملك على طلبه بالايجاب , لتخلع حذاءها و تستلقي على السرير تحت أنظاره ,
ثم أسرعت باغماض عينيها كطفلة مطيعة , حتى تستطيع الاستيقاظ قريبا و العودة الى أسفل .



بقي علي واقفا يراقب المرأة النائمة , و قد شعر ببعض الراحة أخيرا ,

مرر عينيه على وضعية استلقائها , لينتبه فجأة الى قدميها المتورمتين بشكل سيء , مع جلد ملتهب و أصابع مكدومة ,

أشاح علي بنظره فورا الى الحذاء , الذي كانت ترتديه و تجهم وجهه بشدة



" يا الهي "

تمتم بانزعاج بينه و بين نفسه , هو نسي تماما أنهم كانوا في الخطبة ,
لم يتسن لملك تغيير ما تلبس , حينما هرعوا الى هنا بعد سماع الأخبار ,

و هي كانت تنتعل هذا الحذاء , ذو الكعب العالي طوال الوقت ,
فيم هي متعودة على الأحذية المريحة المسطحة , فهذه ثاني مرة يراها ترتدي هكذا .



" تبا متى تتعلم هذه العنيدة , أن تشتكي حينما يؤلمها شيء ؟ "

تذمر علي من الوضع باستياء , لم ير أحدا في حياته يتحمل المشقة , مثلما تفعل هذه المرأة ,

مد يده بعدها و عدل غطاءها , ثم استدار و خرج من هناك بكل هدوء .



بعد مغادرته فتحت ملك عينيها لثوان , و هي تراقبه يبتعد في الرواق بخطى مثقلة ,
و قد شعرت بألم في قلبها , لرؤية ملامحه الحزينة و البائسة .





غفت ملك لساعة , قبل أن تستفيق على باب الغرفة يفتح , كانت الممرضة أتت لالقاء نظرة عليها ,

جلست ملك مكانها تحاول تعديل ملابسها و شعرها , لم تعرف حتى كيف نامت كل هذا الوقت
لكن السرير كان مريحا فعلا و هي كانت منهكة .



" مساء الخير سيدتي ,
تفضلي السيد طلب أن تتناولي شيئا "


ألقت الشابة التحية بلطف , و أشارت الى الصينية الموضوعة على الطاولة ,
برؤيتها تذكرت ملك للتو أنها فوتت العشاء , قبل أن تنبهها الممرضة الى أمر آخر

" و أن تلبسي هذا "



حدقت ملك الى الحذاء الطبي , الذي وضعته الممرضة الى جانب السرير ثم الى رجليها ,
و أدركت أن علي أكيد لاحظ حالة قدميها , و الا ما طلب منها التصرف .



برؤية الخف الأبيض شعرت ملك بشيء ما , يقبض قلبها و يدفئ صدرها ,
كيف أن هذا الرجل رغم كل المصائب التي يعيشها , الا أنه لا يفوت أي تفصيل يخصها ,


رغم انشغاله الا أنه لا ينسى اهتمامه براحتها , فيما هي نفسها لم تنتبه الى ما يؤلمها ,
أمر لم يفعله معها أحد سابقا سوى والدها .




" كم أن هذا الرجل دقيق لا يفوت أي تفصيل "

علقت ملك على الأمر برضا بالغ .


لكن ما يثير استغرابها فعلا , أنه لا يفعل هذا مع الجميع , انما هو يهتم ببعض الأشخاص فقط , و هي واحدة منهم و هذا بالضبط ما يشوش تفكيرها ,


فعلي رجل بارد مع الكل تقريبا الا مع قلة , هو كان يبدو متسلطا غير مبال و عديم المشاعر , لكنه أصبح منذ مدة يتصرف باهتمام غريب ناحيتها ,
و الذي تعزوه هي الى شعوره بالمسؤولية ناحيتها ,

لكن رغم تقديرها لكل مجهوداته , ملك لا تريد التعود عليه , لأنها ستشتاق له حينما تغادر , فاهتمام الآخرين بها لطالما كان نقطة ضعفها .




" شكرا "

شكرت ملك الممرضة و اتجهت ناحية الصينية , لكنها لم تكن تشعر بالجوع بسبب التوتر ,
و اكتفت بقضم تفاحة ثم أعادتها الى مكانها .



غادرت ملك بعدها الغرفة بهدوء باتجاه المصاعد , بمجرد أن وصلت الى رواق غرفة الانعاش ,
حتى ألقت نظرة أولا , باحثة عن سعاد و بناتها , لا تريد مجابهة أخرى معهن ,

لكن المكان كان هادئا جدا , الأنوار مضاءة و لا أثر لهن ,

يبدو بأن علي يعرفهن جيدا , فقد اكتفين بالقاء نظرة سريعة , و التحدث قليلا الى الطبيب ,
ثم غادرن بسرعة تاركات رسالة لعلي بأن يعلمهن بالتطورات .



تقدمت ملك بخطوات حذرة , بعد أن لمحت علي يجلس على الكرسي هناك ,
يسند رأسه الى الحائط , و يغمض عينيه و كأنه يأخذ غفوة سريعة ,


كان منظره و هو يجلس هناك وحيدا يؤلم القلب , منظر جعلها ترغب في احتضانه و مواساته ,
لكنها تمالكت نفسها و اتجهت الى الغرفة , و قررت القاء نظرة على المريضة .



وقفت ملك أمام الزجاج مجددا , محدقة الى مريم التي لا تزال في غيبوبة ,
و بقيت مليا تدعو في سرها أن تنجو من مصابها ,

بعدما شعرت بالتعب في رجليها عادت هي الأخرى , لتجلس الى جانب علي على الكرسي .




حدقت اليه عن قرب بتمعن , كان وجهه منهكا مع هالات سوداء تحت عينيه , كان نفسه منتظما و يغلق جفونه كشخص نائم ,
و كانت خصلة من شعره تنزل لتغطي جبينه ,


لطالما كان حريصا جدا على منظره , لم تره يوما بحالة غير مرتبة الا الآن ,
حتى حينما يكون في المنزل , يحرص على هيئته الفخمة ,

فما كان منها الا أن مدت يدها و عدلت شعره بلطف , دون أن تفكر مرتين فيما أقدمت على فعله .




استمرت ملك بعدها في النظر , الى وجهه لبضع دقائق أخرى , قبل أن تستدير أمامها و تأخذها أفكارها بعيدا


" لم أنا هنا أواسي هذا الرجل و أقلق لقلقه ؟ لم أهتم من الأساس بما يعيشه ؟

ألسنا مجرد أعداء و خصوم ؟

أليس من المفترض أن كل ما يحزنه يسعدني , بسبب كل ما فعله معي ؟

لم يبدو اذا بأنني أصبحت , مصدر رعاية له و لبيته و عائلته ؟

لم أشعر اذا بالألم كلما رأيت عينيه حزينة , لم أشعر بالحزن كلما عانى هو ؟

هل هذا هو السبب الذي من أجله , جرني القدر الى هنا بأغرب طريقة ؟

لأخفف ألم هذا الرجل و ابنته , و أقاسمهما معاناتهما مع مرض مريم , و امكانية رحيلها قريبا ؟

لكنني لم أقرر هذا بكل ارادتي , فأين العدل في كل ما يحصل , و لم يجب أن أكون أنا ؟ "



ملك تدرك جيدا أن علاقتها بعلي , تجاوزت الحقد و الكره الذي كانت تحمله له في البداية ,

و أصبحت بينهما علاقة غريبة جدا ,
فهما ليسا عدوين و لكنهما أيضا ليسا مقربين , أو أن هذا ما تعتقده هي على الأقل .

في السابق كانت اجابتها حاضرة , حينما تسأل عن شعورها ناحيته ,
هي كانت تكرهه و تحقد عليه , لكنها الآن لم تعد متأكدة من شيء , و هي تتألم لرؤية ألمه , حقيقة لا يمكنها انكارها .


المشكلة أنها صارت تشعر , بأن القدر زج بها هنا , للعب دور لم تستوعبه سابقا ,
و قد صارت متوجسة من المجهول القادم , و لا تملك الا أن تسأل الله اللطف في قضائه .



" ترى لو طلبت منه اطلاق سراحي , هل سيدعني أرحل ؟ "

سألت ملك نفسها بتأمل كبير , لكنها عادت و لامت نفسها على أنانيتها ,
فيما الرجل ينهار قهرا , على شريكة حياته المريضة , تجلس هي و تفكر في استغلال الموقف لصالحها .




تنهدت ملك و فكرت بحذر في أمر آخر

" ثم هل ستتركين مريم في حالها هذه و رنا و ترحلين ؟ "


طبعا الاجابة كانت لا دون تردد , كيفما بدا القرار مجنونا حاليا ,
هي ليست قاسية القلب لتتركهم , و تغادر في هذه الظروف الحالكة ,


هي التي لطالما تعاطفت مع أناس لا تعرف شيئا عنهم , لن تأتي الآن و تتخلى عن أشخاص , تكن لهم كل الود و المحبة ,
بغض النظر عن طريقة تعرفها عليهم , و علاقتهم بالرجل الذي تسبب في أذاها .




" لا تكوني لئيمة ملك , ليس وقته أبدا "

نهرت ملك نفسها و هي لا تعرف , أن جواز سفرها مع بطاقة الطائرة , في جيب كريم منذ الصباح ,
و أنه لم يكن يفصلها عن مغادرتها , من هنا غير ساعات قليلة ,

لو لم يتأزم الموقف في آخر لحظة , لكانت الآن تجمع أغراضها للمغادرة .



لكن علي نسي الأمر تماما مع كل ما حصل , و كريم لن يجرؤ أبدا على تذكيره ,
هو يدرك أن أسوء شيء يمكن أن يحدث مع صديقه الآن , هو أن ترحل ملك و تترك العائلة التي تعيش أزمة ,

هذا سيحطم الجميع دون شك و يزيد في معاناتهم , فأكثر شيء يحتاجه علي الآن , هو وجود ملك بقربه لمواساته .




فيم ملك غارقة في أفكارها , صدم شيء جانبها الأيمن , استدارت لتكتشف أنها رأس علي , التي كانت تستند على الحائط , انتقلت الآن الى كتفها ,


أرادت التحرك في البداية كردة فعل و ابعاده مجددا , الا أنها توقفت حينما لاحظت مدى الانهاك ,
الذي يظهر على وجهه الرجل النائم , و لم تملك الا أن تشعر بالشفقة عليه ,


رغم أنها تعيش معه منذ أشهر , الا أنها لم تره يغفو يوما في حضورها , و الآن ينام جالسا متكئا عليها بكل استسلام ,
و وجهه رغم نظارته الا أنه تغزوه الوحدة و الشعور بالألم .



قررت ملك أخيرا أن تبقى ساكنة , و تسمح له باستعارة كتفها , حتى يقرر الاستيقاظ بنفسه ,


ما لم تلاحظه أن علي , كان في البداية مستيقظا بالفعل , حينما جلست هي الى جانبه ,
هو كان فقط يغمض عينيه ليريحهما قليلا , و لم يحتج أن يفتحهما ليخمن من القادم , فهو يعرف رائحتها على بعد ميل ,



لكن لبرهة خطر له أن يسند رأسه على كتفها , باحثا عن بعض السند و المواساة ,
و لم يكن يخطط للنوم , لكنه غفا بعد دقائق دون أن يدري بنفسه ,

بعد فترة غفت ملك هي الأخرى , و أسندت رأسها الى رأس الرجل النائم بجانبها .




ظل الاثنان جالسين دون حراك , بطريقة تثير الشفقة للناظرين , و مرت الليلة و كأن دهرا مر عليهما ,

لم يوقظهما الا صوت الممرضة , التي كانت تسارع لاستدعاء الطبيب , حيث انتبهت ملك أولا ثم تبعها علي .




دنا بعدها الاثنان من الغرفة محاولان معرفة التطورات , و قد شعرا بالرعب للحظات , مخافة حصول مكروه هناك ,


وقف الزوجان يراقبان الطبيب يقوم بفحص دقيق , و الذي انتهى بازالة أنبوب التنفس الاصطناعي
و أطفأ بعدها الجهاز تحت النظرات القلقة للاثنين , لكنه سرعان ما خرج لطمأنتهما

" مؤشراتها الحيوية مستقرة حاليا , لا أثر لنزيف جديد , ضغطها مقبول و أصبح تنفسها تلقائيا ,
سننقلها الى الغرفة في انتظار استفاقتها من الغيبوبة "





ابتسمت ملك بامتنان , و بدا على وجه علي الارتياح و سارع للسؤال

" و متى تستفيق ؟ "



أجاب الطبيب و علامات قلة الحيلة بادية على وجهه

" آسف سيدي لا يمكنني الاجابة بدقة , فمؤشراتها الحيوية كما قلت استقرت ,
لكن النزيف و العملية أثرا على وظائف المخ ,

ستبقى في غيبوبة الى أن تستفيق تلقائيا , ليس هناك ما يمكن فعله "



هز علي رأسه بتفهم ليسأل ثانية

" و كم من الوقت قد يستغرق الأمر ؟ "


" لا يمكن الجزم , بعد ساعات أو بعد أيام أو أكثر ,
آسف فعلا لا فكرة لدي "



ارتسمت علامات الاحباط مجددا على وجه علي , لكن ملك حاولت رفع معنوياته

" لا تبتئس , مادامت نجت من العملية ستكون بخير قريبا "

قالت و هي تربت على كتفه , ليبادلها مواساتها بابتسامة شاكرة .



بعد أن غادر الطبيب , اصطحبت الممرضات مريم في سرير متحرك الى جناحها ,
و رافقها علي و ملك مجددا ,

رغم أنه حاول اقناعها مرارا بالمغادرة , لأن لا شيء تفعله هنا , الا أنها رفضت بشدة , فلا شيء تفعله في البيت أيضا .




استمر بعدها الأمر ليومين كاملين , كانت مريم تغط في نوم عميق , تستلقي مغيبة عن الوعي دون حراك ,

الممرضات تراقبنها كل ساعة بمساعدة ملك , و الأطباء يمرون بانتظام لمعاينتها ,

كانت موصلة الى أجهزة مراقبة دقيقة , مع محاليل معلقة قناع أكسجين , تغذية اصطناعية مع تصفية كلى يومية .


لم تزرها سعاد سوى مرة واحدة , و لم تمكث أكثر من ربع ساعة , قصدت أثناءها ملك الكافيتيريا لاقتناء قهوة , تفاديا لتكرار ما حدث سابقا .



كان ملك و علي يتناوبان على مراقبتها , العناية بها و مرافقتها بكل صبر ,
حتى أثناء الليل كانا يقتسمان النوم بينهما , الأربع ساعات الأولى لعلي , و من الرابعة الى الثامنة ملك ,

كان علي يغادر من وقت الى آخر , لاجراء مكالمات مهمة , و يعمل على حاسوبه داخل الجناح ,

كانا يتفاهمان بالنظرات , و لا يتبادلان الكلمات الا نادرا , و كأنهما يقومان بهذا العمل منذ سنوات



كانت فاطمة ترسل ملابس نظيفة , و أكلا مجهزا من البيت يوميا ,
رغم أن المستشفى تقدم طعاما صحيا , الا أن علي يرفض أن تأكله ملك , و التي كانت تكتفي بالتذوق في كل مرة ,

و حاله هو لم تكن أفضل , رغم حرص ملك على استيفاء شروط النظافة , التي يفرضها علي بهوسه ,
الا أنه يكتفي بالقليل في كل مرة , فما يحدث مع مريم أثر على نفسيتهما و شهيتهما .





في اليوم الثالث بعد منتصف النهار , بدأت مريم بتحريك عينيها دون فتحهما , لتحرك بعدها أصابع اليد اليمنى ,
جذب الأمر انتباه علي , الذي كان يجلس على مقربة منها ,

استدعيت الممرضات و الأطباء , اللذين بدأوا بفحص المريضة ,
و بعد ساعتين فتحت مريم عينيها , و استجابت للتنبيهات العصبية بطريقة فعالة ,


كان وجه علي القلق و ملامح ملك الباكية , أول ما التقطهما نظرها المشوش ,
ابتسمت لهما بصعوبة و ابتسما هما ردا عليها .



" مريم هل أنت بخير , بم تشعرين ؟ "

كان علي أول من تكلم , و هزت مريم رأسها بالايجاب دون قول كلمة ,
كانت تبدو منهكة القوى , كيف لا و قد خرجت منذ يومين , من عملية خطيرة جدا .



لم يصر علي على التحدث معها و ارهاقها , لكنها أشارت له بأنها تريد شيئا ,
قرب هو أذنه من فمها , لتهمس له مريم بصوت خافت

" رنا "

كانت تفتقد ابنتها كثيرا و تريد رؤيتها .



في الأيام الماضية تجنب علي احضارها للزيارة , حتى لا تحزن لحال والدتها ,
لكنه الآن لا يملك الا أن يستجيب للطلب , و اتصل فورا بكريم لجلب رنا من المنزل .




جلس علي و ملك على جانبي السرير , في صمت تام منتظرين وصول رنا , لكن قلقهما لم يخف أبدا .

كانت مريم تغلق عينيها من وقت الى آخر , و تعود لفتحهما مجددا و كأنها تقاوم النوم , و كانت ملك تضغط على يدها لطمأنتها .



بمجرد أن دخلت الطفلة , حتى ركضت بحيويتها المعتادة ناحية والدتها ,
ما ان صارت أمام السرير , حتى نهضت ملك من مكانها , لتتيح الفرصة لها مع أمها ,

لكن مريم تعلقت بيدها , و منعتها من الابتعاد و هي تهمس لها

" ابق أرجوك "



لم تجد ملك بدا من تلبية طلبها , رغم أنها أرادت منح العائلة الصغيرة , وقتا خاصا لقضائه سويا ,

الا أنها تعرف أن أسوء شيء تقدم عليه , هو اثارة مشاعر مريم في هذه اللحظات الحرجة , لذلك عادت و جلست مكانها بكل هدوء .



ارتمت رنا في حضن والدتها , و عانقتها بحرارة لوقت طويل , أثناء ذلك كانت مريم تأخذ أنفاسا عميقة ,
و كأنها تستمتع برائحة ابنتها , قبل أن تعود و تجلس بجانبها على السرير .

بقي الأربعة يجلسون بصمت , لا يسمع سوى صوت الأنفاس المتواترة , و كأنهم يستمتعون بوجودهم سويا لا أكثر .



بعد مرور ساعة , كانت مريم من قطع الصمت الطويل , أشارت الى رنا التي دنت منها مجددا ,
و تمتمت في أذنها ببضع كلمات ,

كانت الطفلة تحرك رأسها بالايجاب , و مريم تمسح على شعرها بكل حنان ,
قبل أن تقبل وجهها في كل مكان .



توجهت مريم بعدها ناحية ملك , أمسكت يدها و قالت بصوت متقطع

" أولا أعتذر عما فعله زوجي المجنون , أريدك أن تسامحيه ,
هو يتصرف بحماقة أحيانا "



شعرت ملك بالاستغراب لما قالته , لم تعلم أن علي تجرأ , و أخبر مريم بحقيقة ما حصل ,
لكنها لن تفتح هذه المواضيع الحساسة الآن

" لا بأس , لا تزعجي نفسك بهذا الأمر "


كان هذا كل ما خطر على بال ملك لحظتها , بعدما استرقت نظرة ناحية الرجل , الذي لا يعلق على ما يسمعه .



ابتسمت مريم مجددا و أضافت

" ثانيا شكرا لكل ما فعلته من أجل عائلتي , منذ أول يوم لك معنا ,
لم أر ابنتي سعيدة كما رأيتها معك ,

لذلك هل يمكن أن تعديني بشيء ؟ "

كانت مريم بالكاد تأخذ أنفاسها بين الكلمات المتقطعة , لكنها كانت مصرة على استكمال ما تفكر في فعله .




هزت ملك رأسها , بعدما ألقت نظرة سريعة ناحية علي , الذي يجلس و يراقب دون قول كلمة ,
و قد شعرت بالفضول عما تريده مريم منها



أخذت المرأة نفسا عميقا , و قالت بصوت متأثر مستجد , و هي تحدق الى ملك بكل عزيمة

" أريدك أن تبقي و تعتني برنا و علي "




اندهشت ملك من الطلب , و لم تعرف بم ترد , و اكتفت بالنظر متسائلة بحيرة الى علي ,
الذي لا يجد ما يقوله هو الآخر , فقد تفاجأ بقدرها من مطلب زوجته ,


لكن مريم كانت مصرة على الحصول , على الوعد الذي ترغب في سماعه

" عديني أنك ستعتنين بها الى أن تكبر ,
أعرف أنك تحبينها تماما كما تحبك "



مدت بعد ذلك مريم يدها , و انتزعت خاتما تلبسه في اليد اليسرى باستمرار ,
كان خاتما بسيطا من الزمرد , أهدته اياها جدتها يوم زفافها من علي , و كان يعني لها معنويا الكثير , و ملك تدرك ذلك جيدا .

أمسكت بعدها بأصابع ملك مجددا , ألبستها الخاتم بيد مرتجفة و أضافت

" أعطها هذا يوم زفافها , من الرجل الذي تحبه و تختاره ,
عديني أنك لن تتخلي عنها "



انعقد لسان ملك و اتسعت عيناها , فهذه المرأة تطلب وعدا لعشرين سنة على الأقل , و هي ستغادر بعد بضعة أشهر ,

ارتبكت ملك فهي لا يمكنها , منح وعد لا تستطيع الوفاء به , لامرأة على فراش المرض ,
و قد تكون في لحظات احتظارها ,

نظرت مرة أخرى ناحية علي متوسلة منه التدخل , لكنه بدل اقناع مريم بالتراجع ,
هز رأسه ناحيتها مشجعا يطلب منها القبول , و عدم اثارة أعصاب المرأة العليلة ,



فما كان من ملك الا أن أخذته بتردد

" حاضر "

كانت اجابتها لها بصوت متأثر , و هي تفكر في طريقة لالغاء هذا الوعد أو تغييره ,

فكرت أنها يمكن أن تغادر , و لكن هذا لا يعني أنها ستنقطع عن رؤية رنا ,
تماما كما فكرت مطولا سابقا , لذلك طمأنت نفسها و هدأت روعها

" فلتتحسن مريم الآن , و الأمر قابل للنقاش لاحقا ,
سأجعلها تحلني من الوفاء بهذا العهد في أقرب فرصة "



بعد أن أعطتها ملك الوعد الذي ترغب في سماعه , أخذت مريم نفسا عميقا براحة كبيرة ,
و استدارت ناحية علي الذي يجلس في الطرف الآخر , و أمسكت بيده فقد أتى دوره

" آسفة لأنني أتعبتك طوال السنوات الماضية ,
سامحني فقد استحقيت امرأة أفضل مني بكثير "



لم يتوقع علي سماع اعتذار من مريم , اعتقدها ستوصيه بأمور هامة كما فعلت مع ملك ,

لكنه ابتسم لها برضا , فقد كان فعلا يفعل ما بوسعه , بكل حب و عن طيب خاطر للاهتمام بها , و لم يعده يوما واجبا أو فرضا عليه


" لا تقولي ذلك أنت قرة عيني "

هز علي رأسه نافيا , لتتوقف مريم عما تقوله , فهذا أكثر ما يكره سماعه .



لكنها ابتسمت له بلطف , و رفعت يدها لتمسك بيد ملك , و تضعها على يده التي بقيت مكانها ,
في حركة فاجأت الاثنين , و توجهت له بالكلام مجددا بلهجة جادة

" لا تدعها ترحل ابقيا سويا , أنت تحبها و تستحق بقاءها معك "



صدمت الجملة ملك أكثر من علي , كيف يعقل أن تفكر مريم , في أمر كهذا في هذا الوقت ؟

و لم يبدو و كأنها تودعهم , و هي تبثهم آخر وصاياها ؟



لكن مريم لم تعطهما وقتا للاستيعاب , فقد اختفت ابتسامتها تدريجيا , و هي لا تزال تمسك بيدي الاثنين ,
اللذين بقيا يجلسان هناك دون حراك , بوجوه علاها الشحوب و الخوف ,

أغمضت مريم عينيها , و أسلمت روحها بكل هدوء , بعد أن تشهدت تحت أنظار الجميع , الذين كانوا تحت هول الصدمة .



كان علي أول من سحب يده , أمسكها من كتفيها و حركها محاولا ايقاظها , موهما نفسه أنها فقدت وعيها لا أكثر ,
لكن تحول وجهها الى اللون الشاحب , و ازرقاق شفتيها كانا يقولان أمرا آخر .



تعالت الصيحات داخل الغرفة , لتحضر الممرضات سريعا مع الطبيب , الذي ما لبث أن أكد أن مريم توفيت ,

رغم أنه حاول انعاشها لبعض الوقت , الا أن حالتها كانت خطيرة فعلا و متأخرة , بسبب جسد أنهكته كل تلك السنوات من المرض ,

و هي قد تكون قاومت فقط , لتقول كلماتها الأخيرة لعائلتها الصغيرة .



غادر الطاقم الطبي بعد تقديمه التعازي , مفسحين المجال لبعض لحظات من الوداع ,
كانت ملك تجلس على الأريكة , تضم رنا الى صدرها , و الاثنتان تبكيان بكل حرقة ,


أما علي فقد تسمر مكانه الى جانب السرير , يضم جثة مريم و يغرس وجهه في عنقها ,
لا يعرف كيف ينفس عن حزنه , غير ذرف بعض الدموع , التي نزلت دون وعي منه .



هو اليوم فقد المرأة التي أحبها منذ فتح عينيه , فقد الصديقة و الرفيقة و الابنة ,
هو رآها تكبر تبتسم و تبكي , واكب كل لحظات فرحها و حزنها ,


وحده الله يعلم كم بذل من جهد لاسعادها , و كم أراد منحها مزيدا من السعادة , و لكن كان للقدر رأي آخر .

كان شعوره كمن فقد جزءا من روحه بصعود روحها , بموت مريم قبل قليل , شعر علي بأن جزءا من قلبه مات معها .





استمر الوضع لساعتين في صمت رهيب , قبل أن تفقد رنا وعيها فجأة , و هي تستلقي في حجر ملك ,

مما أدخل الكل في حالة هلع قصوى , فقد غرق علي و ملك في الحزن على وفاة مريم ,
و نسيا بأن رنا الضعيفة حساسة جدا , و لا تتحمل الضغط النفسي الكبير .



نقلت بعدها مريم الى مصلحة حفظ الجثث , و انتقل علي مع رنا و ملك الى جناح آخر ,

بعد المعاينة قال الطبيب , أنه اغماء بسبب التوتر النفسي ,
أعطاها مهدئا مناسبا لحالتها , و طلب منهم عدم ازعاجها حتى تستيقظ وحدها .



جلس علي و ملك هناك يلتزمان الصمت , يتبادلان النظرات الحزينة و لا يجدان ما يقولان ,
و استمرت بعدها الطفلة , في النوم لساعات الى أن حل الليل ,

لم يغادر علي للحظة , فكيف يترك ابنته الوحيدة مريضة و يذهب , هو فقد مريم للتو , لا يريد فاجعة أخرى باصابة رنا بمكروه .



غادر بعدها الثلاثة في العاشرة مساءا , بعدما تأكدا أن رنا لا تشتكي من شيء ,
لكن الطبيب أوصى أن تبتعد عن جو الحزن و المشفى ,

أثناء ذلك تسلم كريم و فاطمة تحت اشراف صفية , ترتيب أمور الجنازة في البيت .



بعد عودتهم اتجهوا مباشرة الى غرفة رنا , حيث وضعها علي في سريرها ,
و بعدما اطمأنا عليها أرادت ملك المغادرة , لكن علي استوقفها بنبرة مترجية

" ابق لو سمحت "



نظرت اليه ملك باستغراب , و قد تذكرت يوم اهتاج حينما نامت معها , لكن علي استدرك الأمر و أضاف

" قد تستفيق في أية لحظة و تشعر بالفزع , علي تنظيم الكثير من الأمور لا يمكنني البقاء ,
سأشعر بالاطمئنان أكثر لو بقيتي معها "

بدا استجداءا أكثر منه طلبا , و لم تجد ملك بدا من الاستجابة و البقاء .





غادر علي سريعا , و استلقت ملك الى جانب رنا و احتضنتها ,
رغم التعب و الارهاق الشديدين طوال أيام , الا أنها لم تستطع أن تغمض لثانية ,

قضت ملك الليلة تفكر في معنى ما طلبته مريم , و كيف يمكنها التحرر من الوعد , الذي قطعته لها على فراش الموت ,

أدركت أنها تسرعت في لحظة تأثر , و ما كان عليها أن تعد المرأة المسكينة بشيء .





ليس هذا فقط ما شغل بال ملك , و لكن الكلمات التي قالتها لعلي كانت غريبة جدا , و الأغرب ردة فعله بعدم نفيه الأمر ,

فبينه و بينها لا يوجد شيء , و هي متأكدة أن علي لا يحمل لها أية مشاعر

فمن أين أتى مريم يقينها بأن علي يحبها ؟

و لم طلبت منه عدم السماح لها بالمغادرة ؟

ما الذي تعرفه مريم و لا تدركه هي ؟

و لم لم يقل الرجل شيئا ردا عليها ؟ أو أنه أراد مجاراتها فقط تجنبا لتوترها ؟

كان هناك ألف سؤال يطرح نفسه , و لا اجابة واحدة شافية .



بقيت ملك على هذه الحال , الى ما بعد الرابعة صباحا , غفت بعدها من شدة التعب ,

لكنها ما لبثت أن استيقظت مجددا في السادسة , حينما سمعت ضجة في الفناء , حيث كان الجميع يعمل دون توقف تحضيرا للجنازة .




انسحبت ملك من الغرفة بهدوء و نزلت الى الصالون , حيث كانت علياء و صفية تشرفان على التحضيرات ,

و قد عادتا على جناح السرعة , بعدما وصلهما خبر انتكاسة مريم ,
لتصدما بنبأ وفاتها قبل حتى أن تتمكنا من مقابلتها


احتضنت ملك علياء و بكت بحرقة , تبادل بعدها الجميع التعازي , لينشغلوا في ترتيب البيت تحضيرا لاستقبال المعزين .



خصص الصالون الكبير و قاعة الأكل بعد افراغها لصوان النساء , و خصصت غرفة المعيشة لعزاء الرجال ,

كما تم نصب خيمة كبيرة مع طاولات و كراس , في الفناء و أمام المسبح , لاستيعاب العدد الكبير المتوقع من الرجال .



فكل مشاهير المجتمع يعرفون علي من قريب أو من بعيد , لن يفوتوا هذه المناسبة الحزينة , لابداء تعاطفهم و تقديم عزائهم ,

حدد الدفن بعد الظهر , و بدأ المعزون بالتوافد ابتداءا من التاسعة صباحا .



رغم أن علياء و فاطمة طلبتا من ملك , الجلوس مع المعزيات من النساء , الا أنها طلبت اعفاءها ,
لأنها لا تعرف أحدا تقريبا , و من الأفضل أن تقوم صفية و والدة مريم بذلك ,



بدل ذلك فضلت المساعدة في خدمة الضيوف , شيء تعودت على فعله أثناء الجنازات في الجزائر ,
فالجميع يخدم المعزين , حتى لو لم يكن من أصحاب البيت ,

لم تكن ملك تعرف أحدا فعلا من الوافدين , الا بعض أفراد العائلة المقربين , الذين رأتهم في زيارات سابقة .



في منتصف النهار أدخلت الجنازة , نقلت من المستشفى في سيارة اسعاف , للخروج بها لاحقا الى المسجد للصلاة عليها ,

كان علي قد قرر ألا يطيل الأمر , تجنبا للهرج الذي قد يسببه بقاء الجنازة طويلا , و احتمال تأثر رنا بذلك .



هو كان قد تناقش مطولا مع طبيبها و طبيبتها النفسية , و الاثنان أبديا تأييدهما لابقائها بعيدا , عن المشهد المهيب للجنازة ,

بالنسبة لهما لن تستفيد رنا شيئا غير توتر أعصابها , لذلك وافق علي على استبعادها , من لحظات الفراق المؤلمة ,


و رأى أن من الأفضل أن تحتفظ رنا بصور عن والدتها , و هي تودعها على الفراش بدل مشاهدة نعشها , شيء لن يفيد طفلة في السابعة بأية طريقة .

فما كان من الطبيب الا أن أعطاها , مهدئا مجددا لابقائها في غرفتها .




تحلق الكل حول النعش , و بكى الجميع بحرقة على فراق مريم , و كان أكثر المتأثرين والدتها ملك و صفية .

مع اقتراب صلاة الظهر , شيعت الجنازة و تبعها كل الرجال , من المسجد الى المقبرة رجوعا الى البيت ,

و رغم مرور وقت الدفن , الا أن عدد المتوافدين لم يقل , بل كان يزداد تدريجيا ,

بالنسبة لهم حتى لو ضيعوا خروج الجنازة , لم يريدوا تفويت أجر التعزية , خصوصا الأشخاص القادمون من أماكن بعيدة .




كانت ملك تجوب على المعزيات من النساء , مع فاطمة و الخدم لخدمتهم , و كان كريم و زوج علياء يخدمون الرجال ,
حيث أصر علي على تقديم الطعام و القهوة للجميع , فيما التهى هو باستقبال الوافدين .



" الخادمة تبقى دائما خادمة , لا شيء يغير أصلها "

تمتمت سعاد بغيظ , مسمعة ملك التي مرت بالقرب , و هي تحاول مسح دموعها ,
الا أن حزنها لم يمنعها من انتقادها , و ارسال نظرة حقد ناحيتها ,


ردت عليها ابنتها التي تجلس بجوارها

" لا تزعجي نفسك أمي , اللي اختشوا ماتوا "




بسماع الانتقاد اللاذع من فم المرأتين , بدأت بعض النسوة بالهمس و الثرثرة ,
و التحديق ناحية ملك بفضول , مما أربكها بعض الشيء ,


لكنها تجاهلتهن و أكملت ما كانت بصدد فعله , هي لن تدخل معهن في جدال أمام الزائرات ,
لن تعطيهن الفرصة لاثارة فضيحة مجانية هنا ,

و لأنها كانت متأكدة أن سعاد لن تمرر اليوم على خير , قررت أن تبتعد عن أنظارها قدر الامكان .




بعد الانتهاء سريعا غادرت ملك الصوان , كانت تحمل صينية القهوة الفارغة , حينما صارت وسط الرواق عائدة الى المطبخ , استوقفتها احدى المعزيات ,

كانت امرأة في العقد الثالث , ملك متأكدة أنها رأتها سابقا , لكن أين هي لا تتذكر ,

كانت الشابة ترتدي فستانا أسودا طويلا , تجمع شعرها الأسود كعكة خلف رأسها , و لم تكن تضع أية مساحيق .




" مرحبا ملك كيف حالك ؟ "

بادرتها المرأة بكل ود .



هزت ملك رأسها بالتحية , و هي تحاول أن تتذكر دائما , أين رأتها سابقا دون جدوى

" مرحبا "



لكن المرأة كانت مصرة على تذكيرها

" أنا آسفة , ذلك اليوم اعتقدت بأنك خادمة , و علي المخادع لم يخبرني شيئا ,
لم أعرف الا مؤخرا من خالة صفية عن زواجكما "




جعلت الكلمات ملك تستفيق أخيرا

" لحظة أليست هذه الشابة , هي نفسها التي كانت في غرفة علي ,
في الفندق ذلك اليوم , قبل يوم من طلاقهما ؟

تبدو مختلفة جدا دون مكياج "





بالكاد تعرفت ملك عليها , و هي لا تتذكر اسمها مهما حاولت , لكن ما قالته شد انتباهها

" يعني حتى صفية تعرف بأمر العلاقة مع ولدها ؟

و هي الآن هنا لأخذ مكان سيدة البيت بعد مريم أو ماذا ؟

أكيد فالمرأة تكاد تخرج روحها لرؤية أحفادها "


كان هذا كل ما فكرت فيه ملك , و قد شعرت ببعض الانزعاج , دون أن تعرف لماذا .




لكنها بقيت صامتة لا تجد ما تقوله , فيما تلك المرأة مسترسلة , في ثرثرتها تماما كالمرة الماضية

" أردت الاعتذار سابقا , لكن لم تتح لي الفرصة الا الآن , أرجو ألا تحقدي علي ,
لو أخبرني علي الحقيقة , ما كنت تصرفت بغباء , و طاوعته ذلك اليوم "



كان الكلام مبهما قليلا , لكن ملك فهمت أنها تقصد التنمر عليها ,
وصفها بالخادمة و التصرف بحميمية مع علي تحت أنظارها ,


لكنها لا تبال ففي الأخير اتضح أنها زوجته , و هو حر في أفعاله هي ليست وصية عليه ,
ثم المرأة هنا تبدو أكثر تواضعا بطريقة غريبة .



" لا بأس لا داعي للاعتذار , أنا لا أتذكر الأمر أساسا "

حاولت ملك تشتيت الجو المربك , الذي حل فجأة حولهما .



ابتسمت المرأة لها بامتنان غريب , و أمسكت بيدي ملك فجأة لتضيف

" فعلا ؟ يا الهي خالة صفية كانت محقة ,
حينما قالت بأنك طيبة و متواضعة جدا "



اندهشت ملك للوصف المتغزل منها , لم تعرف أن رأي صفية فيها , جيد الى هذه الدرجة الا الآن ,


لكن قبل أن ترد على اطرائها , تدخلت علياء لتقصي الأمر ,
فعلى حد علمها ملك لا تتعاطى مع أحد , فكيف تعرفت على هيا بالذات دونا عن الجميع .



" مرحبا هيا كيف حالك ؟ "

" مرحبا علياء , عظم الله أجرك "

" شكر الله سعيك و غفر لنا و لك "

تبادلت المرأتان التعازي بكل حرارة .


حدقت ملك الى علياء باستغراب , و التي اتضح أنها تعرف المرأة أيضا ,
يبدو أن هيا هذه تلقى قبولا من الجميع هنا , و قد تجدها قريبا مقيمة في الطابق الثاني .



كيف لا و علي كان يبدو , على وفاق تام معها ذلك اليوم في جناحه ,
كان يظهر عليهما أنهما منسجمين جدا , و الآن بعدما غادرت مريم , لن يكون مجبرا على اخفاء العلاقة .



شعرت ملك بنغزة في قلبها , و ارتجفت يداها حتى كادت تسقط الصينية ,
لكنها لم تبد شيئا , غير ترقرق عينيها بالدموع , التي سارعت لحبسها بتذمر ,

و هي حتى لا تعرف , لم يجب أن تستاء من وضع مماثل .



عادت المرأة و ابتسمت لملك

" أعتذر مجددا منك ملك , سأعود الى الصوان عن اذنكما "


بعدها مشت بدلالها المعهود ناحية صوان النساء , تاركة علياء تشعر بالفضول الشديد

" ما الذي كانت هيا تعتذر بشأنه ؟
هل التقيتما سابقا ؟ "



أخرجت أسئلتها ملك من تيهها , حكت جبينها و أجابت ببساطة

" كانت تعتذر عن سوء تصرفها , ذلك اليوم في الفندق "



استغربت علياء أكثر

" أي فندق ؟ "



" فندق فينوس , التقيتها مع علي هناك "

أجابتها ملك دون تحفظ , و عبست علياء بطريقة مستنكرة

" تقصدين فندقه ؟ "



صدمت ملك لسماع المعلومة الجديدة

" هل ذلك الفندق لعلي ؟ "

سألتها و قد علت الدهشة ملامحها



لتجيبها علياء بلهجة مؤكدة

" أجل واحد من سلسلة فنادق يملكها أخي , و الجناح اقامة دائمة له ,
ما الذي كانت تفعله هيا عنده ؟ "



أصرت علياء على معرفة الأسباب , تشوش ذهن ملك و أجابتها بشرود

" كانا معا هناك يوما قبل طلاقهما "



ارتعبت علياء من الاجابة , شحب وجهها و كأنها رأت شبحا , و صرخت في وجه ملك بعينين شاخصتين

" طلاق من و من ؟ " .






هذا البارت أتعبني نفسيا 😔😢

من يتذكر هيا من بارت سابق ؟ و ما محلها من الاعراب هنا ؟







😘💞💞





......



ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-12-20, 11:44 PM   #1427

تماارا

? العضوٌ??? » 480408
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 16
?  نُقآطِيْ » تماارا is on a distinguished road
افتراضي

حبيبتي سلمت يداكِ على البارت الرائع❤ ،مع اني حزنت جدا على مريم واقدر جدا شجاعتها وقوتها وحرصها مثل اي ام على سعادة عائلتها حتى في اسود الاوقات، حفظ الله امهاتنا جميعا ورحم الله الاموات منهم 🙏🏻، لدي شعور بان هيا تكون اخت علي غير الشقيقه او (اخت بالرضاعه) 🤔
المهم ننتظر البارت القادم على احر من الجمر 💥التفكير والتشويق يقتلني 😅


تماارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-12-20, 11:54 PM   #1428

توتا احمد غ
 
الصورة الرمزية توتا احمد غ

? العضوٌ??? » 474336
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » توتا احمد غ is on a distinguished road
افتراضي

البارت حزييييين
هيا كانت فالفندق عندما اعتقدت ملك انه هيشغلها تخدم وراه عند نزواته
بس تفضل لغز قرابتها ... هي اكيد قرابه عائليه
البارت تحفه و حزين


توتا احمد غ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-12-20, 12:00 AM   #1429

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 122 ( الأعضاء 49 والزوار 73)
‏ملك علي, ‏amatoallah, ‏umnasser15, ‏الذيذ ميمو, ‏ban jubrail, ‏توتا احمد غ, ‏تماارا+, ‏رااما, ‏ميمي777, ‏روجا جيجي, ‏بلانش, ‏شيماء ستار, ‏NoOoShy, ‏maha_1966, ‏the dream song, ‏nada alamal, ‏نوره خليل, ‏صباح مشرق, ‏Lazy4x, ‏لولو نادرة, ‏Kokinouna, ‏الرسول قدوتى, ‏tota642000, ‏Rere4040, ‏البدر1414, ‏غدنا, ‏هانا مهدى, ‏ملوكه*, ‏منيتي رضاك, ‏hapyhanan, ‏حنين غول, ‏همس الضلال, ‏Maha27, ‏نادية الليل, ‏مروة عز, ‏هدوء الصمت222, ‏راء!, ‏Just give me a reason, ‏موضى و راكان, ‏rahafsoo, ‏أم نسيم, ‏أمنيات بريئة, ‏3alloa, ‏k_meri, ‏غادة 1990, ‏هدى الحسني, ‏أسـتـر, ‏سبحان اللة وبحمدة, ‏Alzeer78




شكرا حبيييييييباتي على الحماس و المتابعة و الهرج الجميل و المنعش لمتابعتكم 💖💖 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-12-20, 12:05 AM   #1430

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادية الليل مشاهدة المشاركة
السلام ملوكة، دعيني أتكهن أحداث الفصل اليوم، ستستفيق مريم و تطلب رؤية ملك و توصيها بابنتها رنا لكي تكون لها مثل الأم و الصدمة لملك لأن مريم سوف تتوفى متأثرة بمخلفات النزيف، سيتأثر علي و باقي أفراد العائلة و سيخيم الحزن عليهم و في ظل هذا الحزن و اليأس سيعلم علي ملك ببراءتها و أنه يمكن لها المغامرة ستفرح ملك بذلك لكنها ستكون ممزقة بين العودة الى عائلتها و الى حياتها الأولى و حبها لرنا و وعدها لمريم للاعتناء بطفلتها، كذلك سترأف لحالة علي و لكن هل تبقى......؟



اهنؤك حبيبتي تخميناتك محقة بنسبة كبيرة 😉👍
سنرى ان صحت باقي التكهنات ☺️
شكرا على الحماس الجميل 💖🌹🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:04 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.