آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )           »          52 - عودة الغائب - شريف شوقي (الكاتـب : MooNy87 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أسيرة الكونت (136) للكاتبة: Penny Jordan (كاملة)+(الروابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          ترافيس وايلد (120) للكاتبة: Sandra Marton [ج3 من سلسلة الأخوة وايلد] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-21, 10:04 PM   #1861

توتا احمد غ
 
الصورة الرمزية توتا احمد غ

? العضوٌ??? » 474336
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » توتا احمد غ is on a distinguished road
افتراضي


فالانتظاااااار على نااااااار

توتا احمد غ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-21, 10:05 PM   #1862

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

سلام عليكم
أطلب منكم بعض الصبر , سيكون هناك فصل الليلة ان شاء الله , لكن لأنه مطول مع الكثير من التفاصيل , سيكون متأخرا بعض الشيء
و سيكون بارت متفجر آخر لا تبتعدوا


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-21, 10:32 PM   #1863

كوكب90

? العضوٌ??? » 385766
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 156
?  نُقآطِيْ » كوكب90 is on a distinguished road
افتراضي

شكرااا الرواية مشوقة جدا

كوكب90 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-21, 11:30 PM   #1864

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 155 ( الأعضاء 43 والزوار 112)

‏موضى و راكان, ‏houdadenguir, ‏ميرا عبده, ‏NoOoShy, ‏hedia1, ‏هدى الجندى, ‏ميادة مجدى, ‏afrah1414, ‏Just give me a reason, ‏اسمره جاد, ‏الاوهام, ‏فراشة أبوها, ‏Wafaa elmasry, ‏rowdym, ‏لامار جودت, ‏كنوز كنوز, ‏نجمة القطب, ‏شاكرة, ‏k_meri, ‏غير عن كل البشر, ‏ببويه, ‏نادية الليل, ‏توتا احمد غ, ‏دانة العالم, ‏نجلاء محمد السبد, ‏zezo1423, ‏راء!, ‏Rashaa84, ‏3alloa, ‏كوكب90, ‏ملك علي, ‏الياسمين14, ‏نرمين ممدوح, ‏انجيليك, ‏طربيزة, ‏أمنيةحمدي, ‏اروع احساس, ‏Suzi arar, ‏dounya, ‏فراولة البيت, ‏فاطمة الزهراء مروان, ‏هدى الحسني, ‏Samah Abu ghazala


فى أنتظارك ملوكة على نار


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-21, 11:37 PM   #1865

سبحان اللة وبحمدة

? العضوٌ??? » 481528
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 24
?  نُقآطِيْ » سبحان اللة وبحمدة is on a distinguished road
افتراضي

متى يتم تنزيل البارت

سبحان اللة وبحمدة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-21, 11:46 PM   #1866

أميرة الساموراي
 
الصورة الرمزية أميرة الساموراي

? العضوٌ??? » 398007
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 763
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » أميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
¬» اشجع shabab
?? ??? ~
كن على على ثقة أن الله بسط لك الرزق في أي مكان ذهبت وستذهب اليه
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 168 ( الأعضاء 48 والزوار 120)
‏أميرة الساموراي, ‏Samah Abu ghazala, ‏marwazaran, ‏3alloa, ‏dounya, ‏زمردة الاسلام, ‏Alaa_lole, ‏nora74, ‏سبحان اللة وبحمدة, ‏afrah1414, ‏اروع احساس, ‏اسمره جاد, ‏Lolav, ‏راء!, ‏كوكب90, ‏Rashaa84, ‏hedia1, ‏فاطمة الزهراء مروان, ‏اريج البنفسج, ‏Wafaa elmasry, ‏نجلاء محمد السبد, ‏توتا احمد غ, ‏ميرا عبده, ‏شاكرة, ‏houdadenguir, ‏NoOoShy, ‏هدى الجندى, ‏ميادة مجدى, ‏Just give me a reason, ‏الاوهام, ‏فراشة أبوها, ‏rowdym, ‏لامار جودت, ‏كنوز كنوز, ‏k_meri, ‏غير عن كل البشر, ‏ببويه, ‏نادية الليل, ‏دانة العالم, ‏zezo1423, ‏ملك علي, ‏الياسمين14, ‏نرمين ممدوح, ‏انجيليك, ‏طربيزة, ‏أمنيةحمدي, ‏Suzi arar, ‏فراولة البيت


نحن هنا من اجل ابداعك ملك.........


أميرة الساموراي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-21, 11:54 PM   #1867

لامية لامية

? العضوٌ??? » 482899
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 514
?  نُقآطِيْ » لامية لامية is on a distinguished road
افتراضي

بالانتظارللفصل الجديد لا تشوقينا اكثر شكرا

لامية لامية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-21, 11:57 PM   #1868

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي



البارت الثاني عشر بعد المائة مسرح جريمة 💥





" و أين المشكلة أسيل ؟
لا أفهم ما الذي يزعجك بالضبط في كل ما حصل ؟ "


سألت ندى التي اتصلت بها أسيل , بعدما عادت الى بيتها ثائرة , و قد كانت على وشك الانفجار , بسبب جدالها الأخير مع كريم ,
و باحتياج لأن تفضي ما يجيش في صدرها لأحدهم ,

و قد كانت ندى اختيارها الأفضل , بعد أن توطدت علاقتهما أكثر , اثر الأزمة التي مرت بها .



تنهدت أسيل بعمق , و هي تمرر يدها خلال خصلات شعرها السوداء , قبل أن تجيبها بنرفزة واضحة

" المشكلة أنه كذب علي ندى , قال أنه لن يتدخل في التدريب الخاص بي ,
لأكتشف صدفة أنه أرسلني , لأرافق احدى صديقاته الواقعة في هواه "



ضحكت ندى بصوت عال , من الطرف الآخر من الاتصال المرئي , مثيرة حنق صديقتها أكثر , و سارعت لزجرها كما تعودتا دائما

" هل أنت مجنونة يا ابنتي ,
أو أنك تعانين من مرض عقلي ما ؟ "


عبست أسيل بشدة لسماعها ذلك , لكنها بقيت تستمع الى ما تريد ندى قوله

" أنت ألم تقولي من قبل أن الرجل لا تجارب لديه ؟ "


" اممم "

أجابت أسيل بهزة من رأسها لتضيف ندى


" طيب و هذا شيء جيد , لأنه اذا كان مهتما بهذه المدعوة ليديا , ما كان انتظر الى بعد خطبتكما ليتسكع معها , ثم هي تعمل ضمن فريقهم كما فهمت ,

و أخيرا هو غير مسؤول على مشاعرها ناحيته , اذا بقيتي تطاردين أية امرأة معجبة برجلك ,
ستبقين راكضة طوال عمرك دون لحظة سعادة ,

ثم ألا تثقين به و لو قليلا ؟
أنت بنفسك قلت أنكما كنتما صديقين مسبقا , و هو لطالما كانت لديه الفرصة لازعاجك ,
لكنه لم يفعل شيئا الا بعدما ارتبطتما ,

بالله عليك اذا لم يفعل معك شيء و هو معجب بك , تعتقدين أنه سيرافق تلك المدعوة ليديا ,
و هو لا فكرة لديه عن حبها المزعوم له ؟ "



دورت أسيل الكلمات في رأسها , و وجدت أن ندى محقة تماما ,
لم يكن عليها أن تنفعل أو تغار هكذا , بسبب قصة علاقة مختلقة من طرف تلك المرأة , و هي أكثر من يعرف نفوره من النساء ,



لكنها تعاند كالعادة

" و لو ندى ما كان عليه خداعي , كان يجب أن يخبرني بالأمر قبلا "


قلبت ندى عينيها تذمرا , قبل أن تنهرها مجددا

" كما قلت أنت دون عقل , يا ابنتي ما ترينه أنت تسلطا و محاولة سيطرة , أراه أنا مراعاة و تقدير من طرفه ,


الرجل كان قلقا من تعرضك للمضايقة , من حقه الدفاع عن المرأة التي سيتزوجها ,
خاصة اذا كان قادرا تماما على ذلك ,

صدقيني أسيل أنت في نعمة لا تدركينها , لو كان حسام مراعيا معي عشر هذا الاهتمام ,
ما كنت وصلت الى هذه الحال البائسة "

غص صوت ندى في آخر كلمات , و قد استعادت الماضي القريب بكل آلامه و خيباته ,



فيما أسيل تشتكي اهتمام كريم المبالغ ناحيتها , تتذكر هي يوم اتصلت على حسام مساءا ,
قائلة أنها وقعت في الحمام و رجلها تؤلمها ,

متوهمة أنه سيهرع ناحيتها بمجرد أن تطلبه , بسبب مواويل الغرام التي كان يمطرها بها ليل نهار ,

لكنه خيب ظنها ليلتها , و قال أن لديه مباراة كرة هامة , و لن يستطيع المجيء و أن عليها أن تتصرف ,
و تركها تقصد المشفى وحدها مع والدتها , بعد منتصف الليل فيما والدها غائب ,

اكتشفت ندى حديثا أن الكثير من الاشارات لعدم جديته , كانت موجودة بالفعل و منذ وقت طويل ,
لكنها وحدها من أوهم نفسها , بحب لا وجود له الا في خيالها ,

كان عليها ترك العنان لشكوكها , قبل التورط مع رجل عديم النخوة كحسام .




شعرت أسيل بالجو الكئيب الذي لفهما فجأة , و قد أدركت أنها لمست وترا حساسا ,
خاصة أن جرح ندى لم يلتئم بعد


" آسفة ندى لم أقصد تذكيرك "

اعتذرت منها بملامح متأسفة , لكن ندى رشقتها باحدى ابتساماتها اللطيفة , قبل أن تسترسل

" لم أقل ذلك لتعتذري , أردتك أن تعرفي أي كنز تمتلكين ,

صحيح أنني لم أره الا مرتين , الا أن الرجل كان يحدق ناحيتك , بشغف العالم في عينيه في كل مرة ,

يا الهي كاد يخنقنا أنا وحسام , حينما تجادلنا في الورشة ذلك اليوم , و صراحة أنا عانيت كوابيس بسبب عدوانيته لأشهر ,

رجل ضخم ككريم قادر على تحطيمك بسهولة , لكنه يعاملك كبتلة ورد على وشك أن تتمزق ,
يستحق بعض التفهم و المراعاة أسيل ,

لا تكوني عنيدة و تنهي العلاقة بسبب تفاهة كهذه , الرجل يستحق بعض الثقة , من طرفك بعد كل ما فعله "



أنهت ندى نصائحها لصديقتها , التي مطت شفتيها باحباط قبل أن تجيبها

" و ماذا سأفعل الآن برأيك ؟

أنا خرجت غاضبة من هناك , و قلت بأنني أخاصمه ,
سيسخر مني و يعتقد أنني مجرد طفلة , ان عدت و صالحته و غيرت رأيي "



ضحكت ندى مجددا على كلامها , لتزيد في استفزازها

" و هل تعتقدين أنه يراك شيئا ,
غير طفلة عنيدة تركل من أمامها ؟ "



" هاي هو قال أنه يراني امرأة جميلة , لا تقولي ذلك أو أرسلته خلفك "

هددتها أسيل بصراحة لتزيد قوة ضحكاتها


" جيد و هذا دليل آخر , عن مدى تضحياته بالزواج منك عزيزتي ,
الرجل الذي يرى عيوبك حسنات و يحببك لأجلها , لا يجب أن تفلتيه من يدك ,

حسنا أعرف أن لديك كرامة متورمة , و لن تذهبي للاعتذار و اعادة العلاقة كما كانت ,
لكن عديني أنك ستردين عليه , ان اتصل أو أتى لرؤيتك "



ترددت أسيل قليلا , و قد أدركت أن ندى على حق , قبل أن تعطيها وعدها

" حسنا اذا اتصل أولا سأجيب عليه ,
لكن عليه أن يفهم أنه أزعجني بما فعله "



" لا بأس أفهميه ذلك , لكن و أنتما سويا و ليس منفصلين "


" شكرا ندى , أتمنى فعلا أن تعثري أنت أيضا , على نصيبك من السعادة ,
و أريدك أن تعديني أنت الأخرى , ألا تقفلي الأبواب في وجه أية فرصة للسعادة , مهما بدت لك ضئيلة "


هزت ندى رأسها بيأس قبل أن تجيبها , بتهرب من وعد لن تستطيع الوفاء به

" فات الأوان أسيل , أنا لم أعد صالحة لأية مشاعر ,
مطلقة بمشاعر ميتة بعدما فقدت طفلي ,

حتى هنا في ألمانيا , ينظرون اليك بدونية حينما يعرفون الظروف ,

لكنني سأحاول التطور في عملي , سيكون مركز طاقتي في السنوات القادمة ,
و من يدري قد أتحول الى زها حديد ثانية ؟ "



ضحكت الصديقتان مطولا على الأحلام الطفولية , التي كانتا تتشاركانها لسنوات ,
و أغلقت أسيل الاتصال , على أمل أن يتصل كريم , فقد اشتاقت له منذ الآن .



.
.
.


" ألو ملك أجيبيني , ألو ماذا هناك ؟ "

صرخ علي عدة مرات أضافية دون رد , قبل أن يرفعه أمام عينيه , بأصابع مرتجفة و يعيد الاتصال .


كان كريم يجلس الى مكتبه , يراقب ما الذي يجري مع صديقه ,
فقد كانا بصد الجدال حول ما يمكنه فعله , لارضاء خطيبته الغاضبة , مستمعا الى بعض نصائحه ,

قبل أن يرن هاتف علي الذي أشرق وجهه , بمجرد أن سمع الرنة , التي يخصصها مؤخرا لملك ,


لكنه شعر بالقلق الشديد لما حصل للتو , و قد أفزعه وجه علي , الذي تغير مائة لون بمجرد أن فتح الخط ,
و بدأ يصرخ في الهاتف كالمجنون , متحدثا عن مطاردة ما .

فما كان منه الا أن قام من مكانه , و خطا ناحيته بسرعة محاولا فهم الموضوع .



لكن و قبل أن يطرح أي سؤال , بادره علي بنبرة مفزوعة , معطيا ملخصا للوضع الخطير

" كريم أريد تحديد موقع السيارة , التي تقل رنا و ملك ,
أحدهم يحاول الاعتداء عليهما ,
هما مطاردتان الآن في السيارة , و هاتف ملك لا يرد "

قال باستعجال و هو يهم بالخروج من هناك بخطى حثيثة .



لم يحتج كريم الى أكثر مما قاله علي حتى يفهم الوضع , أخرج هاتفه و بدأ بالعمل عليه , و هو يلحق بصديقه الذي ركض باتجاه المصعد الخاص ,

كل سيارات الشركة موصولة , الى برنامج تحديد مواقع , تحت اشراف الفريق الأمني الذي يرأسه كريم ,

تحسبا لأية سرقات محتملة , أو نشاط غير شرعي , يمارسه أحد سائقيهم خلسة , و هو لديه يوميا مسار كل السيارات التي يملكونها .





خرج الرجلان يهرولان ناحية سيارة علي , و ملامح الهلع ظاهرة على محياهما ,

كان كريم يحاول الحصول , على معلومات تحدد مكان السيارة , فيما كان علي يبحث عن موقع هاتف ملك , الذي ربطه هو الآخر بهاتفه سلفا .


بمجرد أن عثر عليه أراه لكريم , كان الجهاز في وضعية تشغيل و بصدد الحركة

" هل هذا نفس موقع السيارة ؟ "



" أجل "

هز كريم رأسه ايجابا , و أخذ مكانه خلف المقود , ليقود في اتجاه مخرج المدينة حيث توجد العيادة ,
أكيد لم تبتعدا كثيرا عنها , و هما في تلك الأنحاء كما تشير الاشارة .





بعدما صارا على الطريق , و بعدما يئس علي من أن تجيبه ملك ,
سارع للاتصال بالشرطة مباشرة , للابلاغ عن الأمر باشارة من كريم

" ألو أنا أريد الابلاغ عن اعتداء على ابنتي و زوجتي "

كان علي يصرخ بجنون في الهاتف , بعدما فتح خط النجدة الذي طلبه .



" وضح ما تقوله سيدي , حتى نستطيع مساعدتك "

كان الشرطي من الطرف الآخر , يحاول فهم نداء الاستغاثة , لكن توتر علي فاق كل شرح

" أحدهم يطارد السيارة التي فيها ابنتي و زوجتي ,

اتصلتا لطلب المساعدة قبل دقائق , لكن الخط انقطع فجأة بعد صراخ عال ,
و لم يعد أحد يرد علي "

بتذكر الأمر زاد غضب علي , و صرخ مجددا بعدما لكم لوح السيارة أمامه .





حاول الضابط تهدئته مجددا لفهم الوضع , و تسجيل الشكوى لكن دون جدوى

" اهدأ سيدي لنفهم الموضوع "


لكن علي استمر في الصراخ , و قد كاد يفقد عقله

" كيف تطلب مني أن أهدأ ؟
أنا أقول أن أحدهم يحاول الاعتداء على عائلتي ,
و أنت تطلب مني أن أهدأ ؟ "



تدخل كريم بعقلانيته المعهودة أخيرا , و أخذ الهاتف عنوة من يد علي ,
اذا استمر الوضع هكذا , فلن يحصل الا على جدال عقيم .


حدق علي بأعصاب ثائرة , و أنفاس متلاحقة ناحية كريم , الذي دخل مباشرة صلب الموضوع بنبرته الآلية

" ألو سيدي نريد التبليغ عن واقعة ملاحقة و احتمال اختطاف "



صمت كريم قليلا , ثم بدأ يعطيه المعلومات تباعا

" سيدي نحن نتجه الى المكان المحتمل تواجد الضحايا فيه ,
هل يمكننا الحصول على الدعم ؟ "

أعطاه كريم موقع السيارة نوعها و ترقيمها , و معلومات سريعة عن ملك و رنا , اضافة الى هوية علي كمسجل للبلاغ .



أغلق بعدها الهاتف و أعاده الى علي , الذي صمت تماما و كأنه أصيب بالخرس ,
لكن عروقه كانت على وشك الانفجار , ليستمر بالاتصال بهاتف ملك دون جواب .



أخرج كريم هاتفه الخاص و اتصل على فريقه , صحيح أن مكتب التحريات السري , الذي يديره منذ سنوات لا يبحث عن مختطفين أو مطاردين ,

لكنهم أكفاء كفاية للعثور على أشخاص , ضاعوا من أهاليهم منذ عشرات السنين ,

و بارعون في جمع معلومات تحر , عن أية شخصية مهما كانت غامضة ,
لن يكونوا أقل فائدة لتحديد مكان ملك و رنا , أو هذا ما يتمناه بشدة ,



لم يكن كريم أقل توترا من علي , لكنه يجيد السيطرة على انفعالاته أفضل منه , كنتيجة حتمية للتدرب على ذلك لسنوات طويلة ,

رغم ذلك هو يدرك أن صديقه قد يموت حرفيا , ان فقد احداهما خلال هذا الاعتداء , داعيا الله أن ينتهي اليوم على خير ,


بعد القاء بعض التعليمات على مسامع المتلقي , تحرك رجاله في نفس اتجاه البحث , و هو العثور بداية على السيارة المطاردة , قبل اتخاذ أية قرارات .


أجرى علي بدوره عدة اتصالات , بجهات أمنية رفيعة من معارفه , و التي تحركت بالتنسيق مع أفراد الشرطة الذين كانوا هم أيضا , بصدد الالتحاق بمكان الاعتداء المحتمل , مع وعود جادة بالتدخل في الأزمة .



.
.



في الطرف الآخر قبل انقطاع الخط مباشرة , كانت السيارة المطاردة قد اقتربت منهما كثيرا , استغلوا انشغال ملك بالحديث في الهاتف , و صدموا مؤخرتها لاجبارها على التوقف ,

كان الارتطام كبيرا لدرجة أفزع الطفلة و ملك , التي أسقطت الهاتف من يدها ,
و عادت للتمسك بالمقود بشدة , ليتدحرج الهاتف تحت الكرسي , و ينقطع الخط بعدها .



بعد دقيقتين بدأ الهاتف بالرنين مجددا , لكن ملك لم تحاول استعادته , حتى لا يشوش تركيزها , و لأن يدها لا تطاله ,

الهدف من استعماله كان اعلام علي بالوضع , و ارسال نداء استغاثة و قد فعلت , و هي الآن تدعو الله أن يسرع في ايجادهما , قبل أن يدركهما هؤلاء المجرمين .

بعد الاصطدام تكورت رنا مجددا على الكرسي , تضم ركبتيها تغرس رأسها فيهما و تبكي بحرقة ,
و شعرت ملك بقلة الحيلة , لعدم مقدرتها على تهدئتها , كما تعودت في الحالات الطارئة .



لم تعرف ملك الى متى ستستمر بالقيادة , و لا ان كان المطاردون سيقومون , بحركة أخرى عنيفة لتعطيلها , و قد فقدت كل أمل في أن يستسلموا و يدعوهما و شأنهما .



فكرت بعدها مليا أن رنا , قد تكون الهدف المحتمل , من هذه المطاردة للاختطاف أو القتل , و قد شعرت بألم داهم للتفكير في ذلك ,

لكنها الحقيقة هي الابنة الوحيدة لعلي , و كنز ثمين لأي مختطف , والدها سيتنازل عن ثروته عن طيب خاطر فداءا لها ,

في المقابل هي لا أحد يعرفها , على الأرجح لن يستفيدوا منها في حالة اعتقالها ,
اذا لم يدركوا علاقتها الراهنة بعلي , ستكون في مأمن من بطشهم ,

لذلك ان كان لابد من الاختيار , فستجعل رنا تغادر بدل أن يأخذوهما سويا .



فكرت ملك أيضا أن الطفلة , بالكاد خرجت من أزمة نفسية , أفقدتها النطق و استمرت لسنوات
ان أخذها هؤلاء و تسببوا في صدمة جديدة لها , هي لا تعرف الى أين ستؤول النتائج مستقبلا .



بعد جولة سريعة في أفكارها , حزمت ملك أمرها أخيرا , و قررت اخراج رنا من هنا أولا , حتى يتسنى لها الهروب لاحقا ,

على الأرجح هم لن يهتموا لأمرها , ان اختفت الطفلة من داخل السيارة صح ؟

أو على الأقل هذا ما تأمله بشدة .




بادرتها ملك بصوت جاد , و قد شرعت في تنفيذ خطتها

" رنا حبيبتي انظري الي , أنا سأنعطف عند أول شارع ,
بمجرد أن أتوقف افتحي الباب و اركضي , دون أن تتوقفي أو تنظري ورائك ,
مفهوم ؟ "





هزت الطفلة رأسها بالرفض سريعا

" لا أريد , أنا أريد البقاء معك "

و بدأت بالبكاء مجددا بحرقة



حاولت ملك مجددا بنبرة يائسة , و قد أوشك وقتها على النفاذ , هي لن تستطيع الفرار منهم الى ما لا نهاية , خاصة أنهم يبدون محترفين و متعودين على الأمر ,

هي تعرف بأنها مخاطرة منها , ترك الطفلة وحدها هنا , لكنه يظل احتمالا أفضل , من اختطافها من طرف هؤلاء ,
داعية الله أن تقع في أيد أمينة توصلها الى علي .


" حبيبتي لا نستطيع البقاء سويا الآن , أعدك أن نجتمع في أقرب وقت ,
أنت شجاعة ستذهبين لاحضار المساعدة من أجلي , ابحثي عن أحد للاتصال بوالدك و الشرطة

و أنا أثق في أنك ستنقذينني , أنت بطلتي أليس كذلك ؟ "



حدقت رنا ناحيتها بنظرات مرتعبة , شجعتها ملك بعدها بكلمات كثيرة , حتى وافقت الطفلة أخيرا ,
اذا كانت يجب أن تذهب لتنقذ ملك , فستفعل ذلك من أجلها ,

برؤية تجاوبها أخيرا أزالت ملك قفل الأبواب , و خففت سرعة السيارة حتى كادت أن تتوقف .




اغتبط المطاردون لرؤية الوضع , و اعتقدوا أن بنزين السيارة قد نفذ , أو أن المرأة قررت الاستسلام لهم , و قد بدأ صبرهم ينفذ بسبب مقاومتها ,

لكن بمجرد أن أوقفوا سيارتهم , و فتحوا الأبواب الثلاثة للنزول , حتى ضغطت ملك على الدواسات بشدة , انطلقت من جديد و دخلت في أول شارع قابلها .



استغرقهم الأمر بعض الوقت , حتى أدركوا أن ما حصل تحت أنظارهم , كانت مجرد خدعة من السائق للفرار , فيما هم يقفون بذهول يراقبونها تستغبيهم ,

أثارت حركتها المراوغة غضبهم العارم , و أطلق أحدهم كلمات نابية و متذمرة ,
ليعود الرجال لركوب السيارة , و استئناف المطاردة متوعدينها بانتقام شديد .



فارق التوقيت هذا هو كل ما كانت ملك تحتاجه , لانجاح خطتها و قد حصلت عليه ,
لتتوقف بعدها عند أول مكب نفايات لمحته , و تطلب من رنا الركض و الاختباء خلفه ,

و لحسن الحظ نفذت الطفلة طلبها هذه المرة , بكثير من الخوف و الدموع .



أرادت بعدها ملك أن تركض هي الأخرى , و لكن لاحت لها سيارة المطاردين , في المرآة العاكسة و قد دخلت الشارع للتو ,

نزولها الآن معناه أنه سيتم القبض عليهما بكل سهولة , و ستضيع جهودها سدى , لذلك قررت الاستمرار في القيادة , دون أن تدري ما سيكون مصيرها .



.
.



بعد حوالي أربعين دقيقة , وصل علي و كريم أخيرا , الى المكان الذي أشار اليه البحث , و قد لاحظا أن الهدف قد توقف عن الحركة منذ بعض الوقت .

بمجرد أن داس كريم على الفرامل , حتى قفز علي من مكانه باتجاه الموقع ,
و عينيه تحاولان البحث في كل مكان عن وجهين مألوفين ,


ركض علي بضع خطوات لكنه توقف فجأة , تعلو وجهه ملامح مصدومة , حينما رأى حال السيارة , و هو يقف قربها على بعد خطوات ,

تصلب في وقفته بعينين شاخصتين , ضاقت أنفاسه داخل صدره , و قد صار يجد صعوبة حتى في ابتلاع ريقه , و كأن كل عضلة في جسمه أصيبت بالشلل .



أمامه كانت السيارة التي يعرفها جيدا , متوقفة الى جانب الطريق بأبواب مفتوحة , في وضعية جانبية غريبة , و كأن ركابها غادروا على عجل ,

كان هناك دخان يخرج من مقدمتها , و جناحها الأيسر الأمامي مصدوم بطريقة سيئة ,

كان الزجاج الأمامي مكسورا أيضا , و أجزاء من الواجهة الأمامية , متناثرة في كل مكان داخل و خارج السيارة ,
و الأهم و الأكثر رعبا من كل هذا , لم يكن هناك أحد في الداخل .



شعر علي أن قلبه توقف للحظات , قبل أن يعود للدق مجددا , و قد اعترته رجفة خوف زلزلت كيانه , و سؤال واحد يتبادر الى ذهنه

" اذا كانت السيارة هنا فأين رنا و ملك ؟ "



ربت كريم الذي لاحقه سريعا على كتفه و أيقظه من شروده

" اهدأ علي , أكيد لم يحصل شيء "

حاول كريم مواساته لكن دون جدوى , فقد كانت يداه ترتجفان رعبا , كما لم يحصل في حياته كلها ,

و لم يقو حتى على التفكير , في التقدم و القاء نظرة عن قرب , خشية رؤية ما يوقف قلبه .



بعد دقائق وصلت سيارات الشرطة , بصفاراتها العالية و أضوائها المتواترة , سارع أفرادها الى تطويق المكان و تمشيطه ,
ثم تقدم الضابط المسؤول , للتعرف على الشخصين المتواجدين .

" أنت سيد علي الشراد مسجل البلاغ ؟ "

هز علي رأسه بتيه دون قول كلمة , و قد تسمرت عيناه الزائغتين على السيارة أمامه .



أشار لهما الشرطي بعد ذلك بحزم

" من فضلكما تراجعا قليلا , فقد يكون المكان مسرح جريمة "



عبس علي بشدة لسماع الكلمات , و قد شعر بالغثيان ينتابه , و وهنت ركبتاه حتى كاد يجثو هناك , متخيلا ألف ترجمة بشعة لهذا الوصف ,

رغم رعبه و لهفته الشديدة , لمعرفة أية تفاصيل و لو كانت مجهرية , عما حصل هنا قبل وصوله , الا أنه لم يقاوم التعليمات ،

لأنه لا يعرف الى أين يذهب , فهذا آخر مكان دلت عليه الآثار للسيارة و الهاتف ,
و هو لن يغادر الا مع أخبار تطفئ لهيب روحه .



وضع علي يديه على رأسه بانهيار , و حدق بهلع الى كل الاتجاهات في الفضاء المفتوح , و قد بدا له أن الاحتمالات لا نهائية ,
و الآن عليه انتظار ما تقوله الشرطة , و الذي لا يبدو كثيرا كفاية لطمأنته .


أثناء ذلك وصل فريق التحريات الخاص , لكنهم بقوا يراقبون عن بعد عمل الشرطة , و قد أشار لهم كريم كفريق حماية لعلي ,
لكنهم كانوا هناك يقفون بتأهب للحصول , على رأس خيط يبدؤون منه بحثهم .



" سيدي لا أحد هنا كما ترى , و قد بدأنا بمعاينة المكان , و رفع الدلائل و البصمات ,
لذلك ممنوع عليكما الاقتراب "

كان كل ما قاله الشرطي لكريم , الذي حاول الاستفسار عن أية معلومة جديدة .



شعر علي بخدر في أطرافه , و قد أغرق عرق بارد جبينه و ظهره ,
كان يقف متصنما و هو يراقب السيارة , المركونة هناك وسط الظلام في مشهد مخيف , و كأنه يشاهد فيلم رعب ثلاثي الأبعاد ,

توقف دماغه عن التحليل , و لم يعرف بما عليه أن يفكر الآن , فاحتمال اختفاء رنا و ملك من حياته , غير قابل للتصديق مهما حاول تخيله ,

سيموت ان لم يرهما مجددا , كانت الفكرة الوحيدة التي خطرت على باله .



رغم رغبته بالصراخ كرجل مخبول , و تحطيم كل ما أمامه بوحشية عله يشفي غليله , الا أن علي وقف مكانه بكل صمت يراقب ,
الى أن أنهى أفراد الشرطة المعاينة الأولية , و قدم أحدهم لمناقشة الأمر , مع الضابط على مسامع علي .



" سيدي أعتقد أن السيدة و الطفلة , تعرضتا لعملية اختطاف مدروسة سابقا , لا تبدو مطاردة عشوائية مما وجدناه ,

الشوارع هنا دون كاميرات مراقبة , اضافة الى أن حلول الظلام , حال دون وجود شهود عيان ,

الآثار تشير بأن السيارة انحرفت عن الطريق , بضغط من سيارة أخرى , قامت بصدمها على الجانب الأيسر متعمدة ,

بعدها هناك آثار فرملة حادة , مباشرة قبل التوقف التام , فيما يبدو أن السيارة الثانية قطعت عليها الطريق ,

هناك آثار عجلات موازية , لكن السيارة المهاجمة غادرت بسرعة "



توقف الشرطي عن الكلام للحظات قبل أن يبادره

" هل هذا الهاتف لزوجتك ؟ "

أراه الشرطي الهاتف الذي أهداه قبل أيام لملك , مرفوعا أمام وجهه داخل كيس بلاستيكي , و الرجل يمسكه بقفاز عازل


" أجل , كانت تطلب المساعدة بواسطته "

أكد علي المعلومة ليضيف الرجل

" وجدناه تحت كرسي السائق , اضافة الى حقيبة نسائية , و حقيبة مدرسة تخص الطفلة ,
ملقاتين في المقاعد الخلفية ,

مما يؤكد فرضية الاختطاف , و ليس السرقة أو مجرد اعتداء عشوائي "



حدق علي بتيه الى الجهاز أمامه

" يعني ملك كانت طوال الوقت , تسمع رنينه دون القدرة على الرد ,
هي كانت تنتظر وصوله مبكرا لانقاذهما , لكنه تأخر و سمح لهم بالنجاح في مسعاهم "


كان علي قد بدأ يغرق بالفعل , في الشعور القاتل بالذنب و عدم الفائدة ,

ليقاطعه صوت الشرطي مجددا , و قد ظهر الانزعاج على وجهه

" داخل السيارة هناك شظايا , لزجاج النافذة الأمامية منثور على الكراسي ,

و المعاينة تقول أنه تم تحطيمه من الخارج , و عليه آثار دم على الأرجح أنه دم الركاب ,

قمنا برفع الآثار لتحليلها , و أرسلناها للمختبر مع باقي الأدلة ,

هناك أيضا آثار دم على مقود السيارة , قد يرجع الى اصطدام رأس السائق بها , بعد التوقف و الفرملة المفاجئة "





شعر علي بدوار مفاجئ , و لم يعد يقو على الوقوف على رجليه , كان بالكاد يستوعب ما سمعه للتو

" السائق يعني ملك و لا أثر لرنا , فيما المكان يغرق في الدم "



كان علي يحدق عن بعد بشرود , الى الزجاج المتناثر و الدم على المقود , و قد شعر بأن روحه خرجت من مكانها

" أين هما اذا ؟
هل هذا يعني أن مكروها أصابهما ؟ و قد اختفيتا بعد ذلك ؟ "

سأل بنبرة مذعورة , فقد كان كل ما فكر فيه .



و أجابه الشرطي بقلة حيلة

" لا أعرف سيدي ما حقيقة ما حصل هنا ,

لكن أعتقد أنهما لا تزالان , على قيد الحياة حينما تم أخذهما ,
لا أحد يختطف شخصا ميتا ،

علينا الآن استجواب سائق السيارة الخاص بك , لاعطائنا أوصاف المتورطين في الاعتداء , مع البحث عن بصماتهم في برنامجنا ,

ان كان لديهم سوابق سيكونون مسجلين لدينا , و سيكون أمر القبض عليهم سهلا ,

لذلك أطلقنا بحثا عاجلا عن مكان تواجده , و الآن علينا التحلي بالصبر و انتظار النتائج "



بمجرد أن سمع علي ما قاله , حتى عبس و قد أفاق من شروده فجأة ,
ليتقدم من الشرطي و يبدأ الصراخ في وجهه , و قد شعر بأنه على وشك أن يفقد عقله

" هل تخبرني أن أعود ببساطة , و أجلس في بيتي و عائلتي مختطفة ؟ "


لم يستطع علي هضم الاقتراح , الذي ألقاه الضابط في وجهه دون مراعاة ,
و الذي أصر على التعامل برسمية مع الوضع , كأمر روتيني يقوم به يوميا



" هذا ما يمكننا فعله حاليا سيدي , سنكمل التحقيق أولا لمحاولة الوصول اليهما ,
أثناء ذلك سننتظر أن يتصل الخاطفون ,

لذلك أنا أنصحك أن تتحلى بالصبر , لأن الأمر قد يطول , عادة الخاطفون لا يتصلون قبل أيام , حتى يوتروا أعصاب العائلة , و يحصلوا على ما يريدون "



اشتعلت نيران ثورة علي , الذي تقدم خطوة أخرى ناحيته , و قد أغضبه ما قاله الرجل , الذي كان يحاول جهده لشرح الوضع

" أيام ؟
هل تقول أن أبقى ساكنا لأيام , و أنا حتى لا أعرف أين هما , و لا ما فعلوه بهما ؟ "



و في لحظة جنون مد يده ليمسك بياقته , لكن كريم تحرك سريعا و منعه , لا يريده أن يعتدي على الشرطي ,
و يقضي هذا الوقت العصيب في تحقيق آخر , بدل تركيز جهده للبحث عن المختطفتين .


" اهدأ علي , لنستطيع التصرف "

حاول كريم كبح سخط صديقه , و منع أي انفلات أعصاب هنا , لن يفيدهم في شيء .

فيما هما يتجادلان رن هاتف علي فجأة , أخرجه من جيبه و عبس , حينما لمح رقما غريبا , هذا رقمه الشخصي لا أحد تقريبا , يتصل هنا الا المقربون منه .



حدق علي الى الرقم الغريب , الذي يظهر على الشاشة و توقفت حركته

" هل يعقل أن الخاطفين يتصلون بهذه السرعة ؟ "

تمتم بصوت مسموع , ليشير له الشرطي بالاجابة , و فتح مكبر الصوت ليستمعوا الى المكالمة .



سارع علي للرد قبل انقطاع الخط , و كل أمله أن يسمع صوت احداهما بخير , لكن في الطرف الآخر كان صوت رجل

" ألو مرحبا "



" مرحبا "

أجاب علي بتردد و حدق الى الشرطي بتساؤل , هذا الأخير أشار له بالاستمرار بطريقة طبيعية .



قبل أن يبادر علي لقول أية كلمة , قاطعه صوت الرجل من الطرف الآخر , و الذي بدا متوترا على عكس ما خمن

" من فضلك سيدي , عثرنا على فتاة صغيرة في حينا , كانت تبكي في حالة ذعر شديد , و ترفض التجاوب معنا ,

لكنها أعطتني هذا الرقم للاتصال عليه , هل أنت والدها ؟ "



اتسعت عينا علي بصدمة , و لاح له أمل في العثور عليهما بخير

" هل ابنتي رنا معك ؟ "

قال بنبرة متأملة



" آه أجل أعتقد ذلك , الحمد لله لم أكن أعرف ماذا أفعل معها "


" أين أنت ؟ "

سارع علي للاستفسار , و أعطاه الرجل العنوان بتعاون جلي ,

و لم يتردد بعدها في الانطلاق , مباشرة مع كريم الى هناك ,
رغم أن الشرطة حذرته من التسرع , خشية أن يكون فخا من المختطفين لاستدراجه ,

لكنه كان أكثر قلقا من أن يتروى , و غادر ترافقه الدورية للقاء المتصل .



بالوصول الى المكان بعد ربع ساعة , لاح موقع اللقاء الذي كان حيا حديث الانشاء ,
معظم الشقق فارغة و السكان قلة فيه , اضافة الى أن الاضاءة في الشارع خافتة ,

بمجرد أن دنا الرجلان , من المكان المنشود تصطحبهما الشرطة , حتى لمحا رجلا و امرأة يقفان أمام مكب نفايات كبير , و يحاولان اقناع طفلة بمرافقتهما ,

هناك تحت الانارة الباهتة لعمود الانارة , كانت رنا تجلس القرفصاء , تبكي بحرقة واضعة يديها على أذنيها , و تغمض عينيها رافضة التجاوب معهما .



طوق رجال الشرطة المكان سريعا , و أصيب الشخصان بالفزع بسبب الموكب المرافق , لتلتصق المرأة بالرجل و يتراجعا خطوة الى الوراء بملامح خائفة ,

ركض علي من السيارة قبل حتى أن تتوقف , و أخذ رنا بلهفة في حضنه , و بدأ بتقبيل وجهها في كل مكان , و المسح على شعرها محاولا تهدءتها .

بكت الطفلة لبعض الوقت , قبل أن تهدأ تدريجيا و تخمد شهقاتها , و اندست في حضن علي لا تريد مفارقته .





" عفوا سيدي أين وجدت هذه الفتاة ؟
و أين المرأة التي كانت ترافقها ؟ "

سأل الشرطي الرجل مباشرة , هو لا يمكنه الا الاشتباه فيهما , فقد تكون مجرد تمثيلية للتضليل .



رد الرجل الذي علت ملامحه الحيرة , لرؤية هذا العدد من رجال الشرطة , الذين كانت نظراتهم عدوانية بطريقة غريبة

" أي امرأة ؟ الطفلة كانت تجلس هنا , وحدها في الظلام تبكي ,
رأيناها أنا و زوجتي في طريق عودتنا الى شقتنا هناك "

و أشار الى منزله في العمارة المحاذية ثم استمر


" اعتقدت أنها تائهة من عائلتها , و كنت على وشك الاتصال بالشرطة ,
لكن زوجتي أقنعتها بالاتصال , بهاتف والدها من هاتفي ,
لم أر أية امرأة أو شخص يرافقها "



كان علي يستمع لكل حرف باهتمام , لينهض أخيرا ممسكا بيد ابنته , و يسأل الشاب بلهجة متأملة

" يعني لم تر سيارة تتم مطاردتها ؟
أو امرأة شابة في العشرينات ترافق الطفلة ؟ "



و الذي لم يتردد في التأكيد على افادته

" لا سيدي , الطفلة كانت هنا وحدها كما قلت , لم يكن هناك أحد في الجوار أنا متأكد "

كان الرجل يبدو صادقا , و لا فكرة لديه عما يتحدث علي .


بدأ الشرطي بعدها باستجواب زوجته , و التحري عن هويته و معلوماتهما الشخصية ,



أثناء ذلك قرر علي أن يسأل رنا مباشرة , في البداية هي كانت فزعة , لذلك كان مترددا لذكر الأمر ,

لكن ملك مختفية و لا أحد يعلم أين هي , و ابنته آخر شخص شاهدها و تواصل معها

" حبيبتي أين ماما ملك ؟ "

سألها متعمدا تجاهل ذكر الأشخاص الذين كانوا يطاردونهما , حتى لا تعود الى حالة الذعر السابقة



استمرت دموع رنا بالنزول على خديها , و هي تحدق الى والدها بحيرة قبل أن تجيبه

" تركتني هنا لطلب المساعدة , و ذهبت في السيارة "



" هل تقصدين أنها أنزلتك هنا و قادت السيارة ؟ "

استنتج علي الذي تسارعت نبضاته , و أكدت الطفلة ظنونه بوضوح

" أجل و أولئك الأشرار كانوا يلاحقونها , و يصدمون السيارة من الخلف "


بمجرد أن أنهت كلامها , حتى دخلت في وصلة بكاء جديدة ,

ضمها علي مجددا متوقفا عن الالحاح عليها , و قد أدرك مدى الرعب الذي عاشتاه , فوصف رنا لما حصل مخيف فعلا ,

و لم يعد هناك مجال للشك , بأن هذه محاولة اختطاف , و ملك قامت بتهريب رنا و واصلت وحدها , لتشتيت انتباه الخاطفين .



نظر علي الى كريم الذي يقف قربه , و الذي وصل الى نفس استنتاجه ,
و هو لا يدري ماذا يقول أو ماذا يفعل , و قد بدأ يشعر باليأس الشديد يعتريه ,


واضح أن رنا و السيارة , أوصلتهم الى طريق مسدود , فهي آخر الآثار التي تقود الى مكان ملك , و الآن لا فكرة لديه , عما يمكنه فعله لاستعادتها .



بعد عملية التحري قصد علي مقر الشرطة , لاستكمال التحقيق و معرفة الخطوات القادمة ,
فيما بقيت رنا نائمة في المقعد الخلفي للسيارة يرافقها كريم , دخل علي مع المحامي الى القسم .


حام التحقيق حول العديد من الأسئلة الروتينية , حول فيمن يشتبه و ان كان له أعداء , أو ان كانت وصلته تهديدات مؤخرا ,

و كان علي يحاول الاجابة عليها بدقة , دون أن يفقد تركيزه و هدوءه , و قد بدا مشوش الذهن طوال الوقت ,

فما يهمه الآن هو العثور على ملك , لا يهمه بأية طريقة , حتى لو اضطر للجلوس , و سماع كل هذه الثرثرة .



أثناء ذلك تلقى الشرطي المسؤول اتصالا ، أخبر بعدها علي أن السائق ابراهيم , نقل قبل ساعات الى مستشفى لجراحة الأعصاب ,

متأثرا باصابة خطيرة على مستوى الرأس , و قد خضع لعملية دقيقة , و هو الآن لا يزال في غيبوبة .



تجهم وجه علي مجددا , فابراهيم كان آخر أمل له , للتعرف على الخاطفين و الوصول لهم ,
و الآن هو فاقد للوعي في المشفى ,

لكنه شعر أيضا بالشفقة عليه , فلا ذنب له فيما حصل , و اتصل على كريم لاتخاذ الاجراءات اللازمة , للتكفل بحالته و تقديم الدعم لعائلته .



بعد ساعة من العذاب النفسي , قرر الشرطي انهاء التحقيق بطرح سؤال أخير

" سيدي هل السيدة ملك هي الأم البيولوجية لابنتك ؟ "



لم يفهم علي قصده و لكنه قال الحقيقة

" لا , والدتها توفيت منذ مدة بسيطة , لماذا ؟ "



أجاب الشرطي لتوضيح وجهة نظره

" حسنا عادة يتورط المقربون , من العائلة و حتى بعض أفرادها , في الكثير من حالات الاختطاف ,

ألا تعتقد أنها ربما تكون متورطة في الأمر ؟

ربما كانت تريد ازاحة الطفلة من حياتكما مثلا ؟

و لكن خطة الاختطاف ساءت في آخر لحظة , لأن ابنتك اتصلت بك و هي ..."



لم يدعه علي يكمل و قد توضح قصده , في وضع ملك في لائحة المشبوهين ,
و لم يتردد ليمد يده و يلتقط قميصه , و قد فقد صبره أخيرا ,

لكن المحامي منعه من اكمال ما يفكر في فعله

" علي اهدأ لم يقصد ذلك "



ليصيح في وجهيهما غير مبال بالعواقب

" بلى كيف تسول لك نفسك اتهامها ؟
كان واضحا أنها هربتها , و هم أخذوها بدلا عنها ,

بدل أن تجلس هنا , و تنسج افتراضات خيالية , تبرر بها فشلك في التحري ,
حاول العثور على زوجتي "

كان غضب علي سيئا جدا , و لم يتورع عن زجر الرجل , الذي كان يلتزم الصمت , تقديرا لحالته النفسية المنهارة



" اهدأ سيدي لم أقصد , أنا فقط أحاول حصر الاحتمالات الممكنة "

أضاف الشرطي و قد شعر , أنه تجاوز الحدود في اسنتاجاته , لكنه كان مضطرا لحصر كل الاحتمالات الواردة ,

ليؤكد علي على كل كلمة قالها له

" و أنا أقول لك من الآن , أن هذا احتمال مستحيل ,

أنا أثق في زوجتي , و متأكد أنها غامرت بحياتها لتنقذ ابنتي ,
غير هذا ليس لدي ما أقوله "



غادر علي بعدها مباشرة رافضا اكمال التحقيق , و التحق بكريم في السيارة تاركا التصرف للمحامي ,

فهو لن يتحمل سماع كلمات , تطلب منه التحلي بالصبر مجددا ,
فكيف يصبر و هو لا يعرف حتى , ان كانت ملك حية أو ميتة .



قاد الرجلان أولا الى بيت صفية , حيث ترك علي رنا هناك و عزز الحراسة , ثم استدعى طبيبتها النفسية للمساندة ,

فالطفلة مرتعبة و لا أحد في المنزل يرافقها , و علي لا يعرف ماذا يمكن أن يحصل من تطورات , لذلك فبيت والدته أكثر مكان آمن ,

أظهرت صفية الكثير من التعاطف , بعدما أثار الخبر روعها , و بعد أن قدم لها علي شرحا سريعا , غادر مع كريم عائدا الى السيارة ,


بالوصول أمامها مد يده ناحية صديقه و طلب

" أعطني المفاتيح "

توجس كريم شرا من طلبه , لكنه مرر السلسلة له فورا , و سارع للركوب الى جانبه ,
لن يسمح له بالمغادرة الى أي مكان , و هو في هذه الحال المزرية , فقد يرتكب جريمة أو يقتل نفسه .



" علي الى أين ؟ "

لم يستطع كريم منع نفسه من سؤاله , ليجيبه علي بغموض كبير

" الى بيت شخص قد يكون متورطا "


لم يستوعب كريم قصده بداية , لكنه أدرك عمن يتحدث , بمجرد أن دخلا الحي , الذي تقيم فيه أميرة مع شقيقتها .

علي بعدما حفز استجواب الشرطة عقله , عمن يمكنه تدبير هذا الاعتداء , تذكر أن آخر شخص تصادم معه , بسبب ملك كانت أميرة ,

هو لن ينسى أبدا نظرة الحقد و الغل التي رمقتها بها , حينما كانا في المطعم و المول ,

هو يعرف أنها مجنونة كفاية , لتقوم بحركة قذرة كهذه , اذا كانت أرادت التخلص من مريم المريضة , أكيد لن تأخذها الرأفة بملك ,

و ربما كانت ملك الهدف من المطاردة , منذ البداية و ليس ابنته .



بالوصول أمام الباب , بدأ علي بالدق بطريقة مهتاجة , على الجرس حتى كاد يعطله ,

بعد خمس دقائق فتحت أميرة له الباب , و قد شاهدت وجهه في كاميرا المراقبة , كانت ترتدي منامة حريرية , و تبدو كمن أفاق لتوه من النوم .



" ماذا هناك ؟ "

كان كل ما قالته بنبرة مصدومة , قبل أن يحشرها علي في الحائط المقابل و يهددها مباشرة

" أين زوجتي ؟ "

صرخ في وجهها الذي عبس أمامه , و قطبت حاجبيها دون استيعاب لسؤاله

" و ما أدراني أنا ؟ "


" ملك مختفية منذ ساعات "

أبلغها بطريقة عامة دون تفاصيل , يريد استبيان صدقها لتجيبه بنبرة ساخرة , جعلته يرغب في خنقها

" فعلا ؟ جيد اذا أنها أسدتنا هذا المعروف تلك الدمية الغبية ,

أكيد اكتشفت أنك لا تستحق العناء , و فرت بجلدها قبل أن تموت قهرا من برودتك ,
اتضح أنها أذكى مما اعتقدت "


على غير ما ظنت أميرة , لم يتفوه علي بحرف ردا على استفزازها , بل شحب وجهه و زاغت عيناه بطريقة أخافتها



فبرؤية طريقة انكارها لمعرفتها بالأمر , دب الرعب في قلب علي أكثر ,
فقد كان يتأمل أن تكون أميرة من فعلها , في محاولة يائسة منها للفت انتباهه و تعذيبه ,

لأنها كانت ستكون حركة متهورة دون أذى حقيقي , و هو كان سيتوسلها ان تطلب الأمر لانهاء هذا الجنون , كان سيجد طريقة لاستعادة ملك من بين يديها ,


لكن بسماع ما قالته للتو , تبخر شعاع الأمل الذي قاده الى هنا , فيما يبدو أن الوضع أكثر خطورة , و أن المتورطين جديين تماما فيما يقومون بفعله .



أرخى علي قبضته , من على رقبة المرأة الساخطة , و حدق بتيه في الأرض محاولا تجميع أفكاره , قبل أن تقاطعه بصوتها المتشفي

" جيد أنها تركتك ,
أتمنى ألا تجدها أبدا , لتكتوي بالنار التي كويتني بها "



تصاعد الغضب مجددا على محياه المنهك , لكن قبل أن يتهور و يخنقها فعلا , كان كريم قد طلب منها العودة الى الداخل ,
بعدما انتفت علاقتها بالموضوع , و لم تعترض هي بعدما أحست , بأن أمرا مريبا يدور هنا ,


اقتاده بعدها بكل استسلام ناحية السيارة , ليقود عودة الى المنزل , استعدادا لرحلة البحث عن ملك .



.
.



في البيت كانت فاطمة قلقة جدا , بعدما اتصل بها علي و أخبرها عما حصل , طالبا اتخاذ الحيطة و ارسال أغراض لرنا عند جدتها ,

بقيت بعدها المرأة ترابط في الصالون الى حين وصوله , لتقابله بعينين محتقنتين , و وجه متورم من كثرة البكاء ,

و لكنها لم تجرؤ على قول شيء لمواساته , بعدما أشار لها كريم بتركه و شأنه ,
فلا شيء سيطمئنه حاليا , بقدر أخذ ملك في حضنه و التأكد أنها بخير .

و ما كان منها الا أن قصدت غرفتها , لتتفرغ للصلاة و الابتهال الى الله , عله يسمع دعاءها و يعيد الشابة التي اعتبرتها بمثابة ابنة لها يوما .



.
.



كانت الساعة تجاوزت الثانية صباحا حين عودته , اتجه علي مباشرة الى مكتبه و جلس يقابله كريم ,

ليبدأ الرجلان في اجراء اتصالات , بشخصيات نافذة و على أعلى مستوى , طلبا للدعم للعثور على المرأة المختطفة

لكن التحقيق كان صعبا لعدم وجود أدلة , و وصل الى طريق مسدود سريعا , دون حلول في الأفق ,


لم يكن فريق كريم بأفضل وضعا من الشرطة , فالاحتمالات كانت كثيرة جدا , و حصرها لدراستها يتطلب وقتا لا يمتلكونه ,

لكنهم بدؤوا بالفعل بتمشيط المنطقة التي عثر فيها , على السيارة و الطفلة من كل النواحي ,

شقق اتصالات هاتف أرقام سيارات , و كل المشاريع هناك كنقطة بداية ,
علهم يعثرون على شبه معلومة , تربط المشبوهين بعلي و تقودهم الى ملك .



أما علي فقد استخرج كل الملفات و الأعمال , التي دخل فيها حديثا , محاولا العثور على أي شخص , تسبب في اثارة حنقه لدرجة اختطاف زوجته ,

و محاولا انعاش ذاكرته لحصر قائمة أعدائه , عله يعثر عمن فعلها بمساعدة كريم ,
الذي كلما أشار له علي باسم ما , سارع لمد رجاله بمعلوماته , حتى يتحروا عن تحركاته الأخيرة .


رغم كل هذه المجهودات بدا الأمل ضعيفا , و ما كان منهما الا العمل في انتظار اتصال الخاطفين طلبا للفدية .

و رغم أن الشرطة حذرت علي , من التعاطي مع المتورطين , و ابلاغهم مباشرة في حال اتصالهم ,
الا أنه لن يفكر مرتين , قبل اعطائهم ما يريدونه , مهما كان المبلغ المطلوب , مقابل رؤية ملك بخير .



.
.



مرت الساعات طويلة جدا , و علي يراقب هاتفه منتظرا اتصال أحدهم , وسط صمت قاتل الى بزوغ الفجر ,
و قد كان توتر أعصابه يزيد كل ثانية , و الأفكار السوداء في رأسه تزداد تزاحما

" هل هي على قيد الحياة ؟ هل اعتدوا عليها أو قاموا بايذائها ؟
ما الذي يريدونه منه بالضبط ؟

هل سيطلبون مالا أو خدمات ؟
أو أنهم سيتخلصون منها انتقاما منه ؟ "



بتخيل رؤية ملك جثة هامدة , وصل علي حده من التحمل , مد يده و ألقى كل ما على المكتب

" لماذا ؟ لماذا يأخذونها ؟
لا ذنب لها في كل هذا ,

فقط لو قالوا ما يريدون , لكنت أعطيتهم أي شيء ,

يا الهي ليتني تركتها ترحل سابقا , ليتني وضعت حراسة عليهما , ليتني بقيت معهما في العيادة "



كان علي يصرخ بقوة , معبرا عن يأسه و قلة حيلته , شعوره بالندم اتجاه ملك الآن كبير جدا هو لا يعرف كيف سيكمل حياته ان أصابها مكروه .


و كان كريم أفضل مرافق , يجلس هناك بكل صبر , تاركا علي ينفس عن غضبه ,

هو يفهمه جيدا و يشعر بألمه , قد لا يكون لديه عائلة , و لكن أسيل الآن كل ما يملك ,

لو حصل معها ما حصل مع ملك , سيحرق المدينة بأكملها لن يكون عقلانيا مثل علي .



أثناء نوبة غضبه رن هاتف علي , الذي سارع لالتقاطه في لهفة كادت توقف قلبه , ليعم الوجوم ملامحه حينما لمح رقم والدته

" نعم أمي "

أجاب باقتضاب و قد باحت نبرته المنهارة بكل شيء



" كيف حالك بني , هل من جديد ؟ "

كانت صفية تشعر بالقلق هي الأخرى , و لم تتمكن من أن تغمض لثانية

" لا شيء أمي , و كأن الأرض انشقت و ابتلعتها "


صمت الاثنان قليلا قبل أن يسألها

" كيف هي رنا ؟ "


" بكت لوقت طويل , لكنها نامت أخيرا ,
الطبيبة قالت أنعا ستعود غدا لمرافقتها , لا تشغل بالك أنا معها "


" شكرا أمي , لا أعرف ماذا علي أن أفعل لاستردادها "

اعترف علي أمام والدته بقلة حيلته , و ما كان منها الا أن واسته , كما عودته طوال حياتها

" اتكل على الله بني , هذا ما يجب أن تفعله ,
أنت رجل مؤمن و المؤمن مبتلى و مصاب طوال الوقت ,

ملك أيضا امرأة طيبة , متأكدة أن الله لن يرينا فيها مكروها "


استمع علي لكلمات والدته المواسية , قبل أن يغلق الخط و يكثر من الاستغفار ,
و قد غفل في غمرة جنونه , عن اللجوء الى من لا يرد سائلا , دعاه و توسل فرجه .



أرخى علي رأسه الى ظهر الكرسي و أغمض عينيه , و لوهلة بدا و كأنه غفا



" هل هناك ما يخيفك ؟ "

رفع علي رأسه من الملف , الذي يغرق فيه منذ ساعتين , و حدق بشرود الى ملك التي تعطيه ظهرها ,
و تجلس قبالة سرير مريم تراقبها , و هي تنام بكل هدوء منذ يومين .


لم يرد عليها بأية كلمة , فقد اعتقدها تكلم نفسها أو تهمس لمريم ,
كما تفعل منذ دخولهما هنا , لمرافقة زوجته المريضة بعد العملية ,

لكنها سرعان ما استدارت ناحيته , و وجهت له السؤال مجددا , مركزة في عينيه السوداوين ,
اللتين أنهكهما السهر و كحلهما بهالات سوداء , تثير الشفقة في قلبها


" هل تخاف من شيء معين ؟
الرجل الجليدي يجب أن يكون لديه بعض الخوف , مثلنا نحن باقي البشر صح ؟ "

قالت تشير اليه ,

قطب علي جبينه فهو لم يفهم , لم تبدو ملك و كأنها تهذي ؟

هما لا يتبادلان الحديث كثيرا منذ انتكاسة مريم , لكنها بدأت فجأة بالثرثرة , و السؤال عن أمور غريبة ,
لكنه أراد معرفة ما تفكر فيه , قبل أن يبوح بما يختلج صدره

" و أنت مما تخافين ؟ "



أطرقت ملك برأسها للحظات , قبل أن تجيبه بصوت خافت , و كأنها تخشى أن يسمعه غيره

" أخشى أن يموت من أحبهم قبلي و يتركوني , أخشى أن أراهم يرحلون تباعا ,
و لا يمكنني فعل شيء سوى أن أرثيهم

أتعرف بما أدعو طوال الوقت ؟ "

هز علي رأسه نافيا معرفته بأسرارها , لتضيف بنبرة جادة

" أن أموت قبلهم فلا أحزن على فراقهم "



انقبض قلب علي من تعبيرها المتشائم , قبل أن يجيبها عن سؤالها السابق , عله يبدد احباطها بعض الشيء

" أما أنا فأخاف أن أفترق عن الأحياء منهم ,
حينها سيكون أكثر قسوة , لأنه سيكون جفاءا و قطيعة منهم ,

أما الأموات فسيذهبون الى مكان أفضل على الأغلب , كما أنهم لا يملكون الاختيار في تركنا "



ابتسمت ملك لتعبيره قبل أن تنهره

" أنت لا تعرف شيئا عن الحب اذا ,
مجرد أن يكون من نحبهم أحياء , هي السعادة في حد ذاتها ,

بغض النظر عن استمرارهم في حبنا , أو في رغبتهم في ابقاءنا في حياتهم ,
كونهم بخير يجلب الراحة لأرواحنا "



حدق لها علي مليا , قبل أن يهز رأسه معارضا

" لا أعتقد ذلك , الحب أنانية ملك و ليس ايثارا ,
أنا لن أحس بأية سعادة , اذا لم يكن من أحبهم بقربي ,

أصلا لا يجب أن يشعروا بأي فرح بعيدا عني , ان كانوا يستحقون حبي فعلا "



هزت ملك كتفيها دون أن تضيف شيئا , ليستفيق علي من رؤياه بشهقة , أفزعت كريم الذي سارع يمد له كأس ماء


" ما بك هل أنت بخير ؟ "

سأله بقلق ليحدق ناحيته علي بحيرة , و كأنه لم يتعرف عليه , قبل أن يتناول الماء من يده و يرتشف منه

" لا شيء غفوت قليلا فقط "


" اذا أردت خذ قسطا من الراحة , سأكمل عنك هنا ,
ملك تحتاجك في كامل قوتك حينما تعثر عليها , لا أريدك أن تنهار وسط الطريق "



هز علي رأسه موافقا , لكنه استلقى على الأريكة هناك دون أن يغادر , و دون أن ينام حقيقة ,

كان يضع ذراعه على عينيه , و يستعيد تلك المحادثة الأخيرة بينهما , قبل وفاة مريم مباشرة


" أنا خفت من فقدانها , و هي على قيد الحياة ,
هل يعقل أن الله سيأخذها مني بالموت ؟ "

أخافه تخمينه كثيرا , و كأن القدر يتحامل ضد مشاعره , و يحاول تحريرها من قبضته عقابا له و لتسلطه ,

لكن اذا كانت حياتها مقابل أن يفترقا مستقبلا , هو لن يفكر مرتين قبل أن يدعها ترحل ,

و لم يطلع الصباح الا و علي يأخذ وعدا بقسم على نفسه , ألا يبقيها لثانية اضافية , ان هي عادت بخير بعد هذا اليوم .



.
.
.





مر اليوم الموالي على علي و كأنه سنة , لم يبرح مكانه لم يأكل و لم يغف حتى لثانية ,

رغم أن فاطمة كانت تأتي و تروح بالطعام و الماء , الا أنه كان يجلس و يراقب الهاتف أمامه ,
و لا يستطيع منع نفسه من تخيل الأسوء , و أي سوء أكبر من احتمال عدم رؤية ملك مجددا ,


و لولا أن الشرطة طلبت منه البقاء في منزله , خوفا على أمنه من جهة , و كونه أكثر مكان قد يلجؤ اليه الخاطفون , للاتصال به من جهة أخرى ,
لما بقي لثانية هنا , و لكان يهيم الشوارع بحثا عن ملك .



حل الليل مجددا و عاد كريم لمرافقته , بعدما حاول تسريع البحث , باستخدام علاقاته الكثيرة دون جدوى , فالشرطة كانت تبذل مجهودا مضاعفا بالفعل في التحقيق .



فيما الرجلان غارقين في صمت تام , رن هاتف كريم و كان رقما مجهولا , حدق الى الشاشة مليا باستغراب , هذا هاتفه السري المخصص لفريقه , لا أحد يتصل هنا أبدا ,

تردد كريم قليلا ثم قرر أن يرد

" ألو ؟ "



" أعط الهاتف لرئيسك "

قال الرجل في الطرف الآخر , دون تمهيد بنبرة آمرة و عدائية .

المتورطون يعرفون أن ابلاغ علي عن الاختطاف , سينجر عنه مراقبة هاتفه الشخصي , و هواتف الشركة و البيت من طرف الشرطة ,
لذلك فقد كان خط مساعده هو الأكثر أمانا .



اتسعت عينا كريم بقلق , و قد فهم تقريبا ما يحصل , لكن ما أثار ذعره أن هوية المختطفين , صارت أكثر نفوذا و خطورة ,
ليصلوا الى رقم لا يعرفه أحد حتى علي نفسه ,

قام كريم مسرعا من مكانه , و ناول هاتفه لعلي الذي فوجيء بالحركة

" أحدهم يريد أن يكلمك "





التقط علي الهاتف بلهفة , و كالمرة الأولى تحدث الصوت دون مقدمات

" حضر خمسين مليون دولار , سأتصل لاحقا لأخبرك عن مكان التسليم "

و أغلق الخط مباشرة , دون أية معلومة اضافية , و دون اعطائه وقتا لتخمين من يكون المتصل .



و جن بذلك جنون علي , الذي قام من مكانه و بدأ بالصراخ , و هو يجوب المكتب كنمر جريح

" ألو ألو "



كل ما كان يريده هو سماع صوت ملك , لا يهم كيف حالتها , المهم أنها على قيد الحياة , لكن الخاطف حرمه من هذا الأمر ,

أعاد علي الاتصال على نفس الرقم لكنه كان مغلقا , واضح أنهم محترفون و لا يتركون أثرا يقود لهم .




" ماذا قالوا ؟ "

سأل كريم بتحفز , و أجابه علي دون تردد

" لنحضر خمسين مليون دولار بسرعة "


" ألن نبلغ الشرطة ؟ "

حاول كريم دفعه الى فعل الصواب , لكن علي كان قد حزم أمره

" لا لن أعرض حياة ملك للخطر من أجل هذا المبلغ , سأعطيهم ما يريدون "



تردد كريم قليلا قبل أن يجادله بتوجس كبير

" لكن ألا يبدو لك المبلغ صغيرا و مثيرا للشك ؟
هم أكيد يعرفون من تكون و مقدار ثروتك ,
قد يكون شركا علي يأخذون المال و يتخلصون منكما "



" لا يهم كريم , المهم أن أرى أنها بخير ,
هذا الخيط الوحيد الذي يوصلني إليها , و أنا لن أضيعه في وساوسي ,
بعدها بامكانهم فعل ما يريدون "


كان علي يبدو منهارا حد اليأس , و لم يستطع كريم المعارضة أكثر

" حسنا علي أنا لن أعارضك ,
لكن هل يمكن أن تسمح لي بالتصرف ؟ "



نظر اليه علي بتوجس لكنه وافقه

" حسنا لا بأس , لكن دون تعريض حياتها للخطر "



وافق كريم على طلبه , و بدأ الرجلان بعمل كل الاتصالات , لتوفير المبلغ في وقت قياسي ,

كان سيكون الأمر مستحيلا مع شخص آخر , لكن علي بنفوذه تمكن من سحبه , في ظرف ساعات قليلة و في سرية تامة ,
ثم عاد لانتظار اتصالهم مجددا على أحر من الجمر .







في الثامنة ليلا , عاود الخاطف الاتصال على هاتف كريم , و هذه المرة كان علي من رد عليه , و قد بلغ مبلغه من التخمينات السيئة

" بعد ساعة في المخازن على طريق الميناء , و لا داعي لتذكيرك أن تكون وحدك ,

ان أبلغت الشرطة أو رافقك أحدهم , لن تلمح وجه زوجتك باقي حياتك "

و أغلق دون أن يعطيه فرصة للنقاش .





لم يبال علي بالتهديد , فقد قرر أن يخضع لهم بالفعل , حمل الحقيبتين اللتين تحويان المال ,
ركب سيارته مصطحبا هاتف كريم معه , و اتجه وحده صوب المكان المحدد ,

قاد علي لأربعين دقيقة , قبل أن يركن السيارة في أول الطريق ,
و بقي هناك منتظرا مزيدا من التعليمات بتوتر شديد .



بعد ساعة أعاد الخاطف الاتصال من رقم مغاير , كان يغير الرقم في كل مرة , و علي لا يتردد في الرد عليه

" المخزن رقم 60 "

و انقطع الخط مباشرة .



اعتقد علي أن الخاطف سيطلب منه , وضع المبلغ في مكان معين و المغادرة , و بعد استلامهم الفدية سيناقش اطلاق سراح ملك معهم , لكنه تفاجأ به يعطيه مكانا للقاء ,

راوده فجأة شعور سيء بشأن ما يحصل , و كأنهم يستدرجونه الى مكان ما , لكن لم يكن بمقدوره الرفض , هؤلاء صلته الوحيدة التي سيجد بها ملك ,

و هو لن يتردد في تلبية طلباتهم مهما كانت مريبة , سيتبعهم الى الجحيم اذا تطلب الأمر ، لكنه كان متأكدا من أمر واحد , أنهم بما طلبوه الآن , هم يريدون شيئا آخر غير المال .





تمالك علي نفسه سريعا , و أخذ نفسا عميقا لتصفية ذهنه , ثم ضغط على السماعة في أذنه

" هل أنت جاهز ؟ "

خاطب كريم الذي كان يستمع لكل ما قيل .

علي يعرف أن عليه ترك السماعة هنا , و قطع الاتصال مع كريم , لذلك أراد التأكد من جاهزيته قبل المغادرة



" أكيد بعد عشر دقائق "

رد عليه كريم مطمئنا , ليعيد عليه علي تعليماته السابقة

" لا تبادر لفعل أي شيء , اذا أخذوا المال و نفذوا وعدهم لا تعترض طريقهم "

" حاضر علي , أعدك أنني لن أتدخل الا اذا قاموا بالخطوة الأولى "





على الطرف الآخر كان كريم جاهزا , يرتدي بدلة جلدية سوداء يضع قناعا , و يركب دراجته النارية باتجاه المكان الذي وصفه الخاطفون , ليصل قبل علي و يستطلع الموقع ,

كان كريم مسلحا جاهزا لتقديم الدعم في الوقت المناسب , بما أن الأمر يتم دون علم الشرطة , فاحتمال أن يسوء الوضع جد وارد , و هو لن يسمح لهؤلاء بأذية ملك أو علي تحت أنظاره .



حينما وصل علي الى المكان الذي وصفه المتصل , حمل الحقيبتين و وقف أمام باب السيارة , كما طلبوا منتظرا الأوامر الجديدة ،



و كالمرة الأولى بدل أن يطلبوا منه , ترك المال و المغادرة كما توقع , تفاجأ بشاب أشقر بجسم ضخم يقترب منه , و يشير اليه أن يتبعه دون أن يتكلم ,

مما صعب عليه أمر معرفة هوية الخاطفين , لكن الاوشام التي كانت تغطي ذراعيه و رقبته ، كانت تنبيء عن الوضعية المشبوهة لهؤلاء المجرمين .



لكن ما شد انتباهه أنه لم يكلف نفسه عناء تغطية وجهه , و كأنه لا يهتم ان تعرف علي على هويته , مما زاد في توجسه أن القادم سيء ,

رغم ذلك لم يتردد في تتبع خطوات ذلك الرجل , غير مبال بما سيحدث .





بالوصول أمام باب أحد المخازن , دق الرجل ثلاث مرات , و بعد دقيقة فتح الباب من الداخل , حيث كان هناك شاب ضخم آخر ، بملامح شرقية و اوشام مماثلة ,

تحدث الرجلان مليا بكلمات غير مفهومة , و علي خمن أنها ايطالية , لكنه لم يكن متأكدا تماما .



بعدما اتفقا على أمر ما , اصطحبه الشاب الأول الى داخل المخزن , و سار علي خلفه بخطا متباطئة , و عينيه تمسحان المكان باحثا عن أي شيء , يشير لوجود ملك هنا ,

كان المخزن فسيحا جدا , مع الكثير من الحاويات التي تأتي من الميناء , و الكثير من الخردوات ,
أخشاب اطارات سيارات صناديق و غيرها , كما أن رائحة البنزين تملأ المكان ,

كانت الانارة هنا خفيفة جدا , لا تكفي لاضاءة المكان بأكمله , خاصة الزوايا و الخلفية المعتمة .





شعر علي بالقلق على ملك

" كيف يكون حالها و قد بقيت هنا ليومين و برفقة هؤلاء ؟ "



بعد بضع خطوات توقف الرجل في المنتصف , و مد يديه ناحية علي لأخذ الحقيبتين ,

لكن علي رفض اعطاءه اياها , هو يعلم أن حياة ملك مرهونة بهذا المال , ان هم أخذوه فقد يتراجعون عن كلمتهم ,

لذلك لم يتردد في الرفض ، رغم أنه في موقف ضعف لا يسمح له بالجدال , الا أن هذا كل ما يمكنه فعله الآن لانقاذ حياتها .


" أرى زوجتي أولا "

قال شرطه بكل ثقة , رغم أن قلبه كان يرتجف حرفيا , خشية أن يتهوروا , و يؤذوها ردا على وقاحته .



استمع الشاب الى أحدهم , يحدثه في سماعة في أذنه , ثم أشار برأسه الى خلف الحاويات , دون قول أي شيء ,

ألقى علي الحقيبتين له أرضا , و ركض ناحية المكان المنشود , هو يعلم أن المعلومة قد تكون كاذبة ,
لكنه لا يمكنه الا تصديقها , كالغريق الذي يتعلق بقشة .



بمجرد أن أصبح هناك , حتى لمح ملك تجلس الى كرسي خشبي في الزاوية , يداها مربوطتان و كمامة على فمها ,

كان لونها شاحبا جدا , و قد اختفى تورد وجنتيها , شعرها منسدل مع خصلات على وجهها
تطأطيء رأسها و تحدق بشرود الى الأرض , أما ملابسها فكانت مبعثرة و متسخة .



وقف علي مكانه لبرهة لا يقو على الحركة , هو لا يصدق أنه رآها أخيرا ,
و هي على قيد الحياة , أخذ نفسا عميقا , و كأنه لم يتنفس منذ سنين طويلة .


بمجرد أن شعرت ملك بوجود أحدهم قربها , حتى رفعت رأسها بعينين مذعورتين , و اندست أكثر في الكرسي المهترئ الذي تجلس عليه ,


لكن سرعان ما تحولت ملامحها الى غبطة عارمة , حينما تعرفت على الشخص القادم , اتسعت عيناها بصدمة , و قد تلألأتا فرحا كجوهرتين ماسيتين ,
و قد بدت كسجين أطلق سراحه للتو من حكم مؤبد


وقفت ملك من مكانها فورا غير مبالية بالمختطفين , و ركضت ناحيته بخطوات متعثرة , ليسارع علي بدوره ناحيتها يجره شوقه لضمها ,


فتح علي ذراعيه لتندس فيهما , و ضمها الى صدره بقوة , و كأنه يرغب أن تخترق أضلاعه , ليحميها و يمنع أذاهم عنها ,


و قد تسارعت أنفاسه تأثرا برائحتها المميزة , التي تذكره بأنها حقيقية , و هي بخير بين ذراعيه , و
قد عادت روحه أخيرا لتسكن جسده , بعدما غادرته لحظة اكتشف اختطافها .



استمر علي في ضمها بقوة , شاعرا بخفقات قلبها الذي كان يضرب صدره , لكن لم يعرف ان كان خوفا أو فرحا ,

كان قلبه يؤلمه لرؤية حالها هكذا , لكنه سارع الى تهدئتها , ببضع كلمات عن أنها ستكون بخير ,

فك الكمامة من على فمها , قبل أن يضمها مجددا يقبل رأسها , و يربت على ظهرها بكل حنان .





شعرت ملك بأمان كبير , بعدما اعتقدت أن لا مخرج لها , من هنا الا الى قبرها , هاهي ترى علي يأتي من أجلها ,

انعقد لسانها تأثرا لرؤيته , و ما كان منها الا أن غرست رأسها في كتفه , و أخذت نفسا عميقا من الرائحة التي تشعرها بالطمأنينة ,


بعد دقائق أمسك علي وجهها بين يديه , و حدق اليه متفحصا ملامحها المحببة عن قرب ,

كانت هناك كدمة على جبينها , يعلوها بعض الدم المتخثر , و أخرى زرقاء اللون تحت عينها , مع خدوش متعددة على خدها الأيسر .



امتعض علي لحالتها لكنه لا يملك أن يسأل الآن , فالوقت غير مناسب لذلك اكتفى بالسؤال عن حالها

" هل أنت بخير ؟ "

و عدل خصلات شعرها المبعثرة , باعثا مزيدا من الدفء الى قلبها .



هزت ملك رأسها و أجابت بصوت مبحوح

" أجل "

رغم الخوف البادي في عينيها , الا أنها صارت بخير بعد رؤيته .





ابتسم علي لطمأنتها أكثر

" لا تقلقي حبيبتي , كل شيء سيكون على ما يرام "



وافقته ملك دون قول شيء , و دون أن تعلق على اللفظ , الذي ألقاه على مسامعها , هي تثق فيه بهذا القدر ,
لا تعلم متى بدأ الأمر , لكن لو أخبرها علي الآن أن تقفز , من فوق جرف عال فستفعل دون تردد ,



أزال علي بعدها الحبل من يديها المرتجفتين , و بدأ يراقب جسمها بحثا عن أية اصابات , رغم أن آثار الربط في معصميها كانت سيئة , الا أنها كانت تبدو بخير .

كان علي يشعر بالغضب لوضعيتها المزرية , لكنه تمالك أعصابه فهذا ليس وقت الحساب , سيعرف أولا من يكون هؤلاء الأوباش , بعدها لن يفلتوا من يده أبدا .



عاد علي و احتضنها مجددا , و كأنه لن يكتفي أبدا من قربها , هذه المرة كانت ملك تلف ذراعيها حول خصره ,
و تتمسك بقميصه بكلتا يديها و بشدة , و كأنها تخشى أن يختفي من أمامها كحلم جميل .



وقف بعدها الاثنان يتشبثان ببعضهما بكل هدوء , و كأنهما نسيا المكان و الزمان , الى أن قطع عليهما سكينتهما تصفيق من الجانب

" أوه عصافير الحب الجميلة , قلبي الصغير لا يتحمل "



استدار علي ليتفاجأ برؤية وجه , يعرفه جيدا و يبغضه كثيرا

" أنت ؟ "

سأل بنبرة غاضبة حد السخط .



ابتسم الرجل بكل خبث و أجابه

" آسف لإفساد هذه اللحظة الرومنسية الجميلة , لكن لدينا أمورا أخرى علينا مناقشتها " .













أعتذر عن التأخير فقد أعدت كتابة قسم كبير في خمس ساعات متواصلة

بارت مطول لاشفاء غليلكم أتمنى أن يعجبكم ,
أعرف أنني قاسية بسبب كم التفاصيل و النهايات المعلقة , لكن هذه فكرتي عن التشويق و الاثارة و الا لا داعي للكتابة ,

ككل مرة أحب سماع آرائكم الملهمة .



😘💞💞





.......






ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-21, 12:00 AM   #1869

زمردة الاسلام

? العضوٌ??? » 474237
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 68
?  نُقآطِيْ » زمردة الاسلام is on a distinguished road
افتراضي

[rainbow][read]............... 🤗 😍💕😍 🤗 ...............[/read][/rainbow]

زمردة الاسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-21, 12:39 AM   #1870

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 180 ( الأعضاء 63 والزوار 117)
‏ملك علي, ‏أميرة الساموراي, ‏leria255, ‏نجلاء محمد السبد, ‏Sheraz, ‏nada alamal, ‏روجا جيجي, ‏Perr, ‏طربيزة, ‏اسمره جاد, ‏leenalen, ‏Rashaa84, ‏اريج البنفسج, ‏ام على تيتو, ‏هدى نور الدين, ‏هانا مهدى, ‏همس الضلال, ‏NoOoShy, ‏نجمة القطب, ‏ام ارومة, ‏توتا احمد غ, ‏alinoor, ‏لامية لامية, ‏ali.saad, ‏hedia1, ‏بيكهيون, ‏الزنبقة الجميلة, ‏نادية الليل, ‏فراولة البيت, ‏ملوكه*, ‏Alaa_lole, ‏Lolav, ‏الاوهام, ‏انجيليك, ‏hapyhanan, ‏ميادة مجدى, ‏كنوز كنوز+, ‏Suzi arar, ‏راء!, ‏nora74, ‏سبحان اللة وبحمدة, ‏غير عن كل البشر, ‏زمردة الاسلام, ‏أم نسيم, ‏أميرةالدموع, ‏Berro_87, ‏للحياة, ‏dounya, ‏آلاء الليل, ‏maha_1966, ‏Rere4040, ‏3alloa, ‏marwazaran, ‏اروع احساس, ‏كوكب90, ‏فاطمة الزهراء مروان, ‏ميرا عبده, ‏شاكرة, ‏houdadenguir, ‏هدى الجندى, ‏فراشة أبوها, ‏rowdym, ‏لامار جودت



شكرا لصبركم و حماس متابعتكم 💖💖💖💖💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:29 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.