آخر 10 مشاركات
287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )           »          284 - أنت الثمن - هيلين بيانش _ حلوة قوى قوى (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          275 - قصر النار - إيما دارسي (الكاتـب : عنووود - )           »          269 - قطار النسيان - آن ميثر (الكاتـب : عنووود - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-01-21, 08:42 PM   #2051

أميرة الساموراي
 
الصورة الرمزية أميرة الساموراي

? العضوٌ??? » 398007
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 763
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » أميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
¬» اشجع shabab
?? ??? ~
كن على على ثقة أن الله بسط لك الرزق في أي مكان ذهبت وستذهب اليه
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منتظرين........................الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 61 ( الأعضاء 13 والزوار 48)
‏أميرة الساموراي, ‏زمردة الاسلام, ‏بدر الحربي12, ‏جزيرة, ‏المارينا, ‏اروى حسن سليمان, ‏عاشقة مجهولى, ‏marmar22, ‏umnasser15, ‏shimaa he, ‏nour_78, ‏نجمة القطب, ‏inas_jinine


أميرة الساموراي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-21, 08:59 PM   #2052

دانة العالم

? العضوٌ??? » 115693
?  التسِجيلٌ » Apr 2010
? مشَارَ?اتْي » 416
?  نُقآطِيْ » دانة العالم is on a distinguished road
افتراضي

فيه بارت قريب ؟

دانة العالم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-21, 09:14 PM   #2053

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الساموراي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منتظرين........................الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 61 ( الأعضاء 13 والزوار 48)
‏أميرة الساموراي, ‏زمردة الاسلام, ‏بدر الحربي12, ‏جزيرة, ‏المارينا, ‏اروى حسن سليمان, ‏عاشقة مجهولى, ‏marmar22, ‏umnasser15, ‏shimaa he, ‏nour_78, ‏نجمة القطب, ‏inas_jinine
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دانة العالم مشاهدة المشاركة
فيه بارت قريب ؟


أكيد البارت القادم بعد ساعة من الآن ان شاء الله


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-21, 09:19 PM   #2054

هدى الحسني

? العضوٌ??? » 481225
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » هدى الحسني is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضووووووور 😍🥰🥰

هدى الحسني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-21, 09:29 PM   #2055

زمردة الاسلام

? العضوٌ??? » 474237
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 68
?  نُقآطِيْ » زمردة الاسلام is on a distinguished road
افتراضي

بانتظار الإبداع يا مبدعة
يا فنانة الكلمات والتي ترسم المعاني رسما لا يليق إلا بسموها
ملك ملكة المعاني والمشاعر الإنسانية
.. تأكيييد حضوري ...
تحياتي لجميع المتابعين الأوفياء والداعمين الرسميين له


زمردة الاسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-21, 09:35 PM   #2056

هدى نور الدين

? العضوٌ??? » 381383
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » هدى نور الدين is on a distinguished road
افتراضي

في الإنتظار على نار 🔥🔥🔥

هدى نور الدين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-21, 10:27 PM   #2057

3alloa

? العضوٌ??? » 461239
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 114
?  نُقآطِيْ » 3alloa is on a distinguished road
افتراضي

سبحان الله وبحمده
بالانتظاار ❤❤❤❤❤


3alloa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-21, 10:28 PM   #2058

توتا احمد غ
 
الصورة الرمزية توتا احمد غ

? العضوٌ??? » 474336
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » توتا احمد غ is on a distinguished road
افتراضي

بالانتظااااار يا جميل

توتا احمد غ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-21, 10:39 PM   #2059

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي





البارت السادس عشر بعد المائة أجمل النساء💘






" اذا أنت التي لا تعرفين شيئا "

قالت الطبيبة انصاف بصوت متأمل , و نظرت اليها ملك نفس نظرة الحيرة , و هي تبحث في عينيها عما لم تستطع هي رؤيته .



برؤية ردة فعلها أضافت الطبيبة بابتسامة , و هي تحاول قراءة تعابيرها المفضوحة

" حسنا سيدتي , أنا لا أعرف الظروف التي تتحدثين عنها , لكن ما رأيته خلال الفترة الماضية يقول الكثير ,

أنا أعمل هنا منذ سبعة سنوات , لطالما كان السيد علي مهابا من الجميع , كان يحضر الاجتماعات الهامة , و يقوم بزيارات دورية قليلة ,
لكنه كان يفرض هيبته و سيطرته على الكل ،

لطالما لقبه الجميع بالرجل الصخرة أو الجبل الجليدي , فلم تكن ملامحه تنبئ يوما عما يشعر به ,

حسنا دون ضغائن بما أنه زوجك , لكنه كان بالنسبة لنا انسانا باردا دون مشاعر , بقلب حديدي دون تنازلات أو حتى مناقشات , أو كما يقال

" آمر ينفذ " "





كانت ملك تحدق إليها باهتمام , و لا تعرف أين تريد الوصول , كانت تلتزم الصمت محاولة القراءة بين السطور ,

فالرجل الذي تصفه الطبيبة الآن , هو علي الذي قابلته أول مرة و كرهته , و استمرت في التعامل معه لأشهر ,
عانت من قسوته و جبروته قبل أن يتغير , و يتحول بطريقة غريبة الى رجل حنون يذيب القلب .



في الجناح المجاور عاد علي للجلوس مكانه , يريد الاستماع الى ما يقال عنه بفضول , رغم أنه يعرف معظمه لكن لا بأس بالتذكير .



بعد دقيقتين استرسلت الطبيبة مجددا , و كأنها تحاول تجميع أفكارها

" يوم أصبت انهارت هذه الصورة فجأة , حينما كان يحتضنك و يرفض اطلاقك , و هم يدخلونك الى غرفة العمليات , و دمك يغرقه من رأسه الى قدميه ,

رأينا الرجل الذي لا يسمح للنساء , بالاقتراب منه أقل من ثلاثة أمتار , يقبل جبينك و يديك و يحتضنك بشدة ، و هو يودعك على باب غرفة العمليات ,
و كأنه يريد أن يخبئك بداخل صدره , و لا يسمح لأي أذى بأن يطالك ,



رأينا الرجل الذي عاقب عامل النظافة ، لأن مقبض الباب كان وسخا ، يجلس لساعات و الدم و الوحل يغطي يديه وجهه و ملابسه ، و يرفض الانصراف للاغتسال قبل أن يطمئن عليك ,

رأينا الرجل الرصين الذي لا يفقد أعصابه أبدا ، يهدد كل من في المشفى ، أنه سيحرقه على رؤوسنا إن حصل لك شيء ,

و رأينا الرجل الذي لا يحني رأسه أبدا ، الذي يسير برأس شامخة مهما بلغت نكباته ,
يسجد سجدة شكر لله في منتصف الرواق ، بعدما نجوت من العملية الخطيرة ,

في رأيك سيدتي , ما الذي يمكن أن يغير رجلا بهذه الصلابة 180 درجة ، الا مشاعر صادقة و حب جارف ؟ "




علي "...."

ملك "...."


تفاجأت ملك لسماع كل هذه المعلومات الصادمة , التي لا تعرف عنها شيئا , و نظرت بدهشة الى وجه انصاف

" لم يبدو و كأنها كانت مغيبة عن الوعي منذ وقت طويل ؟
و لم فعل علي ما فعله من الأساس ؟ "


لطالما رأت ملك ثباته في أسوء الأزمات التي مر بها , هي حتى تحسده على قلة تأثره بما يحصل حوله ,

فهو لا يكلف نفسه , أكثر من مجرد ابتسامة في الأفراح , و لا يتعدى الأمر تقطيب جبين و تجهما حينما يحزن ,


رغم استغرابها مما قالته الطبيبة , لكن لسبب ما هي متأكدة , أن هذه تصرفات الرجل المجنون , و قد تذكرت نوبة الذعر التي انتابته , حينما مثلت عليه الغرق ,

و ثورته العارمة يوم احترقت يد ابنته , و حتى حينما انتكست مريم و اعتقد أنها توفيت ,
فيما يبدو أن تأثر مشاعره انتقائي بحت , يتغير بتغير المعني بالأمر ,

و قد أدركت الآن فقط أنها من بين القلة , الذين يفقدونه برودته و تصلب قلبه ,
حينما رابط معها هنا , و كان أول من رأته بعد استيقاظها .



ابتسمت الطبيبة حينما رأت ردة فعلها ، و قد أيقنت أن ملك لا فكرة لديها فعلا عما يجري ,
دون أن تعرف أسرار العلاقة العميقة بينها و بين زوجها .



حاولت ملك تدارك الإحراج مجددا بنفي الأمر , فقلبها كان صاحب التحليل السابق ,
أما عقلها الذي يقفز فجأة ليوسوس لها , فقد كان له رأي آخر أكثر تشككا

" لا أعتقد ذلك دكتورة ، ربما كان مجرد شعور بالذنب اتجاهي لمحاولة انقاذه ,

علي رجل حساس للمعروف , و هو انسان في النهاية مهما بلغت صلابته ,
أكيد سيتأثر ان حاول أحدهم دفع الأذى عنه "


هي رأت بعينيها كيف يتعامل مع كريم و فاطمة , و حتى ابراهيم و صالح بمنتهى الوفاء و الود ,
و أكيد سيقدر ما فعلته معه و مع رنا , رغم أن تصرفها كان نابعا , من سلامة تقديرها لا أكثر .



كانت نبرة الاحباط واضحة في كلام ملك ، ربما لأنها تتمنى العكس , و ألا تكون كل تلك المشاعر مجرد امتنان و رد جميل ,

فمهما حاولت مجاراة عقلها المتحجر , الذي ينهرها بقسوة طوال الوقت , حتى لا تتأثر بذاك المتسلط و تصرفاته المميزة ،

الا أنها لا يمكنها الانكار , أن علي رجل من السهل الوقوع بهواه ، و لولا أنها تعرف أنه لن يحمل لها أية مشاعر ، لفتحت له المجال و منحت نفسها فرصة معه ,


كيف لا و قد أدركت الآن متأخرة , سبب وقوع كل تلك النسوة في غرامه , فرغم كل ما رأته من جنون منه سابقا ،
الا أن علي به الكثير من مواصفات رجل أحلامها , الذي كانت ترفض الكثيرين , في انتظار دخوله حياتها


" رجل بهيبة الجبال , بشخصية قائد و قلب طفل و حنان كدفء الشمس "

ألم تكن هذه أهم شروطها , في الرجل الذي تحلم بالارتباط به ,
و بطريقة غريبة هي تجتمع كلها , في شخصية علي المتناقضة , مع الكثير من الوفاء و الشهامة و المبادئ الثابتة .



فيما ملك تغرق في صراعها النفسي , شعر علي بالألم لسماع تبريراتها المؤلمة ، لا يعقل أنها لحد الآن , تعتقد أنه يفعل كل ذلك لمجرد التعويض ،

لا يعقل أنها لم تدرك بعد , كم هي مميزة بالنسبة له ، أن مكانتها في قلبه لا يزلزلها شيء , و أنه يحبها حد الجنون .



رغب علي بشدة في الذهاب الى هناك ، و اخبارها أن كل كلمة قالتها الطبيبة صحيحة ، و أكثر منها مائة بل ألف مرة ،

لكنه تراجع بمرارة فلا فائدة , من الضغط على ملك الآن و هي مريضة ، هو سيحصل على فرصته لاحقا ,

آملا أن تتوقف الظروف عن التدخل بينهما , ففي كل مرة يقرر فيها حسم الأمر يحصل ما يفرقهما ,
و كأن قدرهما أن يتخبطا في هذا الانفصال لوقت طويل .




برؤية حالة الإنكار التي تعيشها ملك أكملت الطبيبة

" ربما , قد تكونين محقة سيدتي ,

لكن هل تعرفين أن الجراح , الذي أجرى لك العملية ،
السيد استقدمه من الرياض بالطائرة ؟

المشفى هنا بإمكانيات جبارة ، لو كان زوجك فعلا يقوم بذلك , من باب الواجب و بدافع الشعور بالذنب ، لكان غادر مباشرة و تركك للأطباء ليقوموا بعملهم ,

لم يكن ليكلف نفسه عناء جلب طبيب أفضل , و ما كان ليلازمك في غرفة الانعاش ليومين ،
و هي سابقة في تاريخ المشفى , حيث لا يسمح لغير الأطباء , و العاملين هنا بالتواجد مع المرضى "



لم تجد ملك بما تجيب سوى أن طأطأت رأسها , ليغطي شعرها وجهها كأفضل ساتر لمشاعرها , ثم تمتمت و هي تداعب غطاءها

" أنت لا تعرفين كيف بدأت علاقتنا ، لذلك أنت تصفين المشهد الذي ترينه , و ليس الواقع الذي أعيش فيه "

بدا الحزن و الشجن في كلمات ملك , و كأنها تتمنى ألا تكون حقيقية و أن يخيب ظنها ,
و لكن هذا الواقع بالنسبة لها , و هي لن توهم نفسها بأمور خيالية .



ابتسمت الطبيبة مجددا , من التجاهل الذي تعيشه مريضتها , و مدت ديها لترفع وجهها ناحيتها ,
و سرعان ما حدقت ملك اليها , بعينيها العسليتين الفضوليتين

" أنا لم أحضر الانطلاق صحيح , لكن بامكاني رؤية خط النهاية بوضوح "


قطبت ملك جبينها لا تفهم قصدها , لتصدمها انصاف متقصدة

" سيدتي أنا طبيبة نفسية , أعمل منذ سنوات طويلة , رغم أنني رأيت الكثير من الأمثلة , عن المشاعر الزائفة و التمثيل , و التي أصبحت أكتشفها بسهولة ,

إلا أنني لم أر يوما رجلا يفرح , لأن طبيبة أخبرته أن زوجته , لا تزال عذراء غير زوجك "



ملك "...."

علي "...."



بعد مرور الصدمة الأولية , سألت ملك باندهاش

" كيف عرفت ؟ "



و أجابت الطبيبة ببساطة

" حسنا هم تركوا لي مهمة اعلامك بالأمر , بما أنها ستشكل عبئا نفسيا عليك ,

فبعد العملية قالت الشرطة أنهم بحاجة , الى تقرير اعتداء من طرف طبيبة نسائية ,
و لأنك كنت في غيبوبة , فإن السيد وافق نيابة عنك ,

حسنا بعد أن كاد يطلق علينا النار , كان عليك رؤية وجهه الغاضب , و هو يقف أمام غرفتك و يصيح بشكل مرعب

" لن يلمسها أحد على جثتي " "

حكت انصاف رأسها , و قامت بتقليد علي بطريقة هزلية , دون أن تدرك أنه يراقبها .



ملك "...."

" يا الهي ما كل هذا الاحراج "

همست بينها و بين نفسها , و وضعت وجهها بين يديها .



لتكمل الطبيبة فكرتها دون التأثر باحراجها

" طبعا و لله الحمد كان الفحص جيدا , لكن الطبيبة كارول كانت تشعر بالحرج ,
لاخباره بالأمر هكذا بطريقة مباشرة ,

فأي رجل يعتز بنفسه , و يمتلك أنفة السيد علي و كبرياءه , كان يمكن أن يخنق الطبيبة لمجرد التلميح لذلك "




" و ماذا حصل ؟ "

تمكن الفضول من ملك , التي حدقت إليها بعينين متسعتين , لتسارع المرأة لارضاء تساؤلها

" لم أر يوما رجلا سعيدا , كما رأيت السيد ذلك اليوم , لأول مرة في حياتي , أراه يضحك حد القهقهة ,

بيني و بينك كان يبدو وسيما جدا "



توردت وجنتا ملك من المغازلة الصريحة , للطبيبة المجنونة اتجاه علي , و التي سارعت للسؤال

" أتعرفين لماذا ؟ "



هزت ملك رأسها بالنفي , و قد تشوش تفكيرها بسبب وابل التحاليل هذا , و ردت الطبيبة بكل جدية

" لأنك بالنسبة له فوق كل اعتبار , و أولوية تأتي قبل نفسه , لذلك فسلامتك و راحتك أهم من اعتزازه بنفسه ,

و الرجل خاصة العربي , لا يمنح هذا الامتياز , إلا لأمه و المرأة التي يحبها ,
في رأيي أنت بهذا القدر في حياته "





لم تجد ملك بما ترد على المرأة , التي تجري تحليلا نفسيا , أقل ما يقال عنه دقيق و مبهر
و تتحدث بكل ثقة عن أمور , لا تزال غامضة بالنسبة لها , و لم تجد الا أن اكتفت بالصمت .


لكن الطبيبة لم تنته منها بعد لتسأل بجرأة

" طيب سيدة ملك سؤال بسيط يحيرني , الآن بما أنك تقولين أن ما بينكما , امتنان من جهته و لا شيء من جهتك

لم تقدمت اذا و أخذت الرصاصة عنه ؟ "



عبست ملك بتذكر الأمر , هي كانت في حصة سابقة , قد أفضت لانصاف بكل التفاصيل الدقيقة , عن كل ما حصل معها أثناء الاحتجاز ,

حتى بعض الأمور التي خجلت , من ذكرها أمام علي و المحققين ,
كاجبار الخاطفين لها على استعمال علبة قصديرية , كحمام متنقل من أجل احتياجاتها الطبيعية ,

و اضطرارها للاغفاء جالسة على الكرسي , بعدما رفضوا فك قيودها ,
حتى أنها وشت لها , بما فعله الشاب الذي تحرش بها , و قد كانت ممتنة جدا , لأنها وجدت آذانا صاغية كانصاف ,

و من بين ما ذكرته لها , تفاصيل تلك اللحظات المرعبة , التي سبقت اطلاق النار على علي بغية قتله ,

و الطبيبة كانت تدون ذلك دون تعليق , تاركة لها المجال للبوح , بما قد يتحول الى عقدة نفسية , و اضطراب عقلي في المستقبل ,
لكنها ذكرتها الآن و قد وجدت فائدة لها أخيرا .



أخذت ملك فاصلا , تفكر في الجواب الذي لم يتأخر كثيرا

" لم أرده أن يموت "


ابتسم علي باشراق من الطرف الآخر , و قد لامست لهجتها المستنكرة قلبه ,
فلطالما اعتقد أنها لا ترغب , الا في رؤيته ميتا بعدما فعله معها , لكنها لن تكون ملك ان تمنت ذلك .



" لماذا ؟ "

غاصت انصاف أكثر لتفهم غياهب عقلها , و هي ترى مدى الانكار الذي تغرق فيه ,

و كما توقعت سارعت ملك لوضع الحاجز الحجري , الذي تختبئ خلفه كلما تعلق الأمر بمشاعرها المبهمة ,

أشاحت بعينيها لتركز ناحية الباب , دون أن تدرك أنها تبحث عن أمر ما ,
ثم أجابتها بمنتهى الهدوء

" ليس هناك انسان يستحق الموت "



و سارعت انصاف الى مهاجمة دفاعها

" لكن بهجت مات هناك , أليس انسانا أيضا ؟
أو لأنه وضع في حالة اختيار , بينه و بين زوجك فقد استحق الموت "



قطبت ملك جبينها و دلكته بيدها , و قد بدأت بوادر صداع تداهمها , أمر يحصل كلما ضغطت على نفسها , في التفكير في أمر يزعجها ,


و لم تجد الطبيبة الا أن وضعت يدها على كتفها لتضيف

" حسنا ملك سنتوقف هنا اليوم , لكنني سأطرح عليك سؤالا أخيرا ,
لا أريد سماع اجابته منك جهرا ,

أجيبي عليه بينك و بين نفسك , و حاولي ألا تكوني متزمتة , لعقلانيتك التي تقسي قلبك

لو كان علي شخصا آخر , هل كنت ستفعلين ما فعلت ؟

أو بالأحرى كم شخصا في حياتك ,
قد تتقدمين دون تردد , و تأخذين عنهم رصاصة قاتلة ؟ "



بعد أن أنهت ما تريد قوله , استأذنت انصاف للمغادرة , تاركة ملك في صدمتها , و وعدتها أن تمر في الغد لرؤيتها ,

و قد أصبحت ملك أحد التحديات , التي تواجهها بشخصيتها المعقدة , المتصلبة و المفتقدة للمرونة ,
و التي تظهر بسيطة جدا للعيان ,


كانت الطبيبة منبهرة من قدرة ملك , على تحكيم عقلها في أكثر لحظات حياتها ضعفا ,
فهي أكثر انسان واقعي , قابلته طوال سنوات عملها ,

واقعية تحشرها بين لونين لا ثالث لهما في حياتها , أبيض أو أسود دون منطقة وسطى , أو تدرج في المشاعر أو المواقف لدرجة مخيفة ,




فلكل شخص مهما كانت صلابته أحلام لاواقعية , قد يحبسها أو يحاول تحقيقها حسب شخصيته ,
لكن ملك تكبح جماحها بطريقة متسلطة , و كأنها تخاف أن تعيشها أو حتى تتخيلها ,

أو بالأحرى ملك تعيش ما تسميه
" حساسية عاطفية ضعيفة "

فرغم أن معامل ذكائها العام , مرتفع نسبة الى غيرها من البشر , الا أن معامل ادراكها العاطفي متدن جدا , و التي تخص علي بالذات بشكل مبالغ فيه ,

الأمر الذي ترجؤه انصاف الى صدمة نفسية , تعرضت لها من جهته , و هو ما لمحت ملك له عدة مرات , عن علاقتها غير العادية مع علي ,

فهي لا تدرك ما يشعر به الرجل أمامها , الا اذا قال ذلك مباشرة و صراحة , لأنها لا تفهم الاشارات و التلميحات التي يصدرها ,
و بالتالي سيعاني معها ذلك المسكين , حتى يقنعها بمشاعره و يضمن تجاوبها معه .



استخلصت الطبيبة آخر ملاحظاتها التي دونتها , على اللوح الالكتروني أثناء مغادرتها ,
و قد بدأت تشعر من الآن بالشفقة على الرجل , الذي أصيب بذبحة صدرية , من أجل امرأة تعتقد أنه ممتن لها ,


و لولا أنها تدرك حدود صلاحياتها , و خطوطها الحمراء حيال التدخل , في الحياة الخاصة لمرضاها ,
لكانت جرت علي من أذنه , و جعلته يقول ما يشعر به بلسانه , قبل أن تضيع فرصته مع ملك ,

فيما يبدو أن الرجل هو الآخر يعاني مشكلا عويصا , يتمثل في جبنه من قول ما يشعر به ,
خشية التعرض للرفض الذي يثير ذعره , نظرا للشق النرجسي في شخصيته ,

و قد التقى النقيضان في علاقة مجنونة , قد تصبح مستحيلة ان استمرا فيما يفعلانه .



.
.



تشوش عقل ملك أكثر بسماع السؤال الأخير , راقبت انصاف تغادر تاركة اياها لحيرتها ,
و كعادتها حاولت تخذير ادراكها بأن أجابت بنعم ,

و أنها كانت ستفعل ذلك , مهما كان الشخص المعرض للخطر , لتشعر ببعض الراحة و الأمان , و هي تخيب ظن الطبيبة المتفلسفة .


في المقابل و بمعرفة كل تلك الأمور الخفية , شعرت ملك بغبطة عارمة , هي في الأخير امرأة حساسة ، و علي ليس مجرد رجل عادي ,

أي أنثى لن تبتهج لأن رجلا مثله , يهتم لأمرها و يقدرها بهذا الشكل الذي وصفته الطبيبة ,
حتى لو كان عدوا لها منذ أشهر قريبة ؟





في الطرف الآخر كان علي مسرورا جدا , لأن أحدهم ساعده أخيرا ، على اذابة بعض الجليد من قلب ملك , و ازالة الغشاوة من على عينيها ,
خاصة أنه و لأول مرة , يسمع رأي الآخرين فيه , بهذه الصراحة و دون بروتوكولات ,

صحيح انه يعارض أن ينوب عنه أحدهم , في البوح بما يختلج به صدره , لكنه كان ممتنا جدا للطبيبة بسبب احترافيتها ,
في معالجة المشكلة التي يعاني منها منذ شهور , ألا و هي بلادة ملك العاطفية , التي لا يستطيع فك شفراتها


و قد كان الفضول و الترقب يتآكله , لسماع اجابة ملك علنا عن ذلك السؤال الثمين ,
على الأقل يعرف بما تشعر به تلك العنيدة , التي تختطف قلبه دون رحمة , و تمهد له الطريق لاعترافه المؤجل بمشاعره ,



دون تردد حمل علي هاتف المشفى , و اتصل على المدير هناك ليخبره آخر تعليماته

" الطبيبة النفسية التي تشرف على حالة زوجتي ضاعف مرتبها ,
منذ اليوم هي لديها حصانة من طرفي "



المدير "...."

رغم دهشته لم يجد الرجل بما يرد غير الانصياع للأمر .





قلبت ملك كل ما قالته الطبيبة في رأسها بعدما انصرفت , و هي لا تعرف بما يجب أن تشعر ,
أو بما يجب أن ترد على كل تلك الاحتمالات


مما تعرفه علي رجل مقدام لا يخشى شيئا , فقد رأته يعبر مرارا عن رأيه , بكل قسوة و دون تردد لدرجة الايلام ,
و دون اكتراث لردة فعل من أمامه , لذلك و إن كان كما تقول الطبيبة

" لم لم يقل شيئا إذا ؟

لم يكتفي بالأفعال دون أقوال ؟
و لم لا يصارحها مباشرة عن مشاعره المزعومة ؟

و هي ما الذي يجب أن ترد به , إن اتضح أن كل هذا حقيقي , و ليست مجرد افتراضات ؟

من جهة أخرى مالذي يشعر به قلبها ناحية علي حاليا ؟
هي لا فكرة لديها عنه .

هل يمكن أن تقبل به إن هو بادر ,
أو عليها أن تصده لأن الأمر مستحيل ؟ "



لأول مرة تجد ملك نفسها , تتخبط وسط كل هذه الاحتمالات المجنونة , التي لا تعرف ماذا يجب أن تفعل بشأنها ,
لكنها قررت ترك الأمر للوقت , ستنتظر و تراقب و هو كفيل بكشف الحقائق ,

و الشيء الوحيد الذي هي متأكدة منه , أن علي لم يعد عدوها اللدود ,
هو اختفى من هذه الخانة منذ مدة , و لكنها لا تعرف بعد أين استقر أخيرا ,


لطالما كانت علاقاتها بسيطة مع من حولها , دون وجود أشخاص يبغضونها , فالكل تقريبا يودها و يحترمها ,
و هي تنأى بنفسها عمن لا يريد علاقة معها , و تعتبرهم غير موجودين في مجالها ,


أما بالنسبة لعلي فحالته شاذة , فرغم كل الجذب و الاهتزازات التي حصلت بينهما , الا أنه فرض وجوده في حياتها ,
و لم تستطع اقصاءه مهما حاولت , و الآن لا تعرف ما مصير هذه العلاقة , التي لا تجد لها اسما يعرفها .



.
.



في الغد بعد مرور الطبيب , و إنهائه الفحص اليومي , أعلم ملك أن بإمكانها الخروج مما أسعدها كثيرا ,
رغم عدم تعافيها تماما , الا أنه وافق على خروجها ,

خاصة أن علي أبدى رغبته في المغادرة , و إبعاد ملك عن جو المشفى الكئيب , و تمكينها من قضاء فترة نقاهتها براحة أكبر ,
و قد سئم هو الآخر , الاستلقاء في السرير دون فائدة .



بعد اعطاء بعض النصائح , تمنى لها الطبيب الشفاء العاجل , و تركها مع ممرضتين لتساعداها ,على تغيير ملابسها و جمع أغراضها .

أثناء ذلك دخل آخر شخص , توقعت ملك رؤيته هنا , بعدما تجاهلها لأيام دون أن ترى وجهه , ها هو علي يلج الغرفة بخطوات واثقة ,

يرتدي بدلة بأناقته المعهودة , و يبدو بخير رغم الإجهاد الظاهر على ملامحه .



بمجرد أن وقعت عيناه على ملك ابتسم و ألقى التحية

" صباح الخير "




أشاحت ملك بوجهها سريعا متجنبة الرد عليه , و تظاهرت بانشغالها مع أزرار المنامة ,
في اعلان منها عن امتعاضها , من تصرفه غير المبرر بمقاطعته لها لأيام .


لكن علي لم يتذمر من حنقها الطفولي , بل اكتفى بالتقدم و تقبيل جبينها كما تعود كل ليلة
هو لا يمكنه أن يلومها بسبب استيائها منه , ففي النهاية هو فعل ما يجنبها الألم , باخفائه أمر مرضه عنها , دون أن يشرح دوافعه ,

و منذ متى يكلف المتسلط نفسه عناء قول تبريرات ؟




رغم تفاجئها بالأمر و الحرج الذي سببه لها , الا أن ملك لم تعلق خاصة بوجود ممرضتين , و الطبيبة النفسية التي أتت لتوديعها ,

و اعتبرته عرضا علنيا آخر , من أجل الأعين المراقبة , و ليس نابعا من قلبه , خاصة بعدما رمقتها هذه الأخيرة بنظرة معبرة تقول

" ألم أخبرك ؟ "



لم يتأثر علي بتجاهلها له , و سأل كعادته عن حالها بكل اهتمام

" هل أنت بخير ؟ "



هزت ملك رأسها ايجابا , دون أن تنظر ناحيته و همست باقتضاب

" بخير الحمد لله "

ليساعدها بعد ذلك للجلوس على الكرسي المتحرك استعدادا للمغادرة .





بعد توديع الجميع نزل الاثنان الى المرآب , حيث كانت تنتظرهم السيارة مع سائقها , بمجرد أن رأته ملك حتى تذكرت ابراهيم مجددا ,

بعد أن ساعدها علي على الركوب , و عدل جلستها داخل السيارة في الكرسي الخلفي , سارعت ملك للسؤال

" عم ابراهيم كيف حاله ؟ "



نظر اليها علي بحب , متعجبا من قدرتها على الاهتمام , بأمر كل من حولها , فيما هي من يستحق الرعاية ,

ابتسم بعدها و أجاب

" بخير يتعافى سريعا من العملية التي خضع لها "



" الحمد لله "

هزت ملك رأسها معربة عن رضاها .



بعد أن تأكد علي من ارتياحها في جلستها , سارع للركوب هو الآخر الى جانبها , و قاد السائق على مهله للعودة الى البيت .



أثناء الطريق التزم الاثنان الصمت , كانت ملك تحدق الى الخارج , و كأنها تكتشف المدينة مجددا ,

كانت تفكر لو أن الرصاصة أخطأت المكان , لكانت الآن ترقد تحت التراب , لذلك هي ممتنة لأن الله منحها فرصة جديدة للحياة ,

و لأول مرة منذ وصلت الى هنا , تشعر أنها ذاهبة الى بيتها الذي اشتاقت له كثيرا .



الى جانبها كان علي يتظاهر بالانشغال بهاتفه , لكنه كان يركز على ملامح ملك و تغيراتها , خشية أن تكون متألمة و لا تخبره شيئا , لكن الهدوء الذي كان يعلو وجهها أشعره بالرضا .



بمجرد أن توقفت السيارة أمام باب البيت , نزل علي و اتجه ناحية باب ملك , الذي فتحه السائق و تنحى جانبا ,

ما إن وضعت ملك قدمها الأولى , على الأرض محاولة النزول بحرص , حتى وجدت نفسها ترتفع في السماء مجددا ,

و في رمشة عين كان علي يحملها بين ذراعيه , و يصعد الدرج المؤدي الى المدخل بخطى ثابتة .



صرخت ملك برعب لأن الأمر فاجأها , لكنها سرعان ما طوقت رقبته بيديها , من أجل حفظ توازنها و عدم الوقوع أرضا ,

و سارعت للاعتراض همسا , في أذن الرجل المجنون , و هي تحدق يمينا و يسارا

" ما الذي تفعله ؟ أنزلني أستطيع المشي وحدي "



" أعلم لكن هذا أفضل "

كان رده سريعا و جاهزا , و كالعادة علي لا يطلب الإذن تفاديا للمعارضة ,
و يقوم بما يريده مباشرة , و قد أدرك مؤخرا أن ملك لا تتماشى , إلا مع سياسة الأمر الواقع .





استمرت ملك تنهره بصوت منخفض و محرج

" سأشعر بارتياح أكبر اذا تركتني أدخل وحدي "

همست مجددا له بامتعاض واضح , لكن علي شدها أكثر الى حضنه , و استمر في المشي بخطى سريعة و ثابتة .

ليكون رده أكثر تسلطا

" أعلم , و لكن هكذا أنا مرتاح أكثر "

"...."



استسلمت ملك أخيرا بتأفف , و توقفت عن التحرك خشية أن يفلتها هذا المتسلط , لكنها كانت تشعر بالحرج الشديد ,

ليس فقط لأن علي يحملها بهذه الطريقة الحميمة , تحت أعين الخدم الفضولية دون أثر لفاطمة ,

لكن لأنها لم تكن تستحم , بطريقة كاملة خلال الأيام الماضية , حيث كانت الممرضات تساعدنها للاغتسال يوميا , و لم تغسل شعرها منذ يومين ,

و هي تعرف كم أن هذا الرجل مهووس بالنظافة , ان التقط أنفه أية رائحة , لن يوقف لسانه السليط شيء ,
و اذا حصل ذلك عليها أن تبحث , عن حفرة لتدفن فيها نفسها .

بتذكر ذلك سارعت ملك و أطلقت عنقه ثم ابتعدت قليلا عنه , على أمل أن يتعب , و يضعها أرضا في أقرب فرصة .



لكن علي تفطن لما تحاول فعله , و أرخى يديه قليلا حتى أوهمها , أنه على وشك افلاتها لتقع أرضا ,

فسارعت إلى احتضانه مجددا , بعدما أطلقت صرخة فزع أخرى ,
ثم تنهدت بتذمر تحت أنظاره المستمتعة , و هي ترمقه بنظرة تأنيب .



ابتسم علي لرؤية ذلك و همس في أذنها

" لا تقلقي رائحتك دائما زكية تماما كالأطفال "

و أخذ نفسا من شعرها ليثبت وجهة نظره .



نظرت إليه ملك بعينين مندهشتين , و هي لا تصدق أنه فهم , ما كانت بصدد فعله , لا يعقل كم أن هذا الرجل , يعرف ما تفكر فيه قبل قوله ,

احتقن وجهها بسبب الإحراج , و اكتفت بأن غرست رأسها في صدره , متجنبة نظراته الغريبة المربكة , الى أن تصل الى غرفتها ملجئها الآمن ,

لكنها تفاجأت به بعد دقائق , يصعد الدرج متجها إلى الطابق الثاني , بدل الاتجاه إلى رواق الخدم , و سارعت للاستفسار و هي تشير بيدها

" إلى أين نذهب ؟ غرفتي في الاتجاه الآخر "




" أعرف و لكنك لن تقيمي فيها "

سارع علي للشرح , و سارعت ملك للاعتراض

" لكنني أرتاح في غرفتي , لا أريد الانتقال إلى غرفة أخرى "



أخذ علي نفسا عميقا , دون أن يتوقف أو يغير اتجاهه و أجابها

" غرفتك ضيقة لا تصلها أشعة الشمس كفاية , إضافة إلى الضوضاء في الباحة ,

أريدك أن تشعري بالراحة إلى أن تتعافي , بعدها ستعودين الى غرفتك أعدك "

رد علي بكل هدوء و كأنه أمر واقع .





" أية ضوضاء ؟
ليس هناك سوى عم صالح في الحديقة "

حاولت مرة أخرى اقناعه دون جدوى , فلم يجبها علي هذه المرة ، و لم تجد ملك غير الانصياع لقراره .

هي تعلم أنه لن يأخذها إلى هناك مهما أصرت , اضافة إلى أنها متعبة جدا ، و ليست قادرة على جداله ،
لذلك لا بأس ستبقى ليوم أو يومين , ثم تعود إلى غرفتها دون استئذانه .



بمجرد أن قررت ملك الامتثال , حتى شعرت بالدهشة مجددا , حينما أدركت أنه يتجه ناحية غرفته

" لم نحن هنا ؟ "

سألت بتوجس و هما يلجان الباب .

هي اعتقدت أنه سيجعلها تقيم ، في أحد الغرف الكثيرة المريحة هنا , و لم تفهم لم قصدا غرفته .



لكن علي أجاب بكل بساطة

" لأنك ستقيمين هنا , غرفتي هي الأفضل في البيت كله ,
و لن أقبل أية مناقشة حتى تتعافي "



بمجرد أن فتحت ملك فمها تريد الاعتراض , حتى كان علي يقف أمام سريره و يضعها برفق عليه , لتتذمر هي و تبدأ بمحاولة المغادرة فورا

" لكن .. "



وضع علي يديه على كتفيها لمنعها , ثم انحنى عليها و هدد كعادته

" إن أردت أعطيك غرفة أخرى ,

لكن هذا لن يغير من واقع , أنني سأقيم معك فيها الى أن تتعافي , كلام نهائي "





عبست ملك من تحكمه و رمقته بنظرة منزعجة , ثم جلست بعدم راحة على طرف السرير ,
و كأنه مزروع بالشوك , أو أنه سيبتلعها في أية لحظة .


" ابنتي حمدا لله على عودتك بالسلامة "

ظهرت فاطمة أخيرا بوجهها البشوش , و التي خرجت من باب جانبي هناك ,
فيما يبدو أنها كانت متواجدة عند وصولهما .


" شكرا خالة اشتقت لكم كثيرا "

احتضنتها ملك لثوان قبل أن تطلقها , و تعود الى ما كانت تفعله .




بمغادرة المرأة حدقت ملك في الأرجاء , الى الغرفة التي كانت فيها مرتين فقط سابقا و لدقائق قليلة , و طردت منها في آخر مرة بطريقة سيئة ,
حينما كانت تساعد المجنون على الاعتناء بحرقه ,

و كالعادة كانت تبدو كجناح فخم , مع كثير من السواد في كل مكان .

في المقابل كان علي يقف قبالتها يراقب ملامحها , منتظرا ما تريد قوله بعد , هو يعرفها جيدا حتى يدرك أنها , لن تستسلم له بسهولة ليفعل ما يريد .



بعد دقائق من الصمت المريب , رفعت ملك عينيها ناحية علي , و كأنها على وشك أن تطلب شيئا

" ماذا تريدين ؟ "

استبق ترددها و سأل واضعا يديه على خصره بتأهب .



عضت ملك على شفتها السفلى , و أجابت بحرج بصوت هامس

" أريد أخذ دش دافئ "




قطب علي جبينه باستياء و اعترض

" هل تستطيعين القيام بجهد كبير كالاستحمام ؟
الطبيب قال أن تتوخي الحذر "



أومأت ملك برأسها و بدأت في استعطافه

" أريد دشا في أقرب وقت , لا أستطيع البقاء هكذا أرجوك "

هي بالكاد تتحمل ملابسها التي تعبق برائحة الأدوية , و لا ترغب الا في دعك جلدها حتى تزيلها .


وافق علي بعد تردد لدقائق , هو لا يستطيع رفض هذه النظرة المتوسلة

" حسنا اذا لا بأس , ستأتي فاطمة و الخادمات لمساعدتك "



وافقت ملك على اقتراحه بابتسامة , و لكنها بقيت تحدق إليه كطفل يريد أمرا ملحا

" ماذا تريدين بعد ؟ "

سأل علي بصوت هادئ , و هو يعدل شعرها خلف أذنها ,

هو يعرف أن ملك غير متطلبة , و لو أنه لا يسأل مباشرة , هي لن تطلب شيئا من تلقاء نفسها .



بلعت ملك ريقها بعناء , و أشاحت بوجهها إلى الجهة الأخرى

" امم بالنسبة للحمام أليس هناك .. ؟ "



بعد دقيقتين فهم علي قصدها , انحنى عليها و همس لها بنبرة ساخرة

" حمامي ليس به كاميرات لا داعي للقلق ،
ثم أنا لست منحرفا إلى هذه الدرجة "



طأطأت ملك رأسها بسبب الاحراج مجددا , و لم تقل شيئا ردا عليه , لأن هذا ما كانت قلقة بشأنه فعلا , بعد أن اكتشفت مؤخرا أن حمام مريم مراقب .

اكتفت بعدها بالتزام الصمت , الى أن قدمت فاطمة , مع خادمة أخرى لمساعدتها .



" فاطمة جهزي الحمام لملك و ساعدنها للاستحمام "

طلب علي من مربيته لتقاطعه ملك

" لا داعي لمساعدتي سأكون بخير لوحدي "



كانت ملك تشعر بعدم الراحة , لوجود أحد معها داخل الحمام فيما هي عارية ,
لم يحصل ذلك مسبقا منذ كانت في العاشرة , و والدتها آخر من كان لها شرف الحضور .



لكن علي رفع حاجبه , و سارع لإظهار امتعاضه

" انسي الأمر اذا لن أقبل أبدا ,
حسنا لن تدخل الخادمة لكن فاطمة بلى , لن أسمح لك بالبقاء هناك لوحدك "



" لكنني فعلا سأكون بخير "

سارعت ملك لاستعطافه مجددا , لكنه قرر أن يكون حازما

" لا قلت لا لن يحدث , اما فاطمة أو أنا لك الاختيار "

"...."



نهرها علي بكل عناد رافضا أي جدال , هو لن يخاطر بتركها هناك وحدها فقد تتأذى , هي حتى لا تقو على الوقوف على رجليها باتزان , دون أن تستند على شيء ,

رغم أنها تكابر حتى لا تظهر بمظهر الضعيفة , الا أنه يعرف أن العمليتين اللتين خضعت لهما أنهكتاها , و لن يسمح لها بايذاء نفسها بسبب عنادها .



احتقن وجه ملك بعدما قاله , هي تعلم مدى جديته و جنونه , و إن هي لم تسمح لفاطمة بالدخول , هي متأكدة أنه سيحممها بيديه ,

لذلك لم تجد مفرا من الموافقة على مضض , و هي ترمقه بنظرات حاقدة .

" حسنا خالة فاطمة فقط "



لم يعر علي تذمرها اهتماما و ابتسم برضا , ثم استدار و دخل إلى خزانة ملابسه ، ليعود سريعا يحمل كيسا في يده ,
جلس الى جانبها على السرير , و هي تراقبه بعينيها المستغربتين


" ارفعي القميص لنغطي الجرح "

خاطبها و هو يفتح علبة بين أصابعه .



" ما هذا ؟ "

سألت ملك مشيرة لما يمسكه و أجابها علي

" كيس خاص لتغطية الجرح أثناء الاستحمام , جلال قال أنك تحتاجينه ,
لا يجب أن يتبلل الجرح , هيا ارفعي القميص سأضعه لك "



ترددت ملك قليلا قبل أن تمد يدها , و ترفع طرف القميص قليلا كاشفة عن الضمادة , و سارعت للاشاحة بوجهها الى الجهة الأخرى , فهي لن تستطيع وضعه بمفردها على كل حال .




بمجرد أن وقعت عيناه على الضمادة , قطب علي جبينه استياءا , بسبب المساحة التي يحتلها الجرح , و هو يراه لأول مرة ,

كان يبدو كبيرا أكثر مما توقع , يمتد طوليا من تحت الأضلاع إلى أسفل البطن , أكيد سيترك أثرا لن يزول أبدا ,

رغم امتعاضه الا أنه سارع , لوضع غطاء الضمادة دون تعليق , لن يسمح أبدا أن تشعر ملك بالنقص , بسبب ردة فعل من طرفه ,

إذا كانت للندبة دلالة ما , فهي حياته التي يدين لها بها , و كل ما يرغب في فعله الآن , هو أن يحتضنها و يخبرها , أنها ستكون جميلة في كل الأحوال .




" هل هو كبير ؟ "

سألت ملك بصوت هامس , و رفع علي عينيه السوداوين ناحيتها بتشوش ,
لتكرر سؤالها المبهم و هي تحدق اليه

" الجرح يبدو كبيرا و بشعا صحيح ؟ "

" ألم تريه ؟ "

" لا "

أجابت بالنفي و قد ارتجف قلب علي لرؤية ذلك .

ملك و رغم تعودها على رؤية أكثر الندوب بشاعة , الا أنها جبنت لالقاء نظرة على جرحها و كأنها تخاف منظره .



أخذ علي نفسا عميقا , و قد أدرك فيما تفكر ليجيبها , و هو منهمك في تثبيت الغطاء

" ليس كبيرا كفاية لتشويه جمالك , ليس عليك أن تقلقي بشأنه "



تفاجأت ملك لرده الذي قاله بطريقة طبيعية , لتسأله أمرا يشغل بالها منذ مدة طويلة , أو بالأحرى منذ رأته أول مرة

" هل غيرت رأيك ؟ "



قطب علي جبينه و قد شعر بالتوتر , لسماع أسئلتها الغريبة اليوم , و كأنها تعاني من خطب ما

" ماذا تقصدين ؟ "


جالت ملك بنظراتها على تعابيره , محاولة استبيان صدقه لتضيف

" قلت سابقا أنك لا تراني جميلة ,
هل غيرت رأيك ؟ "



صدمت كلماتها علي الذي اتسعت عيناه , و ترك ما كان بصدد فعله ,
قبل أن يتجهم وجهه و يتنهد بصوت مسموع

" اسمعيني ملك أنا لم أقصد ما قلته حينها "


" لكنك كررته أكثر من مرة "

ذكرته بما حصل مجددا


برؤية تأثرها أدرك علي الآن فقط , أنه قال و فعل الكثير من الأمور السلبية , التي تركت أثرها في ذاكرة هذه المرأة أمامه ,
و لسوء حظه ملك تتذكر كل تفاصيلها , فيما لا يذكر هو معظم , ما قاله أثناء نوبات غضبه ,


يبدو أن عليه اجراء جرد دقيق لكل ما بدر منه , و الاعتذار عنها واحدة واحدة , حتى يصفي قلبها من ناحيته ,


في المقابل ملك لم تنسى يوما , نظرته الدونية و المستهزئة لها , و لا رأيه المقلل من شأن جمالها , و الذي أوصله لها في مناسبات كثيرة ,

ابتداءا من لقائهما في المشفى , حينما قال أنه يعتز بنظافته الشخصية , و أنه يعاف لمسها و لا يريد وجودها قربه ,
وصولا الى ثورته في صالون التجميل , و رفضه مرافقتها له الى العشاء , بمظهرها الذي أثار امتعاضه

حتى أنه وصف ابتسامتها مرة بالغبية و البلهاء , ليكون أول رجل يهز ثقتها بجمالها , الذي لطالما أبدى الآخرون اطراءهم بخصوصه .





حك علي رقبته بحرج بالغ , و قد اكتشف تورطه في انفلات لسانه السليط , ليحاول ترقيع ما يستطيع ترقيعه


" اسمعيني ملك , أحيانا نقول أشياء لا نعنيها , ربما لأننا نراها بطريقة خاطئة ,

أو أن قول الحقيقة يزعجنا فنتجنبها بقلبها , أو أننا نتعمد استفزاز من يقف أمامنا و ازعاجه ,

أنا لا أقصد حرفيا كل ما أقوله , لذلك لا تأخذي كل كلامي على محمل الجد "




رمشت ملك مرتين بحيرة , و كأنها لا تستوعب تصريحه لتصدمه مجددا

" لكنك معقد جدا , و أنا لا أفهم في أحيان كثيرة جدك من هزلك "




"...."

" تبا كان هذا مؤلما "

علق علي بينه و بين نفسه ليوضح كلامه

" حسنا أنا آسف , من الآن فصاعدا سأعلمك ان كنت أمزح أو أتحدث بجدية ,

و كبداية أنا لم أعن ما قلته عنك , أنت جميلة جدا صدقيني , بل أنت من أجمل النساء اللواتي أعرفهن ,

و اياك أن تشكي للحظة , في الأمر بسببي أو بسبب غيري "



"...."

جاء دور ملك لتشعر بالصدمة من صراحته المباغتة , ليتورد وجهها الى أذنيها بسبب اطرائه المفاجئ , كيف لا و هذا الرجل لا يفتح فمه , الا لينتقد بكل قسوة كل ما يراه , و لا يعجبه العجب العجاب .

بادراك الوضع انحشرت الكلمات في حلقها , و فتحت فمها بدهشة , و قد أسعدتها كلماته لدرجة , انقبضت معها معدتها و تراقص قلبها .



أما بالنسبة لعلي فلم يكن يبالغ , فملك من أجمل النساء اللواتي تعرف عليهن , صحيح أن جمالها الجسدي ليس الأفضل ,
لكنها روحيا تتربع على عرش ملكات جمال العالم , و لن يسمح لنفسه بغبائه بأن تشك في ذلك .



فيما علي يغرق في جلد نفسه لتهوره , سألته ملك سؤالا آخر , و كأن عقدة لسانها فكت أمامه أخيرا

" يعني ذاك اليوم حينما اختطفت , لم تكن تقصد ما قلته "


عبس علي محاولا تذكر ما قاله لها , في لحظات الرعب تلك , قبل أن يدرك عن أية كلمة تستفسر

" حبيبتي "

كانت اللفظ الذي تفوه به عفويا , و الذي صدمها به يومها , ليسارع علي لدحض شكوكها

" لا تلك الكلمة كانت مقصودة "



برؤية الصدمة على ملامحها , و قد أوشك قلبها على التوقف من اعترافه ,
أضاف علي دون أن يستوعب , مصدر جرعة الشجاعة التي حصل عليها

" أنت أصبحت في لائحة أحبتي , اعتقدتك تدركين ذلك بالفعل , و صراحة أنا أ..."




" بني الحمام جاهز "

قاطعت فاطمة حديثهما المحتدم , و الذي أوشك على أن يختتم باعتراف مدو ,

ليحدق الاثنان ناحيتها بملامح مندهشة و وجوه متوردة , جعلتها تخمن فيما كانا يتناقشان بكل هذه الجدية .




" حسنا "

كان علي من بدد الجو المشحون , دنا مجددا من ملك المتصلبة مكانها , و حملها بين يديه الى الداخل متجاهلا اعتراضها , و لم يطلقها إلا و هي داخل الحوض .




" ساعديها إذا حصل أي شيء أنا في الخارج "

طلب علي من فاطمة بلهجة جادة , ليغادر بعدها و يغلق باب الحمام خلفه , ثم عاد أدراجه الى الغرفة .





جلست ملك داخل حوض الاستحمام , و الأفكار تعصف بروحها , مستعيدة كل كلمة قالها المجنون , و محاولة تخمين جملته المقتطعة دون جدوى ,
الا أن ذلك لم يمنعها من الاستمتاع , بالماء الدافيء مع رغوة الصابون ,

لكنها لم تطل الأمر كثيرا ، لأنها كانت تشعر بالوهن , إضافة الى أن اللاصق على الجرح , لا يجب أن يتبلل لوقت طويل ,



بعد أن غسلت شعرها و جسمها , نادت على فاطمة التي كانت تجلس , طوال الوقت مقابل الحائط , بسبب حرج ملك من الجلوس أمامها عارية ,

و طلبت منها أن تناولها ثوب الحمام لتلبسه , لتسارع المرأة لاعطائها واحدا زهري اللون .

لبسته ملك دون تعليق , بعدما ربطت الحزام بحذر , وضعت منشفة على شعرها , ثم تحركت ببطء للمغادرة ,

لكنها بمجرد أن رفعت رجلها للخروج من الحوض , حتى شعرت بألم شديد في مكان الجرح , الذي بدا و كأن عقده فكت بسبب الحركة ,

صرخت ملك بشدة و تمسكت بفاطمة , و قد تجمدت مكانها لا تقو على التحرك بسبب الألم .





خلال ثلاث ثوان , كان علي يفتح باب الحمام و يدخل مسرعا , و قد علا الشحوب وجهه , معتقدا بأن ملك قد انزلقت ، و سقطت أثناء الاستحمام أو أصيبت بأذى .

ملك "...."

فاطمة "...."



تجاهل علي ملامح الصدمة على وجه المرأتين , خطا بسرعة ناحية ملك , التي حمدت الله لأنها
ارتدت ملابسها , و قبل أن تقول حرفا واحدا , كانت بين يديه يتجهان ناحية السرير مجددا .


برؤية حاله سارعت ملك إلى طمأنته , و قد أخافتها ملامح الرعب التي علت وجهه

" أنا بخير علي , فقط آلمني الجرح قليلا "




وضعها علي بلطف على السرير و رد عليها

" أعلم و لهذا لم أردك أن تكوني هناك وحدك "

هزت ملك رأسها موافقة , لا تريد إثارة قلقه أكثر , و قد أدركت جدية الموقف .



" فاطمة ساعديها على ارتداء ملابسها , سأعود بعد قليل "

غادر علي غرفته للسماح لملك بتغيير ملابسها براحة ,

بدأت فاطمة بمساعدتها كما طلب , و لم تعترض هي هذه المرة ,
لأنها أدركت أنه محق تماما , و هي بحاجة إلى المساعدة فعلا خلال هذه الفترة .



ألبستها فاطمة ثوبا قطنيا أبيض اللون , فضفاضا بعض الشيء يصل الى تحت ركبتيها , مع ملابس داخلية حريرية , و وضعت خفه المصاحب أمام السرير .



راقبت ملك الأغراض باهتمام , و قد كانت ممتنة بسبب الثوب المريح , لأن المنامة التي ألبسوها إياها , كانت تضغط على الجرح , و لم تكن تشعر بالراحة فيها ,

لكنها كانت فضولية بشأن هذه الملابس , التي كانت على قياسها تماما و كأنها فصلت لها

" خالة فاطمة من أين أتت هذه ؟ "

و أشارت الى ما تلبسه .



أجابت المرأة بصراحة

" السيد البارحة اشترى الكثير من هذه الأثواب , بألوان و موديلات مختلفة ,

مع طقم الاستحمام الذي استخدمناه للتو , و الكثير من الأغراض المصاحبة , كالملابس الداخلية و أدوات التجميل "



اندهشت ملك من الأمر , و هي التي اعتقدت أن ذوقه , تغير اتجاه اللون الزهري , حينما رأت ثوب الاستحمام , و قد ظنت أنه يخصه .



" ألم يكن مشغولا بالعمل , لدرجة أنه لم يكن يأتي لزيارتها ؟

كيف وجد وقتا للتبضع اذا و اقتناء كل هذا ؟

و الأهم كيف عرف قياساتها , بهذه الدقة من مجرد النظر ؟

يبدو بأنه محترف فيما يخص النساء "



لم تعرف ملك ان كان عليها , أن تبتهج لاهتمامه الخاص بها , أو تنزعج لأنه محترف تبضع نسائي ,
فأكيد فعل ذلك من أجل الكثيرات , حتى يتقنه الى هذه الدرجة .

بالتفكير في الأمر عبست ملك لا شعوريا .



قاطعت فاطمة شرودها و أضافت

" رتبت كل ما يخصك في الجهة اليسرى من خزانة ملابس علي "

و أشارت الى باب جانبي

" اذا احتجت أي شيء اطلبيني "

لم تجد ملك ما تقوله ، سوى أن تشكرها بابتسامة , و هي تحاول تفادي التفكير , في الحوار الذي دار بينهما قبل استحمامها .





بعد ربع ساعة , عاد علي يحمل شيئا في يده , وضعه على الطاولة الى جانب السرير و خاطب فاطمة

" أحضري الطعام و اسألي ان كانت الممرضة التي طلبتها قد حضرت "

" حاضر بني "

بعد انصراف فاطمة جلس علي خلف ملك , واضعا وسادة في حضنه ، و جعلها تتكئ عليها براحة

" هل أنت مرتاحة هكذا ؟ "

سأل مستغلا حالة الصدمة التي كانت ملك بها , و هي لا تفهم ما الذي يفعله , و اكتفت بهز رأسها ايجابا .



مد بعدها علي يده , و أزال المنشفة التي تضعها على رأسها , و بدأ بتجفيف خصل شعرها المبللة برفق , محاولا ازالة الماء الزائد , و هو يجمعها بأصابعه الى الوراء .



" ما الذي تفعله ؟ "

استفاقت ملك أخيرا لتسأله , و أجاب علي بكل بساطة

" أجفف شعرك ,
الطبيب قال لا يجب أن تمرضي أو تصابي بالزكام , لأن العطس و السعال قد يفتحان الجرح "



و استمر في فعل ما يريده , فيما تسمرت ملك مكانها لا تعرف ماذا تفعل ,
و قد نسيت تماما أمر السؤال ، عن الأغراض الكثيرة التي اقتناها من أجلها .



بعد دقائق وضع علي المنشفة جانبا , حمل مجفف الشعر الذي أحضره في يد , و المشط في اليد الأخرى ثم همس لها

" هذا مجفف شعر رنا , استعرته منها لأن مجفف شعري صغير ,
اذا أحرقك أخبريني "

"...."



لم تفهم ملك بما يجب أن تعلق , و قد بدا الموقف غريبا جدا , لكنها اكتفت بهز رأسها مجددا بالموافقة ,

هي لا تعرف ما الذي دهاه , حتى يتصرف بحميمية معها هكذا , منذ دخولهما إلى هنا , و هو الذي تجاهلها لأيام , لدرجة ظنته نسي أمر وجودها ,

المشكلة أنها لم تكن تشعر بعدم الراحة , و كأنهما متعودين على هذا القرب , و كأنهما فعلا ذلك ألف مرة سابقا ,
و قد بدأ الوضع بالفعل , يثير رعبها لسبب مجهول .





انهمك علي في تجفيف شعر ملك برفق , و أغمضت هي عينيها بسبب شعورها بالدفء , ليس فقط في رأسها , و لكن في قلبها و روحها أيضا ,
فعدا والدتها لم يقم أحد , بتجفيف شعرها بهذه الطريقة سابقا .



أطال علي الأمر قليلا مستمتعا , بملمس شعرها الحريري بين أصابعه , و استنشاق رائحتها الزكية التي اشتاق لها كثيرا ,

و لولا أنه يعرف أنها متعبة تحتاج راحة , لما مانع البقاء هكذا لساعات أخرى .

بعد انتهائه قام علي من مكانه و عدل الوسادة , ثم ساعد ملك على الاستلقاء بوضعية مريحة



" شكرا "

لم تجد غير هذه الكلمة لشكره , على ما يبذله من مجهود معها , جعلها تنسى كل غضبها السابق منه .



" على الرحب "

همس علي لها , و هو يعدل شعرها على الوسادة .



بعد دقائق حضرت فاطمة , تحمل صينية الطعام كما طلب علي , و وضعتها في حجر ملك بحرص

" الممرضة ستصل بعد ساعة "

أعلمت علي الذي أشار لها

" جيد بمجرد وصولها أرسليها الى هنا "



" حاضر بني , كلي جيدا ابنتي عليك أن تتعافي "

" شكرا خالة فاطمة "

شكرتها ملك بلطف , و غادرت بعدها المرأة بهدوء بطلب من علي .



دون استئذان مد علي يده , و رفع الغطاء عن صحن حساء الخضر , أمسك بعدها الملعقة و اغترف منه , قبل أن يقربها الى فم ملك ببطء ,

لم تفهم ملك ما الذي يجري , و بقيت تحدق ناحيته , كمن أنبت قرونا على رأسه ,

لكنها لم تجد بدا من فتح فمها , و تناول الملعقة كطفل صغير بسبب اصراره , و قد بدا جادا جدا فيما يقدم على فعله .


لكن قبل أن يكرر الحركة مجددا , كلمته ملك بصوت منخفض

" لا داعي لكل هذا "



تفاجأ علي بتعليقها و سأل باستغراب

" ماذا ؟ "



أخذت ملك نفسا عميقا , و نظرت الى عينيه بتأثر

" اذا كنت تفعل ذلك , بسبب الشعور بالامتنان أو الذنب ,
لا داعي لذلك "



عبس علي قليلا و رد بامتعاض

" ما الذي تقصدينه ؟ "



لتجيب ملك بصراحة

" أقصد أن ما فعلته مع رنا ليس واجبا ,

و اصابتي ليست ذنبك , لست من حرضهم على خطفي ,

لذلك لا داعي لكل ما تفعله "


قصدت ملك كل هذا الاهتمام المفاجئ , و الدفء الذي يغرقها فيه علي ,
و الذي صارت تخشى التعود عليه , و قد بدا صوتها محبطا لأنه يفعل ذلك كواجب .



شعر هذا الأخير بالانزعاج , لأن المرأة التي يحبها ، و يفعل كل هذا لارضائها و تحسيسها بالراحة , تعتقد أنه يفعل ذلك من باب رد الدين ,

و ما يزعجه أكثر أن يرى عدم ارتياحها , لما يفعله على ملامحها , و هو يعرف أن أكثر ما تكرهه هذه العنيدة هو الشفقة ,

لكنه لا يجد ما يقوله ليقنعها , أن هذا ليس شفقة أو امتنانا بل حبا و حنانا .



حدق علي اليها قليلا بعد ثم قرر تجاهلها , سيناقشها حينما تصبح بخير ,
اغترف مجددا من الصحن , و وضع الملعقة أمام فمها , فيما استمرت ملك بالتحديق اليه .



" لم تفعل ذلك ؟ "

سألت مباشرة و كأنها تطلب منه التوقف عن اهتمامه , الذي أصبح يشوش تفكيرها .



كان علي يريد أن يصرخ بأعلى صوته , و يخبرها أنه يحبها و يخاف فقدانها , أكثر حتى من حياته , أن يعلمها أن ألمها يؤلمه هو مائة مرة ,

لكنه يدرك أن ذلك قد يخيفها , و ستصر على المغادرة و الهرب من أمامه , فهي لا تجيد إلا الفرار ,
و هو لن يستطيع منعها , فيما هي بحاجة لرعايته حاليا , و هو بحاجة للاطمئنان عليها عن قرب .



لكن بدل ذلك سأل بفضول يتآكله منذ أيام

" لم فعلت أنت ذلك ؟ "

" ماذا ؟ "



" لم وقفت بيني و بين الرصاصة , ألم يكن من الأفضل أن أصاب أنا ؟ "

استفسر محاولا سماع اجابة تشفي آلام روحه .



عبست ملك و قد شعرت بألم في قلبها , بالتفكير في الأمر مجددا ,
لأول مرة يتطرق علي لهذا الموضوع أمامها , بعدما ناقشته ذلك اليوم مع الطبيبة ,

و لكنها لا يمكنها أن تقول , ما تفكر فيه بصوت عال , لأنه سيثير سخريته و قد يسيء الفهم ,
و يلقيها من هنا فورا , و يتوقف عن الاهتمام الذي يسعدها ,

إن هي أخبرته أنها تموت ألما , كلما تخيلته غارقا في دمائه , أن قلبها يؤلمها كلما تذكرت ما قاله ذلك الرجل ,

و أن روحها تكاد تفارق جسدها , كلما فكرت بأنها لم تكن لتراه مجددا , لو نجحت الرصاصة في اصابة هدفها ,

فقد يعتقد أنها تحاول التأثير عليه , و ايقاعه في حبائلها من أجل استغلاله , و يبتعد عنها كما كانا مسبقا ,
خاصة أنها بدأت تفكر جدية , أن القطيعة بينهما خلال أيام مرضها , راجعة الى شعوره بالذعر من امكانية تعلقها به .

و هي أفضل من يعرف مقته , للنساء اللواتي تحاولن دخول حياته .


المشكلة أنها هي نفسها , لا تجد تفسيرا لهذا الشعور , هذا ليس تعاطفا و لا شفقة , و هو أكثر من مجرد تعلق ,

هذه مشاعر لم تختبرها يوما , و لا حتى مع والديها و جدها , و الأسوء أنها تخيفها بشدة , لأنها لا تعرف ماهيتها ,
مشاعر تجعلها ترغب باخفاء علي , داخل روحها حتى لا يتأذى .

لكنها لا تجرؤ على قول شيء أمامه , و تعرض نفسها للاحراج و المهانة ,

كيف يمكن أن تشرح له , أنها ذهبت لالقاء نفسها للموت طواعية , من أجل رجل كان يكرهها , أو على الأقل لا يشعر ناحيتها بشيء .



لذلك اكتفت ملك بطأطأة رأسها , و أجابت بأول أمر تبادر على عقلها بصوت هامس

" ليس عليك ذكر الأمر ,
كانت مجرد ردة فعل متسرعة في لحظات مجنونة "

قالت محاولة التقليل من شأن ما حصل .



شعر علي بألم في قلبه هو الآخر , لم يكن الجواب الذي كان ينتظره , رغم أن ملامحها تقول العكس ,

لكنه يعلم كم أن نفس ملك عزيزة , هي لن تعترف أبدا بأية مشاعر مهما كانت قوية ,
دون أن يقول هو شيئا أولا ,


لذلك يكفيه ما يراه من قلق و اهتمام في عينيها , يكفيه رعبها يومها ليعرف بأنها لا تقول كل الحقيقة ,

هو يعرف أنها تخفي أمرا ما , حينما تشيح بوجهها , و تحمر وجنتاها كلما تحدثت اليه .



استمر علي في اطعامها بصمت , حينما هم بتقشير تفاحة من أجلها , دخلت رنا راكضة من الباب باتجاه ملك ,

بالكاد استطاع الجميع اقناعها في الأيام الماضية , أن ملك بخير و لكن لا يمكنها زيارتها , كادت تفقد صفية عقلها بسبب الحاحها لرؤيتها .



بمجرد أن اندفعت الى حضن ملك , حتى وضع علي يده بينهما لتخفيف حدة الارتطام , خشية أن تصيبها مكان الجرح ,


انزعجت رنا من تدخله , و لكنه سارع لمراضاتها

" حبيبتي ماما ملك مريضة , كما أخبرتك لديها جرح في بطنها ,
إذا احتضنتها بشدة سيؤلمها ذلك "



هزت رنا رأسها بتفهم ، و اقتربت ببطء من ملك , التي كانت سعيدة جدا لاحتضانها مجددا ,
و قد علقت ملامحها المرتعبة , من يوم الحادثة في عقلها .

بعد حضن دافيء مطول , تراجعت رنا قليلا الى الوراء , و بدأت تبحث عن أمر ما بعينيها , على السرير و حول الغرفة



" ماذا حبيبتي , هل تريدين شيئا ؟ "

سأل علي و أجابته هي بفضول كبير و عينين متسعتين

" أين البيبي ؟ "



" أي بيبي ؟ "

سأل الاثنان معا باستغراب , و أجابت رنا بكل براءة و لهفة

" البيبي الذي أحضرته ماما ملك , هي كانت في المستشفى , و لديها جرح في بطنها ,
صديقتي جوليا قالت أنه , يجب أن يكون هناك بيبي , تماما مثل والدتها ,
أين هو ؟ "



ملك "...."



علي "...."

















😘💞💞





.....




ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-21, 11:05 PM   #2060

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

[rainbow]
سأراكِ ولو بيننا آلاف السدود

فقد قطعتُ على نفسي الكثير من العهود

حتى لو فرقت بيننا جميع الأوطان

ستكونين لكلِّ نبضةٍ أنتِ العنوان

برائتكِ تعيق مسعاي فلا تفهمين لغة العيون

ولا تسمعين الدقات التي تدوي في صدري بجنون

حبيبتي أنتِ، ملاكي أنا.. أنتِ



خاطرة مهداة إلى علي... من أميرة الساموراي 💖💖💖💖
آه على قلبي منو
[/rainbow]


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:19 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.