آخر 10 مشاركات
ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          91-صعود من الهاوية - بيتي جوردن - ع.ج ( إعادة تصوير )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-21, 07:43 PM   #2611

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي


سلام عليكم
الفصل القادم بعد ساعة من الآن ان شاء الله شكرا لصبركم و حماسكم


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-21, 07:58 PM   #2612

كنوز كنوز
 
الصورة الرمزية كنوز كنوز

? العضوٌ??? » 481077
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 123
?  نُقآطِيْ » كنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond repute
افتراضي

في الانتظار حبيبتي 🎆🎇🎇🎇🎇

كنوز كنوز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-21, 08:29 PM   #2613

marwazaran

? العضوٌ??? » 396806
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 371
?  نُقآطِيْ » marwazaran is on a distinguished road
افتراضي

في الانتظار ان شاء الله

marwazaran غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-21, 09:06 PM   #2614

Rashaa84

? العضوٌ??? » 462129
?  التسِجيلٌ » Feb 2020
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » Rashaa84 is on a distinguished road
افتراضي

بالانتظار وعلى احر من الجمر

Rashaa84 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-21, 09:09 PM   #2615

لاكريسيا

? العضوٌ??? » 464215
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 128
?  نُقآطِيْ » لاكريسيا is on a distinguished road
افتراضي

بالانتظار للفصل المشوق 🥰

لاكريسيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-21, 09:16 PM   #2616

لامار جودت

? العضوٌ??? » 290879
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,601
?  نُقآطِيْ » لامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond repute
افتراضي

منتظرين على نار يا حبيبتي

لامار جودت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-21, 09:21 PM   #2617

mansou

? العضوٌ??? » 397343
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,018
?  مُ?إني » عند احبابي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » mansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond repute
?? ??? ~
«ربّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتي، وَأجِبْ دَعْوَتي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي.»
افتراضي

في الانتظار 💞💞💞💞

mansou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-21, 09:27 PM   #2618

KoToK
 
الصورة الرمزية KoToK

? العضوٌ??? » 113682
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » KoToK has a reputation beyond reputeKoToK has a reputation beyond reputeKoToK has a reputation beyond reputeKoToK has a reputation beyond reputeKoToK has a reputation beyond reputeKoToK has a reputation beyond reputeKoToK has a reputation beyond reputeKoToK has a reputation beyond reputeKoToK has a reputation beyond reputeKoToK has a reputation beyond reputeKoToK has a reputation beyond repute
افتراضي

في الانتظار
مرررك متحمسة 😍😍


KoToK غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-21, 09:30 PM   #2619

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي




البارت الثالث و العشرون بعد المائة أنا أسامحه 💖




" علي تعرض لحادث و حالته خطيرة "

كان كل ما قاله كريم , بملامح متجهمة و نبرة حزينة .



بسماع هذه الكلمات المفجعة , أسقطت ملك الزجاجة التي كانت تمسكها في يدها , اتسعت عيناها عن آخرها و ارتجفت يداها , و لم تعد تقو على الوقوف أو الكلام ,

وهنت ركبتاها و فقدت توازنها فجأة , و لولا أن أيمن و كريم سارعا لمساعدتها , على الجلوس على أقرب كرسي لسقطت أرضا ,



ناولها بعدها أيمن كأس ماء , و حاول مواساتها دون جدوى , لأن ملك لم تستطع منع نفسها من السؤال , و قد ارتجف صوتها بطريقة مثيرة للشفقة

" كيف ذلك ؟ متى حصل هذا ؟
و كيف أن حالته خطيرة ؟ "



تتابعت أسئلتها اليائسة , قبل أن يقاطعها كريم برجاء واضح

" لنذهب أولا سيدتي أرجوك , سأخبرك بما ترغبين في الطريق ,
لا نريد تضييع المزيد من الوقت ,
الطائرة في انتظارنا لتقلنا الى العاصمة "



بسماع ما ردده مجددا عن تضييع الوقت , حدقت اليه ملك بعينين مرتعبتين , جف حلقها و فكرت في الأسوء , و قد تشوش دماغها تماما , قبل أن تهمس له

" هل توفي ؟ "



كان هذا كل ما بدر على ذهنها , فقد راودها شعور سيء لأيام , أنها لن تراه مجددا في حياتها , بعدما أطلق اعترافه الصادم ذاك ثم اختفى ,

كان صوت ملك مذعورا و مختنقا , و بدأت دموعها في الانهمار لتغرق وجهها .



سارع كريم هو الآخر لمواساتها , لا يريدها أن تفقد وعيها هنا و يزيد الطين بلة

" لا ليس كذلك سيدتي , هو تعرض لحادث سير سيء , كان مهموما شارد البال , و قد ارتطمت سيارته بشاحنة كبيرة ,

هو يعاني من الكثير من الاصابات , و لكنه على قيد الحياة و الحمد لله , و كل ما يرغب به هو رؤيتك ,

أرجوك سيدتي لا ترفضي , قد لا تسنح لكما الفرصة مجددا "





قبل أن يكمل كريم كلامه , كانت ملك قد قامت من مكانها فعلا , و خطت مهرولة باتجاه الخارج , دون حتى أن تدرك وجهتها .

في هذه اللحظات العصيبة , لم يعد يهم كل ما حصل بينهما , لم يعد يهم حتى ان بقي من أجلها أو رحل و تركها ,

فكل مخططاتها لتعذيبه و ايلامه , و كل كلمات الزجر التي كررتها لنفسها , حتى تبعده عن حياتها تبخرت في ثانية ,


نسيت للحظة كل ألمها و عذابها , فلا شيء يساوي رؤيته على قيد الحياة , و قد راودها ذلك الشعور الكريه , الذي عايشته يوم الاختطاف مجددا , و الذي فطر قلبها بتخيله غارقا في دمائه ,

خرجت ملك بقلب ملهوف و روح جريحة , و كل ما تفكر فيه الآن , هو رؤية علي و احتضانه , و البقاء الى جانبه حتى يتعافى ,
و قد فوتت سابقا أيام أزمته القلبية , و لم تسانده خلالها حتى أنها لامته لأنه تركها ,


سارعت ملك الخطى باتجاه سيارة كريم , حتى تتمكن من الوصول اليه , في أقرب وقت ممكن ,
هي لا تريده أن يموت و يتركها , ليس قبل أن تسمع ذاك الاعتراف بالحب , الذي اختطف قلبها و زين أحلامها مجددا .




" طمئنيني عنه ملك "

كانت هذه كلمات أيمن القلقة , لكن ملك كانت قد دخلت عالما آخر , لا تسمع فيه الا صوت علي يتكرر في أذنيها ,
و هو يقف خلف الباب ذلك اليوم , و صوته يتهدج بين كلمة و أخرى ,


المجنون الذي عشقته حتى النخاع , و الذي عرفته كجبل جليدي لشهور ,
كان يقف هناك يوشك على البكاء , و هو يبوح بما يختلج به صدره بكل تأثر ,


و هي كانت غبية كفاية , حتى لا تفتح ذلك الباب , و تأخذه في أحضانها لتشبع من دفئه , ثم تضربه حتى توجعه بقبضتيها انتقاما منه ,
فأية تسوية الآن تبدو مناسبة , اذا كان سيكون مجنونها بخير ,


فكرت ملك أنهما كانا سيجدان طريقة سويا , لحل كل تلك المشاكل العالقة , و التي بدت الآن تافهة جدا أمام ناظريها , لكن ليس و هو خارج هذا العالم .


سرعان ما غرقت ملك , في بحر من الشعور بالذنب , و بدأت في لوم نفسها على قسوتها معه ,
و هي التي تعامل الجميع برأفة طوال حياتها , هاهي تقسو على الرجل الوحيد الذي أحبته ,

و كل ما كان يخيفها حد الموت , أن تكون ضيعت على نفسها فرصة للسعادة بعنادها , و هي حتى لا تتخيل عالمها دون وجوده فيه .




وصل كريم ترافقه ملك سريعا الى المطار , أنهيا الاجراءات و استقلا الطائرة الخاصة ,
هي حتى لم تستطع تغيير ملابسها , اكتفت بخلع مئزرها و قدمت الى هنا بما عليها .

بمجرد أن أقلعت الطائرة من المدرج , حتى ساد صمت رهيب الرحلة باتجاه العاصمة , و كأن الركاب دخلوا في سبات عميق ,

كان كريم يراقب حال المرأة أمامه بكثير من الشفقة , و لم يجد غير الجلوس مكانه و التزام الهدوء ,

تاركا ملك التي لم تتوقف دموعها للحظة واحدة , تفرغ شحنة حزنها دون مقاطعة , و قد كانت تدعو طوال الوقت بأمر واحد
أن يكون علي بخير ,



هي لن تستطيع الاستمرار في الحياة , ان فقدت الرجل الوحيد الذي أحبته , صحيح هي لا تزال تحقد عليه بسبب كل ما فعله ,
لكن ليس الى درجة تمني الموت له , و كيف تفعل و هي فدته بروحها في عز خلافهما .


اكتشفت ملك خلال هذه اللحظات الحرجة , أنها لم تكن تقيم هنا لتفر من مشاكلها , أو كما أوهمت نفسها لأشهر , بأنها هنا لتنسى علي و مشاعرها ناحيته ,

لم يكن ذلك مخطط عقلها الباطن على الاطلاق , و الذي كانت تنومه بعرض جرد , لكرامتها المهدورة و قلبها المحطم باستمرار ,

لكنها كانت تعيش كل لحظة منتظرة , انفراجا قريبا بعودة الحبيب الظال , متمنية ظهوره الذي سيعيد الحياة الى قلبها , و حينما استجيبت أمانيها نبذتها بعيدا عنها .




حاول كريم مواساتها دون جدوى , فقد دخلت قوقعة أحزانها و أغلقت عليها ,
و لا شيء مما سيقوله قد يقنعها , بالتحلي بالصبر حتى تصل حيث علي .

برؤية حالها المنهارة قام كريم , و جلس قبالتها قبل أن يبادرها

" سيدتي أنا آسف "



رفعت ملك رأسها أخيرا , و نظرت بحيرة ناحيته , و قد فاجأتها كلماته و هو مطأطأ الرأس

" علام ؟ "

استفسرت منه بصوت مبحوح .



" عقد الطلاق , أنا من طلب ايقاف ارساله "

تفاجأت ملك للتصريح فلم تتوقعه , لكن كريم أضاف للتوضيح

" علي أصر منذ أول لحظة , على استخراج تلك الورقة , و قد أوصى المحامي أن يكون طلاقا بصفة قبل الدخول ,

هو أراد أن يحميك من الأقاويل و الشائعات , أو أية اهانة تطالك بسبب موضوع زواجكما ,
كما أنه حاول توفير فرصة أفضل , لك لايجاد زوج مناسب ,

ليس و كأن بك ما يعيبك لا سمح الله , و لكن لأنه يعرف عقلية المجتمع الذي نعيش فيه ,
و الذي يقدس شرف المرأة , و يبيح للرجل فعل ما يشاء "



كانت ملك تحدق ناحية كريم باستغراب , و قد صدمها كم المعلومات التي قالها , في أطول حديث يحصل بينهما ,

فلطالما اكتفى الرجل الصنم , بكلمة أو اثنتين للرد على من يحاوره ,
حتى أنها لا تفهم , كيف وقعت أسيل في هواه , و هو بالكاد يكون جملة مفيدة ,


لكنها فهمت أنه يرغب في مساعدة صديقه , و تقديرا لمجهوده التزمت الصمت , تستمع الى ما يريد قوله ,

و قد غالبها مجددا , ذلك الشعور بتأنيب الضمير , مزاحما أحاسيس غامرة بالدفء , بمعرفة ما حاول علي فعله بطلاقهما .




ليضيف كريم بنبرة حزينة

" بعد رحيلك عانى جميع من في البيت خاصة الطفلة , رغم أن علي حاول تجنيبكما ألم الفراق ,
الا أن ذلك لم يمنع انهيارها و معاناتها ,

أنا أردت أن أبقي الورقة هناك , حتى يكون لديك أمر ما لتعودي من أجله , دون التعرض الى الاحراج ,

كل ما أردته فرصة لكما , للتحدث مجددا بهدوء و عقلانية , علكما تجدان حلا مناسبا للبقاء معا ,
علي لم يعرف بالأمر الا منذ يومين ,

لم أعرف أنني سأتسبب بكل هذه المتاعب , لذلك أنا آسف "




بلعت ملك ريقها بعناء , و اغرورقت عيناها بالدموع لذكره رنا , و قد فهمت أخيرا عما كان يتحدث ,

هي لامت علي على كل ذلك , و حملته المسؤولية بأكملها دون سماع تبريراته , و هي معذورة في شكها في نواياه ,

لكن لم يعد هذا مهما الآن , سواء كانت فعلة علي أو صديقه , هي لم تعد تلوم أحدا خاصة كريم ,

فلطالما كان هذا الرجل محترما اتجاهها , سادنها و دافع عنها بقوة , حتى في أسوء الأوقات التي مرت بها , لذلك هي متأكدة أنه لم يقصد شرا مما فعله .




" لا بأس كريم "

كان كل ما قالته بانهاك , قبل أن تغرس وجهها بين كفيها , محاولة تمالك نفسها مجددا .



.
.



" يا الهي أمي , لا أصدق أنك قلت , كل تلك الكلمات القاسية لملك ,
المرأة أنقذت شقيقي من ميتة بشعة , فيكون شكرنا و امتناننا لها بأن نعيرها باصابتها ؟ "

علا صوت علياء من الطرف الآخر من الهاتف , و هي تلوم والدتها عما سمعته من علي ,

شقيقها اتصل و هو في حالة يرثى لها , ليخبرها أن لقاء والدته مع ملك , قبل مغادرتها مباشرة هو سبب تمردها و رفضها له ,

و أعطاها بعض التفاصيل التي استشفها من كلام ملك , و هي تلومه في قمة غضبها .




" أنا لم أقصد ذلك علياء , أنا أردتها فقط أن تدرك أنني سأوافق , على بقائها مع علي رغم كل شيء ,
لكنها كانت عنيدة و استمرت في صده , لن نتوسل لها لتبقى مع أخيك "


حاولت صفية تبرير موقفها , لكنها زادت الطين بلة بما قالته , و ما كان من ابنتها الا الرد عليها
باستهجان واضح


" رغم ماذا أمي ؟

أنت و أنا ندرك أن ملك لا يعيبها شيء , و أن المشاكل التي حصلت من طرف علي ,
هي من جعلتها تتعامل معه ببرود , و لا أحد يمكنه لومها ,

لكن أتعرفين ما أظن , أنت لم تهضمي أنها ترفض أخي باصرار , بما أنك ترينه ملكا متوجا على عرش الرجال ,

فقمت باهانتها و التقليل من شأنها هكذا , حتى تتنازل و توافق أو تتمرد مرة واحدة , و تكسر قلب أخي و تهجره نهائيا ,
لتحل لك المعضلة التي تواجهينها منذ سنوات ,

لكنك لم تحسبيها جيدا أمي , لأن ردة الفعل كانت مخالفة , و علي قد يفقدها الآن الى الأبد ,
و لن أخبرك عما يمكن أن ينجم عن ذلك "


كانت علياء مغتاضة جدا تكاد تفقد صوابها , و لولا انشغالها مع مسؤولياتها الكثيرة , لكانت الآن مع علي في محنته ,
و لا تجد غير اتصالات الهاتف , لتحاول المساعدة و لتطمئن على الجميع .



" و ما أدراني أنا بأن الأمر كله , كان مجرد تمثيلية سخيفة ؟ "

حاولت صفية مجددا الدفاع عن نفسها , بالقاء اللوم على علي و ملك , لأنهما أخفيا أمر زواجهما الزائف عنها ,
لكن علياء لم تدع الأمر , يمر بسهولة و دون تعقيب

" حتى و ان عرفت أمي , لم يكن ليتغير شيء بعدها ,

بالعكس أنت كنت ستجبرين ملك , على المغادرة حتى لو تأذت ,
حتى تفسح المجال لامرأة مناسبة من نظرك ,

اذا كنت لم تدعيها و شأنها , و أنت تعتقدين أنها زوجته ,
هل كنت ستفعلين ان عرفت , أن كل شيء كان صوريا ؟ "




بعدما قالته ابنتها التزمت صفية الصمت , و استرجعت بمرارة كبيرة , ما دار بينها و بين وحيدها ,
حيث كان علي على حافة الانهيار , و لام والدته بعنف كما لم يحصل يوما , بعد مغادرته مكان اقامة ملك


" بربك أمي هل تريدين قتلي ؟ "

كان ما استهل به حديثه , على الهاتف دون سلام حتى , أتبعه بوابل من الاتهامات و العتاب ,
ملخصه عدم رضاه عن تصرفها , غير المنصف اتجاه ملك


" يا الهي أمي لطالما اعتقدتك امرأة عادلة , بعقل رصين و روح متسامحة , لأكتشف أنك أنانية تماما ,

أما كان بامكانك مراعاة خاطري و لو قليلا ؟

أما كان بامكانك أن تدعيني , أحل مشاكلي الخاصة بنفسي ؟

متى تقتنعين أنني لست قاصرا , و أنني أتغاضى عن تدخلاتك المضرة , فقد لأنني أبر بك ؟

لم عليك التدخل كل مرة و تدمير حياتي , ابتداءا بمريم و انتهاءا بملك ؟

لم تجعلينني أتمنى الآن , أن أكون أنا من مات في ذلك المستودع ؟

ربما ذاك كان أقنعك أن الأقدار بيد الله , و قد لا أنجب ليس لأن المرأة غير مناسبة , بل لأنني أرقد تحت التراب ؟ "



شهقت صفية يومها لسماع كلماته المؤلمة , انقبض صدرها و نزلت دموعها النادرة , و قد أدركت حينها فقط أنها بالغت فيما فعلته ,

لم تتحمل صفية حقيقة , أن ظن علي خاب بشدة فيها , فهو لم يتوقع جرأة منها , الى هذه الدرجة حتى تقول ما قالته ,
و قد اكتشف متأخرا أيضا , أن ملك تعرف بشأن سالي ,

لتتوالى كلماته الهستيرية التي عكست يأسه , و كان آخر ما قاله لصفية , لانهاء تدخلها في حياته

" أنت أمي و أنا لن أستطيع عقوقك ,

لكن أعلمك من الآن , أنا لن أتزوج الا ملك ,
و ان لم تكن هي فعليك الاقتناع برنا , كوريثة وحيدة لهذه العائلة "


كان تهديدا واضحا بالعزوف عن الزواج مستقبلا , قبل أن يقفل الخط نهائيا لعدة أيام ,
قطيعة جعلت المرأة تتوجس خوفا , من فقدان الولد الوحيد الذي أنجبته .



تنهدت صفية باحباط من أعماق قلبها , رغم أنها لم تندم على ما فعلته , خاصة حينما عرفت بحقيقة زواج ملك من علي ,
و التي ألقاها ابنها في وجهها في أوج غضبه , مبررة كل ما حصل بجهلها للواقع ,

الا أنها لا يمكنها الاستمرار فيما تفعله , لأن علي كان جادا جدا هذه المرة , بشأن البقاء أعزبا باقي حياته , عقابا لها على تفريقه عمن أحبها .




" حسنا أنا أحاول الآن تصحيح الوضع , ألا يكفي ما أتكبده من عناء ؟ "

تذمرت صفية لتوقف هجوم ابنتها , التي لم تتعاطف مع موقفها كثيرا

" أتمنى أن ينفع الأمر أمي , و لا يكون الأوان قد فات بالفعل ,
و الا علينا أن نقرأ الفاتحة , على روح علي الذي نعرفه "


.
.



بعد ثلاث ساعات من العذاب النفسي , كان الاثنان يستقلان سيارة باتجاه قلب العاصمة .

توقعت ملك أن يتجها ناحية , أحد المستشفيات الكبرى أو العيادات الخاصة ,
حتى أنها بدأت في التفكير بجدية , في قائمة الجراحين الكفؤين للاتصال بهم ,

لكنها تفاجأت بالسيارة التي تقلها , تتوقف أمام مدخل أحد الفنادق الفخمة .




عبست ملك و تجهمت ملامحها , استدارت مباشرة ناحية كريم , بعينين مستاءتين و سألته بلهجة متهمة

" لم نحن هنا ؟ هل هذه لعبة ما ؟ "



ارتبك كريم و هز رأسه بالنفي سريعا

" لا سيدتي , تعرفين كم أن السيد متطلب ,
طلب تجهيز جناح بكل اللوازم الطبية , و رفض الانتقال الى المستشفى ,
يقول أنه يريد الموت بسلام "





كان صوته هامسا لكنه واثق , انقبض قلب ملك مجددا لذكره الموت , و بقيت تحدق اليه بتمعن محاولة استبيان صدقه ,

لكنها لم تكن تشعر بالراحة , قلبها يخبرها أن هذا من عمل ذلك المتسلط , فقد نقل غرفة المشفى سابقا , الى بيته من أجل مريم ,
و أن عليها أن تذهب و تراه , قبل أن تضيع فرصتها الوحيدة لتوديعه ,


لكن عقلها كان يوسوس لها بخبث , أن هذه مجرد مسرحية سخيفة , حاكها المجنون لجرها الى هنا , حتى يقنعها بمسامحته , بعدما يتسلل اليها من باب الشفقة ,

و كأنه ينصب لها فخا , حتى تعترف مجددا بأنها تحبه و قد سامحته , بعدما يوهمها أنه على فراش الموت .



ترددت ملك تحسب خياراتها , و هي تعض على شفتها بغيظ , لكنها حزمت أمرها آخر المطاف , و قررت القاء نظرة على الوضع المريب , و الا لن تعرف أبدا ما يحدث حقيقة ,

و سيكون حسابه معها عسيرا , ان كانت هذه مجرد كذبة , و لن تتردد في خنقه بيديها حينها .



.
.
.



فندق ضخم بسبعة نجوم , قاعة حفلات فسيحة فخمة , تتوسط المبنى الهائل و تطل على شاطئ البحر ,

في الداخل يلتف الكثير من الحضور , حول الطاولات الكبيرة المجهزة وسطها , ورود و زينة في كل ركن , و موسيقى ناعمة تبثها مكبرات الصوت في الزوايا ,

مشهد مهيب يوحي بوجود احتفال كبير هنا , مع أحاديث في كل مكان في القاعة .




كان الندل يقفون في المدخل بنظام , يرحبون بالضيوف و يستقبلونهم بكل حفاوة , قبل أن يقتادوهم الى أماكنهم المخصصة للجلوس ,

كان هناك الكثير من المدعوين ممن يعرفون بعضهم , و الذين يسارعون للتسليم و السؤال , و قد غزت المفاجأة وجوههم بالتقائهم هنا ,
مع ملامح حيرة تعلو التعابير , و عبارات الدهشة تسمع في كل حديث .





" مرحبا نادية كيف حالك ؟ "

" بخير سناء , اعتقدت أنك لن تأتي "

سألتها بتذمر لتجيبها الأخرى و تفحمها

" كيف لا و الشيخ طلب حضورنا كلنا , تعرفين لا يمكنني عصيان أوامره "

كانت هاتين احدى حفيدات الشيخ , من أخت عدراء الصغرى .



التفتت سناء الى جانبها الآخر , حيث تجلس زوجة خالها , و سألتها علها تشفي فضولها

" تاتا آسيا هل لديك معلومة , عن سبب هذا الاجتماع الطارئ ؟ "



رفعت المرأة حاجبيها بانكار , و هي تجوب بعينيها أرجاء القاعة الفسيحة

" لا ليست لدي أية فكرة , اعتقدت أنه اجتماع عائلي مغلق , بما أننا تلقينا الدعوة كلنا ,
لكن هناك الكثير من الغرباء , الذين لم يسبق أن رأيتهم يصلون تباعا ,

أنظري الى أقصى القاعة , هناك الكثير من الأشخاص , الذين لا أعرف حتى من يكونون "



لتعقب نادية بتوتر جلي

" أجل أنا أيضا اعتقدت , أن الشيخ اتخذ قراره أخيرا , بتوزيع ثروته على أحفاده , أو ربما قراءة ما سيوصي به ,
لكن واضح أن الأمر مختلف جدا "



" أجل لكن ما هي المناسبة , لم يذكر شيء في بطاقة الدعوة ؟ "

حاولت سناء التخمين لتجيبها نادية مجددا

" حسنا عيد ميلاده الخامس و الثمانين لم يحن بعد , ثم هو متعود على الاحتفال به , في مزرعته و ليس في قاعة ,

فالرجل العجوز مهووس بذبح الشاة و شويها بنفسه , و كأنه يحاول ترهيبنا من عصيان كلمته "

ضحكت الشابات حول الطاولة , لتتدخل نصيرة التي كانت تلتزم الصمت , مراقبة الحديث أخيرا

" ربما تقلد منصبا جديدا , و نحن هنا للاحتفال و المباركة ؟
أو أنه يجهز نفسه للترشح لرئاسة الجمهورية مثلا , و يريد بدء حملته الانتخابية بنا ؟ "




"...."

شعرت النسوة حولها بالصدمة , فهذا أكثر مللا مما اعتقدن , لتزجرها نادية سريعا

" كفي عن المزاح نصيرة ,
أنا أخشى أنه جمعنا ليعلن عن زواجه , من شابة في سننا , أو يعرفنا بابنه السري "




" يا الهي سنخسر ثروتنا بذلك ,

ألا يكفي ذلك الشاب الفرنسي ذو العيون الزرقاء , الذي سقط علينا مثل مظلي من السماء , و قاسمنا كل شيء يمتلكه الحاج ؟
أتمنى ألا يكون الأمر صحيحا "

تذمرت سناء لتتهكم عليها شقيقتها نادية

" تقصدين الرجل الذي كدت تفقدين صوابك بسببه , قبل أن تكتشفي أنه خالنا "

ثم بدأت في الضحك بصوت عال , أمام ملامح أختها العابسة , و التي ردت عليها بكل حنق

" لو لم تتواطأ خالة عدراء معه لما خدعانا كلنا "



و حاولت آسيا تشتيت انتباههما , قبل أن تبدأ المناوشات المعتادة هنا

" المشكلة ألا أثر له في أي مكان , و هذا وحده يثير قلقي "


" و هاقد وصلت تاتا مليكة و ابنتها , أنظري كيف تحدق في الجميع بقرف "

علقت نادية بسخرية على قدوم زوجة خالها , المتكبرة التي لا تطيق أحدا , و ابنتها فايزة تتبعها .



كانت الثرثرات و التخمينات تتنقل من طاولة الى أخرى , دون معرفة الأسباب الحقيقية لهذا التجمع الضخم .



في طاولة الى أقصى اليمين , كانت ياسمين تجلس مع زوجها , و قد شعرت بالفضول هي الأخرى لمعرفة ما يحدث

" سامي ما الذي يجري هنا ؟ "

سألت بتشوش بعدما رأت الحشد الكبير من الناس .



حدق سامي في أرجاء القاعة الفسيحة , و أجابها بنفس نبرة الاندهاش

" لا أدري , الشيخ أرسل دعوة لمناسبة خاصة ,
لكن الظاهر أن الدعوة عامة , فنصف الأطباء الذين أعرفهم هنا ,
صراحة لا فكرة لدي عما يحدث حقيقة "



تنهدت ياسمين بخيبة أمل , و أضافت و هي تمسد بطنها الكبيرة , التي تنقبض من وقت الى آخر , منبئة على قرب ولادتها

" اعتقدت أن الأمر متعلق بملك , لكن لا أثر لها هنا "


ليوافقها زوجها مباشرة

" أنا أيضا اعتقدت ذلك , و الا ما كنت قدمت "


سامي يحاول تجنب الاجتماعات العائلية قدر الامكان , فلم يكن يوما مرحبا به وسط هذه العائلة , و لطالما نعت بالأجنبي دون مراعاة ,
لكنه لا يستطيع رفض كلمة للشيخ , فهو يحترمه و يبره كثيرا ,

و رغم العلاقة المتوترة بينه و بين الآخرين , الا أنه اختار الاستقرار هنا , ليس بسبب ياسمين و عائلته الصغيرة فقط , بل بسبب عدراء التي يعتبرها أما ثانية له .





في مدخل القاعة كانت عدراء تقف بذهول , و الى جانبها عز الدين , الذي علت وجهه ملامح مستاءة

" ما الذي يفكر فيه والدك بالضبط ؟ "

علق بضيق بعدما رأى الحشد , الذي يفوق الخمسمائة شخص يشغلون القاعة , لتجيبه هي محاولة الاستيعاب

" لا أدري عزيزي , لم أفهم شيئا من اتصاله , والدي قال أنه أمر هام جدا دون تفاصيل ,
هيا لنذهب و نجلس هناك طاولة سامي مع ياسمين "



تذمر عز الدين قليلا تحت أنفاسه , فهو لا يحب المناسبات الاجتماعية ,

خاصة أن كل عائلة عدراء الهائلة تحضر , و هو لا عائلة له لذلك كانت ملامحه متجمدة ,


رغم ذلك حاولت عدراء مراضاته , لأنها تعرف حساسيته اتجاه الأمر

" سنجلس لساعة واحدة فقط , نعرف ما الذي يريده والدي و نغادر اذا أردت ,
أرجوك عز الدين من أجلي , والدي طلب حضورك شخصيا , و أصر على ذلك لا تكسر بخاطره "





هز الرجل رأسه دون كلمة أخرى , فهو لا يستطيع رفض طلب من عدراء ، قصدا بعدها الطاولة حيث يجلس سامي ,
و التي كانت في المقدمة , أمام المنصة الشرفية مباشرة ,

تبادل الأربعة الحديث سريعا , و تماما كالآخرين لا أحد لديه فكرة و لو بسيطة , عن سبب هذا التجمع الضخم ,

لينظموا الى المدعوين المحتارين , في انتظار الافصاح عن عنوان الاحتفال , الذي لا ينقصه الا عروسة و عريس , يزينان المنصة بوجودهما .





بمجرد أن اكتمل العدد , بدأ الندل بتقديم العصائر , و المقبلات تحضيرا لتقديم الغداء ,

بعد نصف ساعة انطفأت الأضواء الكاشفة , و لم تبق سوى بعض الاضاءة الخفيفة في الزوايا ,

ساد بعدها صمت رهيب القاعة , و أنيرت شاشة عملاقة أمامية , و قد بدا الأمر و كأنه قاعة سينما .





هدأت الأصوات الهامسة و الوشوشات , و لم يعد يسمع سوى صوت الأنفاس هنا و هناك ,

في هذه اللحظة بالذات , خطت ملك الى داخل القاعة مهرولة يتبعها كريم ,

و قد أقنعها بصعوبة قبل دقائق , أنهما متجهين الى جناح خاص , في الطابق السابع للفندق .





اتسعت عيناها عن آخرها , بمجرد أن دخلت من الباب و رأت الحشد , الا أنها لم تتعرف على أحد , بسبب الظلام السائد في الأرجاء ,

استدارت فورا للمغادرة بخطوات مستعجلة , و قد اعتقدت أنها أخطأت المكان , و اقتحمت عرس أحدهم كشخص متطفل .




" كريم "

نادت عليه بهمس تحاول اخباره بالأمر , حتى يعودا الى حيث يوجد علي ,

لكن الرجل تسمر في مكانه خلفها مباشرة , سادا عليها طريق المغادرة بجسمه الضخم ,
ثم أشار لها بالتزام الصمت , و أومأ برأسه مشيرا ناحية الشاشة في الأمام .



لم تفهم ملك شيئا من حركاته , لكنها سرعان ما تجمدت مكانها , و شخصت عيناها من هول الصدمة ,
و هي ترى صورها الشخصية , تظهر تباعا على الشاشة ,

المشكلة أن معظم هذه الصور , أخذت خلال السنة الأخيرة , أي أثناء تواجدها في دبي ,

أو بالأحرى أخذت بواسطة هاتفها , الذي أهداها اياه علي مؤخرا , و الذي تركته خلفها بعد الحادثة المشؤومة .



شعرت ملك بالدهشة بداية , و قبل أن تصدر أية ردة فعل متسائلة , قاطع صوت دافيء أجش تأملها ,
صوت تعرفه جيدا كيف لا , و هو يلاحقها في أحلامها و كوابيسها كل ليلة .



" أولا شكرا للشيخ الذي ساعدني في جمعكم الليلة ,
أقدر جهده و تعاونه كثيرا , و أتمنى له دوام الصحة و العافية ,

ثانيا أنا سعيد جدا بتواجدي هنا بينكم , و برؤية كل هذا الحضور الكريم ,
شكرا لكم على تكلف عناء المجيء و تلبية الدعوة "



حدق الضيوف كلهم الى بعضهم البعض باستغراب , فلم يفهم أحد ما هذه المقدمة الترحيبية ,
و من يقوم بها بدل الرجل الذي دعاهم ,

لكنهم لزموا أمكنتهم و الفضول يتآكلهم , لمعرفة أصل الموضوع الغريب , و الذي صار أكثر تشويقا من قبل .



تجهم وجه عز الدين و حدق الى زوجته , التي طلبت منه التحلي بالصبر , لمعرفة ما الذي يجري أمامهم ,
و قد تعرفا الى الصوت المجهول , مما أثار حنق الرجل ,


في المقابل شعرت عدراء , ببعض الرضا رغم امتعاض زوجها , لأنها اعتقدت أن والدها , جمعهم ليصالحهم مع ملك برؤية صورها ,

خاصة أنها كانت حبيبة قلبه المقربة , و لم يهضم يوما ما كان يقال عنها , و لطالما نهرهما لأنهما يقاطعانها .





استرسل بعدها الصوت الغريب , تحت الهمسات الفضولية , لتتوضح معالم شخصيته شيئا فشيئا

" الصور التي ترونها على الشاشة , كلكم يعرفها ملك الابنة الصديقة الزميلة ,
لكنها بالنسبة لي ملك حبيبة قلبي , ملاكي الذي حصلت عليه هنا على الأرض "





دق قلب ملك بشدة و ارتجفت يداها , لم تعتقد أن علي متهور , لدرجة فعل ما تراه الآن ,

لكنها متأكدة من أمر واحد , هذا ليس كل شيء ,
و لم يخيب المجنون ظنها حينما أضاف

" الصور التي أمامكم التقطت أثناء بقائها معي , يعني خلال السنة التي تغيبت فيها عن أهلها ,
و أنا هنا اليوم لتوضيح بعض الأمور , و ازالة سوء فهم استمر طويلا و بسببي "



و سرعان ما عرضت بعدها صور لملك , أثناء الحفل الخيري في الجزائر , و فوقها التاريخ قبل سنة

كانت ملك فيها تبتسم بعذوبة , و تجلس الى طاولة العشاء , ليعلق علي عليها بنبرة حنونة

" هنا تعرفت الى ملاكي أول مرة , و رغم أننا لم نتحدث كلمة واحدة , إلا أنها سرقت اهتمامي بجملتين "

كان علي يقصد ما حصل مع جورج , و كيف أفحمته بطريقة القصف المباشر ,
و جعلت عينيه تتعلقان بها طوال الوقت , قبل اختفائها من القاعة .



تغيرت الصور بعد دقيقتين الى أخرى جديدة , و انطلق الصوت مجددا يقدمها

" و هنا تعرفت عليها لأول مرة في دبي "

و عرضت صورها أثناء الحفل الخيري في فندقه , و فوقه التاريخ تماما كالأولى .



كان صوت علي دافئا جدا , و مليئا بالشجن و هو يتحدث عنها , و كأنه يستعيد تلك اللحظات , و قد اعترته نبرة حزن واضحة

" كما ترون معي , ملاكي تبدو كنجمة سقطت من السماء , و لكني أفسدت الأمر بسوء ظني و تسرعي ,

و أنا هنا اليوم أمامكم , لأعترف أنني قبل هذا اليوم , لم أكن أعرف حتى , من تكون هذه المرأة ؟

و لكن بسبب سوء فهم سيء جدا , أصبحت بعد يومين زوجتي , دون حتى أن تدري "




هنا أدرك الحضور يقينا , هوية الشخص المتحدث خلف الشاشة , و زاد بذلك غضب عز الدين , الذي سأل زوجته بصوت متهدج


" ما الذي دهى والدك عدراء ؟
هل أصيب بالخرف أو فقد عقله , حتى يضع يده في يد هذا المحتال ؟ "



لترد عدراء عليه بقلة حيلة محاولة تهدئته

" أقسم لا أعرف عن الأمر شيئا , لكن أكيد هو أخبره أمرا ما , لا نعرف عنه شيئا حتى يقبل مساعدته "

زاد حنق عز الدين و صر على أسنانه , منتظرا فرصة ليشفي غليله , من هذا الرجل الذي يبغضه .





صمت الصوت للحظات مطولة , قبل أن يضيف بنبرة مستاءة

" أنا أعترف أنني تزوجتها بالإكراه دون رضاها ,
و تسببت في حجز جواز سفرها , و منعها من السفر ,
و اتهامها بأمور لا تعرف عنها شيئا ,

أنا كنت غافلا جدا حينها , و آلمتها كما لم أفعل , مع أحد في حياتي "



أخذ علي نفسا عميقا , و دون فاصل أضاف و كأن هناك حملا , يستعجل لوضعه من على كاهله


" أنا أعترف أن ملك , لم تقبلني يوما , لم تركض خلفي أبدا , و لم تتخل عن أهلها من أجل البقاء معي ,
أنا من أجبرها على كل ذلك ,
أنا أبكيتها آلمتها احتجزتها طوال تلك الفترة ,

في المقابل هي علمتني , أن الكرامة لا تباع و لا تشترى , و أن المال لا يشتري كل شيء
و أن المرأة بامكانها المحافظة على شرفها , حتى لو بقيت لسنة , تحت سقف رجل يقول أنه زوجها "



و علقت على الشاشة الهائلة , نسخة من عقد طلاقهما , اختطفت أنفاس كل من كان جالسا هناك ,

و قد قيضت تلك الورقة كل الشائعات , التي تحدثت عن حمل ملك قبل الزواج , أو تعرضها لفضيحة أجبرتها على الزواج بشكل عاجل .


اتسعت عينا عدراء بدهشة , وضعت يدها على فمها لتكتم شهقتها , و تمنع دموعها من الانسياب ,
و حدقت الى زوجها الذي علا ملامحه التشوش , و هو يجول بعينيه على الأسطر أمامه , غير مصدق لما يراه .



أما ملك فقد قطبت جبينها , و هي ترى الورقة التي تحدث عنها كريم , و قال أن علي أصر , على صفة طلاق قبل الدخول فيها , حفظا لكرامتها و بعض حقوقها ,

و شعرت بأن قلبها سيقفز من غلافه تأثرا , فهي خير من يعرف علي , لتدرك كم أن استعراض ورقة كهذه , أمام الناس شاق و مؤلم بالنسبة له .



حدق علي بعينيه السوداوين الى آخر القاعة , حيث تقف ملك بملامح مصدومة , و تريث لدقائق منتظرا أن يهضم الحضور ما يجري ,
قبل أن يبتسم و يضيف بصوت حالم

" حبيبتي ملك كانت شعاع الأمل , الذي دخل بيتي صدفة , و زرع الابتسامة على وجه الجميع , و الأمل في قلوب الكل ,
في وقت كان الحزن و الحداد , يلفان كل شيء هناك لسنوات ,

كانت البراءة التي اعتقدت أنها , انقرضت من على وجه الأرض , لدرجة لم أصدق نفسي حينما رأيتها ,
كانت الطيبة التي جعلتها تأخذ رصاصة , عن رجل تقول أنها تكرهه طواعية ,

ملاكي جميلة بهذا القدر "



توترت ملك أكثر و رمشت بعينيها , لابعاد الدموع التي عادت للتجمع من جديد ,

فما يقوله علي لم تتوقع سماعه , و لو بعد ألف سنة من هذا الرجل المتسلط , و هي متفاجئة أكثر من أي شخص آخر هنا

" هذا الرجل مجنون فعلا "

تمتمت بينها و بين نفسها , و هي تراقب الشاشة بحنين غامر , غير مصدقة لما يحصل ,
و قد أدركت الآن فقط , أن هذا اجتماع لتبرئة ذمتها , و عليها الاعتراف أن الأمر صدمها .



جالت ملك بعينيها على الشاشة المضاءة بتمعن , حيث كانت هناك الكثير من الصور لها في بيت علي ,
و التي لم تتوقف عن الظهور تباعا , مثيرة زوبعة من الذكريات في روحها ,

لكن لم يمكنها رؤية وجهه , في أي مكان في القاعة , و قد كان الظلام يلف المكان , و يحجب الرجل عن أنظارها .





بسماع آخر جملتين , تعالت أصوات شهقات دهشة في الأرجاء , و قد علت المفاجأة ملامح الحضور ,
و بدأت الهمسات المثرثرة مجددا , في محاولة فهم قصة الرصاصة التي سمعوها للتو .



بسماع التصريح تأجج غضب عز الدين , الذي كانت عدراء تحاول تهدئته دائما ,

و الذي لم يغادر مكانه الى الآن , فقط لأن الرجل يتحدث في الميكروفون , دون أن يظهر أمامهم مباشرة ,
و قد جلس بترقب كبير لخروجه الى العلن , لأن لديه ما يخبره اياه وجها لوجه .





و كالمرة الأولى انتظر علي قليلا , قبل أن يضيف بصوت يائس , دون أن تغادر عيناه وجه ملك

" أنا أخذت عاما من حياتها , و هي أخذت قلبي و روحي معها "




فجأة أنيرت القاعة بأكملها , و دخل علي يحمل ميكروفونا في يده , و يضع الأخرى في جيبه ,
كان يرتدي سروالا أسودا أنيقا , و قميصا أبيض دون ربطة عنق , بمظهر مسترخ و شعر غير مصفف ,
و قد مرر يده عليه عدة مرات بسبب التوتر , لكن ذلك لم يغير شيئا في وسامته ,

دخل علي بخطى متأنية , ناحية منتصف المنصة الشرفية , مقابلا الحضور و معطيا ظهره للشاشة ,
و كعادته تحوم حوله هالة من الفخامة و الهيبة , تزينها ابتسامته الرجولية الساحرة , التي تظهر صف اللؤلؤ الأبيض .





تفحصته ملك سريعا بلهفة , و أخذت نفسا عميقا بارتياح , لأنه كان يبدو بخير تماما , ليس كمن خرج من حادث سيارة ,

لكن ليس لوقت طويل , فستحرص على أن تكسر , نصف كراسي القاعة فوق رأسه , بسبب الهلع الذي تسبب به لها .



و سرعان ما قطع تأملها , ارتفاع أصوات شهقات اعجاب , من شابات من كل الأرجاء , و قد تفاجأن بوسامة و وجاهة المتحدث ,
الذي كان يقول شعرا و غزلا , عن ملك منذ نصف ساعة ,

مثيرة عاصفة من الغيرة في قلبها , و قد تجهمت ملامحها الرقيقة بطريقة ملحوظة ,
و رغبت في التقدم و اقتلاع أعينهن من رؤوسهن ,

دون حتى أن تدرك أن بينهما , لم يعد هناك شيئا رسميا , يمنحها هذا الحق بالتملك .



" يا الهي هل هذا زوجها فعلا ؟

ألم يكن شيخا طاعنا في السن ؟

كيف تحول فجأة الى الأمير الوسيم ؟ "

كانت الجمل التي سمعت أكثر من مرة , و التي رددتها النسوة بمختلف أعمارهن .



في السابق اعتقد الجميع أن ملك , تزوجت رجلا مسنا من أجل ثروته , و ربما كانت الزوجة الثالثة أو الرابعة ,

و لطالما خمنوا أن الطلاق سيحصل قريبا , بما أن الزواج بني على الطمع , أو ربما درءا لفضيحة ما
بما أن هويته كانت سرية , و لم يعرف بها الا والديها و سامي و جدها .

و لم يخطر على بال أحد , أن الرجل المعني شاب و وسيم , بكل هذا القدر من الوجاهة و الأبهة , و قد خطفت ملامحه قلوب كل الحاضرات .





قاطع علي شرودهم بأن ابتسم , ملقيا ملحا على جراحهم , و أضاف بصوت حنون

" سيد عز الدين سيدة عدراء , أنا أعتذر بشدة عما حصل من طرفي , و أأمل في أن تسامحاني ,

ملك أنا آسف حبيبتي سامحيني , أنا هنا من أجلك ,

و أنا أطلب منك الزواج , أمام والديك و كل من تحبينهم , و أقبل بأية شروط تفرضينها ,

فقط كوني زوجتي لأنني أحبك "





ذابت قلوب الحاضرين مع اعتراف الحب الجريء , و طلب الزواج الفريد من نوعه ,
و في لحظة ساد الصمت المريب القاعة كلها , في انتظار اجابة لا يعرفون حتى أين صاحبتها .


لكن و قبل أن تفكر ملك , التي تشوش ذهنها من المفاجأة , و تسمرت أقدامها المتجمدة مكانها , في الرد على ما قاله الرجل المجنون ,

كان عز الدين قد غادر مكانه بالفعل باتجاه علي , و فاجأه بلكمة قويه على صدغه أسقطته أرضا , لتلاحقه زوجته بملامح خائفة .



سارع سامي و بعض الحضور من العائلة لفك الاشتباك , و منع عز الدين من التوتر , خشية انتكاسه أو حصول الأسوء ,

أما ملك فقد أصيبت بالفزع , و قد اكتشفت للتو تواجد والديها بين الحضور , لتركض ناحيتهما بقلب مرتجف من الاشتياق .



نهض علي من على الأرض , يحاول تجفيف الدم الذي نزف من شفته , لكنه لم يرد بكلمة على عز الدين ,

هو يعرف أنه يستحق اللكمة عن جدارة , لو أن أحدهم فعل مع رنا , نصف ما فعله هو مع ملك , لما كان أرضاه الا خنقه بيديه .

تذكر علي أيضا يوم صفعت عمته ملك و نزفت شفتها , كانت تبدو يومها مفطورة القلب بوجه متورم ,
ليدرك كم أن القدر لا يرحم أحدا , و يسدد حساباته بمنتهى الدقة .

و لكنه لم يتزحزح من مكانه , و وقف بهيبته المعهودة في المواجهة ، مصمما على ما أتى من أجله الى هنا ،

اذا كان سيتنازل مرة في حياته ، فستكون هذه المرة من أجل سعادته .





بعد ثوان وصلت ملك أخيرا الى جانب والدها , و سارعت للاطمئنان عليه

" بابا هل أنت بخير ؟ "

سألت لأنها تعلم أن قلبه يتأثر بأي توتر , و علي المجنون ألقى بكل هذه القنابل دون تردد .



لانت ملامح الرجل الغاضب فجأة , و جال بعينيه على وجهها المنهك , قبل أن يطوق كتفيها بيده و يضمها

" ملك حبيبتي هل أنت بخير ؟ "

سأل بنبرة ملهوفة و قلقة ,

فقد كان عز الدين في هذه اللحظة , يشعر بالامتعاض من نفسه , أكثر من غضبه من علي ,

اذا كان هذا الرجل الغريب , كذب بشأن ابنته و زواجهما , فالذنب ذنبه لأنه صدق الأمر و لم يثق فيها , و قد راوده شعور عارم بالذنب آلم قلبه .



و حاولت ملك طمأنته

" أجل بابا أنا بخير , لا أشكو شيئا لا تقلق "

تجددت نظرة الحنق في عينيه , بسماع نبرتها المرتجفة , و أراد لكم علي مجددا , بقوة أكبر هذه المرة ,


لكن ملك وقفت بينهما كحاجز

" أرجوك بابا توقف لا داعي "

قالت بعيون و نبرة متوسلتين , و هي تضع يديها على صدر والدها ,
و قد كان قلبه يوشك على القفز , من صدره بسبب غضبه الشديد .



أما علي الذي كان يقف مباشرة خلفها , فقد أخذ نفسا عميقا , مستنشقا رائحة عطرها في غفلة منها ,
و التي حرم منها طوال الفترة الماضية , و قد أحيت كل خلايا روحه , التي ضمرت في غيابها .



" ابتعدي ملك سوف ألقنه درسا "

قطع عليه عز الدين , وصلة استمتاعه بصوته الهادر , لتحاول ملك معه مجددا بتوسل

" أرجوك بابا دعه و شأنه سيغادر الآن "



ثم استدارت ناحية علي , و قد رسمت نظرة جادة , و ملامح باردة و مستاءة على وجهها

" من فضلك غادر , يكفي كل ما حصل الى حد الآن "

طلبت منه محاولة الحفاظ على نبرة قاسية , لم تحسن نسجها رغم اجتهادها .



لم يركز علي كثيرا فيما قالته , لأنه يعلم أنها تحاول منع , أن يتأذى والدها بسببه , و هو لا يلومها ,
و لأن عينيها كانتا تقولان العكس , و هما تحدقان الى شفته النازفة بتأثر و شفقة , فقد بدت ممثلة فاشلة جدا ,

و هو متأكد لولا وقوف والدها الغاضب خلفها , لكانت مدت يدها لتخفيف الألم .





ابتسم علي على غير عادته , في مثل هذه المواقف المتشنجة و اعترض

" لن أذهب الى أي مكان , قبل أن أحصل على جوابك ,
و لن آخذ لا كاجابة "

ظهرت شخصيته الصلبة أخيرا , بعدما عرض كل تلك الرومانسية على مسامع الجميع .



عبست ملك فورا لما تفوه به , لأنها تعرف كم أنه عنيد متحجر الرأس , و ما دام قال أنه لن يغادر فلن يفعل ,

فما كان منها الا أن رقت عيناها قليلا , و هي تتوسله أن يذهب , و لا داعي لإثارة المشاكل , و قد بدت خائفة جدا , من حصول صدام مميت بينه و بين والدها .



و لم يرغب علي في شيء في هذه اللحظة , بقدر رغبته في أخذ وجهها بين يديه , تقبيلها و طمأنتها أن كل شيء سيكون بخير ,
و أنها ليس عليها أن تخاف , و هو موجود من أجلها .

لكنه منع نفسه بأعجوبة , هو لا يريد استفزاز والدها أكثر مما فعل ,
سيكون لديه متسعا من الوقت معها لاحقا , بعد أن ينهي ما جاء لأجله الى هنا .





بسماع رفضه القاطع للمغادرة , احتد غضب عز الدين , و أشار له بسبابته مهددا

" أنت يا عديم الحياء , بعد كل ما فعلته مع ابنتي , تأتي هنا بكل وقاحة و تريد أخذها ؟
على جثتي أموت و لا أسمح لك بلمسها "

صرخ في وجهه , و الآن فقط عرف علي , ممن ورثت ملك لسانها اللاذع .





لكن قبل أن يفتح فمه , و يرد على الرجل الغاضب و يبرر موقفه ,
سمع صوتا رقيقا من مدخل القاعة , دوى في أرجائها مسترعيا انتباه الحضور

" ماما ملك "



استدار الجميع ناحية المدخل , حيث كنت رنا تقف بصحبة فاطمة و صفية ,
و تجول بعينيها الجميلتين في القاعة , بحثا عن أحدهم بكل لهفة .

اتسعت عينا ملك للمفاجأة , و خفق قلبها بشدة من الفرحة ,
فأكثر شخص كانت تشتاق له , و أثر فيها فراقه كثيرا , هو الطفلة التي كانت متعلقة بها بشدة ,

كانت تحزن كلما لمحت العقد , الذي أهدتها اياه في عيد ميلادها , و لم يتسن لها حتى توديعها و تقبيلها لمرة أخيرة .





بعد أن تنحى الجمع الى الجانبين , مفسحين طريقا لآخر الواصلين , ركضت رنا ناحية ملك مباشرة , بخطوات متعثرة و ملامح تملؤها الغبطة .

أثناء ذلك تقدم علي خطوة الى الأمام , و همس في أذن ملك المترقبة , مستغلا الارباك الذي حصل , بسبب وصول ابنته المفاجئ

" أحضرت والدتي لخطبتك "

قال مع ابتسامة عريضة و عيون لامعة , مراقبا ملامحها الممتعضة , حينما استدارت ناحيته ,

و طبعا رنا كانت بطاقته الرابحة , و تميمة حظه لتعزيز فرصته في استعادة ملك , التي يذوب قلبها لسماع لقب ماما منها .



هذه الأخيرة رمقته بنظرة مستاءة , مع أنفاس متسارعة و حانقة , هي تعلم كم أن السيدة صفية , امرأة تعتز بنفسها و أنفتها كبيرة ,

ان هي رأت والدها يزعج علي أو يهينه , قد تغضب و يتعقد الأمر كثيرا ,

لكن علي كان قد فكر بعمق طوال الأيام الماضية , عما بإمكانه فعله لرد اعتبار ملك , الذي فقدته بسببه أمام عائلتها و معارفها ,

و لم يجد أكثر تقديرا , من احضار والدته لخطبتها , بعدما اعترف أمامها بما فعله , و بعدما لامها و خاصمها لأيام , بسبب قسوتها مع ملك قبل رحيلها ,



صحيح أنه استخدم أسلوب التهديد معها , لكنها امرأة تعرف الأصول و تقدر الأخلاق , و هي معجبة بملك منذ البداية

لذلك لم تجد مانعا في المجيء , و تعزيز مكانة ولدها الوحيد أمام أصهاره ,
أملا في الحصول على أحفاد قريبا , خاصة أنها شعرت بالذنب , بسبب آخر لقاء بينهما ,

و قد أدركت أنها بالغت فيما قالته , بسبب جهلها بالظروف حينها .



علت ملامح الدهشة وجهي عدراء و عز الدين , برؤية رنا و سماع كلمة ماما منها , ليحدقا الى بعضهما باستفهام و قد انعقد لسانيهما .

بوصول رنا أمامها نزلت ملك على ركبتيها , و فتحت ذراعيها لاحتضان الطفلة , التي تعلقت بها بشوق كبير ,

طوقتها بيديها الصغيرتين , و أغرقتها بالقبلات الحارة , تحت الأنظار الفضولية للحضور خاصة والدها


" ماما ملك اشتقت لك كثيرا "

" و أنا أيضا حبيبتي اشتقت لك بشدة "

تبادلت الاثنتان حوارا حميميا سريعا , متجاهلتين الهمسات التي حامت حولهما , و باثتين دفئا كبيرا في قلب , كل من وقعت عيناه على المنظر .



تقدمت بعدها فاطمة و صفية , اللتين حيتهما ملك بكل لطف , كما عودتهما ثم قدمتهما الى والديها

" ماما بابا , سيدة صفية والدة علي ,
و خالة فاطمة مربيته , و هذه رنا ابنته "



" مرحبا بكما , أهلا و سهلا "

رحبت والدة ملك بالضيفتين بود ، أما والدها فقد التزم الصمت , و قد تحول لون وجهه الى الأسود , بعد معرفته أن لعلي ابنة , و قد تجرأ على جعلها تنادي ابنته بأمها .

حاول بعدها التقدم مجددا , ناحية علي ليشفي غليله , لكن عدراء أوقفته و نهرته هامسة

" أرجوك عز الدين اهدأ قليلا , الناس تتفرج علينا لا يجوز ما تفعله ,
ثم ليس أمام ابنته و والدته عيب "



برؤية ما يجري ابتسم علي , و قد عرف أخيرا ممن ورثت ملك طيبتها , فهي نسخة طبق الأصل عن والدتها في هذا الأمر ,

أضافت المرأة بعدها بهدوء , محاولة اقناع الرجل الغاضب

" لنذهب الى مكان مغلق , و نناقش الموضوع بروية و خصوصية "



شعر علي بالرضا لأن عدراء طلبت , ما كان يفكر فيه منذ البداية , و هو بدأ يحب حماته بالفعل ,
صحيح أنه خطط للاعتذار من ملك , على الملأ و أمام الجميع , لكنه الآن يريد الانفراد بوالديها , لاقناعهما بالموافقة على ارتباطهما مجددا ,

و مما يراه لا يبدو الأمر هينا أبدا , و سيكون أكثر صعوبة , بتدخل أناس آخرين .



وافق عز الدين على مقترح زوجته على مضض , و اصطحبهما أحد الندل الى غرفة صغيرة تابعة للقاعة ,

أراد علي أن يقصد جناحه الخاص , حتى يكونوا على راحتهم أكثر , لكنه تراجع و قبل بالأمر فوالدها لن يرضى .

تبعت ملك والديها مباشرة دون قول كلمة , أما علي فقد طلب من صفية و فاطمة , الانظمام للضيوف الى حين عودته ,

و أشار لكريم للاهتمام بالأمور , ثم اتجه الى الغرفة , التي قصدتها ملك قبل لحظات ,
بقلب متضرع ألا تزيد الأمور سوءا , فهو ليس مستعدا لخسارتها هنا .





صعد كريم على المنصة , و اعتذر بلباقة من الحضور , ثم طلب منهم الاستمتاع بالغداء , على شرف علي و زوجته ,

و ما لبث الندل أن بدؤوا بتقديم الطعام , تحت أنظار الضيوف المندهشين , مما حصل قبل قليل , دون أن يستوعبوا تماما كل القصة , و قد دخلوا مباشرة في حلقات نميمة .



" يا الهي لقد حصلنا على عرض حب مباشر , مثلما يحصل في الأفلام "

" أجل و ذلك الرجل يبدو كممثلي السينما , هل رأيت عينيه و ابتسامته ؟ "

" نعم , ملك المجنونة حصلت على فارس أحلامها , الذي لطالما حلمت به "

" أجل هي مجنونة تماما لتركه , و جعله يأتي خلفها الى هنا "

" أنا مستعدة لفعل أي شيء , للحصول على نصف ذلك الاعتراف الجميل "



" و يقول أنه يعتذر عن احتجازها هل هو مجنون ؟

أنا لا مانع لدي ان أراد اختطافي أو احتجازي ,

ان كان صاحب العينين السوداوين , و الابتسامة الساحرة هذا هو السجان فأنا أقبل "

استمرت الهمسات و التعليقات طوال فترة الغداء , و على العكس تماما كان هناك صمت مريب , يسود الغرفة المغلقة في الطرف الآخر .


.
.



داخل الغرفة كانت عدراء , تجلس الى جانب زوجها بتصلب , و الذي كانت ملامحه في منتهى الغضب , و علي يجلس على أريكة مقابلة ,

أما ملك فقد كانت تقف , الى جانب المرآة بينهما لا تريد الجلوس , فيما يبدو أن الغرفة مخصصة , من أجل استراحة عروس أثناء العرس ,
و قد كان التوتر قد بلغ مبلغه منها , متوجسة من صدام وشيك بين علي و والدها .





و كان علي من بادر بالكلام , محاولا تخفيف الضغط عليها قدر المستطاع

" سيدي أنا ... "



قاطعه عز الدين باستياء شديد

" التفاصيل "

ثم استدار ناحيته و رمقه بنظرة قاتلة

" أريد تفاصيل ما حصل مع ابنتي , و ليس كلاما عاما مرسلا , مما قلته قبل قليل "



ابتلع علي ريقه و حدق ناحية ملك , التي كانت تنظر ناحية والدها بقلة حيلة ,

و بدأ بعدها بسرد ما حصل منذ أول يوم , متخطيا بعض التفاصيل التي قد تحرج ملك ,

و رغم أنه حاول اظهار مشاعره , في كل كلمة قالها , الا أن والدها فقد السيطرة على نفسه
بمجرد أن ذكر علي حادثة , تلقيها الرصاصة بدلا عنه ,
و اجرائها لعملية جراحية خطيرة , خاصة حينما عرف بالمضاعفات , و الخسائر التي تكبدتها .





فيما كانت والدتها تجلس تحت الصدمة , انفجر والدها بسخط عارم في وجهه

" و واتتك الجرأة لتأتي الى هنا , و تقول ما قلته في وجهي دون خوف ,
بعدما كدت تتسبب في موت ابنتي ؟ "

صرخ عز الدين بصوت مخيف , أجفل علي الذي توقف عن الكلام .



أراد عز الدين الوقوف و احتضان ملك , و الاطمئنان عليها مجددا لكنه تراجع ,
فقد كان مستاءا منها هي الأخرى , لأنها أخفت الأمر عنهم كغرباء , و كذبت بشأن زواجها المزعوم لأشهر ,

تحملت كل ذلك لوحدها , و لم تخبرهم حتى بعد عودتها , و قد اعتبرها قلة ثقة من طرفها , في حبهم و تفهمهم لها , مانحة الفرصة لهذا الرجل لاستغلالها بتلك الطريقة .



لم تقل ملك شيئا للتبرير , و قد فهمت نظرات والدها اللائمة , و اكتفت بالوقوف مكانها محدقة في الاتجاهين ,

محاولة السيطرة على مشاعرها المختلطة , بين الشعور بالذنب اتجاه والديها , و الشعور بالشفقة على حال علي .

هي تعلم كم أن علي , رجل يعتز بنفسه و بكرامته , و أن جلوسه مكانه دون ردة فعل , على هجوم والدها و كلماته المهينة و القاسية ,
هو فقط لأجل خاطرها و احتراما له ,

و هي خير من يعرف عنفه في الرد على الاهانة , و هذا دليل آخر على صدق مشاعره ناحيتها و تقديره لها ,

لكن و رغم ذلك , لم يكن هناك شيء بيدها لتفعله للتخفيف عنه , هي لن تخون والديها مجددا من أجله .





" ما الذي تريده الآن ؟ "

سأله عز الدين لانهاء الجدال المحتدم , في محاولة منه لاخراج هذا الرجل اللحوح من هنا .



نظر علي ناحية ملك بعينين دافئتين , و أجابه بنبرة هيام واضحة

" أريد زوجتي , أنا أحبها و لن أتنازل عنها , لكن برضاكما هذه المرة "


تورد وجه ملك من الاعتراف , و لم تعد تعرف أين تضع عينيها , هي لم تعتقد أن علي جريء , لدرجة قول ما قاله أمام والديها .



" فعلا ؟ طلبك مرفوض اذا ,
ليس لدي بنات للزواج , هيا غادر مع عائلتك قبل أن تفوتك الطائرة "

عارض والدها مباشرة و بحزم , و حدقت ملك ناحيته بعيون متألمة , لكنها التزمت الصمت دائما .



لاحظ علي ذلك لكنه لم يعلق و استرسل

" ألن تسألها رأيها ؟ "

هو يعرف بأنه رجل مثقف و متفتح , يؤمن بحرية الآخرين و حقوقهم , و لن يبخس ابنته حقها الشرعي .



لكن والدها لم يكن يرى أمامه في هذه الأثناء , و قد اختفى كل ذلك التحضر بسماع ما حصل , ليزجره مجددا بنبرة ساخرة


" أسألها عن ماذا ؟

و لم تبدو واثقا جدا , من أنك رجل لا يرفض ؟

أعطني سببا واحدا وجيها , لأزوج ابنتي الغالية الوحيدة , لرجل متزوج و ابنته بطوله "

عقب على خبر وجود رنا هنا , و الذي لم يهضمه الى حد الساعة .



علي "...."

تنهد علي من أعماق قلبه و أجابه بهدوء

" سيدي أنا لن أتحدث عن وضعي الاجتماعي و الاقتصادي , بإمكانك السؤال عني أينما تشاء ,

لكن بالنسبة لحياتي الشخصية , أنا أرمل و ملك كانت آخر امرأة تزوجتها , و لن أتزوج بعدها أبدا ,

أما ابنتي فملك تحبها كابنتها تماما , و الطفلة متعلقة بها كثيرا كأم حقيقية "



نظرت ملك ناحيته بدهشة

" ألم يتزوج تلك الشابة ؟ أو أنهما أنهيا علاقتهما ؟ "

تساءلت في سرها , فهي لم تعد تفهم شيئا .

لكنها واثقة من أمر واحد , علي لا يكذب أبدا , حتى لو وجهوا مسدسا الى رأسه .





قاطع والدها تأملها ليضيف

" اذا تريدني أن أقبل لأنك تملك الكثير مثلا ؟

و أنا أقول لك , حتى لو أخذت ابنتي , و تسولت بها على أبواب الجوامع ,

لن أزوجها لرجل أساء معاملتها , قلل احترامها و عذبها "





عبس علي أمام هذا الاتهام قبل أن يجيب

" أنا أفهم هذا جيدا سيدي , ملك في بيتي منذ مدة طويلة , و لم أفكر يوما في مساومتها أبدا "

قال و استدار ناحية ملك , التي تحدق اليه باهتمام , و ابتسم ثم استرسل

" أعرف أن المال لا يحل شيئا , لذلك أنا هنا للاعتذار أولا , و طلب يد ملك للزواج ثانيا "


كرر علي طلبه على أمل , أن يلين قلب والدها , الذي قاطعه و هو لا يزال غاضبا

" و أنا لا أسامحك و لن أزوجك ابنتي ,
أليس كذلك ملك ؟ "



جفلت ملك لسماع اسمها , اعتراها برود عام و هي تشبك أصابعها بتوتر , و قد تحول التركيز عليها فجأة

" ها ؟ "

سألت بتشوش و ارتباك , و كأن والدها فاجأها , لكنه أعاد السؤال بطريقة أخرى

" أخبري هذا الرجل أنك لا تسامحينه , و لا تقبلين طلبه للزواج ,

أخبريه رأيك في الموضوع , حتى يحمل نفسه و يغادر دون رجعة "



نظرت ملك ناحية علي , الذي كانت عيناه تحملان بعض الألم , و كأن أحدهم على وشك أن يغرس خنجرا في قلبه ,

تذكرت فجأة كل ما حصل معهما , منذ أول لحظة الى غاية رحيلها ,
صحيح أنه كان بغيضا جدا في البداية , متسلطا و دكتاتورا حد الجنون ,

لكنها لن تنسى أبدا كيف دافع عنها , و اعتنى بها خلال مرضها , كيف كان يخاف حزنها و ألمها , و كيف كان حنونا معها .

رغم أنها لازالت تلومه , على ترحيلها بتلك الطريقة القاسية , و على اخفاء أمر براءتها عنها لوقت طويل ,

لكنها لا تجد في قلبها , كرها ناحيته مهما بحثت , فبامكاننا أن نحقد على من نحبهم من وقت الى آخر , دون أن ينتقض ذلك من درجة حبنا لهم .



لان قلب ملك قليلا , و تكلمت بصوت خافت متأثر

" أنا "

ابتلعت ريقها بتوتر ثم أضافت همسا و هي تغمض عينيها

" أنا أسامحه "



هي لا يمكنها أن تحقد عليه أكثر مما فعلت , صحيح هي كانت غاضبة , بسبب طريقة ابعادها و تخليه عنها ,

لكن كل شيء أصبح من الماضي , بمجرد أن بذل جهده للاعتذار بصدق ,
هي شخص لا تحمل ضغائن لأحد , فكيف بالرجل الذي تحبه .



اتسعت عينا علي من المفاجأة , فملك آخر شخص توقع منه المساندة , في هذه الجلسة و تحت هذا الضغط ,

و لم يدر بنفسه الا و قد نهض من مكانه , أمسك ملك من يدها و سحبها , ليأخذها في حضنه بشدة ,
معبرا عن سعادته و امتنانه , بعدما يئس من أن يلين قلبها .



لكن ملك كانت تسدل يديها الاثنتين , و تضم قبضتيها مانعة نفسها , من لف يديها حول خصره , و الاستمتاع بحضنه الدافيء الذي اشتاقت له كثيرا ,
لكنها شعرت بالحرج لوجود والديها هناك .





شرد علي لثوان و هو يضم ملك , قبل أن يخرجه صوت والدها من متعته

" هاي أنت ما الذي تفعله ؟
من سمح لك بأن تضع يدك على ابنتي و تلمسها ؟
هيا ابتعد عنها "

قال و قد نهض من مكانه لردعه , لتقف عدراء بينهما كحاجز .



سحب علي يديه فجأة , و قد جفل لسماع صوته الغاضب , أفلت ملك التي تحول وجهها الى لون الطماطم , و وقف الى جانبها في وضعية استعداد ,

كان يحك رقبته و هو يشعر بالاحراج , كمراهق أمسك به على السطح , و هو يعاكس ابنة الجيران .



لامت ملك نفسها لتسرعها فوالدها محق , ما كان يجب أن تسمح له باحتضانها هكذا أمامهما ,
فذلك تقليل من احترامهما ,

و سرعان ما استكملت جملتها , التي قاطعها علي باندفاعه قبل قليل

" أنا أسامحه و لكنني لا أقبل الزواج به "

قالتها بصوت منخفض لكن حازم و هي تطأطيء رأسها , متفادية النظر الى عيون أي أحد من الثلاثة .



كان هذا القرار المنطقي الوحيد الذي فكرت فيه , منذ دخلت من الباب و حضرت الجنون الذي بدأه هذا الرجل ,

هي لا يمكنها تعذيب علي أكثر , بالاصرار على تحميله الذنب , هي تحبه و ألمه يؤلم قلبها

لكنها لا يمكنها تخييب ظن والديها , بالوقوف ضد ارادتهما و الارتباط به مجددا ,

لذلك فمسامحته من أجل خاطره , و رفض عرضه من أجل خاطرهما , متناسية تماما معاناة قلبها .





صدم علي و قد خاب أمله , و هلل والدها بغبطة و قد انفرجت أساريره

" هذه هي ابنتي التي أفخر بها , ملك حبيبة والدها و قرة عينه ,

هيا أيها السيد و قد سمعت جوابها , بامكانك أخذ أغراضك و الرحيل ,
نحن لا نريد نسبك "




لكن علي سرعان ما تمالك نفسه و أصر مجددا , فهو لن يغادر من هنا , قبل أن ينال ما يريده

" و لكنني متأكد أن ابنتك تحبني , و متأكد أكثر أنها تريد الزواج مني ,

أليس كذلك ملك ؟
لا يهم ان قلت لا الآن , أنا سأعود عشر مرات أخرى لطلب يدك "



استفز اصراره والدها و زجره بنبرة منزعجة

" هاي أنت لا تحدث ابنتي , أنت فعلا عديم الحياء ,

كلامك معي أنا الآن , و كما قلت طلبك مرفوض نهائيا "



وقفت ملك تلتزم الصمت بقلة حيلة , و لا تجد ما تقوله , أمام عيني علي اللتين تذيبان قلبها , و حماس والدها المناهض الذي يجتاح روحها ,


و كانت عدراء من قاطع النقاش الحاد أخيرا

" عز الدين , هل يمكن أن نتحدث على انفراد لبعض الوقت ؟ "





تجهم وجه زوجها و رمقها بنظرة انزعاج , طبعا هو يحفظ زوجته جيدا , و ما دامت لم تقل شيئا , ضد علي طوال الجدال ,
فمعناه أنها ستدافع عنه خلال انفرادهما , و هو لن يسمح بذلك أبدا

" لا تقولي أنك في صف هذا المحتال ؟ "

سأل بغضب و أجابت عدراء بكل ثبات

" أنا أقف في صف ابنتي "



" لكن من مصلحة ابنتك ألا تبقى معه , هو لا يستحق الفرصة التي يبحث عنها "

أصر عز الدين على موقفه , و حدقت عدراء ناحيته بحدة و أجابت

" غيره استحقها بعد سنوات طويلة "

قالت بحزم مشيرة الى ماضيها معه , و قد انتظرته لأكثر من اثنتي عشر سنة .





عبس عز الدين لذكرها الأمر أمام الرجل الغريب , و اندهش علي و ملك لموقف المرأة , التي كانت تلتزم الصمت و تراقب دون تدخل ,


أخذت عدراء نفسا عميقا , و طلبت مجددا بهدوء , و هي تحدق الى عيني زوجها

" سنتحدث في غرفة مجاورة "

قالت بنبرة حازمة لا تقبل المناقشة , و قامت من مكانها بعد أن أشارت له بعينيها , و لم يجد عز الدين بدا من ارضائها .




غادر الزوجان الى غرفة أخرى وفرها النادل , و عاد علي و جلس الى الأريكة , و أطلق تنهيدة منهكة و قد خارت قواه , فما حصل أكثر شراسة من مباراة مصارعة دامية .

جلست ملك الى جانبه هذه المرة , فلم تعد رجلاها تحملانها هي الأخرى , و بقيت عيناها معلقتان بالباب , الذي أوصد عليهما قبل لحظات .



بقي الاثنان صامتين لدقائق , قبل أن يقطع علي الجو المريب

" آسف "

قال بصوت هامس مخاطبا ملك .



لم يكن اعتذاره فقط بسبب ما حصل سابقا , و انما بسبب الاحراج الذي تسبب به الآن .

هو يعلم كم أن ملك لا تحب جذب الانتباه , و لا أن تكون مركز ثرثرة الآخرين ,
لكنه لم يجد حلا آخر , غير الفوضى التي أثارها لتصحيح ما فعله ,

متأملا ألا تأتي النتيجة بشكل عكس , فلا يبدو أن صهره سيتراجع بسهولة .



لم ترد ملك عليه في البداية , فما كان من علي الا أن مد يده , و احتضن كفها بدفء ثم كرر

" آسف فعلا "



هزت ملك رأسها هذه المرة , و ردت عليه بصوت متأثر , دون أن تسحب يدها مما أشعره ببعض الراحة

" لا بأس , سبق و أن قلت أنني سامحتك "





ابتسم علي و لم يستطع منع نفسه , من أن يقبل جبينها , و يعدل خصلة من شعرها خلف أذنها ثم يطمئنها

" سيكون كل شيء بخير ملك , أعدك "



لم تقل ملك شيئا لتأييده أو معارضته , فهي لا تملك الثقة التي يتحدث بها , و قد كان بالها مشغولا , بما يحصل في الغرفة المجاورة .



شكرا لكل المشاعر الجميلة و التهاني , التي تلقيتها من طرفكم , و التي لمست شغاف قلبي

بدأ العد التنازلي 😔 لم يبق الا ثلاث فصول , و تنتهي مغامرة الثلاثمائة يوم 😉 .





😘💞💞





.......



ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-21, 10:05 PM   #2620

Kemojad

? العضوٌ??? » 462629
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » Kemojad is on a distinguished road
افتراضي

واو واو واو
فاجئني علي بصراحه وكنت متوقعه أن الحادث خدعه
فصل رائع رائع جدا شكررررا


Kemojad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:41 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.