24-12-20, 03:33 PM | #1611 | |||||
| اقتباس:
يعزك ربي حبيبتي و يبارك في عمرك و في عمر اولادك و احفادك ماشاء الله عليكي لم أتوقع انني امتلك متابعين من العيار الذهبي بقدرك فقد فاجأتني 💖💖💖💖💖 داءما اقول ان اقل قدر من الاحترام هو الرد على أشخاص يحادثوننا بكل ود و ليس هناك اجمل من جبر الخواطر و لو بكلمة 💞💞 أما بالنسبة للالتزام اعتقد أنه نتيجة تأثير طبيعة عملي على شخصيتي انا مهووسة قليلا بالوقت و الدقة ☺️🤗 لأن ثانية واحدة قد تفصل بين الموت و الحياة 💞 شكرا على الدعم الجميل الذي احظى به من طرفكم 🌹🌹🌹🌹🌹و اعدك ان لا شيء سيغير طبيعتي في المستقبل مهما كتب لي من نجاح ان شاء الله في هذا المجال ❤️ فأنا و الحمد لله ناجحة في عملي و لم يؤثر ذلك يوما على تصرفاتي فمحبة الناس و احترامهم لا يقدر بثمن 🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺 | |||||
24-12-20, 10:48 PM | #1617 | ||||
| البارت السابع بعد المائة زيارة مفاجئة 💖 " الوفد الأمريكي وصل قبل دقائق , و هم بصدد تجهيز أنفسهم , في قاعة الاجتماعات الكبرى " اختتم كريم تقريره الصباحي على مسامع علي , الذي كان يعمل بتركيز على حاسوبه , محاولا مراجعة آخر اللمسات على المشروع , الذي اقترح من طرف شريك أمريكي , يخص أعمال فندقة على نطاق واسع هنا و هناك . " جيد سأوافيهم خلال ربع ساعة " أجابه علي بنبرة هادئة , اختطف بعدها نظرة متفحصة على وجه صديقه , قبل أن يعود لتمشيط الأوراق أمامه و يسأله بفضول " ما بك تبدو متجهما هذا الصباح ؟ اذا كنت متعبا بامكاني اعفاؤك من الاجتماع " اقترح علي على كريم , رغم أنه متيقن أن حال صديقه , أبعد ما يكون عن التعب , فالرجل يعمل مثل آلة حصاد دون انهاك , و كما توقع كانت اجابة كريم حاسمة " لا لست تعبا لن أفوت هذا اللقاء الهام , سأكون مسؤولا عن القاء الشق الخاص , بالتدابير الأمنية في المشاريع الجديدة لن يأخذوا عنا فكرة جادة ان فوتت الاجتماع " هز علي رأسه برضا قبل أن يضيف " ما الذي يشغل بالك اذا ؟ لا أريد أن يتفجر بركان غضبك في الداخل , و نتسبب في حرب عالمية بين البلدين " "...." أصيب كريم بصدمة من كلامه لكنه لم يستغرب , فلطالما كان علي أفضل , من يقرأ تعابيره مهما كانت جامدة , تنحنح قليلا قبل أن يبوح بما يزعجه " أسيل لديها مشكلة و لا أجد لها حلا " " و ما نوع المشكلة ؟ " سأل علي و أومأ برأسه , و قد توقع بالفعل سبب توتر صديقه , فحسب ما يراه مؤخرا , فان كريم يفقد صوابه , لمجرد تساقط بضع شعرات , من رأس تلك الشابة , هو يقدر مشاعرهما ناحية بعضهما كثيرا , لكنه لحد الساعة لا يفهم , كيف أن انسانة رقيقة و هشة مثل ابنة سالم , بامكانها السيطرة على هذا الجبل المتحرك بابتسامة صغيرة , تنهد علي بعمق بعدما تذكر حاله , هو لا يمكنه أن يلومه أبدا , لأنه هو نفسه أصيب بنوبة ذعر , حينما رأى جرحا بسيطا , في كف ملك ذاك اليوم , و كاد يصاب بنوبة قلبية , حينما مثلت عليه الغرق سابقا . " تريد أن تتدرب في شركة جيدة " أجاب كريم قاطعا عليه أفكاره , التي أعادته ليغرق في عينين عسليتين يشتاق لهما بألم , لكنه يصر على الاعتكاف هنا , و قد حطمت كلمات ملك , التي قالتها ذلك اليوم , معظم آماله في الاحتفاظ بها أو اختطاف قلبها , صحيح أنه لا يعارضها فيما قالت , لكنه تفاجأ لكل تلك الواقعية و العقلانية التي تحلت بها , فيما حاد هو الرجل الذي عرف عنه الحكمة عن طريقه , ليستسلم لوهم أفاقته منه ملك على واقع مر , أدرك علي بعد أن سمع كلماتها القاسية تلك , و كررها مرارا مع نفسه طوال الأيام الماضية , أن ملك محقة في جزء كبير من تفكيرها , هو اذا أراد بناء حياة حقيقية معها , فعليه أن يهدم أولا , الصورة الزائفة التي صدرها للآخرين , و يسعى لكتابة عقد جديد , على أسس متينة و شرعية , يعرف أن طريقه لتحقيقه شاق و مزروع بالشوك . أخرج علي نفسه عنوة , من أفكاره الداهمة التي تشتت عقله , فيما هو بحاجة الى كل ذرة تركيز , قبل الدخول الى الاجتماع المصيري , و سارع للاستفسار من كريم " جيد أنا أقدر طموحها , لكن أين المشكلة في كل هذا ؟ أو أنك ترفض عملها ؟ " " لا ليس كذلك , أنا لا أمانع عملها , لكنني أمانع ما تفكر في فعله " قص عليه بعدها كريم بايجاز ما حصل , طبعا دون أن يذكر مساعي حسام السابقة للايقاع بها , و كل تلك القصة المحرجة عنها , مهما كان تقديره و احترامه لعلي , هو لن يبوح بأسرار خطيبته أمامه . " أعتقد أن تفكيرها يستحق الاحترام , هي لا تريد الاعتماد عليك , لبناء مستقبلها و ذلك حقها , الآن هل أنت متأكد أن العمل , الذي تحصلت عليه غير مناسب بالفعل ؟ يعني ألا يجوز أنك تبالغ في حمايتك لها ؟ " حاول علي استيعاب أصل المشكلة , ليجيبه كريم بصوت حانق " لا كما أخبرتك , ابن صاحب المشروع شاب غير موثوق , سبق و أن أوقع بصديقتها , لتحمل منه ثم غدر بها , و نظراته ناحية أسيل لم تعجبني يوما " " حسنا اذا أرسلها الى أحد مشاريعنا , ما دمت أقنعتها بتغيير اختيارها بالفعل " " أرغب بذلك بشدة , لكنها كما قلت لا تقبل بالأمر , و تعتقد أنني أفرض عليها أمورا ضد ارادتها " تذمر كريم و تأفف بصوت عال , و تفهم علي موقفه مباشرة , فلديه نسخة مطابقة من أسيل في بيته " ليس ان لم تعلم أنه مشروعنا من الأساس " هز علي كتفيه و عرض عليه فكرة جديدة . قطب كريم جبينه لما سمعه و أجابه باستنكار " تقصد أن أكذب عليها ؟ " "...." قلب علي عينيه تذمرا و أضاف " ليس كذبا أنت ستخفي عنها بعض الحقيقة فقط , أنتما أرسلتما بالفعل بعض الطلبات الى مشاريع مناسبة , جد أحد شركائنا ليبعث برد قبول لها , و اذا أردت رأيي ضعها , تحت عناية احدى المهندسات , هناك الكثير منهن موثوقات , هكذا تكون أنت مطمئنا و مرتاحا , و تقوم هي بما ترغب به " انفرجت أسارير كريم , و لمعت عيناه بحماس , فهو لم يفكر في هذا الحل أبدا , هو كان يحمل هم ارسالها , الى أية ورشة مخافة التعرض للتحرش , حتى لو أبعدها عن حسام , سيكون هناك الكثير غيره , لكن هكذا سيحرص على التوصية عليها سرا , و لن تتعرض لمكروه أبدا . " و ماذا لو عرفت بالأمر ؟ " سأل كريم بتردد , و هو يطلب رأي صديقه الخبير مجددا , رغم أن شعورا بعدم الارتياح كان يخالجه " لن تعرف الا اذا أخبرتها أنت , و حتى و ان فعلت , من المفروض أن تكون سعيدة لأنك تهتم لراحتها " حاول علي تخفيف عقدة الشعور بالذنب عنه , و التزم كريم الصمت و قد بدأ بالفعل , في تقليب الاحتمالات المناسبة , للمواقع التي يمكنه ارسالها لها . " سيدي الاجتماع جاهز , ينتظرون قدومك " قاطعت ليلى السكرتيرة النقاش , ليشير لها علي بالانصراف " سأوافيك خلال دقيقتين " ثم خاطب كريم بلهجة جادة " فكر جيدا قبل أن تقرر , ستعاني مع وساوسك اذا كان اختيارها غير موفق , لنذهب لأننا سنتأخر عليهم " غادر بعدها الاثنان الى قاعة الاجتماعات , من أجل حرب حضرا لها جيدا . . . . " ماذا هناك خالة فاطمة ؟ " سألت ملك باهتمام بعدما رأت قلقها " لا أدري ابنتي , المشرفة في مدرسة رنا قالت , أنها تحتاج علي لأمر هام يخص ابنته , و لكنها لم تتمكن من التواصل معه " شعرت ملك بالتوتر هي الأخرى " ألم تقل ما المشكلة ؟ " " لا لم تخبرني أية تفاصيل , لكنها قالت أن الأمر عاجل , و يتطلب حضور علي بنفسه " قالت فاطمة و هي تحاول الاتصال , على هاتف علي الخاص , المغلق منذ الصباح دون جدوى . في أوراق المدرسة الخاصة برنا , وضع علي رقمه الخاص , و بعده مباشرة رقم البيت للحالات الطارئة , حتى يتصلوا عليه في حالة , لم يستطيعوا الوصول اليه شخصيا , كأن يكون مسافرا مثلا ، لأنه متأكد أن فاطمة , أكثر من يمكنه أن يأتمنه على ابنته في غيابه , هو يثق في امكانية تصرفها , بحكمة و فاعلية في وقت قصير . و طبعا رقم صفية يأتي في المرتبة الثالثة , يعني لن يتصلوا بها , الا اذا كان الأمر خطيرا جدا , والدته تعاني من السكري و الضغط , لا يريد التسبب في أزمة قلبية لها , فقط لأن رنا سقطت , و آذت ركبتها خلال الرياضة . بسماع كلام فاطمة و رؤية انزعاجها , شعرت ملك بقلقها يتزايد تدريجيا " هل يمكن أن تكون رنا أصيبت بمكروه ؟ " كان أسوء الاحتمالات التي تبادرت على ذهنها . لتطمئن فاطمة بالها قليلا " لا أعتقد و الا كانت أخبرتني , لكنني متأكدة أنها مشكلة جادة , و الا ما طلبته هنا بهذا الالحاح , فكل ما قالته المرأة أنها تريده هو شخصيا , و أنا لا أستطيع الوصول الى هاتفه " " هل اتصلت بالشركة ؟ " اقترحت ملك تفكر في حل سريع " أجل و السكرتيرة الخاصة به قالت , أنه في اجتماع هام جدا مغلق منذ الصباح , و سألتني ان كان الأمر خطيرا حتى تقاطعه , و أنا لم أعرف ما أقوله لها , أخشى أن يكون الأمر عاديا و أثير هلعه , أو مجرد معاملات خاصة بالطفلة , و التي يقومون بها من وقت الى آخر , حينما قلت هذا اعتذرت لعدم قدرتها على ازعاجه , لكنها وعدتني أن تعلمه بمجرد أن ينتهي " قالت فاطمة و هي تعيد هاتف البيت الى مكانه . معلوم لدى الجميع أن الاجتماعات المغلقة الهامة , ممنوع فيها المقاطعة منعا باتا , الا اذا كانت مسألة حياة أو موت , فعلي صارم الى هذه الدرجة في عمله , صحيح أن ابنته أولوية في حياته , لكنه لن يقبل أن تهتز أعماله , لأن علامة رنا في الرياضيات , لم تكن مرضية هذا الشهر , فلكل شيء مكانه و قيمته . " سأقصد المدرسة لتقصي الموضوع , و اذا كان أمرا هاما فعلا , سأعلم علي و هو يتصرف " قالت فاطمة و هي بصدد العودة الى غرفتها , لتغيير ملابسها و احضار حقيبة يدها , لن تكون المرة الأولى التي تتدخل فيها , من أجل موضوع يخص الطفلة , لكن ملك استوقفتها و اقترحت عليها " ما رأيك أن أذهب أنا لأرى ما المشكلة , قد يكون أمرا بسيطا لا يستحق الجزع , و اذا كان الموضوع خطيرا نبلغه ؟ " فكرت فاطمة قليلا قبل أن توافق بنبرة ممتنة " و الله ستسدينني معروفا يا ابنتي , تلك المشرفة سامحها الله , تتحدث معظم كلامها بالانجليزية , و أنا لا أفهم ما تقوله في المرات القليلة , التي ذهبت فيها الى هناك , أعتقد أنك ستكونين أكثر افادة مني " " أكيد خالة فاطمة لا مانع لدي , و ربما أصطحب رنا معي في طريق العودة " أرادت ملك الذهاب بنفسها للاطمئنان , و تغيير جو البيت الذي صار يخنقها , خاصة في غياب علي الحانق . " حسنا ابنتي جهزي نفسك , سأخبر ابراهيم ليقلك اذا , اذا حصل أي خطب أعلميني , سأجد من يجد علي و لو كان في آخر الأرض " عرضت فاطمة ترتيب الأمر , لكن ملك كانت مستعجلة للمغادرة " لا داعي خالة , فقط أطلبي لي تاكسي , سنضيع الوقت بانتظار عودة ابراهيم , و استمري بالاتصال على هاتف علي فقد يفتحه " " حسنا كما تريدين , سأعلمهم في المدرسة , بأنك في طريقك اليهم " أجلت فاطمة قليلا أمر الاتصال بعلي , لأنها لا تعلم ما الذي يحصل بالضبط , و قد تثير حالة طواريء قصوى في الشركة , ثم يظهر أن الأمر مجرد اشكال بسيط ، لذلك وثقت في قدرة ملك على التصرف ، و تركت الأمر في يدها مؤقتا . غادرت ملك سريعا في اتجاه المدرسة , و هي لا تزال قلقة , من تعرض رنا لأمر خطير , رغم تطمينات فاطمة الا أن بالها كان مشغولا , فلأول مرة يتصلون بعلي , في البيت فترة وجودها هنا , بمجرد وصولها دعتها السكرتيرة للدخول , ملك هناك لا تحتاج أي تقديم , فالكل هنا يعرف أنها زوجة علي و والدة رنا الثانية , فقد رأوها مرارا مع الطفلة توصلها أو تستعيدها , و قابلوها أثناء الحفل المدرسي مع علي و مريم , كما أن رنا تناديها ماما ملك مؤخرا , فمن ذا الذي يجرؤ على اعتراض طريقها ؟ بمجرد أن سلمت ملك على المشرفة , سارعت للاستفسار بقلق جلي " أنا هنا بشأن اتصالكم بحثا عن علي " ثم أضافت تحت أنظار المرأة المتسائلة " علي غير متفرغ حاليا , هل بإمكانك اخباري ما الذي يجري ؟ " بدت ملك متوترة جدا , خشية أن تكون رنا تعرضت لحادث , أو ربما تعرض لها أحدهم و أزعجها , خاصة أنها تسير بخطوات قزمة , في طريق العودة للاندماج مع أقرانها . ابتسمت المرأة الخمسينية بحرج , و بادرتها بعدما دعتها الى الجلوس مقابلها " سيدتي أنا آسفة بشأن إثارة قلقكم , لم يكن الأمر مقصودا بهذه الطريقة , لكننا نحتاج امضاء السيد , على قبول تنقل رنا معنا في رحلة تعليمية , الى متحف اللوفر بأبو ظبي نهاية هذا الأسبوع , سلمنا الورقة للطفلة كباقي الطلاب منذ يومين , و لكنها أعادتها اليوم صباحا دون امضاء , و قالت أنها لا تريد الذهاب , رغم أنها كانت متحمسة جدا في البداية , في الحقيقة أردت ترك الأمر , معتقدة أن السيد من يرفض , لكن طبيبتها النفسية كانت قد أوصت , بضرورة ادماجها مع باقي الأطفال , في مثل هذه النشاطات الجماعية , لم أتوقع أن أثير خوفك آسفة جدا , و لكن اليوم آخر موعد للحصول على موافقة الأولياء , لذلك أردت عمل محاولة أخيرة , و الاستفسار من السيد علي بنفسي , عن سبب رفضه مرافقة ابنته لنا " قالت المرأة ما يحصل مرة واحدة دون انقطاع , محاولة التخفيف من جرعة الذعر , التي لمحتها على ملامح ملك منذ دخولها . تنهدت ملك بعمق , و استعادت وجنتاها توردهما , بعدما تلاشى شحوبها و قد شعرت بالارتياح , لأن الأمر ليس خطيرا كما تخيلت , و قد استوعبت الآن فقط سبب , سؤال رنا عن علي بالحاح ، و استفسارها عن وقت عودته خلال الفترة الماضية , و شعرت ببعض الذنب يتآكلها , لأنه متغيب عن ابنته بسبب نقاشهما ذاك . لكنها لم تفهم لم لم تخبرها رنا بالأمر ؟ عادة هي تعلمها بكل تفاصيل دراستها و يومياتها أو أنها شعرت أنهما متخاصمين , و لم ترد ازعاجها أكثر ؟ في النهاية الطفلة حساسة جدا ، و أكيد شعرت بالقطيعة التي بينهما منذ أيام , و لم ترد أن تزيد الوضع سوءا . أو ربما أنها أخبرته بالفعل و هو رفض , و بالتالي تخلت عن المشاركة التي تتوق لها ؟ شعرت ملك بالاستياء يعتريها ، لأن المجنون سيحرمها من فرصة كهذه بتسلطه و وسوسته , فهي أكثر من يعرف , كم أنه يعارض اختلاط الطفلة بالآخرين . تمالكت ملك نفسها سريعا , و فكرت بعدها قليلا قبل أن تقترح " حسنا سيدتي , ألا يمكنني امضاء الورقة بدلا عنه ؟ " ستمضيها الآن و ستجعله يوافق رغما عنه لاحقا , ستكسر مزهرية على رأسه ان تطلب الأمر ذلك لن يكون الوضع جديدا على علاقتهما المجنونة , التي تظل النقاشات الساخنة عنوانا لها . لكن المرأة التي بدت متعاونة جدا منذ وصولها , ابتسمت لها مجددا و رفضت بتهذيب " لا سيدتي آسفة لا يمكنك , صحيح أن السيد أضاف اسمك في اللائحة , لكن قانون المدرسة واضح , في المسائل المماثلة فقط ولي أمرها , هو الوحيد المخول للموافقة , أو رفض أي قرار يخص الطفلة " لم تستوعب ملك ما قالته المرأة و سارعت للاستفسار " عفوا أية لائحة ؟ " " لائحة الأشخاص الذين بامكانهم اصطحاب الطفلة , و حضور الاجتماعات و النشاطات معها , السيد فعل ذلك مؤخرا ، أضاف اسمك الى جانب اسمه و اسم والدته , ألم يخبرك ؟ " سألت المشرفة باستغراب , و هي تحدق ناحيتها بعينين متفحصتين , خلف نظاراتها الطبية الأنيقة . بلعت ملك ريقها و قد فهمت قصدها , و بعد تردد لثوان ردت عليها , بصوت هامس و شبه ابتسامة " بلى " لم تجد بما تجيبها به غير هذا , و قد شعرت بالصدمة لسماع الأمر , فهو لم يخبرها شيئا عن الموضوع , رغم أنهما تناقشا في تفاصيل دراسة رنا سابقا . " هل يعقل أن هذا تأكيد مضاعف لثقته بي , و التي اتهمته بعدم وجودها ؟ " تساءلت ملك بحيرة كبيرة , و قد انتبهت ملك الآن فقط لأمر مهم آخر " ثم لم يبدو بأنه يحاول اشراكي , في كل أمر يخص ابنته , و كأنني وصية شرعية عليها ؟ " و الجواب كان واضحا , هي بإمكانها رفض العلاقة معه , مقاطعته و نبذ ذلك العقد الزائف , لكنها ليس بإمكانها رفض مشاعر الطفلة , تحمل مسؤوليتها و ارتباطها بها , هي حتى لا يمكنها رفض كلمة ماما ، التي تناديها بها و تكسر خاطرها . " لكن لم يستغل علي ذلك ؟ " ليس من مصلحته و لا من مصلحة رنا ، تعليقها بها الى هذه الدرجة , سيتحول الوضع الى كابوس بعد رحيلها . بدأت ملك تشعر بالخوف يتسلل الى قلبها , بسبب ثقل الرابط الذي أصبح بينهما , و الذي أدركته مؤخرا فقط , بموت مريم و عودة رنا الى التحدث , هي كانت تعمل جاهدة , على أن تكون وصلة همز بين المرأة و ابنتها , لاستعادة العلاقة الخاصة بينهما لا أكثر , متى تحولت الى جزء فاعل في المعادلة ؟ هي لا فكرة لديها . و هي الآن فعلا لا تعرف , ما مصير هذه العلاقة التي تتوطد كل يوم , و قد راودها فجأة شعور , بأنها تورطت أكثر مما ينبغي . انتبهت ملك من شرودها ، على صوت المشرفة تحدثها بلطافتها المعهودة " لكن لا بأس سيدتي لا تشغلي بالك , سأرسل أحدهم للحصول على امضائه , أنا فقط أردت تسريع الأمر , باستدعائه و مناقشته بنفسي " قاطعتها ملك عارضة التدخل " لا داعي سيدتي , سأحصل لك على الامضاء , قبل انتهاء اليوم أعدك , أين الأوراق اللازمة ؟ " هي تعرف أن الساعي قد يعود أدراجه , اذا لم يستقبله علي سريعا , و هي لا تريد تفويت الفرصة على الطفلة , فمن حقها الاستمتاع أخيرا كأقرانها . بعدها أجرت ملك اتصالا سريعا , بفاطمة من مكتب المشرفة , أخبرتها ما المشكلة و طمأنتها , ثم أعلمتها أنها ستقصد الشركة , قبل العودة الى البيت . عرضت عليها فاطمة الاتصال بالشركة , لتسهيل مهمتها كما فعلت مع المدرسة , لكنها أخبرتها أنها ستتدبر أمرها , ليس و كأنها طفل يحتاج توجيها و توصية . بعدما سلمتها المشرفة الأوراق , استقلت ملك سيارة أجرة , و اتجهت الى الشركة مباشرة . . . . " عادت الطفلة الى مزاولة دراستها قبل أسبوع سيدي " " و لم تأخرت الى هذا الوقت ؟ " سأل الرجل في الطرف الآخر بصوت ممتعض , ليجيبه الشاب المكلف بالمراقبة " كانت في حداد على وفاة والدتها , اضافة الى أنها كانت تتلقى علاجا نفسيا مكثفا " " اذا ماتت تلك العاهرة , خسارة كنت أرغب بتحطيمها بيدي " تمتم الرجل بينه و بين نفسه بسخرية , قبل أن يبادر حارسه مجددا " ماذا تفعل طفلة لدى طبيبة نفسية ؟ " " الممرضة التي أصادقها الآن , قالت أنها كانت بكماء , و عادت للتحدث مؤخرا , و هي تزورهم ثلاث مرات أسبوعيا في جدول ثابت , و ترافقها احدى المربيات طوال الوقت , لا تأتي وحدها كما تعودت " " و الشحنة ؟ " " ستصل في موعدها المقرر سيدي , و لا تعديل الى غاية اللحظة " " جيد اذا , تابع المراقبة و انتظر الضوء الأخضر مني " أعطى الرجل تعليماته بصرامة و أغلق الخط , أخذ بعدها نفسا عميقا من سيجاره الكوبي , ثم نفث الدخان في الهواء محدثا غمامة بيضاء , قبل أن تظهر ابتسامة خبيثة على جانب فمه , و تلمع عيناه البندقيتان بشر لا متناه . " سنتواجه قريبا أيها السافل , و سنرى من فينا الرجل الحقيقي " تمتم بحقد و ركل الطاولة أمامه , ليقع فنجان قهوته من عليها , و يتهشم محدثا صوتا مزعجا . . . . بعد أربعين دقيقة من مغادرة المدرسة , توقفت السيارة التي تقل ملك , أمام بناية هائلة مكتوب على مدخلها " aac العلي للانشاء و التعمير " لأول مرة تأتي ملك الى هنا , و لولا أن سائق التاكسي أوصلها , ما كانت تمكنت من ايجادها وحدها أبدا . وقفت ملك هنيهة تراقب البناية الفخمة , و قد شعرت بالرهبة فجأة , لمواجهة وشيكة مع علي بعد خصامهما لأيام , و قد أصبح الرجل يتصرف كطفل متمرد حانق , كلما تناقشا بجدية في أي موضوع . لكنها أخذت نفسا عميقا تصفي ذهنها , هي لن تسمح له بأن يخيفها , هي لم تخطئ في شيء مما قالته , و هو لن يفرض عليها طريقة تفكيرها , ستجادله بدل المرة مائة اذا تطلب الأمر , فلتنتهي أولا من موضوع رحلة رنا , و تتفرغ له و لجنونه مجددا . دخلت بعدها ملك مباشرة الى البهو ، و اتجهت الى عاملة الإستقبال , لتبادرها بنبرتها الرقيقة " صباح الخير سيدتي ، من فضلك أريد رؤية المدير " رفعت العاملة رأسها من على شاشة الكمبيوتر ، و قد كانت شابة بشعر أشقر مصبوغ , ترفعه كذيل حصان خلف رأسها , ترتدي بدلة رسمية باللون الأزرق الداكن , و مكياج نهاري موضوع بمهارة , و قد بدت الصورة المثالية للعاملة المتمكنة . و قبل أن ترد على طلبها , تفحصت الشابة ملك بتمعن , من رأسها الى اخمص قدميها , مركزة على ما تلبسه بنظرة تقييمية , سروال أبيض مع قميص زهري و سترة خفيفة , ترتدي حذاءا رياضيا أبيضا ، و تحمل حقيبة صغيرة بنفس اللون , مع ملف أوراق في يدها , دون وجود لخاتم ارتباط أو أي حلي , غير عقد رقيق جدا , حول رقبتها يبدو من الفضة . رفعت المرأة حاجبها بتأفف واضح ، و استنتجت مباشرة أنها واحدة من الطلاب الكثر ، الذين يقدمون على فترة تدريب في شركتهم ، للحصول على شهادات تفيدهم في مستقبلهم المهني , فهي تبدو متواضعة المنشأ , و غريبة عن هنا بسبب لكنتها , كان هذا تقريرا سريعا تجريه العاملة , لكل شخص يدخل الى هنا , و النتيجة شابة متطفلة و تائهة , تبحث بيأس عن فرصة ترفعها عاليا . " لكن أليس من المفترض استقبالهم , في قسم الموارد البشرية , لم تبحث هذه المراهقة اذا عن المدير نفسه ؟ " تساءلت الشابة بصمت في عقلها , و حدقت إلى ملك بكل تكبر , ثم سألتها بسأم لم تكلف نفسها عناء مداراته , فالبنسبة لها هذه الشابة تصنف , في خانة غير المرغوب في وجودهم هنا , و ليس عليها تضييع وقتها الثمين على أوهامها و ثرثرتها " هل لديك موعد ؟ " السؤال الكلاسيكي لعدم المرحب بهم هنا . نظرت اليها ملك بقلة حيلة , و أجابت بكل بساطة و صراحة " لا ليس لدي موعد , لكن الأمر مستعجل أخبريه أن ... " بسماع جوابها بالنفي , ابتسمت الشابة بسخرية و قد صدقت ظنونها , و هي التي اعتقدت لوهلة أنها احدى معارفه , أتت الى هنا بتوصية من أحدهم , لذلك طلبت رؤيته بكل جرأة , ليتضح الآن أنها فعلا , مجرد مغامرة مغرورة كما توقعت . بالوصول الى هذ الاستنتاج , الذي ضاعف نرجسيتها المتفجرة , قاطعتها العاملة مباشرة بنبرة زاجرة , لا تريد سماع تبريراتها عديمة الأهمية " آسفة اذا آنستي ، لا يمكنك مقابلته اليوم ، قدمي طلب موعد و السكرتارية ستقوم بدراسته " " موعد ؟ " سألتها ملك بنبرة مستنكرة , لتجيبها الشابة بلهجة مستهزئة " أجل , و سيتم اعلامك بمجرد حصولك عليه " بدا واضحا أنها تتخلص منها بلباقة ، لكن ملك لم تتراجع , هي لديها ساعتين فقط لتوقيع الأوراق , و الموعد الذي تتحدث عنه الشابة قد يأخذ أشهرا , سيكون أسهل التقاؤه في البيت , لذلك قامت بمحاولة أخرى علها تقنعها " من فضلك أخبريه أن ملك هنا لرؤيته ، أنا متأكدة أنه سيسمح لي بمقابلته " لم تعلم ملك من أين أتى يقينها هذا ، هو غادر غاضبا جدا منها قبل أيام ، و قد يلقيها خارج الشركة ان هو رأى وجهها الآن , أو قد ينكر معرفته بها أمام هؤلاء و يحرجها ، لكن كان عليها الإصرار و التصرف بثقة ، و الا لن تسمح لها هذه المرأة برؤيته أبدا , فواضح أنها بالكاد تتحمل وجودها أمامها ، و هي التي اعتقدت أن الأمور ستسير بسلاسة , كما حصل عند الطبيبة و المشرفة ، ربما ما كان عليها رفض مساعدة فاطمة منذ البداية . رمقتها العاملة بنظرة استهزاء أخرى ، لكنها لم تعلق و حملت السماعة لاجراء اتصال " ألو ليلى ، هناك شابة هنا تريد رؤية الرئيس " صمتت لثوان مستمعة لما تقوله المرأة في الطرف الآخر , قبل أن تضيف و هي ترمقها بنظرة شاملة " لا , ليس لديها موعد " أنهت جملتها و أغلقت بعدها مباشرة ، ثم ردت على ملك بنفس النبرة المتكبرة " آسفة آنستي , لكن السكرتيرة الشخصية للمدير ، قالت بأنه في اجتماع هام جدا و مغلق ، و أنها لا تستطيع إبلاغه حاليا ، كما أنها لا تعرف متى ينتهي " " لكنك لم تخبريها أن ملك هنا تريده " احتجت ملك على تجاهلها المعلومة , لكنها لم ترد الاشتباك معها , و التسبب للمجنون بفضيحة في شركته , سيخنقها لأنها تثير البلبلة هنا . أدرات العاملة عينيها بتذمر , و أجابت بكل عنجهية و لا مبالاة " آسفة آنستي , لكن اسمك لن يغير في الأمر شيئاً ، التعليمات صارمة هنا , المدير لا يقابل أحدا دون موعد , غادري لو سمحت " لتطردها مباشرة هذه المرة . شعرت ملك بالاستياء يجتاحها " لم يبدو بأن اجراءات الأمن هنا مشددة كبناية مخابرات ؟ " بلعت ملك ريقها متحكمة في أعصابها , و قررت طلب فاطمة للمساعدة , فربما تصدقها هذه المتسلطة , و تسمح لها بالدخول , فيما يبدو بأن علي يختار , عمالا يشبهونه في تسلطهم . " طيب سيدتي , هل يمكن أن أستخدم الهاتف ؟ " ملك لا تملك هاتفا منذ سرق منها خاصتها , و لا تحفظ غير رقم البيت ، الذي لقنته إياها فاطمة لحالات الطواريء . لكن الشابة نظرت إليها من فوق الى أسفل , و ردت باستهزاء متقصدة احراجها " لا لا يمكنك , قوانين الشركة تمنع استخدام الهاتف للأغراض الشخصية " عبست ملك و شعرت بالاحراج , و قد أدركت أنها كانت تعيش , معزولة عن العالم لمدة طويلة فمن لا يملك هاتفا في هذه الأيام ؟ لكنها حاولت الصمود في وجه رفضها قليل الذوق ، ابتسمت ملك للمرأة رغم ملامحها المتيبسة ، و طلبت بتهذيب مجددا " هل يمكن أن أنتظر إذا , الى أن ينتهي الاجتماع و تخبريه مجددا ؟ " تنهدت المرأة بصوت مسموع ، و هزت كتفيها بلامبالاة لتجيبها " أنت حرة بإمكانك الانتظار ، لكن أنا لن أضمن لك , أن يستقبلك المدير بعد ذلك " و أشارت برأسها الى أرائك موضوعة في قاعة الاستقبال . شكرتها ملك بلطف رغم قلة لباقتها ، و اتجهت للجلوس حيث أشارت لها . هي أرادت لوهلة أن تخبرها أنها زوجته ، و تستخدم هذه البطاقة للوصول له ، ستفعل هذا فقط من أجل رنا ، لكنها تراجعت في آخر لحظة , اذا كانت العاملة لا تصدق أساسا أنه يعرفها ، أكيد ستسخر منها إن قالت أمرا كهذا . فكرت ملك أيضا أن تسأل عن كريم ليوصلها له ، لكنها تراجعت بعدما تذكرت غضبه العارم ، حينما ذهبت من ورائه , و طلبت منه أن تكلم المحامي , لا تريد توريط كريم في سوء فهم آخر , و لا تريد جدالا آخر مع علي بشأنه , اضافة الى أنه قد يكون في الاجتماع الهام هو الآخر ، و تحرج نفسها مع هذه المتنمرة مجددا دون فائدة , لذلك قررت الجلوس هناك بكل صبر ، منتظرة موعدا للمقابلة لا يبدو قريبا . " ايمي من تكون تلك الشابة ؟ " سألت إحدى العاملات الشابة , التي كانت تكلم ملك قبل قليل " تلك ؟ نكرة تريد مقابلة الرئيس دون موعد " أجابت إيمان و ضحكت بسخرية " هل هي مراهقة مترصدة ؟ " سألت زميلتها مجددا ، و هي تتفحص ملك مشيرة الى هيئتها ضحكت ايمي مجددا و أجابتها " لا أدري , لكنها أعطتني اسمها بكل جرأة و ثقة ، مؤكدة على أنه سيستقبلها بمجرد أن أذكره , تخيلي هي حتى لا تملك هاتفا للاتصال , و تريد رؤية المدير مرة واحدة " ضحكت المرأتان باستهزاء , و علقت الأولى مجددا " يا الهي شابات هذه الأيام ، أصبحن أكثر وقاحة في مطاردة الرجال ، تبدو صغيرة السن , الا أنها أكيد متمرسة , لتطارد الرجل بكل ثقة و اصرار " تدخلت شابة ثالثة كانت تكتفي بالانصات " أجل متمرسة لكنها مجنونة أو انتحارية , ألا تعرف من يكون ؟ " ردت ايمي بحماس كبير " لا أعتقد ذلك , لكن لا تقلقي الرئيس يجيد التعامل مع مثيلاتها , لذلك طلبت منها الانتظار ، أريد رؤية عرض ممتع , لم نر ذلك منذ مدة طويلة " " أجل منذ طرد أرملة الصياد من مكتبه , و ملابسها تغرقها القهوة " " تقصدين السيدة جنا في طقم شانيل " ضحكت العاملات على التعليق , ثم أثنت احداهن على تصرف ايمي " أجل خيرا فعلت , تستحق ما سيحصل معها بسبب وقاحتها , تريد أن نصدق أنها تعرفه , اذا كانت هي صديقته فأنا زوجته " و ضحكن مجددا و بصوت عال . لم تسمع ملك تفاصيل ما قالته الشابات ، و لكن طريقة تهامسهن و تحديقهن ناحيتها ، كانت كافية لتعرف أنهن يتغامزن عليها ، كان واضحا تحامل تلك العاملة عليها ، لكنها لم تبال بما يحصل , هي هنا من أجل هدف محدد ، و لن تغادر قبل رؤية المجنون . بقيت ملك تجلس هناك بترقب تمسك الأوراق بيدها ، و تنظر في ساعتها من وقت الى آخر بتوتر . بعد نصف ساعة نهضت من مكانها ، استعجلت العاملة إيمان و ذكرتها بوعدها ، و لكنها تلقت نفس الرد مع تصعيد في اللهجة ، و إظهار لنفاذ الصبر بطريقة فظة , و نفس الشيء حصل في المرة الثالثة و الرابعة . أصبحت الساعة تشير الى الثالثة زوالا ، و علي لم يظهر له أثر بعد " هل هو يتحاشى مقابلتي ، أو يتعمد اهانتي و ازعاجي بتجاهلي ؟ " تساءلت ملك و هي تراقب الأرجاء , لا شيء يفسر الوضع إلا هذا ، هي تعرف أنه رجل لا ينسى ديونه ، و أكيد هو يتعمد استفزازها بعد جدالهما ذاك , حتى يريها من المسيطر بينهما . شعرت ملك بالمرارة بالتفكير , في أن علي لا يريد رؤيتها أو التحدث معها , آلمها قلبها و حاولت المغادرة ، و قد كانت على وشك البكاء , لم تعتقد أن نبذ علي لها , و ابتعاده عن طريقها , الذي لطالما طالبت به , سيكون مؤلما الى هذه الدرجة . وقفت ملك من مكانها لتخرج من هنا , قبل أن تبدأ بالبكاء فعلا , غير مستوعبة ما الذي دهاها لتكون حساسة هكذا ؟ لكنها تراجعت حينما تخيلت وجه رنا الحزين ، و قد فوتت عليها الرحلة مع زملائها , أكيد ستكتئب لأيام بسبب الموضوع . فالمشرفة كانت واضحة في كلامها ، هي لن تستطيع ضم رنا للمجموعة ، دون الأوراق الممضاة من طرف علي . لذلك قررت ملك أن تأتي على نفسها و كرامتها , و تقوم بخطوة أخيرة علها تفلح , أصلا هذا الرجل لا يصدر , ردة فعل إلا بالجدال و الصراخ , لذلك ستمنحه ما يريده , فهذا أفضل ما تبرع في فعله على كل حال , إثارة سخطه و إخراجه من عقله . و لن يهمها ان شهد كل هؤلاء جدالهما , على الأقل سيصدقن أنها تعرفه فعلا . عادت ملك أدراجها إلى أمام العاملة ، التي بادرتها بتذمر كبير و ملامح متجهمة " من فضلك آنستي أنت تعطلين عملي ، قلت أنني سأعلمك بمجرد أن يسمح لك , لذلك الزمي مكانك أو غادري , أنا لست متفرغة لك أنت فقط " و ردت ملك عليها بكل برود , و قد اختفت كل اللباقة , التي تحلت بها الى غاية الآن , فاثنان وقحان بامكانهما اتقان اللعبة " لا داعي , أنا سأذهب وحدي " هي كانت قد قرأت على اللوح مقابلها , في أي طابق هو مكتب علي ، ما ستحتاجه هو الركوب في المصعد , و التوجه الى هناك بكل بساطة ، لا يهمها الحصول على إذن , كما هو معمول به هنا ، هي لا تخضع لأية قوانين حينما يتعلق الأمر به , و سترى كيف سيرفض رؤيتها . بمجرد أن سمعت ايمان إجابتها الصارمة , حتى شعرت بالهلع يعتريها ، فالمدير لا يسمح للغرباء بالتجول بحرية في الشركة ، خاصة بالقرب من مكتبه الخاص ، ان صعدت هذه المتطفلة الآن , و أثارت فضيحة أمام الضيوف ، فأكيد ستخسر عملها و تطرد فورا . " آنستي لا يمكنك الذهاب الى هناك , عودي الى هنا " حاولت إقناعها للعدول عن رأيها ، لكن نبرتها كانت قليلة التهذيب كعادتها . في المقابل تجاهلتها ملك تماما ، استكملت طريقها و قد ضاقت ذرعا بتنمرهن , بامكانها فعل ما تراه مناسبا , و هي ستتحمل نتائج تصرفها , كما تعودت طوال حياتها . فما كان من العاملة الا أن حملت الهاتف , و اتصلت على حارس الأمن , لتعطيه تقريرا بنبرة مذعورة , بعد دقيقتين أتى أحد الحراس , رجل ضخم البنية و مفتول العضلات ، يرتدي بدلة حراسة خاصة , مع نظرات حادة و ملامح واجمة . فيما ملك تنتظر وصول المصعد , الذي طلبته قبل قليل ، وقف الرجل أمامها , مشرفا عليها بسبب قامته الفارهة , و طلب منها المغادرة بنبرة آمرة " من فضلك آنستي غادري لو سمحت ، غير مسموح لك الصعود الى فوق " لكنها تجاهلته هو الآخر , و لم ترد عليه بكلمة , حتى أنها لم تنظر في وجهه , مستمرة في مراقبة اللوح الالكتروني , فما كان منه الا أن أمسك بذراعها ، و جرها بعيدا عن المصعد دون أدنى مجهود . انزعجت ملك بشدة لحركته الجريئة , و ثارت في وجهه غاضبة " أطلق يدي , من سمح لك بلمسي ؟ " ترك الحارس يدها كما طلبت , و حذرها مجددا بنبرة مخيفة " من فضلك غادري بهدوء ، لا نريد استدعاء الشرطة " حدقت ملك اليه بوجه مستنكر , فهي فعلا لا تفهم , لم يهددها كل من يرى وجهها باستدعاء الشرطة ؟ هي لم تكن تعلم أن ملامحها اجرامية الا الآن . لكنها ثبتت على موقفها ، و ردت عليه بنفس الحدة , مظهرة الشخصية العنيدة المتحدية , التي تفقد علي صوابه " استدع من تشاء , أنا لن أغادر من هنا ، أريد أن أرى علي و فورا " بسماع ما قالته بدأت عاملات الاستقبال ، بالضحك و التهامس مرة أخرى ، فهذه الحالمة تدعو الرئيس باسمه مجردا و كأنه صديقها , و زاد فضولهن لرؤية بقية العرض ، فالشابة تبدو عنيدة جدا , و لن تغادر بسهولة . زاد بعدها انزعاج ملك حدة , و دخلت في مشادة كلامية مع حارس الأمن ، الذي بدأ يضيق ذرعا بها . في هذه الأثناء كان كريم يجلس , في مكتبه يكمل بعض الاتصالات , هو كان من المفترض حضوره للاجتماع الى آخره , لكن باله كان مشغولا بأمور أكثر أهمية , خاصة بعد اقتراحات علي الثمينة . " أجل يجب أن يكون مشروعا قريبا من وسط المدينة " كان يتحدث إلى واحد من الطاقم الهندسي ، لمشروع مشترك مع شركة أخرى . " أجل دعها تتعامل مع المهندسة ليديا ، أنا أثق بها و بقدرتها على مساعدتها ، سأحدثها لاحقا حتى تعتني بها لا تقلق ، شكرا لمجهودك " طبعا هو كان قد وعد أسيل ، أنه لن يجبرها على التدرب في مشاريعهم ، و علي اقترح عليه ارسالها الى مشروع , يشرف عليه شركاءهم دون اعلامها , في النهاية هي لن تعرف بالأمر أو هذا ما يأمله . لكن لم يكن لديه حلا آخر , هو قلق لأنها متهورة و ساذجة ، و تقع في المصائب بسرعة البرق ، و هذه طريقته الخاصة لحمايتها , مشروع مناسب مع مهندسة كفؤة و موثوقة . استمر بعدها كريم في عمله ، و كان يلقي نظرة من حين الى آخر ، على كاميرات التسجيل أمامه كما تعود . بعد صدام ملك مع الحارس ، بدأ بعض الزوار الفضوليين بالتجمع ، و ظهرت حركة غريبة على الشاشة أمامه شدت انتباهه , في البداية لم يفهم كريم ما الذي يجري ، و بدأ بتمشيط المكان بعينين متفحصتين , فجأة وقع نظره على وجه ملك المحتقن ، و هي بصدد مجادلة الحارس الضخم , الذي كان يعلو وجهه السخط . شخصت عيناه لثانيتين بصدمة ، ثم قام من مكانه راكضا , أراد في البداية النزول , و حل المشكلة لكنه تراجع , لا أحد هنا يعرف من تكون ملك ، و لا ما علاقتها مع علي ، ان تدخل قد ينجم عن الأمر سوء فهم آخر ، و هو لم ينس بعد ملامح علي المتجهمة ، حينما أخبره بموضوع المحامي قبل أيام , لذلك فضل اخباره و هو يتصرف ، هي زوجته و هو أحق بالدفاع عنها . اتجه كريم بخطا سريعة الى قاعة الاجتماعات ، حيث وصلت المناقشات ذروتها ، بخصوص الشراكة مع العميل الأمريكي , لم يحرك علي ساكنا , و هو يراقب كريم بعينيه الباردتين ، يدخل القاعة و يتجه ناحيته , و قد بدا على وجهه , أن لديه بعض الأخبار المهمة ، دنا كريم من أذنه , و بمجرد أن همس كلمتين ، حتى ظهرت المفاجأة على وجه علي ، الذي اعتدل على كرسيه , محاولا هضم ما سمعه , اختصر كريم ما يريد قوله , اتسعت عينا علي بصدمة , ليلقى القلم الذي يمسكه , و يقوم مهرولا من مكانه , دون قول كلمة واحدة , تاركا الجميع في ذهول من تصرفه غير المسبوق , لطالما اعتقدوا أنه رجل آلي , لا يحرك مشاعره شيء . لكن كريم ظل مكانه و استأذن نيابة عنه " آسف لكن الاجتماع سيؤجل لساعة بسبب طاريء عائلي , أنا أعتذر نيابة عن السيد علي " و طلب من السكرتيرة اقتيادهم الى غرف للراحة ، حتى يعود علي من اشتباكه هذا إن عاد . بعد ثلاث دقائق , كان علي المتوتر قد وصل الطابق الأرضي ، مستقلا مصعده الخاص بسرعة البرق , أثناء ذلك كانت ملك , قد وصلت حدها من الغضب ، و أغضبت الحارس الذي نفذ صبره ، و الذي مد يده يريد اخراجها بالقوة من الاستقبال . حاولت ملك تفادي قبضته بالتراجع الى الخلف ، و لكنه بمجرد أن أمسك مرفقها ، حتى تعثرت و سقطت أرضا ، تحت الأنظار الشامتة للعاملات . كان علي لحظتها يهم بالخروج من مصعده ، باحثا عن ملك التي وقع منظرها في عينيه ، و صرختها المذعورة في أذنيه . جن جنونه و لم يدر بنفسه ، إلا و هو يركض ناحية الحارس ، أمسكه من كتفه و في اللحظة التي استدار بها ، لكمه على منتصف وجهه بكل قوة . تراجع الرجل الى الوراء خطوتين , قبل أن تستقر قدماه ، و بدأ أنفه بالنزيف فقد كانت اللكمة قوية ، و الذي شعر فجأة بغضب شديد ، و عاد ليرى من الفاعل حتى ينتقم منه , لكن قبل أن يرفع قبضته لرد الضربة ، تجمدت يده في الهواء , و اتسعت عيناه للمفاجأة ، فالشخص الذي لكمه للتو , لم يكن الا المدير . لم يلق علي بالا لردة فعله المصدومة ، حيث سارع الى مكان سقوط ملك ، التي لم تتحرك بسبب الألم , الذي سببته السقطة في كاحلها ، و كانت تحاول جهدها للنهوض . انحنى علي على عقبيه قبالتها ، و أمسك يدها محاولا تقديم المساعدة " هل أنت بخير ؟ مالذي تفعلينه هنا ؟ " سأل بقلق و رفعت ملك عينيها ناحيته ، و هي تحدق اليه كطفل ، قام أحدهم بالتحرش به و التنمر عليه ، غير مصدقة أنه نزل أخيرا لرؤيتها , كانت و كأنها على وشك البكاء ، وجهها شاحب و عينيها دامعتين , لكنها لم تقل شيئا للشكوى . قام علي من مكانه ببطء , شد ملك معه و رفعها عن الأرض , و هو يحاوط خصرها بذراعه . " أنا بخير " تكلمت أخيرا بصوت هامس متأثر , و بدأت تحاول نفض الغبار الذي علق بملابسها , هي لم تتوقع أن يصل الدعم الآن ، خاصة أن ذلك الرجل البلدوزر كان ضعف حجمها , و لم يبد مترددا في رفع يده عليها . جال علي بعينيه على جسدها كله بتفحص ، محاولا التأكد أنها بخير فعلا ، و مد يده ليعدل قميصها ، الذي جعدته السقطة و فتحت أزراره العلوية . ساد صمت رهيب القاعة , بمجرد وصول علي الى هناك , و كأن صاعقة حطت على رؤوسهم , و حولتهم أصناما متجمدة في رمشة عين , العاملون الزوار و حتى الحرس ، الكل يراقب الرئيس الصخرة , الذي لطالما تصرف بعجرفة و هيبة ، يركض لانقاذ هذه الشابة ، التي كان يتنمر عليها الجميع منذ ساعات ، حتى أنه لكم الحارس ، دون أي أثر لتلك العنجهية و الرصانة , التي كان يظهرها طوال الوقت . بعد أن اطمأن علي أن ملك لا تعاني شيئا ، رفع رأسه و استدار الى الحضور ، كان وجهه ساخطا و عيناه تطلقان شرارا " ما الذي يحدث هنا ؟ منذ متى تعتدون على الناس في شركتي ؟ " كان صوته مخيفا كدوي الرعد ، و قد وجه كلامه للحارس ، الذي شعر بالرعب و تجمد مكانه , فواضح أن المدير يعرف هذه المرأة ، و هو قام قبل قليل بدفعها بقوة , الى أن سقطت أرضا و كادت تتأذى ، أكيد لن تكون نهايته جيدة , لذلك سارع للرد عليه لإنقاذ نفسه " أنا أنا آسف سيدي " كز علي على أسنانه بسماع صوت الحارس , و غلى دمه بغضب مجددا , ليستدير الى كريم الذي يقف خلفه , و الذي وصل قبل لحظات " افصله مع كل طاقم الحراسة " أمر دون تردد , و هز كريم رأسه بكل هدوء . توتر الرجل أكثر فقد صدمه القرار , و حاول يائسا تبرير موقفه " سيدي لم يكن ذنبي , أنا لم أقصد اعتراض طريقها , ايمي استدعتني لأن السيدة كانت تثير جلبة , تريد رؤيتك و ترفض المغادرة " عكس ما توقعه الحارس ، فما قاله زاد من سخط علي , و صرخ في وجهه مستفسرا " من هي ايمي هذه ؟ " كان هذا كل ما سمعه مما قاله الرجل ، و توجهت فورا أنظاره بالسؤال , ناحية العاملات الواقفات عن قرب , و قد كن تستمتعن بالمشاهدة قبل دقائق . أصيبت مجموعة الشابات بالشلل ، بمجرد أن استدار علي ناحيتهن , و رمقهن بنظرة قاتلة ارتعبت لها أوصالهن ، هن كن يثرثرن عن هذه الشابة منذ الصباح ، توقعن رؤية عرض لإهانتها و اذلالها ، لكن لم يتوقعن في أسوء كوابيسهن , أن ينزل المدير بنفسه لتلبية فضولهن , و يحدث فوضى بشكل عكسي مخيبا آمالهن . تقدمت ايمان ناحيته بخطى مترددة , كانت ترتجف بوجه شاحب ، و ردت بصوت لا يكاد يسمع " أنا سيدي أنا آسفة ، السيدة لم يكن لديها موعد مع حضرتك ، و أنا أخبرتها أن تنتظر ، لكنها ثارت و قالت أن الأمر مستعجل ، و أرادت الصعود الى مكتبك بالقوة " طبعا هي فوتت كل سوء المعاملة ، الذي وجهته ناحية ملك منذ الصباح ، و علي متأكد أن هناك الكثير من التفاصيل ، فقد عرف بمجرد النظر الى ملامح ملك ، و هي تحدق الى ايمان بنظرة مستنكرة ، لكنه سيتحرى هذا لاحقا , سيرى التسجيلات بنفسه فالآن وقت الحساب . كانت ملك تراقب وجه علي الغاضب ، و وجوه الآخرين الخائفة و المصدومة ، متعجبة من اختفاء كل ذلك التكبر و الغرور ، من وجوه العاملات في لحظة واحدة ، و بنظرة واحدة من هذا الرجل المجنون . " كيف يعقل أن يكسب أحدهم هيبة بهذا الكبر ، لدرجة أن يرتجف من يقف أمامه ؟ " في المقابل شعرت ملك بالرضا ، لأنه لم يتجاهلها كما اعتقدت ، و إنما لم يعلمه أحد بوجودها ، أمر أدفأ روحها و هز قلبها . بمجرد أن أنهت ايمان تبريرها المستفز ، حتى استدار علي الى كريم مجددا " اصرف لها راتبها و أنه عقد عملها " و كأنها لم تقل شيئا يستحق المداولة . صدمت ايمان لرصاصة الرحمة , التي أطلقها علي ناحيتها , و بدأت بالبكاء و النحيب " أرجوك سيدي أنا آسفة ، أنا لم أطلب منه أن يؤذيها ، أردت منه اخراجها فقط من هنا , حتى بإمكانك سؤال الزميلات , كن هناك و أنا أحاول اقناعها بالانتظار " رفع علي حاجبه بادراك , و حدق مجددا ناحية مجموعة الاستقبال " يعني لم تكوني وحدك من تنمر عليها ؟ كنتن عصابة كاملة ؟ " تجمدت الشابات مكانهن , قبل أن يسمعن ما يخشينه " كريم اصرف كل طاقم الاستقبال , لا أحتاج عمالا قليلي التهذيب ، و عديمي الاحترام في شركتي , أنا لا أدفع رواتب خيالية لكم , ليتم الاساءة لأفراد عائلتي هكذا " بمجرد أن أنهى علي كلامه ، حتى حدقت ايمان بفم مفتوح و ملامح شاحبة , الى وجه ملك التي تقف بقربه , تراقب الوضع بعينيها دون اضافة حرف , و قد صدمت بمعرفة أنها من عائلة المدير , و للحظة أرسلت نظرة متوسلة ناحيتها , فيما شعرت ببعض الامتنان لها , لأنها لم تغرق موقفها رغم استطاعتها . بدأت الشابات بالشكوى للتنصل من المسؤولية , و استعطاف علي لالغاء القرار , و بدأ الحراس أيضا في اقناع علي بالعدول عن قراره ، رغم أن الأمر بدا مستحيلا ، هو لم يراجع قرارا اتخذه في حياته أبدا , لكنهم لا يريدون أن يخسروا عملهم , بسبب تصرف طائش من أحدهم . الا أن علي كما توقعوا , كان عنيدا جدا و لا يتراجع ، يقف يحدق ناحيتهم بنظرات ثائرة دون تأثر , أمام تعالي الأصوات أمامه أمر بغضب عارم , و علا صوته مسببا الرعب في قلوب الجميع " كلمة أخرى و سأصرف كل عمال الشركة " قال دون أن يرف له جفن , تماما كالمتسلط الذي هو عليه . ساد بعدها صمت مهيب المكان ، أشعر علي بالرضا فهو مغتاظ جدا منهم ، كيف يمكن لهؤلاء الذين يعيشون على حسابه ، أن يتسببوا في اهانة ملك بتلك الطريقة ، و هو بالكاد كان يتمالك نفسه ، حتى لا يحطم المكان على رؤوسهم . صدمت ملك بما سمعته , و قد ذهلت بسبب مراقبة هذا الرجل المجنون ، يطلق النار على الجميع دون استثناء , فما كان منها إلا أن أمسكت بذراعه , شدته ناحيتها برفق , و همست في أذنه تريد انتباهه " لم أنت متسلط و ديكتاتور دائما ؟ " حدق علي الى عينيها المنزعجتين ، و قد لانت نظرته الهائجة قليلا , فلمستها تهديء نيران غضبه ، و همس هو الآخر بانزعاج " هل هو خطئي الآن لأنني أعاقبهم ؟ ألم يسيؤوا اليك ؟ " " بلى و لكن ما تفعله أكثر مما يجب , عقوبتك لا تناسب حجم خطئهم , ثم هم كانوا ينفذون تعليماتك الصارمة , اضافة الى أنك عاقبت أناسا ، لا علاقة لهم بما حصل و هذا مجحف , ألا ترى أنهم كلهم متزوجون , و أكيد لديهم أطفال ، هل تريد تجويعهم ؟ " همست ملك له بنظرة جادة لامست شغاف قلبه . "...." حسنا الآن أصبح هو المخطيء , كان عليه توقع الأمر , مع وجود ماما ملك أمامه . لكن ملك بقدر ما كانت ممتنة ، لدفاع علي عنها بهذه الطريقة , التي تلامس قلبها في كل مرة بقدر ما شعرت بالضيق الشديد , لأنه طرد الكل دون تحقيق , هي لا تحب أن يتأذى الآخرون بسببها , و علي أفضل من يدرك هذا . أضافت ملك و هي تحدق الى عينيه بتركيز محاولة اقناعه " أنا أيضا مخطئة , لم أخبرهم أنني زو.. " ابتلعت ملك الكلمات التي انزلقت من بين شفتيها ، و قد أدركت أنها قالت شيئا ما كان عليها قوله , احمرت وجنتاها و طأطأت رأسها , متجنبة النظرات المتفحصة من علي , الذي التقط ما قالته بسرعة البرق , فالكلمة كانت واضحة جدا و جميلة جدا , لمعت عينا علي فجأة بحماس ، و ظهرت شبه ابتسامة على فمه , و لكنه تظاهر بعدم الفهم " أنك ماذا ؟ " خاطبها بنبرة صارمة حاول اجادتها , رغم أن قلبه كان يتراقص فرحا . ترددت ملك قليلا تعض شفتها , مفقدة الرجل أمامها عقله , ثم أخذت نفسا عميقا لقول ما تريده , هي تعرف أنه لن يتوقف الا اذا أخبرته , لذلك ردت عليه بهمس " أنني زوجتك " شعر علي بغبطة كبيرة في قلبه بسماع الكلمة , قبل يومين كانت هذه العنيدة تنكر الأمر بشدة , و الآن تقولها بلسانها في وجهه . لكن ملك قطعت عليه بهجته , حينما رفعت عينيها المتشككتين ناحيته , و أضافت بمرارة واضحة " لكنني لم أفعل , لأنهن لم يكن ليصدقنني , لذلك تركت اسمي حتى تستقبلني " عادت ملك للتحديق بتمعن الى وجهه ، الذي اختفت الابتسامة منه فجأة , عبس علي و قد اكتشف الآن فقط , أن ملك نكرة هنا لا أحد يعرف عنها شيئا , هو يثور و يحتج لأنه يريدها أن تعترف ، بالعلاقة بينهما على أنها رسمية ، و يريدها أن تدرك مشاعره الصادقة ، لكنه لم يقدم يوما على منحها , هذه المكانة التي تستحقها بجدية , أمام الآخرين على الأقل , تجهم وجه علي و قد أدرك كم هي محقة , لو كانت أخبرت العاملة من تكون ، لربما كانت طلبت لها الشرطة لانتحال شخصية ، و هو لا يستطيع لومها , لأنه هو من أهمل تقديم المرأة التي يحبها في محيطه , و لم يمنحها الاحترام الذي تستحقه . تحولت الغبطة في قلب علي إلى ألم ، كيف أنه أغفل اعلان هوية ملك للآخرين ؟ فيما كان يحارب عنادها و ممانعتها للاعتراف به , لم يفعل شيئا واحدا لاثبات ذلك بالأفعال , بحق الله حتى سارة الخبيثة , كانت تمتلك تصريحا مفتوحا للوصول اليه . المشكلة الأكثر إيلاما أن ملك تدرك الوضع ، و تعرف أنها لا صفة لها هنا ، و لا صلاحية لها تمكنها , حتى من الدخول الى مكتبه , هي تعرف أنها لم تكن يوما , جزءا حقيقيا من حياته ، لذلك تتفادى الإحراج بذكر العلاقة بينهما . رغم سلسلة انفجارات الطرد التي حصلت قبل قليل ، الا أن الجميع وقف يراقب بصمت ، و الذهول باد على ملامحهم , و هم يشاهدون مديرهم الصخرة ، و هو يقف مطأطأ الرأس ، يتحدث بكل اهتمام الى الشابة , التي تحرش بها الجميع سابقا , كان علي يضع يده على ذراعها ، و ملك تنحني ناحيته و كأنها تتكيء عليه ، و الاثنان يقفان قريبين جدا , و يتهامسان بشكل حميمي واضح ، و كأنهما انتقلا الى عالم معزول وحدهما ، متجاهلين كل الحاضرين و نظراتهم الفضولية . لا أحد سمع كلمة واحدة , مما يقولانها تحت أنفاسهما المختلطة ، و لكن وجه ملك المتورد بشدة ، و نظرة علي المليئة بالشغف و الحنان تقولان الكثير , و تفتحان المجال للتخيلات و التأويلات ، فيما يكونان بصدد النقاش بكل هذا الهيام . فقط كريم يعرف حقيقة العلاقة بين الاثنين ، و قد خمن مسبقا أن ملك , بصدد معاتبة علي لأنه طرد الموظفين , لكنه وقف بكل هدوء ، يراقب هو الآخر منتظرا التطورات . بعد أن فكر علي للحظات فيما قالته ملك ، خطرت له فكرة و انطلق صوته مجددا ، دون أن يشيح بنظره , عن عيني ملك المندهشة , اللتين اشتاق لهما طوال الأيام الماضية , و قد كانت شركته آخر مكان توقع رؤيتهما فيه " كريم اجمع كل من في الشركة هنا لاجتماع طاريء " . مالذي يخطط المجنون لفعله ؟ 🤔 أية أفكار 😉 . 😘💞💞 ...... | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|