آخر 10 مشاركات
93- رجل من ورق - كارول مورتمر - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          خلاص اليوناني (154) للكاتبة: Kate Hewitt *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          شريكها المثالي (50) للكاتبة: Day Leclaire *كاملة* (الكاتـب : Andalus - )           »          حقد امرأة عاشقة *مميزه ومكتملة* (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          عزيزتى لينا (61) للكاتبةK.L. Donn الجزء4من سلسلة رسائل حبLove Letters كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          عزيزى مافريك(60)للكاتبةK.L. Donn الجزء3من سلسلة رسائل حب Love Letters .. كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          سلسلة رسائل حب Love Letters للكاتبة K.L. Donn (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          283 - الحب لا يكذب - كارولين اندرسون (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-11-20, 01:38 PM   #871

Jeyda

? العضوٌ??? » 444871
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 169
?  نُقآطِيْ » Jeyda is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرةالدموع مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طرح رائع ومميز
سلمت يمناك
شخصيات مرسومة بشكل مميز واحداث سلسة
اسيل وملك لهم حضور ناعم مناسب لشكل الشخصية
كريم من الشخصيات المحببة لقلبى على سيرى ما لم يتوقعه يوماً
اميرة الدموع
Si Du du du su si fi fi CB CB FN


Jeyda غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-20, 01:50 PM   #872

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بالتفاؤل أحيا مشاهدة المشاركة
رواية من أروع مايكون ،متابعتك على طول،بالتوفيق حبيبتي.



يبارك فيك حبيبتي 💖💖 شكرا على الدعم 🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-20, 01:51 PM   #873

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام منار مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله شكرا لمجهودك مبدعه موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .



و عليكم السلام ورحمه الله وبركاته 💞💞 شكرا لدعمكم الجميل 💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-20, 01:57 PM   #874

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور الدنيا مشاهدة المشاركة
روعة سلمت أناملك عزيزتي
طوال المشهد بين على و ملك و أنا هكذا 😍😍😍😍😍😍من التأثر بالرومانسية الفائقة فقد أبدعت فى وصف المشهد لكن مسكين على بدأت اشفق عليه قليلا فقط فأمامه طريق طويل طويل طويل جدا ليصل لمشاعر ملك مع ذلك أنا مستغربة منها لماذا لم تثر عليه و تتهمه بالتحرش كما فعلت مع بهجت هل لأنها واثقة بأن على لا ينظر لها بهذي النظرة أم لأنها بدأت تثق فيه و مشاعرها بدأت فى التحرك باتجاه بدون أن تلحظها




يسلمك ربي حبيبتي 💖💖
بالنسبة لملك هي مستبعدة تماما ان علي بعجب بها من الأساس و بالتالي ما شكت فيما فعله و هو يعرف ينقذ نفسه من الاحراج كل مرة 😅 المهم هي متحجرة عاطفيا و هو كتوم و ما يعترف و ربي يخرجنا من وسطهم بعقولنا 😅


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-20, 09:53 PM   #875

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي





البارت الثامن و الثمانون عدراء 💖 عز الدين






عادت ملك الى غرفتها مشوشة الفكر , و كأن زلزالا ضرب روحها ,
هي التي كانت تعتقد أن هذا الرجل , لا يراها الا كمجرد شيء للهو و السيطرة ،

رجل تعتقد أنه مجرد مهووس متسلط , اتهمها و حاكمها دون دليل , و لحد الساعة لا تعرف عما دار كل ذلك الجنون ,


اتضح أنه يعتبرها عرضه و شرفه , و هي سمعت ذلك من فمه شخصيا , حتى أنه منزعج من طريقة تفكيرها فيه و شكها به ,

أليس الأمر مثيرا للسخرية ؟

و الآن هي لا فكرة لديها ان كان عليها , أن تقلق أو ترتاح لمعرفة الأمر .



اندست ملك في فراشها و تدثرت بغطائها , و قد احتلت أوصالها رجفة غريبة لا تعرف سببها ,
و راودها فجأة شعور مريع بعدم الراحة



" ما بالك ملك ؟
لم تكوني يوما سوداوية التفكير هكذا ؟ "

سألت نفسها بفكر مشوش



هي لم تكن يوما هكذا , لم تكن يوما شكاكة و موسوسة من تعامل الناس معها ,
لم تكن تحلل سابقا كل كلمة و كل حركة , يقوم بها أحدهم لتقرر أن تصدقه أو لا ,


و هذه أكثر صفة كانت تزعجها فيمن تتعامل معهم , و أكثر صفة تنفرها من علي بالذات ,
فالبنسبة له الجميع متهم و مدان حتى تثبت براءته .



انتبهت ملك قبل قليل فقط , أن التجربة التي مرت بها هنا , حطمت جزءا من شخصيتها بطريقة مخيفة ,

جزء اعتقدته أكثر صلابة من باقي صفاتها , لكن اتضح أنه هش و حساس جدا ,
تحطم مع أول تجربة حقيقية , و هي متأكدة أن رأبه مجددا سيكون صعبا جدا ,



فثقتها المطلقة بالأخرين و حسن ظنها بهم , حتى حينما يتعلق الأمر بالغرباء , تشوهت بعدما رأته من علي , و بأسوء طريقة ممكنة ,

حتى أنها تشعر أحيانا , أن روحها فقدت بعض شفافيتها , و صارت تحمل غلا و حقدا للآخرين




والدتها كانت دائما تخبرها منذ صغرها

" حبيبتي افترضي حسن النية في الجميع , و أعطهم بعض الثقة لتعرفي نواياهم ,

من حفظها كسبته رفيقا , و من خانها فقد خسر رفقتك ,

ذلك سيسعدك قبل اسعادهم , و سيرضيك عن نفسك و يرضي الله عليك "



و خلال كل سنوات حياتها , كانت ملك تتعامل مع الجميع على هذا الأساس ,
معتقدة أن أي شخص يستحق بعض حسن الظن حتى أسوء البشر ,


لكن فجأة و دون سابق انذار , اكتشفت أن أحدهم حطم ثقة , لم تعطه اياها من الأساس ,
رجل اقتحم حياتها و أباح لنفسه , التلاعب بحريتها و مستقبلها , ظلمها أهانها و احتجزها ,

و لحد هذه اللحظة لا تعرف , ان كانت ستتخلص من قيده هذا أو لا ,



و الآن يأتي بكل بساطة , يحقد عليها و يغضب منها لأنها لا تثق به , و يقرر فجأة أن يضعها في خانة حرمه

" على أي أساس أيها الرجل المتسلط ؟ "



هذا الرجل الذي لم تر في حياتها مثل تسلطه , يقرر فجأة أن يضمها الى قائمة عائلته , التي يحامي عليها و ينتقم لها ,
دون حتى أن يأخذ رأيها , و عليها هي أن تقبل الأمر و تفرح به .



" أنت أكثر ديكتاتورية مما اعتقدت , و كأن رأيي أمر واقع و لا يحق لي التقرير "


همهمت ملك لنفسها باستياء , ليتدخل منطقها الخير المتفلسف ككل مرة ,
و الذي لا يرى الا الجزء المملوء من الكأس ليفحم تذمرها

" لكن ألا يجب أن تكوني ممتنة قليلا ؟ "



تنهدت ملك بالتفكير في هذا الجانب , هي تدرك أن ما مرت به من معاناة لا مبرر له ,

لكن ألا يمكن أن من حسن حظها , أنها وقعت مع علي و ليس مع غيره ؟



" تخيلي لو كان رجلا كبهجت ؟ "

افترضت ملك الأسوء كعادتها , حتى تحاول تقييم واقعها بموضوعية ,
و قد اعترتها قشعريرة سيئة و اشمئزاز عارم , بمجرد تذكر ذلك المنحط ,


لو أنه كان من احتجزها أو رجل يشبهه , لكانت الآن ضحية اعتداء مشين ,
و ربما تم استغلالها في مكان مشبوه , أو حتى تعرضت للقتل بطريقة بشعة .



فعلي رغم العيوب التي رأتها فيه , الا أن عليها أن تعترف , أنه يجيد احترام أفراد عائلته ,
شخصه يحمل الكثير من الشهامة و الحمية , التي يفتقدها الكثير من الرجال غيره ,


و رغم سمعته السيئة , بسبب علاقاته الكثيرة مع النساء , الا أن عليها الاعتراف أنه لم يقم يوما , بالتصرف بطريقة غير لائقة ناحيتها ,
و لم يفرض نفسه عليها , رغم أنها في مجاله و تحت يده .



و بخلاف الفترة الأولى لمكوثها هنا , حينما كانا يوشكان على خنق بعضهما ,
و كان هو يلقي بالتهديدات عليها تباعا , دون أن يتعدى الكلمات الى التنفيذ ,

هو صار منذ مدة طويلة , يعاملها باحترام و تقدير كبير ,
يدافع عنها بطريقة واضحة , و يعطيها بعض الصلاحيات , كونها طبيبة لمريم و مرافقة لرنا ,



فكرت ملك أنه قد يفعل ذلك حاليا , ارضاءا لضميره أو لشعوره بالذنب , أو تلميعا لصورته أمام من يعرفونه ,
أو حتى لأنه سئم كل تلك النزاعات التي تفقده صوابه , و قرر عقد هدنة كما أخبرها قبل مدة ,


بالنسبة لها السبب غير مهم , الأهم أنه لا يتعرض لها و لا يؤذيها ,
و عليها أن تحمد الله على لطفه في هذا الابتلاء .



لكن ما سمعته قبل قليل خلط حساباتها كلها , لم تعتقد للحظة واحدة , أنه يفعل ذلك لأنه ينشد ثقتها ,
و هي التي كانت و لا تزال متأكدة , أنه لا يهتم برأي أي بشر فيه بسبب غروره و تعنته .



" أو ربما لأنه يعتقد أن تلك الورقة المزورة , التي يملكها تضعني عنوة تحت اسمه ,

و هو يرى نفسه مسؤولا للحفاظ , على كرامتي كعرض و شرف له ؟ "


فكرت ملك أن هذا ما قد يفسر جنونه , يوم ذهبت للعمل في المطعم , و كذلك يفسر ما فعله مع بهجت .



هزت ملك رأسها لتوافق على هذه الفكرة , و سحبت الغطاء لتدفن وجهها تحته ,
محاولة ايقاف طوفان الأفكار الغريبة التي اجتاحتها فجأة , لتطرح أكثر الأسئلة التي تتهرب منها

" و أنت ما رأيك ملك ؟
هل أنت مستعدة لمنحه بعض الثقة التي يطلبها ؟

الأهم من كل هذا هل ترينه أهلا لها ,
أو أنك تعتقدين أنه لا يستحقها ؟ "



أغمضت بعدها عينيها بشدة , مجبرة نفسها على ترديد أذكار النوم ,
علها تهرب من الخواطر المستجدة , التي صارت تخيفها و لا تجد لها تبريرا .

.
.
.

دقت علياء باب غرفة مريم و أطلت برأسها

" هل نمت ؟ "



ابتسمت لها مريم التي تستلقي مكانها , و أشارت لها بيدها اليمنى لتقترب

" تعالي ليس بعد , كنت أنتظرك لم تأخرت ؟ "


دخلت علياء بخفة , و أغلقت الباب خلفها لتجيبها

" كنت مع علي دردشنا قليلا , ثم أنت قلت أنك تريدين رؤيتي بعد مغادرة ملك "



جلست علياء مقابل مريم على الأريكة و بادرتها

" ها ماذا هناك ؟
لم لا تريدين أن تحضر ملك حوارنا ؟ "



منذ قدوم علياء و الثلاثي النسائي لا يفترق , لذلك استغربت السبب الغامض و الموضوع السري , الذي ستتحدث فيه مريم معها , و لا تريد لملك أن تعرفه .



و سرعان ما أرضت زوجة شقيقها فضولها

" أريدك أن تساعديني ؟ "

قالت مريم بعينين مستجديتين و بنبرة متأملة , و ردت عليها علياء باستغراب

" و فيم تريدين المساعدة ؟ "


" ملك لا أريدها أن تغادر , لكنني لا أعرف كيف أقنعها ,
هل يمكن أن تعطيني بعض الأفكار ؟ "



جفلت علياء لسماع الاعتراف الواضح من مريم ,
هي ذلك اليوم قالت أنها تستلطفها , فتوقعت أنها لا تحقد عليها كضرة لها ,

و أنها تنتظر رحيلها الوشيك للتخلص منها , خصوصا أن ملك لا تتعامل معها الا بكل ود ,
لكن أن تأتي الآن و تطلب منها طريقة لابقائها , فهذا ما لا تستوعبه .



رفعت علياء حاجبها بشك كبير و سألتها

" كيف ذلك , ماذا تقصدين ؟ "



ألقت مريم رأسها الى الوراء بتأفف , و أغمضت عينيها لتجيبها

" أفكر منذ مدة طويلة , في كيفية اقناعها بالبقاء ,
لكن عقلي لا يصل الى أية حلول "

قالت بنبرة يائسة و أضافت


" حتى أنني حاولت فتح حديث عام معها عدة مرات , لمعرفة رأيها في البقاء هنا ,

لكنها تسد علي الطريق , قبل حتى أن أعرف فيما تفكر , و كأنها تهرب من شيء ما "




في هذه اللحظات تحفزت سارة , التي كانت بصدد تعقيم بعض الأدوات الطبية , التي تستخدمها يوميا في حمام مريم ,
و التي نسيت أمر وجودها هناك من الأساس , معتقدة أنها غادرت بالفعل ,


شخص بصرها و تجمدت حركتها , لتدنو خلسة من الباب , محاولة التنصت على حديث المرأتين ,



استرسلت مريم فيما كانت تقوله , و قد عادت للتحديق في وجه سلفتها , بعدما التزمت الصمت المريب


" لم تحدقين ناحيتي هكذا ؟
أليس لديك ما تقولينه ؟ "

خاطبت علياء التي علت ملامحها الدهشة و انعقد لسانها ,
فبم يمكنها الادلاء في وضع كهذا ؟



لكنها تمالكت نفسها و سارعت للرد عليها

" حسنا صراحة فاجأتني , لم أتوقع أنك جادة في مساعيك ,
لجعلها أما لرنا الى هذه الدرجة "



أطلقت مريم تنهيدة عميقة , بثت فيها قلة حيلتها , و مررت يدها على شعرها و أجابتها

" أكثر مما تتخيلين علياء , أصبح الأمر هوسا بالنسبة لي ,
لكنني لا أصل الى أي مخرج "




صمتت مريم قليلا تركز في الفراغ أمامها , و هي تمسد يدها المستكينة مفرغة فيها توترها

" هاجس بقاء رنا يتيمة بعد رحيلي , يصيبني بالأرق و يسوء ليلة بعد أخرى ,

أعرف أن ابنتي رقيقة و بريئة جدا , و لا أريدها أن تعاني أبدا في غيابي ,

و كما ترين هي متعلقة كثيرا بملك , و كلمة الحق ملك أيضا تعاملها بمنتهى الحب و الاهتمام ,

هي تراعي خاطرها بطريقة رائعة كأم حقيقية , و في نفس الوقت تحرص على , توجيهها تشجيعها و تصحيح أخطائها ,

لن أجد أفضل منها لمرافقة ابنتي صدقيني "




هزت علياء رأسها بتفهم , و قد استوعبت أخيرا أسباب مريم لما قالته , و حاولت معرفة رأيها بالشق الآخر لوضع ملك هنا

" لكنها ليست مجرد مربية يا مريم , هي زوجة لعلي أيضا ,
لا أعتقد أنك نسيتي ذلك "




هزت مريم رأسها بالنفي

" لا لم أنس بالطبع , لكن بالنسبة لي هكذا أفضل ,

فالمربية بامكانها المغادرة في أي وقت , لكن ارتباط ملك بعلي سيمنعها من تركها , اضافة الى أن .. "

صمتت مريم لبرهة , قبل أن تضيف بصوت هامس

" شقيقك يحبها "




تفاجأت علياء للتصريح غير المتوقع من مريم بالذات , و حاولت التدخل و تشتيت انتباهها ,
بعدما لمست نبرة ألم فيما قالته


" ليس كما تعتقدين مريم , ثم لم تتحدثين و كأنك تحتضرين لا سمح الله ؟
الأعمار بيد الله و لا أحد يدري , من سيموت قبل من عزيزتي ؟ "



ابتسمت مريم لمحاولتها تطييب خاطرها و أجابتها

" بلى يحبها لا داعي للانكار , ثم أنا لا أمانع بالعكس , علاقتها الجيدة بعلي ستكون ضمانا أنها ستبقى معها ,
اضافة الى أنه يستحق بعض السعادة بعد كل ما عاناه ,


علياء أنت أكثر من يعرف أن علي , لطالما كان أخي و أبي و صديقي ,
قبل أن يكون زوجي و حبيبي و والد طفلتي ,

و أنا أتمنى له كل خير في هذه الدنيا , لن أكون دنيئة لدرجة مطالبته بالترهبن بعدي ,


و اذا كنت سأتصرف ببعض الأنانية هنا , فأفضل أن تكون ملك سيدة هذا البيت ,
و ليس غيرها ممن ستعذب ابنتي ,

أما بالنسبة للأعمار كما تقولين , فأنا أجهز نفسي للرحيل في أية لحظة ,
هذا ما يفرضه علي وضعي الصحي ,

ثم أنا امرأة مؤمنة لن أنتحب و أنوح طوال الوقت , لأنني مريضة و أخشى الموت "




أنهت مريم بوحها بما يدور في خلدها لعلياء , التي لطالما كانت صديقتها المقربة الوحيدة ,
أقرب لها حتى من شقيقتيها , و التي سارعت باحتضانها للتقليل من توترها


" ليس عليك أن تفكري بكل هذا مريم , أنت تجهدين نفسك و تحملينها أكثر من طاقتها "



" ليس بيدي حيلة علياء , و صراحة بعد تفكير مضن ,
توصلت الى حلين معقولين أريد رأيك فيهما "



" ما هما ؟ "

سألتها علياء و عادت الى مكانها تترقب اقتراحها , و الذي سردته عليها بجدية كبيرة

" ملك قالت أنها هنا من أجل العمل , هي تقدس عملها و دراستها ,
اذا حصلت على فرصة جيدة هنا , لا أعتقد أنها ستفوتها "



لكن علياء عارضتها سريعا

" ملك تحب عملها صحيح , لكنها تحب عائلتها و بلادها أكثر , ثم هي مرتبطة بتخصصها الذي لم تنهه بعد ,
و لا أعتقد أنها تفكر في التخلي عنه ,

اضافة الى أن بقاءها هنا للعمل , لا يعني بالضرورة قبولها , بما تقترحينه بخصوص رنا "




طبعا ما فكرت فيه مريم حاولت علياء مسبقا , جس نبض ملك بخصوصه ,
لكن هذه الأخيرة كانت اجابتها قاطعة ,

أنها لن تفكر أبدا في تغيير خططها , و كلها لهفة و ترقب لليوم الذي تعود فيه الى حياتها .


ما طمأن علياء قليلا أن ملك , لا تنكر عاطفتها اتجاه الطفلة , كما تظهر نفورها من والدها ,

لكن هذا يعني أنها ستبقى معها على علاقة جيدة , حتى بعد رحيلها لا أكثر و لا أقل ,
و لن يهمها ان تزوج علي أو ظل أعزبا , فشؤونه آخر همها .





تنهدت مريم فهي تعرف ما تتحدث عنه , لتضيف اقتراحها الثاني الذي صدم علياء

" اذا عليها أن تحمل طفله , فقط انجابها منه ما سيربطها به الى الأبد ,

ملك امرأة حنونة لن تحرم طفلا من والده أبدا , و بهذا ستظل والدة لابنتي أيضا "



"...."

فيم التزمت علياء الصمت , بفم مفتوح و قد فقدت كلماتها ,
أصدرت سارة في الحمام شهقة مكتومة , دارتها بيدها و قد اتسعت عيناها عن آخرها



" احمم , هل تدركين ما تطلبينه يا مريم ؟ "

سألتها علياء باحراج كبير , و قد بدأت تشكك في معرفتها , في كيفية انجاب الأطفال ,

هل يعقل أن فشلها الكلوي أثر على قواها العقلية ؟

أو أنها تريدهما أن يجريا , تلقيحا اصطناعيا للحصول على طفل ؟

لأنها الطريقة الوحيدة للانجاب دون اقامة علاقة , و ملك ستنحرهم في كلتا الحالتين .




لكن مريم هزت رأسها للتأكيد

" أجل هما زوجين بالفعل , و لست أنا من سيفتي في هذا الأمر ,
أعتقد أن هذا حلال على حسب آخر معلوماتي "




أخذت علياء نفسا عميقا , فهي لا تعرف ما تقوله لهذه المرأة , التي تجهل ما يدور بين ذينك المجنونين ,

اذا كان شقيقها اليائس الى الآن , لا يعرف طريقة نافعة لأخذ قبلة حقيقية منها ,
دون أن تحدق ناحيته ببلاهة , و تشعره بالذنب القاتل ,

و هي أكيد سترتكب فيه جريمة , ان حاول فعل ما تقول عنه مريم .



صمتت علياء لبعض الدقائق , تفكر في رد مناسب , يثني مريم عما تفكر فيه من تهور ,
فواضح أن والدتها ليست الوحيدة التي تنتظر حفيدا , لا يبدو أنه سيصل قريبا .




حكت علياء جبينها ثم ردت عليها بتعقل

" العلاقة بين علي و ملك ليس كما تعتقدين ,
هناك الكثير من العوائق تمنعهما من جعلها حقيقية "



كالعادة نفس الكلام الذي لا تجد له مريم تفسيرا و يثير حنقها

" هذا بالضبط ما لا أفهمه , هي امرأة حرة و هو رجل سوي , و بينهما عقد يقول أنها زوجته ,

ما حجم هذا الخلاف , الذي يجعلهما منفصلين تحت سقف واحد ؟
هذا لا أستطيع ايجاد تفسير واحد له ,


ما الذي أجبرها على علي ,
و لم لا ينفصلان اذا كانت علاقتهما مستحيلة كما تقولين ؟

ملك مما عرفته عنها , ليست شخصا يفرض عليه أمر مصيري كهذا ,

فما الذي يجري علياء ؟ ربما لو فهمت ما الوضع هنا , قد أجد حلا مناسبا له "



ثارت ثائرة مريم و أفرغت احباطها , في وجه علياء التي سارعت لتهدئتها

" اهدئي مريم أرجوك , هناك الكثير من الأمور الخاصة بهما ,

و أنا متأكدة أن علي سيفتح قلبه لك , كما تعود في الوقت المناسب ,
لا داعي لاحراق أعصابك هكذا ستمرضين "



" استغفر الله العظيم "

تمتمت مريم باستسلام , و عادت للاستلقاء بصمت , قبل أن تضيف علياء لتطييب خاطرها

" مريم عزيزتي , دعي الأمر بيد الله , أنا متأكدة اذا كان مقدرا لها أن تبقى هنا ,
لن يمنع ذلك أي شيء ,

و اذا لم تكن كذلك فلن يجبرها أي تخطيط , و لو اجتمع له كل البشر ,

ثم أنت كنت تقولين قبل قليل أنك امرأة مؤمنة , اذا أنت ادع الله بصدق أن يسعدهما و يحفظ رنا ,
و هو سيدبرها بأروع طريقة ممكنة , فقط ثقي في أحكامه "



" و نعم بالله "

أجابتها مريم و هي تغمض عينيها , و قد غالبها النعاس بعدما تعدت ساعة نومها ,
ساعدتها بعدها علياء على تعديل غطائها استعدادا للمغادرة

" تصبحين على خير "

" تصبحين على خير "



عادت علياء الى غرفتها , و قلبها يؤلمها على الوضع البائس , الذي وصلت اليه عائلة شقيقها , و قلة حيلتها في ايجاد أي حل ,

ما آلمها أكثر وضع مريم اليائس , الذي دفعها الى اقتراح أمر مماثل ,
هي امرأة و أكثر من يعرف ما يعنيه , أن تطلب من امرأة أخرى أن ترث منها عائلتها .



المشكلة أنه لا يحق لأي طرف التدخل , و طلب البقاء من ملك الا علي نفسه , هو الوحيد الذي يمكنه عرض هذه المكانة عليها ,

أية كلمة من أي شخص , ستعتبرها ملك مهانة لكرامتها , و حينها لن تتقبل أبدا أن تبقى على ذمة رجل ,
لا يعرض عليها اسمه و حياته طواعية , و لا أحد بامكانه لومها ,


و هذا الأخير يبدو أكثر حمقا منها , حينما يتعلق الأمر بزواجهما , و يتصرف بكل عناد و تكبر ,
و لن يدرك الوضع الا بعد فقدانها .


.
.
.


في هذه الأثناء كانت سارة تجتر حقدها داخل قلبها , و تحاول اخماد نيران الغيرة , التي اشتعلت لتحرق روحها ,

و قد سمعت للتو عن مساعي مريم الحثيثة , لزرع ملك هنا الى الأبد , لدرجة اقتراح حملها من علي


" اذا أيتها المقعدة بدل ترشيحي أنا , تريدين تلك الغبية أن تحل محلك ؟ "



علت ابتسامة شر خبيثة جانب فمها , لتضيف بهمس مخيف

" لا بأس تريدينها أن تحمل اذا ؟
سأحقق حلمك و أجعلها تفعل , بأسوء طريقة تفقدها عقلها و لم لا روحها "



ظلت سارة ماكثة بالحمام , بعد مغادرة علياء بنصف ساعة تقريبا ,
حتى تأكدت من استغراق مريم في النوم , بسبب مفعول الأقراص المنومة

لتخرج بعدها تتسحب خفية , الى أن وصلت أمام الباب .



" سارة "

نادتها مريم و قد اكتشفت وجودها الآن , جفلت لثانيتين خشية اكتشافها أمرها ,
لكنها سارعت لتبديد شكوكها , بشأن سماعها لما دار بينها و بين علياء

" جئت فقط لأتأكد أنك نمت , آسفة لازعاجك "



ابتسمت لها مريم ببراءة و قد صدقتها

" شكرا لك أنا بخير , تصبحين على خير "



" تصبحين على خير "

هرولت سارة بعدها ناحية غرفتها , و بمجرد أن أغلقت الباب , أخرجت هاتفها لتجري اتصالها الهام

" أريد ما طلبته منك غدا صباحا , سآتي لتسلمه كما اتفقنا "

صمتت قليلا تستمع الى جوابه , ثم أضافت مع ضحكة مثيرة

" أكيد عزيزي سنلتقي في نهاية الأسبوع , في شقتي كما خططنا "



.
.
.

" لا لا أمممم "

تمتمت ملك التي استغرقت في النوم , منذ ساعة بأنين مكتوم ,
كانت تتحرك بتشنج على فراشها , و ما لبثت أن أطلقت صرخة مسموعة , لتجلس مكانها بوجه شاحب و أنفاس مختنقة

" بابا لا "



مسحت ملك وجهها مرددة الاستغفار عدة مرات , و هي تحدق في الأرجاء بقلق ,
لتتأكد أنها عادت الى غرفتها , و أن ذلك كان مجرد كابوس ,
أو بالأحرى نفس الكابوس المرعب , الذي يراودها منذ مدة ,



حيث ترى نفسها ترتدي ثوبا أبيض فضفاضا , و تتبع والدها الى أن تقف على حافة جرف سحيق , و في لحظة تجد نفسها تهوي الى القاع ,
بعدما تدفعها يد أحدهم في الظلام , ليتلقفها والدها بين أحضانه ,


لكن سعادتها داخل الحلم لا تدوم , فبمجرد أن يريها والدها هديته , التي لا تتغير و هي عبارة عن فردتي حلق متماثلتين , يتغير وجه الرجل ليصبح علي ,


و الذي يبدأ بالضحك بطريقة مخيفة , تشعر بعدها بألم شديد , بسبب نزيف يغرق ثوبها ,
ليتحول المشهد كله الى صور دموية تثير رعبها , و توقظها فزعة حد الارتجاف .



راقبت ملك منامتها الغارقة في عرقها , و لمست رقبتها و شعرها الذي أصبح دبقا ,
ليراودها شعور بعدم الراحة ,

أزاحت غطاءها عنها , و نزلت من فراشها لأخذ دش دافئ , عله يرخي أعصابها و يريحها بعض الشيء .



بعد أخذ وقتها تحت الدش , حاولت ملك الاسترخاء قليلا في فراشها ،
لكن تلك الأفكار التي لعبت برأسها مطولا عاودتها ,

و بقيت تتقلب يمينا و شمالا , لا تتمكن من النوم , خشية أن يراودها ذلك الكابوس البغيض مجددا .



قررت أخيرا بعد منتصف الليل أن تقصد المطبخ , و تشرب كأس حليب دافيء , ربما يساعدها على التخلص من الأرق .




في الجانب الآخر علي الذي خف غضبه قليلا , حينما فكر في الموضوع من زاوية أخرى ,
غير وجهة نظره المتملكة و اللامعقولة , خصوصا حينما أرضت علياء غروره ، و أخبرته عن قلق ملك بشأنه .


و قرر النزول الى مكتبه لاكمال بعض الملفات , لكن باله ظل مشغولا بكل ما حصل ,

هو متأكد أن ملك سمعت معظم ما قاله , لكنه لا يعرف كيف ستكون ردة فعلها ,



هل ستصرخ في وجهه و تطلب منه , أن يتوقف عن جنونه و تدخله بحياتها ,

و أن ينسى أمر أن تثق به , و تعتمد عليه كزوج حقيقي ,
و بالتالي تقطع عليه أية طريق لانشاء علاقة سوية ؟

أو أنها ستتجاهل الأمر , و تدعي أنها لم تسمع شيئا ,
و تغرس رأسها في الرمال مثل النعامة ؟



معرفته بشخصيتها تقول أنها طيبة القلب , متمردة لكنها ليست قاسية ,
و لن تواجهه بهذا العنف مهما حصل ,

لكن لا شيء مضمون حينما يتعلق الأمر بالعنيدة .




بلغ فضول علي بشأن ردة فعل ملك مبلغه , دفعه الى استغلال أول فرصة ,
و تتبعها الى المطبخ للتحدث معها , لن يستفيد شيئا اذا أجل المواجهة الى وقت لاحق كما كان يعتزم ,



فيما هي تخرج علبة الحليب بالشوكولا من الثلاجة , فاجأها علي الذي كان يقف خلفها مباشرة

" ألا تستطيعين النوم ؟ انها الواحدة صباحا "



استدارت ملك ناحيته , و قد بدت منتعشة بعد أخذها الدش ,
تسدل شعرها نصف المبتل على كتفيها , و ترتدي احدى مناماتها الزهرية ,

و قد تفاجأت بوجوده هناك , و ظهر ذلك في عينيها


" هل توقف أخيرا عن غضبه و قرر مصالحتها ؟ "

سألت نفسها و قد اعتقدت أنه نام منذ ساعات .



لكنها تنحنحت و أجابته بكل هدوء

" أردت بعض الحليب الدافيء , من أجل بعض المغص "

كانت دورتها على الأبواب , و كل التوتر الذي مرت به لا يساعد في شيء .





توتر علي هو الآخر , دنا منها خطوتين أكثر , و هو يحاول مراقبة وجهها بعد أن أثارت خوفه

" هل أنت مريضة , هل تحتاجين طبيبا ؟ "



هزت ملك رأسها نافية , و هي بصدد سكب كأس الحليب

" لا أنا بخير , مجرد تلبك معدة "


كذبت بسلاسة تامة , هي لن تسمح له أن يجرها الى المشفى , من أجل أمر طبيعي كهذا ,
يكفي كمية الاحراج التي تعرضت لها خلال يوم واحد .



راقب علي حركاتها بحرص , و هي تعيد علبة الحليب الى الثلاجة , الحليب الذي يعتبر ماركتها المسجلة في البيت ,

فلا أحد يشرب هذا هنا غيرها , فاطمة تشتريه خصيصا من أجلها ,
و علي مستغرب من نفسه , كيف أنه يعرف عن أدق تفاصيل عاداتها .



أخذ علي نفسا عميقا , لأنها قررت تجاهل أمر ما قاله سابقا , لم يبد عليها أنها ستفتح هذا الموضوع مجددا ,

و راوده شعور بالراحة فهو نفسه لا يعلم بما يرد , إن هي استفسرت عن قصده من كل ما قاله
فهو نفسه مشوش من طريقة تفكيره .



ساد بعدها صمت مطبق المطبخ , ملك ترتشف حليبها و علي يدعي شرب كأس ماء ,
و قبل أن تفكر هي في طريقة للفرار للابتعاد عنه , بادرها هو و طلب منها


" هل أنت متفرغة ؟ أحتاج مساعدة "



حدقت ملك إليه قليلا باستغراب , متسائلة عن نوع العمل , الذي قد يحتاجها لأجله في الواحدة صباحا ,


عبست قبل أن تسأل بقلق

" هل يدك تؤلمك أو أنه الحرق ؟
هل تريد أن ألقي نظرة ؟ "

كان هذا كل ما فكرت فيه



( فعلا هذه المرأة مهووسة بالأمراض )

تمتم علي لنفسه قبل أن يجيبها

" حسنا يدي تؤلمني قليلا , سأرى الطبيب غدا لفحصها , لكنني أحتاجك في أمر آخر "

قال و هو يضغط على يده بخفة



تنهدت ملك بارتياح

" جيد فيما تحتاجني اذا ؟ "


ابتسم علي بخبث و أجاب

" في الحقيقة أحتاج العمل على الحاسوب لانهاء بعض التقارير ,
و لكن لأن يدي تؤلمني لا يمكنني ذلك ,

هل تجيدين العمل عليه ؟ "



حدقت ملك إليه مليا , و قد تذكرت ما سمعته سابقا , عن عدم ثقتها به و امتعاضه من الأمر ,

و عاودها كل ذلك التخبط في الأفكار , ليتغلب الجانب الخير مجددا على قراراتها ,

ربما عليها أن تنظر اليه بعين ايجابية أحيانا ,
تعطيه بعض الثقة مع الكثير من الحرص ؟

ربما عليها منحه فرصة اثبات حسن النية , و التوقف عن الهوس بأن كل شيء يفعله , هو شرك للإيقاع بها ,

لكنها لن تندم أليس كذلك ؟



شردت ملك لدقائق تحاور نفسها , و علي يقف هناك بنظرات متأملة ينتظر الجواب ,
قبل أن تهز رأسها موافقة

" حسنا لا بأس , ما دمت لا أستطيع النوم على كل حال "




استدار علي متجها الى مكتبه , مع ابتسامة رضا على فمه , فهو لم يتوقع أن تقبل و تتبعه ,


بمجرد دخولهما أوصد الباب , و أشار لها بالجلوس الى كرسيه , فيما تمدد هو على الأريكة أمام المكتب .



جلست ملك مكانها أمام الحاسوب , و ارتشفت من كأس الحليب قبل أن تضعه جانبا ,
بدأت بعدها بالنقر على الفأرة لفتحه ,


بمجرد أن أنيرت الشاشة , حتى ظهر أمامها دراسة لمشروع ما , مع صور للموقع المخصص لبدء البناء ,

كان المكان جميلا جدا بل ساحرا , طبيعة عذراء تطل على شاطيء البحر بعيدا عن المدينة ,
حتى في الصور يبدو المكان هادئا جدا .



ردة فعل ملك كانت تلقائية , فهي لطالما أبدت اعجابها بالطبيعة ،
لمعت عيناها و فتحت فمها بانبهار

" واو هذا المكان ساحر جدا , هل هو هنا ؟ "

سألته دون أن تشيح بنظرها عن الصور



" أجل خارج المدينة "

أجابها علي بكل بساطة



" لأي مشروع هو ؟ "

شعرت ملك بالفضول فجأة



" لأجل بناء قرية سياحية , حسنا كانت ستكون توأم التي كنا سنبنيها سابقا ,
قبل أن نوشك على قتل المتعهد "


"....."



لم تركز ملك كثيرا فيما قاله علي , هي لا تريد فتح الموضوع ثانية ,
لكنها قالت ما يجول في ذهنها


" يا الهي لا أفهم لم لا يمكننا بناء مستشفيات , في أماكن جميلة و طبيعية كهذه ؟

لم يجب أن يكون المستشفى مكانا كئيبا و مملا , يعبق برائحة الأدوية و الدم ؟

و كأن المرضى هم مساجين من نوع خاص "

قالت ملك بنبرة مكتئبة , و هي تحدق للمناظر بحسد كبير .



لم يرد علي بكلمة واحدة , رفع حاجبيه و حدق إلى ردة فعلها , فما قالته مميز فعلا

" أنت هي الشيء الوحيد الخاص في كل هذا "

قالها بينه و بين نفسه ثم كلمها

" أغلقي الصفحة و افتحي علبة الرسائل الالكترونية "



انتبهت ملك من شرودها أخيرا , و مدت يدها الى المفاتيح ثانية , و قد أدركت تطفلها المزعج للتو

" حسنا "



قامت بعدها برفع شعرها كعكة , و تثبيتها بقلم من على مكتب علي , الذي كان يراقب حركاتها بتيه ,
و هو مستغرب كيف أنها , لا تهتم يوما بما يراه الآخرون ,

تتصرف دوما بطريقة تلقائية دون تكلف ، و الأغرب أنها تبقى جميلة و مميزة , رغم تصرفاتها الطفولية أحيانا .



" ماذا تريدني أن أفعل ؟ "

أخرجته ملك من شروده , دون أن تلاحظ أنه كان يتفحصها بعينين هائمتين .



سعل علي بخفة لاخفاء احراجه , بعدما تذكر ما كاد يقدم عليه صباحا , حينما فقد عقله و رصانته و أجابها


" افتحي الرسائل واحدة واحدة , و اقرئيها بصوت عال , و أنا أقول لك بم تجيبين "

قال و هو لا يصدق أنه سيجعلها , تطلع على رسائله الخاصة و أسرار عمله ,
لكنه يثق بها هذا أكثر شيء يدركه الآن .





فزعت ملك و فتحت عينيها عن آخرها لتصرخ في وجهه

" كلها ؟ "



كان عددها كبيرا جدا , قد تستغرق يومين فقط لمجرد الاطلاع عليها

ابتسم علي بمكر و رفع حاجبيه

" ماذا هل غيرت رأيك ؟ "



رمقته ملك بنظرة معترضة

" لا , لكن أليس هذا عمل سكريتيرتك ؟ "



" بلى , لكن السكريتيرة تتلقى الرسائل كلها و ترتبها ,

عادية تجيب عنها بنفسها , هامة ترسلها الى نائبي لمناقشتها و البت فيها ,

و رسائل شخصية و هامة جدا , ترسلها الى بريدي , لا أحد غيري يجاوب عليها "



مع شرح علي زاد اندهاش ملك

" يعني هذه فقط الرسائل الهامة جدا ؟ "



أدار علي عينيه بتذمر من اطالتها الأمر

" أجل و الشخصية , هل ستساعدينني للرد عليها أو أقوم بذلك بنفسي ؟ "



و هم للقيام من مكانه , لكن ملك استوقفته و قد أشفقت على حاله ,
فواضح أن حالة يده تعيقه , و الا ما كان تنازل و طلب منها مساعدته ،


الآن فقط هي فهمت , لم كان يقضي كل تلك الساعات في مكتبه ؟
اتضح أن عمله معقد جدا .



عاد علي و اتكأ مجددا على الأريكة , و أراح رجليه على الوسادة ,


بدأت بعدها ملك بقراءة الرسائل واحدة تلو الأخرى , بعض الرسائل كانت بالعربية , و الكثير منها باللغة الانجليزية ,

و كانت هي تقوم بالرد , حسب ما يمليه عليها علي , الذي كان مستمتعا جدا بالمنظر أمامه ،

و قد بدأ يفكر جديا في الذهاب الى الطبيب , و طلب ابقاء الضمادة شهرا آخر .



تفاجأ علي لطريقة تفكيره الطفولية , سابقا لم يكن مضطرا للتظاهر أمام أحد , و الآن هو يتقمص دور المريض المسكين الذي يحتاج المساعدة ,
فقط حتى يقنع هذه العنيدة بالبقاء معه و مرافقته .


فلا يده تؤلم بالدرجة التي وصفها , و لا البريد مستعجل كما قال ,
فقد كان بامكانه ارساله الى كريم , و هو يثق في عمله تمام الثقة ,


لكنه لو فعل كان سيفوت على نفسه , مشاهدة كل هذه التعابير على وجه ملك , من دهشة الى اهتمام الى ابتسامة ,
و التي تتغلغل داخل روحه و تشعره بخدر لذيذ .



" يا الهي لم يبدو أنني أدمنت , رؤية وجهها عينيها و رائحة عطرها ؟ "


أفاق علي على صوت ملك , التي كانت تكلمه منذ دقيقتين , و هو هائم في عالم آخر

" ماذا قلت ؟ "

" هناك رسالة باللغة الفرنسية هنا , هل تريدني أن أقرأها أو أترجمها مباشرة ؟ "



ملك لاحظت سابقا أن علي , لا يحب اللغة الفرنسية و يتفادى التعامل بها ,
رغم أنها متأكدة أنه درسها سابقا ,


أما بالنسبة لعلي فهو يكره هذه اللغة , بسبب أن معلمته السابقة كانت مزعجة ,
و هو كان يضع سماعاته طوال مدة الدرس , و لا يراجعها إلا أيام الامتحانات ،


و بالتالي فالرسائل باللغات الأجنبية , تمر مباشرة الى قسم الترجمة في شركته , و يعاد ارسالها الى بريده بعد ترجمتها ,
لكنه يفكر جدية في الغاء الأمر , و جعل ملك تفعله من الآن فصاعدا .



أشار لها علي بأن تخبره بما فيها , بعد أن قرأتها ملك أجابت

" رسالة من السفارة الفرنسية , لحضور احتفال بمناسبة عيدهم الوطني ,
في الرابع عشر من جويلية القادم "



هز علي رأسه

" حسنا أجيبيهم أنني سأحاول الحضور "



بعد أن طبعت ملك بضعة سطور , عادت و قرأت ما كتبته على مسامعه

" ما معنى هذا ؟ "

سأل علي و أجابت هي

" يعني أنك تشكرهم على الدعوة , و تهنؤهم بعيدهم و ستحاول جهدك لتلبية دعوتهم "




" حسنا يبدو ردا جيدا أرسليه "

" متأكد ؟ "

سألت ملك و رفعت حاجبيها بترقب



" أجل , لم لا يجب أن أكون كذلك ؟ "


هزت ملك كتفيها و كأنها تتلاعب به

" لا أدري , ألا يمكن أن أكون كتبت شيئا آخر مثلا , قد يسبب لك المتاعب ؟ "



أراد علي أن يخبرها , أنه متأكد أنها لن تفعل ذلك , و أنه يثق في صدق ما قالت ,
لكنه تراجع و أجاب بتكبره المعتاد

" لا بأس سأخبرهم أن احدى سكريتيراتي , فقدت عقلها و أرسلت الرد "



"....."

شعرت ملك بالصدمة و الغيظ , فهذا الرجل من المستحيل ابتزازه



عبست ملك في وجهه , الذي اعتلته ابتسامة ساخرة , و عادت لإرسال الرد متجاهلة له ,
فهي لن تكون أبدا ندا للنقاش مع هذا المغرور .





فيما هي منشغلة بقراءة الرسالة الموالية ، تذكر علي أمرا آخر

" أليس عيد استقلالكم في نفس الشهر ؟ "

سأل بفضول



أجابت ملك و قد استغربت معرفته بالأمر , لا يبدو رجلا يحب قراءة التاريخ

" أجل في الخامس من نفس الشهر "

قالت ببساطة و لكنها شعرت بالحماس فجأة للاسترسال


" في الحقيقة هو التاريخ الرسمي , لخروج آخر جندي فرنسي من أرضنا ,
كما أنه نفس تاريخ دخول القوات الفرنسية الأول , قبل أكثر من قرن و ربع ,

يعني تم اختياره لدلالته التاريخية , و لكن التاريخ الحقيقي هو في مارس من نفس العام ,
بعد توقيع اتفاقية الاستقلال "

كانت ملك تتحدث بتركيز تام , و حاول علي استرجاع معلوماته

" حسنا أتذكر بأننا درسنا هذا في التاريخ , حيث كانت ثورتكم من تبعات الحرب العالمية الثانية "


و استمرت ملك في الرد عليه


" أجل فرنسا المستعمرة وعدت شعبنا بالاستقلال , ان هم تجندوا للدفاع عنها خلال الحرب العالمية الثانية ,

و لكنها أخلفت وعدها بعد انتهاء الحرب , و كافأت المتظاهرين بمجازر رهيبة ,

دون أن تدرك أنها حفرت قبرها بيدها , لأن الشعب فهم أن الحرية تؤخذ و لا تعطى ,
و قرروا القيام بثورة السبع سنوات و التي كللت بالاستقلال "



صمت علي قليلا , و قد علا وجهه بعض الاستغراب ثم أضاف

" لا يبدو بأنك وفية لجذورك الفرنسية "



امتعضت ملك و عبس وجهها

" عن أية جذور تتحدث ؟

جدي لوالدي شهيد , و جدي لوالدتي مجاهد و قاض , أنا جذوري جزائرية بحتة "



رفع علي حاجبيه باستغراب و سأل مجددا

" ألا تحملين الجنسية الفرنسية ؟
اعتقدت أن أحد والديك بأصول فرنسية "



علي يتذكر جيدا ما قاله كريم بشأن جدها لوالدتها , لكنه لم يذكر شيئا عن والدها ,
الذي قال فقط بأنه يتيم , لذلك هو اعتقد أن والدها من أصل فرنسي .



نظرت ملك الى علي نظرة زاجرة

" لا تذكر هذا أمام أحد , أنا حتى لا أتنقل بجواز سفري الفرنسي ,
أصلا حصلت على الجنسية , فقط لأنني ولدت هناك ,

حتى والدي الذي عاش لفترة طويلة جدا فيها , لم يطلبها للحصول عليها يوما ,
رغم أن الكثيرين عرضوا عليه مساعدته لأخذها "



تفاجأ علي للأمر و زاد فضوله , لمعرفة بعض تفاصيل حياتها

" كيف ولدت هناك إذا ؟ "



علت نظرة غير مفهومة وجه ملك , و أجابته بقلة حيلة

" حينما حملت بي والدتي كانت في الثانية و الأربعين , سافرت إلى هناك مع والدي , من أجل حضور مؤتمر طبي ,

و حينما تعقدت حالتها بسبب خطورة الحمل , نصحها الأطباء ألا تسافر بالطائرة , و لا تبذل أي مجهود خلال فترة الحمل ,

فوجدت نفسها مضطرة للبقاء هناك إلى أن تلدني , و حصلت بذلك تلقائيا على الجنسية "


صمتت ملك قليلا لتضيف



حسنا ولدت قبل الأوان , كان وزني صغيرا جدا لم يتعد كيلو و نصف , مع الكثير من الاعتلالات ,
و بقيت في الحاضنة لمدة طويلة ,

و لكن والدي اضطرا مجددا , إلى تمديد الإقامة لعدة سنوات , بسبب متابعتي من طرف الأخصائيين هناك ,

حتى أنني لم ألتحق بالمدرسة إلا متأخرة بسنتين , رغم أنني بدأت تعليمي المنزلي , مبكرا جدا في عمر الرابعة "



كانت عينا ملك تلمعان , و هي تتحدث عن طفولتها , و شعر علي بالتسلية لأنه عرف أخيرا , أمورا أخرى عن حياتها كان يجهلها ,
و قد شعر بالرغبة لرؤية صورها و هي رضيعة , أكيد كانت شيئا لطيفا جدا .


ابتسم بعدها علي ليسأل سؤالا آخر يشغل باله

" ألست البنت الوحيدة لعائلتك ؟

عفوا لكن لم انتظرت والدتك , الى سن الثانية و الأربعين لانجابك ؟
ألا يبدو متقدما ؟ "



نظرت إليه ملك و رمشت , ثم أجابته بكل عفوية

" لأنها تزوجت في الأربعين "



" ماذا ؟ "

سأل علي بدهشة أكبر , فلم يبد على والديها في الصور أنهما تزوجا كبيرين ,
هو يعرف العاشقين من مجرد النظر إلى صورهم .



ردت ملك بسرعة و بحماس و هي تصفق بيديها

" حسنا سأخبرك قصة "



رفعت بعدها رجليها إلى فوق الكرسي , و أسندت رأسها على ركبتيها ,
من أجل وضع مريح ثم استرسلت


" والدي درسا سويا في كلية الطب , كانا أشهر ثنائي على الإطلاق ,
و الكل كان يتوقع زواجهما بعد التخرج مباشرة ,


لكن الواقع كانت له كلمة أخرى , فوالدي كانت ظروفه سيئة جدا لأنه يتيم ,
فيما كانت عائلة والدتي , من أغنى العائلات في البلاد وقتها ,

ليس ثراءا ماديا فقط و لكن اجتماعيا أيضا , لكنهما لم ينفصلا يوما بسبب تلك الفوارق ,



بعد التخرج تخصص والدي في جراحة القلب , و تحسن وضعه المادي قليلا ,
أما والدتي فاختارت طب النساء ،


لكن المعارضة لعلاقتهما لم تنقص , بالعكس زادت بتزايد عدد الأشخاص المتقدمين لخطبتها ,
و قد كان والدي يحاول تحسين ظروفه أكثر للتقدم لها ,


لم يجد جدي أمام معارضة والدتي , لكل عريس يعرضه عليها ,
الا أن اتفق مع أحدهم على عقد القران , و تجهيز كل شيء لتزويجها رغم رفضها "



حدق ناحيتها علي بصدمة لتبتسم باحراج و تضيف

" حسنا أعترف جدي بعقلية صعبة جدا , و لا يتقبل الرفض و المعارضة "

وافقها علي فقد كان هدفا مباشرا لصرامته




تنهدت ملك ثم أضافت

" حينما علم والدي بالأمر , قصد جدي للتحدث معه , لكنه رفض أن يستمع له ,
لم يدعه حتى يدخل من باب البيت ,

و أعلمه أنه حدد موعد العرس , و أنه سيدفن ابنته قبل أن يسمح لها , بالزواج من متسول على حد قوله ,


و أنه حتى برفض والدتي المطلق , و معارضتها الشديدة التي أدخلتها في اكتئاب ,
فسيتم الزفاف في الموعد المحدد , و لو كانت العروس محمولة على النعش ,


أمام تلك المشكلة التي لم يجد لها والدي حلا , قرر الانسحاب و الهجرة لاكمال دراسته بالخارج ,

و بما أنه درس الطب بالفرنسية , لم يكن أمامه الكثير من الخيارات , فاختار فرنسا رغم أنه لا يحب البقاء فيها "



فضول كبير انتاب علي فجأة

" و والدتك هل تركها ؟ "



تنهدت ملك بعمق قبل أن تجيبه

" حسنا أجل , جدي كان قد حدد موعد العرس بالفعل , و والدي غادر قبله بيومين "


" لكن لماذا ؟ "


حكت ملك رأسها و استرسلت

" في الحقيقة لم أفهم دوافع والدي , لاتخاذ قراره القاسي هذا يوما ,

لطالما كان رجلا يتحمل مسؤولياته بشجاعة , يواجه المواقف و لا ينسحب مهما حصل ,


لكن أعتقد أنه لم يتحمل , أن تنفصل والدتي عن عائلتها بسببه ,
بعدما خيرها جدي بينه و بين والدي ,


ربما خشي أن تحمله يوما ما ذنب يتمها , بما أنه يتيم فهو يعرف مرارة هذا الشعور جيدا ,
و لم يرد لوالدتي أن تقاسيه بسببه ,


أو ربما ارتعب من فكرة أن تضعف والدتي , أمام ضغط عائلتها و تتخلى عنه ,
و ذلك كان سيقتله , لذلك بادر هو بالمغادرة أولا , بدل أن يكسر قلبه من طرفها ,

لا أدري , وحده والدي من يعرف إجابة هذا السؤال "




نهض علي ببطء و تربع على الأريكة , و حدق ناحية ملك بتحفز كبير , مثل طفل ينتظر حكاية قبل النوم

" و بعد ماذا حصل ؟ "



نظرت اليه ملك باستغراب , عادة هو لا يتحمل الثرثرة ,
ما الذي حصل معه ليتصرف بفضول اليوم ؟



لكنها أكملت ما كانت بصدد قوله

" سافر والدي و قد كان آنذاك في الثامنة و العشرين , أكمل دراسته و بدأ بالعمل ,
قام بدراسات عليا الى أن أصبح , أشهر جراح قلب و شرايين في أوروبا ,

تزوج بعد سنوات من استقراره , لكنهما لم يتفقا و انفصلا بعد مدة قصيرة دون أطفال , و لم يعاود الزواج بعدها "



" و والدتك ؟ "

" لا شيء , ألغت العرس و جمعت أغراضها , و انتقلت الى بيت خاص بها , بعدما قاطعتها العائلة كلها بأمر من والدها ,

و استمر الأمر لسنوات , قبل أن تعود المياه الى مجاريها مجددا ,


لكن والدتي كانت قد اتخذت قرارها , بعدم الزواج أبدا بعدما خذلها والدي ,
و تفرغت هي الأخرى للدراسة و العمل , و أسست جمعيتها الخيرية , لمساعدة مرضى السرطان "



صمتت ملك لبرهة و كأنها تأثرت من جديد , بما حصل في الماضي رغم أنها لم تعشه


" مرت السنوات و بعد اثني عشر سنة تقريبا , التقيا صدفة في مؤتمر طبي عالمي في سويسرا ,
علم حينها والدي أنها لم تتزوج طوال فترة انفصالهما ,


طبعا في البداية أنكرت والدتي معرفتها به تماما , كانت لا تزال غاضبة , لأنه تخلى عنها و خيب أملها ,


لكن والدي كان قد اكتفى من حياة الوحدة , و قرر ألا يضيع فرصته في السعادة مجددا ,
و لو كلفه الأمر مطاردتها إلى آخر حياته ,

بعد عودته مباشرة و دون تردد , قدم استقالته من المنصب , الذي اجتهد كثيرا للحصول عليه ,
جمع أغراضه و أمواله و عاد الى البلاد ،

اشترى قطعة أرض واسعة , و بدأ في بناء مشفاه الخاص ,



خلال كل تلك السنوات هو لم يزر البلاد يوما , لأنه كان يعتقد أن والدتي تعيش حياتها بسعادة و تربي أطفالها , و قد كان الأمر يؤلمه كثيرا ,


أما بعد عودته فقد كان راضيا جدا , حتى و إن كانت والدتي ترفض رؤيته ,
كان يكفيه أن يعيش في نفس المكان الذي تعيش فيه , و يتنفس الهواء الذي تتنفسه ,

بعدها استمر في ملاحقة والدتي بإصرار , إلى أن قبلت العودة إليه "



بلع علي ريقه بعناء , هو لم يتوقع أن يكون هناك علاقات , بهذه القوة على أرض الواقع ,
لطالما اعتقد أن هذه الروايات , غير موجودة إلا في الخيال ,


و سأل ما يشغل باله

" هل سامحته ؟ "

قال بصوت هامس يقصد والدتها



نظرت إليه ملك قليلا ثم أجابت

" أجل أعتقد ذلك , ليس مباشرة و لكن في النهاية فعلت ,
لأنها أحبته حقا و لم تتحمل يوما , أن تكون زوجة لرجل آخر غيره ,

و رغم أنهما يعرفان أن فرصتهما في انجاب الأطفال , كانت محدودة بسبب سنيهما , إلا أنهما لم يباليا ,

لكن الله كان كريما معهما و عوضهما , لينجباني في سن الثانية و الأربعين "




ظهرت ابتسامة خفيفة على شفتي ملك , قبل أن تضيف بصوت هاديء لكن متأثر جدا


" ماما تقول أنهما حدقا إلى وجه الطبيب لنصف ساعة , قبل أن يدركا ما كان بصدد قوله ,

و أنهما قررا تسميتي ملك , لأنني كنت بمثابة هدية من السماء ,
و تعويض عن كل سنوات الحرمان التي عانيا فيها "



كانت ملك تتكلم بكل تأثر , و قد علت ملامحها لمحة حزن واضحة ,
آلمت قلب علي الذي لم يعرف , كيف وصلا الى هذه الزوايا الخفية من ماضيها , و التي لم يعتقد يوما أنه سيعرف عنها شيئا .










😘💞💞



.......





ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-20, 10:23 PM   #876

آلاء الليل

? العضوٌ??? » 472405
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 477
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » آلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

كالعادة ملك دائما مبدعة 👏👏👏👏👏
من بين أكثر المشاهد التي تجذبني فالرواية صراع ملك مع ذاتها دوما تبهرني شخصيتها أحببت اليوم كيف اعترفت لنفسها ان تجربتها مع علي أفقدتها شيئا مهما من ذاتها مع وصفك و سردك المشهد يهبل 😊😊😊😊
مريم المسكينة لا يمكنني إلا ان اتعاطف معها موقفها و هي تصارح عليا بمخططاتها صعب جدا مهما كان هي امرأة وجها لوجه مع الموت و همها الوحيد أحبابها و مستقبلهم من بعدها 😔😔😔😔😔
سارة 🐍🐍🐍🐍🐍🐍يا خوفي منهاو من مخططها حاسة خطتها هي التي ستقطع الحبل بين علي و ملك ليس نهائيا و لكن يمكن لفترة طويلة ما الذي قصدته بجعل ملك حامل و يمكن ان تلقى حدفها ان شاء الله ما تلفقلها تهمة شرف و يصدقها علي لانه بهذا سيحرق كل سفنه مع ملك 😔😔😔 مع كابوس ملك الغير مطمئن حاسة الفصول الجاية كلها نكد الله يستر😥😥😥😥
المشهد الأخير تحفة 😍😍😍😍طريقة ملك في سرد قصة حب ابويها و انصات علي و استمتاعه مع حكاية عذراء و عز الدين الجميلة التي أحسست انها أمل لعلي في امكانية الفوز بملك و لو بعد معانة طويلة ❤❤❤❤❤
في انتظار البارت الجاي شكرا ملك لتعبك 🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


آلاء الليل غير متواجد حالياً  
التوقيع
تابعوا معنا رواية أسيرة الثلاثمئةيوم للكاتبة المتألقة ملك علي على الرابط التالي
https://www.rewity.com/forum/t471930.html
رد مع اقتباس
قديم 13-11-20, 10:49 PM   #877

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 71 ( الأعضاء 24 والزوار 47)
‏ملك علي, ‏لجين عمر, ‏Kokinouna, ‏ميلان عمر, ‏نادية الليل, ‏Just give me a reason, ‏lilwom, ‏houdadenguir, ‏مرمر-980, ‏NoOoShy, ‏الزنبقة الجميلة, ‏أمنيات بريئة, ‏mariam sayed, ‏Wafaa elmasry, ‏وردة الطيب, ‏مني الجوجري, ‏آلاء الليل, ‏هانا مهدى, ‏طلع القمر, ‏ابنة العرب, ‏شوشو عبدالهادى, ‏rana-ab, ‏alies, ‏noor elhuda



شكرا حبيباتي 💖💖💖💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-20, 10:59 PM   #878

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آلاء الليل مشاهدة المشاركة
كالعادة ملك دائما مبدعة 👏👏👏👏👏
من بين أكثر المشاهد التي تجذبني فالرواية صراع ملك مع ذاتها دوما تبهرني شخصيتها أحببت اليوم كيف اعترفت لنفسها ان تجربتها مع علي أفقدتها شيئا مهما من ذاتها مع وصفك و سردك المشهد يهبل 😊😊😊😊
مريم المسكينة لا يمكنني إلا ان اتعاطف معها موقفها و هي تصارح عليا بمخططاتها صعب جدا مهما كان هي امرأة وجها لوجه مع الموت و همها الوحيد أحبابها و مستقبلهم من بعدها 😔😔😔😔😔
سارة 🐍🐍🐍🐍🐍🐍يا خوفي منهاو من مخططها حاسة خطتها هي التي ستقطع الحبل بين علي و ملك ليس نهائيا و لكن يمكن لفترة طويلة ما الذي قصدته بجعل ملك حامل و يمكن ان تلقى حدفها ان شاء الله ما تلفقلها تهمة شرف و يصدقها علي لانه بهذا سيحرق كل سفنه مع ملك 😔😔😔 مع كابوس ملك الغير مطمئن حاسة الفصول الجاية كلها نكد الله يستر😥😥😥😥
المشهد الأخير تحفة 😍😍😍😍طريقة ملك في سرد قصة حب ابويها و انصات علي و استمتاعه مع حكاية عذراء و عز الدين الجميلة التي أحسست انها أمل لعلي في امكانية الفوز بملك و لو بعد معانة طويلة ❤❤❤❤❤
في انتظار البارت الجاي شكرا ملك لتعبك 🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺




😘💖💖
كالعادة اول من يعلق و يبردلي قلبي 💖💖
ملك ككل البشر يتصارع داخلها الخير و الشر رغم أنني ارى ان ثقتها الزائدة في الجميع و حسن ظنها غير المشروط احد عيوبها التي تعاني بسببها حينما تكون في غير محلها 😔
عبرة والدي ملك ستكون أمل لعلي حينما يصمن مشاعرها ناحيته و الذي لم يحصل بعد 😉
شكرا على الاهتمام لمجهودي عزيزتي 💖 انا فعلا اعاني من تشنجات في يدي اليسرى بسبب العمل ثم الطباعة لثلاث ساعات قبل النشر ☺️😘💖💖


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 12:23 AM   #879

Aysen Ataman
عضو موقوف

? العضوٌ??? » 317807
?  التسِجيلٌ » Apr 2014
? مشَارَ?اتْي » 177
?  نُقآطِيْ » Aysen Ataman has a reputation beyond reputeAysen Ataman has a reputation beyond reputeAysen Ataman has a reputation beyond reputeAysen Ataman has a reputation beyond reputeAysen Ataman has a reputation beyond reputeAysen Ataman has a reputation beyond reputeAysen Ataman has a reputation beyond reputeAysen Ataman has a reputation beyond reputeAysen Ataman has a reputation beyond reputeAysen Ataman has a reputation beyond reputeAysen Ataman has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل رائع بكل تفاصيله.
احببت الحوار بين علياء و مريم ، قلة حيلتها أمام حالتها الصحية الحرجة و مرض ابنتها يدمي القلب .
الله يستر من سارة و الاعيبها!!
يعجبني طموح علي بأن يجعل ملك تتقبل علاقتهم كزوجين😂😂 مش تتجاوزها الاول يا خايب !!! او انك كذبت الكذبة و صدقتها ؟!! قصة عدراء و عز الدين أسطورية 😍😍 في النهاية كما يقال ما يجمعه الله بالحب مستحيل أن يفرقه انسان 😀 ( سمعتها كثيرا هذه الجملة مؤخرا و لم افكر يوما أنني ساستشهد بها😂 ).


Aysen Ataman غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 12:33 AM   #880

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aysen ataman مشاهدة المشاركة
الفصل رائع بكل تفاصيله.
احببت الحوار بين علياء و مريم ، قلة حيلتها أمام حالتها الصحية الحرجة و مرض ابنتها يدمي القلب .
الله يستر من سارة و الاعيبها!!
يعجبني طموح علي بأن يجعل ملك تتقبل علاقتهم كزوجين😂😂 مش تتجاوزها الاول يا خايب !!! او انك كذبت الكذبة و صدقتها ؟!! قصة عدراء و عز الدين أسطورية 😍😍 في النهاية كما يقال ما يجمعه الله بالحب مستحيل أن يفرقه انسان 😀 ( سمعتها كثيرا هذه الجملة مؤخرا و لم افكر يوما أنني ساستشهد بها😂 ).




يا بنتي خليه مسكين اللي فيه يكفيه 😅😅 بما ان الاحلام مشروعة خليه يحلم 😉 ربي يوفقو مع الجبل الجليدي اللي تورط معاه 😅
شكرا حبيبتي لمرورك الجميل 💖💖🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:50 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.