آخر 10 مشاركات
جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          91-صعود من الهاوية - بيتي جوردن - ع.ج ( إعادة تصوير )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-11-20, 03:33 PM   #901

مني الجوجري

? العضوٌ??? » 480242
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » مني الجوجري is on a distinguished road
Rewitysmile27 رد


الروايه جميله بالتوفيق لكِ

مني الجوجري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-20, 04:18 PM   #902

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة noor elhuda مشاهدة المشاركة
قرات كثيرا من الروايات بتقدري تعتبري جميع رويات الموجودة بالمنتدى اكثر من اكثر من خمس سنوات من القراءة لم اجد اجمل واروع من روايتك واتمنى ان لاتطول النهاية لان فعلا متشوقة لمعرفة النهاية وتكون نهاية سعيدة ولم تكن بزواج علي من ملك



شكرا عزيزتي سعيدة جدا بتقييم من قارءة متمرسة بقدرك 💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹
نحن اجتزنا ثلثي القصة و لا يزال لدي الكثير لقوله فلا نستعجل النهايات و دعينا نستمتع بما يجري 😉
بالنسبة للنهاية ان شاء الله راح تكون سعيدة 💞💞


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-20, 04:21 PM   #903

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هانا مهدى مشاهدة المشاركة
انا اول كره اعلق ع روايه بس مش عايزاكى تتضايقى اكيد بناخد وقت ومجهود ربنا يعينك حبيبتى بس انتى عارفه احناومثلا قعدنا ف مشهد الحفله حبه حلوين وبعدها مشهدين ف البيت انا كل شويه اقول يلا يا على روح يا بابا انطق اتكلم ابص الاقى الفصل خلص هوووب لسه هاتحمس ف إللى بعده الاقى الفصل خلص معلش ارهاق امتحانات العيال والواحد بياخد الوقت دا ترفيه مش بابقى عايزاه يخلص كل التوفيق ليكى حبيبتى وملتقى الباب توب وربنا يفكها ع سى على شويه والاخت ملك عليها كدا هى لازم ترفع ضغطه شويه ....كل التحيه ليكى حبيبتى




يعزك ربي حبيبتي انا لم اتضايق بالعكس تفرحني لهفة و حماس القراء 💖🌹🌹 مشكلتي انني احب السرد و اضيع احيانا لتسرقني الكتابة الى ان اجد البارت انتهى رغم قلة الاحداث لكنها كلها مؤثرة و تخدم روح الرواية ☺️
بالتوفيق مع اطفالك ربي يباركلك فيهم و يفرحك بيهم 💖💖💖


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-20, 04:24 PM   #904

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mariam sayed مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lilwom مشاهدة المشاركة
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راندا انس مشاهدة المشاركة
روايه جميله جدا
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مني الجوجري مشاهدة المشاركة
الروايه جميله بالتوفيق لكِ



و عليكم السلام ورحمه الله وبركاته 💞💞💞💞
شكرا على الدعم و المشاعر الجميلة 🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-20, 05:55 PM   #905

Narimano
 
الصورة الرمزية Narimano

? العضوٌ??? » 459758
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 171
?  نُقآطِيْ » Narimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond reputeNarimano has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملك علي مشاهدة المشاركة
المحتوى المخفي لايقتبس


تجنن رواية تهبببببببببببببل❤❤❤💕
واو انا واقعة في حب هاذه الرواية😍

علي 💙💙💙💙
لااااااااا موفقة بنت بلادي
انا ناريمان من الجزائر


Narimano غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-20, 10:21 PM   #906

وردة الطيب

? العضوٌ??? » 356339
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 287
?  نُقآطِيْ » وردة الطيب has a reputation beyond reputeوردة الطيب has a reputation beyond reputeوردة الطيب has a reputation beyond reputeوردة الطيب has a reputation beyond reputeوردة الطيب has a reputation beyond reputeوردة الطيب has a reputation beyond reputeوردة الطيب has a reputation beyond reputeوردة الطيب has a reputation beyond reputeوردة الطيب has a reputation beyond reputeوردة الطيب has a reputation beyond reputeوردة الطيب has a reputation beyond repute
افتراضي

هل هناك بارت اليوم

وردة الطيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-20, 10:28 PM   #907

monyati

? العضوٌ??? » 247488
?  التسِجيلٌ » Jun 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,255
?  نُقآطِيْ » monyati is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

monyati غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-20, 10:35 PM   #908

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي




البارت التاسع و الثمانون عرض مشبوه 💔






بعد وصلة الذكريات الحميمة , التي أتحفت بها ملك أذني علي , ساد صمت رهيب المكتب ,

و جلس هو مكانه لا يشيح بعينيه عنها , و قد أدرك الآن فقط لم ملك بهذه الشخصية الفريدة ،

فما الذي يتوقعه من طفلة وحيدة والديها , نشأت لسن السادسة محاطة بالقطن و في بلد أجنبي , معزولة عن كل شوائب الحياة ,

كبرت و ترعرعت بين والدين ناضجين مثقفين , يؤمنان بالحب و بشخصيات فولاذية ,



رجل دفن قلبه لسنوات طواعية , و غادر حتى لا يحطم المرأة التي يحبها , و عاش غربة فرضها على نفسه ,


و امرأة اعتزلت المجتمع و الزواج , و تمردت بشجاعة مصرة على حقها في الاختيار ,
في فترة كانت الأنثى , لا تملك حتى حق التنفس في أرقى المجتمعات ,



بدا واضحا جدا أنهما ربياها بقيم و أفكار مختلفة , بعيدا عن نفاق و زيف المجتمع ,
فهي لم تندمج مع العالم الخارجي ، إلا بعد اكتمال ملامح و حدود شخصيتها ،


شخصية استثنائية بشفافية عالية , لدرجة أنها لا تدرك شيئا من خبث الناس و ألاعيبهم ,
و تتعامل مع الجميع بكل صدق و طيبة دون استثناء ,

و ربما أن دراستها للطب بعدها , ساهمت في صقل هذه الشخصية المميزة ،
و النتيجة امرأة متعلمة ذكية بقلب و براءة طفلة .



كان هذا الاستنتاج الوحيد الذي وصل إليه علي , و الذي جعله يعيد النظر في كثير من المواقف التي شهدها منها ,
و التي لم تعد مستغربة في هذه اللحظات .



و فيما هو غارق في تفكيره , كانت ملك قد جابت الماضي بحنين كبير , متذكرة الكثير من الذكريات السعيدة ,

و قد بدأت الدموع بالتجمع في عينيها , بسبب اشتياقها الملح لوالديها .


لكنها سرعان ما انتبهت و تمالكت نفسها , و قررت الفرار من المكان قبل أن تفضحها عبراتها ,
لا تريد أن تبكي هنا تحت أنظار علي ,

أكيد سيسخر منها و يعتقد أنها تعاني انفصاما في الشخصية , فقد كانت تضحك قبل قليل ,
لتبدأ بالبكاء الآن كشخص مخبول , و طبعا تلك الهرمونات اللعينة , لا تدع الفرصة دون استغلال .



قامت ملك من مكانها , و خطت ناحية الباب للانصراف

" أعتقد أنني أشعر بالنعاس الآن ، سأذهب الى غرفتي ,
تصبح على خير "


بادرت علي الذي كان يراقب انسحابها , و قد بدت نبرتها متهدجة و بها بحة واضحة .

رغم أنها حاولت اخفاء مشاعرها , إلا أن علي ليس مغفلا حتى لا يدرك الأمر ,
هو يعلم أنه فتح مواضيع حساسة , و لا يمكنه لومها على تأثرها .



" ملك "

استوقفها صوته الدافيء عند الباب ،


بسماع ندائه لزمت ملك مكانها , لكنها لم تستدر لتحدق في وجهه ,
و مدت يدها خلسة لتمسح دمعة , علقت في زاوية عينها تهدد بالانهمار



" نعم "

كان كل ما قالته للرد عليه .



فكر علي للحظات عما يمكنه قوله الآن , هو يشعر بالاستياء و التوتر بالفعل ,
و زاد الأمر سوءا بما روته ملك على مسامعه ،


جعله يشعر أنه رجل دون قلب و لا رحمة , لأنه حرم والدين مثل والديها من ابنتهما الوحيدة ,


أراد علي لأول مرة أن يقول آسف أو لم أقصد , أن يطلب منها السماح بخصوص ما حصل ,
أو حتى يحتضنها و يقول كلاما يطيب خاطرها , و يطمئن بالها عن قرب رحيلها ,



لكن الكلمات رفضت مغادرة حلقه , و بدل ذلك نهض من مكانه و دنا منها بتأن ,
محاولا ايجاد كلام مناسب لهذا الموقف ,


أصر علي على الوقوف مقابلها , رغم أنها كانت تحاول الهروب بعينيها من تحديقه بها ,


جالت عيناه المشتعلتان بوهج غريب , على صفحة وجهها المتوردة ,
ثم مد يده بتأن و سحب القلم , الذي غرسته في شعرها عند دخولها ,

لتنساب خصله الذهبية الندية , على كتفيها و تحاوط وجهها بكل حنان ,
تماما كما كان هو يرغب محاوطته بكفيه , و تمرير ابهاميه على كل تفاصيله الجميلة ,

ثم يغرس أصابعه المتعطشة , لتجربة ملمس شعرها الحريري , و الذي دقق النظر فيه متتبعا انسيابه بافتتان .



حدقت ملك ناحيته و قد فاجأتها حركته , و مدت يدها لتتلمس شعرها و تعدله ,
و قد تذكرت للتو أنها استولت على قلمه , و كانت ستخرج به من هنا دون ادراك ,


بلعت ملك ريقها ثم همست له باحراج , و قد شتت علي انتباهها , عما كانت تعيشه من مشاعر مكتئبة

" آسفة "



ابتسم علي على تعابيرها المحرجة , و رفع القلم أمام أنظارها

" فقط حتى لا تعانين صداعا في الصباح "

قال بصوته الأجش مشيرا الى شعرها .



هزت ملك رأسها و قد فهمت أنه يقصد , أن شعرها لن يجف اذا استمرت بلفه هكذا ,
و ستعاني صداع شقيقة حاد صباحا


" شكرا , تصبح على خير "

تمتمت ملك بين شفتيها , و غادرت هذه المرة مباشرة دون تردد ,
و قد أربكها اهتمامه المفاجئ , و لم تعرف ما عليها فعله للرد عليه .



أراد علي أن يستمرا في التحدث لبعض الوقت , حتى تنجلي بعض أحزانها ,
و هو متأكد انها ستقصد غرفتها لتبكي , لكن كل ما طاوعه لسانه على قوله كان

" شكرا , تصبحين على خير "




بمجرد اختفائها من مكتبه , رفع علي القلم مجددا , ليضعه هذه المرة أمام أنفه ,
و يستنشق رائحته العطرة التي انتقلت له , من العنيدة التي شغلت تفكيره ,


و ككل مرة تتغلغل رائحة الياسمين , لتصل الى أبعد نقطة في روحه , تلفها بدفء و تؤجج فيها مشاعر داهمة ,
لم يعد يطيق السيطرة عليها أو الغاءها , و قلبه يرزح تحت وطأتها المهلكة في غفلة منه .



" كم أنت محظوظ ,
غلافك من ذهب و رائحتك من ماس "


همس للقلم في يده بنبرة حسد , ثم دسه في جيب قميصه ,
تماما الى جانب قلبه الذي تسارعت دقاته , احتفالا بوجود أثر من مختطفته بقربه .





عادت ملك إلى غرفتها , و قد زادت همومها ثقلا عما كانت عليه ,
و لم تتمكن من النوم قبل أن تغرق الدموع و سادتها

هي لم تبك منذ وقت طويل , و قد كانت تشغل وقتها , حتى لا تفكر في أي شيء ، على أمل أن تنقضي الأيام سريعا ,


لكنها في أعماقها تشتاق إلى والديها , إلى بلدها بيتها و فراشها ,
تشتاق لكل تفاصيل حياتها , مهما كانت بسيطة تشتاقها بشدة ,

نامت ملك فجرا و كل ما تتمناه , أن يأتي يوم و تغادر من هنا دون رجعة .




في المكتب لزم علي مكانه على الأريكة , وضع رأسه بين يديه بتعب , ثم عاد و غرق في أفكاره المشوشة ,
و هذه المرة راودته فكرة ملحة , كان يمنع نفسه عن التفكير بها


" هل ستعيدها الى بيتها حينما يحين الوقت ؟ "



شعر علي بالرعب من التفكير في الاجابة , و تذكر سؤال علياء ان كان سيدعها ترحل أو لا ,

و الآن فقط أدرك اجابة هذا السؤال , أنه حتى و ان استطاع تحصيل براءتها كما وعدها ,
هو لا يعتقد أنه يستطيع تركها ترحل هكذا ببساطة ,



علي لا يعرف ان كان ما يشعر به ناحية ملك , هو تعلق اعجاب تعود احساس بالذنب ,
افتتانا أو ما يسمى حبا هو غير متأكد ,


لكن كل ما يعرفه الآن , أنه لا يتصور حياته من دونها , لا يتصور بيته في غيابها ,

حتى و ان كانت لا تعامله بالحسنى , مجرد وجودها الى جانبه كاف بالنسبة له ,

حتى لو كانت تجادله و تنتقده طوال الوقت , يكفي أنه يرى وجهها و يسمع صوتها ,
و يعرف أنها تنام في الغرفة المجاورة , هذا أهون عليه بكثير من فقدانها .



علي متأكد أن ملك اذا رحلت , لا شيء في الكون سيعيدها الى هنا ,
لا سبب منطقي قد يقنعها بالعودة الى ما تراه سجنا لها ,

فهي لا تحمل له أية مشاعر , فيما هو لم يعد متأكدا , من هذا الاحساس الجارف داخل قلبه , و الذي لا يقو حتى على مناقشته مع عقله .



ما يخيفه أكثر أن حسابه لدى ملك أصبح ثقيلا جدا , فيما تزداد أفضالها و مزياتها عليه , يقبع هو تحت أوزاره التي لا تتناقص قيد أنملة ,


و على هذا المنوال لا شيء سيدفعها , لمسامحته و البقاء معه ان هو أطلق سراحها ,
و هو حتى لا يجد طريقة مناسبة لتعويضها ,


ملك سترحل دون عودة , هذه النهاية الوحيدة المنطقية , التي يراها من موضعه هذا ,
و التي تؤلم روحه قبل حدوثها حتى ,


فقط معجزة من السماء قد تغير الوضع , و تجعلها تغفر له كل ما حصل , كما غفرت والدتها لوالدها .




قضى علي الليلة يفكر في الوضع الجديد , و قد قرر ألا يخدع نفسه مجددا ,
و لن يتجاهل قلبه كما فعل منذ مدة , و أنه سيعطي فرصة لمشاعره المبهمة لتتوضح ,


اتخذ علي قراره بمحاولة اصلاح العلاقة الى أقصى حد ممكن , و أمله الوحيد الفترة الباقية من اقامتها هنا ,


هل يعقل أنها كافية لحصول معجزة لصالحه , أو أنها ستزيد في تعلقه بها و صدها له ؟


هل هذه عقوبته على ما فعله , و سيكون هو من سيفقد روحه في النهاية , لحب من طرف واحد ؟

مجرد التفكير في الأمر يشعره بالرعب .


.
.
.


في الصباح بالدخول الى غرفة الطعام , شعر علي بالراحة لأن ملك كانت هناك , تجلس الى الطاولة برفقة رنا و علياء , التي لم يفهم كيف استيقظت باكرا ,

كانت ملامحها تبدو طبيعية , تبتسم كعادتها و هي تدردش مع علياء , مما طمأن قلبه بعض الشيء ,


فبعد ما حصل البارحة , هو خشي أن تدخل فترة اكتئاب , كما حدث حين وصولها , و انتكاسها الآن سيكون سيء النتائج على علاقتهما .



" صباح الخير "

حياهم علي و جلس مكانه , لتمد ملك يدها بحكم التعود و تسكب له قهوته

ابتسم علي لما تفعله ثم استدار و سأل علياء

" لم أنت مبكرة ؟ ليست عادتك "



تنهدت علياء و ارتسمت ملامح بائسة على وجهها لتجيبه

" كنت أفكر في حل معادلة , اختراع الذرة طوال الليل و أصبت بأرق "



بعد حديثها مع مريم , لم تستطع علياء النوم بسبب قلقها , و طبعا كانت علاقة أخيها بملك ,
شائكة أكثر من اختراع الذرة



ضحك علي على جوابها و سألها

" و هل وجدته ؟ "


" لا ليس بعد , لكنني سأفعل قريبا انتظر و سترى "

و هزت حاجبيها بمكر , مشيرة الى ملك الملتهية بتحريك السكر ,


نظر علي ناحيتها و قد فهم , ما تلمح له شقيقته المجنونة , قبل أن يهز رأسه بحركة محذرة لزجرها ,
هو يعرف عقلها المتهور , و لا يريد ما يغرقه أكثر مع ملك ,



في المقابل كانت ملك تلتزم الصمت و لا تعلق , فهي في أغلب الأحيان لا تفهم اللمز , الذي يدور بين علي و علياء ,

اندمجت مع فطيرة الشوكولا التي أعدتها , مفسحة لهما المجال للتحدث , لكنها حينما مدت يدها , لالتقاط كأس عصيرها لم تجده مكانه ,



رفعت ملك رأسها بحثا عنه , لتجده في يد علي , الذي كان يرتشف منه على مهل بعدما أنهى قهوته ,
و هو يحدق بامعان في هاتفه على صفحة البورصة .



رمشت ملك مرتين و هي تراقبه يلتهم عصيرها , الذي لم تشرب منه الا رشفتين ,
فيما يقف كأس عصيره أمامه كما هو ,

طبعا لم تكن لتغضب لو كان نفس المحتوى , لكن عصيرها تصنعه من خلطة فواكه ,
فيما يصر هذا المهووس , على الحصول على عصير صحي من الجزر .



لاحظ علي نظراتها المتهمة و الحانقة , التي ترسلها ناحيته و كأنها ترغب بخنقه ,
و سارع للاستفسار منها عن السبب

" ما بك ؟ لم لا تفطرين ؟ "




أطلقت ملك زفيرا حاقدا في وجهه قبل أن تجيبه

" لأن أحدهم استولى على عصيري "

و أشارت برأسها الى يده



عاد علي و ركز فيما يحمله , و ارتفع حاجباه بسبب المفاجأة ,
طبعا هو لاحظ تغير الطعم بمجرد أن ارتشفه , لكنه اعتقد أنها سكبت له من عصيرها , لم يفكر أنه سرقه منها



" فعلا ؟ "

تظاهر علي بعدم معرفته بما فعله , و هزت ملك رأسها لتؤكد عليه عله يعيده لها ,
و قد علت وجهها ملامح مستاءة ,


مقابلهما رفعت علياء و رنا رأسيهما , من أطباقهما لمراقبة ما يحصل بترقب , فملك تقتل من أجل عصيرها .



لكن علي ابتسم لها بخبث , و راقب فم الكأس بحثا عن أثر معين , بمجرد أن لمحه أداره ناحيته , و ارتشف منه نصف الكمية المتبقية , و كأنه يستفزها عمدا ثم علق


" امممم لذيذ فعلا "




"...."

صدمت ملك لما فعله , احتقن وجهها و اتسعت عيناها عن آخرها , ثم زمت شفتيها و قد فقدت كلماتها .

أما علياء فقد شرقت بقهوتها , و بدأت بالسعال بقوة حتى كادت تختنق ,
فشقيقها المنحرف وضع شفتيه فوق أثر شفاه ملك , و شرب عصيرها بكل راحة .



المهووس الذي لا يشرب في كأسه مرتين , و لا يجلس فوق كرسي جلس عليه غيره ,
و الذي من المفروض أن يركض الآن ناحية طبيبه , لاجراء غسيل معدة بعد أن تناول شراب شخص آخر ,


يجلس مبتسما بعدما حصل على قبلة غير مباشرة , تماما كالمراهقين و هو فخور بما فعله ,
هي لم تعرف أن وسوسة النظافة , التي يعاني منها انتقائية الا الآن .



كانت رنا تحدق في الوجوه ببراءة لا تفهم ما يحصل , لكنها سارعت للاشارة لملك لتطييب خاطرها ,

و مدت يدها بكأسها ناحيتها , حتى تقتسم معها عصيرها , معتقدة أنها غاضبة لأن والدها سرق خاصتها .



ضحك علي بصوت عال , فيما نهضت ملك و غادرت الطاولة , مغتاظة منه لأنه يريد استفزازها و احراجها , و لحقت بها رنا لمواساتها .


أما علياء فقد ضربته على ذراعه لردعه

" أيها المجنون لقد أحرجتها "



حدق علي ناحيتها بقلة حيلة و أجابها

" ماذا أفعل ان كانت متحجرة عاطفيا "


تنهد ثم قام من مكانه ليغادر , لكن علياء استوقفته لتقترح عليه

" ما رأيك أن تعود لتأكل معنا على الغداء ؟
سأعد اللازانيا التي تحبها على طريقتي "



حاول علي التملص لكن علياء أصرت

" أرجوك أخي سأغادر قريبا , و الى الآن لم نتناول طعامنا سويا ,
هيا لا تردني "



" حسنا لا بأس لكن لا تنسي وعدك "

برؤية ملامحها المتوسلة , استسلم علي لطلبها و غادر مباشرة , بعدما أعطته قبلة على خده .




" هاي ملك رنا , تعاليا سنحضر لحمام شمس أمام المسبح , لنحصل على سمرة برونزية "

صرخت علياء بصوت عال , و لحقت بهما الى المطبخ ,


و بالفعل شرعت فورا بالتحضير للاجتماع النسوي , باعداد ماسكات طبيعية للوجه ,
و اخراج قوارير طلاء الأظافر , و مواد التجميل التي تملكها للاستفادة منها .


.
.
.


غادر علي قاصدا المستشفى من أجل المعاينة , بما أنه وعد ملك البارحة أن يراجع الطبيب ,
و الا هي ستطلق عليه النار ان لم يفعل ,


اتصل بكريم و أخبره أنه سيتغيب في الفترة الصباحية , لأنه سيستغل الزيارة للاطلاع على سير العمل , و لسبب آخر يبقيه سرا عن الجميع .




" أجل لن أعود قبل الغداء , تدبر أمر الاجتماعات الطارئة و أجل الباقي "

" حاضر "

" سأرى خلال مروري امكانية , افتتاح جناح للجراحات التجميلية ,
المستشار الاقتصادي ذلك اليوم , قال أن عائداتها مربحة جدا ,

لذلك أريد منك أن تجري , بعض الاتصالات مع المتخصصين , للحصول على قائمة بأسماء أمهر الأطباء في المجال "


" حاضر "


" الى اللقاء "

أغلق علي الخط بعد بعض التعليمات الاضافية , و قد توقفت السيارة أمام باب المشفى .



في الداخل حول علي الى طبيبه المتابع , و الذي كان الشاب الأشقر من المرة الماضية ,
و قد شعر بالراحة لأن ملك لم ترافقه , فهو لا يريدها أن تلتقيه مجددا .



" جيد سيدي , التأمت الجروح بطريقة مرضية "

علق الطبيب بتفاؤل بعد معاينة الاصابة



" اممم شكرا "

همس له علي و هو يحرك قبضته لتجربتها , ليضيف طبيبه مع ابتسامة مجاملة

" لقد اعتنت بها الدكتورة جيدا , أوصل لها تحياتي "



تجمدت ملامح علي الذي رفع حاجبه , و رمقه بنظرة قاتلة ثم أجابه بنبرة منزعجة

" لا لن أخبرها "




"...."

صدم الطبيب لفظاظته المقصودة , فهو لم ينو شرا مما قاله , لأنه لا يرى ملك الا كزميلة ,
و أراد فقط ارسال سلامه لها .


لكنه ابتلع لسانه و غادر , قبل أن يحطم هذا الرجل الغيور , قبضة يده مجددا باستخدامها في وجهه .


لم يطل علي المكوث في الاستعجالات , فقد قصد بعدها مكتب المدير , الذي جمع المسؤولين لاجتماع طارئ .


.
.
.


" الى أين بكل هذه الأناقة ؟
و كأنك تحتفلين لأن والدك يعاني "


قالت والدة خالد بنبرة منتقدة , تحدث أسيل التي تقف أمام مرآتها صباحا , تعدل من هندامها استعدادا للخروج



" لدي بعض الأشغال علي انهاؤها "

ردت عليها أسيل باختصار , علها تخرج و تدعها و شأنها ,


لكن المرأة قلبت عينيها بتذمر , و ربعت يديها استعدادا لجولة أخرى


" و أعمال البيت أيتها الأميرة , ألا تفكرين في التنازل قليلا ,
و مساعدة الخادمة التي جلبها والدك ؟ "

قالت مشيرة الى نفسها بتهكمها المعتاد



لكن أسيل كانت مستعجلة , و لم ترد الدخول في جدال حاد معها , خاصة أن والدها هنا لم يغادر المنزل ,
بسبب ارتفاع ضغط دمه , و قد نصحه الطبيب بالراحة التامة


" لا بأس خالتي لقد نظفت المطبخ بالفعل , و طبخت شوربة خضار دون ملح لوالدي ,
ما تبقى من أعمال اتركيه , سأعود لاحقا لانهائه عن اذنك "



التقطت بعدها أسيل حقيبة يدها و وهاتفها و قررت المغادرة , قبل أن تدخل المرأة المتحفزة في سجال آخر ,


لكن خالتها لم تكن لتدعها تفعل قبل أن تحرق دمها

" حسنا على راحتك , لكن لا تنسي ابتياع بعض الشوكولا و الحلوى ,
لاستقبال أم يونس جارتنا ,
ستكون هنا وقت العصر و تريد رؤيتك "



توقفت أسيل وسط الرواق , و استدارت ناحيتها للاستفسار

" ما الذي تحتاجه هذه المرأة الآن ؟ "

سألت بنبرة مشككة رغم تخمينها الجواب بالفعل , و أجابتها زوجة والدها بلؤم كعادتها


" قالت لتعرض عليك الارتباط بابنها , فقد أعجبت بك حينما رأتك في الجلسة , التي أعددتها قبل أسبوعين "


رغم ترنح زوجها على شفير الافلاس , الا أن المرأة لا تتردد في الصرف ببذخ , على سهراتها مع صديقاتها ,
و التي تعتبر لقاءات نميمة من الدرجة الرفيعة , دون أية فائدة ترجى منها



عبست أسيل في وجهها و أجابتها

" تقصدين ابنها المطلق بثلاث أطفال ؟ "


قالت و قد تذكرت كيف تباهت المرأة , بكل وقاحة كيف أنها طلقتهما , و ابتزتها لتتنازل عن حضانة أطفالها ,

باطلاق شائعات عن خيانتها لزوجها , و الآن تأتي تريد تزويجها به



" نعم يا حبيبة والدك , هل لديك اعتراض ؟ أين ستجدين أفضل منه ؟
حتى أنه يملك مطعما فخما و سيغرقك بالمال "


أجابتها المرأة و كأنها تعرض عليها رجلا لا يعوض , و كالعادة أهم مؤشر لخيارها هو المال .



لكن أسيل التي تجهم وجهها , تنهدت بيأس و ردت عليها

" أخبريها أنني لا أريد الزواج , لا الآن و لا بعد عشرين سنة ,
أريد أن أبقى وحدي الى أن أموت "



و سارعت للابتعاد و الخروج , لكن ليس قبل أن تسمعها المرأة رأيها

" في أحلامك يا ابنة هند , أنا لن أقبل أبدا أن تبقي طوال عمري ,
ملتصقة في وجهي كضرة ثانية ,

اذا قررت أن تموتي عانسا , فافعلي ذلك بعيدا عني ,

و أقسم برحمة والدتي أنك سترضخين , و تتزوجين من أريده شئت أم أبيت "



سارعت أسيل و أغلقت باب المدخل , لايقاف صوت زوجة والدها الساخط ,
اتكأت عليه من الخارج و أغمضت عينيها



" لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين "

دعت أسيل في سرها عل دعوتها تستجاب , و تتخلص من حياة البؤس التي تعيشها ,
و من غطرسة و تسلط من يسمون أفراد عائلتها ,



لكنها كانت تقصد كل كلمة تفوهت بها , فما قالته للمرأة لم يكن مجرد رد مبالغ فيه ,

هي فعلا سئمت كل ما يتعلق بالرجال , و ضاقت ذرعا بكل تلك المحاولات المستميتة لربطها بأحدهم ,

لأن ما تراه أمامها و يسمى زواجا , هي مجرد سلاسل من التجارب الفاشلة ابتداءا بوالديها ,
و هي اكتفت من الاحباط و الخذلان , و لا تريد الدخول في أية علاقة مهما بلغت المغريات .



حتى الشخص الوحيد الذي ظنته مختلفا , و قد شعرت ناحيته ببعض الاعجاب , و قدرته لشخصيته و تصرفاته النبيلة ,
اتضح أنه تلاعب بها هو الآخر , خيب ظنها و جعل منها أضحوكة أمام نفسها .



تمالكت بعدها أسيل نفسها , و خرجت الى الشارع لتوقيف تاكسي ,
و هي تذكر قلبها أن هذا واجبها , و لا يجب أن تتراجع عما فكرت في فعله .


.
.
.



في الشركة كان كريم يحاول , تسيير الأعمال العالقة بمساعدة سكرتيرة علي , و التي قامت بتأجيل مواعيده الهامة الى ما بعد الظهر ,


في العاشرة صباحا دخلت أسيل البناية , و اتجهت ناحية مكتب الاستقبال ,
بعدما حسمت أمرها في القيام بزيارة لعلي , لمناقشة مشكلة والدها معه ,


و رغم أنها سمعت مسبقا , كم أنه صعب المراس و صارم , و هي لا فكرة لديها عن تفاصيل أعمال والدها معه ,
لكنها أرادت أن تحاول أن تبريء ذمته , مما حصل في المطعم على الأقل .



كانت أسيل كالعادة ترتدي , فستانا بسيطا يصل الى ركبتيها , بلون أبيض و بضعة فراشات مطبوعة عليه , تسدل شعرها الأسود و تضع مكياجا خفيفا ,

تنتعل حذاءا بكعب متوسط , و تحمل حقيبة صغيرة في يدها , محاولة أن يكون مظهرها مقبولا دون تكلف



" صباح الخير سيدتي "

توجهت بالتحية لعاملة الاستقبال

" صباح الخير آنستي , فيم أخدمك ؟ "



ابتلعت أسيل ريقها بتوتر , لكنها ابتسمت لها بعذوبة ثم طلبت

" هل يمكن أن أقابل السيد علي الشراد ؟ "



حدقت المرأة اليها قليلا ثم سألت مجددا

" هل لديك موعد معه ؟ "



هزت أسيل رأسها بالنفي , و قد شعرت بالخجل من تطفلها

" لا سيدتي ,

لكن هل يمكن أن تخبريه , أن ابنة السيد سالم , تريد مقابلته لأمر هام جدا ؟ "



ترددت المرأة لثوان قبل أن تحمل الهاتف , و تتصل على مكتب سكرتيرة علي ,

رغم أنهم لا يعلمونه بالأشخاص , الذين لا يملكون مواعيد مسبقة ,
لكن كون الفتاة ابنة أحد الشركاء , فهي لا تريد صرفها الا بعد التأكد من ذلك .



بعد أن تكلمت المرأة في الهاتف , أخبرتها ليلى أن السيد علي غير موجود , و أنه لن يستطيع استقبال أي أحد اضافي بعد عودته ,
لأنها بالكاد تمكنت من ترتيب اجتماعات الصباح ,


و لكن أسيل أصرت على أن الموضوع مستعجل , و أن بامكانها انتظاره الى آخر النهار ,
و ما كان من المرأة الا أن أعادت الاتصال لابلاغ طلبها .



تنهدت ليلى بعمق لسماع ذلك , هي تعلم أن سالم هو شريك لعلي ,
و اذا كانت ابنته هنا , فيمكن أن يكون الأمر مستعجلا فعلا , لذلك سارعت للاقتراح حل بديل


" سيدتي السكرتيرة الشخصية للسيد , تقول بأنه غير متاح حاليا ,
لكنها بامكانها تدبر لقاء لك مع نائبه المباشر "



فكرت ليلى بما أن كريم , قام بادارة اللقاءات الطارئة منذ الصباح , فستضيف هذا الى قائمته , و ليجد حلا اذا أراد ,

هي لا تريد أن تعلق مع علي , لأنها طردت ابنة شريكه دون استشارة .





شعرت أسيل ببعض الخيبة , لأن نائبه هذا قد لا يوافق , على أية طلبات من طرفها , فهي لا تعرف حتى من يكون , أو ان كانت لديه أية صلاحيات لمساعدتها ,
لكن لا بأس أقلها ستترك معه خبرا لعلي لعله يستجيب .



قبلت أسيل اجراء لقاء مع الرجل , و اتصلت ليلى على هاتف كريم الخاص

" سيدي الآنسة أسيل ابنة السيد سالم هنا , تقول أنها تريد مقابلة السيد علي ,

هل يمكن أن تمر على مكتبك لأمر هام ؟ "



تفاجأ كريم لتواجد أسيل هنا , قطب جبينه و تجمدت ملامحه , و اعتدل على كرسيه محاولا تخمين سبب الزيارة ,
هو لم يرها منذ حادثة المطعم , و لم يتوقع أن يرها قبل مرور وقت طويل .


و قد حاول اقناع نفسه عدة مرات , بالاتصال بها و شرح الأمر لكنه لم يستطع , لأن الوضع كله يبدو غريبا ,

فما صلته هو بما حدث حتى يحادثها بشأنه ؟
و ماذا سيقول بشأن امتلاكه رقمها ؟

صحيح هو تمنى رؤيتها مجددا لتوضيح الأمور , لكن آخر مكان توقع أن يلتقيها فيه هو مكتبه .



تمالك كريم نفسه سريعا , و هو يحاول ألا يفكر في سبب بحث أسيل عن علي من الأساس ,
و قد شعر بالانزعاج للأمر , لكنه أجاب ببروده المعتاد

" حسنا بامكانها القدوم "



بعد حصول عاملة الاستقبال على الضوء الأخضر , صعدت أسيل الى الطابق يرافقها حارس أمن ,

بمجرد أن دخلت مكتب السكرتيرة , حتى حيتها و أشارت لها بالجلوس الى الأريكة , في انتظار اعلام مستضيفها بقدومها .



جلست أسيل بكل هدوء مكانها , كانت تبتسم للمرأة بلطف , و هي تحاول ترتيب أفكارها و ما تريد قوله له , علها تقنعه لمساعدتها .

بعد عشر دقائق حملت ليلى الهاتف , و اتصلت على مكتب كريم

" سيدي الآنسة سالم هنا "



أغلقت بعدها الخط بهدوء و أشارت لها

" السيد كريم في انتظارك , تفضلي آنستي "



جمدت الابتسامة على ثغر أسيل , اتسعت عيناها عن آخرها و ارتجفت يداها ,
ثم وقفت من مكانها بانتفاضة ظاهرة , و سألت بصوت مفزوع أجفل السكريتيرة

" نائب السيد علي هو كريم ؟ "



تفاجأت المرأة لردة فعلها الغريبة , لكنها أومأت لها برأسها و أجابتها ببساطة

" أجل آنستي , أبلغته و هو في انتظارك في مكتبه ,
أول باب على اليمين "



ارتبكت أسيل و تشوش فكرها , فهي لم تستوعب كيف كانت غافلة ,
و لم تتذكر ما قاله والدها ليلة العشاء , عن كون كريم نائبا لعلي

يا الهي الى متى ستظل غبية و ساذجة هكذا ؟

آخر شخص قد تفكر في رؤيته الآن هو كريم , ليس بعد كل المهازل التي حصلت .



اختطفت أسيل حقيبة يدها , و هرعت خارجة من مكتب السكرتيرة ,
و كأنها تفر من أمر مهول يثير هلعها .



" آنستي الى أين ؟ المكتب في الاتجاه المقابل "

نادت المرأة خلفها بصوت مسموع , لكن أسيل كانت مصرة على المغادرة ,
و قد قررت ألا تعود الى هنا أبدا ,

هي لا تريد الالتقاء بكريم , لا تريد رؤيته و لا حتى الحديث معه ,
بعدما تجاهلها في المطعم و أحرجها ، لن تعطيه فرصة أخرى للاطلاع على خيباتها .



هي حتى لا تتخيل ما ستكون ردة فعله , ان هي طلبت المساعدة من أجل والدها ,
لا تريد التعرض للاحراج أمامه مجددا , يكفي ما حصل طوال الفترة الماضية .



استغربت ليلى ردة فعل أسيل , و ما كان منها الا أن عادت , و اتصلت على كريم لتعلمه بفرار الضيفة

" آسفة سيدي , لكن الآنسة غادرت فجأة ,
لذلك فقد ألغي اللقاء "



فهم كريم مباشرة أنها تتفادى اللقاء به , و شعر بالاستياء لأنها لا تريد رؤيته , و انما تريد مقابلة علي ,


لزم كريم مكانه محاولا تجاهل الموضوع , لكن بعد تردد لدقيقتين تضاعف فيها فضوله ,
غادر هو الآخر مكتبه مهرولا ناحية المصاعد .




أمام المصاعد كانت أسيل , تضغط باستمرار على الزر لاستعجاله , تريد المغادرة في أقرب فرصة ,

بمجرد أن فتح الباب تقدمت الى الداخل مهرولة , لكن بسبب ارتباكها علق كعب حذائها بمدخله ,
و في لحظة كانت واقعة على ركبتيها , لتسقط هاتفها و حقيبة يدها ,


كانت السقطة مؤلمة جدا , حتى أن احدى ركبتيها بدأت بالنزيف ,
لكنها كانت ممتنة لأن مكان سقوطها , منع الباب من الانغلاق , و الا اضطرت لانتظار المصعد الموالي .



نهضت أسيل بحذر و ملامح متألمة , بعد أن تفحصت ركبتها نفضت ثوبها ,
ثم التقطت أغراضها و دخلت الى المصعد مسرعة ,

وقفت مكانها في انتظار اغلاق الباب , لتضغط على زر الطابق الأرضي ,
لكن قبل انش واحد من انغلاقه , مد أحدهم يده و أوقفه .



اعتقدت أسيل أن أحدهم , يريد استخدامه مثلها لذلك لم تبال , لكن بانفتاح الباب مجددا حصلت على ما لم تتوقعه ,
فالشخص الواقف خارجا ليس الا كريم , بملامحه الباردة و عينيه الحادتين تحدقان ناحيتها ,


رغم أنها ركضت قبله للمغادرة , الا أن تعثرها بالباب عطلها الى أن لحق بها ,
حتى أنه لمحها و هي بصدد الدخول إليه ,


بمجرد أن التقت نظراتهما , أشاحت أسيل بعينيها اللتين ظهرت فيهما المفاجأة ,
و كأنها لا تعرف من الشخص القادم , و تراجعت خطوتين الى الوراء , حتى التصقت بجدار المصعد .



و بحركة لا ارادية مدت يدها تشد الفستان , و تحاول اخفاء ركبتها النازفة , لكن دون جدوى لأن عيني كريم الدقيقتين , كانتا قد رأتا كل شيء بنظرة متفحصة واحدة ,

كيف لا و كأن مواقفها المحرجة , تنتظر قدوم كريم لتحصل معها


" أي حظ هذا ؟ "

كانت أسيل تتذمر تحت أنفاسها و تدعو بصمت

" أرجوك تجاهلني , لا تتحدث الي ,
يا الهي أنا غير موجودة "



عبس كريم و قطب حاجبيه لرؤية المنظر , لكنه لم يقل كلمة واحدة ,
بل خطا بتأن الى الداخل ,

و بمجرد أن أغلق الباب , أخرج بطاقة من جيب سترته , مررها على لوحة المفاتيح , و ضغط زر الطابق الخمسين .



بعد أن بدأ المصعد بالتحرك صعودا , أفاقت أسيل أخيرا لورطتها الجديدة , فرغم أنها كانت أول الواصلين , الا أنها فقدت فرصتها في المغادرة أولا ,
بما أنها لم تضغط زر الطابق الأرضي , قبل أن يفعل كريم .



بعدما انتبهت لما يحصل رفعت رأسها , لترى اشارة الطابق الخمسين , مضيئة على لوحة المفاتيح

تنهدت أسيل بتذمر و حاولت تهدئة ذعرها

" لا بأس لا داعي للتوتر , دعيه يغادر أولا ,
ثم سيكون لديك اليوم بطوله للابتعاد من هنا "




لكنها انتبهت فجأة الى أمر آخر صدمها

" لحظة هذا الرجل وضع بطاقة الكترونية قبل ضغط الزر ,

هل يعقل أنه يملك شقة , في الطوابق الخاصة هنا ؟ "

سألت أسيل نفسها , و شعرت بالارتباك أكثر



لكنها خمنت بطريقة صحيحة , فالبناية تحوي خمسين طابقا

الطوابق التحتية مؤجرة لمحامين و مهندسين و أطباء , معارض مختلفة في الطابق الأرضي ,
مع موقف سيارات تحت أرضي ,



من الطوابق ثلاثين الى الأربعين , طوابق تابعة للشركة : أقسام محاسبة , تخطيط هندسي , شؤون قانونية ترجمة ,
و طابق كامل لمكتب علي و كريم , اضافة الى قاعة اجتماعات فخمة .



أما الطوابق العشرة الأخيرة , فتحوي شقق خاصة فارهة " في أي بي " تسكنها نخبة المجتمع
من مدراء و فنانين و نشطاء سياسيين و شخصيات عامة ,

تتمتع بخصوصية شديدة , و الوصول اليها لا يكون ممكنا , الا بوضع بطاقة الكترونية خاصة ,
و ادخال رقم سري قبل دوس رقم الطابق , و الا فان المصعد لن يصل الى هناك أبدا ,



المفاجأة أن البناية واحدة من البنايات العديدة , التي يمتلكها علي في أرجاء المدينة و أرقاها على الاطلاق , و هذه الشقة ملك كريم منذ مدة طويلة ,

ليس فقط بسبب منصبه الأمني في الشركة , و انما لأنها البيت الوحيد الذي يمتلكه , و لم يسبق لأحد أن خطا داخله حتى علي نفسه ,

و لكنه على وشك عمل أول استثناء في حياته .



صحيح أن كريم لا يظهر عليه الثراء , و لكن ما يملكه يفوق التوقعات ,

ما حصل عليه خلال سنوات عمله , التي تعدت الاثني عشر سنة , في القوات الخاصة يعد ثروة ,
ناهيك عن العلاوات الخاصة التي كان يجنيها , في المهام السرية التي كان يقوم بها ،

هو حتى لم يكن يأخذ اجازات , بما أنه يتيم فهو لم يكن يدين لأحد بزيارة .



بعد اصابته في آخر مهمة له , تم اعفاؤه مع تعويض قيم جدا ,
التقى بعدها علي و كرجل أعمال , اقترح عليه أن يستثمر له أمواله ,

مع الوقت أصبح كريم يملك أسهما في البورصة , xxxxات و حصة من بعض المشاريع , اضافة الى ثروة شخصية صغيرة ,
هذا غير الامتيازات التي يحصل عليها , بسبب منصبه كنائب لعلي و كاتم أسراره .



فعلي لطالما كان سخيا مع الرجل الوحيد , الذي يعتبره صديقه المقرب و يقدره كثيرا ,
رغم أن كريم يفضل الاهتمام بالشق الأمني لعمله , الا أنه مفاوض جدير بالثقة .




في المصعد بعد اكتشاف أسيل للأمر , حاولت طمأنة نفسها مجددا و ايجاد مبرر , لصعود الرجل الى الطوابق العلوية الخاصة ,
فربما هو يقصد أحد المكاتب الخاصة بالشركة مثلا ؟


لكنها سرعان ما استبعدت الأمر , و بدأت بلوم نفسها و هي تغرس رأسها في صدرها ,
و تتشبث بحقيبة يدها , متجنبة النظر الى الرجل الواقف أمامها مباشرة .



" يا الهي أيتها البلهاء , الى متى ستتصرفين بغباء ؟

كيف خطر لك أن كريم مجرد سائق معدم ؟

واو حتى أنك أردت شراء قميص له , و دفعت ثمن التحلية ذلك اليوم ,

أكيد بطاقة التسليف تلك خاصة به , أنت غبية فعلا و تتفننين في كل مرة في احراج نفسك "



شردت أسيل في تأنيب نفسها , فيما كان كريم يقف معطيا ظهره لها ,
واضعا يده في جيبه , بكل ثبات و كأنه لا يعرفها ,


لكنه كان يراقب في المرآة العاكسة , كل حركة تطرأ على ملامحها , مهما كانت بسيطة تارة ,
و يحدق الى ركبتها النازفة تارة أخرى ,

و هي تقف في زاوية المصعد , تحاول عبثا الاختباء منه , و كأنها تنتظر خروجه لتتنفس


" بما أنه لم يكلمني و يتجاهلني الى غاية الآن , أكيد أنه لن يفعل أبدا "


عادت أسيل و حاولت تهدئة نفسها , و هي حتى لا تفهم , لم وجوده يصيبها بكل هذا الذعر .




بوصول المصعد الى الطابق الخمسين , رن الجرس و فتح الباب ببطء , خطى كريم خطوة الى الأمام ,
لكنه توقف فجأة عند المدخل , و كأنه يمنعه من الانغلاق , دون أية نية للمغادرة .



ساد صمت رهيب المكان لثوان , بعدها نطق الصنم أخيرا , و هو يحدق ناحيتها بعينين دافئتين ,
و قد اختفت كل تلك البرودة منهما فجأة


" تعالي "

قالها بصوت منخفض و أجش , لدرجة أن أسيل اعتقدت أنها تسمع هلوسات ,
أو أنه بصدد التحدث في الهاتف .



رفعت أسيل رأسها الذي كانت تطأطأه , منذ دخل كريم الى المصعد ,
و نظرت اليه في دهشة بفم مفتوح , و قد تفاجأت أن عينيه تكادان تلتهمانها

" ها ؟ "

سألت باستغراب واضح و ملامح مشوشة .



لكن كريم كعادته قليل الصبر , لم يضف أمرا آخر و لم يكرر ما قاله ,
بل عاد أدراجه بكل بساطة و بحركة سريعة , أمسكها من ذراعها و حملها كدمية بين ذراعيه ,


بعد أن لاحظ بدقة ملاحظته , أنها بالكاد تستطيع الوقوف باتزان , بسبب الاصابة في ركبتها ,

قرر أنه لن يطلب منها أن تسير معه , كما أن اقناعها بما يريد فعله قد يتطلب وقتا ,

و بالتالي وفر جهده و وضعها أمام الأمر الواقع , و لم تستفق الا و هي في حضنه كطفل صغير ,


استغرق الموقف أسيل بضع ثوان لادراك الوضع , فبعد أن أفاقت من دهشتها ,
كان الرجل يخطو بخطوات كبيرة ناحية احدى الشقق .




فجأة تذكرت ما حصل في المطعم , و كيف تعامل كريم بمنتهى القسوة مع أولئك الرجال ,

دب الذعر في قلبها , عما يكون يخطط لفعله معها , و بدأت بالتحرك يمينا و شمالا , لتجبره على وضعها أرضا ,

و هي تدفعه بيديها الصغيرتين , من صدره القاسي كجدار اسمنتي , و لا تحصل الا على أنفاس دافئة تداعب جبينها



" ماذا هناك ما الذي تفعله ؟ أنزلني بامكاني المشي لوحدي "

قالت أسيل بصوت مرتجف , تحاول اقناع هذا الهرقل بافلاتها ,
لكن دون جدوى لأن كريم لم يكن يجيبها , و لا ينوي حتى تنفيذ ما طلبت .



" أأرجووك أنزلني "

خاطبته أسيل متوسلة , و مظهرة مدى رعبها مما يحصل , مما أشعره بالاستياء لأنها كانت خائفة منه ,

هو لطالما صقل هذه الشخصية القاسية , لاجبار الآخرين على الخوف منه و مهابته ,

لكن ليس أسيل , هو لا يريدها أن تخاف منه , بدل أن تشعر بالأمان معه .

لكنه لم يقل شيئا لردعها , و اكتفى بالاستمرار فيما يفعله .



بعد أن بلغ كريم وجهته , أمام آخر شقة في الرواق , وضعها بهدوء على رجليها ,
و فتح الباب بادخال رقم سري , و نظر اليها بملامحه المتصلبة

" تفضلي "


بقيت أسيل واقفة مكانها دون حركة , تحاول التقاط أنفاسها المتسارعة , فما كان منه إلا أن أضاف لطمأنتها

" هذه شقتي "



نظرت اليه أسيل بعينين مستغربتين , بلعت ريقها ثم حدقت في أرجاء المكان

" يا الهي اذا هو فعلا يملك شقة هنا ,
لكن لم عليه أن يتصرف هكذا ؟

كاد يتوقف قلبي من الخوف , اعتقدت أنه يريد قتلي "



تنهدت أسيل لكنها لم تقل شيئا , للرجل الذي كان يقف جانبا بكل صبر , منتظرا منها أن تدخل كما طلب ,

دخلت بعدها بتردد و بخطى ثقيلة , و هي تعرج على رجلها المصابة ،
و عيناها تتفحصان الأرجاء بتوجس كبير .

تبعها كريم الذي أضاء المكان , ثم أشار لها بالجلوس على الأريكة المقابلة في الصالون ,
و اختفى بعدها في الرواق بعدما أغلق الباب .



جلست أسيل مكانها و بدأت تراقب المكان , و تجول بنظرها في الأرجاء بفضول ,
دون أن تستوعب ما الذي تنتظره أصلا ,

بعد خمس دقائق عاد كريم , يحمل علبة اسعافات أولية في يده , جلس مقابل أسيل على الطاولة , و طلب منها بهدوء


" أريني ركبتك "



"...."

" يعني كل هذا التوتر , فقط من أجل أن يعاين ركبتي ؟ "


هي لم تتوقع أنه لاحظ الجرح من الأساس , خصوصا أنه كان يعطيها ظهره طوال الوقت ,
لكنها تأكدت الآن أنه شخص دقيق و لماح .



رفعت بعدها أسيل رجلها بحرص , و وضعتها على الطاولة أمامها , و مدت يدها ناحيته معتقدة أنه سيناولها العلبة لتسعف ركبتها ,

لكن كريم فاجأها بأن جلس على عقبيه أمامها , و انحنى لفحص الجرح بتركيز تام ,

أخذ بعدها قطنا و مطهرا , و بدأ في تنظيفه بلطف , فمعالجة الجروح هي احدى المهارات , التي اكتسبها خلال عمله .



كان الأمر مؤلما بعض الشيء , لكن أسيل شعرت بأن قلبها يذوب , لرؤية هذا الرجل الضخم , الذي رأته يقاتل مثل بلدوزر ,

يجلس قبالتها بكل وداعة , و يحاول أن يعتني باصابتها بكل مراعاة ,
و أدركت كم كانت سخيفة , حينما اعتقدت أنه يريد ايذاءها .



لم تقل أسيل حرفا واحدا بسبب تأثرها بالموقف , حتى أن عينيها اغرورقت بالدموع ,
شعرت بغصة في حلقها و دفء في صدرها ,

لكنها تركت كريم يقوم بما يريده , و هي تراقبه بكل اهتمام ,
و كان هو من قطع الصمت أولا

" ما الذي تفعلينه هنا ؟ "



انتبهت أسيل أخيرا من شرودها , و قد بدا أنه فاجأها بسؤاله ,
أجابته بكل هدوء و قد توردت وجنتاها , فقد كاد يمسك بها تتلصص على وجهه

" احمم , أتيت لرؤية السيد علي "



بسماع اسم علي من فمها ، توتر كريم و ضغط على الجرح دون انتباه ، لتجفل أسيل بسبب الألم

" آه انه يؤلم "



" آسف "

لم يقل كريم غير هذا و عاد للانشغال بالجرح ، الذي بدأ بالنسف عليه لتخفيف الألم هذه المرة ,


بعد أن أنهى تطهيره , وضع شاشا و لاصقا لتغطيته , ثم قام من مكانه معطيا تعليماته بلهجة جادة


" لا تلمسيه بالماء , و غيري عليه يوميا حتى يبرأ "

" شكرا "

هزت أسيل رأسها بالموافقة , و كأنها لا تجد ما تقوله ، بعدما هربت كلماتها من لسانها ,


أغلق بعدها كريم العلبة و وضعها جانبا ، و أعادت أسيل رجلها إلى مكانها , و هي تراقب الضمادة بفضول .



" ما الذي تحتاجينه من علي ؟ "

عاد كريم و سأل من جديد , و قد تمكنت منه هواجسه .



ترددت أسيل في البداية لاخباره الحقيقة ، بما أنها قررت ألا تفتح معه , موضوع والدها و غادرت المكتب ،

لكنها أدركت أنه لن يتوقف عن استجوابها ، و لن يدعها ترحل قبل معرفة الأسباب ,



لذلك صمتت قليلا , ثم أجابت بكل صدق و بنبرة حذرة

" أردت أن أخبره أن والدي لا علاقة له بما حصل ,
و أنني بامكاني فعل أي شيء يريده ، إن هو قبل التسوية مع والدي "




" إذا هذه هي الصفقة التي فكرت فيها , لأيام قبل القدوم الى هنا ؟ "

تمتم الرجل بينه و بين نفسه بغيظ كبير



بسماع إجابتها أصبحت نظرة كريم قاتلة ، غلى الدم في عروقه و تشوش تفكيره ,
و انتابه غضب شديد تسارعت به أنفاسه ,


كان يصر على قبضتيه حتى ابيضت مفاصله , ثم علا صوته فجأة و قد فقد رصانته المعهودة

" أنت ماذا دهاك ؟ فيم تفكرين ؟
أي عرض مشبوه هذا ؟ "



رفعت أسيل رأسها ناحيته , و قد أرعبها صوته الساخط , حدقت اليه بكل حيرة , دون أن تفهم ما الذي أغضبه فجأة

ألم يكن يتصرف بكل ود قبل لحظات قليلة ؟



لكن كريم لم يفكر في التوقف ، تورمت عروق رقبته و تشنجت ملامحه , ليضيف بصوت أكثر غضبا


" هل أنت مجنونة ؟ لم تتصرفين بتهور طوال الوقت و كأنك طفلة ؟

منذ أول مرة التقيتك فيها , و أنت تتصرفين باستهتار و قلة حرص ,
تركبين مع غرباء في سيارة ، و تطلبين ايصالك إلى بيتك ,

تقتحمين غرفة تغيير ملابس الرجال في المحل ، تطاردين رجلا لا تعرفين عنه شيئا ،
ثم تنامين في مكان عام و تتعرضين للتحرش ,


حتى أن كل نكرة تسول له نفسه أن يرفع يده عليك ،
و أنت تكتفين بالوقوف ككيس ملاكمة ، تتلقين الضرب دون اعتراض ,


و الآن تأتين الى هنا لتقولي لعلي ، بأنك جاهزة أن تفعلي أي شيء , مقابل مساعدة والدك ؟ "



ثم علا صوته أكثر حتى أصبح مخيفا

" بربك أيتها الآنسة المحترمة , فيما سيفكر أي رجل ،
إن أنت أتيت و عرضت عليه أمرا مريبا كهذا ؟

عن أي شيء بالضبط أنت مستعدة للتنازل , بقولك هذا الكلام المستهتر ؟ "




لأول مرة يفقد كريم صبره ، و يسمح لأحدهم برؤية غضبه ، هو عادة مثل رجل آلي تصرفاته و كلامه بحساب ،

لكن ليس بيده حيلة ، لا يمكنه إلا أن يشعر بالسخط , لما سمعه و زلزل تفكيره



ليس لأنه يشك بأخلاق أسيل ، هو رجل ناضج و تجارب حياته كثيرة ,
و يدرك جيدا أي نوع من النساء هي ،

صحيح أنها ساذجة و متحررة قليلا في تصرفاتها , لكنها ليست امرأة منحرفة أبدا ,


و لا حتى أنه يشك في صديقه ، لأنه يعلم أن علي كان سيرفض هذه المقايضة الرخيصة ،
دون حتى أن يسمح لها بإكمال كلامها ،


و لكنه فكر للحظة ماذا لو لم يكن هو من قرر استقبالها ؟

ماذا لو استقبلها أحد المسؤولين الآخرين في الشركة ؟

ماذا لو لم يلحق بها في المصعد ، و قصدت هذه المجنونة المتهورة , أحد شركاء والدها الآخرين لعرض ما قالته للتو ؟



مجرد التفكير بالأمر يثير جنونه و غضبه الشديد , و هو لا يعلم لم هذه المرأة ساذجة لهذه الدرجة ؟

لا أحد من الرجال سيأخذ عرضها هذا بحسن نية ، و مجرد تخيلها مع رجل آخر يستغلها يفقده عقله .











جرعة من كريم و أسيل ، أنا أحبهم كثيرا 💖

توقعاتكم لرد فعل أسيل





😘💞💞





...........



ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-20, 10:48 PM   #909

نادية الليل

? العضوٌ??? » 425998
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 201
?  نُقآطِيْ » نادية الليل is on a distinguished road
افتراضي

شكرا كثيرا على هذا الابداع قصة رائعة جدا لك مني كل التمني بالتوفيق و النجاح في مسيرتك الأدبية.

نادية الليل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-20, 11:16 PM   #910

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة narimano مشاهدة المشاركة
تجنن رواية تهبببببببببببببل❤❤❤💕
واو انا واقعة في حب هاذه الرواية😍

علي 💙💙💙💙
لااااااااا موفقة بنت بلادي
انا ناريمان من الجزائر


شكرا بنت بلادي حبيبتي 😍💖💖💖
يبارك فيك حنونة ⁦🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:10 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.