شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة (https://www.rewity.com/forum/f524/)
-   -   أغلال عشقك قيدي (https://www.rewity.com/forum/t472255.html)

رحمة غنيم 26-12-20 06:09 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dodo dodp (المشاركة 15259655)
حرام والله اللى بيحصل لنارفين واردال بسبب شوية وحوش
اهنيكى انتى كاتبة مميزة عشان طول الفصل وانا مشدودة بشدة للاحداث المصيبة بقى لما الفصل بيخلص 😭

يا عمرى انا بجد سعيدة جداً جداً بتعليقك و كلامك الجميل ده حقيقى شرف ليا و اتمنى القادم يكون عند حسن ظنك يا قلبى

رحمة غنيم 26-12-20 06:10 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة om ahmed altonsy (المشاركة 15260078)
فصل روووعه جميع احداثه مشوقه جدا وعجبتي ميرال وطريقتها الجديده في التعامل مع طارق ومننظره الفصل الجاي علي 🔥🔥🔥تسلم ايديك حبيبتي ❤❤❤❤

حبيبتى انا تسلميلى يا عسل على كلامك الجميل ده بجد فرحت جداً بتعليقك و حماسك

رحمة غنيم 26-12-20 06:11 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هويدا سنوسي (المشاركة 15266714)
الفصل ده كان روعة بكل معنى الكلمة حقيقى انت مبدعة

حبيبتى شكراً جداً جداً على كلامك الجميل ده شرف ليا

رحمة غنيم 26-12-20 08:46 PM

مساء الخير يا قمرات
الفصل اليوم هينزل متاخر ساعة و نصف عن معاده المعتاد ❤❤

كونوا على الموعد باذن الله 😍😍

رحمة غنيم 26-12-20 11:38 PM

مساء الخير و الجمال يا قمرات ❤❤

بعتذر كتيير على التاخير قراءة ممتعة 😍😍

الفصل الحادي و عشرون


نحن دائماً نحارب بتلك الحياة ... بل نحن اتينا اليها من الاساس حتى نحارب من اجل البقاء ... من اجل الحصول على ما نريد .... لكن احيانا نتوقف ... نتراجع و نستسلم ... ننهزم .... نسقط ..... نسقط حتى نستيقظ و نعود الى الواقع من جديد .... واقع ان نحن لن نستطيع امتلاك كل الاشياء التى نريدها ... لنكتشف بعدها تلك الخسائر التى حصلنا عليها بدلاً من ما كنا نريد تحقيقه !!!

رفعت ميرال كفها تزيح عبراتها التى لا تريد ان تتوقف ابداً تكتم شهقاتها المتقطعة بارتجاف كيانها المتالم و ذاكرتها لا تريد ان تتوقف .... لا تريد ان تزيح هذا المشهد عن مخيلتها .... تدعو بكل ما تمتلك من قوة ان لا يحدث شئ لهذا الطفل !! .... أغمضت جفونها المنتفخة بتعب و داخلها يتساءل .... كيف أصبحت على ما هى عليه الأن .... كيف عادت لتلك الميرال القديمة !!

شعرت بدمعه آخرى تتحرر من بين سجون جفونها المغلقة و اسم تلك الراقدة بالداخل يرن داخل راسها .... نارفين .... انها هى السبب !! ..... زفرت بارتجاف تتمتم بقهر و عبراتها تتحرر بغزارة أكبر

( يا الله ارجوك لا يحدث لهم شئ )

فتحت جفونها ببطء لترى هيئة أردال المنكسرة من خلف غشاوة مقلتيها و هو يقف بانهزام لم تراه به من قبل أمام تلك الغرفة .... لتحرك نظراتها بارجاء هذا الممر البارد الخاص بالمشفى و سخرية مريرة تدب داخل احشائها و هى تتابع تلك الاجساد المتراصة !!

تتابع نظرات قادير التائهة الذى يُشيع بها كل من أردال و آسر .... آسر الجالس بابعد زاوية يحتوى راسه بقهر !! ..... ياله من ضعيف نذل !!! .... لتلتفت بعدها نحو بهار الجامدة تماماً بصمت .... حتى تلك العبرات تقف على اعتاب جفونها بجمود لا تتحرر !!

بينما كانت بشرى تقف بجانبها تتلو الادعية و دموعها تنهمر بارتجاف يماثل ارتجاف كفيها التى تُمسك بهذا المصحف الصغير

نكست راسها بالم قبل ان تعود لترفع انظارها نحوه !! .... نحو طارق الواقف بجانب جسد أردال تريد ان تستمد منه بعض القوة ..... لتتلقى نظراتهم بحديث صامت متالم

رفع طارق كفه يربط على كتف أردال يتابع انحناء كتفيه و داخله يتالم على حال صديقه .... ليتمتم بخفوت جانب اذنيه يريد ان يمده ببعض القوة

( نارفين قوية ... أنا واثق انها سوف تُحارب ... لن يحدث شئ لهم ... انها لن تسمح بهذا !! )

رفع أردال كفه يتكئ على الحائط القابع أمامه يحاول ان يتمالك هذا الشعور المدمر الذى يحتل صدره ... هذا الألم المتعاظم بداخله .... لا يقوى حتى على الحراك !!

أطبق جفونه بعنف يريد ان يمحى هذا المشهد من أمامه !! .... حينما راها كالجثة الهامدة و كانها فارقت هذا العالم المظلم خاصتهم !!

لحظات مرت على هذه الواقفة تتابع ما يحدث عن بعد بارتجاف من نوع آخر !!

رفعت تاليا كفها تمسح على ملامح وجهها و داخلها لا يصدق !! .... لا يصدق ما حدث !! .... انها لم تكن تتوقع ان يحدث كل هذا .... لم تكن تتوقع ان تلك الفتاة ضعيفة الى هذا الحد !! .... ضمت قبضتها تحاول ان تقلل من هذا الارتجاف المسيطر على اناملها تتمتم بتوتر

( يااالهى ماذا فعلت أنا ؟!! )

رفعت ميرال كفها تزيح خصلات شعرها الداكن بشرود تُحرك نظراتها على تلك الوجوة !! .... تتساءل داخلها ماذا بعد !!

ثانية واحدة فقط هى التى مرت قبل ان تتوحش نظراتها و هى تلمح هيئة تاليا عن بعد .... لحظة واحدة فقط هى التى مرت قبل ان تصرخ بحروف اسمها بشراسة لم تستطيع ان تسيطر عليها !! ... لينتبه الجميع لجسدها الذى تحرك يهرول نحو تاليا !!

وصلت ميرال اليها لتجد نفسها دون ان تشعر تقبض على ذراعها تسحبها بعنف تلك المشاعر المستعرة داخل صدرها .... هذا الحقد و الغل الكامن نحوها منذ سنوات عديدة و هى تصيح بها بقهر غاضب

( ماذا قلتِ لها ؟!! ..... تحدثي .... ماذا قلتِ لها ليحدث معها هذا ايتها الافعى .... الا تكتفى أنتِ من احراق الأرواح !! )

شعرت ميرال بكف تسحبها لتستمع بعدها الى نبرات بشرى و هى تحاول ان تسحبها

( ميرال اهدئي يا ابنتي ..... لا تفعلي )

سحبت ميرال يدها من كف بشرى و نبراتها تصدح بشكل هستيرى بعد ان عادت و تشبثت بتاليا المصدومة امامها من حالتها تلك

( ماذا قلتِ لها تاليا ..... لماذا أنتِ حقيرة و انانية الى هذا الحد ؟! ..... أنتِ حقاً لست بشر .... جميعكم لستم بشر !! )

( ما الذى يحدث هنا .... هل فقدتِ عقلك ميرال ؟! )

التفت ميرال تنظر الى هيئة والدها التى ظهرت من العدم لتصدح منها ضحكة مستنكرة تحمل بها المها و حقدها ... تحمل بها قهرها الذى تحملته لسنوات .... لتردد بشكل هستيرى و كانها فقدت شعورها بكل شئ سوى هذا الالم الساكن بروحها منذ زمن

( سيد عزام !! .... الم تفقد الأمل بها بعد ... الازلت تُحارب لتحصل عليها !! )

و هنا عم الصمت .... عم السكون قبل ان يقطعه صوت تلك الصفعة التى دوت بارجاء المكان بشكل عنيف قاسى .... تلك الصفعة التى خطت على وجه ميرال لتجعلها تتجمد بشكل باهت حاقد .... و مقهور .... تنظر من خلف غشاوة مقلتيها المتحجرة بكره الى هذا القابع امامها و من تقف بجانبه !!

شدد أردال على ذراع طارق الذى تشبث بها و هو يرى جنونه الذى اشتعل بعد ان وقعت تلك الصفعة على وجة ميرال ... يسحبه ليتراجع عن ما يريد فعله .... ليتقدم هو نحوهم .... يسحب ميرال الجامدة ليقف أمامها يردد بجمود حاد نحو تاليا

( غادري فى الحال تاليا .... لا مكان لكِ هنا )

رفعت نظراتها بارتجاف و قلبها يتمزق تردد و هى تحاول ان تمنع تلك الحرقة التى شعرت بها تغزو مقلتيها

( أردال أنا لم ... لم أفعل ... )

و قبل ان تُكمل كلماتها كانت كف أردال ترتفع أمام وجهها لتصمت بينما كانت ملامحه تحمل من الشراسة الكثير حينما أردف

( أقسم لكِ يا تاليا أنكِ سوف تتعرفي على أردال آخر ان لم تذهبي الأن .... لا تجبريني على هذا !! )

زهول ... زهول حل على ملامحها قبل ان تجد نفسها تركض ... تركض لتختفي من أمامه و هى لا تقوى ان تسيطر على عبرات جفونها أكثر من هذا !!

رفع أردال نظراته لتواجه نظرات عزام القابع أمامه باستفزاز .... لكنه لأول مرة لا يهتم ... لا يتاثر ولم تثيره كالمعتاد .... فهذا الضياع الذى يشعر به يجعل كل شئ أمامه مغبش ... و كانه هنا فقد بجسده !!

أجفل الجميع على صوت باب الغرفة و هو ينفتح لتجد الطبيبة أردال أمامها بلحظة واحدة و هو يتساءل بقلق

( أنها بخير أليس كذلك ؟! )

نظرت الطبيبة الى تلك الوجوة الكثيرة التى تحاوطها لتعود و تتابع تلك التعابير المتالمة المتجسدة على ملامح أردال لتردف بعملية اكتسبتها بتلك المواقف

( السيدة نارفين بخير .... لكن .... لكننا فقدنا الطفل !!! )

صمت مميت خيم على الارجاء صمت قاتم مظلم بظلمة الكثير من تلك الارواح القابعة تتلقى الخبر !!

صمت لم يقطعه سوى نبرات أردال المزهول بضياع يردد بعدم استيعاب و كانه لا يصدق .... لا بل لا يريد ان يصدق

( مستحيل ... انها لا تسمح بهذا ... لم تسمح من قبل .... انها لا تفعل أنا واثق ... انها اقوى بكثير من ما تبدو !! )

نكست الطبيبة راسها تحاول ان تسيغ تلك الكلمات و هى ترى هذا العذاب الممتثل امامها بملامح أردال ... و جميع من حوله !!

( مع الاسف سيد أردال لقد حدث معها تسمم الحمل ... انه يحدث نتيجة لارتفاع ضغط دم الأم ... لقد كانت الحالة غير مستقرة باخر فترة .... و قد تعرضت للكثير من التشنجات .... لقد قلت للسيدة نارفين باليوم السابق يجب ان تبتعد عن اى ضغط نفسي ... لكن ما يبدو لى انها تعرضت لصدمة عنيفة جعلت ضغطها يرتفع بشكل جعل الطفل يختنق داخل احشائها !! )

طنين مرعب كاد ان يصم اذنيه !! ... طنين جعله ينعزل عن اى شئ من حوله و كانه ذهب بعالم آخر ... عالم يحمل كل تلك المشاهد التى جمعته بها منذ اليوم الأول ..... مشاهد أخذت تتعاقب داخل مخيلته جعلته منعزل عن شهقات ميرال المعذبة و جسدها المرتجف المتكئ على الحائط بجانبه !! .... تخاذل جسد آسر بصدمة ليسقط على أحد المقعد و دمعة قهر تنزلق من بين جفونه ! ........ عبرات والدته التى تحررت أخيراً لتلتحم بخاصة بشرى هى الآخرى بينما شرود عمه الذى طال بما لا يعرفه أحد غيره !

شعر أردال بكف تهزه تحاول انتشاله من هذا العالم الذى سقط به لينتبه على نبرات طارق اخيراً و هو يردد بجانب اذنيه

( أردال ... لا يجب ان تضيع هكذا ... انها تحتاجك الأن أكثر من اى وقت مضى ... يجب ان تتماسك )

حرك أردال رأسه ببطء ليواجه نظرات طارق بضياع .... ضياع لا يستطيع ان يسيطر عليه فهذا الشعور جديد عليه لم يشعر به من قبل ... هذا الخواء الكامن داخله لا يقوى ان يلجمه ... هذا الخوف الذى يتعاظم لا يستطيع ان يحدد اسبابه ... لكنه يشعر به .... يشعر به بشكل أعظم من اى شعور آخر !!

***

ابتلعت ميرال ريقها بالم و هى تطالع جسد نارفين الممدد أمامها بوهن .... تشد على كفها التى تحتويها بين خاصتها ..... انها ترفق على حالها .... كيف سوف تقول لها .... كيف سوف تخبرها .... يالله انها لن تحتمل .... رفعت ميرال كفها تمسح تلك الدمعة العالقة بجانب جفنها قبل ان تنزلق ... تريد ان تتماسك حتى تمد تلك الراقدة بالقوة

أجفلت ميرال و هى تشعر بكف نارفين تتحرك داخل قبضتها !! ... لترفع نظراتها الى وجهها تراها ترمش بجفونها بارتجاف ... تلك الحركة البسيطة التى تدل على انها سوف تستيقظ

نظرت ميرال نحو هذا الحائط الزجاجي لتجد هيئة أردال قد تحفزت بشكل ملحوظ كحال آسر هو الآخر .... تتابع كف طارق الواقف بجانب أردال ترتفع لتربط على كتفه بتشجيع !! .... لقد رحل الجميع عادهم هم

عادت لتلتفت نحو نارفين التى بدأت ترمش بشكل اقوى و هى تواجة تلك الاضاءة الخاصة بالغرفة ... لتهمس بخفوت و هى تحتوى كفها بقوة أكبر تريد ان تبثها الدعم

( نارفين .... حمدلله على سلامتك ... لا تخافي أنا هنا بجانبك )

ضمت ميرال شفتيها تحاول ان تتماسك و هى ترى دمعة معذبة تنزلق من جفن نارفين بينما كانت كفها ترتفع بالم لتخط على بطنها لترى عبراتها تنهمر بشكل متتابع ... تردف بخفوت مقهور و نظراتها تواجه خاصة ميرال

( لقد فقدته اليس كذلك ؟! .... أنا لا اشعر به داخلي كالسابق .... لقد فقدته ميرال .... لقد رحل اليس كذلك )

شهقت ميرال تسحب انفاسها لا تستطيع ان تسيطر على عبراتها أكثر و هى تستمع الى نحيب نارفين الصامت و كفها تتحسس بطنها بالم امتزج مع كل كلمة خرجت منها

( لماذا ؟! .... لماذا .... أنا السبب ... أنا الذى انجرفت بمشاعري نحو اشياء واهية لاجعله يرحل ..... أنا السبب ميرال ... أنا التى جعلته يرحل !! )

نهضت ميرال تحتوى وجه نارفين بين قبضتها تردف من بين عبراتها المتساقطة

( لا نارفين .... لقد فعلتِ كل شئ لتتمكني من الحفاظ عليه .... حتى نفسك و حريتك ..... أنت )

صمتت ميرال لا تستطع ان تتحدث لتتجه نظراتها نحو هذا الزجاج تطالع ملامح أردال المتجمدة بصدمة و كانه لا يقوى على فعل شئ !!! .... انها لا تصدق مع تراه من ضياع على ملامح وجهه !!

لحظة واحدة فقط التى مرت لترى هيئة آسر تقتحم عليهم الغرفة يبعدها و كفه تلتقط كف نارفين !!!

رفعت نظراتها بصدمة و هى تتابع جسد أردال المتشنج ... تنقل نظراته بصدمة من هذا الذى يحدث أمامها !!!

لكنها عادت لتتابع آسر تستمع لكلماته بتقزز !!

( نارفين حبيبتى ... اهدئي .... أنا هنا .... أنا هنا معك .... سوف نتخطى كل هذا .... نحن نستطيع ان نبدأ من جديد ... أنا و أنتِ )

أرتد جسد آسر بعنف اثر دفعة نارفين له بعدما سحبت كفها من بين قبضته بحدة تصيح و كفها ترتفع لتخط على إذنيها و عبراتها تتساقط بقهر هستيرى

( كفى ..... كفى اصمت ..... ابتعد عنى ..... يكفي .... أنا لا أريد رؤيتك .... لا أريد رؤيتك ارحل ..... دعني ... ماذا تريد منى بعد )

و كان هناك دلو ماء مثلج قد هطل عليه و هو يرى هذا النفور الذى حل عليها و هى تدفعه .... كلماتها و صراخها عليه ... تراجع آسر بالم و هو يرى تلك الحالة التى وصلت نارفين لها .... يتابع من بين صدمته جسدها المرتجف بين أحضان ميرال التى تطالعه بكره هى الآخرى !!

ليستمع بعدها خطوات يميز صاحبها ... خطوات بطيئة يتلمس بها التوتر للمرة الأولى ... ليطالع هيئة أردال و هو يدلف الى الغرفة ... يقترب بتشنج من نارفين التى لاتزال تردد بنحيب على صدر ميرال كلمة “ يكفي “

رفعت ميرال نظراتها تواجه ملامح أردال الجامدة بشكل غريب ... تطالع هذا الضياع الذى يزداد داخل مقلتيه !!

أجفلت ميرال و هى تشعر بتوقف نحيب نارفين داخل أحضانها .... بل توقف انفاسها المرتجف التى كانت تشعر بها قبل لحظة واحدة .... لقد فعلت بعدما شعرت بكف أردال تمتد لتتلمس كتفها بعد ان تقترب ليجلس على الفراش بجانبهم

( نارفين )

عدة لحظات مرت .... مرت بصمت مشحون و ترقب .... انزل أردال كفه يشعر بالم كاسح ينتشر داخل صدره .... الم يتفاقم بعنف يكاد ان يخنقه و هو يرى حالتها تلك

تسمر مكانه بعدما كاد ان ينهض فقد ظن انها لن تنظر حتى لوجه ... لكنه وجدها تسحب نفسها من بين أحضان ميرال تلتفت لتنظر اليه !!

و ليتها لم تفعل .... ليتها لم تنظر اليه !! .... فتلك النظرة التى طالعته بها قتلته .... لقد كان بها الم ... قهر و عتاب لم يفهم سببهم !!

تابع دموعها التى عادت لتنزلق بصمت مقهور ... يتابع نظراتها التى تخترق كيانه مما جعله يعود ليردد اسمها بخفوت ... وكانه قد المها أكثر !!

ابتلعت نارفين تلك الحرقة التى شعرت بها تخنقها قبل ان تردف و قلبها يعتصر داخلها ... تشعر بانين يكاد ان يقتلها

( من أنت ؟! .... مستحيل اكون حمقاء الى هذا الحد !! )

صدمة عمت على ملامح الجميع ... صدمة جعلت خفقات أردال تتوقف للحظات لم يشعر بها بكفه التى ارتفعت لتحتوى وجنتها و هو يردد امام ملامحها المنتفخة بتعب

( ماذا هناك نارفين ؟! .... لماذا تتحدثي هكذا ؟! )

أغمضت نارفين جفونها بالم بينما لا تزال عبراتها تتساقط بعذاب ... عذاب طال جسدها الملعون حينما شعرت بلمسته على وجنتها .... لتجد نفسها تنتفض كالملسوعة و هى تردد بحدة

( دعوني اذهب ... لقد رحل ... لقد رحل سبب تمسككم بي ... اقتلوني ان اردتم لم يعد يفرق معي ! )

تشنج جسد أردال بعنف و هو يستمع الى كلماتها .... و هو يراها تعود لتصرخ من جديد حتى جاءت الطبيبة التى جعلتهم يغادروا الغرفة جميعاً .... لقد انهارت بشكل لم يراها عليه من قبل ... لقد جعلت قلبه يكاد ان يتوقف و هو يشعر انه ... انه ربما قد خسرها !!

وقف جميعهم يطالعونها من خلف الزجاج .... يتابعون هذا النوم العميق التى غطت به بعد تلك الحقنة المهدئة !!

رفعت ميرال كفها تتلمس الزجاج بقهر و داخلها يحترق حقاً على هذه المخلوقة تتمتم بالم

( تلك الحقيرة ... ماذا قالت لها ... كيف اوصلتها الى تلك الحالة ؟!!! )

و كأن مارد الجنون قد مسه !! ... ليجد نفسه يتحرك و داخله يريد ان يسحق كل شئ ... يسحق هذا الشئ الذى اوصلها الى تلك الحالة !!

***

احتوت تاليا رأسها بالم و ذاكرتها تعود الى تلك الكلمات البشعة التى القتها على نارفين ... انها لا تستطيع ان تصدق ما حدث ... انها حقاً لم تكن تتوقع ان يحدث هذا ...... اخذت تهز قدمها بقهر و تلك الكلمات تعود لتصدح داخل عقلها تعذبها


( لقد اردت ان احذركِ قبل ان تصدقي هذه المسرحية المبتذلة نارفين )

( أنا أعلم كل شئ .... كل شئ !! ..... أعلم من تكونين أنتِ .... لقد أخبرني أردال بكل شئ !! ....... )

( أنا لست زوجة سابقة نارفين ولن اكون !! ... انها مسئلة وقت فقط ... حينما تعودي أنتِ لآسر .... سوف يكون أردال لي من جديد !! )

زفرت بعنف و كفها تزيح خصلات شعرها بغضب ... انها سوف تنتهى ان حدث لتلك الفتاه اى شئ .... ان أردال لن يسامحها مطلقاً !!

أجفلت تاليا على رنين جرس باب شفتها ... تتحرك و عقلها شارد بمكان آخر ... لتحتل الصدمة جسدها و هى تجد ما كانت تشرد به يتجسد امامها بشحمه و لحمه

( أردال !! )

نطقت تاليا حروف اسمه بتوجس و هى تطالع ملامحه الغريبة تلك ... تطالع تلك النظرة البشعة بمحيطه ... محيطه الذى كان دائماً يطالعها بحب !!

تراجعت للخلف و قلبها ينقبض داخل صدرها لتستمع الى نبراته الحادة كالسكين و هو يتساءل و جسده يتقدم منها أكثر

( هو سؤال واحد فقط تاليا ..... سؤال واحد فقط اريد اجابته)

صمت يتابع جسدها الذى بدأ يرتجف أمامه دون ان يشعر بالشفقة عليها ... بل يشعر بانه يرد ان يخنقها بين كفيه !! ... ياالهى كم ان الحياة عجيبة !!

( ماذا قلتِ لها تاليا .... ماذا قلتِ لها ليجعلها تخسر طفلها !!! )

شهقت تاليا بفزع و هى تشعر بكف أردال تعتصر ذراعها بعنف و ملامحه تقترب منها كالجحيم بينما خرجت نبراته بفحيح جعل جميع خلاياها ترتجف

( ماذا قلتِ لها ؟! )

لا تعلم كيف تلبسها هذا الجنون .... هذا الجنون الذى جعلها تنتفض من بين قبضته تردد بصياح

( هل أصبحت تحبها الى هذا الحد .... و ماذا عنى أنا أردال ... هل نسيت ما كان يجمعنا ؟! )

كانت نبراتها ترتفع بشكل هستيري باخر جملة .... بينما كانت انفاسها تتسارع .... تتسارع بالم و جنون .... لتجد نفسها تتقدم منه و كفها ترتفع لتتلمس ملامحه و نبراتها تعود لتصدح بخفوت رافض لكل ما يحدث

( لا أردال مستحيل !! .... أنظر لي أنا تاليا ... تاليا حبيبتك )

تراجعت للخلف لتسقط بعدما دفعها بنفور ... نفوز شعر به يحتل جسده حينما شعر بلمستها عليه ... ليعود و يعتصر ذراعها بعنف يهتف بها بعدما جثا على ركبتيه ليصل اليها

( لا تاليا نحن انتهينا منذ زمن ..... زمن بعيد .... و أجل تاليا ... لقد أصبحت احبها الى هذا الحد .... هذا الحد الذى يجعلني أريد ان اخنقك الأن .... هيا تحدثي ماذا قلتِ لها جعلها تصل الي تلك الحالة )

***
يتبع...

رحمة غنيم 26-12-20 11:39 PM

أغلقت ميرال باب الغرفة تتنهد بتعب لقد مر ثلاثة أسابيع و نارفين لا تزال على نفس الحالة لا تتحدث ولا تهتم بحديث أحد ... لا تتقبل أحد سواها هى و بشرى و بهار !!

أغلقت الباب لتجد هيئة بشرى تستقبلها و هى تتساءل عن حالها لتجيبها ميرال بنبرات خافتة تحمل من الالم الكثير

( لاتزال كما هى ... أنا اكيدة ... لن يستطيع أحد ان يكسر هذا الجمود سوى أردال ... أنا لا استطيع ان اصدق .... لا استطيع ان اصدق هروبه هذا سيدة بشرى منذ متى و أردال يهرب .... أنا اخشى ان يتاخر ... ان ياتي بعد ان )

صمتت ميرال لا تستطيع ان تكمل كلماتها .... لكن بشرى فهمت عليها جيداً ... استطاعت ان تلتقط ما تريد قوله ... لكنها اخذت تطالع ميرال بنظرات غريبة ... قبل ان تردف بما ارادت ان تقوله منذ هذا اليوم بالمشفى

( لقد اصابت نارفين حينما قالت لي ... أنكِ مثل أردال ... تحتمي باظهار القسوة و القوة ... اصابت حينما قالت ان لم يتعرف عليكِ اى منا هنا يا ابنتي ! )

دمعت مقلتى ميرال و تلك الكلمات تصيب اعماقها .... انها تشعر بانها تريد ان تفعل اى شئ .... اى شئ فقط لتعود نارفين تلك من جديد .... نارفين التى تعرفت على روحها ... تلك التى استطاعت ان تُعيد لها روحها القديمة !! .... رفعت يدها تمسك بكف بشرى التى امتدت لتزيل دمعتها برفق تردف بصدق

( انها استطاعت ان تتغلب على اشباح الماضى خاصتنا .... و سوف تتغلب على ما تمر به الأن .... أنا اكيدة من هذا )

أخذت ميرال تسير ببطء بهذا الممر و داخلها يصدق تلك الكلمات .... انها سوف تعود

توقفت قدم ميرال بفضول و اذنيها تلتقط تلك النبرات التى تعرفت عليها .... انها تستشعر صمت غريب من الجميع بعد تلك الحادثة .... توقفت و كلمات آسر تاتيها من خلف هذا الباب المغلق

( أنا لن اترك نارفين يا أبى .... لهذا يجب ان تحل أمر ميرال هذا ... يجب ان تتحدث مع عزام لينتهى هذا الأمر ! )

تابع قادير ملامح آسر و داخله لا يشعر بخير ابداً ... يشعر ان عليه ان يمنع هذا الأمر !

( لقد ذهب الطفل آسر .... لقد كنت اتفق معك فقط من اجله ... لكن الأن )

صدحت نبرات آسر بحدة بينما كفه ضربت على سطح المكتب أمام والده بشكل جنونى

( لا يا أبي لااا .... لن ادعك تفعل هذا من جديد ..... تباً لكل شئ ..... أنت لن تستطيع ان تمنعني .... لن يستطيع أحد ان يمنعنى بعد الأن !! )

أرتد جسد ميرال للخلف و هى تواجه قامة آسر التى ظهرت أمامها بشكل جنونى .... للحظات فقط قبل ان تشعر بكفه تقبض على ذراعها يسحبها خلفه بعيداً عن غرفة مكتب والده

لحظات فقد لتشعر بنفسها ترتمي على تلك الاريكة الفارهة التى تتوسط بهو القصر و اذنيها تعود لتستمع لنبرات آسر الجنونيه نحوها بينما شعرت بانفاسه تحاوطها بغضب

( أليس لديك كرامة .... أنا لا أريدك .... اى أمراة أنتِ ... ماذا تفعلي هنا بعدما علمتِ بكل شئ .... كيف لكِ ان تكوني رخيصة بهذا الشكل المغزي كيف !! )

دفعته ميرال بحدة لتنهض بقوة و داخلها لا يتحمل حقارته أكثر من هذا .... لتردف بما تشعر به منذ ان علمت الحقيقة بهذا الحفل

( حقاً .... كيف يمكنك ان تكون بكل هذا التبجح .... كيف .... احقاً تريد ان ترتبط بها الأن ..... أين كنت اذاً ايها الحقير من قبل .... كيف سمحت لك رجولتك ان تسلمها لرجل آخر و هى تحمل طفلك .... كيف تسطيع ان تنظر بوجها من الاساس لا يحق لك .... لكن ماذا اقول أنا و عن اى رجولة اتحدث من الاساس !! )

شعرت ميرال بجسدها يهتز بعنف و قبضة آسر تعتقل ذراعها تحركها بقوة و جنونه يتزايد بعنف يصيح بوجهها

( توقفي ميرال ... قبل ان القي بك نحو الخارج ! )

صدحت منها ضحكة هستيرية مجنونة وكل سنوات عمرها المظلمة التى قضدها معه تجعل روحها تريد ان تتحرر كما لم تشعر هى من قبل .... لم تكن تُدرك تلك الخطوات المتسارعة نحوهم من بعيد ... خطوات كل من أردال و طارق بعد ان شاهدوا ما يحدث من خاف زجاج البهو العملاق !!

( حقاً .... ان كنت رجل بحق افعلها !! )

غضب ... بل جحيم أخذ يتحكم منه ليجد كفه ترتفع دون ان يُدرك حتى يصفعها .... لكن و قبل ان تصل الى وجنتها كانت قد اعتقلت بفعل قبضة والده الذى عنفه و هو يردد بغضب

( هل فقدت عقلك آسر ماذا تفعل ؟!! )

كانت هنا هى اللحظة التى اختارها كل من أردال و طارق الدخول ... ليفلت آسر كفه من قبضة والده و قدمة تتحرك نحو طارق يردد بملامح وحشية عنيفة و هو يصفق بقسوة

( و ها قد اتي حبيب القلب خاصتك ... ماذا سيدة ميرال .... الا تريدي التحرر حتى تذهبي اليه .... لماذا لا ننهي هذا الأمر ليحصل الجميع على ما يريد )

وهنا خرجت نبرات قدير بهياج منفلت و هو ينهر آسر الذى قد فقد عقله على ما يبدو

( آسر ماذا تفعل هل جننت ؟! )

لكن آسر كان قد فقد جميع تعقله ... فقد كل شئ كان يلجمه و يجعله يصمت و يرضخ ... خسر كل ما كان يملك حتى نفسه و هذا المشهد الذى راها به تنفر منه بذلك المشفى لا يستطيع ان ينساه .... هذا المشهد فقط !! .... ليعود و هو يتقدم نحو ميرال من جديد و نبراته ترتفع بجنون

( ماذا ميرال .... هذا عرض حياتك ... حريتك ! )

رفعت ميرال نظراتها نحو آسر بتقزز .... تشعر بالنفور منه و كأن ملامحه تجعلها تشعر بالغثيان .... لكنه محق انه عرض حياتها !! ... لكن بالمقابل !!

رفعت ميرال مقلتيها نحو طارق .... تطالع نظراته التى تُناجيها .... نظراته التى تنتظر ان تفعلها .... ان تتحرر من هذا البئر المظلم التى سقطت به منذ سنوات !! ..... شعرت ميرال بقبضة غليظة تقبض على صدرها و مشاهد نارفين تعود لها من جديد !! ... تحركت نظراتها نحو هيئة أردال لتصدم بنظراته الضائعة .... تلك النظرات التى احتلته منذ هذا اليوم التى سقطت به نارفين لتفقد جنينها !!

سحبت ميرال أنفاسها قبل ان ترفع نظراتها نحو مقلتي آسر التى كانت تنتظرها بنصر !!

لتردف كلماتها التى سقطت عليه كدلو ماء مثلج بينما اخترقت نبضات طارق كالشظايا السامة !!

( لا يا آسر ... أنا لا أريد ان أنفصل عنك .... أنا و طارق لا يوجد شئ بيننا ... لا تحاول ان تجعل منا خونه مثلك .... أنا لا اشعر بشئ نحو طارق .... انه صديقي منذ زمن و الجميع يعلم هذا !!! )

نهاية الفصل الحادي و العشرون

اتمنى تكون الاحداث عند حسن ظنكم ❤❤

أسماء رجائي 27-12-20 12:07 AM

رواية
 
الفصل تحفة بجد
هاتي ميرال وضربها يابنتي..🙂🙂🙂

هايدى حسين 27-12-20 12:52 AM

الفصل فى منتهى الجمال و الاحداث كثير كثيير رائعة كالعادة

سما انور 27-12-20 11:00 AM

انا بجد مصدومة جدا من الاحداث بجد كل فصل بيكون مشوق عن اللى قبله

فرفر المناخلي 27-12-20 04:32 PM

الفصل كالعادة جميل وممتع والأحداث ممتعة بجد تسلم ايدك يا حبيبتي ومنتظرين الفصل القادم لكن ياريت يكون أكبر من كده أو تخليهم فصلين في الأسبوع
عايزة اعرف أخرة تاليا دي ايه 😠😠

سلسبيل عادل 28-12-20 12:35 PM

انا وقعت فى غرام الرواية دي الصراحة معرفتش اسبها غير لما خلصت كل الفصول اللى نزلت

هايدى حسين 29-12-20 04:21 PM

ياريت يا قمر يبقى في اقتباس الفصل ده بجد حماس مش طبيعي

رحمة غنيم 01-01-21 04:30 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رنا الليثي (المشاركة 15266874)
كاتبتي العزيزة أتمنى أن تتشرفى بزيارتك الثمينة لإبداء رأيك بأول أعمالى ،روايتى المتواضعة دروب العشق بين كبريائى و قوتى أتمنى أن تنال إعجابك ♥
https://www.rewity.com/forum/t473107.html

حبيبتى اكيد انا ليا الشرف والله و اكيد هدخل اتابع و اعلق كمان اتشرفت جداً بتعليقك 😍

رحمة غنيم 02-01-21 07:33 PM

مساء الجمال على أحلى متابعين نظراً ان الجزء الأول من الفصل اتمسح بحركة غاية فى الذكاء منى و انا بقسمه و ده هيتسبب فى تاجيله 🥺

قررت انزل مشهد كبير عشان اعوضكم لكن بجد بعتذر من كل قلبي فعلاً على التقصير ده 😢

مشهد من الفصل الثاني و العشرون

رفعت كفها بارتجاف تقبض على تلك القلادة التى تخفيها دائماً اسفل ملابسها و التى تحمل خاتم زواجها .... تحمل هذا الرابط الذى يجمعهم معاً .... ذلك الرابط التى كانت تخشاه دائماً .... كانت تخشاه بكل مكان و كل مناسبة جمعتهم معاً !

شهقت بالم تلتقط انفاسها التى انحسرت داخل رئتيها و أحد ذكرياتهم تداهم عقلها بعنف هذا الاشتياق ... تلك الذكريات التى ترفض ان تغادر روحها قبل عقلها

" صمت ليتابع حركة جسدها الخرقاء بين ذراعيه و ذلك الارتباك المسيطر على مقلتيها ليشدد من إمساكه لخصرها و هو يضيف بحده لا تمت لتلك الابتسامة المرسومة بمهارة فائقة على ثغره بصلة

( يبدو أنكِ نسيتِ من أكون نارفين .... لهذا سوف اذكرك مجدداً من أنا ... فأنا هذا الشخص الذى وجدته بتلك الشقة أمامك فى ذلك الْيَوْمَ .... و الذى لن تعجبك ردت فعله مطلقاً ان اكتشف أنكِ تخططين لشئ ما من دون علمه ..... شئ اخرق قد يورطك بما لا تستطيعي مواجهته .... لذلك سوف أسالك الأن للمرة الاخيرة نارفين و تذكرى انى أعطيتك فرصة ان تخبرينني بنفسك .... ما الذى يحدث معك و له علاقة ببرهان ؟!! )

شعرت و كان انفاسها تنحصر داخل رئتيها و تلك الحرقة التى تؤلم حلقها تمنعها من الاجابة و هذا القرب بدأ يخنقها بشكل مضاعف لشده تأثرها به لكنها من دون ان تُدرك وجدت نفسها تردف بما شعرت به بعفوية استعجبتها من نفسها بذلك الوضع الغريب

( أنا لم أنسى من أنت مطلقاً فأنا اتذكر ان ذلك الشخص كان هناك فقط ليحميني )

نقلت نظراتها بهدوء حذّر على ملامح وجهه التى تجمدت دون حراك للحظات و عقلها يعيد عليها تلك الكلمات الغريبة التى نطقتها لتجد نفسها تسارع بالقول و كأنها تهرب من شئ ما لا تعلم ما هو تحديداً و هى ترى صمته هذا

( ثم انى لا احاول فعل شئ ... أنا فقط احاول الاختلاط بتلك النساء اللواتي ينظرن الى و كاننى نكرة بجانبك .... اعلم ربما معهم بعض الحق لكن هذا لا يعطهم الحق ان يتعمدوا إظهار إعجابهم بك و التقليل من شأني و كيف يمكن لشخص كامل مثلك ان يتزوج بفتاة عادية مثلى .... بالاضافة الى تلك الأسئلة التى يتعمدن توجيهها لى و هم يعلمن جيداً أننى لن أستطيع الاجابة عليها )

شعرت بدلو من الماء المثلج يلقى فوق رأسها و هى ترى ابتسامته التى ارتسمت بمرح فوق شفتيه و كلماته التى جمدتها أكثر بنبره منبهرة محركاً راسه بإعجاب تمثيلي و هو يردف

( محاولة جيداً حقاً نارفين لقد كدت ان اقتنع )

و صمت قبل ان يضيف بغموض

( لكن ربما معك حق لنحل أمر نساء ذلك المجتمع الراقى الذى على ما يبدو أثاروا غضبك أولاً ) "

ارتعد جسد نارفين و هى تجفل من تلك الذكريات على صوت جرس الباب لتجبر جسدها على التحرك بخطوات بطيئة نحوه و كما توقت تماماً ..... ابتسمت نارفين بهدوء و هى تشير بكفها و نبراتها تصدح بعمليه

( سيد برهان ... لقد كنت انتظرك تفضل !)

حرك برهان رأسه بعدم رضى و هو يردد

( أجل هذا واضح لقد طرقت الباب حتى كدت ان أغادر ... أين كنتِ نارفين لقد ظننتك غادرتِ المنزل )

تحركت نارفين خلفه و هى تردف بإنكار

( لا لقد كنت فقط ... )

سارع برهان باكمال كلماتها و هو يتخذ اقرب مقعد له

( كنتِ غارقة ببحر ذكرياتك كالعادة ايتها كاتالينا الصغيرة ! )

تحركت نارفين لتجلس بهدوء دون ان تجيب لكن كلمات برهان التالية جعلت خفقاتها تكاد ان تقفر

( لقد حجزت تذاكر العودة صغيرتي .... لا داعى للمزيد من الذكريات ... دعينا نكتب المستقبل بعد الأن )

لم تستطيع نارفين ان تخفى هذا الارتجاف الذى غزى مقلتيها و هى تتساءل بنبرات مخنوقة

( متى ؟! )

حاول برهان ان يتغاضى عن ذلك الاهتزاز الذى يعرف سبيه حق المعرفة ليجيبها و هو يتابع تعبيراها الضائعة

( بعد ثلاثة ايّام ... سوف نعود يوم اجتماع مجلس الادارة تحديداً )

تنهدت نارفين بادراك تعلم جيداً ان ذلك هو الدخول المنتظر لها من جديد بينهم لكنها استمعت بعدها الى كلمات برهان التى أتت لتجعل انفاسها تتوقف و روحها تختنق بالرغم من علمها بذلك

( ان كنتِ تريدي النجاح حقاً بذلك الأمر ... يجب ان تتخلى نارفين .... و أنتِ تعلمي من المقصود بذلك )

ابتسمت بالم و هى تشعر بقلبها يتوقف لكنها على الرغم من كل هذا تحاملت على اختناق روحها و هى تردف

( الا ترى أننى تخليت منذ زمن ؟! )

مد برهان كفه ليلتقط خاصتها بهدوء ... يحتويها برفق و هو يردد على مسامعها

( لا نارفين أنتِ لم تتخلى ولا للحظة واحدة .... يكفى ان نرى تلك القلادة التى لا تفارق عنقك .... هل تظني حقاً انى لا اشعر .... لا ارى اهتزاز ملامحك و ارتجاف جسده بكل مرة اذكر بها اسمه .... أعلم جيداً انه مختلف ... بل أنا اكيد من ذلك .... لكن أردال أحد أفراد تلك العائلة يا ابنتى ... مهما حولتِ سوف يطوله الضرر ... و ربما سوف تجدينه بنهاية الأمر عدواً لك ... فهو لن يشاهد عائلته و شركة ابيه تنهار بسبك و سيظل صامت .... يجب ان تعترفى ان بنهاية الأمر سوف تضطرين لمواجهته هو شخصيا ... او ربما يكون هو أول شخص سوف تواجهين !! )

أغمضت مقلتيها تشعر برتابة مميته بخفقاتها .. انها تعلم .... تعلم لكنها لا تريد ان تصدق ... فتحت فمها تحاول ان تردف بخفوت خانها فى بداية الأمر حتى استطاعت ان تخرج كلماتها اخيراً

( أنا ادين له بحياتى .... لن انكر ذلك مهما حدث .... بعد كل تلك السنوات استطعت ان ادرك حقاً هذه الحقيقة .... أردال هو الشخص الوحيد الذى حمانى دون اى مقابل ... هو الوحيد الذى ..... )

صمدت لا تستطيع ان تكمل كلماتها ماذا سوف تقول ما الذى تستطيع ان تنطق به ... انه حتى اشد لحظات ضعفها لم يستغلها ... انه بالرغم من استسلامها و انهيارها بين يديه لم يستغل ضعفها هذا .... انها لم ولن ترى رجل مثله ابداً .... ما الذى تستطيع ان تقوله بالتحديد ... انها تندم على هذا الالم الذى سببته له ... ذلك الخذلان الذى قابلت به معروفه معها !

أغمضت نارفين مقلتيها تمنع احاسيسها المتضاربة من الظهور لتجد نبرات برهان تتغلغل داخل أعماقها حينما أخذ يردد

( أنتِ ايضاً انقذت حياته و مستقبل شركته نارفين .... لقد منعت عنه تلك المؤامرة التى كانت سوف تلقى به بالحبس مثلى او بالقتل كوالدك .... لقد علمت ان عزام سوف يفعل معه نفس الشئ و حذرته ... لذلك توقفى .... ان كنتِ سوف تضعفي الأن فلنتراجع قبل ان نبدأ تلك الحرب !! )

Amou Na 02-01-21 10:02 PM

شكلها نارفين تركت آردال و سافرت و حصل مرور زمني في الرواية بس يا ترى قد إيه عدى على فراقهم و ازاي و ليه
كل ده مستنياه و متحمسة له يا روما في انتظار الفصل كامل يا قلبي

فرفر المناخلي 02-01-21 10:19 PM

الاقتباس جمييييييييييييل يا حبيبتي منتظرين الفصل كامل

هايدى حسين 03-01-21 12:26 AM

والله حرام انا كتيير متشوقة و كلى حماس 😍😍😍

om ahmed altonsy 03-01-21 05:49 PM

فصل رووعه ما شاءالله عليكي تسلم ايديك حبيتي❤️❤️

أسماء رجائي 05-01-21 02:50 AM

رواية
 
الفصل كان تحفة ياروما منزلتيش ليه الفصل السبت ده🙂🙂
انا بحب ميرال اوووي..
وبصراحة نارفين لا😊😊😊

الاسلوب بيطور جدا ياروما...ابدعتي

هايدى حسين 08-01-21 02:57 PM

مفيش اقتباس يصبرنا لحد بكره كده

رحمة غنيم 09-01-21 10:00 PM

أحلى مساء الخير على أحلى متابعين الفصل وصل وصل وصل ❤🙈

الفصل الثاني و العشرون

( لا يا آسر ... أنا لا أريد ان أنفصل عنك .... أنا و طارق لا يوجد شئ بيننا ... لا تحاول ان تجعل منا خونه مثلك .... أنا لا اشعر بشئ نحو طارق .... انه صديقي منذ زمن و الجميع يعلم هذا !!! )

عاد طارق ليصيح بهياج و تلك الكلمات القاتلة تعود لتفتك برأسه ... عاد ليلقي ملابسه بوحشيه تتفاقم داخله نحو تلك الحقيبة التى تقبع على فراشه !!

لن يستطيع ان يتحمل أكثر من هذا ... لن يستطيع ان يراها أمامه بعد الأن ... لقد أصبح حقير أمام نفسه بما فيه الكفاية حقاً !!

أغلق الحقيبة ليُلقي بجسده بجانبها يجلس و كفيه ترتفع ليحتوى رأسه ... يشدد من غلق مقلتيه عله يستطيع ان يمحي صورتها و هى تنطق بتلك الكلمات من داخل مخيلته !! ... ياللهى كيف استطاعت ان تخدعه الى هذا الحد ؟! .... انه كان فقط ينتظر ابتسامه منها ... نظرة واحدة كانت لتكفيه !

مسح على ملامح وجهه لينهض بعدها يردد بعزيمة بينما كان يشعر بروحه تحترق ... كيانه و رجولته تنزف بعنف

( الى هذا الحد فقط يا طارق !! )

***

نظرت نارفين بضياع الى تلك الشاشة المضيئة ... شاشة هاتفها !!

تتابع هذا الاسم الذى أخذ يظهر لها بوضح !!

ابتلعت ريقها ببطء و داخلها صراع مؤلم ... صراع بين البقاء و الرحيل .... ما الذى تنتظره بعد ؟! .... لقد فقدت كل شئ .... لماذا لاتزال تهرب من الحقيقة الواضحة أمامها ؟! ... حقيقة واضحة وضوح الشمس ... حقيقة كانت تشعر بها حتى تاكدت منها بذلك اليوم ... ذلك اليوم الذى خسرت به كل شئ !!

زفرت انفاسها بهدوء كرهته تحاول ان تمنع هذا السائل التى شعرت به يتسلل الى مقلتيها .... تمسك بالهاتف بخواء روحها تجيب بخفوت حمل معه الم روحها

( سيد برهان ؟! )

التقطت نارفين تلك التنهيده الطويلة التى خرجت معها انفاس برهان براحة لتاتيها كلماته التى تحمل الكثير و الكثير من العتاب الممزوج بالقلق

( نارفين .... ياالهى لماذا لم تجيبى على اتصالاتي بكِ ايتها الفتاة .... لقد كدت ان اذهب الى القصر حقاً .... ما الذى حدث معك حتى ... )

توقف برهان عن الحديث يُدرك ما كان سوف يتفوه به بتسرع .... لكن كلماته التى توقفت كانت قد وصلت لها بالفعل ... وصلت لها و استطاعت ان تجعل الالم يدب داخل روحها ... و هل فارقها الالم حتى يعود لها من جديد ؟!!

صمت عم للحظات قليلة ... صمت ينافي هذا الصراع الذى تشعر به داخلها .... صراع اخذ ينهش روحها منذ ذلك اليوم ... صراع كان يتفاقم كل يوم عن الذى قبله و هى تنتظره !! ..... لكنه لم ياتي !!!

سحبت انفاسها بارتجاف تشعر بسخونة عبراتها تحرق وجنتيها .... تُحارب و تُحارب لتسيطر على نبراتها لتصدح بوهن بالرغم من كل محاولاتها حينما اردفت

( أنا أريد ان أرحل من هنا سيد برهان ! ... لقد قلت لى من قبل أنك تستطيع مساعدتي !! )

***

رفعت ميرال كفها بارتجاف لتطرق على باب منزله !!

لكنها عادت و تخاذلت نحو الاسفل من جديد .... كيف سوف تستطيع ان تواجهه ... كيف سوف تشرح له عن سبب فعلتها تلك ... يااالهى يجب ان تفعل يجب ان توضح له .... انه سوف يستمع لها كما يفعل دائماً ... سوف يتفهم اسبابها .... ليس عليها ان تقلق .... انه طارق !!

طارق الذى يعرفها كما لم يفعل أحد... طارق الذى يستطيع ان يرى ما لم يراه احد غيره !!

سحبت انفاسها بعمق لتعود و ترفع كفها من جديد لكنها تسمرت و هى تجد هيئة طارق تظهر أمامها !!

رمشت عدة مرات تحاول ان تستوعب ما تراه أمامها!!

تحاول ان تستوعب تلك الحقيبة كبيرة الحجم التى تقبع جانبه !! .... لا بل تحاول ان تستوعب نظراته الجامدة نحوها !!

شعرت بارتجاف شفتيها و هى تحاول ان تتحدث ... ارتجاف خفقات قلبها التى سقطت عند اقدامها جعلت حروفها تتلعثم أكثر و أكثر

( طارق ... ما تلك الحقيبة ... الى أين أنت ذاهب ؟!! )

ابتلعت ريقها بحرقة تشعر بمرار و نظراته الجامدة لاتزال تطالعها يلعن نفسه و مشاعره .... تلك المشاعر التى جعلته يخسر نفسه ... يخسر احترامه أمام نفسه قبل الجميع !!

تقدمت ميرال خطوة مضطربة ترفع كفها بارتباك نحو كفه الذى يمسك بمقبض حقيبة السفر تلك !!

تهمس بخفوت مرتجف و خفقات قلبها تتسارع بذعر داخل صدرها

( طارق ... ان ما حدث ... أنت تفهم الموضوع بشكل خاطئ ... دعني اشرح لك )

تجمد جسد ميرال حينما شعرت بكفه الآخرى تزيح اناملها برفق .... رفق جامد كملامح وجهه ... ليزيد ارتجاف و سرعة خفقاتها أكثر مع كلماته .... كلماته التى نحرتها بقسوة

( لقد فهمت الموضوع بشكل صحيح بعد زمن ميرال ... لقد فهمت كم أنكِ شخص أناني لا تفكري سوى بنفسك فقط )

شعرت بروحها تتمزق بشكل أعنف حينما استشعرت قبضته تمسك ذراعها بقسوة لم تراها منه من قبل

تستمع الى هذا الفحيح الكاره من بين نبراته ... تطالع نظراته التى تشعر بها تحرقها و تقتل روحها

( لقد عاد لكِ الأمل بأردال من جديد .... اليس كذلك ؟! )

اتسعت حدقتيها بصدمة و كلماته تشعرها بحقارة لم تشعر بها من قبل .... حقارة رات انعكاسها على نظراتها مما جعل الجنون يتلبسها لتنفض نفسها و كان هناك طيار كهربائي قد مسها تردد بحدة امتزجت مع الم روحها

( توقف طارق أرجوك لا تفعل .... لقد فعلت هذا من أجل نارفين و أردال أقسم لك .... أنا ... أنا لم أعد أحب أردال .... لم أعد أريده كما تقول ! )

تابعت ميرال ابتسامة طارق الهازئة ... ابتسامة حادة كالسكين أخترقت كيانها باكمله ليكتمل الأمر مع تلك الكلمات السامة الذى صدحت ببطء من بين شفتيه

( لا ميرال .... لا تكذبي على نفسك ... كلانا يعلم ان أردال بالرغم من كل شئ لن يقف أمام آسر .... هذا الوعد الذى قطعه سوف يفيده لبقيه حياته ..... لقد رايت ذلك بنفسك ميرال .... كلانا يعلم ان أردال لا يهرب ... لكنه فعل بتلك الاسابيع المنصرمة .... كيف صدقت أنكِ من الممكن ان تتخلي عن هذا الحب المرضي ؟! ..... كيف سمحت لكِ ان تجعلين منى أحمق الى هذا الحد أمام الجميع ..... ياالهى ميرال .... أنتِ .... أنا .... لقد بدأت اشعر بالتقزز من مشاعرى نحوك ... من وجودي حولك ... كم أنتِ انانية ... لقد اكتشفت الأن أننى كنت مخطئ ... أننى كنت الأحمق الوحيد بينهم .... ادركت أنكِ حقاً انانية و مثيرة للشفقة !! )

رمشت لتنحدر عبراتها بصمت ... تبتلع حلقها الجاف لتشعر معه بالم تلك الكلمات التى جعلت خفقاتها تتباطأ حتى كادت ان تشعر بقلبها يتوقف داخل ضلوعها

رفعت ميرال كفها تقبض على صدرها المتالم بارتجاف تنظر نحو ملامح طارق لتجده يتحاشى النظر نحوها !!

( الى هذا الحد يا طارق ؟! .... هل تراني هكذا حقاً ؟! )

أردفت كلماتها بينما كانت تشعر بطنين مرعب يدب داخل رأسها.... تشعر برعب و الم و هى تُدرك انها قد خسرته ... خسرته قبل ان تحصل عليه حتى .... لم تكن تعلم اى عذاب يعيشه هو اى وجع يسيطر عليه .... لقد افقدته احترامه لنفسه !!

انزلقت دمعه آخرى من بين جفونها المطبقة بعذاب تهرب من جموده القابع أمامها لتتحدث و قدمها تتراجع للخلف بتشتت و كانها فقدت بصيرتها

( أنت لن تثق بي طارق .... لن تستطيع ان تنسى ... بداخلك سوف تراني دائماً الزوجة الخائنة التى كانت تبكي حبها لرجل آخر غير زوجها ! )

صمت للحظات تتابع نظراته التى اتجهت نحوها بعدما كان يرفض النظر اليها ... نظراته التى شعرت باهتزازهم للحظات قبل ان تعود للجمود من جديد مما جعلها هى الآخرى تكمل و كفها ترتفع لتزيح عبراتها بارتجاف و هى تتابع حركة جسده و قامته الذى تخطتها مع تلك الحقيبة !!

( أعلم أنك سوف تعود .... سوف تعود حينما تعلم أنك كنت مخطئ بما قلته قبل قليل !! )

شعرت ان رؤيتها تغبشت و هى تتابع هيئته تبتعد عنها .... عبراتها التى أخذت تنزلق بقهر و الم لتجعل جسدها يتخاذل لتتراجع حتى تستند على الباب المغلق من خلفها !!

و شفتيها تتلعثم بارتجاف مماثل لارتجاف جسدها

( لماذا جعلتني أحبك اذاً ؟! .... لماذا ان كنت سوف تتركني مثلهم !! )

***

كانت تسير بخطوات ضائعة لا تعلم كيف سوف تتحمل هذا الالم ؟! .... كيف سوف تكمل و لاي سبب بالتحديد !!

توقفت قدم ميرال التى كانت تخطو نحو حديقة القصر بشرود و هى تتنبه لجسد أردال الذى ظهر أمامها !!

رفعت نظراتها الضائعة التى تحمل معها تلك العبرات التى لم تجف بعد نحوه

( ميرال أنتِ بخير ؟! .... ماذا حدث ؟! .... هل رأيت طارق انني لا استطيع الوصول اليه ؟! )

أغمضت جفونها المنتفخة حينما استمعت باسمه تسمح لعبرات اخرى بالتحرر ... تسمح لروحها المتالم تنطق بهذا القهر التى تشعر به يقتل داخلها

( لقد رحل ...... طارق رحل يا أردال .... ذهب هو الاخر ! )

اتسعت حدقتي أردال بصدمة .... صدمة انطلقت عبر نبراته التى تساءلت بهلع

( ماذا ؟! ... ماذا تقولين أنتِ ميرال ... مستحيل ... طارق لا يفعل أنا اعرفه حق المعرفة .... لا يفعل شئ كهذا دون ان يقول لي على الاقل !! )

رفعت نظراتها الدامعه نحوه تخبره انه قد فعل !! ..... لقد رحل حقاً و تركهم !!

تقدم أردال خطوة نحو ميرال التى تترنح أمامه ليتساءل بحذر

( ما الذى حدث ميرال ؟! )

أرتد راس أردال بصدمة و هو يتابع ضحكة ميرال التى صدحت بشكل هستيري قبل ان يرى نظراتها التى تحجرت و عبراتها بدأت تنزلق بعنف جعل جسدها يهتز بشكل عنيف هو الآخر لتخرج اخيراً نبراتها بالم و هى تردف و كانها تلقي أحد النكات عليه

( انه يظن انني مازلت أحبك هل تصدق هذا ؟!! )

صمتت لتصدح ضحكتها بالم من جديد ... الم أخذ يقطر من كل حرف يخرج منها

( أحمق اليس كذلك ؟! ..... يظن اننى رفضت الطلاق لانني انتظرك .... لا يعلم انني ... انني .... يااالهي يا أردال ... الهذا الحد انا بشعة ؟! )

تقدمت قبضة أردال بحركة سريعة ليمسك بذراع ميرال يمنعها من السقوط و داخله يشعر بالالم على حالها ... بينما عقله يشرد بصديقه الذى لا يعلم كيف سوف يعثر عليه !!

لكنه أجفل بعنف و كانه تلقى طلق ناري نحو صدره مباشرة حينما استمع الى كلمات ميرال

( لا تتخلى عن نارفين يا أردال .... لقد رفضت الطلاق من آسر حتى اساعدك ..... أنها تحبك أنت .... لا تخسرها !! )

شعر أردال و كان حريق غائر اندلع داخل أحشائه ... انه يشعر انه يموت كل يوم منذ ذلك اليوم .... لا بل حينما عرف انه هو السبب بما حدث لها .... ان كلمات تاليا عنه هى من فعلت بها هذا !! .... منذ هذا اليوم و هو لا يقوى على مواجهاتها !!

أجفل أردال من جديد على كلمات ميرال التى أكملت بخفوت هذا العذاب التى عايشته لسنوات يعود لها من جديد

( لن تستطيع ان تراها معه .... انه لا يستحق تلك التضحية أردال .... و نارفين لا تستحق منك هذا مطلقاً .... أرجوك أفعل شئ قبل ان تخسرها .... تحدث معها أردال ... اخبرها بحبك قبل ان تندم أنك لم تفعل !! )

***

دلف أردال الى غرفتهم !! ... يخطو ببطء و داخله يحترق ... يحترق بعنف و هو يعيد كلمات ميرال للمرة الذى لم يعد يعرف عددها !!

رفع الهاتف أمام أنظاره يطالعه بتوهان !!

لقد رحل طارق حقاً !!

لقد تلقى رسالته الباردة التى حملت جملة واحدة ليس أكثر

“ لقد ذهبت أردال لقد فعلت ما كان يجب علي فعله منذ زمن يا صديقي ! “

القى أردال هاتفه على تلك الاريكة بينما نظراته تتجه نحو جسدها المستلقي على الفراش !!

يقترب منها بهدوء كما أعتاد ان يفعل بتلك الليالي المنصرمة ... يقترب ليجلس بجانبها يتابع ملامحها النائمة و داخله يتالم ! .... يشعر بشعور لم يجربه من قبل بحياته .... يشعر بالخوف .... الخوف من ان يخسرها ... الخوف من ما سوف يحدث .... لا يعلم ما الذى سوف يفعله او بمعنى آخر ما الذى عليه فعله !!

أقترب ببطء يسحب انفاسه المحملة برائحتها ليشعر بكيانه يرتجف !! .... كيف أصبحت تعنى له الحياة بهذا الشكل ... متى و كيف استطاعت ان تتغلغل داخل ظلامه و قسوته ..... و كيف و ماذا سوف يفعل الأن بعدما تمكنت منه بهذا الشكل ... لن يستطيع ان يفقدها ... خفقاته المجنونه بجانبها الأن تؤكد له انه لن يستطيع ان يفعل !!

أجفل أردال بينما توقفت خفقاته حينما راها تفتح جفونها ببطء تنظر نحوه بعدما اعتدلت لتقابله ... تُطل بسمائها نحو محيطه المضطرب !!

ابتلع أردال ريقه بينما أخذت نظراته تسبح على ملامحها القريبه منه باشتياق .... بخفقات متسارعة و قلب مرتجف .... احاسيس تجعله يشعر انه على قيد الحياة !! ... يتابع توترها ... اهتزاز مقلتيها و ارتجاف شفتيها !! ..... شفتيها الذى شعر بجسده يان و هو يتوقف عندها للحظات !!

اعتدل بجلسته لبتعد عنها ! .... يبتعد عن هذا الجنون الذى شعر به يسرى داخل عروقه

أغلق أردال جفونه يهرب من نظراتها البراقة نحوه .... سمائها التى تعصف بنظرات يشعر بها تكاد ان تقتله لحظات قليلة قبل ان يجفل على كلماتها التى صدمته حينما خرجت بخفوت متالم ... خفوت يحمل معه تساءل ينبع من داخل روحها الممزقة

( الم يحن الوقت بعد لنتحدث ؟!! )

رفع أردال نظراته نحوها يتابع هذا العذاب المرسوم بوضوح على ملامح وجهها ... يستطيع ان يرى هذا الارتجاف الذى تحاول ان تخفيه دون ان تستطيع ان تفعل

( انتظرتك كثيراً أردال .... لقد كنت أشعر بك كل يوم و أنت تجلس بجانبى بذلك الشكل .... كنت أنتظر ان تتحدث ... لكن )

صمتت تسحب أنفاسها المرتجفة من رائحته التى تداعب خفقاتها .... تجعل صدرها يضيق بارتجاف محبب بالرغم من كل شئ ... لكنها أقسمت انها لن تتراجع .... يجب ان تتحدث .... يجب ان تقول له كل شئ قبل ان تذهب .... ربما .... ربما يوجد يشئ خاطئ !!

( لكنك لم تفعل !! .... صمتك هذا يدل على شئ واحد فقط يا أردال )

صمتت حينما وجدت مقلتيه تتسع بذعر نحوها و كانه يخشى ما سوف تقوله ... لكنها أكملت بارتجاف و نظراتها تهرب بعيداً عنه .... تضم كفيها بتوتر ناتج عن تسارع انفاسها !!

( يدل على أنك تنتظر الخلاص ! )

شعرت بدمعه تخون سجون جفونها لتهرب ... تهرب لتشق روحها قبل وجنتها للحظة واحدة فقط قبل ان تشعر بكفه التى امسكت بقبضتيها المضمومة أمامها بكفه بينما ارتفع كفه الآخر ليرفع ذقنها يجبرها على النظر داخل محيطه المرتجف !

يردد ينفى تلك الكلمات التى تفوهت بها

( لا نارفين .... على العكس تماماً ... أنا و للمرة الأولى بحياتي اهرب .... اهرب منك ... لانني .... لانني اشعر بالخوف ان تطلبي منى أنتِ الخلاص !! )

رمشت بجفونها تشعر بعدم استيعاب لما يقول ... و كان عقلها توقف للحظات جعلتها تتساءل بحماقة دون ان تُدرك ان الاجابة سوف تقتلها أكثر !!

( كيف ؟! )

نكس أردال رأسه للحظات قليلة يحاول ان يستجمع كلماته .... يحاول ان يتمالك هذا الشعور بالذنب الذى يقتله منذ هذا اليوم ليردف اخيراً بنبرات خافته دون ان ينظر نحوها !

( لأنني أعلم نارفين .... أعلم انني أنا السبب لما حدث لك )

صمت يبتلع تلك الحرقة الذى شعر بها تحرقه بعنف .... يشعر بصدره يضيق حتى كادت انفاسه ان تختنق داخل رئتيه

( أعلم ان ما حدث معك كان بسبب كلمات تاليا التى قالتها عني !!! )

مر عدة لحظات لم يقوى على رفع نظراته نحوها ... ان يطالع الم روحها الاكيد منه ... لحظات طالت و طالت و هو ينتظر ان تتحدث ... ان تقول له اى شئ لكنها لم تفعل !! .... لم تنطق بحرف واحد مما جعل القلق يدب داخله بشكل أكبر ليرفع هو نظراته نحوها و ليته لم يفعل !!

ليته لم يفعل فما راه أمامه كان أعظم من ما تخيل هو !!

عبراتها التى كانت تنزلق بصمت متالم ... نظراتها المتحجرة نحوه و ارتجاف كفها بين قبضته !! .... حركة انفاسها المضطربه ... هذا العذاب المرسوم على ملامحها بوضوح !!

رفع أردال كفه ليمسح أحد عبراتها لكنه تجمد و هو يتابع ردت فعلها تلك ... تراجع راسها بنفور و كفها التى انسحبت من بين كفه ... لكن ما شعر به يقتله هو كلماتها التى خرجت لتخترق روحه بالم

( ياالهى !! .... هل كنت حمقاء الى هذا الحد بنظرك ؟! .... يالله لقد كنت انتظر ان تاني لتنفي كلماتها ! )

أرتد رأس أردال بصدمة و هو يُدرك معنى كلماتها .... يشعر و كان دلو من الماء المثلج قد سقط عليه !!

أقترب أردال منها يحتوى وجهها بين كفيه يردد و انفاسه تخرج بلهيب على ملامح وجهها

( مستحيل نارفين .... أنتِ تمزحين معي ... هل صدقت كلماتها .... كيف .... هل ما حدث معك لأنكِ صدقت ما قالته ؟! )

حركت نارفين راسها باهتزاز .... بالم بينما حاولت ان تسيطر على شهقاتها التى كانت ترتفع و هى تتحدث !!

لتتحدث اخيراً بنبرات مرتجفة و انفاسها تتسارع بعذاب

( و لماذا لن اصدق ما قالته ؟! .... ماذا فعلت أنت أردال حتى لا اصدقها !! .... لقد قلت لي بنفسك أنك سوف تحررني أنا وطفلي .... ماذا الأن ؟! .... ما الذى سوف تفعله الأن بعدما ذهب طفلي ؟! )

تابع راسها الذى تخاذل بقهر و عبراتها التى اخذت تتعاقب بشكل هستيرى جعله شعر بحريق داخل احشائه .... جعل يشعر بالتقزز من هروبه و تردده .... يشعر بالحقارة من نفسه لأول مرة بحياته ... لا .... لن يحتمل .... لن يخسرها .... ان يفعل مهما كلفه الأمر!

أجفلت نارفين و هى تجد أردال يسحب كفها لتنهض من على الفراش تستمع الى كلماته بعدما توجه بها نحو باب الغرفه يعطيها معطفها الذى سحبه هو الآخر من خزينة ملابسها !!

( هيا نارفين .... الأن سوف تعلمين ما الذى سوف افعله !! )

***
بعد ما يقارب النصف ساعة كانت نارفين تطالع هذه البناية الذى توقف عندها أردال بتوجس تردد و هى تشعر بخواء عجيب داخلها من كل شئ

( لماذا أتينا الى هنا أردال ؟! .... هل سوف تجعلني أختبأ هنا من عمك ؟! )

شعر و كان هناك قبضة قوية تعتصر قلبه ... قبضة تجعل صدره يضيق حتى نبراته التى خرجت بالم من سخريتها تلك نحوه كانت كفيله لتجعلها تشعر ببعض الندم من ما قالته

( لا نارفين لن تختبئي بعد اليوم .... هيا تعالي !! )

وقفت نارفين تطالع تلك اللافته بذهول .... ذهول عجيب جعل جميع اطرافها ترتجف ... لا لم تكن اطرافها فقط بل كان جميع جسدها .... حتى روحها كانت ترتجف و هى لا تصدق ما تقرئه أمامها !!

نقلت نظراتها مجدداً بين أردال و بين تلك اللافته لتعود و تقرأ تلك الكلمات التى تقبع عليها للمرة التى لا تعرف عددها

“ مأذون شرعي “

لتتنبه أخيراً لنبرات أردال التى صدحت بجانبها بعزيمة حينما أخذ يردد

( الوقت غير مناسب أعلم .... لكن لن أذهب من هنا نارفين قبل ان تصبحي لي ... لن نذهب من هنا قبل ان تصبحي زوجتي بشكل شرعي ... زواج حقيقى ليس باطل كما كان من قبل !! )

***

أخذت تخط قدمها المرتعشة بهدوء على أرض هذا الممر الموحش الضيق الذى تكرهه و هذا الظلام من حولها يزيد من ارتجافها أكثر بينما كانت أصوات تلك الضحكات الساخرة منها ترن بإذنيها لتنكمش يدها على قماش ثوبها المدرسى البغيض !!

أخذت تتلفت من حولها و انفاسها المتلاحقة تدل على خطواتها السريعة و المرتعبه تحاول الا تتعثر كى لا يتمكنوا من الوصول اليها قبل ان تصل هى الى هذا الضوء البعيد و الذى ترى به أمانها

نظرت خلفها بذعر ان تكون تلك الخطوات التى تتبعها قد تمكنت من اللحاق بها فقد بدأت تستمع اليها لقد اقتربت كثيراً !!

عادت لتنظر أمامها ليشق هذا الظلام صوت صرختها حينما شعرت بجسدها الصغير يصطدم بجسد ضخم لم تتبين ملامحه من شدة الظلام حولها لتبدأ خطواتها بالتراجع للخلف و هى تترنح مع سماعها لصوت الضحكة الخطيرة التى انطلقت من هذا الماثل أمامها لتستمع الى صوته المرعب و هو يردد بفحيح ارعبها مع اقترابه منها ليمسك بذراعها بقسوة

( لقد أمسكت بكِ ايتها الصغيرة )

صرخت بعنف تردد فى المرر المظلم لتفتح عينها بذعر لتجد ان صدى تلك الصرخة يتردد بجميع ارجاء الغرفة !!

نظرت نارفين حولها و شعورها بالاختناق يزيد من وتيرة انفاسها المتلاحقة لتجد نفسها لاتزال قابعة على فراشها !!

هذا الفراش الذى لم تشعر بالراحة عليه ولا لليلة واحدة !!

ليعود لها هذا الكابوس من جديد ذلك الكابوس الذى قد رافقها لسنوات عديدة

رافقها ليُقلق منامها ولم يغادرها سوى بهذه الليالى و الأيام التى قدتها على فراشه هو !!!

وسادته التى كانت تحمل عبق رائحته لتتغلغل داخل روحها تنثر بها أمان عجيب لكن الأن ادركت ان لم تكن رائحته هى ما تُعطيها الأمان بل وجوده هو حولها داخل حياتها

رفعت كفها التى ترتجف بعنف لتزيل قطرات العرق التى تجمعت على جبينها تدرك ان ما عايشته لم يكن سوى كابوس مرعب !

لكنها لا تزال هنا فى هذه الغرفة بعيدة كل البعد عن مصدر أمانها

أخذت تتساءل و هى تحاول السيطرة على جسدها و روحها المتالمة ماذا سوف تفعل كيف سوف تقف أمامه بعد كل هذا الوقت ؟!!

كيف سوف تسيطر على هذا الاشتياق الذى يجعل داخلها ينصهر من مجرد فكرة انها سوف تراه تستمع الى نبراته و تواجة نظراته يااالهى كم اشتاقت لنظراته !

ضمت جسدها بالم نحو صدرها لتضع رأسها على ركبتيها تفكر هل سوف تنجح فى ذلك الأمر أم لا ؟! ..... لقد ظلت سنوات تعد لهذا اليوم !!

يوم رجوعها الى هذا البئر المظلم الذى وقعت به من قبل ... ذلك البئر المظلم الظالم الذى ابتلعها كما ابتلع والدها من قبل !!

لقد ظلت تنتظر لتنتقم منهم على كل شئ فعلوه بحق والدها قبل حقها هى شخصياً ... بحق طفلها الذى لم يرى النور !!

طفلها الذى لم تستطيع ان تضمه الى صدرها بعد ان عانت و تحملت ظلامهم من اجله ... طفلها التى القت بنفسها لهم من أجل ان تستطيع ان تتشمم رائحته .... لم تستطيع ان تعرف اى رائحة كان ليحمل حتى

تحركت بوهن لتجعل قدمها تخط على ارضيه غرفتها الباردة .... تتحرك نحو النافذة بخطوات بطيئة تزيح تلك الستائر لتتابع قطرات المطر و هى تنزلق على زجاج نافذتها تذكرها بعبراتها التى لم تكن تجف على وجنتيها لتردد بتقطع ساخر من نفسها و من كل ما عايشته

( لقد مر زمن الضعف نارفين ... كما لم يعد مجال للتراجع .... لن تتاثرى بوجوده ... لن يمنعك اى شئ او اى شخص من تنفيذ خطتك حتى ان كان هذا الشخص هو أردال نفسه !! )


***
يتبع...

رحمة غنيم 09-01-21 10:03 PM

صباح يوم جديد ... يوم جديد سوف يمر كما مر الذى قبله و قبله ... بهدوء او ربما بعواصف لم يعد يهتم ... كل شئ يمر دون ان يترك به اثر ..... لقد أصبحت ايّام تتعاقب خلف بعضها لا أكثر !

تحرك أردال بهدوء يلتقط سترته ليرتديها بروتينية و عملية يتجه نحو طاولة الزينة البسيطة ليعدل من رابطة عنقه الداكنة و التى تماشت بشكل مثالى مع قميصه الأبيض .... يحمل بعدها قنينة العطر خاصته و ككل مرة أصبحت كفه ترتجف قبل ان يقوم باستخدامها !

ترتجف مع نبضات قلبه التى لاتزال تتذكر تلك التفاصيل البسيطة التى كانت تجمعه معها

ازدرد أردال ريقه يمنع تفكيره من التوغل أكثر و أكثر بتلك الذكريات التى لا تتوقف عن ملاحقته بكل مكان بينما كان يغادر الغرفة ليقل بعدها الدرج بمرونة نحو الطابق الأسفل ... تحرك بعدها مباشرة ليعد لنفسه قدح من القهوة بمطبخ منزله الأنيق ليقضى هذه اللحظات التى يقوم بها باستجماع افكاره قبل ان يغادر .... ليجد ذات الشخص المزعج كل صباح يهاتفه بنفس الساعة تقريباً !

التقط أردال هاتفه و بنبرات ساخرة تحمل من الهدوء الاستفزازي الكثير اجاب

( أجل ميرال ماذا تريدين ؟!)

عقدت ميرال حاجبيها و هى تستمع الى نبراته الساخرة بينما كانت تسير بممر الشركة متجهة نحو غرفة مكتبها الخاصة !!

( أنت لاتزال بالمنزل أليس كذلك ؟!! )

حرك رأسه بقله حيله يلتقط قدح القهوة يرتشف منه مردداً

( أجل ميرال ماذا هناك ؟! )

توقفت ميرال و هى تمسك قبضة باب مكتبها و قبل ان تقوم بفتحه هدفت

( أنت تمزح ... أردال نحن لدينا اجتماع بعد نصف ساعة )

زفر انفاسه و هو يضع فنجان القهوة على الطاولة قائلاً

( ميرال أنا منزلى يبعد عشر دقائق فقط من الشركة .. هل نسيتى هذا ام ماذا ... صدقاً لقد مللت ان اذكرك بهذا الأمر فى كل مرة ... لقد كان طارق اهون منك و أنا الذى كنت أظن انه لا يطاق ...)

أغمض أردال عيونه و هو يلعن نفسه على تلك الكلمات التى خرجت منه دون ادراك كيف فلتت تلك الكلمات الغبية من بين شفتيه ليتمتم بعدها يناديها يحاول ان يتدارك الموقف

( ميرال سوف .. )

لكن نبراتها وصلته من بعييييد بخفوت متألم علم جيداً سببه

( حسناً أردال أنا فى انتظارك الى اللقاء )

رفع كفه يحك مقدمة رأسه بعدم رضى و هو يهدف بضيق بعد ان قابله صوت انقطاع الخط من الجهة الآخرى

( تباً لهذا الوضع )

ليصمت بعدها و كأنه وقع ببئر عميق .... عميق كتلك الجراح التى لا تزال تنزف داخله ليتساءل بتيه و كفيه تتكئ على حافة المطبخ

( أين أنت يا طارق ... أين ذهبت يا صديقى !)

سحب أردال انفاسه بقهر ليحمل بعدها هاتفه و خطواته تتجه نحو باب منزله لتتسمر قدميه حينما فتح الباب ليطالع هيئة لم يراها منذ مدة بعيدة و لم يتوقع ان يراها الأن مطلقاً ... هيئة جعلته يردد باستفسار

( أمى ... هل حدث شئ ؟!! )

***

أغلقت ميرال الهاتف لتُلقي بجسدها على اقرب مقعد و حروف اسمه التى نطق بها أردال ترن داخل اذنيها تجعل انفاسها تختنق

أطبقت جفونها و حريق غير متوقع أخذ يتسلل الى مقلتيها و ذكريات أليمة بدأت تتوافد على عقلها !

لقد خسرته بحماقتها ... خسرت الشخص الوحيد الذى احبها .... خسرته بعد ان تمكن منها ... بعد ان استطاع ان يحتل كيانها و يغزو روحها ... بعد ان استطاع ان يعيد لها تلك الحياه التى سرقها منها الجميع

هو الوحيد الذى اهتم بكينونتها .. الوحيد الذى حارب ذلك الظلام الذى حاوط عالمها لسنوات .... لكنها بالنهاية خسرته بانانيتها ... أحمق ... أجل احمق لقد انتظرها كل تلك السنوات لماذا لم ينتظر هذه الفترة فقط لتتمكن من محو كل اثار الماضى لتبدا معه من جديد هذه الحياة التى ارادتها كما لم يدرك هو !!

لكنه محق ايضاً ..... محق بان يرحل بعد ان يأس منها بعد خذلانها له فى كل مرة

لقد كانت الحمقاء الأكبر فى هذا الوقت ليتها صارحته ... ليتها طلبت منه ان ينتظر ... ليتها كانت اعترفت له عن حبها .... لكنها لم تتوقع انه لن يعود لها مجدداً !! ... ان تكتشف انه خرج من حياتها نهائياً ... بل من حياتهم جميعاً !!

أطبقت ميرال جفونها بعنف تمنع عبراتها و كلماته الاخيرة لها تتردد داخل راسها تجعلها تشعر بالاختناق

" ياالهى ميرال .... أنت .... أنا .... لقد بدأت اشعر بالتقزز من مشاعرى نحوك ... من وجودي حولك ... كم أنتِ انانية ... لقد اكتشفت الأن أننى كنت مخطئ ... أننى كنت الأحمق الوحيد بينهم .... ادركت أنكِ حقاً انانية و مثيرة للشفقة !! “

رفعت ميرال كفها تكتم شهقتها المخنوقة و تلك الذكريات تقتلها ... انها تحيا الأن على أمل عودته .... على أمل ان يعود ليرى بها تلك الميرال الذى ارادها ... لن تيأس ابداً .. انه سوف يعود لها ... سوف يعود بالتأكيد !

***

أخذت بهار تطالع هيئة أردال للحظات قبل ان تجيب على سؤاله الوقح الذى استقبلها به بنبرات حملت الكثيير من اشتياقها

( الا أستطيع القدوم الى بنى دون ان يحدث شئ ؟! )

تنحى جانباً يفتح لها المجال لتدخل بينما أخذ يستمع الى كلماتها التى عادت لتذكره بتلك الأيام من جديد

( منذ ان استأجرت هذا المنزل لم أعد اراك مطلقاً ... لم تعد تاتي الى القصر و كانك هجرتنا ... الم تشتاق لى ... حسناً الم تشتاق لبشرى ايضاً )

أغلق أردال باب المنزل بهدوء ينافي ما يجيش بصدره ... ينافي هذا الصراع الذى يكاد ان يفتك به ليستدير نحوها يرسم قناعه الحديدي و هو يردد

( هناك سبب آخر وراء قدومك سيدة بهار ... ما الذى تريدينه ... ام دعينى أخمن ... هل قدومك له علاقة باجتماع مجلس إدارة مجموعة الشاذلي القابضة مثلاً ؟! )

التفتت بهار تتابع تعابير ابنها بصدمة .... تتابع جموده ، قسوته ... انعزاله ... و ألمه .... هذا الألم الذى يفشل بان يخفيه و الذى لم تتوقع ان يسيطر عليه بهذا الشكل ليحوله لنيران لا تنطفئ ... بل لم تتوقع من الاساس ان يؤثر عليه فراقها بذلك الشكل المرعب !!

ما الذى حدث له .... لم يكن بتلك القسوة من قبل .... انه يفاجئها يوماً بعد يوم ... لم تتصور للحظة واحدة ان عشقه لنارفين سوف يضاهى كل مشاعره نحو تاليا .... لقد اخطأوا حينما ظنوا ان حالته بعد الانفصال عن تاليا كانت ضياع .... هااا هو الضياع الحقيقى نابع من مقلتيه بكل وضوح رغم شموخه الظاهرى هذا !

تنهدت بهار بالم لن تحاول ان تنكر أمامه تعلم ذكاء ابنها لن تستطيع ان تتخطاه مهما فعلت

( اجل لقد اتيت من اجل هذا الاجتماع ... لكن هذا لن يمنع أننى أشتاق اليك كثيراً بنى أشتاق لوجودك بالقصر !! ... ما دخل القصر بما حدث ؟! ... أنت لم تغادر القصر بعد انفصالك عن تاليا ما الذى تغير الأن ... )

شعر أردال بنصل حاد يمزق أعماقه بعنف و كلمات أمه تجعله يواجة الحقيقة ... حقيقة انه لا يستطيع ان يخط اعتاب هذا القصر ... لا يقوى على المرور داخل جدرانه التى تذكره بها .... ممراته التى سار بها معها ..... لا يجرؤ ان يدخل الى داخل هذه الغرفة !

تلك الغرفة التى شعر بها تضيق به و تسحب انفاسه فى كل يوم منذ هذه الليلة التى جمعتهم معاً ... منذ ذلك الصباح الذى وجد به رسالتها التى كانت تحمل اعتذارها له .... أطبق أردال جفونه بعنف يحاول ان يبعد تلك الكلمات التى تشعل روحه فى كل مرة قبل ان يسارع ليردّد بتهكم

( أنا لم أعد من حاملى الأسهم بعد الأن لقد مللت و أنا أفسر لك هذا )

تقدمت بهار تلك الخطوة الفاصلة بينهم تسارع بالقول

( أريدك ان تحضر بدلاً عنى .... كما يمكن ان اجعلك المتحكم بها .... او أتنازل لك عنها حتى )

ألقى أردال نظره خاطفة على كفها التى تتشبث بمعصمه لكنه سارع ليبتعد من جديد و هو يردف بتقطع مخنوق

( ان كنت أريد اسهم بهذه المجموعة لما تنازلت عن حصتي منها سابقاً !! )

شعرت بهار بصدرها يضيق بعجز تريد صفعه ... تريد هزه حتى يتوقف .... تقدمت لتقف أمامه من جديد لتردد و هى تنظر داخل مقلتيه التى اهتزت كما توقعت من حديثها

( كلانا يعلم لماذا تنازلت عن حصتك أردال ... لقد فعلت ذلك لتحميها منهم ... لتضمن بقائها بجانبك دون ان يستطيع أحد مسها بسوء ... لكنك لم تحسب أنك لن تستطيع ان تمنعها ان ارادت هى الذهاب )

ابتلعت بهار بقية حروفها حينما رات تحجر مقلتيه التى دكن لونهم ... لتستمع بعدها الى نبراته التى اخشنت بفحيح المها و جعلها تندم على كلماتها التى نطقت بها

( حسناً سوف أكون هناك هذه المرة فقط لكن كى انهى اى صلة لى بتلك المجموعة )

***

توقفت نارفين تنظر حولها ببرود ... تطالع تلك الشهادات التى كانت تحلم بان تحصل على احداهن ... تتابع إطاراتهم الأنيقة التى تلتمع مع انعكاس شعاع الضوء عليهم !

كيف و متى و اين استطاعت ان تحصل على هذا الكم من الشهادات لا تعلم ... لقد مرت سنوات ... تعلم ... لقد ظلت تحسب أيامهم و ساعاتهم بخفقات ممزقة ... و هاااا هى اليوم تقف لتتابع تلك الشهادات التى تدل على عدد هذه السنوات التى مرت !

احتضنت نفسها بقوة تحمى كيانها .... تمنع روحها من الضعف ... لقد أصبحت الأن تلك المرأة القوية الناجحة التى طالما تمنتها .... التى ارادتها حتى تستطيع ان تقف بجانبه .... ان تليق بلقب زوجته !!

رفعت كفها بارتجاف تقبض على تلك القلادة التى تخفيها دائماً اسفل ملابسها و التى تحمل خاتم زواجها .... تحمل هذا الرابط الذى يجمعهم معاً .... ذلك الرابط التى كانت تخشاه دائماً .... كانت تخشاه بكل مكان و كل مناسبة جمعتهم معاً !

شهقت بالم تلتقط انفاسها التى انحسرت داخل رئتيها و أحد ذكرياتهم تداهم عقلها بعنف هذا الاشتياق ... تلك الذكريات التى ترفض ان تغادر روحها قبل عقلها

" صمت ليتابع حركة جسدها الخرقاء بين ذراعيه و ذلك الارتباك المسيطر على مقلتيها ليشدد من إمساكه لخصرها و هو يضيف بحده لا تمت لتلك الابتسامة المرسومة بمهارة فائقة على ثغره بصلة

( يبدو أنكِ نسيتِ من أكون نارفين .... لهذا سوف اذكرك مجدداً من أنا ... فأنا هذا الشخص الذى وجدته بتلك الشقة أمامك فى ذلك الْيَوْمَ .... و الذى لن تعجبك ردت فعله مطلقاً ان اكتشف أنكِ تخططين لشئ ما من دون علمه ..... شئ اخرق قد يورطك بما لا تستطيعي مواجهته .... لذلك سوف أسالك الأن للمرة الاخيرة نارفين و تذكرى انى أعطيتك فرصة ان تخبرينني بنفسك .... ما الذى يحدث معك و له علاقة ببرهان ؟!! )

شعرت و كان انفاسها تنحصر داخل رئتيها و تلك الحرقة التى تؤلم حلقها تمنعها من الاجابة و هذا القرب بدأ يخنقها بشكل مضاعف لشده تأثرها به لكنها من دون ان تُدرك وجدت نفسها تردف بما شعرت به بعفوية استعجبتها من نفسها بذلك الوضع الغريب

( أنا لم أنسى من أنت مطلقاً فأنا اتذكر ان ذلك الشخص كان هناك فقط ليحميني )

نقلت نظراتها بهدوء حذّر على ملامح وجهه التى تجمدت دون حراك للحظات و عقلها يعيد عليها تلك الكلمات الغريبة التى نطقتها لتجد نفسها تسارع بالقول و كأنها تهرب من شئ ما لا تعلم ما هو تحديداً و هى ترى صمته هذا

( ثم انى لا احاول فعل شئ ... أنا فقط احاول الاختلاط بتلك النساء اللواتي ينظرن الى و كاننى نكرة بجانبك .... اعلم ربما معهم بعض الحق لكن هذا لا يعطهم الحق ان يتعمدوا إظهار إعجابهم بك و التقليل من شأني و كيف يمكن لشخص كامل مثلك ان يتزوج بفتاة عادية مثلى .... بالاضافة الى تلك الأسئلة التى يتعمدن توجيهها لى و هم يعلمن جيداً أننى لن أستطيع الاجابة عليها )

شعرت بدلو من الماء المثلج يلقى فوق رأسها و هى ترى ابتسامته التى ارتسمت بمرح فوق شفتيه و كلماته التى جمدتها أكثر بنبره منبهرة محركاً راسه بإعجاب تمثيلي و هو يردف

( محاولة جيداً حقاً نارفين لقد كدت ان اقتنع )

و صمت قبل ان يضيف بغموض

( لكن ربما معك حق لنحل أمر نساء ذلك المجتمع الراقى الذى على ما يبدو أثاروا غضبك أولاً ) "

ارتعد جسد نارفين و هى تجفل من تلك الذكريات على صوت جرس الباب لتجبر جسدها على التحرك بخطوات بطيئة نحوه و كما توقت تماماً ..... ابتسمت نارفين بهدوء و هى تشير بكفها و نبراتها تصدح بعمليه

( سيد برهان ... لقد كنت انتظرك تفضل !)

حرك برهان رأسه بعدم رضى و هو يردد

( أجل هذا واضح لقد طرقت الباب حتى كدت ان أغادر ... أين كنتِ نارفين لقد ظننتك غادرتِ المنزل )

تحركت نارفين خلفه و هى تردف بإنكار

( لا لقد كنت فقط ... )

سارع برهان باكمال كلماتها و هو يتخذ اقرب مقعد له

( كنتِ غارقة ببحر ذكرياتك كالعادة ايتها كاتالينا الصغيرة ! )

تحركت نارفين لتجلس بهدوء دون ان تجيب لكن كلمات برهان التالية جعلت خفقاتها تكاد ان تقفر

( لقد حجزت تذاكر العودة صغيرتي .... لا داعى للمزيد من الذكريات ... دعينا نكتب المستقبل بعد الأن )

لم تستطيع نارفين ان تخفى هذا الارتجاف الذى غزى مقلتيها و هى تتساءل بنبرات مخنوقة

( متى ؟! )

حاول برهان ان يتغاضى عن ذلك الاهتزاز الذى يعرف سبيه حق المعرفة ليجيبها و هو يتابع تعبيراها الضائعة

( بعد ثلاثة ايّام ... سوف نعود يوم اجتماع مجلس الادارة تحديداً )

تنهدت نارفين بادراك تعلم جيداً ان ذلك هو الدخول المنتظر لها من جديد بينهم لكنها استمعت بعدها الى كلمات برهان التى أتت لتجعل انفاسها تتوقف و روحها تختنق بالرغم من علمها بذلك

( ان كنتِ تريدي النجاح حقاً بذلك الأمر ... يجب ان تتخلى نارفين .... و أنتِ تعلمي من المقصود بذلك )

ابتسمت بالم و هى تشعر بقلبها يتوقف لكنها على الرغم من كل هذا تحاملت على اختناق روحها و هى تردف

( الا ترى أننى تخليت منذ زمن ؟! )

مد برهان كفه ليلتقط خاصتها بهدوء ... يحتويها برفق و هو يردد على مسامعها

( لا نارفين أنتِ لم تتخلى ولا للحظة واحدة .... يكفى ان نرى تلك القلادة التى لا تفارق عنقك .... هل تظني حقاً انى لا اشعر .... لا ارى اهتزاز ملامحك و ارتجاف جسده بكل مرة اذكر بها اسمه .... أعلم جيداً انه مختلف ... بل أنا اكيد من ذلك .... لكن أردال أحد أفراد تلك العائلة يا ابنتى ... مهما حولتِ سوف يطوله الضرر ... و ربما سوف تجدينه بنهاية الأمر عدواً لك ... فهو لن يشاهد عائلته و شركة ابيه تنهار بسبك و سيظل صامت .... يجب ان تعترفى ان بنهاية الأمر سوف تضطرين لمواجهته هو شخصيا ... او ربما يكون هو أول شخص سوف تواجهين !! )

أغمضت مقلتيها تشعر برتابة مميته بخفقاتها .. انها تعلم .... تعلم لكنها لا تريد ان تصدق ... فتحت فمها تحاول ان تردف بخفوت خانها فى بداية الأمر حتى استطاعت ان تخرج كلماتها اخيراً

( أنا ادين له بحياتى .... لن انكر ذلك مهما حدث .... بعد كل تلك السنوات استطعت ان ادرك حقاً هذه الحقيقة .... أردال هو الشخص الوحيد الذى حمانى دون اى مقابل ... هو الوحيد الذى ..... )

صمدت لا تستطيع ان تكمل كلماتها ماذا سوف تقول ما الذى تستطيع ان تنطق به ... انه حتى اشد لحظات ضعفها لم يستغلها ... انه بالرغم من استسلامها و انهيارها بين يديه لم يستغل ضعفها هذا .... انها لم ولن ترى رجل مثله ابداً .... ما الذى تستطيع ان تقوله بالتحديد ... انها تندم على هذا الالم الذى سببته له ... ذلك الخذلان الذى قابلت به معروفه معها !

أغمضت نارفين مقلتيها تمنع احاسيسها المتضاربة من الظهور لتجد نبرات برهان تتغلغل داخل أعماقها حينما أخذ يردد

( أنتِ ايضاً انقذت حياته و مستقبل شركته نارفين .... لقد منعت عنه تلك المؤامرة التى كانت سوف تلقى به بالحبس مثلى او بالقتل كوالدك .... لقد علمت ان عزام سوف يفعل معه نفس الشئ و حذرته ... لذلك توقفى .... ان كنتِ سوف تضعفي الأن فلنتراجع قبل ان نبدأ تلك الحرب !! )

لحظات مرت من الصمت المشحون ليقاطع ذلك الصمت صوت رنين هاتف نارفين الخاص و الذى أضاء باسم أكثر شخص تحقد عليه فى حياتها لتسمع بعدها تساءل برهان الجاد و هو يتابع ذلك الرنين معها

( ما هو قرارك نارفين هل سوف تكملين ما بدأت به ام ..... )

ترك برهان كلماته معلقه لكن كف نارفين التى انزلقت من بين قبضته لتحمل الهاتف و هى تردد

( لن ادع تعب سنوات يذهب بذلك الشكل ... لن ادع كل ما فعلوه بى و بابى يذهب هكذا دون عقاب )

زفرت نارفين انفاسها و داخلها يشعر بالنفور من هذا الهاتف من صاحب ذاك الاسم الذى يضئ أمامها يذكرها بذلك القهر الذى جعلها تعيشه لكن بالرغم من كل ذلك استطاعت ان تستجمع قوها لتجيب و هى تقسم داخلها انها سوف تصمد مهما كلفها الأمر

( آسر !!! .... لدى لك مفاجاة ... لن تنتظر أكثر من ذلك لقد حددت موعد عودتي اخيراً )

ظل برهان يتابع تعابير نارفين التى تحمل جميع أنواع الكره .... يتابع النفور الذى يشعل مقلتيها و داخله يتساءل ..... كيف سوف تستطيع ان تمحى كل هذا الكره أمامه حينما تقابله وجهاً لوجه ؟!!

تنهدت نارفين بالم حينما أغلقت الخط .... تغلق عينيها تمنع انين قلبها المستاء من ما تفعل لكن نبرات برهان المتعاطفة معها استطاعت ان تجذب انتباهها نحوه من جديد و هو يتساءل

( هل سوف تستطيعي حقاً ان تفعليها ؟!! ... انظرى نارفين لقد كانت فكرة آسر خاصتك منذ البداية رغم اعتراضى عليها ... بالرغم من معرفتك ان ذلك الأمر سوف يقضى )

أوقفت نارفين سيل كلماته و هى تكمل بدلاً عنه

( سوف يقضى على اى علاقة بينى و بين أردال .... أجل أعلم ! )

صمتت للحظات تحاول ان تتماسك قبل ان تعود لتردد بالم أخذ يتزايد مع كل حرف

( احيانا كثيرة اتساءل .... كيف سوف أفعل .... كيف سوف اتعامل مع أكثر شخص اكره على وجه الارض .... الرجل الذى ألقى بى نحو ظلام عائلته دون ان يهتز ولو للحظة .... اتساءل كيف سوف أفعل أمام أردال تحديداً .... كيف و أنا أعلم ان كل حركة و كل كلمه سوف تجعلنى أخسره أكثر .... لكن فى كل مرة اصل لشئ واحد

ان وجود تلك العائلة هو أكبر عائق .... أنا و أردال لن نستطيع ان نحيا فى وجودهم .... أنا لن أستطيع ان احيا دون ان انتقم منهم .... و خاصتاً آسر .... فهو كما فعل و ألقى بى نحو ظلامهم سوف يكون من يلقى بهم نحو الجحيم ... كما كان السبب بدخولى الى تلك العائلة فى المرة السابقة سوف يكون ايضاً السبب بعودتي لها !! )

صدحت نبرات برهان بعدم رضى و هو يردف

( لم تكونى بحاجة له نارفين ... فاسهم أردال الذى تنازل عنها لكِ كانت كفيلة لتكون باب دخولك للشركة كما أنكِ لازلت تحملى اسم العائلة كونك زوجته !! )

شعرت بقبضة قوية تعتصر قلبها و داخلها يعلم كيف سوف تقتله افعالها .... استغلالها لتلك الأسهم الذى أراد ان تكون حمايتها ... ان تكون نقطة قوتها أمام العائلة التى ارادت ان تتخلص منها .... و ها هى سوف تستغلها لكن بشكل منافى تماماً لما خطط هو .... زفرت انفاسها بارتجاف قبل ان تهز راسها بالم

( يكفى .... يكفى كل ما فعله من أجلى و الذى كاد ان يدمر حياته لقد كاد ان يخسر شركته و اسمه لقد كاد ان يقضى بقيه حياته بالسجن .... لذلك عليه ان يبتعد ... عليه ان يكرهنى .... حينها لن يتأذى !! )

***

مسح أردال على ملامح وجهه بكفيه يحاول ان يلملم شتات نفسه الضائعة و حديثه مع والدته يجعل سيل عجيب من الذكريات تتدفق داخل عقله ...... أراح ظهره على مقعد مكتبه الخاص للحظات و أنامله تداعب بنصر كفه الأيسر ... يتلمس محل حلقته الفارغ كهذا الفراغ الذى يشعر به داخل روحه .... ليجد نفسه بحركة غير إرادية يسحب درج مكتبه ليخرج منه ذلك الخاتم الخاص بها و الذى لم يستطيع ان يتخلص منه كما لم يستطيع ان يتخلص من ذكرياته مع صاحبته !

خاتمه .... هذا الخاتم الذى تركته له ذكرى كما الحال مع تلك الرسالة .... رسالتها التى كتبت بها اعتذار منمق عن رحيلها !!

اعتذار جعل انفاسه تختنق حتى شعر بحريق غائر كسى مقلتيه لأول مرة بحياته شعر برتوبة عبرة تسقط على حافه جفنه !!

لم يكن الاعتذار هو الذى سبب هذا الحريق الذى اندلع داخله بل ادراكه بتلك اللحظة انها غادرت .... ذهبت دون عوده

اطبق أردال جفونه و بعض الكلمات من تلك الرسالة تعود لتحول أنفاسه لهياج لا يحتمل .... هياج يصاحبه فى كل مرة و قسوة كلماتها تنغرس داخل أحشائه ... تنغرس داخل كبريائه و رجولته خاصتاً بعد تلك الليلة

" لم يعد هناك شئ ابقى لاجله .... لقد ذهب سبب بقائى بذلك الظلام ... لقد خسرت طفلى و خسرت نفسى ... لم أعد أستطيع ان ابقى حتى لأجل حبى .... اعتذر لم أعد أستطيع "

هذا المقطع .... هذا المقطع تحديداً من كلماتها لا يستطيع ان ينساه .... لا يستطيع ان يضعه بعقله ..... اعتصر الخاتم بعنف داخل قبضته و كل شئ حوله يلعب بعقله .... يجعله يعود لتلك الأيام التى لم يستطيع ان يستغلها .... كل يوم حاول به ان يلجم تلك الاحاسيس التى هاجمته و تاكدت له بعد اعترافها فى ذلك حفل .... اعترافها الذى سلب كل كيانه ليهرب بعدها منها و من تلك المشاعر التى علم انها سوف تكون جحيمه فيما بعد !! .... مشاعره التى جعلته يهرب منها فى اليوم التالى دون اى مقدمات ... لكن كل شئ عاد ليفلت منه حينما علم باختطافها .... دون ان يشعر كان يعتصر الخاتم بعنف أكبر يطبق جفونه مستسلماً للشئ الوحيد الذى بقى منها !

هز أردال رأسه بحده و بحركة عنيفة أخذ يمسح على ملامحه التى ضاعت مع تلك الذكريات ... ليتخلى بعدها عن ذلك الخاتم واضعاً ايها بذلك الدرج المظلم من جديد ... ليستمع بعدها الى تلك الطرقات الخافتة التى أخذت تتعاقب على باب مكتبه و الذى علم صاحبتها جيداً ..... أغلق جفونه للحظة بينما أخذ يسحب انفاسه ليردّد بعدها بهدوء

( تفضل )

ليجد بعدها بلحظات هيئة ميرال تظهر أمامه كما توقع بالضبط و كلماتها الخافتة تصل اليه باهتزاز واضح

( لقد ألغيت ذلك الاجتماع ... عندما لم تاتى )

قاطع أردال حديثها بذات الهدوء يردد و كفه تشير لها بالتقدم الى الداخل

( تعالى ميرال .... أريد ان اتحدث معك )

تقدمت بخطوات مرتجفة لتجلس على المقعد أمامه ليردّد هو دون اى مقدمات

( اعتذر ميرال .... لم اكن اعنى تلك الكلمات حقاً ! )

تابع ابتسامتها الذابلة و داخله يتالم على هذا الحال الذى حل بهم ليجدها تلتفت بكل جسدها لتقابله و هى تردف بتعب

( لقد تغيرت كثيراً يا أردال ... اتذكر جيداً حينما كنت أتشاجر معك لم اكن استمع لكلمة اعتذار واحدة منك ... بل على العكس تماماً )

حرك راسه باستياء و نبراته المعترضة تصدح بهدوء

( لا ميرال .... أنا اعتذر حينما يتوجب عليا فعل ذلك )

صمت يتابع نظارتها التائهة ليضيف بتأكيد لا يحمل اى شك

( طارق سوف يعود ميرال .... أنا متاكد من هذا .... بالرغم من كل شئ .... أنا واثق انه سوف يعود )

أغمضت ميرال مقلتيها الداكنة تحاول ان تمنع عبراتها المتالمة تهمس بتشتت واضح له و لنفسها

( لقد مر اربع سنوات ..... اربع سنوات ... كل يوم أقول سوف يعود .... طارق لا يفعل بى ذلك .... طارق لا يتخلى عنى بعد كل ما حدث ..... لكن )

قطعت كلماتها تسحب بعض الهواء الهارب الى رئتيها ... تحاول ان تسيطر على ارتجاف شفتيها قبل ان تكمل حروفها بشكل اشد الم

( لكن اعود و ادرك أننى أنا السبب ... أنا من جعلته يذهب .... لم أستطيع ان أسيطر على خوفى .. على ذلك التردد الذى كان يزداد داخلى من تلك المشاعر العنيفة .... لم أستطيع ان اقف أمامه و أواجهه ... لم أستطيع ان اقول له انه استطاع ان يتغلب علي .... لم أستطيع ان اعترف له انه نجح .... نجح باحتلال داخلى كما لم يحدث معى من قبل )

اطبق أردال جفونه بعنف يشعر بجانبات صدره تضيق عليه و شعوره بكلمات ميرال و كأنها تصف حالته .... تلخص ذات العذاب الذى عايشه هو بكل تفاصيله .... صمت عّم للحظات عليهم و كل منهم يعود ليتذكر مضيه لتقطع ميرال هذا الصمت بعد مده و هى تتمتم بأمل

( لكننى لم أيأس بعد اتعلَّم ..... اشعر انهم سوف يعودوا .... لا أعلم متى ولكنهم سوف يعودوا أردال !! )

أرتد راس أردال للحظات و صيغة الجمع فى كلماتها تقتله ليهرب من ذلك الحديث الذى جعل روحه تحترق حينما قال

( سوف نحضر اجتماع مجلس إدارة شركة الشاذلي هذه المرة معاً )

توقفت تعابير ميرال و كأنها لم تستمع لكلماته تلك لعدة ثوانى فقط قبل ان تعطى ردت فعل متاخرة و جسدها يتراجع للخلف بانشداه

( ماذا ؟!! )

أراح ظهره من جديد على المقعد من خلفه و هو يتحدث بهدوء ظاهرى

( كما سمعتِ ميرال .... لم أعد أريد اى شئ يربطني بتلك الشركة سوف انهى كل شئ و اسحب حقى بالتوقيع )

عقدت ميرال حاجبيها بعدم رضا ظهر على نبراتها ايضاً

( توقف أردال ... انها شركة والدك ايضاً لا تنسى ذلك ... مهما كان غضبك لا تترك لهم الساحة بهذا الشكل )

توقفت عن الكلام و هى ترى ذلك الغضب المشع من مقلتيه لكن صوت ما بداخلها جعلها تكمل

( هل تظن أنك بذلك الشكل سوف تنسى ما حدث معك .... هل حقاً تغيرت الى ذلك الحد )

تفاجئت ميرال و هى ترى ابتسامته التى ارتسمت بوضوح على ملامحه بدل من الغضب التى توقعته لتجده يردف و هو يحرك راسه

( انظرى أنتِ الأن تحاولي استفزازى لكن أنا اتخذت قراري ولا يوجد من يستطيع ان يغيره ميرال لذلك لا تتعبى نفسك )

نهاية الفصل الثاني و العشرون

طبعاً السؤال هيكون ايه اللى حصل مع أردال و نارفين وصلهم للوضع ده و اكيد الاجابة هتكون فى الفصل القادم يعنى حبيت بس اوضح ان كل حاجة هتوضح و بالتفصيل عشان متقلقوش

بجد اتمنى من كل قلبى اعرف رايكم فى الفصل و فى الاحداث عموماً

قراءة ممتعة ❤❤

هايدى حسين 10-01-21 01:09 AM

رائعة انتى عزيزتي حقيقي كل فصل بيزيد اعجابى بيكى جداً و بكتابتك و كثير كثيير حابة الرواية بجد من اجمل ما قرات تسلم ايدك

مريم حين 10-01-21 07:50 AM

فصل جدا مشوق بالتفصيل

dodo dodp 10-01-21 08:36 PM

اتصدمت من الفترة الزمنية اللى عدت اربع سنين كتير حنعرف اكيد ايه اللى حصل فيهم الفصل الجاى فصل تحفة الرواية تحفة لكاتبة مبدعة صعبان عليه اللى حيحصل فى اردال ورد فعله حيكون ايه وهل نارفين حتعرف تمثل ادامه وياسر اللقيط اللى عاوز الحرق ده منتظرين على نار

رحمة غنيم 10-01-21 09:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فرفر المناخلي (المشاركة 15269474)
الفصل كالعادة جميل وممتع والأحداث ممتعة بجد تسلم ايدك يا حبيبتي ومنتظرين الفصل القادم لكن ياريت يكون أكبر من كده أو تخليهم فصلين في الأسبوع
عايزة اعرف أخرة تاليا دي ايه 😠😠

حبيبتى انت تسلميلى يا قمر على كلامك الجميل ده بجد متابعتك شرف ليا يا قمر

رحمة غنيم 11-01-21 11:10 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلسبيل عادل (المشاركة 15270796)
انا وقعت فى غرام الرواية دي الصراحة معرفتش اسبها غير لما خلصت كل الفصول اللى نزلت

حبيبتى انا تسلميلى يا قمر على كلامك الجميل ده بجد شكراً جداً

رحمة غنيم 12-01-21 12:19 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة om ahmed altonsy (المشاركة 15280797)
فصل رووعه ما شاءالله عليكي تسلم ايديك حبيتي❤❤

حبيبتى تسلميلى يا قمر على كلامك و متابعتك الجميلة بشكرك من كل قلبى

om ahmed altonsy 12-01-21 06:01 PM

ما شاءالله عليكي كل فصل احلي من اللي قبله بجد السرد والاسلوب تحفه تسليم ايديك حبيبتي ❤️❤️❤️

رحمة غنيم 14-01-21 12:32 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فرفر المناخلي (المشاركة 15279531)
الاقتباس جمييييييييييييل يا حبيبتي منتظرين الفصل كامل

حبيبتى تسلميلى يا جميل سعيدة جداً بتفاعلك و متابعتك

رحمة غنيم 15-01-21 06:00 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسماء رجائي (المشاركة 15283553)
الفصل كان تحفة ياروما منزلتيش ليه الفصل السبت ده🙂🙂
انا بحب ميرال اوووي..
وبصراحة نارفين لا😊😊😊

الاسلوب بيطور جدا ياروما...ابدعتي

قلبى انا و احلى اسوم اللى بتشرف بتعليقاتها الجميلة الصراحة تسلميلى يا قلبى على كلامك الجميل ده ❤

رحمة غنيم 16-01-21 09:51 PM

مساء الجمال يا قمرات ❤❤

الفصل الثالث و العشرون


تلك هى الحياه !! ... لا تتوقف عن مفاجأتنا ... حينما نتوقف لناخذ انفاسنا ... نستريح و نحن نظن انها توقفت اخيراً تعود لتصعقنا من جديد .... تدهشنا و هى تقلب كل شئ رأساً على عقب ... تجعل كل خططنا و حساباتنا تنهار بلمح البصر .... فقد كان أحمق من ظن انه سوف يستطيع ان يملى شروطه و خططه الخاصة !!

توقفت نارفين تتابع ذلك المنزل التى تقف لتتوسط بهوه فى تلك اللحظة .... لقد مر يومان عليها بعد ان عادت الى تلك البلد من جديد و لم تستطع ان تعتاد عليه حتى هذه اللحظة .... تقدمت عدة خطوات نحو النافذة التى تطل على حديقة المنزل الواسعة ... تتقدم و صوت كعب حذائها الرفيع يصدح معها

تنهدت بالم و نظراتها تتوجه الى ساعة معصمها الذهبية لقد اقتربت المواجهة .... أغمضت جفونها بينما أخذت تسحب انفاسها ببطء ..... سوف تعود اليوم الى ذلك الظلام .... سوف تعود لتطالع تلك الوجوه التى اظلمت حياتها !

رفعت كفها تقبض على ستائر النافذة .... من حسن الحظ انه لا يتواجد بتلك الاجتماعات .... لم تكن تستطيع ان تتابع تعابيره فى تلك اللحظة تحديداً !!

انكمشت كفها بشكل أكبر فهى سوف تواجهه عاجلاً ام آجلاً ..... عادت لتتلفت من حولها تتابع كل شبر فى ذلك المكان و العجيب انه تبحث به عن تلك الأيام .... حتى تلك الأيام التى كانت ترى بها قسوته و استحقاره أصبحت تشتاقها الأن !

أغمضت عيناها و قلبها يستعيد تلك الأيام تلك الذكريات التى أصبحت تشتاقها حد الهلاك .... شعرت باهتزاز الهاتف داخل كفها لتعود الى هذا الواقع من جديد تعود اليه بأقسى الطرق و هى ترى اسم آسر يضئ بشكل جعل كل جسدها يشمئز لكنها حاولت ان تستجمع قواها تتغلب على ذلك الحقد الدفين الكامن داخلها و هى تجيب بعد لحظات

( مرحباً )

أغمضت عيناها و نبراته تأتيها على هيئة همهمات جعلت جميع خلاياها تستنفر بتقزز

( لقد اشتقت اليكِ ..... يااااالهى لا اصدق أننى سوف اراك اخيراً نارفين )

شعرت بجسدها ينكمش بعنف و معدتها تشتد بنفور عجيب بينما كانت هى تحاول اجبار نفسها على اخراج تلك الكلمات المنمقة الى مسامعه

( و أنا ايضاً .... لقد انتظرت ذلك اليوم كثيراً )

أغمضت عيناها و هى تستمع لصوت انفاسه المتحجرشة تأتيها من بعيد قبل ان تصل اليها كلماته مجدداً

( أنا أعد الدقائق حتى أراك أمامى نارفين ... هيا لقد تعبت من كثرة الانتظار )

زفرت انفاسها بهدوء لتردد و هى ترسم ابتسامة متحفزة على شفتيها قاسية لم تكن تمتلكها من قبل

( لن تنتظر الكثير بعد آسر لن يمضى عليك سوى ساعة واحدة فقط لترانى أمامك !! )

***

أوقفت ميرال خطوات أردال التى كانت تخط بثقة داخل ممرات شركة الشاذلي القابضة و هى تردد بنبرات متوترة

( أردال لماذا تريد منى ان احضر ذلك الاجتماع ... أنا اكتفى بحقى فى التوقيع عن بعد )

توقفت خطواته بالفعل و جسده يلتفت ليواجها و هو يردد

( ماذا حدث الم تكونى ذات الشخص الذى كان يحاول اقناعى ان احضر تلك الاجتماعات ؟! )

هزت ميرال راسها برفض و هى تردد

( أجل بالطبع لان هذه الشركة من قام بتأسيسها هو والدك ... لم تكن أسهمك هى حصة حصلت عليها بالإجبار حينما تزوجت من تلك العائلة .... أنا اكره تواجودي هنا فكل شئ هنا يذكرنى بتلك الصفقة التى جمعتنى يوماً بابن عمك هذا !)

ضيق أردال نظراته التى خطت بتركيز على ملامح ميرال و هو يردد

( ابن عمى هذا كان زوجك السابق ميرال و ليس صفقة ... و حتى ان كانت حصتك بطلب من والدك فذلك لا يغير حقيقة ان وجودك هنا أصبح أكثر أهمية من تواجودى أنا شخصياً ... لذلك هيا ميرال )

و قبل ان يعود أردال ليتحرك عادت كف ميرال ليوقفه و هى تردف

( أنا لا أريد ان أرى آسر ... حقاً لا أريد يا أردال .... لقد أصبح نسخة من أبي و عمك قدير .... لقد أصبح يثير اعصابى بشكل مضاعف .... لا تنكر انه أصبح يثيرك أنت شخصياً !!! )

اردفت كلماتها الاخيرة بايحاء واضح لكن قبضة أردال التى ارتفعت لتزيح كفها و نبراته التى صدحت بجدية

( هياااا ميرال .... هياااا )

ألقى كلمته و هو يتركها ليغادر و هو على يقين انها سوف تتبعه و كان ذلك ما حدث بالفعل

***

توقفت نارفين أمام باب مكتب آسر بينما كانت تشعر برتابة مميته فى خفقاتها .... تشعر بانقباض شديد يزداد بداخلها .... رفعت كفها و هى تحاول ان تلبس هذا القناع التى أخذت تتدرب عليه تلك السنوات ... قناع القوة و التماسك ... بينما أخدت تطرق بهدوء عجيب ينافى هذا الصراع الهائج بداخلها قبل ان تتقدم الى الداخل لتتفاجأ بهيئته تقابلها مباشرة و كأنه كان يدرك انها هى .... شعرت بارتباك لحظي و هى تراه أمامها بذلك الشكل لكن و بالرغم من ارتجاف روحها أردفت و هى تبتسم بإشراق زائف

( لم أتأخر أليس كذلك ؟! )

لم تكن تعلم ... بل لم تكن تتوقع ردت فعله تلك ... لم تكن تتوقع ان تجد نفسها بلحظة واحده تحاصر بجسده ... ان تجد انفها تشتم رائحته من قربه الشديد هذا منها .... رائحته التى شعرت و كأنها جلبت الغثيان و الاختناق الى روحها بشكل مفاجئ .... لم تستطيع نارفين ان تسيطر على انكماش و تصلب جسدها ... ردت فعلها الغير إرادية من وهل المفاجاة .... ذلك الغثيان التى لم تستطيع ان تسيطر عليه و الذى بدا يتصاعد بداخلها مما جعلها تدفعه بلحظة واحدة لتطلب الهواء الذى غادر رئتيها لتحل محلها رائحته !

تابع آسر حركة نارفين المضطربة و جسدها الذى يرتجف مع صوت سعالها الذى أخذ يتعالى بينما أخذ يردد بخوف و قلق و هو يقترب نحوها من جديد

( نارفين ما الذى حدث معك حبيبتى ... نارفين هل أنتِ بخير ؟!! )

سارع ليلتقط كوب الماء من على طاولته ليعطيه لها ... و بحركة سريعة مرتجفة أخذت ترتشف منه تحاول ان تسيطر على ردت فعلها و هى تتمتم بارتجاف تحاول ان تفسر ردت فعلها التى سوف تبدو له غريبة بالفعل

( لا أعلم انها المرة الثانية التى تحدث معى اليوم ... يبدو ان هذا من تغير الجو لقد جعل معدتى تضطرب .... هناك فرق رهيب بين جو استراليا و هنا )

زفر آسر براحة و هو يتقدم منها يداعب خصلات شعرها ليلتقط بعضها بين أنامله و هو يقربها من انفه يردد بينما كان يتشممها باشتياق جعلها تستنفر بشكل أعنف

( ياااالهى تلك الرائحة .... لما لا ندع ذلك الاجتماع الممل و نذهب من هنا ؟! )

رفعت نارفين كفها تزيح أنامله بهدوء مدروس بينما أخذت تتساءل بايحاء تهرب من هذا الموقف التى تشعر انه يجعلها تختنق أكثر فاكثر

( مجدداً آسر ... مجدداً لا تريد ان تواجه عائلتك من أجلى .... هل تراجعت من جديد )

تابعت انعقاد حاجبيه و انكماش ملامحه الذى تمازج مع حده صوته

( بالطبع لا نارفين ... كم مرة قلت لك ان ذلك الآسر قد تغير .... كم مرة قلت لك أننى أنا من أصبح يدير كل شئ هنا .... و ان لا أبى ولا اى شخص يستطيع ان يمنعنى عن شئ أريده !! )

شمخت نارفين براسها و هى تتابع ملامحه ... كلماته التى تدل على تملكه المرضى و الذى جعلتها تردد و هى تقترب منه خطوات واثقة قوية جعلت انعقاد حاجبيه يتحول لانشداه من اسلوبها الجديد عليه

( لكن أنا لست بشئ سوف تحصل عليه .... فأنا ايضاً تغيرت و أنت سوف تتلمس هذا التغير بنفسك بطريقة سوف تفاجئك كن اكيد من ذلك ! .... و أجل آسر يجب ان نحافظ على المسافة بيننا فانا لازلت احمل اسم رجل آخر ... لهذا لا تتنسى هذا الأمر )

تابعت ابتسامته التى جعلت كيانها ينفر يشكل مضاعف و هى ترتسم على شفتيه قبل ان تخرج كلماته التى جعلت روحها تنسل ببطء ... تنسل لتتركها خاوية تماماً

( يكفى فقط ان تنفصلى عن أردال و سوف ترين ماذا سوف أفعل لتكونى ملكى أنا .... لقد احترمت رغبتك كل ذلك الوقت ولم افاتحه بنفسى ... حتى تفعلى أنت كِ حينما تعودى )

شعرت بخفقات قلبها تتسارع و مجرد التخيل يقتلها ... هذا هو الشئ الوحيد التى كانت تخشاه من خططتها ... هو فقط .... عادت لترسم على شفتيها ابتسامة علمت انها اجادتها من تعابيره بالرغم من ارتجاف روحها

( حسناً آسر لا تقلق بذلك الخصوص ... ولان هل نذهب فقد تأخرنا بالفعل ... ليس من الجيد ان نجعلهم ينتظروا !!)

***

نظرت بهار الى سعاعة معصمها تدعوا داخلها ان ياتى ... ان يعود ليحضر تلك الاجتماعات لربما يشتاق الى منصبه القديم ... ان يشتاق الى مقعد والده !

اجفلت من شرودها و نبرات عزام المستفزة تصدح بشكل متذمر

( أين ابنك يا قدير ... لقد تاخر .. هل يرانا صغار ليجعلنا ننتظر بذلك الشكل )

لم يجيب قدير بحرف بل اكتفى بنظراته الصامته التى تدل على غضبه من كل شئ أصبح ينتج من آسر بالفترة الاخيرة بينما بادرت بهار بالرد ببرود جعل عزام يكاد ان يستشيط

( فى الواقع أنت لست ملزوم لحضور تلك الاجتماعات سيد عزام لذلك لا داعى للتذمر ... فأنت حتى لا تمتلك حق التوقيع ... بل تاتى الى هنا بحجة حصة ابنتك التى لم نتشرف بحضورها لمرة واحده الى تلك الاجتماعات )

توجهت أنظار قدير نحو عزام فى حركة سريعة تحذيرية حتى يبتلع تلك الكلمات و يصمت و الذى جعلت عزام يرد عليه بنظرات اخرى قاسية متوعدة لتلك المرأة الذى يكرها و يكره ابنها حد الهلاك

توجهت نظرات الجميع نحو باب القاعة و هذا الصوت الذى صدح بهيبة معروفة لديهم

( نعتذر على التاخير )

تقدم كل من أردال و ميرال الى الداخل و ادراكهم الى تلك النظرات المشدوهة التى تتابعهم تجعل قواهم تتحفز أكثر ... نظرات تتمازج بين الفرح و الانشداه و الحقد .... لتكون أول ردت فعل من نصيب قدير و نظراته تخط على هيئة أردال يتابع حركته

( أردال بنى .... اهلاً بك بيننا من جديد )

زفر أردال انفاسه بهدوء مدروس و نظراته تتجه نحو عزام بقسوه بينما أخذ يردد بفحيح خطير و ابتسامة قاسية تظهر على محيط فمه

( ان يكون لدى مكان بينكم أصبح أمر مستحيل عمى ... لكن اهلاً بك على كل حال )

قست نظرات عزام بطريقة مرعبة خاصتاً و هى تتجه نحو ميرال ليتساءل بعدها بعنف

( ما الذى أتى بكِ الى هنا )

أراحت ميرال ظهرها على ذلك المقعد الدوار الذى ينتشر بشكل واسع حول تلك الطاولة العملاقة و نبراتها تخرج بثقة و قوة

( فى الأصل أنا الذى يتعجب من وجودك هنا يا أبي ... فأنا كما تعلم امتلك حصة تؤهلني لحضور مثل تلك الاجتماعات ! )

امال قدير ملامحه بملل بينما ارتفعت كفه لتتلمس جبينه بتعب و هو يتنبأ باجتماع مجلس إدارة لم تعهده الشركة من قبل ..... و بالفعل و قبل ان تخرج حروفه التى كان ينوى بها امتصاص هذا التوتر الذى طغى على الأجواء كانت حروف اخرى تصدح من شخص آخر تماماً فقد كانت حروف آسر سبقته و هو يردد بينما يشير بكفه نحو باب الغرفة بابتسامة مستفزة و كأنه يدعو شخصاً ما للدخول

( اعتذر لقد جعلتكم تنتظرون كل ذلك الوقت .... لكننى لم احضر بمفردى اليوم لقد جلبت لكم صاحبة الحصة الأكبر من بعدك أبي ... و أحد أفراد عائلة الشاذلي ايضاً !! ... السيدة نارفين التى أخذت ابحث عنها لسنوات كالمجنون و أخذت شهور اخرى حتى استطعت إقناعها لتعود !! )

صمت مشحون ساد المكان ... صمت اختلفت اسبابه من شخص لآخر بينما جميعهم يشاهدون هيئة نارفين و هى تظهر أمامهم ... نظرات بالرغم من اختلافها لكن اجتمع بها عنصر اساسى و هو الصدمة !

تقدمت نارفين بخطوات ثابته لتتسمر نظراتها و عيناها تقع على جسد أردال القابع على أحد المقاعد ... لتتجمد حدقتيها حينما تمازجت مع نظراته المصعوقة لتشعر بجسدها يتجمد ... و داخلها يصرخ بتساءل عن سبب تواجده فى هذا الاجتماع لقد تأكدت مراراً عن عدم وجوده بهذه الاجتماعات .... ما الذى حدث ؟!

رمشت و هى تزدرد ريقها تشعر بالم غريب و هى تستقبل نظراته ... ملامحه المصعوقة و مقلتيه المهزوزة ... شعرت بان خفقات قلبها تتباطئ و هى ترى ملامحه المستنكرة بعدم تصديق !! ... و كأنه يرفض ما يراه بتلك اللحظة بينما كانت ميرال فى ذلك الوقت تحرك نظراتها بين ملامح أردال الساكنة رغم الالم المرسوم عليها و بين هيئة نارفين التى لا تصدق الى الأن انها ظهرت أمامهم بذلك الشكل .... لكن نبرات قدير التى خرجت بتلك اللحظة كانت كفيله لتخترق ذلك الاتصال المعذب الذى نشب بينهم حينما تحدث بنبرات ساخرة

( ياااا له من يوماً رائع .... إذاً أنتِ من جديد ... نارفين ... عدت كما اتيت من قبل ... السبب واحد آسر ! )

لفظ قدير جملته الاخيرة و نظراته تتجه نحو قامة آسر التى كانت تقبع بجانبها بعدم رضى و الذى سارع ليتحدث لكن كف نارفين التى أمتدت لتمنعه قبل ان تتقدم خطوة للأمام و هى تحاول ان تسيطر على هذا الارتجاف الذى حل على كامل جسدها و هى تعى نظرات أردال التى لم تفارقها ولا لثانية واحدة ... تسيطر على خفقات قلبها المتسارعة بعنف بعد ان لمحت ارتجاف ملامحه لجملة عمه لتحاول بعدها ان تخرج نبراتها بقوة و عنفوان و نظراتها تقتحم مقلتى كل من قادير و عزام الجالسين أمامها

( على العكس تماماً سيد قدير فى المرة السابقة دخلت تلك العائلة مجبورة و مقيدة ... خائفة من تلك النبرات التى كادت ان تقتلني فى ذلك المستودع المظلم .. تتذكر أليس كذلك ؟! )

صمتت و خطواتها تقترب أكثر لتتأكد من مدى قوة و وقع كلماتها الواضح على ملامح قدير الذى ضاقت جفونه بتحفز يتمازج بإعجاب الى هذا التغير الذى يواجهه قبل ان تكمل هى

( أنما هذه المرة تختلف ... فأنا لست هذه الفتاه الملقاة ترتجف معصومة العينين ... او تلك الفتاة التى كانت تقف منكمشة تخشى صفعتك )

أجفل الجميع على هذا التصفيق الذى صدح بشكل مفاجئ لتتبعه نبرات عزام المستفزة و هو لايزال يصفق

( ياااالهى ... متى أصبحتِ تجيدي الكلام ايتها الفتاة لقد كادت كلماتك ان تصيبني بالقشعريرة )

قست ملامح نارفين بعنف و هى تواجه كلمات عزام ... فهذا الرجل تحديداً هو من كان السبب بنهاية حياه والدها ... التفتت من جديد نحو قدير و هى تردد دون ان تعطى لكلمات عزام اى أهمية من ما جعله يشتعل

( لقد كنت أعتقد ان هذا اجتماع حاملى اسهم الشركة و ليس مجلس للأقارب و الأصدقاء ... ما الذى يحدث هنا تحديداً سيد قدير ؟! )

مال فم قدير بابتسامة غامضة بينما جالت انظاره على هيئه ابنه آسر المتفاجئة بانبهار و كأنه لا يعرف تلك الأنثى الواقفة أمامه و الذى يتغنى فى كل مرة انها له لا يدرك انها قد هربت منه منذ زمن لينتقل بعدها بهدوء يتابع نظرات أردال الصامتة ... هيئته المتحفزة دون اى حركة ليردف بعدها و نظراته تعود الى نارفين من جديد

( يبدو ان بعض من قوة أردال قد انتقلت لك ايتها الفتاة )

لقد اهتز جسدها أجل... لقد اهتز و بعنف ايضاً ... لا تعلم ان كان ذلك الاهتزاز حدث بداخلها ام ظهر بوضوح أمامهم .... لكنها لم تتجرأ ... لم تقوى على ان ترفع مقلتيها لتنظر له ... لم تسطيع ان تواجه ردت فعله ... لم تحضر نفسها الى ذلك اللقاء المخزى أمامه ... لتشعر بحركة آسر من خلفها و هو يتقدم ليرتفع صوته ببعض الحده بينما شعرت للحظة بكفه التى خطت على كتفها و هو يقول

( انها لن تحتاج لقوة أحد غيرى لتنتقل لها بعد الأن يا أبي نارفين سوف تصبح تحت حمايتى أنا من تلك اللحظة !)

حركت ميرال راسها نحو جسد أردال تشعر بتحفز هائج نابع من كل شبر بجسده الجالس بجانبها لترى كفه التى انقبضت بعنف من اسفل الطاولة ... تشعر بالم عجيب تسلل اليها و هى تتحسس هذا الكم المرعب من السيطرة الذى يمارسها على نفسه لتبدو ملامحه بهذا الثبات بينما داخله يتعذب ... ليكون الحديث هذه المرة من نصيب بهار التى شعرت بوجع ابنها و هو ينتقل اليها .. لا تصدق ان من تقف أمامها بتلك اللحظة هى نارفين ذاتها ... هذه الفتاة التى ظنت للحظة انها سوف تكون شفاء الى جروح ابنها لتصبح الأن أكثرها تقيح و الم و كانت هى السبب الأول و الأخير بهذا

( مرحباً بعودتك ... نارفين !)

ازدرت نارفين ريقها تبتلع قهرها من نبرات بهار الخشنة ... طريقة لفظها لاسمها بدلاً من كلمة ابنتى التى كانت تشعر بالحنان بكل حرف بها .. و التى ايضاً لم تعطيها الفرصة لترد بل التفتت الى قدير لتتحدث بعملية

( يبدو اننا لن نستطيع ان نناقش أمور الشركة اليوم كما ترى لذلك سوف انتظر موعد الاجتماع القادم و اتمنا ان يكون أكثر عملية من ذلك الوضع .. كما أريد منك ان تعد لى جميع الأوراق اللازمة فقد قررت ان أتنازل عن حصتي بالأسهم الى أردال! )

ارتفعت نظرات الجميع بصدمة نحو بهار عدى نظرات نارفين فقد ارتفعت برعب نحو ملامح أردال و قلبها يرتجف بعنف داخل جانبات صدرها .... هذا يعنى انه سوف يتواجد دائماً حولها ... لا مستحيل .. لن تستطيع ان تتماسك ...لا!!

اتصال صامت ساد بين نظرات الام و ابنها و كأنها تعلم و تقول له الأن لن ترفض .. لن تمانع بالرغم من هذا الالم الظاهر بوضوح على تقاسيم ملامحك ... عادت بهار تتطلع بهدوء نحو هيئة قدير المتحمسة بشكل عجيب .. و كان ذلك الخبر قد أنساه ما كان يحدث منذ لحظات ليردّد

( أردال اهلاً بعودتك بنى ... فهذا هو مكانك الصحيح )

فى تلك اللحظة تعلقت نظرات ميرال بتوهان بقامة أردال الذى نهض و كأنها تتألم بحق من هذا الوضع الذى لا ينتهى .... تتلفت بينه و بين جسد نارفين المتجمد دون حراك و إذنيها تلتقط نبراته الهادية بوقار رغم كل شئ

( حسناً اذاً لقد انتهى دورى الى هذا الحد الأن ... يمكنكم ان تكملوا بدوني .. فانا أفضل ان أشارك بشكل رسمى بعد توقيع الأوراق !! )

أغمضت نارفين جفونها و كيانها يرتجف و اذنيها تلتقط نبراته ..... لقد غادر ... لقد غادر ليسحب هذا الأمان الذى كان ينشره من حولها دون ان تدرك سبب صمودها بتلك الطريق ... ذهب دون ان يلتفت ليطالعها بنظره واحدة !! ... و هل ظنت انه سوف ينظر لها حقاً بعد ما حدث ... ارتفعت نبرات قدير من جديد و هو يردد بحده نحو آسر القابع بجانبها فى صمت

( حسناً لنكتفى لهذا الحد .... آسر أريدك فى مكتبي الأن )

تقدم آسر نحو نارفين تحت أنظار كل من ميرال و بهار بعد ان غادر والده برفقة عزام ليتحدث و هو يحاوط ذراعها يحاول ان يدعمها

( انتظرينى لا تذهبي لاى مكان .. سوف اعود لك لن أتأخر )

جاهدت نارفين كثيراً لترسم احدى الابتسامات على شفتيها لتراه يغادر بعدها بينما كانت ميرال فى ذلك الوقت تصارع احاسيسها ... هل تبقى لتتحدث مع نارفين ام تلحق بأردال .... لكن بالنهاية شعرت وكان عواصف أردال فى تلك اللحظة سوف تكون اشد حتى ان لم تكن تعلم ما سبب عودة نارفين بذلك الشكل الا انها أكيدة ان هناك شئ خاطئ لذلك عليها ان تلحق به ان تخبره بذلك !!

وقفت ميرال على عجل لتطالع نارفين و هى تحرك راسها بعجز و كأنها تقول لها لماذا !! لتلتقط بعدها حقيبتها تغادر و أناملها تخط ارقام هاتفه بينما كانت قدمها تتحرك بتسارع لتغادر

***

يتبع...

رحمة غنيم 16-01-21 09:54 PM

صدحت نبرات قدير بعنف رج مكتبه فور ان وطأت قدامه داخله و قامته تلتفت نحو آسر بغضب

( ما الذى حدث بالداخل هذا )

تنهد آسر بملل قبل ان يتقدم خلف ابيه يردد ببرود مستفز

( كما رايت يا أبي لقد عادت نارفين .. الم تكن تبحث عنها)

ضرب قدير بكفه على مكتبه و نبراته تخرج بسخرية شرسة

( لقد كنت ابحث عنها لأعيد تلك الأسهم آسر .... انا أسالك عن كلماتك الحمقاء )

تقدم آسر عدة خطوات هادئة نحو أبيه بينما كانت كلماته تخرج بفحيح حاد

( لقد كنت اعنى كل حرف منها .... نارفين الأن أصبحت تحت حمايتى أنا... لن يمسها اى شخص من بعد الأن بسوء .... لن اسمح لاحد ان يقترب منها ... نارفين سوف تصبح زوجتي قريباً !! )

ارتفعت ضحكة ساخرة من بين شفتى قدير قبل ان يتحجرش صوته و هو يردد بتهكم

( زوجتك !! ... لقد فقدت عقلك بالتأكيد ... هل نسيت انها تحمل اسم ابن عمك أردال ؟! )

مال فم آسر بابتسامة كريهة قبل ان يردد بنبرات حاقدة

( و من كان السبب بذلك ... الم يكن أنت يا أبي ؟!! .... و الأن شئت ام ابيت أنت و السيد أردال خاصتك هذا ... نارفين سوف تصبح زوجتى )

سحب قدير آسر نحوه و هو يمسك بمقدمة قميصه يعنفه بحده

( هل فقدت عقلك ... هل تخاطر بعداوة أردال من أجل فتاة كتلك ... هل تصدق حقاً انها تريدك بعد كل ما حدث ... هل تريد ان تخسر ابن عمك من أجل أمراة ... ما الذى حدث لك ... انها تلعب بك ... مؤكد يوجد شئ داخل راسها نحو عائلتنا )

نفض آسر كف ابيه بقوة و نبراته ترتفع بعد ان ابتعد للخلف

( أجل بالطبع ... كل همك هو مشاعر السيد أردال... لكن هى من لا تريده ... و سوف تقول له ذلك بنفسها ... أنا لن أفعل شئ ... و لن اجبر أحد على فعل شئ لكننى سوف أتدخل ان عاند ابن اخيك و رفض ان يتركها ... لكن لا تقلق كبرياء أردال لن يجعله يظل مع امرأة تفضل رجلاً اخر عليه ... فقط يكفى ان تبتعد أنت عن الأمر حتى لا تندم فيما بعد يا أبى )

ألقى آسر كلماته و غادر تاركاً قادير يتمتم بغضب و كفه تنقبض بعنف

( ايها الاحمق بل انها لا تريدك أنت ... لا تفعل فنهاية هذا الأمر سيجعلك تندم بقيه حياتك مثلى !!)

***

وقف يطالع نفسه بمرآه حمام الشركة بينما كانت كفه تضغط على الحوض من أسفله بعنف حتى كاد ان يختفى الدماء من مفاصلها .... يطالع نفسه و عقله يعيد عليه كلمات آسر حرف حرف ... يرفض ان يصدق معناها ... لا يريد ان يصدق ... هل كانت تتواصل معه لمدة اشهر بينما كان هو يكاد ان يجن حتى يراها !!

اشتدت كفه بشكل أقوى و هو يتذكر صمتها .... وقوفها بجانبه لتأكد كلماته .... يتذكر هيئتها التى على الرغم من كل شئ تضعفه .... نظراتها الذى أراد ان يدفع عمره ليتطلع اليها مجدداً انه لا يصدق .... انها عادت ... ما الذى يحدث ... لماذا فعلت ذلك ... هل حقاً اخطأ .... هل كل ما حدث بينهم كان وهم ... هل كلماتها .... نظراتها .... خفقاتها و ارتجاف جسدها كل ذلك لم يكن حقيقة .... لكن ان كان وهم لماذا يشعر هكذا اذاً ؟!! ... لماذا يشعر وكأنه سوف يختنق ... لماذا يشعر بأنفاسه تضيق داخل صدره لتتسارع خفقاته .... لا ... لابد ان هناك شئ آخر خلف ذلك الذى حدث .... رفع رأسه يواجه ملامحه المتالمة بينما أخذ يتساءل بخفوت

( لماذا نارفين .... لماذا فعلت ذلك ؟! )

أجفل أردال على صوت هاتفه الذى صدح لجذب انتباهه ليظهر أمامه اسم ميرال ... رفع كفه يمسح على ملامح وجهه و كأنه يريد ان يستيقظ ... يريد ان يمحى تلك اللحظات من عقله يجيب بهدوء ظاهرى متحجرش

( أجل ميرال ....... بلا أنا لازلت بالشركة حسناً .... لا لم أغادر .... حسناً سوف انتظرك الى ان تعودى)

***

وقفت بهار و نظراتها لا تفارق ملامح نارفين لتتقدم منها بهدوء تتابع تفاصيلها الجديدة ... هيئتها التى تغيرت و داخلها يتالم حاولت ان تغادر دون ان تعلق على ما حدث لكن ملامح أردال عادت لتقفز من جديد داخل مخيلتها .... بعده و هجرانه لهم .... هيئته ذلك اليوم و هو يمسك برسالتها ... جفونه التى سارعت لتنغلق يحاول ان يخفى بعها دمعته التى خانته أمام أحد لأول مرة بحياته ! ... كل تلك الأشياء جعلتها تتقدم منها تردد بخفوت متألم

( صباح ذلك اليوم الذى غادرتِ به لم اصدق .... هرعت الى بشرى و أنا اهتف بعدم تصديق " نارفين لا تفعل هذا " ..... " نارفين لا تفعل يا بشرى " .... " نارفين تحب بنى أنا أعلم... لقد رايتِ ذلك ... انها تحب أردال يا بشرى " )

صمتت بهار تتابع نظرات نارفين المهزوزة لتكمل بعدها دون ان تنتبة الى اهتزاز جسد هذه الواقفة أمامها بثبات زائف

( لكن اتعلمي .. اليوم فقط ادركت ان إجابتها لى كانت الأصح .... هل تريدي ان تعرفى ماذا قالت ؟! )

اقتربت بهار من نارفين خطوة جعلتها ترفع راسها المهزوم نحوها من جديد و هى تستمع لكلماتها الأكثر حده .. كلماتها التى أخذت تمزق كيانها

( ان أحبته حقاً لم تكن لتتركه بذلك الشكل .... السبب الوحيد الذى كان يجعلها تظل هو طفلها بهار ... و قد رحلت عندما رحل )

القت بهار نظرات متالمة على هيئة نارفين التى كانت ترتجف دون ان تنطق بحرف واحد لتلقى هى آخر كلماتها بينما كانت تتحرك لتغادر الغرفة

( اهلاً بعودتك ... اتمنى الا تندمي فيما بعد )

اتكأت على حافة طاولة الاجتماعات حتى لا تنهار فقد شعرت بجسدها يخونها و كلمات بهار تمزقها .... لكن قلبها يكاد ان يتوقف و هى تتذكر ردت فعله اتجاهها ... صمته ... نظراته !

أغمضت عيناها و روحها تتألم ... لم تكن تتوقع ان يتواجد هذا اليوم ... لم تكن تريد ان يراها بهذا المشهد بعد كل هذه السنوات لكن و بالرغم من كل شئ لقد شعرت بضياع مخيف ... ضياع وجدت نفسها تسقط به حينما اختفى من أمامها ..... حينما غابت نظراته عن ملامحها و هيئتها

رفعت كفها المرتجف لتقبض به على صدرها الذى تشعر بخفقاته تتصارع داخله بعنف .... تصارع عقلها الاحمق الذى جعلها تظن للحظة انها سوف تنجح ... سوف تستطيع ان تراه دون ان تهرع اليه بكل احاسيسها المشتاقة نحوه ..... و كم كانت احاسيسها تلك متفجرة داخلها خاصتاً بعد ان رات نظراته

أغمضت جفونها تهرب من تلك النظرات التى لاتزال تحاوطها لكن ما العمل ؟! .... انها لاتزال تراها .... تشاهدها وكأنها قد حفرت داخل مخيلتها لتعذبها !! و تجعل كيانها يرتجف .... لقد كانت نظراته تحمل أشياء كثيرة .... أشياء كثيرة تخاف ان تصدق معانيها او تفسرها ... لا بل لن تستطيع ان تكمل هذا الطريق مهما فعلت ... هل نظراته كانت تحمل بين طياتها اشتياق فى اللحظات الاولى؟!! .... ام انها رات ذلك فقط لانها تريد هذا !

أطبقت جفونها بعنف حينما شعرت برائحته تعود لتغزوا كيانها ... تتغلل بعمق داخل روحها لتزرع بها تلك الراحة العجيبة التى افتقدتها لسنوات .... سنوات طالت و هى تبحث بكل مكان عنها ... و احياناً تنثرها على وسادتها لتتلمس الأمان منها ..... لكنها كانت تجعلها تحترق بنيران الأشواق ايضاً ..... اشتدت قبضتها على حافة المكتب تتمتم لنفسها بقهر

( توقفى .... توقفى ... لا تفعلى ذلك )

( ما الذى لا تريدي فعله تحديداً ؟! )

و ها هو بالرغم من كل صراعه تقدم نحوها ... لم يستطيع ان يسيطر على اشتياقه و هو يلتقط هيئتها من خلف هذا الباب المفتوح ... لم يستطيع ان يسيطر على جسده الذى اخذ يتقدم نحوها بالرغم من الم قلبه و غضبه نحوها ... ليجد نفسه يتحرك و عينيه تتابع تفصيلها باشتياق كاد ان يلقى بيه طيله سنوات ... بينما شعرت هى وكان قلبها يسقط ليقبع عند أقدامه و نبراته تلك تخترق اذنيها .... نبراته التى خرجت بهدوء لتخترق كيانها باكمله جعلت تسارع خفقاتها يضطرب كالأرنب المذعور من ان يمسك به

أخذت تحاول و تحاول حتى جاهدت لتلتفت نحوه و ليتها لم تفعل .... فنظراته التى كادت ان تُعريها و هو يمشط كامل جسدها بتمهل عجيب و طريقة لم تعهدها منه من قبل جعلت صدرها يتضخم بانفاسها المحبوسة ..... لتسمعه يضيف بوقاره المعهود و هو يتقدم منها بخطوات واسعة بطيئة و معذبة بذات الوقت

( لقد تغيرت كثيراً !! )

أردف أردال كلماته و نظراته تمر على ثوبها الضيق داكن اللون و الذى يتناغم مع جسدها ليصل الى ركبتيها و كأنه فصل لها دون عن جميع النساء .... ليصل الى ذلك الكعب الذى جعل جميع تفصيلها تبرز أمامه بأنوثة ملفته كل تلك التفاصيل الذى جعلت انفاسه تتوقف حينما رائها تعود لتسرق عقله و هو يتابعها للمرة الثانية من جديد .... انها ليست نارفين الذى عرفها يوماً ... انها مختلفه كلياً .... عادت نظراته لترتفع نحو مقلتيها بهدوء ظاهري هدوء تحول لبريق مشتعل حينما لمح سمائها ..... هاااا هى نارفين خاصته !!

هذه هى نظراتها .... سمائها التى تضطرب عند رؤيتها له .... هااا هى نظراتها التى كانت تقتله تعود و تجعل منه أحد ضحاياها من جديد !! ..... عادت نارفين لتغمض عيناها و هى ترى تقدمه منها بدأ يضيق المكان بأكمله من حولها ... ظلت تهرب منه و من نظراته حتى شعرت بحرارة انفاسه تخط بتقطع على ملامحها تجبرها ان تفتح مقلتيها لتجد من كيانها و روحها ورقة تصارع إعصار بحره الهائج و هو يردد أمام وجهها القريب منه ككل جسدها

( لقد مر وقت طويل )

ازدرت ريقها بارتجاف لم تستطيع ان تسيطر عليه لتنطق بعدها حروف اسمه بتلعثم اشعل كيانه بشكل مضاعف

( أردال )

لقد أراد ان يتأوه بحق و هو يستمع لحروف اسمه من شفتيها .... ما الذى يحدث معه صدقاً هل اشتاق لها لهذا الحد المميت .... لكن نبراته خرجت تحمل اااه خافته قبل ان يردد بالم

( تلك الليلة ... )

رفعت نارفين كفها تسارع بحبس كلماته ..... لا لن تستطيع ان تصمد أمامه لن تستطيع ان تصمد ان تحدث عن تلك الليلة و الأن ايضاً !!!

( توقف أردال لا تفعل !)

تابع أردال انفاسها التى أخذت تعصف بصدرها حركه جسدها المرتجفة أمامه كلها أشياء جعلت عقله يتوقف يغيب .... تباً لذلك العقل الذى جعله يختنق كل يوم بعيداً عنها ..... رفع قبضته يزيح أناملها بهدوء بينما خرجت نبراته تحرقها أكثر

( ان لم أتوقف هل كان ذلك سوف يغير شئ ؟!! )

شهقت تلتقط انفاسها و ذكريات تلك الليلة تعود لها ... لقد كادت ان تستعطفه ليمتلكها ... لكن بالرغم من كل شئ لم يفعل ... أجل ارادت ان يفعل حتى يجعلها تتراجع عن قراراها ... لقد كانت أكيده انها لن تستطيع أن تغادر بعدها ... لن تستطيع ان تتركه بالرغم من كل شئ كان يحدث حولهم ... لربما كانت استمدت القوة لتحارب هذه المرة من أجله هو .... هو فقط !!

ارتجفت شفتيها و هى تحاول ان تردد حروفها أمام نظراتها ... تحت لفحات انفاسها الساخنة

( ما الفائدة من ذلك السؤال الأن ... فانت لم تفعل على اى حال ! )

انكمشت بعنف و هى تشعر بكفه تمسك بذقنها برقة جعلت عاصفة اشتياق عجيبة تغزو جسدها نحوه و هى تتذكر لمساته بينما نظراته جعلت قواها تخور و هى تتوه بأمواجه التى اشتاقتها حد الهلاك قبل ان تسمعه يردد بنبره تسمعها منه للمرة الأول نبره امتزجت بندم لم تستطيع ان تصدقه

( ليتنى فعلت يومها )

تجمدت دمائها و هى تسمع تنهيدته المتالمة و كلماته .... بينما أخذت كفه تتغلغل داخل خصلات شعرها لتجعل من ارادتها أوراق تحاول ان تصمد فى مهب الريح

( لما شعرت بذلك الشعور الذى يقتلنى الأن ... ما الذى تحاولي فعله نارفين ... ما معنى كلمات آسر ..... هناك شئ خاطئ أليس كذلك ؟! )

انتفض جسد نارفين الذى كان مستسلماً بين ذراع أردال و هى تستمع لنبرات آسر تصدح بقوة و هو يتقدم نحوهم

( لا ... لا يوجد اى شئ خاطئ يا ابن العم ! )

تجمد جسد أردال و كان دلو ماء مثلج قد سقط عليه حينما راى ردت فعلها و هى تبتعد عنه كالملسوعة بعد ان سمعت صوت آسر ... ظلت نظراته المشدوهه تتعلق بخاصتها الهاربة .... لم يستطيع ان يستوعب ما حدث منذ لحظات لكن كلمات آسر المتساءلة استطاعت ان تستحضر بعض من انتباهه المشتت

( لقد ظننتك غادرت ؟! )

هبطت كف أردال التى كانت لاتزال معلقة بالهواء بينما جاهد ليلتفت نحو آسر و هو يردد بشرود

( لكننى لم أغادر كما ترى )

تابع أردال خطوات آسر حتى رَآه يتقدم ليقف بجانب نارفين قبل ان يتحدث

( جيد فهناك أمر نريد ان نتحدث به معك !)

ارتفعت رأس نارفين بحركة سريعة و نظراتها تتعلق بملامح أردال المستنكرة و قبل ان تتدخل لتمنع هذا الجنون كان آسر قد سبقها و هو يردد

( كانت نارفين تريد ان تحدثك عن أمر الانفصال رسمياً فكما تعلم هذا الأمر منذ البداية لم يكن سوى مسرحية و قد حان وقت انتهائها ! )

شعرت وكان كل شئ من حولها توقف ... حتى نبضاتها توقفت و هى ترى نظراته المتساءلة تتجه نحوها .... حركة راسه الغير مصدقة لما يسمعه ...... لقد شعرت و كان هناك سكين حاد ينغرس داخل أحشائها ... بينما ترى نظرات مميتة تعصف داخل بحره ... نظرات ظلت تختلط و تختلط حتى امتزجت بأعنف انواع الاستنكار و الاشمئزاز معاً ... استحقار جعل روحها تتمزق

( أردال أنت هنا لقد بحثت عنك كثيراً )

توجهت أنظار كل من نارفين و آسر الى هيئة ميرال التى ظهرت من العدم بينما لم تتحرك نظرات أردال من على نارفين فى تلك اللحظة الذى كان يشعر بها بحريق ملتهب يشتعل بداخله ... جنون يحثه ان يسحبها و يهزها بعنف ... لكن بدلاً من كل ذلك لا يعلم ما السبب الذى جعله ينسحب و هو يلتفت ليردف نحو ميرال

( أنا هنا ميرال اعتذر )

ازدرت ميرال ريقها بتوتر قبل ان تتساءل بحذر

( هل نذهب ؟! )

أومأ لها بثبات لا يعلم من اين قد حصل عليه ليتحرك دون ان يلقى اى نظره نحو الخلف و جمله واحدة فقط هى ما تتردد داخله " قد حان وقت انتهائها " ..... لكن و بالرغم من ذلك الالم الذى كان يشعر به ... هذا الرفض الذى كان يتصاعد داخله التفت ليلقى نظرى اخيرة عليها بعد ان خرج من تلك الغرفة ليلعن نفسه بعدها بعنف ..... لحظات مرت عليه و هو يحاول استيعاب ذلك المشهد ... يحاول ان يدرك ما يراه أمام عينيه ... لكن ذلك الطنين المزعج من حوله يجعل عقله يتشتت ... يجعل صدره يتضخم بحريق يكاد ان يحرق كل شئ من حوله .... حريق ينبعث ليجعل من زرقة عينيه دومات عاصفة تريد ان تبتلع اى شئ ... لقد ظل يبحث عنها حتى فقد الأمل بان يراها مجدداً ... ظل ينتظرها و ثقته بانها سوف تعود له هى ما جعلته يتحمل .... لقد تركته و غادرت لتنتزع روحه من بين أضلعه .... ليكتشف انها هى كانت تلك الانفاس الذى شعر بها تخنقه فى اقل تقارب بينهم ... كم من مرة كره نفسه لانه لم يتجرأ ... لم يستغل ضعفها و حاجتها له فى تلك الليلة !!

لقد كانت مستسلمة بين يديه ... لو كان يدرك ... فقط لو كان يعلم انها ليلته الاخيرة بقربها لقد كان لبى ندائها له ... لقد كان ليترك العنان لنفسه !!

اطبق أردال جفونه بعنف و كلماتها البعيده تعود لتداهم عقله ... كلمات تنافى تماماً ذلك المشهد الذى يراه أمامه الأن .... تنافى عودتها بتلك الطريقة بعد كل ذلك الوقت ... كلماتها التى أكدتها له مراراً و تكراراً من بعد ذلك اليوم

“ أننى لم اعد أريده بحياتى من بعد الأن ... سواء كنت ام لم تكن أنت بها “

“ لكن ما لم تكن سوف تدركه هو شعورى و أنا أتخبط بين ذراعيه ..... لم تكن ترى النفور الذى اخذ يحل على روحى ... الاشمئزاز الذى شعرت به مع كل نفس يخرج منه ليخط على ملامحى .... لم تكن لتدرك تلك الثوره التى حدثت بداخلى لادفعه بعيداً عنى .... تلك الثورة التى اندلعت داخلى و انا ارى طيفك يقفز امام وجهى .... لأدرك انا أننى لم اعد أستطيع ان أتقبل اى تقرب منه لانك .... لانك من اصبح يسكن كيانى ... “

نبرات أخذت تشق عالم ذكرياته ... هذا العالم الذى سكنه طيلة تلك السنوات التى غابت بها هى عن واقعه ... نبرات كانت مواساته الوحيدة ... من كانت تأكد له دوماً تلك الكلمات الذى أراد ان يصدقها بكليته

سحب أردال أنفاسه قبل ان يعاود فتح جفونه يطالع هيئه ميرال من أمامه و التى سارعت لتردد امام بحر عيونه المظلم و ملامحها تستعطفه بطريقة عجيبة

( هناك شئ خاطئ .... بالتأكيد ... مستحيل ... أنت لم تصدق هذا العرض المبتذل الذى قدمته أليس كذلك ؟! )

مال فمه بشبح ابتسامة ... ابتسامة شخص جريح يلفظ انفاسه الاخيرة قبل ان يردف بهدوء عجيب تعجب منه هو شخصياً أمام ملامح ميرال المشدوهه

( عرض مبتذل يالها من جملة !! ... لقد أخذت ارددها حتى خسرت كل شئ ! ... دعك من هذا الأمر ميرال ... مهما كانت اسبابها فى العودة فأنا لست احدهم ! )

ابتلع أردال تلك الغصة المؤلمة بحلقه حينما ألقى انظاره نحوهم من جديد ليكمل بنبرات تحجرت حروفها

( حتى هو ليس احدهم !! )

سارعت ميرال تردد بلهفه و كفها ترتفع لتقبض على ذراعه بأمل

( اذاً أنت تُدرك انها لا تريد ان تعود له كما قال .... و ان )

أوقفت ميرال سيل كلماتها و هى تشعر بأنامل اردال تخط على كفها قبل ان يردد

( أليس من المفترض ان يثيرك ذلك المشهد ... فمن يقف أمامنا الأن هو زوجك السابق !! )

عقدت ميرال حاجبيها بتجهم و نبراتها تفصح عن ذلك الضحك الذى تفاعل بداخلها حينما تحدثت و ملامحها تناجيه ان يتوقف

( أردال لا تفعل ذلك )

تحرك أردال أمام نظرات ميرال المتالمة دون ان يردد كلمة واحدة تارك خلفه ذلك المشهد الذى جعل روحه تنسل من بين أضلعه

***

أزاحت نارفين كف آسر التى كانت تحاول ان تحاوط خصرها بينما خرجت نبراتها باعتراض

( لماذا فعلت ذلك آسر ؟! )

لكن ملامحه الامبالية كادت ان تطيح بتماسكها خاصتاً بعدما استمعت لكلماته الأكثر استفزاز

( و ما الذى تريدينه نارفين ... هل اتركه يتقرب منك بذلك الشكل )

أغمضت نارفين جفونها تحاول ان تتماسك لكن و كان علقها توقف فلم تشعر بنفسها و هى تردد بحده لم تستطيع ان تسيطر عليها

( لا تنسى آسر ان هذا الذى لا تتحمل تقربه منى هو بالأساس زوجى و أنا لازلت احمل اسمه ... فلا تنسى أنك أنت من جعلتنى أعيش معه و بغرفته لأشهر لماذا لم تعترض بذلك الوقت ... لقد طلبت منك ان تنتظر حتى اتحدث أنا معه )

حاول آسر ان يقترب منها لكن خطواتها كانت اسرع حينما عادت لتبتعد عنه و هى تردد بينما تلتقط حقيبتها لتغادر تشعر بقلبها و كيانها يتألمون

( يجب ان تدرك أننى تغيرت آسر ... لم أعد نارفين الذى يستطيع اى أحد ان يفرض رايه عليها ... كما يجب ان تعلم هذا جيداً لا يحق لك الاقتراب منى باى شكل من الاشكال ... فانا لازلت احمل اسم رجل آخر )

***

تمسكت بقبضة حقيبتها و داخلها يرتجف ... تحاول ان تتسلح بالقوة التى تتصنعها أمام الجميع .... لكنها علمت انها لن تنجح أمامه هو و مع ذلك هاااا هى ترتكب أكبر حماقة !

و قفت نارفين تتساءل بهذيان عن ذلك السبب الذى أتى بها لتقف الأن كالحمقاء أمام باب منزله .... لماذا فعل لماذا ترك القصر و غادر ؟! .... فهى لم تكن تتجرء ان تذهب اليه حينها !

تمسكت نارفين بحقيبتها بشكل أقوى و داخلها صراع مميت .... صراع بين قلبها الذى يدفعها ان تقرع ذلك الجرس ... ان ترتمى بين احضانه ... ان تنفى له تلك السموم الذى اخذ آسر يبثها داخل عقله .... بينما يمنعها عقلها من ان تفعل ... يملى عليها ان تتوقف انه ليس لها .... لم يكن يوم لها و لن يكون !

أطبقت جفونها بقهر و نظراته القاسية تعود لتحاوطها .... ذلك النفور الذى رأته يشع من محيطه نحوها يقتلها .... شعرت بجسدها يرتعد بعنف و إنذار قاسى من داخل عقلها يخبرها ان تتراجع ان تذهب من أمام ذلك المنزل الذى يعذبها صاحبه .... تراجعت خطوة للخلف تجر جسدها الذى يعاندها ... تحارب روحها التى تشتاق اليه .... لكن كان للقدر الكلمة الأخيرة ... فقد وجدت نفسها فى مواجهة مباشرة مع رياح عطره التى أخذت تدغدغ احاسيسها حينما فتح الباب لتجده أمامها بكامل أناقته !

هيئته المثالية التى طالما قتلتها و لعبت على أوتار قلبها ... شعرت بدمائها تتجمد و هى تتابع انعقاد حاجبيه بامتعاض دون ان يردف بحرف واحد و كأنه لم يتفاجئ او يتاثر ... أخذ يتابعها للحظات طالت يرمقها بنظرات جامدة جعلتها تتلعثم بكلماتها

( هل .... هل أنت ذاهب لمكاناً ما ؟! )

شعرت بجسدها يتوتر و هى لا تجد اى اجابة لسؤلها .... مما جعلها تعود لتردد بخفوت بعد عدة لحظات

( لقد اتيت لأتحدث معك ... لقد غادرت صباحاً ولم أستطيع اللحاق بك ! )

كادت ان تسقط من فرط الاضطراب خاصتاً و هى تتابع نظراته التى مرت على قامتها بهدوء ساخر جعلها ترتجف .... قبل ان تشاهد ابتسامته الهازئة التى ظهرت بوضوح أمامها و هو يتنحى ليمد ذراعه فى دعوة منه لان تتقدم الى الداخل ..... لكنه حتى لم ينتظرها بل تركها وتقدم هو ليترك لها الخيار ... لكنها و بالرغم من ارادتها الشديدة فى الهرب تقدمت الى الداخل !

أغلقت الباب و خفقاتها تتزايد .... اختناق انفاسها و حركة صدرها تتصاعد ..... لتجد نفسها تردف بحماقة لا تعلم سببها

( هل كان لديك موعد ... لا أريد ان ..)

صمتت تبتلع كلماتها و هى ترى قامته بدات بالتحرك نحوها بتحفز دون ان يردد كلمة واحدة لقد ظل ساعات يجول المنزل و داخله يشتعل و عقله لا يستوعب ما حدث صباحاً ... لا يستطيع ان يخرج هيئتها و نظراتها من عقله المشتاق ككل شئ به نحوها لكنه ايضا لم يستطيع ان يخرج كلماتها ردات فعلها و صمتها !

أخذ يتقدم منها و نظراته تشع بهياج مخيف جعل داخلها يرتعب .... تراجعت خطوة للخلف لكنها لم تكن بالسرعة الكافية فقد أصبح يحاوطها بلهيب انفاسه و حرارة جسده التى تدل على اى جنون يحمل بينما خرج تساءله بفحيح جعل خفقاتها تتوقف

( هل تريدين الطلاق حقاً ام كانت تلك مزحة ؟! )

علمت كم اخطات بالقدوم اليه بقدمها ... بماذا كان عقلها الاحمق يفكر ... ازدرت نارفين ريقها بينما تستمع لنبرات أردال التى عادت بقسوه و هو يكرر سؤاله

( لماذا لا تجيبى ... حقيقة ام لا ؟! )

رفعت مقلتيها بارتجاف نحوه ... تحاول ان تجد بعض من الهواء الذى غادر رئتيها لتتحدث .... لكن لا ... لم يعد يوجد مجال للهرب .. هى من فعلت و عليها ان تتحمل نتيجة افعالها .... رمشت نارفين بينما أخذت تحرك شفتيها بارتجاف تحاول ان تخرج حروفها لتردد بخفوت متألم

( حقيقة !!! )

أغمضت عينها حينما شعرت بحركة انفاسه التى تسارعت أضعاف عن ما قبل ..... و كفه التى أطبقت على ذراعها بعنف بينما خرجت حروفه بعنف صاحب هزه لجسدها

( لماذا اتيتِ نارفين .... ما السبب الذى جعلك تأتي الى هنا ؟! )

صمت للحظات قبل ان يرفع راسها بقبضته و هو يهدر و جسده تقترب منها أكثر ليحاصر جسدها بشكل أقوى جعل انفاسها تتسارع لتلتحم مع لهب انفاسه

( هل تظني أننى احمق نارفين ؟! ..... هل حقاً تظنين أننى لا ادرك نظراتك ... ارتجافك الأن ... ام نظرتك نحوى صباحاً .... ام أنفاسك التى تضطرب حينما اقترب منك )

لف ذراعه بحركة عنيفه نحو خصرها ليجرها حتى ارتطم ظهرها بالحائط من خلفها مما جعلها تشهق و هى ترفع كفيها لتخط بهم على صدره الهادر بعنف تنطق حروف اسمه بارتجاف و جسدها يرتعد باستجابة بين ذراعيه .... انفاسها تهدر لتجعل صدرها يتحرك بعجز لا تستطيع ان تخضعه ... لتشعر وكان كل شئ غاب عن واقعها و هى تراه يميل بجسده ليتكأ بجبينه على خاصتها يردد بتوهان جعلها ترتجف بشكل مضاعف

( هيا نارفين قولى الأن أنكِ تريدي الانفصال و أنا سوف افعل ذلك )

نهاية الفصل الثالث و العشرون

طبعاً الكل لسه بيسال ايه اللى حصل و خصوصاً فى اليلة اللى بيتكلموا عليها أنا احب اطمنكم ان كله هيبان و فى مشاهد فلاش باك بس عايزة تفاعل حلو على الفصل عشان انزل اقتباس 🤭😉

هايدى حسين 17-01-21 01:16 AM

اااه باربي ايه الفصل ده ايه القفلة دى و ايه الوصف و المشاعر دى بجد رائعة

om ahmed altonsy 17-01-21 09:29 AM

يا علي كميه المشاعر فصل رووعه والقفله رهييبه منتظره الاقتباس علي 🔥🔥🔥تسلم ايدك حبيبتي ❤️❤️❤️❤️

هويدا سنوسي 18-01-21 12:50 AM

حقيقي الرواية من اجمل ما تابعت كل فصل بيكون اقوى و كل مدى القصة بتبقى أحلى و احلى

عاشقةالسماء 18-01-21 01:32 AM

فصل رائع ومشاعر ارادل ونارفين ابداع الله ينور ريمو منتظرين الابداعات

رحمة غنيم 18-01-21 10:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هايدى حسين (المشاركة 15291702)
رائعة انتى عزيزتي حقيقي كل فصل بيزيد اعجابى بيكى جداً و بكتابتك و كثير كثيير حابة الرواية بجد من اجمل ما قرات تسلم ايدك

حبيبتى انا تسلميلى يا جميل على كلامك الجميل ده بجد شرف ليا ❤

dodo dodp 19-01-21 03:30 AM

احلى فصل قرأته فى حياتى تحفة تحفة تحفة ايه كمية المشاعر اللى فى الفصل ده بجد تحية كبيييييييرة جدا وارجوكى ماتتأخريش علينا احسن حبتدى اتهوس

رحمة غنيم 19-01-21 06:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم حين (المشاركة 15292143)
فصل جدا مشوق بالتفصيل

حبيبتى تسلميلى يا قلبى على متابعتك و تفاعلك الجميل ❤❤


الساعة الآن 11:57 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.