آخر 10 مشاركات
الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          91-صعود من الهاوية - بيتي جوردن - ع.ج ( إعادة تصوير )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12065Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-03-24, 02:56 PM   #3301

ساميرااا

? العضوٌ??? » 475598
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 499
?  نُقآطِيْ » ساميرااا is on a distinguished road
افتراضي


﴿ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِا بِهِمْ جَمِيعًا ﴾
أحلامنا ، دعواتنا، وامنياتنا
ربي قر اعيُننا بكل دعوة فاضت بِها قلوبنا

اللهم إنا نسألك البشارات التي نحب و الأيّام التي تسر و الرحمات التي تتوالى والعافية التي ننعم بها واليقين الذي يريح القلب..


ساميرااا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-03-24, 07:02 PM   #3302

نور محمد

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 280078
?  التسِجيلٌ » Dec 2012
? مشَارَ?اتْي » 2,304
?  نُقآطِيْ » نور محمد has a reputation beyond reputeنور محمد has a reputation beyond reputeنور محمد has a reputation beyond reputeنور محمد has a reputation beyond reputeنور محمد has a reputation beyond reputeنور محمد has a reputation beyond reputeنور محمد has a reputation beyond reputeنور محمد has a reputation beyond reputeنور محمد has a reputation beyond reputeنور محمد has a reputation beyond reputeنور محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

بالإنتظار سيــدتى الحــلوة

نور محمد غير متواجد حالياً  
التوقيع
[IMG]6Mv06764[/IMG]
رد مع اقتباس
قديم 10-03-24, 12:00 AM   #3303

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الفل والياسمين
على عيون متابعين طوق الحلوين
اسبوع جديد وفصل جديد
ومعلش على لخبطة المواعيد
بس هي للاسف زنقة رمضان وبامانه انا كنت حابة انزل الفصل كامل زي مانا حابة
والحمد لله على الانجاز اللي الواحد قدر يعمله
لذا اتمنى ان الفصل يبقى جميل و مشبع
وختام مهيب وخاصة انه اخر فصل قبل رمضان
كل سنة وانتم طيبين ورمضان كريم علينا وعليكم
الفصل متعوب عليه وكبير في حدود 120 صفحة ورد
اتمنى انه ياخد حقه في القراءة والتفاعل الذي يستحقه
متنطوش المشاهد ومش تجروها ومش تقروا بسرعة
اقروا بعناية شديدة وبتركيز قوي
وبالترتيب اللي انا بتعب عشان اظبطه لاني مش بحط مشاهد ورا بعض وخلاص
لا الترتيب الزمني وبناء المشاهد ورا بعضها مهم جدا لي ولبناء الرواية كمان
ومحدش يجري ع اخر الفصل
الفصل اغلبه قفلات او مشاهد توصل لقفلات
عشان اللي فات كله حمادة واللي جاي حمادة تاني خالص
فاستهدوا بالله كده وامسكوا نفسكم
ودعوا الحبكة تاخذ مجراها
اسيبكم مع الفصل
وقراءة ممتعة
انجوووووي

الفصل السابع والثلاثون
الجزء الثالث
يقف مجاورًا إليها هي التي أصرت أن تغادر فراشها بعد تلك العملية القيصرية التي لجأ إليها الأطباء كي ينقذونها هي وجنينها من موتٍ محقق لم تكن لتنجو منه، فرغم أنها كانت في وضع يشبه الولادة إلا أن الجنين كان أصغر عمرًا من أن يتحمل أن تلده طبيعيًا فالتجئ الأطباء إلى إدخالها لغرفة العمليات كي ينقذونها هي وطفلتهما التي وضعت في الحضانة فيقفان الآن ينظران إليها من خلف الزجاج وخاصة بعدما أخبرهما الطبيب أن الطفلة ضعيفة للغاية وأن عليهم أن يتقبلون مصيرها أيًا كان فهي أضعف من المعافرة ولكنهم سيمنحونها الرعاية الطبية الكافية، حينها لم يدرك حديث الطبيب بينما شهقت هي برفض وبكت دون توقف لأجل ابنتهما التي كان الطبيب محق في أمرها، فهي كانت صغيرة للغاية أن تحارب لتنجو ولكن مع مرور الأيام تفاءل الأطباء والطفلة الصغيرة المحاربة كما دعاها الجميع تستجب وتتقدم وتنجو.
وهاك هما يقفان ينظران نحوها ويبتسمان لها وهما يلتقطان حركة جهاز التنفس الدورية والتي تعلن عن تشبث الصغيرة بالحياة ورغبتها العميقة في الاستمرار.
يحتضن كتفها وهي تستقر داخل صدره تتلمس وجوده ودعمه هو وعائلته التي تواجدت لأجلهما سويًا فتهمس باختناق: هل ستنجو يا زياد؟!
تنهد بقوة ليهمس وعيناه تغيم بانفعال: أتمنى يا جوان أن تفعل، ليتبع بعد برهة- بماذا سنسميها؟!
ابتسمت برقة وهي تنظر للطفلة التي لا تظهر ملامحها فتهمس بخفوت شديد ودموعها تنساب من جانبي عينيها: روزلين.
ابتسم ونطق بإعجاب: رائع، كنت أفكر في لي لي روز ولكن روزلين أجمل، صمت لبرهة قبلما يكمل- هل ستتركينا حقا يا جوان؟!
استدارت اليه برفض ومض بعينيها: بالطبع لا.
ابتسم وتطلع لعمق عينيها فأخفضتهما لتهمهم باختناق: كنت أضايقك وأدفعك للابتعاد أو الحصول على فرصة جيدة للعلاج يا زياد ولكن أبدًا لم أكن سأتخلى عن ابنتي أو أترككما.
زفرت بقوة وهي تكمل بعد وهلة: وأنا التي كنت أدرك أنك لن تتركنا أبدًا إذ ما أبقيت على الطفل.
زفر بقوة ليحدثها بجدية وهو يضمها من كتفيها لصدره يتمسك بها ويحتضنها بلطف: وبدون الطفل لم أكن سأترككِ يا جوان، ليكمل بخفوت وهو يدفعها كي تقابله بنظراته- أنا أحبك ولا أقوى على الابتعاد عنكِ.
ابتسمت برقة لتقترب منه فيقبلها بلطف وهو يسند رأسه لرأسها تختلط أنفاسهما قبل أن تهمس بدورها: أنا الأخرى أحبك ولا أقوى على الابتعاد عنك.
تنفس بعمق وهو يحتضنها اكثر لينتبها سويًا على صوت انذار قوي صدح من داخل الحضانة ليتطلعا سويًا نحو ابنتهما التي توقف جهاز تنفسها عن الحركة بينما يصدر جهاز قياس ضربات قلبها صافرة حادة واشارة مستقيمة تعلن عن توقف القلب عن ضخ الدماء.
توقفا بصدمة ألمت بهما بينما حالة من الهرج حاوطتهما والممرضين والطبيب المسئول عن الصغيرة ومساعده يحاولان إنقاذها
لتعلو الصيحات من الداخل لتفيقهما سويًا أنها لن تنجو هذه المرة، صيحات خُتمت بالأسى الذي زين ملامح الطبيب الذي توقف عن إسعاف الصغيرة وهو يعلن باختناق عن موعد الوفاة!!
فتصدح صرخة جوان قوية رافضة متألمة وهي تسقط من بين ذراعيه أرضًا فجسدها رفض الاستمرار وانهار بعد موت ابنتهما.
***
يقف أمام شاهد القبر هو الذي وصل منذ قليل فغادر المطار ليأتي إلى هنا رأسًا يقف أمام شاهد قبرها هي التي تركت عالمه وغادرت دون أن يراها .. دون أن تنتظر مجيئه.. دون أن تودعه!!
اختنق حلقه ليهمهم بخفوت: بخلتِ علي بكل شيء حتى وداعكِ يا أولجا وتركتني وذهبتِ وكأن ما بيننا لم يكن.
دمعت عيناه من خلف نظارته الشمسية السوداء لينطق بخفوت وهو يقترب يلامس شاهد قبرها مكملًا- ألم تكتفي من عذابكِ لي وأنتِ حية لتتركيني أتعذب من بعدكِ وأنا أشعر بالذنب تجاهك لأني لم ألحق بكِ ولم أودعك بالطريقة التي تليق لكِ وبكِ.
تنفس بعمق ليضع الورود من حول شاهدها بنفسه قبل أن يعاود أدراجه نحو السيارة الفخمة التي انتظرته على مشارف المقابر فيستقلها محدثًا السائق عن عنوان بيته الفخم الأنيق الذي أهداه لزوجته عن طيب خاطر عند انفصالهما لتسكن فيه وتربي به ابنته والذي لم تفرط فيه أولجا أبدًا حتى إن انتقلت لأماكن أخرى أو سكنت بيوت أخرى كان يظل بيته ملجأها الآمن وملاذها الذي تعود إليه
•••
تململ من نومه عندما شعر بخدر طفيف في ذراعه فابتسم بلطف وهو ينظر إلى ظهرها الذي توليه له هي المنطوية داخل حضنه تتمسك بذراعه تحتضنها وتتخذها موضعًا لرأسها، تنهد بعمق وحاول سحب ذراعه راغبًا في النهوض ولكنها لم تُفلته هي التي تمسكت به أكثر مهمهمه من بين طيات نعاسها: إلى أين تذهب يا علي، لا تتركني.
ابتسم بحنان فاض من عينيه ليُقبل رأسها من الخلف هامسًا : فقط سأنهض لأصلي وأعود ثانيةً فأعتقد وقت الصلاة حان.
برمت شفتيها لتفلته دون رغبة حقيقية بعدما استدارت ترمقه من خلف رموشها فانحنى ليُقبل جبينها ثم يلامس أرنبة أنفها بثغره في قبلة خفيفة هامسًا بجدية: ما رأيك انهضي لنصلي سويًا.
رفت بعينيها كثيرًا وأومأت برأسها: فكرة رائعة
اتسعت ابتسامته وثرثر إليها بلطفٍ وهو يخطو نحو دورة المياه يحمسها لكي تنهض بالفعل: ثم بعدها سأصحبكِ لتناول الفطور خارجًا قبيل أن يبدأ الزائرين في التوافد.
استقامت جالسة في الفراش لتومض عيناها ببريقٍ قوي: موافقة.
خفت توهجها تدريجيًا وعيناها تغيم بحزن على فراق والدتها هو الذي لاحظ انطفائها عند عودته بعدما أنعش نفسه وتوضأ ليهتف باسمها ثم يشير إليها بعينيه: انهضي توضئي وتعالي لنصلي وادعو لها يا مي فهي تحتاج كثيرًا لدعواتكِ يا حبيبتي .
استجابت إليه لتجاوره بالفعل فيؤمها في الصلاة قبل أن يتبع الركعتين الأولى بركعتين اُخرتين ثم ينتهي بأدعية كثيرة رددها بصوتٍ مسموع كي تؤمن عليها من خلفه فتفعل إلى أن انتهى فنهضت لتخلع إسدال صلاتها تحت نظراته المراقبة هو الذي نطق بخفوت شديد وعيناه تتفحصها: أليس هذا هو الإسدال الذي صلينا به صلاة ليلة زفافنا؟!
تطلعت إلى إسدالها الذي لم تخلعه بالفعل وابتسمت برقة وأومأت بالإيجاب لتنتفض بخجل وتشهق بضحكة عندما قفز لينقض عليها يكبلها بين ذراعيه مهمهمًا بشقاوة: إذًا ما رأيكِ لنعيد الكرة ولكن تحت الأجواء السويسرية لعلها تكون فاتحة خير علينا جميعًا؟!
انطلقت ضحكتها بصخب قوي فأشار إليها أن تتحكم بها وهو يهمهم إليها بشقاوة: أخفضي صوتكِ يا مي حتى لا ينتبه إلينا العزيز بول فيظن بنا السوء.
ابتسمت وهي تتكئ داخل ذراعيه تستند إليه وترمقه بتلك النظرة التي تخبره فيها أنها رغم كل شيء خُلقت منه وستعود بالأخير إليه: وهل تركت شيء للظن يا شيخ علي؟!
أشار اليها بعينيه في شقاوة مليحة: الظن إثم يا مي أنا لا أشارك فيه.
انطلقت ضحكتها هذه المرة أقوى من قابلتها ولكنه لم يمنحها الفرصة أن تأخذ مجراها فتصدح بالأجواء من حولهما بل ابتلعها كاملةً في حلقه وهو ينقض على شفتيها مقبلًا بلهفة لم تقل أبدًا عن لهفتها بل هي كانت متلهفة.. تائقة.. راغبة فبادلها رغبتها برغبة أقوى وتوقها بتوق أعنف ولهفتها ببحرٍ عميق جذبها نحوه فسقطت معه هو الذي خلصها من إسدال صلاتها ليفك عقدة خصلاتها وينثرها من حولها يغلل كفيه بداخلهما متأوهًا بعنف ورغبته في نيلها تستبدّ به وخاصة وهي من امتزجت معه فلامسته وقبلته والتصقت به وتعلقت راغبة فيه ليدور بها نحو فراشها يدفعها إليه برفق وينضم إليها وهو يتخلص من قميص منامته الذي رماه على طول ذراعه ليتصلب بموجة هواء باردة أصابت آخر عنقه وجمدت عموده الفقري عندما التقط وقوف أحدهم لا يدركه بسبب الضوء القوي الآتي من الخارج بباب الغرفة فأربد وجهه بغضب وهو يظن أنه زوج والدتها المتوفاة فسحب الغطاء ليرميه من فوقها وهو يهدر بقوة قبل أن يستدير نحو من يواجهه: أنت ماذا تفعل هنا؟!
ليشعر بلطمة قوية حادة أصابت إدراكه ومن يقف بالباب يخطو خطوتين لداخل الغرفة فتظهر قصر قامته ويتبين ملامحه ويصفعه صوته الذي خرج حادًا غاضبًا عنيفًا: بل أنت ماذا تفعل هنا؟! ماذا تفعل مع ابنتي؟!
•••
يجلس أمامهما يضع ساقا فوق اخرى يرمقهما سويًا بعدم رضا هو الذي لم يغادر الغرفة بل وقف يتطلع لارتباكهما سويًا، علي يبحث عن قميصه ليرتديه وهي التي عدلت من جلستها بعدما جذبت الغطاء فوقها هاتفة بصدمة: بابا.
حينها منحها نظرة حادة جعلت ذاك الطاووس المنتفخ يقف بينهما وكأنه يحميها، يمنحها غطائه ورعايته ليواجهه بتحدي: من فضلك يا دكتور عارف غادر الغرفة ونحن سنوافيك بالخارج.
تشكلت ملامحه باستنكار ورفض فيتبع علي باعتداد: دكتور عارف من فضلك الوضع لا يحتمل عنادًا الآن، وإذ ما تريدني أجاورك سأفعل فقط امنح مي وقتها كي توافينا بالخارج.
حينها استجاب من أجل ابنته التي ارتعدت بخوفٍ مزج بحرجها وخجلها وهي تختفي في ظهر علي بعيدًا عن عينيه فاستدار ليغادر بينما استدار علي نحوها يضمها لصدره يعدل إليها من خصلاتها ويساعدها في ترتيب ملابسها وهو يقبل رأسها: لا تخافين أنا معكِ ثم لم نفعل شيئًا خاطئًا اهدئي من فضلك.
لم ينتبه أنه لم يغادر بالفعل بل تلكأ كي ينظر لذاك الذي يمنح ابنته دعمًا خاصًا وهي التي كادت أن تبكي ولكن احتضان الآخر لها منحها بعض من القوة استطاعت على إثرها أن تنهض وخاصة عندما دفعها علي بلطف: انهضي واغسلي وجهك وتعالي سأعد القهوة لنا جميعًا.
أومأت بطاعة ليغادر هو ويتبعه علي الدين الذي تحرك بأريحية تحت نظراته وكأنه يدرك البيت وأماكن الأشياء وكل شيء حتى بول الذي منحه تحية الصباح بأريحية عندما عاد من الخارج فيحدثه علي بالألمانية بيسر التي لم يكن يدرك عارف أنه يجيدها
يسأله إن كان يريد القهوة فيجيب بول بالموافقة، بول الذي لم يرحب به بل منحه نظرة رافضة لوجوده بينما تغاضى عارف عن وجوده وهو يقف بجوار علي بذاك المطبخ الصغير المفتوح على الصالة الداخلية والخاص بإعداد القهوة والأشياء الخفيفة، إلى أن طلت هي من الداخل فتعلقت نظرات الثلاث رجال بها، ليخطو علي الدين الذي صب القهوة في أقداح فوضع قدح بول بجواره بينما حمل قدحين آخرين ليضع خاصة عارف أمامه على الطاولة ويمنحها الآخر وهو يربت على كتفها يدفعها للجلوس وهو يزين رأسها بقبلة خفيفة ليعود ويأتي بقدحه ويجلس أمام عارف الذي اضطجع بجلسته متطلعًا إليهما بثبات وسكون، ارتشف علي قليل من القهوة وهو يرمق مي التي تخفض عيناها بحرج فيمط شفتيه بضيق بدأ ينتابه ليرفع رأسه باعتداد يواجه عارف الذي تطلع إليه بتساؤل فيبتسم علي الدين بتعجب قبل أن يسأله: هل تنتظر تفسير حقًا يا دكتور عما رأيته بالداخل؟!
اعتدل عارف بجلسته ليرمق علي الدين زاعقًا باستهجان: أليس من حقي يا سيد علي؟!
ابتسم علي الدين ليهز كتفيه بحركة بسيطة أثارت ضيق عارف وهو يجيبه ببساطة: الحقيقة لا، لأنه لا أعتقد أن حضرتك لم تتوصل للأمر بالفعل ولكنك لا تريد تصديقه.
عبس عارف بغضب شاب ملامحه: أي أمر؟!
مط علي شفتيه وهو يتراجع للخلف مجيبًا بسلاسة: أن مي زوجتي وما يحدث بيننا كان أمرًا عاديًا ليس معيبًا، بل حقًا المعيب أن تدلف حضرتك للغرفة هكذا دون استئذان.
هدر عارف بغضب: إنها غرفة ابنتي.
ناقشه علي بتروي: لم ينكر أحدنا هذا يا عماه فقط ابنتك لم تعد صغيرة بل صارت امرأة كبيرة متزوجة على حضرتك احترام خصوصيتها.
أطبق عارف فكيه لينتبه للأمر الذي يخبره علي به ولكن لشدة غضبه لم يلتقطه بأوله: لحظة، عن أي زواج تتحدث، ألم تُطلق مي طلاقًا بائنًا كيف عادت زوجتك؟!
ارتفع حاجبي علي بدهشة مفتعلة: أنا؟! لم يحدث بالطبع لقد طلقت مي طلاقًا غيبيًا ثم رددتها وأخبرتها بذلك وهي لم تعترض.
انتفض عارف واقفًا وهو ينظر لابنته: ماذا فعلت؟! وهي لم تفعل ماذا؟!
أجاب علي محاولًا احتواء ثورته وهو الذي وقف بدوره: اهدأ يا عماه الأمر لا يستحق انفعالك هذا.
انقض عارف عليه في موجة غضب عارمه تملكته ولم يدرك علي أبدًا أنه قادرًا على إخراجها، عارف الذي قبض على تلابيب قميصه الأنيق: ألم أخبرك من قبل أن تبتعد عن ابنتي؟!
— أووه، ألقاها بول الذي انتفض مقتربًا منهما ليفض الشجار بينهما بعدما كان واقفًا يراقب الوضع بأكمله متنحيًا غير متدخلًا فيم يحدث ورغم أنه لم يستطع فهم حديثهم الذي أتى بلغتهم الأصلية والتي لا يدركها هو إلا أنه شعر بكونهما على خلاف ولكنه لم يتخيل أن يتحول لشجار وعراك أيدي، علي الذي لم يحاول أن يرد الهجوم عن نفسه بل تطلع لعارف مليًا‏ ليجيب بهدوء دون انفعال: كيف علي أن أفعلها ابنتك قدري الذي منحه الله لي وأنا الآخر قدرها ونصفها الآخر لماذا تريدنا أن نفترق؟! ألانك لم تنجح في قصتك الخاصة تستصعب نجاح بقية القصص؟!
هدر عارف وهو يدفع به بعيدًا: بل لأنك أناني متعجرف ومغرور ومتكبر وطرقك ملتوية وآذيت مي كثيرًا بالفعل.
لم يهتز علي الدين بل ظل ثابتًا في صلابة أثارت إعجاب الأجنبي الواقف بالمنتصف بينهما لا يفهم شيئًا ولكن التقاطه لاسم مي جعله يستنتج أن أباها يتشاجر مع زوجها لأجل ابنته فيمط شفتيه وهو يرمق عارف بدون رضا وهو يتأكد أن ذاك الرجل الغيور المتملك يضايق ابنته وزوجها.
علي الذي شد جسده بصلابه فغدى يشبه حميه بشكلٍ مبالغ فيه: نعم فعلت، لا أنكر أني أخطأت في حق مي ولكني توبت عن خطأي وتراجعت عن ذنبي وأسأل الصفح والغفران والتوبة أليس من حقي؟!
أشاح عارف بوجهه: هذا أمرك بمفردك شأنك بينك وبين ربك الذي يملك أن يصفح لك ويغفر ويتوب عليك أما نحن بشر ليس جميعًا نستطيع الغفران والمسامحة.
هدر علي بحدة: ولكن مي فعلت ومنحتني فرصة ثانية كي أُصلح ما بيننا لماذا حضرتك معترض ورافض؟!
صاح عارف في وجهه: لأنها لم تستشيرني لم تأخذ رأيي ولم تحصل على موافقتي.
تمتم علي بضيق وهو يرمق تلك الصامتة الساكنة في مكانها دون أن تقم بأي رد فعل: هاك هي تفعل.
ران الصمت على الجميع ينتظر ردها وخاصة عندما أشار اليها علي ولكن صمتها الزائد عن الحد جعل علي يهمهم باختناق يتزايد بداخله: مي أجيبِ من فضلك.
اهتز جسدها بشبه انتفاضة هي التي حاولت رفع رأسها لتجيب.. تتحدث.. تناقش والدها أو توقف علي عن الشجار معه ولكنها لم تقوى على ذلك هي التي عندما همت بالحديث شعرت بأن العالم يدور بها لتسقط جانبًا تحت صرخات والدها وعلي الفزعة باسمها!!
***
تشاكسه بخفة هي التي نهضت منذ قليل تصفق بكفيها عندما بدأت أشعة الشمس بالانبلاج هما اللذان أمضيا الليلة بأكملها على الشاطئ يتحدثان.. يثرثران.. يتضحكان ويتغازلان كصغيرين في موعد غرامي يكتفيان بتبادل الأحضان والقبلات وهي تتوسد صدره بعدما فتح قميصه على مصرعيه وهي أتت بذاك الشال ليتدثرا به سويا عندما هب هواء الفجر ثقيلًا.. باردًا وخفتت نار الشواء الذي شوى لها فيها المارشملو الذي تفضله فذكرته حينها بتؤدة وهي تتناول قطع المارشملو من بين أصابعه: تتذكر؟!
أجابها بهمسٍ أجش: لم أنس يومًا.
عبس بتفكير: الغريب أنكِ تتذكرين.
ابتسمت وهي تزدرد لعابها لتخفض بصرها: تذكرت الآن عندما أحرقت أصابعك حتى لا أحرق كفي ولا فمي .
ابتسم ورمقها مليًا ليتنفس بعمق: ولا أمانع أن أحترق كاملًا لأجلكِ يا آسيا .
شهقت برفض: بعُد الشر عنك لا تقولها ثانيةً .
وضعت كفها على فمه فقبله برقة يلتقط بقايا السكر من أناملها فتهمس بصوتٍ بُح انفعالا: أدهم .
قربها أكثر منه ليلتقط شفتيها في قبلة هدجت أنفاسهما ليغرقا في لهاث منفعل صدر عنهما سويًا ليسكنا كثيرًا في أحضان بعضهما متشبثان بالهدوء السكينة والتواجد معًا إلى أن انتبهت لشروق الشمس فنهضت بحماس هاتفة: finally
تطلع إليها بتعجب فأكملت: أردت السباحة دومًا عند الشروق، سأذهب لأبدل ملابسي.
ابتسم بارتعاش ظهر في حدقتيه ليومئ بتفهم وهو يتحكم في خياله بضراوة ويلتزم بمكانه فلا يتبعها للداخل هي التي عادت بعد قليل فانكتمت أنفاسه وهو ينظر إلى فستانها الكتاني الخفيف بلونه الأبيض قصير بالكاد يخفي أول ردفيها وبحمالتين رفيعتين تاركًا جذعها وظهرها مكشوفان وعلاقة ثوب السباحة الخاص بها بلونه الوردي المضيء الملتفة حول رقبتها تجذب عيناه التي مشطتها رغمًا عنه فيتذكر مرة ماضية لم يستطع حينها أن يتطلع إليها بأريحية كما يرغب وهي التي وقفت بجواره ترتدي شيء مشابه للآن ولكنه آثر عدم النظر ولكن رغمًا عنه عيناه التقطت ذاك الوشم بساعدها الأيسر والذي على ما يبدو حديث العهد تمتم بالإنجليزية وهو ينظر إلى جانب ساعدها: أوه تاتو ، ابتسمت برقه ولم تجب فأكمل– هل حقًا تاتو أم رسم حناء؟!
عبست بتعجب لتغمغم بعدم فهم: حناء ؟!! أومأ برأسه لتجيب بنفي – لا إنه تاتو بالفعل لا يستقر كثيرًا ولكني لا أستخدم الحناء فهي لا تتماشي معي جلدي يتحسس منها ؟!
ابتسم بمكر ليغمغم وهو ينظر لها من علٍ: هل هناك آخرون غيره أم؟!
ابتسمت بتعجب لتتورد أمام عيناه قبل أن تهمس بتوتر وتبعثر: ما هذا السؤال يا أدهم؟!
هز كتفه بلا مبالاة: أسأل فقط للمعرفة.
ابتسمت فظهرت غمازتيها لتهمهم بصوتٍ أبح وخجلها يعتلي ملامحها: لا شأن لك .
ألقتها وتحركت من أمامه تقترب من المياه ليرف بجفنيه يلعق شفتيه بوقاحة: سأعلم وقريبًا جدًا يا آسي.
ولم يكن يدرك أنه سيعلم أقرب مما يتخيل إذ ظهر التاتو الآخر بلونٍ أعمق وكأنه آخر قديم غير ذاك حديث العهد الذي يزين ساعدها، فيزين أسفل عظمة كتفها اليمنى عندما انكشف ظهرها الأبيض البض من فتحة ثوب السباحة الواسعة فيضيء وشمها بلونه الأزرق الغني بشكل عصفور يهرب من قفص شعره بلون الذهب، سحب نفسًا ليكتمه بداخله وهو يراقب الشاطئ المليء من حوله بالكثير من الناس ورغم أن هناك الكثيرات غيرها يرتدن أثواب سباحة مكشوفة عن خاصتها إلا أنه لم يرق له أن تظل هكذا، تحرك نحوها بخطوات سريعة يقف أمامها وهي التي جلست لتتخذ وضع الاستلقاء بعدما دهنت جسدها بهذا الزيت الذي جعلها تلمع أمام عيناه كمكافأة ذهبية تغريه للحصول عليها فيهمس بصوتٍ أجش خفيض: انهضي يا آسيا.
عبست بتعجب لترفع نظارتها الشمسية فوق رأسها تساله باهتمام: ما الأمر؟!
تمتم بجدية آمرة: فقط انهضي وارتدي رداءك وتعالي معي.
همت بالرفض ليزجرها بخشونة خافتة: فقط انهضي.
تحركت بالفعل ترتدي رداءها الحريري الشفاف فوق ثوب سباحتها ذو القطعة الواحدة بلونه الأسود لتلملم احتياجاتها فيجذبها من كفها خلفه نحو الجسر المطاطي ليشير إلى أحد رجاله فيتحرك الأخير ويتحدث بسرعة في جهاز صغير لاسلكي موضوع بأذنه قبل أن يتقدمهما مع آخر ويتبعهما اثنان آخران لتقف على حافة الجسر تسأل بتعجب: أين سنذهب؟!
تمتم بهدوء حينما اقترب قارب صغير منهما: إلى اليخت، عبست وهمت بالرفض ولكنه قاطعها مكملًا – لن تجلسي بهذه الطريقة على الشاطئ يا آسيا.
تمتمت بسرعة: كنت أجلس هكذا بأمريكا وبكل مكان سواء مع زوجي أو عائلتي.
انتفض عرق الغضب بصدغه ليهتف بها: نعم ولكن ليس معي، نحن غير آمنان بعد الصورة الأخيرة فمن فضلك لا تعترضي.
زمت شفتيها بضيق ليتحرك حارسه الخاص داخل القارب فيهتف بها: تستطيعين القفز؟!
تطلعت إليه بتعجب ليصدح صوت الحارس: أساعدها يا باشا.
ليهتف بضجر: لا، أتبع كلمته بأن قفز إلى الداخل ومد كفيه إليها هاتفًا– اقفزي يا آسيا أنا سألتقطك.
أعادت خصلاتها القصيرة المموجة للخلف لترمي إليه حقيبتها قبل أن تهمس: سأقفز بمفردي.
تراجع للخلف قليلًا لتقفز بالفعل فيتحرك هو بخوف عليها فيتلقفها بين كفيه يحملها بين ذراعيه ليتماسك حتى لا يضمها إلى صدره ويستجيب سريعًا لدفعتها اللطيفة بعدما تأكد من وقوفها وهي تهمهم: أنا بخير.
أومأ برأسه وهو يبتعد عن مدارها يلملم شتات روحه التي بُعثرت: تمام.
جلس بجوار حارسه وسائق القارب ليمنحهما أوامره ويتركها تجلس بالخلف تستمتع بهواء البحر والشمس تنظر من حولها بسعادة تشعرها لتتسع عيناها بانبهار وهي تهتف بصدمة: هذا ليس يخت سيادة الوزير.
ضحك بخفة لينهض واقفًا يتقدمها وهو يحتضن كفها براحته هامسًا بصوتٍ فخور: بالطبع ليس ملك سيادة الوزير، هذا ملكي أنا.
هتفت بانبهار: أووه ، حقًا إنه رائع، أتبعت بفرحة حقيقية– مبارك يا دومي، هل غبت كثيرًا هكذا لدرجة أنك أصبحت مليونيرًا صغيرًا؟!
ضحك بخفة ليغمز إليها بطرف عينه: بل مالتي مليونير ونعم أنتِ غبتِ أكثر من كثيرًا يا آسي، ولكن من الجيد أنكِ عدتِ، أتبع هامسًا وهو يساعدها أن تمر من أمامه لتخطو إلى اليخت خاصته– اشتقت إليكِ كثيرًا.
ابتسمت وهي تضع يدها في كف الحارس فيساعدها على المرور وهو خلفها ليقف واضعًا كفيه في جيبي بنطلونه: تفقدي المكان بأكمله وحينما تنتهي ستجدينني على السطح انتظرك.
أومأت برأسها موافقة ليهتف بالإنجليزية: اروسلا، اصحبي الهانم للغرفة من فضلك.
اتبعتها آسيا وهي تنظر من حولها لكل شيء بتفحص وتدقيق فينفخ هواء صدره بأكمله يغمض عيناه ويسحب نفسًا عميقًا يحتفظ ببقايا رائحتها داخل صدره قبل أن يهتف بجدية: أمنوا المكان جيدًا وأخبر ريموس أن يدلف إلى العميق قليلًا لا أريد لأحد أن يلتقط وجودنا.
أومأ حارسه بجدية ليتحرك هو يصعد للسطح كما أخبرها فيلاقي البقية الذي أشار اليهم أن يستكينوا فوق السطح ينتظرون حضورها هو الذي فتح قميصه على مصرعيه ليقف بأخر السطح يتلقى الهواء قبل أن يقترب رمزي ليحدثه عن حفل الشواء الذي سيقام فيؤكد عليه كل شيء قبل أن ينطلق الصخب من فريقها الذين هللوا بوجودها فانتقلت السعادة إليها هي التي تطلعت إليه بتساؤل فابتسم مؤثرًا الصمت وهو يتركها تندمج مع البقية قبل أن يستلقي على إحدى الأرائك المنتشرة مستمتعًا بالهواء والشمس الناعمة التي تلفح جسده
ابتسم وهو يتذكر أنه حينها غفى بل سقط نائمًا ليستيقظ من غفوته يتطلع من حوله إلى أن تشكل ثغره ببسمة كسول وهو ينظر إليها مستلقية بجواره لم تخلع رداءها وتقرأ على ما يبدو بعدما شغلت المظلة الطائرة تظلل من فوقهما، ابتسمت باتساع في وجهه: استيقظت.
نظر من حوله يبحث عن البقية بعدما اعتدل بجلسته فالتقط أنها أشاحت بعينيها بعيدًا عنه حتى لا تنظر له همهم بصوتٍ أبح: أين البقية؟ هل نمت كثيرًا ؟!
هزت رأسها نافية : أعتقد أكثر من الساعة بقليل والآخرون نزلوا لإقامة حفل الشواء.
ظهر الذهول الى وجهه ليهمهم بعفوية: غريبة
نظرت إليه باستنكار: ما هو الغريب ؟!
اجابها وهو يتثائب: لست معتادًا على النوم هكذا.
همست بعفوية: من الواضح أنك تشعر بالراحة ليس أكثر.
تنهد بالإيجاب: أكيد.
ابتسمت بتفهم لتهمهم بعفوية: الرائحة بدأت في الظهور من الواضح انهم بدؤا بالفعل في الشواء.
اثر الصمت وهو يراقبها يشعر بانها تريد الابتعاد عنه بعدما استيقظ هي التي سألته بعدما اغلقت الكتاب الذي كانت تقرأه هي التي تفضل أن تقرأ بهذه الطريقة القديمة وهمت بالنهوض: ألن تسبح؟!
تطلع إليها مليًا: سأفعل ولكن ليس الآن، ابتسمت بتوتر التقطه بيسر فابتسم بمكر ومض بعينيه عندما تمتمت وهي تنهض بالفعل– أنا عن نفسي سأفعل.
حينها اعتدل باستقامة متمتمًا برفض: أعتقد أن أمر السباحة وسط هذا الجمع لن يكون جيدًا.
تطلعت إليه بدهشة فيبتسم بوجهها ويكمل وهو ينهض بالفعل: تعالي لنجد بديلًا جيدًا عن السباحة ودون أن يراكِ أحدهم بالمايوه.
لوت شفتيها برفض ولكنها أطاعته لتتبعه عندما احتضن كفّها ليجذبها معه يدفعها لمؤخره اليخت مشيرًا إليها على الجزء السفلي فيه والقريب للغاية من المياه فيتهادى موج البحر إليه فيمنح الجالس عليه فرصة أن تغمره المياه دون أن يغطس داخلها هو الذي همس لها- نستطيع الجلوس و الاستمتاع دون أن تقومين بالسباحة.
أومأت بتفهم لتنظر من حولها قبل أن تهمس: ولكن هكذا سيبتل فستاني.
اتسعت ابتسامته ليخطو الداخل قبل أن يعود إليها بأحد قمصانه القطنية فيشير عليها أن ترتديه كي يغطي جذعها وأول ساقيها فوق ثوب سباحتها فيمنحها أن تجلس هكذا دون أن يبتل ردائها، هو الذي منحها القميص قبل أن يخطو للداخل متحدثًا عن أنه سيأتي لهما بعصير الكوكتيل فيهديها فرصة لتبدل ملابسها قبل أن تجلس كما أشار عليها ان تفعل فعاد إليها ليجدها مبتسمة هانئة ومستمتعة بالمياه التي تغمر المكان من حولها فيمنحها أحد كأسين العصير هاتفًا: تروبيكال يا هانم.
ارتشفته على مهلٍ وهو يجلس بجوارها يحدثها باهتمام: سعيدة؟!
وضعت الكاس بجوارها لتعود بجسدها إلى الخلف تركن جذعها لراحتيها وهي تتلقى أشعة الشمس فوق صفحة وجهها التي بدأت بالاحمرار لتهمس بصدق: جدًا .
همهم بصوتٍ أبح: نحن تحت أمر الشقراء الجميلة.
التفتت تنظر إليه : شكرًا يا أدهم .
عبس باستنكار ورفض: توقفي يا آسيا.
تطلعت إليه لتهمس بعد برهة وعندما تصاعدت رائحة الشواء: أووه الرائحة رائعة،
ضحك بخفة: جائعة.
أومأت بحماس طفولي وهي تضع كفيها فوق بطنها: بطني ستبدأ في إصدار الأصوات.
قهقه ضاحكًا: حالًا سأجعلهم يأتون بأي من السناكس لأجلكِ.
تمسكت به عندما هم بالنهوض: ليس الآن، سآكل مع البقية.
تعالى صوت صوفي التي اقتربت تحمل طبق محمل بالطعام تدعوها وتقترب بصخبها المعتاد فيتنحى هو مبتعدًا تاركًا المكان لهما لينضم إلى البقية في الداخل تحت نظراتها المتعلقة به وكأنها لم تكن تريد منه ابتعادًا
رف بعينيه وهو يعود لواقعه الذي أصبح أجمل كثيرًا بهيئتها المهلكة لصبره والمدمرة لتعقله هي التي اقتربت كثيرًا لتشيح بكفها أمام وجهه فيبتسم لها بلطف هامسًا: بكيني و وردي يا آسيا.
تطلعت إليه ببراءة: لا يعجبك؟!
تنهد بقوة مؤثرًا الصمت فحثته بلطف: هيا انهض وارتدي خاصتك لنسبح سويًا.
ضحكة قصيرة خشنة انفلتت من حلقه ليسألها وهو يرفع رأسه لها: متأكدة أنكِ تريدين السباحة.
عبست بعدم فهم قبل أن تومئ بالإيجاب فنهض متثاقلًا: حسنًا، لنسبح سويًا.
عاد بعد قليل ليجدها واقفة على الشاطئ بعيدا تُدلل قدميها بموجات البحر المتتالية ترفع خصلاتها أعلى رأسها تضع نظارتها الشمسية وتجردت من فستانها الذي وجده مفروش على الأرائك السفلية، سحب نفسًا عميقًا وكتمه بداخله هامسًا: ليست المرة الأولى التي تراها بثوب السباحة، نعم لم تكن بذاك البهاء من قبل ولكن ..
جلس على المقاعد أسفله وعقله يفكر بجدية عن سبب الاختلاف والخلاف ما الذي يجعلها بذاك البهاء.. تضوي في عينيه وكأنها لؤلؤة يريد اقتنائها وتحثه على أخذها لنفسه هو الذي يدركها.. يعرفها منذ القدم، لا ينكر أنه كان يتحكم في نظراته كثيرًا كي لا يتطلع إليها وهو يحث نفسه على الصبر يحفظها من نفسه وهو يعد روحه أنها ستؤول له بالأخير ولكن كثيرًا كان توقه يهزم تحكمه ولكنه أبدًا لم يراها بذاك الحسن ولا تلك الفتنة.
الفتنة التي أقبلت عليه تتهادى برقة بقدميها الحافيتين وساقيها العاريتين، ورغم أن ثوب السباحة لا يعد قطعتين بالمعنى المتعارف عليه إلا أنه عاري ومكشوف أكثر من قدرته على التحمل ارتدى نظارته وأخفض بصره وخاصة عندما وقفت أمامه تضع كفيها في خصرها وتهمس بحنق: لماذا لم تأتي أشرت إليك من بعيد؟!
ابتسم وتشاغل بالتقاط حبات العنب: لم أنتبه.
عبست بتعجب لتجلس على ركبتيها توليه ظهرها وهي تمنحه بخاخ الواقي من الشمس: حسنًا ضعه على ظهري فأنا لم أستطع الوصول لهناك.
سأل بنبرة محشرجة وضحكة مكتومة ومزحة قديمة يدرك أنها لن تفهمها ولكنه لم يقوى على الصمود: هناك أين؟!
أجابت بحنق: من أسفل عظمتي ظهري يا أدهم، فجلدي يتحسس سريعًا والشمس ستحرقني إن لم أضعه قبيل أن أسبح.
استجاب إليها وهو يتحكم في شعوره بها فلم يحاول أن يلامسها بشكلٍ مكثف بل أنهى ما أرادته ليسألها وهو يجذبها لحضنه كي يخفيها عن عينيه: ماذا فعلتِ المرة الماضية إذًا؟!
عبست بعدم إدراك أولي قبلما تجيبه: ألم تلتقط أني ظللت داخل اليخت إلى أن غربت الشمس قبلما أنزل للمياه برفقة صوفي وخاصة بعدما احتجزت أنت الجميع في الداخل يا أدهم.
أومأ بعينه: بلى انتبهت.
استدارت نحوه ترمقه مليًا قبلما تهمس إليه: حسنًا تعال أضع لك واقي الشمس حتى نسبح سويًا، أشارت له متبعة – هيا استدر.
استجاب وخلع قميصه القطني ليوليها ظهره بالفعل فيغمض عيناه هو الذي بالكاد منع نفسه من إصدار تأوه واضح عندما داعبت عضلات ظهره بأناملها وهي تدلكه له بالواقي في مساج خفيف ليزفر بقوة وهو يشعر بتأثره يزداد فيهتف بجدية وهو يستدير ثانيةً: هذا يكفي يا آسيا جسدي لا يتحسس من الشمس بالأساس بل ضيائها يمنحني بشرة برونزية جذابة.
ضحكت برقة: نعم أدرك ولكن هذا الواقي يمنع عنك تأثيرها السيء ويجعل برونزيتك تضوي.
أكملت وهي تشب بجسدها على ركبتيها وتحاول أن تكمل له كتفيه بعدما اقتربت كثيرًا : فقط انتظر لأنهي ما بدأته.
حاول منعها بمشاكسة صبيانية وهو يراوغ رافضًا فاستجابت إليها وهي تتضاحك تجاهد أن تصل لكتفيه قبل أن تبدأ في فرك وجهه بكفيها فيبعدها فتعانده وتقترب أكثر إلى أن تأوه بحق عندما سقطت من فوقه هو الذي سقط بدوره للخلف واقعًا بها عندما لم يستطع صدها عنه.
حاولت الهرب عندما سقطت في أسر عينيه ولكنه لم يمنحها الفرصة فأدار ذراعيه من حولها محتفظًا بها داخل ضلوعه لينهض جالسًا فترتجف برهبة وهي تجدها جالسه بداخله بين ساقيه تتعلق بكتفيه بعدما تركت بخاخ الواقي من كفيها يسقط لتهمس برهبة استقرت بعينيها وخاصة عندما شعرت به يتحرك واقفًا بها: أدهم .
ابتسم وأغمض عيناه: تقولينها في اسوء توقيت يا آسيا.
تمتمت بعدم معرفة صادقة: ماذا أقول إذًا؟!
وقف وهو يحملها فتعلقت به أكثر هو الذي أجاب: لا شيء يكفي ما فعلتهِ.
خطى بها فنظرت نحو الشاليه الذي يبتعد هو الذي اتجه بها نحو البحر لتسأله: أين ذاهب؟!
انفلتت ضحكته رغمًا عنه: للسباحة، الماء البارد أفضل لكلينا الآن.
***
يخطو داخل الشاليه هو الذي أنهى تجفيف جسده بعد قضاء وقت لطيف كانا يسبحان سويًا في استمتاع غمرهما دون اقتراب من الممكن أن يذهب به لنقطة لا عودة منها ففضل أن يبتعد عنها إلى أن تعلقت برقبته من الخلف تحتضنه فيسبح بها في سكون إلى أن غافلها النعاس فدفعها للخروج هي التي استفاقت قليلًا لتسبقه نحو الشاليه معلنة عن كونها ستستحم وترتدي ملابسها ليستعدا لتناول الطعام فخرج متباطئًا يجفف جسده ويبحث عن هاتفه ينظر لرسائله يجيب الهام منها قبلما يراسل جود يسأل عنها وعن ولده يطمئن على أحوالهم ويخبرها أنه سيعود اليوم فتدعو إليه أن يعود سالمًا ليتبع آسيا للداخل داعيًا أن تكون انتهت وهو يشعر ببعض من الإرهاق يراوده وخاصة وهو الذي لم ينم لمدة يومين متواصلين فيتعجب من السكون الذي يعم الأجواء فيبدأ بالبحث عنها ليتوقف أمام السلم الذي يؤدي للدور العلوي لا يريد أن يخطو لهناك فيستدير على عقبيه بعدما اكتشف وجود دورة مياه سفلية ويقرر أنه سيأخذ حمامه بها ويرتدي ملابسه ليستعد للخروج لتناول الغذاء كما أرادت، لينهي كل ما أراد فيبدأ بالبحث عن الأكياس التي وضعت بها مشترياتهما ليتذكر أنها صحبتها جميعها للأعلى فيتجه مرغمًا وهو يناديها بصوت هادئ متزن ولكن الصمت الذي أجابه أثار عبوسه وترقبه هو الذي شد خطواته للأعلى ليشعر بهلعه يجمد أوردته عندما ينظر للظلام الذي يخيم على الغرفة فيبحث عنها بجنون، زفر بقوة وهو يشعر بجسده يرتخى عندما اكتشف تقوقعها داخل الفراش غارقه في نومٍ عميق من الواضح أنه داهمها رغمًا عنها هي النائمة بعرض الفراش ترتدي روب الاستحمام غير متدثرة إلا به.
تنفس بعمق وهو يقترب منها يعدل من وضع نومتها يدثرها بالغطاء ويخفض برودة المكيف، ابتسم بلطف متأملًا وجهها وهو يزيح خصلاتها عن جانبه عندما تململت لتبتسم في وجهه تضحك وهي نائمة كعادتها لتلتقط كفه الأيسر تطبع قبلة داخل راحته قبلما تجذبه ليدير ذراعه من حولها وهي تستدير لتوليه ظهرها وكأنها تدعوه لاحتضانها فيهم بالرفض لتشير إليه كي يربت عليها مهدهدًا فترق عيناه .. تفيض بحنان اختصها به وهو يقترب منها يضمها لصدره بالفعل يهدهدها كي تكمل نومها هي التي غرقت أكثر داخل صدره تغفو قريرة العين وبسمة سعيدة تزين ثغرها، بسمة مليحة تجذبه ببطء.. بشقاوة.. بخفة إليها كي يلتقطها من فوق فمها ولكنه يقاوم غريزته.. توقه وشغفه بها.
ضمها أكثر إليه هو الذي انقلب لينام على ظهره بعدما اوسدها صدره ويظل صامدًا ينظر لسقف الغرفة منتظرًا بصبر لتنفلت ضحكته رغمًا عنه، ضحكة سعيدة رغم سخريتها وهو يفكر أن لو أخبره أحدهم يومًا أنه سيصمد أمام ذاك الاكتساح الذي تفعله به لم يكن ليصدقه أبدًا ولكن شعوره بها.. حدسه الذي يخبره أن هناك شيئًا خاطئًا يجبره على الصمود.. الثبات.. الانتظار.. التمهل وهو يترقب غايتها من كل ما تفعله به الآن.
تنفس بعمق وهو يرمقها من خلف رموشه ليهمهم إليها: تخيلي أن يدرك أحدًا أني ظللت نائمًا بجواركِ وأنتِ بهاته الهيئة الرائعة وأنا ساكنًا بتلك الطريقة المخزية يا الفضيحة، ليكمل بضحكة حقيقة خرجت من عمق روحه– يا فضيحتك يا دومي!!
***
يتبع ...


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-03-24, 12:02 AM   #3304

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

توقف أمامه.. في مواجهته يرفع رأسه نحوه وخاصة بعدما شد زيد جسده فوقف باعتدال فظهر طول قامته بالنسبة لجسد الصغير الذي يعد في أقرانه من الصبيان طويلًا، ولكنه اضطرّ أن يحرك عنقه للأعلى كي ينظر لظلال عيني والده من خلف عدستي النظارة الشمسية، والده الذي ابتسم وهو يدير عيناه عليه بشوق صادق ولهفة أبوية جرت في دمائه ليهمس: اشتقت إليك يا ولد ألم تشتاق لي؟!!
تطلع إليه إسماعيل مليًا قبلما يسأله بجدية : لماذا أتيت وماذا تريد؟!
رف زيد بعينيه من جمود ولده ليبتسم ساخرًا ويجيب بجدية : اشتقت إليك وأتيت لأراك.
السخرية التي شكلت ملامح ولده أثارت بسمته العفوية ونظرته الفخورة بولده الذي نطق بفطنه: حقًا؟! ليهز رأسه بتفكير وعيناه تضيق بتشكك - غريب.
ضيق زيد عيناه وهوالذي خلع نظارته ليواجهه بدون أن يحجب نفسه عنه حتى ولو بنظارة شمسية تقف عائقًا بينهما: ما هو الغريب؟!
رفع إسماعيل حاجبه لينطق بنقمة وغضب ساكن بداخله: أمر اشتياقك هذا الذي ليس مفهومًا لي بل حقًا يدفعني أفكر كيف كنت ستأتي لتراني عندما تشتاق ليس وأنا ميت وأنت الذي أردت خطفي فقتلت مهرتي وأنا فوقها وبطريقة كدت أن ألقي حتفي بها.
ليتبع باعتداد وهو يخطو نحوه خطوة واحدة فيدنو منه أكثر: فكيف أشتاق لأحد أردت أن أقتله وأتخلص من وجوده يا باشا؟!
نفر عرق الغضب بجبين زيد الذي أجاب بصوتٍ عميق قوي: من أخبرك أني أردت قتلك؟! هل أمك من فعلت أم زوجها؟!!
ابتسامة ساخرة ناوشت ثغر إسماعيل الذي أجاب بصلابه وتحدي: زوجتك من فعلت، ليتبع وهو يخطو خطوة أخرى يكاد أن ينطح ذقن زيد بمقدمة رأسه- وأنت فعلت قبلًا فلم يعد لدي شك أنك تريد الخلاص مني.
زيد الذي تراجع للخلف في تصرف عفوي حتى لا يصدم برأس ولده الذي رمقه بعنجهية موروثة فمنعته سيارته عن التراجع وهي تحتجزه بينها وبين إسماعيل الذي اتسعت ابتسامته أكثر ليسأله ببرود هازئًا: أم لديك أقوال أخرى تريد أن تُسمعني إياها؟!
ابتسم زيد وعيناه تتأمل تفاصيل ولده الذي كبر بصفات عديدة ورثها منه فهو فطن وذكي ببريق قوي يلمع بعينيه والتي تشبه عيناه بطريقة كبيرة، ذاك الذكاء الذي منحه نضوج سابق لأوانه ورؤية عميقة لكل الأمور من حوله، تنهد بقوة ليهمس بشجن: لدي الكثير أريد منك سماعه معرفته وتقبله.
تطلع إليه إسماعيل قليلًا ليسأله: وإذ ما رفضت ماذا ستفعل؟!
تشنجت ملامح زيد هو الذي نطق ساخرًا: لا شيء سأعود أدراجي من جديد.
رفع إسماعيل حاجبه بتشكك: ستتركني وتغادر هكذا ببساطة.
أومأ زيد بعينيه: نعم سأفعل.
عبس إسماعيل بعدم تصديق: دون أن تختطفني لتحتجزني عندك وتجبرني على ما تريد.
ضحك زيد بخفة ليجيبه بتروي: لم تعد ذاك الصغير يا إسماعيل لأفعل بك ما تتهمني به، أدار عيناه عليه مرة أخرى بتفحص دقيق قبل أن يكمل بزفرة حارقة- بل صرت صبيًا كبيرًا وأجاد ابن الالفي تربيتك وتعليمك.
سخر إسماعيل ليهمهم بانتماء قوي: نعم فعل، فهو عوضني عن حرمان أبوي كنت أعاني منه فكان لي أب لم تكونه أنت يومًا ولن تكونه أبدًا.
أشاح زيد بعينيه بعيدًا قبل أن يعود لينظر لولده متسائلًا: إذًا لن تمنحني فرصة على الأقل استمع إلى أسبابي؟
تطلع إليه إسماعيل مليًا قبيل أن ينظر لساعته الرقمية المتطورة الحديثة: وعدت أمي أن أعود إليها وهي بالفعل تنتظرني لذا اسمح لي لن أستطع البقاء معك أكثر من ذلك.
همهم زيد بسرعة وهو ينتبه للوقت بالفعل: إذًا دعنا نحدد موعدًا ونتقابل ثانيةً إذ ما أردت، تطلع إليه إسماعيل مليًا ليتبع زيد بشبه رجاء - فقط استمع لي وبعدها اتخذ قرارك.
اختنق حلق إسماعيل وهو يحاول الهرب من نظرات والده قبل أن يهمهم بضيق: حسنًا لا مانع.
ابتسم زيد بأمل ازدهر بعمق روحه: إذًا امنحني رقم هاتفك كي أتواصل معك وايضًا اسمك على وسائل التواصل الإلكتروني.
تلفت إسماعيل من حوله وخاصة عندما تصاعد أزيز هاتفه بصورة والدته فأغلق الخط عليها كي لا يجيبها بينما قلب الهاتف ليضعه فوق هاتف أبيه فينقل إليه بعضًا من المعلومات التي تخصه فيبتسم له زيد بامتنان حقيقي: شكرًا يا بني.
تحدث إسماعيل بسرعة: فقط إذ ما أردت لا تهاتفني ولا تراسلني كثيرًا، تطلع إليه زيد بتساؤل فأكمل بخنقة ظهرت في صوته- لا أريد أن أثير اضطراب ماما إذ ما أدركت وجودك من حولي.
ابتسم زيد ليهمهم بمكر: ولا ترغب في إثارة غضب البابا.
رفع إسماعيل عيناه في نظرة حادة ومضت بهما ليهدر بجدية: ماذا تقصد؟!
حدثه زيد بثرثرة عفوية: أقصد أن بالطبع زوج أمك سيغضب منك إذ ما وصل إليه أنك على تواصل معي.
صمت إسماعيل قليلًا قبل أن ينطق بجدية: بابا لن يفعل، وإذ ما أخبرته عنك لن يغضب ولن يمنعني من التواصل معك.
تطلع إليه زيد بنظرة ذاهلة مفتعلة: أوه ، إذًا هو يثق بك كثيرًا؟!!
شمخ بأنفه في عنفوان وحركة يفعلها الآخر بعفوية من الواضح أنها انتقلت لولده عن طريق المحاكاة: بل أكثر من كثيرًا أنا ولده وبكريه.. خليفته مهما أتى من صبيان بعدي أو فتيات سأظل كبيره القادم.
ارتجف فكي زيد هو الذي أطبق كفيه بقوة وعنف ظهر في تشنج جسده وعروق ساعديه الذين نفروا بوضوح: هل هذا ما يخبرك به ابن الألفي؟!
هدر إسماعيل بدفاع قوي: بل ما يفعله، فهو يحبني ويغليني حتى عن القادم فأنا أول من رأى وكبر وغلاتي لن يضاهيها أحد من أولاده.
شحبت ملامح زيد تدريجيًا ليغدو وجهه أصفر هو الذي أعاد ارتداء نظارته كي يخفي جمر الغضب الذي اشتعل بعينيه فيتحكم بضراوة في انفعاله بسبب تلك المعلومة التي لم يكن يدركها ولكن ابنه رماها في وجهه بلطمة حادة تركت أثرًا ظهر في صرير أذنيه الحاد ليهمس باختناق بعد كثير: حسنًا يا إسماعيل، لا تخف لن أراسلك أو أتواصل معك كثيرًا حتى لا أثير اضطراب والدتك فهي بالأخير سيدة حامل علينا مراعاتها.
ردد ولده بآلية كادت أن تصيبه بذبحة وهو يتأكد من استنتاجه: حفظها الله وجعلها سالمة هي وأخي.
ضحكة قصيرة خشنة انفلتت من حلق زيد هو الذي همس له: حسنًا لن أعطلك أكثر من ذلك وخاصة أن أمك بدأت بالاضطراب والقلق من أجلك، تواصل معي عندما تستطع مقابلتي ستجدني حاضرًا وقتما أردت.
أومأ إسماعيل بتفهم قبلما يبتسم زيد في وجهه يفتح ذراعيه على وسعهما ويشير إليه: هلا أستطيع وداعك قبيل الانصراف.
تراجع إسماعيل برد فعل عفوي ورفض اعتلى هامته: لا، لا تستطيع، سلام
ألقاها وعاد بخطوات شبه متسارعة دون أن ينظر ثانيةً لذاك الذي وقف يراقبه وعيناه تغيم بغضب قوي تملكه قبل أن يستقل سيارته ويغادر منطلقًا بينما يراسل والده هادرًا "الخطوة الأولى تمت وبنجاح".
بينما استقر إسماعيل في مكان وقوفه السابق ليجيب أمه التي صدح صوتها هلعا خائفًا لأجله: أين أنت يا إسماعيل؟! السائق خربت منه السيارة ولا يقوى على الوصول إليك وأنت الذي لم تجب هاتفك.
أجابها بسرعة وهو ينظر من حوله عن السيارة الثانية الملحقة بموكبه كي تحميه كما يوصي أباه: اهدئي يا حبيبتي فأنا هنا أين سأذهب فقط انشغلت مع صديق لي في الحديث فلم أنتبه للهاتف حتى لم ألحظ أن السائق تأخر عن موعده.
تنفست بعمق وهي تحاول تهدئة نفسها وهي التي شعرت بانزعاج قوي ووخز أصاب قلبها فعاودت الاتصال به ولكنه لم يجيبها لتتصل بسائقه كي تطمئن عليه فأجابها الأخير أن السيارة تعطلت وعليه هو راسل فرقة الحرس الذين عانوا بشكلٍ غير معتاد على زحمة سير عطلت وصولهم في موعدهم للبك الصغير فتصاب بموجة من الهلع وخاصة عندما لم يجيبها للمرة الثانية فتهاتف زوجها وهي تخبره بسرعة عم حدث فينتفض نبيل ويخبرها أنه ليس عليها الهلع فهو يتخذ احتياطات إضافية لأجل إسماعيل همت بأن تخبره عن السيارة القادمة إليه ولكن رنين هاتفه معلنًا عن اتصال نبيل جعله يسألها بجدية : هل أخبرِت بابا يا ماما عم حدث ؟!
ثرثرت بالإيجاب وهي تخبره عن مدى هلعها لأجله فزفر باختناق ليزعق بخشونة: لماذا فعلتِ هكذا هل أنا صغير سأخطف؟!! ليتبع بتمرد - يا الله يا ماما أفزعته دون داعي.
ألقاها بضيق حقيقي آلم قلب أسيل التي آثرت الصمت فأتبع هو بحدة: سأجيب بابا حتى أطمئنه ولا تخافين سأستقل السيارة القادمة وأعود إليكِ، سلام.
لم ينتظر أن تجبه هو الذي أجاب نبيل الذي هدر بجدية: أين أنت؟!
نفخ بقوة ليقلب عيناه في ملل: عند المدرسة يا بابا أين سأكون بالله عليكم ؟!
هدأ نبيل من خوفه ليسأله: إذًا لماذا لم تجب أمك ؟!
تنفس بعمق وهو يلتقط السيارة الثانية التي تسير من خلف سيارته والتي أقبلت عليه كي تقله: كنت أتحدث لصديقي واندمجت معه حتى لم ألحظ تأخر عم سالم يا بابا.
عبس نبيل وجسده يشتد باهتمام: ولماذا تأخر سالم؟!
ثرثر ببساطة: يقول أن السيارة تعطلت به ولكن لا تقلق هاك هي السيارة الثانية أتت وأنا أصبحت معهم ورفيق هنا بنفسه فلا داعي لهلعكم علي بهذه الطريقة، كبرت ولن يختطفني أحدهم.
زفر نبيل بقوة لينطق مناقشًا: أكبر منك ويُخطَفون يا إسماعيل فلا تمزح في هذه الأمور وأنت الذي تدرك أن أمك تخاف عليك كثيرًا.
نطق بحزم: صرت كبيرًا يا بابا.
ضحكة نبيل الحانية والتي رسمت ملامحه: وستظل الكبير يا حبيبي.
راحة غيّمت على ملامح إسماعيل الذي سأل: متى ستعود يا بابا أريد أن تجاورنا في الاحتفال الليلة فأنا فكرت أن نعد احتفال بمناسبة انتهاء امتحاناتي وأيضًا بمناسبة فوزك في البرلمان.
أجاب سريعًا: سأعود مبكرًا بإذن الله فقط لا تدع ماما تلتهم المثلجات كلها وأبقوا لي بعضًا من البوب كورن.
تهللت ملامح إسماعيل بفرحة حقيقية: لا تقلق سآتي بكمية إضافية كي يرضى الجميع وسأعد الألعاب كي نلعب سويًا.
أجابه نبيل بحماس: سأراسلك وأنا قادم فقط لا تدع ماما غاضبة حتى نستطيع الاحتفال يا إسماعيل.
لوى إسماعيل شفتيه بينما يتبع نبيل بضجر: تدرك أمك عندما تعبس في وجهينا قادرة على تحويل ليالينا إلى جحيمًا مجسدًا فصالحها وراضيها يا بني .
انفلتت ضحكة إسماعيل ليغمغم بالموافقة قبيل أن يغلق الهاتف والسيارة تصطف في باحة قصر والده المدجج بالحرس لحمايته هو وأمه من ذاك الذي وقف اليوم يتحدث معه غير خائفًا منه بل اليوم يشعر ببعضٍ من الشفقة نحوه هو الذي كان صادقًا في شعوره به.
***
ترجل من سيارته هو الذي وصل للمكان الذي أخبروه عن كونهم يحتجزون الآخر فيه، ذاك الذي عاد بالفعل مثلما أخبروه فهو عاد على بناءً على رغبة زيد كي يستخدمه كتهديد لشقيقته الصغيرة، ذاك الحقير الذي حاول الاعتداء عليها من قبل لأنها فقط لم تستسيغ مزاحه، ذاك الحقير الذي حدثه عنه محمد عندما علم بعودته فأخبره ألا يقلق فهو يضع عينه عليه وينتظر الفرصة المناسبة للانقضاض.
حينها سأله محمد بتروي: ماذا تقصد يا نبيل؟!
ابتسم نبيل مجيبًا ببساطة: لا تُشغل رأسك فقط اعتني بعالية، ليتبع مشتتًا ذهن محمد متعمدًا- بالمناسبة حدد موعدًا تكن متفرغًا فيه ومعك والدك كي ترافقوني لاستلام أرضكم فأنا أعتقد أن المستأجرين خرجوا منها.
تساءل محمد بمفاجأة: حقًا كيف ذلك ؟! لقد رفضوا أن يتركوا الأرض قبل انتهاء مدة العقد والذي سينتهي بعد ما يقارب السنة.
ران الصمت عليهما قليلًا قبل أن يجيب نبيل: من الواضح أنهم أبدلوا رأيهم واكتشفوا أن أرضكم صفقة غير رابحة.
لقد شعر بمحمد يكتم ضحكته قبل أن يسأله بمشاكسه: ماذا فعلت يا باشمهندس؟!
حرك نبيل عيناه بمزاح: لا شيء فقط منحتهم عرضًا وأقنعتهم أنه أفضل.
انفلتت ضحكة محمد ليكمل هو - فقط حدد موعدًا وأخبر والدك ولنذهب جميعًا بإذن الله، أرغب في رؤية بلدتكم.
حينها احتفي به محمد ورحب بطريقة تعود لأصوله والتي لطالما استمع نبيل عنها، عن ذاك الكرم الفلاحي المشهورين به فلاحين موطنه بأصالتهم وعراقتهم وما يختلف عنهم ما هو إلا شذوذ عن القاعدة المتعارف عليها عن كرم المصريين وترحابهم.
هو الذي ثرثر مع زوج شقيقته قليلًا قبيل أن يغلق الاتصال مخفيًا عنه نواياه اتجاه الآخر الذي لم يتبق الكثير حتى يقتنصه بين براثنه وحينها سيأتي بحق صغيرته كاملًا.
خطى بسطوة لداخل ذاك المخزن الخاص بأدوات البناء التي يستخدمها في بناء مجمعاته السكنية التي يعشقها، توقف قبل أن يخطو من البوابة لينصت لرجله المقرب، يهز رأسه بتفهم وهو يعبر البوابة لينظر لذاك الجالس أرضًا بجوار الحائط بأخر المخزن.
هرج عم الرجال عند وصوله أنبه ذاك الجالس أرضًا متقوقعًا على نفسه أن قدوم ذاك الذي لا يعرفه هامًا لأجله فترقب اقتراب نبيل نحوه والذي وقف يتطلع إليه بينما الآخر ينظر نحوه بعدم معرفة وفهم ارتسما على وجهه فيبتسم نبيل بشر انسكب من عينيه اللتين تحولتا للدكنة قبل أن يشير لأحدهم فيأتيه بكرسي من الخيزران فيجلس عليه أمامه يطل عليه من علٍ يضع ساقًا فوق أخرى بعدما فتح زر سترته الفخمة ليخرج من جيبه سيجار بني حجمه متوسط ذو رائحة نفاذه يبدأ بتجهيزه قبلما يشعله الرجل الواقف بجواره لينفث دخانه للأعلى بعدما عب منه كثيرًا ثم ينظر بصبر وتفحص دقيق لذاك الذي بدأ يتوتر في جلسته ويتململ بخوف إلى أن زعق ببقايا قوة تمسك بها: ما الأمر من أنت وماذا تريد؟!
صفعه أحدهم صفعة قوية حطت عليه بمفاجأة وألم جعلته ينتفض بقوة وذهول أجبره أن يشتد بجسده في عنف غريزي كي يستطيع الدفاع عن نفسه ولكن صوت الضخم الأجش الذي اكتشف أنه يقف بجواره: تحدث باعتدال مع الباشا.
تراجع بجسده في خوف بينما تأفف نبيل بضيق غير حقيقي زافرًا بملل: يا الله، لا تضربه تدرك أني لا أميل للعنف يا رجل.
زمجر الضخم المجاور له بحدة جعلته ينتفض بفزع والصفعة الثانية تحط من فوقه: هذه الأشكال لا تتحدث إلا بهذه الطريقة يا باشا.
انتفض ثانيةً وتأوهه يخرج قويًا بينما زفر نبيل بضيق حقيقي وهو يعتدل بجلسته: أخبرتك لا تضربه.
زم الرجل فكه بضيق قبل أن يُطيع مجبرًا: أمرك يا باشا.
أنهى نبيل سيجاره ليرميه بعبث بعيدًا وهو ينحني مقتربًا بوجهه من صهيب الذي نظر إليه بفزع: فالرجل من المفترض لا ينتمي لهذه الأشكال بل هو طبيب محترم.. عبس نبيل ليزم شفتيه مكملًا- أو كان طبيب محترم قبل أن يُفصل من عمله.
اتسعت عينا صهيب باهتزاز قوي ونبيل يستطرد متسائلًا: أليس كذلك يا دكتور؟!
اهتزت حدقتي صهيب بخوف وهو يتلفت إلى جانبه مرتعبًا من أن يصفعه الضخم ثانيةً فيبتسم إليه نبيل بسمة صفراء لم تكن صادقة مشيرًا إليه بعينيه: لا تخف لن يضربك ثانيةً، زفرة راحة كادت أن تخرج من فمه ولكن نبيل وأدها في مهدها وهو يكمل- إلا لو لم تتحدث عم أريد هذا شيء آخر .
هذر صهيب بسرعة: ما الذي تريد معرفته أخبرني وسأخبرك عنه.
أخفض نبيل عينيه ليعود ثانيةً في جلسته يضطجع باسترخاء: عن الاتفاق الذي تم بينك وبين زيد الحريري وأعادك من الخارج خصيصًا لأجله.
امتقع وجه صهيب ليلهث بانفعال: من أنت؟!
رف نبيل بعينيه فصفعة الرجل صفعة أقوى من سابقتيها وهو يزعق: كيف لا تدرك الباشا؟!
صرخ صهيب بألم قبل أن يهذر بارتعاب: لا أعرفه والله لا أعرفه ليكمل بتوسل قابله نبيل بازدراء- أعتذر منك يا باشا ولكني حقًا لا أدركك.
ابتسامة ساخرة رسمت ثغر نبيل الذي أجاب: لا يهم ستدركني في الوقت المناسب.
اهتزت حدقتي صهيب بعدم فهم ليزفر نبيل بملل قبلما ينطق بضجر: هل سأظل منتظرًا كثيرًا؟!
صفعة كادت أن تحط عليه بقوة كبيرة هو الذي زحف بسرعة هاربًا من كف الضخم الذي رمقه بغيظ بينما هو يصرخ: سأخبرك سأخبرك فقط أخبره أن يتوقف عن صفعي.
أشاح نبيل بعينيه للرجل المغتاظ فسكن بمكانه بينما حدثه نبيل هازئًا: جيد وهاك أنا أسمعك.
ثرثر صهيب بسرعة عن كل ما يعرفه تحت نظرات نبيل التي ازدادت دكنة مع تفاصيل ما يقصه عليه الآخر والذي يلهث برعبٍ حقيقي منهيًا حديثه: لم يطلب مني أن اقترب منها سواء بأمريكا أو هنا ولكنه أراد إخافتها فقط ليس إلا.
—وأنت؟! سأله نبيل بلهجة خالية من أي انفعال وملامحه منحوتة كتمثال لإله إغريقي وعيناه تعكس صورة الآخر فلم تشي بمشاعره
تطلع إليه صهيب بعدم فهم: أنا ماذا؟!
مط نبيل شفتيه: ماذا كنت ستفعل؟!
امتقع وجه صهيب وتراجع للخلف برهبة حقيقية وخاصة عندما تشكلت ملامح نبيل بضحكة شيطانية ليهم بأن يشير للضخم بجواره فيهتف بسرعة: أنا لم أكن ساقتر..
نظرة نبيل المعتمة الذي رمقه بها أوقفت الحديث بحلقه وخاصة وهو الذي شعر بأن نبيل ينفذ لأعماقه فأدرك بسهولة اشتهاءه لتلك التي تمنعت عليه وعندما هم بأن ينالها غصبًا كي يكسر عينها ونفسها أنهى مستقبله وحياته فأصبح لديه هاجس كي ينالها فيضيع حياتها كما أضاعت هي حياته فهي لا تستحق أن تحيا سعيدة ومرتاحة مع زوجها بعدما ضاع هو بسببها، ارتجف بخوف حقيقي عندما شعر بأن نبيل استطاع قراءه ما دار بخلده بسهولة ويسر ليهمس باختناق: من أنت حضرتك لم تخبرني؟!
بسمة منتشية ظافرة رسمت ملامح نبيل كللتها وشكلتها وخاصة هو الذي نهض واقفًا مغمغمًا بلهجة لطيفة أشعرت الآخر بذبذبات توتر زحفت على عموده الفقري فتملكت أعصابه وسيطرت عليه ونبيل ينطق ببساطة وهو يدور يوليه ظهره بينما يشير لأحد رجاله: أتدرك يا دكتور صهيب كان لدي موعدًا هامًا مع صديق لي ولكني نسيته وعندما وجدت أني لن أستطيع موافاة صديقي هذا فكرت أن آتي به إلى هنا.
تمتم صهيب بعدم فهم وهو يترقب أي حركة للضخم بجواره فيهرب منه إذ استطاع: صديق من؟!
استدار نبيل لينظر إليه مبتسما ابتسامة جليدية لاقت بملامحه شبه الأجنبية: صديق ستحتاجه أنت، ليصمت لوهلة قبلما يُصحح حديثه- فهو يعمل كطبيب وأنت تحتاج إليه.
انتفض صهيب بفزع حقيقي: ولكني بخير لماذا سأحتاج إليه.
ضحكة خشنة انفلتت من فم نبيل الذي ومضت عيناه ببريق جنوني: بل أنت مريض يا دكتور لديك شيء صغير يؤرقك ويدفعك لفعل أشياء مشينة ليس على من مثلك فعلها لذا..
تنفس نبيل بعمق هو الذي أخرج سيجارًا آخر يقم بإشعاله لينفث دخانه ببطء والرجل الآخر الذي وصل يقترب من مكانهما ويتبعه مساعده ونبيل يكمل- صديقي الطبيب سيخلصك منه ولا تقلق لن نتركك قبل أن تتعافى حينها سنعيدك لزوجتك وأولادك الذين سنكون منحناهم فضلنا لأننا قمنا بعلاجك فيكفي أنهم سيعيشون بقية عمرهم بعارك الماضي، على الأقل هكذا سيكون مطمئنين من جانبك بقية عمرهم.
اتسعت عينا صهيب بهلع حقيقي وهز رأسه رافضًا بعنف بينما يستطرد نبيل وهو يشير لرجاله أن يحملوه ويرغمون على السير وهو الذي حاول الإفلات منهم ولكنه لم يستطع ونبيل يتبع وهو يراقبه بعينيه: أما زوجتك تستحق أن تحيا بقية عمرها معك كشقيقة تشاركها اهتمامتها
صرخ صهيب رافضًا ليسكن بخوف عندما أوقفاه الرجلين أمام نبيل الذي رمقه باستهانة وهو يكمل تدخين سيجاره- أو لعلها تكن من نفس طينتك فتتركك لأجل رجل آخر يمتعها كما لم تفعل أنت يومًا.
صرخ صهيب متوسلًا: أرجوك لا تفعل لم أكن لاقترب منها لم أكن لأفعل، كنت سأخيفها فقط،
ابتسم نبيل باستهانة حقيقة فأكمل صهيب راجيًا: أتوسل إليك ارحمني.
أسبل نبيل جفنيه: من مثلك لا يستحق الرحمة.
صرخ صهيب بتوسل وهو يتملص بعنف من رجال نبيل الذين ساقوه للجانب الآخر من المخزن بينما نبيل يصافح الطبيب الذي حضر مهمهمًا بأن ما يريده سيحدث وأنه ليس عليه القلق، أومأ نبيل بعينيه بينما صراخ صهيب يتعالى، الطبيب يتحضر بعدما ترك حقيبته جانبًا ليتعقم وبجواره مساعده الذي أخرج الأدوات الجراحية اللازمة بينما يسيطر الرجال على جسد صهيب الذي يتلوى بعنف.. يبكي.. يصرخ.. ويتوسل بينما الطبيب يباشر تجهيزاته صاح أحد الرجال: نُخرسه يا باشا.
أشار نبيل برفض وهو الواقف جانبًا يضع كفيه في جيبي بنطلونه يراقب ما يحدث وعندما أعد الطبيب حقنة المخدر هدر بجدية آمرًا: لا ، لا يستحق المخدر دعه يشعر بالألم الذي كان يريد إذاقته للآخرين.
انتفض جسد صهيب وعيناه تجحظ بخوف خنق صراحه في حلقه بينما دموعه تنهمر هو الذي استدار ينظر لنبيل الذي رمقه من خلف رموشه الذي اقترب منه بخطوات بطيئة صداها ترك عظيم الأثر في نفسه وخاصة عندما خيم الصمت على الجميع حينما توقف هو عن الصراخ والعويل والولولة، عيناه تدور مع خطوات نبيل الذي استدار من حوله ليقف فوق رأسه بالضبط فأصبح ينظر إليه ورأسه منقلبة انحنى نبيل نحوه بعدما أشار للطبيب أن يباشر عمله هامسًا بجوار أذنه: ستتذكرني كلما تذكرت خيبتك، فأنت أبدًا لن تنسى نبيل الألفي.
شهقة ألم قوية خرجت بصرخة متوجعة عالية صادحة عمت المكان وأصمت الآذان والطبيب يباشر مهمته بينما نبيل يبتسم هازئًا، يستدير مغادرًا مانحًا رجاله تعليماته قبل أن يستقل سيارته ويغادر غير آسفًا على من تركه وصرخاته تودعه.
***
استيقظ على قبلة رقيقة حطت على طرف أنفه هو الذي غفى مرغمًا ليفتح عيناه ينظر إلى وجهها الصبوح بزينة متقنة واضحة هي التي انحنت عليه هامسة: صح النوم يا كسول هيا انهض فالعشاء معدًا وينتظرك.
رف بعينيه كثيرًا لينظر من حوله بعدم إدراك أولي: عشاء لماذا كم الساعة الآن؟!
ابتسمت وهمست: قاربت على الثامنة لقد غرقنا في نومٍ عميق ولكن هذا جيدًا فبهذه الطريقة نستعد لليلة جديدة سنقضيها سويًا.
حُددت ملامحه بذهول ليسألها بتعجب: لن نغادر اليوم؟!
ابتسمت بارتعاش هي التي اقتربت ثانيةً من المرآة الرأسية الموضوعة بجانب الغرفة ترتدي حليها: تريد العودة الليلة؟!
هز رأسه نافيًا: لا أتحدث عني بل عنكِ يا آسيا، هل عائلتك تدرك أين أنتِ أم بماذا أخبرتهم؟!
عبست بتعجب : أخبرتهم أني معك بالطبع ، مع زوجي.
اعتدل بالفراش ليسألها بجدية: أخبرتِ والدتك أنكِ تمضين لياليكِ معي؟!
عبست بانزعاج من صياغته للحديث لتهمس بجدية: بل أخبرتهم أني سافرت برفقة زوجي يا أدهم، ألست كذلك؟!
تمتم بسرعة بالطبع ولكن.. أغمض عيناه ليفتحها فتتشابك نظراتهما من خلال المرآة لتكمل هي بعد برهة : إذ أردت أن نعود حتى لا تبتعد أكثر من ذلك عن .. صمتت وحلقها ينغلق تمامًا قبلما تكمل – جود وآسر لا يهم لنتناول العشاء ونغادر .
نهض واقفًا يلملم روب الاستحمام من فوق جسده هامسًا: لا لم أقصد ذلك، أنا سعيد لكوننا سويًا.
اقترب ليحتجز جسدها بين ذراعيه مكملًا: فقط أفهم كيف نكون سويًا لأستطيع التصرف وفقًا لما تمنحيه إلي يا آسيا.
ابتسمت لتتملص من تواجده بخفة وتهمس إليه: حسنا ارتدي ملابسك الذي انتقيتها لك واتبعني للأسفل لقد حضرت الطاولة.
ابتسمت بشقاوة ومضت بعينيها لتتبع- وبعد الطعام نتفق.
ابتسم وأومأ بعينيه في مشاكسة لتضحك بخفة وتشير إليه وهي تخطو للخارج هو الذي تأملها بإعجاب حقيقي في ذاك الطاقم الأسباني الذي ترتديه بتنورة بطبقات منفوشة بتدرجات العسلي والأخضر والكراميل وبلوزة بناتية مفتوحة ساقطة الكتفين وتكشف عن بطنها المسطحة، ظهرها عارٍ فيظهر التاتو الذي يزينه بوضوح وخاصة مع لونها الأخضر القاني الذي يظهر بياض بشرتها المشربة بحمرة ونمش كتفيها اللذي أصبح واضحًا ببنية قانية بعد حمام الشمس الذي حصلت عليه اليوم فيبتسم بسعادة وهو ينظر لطاقمه الأنيق غير الرسمي الذي انتقته له يتناغم مع ألوان ملابسها، بنطلون كلاسيكي بلون أخضر قاني وقميص من الكتان بلون عاجي يعجبه ويزيد من ظهور اسمرار بشرته ، أنهى ارتداء ملابسه ليلتقط ذاك الوشاح المشابه لألوان تنورتها والذي لم يلتقط وجوده من قبل ليلفه حول رقبته فيزيد من أناقته هو الذي انتهى ليتبعها للأسفل فيجد الطاولة الجانبية معده والأضواء خافته والشموع مضيئة وهي تبتسم برقة هامسة: اليوم main course يا باشا من بلاد مختلفة أتمنى يعجبك.
اتسعت ابتسامته ليقترب منها يضمها إليه يقبل ما بين حاجبيها: لا يهم أي شيءٍ سوى أنكِ معي يا آسيا.
احتضنها لصدره ثم دفعها للطاولة ليقدم إليها كرسيها فتجلس برقي ليجاورها جلوسًا هامسًا: الطعام رائحته مُشهية والآن شعرت بأني جائع بالفعل.
ربتت على كفه القريب لتهمس وعيناها تفيض بعشقٍ صادق نحوه: بالهناء يا حبيبي.
رفع كفّها ليقبله قبل أن يبدأ في تناول الطعام فيطلق أنينًا مستمتعًا- اوه الاستيك رائع.
تطلعت إليه بصدمة حقيقية لتنطق بذهول: حقًا؟!
عبس بتعجب لينطق بعدما ابتلع ما فمه: نعم تذوقيه سيعجبك.
لم تطعه لتهمس وعينها ترف بتوتر: تذوق الأرز والخضار وأخبرني رأيك بهم.
أبدى استحسانه للطعام بعدما تذوقه ليسألها باهتمام: ما الأمر ألم تكوني تثقين بالمطعم؟!
اختنق حلقها لتدمع عيناها بعفوية أثارت ترقبه لتهمس بخفوت: أنا من أعددته، طلبت الأشياء عندما استيقظت من قبلك وفكرت أن أطهو لك.
ابتسمت بتوتر لتهمس ساخرة: ظننت أننا سنرميه بسلة المهملات ونطلب دليفري.
ظهر الذهول على وجهه ليقتطع قطعة أخرى من اللحم ويتذوقها ثانيةً ليسألها ببسمة متعجبة: ما هذه الظنون يا بنتي، ولكن صدقًا الطعام رائع.
ابتسمت من بين دموعها لتهمس إليه: طلبت من لولا أن تعلمني وصفة الاستيك وأنا أدرك أنك تحبه حتى أطهوه لأجلك، خجلت أن يكون سيئًا فلم أشأ أن أخبرك،
تغضنت عيناها بتعب ويأس كاد أن يهزم روحها: حقًا لم أتوقع أن يكون جيدًا لهذه الدرجة.
التقط كفها ليقبله بامتنان: بل رائع يا حبيبتي سلمت يداكِ، حقًا أعجبني.
ابتسمت وظلت تتأمله وهو يلتهم الطعام ليشير إليها بجدية: كلي من فضلك وتوقفي عن تأملي.
ابتسمت وأومأت ولكنها لم تطعه ليبدأ بإطعامها بنفسه لتهمس إليه: فقط اتركني أتأملك يا أدهم.
تنفس بعمق ليسألها بجدية وعيناه تموج باختلاجات روحه هو الذي يريد أن يفهم ما الذي تمر به ولكنه لا يقوى أن ينفذ لداخلها: ما بالكِ؟!
هزت رأسها نافيةً لتنطق بتروي: لا شيء فقط لا أصدق حجم السعادة التي أشعر بها وأنا معك.
نطق بصراحة وصدق: لن تضاهي أبدًا سعادتي يا آسيا لا حرمني الله منكِ.
ابتسمت وآثرت الصمت هي التي بدأت بتناول الطعام لتندمج معه في حديث يخص مخططه في جدول أعماله الخاص بدائرته الانتخابية لتسأله بتعجب وهي ترمق كفه الأيسر الفارغ من خاتم زواجه فتساله بجدية: اين خاتم زواجك يا أدهم؟! هل خلعته لأجلي؟!
رفع كفه ينظر إليها ليسألها بجدية وعبوس تملك جبينه: أين خاتم زواجي هذا الذي كنت أرتديه من قبل؟!
تطلعت إليه بذهول ليضحك بخفة: بعد خاتم زواجي الخاص بمريم والذي خلعته عندما قررت الانفصال عنها والزواج من جود لم أرتدي خاتم زواج أبدًا.
استقر الذهول بعينيها: كيف ذلك؟!
هز كتفيه بعدم معرفة: لا أعلم حقًا جود لم تسألني يومًا وأنا لم أشعر أني أريد أن أفعل، حتى عندما ابتعت إليها خاتمها الماسي وبعدها أتيت لها بالدبلة الذهبية التي أرادتها لم أبتاع أحدهم لأجلي وهي لم تطلب مني ذلك.
أومأت برأسها في تفهم وابتسامتها ترتعش ليسألها بجدية: هل تريدينني أرتدي خاتم زواج محفور بداخله اسمك؟!
ابتسمت برقة لتهمس بخفوت وهي تخفض عيناها في خجل: الحقيقة لقد ابتعت إليك خاتم أنيق ولكنه لا يُعد خاتم زواج وتوقعت أنك سترتديه بكفك الأيمن لأن خاتم زواجك يحتل بنصرك الأيسر ولكن بالأخير ارتديه كيفما ترغب.
ومضت عيناه بفرحة ليراقبها هي التي نهضت لتأتي بعلبه مخملية فخمة تمنحها إليه وتهمس: بتصميم خاص للملك، فتح العلبة بلهفة لتنكتم أنفاسه وهو ينظر للخاتم الفضي الفخم يقبع في منتصفه حجر عقيق أسود اللون محفور بطريقه غير ظاهره، بخيوط فضية قانية باسمه المكتوب بخط عربي أنيق وحرف الهاء مزخرف وكأنه تاج موضوع بالاسم ليهمس بأنفاس ذاهبة: إنه رائع يا آسيا
ضحكت لتسأله باهتمام حقيقي : حقًا أعجبك ؟!
أومأ بالموافقة فأكملت– مبارك عليك .
أشار إليها بعينيه فتوردت وهي تلتقط إشارته فتبتسم وهي تتطلع إليه هو المنتظر كي تخرج الخاتم من علبته تُلبسهُ إياه في بنصره الأيسر ليهمهم بصوتٍ بُح بمفاجأته: اوه القياس منضبط ، ليتبع بتساؤل حقيقي- كيف أدركتِ؟!
تطلعت إليه لتهمس إليه بضحكة قصيرة مندهشة مكررة جملته التي أخبرها بها من قبل: أصبحت أفعل، لا أدرك كيف ولكني أفعل.
هزت كتفيها بعدم معرفة حقيقي فضحك بخف ليقترب منها ينحني نحوها ليمسها بأنفاسه قبلما يهمس وهو ينظر لعمق عينيها: أنا أحبك يا آسيا، لم أحب قبلكِ ولن أفعل بعدكِ، أنتِ قدري الذي لُعنت به إلى أن أسبغ الله نعمته علي فمنحني فرصة ثانية كي أشفي من اللعنة وأشعر بمنحة وجودكِ معي وبجواري.
اقتربت منه تتمازج أنفاسهما سويًا لتهمس: معك يا حبيبي معك وبجوارك.
تعالت أنفاسه هو الذي جذبها نحوه ليلتهم ثغرها في قبلة قوية حشرت أنفاسها داخل رئتيها، تشنجت برجفة تملكتها وخاصة عندما حاولت الابتعاد ولكنه لم يمنحها الفرصة هو الذي نهض واقفًا وهو يجذبها نحوه يجبرها على الوقوف يضمها لصدره يحتضنها بقوة يعتصرها بين ذراعيه ليحاول أن يتماسك وهو الذي شعر بكونه يفقد الرمق الأخير من سيطرته فهم بالتراجع ولكن تعلقها به.. تمسكها بقربه، قبلاته التي تفاعلت معها وهي تبادله تقبيلًا قضت على المتبقي من صبره فجذبها أكثر إليه، يضمها بتوق يلامسها بشوق ويمنحها مشاعره بشغف أشعل مشاعرهما سويًا فرفعها من الأرض وهو يتجه بها نحو الأريكة فتهز رأسها بنفي همهمته من بين شفتيه فهمس بتوق ولهفته تبعثر أنفاسه شوقه يحرق خلاياه: لا أستطع التراجع يا آسيا ارأفي بي ولو قليلًا.
تطلعت إليه بتوسل فيدور بها نحو السلم وهو يهمس إليها: أنتِ زوجتي وحقي، ليكمل بأنفاس ذاهبة وهو يعاود تقبيلها ثم ينثر قبلاته على ملامحها يطبع قبلاته العميقة على نحرها المنكشف أمامه- الأمر منتهي لا عودة يا آسيا.
دمعت عيناها وهي تلهث بفيض من مشاعر تغرقها فلا تحاول النجاة منها بل تستلم إليها وهي تشعر بطوفان قوي يهدم صلابتها.. يهز أركان ثباتها.. ويكسر صنم برودها فهمست بخفوت: لا عودة أنا بدوري أريد ذلك.
اتقدت عيناه وماجت بالكثير ما بين دهشة ومفاجأة ورغبة عنيفة اندلعت بهما لتكمل بخفوت ودموعها تنساب رغم عنها من جانبي جفنيها: فقط لا تكرهني إذ ما لم تجد غايتك لدي.
ضحكة قصيرة خشنة ندت عنه ليهز رأسه بيأس قبل أن يجيبها وهو يعاود تقبيلها: اصمتِ من الأفضل لكِ فأنتِ لا تفهمين شيئًا.
توترت.. تبعثرت.. شعر بهشاشتها تطفو فوق سطح شخصيتها فجذبها أكثر إليه هامسًا: لا تخافِ، أنتِ آمنة معي
رفت بعينيها كثيرًا هي التي تعلقت برقبته عندما هم بإنزالها أرضًا: عدني أنك ستظل تحبني.
نطق بصدق وهو يوقفها أمام الفراش: سأفعل طوال حياتي وبعد مماتي.
ألقاها وأحنى رأسه يلتقط شفتيها في قبلة عميقة متمهلة أجبرت أنفاسها على التحرر من سجن خافقها المضطرب.
فيستولى عليها كاملة ويخزنها في رئتيه ليقوى على الاستمرار في تقبيلها إلى أن أنّت ودفعته مطالبةً بالهواء فيترك شفتيها مرغمًا وهو يلهث بقوة يعتصرها بين ذراعيه بعدما خلصها من ملابسها التي كان يتوق لنزعها عنها، دفعها معه نحو الفراش وهو يلتهمها بتمهل تارة وبتعجل تارة ليسقطها أسفله وهو يهديها سعادة مجسدة لم تنالها من قبل فينظر إلى عمق عينيها وهي تموء باسمه في رقة أضاعت ما تبقى من صبره عليها فيتوحد معها ماحيًا كل شكوكهما سويًا و هما يلتحمان معًا يكملان الناقص فيهما ليصبحا واحدًا صحيحًا مكتملًا.
***
خطى لداخل منزله يحمل سترته التي خلعها في وقتٍ سابق على إصبعين يعلقها على كتفه هو الذي أرخى ربطة عنقه وأحل أزرار قميصه الأمامية وأعاد كمي قميصه للخلف، بعدما بعثر شعره الهواء وخاصةً عندما أوصى سائقه أن يقف جانبًا في ذاك المكان المرتفع ليترجل من سيارته ويقف كثيرًا ينظر للسماء من فوقه هو الذي تحرر من ربطة عنقه وفتح زرين قميصه حتى يزيح شعور الاختناق الذي تملكه ليعب الهواء البارد داخل رئتيه إلى أن شعر بهدوءٍ نسبي يتملكه فعاد إلى بيته بتلك الطلة المهلكة والذي أزادها عندما وقف مرتكنًا بكتفه على جانب مدخل غرفة المعيشة السفلية ليتأمل جلوسها هي المضطجعة بجلسة ناعمة بجانب الأريكة تثني ساقيها العاريتين بجوارها وتأسر نظراته في ذاك الرداء الوردي الذي ترتديه فيكتمل جسدها الذي أصبح ممتلئًا، قماشته قطنية ثقيلة قليلًا ولكنها ناعمة تنسدل من فوقها بصدرٍ متسع بسخاء فيكشف عن مفرقه وخاصة وهو المزموم من أسفله بطريقة تُظهر فتنته، واسع يحتوي تغيرات جسدها ويخفي انتفاخ بطنها الصغير، بكُمين قصيرين يحددان أعلى ذراعيها وخصلاتها البنية ذات الوهج البني ملمومة في تسريحة أنيقة تشبه الكعكة ولكن بخصلات متناثرة من حول الطوق المشابه لفستانها والذي يزين رأسها، زينتها خفيفة تكاد لا تذكر ولكنها تزيد من فتنتها وهجًا خاصًا يليق بها.
استدارت تنظر نحوه عندما شعرت بوجوده فابتسمت بعفوية وعيناها ترحب به وتتأمله مثلما فعل معها هو الذي عندما أطال النظر أشارت إليه بعينيها أن يتوقف وهي تؤمى نحو إسماعيل الذي انتبه فاستدار نحوه مُرحبًا، تنحنح بخفة وخطى للداخل ملقيًا تحية المساء قبلما يرمي سترته على مسند الكرسي القريب ثم يرتمي بثقله كله بجوار إسماعيل متخذًا الأريكة الاخرى موضعًا لجلوسه هو الذي رحب بها في هزة رأس ثم قبل رأس إسماعيل مُرحبًا به ولم يشأ الاقتراب منها كي لا يفقد سيطرته على نفسه وهو يشعر برغبته الملحة في تقبيلها بطريقة ليست لائقة أمام ولدها الذي أصبح أبكر وأنضج فيشعر بغيرة طبيعية على أمه، غيرة ليست بمحلها ولا مطلوبة فلا يريد أن يستثيرها في ظل ذاك التوقيت الذي يترقب فيه الآخر مخططًا له وملاعبًا.
ثرثر إلى إسماعيل باهتمام كعادته يسأل عن أخباره فيتعاطى الولد معه بأريحية قبل أن تسأله هي: هل أنت بخير يا نبيل؟!
رفع عيناه نحوها في نظرة دفعت الدماء لوجنتيها وخاصة حينما همهم إليها بلطف: طالما أنتِ بخير أنا بخير يا حبيبتي.
ابتسمت وهي تخفض عيناها قبلما تسأله وهي تهم بالحركة: هل تناولت الطعام أم أخبرهم أن يعدوا إليك الطاولة؟!
تنفس بعمق ليغمغم: لماذا بمفردي ، هل أكلتم دوني؟!
تحدث اسماعيل بسرعة: بل ننتظرك بالطبع، فأنا أحضرت الأشياء ومنعت ماما من تناول الآيسكريم والمقرمشات إلى أن تنضم لنا.
ابتسم بلطف: حسنًا هذا جيد أخبروهم أن يعدوا الطعام هنا على الطاولة الصغيرة ويكون أشياء خفيفة إلى أن أستحمّ وأبدل ملابسي وأعود إليكم.
أومأ إسماعيل برأسه لينهض واقفًا وهو يحدث أسيل: سأخبرهم أنا يا ماما.
أومأت أسيل بتفهم هي التي انتظرت إلى أن غادر ولدها الغرفة لتتبع ذاك الذي اختفي في الدور العلوي كي يبدل ملابسه فتنهض لتتبعه بخطوات سريعة متلاحقة وهي تشعر بأن هناك ما يؤرقه.
خطت لداخل الغرفة تبحث بعينيها عن وجوده لتدرك أنه يستحم كما أخبرهم بسبب صوت مرذاذ المياه الصادح من الداخل فتعد إليه ملابسه النظيفة وتلملم ملابسه الملقاة بطريقة مبعثرة ليست معتادة عليها منه فهو نظامي جدًا وغير فوضوي اهتزت حدقتيها بتفكير فيم حدث ويؤثر فيه بهذه الطريقة.
انتبهت على خطواته الثقيلة هو الذي خرج من دورة المياه ينشف خصلات شعره بعدما ارتدى روب الاستحمام الثقيل والذي أخفى جسده هو الذي انتبه لها فوضع المنشفة حول عنقه وابتسم بلطف في وجهها، همست بخفوت: نعيمًا.
ضحك بخفة وهو يخطو نحو المرآة ليصفف خصلاته: أنعم الله عليكِ.
ارتعشت ابتسامتها ووقفت تراقبه وهو يرتدي ملابسه لتسأله بعد برهة: أنت بخير؟!
تطلع إليها بتعجب ليومئ بعينيه مجيبًا، رمقته دون رضا وبعدم تصديق جلي هو الذي ابتسم وهو يقترب منها يقرص ذقنها بأصابعه بخفة مشاكسًا: ما الأمر يا لولو هل تشكين من شيء محدد؟!
ابتسمت وتطلعت إليه بعتاب مستجيبة لمشاكسته وهي التي شعرت به يراوغها كي لا يخبرها بم يؤرقه: لم تُسلم علي عندما دخلت بل تجاهلتني وجلست بجوار ولدك.
ضحك بخفة ليكز على شفته السفلية بمشاغبة: نعم فأنا لم أقوى أن أقترب منكِ فلا أستطع الابتعاد عنكِ إذ ما فعلت، فأثير ضيق إسماعيل وخجل أمه.
ضحكت وأخفضت عينيها ليكمل بلطف: ثم وعدت إسماعيل أن أسهر معه لنحتفل سويًا فلم أشأ أن لا أفي بوعدي.
أومأت بتفهم: أخبرني بذلك وهو يمنعني من تناول الآيسكريم.
احتضن كتفيها بذراعه ليدفعها أن تسير بجواره هو الذي همهم إليها وهو يُقبل جانب رأسها: أنا من أوصيته فأنتِ لا تتناولين الطعام جيدًا يا أسيل.
هزت كتفيها بعدم معرفة: لا أشتهي الطعام.
ابتسم بمشاكسة : إذًا ماذا تشتهي؟! ضحكت برقة وهي تشيح بعينيها بعيدًا عنه في خجل ليكمل هو بهمس خافت وهو يقبل جانب أذنها- هل أخبركِ بم أشتهي أنا؟!
انفلتت ضحكتها برقة لتهمهم إليه وهي تحاول أن تتملص من ذراعه الذي اشتد عليها ليحتضنها لصدره: لن أمنعك عم تشتهيه ولكن انتظر حتى تنقضي السهرة والاحتفال.
اتقدت عيناه بغيمة زرقاء قانية ليهمس إليها وهو يدفعها معه نحو غرفة المعيشة : حسنًا حتى تنقضي السهرة والاحتفال.
•••
رمى نظارة الألعاب بضيق وهو يهدر بحنق: أنت تغش يا ولد.
تعالت ضحكات إسماعيل بصخب مرح: أبدًا أنت من لا تقوى على اللعب يا باشا.
دفعه نبيل في رأسه بمزاح رجولي مهمهمًا بتعبير مصري أصيل التقطه من مربية والده التي كان يعدها جدته وهو يجلس مجاورًا لأسيل التي ضحكت برقة وأشاحت إليه بعينيها في عتابٍ رقيق: فَشر، أنا أقوى على أكثر ما هو من اللعب ولكن ليس بتلك الطريقة.
عبس إسماعيل بعدم فهم ليستدير نحوه فينغلق حلقه وهو يظن أن الصغير سيسأله عن معنى حديثه الذي كان يشاكس به أسيل بالمقام الأول ولكن إسماعيل تساءل باهتمام: ماذا تعني تلك الكلمة؟!
ضيق نبيل عيناه لوهلة ليدرك تساؤله فيكح بخفة ويثرثر إليه شارحًا: على ما أعتقد أنها تعني أن ادعاءك هذا ليس صحيحًا أو باطلًا شيئًا من هذا القبيل.
تحرك إسماعيل وهو يترك اللعب بدوره: من أين أتيت بها؟!
ضحك نبيل بخفة ليهمهم بشجن وهو يتذكر تلك السيدة التي كان أباه يقدرها بشكلٍ خاص ليشير إليه أن يقترب منه فيفعل إسماعيل بطواعية ليجلس مجاورًا أمه التي أصبحت بالمنتصف بينهما: أبي كانت لديه مُربية يعدها كامه وأكثر، فهي كانت والدته، فهي من ربته وكبرته واعتنت به كثيرًا في ظل غياب أبويه.
اتسعت عينا إسماعيل باهتمام ليكمل نبيل وهو يخفض بصره: لا لم يكونا ميتين بل كانا موجدان ومتواجدان من حوله ولكن لم يكونا نِعم الأبوين، فجدي رحمه الله كان يهتم كثيرًا بعمله ومنشغلًا فيه كما يقال عنه أنه كانت طباعه حادة وقاسية وجدتي أم والدي لم تكن تحبه كثيرًا.
هذر إسماعيل بعدم تصديق: هل هناك أم لا تحب ولدها؟!
ضحك نبيل وأجابه : نعم هناك، ليتبع مشاكسًا متعمدًا- هل تظن أن كل الأمهات مثل والدتك؟!
أومأ إسماعيل دون تردد فتعالت ضحكات نبيل الذي جذب أسيل ليضمها إلى صدره يُقبل رأسها بتقدير ثم يحدثه: بالطبع لا، أمك نادرة الوجود يا ولد لا حرمنا الله منها.
ابتسم إسماعيل ليحتضن كف أسيل ويقبلها وهو يؤمن على الدعاء: أكيد.
صمت نبيل لوهلة فحثه إسماعيل باهتمام: ثم؟!
انتبه إليه نبيل ليبتسم إليه مكملًا: ثم رزقه الله بدادة نبيلة، كان اسمها وصفتها أيضًا.
استدارت إليه اسيل بتساؤل أجابه بعينيه: نعم لقد سُميت تيمنا باسمها، كنت أعدها جدتي فأبي بنفسه كان يعدها أمه حتى لو لم يدعوها يومًا بماما ولكنه دومًا كان يحدثنا عنها ويخبرنا أنها عوض الله له كي ينشأ سويًا متقبلًا لحياته.
صمت نبيل لوهلة وعيناه تغيم بدكنة قانية: دومًا كان يخبرنا أن ننظر لما يمنحه الله لنا فلا نبحث عن الناقص بل يحثنا أن نبحث عن عوض الله الذي لا ينقطع أبدًا بل يأتي بأشكالٍ عديدة ولكن الإنسان هو من يملك رؤية قاصرة فلا ينظر أبعد من أنفه.
ابتسمت أسيل لتهمهم: والدك رائع يا نبيل حفظه الله وبارك في عمره.
همهم مؤمنًا على دعائها ليهتف إسماعيل بصدق: أنا أحب جدو يحيى وأستمتع كثيرا عندما أجلس ونتحدث سويًا.
ابتسم نبيل ليثرثر إليه: هو الآخر يحبك كثيرًا ويخبرني أن رأسك ذرية ما شاء الله عليك.
شاغبه إسماعيل بعفوية: أشبه أبي.
انتفضت أسيل وعيناها تتسع بارتياع فيرنو الصمت عليهم لوهلة قبل أن يبتسم نبيل ويومئ موافقًا وهو يلتقط مقصد الولد الحقيقي: بالطبع تشبه أبيك، ليكمل بجدية ونبرة حازمة شكلت حروفه- سواء والدك أو من عوضك الله به فأنت بالطبع تشبهنا سويًا.
اتقدت عيني إسماعيل باهتمام قوي وخاصة عندما تحرك نبيل بجسده مقتربًا بجذعه منه فيقترب إسماعيل منه بنفس الطريقة مخلفين أسيل خلفهما: أنت أبدًا لن تشبه زيد بنفس طريقته ولن تكون متطابقًا معي يا إسماعيل، لأنك تملك شخصية متفردة وعقل أنعم الله عليك به لذا أنا أثق بك وبعقلك وذكائك وبأنك ستتبلور لتصبح فريدًا من نوعك.
ابتسم إسماعيل ليهمس بصدق: وأنا لن أخذلك بإذن الله.
ربت نبيل على وجنته بحنان ليهمس إليه: فقط تذكر بابا يحبك ويثق بك وبعقلك وأنك بكريه مهما أنجب من أطفال ستظل أنت الكبير.
أومأ إسماعيل بتفهم وعيناه تتقد بسعادة لينطق بثقة: أعلم.
تنهد نبيل بقوة: حفظك الله يا بني.
همست أسيل مؤمنة على الدعاء ليهتف إسماعيل بمرح: لنلتقط صورة عائلية لطيفة لهذه السهرة الرائعة.
اعتدلت أسيل بجلستها بينما يضع نبيل ذراعه من حول كتفيها مقربًا إسماعيل منها وكفه الأخرى على بطنها المنتفخة قليلًا ليسأل قبل أن يلتقط إسماعيل الصورة: هل ستشاركها يا إسماعيل أم تريد الاحتفاظ بها فقط؟!
استدار إسماعيل بتعجب ليهمس بمرح: بل كنت سأشاركها بالفعل يا بابا كيف أدركت الأمر؟!
ضحك نبيل ليدفعه بلطف في كتفه مقلدًا مُزحة استمع إليها اسماعيل كثيرًا من العم حاتم: أنا بابا يا بني، ضحك إسماعيل بينما يتبع نبيل- فقط انتظر حتى تضع ماما وشاح فوق كتفيها فالفستان مفتوح قليلًا.
غمغم إسماعيل بعدم رضا وعتاب واضح: بل كثيرًا.
استدارت إليه أسيل باستنكار بينما كتم نبيل ضحكته وهو يشيح بعينيه بعيدًا وخاصة عندما أكمل إسماعيل: فقط لم أشأ أن أعترض فأثير ضيقها وهي التي غضبت مني بوقتٍ سابق اليوم فقبلت به على مضض.
قهقه نبيل ضاحكًا وهي تهدر بحدة: لا والله هل ستخبرني الآن يا إسماعيل باشا ماذا علي أن أرتدي أو لا؟!
أجاب دون شبهة تردد: نعم سأفعل، ليتبع بعصبية- الفستان مفتوح بطريقة مبالغ فيها ولكني ارتضيت به وصمت لأنكِ هنا ولن يراكِ أحدًا غيرنا، اتسعت عيناها واستدارت لنبيل تسأله المساعدة هو الذي آثر الصمت بينما إسماعيل يتبع – بالله عليكِ لقد أمرت الرجال بالخارج ألا يقترب أحدهم من المحيط الخارجي للحديقة خوفًا من أن تخرجين للشرفة أو الحديقة فيراكِ أحدهم هكذا وأصلًا لم أكن سأشارك الصورة وأنتِ مكشوفة هكذا بل كنت سأضع شيء من فوقك ليخفيكِ عن الأعين.
شهقت باعتراض وهي تنتفض واقفة: ولماذا تتصور معي بالأساس يا افندي إذ ما كنت ستخفينني من الصورة من الأفضل أن تلتقطان الصورة لكما بمفرديكما؟!!
تمسك نبيل بوجودها وهو يرمقه بنظراته في عتابٍ قوي ليهمهم مدافعًا: لا هو لم يقصد أنه سيخفيك نهائيًا من الصورة يا أسيل بل أعتقد أنه كان سيخفي جذعك فقط من الصورة.
أومأ اسماعيل بعينيه: نعم كنت سأفعل فليس من الطبيعي أن ينظر أصدقائي كلهم لكِ وأنتِ هكذا.
صاحت أسيل باعتراض: وأنا هكذا كيف؟ ما بالي لا أفهم؟!
هم بالحديث ولكن نبيل أصمته عندما همس بلطف وهو يلامس مرفقها القريب منه: رائعة.. مبهرة.. ستفتنين أصدقائه الشباب يا هانم وهذا شيء غير مقبول فأنا أغار.
استنكرت بوضوح: الشباب، إنهم لازالوا صغارًا يا نبيل جميعهم كأولادي وأدرك أمهاتهم أيضًا.
عبس نبيل برفض بينما هدر إسماعيل باعتراض قوي: لا لسنا صغارًا يا ماما.
أشار نبيل بكفيه: حسنًا سواء أصدقائك أو غيرهم أو من سيرى الصورة نحن لا نقبل بتلك الهيئة أن تُكشف للناس، فهلا وضعتِ وشاحًا من فوقكِ حتى نلتقط الصورة في سلام؟!
تطلعت لنبيل بعدم رضا فأشار إليها بعينيه ليتحرك ولدها دون أن ينتظر ردها يمنحها ذاك الوشاح الموضوع دومًا بجانب الأريكة لأجلها هي التي جسدها يتحسس للهواء البارد فتضعه من فوق كتفيها في أيام الربيع ذات الهواء البارد فيمنحه إليها كي تضعه على كتفيها بالفعل تخفي به جذعها كله لتسأله بضيق: هكذا جيد يا بك؟!
ابتسم إسماعيل ليُقبل رأسها ويشاكسها بملامحه في حركة يفعلها نبيل دومًا: قمر.
ابتسمت مرغمة عندما جلس بجوارها ليطبع قبلة على وجنتها وهو يجذبها من مرفقها لتقترب منه بينما يشير لنبيل للاقتراب بدوره فيعاود نبيل احاطتهما بوجوده وإسماعيل يهمهم بخفوت: هيا قولوا تشيييز.
التقط الصورة ليشاركها بالفعل تلقائيًا بينما تتحرر هي من الوشاح بضيق وهي تهمهم عندما تطلع إليها إسماعيل بتعجب بينما يكتم نبيل ضحكته: أشعر بالحرارة اليوم على غير العادة.
أومأ إسماعيل بتفهم مفتعل بينما هي تلتقط كوب الآيسكريم لتتناوله فيعبس نبيل برفض: لم تتناولي الطعام.
هزت كتفيها بملل: لا أشتهي الطعام .
هز نبيل رأسه بيأس وهم بالحديث ولكن صوت هاتف إسماعيل الذي أتى بتنبيه رسالة واردة أجبرته على الصمت وخاصة عندما تطلع إسماعيل للهاتف قليلًا قبلما ينهض واقفًا ويهمس بجدية: حسنًا ليلة سعيدة فأنا موعد نومي مر منذ زمن ولدي موعدًا هامًا في الصباح مع مدرب الملاكمة، لذا تصبحون على خير.
همهم نبيل ببسمة مخفاة تحيه المساء بينما تطلعت إليه أسيل بعدم رضا قبل أن تهتف به: فقط نم جيدًا ولا تظل مستيقظًا على الهاتف تراسل أصدقائك الذين رأوا الستوري ويحدثونك بشأنها.
لكزها نبيل بعتب بينما استدار إسماعيل يرمقها مليًا قبلما يبتسم بمكر ويجيبها بمراوغة: لا تخافِ لن أظل مستيقظًا أتحدث معهم ولماذا سأفعل وأنا سأقابلهم غدًا بالنادي ونتناول الفطور سويًا بإذن الله.
انفلتت ضحكة نبيل صادحة بقوة بينما هي صاحت بحدة: من هم؟!
تطلع إليها إسماعيل ببراءة: أصدقائي، ألا تتحدثين عن ولدي سليمان سأقابلهم في الغد بإذن الله ففارس أعجبته اللعبة واشترك معي لمزاولتها بينما سليمان لديه تدريب فروسية.
سألته بغيرة واضحة: وتارا؟!
ابتسم وأخفض عينيه: ادعي لها يا ماما لديها مقابلات أداء لعروض بالية الأوبرا وفقها الله، ليكمل بعد برهة وهو ينصرف بالفعل- لذا عندما أنتهى من التمرين سأصحبهم لنوافي تارا وندعمها في يومها المصيري، تصبحون على خير.
غادر بالفعل بينما انفلتت ضحكة نبيل وهو يشعر بغيرتها العفوية على ولدها فيقبض على مرفقها وهو يشعر بعصبيتها: اهدئي يا لولو .
هزت رأسها بيأس: أترى كيف يراوغ في الحديث؟!
ابتسم نبيل بلطف: بل هو صريح في حديثه ويخبركِ بكل أموره، نعم لا ننكر أنه يتبع أسلوبًا خاصًا به ولكنه يفعل وهذا جيد، فقط أنتِ اهدئي وتوقفي عن خوفك الشديد عليه إسماعيل لم يعد صغيرًا بل هو بارك الله فيه أصبح يعي ويدرك جيدًا الأمور كلها فثقي به قليلًا.
تنهدت برقة لتتراجع للخلف بعدما تركت كوب الآيسكريم من كفها فيجذبها بعفوية لترتاح داخل صدره: خوفي عليه لا يد لي فيه يا نبيل.
ربت عليها وضمها أكثر نحوه: حصنيه وتوكلي على الله فهو الحافظ.
همهمت بالكثير من الأدعية قبلما تربت على صدره وترفع عيناها نحوه: وأنت ألا تريد مني أن أحصنك أيضًا؟!
ضحك بخفة وكز على شفتيه بمشاكسة: بل أريد اكثر من التحصين.
ابتسمت في وجهه لتهمس بصدق وجدية: بارك الله لنا في وجودك ولا حرمنا منك أبدًا يا حبيبي.
قبل رأسها ليضمها أكثر لصدره ويهمهم مؤمنًا على دعائها هو الذي شرد بعينيه بعيدًا وعقله يعيد عليه حديث رفيق اليوم عن السيارة الأخرى التي تشبه كثيرًا سيارة الآخر والذي التقطها تغادر من أمام مدرسة الصغير صباحًا، فتدكن عيناه أكثر وهو يفكر في شعوره بإسماعيل اليوم والذي لم يكن يقصده في تلك الجملة التي ألقاها بعفوية ولكنها كانت أبعد عن العفوية بل الولد نطقها متعمدًا وهو يؤكد على شبهه القوي بأبيه الذي لن يتركه أبدًا لن يفعل بل من الواضح أنه يدور من حول الصغير منتظرًا اللحظة المناسبة لاختطافه من بينهم.
•••
دلف إسماعيل لغرفته ليغلق بابها عليه قبل أن يخرج هاتفه وينظر لتلك الرسالة التي وردته فتعلل برغبته في النوم كي يجيبها بعيدًا عنهما خوفًا أن تلتقط أمه صاحبها من تلك الصورة التي تزين مُرسلها أو يدرك نبيل أنه يتواصل مع أباه، تلك المعلومة التي أخفاها عنهما متعمدًا فيرمق هاتفه مليًا وهو يقرأها ثانيةً فثالثة والذي يدرك أن الآخر رأى تلك الصورة التي شاركها فاستثارت رغبته الأثيرة في امتلاكه فيلح عليه بالمقابلة.
"هل أنت متفرغًا بعد يومين يا بني، أريد مقابلتك والحديث معك أخبرتني أنك ستمنحني فرصة كي تسمع جانبي من الرواية"
تنفس إسماعيل بقوة قبل أن يفتح الرسالة أخيرًا ليطبع بهدوء مجيبًا
"نعم فعلت، ولا أرفض مقابلتك ثانيةً فقط سأرتب مواعيدي ونلتقي"
ولينهي الحديث بمنحه تحية المساء قبل أن يغادر التطبيق ناويًا عدم مراسلته حتى إذ ما فعل الآخر ليجلس على حافة الفراش وعيناه تغيم بتفكير عميق " فيم يخطط إليه – أباه- هذه المرة؟!"
***
يتبع ...


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-03-24, 12:06 AM   #3305

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

ينظر لسقف الغرفة لازال يلهث بأنفاس متلاحقة وابتسامة بلهاء تزين ثغره هو الذي اضطجع على جانبه ليرمقها هي التي غفت دون رد فعل وكأنها هربت من صخب مشاعرها للنوم رغم تمسكها بحضنه هو الذي لم يفلتها بعدما انتهيا بل ظل ينثر قبلاته على رأسها ويهمس لها بعشقه ويكرر عليها مدى سعادته معها هي الصامتة بذهول.. ساكنه بصدمة ولكنها لم تتشنج وتبتعد عنه بل لجأت إليه إلى أن غفت عيناها وهي تلتجأ لصدره وكم كان أكثر من مُرحبًا فظل محتفظًا بها داخل صدره وأنفاسه المتعالية لا تهدأ ولا تسكن، تنفس بعمق يحاول أن يهدئ من وجيب قلبه وخفقاته المتسارعة، دفع جسده أعلى قليلًا يسند ذقنه داخل راحته المفرودة مرفقه مغروس بجانب وجهها يتأملها بعدم تصديق يغمره منذ أن أنهى وصاله لها.
ابتسامته تتسع بنشوة خالصة كلما يذكر روحه أنها أصبحت زوجته.. لقد نالها وأخيرًا أصحبت آسيا ملكه ليخفض عيناه مفكرًا في شعوره بها.. ذاك الشعور المتفرد بالوصول إلى السماء والتحليق بها دون سقوط.. دون ارتطام أو عودة للواقع بل هو ظل متخمًا سعيدًا في فضاء نفسه التي تحررت معها وبها ورغم أنها ليست مرته الأولى.. ورغم أنه عاشر امرأتين من قبلها تزوجهما فأفضى برغباته في إحداهما والأخرى سكنت روحه إلى جوارها إلا أن ما لقاه معها هو فيض من مشاعر قوية لاهبة أحرقت صبره وتعقله وخاصة مع خجلها الذي أعجبه وأدهشه.
هو الذي وطنّ نفسه على تقبل زيجتها الماضية وأنه ليس أول من يطأها ليكتشف أنه الأول بالفعل دون أن يبحث عن أثر دماء اختفت مع غشاء فُض بتجربتها الماضية إلا أن عذرية روحها وقلبها وجسدها الذي استقبله كأول فاتح لم يغزوها أحدهم قبله أثار جنونه وحرقته التامة لتكرار وصالها ولكنه تجلد ومنع نفسه بالكاد وهو يستشعر عدم راحتها الأولية معه رغم انغماسها التام فيما بعد ولكنه آثر أن لا يؤلمها وهو يعاملها معاملة البكر التي تستحق أن يَصبر عليها.
ابتسم بسعادة ليقترب منها يطبع قبلة فوق جبينها وهو يهمهم باسمها يريد أن يوقظها من غفوتها القصيرة فصبره ينفذ وهو يريدها، لا يقوى على النوم أو الصحو وكل ما يدور بعقله أنه يريدها.. ثانية وثالثة وعاشرة فقط يريدها.. يريد أن يكرر شعوره بها ويؤكد لنفسه أنها هنا بالفعل بين ذراعيه.
وخاصة وهو يشعر بأن لقائهما السابق رغم سعادته العارمة به وفرحتها التي لم يغفل عنها إلا أنه كان ديناميكيًا أكثر مما يريد أو يشتهي، فيوقظها وهو يقرر أنها تستحق الدلال والحب وهو الآخر يستحق انتشاء قوي يليق بعظمة وجودها.
رفت بعينيها فومضت عيناه بشوق ولهفة نبعت من صوته: صح النوم يا حبيبتي.
ابتسمت وخجلها يغمرها فتتمسك بالغطاء قويًا وهي تنزلق اسفله تتأكد من اختفاء جسدها بأكمله تحته تهمس بتبعثر: هل أتى الصباح؟!
تطلع إليها بنظراته التي تلتهمها ليهمس بخفة وهو يقترب منها يقبل ثغرها برقه: سيأتي الآن عندما نكون معًا، أشاحت بعينيها بعيدًا ليكمل بخفوت وهمس أجش يترك أثره على روحها– اشتقت إليكِ وأنتِ نائمة بين ذراعي، تخيلي؟!
أخفضت عيناها بخجل فهمس باهتمام: أنتِ بخير؟!
استدارت إليه تعبس بتعجب من سؤاله الذي لم تلتقط مقصده منه فترمقه بتساؤل لتنظر إلى عينيه بعدم فهم فيحثها أن تجبه بنظراته وغمزته الشقية، توردت وهي تخفض عيناها ليهمهم باسمها هي التي ابتسمت بتوتر قبلما تومئ برأسها إيجابًا ليلوى شفتيه بعدم اقتناع هامسًا: لا أعتقد.
عبست بعدم فهم فانزلق تحت الغطاء يجاورها يلتصق بجسده بها ويهمس بخفوت مشاكس: لا أشعر أنكِ بخير وأنا الآخر لست بخير، تطلعت إليه بقلق نبض بنظراتها- مشتاق ولدي حرائق مندلعة بجسدي أريد إطفائها.
انكمشت كما تفعل كلما اقترب منها فهمس بخفوت وهو يلف ذراعه من تحت جسدها ليحملها ويدفعها نحو جسده، وهو يهمس: ولم أتعرف جيدًا.
شهقت لتتمسك بكتفه تشعر بتضخم مشاعرها يزداد وقلبها يخفق بجنون عيناها تجحظ بعدم فهم وأنفاسها تتعالى وهو يهمهم إليها: اتركي نفسك لي.. حرري روحك من قمقمها.. واصرخي بقوة وأنتِ تهدمين قضبان خوفك وسجن اعتقادك الخاطئ وظنك الأحمق يا آسيا.
تمسكت به وهي تلهث عيناها تتسع بذهول وهي لا تعي ما يحدث معها فيهمهم بجانب أذنها التي وشمها بالكثير من قبلاته التي مطرها بها بأكملها: أنتِ رائعة يا آسيا وأنا شعرت بكِ المرة الماضية كآتون محترق أذابني بداخله فتحولت إلى رماد لأنهض من جديد ثانيةً كعنقاء منتصر ظافر منتشي بنصره الذي حققه
شهقت بقوة ليهمس بخفوت وهو يرفض ابتعادها أو تشنجها.. رفضها أو هروبها هي التي لا تقوى على التعاطي مع كم ما تشعر به: لا تبتعدي .. لا تهربي، امنحي نفسك سعادتها كاملة وامنحيني فرصتي لأصحبك إلى النعيم يا آسي فال بخير التي ترددينها لا تكن شيئًا بما هو قادم الآن.
تمسكت به بقوة فشعر بها قريبة.. هشة.. طيعة.. لينه فيهمهم إليها: تحرري، هيا يا آسيا.. اخرجي من سجنك واركضي إلي.. تعالي فأنا أنتظرك.
ارتعشت بين ذراعيه ليلعق شفتيه هامسًا: هاك أنتِ مستعدة لي..
هتفت باسمه في صرخة متفاجئة وهو يتوحد معها ليهمس متبعًا وهو يضمها إلى صدره يقبل بين عينيها قبل أن يصلها بتوق شغف وشوق لا ينتهي- لا تخافين احتلالي سيكون رائعًا، أنا أعدكِ لن تنسيه أبدًا مهما حييت.
***
اليوم التالي -عصرا
تتقوقع على الكرسي الجانبي هي التي استيقظت رغمًا عنها بعد وقت لا تعلم مداه ولكن ذاك الضوء الذي تسلل من جانب ستائر الشرفة أقلقها فاستيقظت هي التي بأول الأمر لم تدرك أين هي وماذا حدث لتنتفض وتجلس بشهقة قوية كتمتها بداخلها حتى لا تقلق ذلك الغارق في نومه بجوارها، تنفست بعمق ورفت بعينيها كثيرًا وحاولت النهوض بتمهل حتى لا توقظه وهي الخائفة أن يفعل فيعيدها من جديد إلى دوامته التي أنهكها بداخلها، هو الذي أغرقها ثم أنقذها، هشم كل معتقداتها ليمنحها ثوابت جديدة تتكئ عليها وتنهض من جديد، هو الذي زجها داخل آتونه المشتعل فأحرقها إلى أن حولها لرماد ثم لملم رُفاتها وشكلها من جديد ليمنحها على يديه صخب جديد وروح جديدة وحياة مليئة بالمشاعر لم تكن تعلم عنها شيئًا بل لم تكن تتخيل أنها ستشعر بتلك الاحاسيس التي سقطت في بئرها العميق فلن تنجو من بعدها أبدًا.
تطلعت من حولها لشيء تريد أن تستر به جسدها العاري فلا تمنح نفسها فرصة أن ترى آثاره عليها تلك الآثار التي لازلت تحمل وطأتها داخل روحها.. فترتجف وهي تتذكرها في لمحات سريعة ودفء قوي يغمرها واحتقان يتملكها لا تقوى على فهمه وخجل قوي يغرقها وهي تتذكر إشعاله لها بتروي.. بطء.. شغف وتوق يتقد بعينيه ويزين نبرات صوته الأجش الذي سكبه بداخل أذنيها، احتلاله الذي وعدها به فلم يتوقف عند المرة الأولى بل تكرر كثيرًا فلم تحاول الإحصاء وخاصة وأن وتيرة وصله لم تحمل صفة التكرار بل في كل مرة حملت عبق مختلف.. منهجية خاصة والتحام جديد، هو الذي دفعها لأبعد نقطة كانت من المستحيل أن تتخيلها أو تفكر فيها أو تعتقد بوجودها ليعيدها إليه قبل أن يدفعها لنقطة أبعد فتفكر أنه ليس هناك أبعد من ذلك ليفاجئها بشوقٍ جديد وشغف عميق يمنحه لها في كل شيء بِدءً من لمساته وقبلاته العميقة التي لم يترك مكان إلا وزينه بها إلى التحامه المتكرر معها، هي التي انصهرت بداخله وتفاعلت معه واستجابت بطريقة مذهلة أشعلته فأحرقهما سويًا.
التقطت قميصه المرمي أرضًا كي تضعه من فوقها قبل أن تخطو بتسارع وهي تلهث كي تدلف إلى دورة المياه يحثها عقلها على الاستحمام الذي من المؤكد سيمنح جسدها هدوء تحتاجه ويهدئ الصخب الذي أشعله هو بداخلها فلم ينطفئ للآن، ستزيل آثاره وتعود لما كانت عليه من قبل.. ستمحي ذاك التوهج الذي لازال مضيئًا بعمق روحها.. ستتخلص من الشوق الذي يهدر بدمائها، ومن تلك المشاعر المهتاجة التي تثير الجنون بعقلها، ولكن للأسف الاستحمام الساخن لم يفيدها بل شعرت وهي أسفل المرذاذ بأن توهجها يزداد وجسدها يتحرر من قيود قديمة لم تعد تكبله فأضحى منتعشًا دافئًا يخجلها من نفسها ومن شعورها الذي لم يسكن بعد فكلما أغلقت عينيها تتذكر تفصيله كانت غائبة عنها، ملامسة وشمت روحها قبل جسدها قبلة عميقة منحها إليها وهو يخبرها بمدى حبه، والتحام هادئ بطيء يصل لأعماقها وهو ياسر نظراتها داخل عينيه ويخبرها عن عمق شعوره بها ومدى اختلافها، وكيف تأثيرها قوي عليه، شغف يضمهما سويًا وهي تستكين إليه وتستجيب معه بل وتتعاطى بمواءٍ خفيف باسمه الممتزج بلهاث تائق والناطقة به في رغبة حقيقة تتملكها فيسكب رغبته كلها بداخلها وهو يتشبث بها هامسًا بعشقه القوي لها.
تنهدت وهي تتحرك لتلف جسدها بالمنشفة وتقف أمام المرآة المغبرة ببخار المياه فتزيله عنها قبل أن تّطلع لانعكاس صورتها بها لتجفل للوهلة الأولى عندما التقطت تلك الآثار الحمراء الداكنة التي تزين جسدها فترتجف بعفوية وهي تتذكر أنها تأوهت معترضة على قبلاته القاسية فهمس إليها مزمجرًا باعتراض وهو يتمسك بها: دعيني ألتهمكِ كما حلمت من قبل.
ابتسمت بخجل ووجهها يحتقن بالأحمر القاني وعيناها تتعرف على ذاك الانتفاخ الطفيف الذي تشعره بثغرها فتعيده لالتهامه الذي لم يتوقف بل ازدادت وتيرته مع اشتعال صخبه الذي تزايد أكثر فأكثر إلى أن همست هي بلطف: يكفي يا أدهم حقًا تعبت وأشعر برغبة شديدة في النُعاس
ورغم اعتراضه إلا أنه استجاب لها ليضمها إلى صدره متمسكًا ببقائها هامسًا وهو يقبل جانب رأسها: حسنًا لنأخذ قسطًا من الراحة.
لقد غفت بالفعل فلم تدرك ما الذي فعله بعد نومها ولكنها استكانت إليه لتستيقظ على ضوء النهار القوي الذي تسلل من جانب الستائر التي أغلقها هو بنفسه في وقتٍ سابق عندما انبلج عليهما الصباح فهمهمت بكون الضوء يضايقها ليقفز من جوارها يغلق الستائر قبل أن يعود لها يستكمل موجات عشقه الهادرة والتي لم ولن تنتهي هكذا أخبرها فأخلجها وأضحكها ثم استمالها وأرضاها فأطاعته واستجابت وغرقت في دوامات حبه المتتالية.
زفرة حارة خرجت من عمق روحها فتركت أثرها واضحًا على المرآه هي التي ابتسمت بشعور مراهق تملكها فرفعت سبابتها كي ترسم قلب صغير تزينه بحرفي أسميهما، ليستيقظ عقلها في اسوء وقت ممكن وهو يذكرها أن تلك الزيجة.. تلك العلاقة ليست قاصرة عليهما بل تضم عائلة كاملة في طرف آخر يشاركها ما تملكه بل يسبقها في المكانة والترتيب.
فحبيبها الذي أشعل مشاعرها ومنحها غريزة لم تكن مُفعّلة لديها فأشعلها وأتّخَم جسدها بأحاسيس لم تكن تدرك وجودها قبله ليس لها بمفردها بل هو من قبلها أشبع كثيرات غيرها بنفس الطريقة ولازال يفعل مع أخرى غيرها!!
انتفاضة قوية ألمت بها وجسدها يتراجع عيناها تجحظ بصدمة قوية وعقلها يترجم فكرته الأخيرة لصورة حية تجمعه مع أخرى تعرفها جيدًا بل وتدرك كم هي أنثى جميلة شهية لينة وطيعة له فتمنحه الكثير فيكون أشد صخبًا معها، اهتزت رأسها بعنف وهي تتخيله يلامس أخرى غيرها مثلما فعل معها.. يلتهمها كما فعل معها.. يتوق إليها ويمنحها روحه كما فعل معها وينثر كلمات غزله الجريء على مسامعها كما فعل معها، يصلها بشغف ولهفة ويلتحم بها بتلك الطريقة التي أنهكها بها وهو يشكو إليها أنه لا يقوى على التوقف أو الابتعاد عنها.
طفرت الدموع من عينيها وهي تتراجع تغادر دورة المياه لا تريد أن تنظر لانعكاس صورتها وتحاول أن تمحي من مخيلتها تلك الصورة التي نهشت روحها فأدمتها وأسالت دماء عشقها، قضمت قطعة من قلبها فأوجعتها وهي تشعر بالنزيف الحاد الذي سحب الدماء من أوردتها فأضحى جسدها منهكًا متعبًا شاحبًا، فقد الدفء واكتنفه صقيع موجع فشعرت بروحها تُسحب من داخل جسدها هي التي تبعثرت خطواتها.. اهتزت صلابتها وشعرت بأنها ستفقد وعيها فحطت رحالها على ذاك الكرسي الذي يقابل موضع نومه هو الذي انقلب على جانبه فأصبح يواجهها في نومته لتسقط نظراتها عليه تغرق في تفاصيله ومخيلتها ترسم إليه صور مجسدة مع زوجته الأخرى لا تقوى على الهروب منها فتعاد وتكرر ما حدث بينهما وهي تستبدل نفسها بالأخرى فتنزف دمائها هي التي لم تحاول أن تنقذ روحها بل تركتها تلفظ أنفاسها وخاصة عندما كرر عليها عقلها أنها تستحق ذاك الألم.. تستحق الوجع.. تستحق أن تلفظ روحها فهي آثمة.. مذنبة.. خائنة.
انتفض قلبها الدامي بدفاع قوي أنها لم تخن.. لم تأثم.. لم تُذنب، فهو زوجها وحبيبها الذي لم تدفعه لحبها أو منحها عشقه بل هو يحبها من قبل ما يعرف الأخرى التي حُشِرت في حكايتهما فأخذت ما كان من المفترض حقها هي، زوجته التي استمتعت بم هو ملك لها ألم يخبرها مرارًا وتكرارًا أنه لها ملكها خاصتها حبيبها.
إذًا لا أخرى غيرها تستحقه هي فقط من تستحق وجوده.. من تستحق عبق عشقه.. ومن تستحق أن يتلهف لها ويتوق لها ويمنحها شغفه وروحه وقلبه وكامل وجدانه هي حبيبته التي لم يقوى على العيش دونها ففعل الكثير لأجلها وسيفعل الكثير أيضًا لأجل ارضائها.
اتقدت عينيها بتملك وغيرة جنونية امتلكت روحها قبل عقلها ومشاعر جمة تضطرب بداخلها تموج بقوة بين مد وجذر وبقايا من صوت حق وضمير لازالت تملكه فلم يتبدل وصدق دوما كان يغلف أفعالها وطيبة تتسم بها شخصيتها يموجون بداخلها يوقفون أنانية كادت أن تفتك بهم ولكنهم استطاعوا الصراخ وهم ينبهونها أنها من ارتضت.. أنها من قبلت.. أنها من وافقت على هكذا وضع وأنها هي طرف المعادلة الزائد وأنها لن تقوى على سرقته من زوجته وأولاده فهم أحق به ورغم أنه أحبها ولم يقوى على نسيانها إلا أنه استطاع الزواج من غيرها وليست مرة واحدة بل ثلاث مرات استطاع معاشرة أخريات غيرها ومنحهن ما كان حقها، وأنه من فرط بها أولًا فلم يتمسك بها ولا بوجودها.
صرخ قلبها مدافعًا عن وليف روحها: بل هو لا يقوى على الاستغناء عنكِ وهاك هو أخيرًا معكِ وغامر بكل شيء لأجلك فلا تبخسيه حقه ولا تظلميه بإجحاف، أدهم يعشقك وأنتِ تمتلكينه بأكمله.
تحركت أخيرًا بعد وقتٍ طويل ظلت تنظر إليه تتأمله وتنساب دموعها رغمًا عنها مهما حاولت أن تتحكم بها تنسل من جانبي عينيها مهما حاولت أن تمسحها بقسوة، بقوة حتى تناهض شعور الحزن الذي ينتزع فرحتها التي كانت ويمزعها ليحتل روحها التي توهجت في قربه فيحاول أن يطفئها هي التي قاومت بقوة.. حاربت البرودة التي عادت لتزحف لأطرافها والجمود الذي يكبل توهجها فيضيق عليه الخناق فانتفضت واقفة وهي تخطو نحوه تتسع عيناها حتى تتشبع بوجوده تغرق في تفاصيله هي التي جلست بجواره وانحنت نحوه تتأمله مليًا وتتفحصه وقلبها ينازع داخل صراع قوي كاد أن يفتك بها فتميل رغمًا عنها نحوه تتلمس الأمان منه وتحتمي به هو الذي انتبه على ميلها نحوه وقبلتها التي حطت بجانب ثغره فابتسم بعشق ورف بعينيه ليستقبل وجودها ببسمة رسمت ملامحه وشكلت ثغره فجذبها إليه ليلتهم شفتيها من جديد وهو يهمهم من بين أنفاسه: مساء الجمال يا مليكتي.
نهنهت من بين أنفاسه فاستيقظ عقله على الفور ليهمس باهتمام وهو ينتفض لأجلها: ما بالك هل أنتِ باكية؟!
همست بخفوت وهي تتلمس وجوده تميل إليه وتتمسك به: ضمني إليك يا أدهم أنا أحتاجك.
ابتسم ليكفكف دموعها يسحبها إليه يحملها ليطوقها بين ذراعيه وينقلب بها إلى داخل الفراش يربت على رأسها ويهدهدها داخل صدره يُقبل رأسها ويغمرها بهمساته هي التي استجابت لقبلاته التي انهمرت كفيض مطر روى ملامحها فبادلته التقبيل بدورها بطريقة أدهشته وهي تطبع قبلاتها الصغيرة القصيرة الرقيقة على وجنتيه جانبي فكه داخل عنقه وبالأخير استقرت على فمه فقبلته على استحياء هو الذي منحها فرصتها قبل أن يلتقط ثغرها في قبلة قوية هدجت أنفاسهما أنهاها هو هامسًا باسمها عندما لامست جسده وهي تنتزع منشفتها فتلتصق به بجسدها الحار فومض تساؤله قويًا بعينيه لتجيبه دون تردد: أنا أشتاقك.
برقت عيناه بذهول تحول إلى رضا وبسمة منتشيه مُستحقة كللت ملامحه هو الذي استجاب لها بتوقٍ غمرهما سويًا واشتعال أحرقهما معًا وخاصة عندما همس بصدقِ ودون وعي منه : أنا كلي لكِ يا مليكتي.
***
اليوم الذي يليه- صباحًا
عبس بضيق وهو يستيقظ من نومه على أثر نور الشمس الذي داعب عيناه فشاكسه كي يوقظه بعد هذه الليلة الرائعة التي قضاها معها دون نوم فغط بالنوم قرب الفجر بعدما شعر بأنه أنهكها معه فاستكان إلى جوارها ليغفو في نومٍ عميق، رفع ذراعه يمنعه عن الوصول لوجهه هو الذي همس باسمها في صوتٍ أجش، وهو يشعر ببعض من وخم يحط عليه فيرفضه يبحث عن وجودها بجواره فلا يجدها لينهض واقفًا يبحث عن أشياءه.. سجائره.. هاتفه.. ملابسه، وهو يدور بعينيه المثقلة بنعاس يبحث عنها فيقابله السكون من حوله، اتجه نحو دورة المياه وهو يفكر بأنها من الواضح تعد الفطور فهم لم يتناولان الطعام منذ وجبة الاستيك الرائعة التي منحتها له في يوم قبل سابق، ليفكر أنه سيدللها اليوم ويطلب الطعام من الخارج بعد تناول فطور سريع لم يكن يرغب في أن تعده بل كان يرغب في أن تنتظر استيقاظه ليمنحها دلالًا غير مسبوق وهو يأتي لها بالفطور في الفراش كما تستحق، ولكنه أحمق غط في نومٍ عميق فاستيقظت قبله، تنهد بقوة وهو يتلقى حمام دافئ لعله يريح رأسه من ذاك الصداع الذي داهمه بسبب قلة الأكل.. القهوة .. والسجائر التي أحجم عن تدخينها بجوارها حتى لا يثير ضيقها فاستغنى عنها حتى لا ينهض ويتركها هو الذي ظل ملتصقًا بها اليومين الماضيين، تمطئ بقوة وهو يشعر بإنهاك قوي يلم بجسده يدرك سببه من قلة نوم وطعام وارهاق قوي ليس ضائقًا به بل يرغب في تجديده واستمراره إذ ما استطاع وأعيد الزمن سيكرره، بحث عن حقائب ملابسه ليخرج منها طاقم قطني رياضي اكتفى بارتداء بنطلونه ابتاعته لأجله قبل أن يتجه نحو الدور الأسفل يصفف خصلاته بكفيه يعيدها لوضعها الطبيعي وهو يدور بعينيه يبحث عنها، ليعبس بتعجب وهو يدور من حوله يبحث عنها في انحاء الشاليه الصغير فلا يجدها خطى نحو الشرفة المشرعة ظنا منه أنها تقضي الصباح على الشاطئ فيكتشف أنه فارغًا منها، أغمض عيناه وهو يطبق فكيه يشعر بروحه التي تبعثرت.. اهتزاز قوي أصابه وهو يتأكد من حدسه الذي أتى صائبًا بطريقة مؤلمة.. موجعة لكرامته ورجولته وهي التي هربت كعادتها حتى لا تواجه جم مشاعرها التي أحست بها معه، فلجأت للإنكار أنه استطاع إصلاح عطبها وتحررها على يديه حتى لا تخضع لمشاعر قلبها وتتأقلم مع ظروف حياته التي تدركها جيدًا ولكنها لا تتقبلها ولا تقوى على الخضوع لها همهم باختناق: تبًا لكِ يا آسيا حمقاء وغبية وسأكسر رأسكِ هذه المرة لنصفين حتى تتوقفي عن حماقتك.
لامس هاتفه يتصل بالأخر الذي أجابه من الرنة الثانية هاتفًا: أمرك يا باشا.
نطق بصلابة: استعد سنغادر بعد قليل يا رمزي.
صمت طفيف ران عليهما إلى أن نطق رمزي مترددًا: الهانم غادرت منذ قليل نستطيع اللحاق بها إذ ما أردت، معي رقم السائق والسيارة و..
نطق مقاطعًا: لا يا رمزي الهانم تحتاج لبعضٍ من الوقت فسأمنحها ما تريد، فقط استعد فأنا أريد العودة آتي بأحدهم يرتب الشاليه ويوضب أمتعتي إلى أن أنتهي من ارتداء ملابسي.
نطق رمزي سريعًا: أمرك يا باشا.
أغلق هاتفه وهو يتجه للأعلى ثانيةً حتى يبدل ملابسه مستعدًا للعودة إلى واقعه من جديد، ولكن هذه المرة سيكون واقعًا هي جزءً منه، شاءت أم أبت هي أصبحت له وانتهى الأمر مهما حاولت الفرار ستعود رغمًا عنها وعنه لذا عليه الآن أن يمنحها الوقت للفهم.. الإدراك.. التقبل.. والخضوع ، فهي ستطيع حتى لو مرغمة ستفعل.
***
تقف داخل دورة المياه تنظر للعصا البلاستيكية التي تومض بخطين ارجوانين واضحين لا يقبلان الحيرة أو الشك، هي التي من فترة متعبة بشكلٍ واضح بل إن ملامحها المُرهقة واصفرار وجهها الظاهر دفع جدتها للاستفسار الجاد منها حول حالتها الصحية، وأجبر راجي على معاتبة مازن وهو يخبره بكونه مهملًا في حق ابنة أخيه المريضة وهو لا يمنحها العلاج اللازم لحالتها، تلك الليلة التي كانا مدعوان لدى جدتها على العشاء فلم تتناول الطعام بطريقة جيدة أثارت انتباه جدتها وعمها بينما رمقها مازن بعتاب قوي قبل أن يجيب راجي بجدية: ابنة أخيك لا ترغب في الذهاب للمشفى بل وتتهرب من الفحص كالصغار، فهي رفضت أن تفحصها شقيقتي في آخر زيارة لها وتهربت من تواجدها بشكلٍ أحرجني مع شقيقتي التي ظنت أن ابنة أخيك لا تثق في رأيها كطبيبة.
اتسعت عينا عمها بمفاجأة بينما جدتها تلومها بصراحة فتهمس هي سريعًا: بالطبع هذا ليس صحيحًا يا مازن أنا فقط لا أرى ولا أشعر بأني متعبة، أنه دور برد طبيعي لم أشفى منه جيدًا، يسبب لي انعدام شهية مؤقت سيذهب من تلقاء نفسه، لتتبع بمرح تعمدته وهي تتحاشى النظر لعيني عمها الذي رمقها باستنكار- ثم أنا سعيدة لكوني أنظم طعامي فأنا كنت أتناول الطعام بطريقة أكسبتني الوزن وخاصة مع طعام كطعام لوما الشهي، لن تنسى قط نظرة مازن التي رماها بها وخاصة عندما شاكسته بتعمد- أنت تريد أن وزني يزداد لتكون وسيمًا ورشيقًا بمفردك يا زون.
ابتسم وجارى مشاكستها ليغمغم بصدق: أنتِ جميلة ورشقية دومًا يا نوجا، ليتبع بوقاحة لم ينتبه حينها أنه يغازلها بها أمام عائلتها وجانب عائلته نادر الظهور يتألق أمام راجي الذي كاد أن يلكمه عندما همهم بمشاكسة قوية تألقت بعينيه- ثم لا يوجد قالب شيكولاته نحيف يا سيدتي بل الشيكولاته دومًا منتفخة دسمة مغرية للالتهام.
حينها تضرج وجه جدتها بحمرة ملفتة وهي تخفض نظرها بخجل بينما زمجر راجي هاتفًا بحنق وهي التي ضحكت بقوة عندما هتف عمها: انهض وغادر لبيتكم يا مازن أنا المخطئ الذي أتحدث معك.
فتعالت ضحكات مازن الذي حاول مراضاة عمها الذي لم يصمت عن لومه إلا عندما نهضت هي لتقبل وجنته وكتفه وتتدلل عليه إلى أن رضى عنهما ولكنه لم يسكت بل أوصاها هامسًا بآخر الليلة وهي تنصرف بعدما ضمها إلى حضنه بقوة: أنتِ تعانين من شيءٍ تكتمينه بداخلكِ يا ناجية وأنا قلق حقًا لأجلكِ .
ابتسمت برقة في وجهه وطمانته وحاولت أن تمحي قلقه ولكن تعليق حور العين التي شاكستها به في وقتٍ سابق البارحة على طاولة الفطور هي التي رفضت الطعام بعد موجة غثيان صباحي داهمتها فاستطاعت أن تخفيها عنه "كونهم ينتظرون جمالي جديد" جعلت الجميع يستدير إليها بتساؤل قوي وتباين ردود أفعال بين فرحة حميها القوية ولهاث لمياء بالحمد والشكر كونها سترى ذرية ولدها، وتعليقات حور المبطنة لها بينما هو جمدت ملامحه وتطلع إليها بتساؤل أجابته بنفي وعدم معرفة صادقين، أو هكذا ظنت- فيهمهم بابتسامة جادة ولهجة قاطعة: لا أعتقد يا داداة فأنا وناجية نتخذ إجراءات لتأجيل ذاك الأمر قليلًا فنحن لا نرغب به، صمت لوهلة تحت نظرات والده المصدومة وحزن لمياء الذي خيم عليها ليكمل- على الأقل الآن فأنا لم أستكمل علاجي وليس من المنطقي والعقلاني أن أنجب الآن ولدًا يعاني مع أب معاق مثلي.
حينها شهقت لمياء برقفض بينما استنكرت حور بصيحة معترضة ليهدر والده بحزم: ما هذا الذي تقوله بالله عليك يا مازن؟!
ناقش والده بسلاسة: أقر أمرًا واقعًا يا دكتور، ليكمل وهو يرمقها بجانب عينه- أمرًا ناقشته مع ناجية واقتنعنا به سويًا، أنه من الأفضل لنا الآن أن ننتظر قليلًا وخاصة وأننا سويًا في مقتبل عمرنا والوقت لازال مبكرًا لأجل أن نتحمل مسئولية طفل صغير.
ليكمل بعد برهة وتحت النظرات الرافضة الموجهة اليهما من الجميع: ثم يكفي ناجية أن تعتني بي، كيف بالله عليكم ستعتني بي وهي تعاني من تعب الحمل بل والأدهى كيف ستقوى على الاعتناء بي وبصغير سيأتي ليرغب في رعايتها الكاملة.
تنفس مازن بعمق لينفخ بقوة وينهي الحديث وهو الذي تمسك بعكازه ليساعده على الوقوف هادرًا: ثم مع احترامي الكامل لكم جميعا هذا الأمر يخصنا سويًا ونحن فقط المنوطان بتقريره ونحن قررنا بالفعل، أن الوقت الآن ليس في صالحنا.
تنفست بعمق وفركت وجهها بكفيها وهي التي لم يفتها حديث حور العين التي غمغمت بطريقة تخص العجائز متندرة على مازن الذي غادر: وهل هو بخاطرك يا ابن الدكتور؟! وهل أنت من تقرر يا سي الدكتور؟! لتزفر بقوة وتتبع وهي ترمقها بطرف عينها وتشير للأعلى– إنها مشيئة الله وأنت وسي الدكتور مهابيل إذ ما ظننتما أنه بخاطركما.
حينها ابتسم أحمد بلطف زين عينه وعاتبتها لمياء برقة حتى لا تتضايق ناجية من حديثها فتكمل حور العين بثقة وعيناها المنطفتئين دومًا بسبب عجزها تتوهج بيقين: اسمعي مني يا ابنتي، أنتِ ستأتين بشيكولاته جميلة مثلكِ وغدًا تقولين حور العين قالت يا زوجة الدكتور.
حينها ضحكت ولكنها لم تستهن بحديث العجوز بل هي تشككت في أمرها فابتاعت اختبار للحمل كي تجربه لتنفي ذاك الهاجس الذي أثارته بداخلها حورالعين وهاك هي تنظر من جديد لتلك العصا التي تعلن عن حملها فلا تدرك كيف عليها أن تتصرف؟!!
أغمضت عيناها وضغطت على عظمة أنفها وغرقت في التفكير فلم تنتبه كونها تأخرت بداخل دورة المياه بطريقة أثارت قلقه هو الذي طرق الباب وهدر بجدية وخاصة عندما حاول فتح الباب فوجده موصدًا: ناجية أنتِ بخير؟!
انتبهت لتجبه بسرعة وبصوتٍ حاولت ان تخرجه طبيعيًا: نعم بخير هاك أنا قادمة.
عبس بتعجب وهو يلوى شفتيه بتفكير لينطق بحزم: حسنًا افتحي الباب لا أفهم لماذا توصديه مؤخرًا بهذه الطريقة؟!
ازدردت لعابها وهي تنظر للعصا ثانيةً فلا تستطع التفكير فيم ستفعله بها لتزفر بقوة وتهمس إليه: حسنا دقيقة فقط.
ألقتها وأعادت العصا لجرابها البلاستيكي قبل أن تعيد وضعها في علبتها ثم إلى الكيس الخاص بالصيدلية التي ابتاعته منها لتلفه بطريقة غير محكمة قبل أن تضعه في محارم ورقية كثيرة لتخبئه خلف سلة المهملات فلا يظهر منها وهي التي لا تريد التفريط به بل ترغب في الاحتفاظ به ولكنها ستخبئه الآن حتى تتوصل لطريقة تخبره فيها بكونها تحمل طفلهما الأول.
غسلت كفيها بحرص قبلما تغسل وجهها ثم تتجه وتفتح الباب لتنتفض بتعجب وهي تجده يقف ملتصقًا بجانب الباب يرمقها بتفحص مريب أثار قلقها هو الذي سأل بترقب: ماذا تفعلين كل هذا ولماذا أنتِ شاحبة بهذه الطريقة؟! هل لازلتِ متعبة؟!
تمتمت بسرعة : بالعكس أنا بخير والحمد لله، وجهي شاحب لأنك أخفتني.
تطلع إليها مليًا ليدور بعينيه داخل دورة المياه يبحث عن شيء مختلف قبل أن يسألها وهو يرمقها من أسفل رموشه: لماذا أخفتك؟ ماذا كنتِ تفعلين حتى تخافين من وجودي؟!
تطلعت إليه بصدمة أجادتها: ماذا كنت أفعل برأيك؟! تطلع إليها بصبر منتظرًا إجابتها لتهمس بجدية وهي تمر بجواره تغادر دورة المياه- لاشيء فقط وقوفك بتلك الطريقة الذي أخافني
تطلع مليًا للداخل من جديد يبحث بعينيه عن الشيء الذي كانت تفعله فلا يجد له أثرًا ليهمس بخفوت وهو يتبعها للخارج: قلقت أن تكونين متعبة أو حدث لكِ شيء بالداخل.
ابتسمت برقة لتعود نحوه تشاكسه بشقاوة: بل أنا بخير والحمد لله.
أومأ بابتسامه لم تنبع من عمق روحه ليهمس إليها: جيد إذ ما أصبحتِ بخير ولم يعد لبقائنا هنا فائدة أرى أن نعود لبيتنا فالعمل يحتاجني هناك وسلمى أخبرتني أن موعد المحاسبة الربع سنوي اقترب وعليه علينا بذل الكثير من المجهود حتى نحصد النتائج قبيل أن نلتقي بعاصم.
ابتسمت برقة لتبتعد عنه متسائلة بلطف: وكيف حالها؟!
عبس بعدم فهم أولي اندثر عندما تلاقت نظراتهما ليجيبها: من هي؟! رفعت حاجبها برفض فأكمل بضحكة مشاكسة- بخير وتسلم عليكِ والصغيرة أيضًا تشتاقك تخيلي؟!!
ابتسمت مرغمة وعيناها تغيم بحنين للصغيرة ابنة سلمى التي أصبحت صديقتها بسبب تردد الأخيرة على المزرعة ومعها ابنتها فتصحب الصغيرة معها لتتكفل بها ناجية في تصرف عفوي وهي تستكين الى الصغيرة الشقية ذات الروح المحببة لتجيبه برقة: وأنا الأخرى اشتقت إليها.
__ إذًا ؟! تساءل فأجابته بلطف وهي تفكر أن عليها أن تخبره قبيل معاودتهما- امنحني يومين أستعد بهما ونعود بإذن الله.
أومأ بالإيجاب: حسنًا لك ذلك.
***
في المساء ...
رنين جرس الباب الذي دوى أنبهها لقدومه هو الذي لم يهاتفها منذ الصباح أو يراسلها منذ أن تركته وغادرت فاختفى بدوره إلى أن ظهر ثانيةً الآن فهو أبدًا لن يتركها تفلت بل سيؤكد على تواجدها ووجودها وانتمائها الكامل له فقدم بعنفوانه المعتاد لعقر دار عائلتها ليصحبها معه، لم يهتم بأن البيت الذي يجهزه لها لم يُعد بعد ولن يهتم بشجارٍ قوي من الممكن أن يثيره مع شقيقها بل كل ما يهمه الآن أن لا تبتعد عنه، أن تبقى معه وأن يقر زيجتهما التي تمت فلا يمنحها فرصة ولو بسيطة لاحتمال رحليها عنه، انتفضت واقفة عندما استمعت إلى صوته الذي دوى بصالة بيتهم بعدما رحب به أمير فهدر هو بحزم لون نبراته: أين زوجتي؟! تحركت من مكانها لتراقب ما يحدث من طرف باب المطبخ فالتقطت تطلع أمير إليه بعدم فهم جلي فأكمل ببسمة أخرجها من بين أسنانه- شقيقتك، أين هي؟!
ليكمل بنفاذ صبر : أين آسيا هانم يا أمير ؟!
ابتسم أمير بلباقة مُرحبًا دون تشكك في مقصده: موجودة، تفضل سأخبرهم أن يعدوا إليك قهوتك أعتقد تشربها مذاقها منضبط.
ليكمل أمير بتعجب وهو يرمقه مليًا: ما الأمر هل هناك ما حدث؟!
تطلع إليه أدهم قليلًا ليهز رأسه نافيًا: لا شيء فقط أتيت لأصحبها معي فوجودها هنا لم يعد مناسبًا.
ارتفعا حاجبي أمير بدهشة وردد باستنكار: لم يعد مناسبًا؟!! ليكمل بتعجب وهو يشير لأدهم كي يدخله لغرفة الاستقبال- آسيا ببيتها يا أدهم ما الأمر الذي يجعل وجودها هنا ليس مناسبًا؟!
رمقه أدهم مليًا ليجيب ببساطة: لأنها زوجتي ومن حقي أن أصحبها معي.
أومأ أمير بتفهم لينطق بسرعة: لسنا مختلفين على هذا الأمر ولكن أريد ان أدرك ما الأمر المُلح الذي يجعلك تصحبها اليوم وبهذه الطريقة وخاصة وأنا الذي أدرك أن بيت الزوجية لم يصبح مستعدًا لاستقبالها بل ما اخعبرتني به آسيا أنها ستذهب معك بالفعل بعد رحيلي أنا وماما ونحن المسافران بعد يومين فلا أفهم وجه السرعة أن تصحبها معك اليوم.
جلس أدهم ليكتم حديثه بداخله قبلما ينطق بتروي: هي تدرك ما الأمر جيدًا، هلا أخبرتها أني هنا وأنتظرها؟!
أومأ أمير بتفهم: بالطبع سأفعل فقط أريد أن أؤكد على أمر واحد لا نقاش فيه يا أدهم.
تطلع إليه أدهم بانتظار فأتبع أمير بجدية: ستصحب آسيا معك إذ ما أرادت آسيا ذلك يا أدهم باشا، فأنت لن تقوى على إجبار شقيقتي على شيء لا ترد فعله الآن.
ضيق أدهم عينيه وعرق جبينه ينفر بغضب واضح: ما معنى حديثك هذا؟! بل ما هذا الهزي الذي تتفوه به ؟! أُجبر شقيقتك؟!! إنها زوجتي يا بك ومن حقي أن أصحبها معي.
أومأ أمير: بالطبع هي كذلك لا أنكر ولكن الفكرة كلها فيم ترغبه آسيا وما تقوى عليه آسيا وما تريد فعله آسيا.
هدر بحدة وهو يشيح بيده: نعم ماذا تقول أنت؟! ليتبع بسرعة ونفاذ صبر– ادعو لي آسيا لأتحدث معها من فضلك فأنا لم آتي لأجل حديث لا طعم له أتبادله معك.
جمدت ملامح أمير بغضب وهم بالحديث ولكن صوتها الذي صدح متزنًا هادئًا أكثر مما ينبغي: وهاك آسيا أتت، مرحبًا بك يا باشا أنرتنا بالزيارة.
رفع عيناه إليها ليشعر باختناق قوي يداهمه ووهج قوي ينبعث منها يؤلم عيناه هي التي ضوت ببهاء وتألقت بثقة فاضت من حدقتيها اللامعتين بضوء فضي قوي غمره في حضرة وجودها فشعر بروحه تُرد إليه من جديد فهمس باسمها معاتبًا وهو ينهض واقفًا بتلقائية يقترب منها بعفوية فتراجعت خطوتين للخلف وهي تهمس بهدوء: أمير من فضلك هلا تركتنا قليلًا ولا تخف، أكملت وهي تنظر نحوه- الباشا لن يختطفني على كتفه ويهرب بي.
أومأ أمير برأسه وهو يخطو للخارج يمر من جانبه ليتطلع لأدهم من علٍ طفيف عائدًا إلى طول قامته الذي ورثه من أبيه ليهتف بهدوء: أنا قريب يا آسيا ، نادني إذ احتجتني.
ازداد عبوس أدهم برفض فابتسم أمير باستفزاز وهو يغادر الغرفة متباطئًا كما بدى له ليزدرد لعابه قبل أن يستدير برأسه إليها هامسًا بخفوت: من أخبركِ أني لن أفعل؟! تطلعت إليه مليًا فأكمل- إذ ما أجبرتني سأختطفكِ على كتفي وأهرب بكِ.
ضحكت برقة لتهمس إليه بيقين: بل لن تفعل، ومضت عيناه باهتمام فأكملت وهي تشير إليه ليجلس- دون رغبتي لن تفعل يا أدهم.
زفر بقوة ليرمقها بعتابٍ قوي فهمست بصوتٍ مختنق: معك حق أن تغضب وأنا حقًا أعتذر منك ولكن أنا فقط..
لوى شفتيه ليهمهم إليها: لم تستطيعي التعاطي مع حقيقة إحساسك ومشاعرك أنا أتفهم.
تطلعت إليه برهبة فأكمل بتروي: لذا دعيني أسألكِ كيف حالك الآن يا آسيا؟!
تنفست بعمق لتجيبه بصدق: لست جيدة.
اختنق حلقه واضطربت خفقاته هو الذي تطلع إليها فتقابلت نظراتهما هي التي جلست مواجهة له فاختارت أبعد مكان لتجلس فيه بعيدة عنه فسألها باتزان أجبر نفسه عليه: لماذا؟! كف الله الشر ، ماذا حدث لتكونين لستِ جيدة فعلى ما أتذكر كنتِ رائعة وأنتِ بجواري يا ابنة عز الدين؟!
احتقن وجهها بحمرة قانية لتجيبه بعد برهة ودون مواربة: وهذا ما يجعلني لست جيدة يا أدهم، ومضت عيناه ببريق مخيف لم تأبه به هي التي أتبعت- أني بجوارك رائعة حية كما لم أكن يومًا، وهذا الشعور يجبرني أن أشعر بأشياء كثيرة أخرى ليس علي أن أشعر بها.
سألها بسرعة وهو يتماسك كي لا ينفعل عليها: مثل ماذا؟!
رفعت عيناها نحوه تواجهه بقوة: مثل أنك ليس خاصتي، مثل أني الأحق بك بمفردي، مثل أني أتخيلك بصور كثيرة لا أكون طرفًا فيها فأشعر بالجنون ينتابني، مثل أني فكرت حرفيًا في الليلة التالية كيف أتمسك بك حتى لا تعود لمنزلك فلا تقترب من أخرى لا يحق لها التواجد في حياتك فهي من سرقتك.. هي من اخذتك.. هي من حصلت عليك وأنت ليس بحقها وأنا التي أدرك أن كل هذا ليس صحيحًا فهي ليست كل هذه الأشياء بل العكس هو الصحيح ولكني لا أستطيع إلا أن أفكر فيه وبهذه الطريقة المؤلمة.
اتسعت عيناه بذهول ليهمس بعفوية: أنتِ مجنونة.
أومأت برأسها وهي تهذر بانفعال: نعم أنا كذلك ولا أنكر، لتصمت لوهلة قبل أن تهذر بقوة – كم أتمنى الآن لو ظللت معطوبة فهذا أفضل بكثير من ذاك الجحيم الذي أعايشه.
تطلع إليها بصدمة قوية فأكملت: فاصلاحك لعطبي أثار جنوني لأقصاه كما أثار كل مشاعري الأخرى التي لم أكن أدرك عنها شيئًا لأقصاها.
أغمض عيناه ليهدر بحزم: الأمر ليس كذلك يا آسيا فلا تفكري به بهذه الطريقة.
انفلتت ضحكتها ساخرة قوية موجعة: كيف أفكر به إذًا يا باشا أخبرني، لتتبع هازئة- علمني كما علمتني الكثير، كيف علي أن أفكر بالأمر عندما تتغيب عني وتذهب لتصبح بأحضان أخرى غيري تمنحها نفسك كما فعلت معي قبلها.
رف بعينيه كثيرًا لتكمل هي وعيناها تتوهج بنقمة وانتقام قوي لم ينتظر أن يلمع بعينيها لأجله يومًا: بل الأحرى أن تخبرني أنت كيف ستتصرف إذ ما كنت مكاني ..
ومضت عيناه بجنون صرف لمع بهما وهو يسألها بتشكك: مكانكِ كيف؟!
هزت كتفيها ببساطة: مكاني، فتتقبل وجودي معك وأنت الذي تدرك أني في وقتٍ سابق كنت لآخر غيرك ومنحته نفسي مثلما فعلت معك.
انتفضت بخوف حقيقي خيم عليها عندما قفز ليصبح أمامها يقبض على ذقنها بقبضته ليجبرها أن تقف وتواجهه هي التي اضطرت أن ترفع رأسها اليه وهو ينحني من عل طفيف إليها هادرًا بصوتٍ خافت وفحيحٍ غاضب لم تسمعه منه قبلًا وهو ينظر لعمق عينيها: قسمًا بالله لو لا أدرك أنكِ هبلاء وغبية لكنت رددت عليكِ حديثكِ هذا بأسوء طريقة ممكنة يا آسيا ولكني سأعذر حماقتكِ وجنونكِ الذي يمتلككِ بسبب عَظُم اكتشفاك لنفسك.
طفرت الدموع من عينيها هي التي كتمت تأوهها بداخلها رغم قوة اعتصاره لذقنها هو الذي أكمل بنقمة تجسدت بعينيه- ثم ردًا على حديثكِ هذا، من أخبركِ أني لم أفعل، من أخبركِ أني لم أتلوى ألمًا وأنزف دمًا وأتقيئ قيحًا بسببكِ وبسبب كل التخيلات التي تُعانين منها حضرتكِ الآن وأنا أدرك أنه في يومٍ ما تمتع بكِ آخرًا غيري وأنتِ حقي بمفردي.
ارتعشت أنفاسه وعيناه تتصلب جسده يشتد بغضبٍ رسم كل ملمح فيه وهو يكمل يُقطر من بين أسنانه: بل لأيام وشهور تعذبت وتألمت وفقدت روحي قطعة قطعة وأنتِ هائمة على وجهك لم تشعري بي وبالأخير ضحيت بكبريائي واعتزازي بنفسي وقبلت بكِ بعدما أجبرت نفسي وأقنعتها أن لا يهم كل ما حدث قبلي لا يهم ستكونين لي بالأخير وحينها سأمحي من روحك كل ما كان قبلي ولن تتذكري سواي، ليتبع وهو يدفعها بغضب– لستِ بمفردكِ من تتعذبين يا عزيزتي بل في هذه الحكاية جميعنا تشبعنا بآلامنا وجميعنا تحمل أيضًا وارتضى على نفسه ما لم يتصور يومًا أنه سيقبله.
سيطرت على دموعها ولم تظهر له توجعها لتهمس باختناق: ومن يُحاسب على هذا يا سيادة النائب، أنا التي لم أكن أدرك عنك شيئًا أم أنت الذي تركني أذهب لآخر فلم يحاول التفريط في كبريائه لأجلي، لتتبع بحدة ودموعها تنساب من جانبي عينيها - ثم كان زوجي لماذا تتحدث إلي وكأنني خنت عهد الهوى بيننا وذهبت لآخرًا غيرك؟!
تطلع إليها بجمود ليزعق بوجهها: هي الأخرى زوجتي ويحق لها ما يحق لكِ وأكثر، وجودي معها لا يُعد خيانة لكِ ولا لعهد الهوى بيننا آسيا، ليتبع بعصبية- ثم أنا لم أخدعكِ أنتِ قبلتِ وارتضيتِ الأمر ولم تعترضي ما الذي جد الآن؟!
انتفضت.. اهتز جسدها بعصبية وغيرتها تندلع في عينيها فابتسم ساخرًا: أخبرك أنا ما الذي جد أم تدركينه أخيرًا بعدما بدأ عقلكِ في العمل جيدًا؟!
هزت رأسها بيأس: لا أستطيع يا أدهم سألقي حتفي قهرًا إلى جواركِ.
عبس بتعجب ليسألها ساخرًا: لماذا إن شاء الله؟! لأنكِ اكتشفتِ أنكِ غبية وانكِ لستِ معطوبة ولستِ امرأة ناقصة كما كنتِ توهمين نفسك من قبل.
صرخت في وجهه: لأني أحبك ولا أستطع أن أتحمل أو أتخيل أنك ستكون لأخرى غيري ولا أقوى أن أرغمك على تركها لأجلي.
تراجع بتعجب وعيناه تومض برفضٍ صريح: ومن أخبركِ أني سأقبل بتركها لأجلكِ أو لأجل أي شيءٍ آخر غيرك.
شهقت بصدمة قوية جحظت عيناها لأجلها ليكمل هو دون هوادة: ثم لماذا لن تتحملي سعادتكِ، لأنكِ تحبينني؟!! حقًا؟!!!
ألقاها هازئة ليكمل بسخرية عميقة: هاك هي جود تعشق التراب الذي أسير عليه وقبلت بأن أتزوج منكِ، ارتضت أن تضحي باستقرارها وببيتها وبنفسها إذ ما أردت لأجل أن تسعدني، فلماذا لا تفعلين مثلها وتقبلين.. ترتضين دون تمرد ورفضٍ لا أساس لهما؟!
صاحت في وجهه: لا تقارني بأخرى غيري يا أدهم، أسمعت؟!
ابتسم هازئًا وهويتراجع بجسده يهز رأسه بيأس: بالطبع أنتِ خارج المقارنة والمنافسة يا آسيا ولذلك تتوقعين الآن أن أتخلى عن كل شيء لأجل ارضائك، أليس كذلك؟! أتبع بنقمة شكلت ملامحه- كم أنتِ أنانية حقًا ولكن من أين سيأتي العطاء يا مدام وأنتِ الفاقده له بالأساس؟!
ضيقت عيناها بحيرة: ماذا تعني؟!
أشاح برأسه فاتسعت عيناها بجنون لتهمس بهزي: حقًا يا أدهم ماذا تعني؟! وأين تلك الأنانية التي تتحدث عنها في كوني لا أقوى على التحمل، أكملت بتعب تملك من روحها – بل إن سبب ابتعادي اليوم أني شعرت بالخوف من نفسي أن أدفعك لشيءٍ لا أرتضيه أنا.
زفر بقوة ليسألها بصلابة: وما هو هذا الشيء أن أترك زوجتي وولديّ لأجل عينيكِ يا ابنة الفنانة؟!
انكتمت أنفاسها داخل صدرها لتهمهم بعدم تصديق وعيناها تجف من دموعها وتسأله بصدمة حطت عليها: أنت تعايرنني بأمي يا أدهم؟!!
أغمض عيناه ليطبق أسنانه بتلك الحركة التي ظهرت في عرض فكيه: لماذا أعايرك هل أقل شيئًا لم يحدث بالفعل، أليست هذه أفكار فنانتنا الغالية ولتي لا تقبل على نفسها شيء فلا ترتضي أن تمس كرامتها شيء وأن لا تقبل بالتنازل عن أي شيء بل إذا ما احتكم الأمر تزهق روحها وروح من حولها جميعهم حتى تفوز بوهم كرامتها التي اكتشفت مؤخرًا أنها دُهسِت بدل المرة عشرات المرات وهي تظن أنها فائزة.
ارتعشت ابتسامتها بسخرية قتلت روحها فواجهته بتحدي ومض بفضيتيها اللتين توهجتا ببريق أسود أعتم عمقهما: نعم هذه هي أمي، وهذه هي أنا، بالأخير أنا ابنتها.
لتتبع وهي تقترب منه بتروي ملامحها متصلبة والجنون يعصف بعقلها: ولكن لتعلم يا باشا أن ابتعادي ليس لأجل كرامتي بل لأني لن أستطع أن أبقى بجوارك لأتحول لصورة حديثه من الفنانة فأجد نفسي أحيك الألاعيب وأصنع الأفخاخ وأهدر طاقتي في منافسة غير منطقية بيني وبين من تضحي بنفسها لأجلك فهي بالأخير ستخرج منها فائزة، أو أذبح كرامتي قربانًا أسفل قدميك كي أظل محتفظة بك فهناك من سبقتني وفعلت لأجل سعادتك وسواد عينيك، لا لست أنا هذه السيدة التي ستزج بها في حرب شعواء هي أقل منها فأنا لن أستطع المنافسة مع من تشعل نفسها لأجلك،
صمتت لتتنفس بعمق وتحاول أن تشرح له أفكارها: ولأني لن أستطع أن أصبح إيناس سليم فأجد نفسي يومًا أطلب منك أن تفترق عن زوجتك وتترك ولديك لأجلي، ولأني لن أقوى على أن أصبح مثل جود هانم التي تضحي بالعالم لأجلك فأنا أقل من أن أفعل ذلك، هاك أنا أمامك أعلن هزيمتي الكاملة وأنسحب من المعركة خاسرة كل شيء ومتقبلة هزيمتي.
صمتا كليهما بل انكتمت أنفاسها سويا إلى أن زفر هو بالأخير متسائلًا: لا أفهم ماذا تقصدين؟!
رفت بعينيها وتنفست بعمق وعيناها تحيد رغمًا عنها بخوفٍ فطري ثار بداخلها نحو باب الغرفة الذي يحجبها عنه هو بجسده فتفكر بأخيها القريب كما أخبرها قبل أن تجيبه: أرغب في الابتعاد قليلًا يا أدهم حتى على الأقل أستطيع التعاطي مع مشاعري الجديدة، أباشر بعضًا من العلاج لعلني أقوى على التقبل والتأقلم مع الوضع.
انفلتت ضحكته خشنة قوية ساخرة هو الذي كز على شفته بقوة حتى أدماها ليسألها باستهزاءٍ قوي: وإذ لم تستطيعي التأقلم والتقبل يا مدام ماذا ستفعلين؟!
تحاشت النظر إليه وهي تشعر بتعرقها يزداد ضغط دمائها ينخفض لتهمس ببعثرة وكأنها لم تستمع إليه: ثم فكرت أن أجاور ماما فهي تحتاجني بجوارها الأيام القادمة.
تعالت ضحكاته أكثر ليردد ساخرًا: فكرتِ؟! منذ متى إن شاء الله؟!
فركت كفيها لتهمس بحدة: لا تسخر مني أرجوك يا أدهم الأمر لا يتحمل سخريتك.
أومأ موافقًا: طبعًا الأمر لا يتحمل سخريتي ولا مزاحك السيء هذا.
رفعت عيناها تواجهه بصلابة: ولكني لا أمزح فأنا كنت سأخبر أمير أن يحجز لي تذكرة حتى أجاورهما في سفرتهم.
أحنى رأسه إليها وهو يضع سبابته خلف أذنه متسائلًا بجمود: بماذا فكرتِ أخبريني ثانيةً؟!
تراجعت للخلف برهبة عميقة استقرت بداخلها: سمعتني فتوقف عن ارهابك لي بهذه الطريقة.
تطلع إليها مليًا دون سخرية .. دون استهزاء.. دون غضب بل ظل جامدًا متماسكًا متصلبًا بطريقة أثارت خشيتها عليه ليسألها: تريدين الفراق يا آسيا، ليتبع بسخرية عميقة- ألم تكتفي منه؟!
هزت رأسها نافية : لا ليس الفراق أنا فقط أرى.. صرير أسنانه أوقفها عن الحديث فأكملت بتعب بعد برهة- امنحني بعضًا من الوقت يا ادعهم.
ابتسم ساخرًا ليسألها: لماذا علي أن أفعل ؟!
أجابته: لأني أريد هذا أليس من حقي؟!
هز رأسه نافيًا: لا ليس من حقكِ وإذ ما عاندتكِ لن تستطعين مغادرة البلاد فأنتِ زوجتي ومن حقي أن أمنعكِ.
أومأت برأسها إيجابًا: نعم أعلم أنك تستطيع ولكنك لن تفعل، رفع حاجبه باستنكار فأكملت بثبات غريب تلبسها- بل أنت ستتركني أفعل ما أرغب دون اعتراض يا باشا.
ضحك ساخرًا: أووه ولماذا سأفعل يا هانم خوفًا من الخيال الكبير أم من آل الرواي أم من شقيقك الذي يجلس مرابضًا بالخارج تنتظرين منه أن ينقذكِ مني؟!
ابتسمت هازئة لتهمس له بتروي: بل لأنك لن ترتضي على نفسك أن تحتجزني بجوارك وأنا رافضة لك يا أدهم.
اتسعت عيناه ووجهه يكفهر بحمرة قانية ليردد باستنكار قوي: ترفضينني أنا؟!
ضحكت ساخرة: تخيل.
اختنق حلقه ليسألها بمهادنة: ماذا تريدين يا آسيا؟! أخبريني.
تمتمت بسرعة : سبق وأن أخبرتك يا أدهم اتركني أغادر مع ماما فقط لبعضٍ من الوقت أعتقد أن كلانا يحتاجه، أنا أواجه نفسي باكتشافها من جديد وأحاول التأقلم على ظروف حياتك التي لن تقوى على التخلي عنها لأجل أي شيء.
نطق بصدق صفعها فرق قلبها لأجله هو الذي تطلع إليها مليًا: أنا لا أقوى أيضًا على بعادكِ يا آسيا، فلماذا تصممين على البعاد وأنتِ تدركين كم أنا أحبك وأنا الآخر أدرك مدى تعلقكِ بي؟!
زفرت بقوة لتهمس بتعب ودموعها تنساب ثانيةً: لأني لا أقوى على فعل أي شيئًا آخرًا سواه، إذ ما بقيت سأكره نفسي كل يوم وكل ليلة أرضخ فيها ٱليك، لأستيقظ صباحًا لأتعذب وأُقهر لأني لم أقوى على الرفض، وأظل أدور في هذه الحلقة المفرغة من الارغام على التقبل والرضوخ حتى لو كرهًا وبالأخير سأكره نفسي وأكرهك أنت نفسك لأنك أرغمتني على تقبل كل هذا.
أطبق فكيه ليشيح بهما في تعب: ما هذا الجنون الذي تفكرين فيه؟!
هدرت بقوة : لماذا تصنفه جنون، أليس صحيحًا يا أدهم؟!
هتف برفض: لا يا آسيا ليس صحيحًا، تطلعت إليه باستنكار وعتابٍ قوي فأكمل بجدية- حسنًا ابقي وسأجد حلًا يرضيكِ.
ابتسمت ساخرة وهي تبتعد عنه قليلًا: لا يوجد إلا الرحيل يا أدهم.
هز رأسه نافيًا برفضٍ قوي: لا ترحلِ ، يكفي بعاد وهجر ألم تكتفي منهما؟!
ألقاها بصوتٍ مختنق أجش فأجابته بألم وهي تشعر بخافقها يتباطئ نبضه فتتحاشى النظر إليه: بقائي ليس جيدًا لكلينا، الرحيل هو الحل.
هدر بعنف تملكه: بل هناك مائة حل غير الرحيل ولكنكِ جبانة وتحبذين الهرب.
أجابته بلا مبالاة افتعلتها وهي تتراجع للخلف: سمهِ كما شئت فلن أعارضك.
قبض على كفها يمنعها من الابتعاد عنه: ابقي يا آسيا ، هل تريدين مني أن أتوسل إليكِ لتبقين معي؟!
ملصت كفها من قبضته لتنظر إليه بارتياع: بالطبع لا بالأساس التوسل لن يفيد بشيء.
زفر بقوة : حسنًا لنفرض أني تركتك وذهبتِ بالفعل ولم تقوين على التأقلم ماسيكون الحل من وجهة نظركِ؟!
تطلعت إليه بوجوم وعيناها تهتز بألم قوي خرج بعمق صوتها: لن يكون هناك حل حينها سنتأكد أن مصيرنا ليس واحدًا ، أتبعت وهي تنظر لعينيه – مصيرنا الفراق يا أدهم.
صاح بجنون وهو يندفع نحوها يقبض على مرفقيها بتملك: لا.
ابتعدت للخلف تريد الهرب منه: إلى اللقاء.
هم بأن يقبض على مرفقها ليجد نفسه فجاة أمام أمير الذي لا يعلم من أين هبط عليهما يقف في المنتصف هاتفًا بجدية: أعتقد أنك استمعت إلى رفضها.
قبض أدهم كفيه وأطبق فكيه ليهتف بجدية: من فضلك لا تتدخل يا أمير.
كتف أمير ساعديه برفضٍ: للأسف لا أستطع ألا أتدخل، أطبق أدهم فكيه بنفاذ صبر ليكمل أمير- أخبرتك أنك ستفعل كل ما ترغب ولكن برغبة آسيا ليس بإجبارها يا أدهم.
هدر أدهم بجدية: أنا لن أرغمها أبدًا أنا فقط لا أريدها تستسلم لفكرة الهرب التي تسيطر عليها.
أجابه امير بهدوء : هي لا تهرب منك، كل ما أرادته بعضًا من الوقت ولكنك بالطبع لا تأبه بأي شيء سوى رغبتك فلا تحترم حتى مشاعرها التي تحدثك عنها.
هدر بغضب: لأن كل ما تتحدث عنه شقيقتك ما هو إلا هزي لا يُصدقه عقل.
صاح أمير في وجهه: بالطبع من وجهة نظرك كل هذا هزي وجنون أيضًا ولكن من وجهة نظرها حقيقة واقعة عليك أن تمنحها وقتها الكامل كي تتقبلها وتتأقلم معها.
صاح أدهم بجنون سيطر عليه: وإذ لم تفعل إذ لم تتقبل ما الحل إن شاء الله؟!
تطلع إليه أمير بنظرة واضحة ليتراجع أدهم باستنكار ورفض قبل أن يهدر بجنون: هذا لن يحدث إذ انطبقت السماء على الأرض ولتفعلوا ما يحلوا لكم أنت وأبناء أخوالك ولتكن الحرب فأنا قسمًا بالله لن أعير اهتمامًا لأي شيء.
اربد وجه أمير بغضب قوي ليصيح بقوة: إذًا سترغمها على أن تبقى زوجتك أم ماذا إن شاء الله؟!
ابتسم أدهم بسماجة ليجيبه بكيد متعمد: بالطبع لن أفعل يا صغير فليس أدهم الجمّال من يرغم امرأة على أن تبقى زوجته ولكن شقيقتك من الأصل لن تطلب الطلاق وهاك هي أمامك اسألها.
استدار أمير لآسيا متسائلًا فهمست بسرعة: كل ما طلبته بعضًا من الوقت امنحه لي يا أدهم.
أجابها بسرعة ومراوغة تدرك أنه يتقنها: وأنا لا أمانع بل سأمنحكِ كل ما ترغبين ولكن وأنتِ هنا معي أمامي وأسفل نظري يا آسيا، وبجواري غير ذلك ليس مسموحًا لكِ.
شمخت بانفها لتهمس بصلابة: بل ستتركني أغادر يا أدهم فأنا أرغب ذلك.
توهجت عيناه ببريقٍ مخيف ليهمس ساخرًا: إذ ما فعلتِ دون رغبتي لا تعودي ثانيةً يا آسيا فلست أنا ذلك الرجل الذي تتلاعبين به وتظنين أنكِ ستقدرين على السيطرة عليه بهذه الطريقة.
أغمضت عيناها بتعب لتهمس إليه: صدق أو لا أنا لا أفعل كل ما تظنه أنا فقط.
صرخ بغضب أعماه عن وجود شقيقها الذي استدار متسائلًا عن معنى حديثه الذي أتى صريحًا فصفع إدراك أمير: أنتِ ماذا أخبريني لأني حق؟ا لا أعلم، وحقًا لا أفهم ما الخطأ الذي حدث لتركضين هاربه وتتركيني من خلفك بعدما أصبحتِ زوجتي ما الذي حدث يا آسيا؟ فعلام أتذكر كنا أكثر من فرحين متناغمين وغارقين سويًا في العشق تتمسكين بي وتتشبثين بي وكأنكِ ..
صمت لوهلة قبلما يهمس بإدراك ومض بعينيه- كنتِ تودعينني حًقا؟!
هزت رأسها بنفي سريع: أبدًا فأنا لم أكن أدرك أن ماحدث سيحدث لم أكن أدرك أني كنت مخطئة في تفكيري لم أكن أظن ..
صمتت ووجهها يختنق خجلًا فيتراجع أمير بصدمة قوية وهو يستنتج سبب انفعال أدهم القوي والذي همس ساخرًا: وهاك أنتِ أدركتِ ومُصرة على الرحيل.
صرخت بتعب حقيقي تملك منها: لأنه الأفضل إلينا سويًا، أتبعت بانفعال- بل الآن في هذه اللحظة لا سبيل أمامنا غيره.
جمدت ملامحه هو الذي ظل يرمقها بعدم رضا وغضب استقر بعمق نفسه لينطق بعد قليل: حسنًا على راحتكِ افعلي ما ترغبين فأنا لن أمنعكِ فقد تعلمت منذ وقت طويل أن لا أحارب بمعركة خاسرة، وللأسف معركتي هنا خاسرة ، أراكِ على خير يا مدام آسيا.
جحظت عيناها وحلقها ينغلق بموجة بكاء عارمة تملكتها وهي تتابع مغادرته العاصفة لمنزل عائلتها لتشعر بألم يكتنف روحها وحزن يقبض على قلبها، شهقت بقوة تبحث عن أنفاسها التي ضاقت بصدرها لتتشبث بأخيها القريب منها والذي رمقها بعتابٍ قوي فهمست بخفوت حينما شعرت بالأرض تميد تحت قدميها : انجدني يا أمير .
التقطها أمير بين ذراعيه وهو يشتعل خوفًا عليها عندما وقعت بين ذراعيه مغشيًا عليها.
***
يتبع ...


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-03-24, 12:12 AM   #3306

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد يومين...
ترجل من السيارة التي استقلها معه اليوم دون خوف أو تردد بل هو تطلع لأبيه الذي أتى بسيارة مغايرة للأخرى التي قابله بها المرة الماضية بل تلك السيارة التي التقط اقترابها ذات الدفع الرباعي، فخمة أنيقة بلوحة معدنية خاصة جدًا تشبه الأخرى التي أصبح نبيل يستقلها بعد فوزه بكرسي البرلمان، فحضر بها يتهادى ليصحبه فيها كما اتفقا سويًا بعدما رتب مواعيده بالفعل وأخبر تارا كي تغطي غيابه هي التي نظرت إليه بتشكك ومازحته بلطف: هل ستذهب في مقابلة خاصة يا ابن الحريري فتريد مني أن أخفي أمورك عن والدتك؟!
ضحك بخفة وشاكسها بتعمد: مقابلاتي الخاصة كلها معك يا ابنة سليمان، دفعته بغلظة فأكمل بجدية أنبهتها هي التي تتقد عيناها بذكاء يجبره أن يرفع دفعاته إعجابًا- ولكن هذا لا يمنع أني أرغب في أن تشاركيني في إخفاء أموري وتخبئينها عندكِ.
ابتسمت وعيناها تتألق بثقة بينما هو يتبع بصدق: أنا أثق بكِ كثيرًا، أثق أنكِ ستكونين دومًا سترًا وغطاءً علي.
ضحكت برقة وهمست بمرح: دومًا يا إسماعيل.
ابتسامته الرائعة التي منحها إليها قبلما يحمل حقيبته منصرفًا: حسنًا أراكِ على خير، لا تنسي ما أخبرتكِ عنه، سلام.
ودعها ليخطو مغادرًا بعدما ودعته بدورها فيشد خطاه نحو ذاك المكان الذي اتفق عليه مع أبيه فيأتي الأخير بتلك السيارة التي التقط بيسر أنها تحمل حصانه دبلوماسية من ذاك الحرف الأجنبي واللون المميز في لوحتها المعدنية والتي توقفت أمامه ليطل والده من داخلها بطريقة لا تكشف عن هويته إذ ما كان المكان مراقبًا ويشير إليه بالانضمام الذي فعله دون أن يهاب شيئًا، بل دلف بالفعل للسيارة في ايباء وشموخ يزين رأسه ودون أن يسأل عن وجهتهم، هو الذي لم يلتفت من حوله بل ظل يتطلع لوالده الذي همس إليه بترحاب وربت على ركبته باحتفاء رجولي قوي: سعيد اليوم بوجودك يا بني.
ابتسم وأومأ بعينيه بينما ظل متطلعًا لزيد ينتظره أن يكمل حديثه والذي أتى سريعًا- أريدك أن تقابل أحدهم وتتعرف عليه، فحتى تستطيع معرفة الحقيقة كاملةً عليك العودة لأولها يا إسماعيل.
تطلع إليه ليسأله بجدية: إذًا هناك حكاية ولها بداية؟!
أومأ زيد برأسه موافقًا: بالطبع لكل شيء حكاية وبداية يا إسماعيل.
ابتسم إسماعيل بلطف ورزانة أعمق من سنه: ولها نهاية أيضًا يا بابا.
انتفض زيد وأنفاسه تتكاثف داخل رئتيه يتطلع لولده بمقلتين غائمتين بالكثير فيقابله إسماعيل ببسمة لطيفة: مهما حدث أنا أدرك أنك أبي ومهما فعلت ستظل أبي، ومهما سيحدث فيما بعد سيظل اسمك ونسبك ملتصقًا بي لا أستطيع الفرار منه.
سكن زيد وآثر صمتًا شعر بأنه يحتاجه أمام ذاك الذي لم يعد طفلًا بل يحاوره بذاك الاتزان والهدوء والتقبل الذي لا يفهمه وكأن الصغير أدرك تفكيره فابتسم بضحكة لطيفة منحه إياها بينما يتبع: عندما تحدثت إلى جدو أخبرني بذلك الأمر أن المرء لا يستطع الفرار من قدره والأبوين جزءً من القدر لا دخل لنا في اختيارهما كما لا نستطع الفرار منهما،
ضيق زيد عيناه بتساؤل فأكمل إسماعيل شارحًا: بالطبع ليس جدي لأمي.
همس زيد بعدم فهم: إذًا من تقصد؟!
ابتسامة ماكرة مراوغة تعمدها إسماعيل الذي نطق: جدي لأبي،
نفرت عروق زيد وتجمدت ملامحه فآثر إسماعيل الصمت لبرهة قبل أن يكمل: جدو يحيى، هل تعرفه؟!
هز زيد رأسه نافيًا: أسمع عنه ولكني لم أقابله شخصيًا.
ضحك الصغير بخفة تشبه ضحكة الآخر المستفزة ليكمل بشقاوة مكتسبه من الشقيق الصغير والمشهور بها: فاتك بعدم معرفته الكثير.
نضح الغضب مزينًا جبين زيد ليكمل إسماعيل بتروي: وخسرت أيضًا كثيرًا عند معاداتك لهذه العائلة الرائعة يا بابا فهم حقًا يستحقون المحبة.. الود والانتماء.
ليزفر إسماعيل بقوة وهو يشيح بعينيه بعيدًا: ولكن أنت لا تدرك كل هذا، ليتبع وهو يعود بعينيه نحو زيد الذي طحن ضروسه فظهر عرض فكيه- مع الأسف.
رفع زيد رأسه بشموخ: نعم لا أدرك ولا أنكر أني لا أدرك فأنا لم أنشأ في عائلة كتلك التي تتحدث عنها.
هز إسماعيل كتفيه ليجيب ببساطة: ولكن أنا- من حُسن حظي- فعلت.
ابتسم زيد بتشنج لم يفت إسماعيل الذي ترقب حديث زيد الذي أتى هادئًا جادًا: أما أنا فحُرمت ليس من العائلة فقط بل من الكثير من الأشياء، لذا أنت بالفعل محظوظ ليس لشيء سوى أنك ابن لامرأة حاربت كثيرًا لأجلك ولأجل أن تنشأ بطريقة مغايرة وتكبر لتصبح متفردًا بنفسك.
أومأ إسماعيل بعينيه متفهما رغم ترقبه الذي يزداد ليبتسم زيد ويتبع وهو يرفع عيناه نحوه: وهاك أنا الآخر أحاول أن أحارب لأجلك وأمنحك حياة أفضل.
ضيق إسماعيل عيناه بينما يتبع زيد بسمة رزينة واثقة أثارت ترقب الصغير لأقصاه عندما همس أبوه- فقط أريدك أن تمنحني الفرصة.
سأل إسماعيل: أية فرصة؟!
ابتسم زيد باتساع حتى ظهرت نواجذه وهو يكمل بينما تتهادى السيارة لتتوقف داخل باحة قصر كبير داخل مساحة كبيرة من الخضرة وسور عال محاطًا بحراسة قوية ومدجج برجال شداد يحملون الأسلحة، ليُفتح باب السيارة بينما يدفعه زيد أن يترجل معه ليلتقط إسماعيل ذاك الرجل المهيب والأشبه بأبيه يقف ومن الواضح أنه ينتظرهما: أن أعرفك على عائلتي التي حُرمت منها، ليتبع وهو يكتنف بذراعه كتفي إسماعيل الذي تشنج وتملص مبتعدًا عنه فلم يشأ إرغامه وهو يحدثه بينما يقترب العجوز منهما- فوالدك لديه عائلة كبيرة عليك الآن الانتماء لها.
توقف العجوز أمام إسماعيل ينظر إليه بحبور ومحبة عميقة زينت عينيه بينما زيد يحدثه بجدية: إسماعيل يا بابا.
ضيق إسماعيل عينيه بينما زيد يقترب من أبيه يقف بجواره ويحتضن كتفيه هامسًا بمحبة: رحب بجدك غسان يا إسماعيل، ليكمل بنص واضح- جدك لأبيك يا بني.
**
تخطو بجواره تتحدث إليه هي غير الراضية عن تلك السفرة التي يريد أن يقوم بها ويتركها من خلفه خوفًا عليها وخاصة أن الطبيب أخبرها أن السفر لن يؤثر عليها، فتحاول أن تحايله كي يصحبها معه أو يمكث بجوارها فلا يغادر ولكنه يرفض الحالتين ويخبرها بجدية: لابد أن أصحب والدكِ يا أمينة فهو طلبني معه يا ابنتي.
برمت شفتيها بضيق: لا اعتراض على أن تصحب بابا وهو الذي سيذهب ليستلم إرثه من أعمامي كل ما أرغبه أن أذهب معك.
تنفس بعمق ليزفر أنفاسه بتروي: سنذهب ونعود في نفس اليوم وأنا لا أستسيغ أن تقطعين المسافة ذهابًا وإيابًا في نفس الوقت، أخاف عليكِ.
توقفت بجوار السيارة وهي تتعنت في رفضٍ طفولي تزم شفتيها بغضب تهمس إليه هو القريب منها: حسنًا لا تذهب.
يبتسم بلطف ويجيب بتكرار ممل: لابد أن أفعل.
تزفر بضيق وتتكتف برفض قوي فلا تستجب إليه هو الذي أشار إليها: اركبي يا أمينة ولنكمل شجارنا في البيت.
فتهز رأسها بنفي دون أن تتحرك من مكانها هي التي تجاوره: لا أريد الشجار لا هنا ولا في المنزل اصحبني معك وأنهِ هذا الأمر.
ضحك بلطف وأجابها: حسنًا سأفعل.
تهلل وجها بفرحة: ستصحبني معك .
انفلتت ضحكته القصيرة بصوت رخيم ليجيبها مشاكسًا: بل سأنهِ الأمر وأسافر بمفردي.
زمت شفتيها برفض وهدرت بضيق: سليم .
أشار إليها ثانيةً: اركبي من فضلك، أشاحت بذراعيها وهمت بالاعتراض وهي تشيح برأسها ولكن عودتها إليه بشبه ركض أثار انتباهه هو الذي اتسعت عيناه بينما صوتها يختنق بداخلها.. تصلب ملامحها برعبٍ طل من عينيها والألم الذي تجسد على ملامحه مع ذاك الصوت الخافت الذي رن بازيز خافت أجبره أن يتطلع إليها دون معرفة.. دون فهم.. دون استيعاب لتلك البقعة الحمراء التي أخذت بالاتساع تدريجيًا وجسدها يهوى أرضًا فيهرع نحوها متلقفًا جسدها وهو يصرخ بصوتٍ عالٍ يشير لرجاله على من التقطها بصره رغمًا عنه توجه إليهما مسدسًا فيطوحها أحدهم أرضًا تزامنًا مع انطلاق الرصاصة الثانية التي اخترقت جسد حبيبته الذي سقط بين ذراعيه مضرجًا بدمائه.
***
تقف بصالة المطار الواسعة تنتظر وصوله هو الذي أنهى مهمته بلندن واهتم بأخيه بالرضاع ليطمئن عليه وخاصةً بعدما قبل الطبيب حالة زوجته فيقرر العودة لها، فهاتفها قبيل صعوده للطائرة يهمس إليها باشتياقه القوي لها.. يغازلها بجرأة وبعض الأحيان بوقاحة ويهتف إليها بمرح يغمره: انتظريني سآتي إليكِ وعندما أراكِ.. صمت بطريقة مقصوده وهو يزفر بقوة قبلما يمازحها بمزحة قديمة وطريقة تمثيلية واضحة– الليلة ستموتين يا موكا.
حينها صدحت ضحكتها مجلجلة قوية فهمس إليها مناغشًا: أموت يا هوووه، أراكِ على خير يا أرنبتي فقط لا تتناولين الطعام بكثرة وتمنينني بصدمة لن أقوى على تحملها.
فتجيبه برقة: لا تقلق فأنا بدوري مشتاقة وعندي لوعة يا عبقري، لتتبع بدعاءٍ صادق- تأتي سالمًا بإذن الله، لا إله إلا الله يا حبيبي.
أجابها بعفوية : محمد رسول الله يا موكتي .
وهاك هي تقف تنتظره بعدما وصلت طائرته تهاتفه لا يجب فهاتفه مغلق.. لا تصله رسائلها ولم يظهر مع المسافرين الذين خرجوا من أمامها، تحركت لتسأل عن رحلته فأجابها الموظف المسئول أن الرحلة وصلت والجميع خرج!!
بدأت تشعر بقلق بسيط فهمست لذاك الذي يرافقها بناءً على رغبته ورغبة حميها الذي أكد لها أكثر من مرة ألا تتحرك دون حارسها: رافقني من فضلك لأسأل عنه لعله محتجز بالداخل لأجل أي شيء.
فأومأ بطاعة وهو يخطو بجوارها هامسًا: نسأل ضابط الجوازات يا سيدتي لعله يخبرنا عن وصول الباشا.
أومأت بتفهم فتقدمها هو سائلًا بالفعل فتأتيهما الإجابة التي أثارت دهشتها أولًا ثم خوفها والرجل يجيب بجدية: لم يصل أحدهم بذلك الاسم.
رفت بعينيها كثيرًا لتقترب منه تسأل بجزع: الجراح عادل الخيّال كان على متن الطائرة كيف لم يصل؟!!
تطلع لها مليًا قبلما يتحدث مع أحدهم ثم يعود ليجيبها بجدية: امنحينا بضع دقائق من فضلك.
شعرت بقلبها يخفق بعنف وأنها سيغشى عليها وهي تنتظر تلك الدقائق التي انتهت أخيرًا بإجابة أوغرت قلبها وأسقطته مترنحًا: لم يصل أحدهم بهذا الاسم.
اتسعت عيناها برعب ووجهها تفر منه الدماء لتستل هاتفها وهي تلتقط اتصال الحارس المرافق إليها بأحدهم ولكنها لم تهتم هي التي هاتفت حميها تصيح له بجزع وهناك حدس قوي يخبرها أن الأمر أكبر مما تدركه أو خطأ بل إن وخز قلبها المضطرب أجبرها أن لا تراعي أن لا تُفزع حميها وهي التي صرخت في أذنه: عادل مختفي يا عماه.
***
يجلس بغرفة الضيوف الخاصة ببيت خاله الجديد، ذاك البيت الذي أعده محمد لأجلهم جميعًا، فيجمع بين عائلة خاله وبين أسرة محمد وهي تبقى معهم بجوارهم، أسفل أعينهم وتحت جناحهم ليحمونها منه إذ ما حاول أذيتها، اختنق حلقه بانكتام قوي تملك من صدره وهو يحني رأسه بخزي وخاصة أن محمد اعراد طرده من أمام البوابة عندما أخبروه الحرس أنه من يطلب الزيارة ولكن خاله الذي هدر بولده الذي كاد أن يتشاجر معه بل خرج باندفاع عنيف نحوه ولكنه توقف عندما هدر أبيه باسمه في زعقة قوية أجبرت محمد على التراجع قبلما يشير خاله للحرس كي يدخلوه فيهدر فيه عندما أصبح في مواجهته: ماذا تريد؟!
تنفس محمود بعمق لينطق باختناق: أريد الحديث معك يا خالي إذ ما سمحت لي.
نفخ خاله بقوة ليشير إليه وهو يتقدمه: تعال فأنا لم أعتاد أن أطرد ضيفًا قدم إلى بيتي، زمان أخبرونا أن من أتى لك بيتك أصبحت محقًا له لذلك تعال، فأنا أبدًا لن أعاملك بالمثل.
توقف خاله عن الحديث والحركة فسكن هو بدوره ليكمل محمود: وليس لأجلك فأنت لا تستحق أن أنظر نحوك من الأساس، بل لأجل شقيقتي ووالدك اللذان ابتليا بولدٍ عاقًا مثلك.
حينها همهم بتعب: وهاك ردها الله لي ومنحني ولدًا معاق ابتلاني به يا خالي.
لن ينكر صدمة خاله الذي اتسعت عيناه بعدم معرفة حقيقي فأومأ محمود بعينيه وهو الذي ظل واقفًا فلم يمنحه خاله الإذن بالجلوس رغم أنهما أصبحا بمنتصف الغرفة فأتبع شارحًا له: نعم ولدي ولد معاقًا لن يقوى على السير أو الحركة طوال حياته.
همهم محمود بقلب رجف حزنًا: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله، ليتبع بصدق- شفاه لله وعافاه ومنحك القدرة على رعايته، تساقطت دموعه رغمًا عنه وهو ينظر لخاله بصدمة قوية فاكمل خاله بتعب- عقلك هذا ما يوقعك بشر أعمالك فبالله عليك ما ذنب الولد كي أتمنى له شيء سوى الشفاء يا سعادة القبطان، ألا يكفيه بالفعل ما سيعانيه طول عمره؟!
همهم محمود بألم نهش روحه: ولكنه ذنبكم يا خالي، ذنب خداعي وكذبي وافترائي على ابنتك.
زفر خاله بقوة: بل إنه ابتلاء ومحنة منحها الله لك ليخفف عنك ذنوبك أما أنا وابنتي بريئين من هكذا ذنب يا بني فأنا أبدًا لم أدعو عليك بل دومًا دعوت لك.
انهمرت دموعه بقوة هو الذي لم يقوى على السيطرة على نفسه فأجهش في بكاءٍ قوي موجع متألم وهو يسقط على ركبتيه أمام خاله يتلقف كفه ليتوسل منه الصفح وهو يحاول تقبيلها، انتفض خاله وأبعده عنه قبلما يساعده على النهوض ثانيةً هادرًا فيه بحزم: توقف يا محمود توقف يا بني ولا تفعل هكذا.
همس من بين دموعه: سامحني يا خالي سامحني أنت وعمتي أتوسل إليهما اغفرا لي، ربت خاله على كتفه فأكمل محمود- أرجوك يا خالي أتوسل إليك اصفحوا عني.
تنفس محمود بعمق: لم نغضب عليك يا محمود، غضبنا لأجل ابنتنا التي كانت مخطئة بالأساس فأنت لا تتحمل الذنب وحدك أنت أخطأت ولا أنكر أن خطأك لا يغتفر ولكن لست بمفردك من أخطأ، جميعًا فعل.
حينها زفر أنفاسه كاملةً ليسأل خاله بتروي: هلا سمحت لي بالحديث مع خديجة يا خالي أريد أن استسمحها وأطلب صفحها هي الأخرى؟!
عبس خاله برفضٍ أولي تراجع عنه كما بدى له ليهز رأسه موافقًا وهو يشير إليه: حسنًا اجلس سأدعوها لك.
وهاك هو جالس على طرف الأريكة ينتظر قدومها على صفيح ساخن يفرك كفيه وتهتز ساقيه دون إرادة منه بتوتر قوي لينتبه بترقب إلى الباب الذي فُتح والحركة القادمة من الخارج فيتأهب لاستقبالها بالفعل، رجف جفنيه وهو يلتقط جسدها الهش هي التي دلفت للغرفة بظهرها في حركة لم يفهمها ولكنه استوعبها عندما وجدها تجذب كرسي مدولب ترقد عليه عمته التي لم يرها قعيدة من قبل ولكن من الواضح أنها تأثرت بأمر ابنتها لهذه الدرجة التي منعتها عن الحركة، ابنتها التي وقفت بجوار أمها ترمقه من علٍ مليًا قبل أن تهتف بصوتٍ قوي حاد غاضب كما لم يسمعها يومًا: بابا أخبرني أنك تريد مقابلتي لتطلب سماحي وغفراني عم اقترفته في حقي، أليس كذلك؟!
أومأ برأسه إيجابًا فأكملت هي دون هوادة: حسنًا لا مانع عندي ولكني لن أسامح ولن أغفر إلا عندما تنهض عمتك التي سقطت قعيدة بسبب افترائك علي بذنب لم أفعله يومًا، إذ ما استطعت يومًا يا محمود أن تعيد أمي لي كما كانت يومها فقط سأمنحك أنا الأخرى عفوى وأخلصك من ذنبي بقية عمري.
لتكمل بعنفوان قوي ونقمة تحتل عينيها: شكرًا على الزيارة، أتمنى أن لا تعيدها ثانيةً.
انتفض ببرودة احتلت أوصاله هو الذي اهتز أمامها، تبعثر فلم يقوى على النهوض من مكانه إلا بعد وقتٍ بدى طويلًا هو الذي لملم خيباته.. عثراته.. ووجيب روحه الذي تعالى مخبرًا إياه أنه خسر كل شيء فرويته لعمّته بهذه الهيئة قضت عما تبقى إليه من أمل في غفران أدرك الآن أنه لا يستحقه فيخطو قبل أن يغادر نحو عمته ينحني عليها فلم يفته تلك التي ابتعدت للخلف بنفور من وجوده ليقبل رأس عمته من بين دموعه التي انهمرت فأغرق مسامعها باعتذارات وتوسلات لتصفح عنه ولكنها كابنتها لم تلين له، لينتصب بالأخير واقفًا من جديد يدور على عقبيه آفلًا للخارج وهو يبكي بنشيج ازداد كلما خطى مبتعدًا فيوقن في كل خطوة يبتعد بها أن الصفح غاية لن يدركها يومًا
***
قلقت من نومها الذي غفت به مرغمه بعدما انتظرته كثيرًا وهي تشعر بالقلق عليه فهو لا يجيب على هاتفه ولم يخبرها عن سبب تأخره كما يفعل عادةً ، بل هو متبدلًا حاله منذ عاد من تلك السفرة التي ذهب بها مع الأخرى، تكاد لا تراه ولا تقوى على الحديث معه هو المنطوي على نفسه بطريقة تثير تفكيرها وكأنه متباعدًا بسبب غضب شديد يمتكله وحزن شديد يكتنف روحه فلا يقوى على صرفه أو التأقلم معه!!
هي التي جلست داخل الفراش كعادتها تنتظره ليغافلها النوم ويسرقها الوسن فلم تنتبه لعودته التي قلقت عليها الآن.
اضطجعت بالفراش وهي تنظر نحوه جالس على الكرسي البعيد في هيئة مزرية لم تره عليها من قبل هيئة دفعتها أن تهتف بصوتها الرقيق في فزع انتابها: أدهم؟! ما بالك؟! لماذا تجلس هكذا؟!
رفع رأسه ينظر إليها بحدقتين معتمتين فشعرت بروحها تختنق من الغضب الوامض بهما وحذرها عقلها من حالته غير الطبيعية ولكن قلبها مال إليه فهمست باستجداء: تعال لتنام يا حبيبي.
ابتسامة ساخرة زينت شفتيه ليومئ برأسه إيجابًا مهمهمًا بتعب نفذ إلى روحها: لعلني أستطيع النوم.
تطلعت إليه مؤثرة الصمت وهي تراقبه بترقب عندما نهض واقفًا يخلع ملابسه قطعة خلف الأخرى وهو يتجه نحو دورة المياة وعقلها يدور بمطحنة تفكيرها عم أبدله هكذا؟! هل هناك ما حدث وأحزنه وهو الذي من المفترض سعيدًا لفوزه بالانتخاب وقرب زفافه على آسيا، ليومض عقلها بتنبيه أن حاله منقلب منذ عاد من سفرته من يومين وكأنه تشاجر في تلك السفرة مع آسيا
هزت رأسها نافيه وحدسها يخبرها أن الأمر أكبر من مجرد شجار هو يقوى على حله، فليس شجار عاديًا يجعله غاضبًا.. متألمًا.. حزينًا هكذا، متباعدًا شاردًا بتفكير وكأنه موضوع باختبار يحمل همه ونتيجته، أتراها خيرته بينهما؟! فيفكر في تركها هي وأطفاله وهذا ما يؤذي روحه هكذا؟!
تشنج بسيط وخز بطنها فرتبت على بطنها المنتفخ قليلًا وهي تهدئ من لوعة قلبها وتقلُص حاد انتباها فجأة فتتذكر أنها لا يجب أن تتعرض لأي عصبية كما أكدت عليها الطبيبة فتهمس بصوتٍ خافت لنفسها: اهدئي يا جود ، اهدئي فأدهم لن يترككم أبدًا ، من الممكن أنها مشكلة بالعمل.
لهثت بقلق وعقلها يخبرها أن أدهم لا يتأثر هكذا بالعمل، أدهم لا يتأثر هكذا إلا بشيءٍ يخصه شخصيًا بل لا يتأثر بتلك الطريقة إلا بشيءٍ يخص آسيا!!
أغمضت عيناها وهي تحاول أن تسيطر على توترها قليلًا لتهمس بإقرار وهي تربت على بطنها بحركة خفيفة: اهدئي سيأتي الآن ويخبركِ كما يفعل دومًا.. سيضع رأسه فوق كتفكِ ويفضي إليكِ بحمله كعادته، فقط اهدئي واحتويه كما ينبغي عليكِ أن تفعلي.
انتبهت على خطواته هو الذي أقبل عليها فابتسمت برقه في وجهه وهي تنظر له المنشفة الكبيرة ملتفه حول خصره جذعه العاري كعادته بتقسيمه العضلي الجميل فتتورد بعفوية وتهتف وهي تهم بالحركة تستقبله على طرف الفراش لتلتقط المنشفة الصغيرة الملتفة حول عنقه من الخلف فتساعده ليجفف خصلاته الكثيفة: ستبرد يا أدهم، أخبرتك من قبل أن تُنشف خصلاتك، فهي طويلة وكثيفة وتخزن الماء بداخلها.
جلس بطاعة أمامها لتفرك رأسه برقة بالمنشفه التي تحملها بين كفيها فيستقبل دلالها إليه بتوق وتلهف فيعود للخلف برأسه يركنها فوق صدرها لتضمه بذراعيها الرقيقين إلى صدرها وتحنى رأسها لتقبل جبينه: ما بالك يا حبيبي؟!
أغمض عينيه ليهمس بصوت مختنق: لا شيء.
انتفض قلبها بقلق ولكنها لم تركن إليه وهي تبتسم برقة في وجهه رغم عيناه المغمضة: حسنًا انتظر سآتي لك بملابسك.
تمسك بها حتى لا تبتعد ليهمس بخفوت: لا يهم ، فأنا لا أحتاجها.
توردت وجنتاها لتهمس بعتابٍ: كيف ذلك هل ستنام عاريًا؟!
زفر بانهاك ليجيب ساخرًا: لن تكون المرة الأولى يا جود ، أتبع وهو يستدير إليها يرفع رأسه فتومض نظراته بغموض أرعبها وهو يكمل – ولن تكون الأخيرة بالتاكيد .
ارتجف ثغرها بابتسامة حملت توترها إليه ولكنه غض الطرف عنها وهو يعتدل بجلسته ليجذبها من جواره ويجلسها بحضنه هامسا بتساؤل خافت: أخبريني بتوصيات الطبيبة كيف حالنا معها؟ ابتسمت وهزت رأسها بالإيجاب فأكمل وهو يداعب خصلاتها يقبل طرف أنفها وجبينها- حسنًا وأنتِ ألم تشتاقي لي؟!
أجابته بعفوية صادقة: أنا مشتاقة إليك على الدوام يا أدهم.
ابتسم بامتنان لمع بعينيه بينما لهثت أنفاسه وقلبه يتضخم بمشاعره كثيرة متضاربة أودعها كلها في قبلته القوية التي التقط بها شفتيها وهو يلهث بقوة أفزعتها ولكنها لم تقوى على الاعتراض وهو يجتاحها برغبة قوية أجفلتها ولكنها استسلمت إليه دون فهم متفاعله معه مانحة إليه كل ما تستطيع أن تعطيه له.
انخرط في رغبته إليها يلتهم كل ما يطاله منها بجوع من لم يذق الطعام يومًا فيقبلها بلهفه جارفه وعقله يخلط عليه الأوراق فيستعيد تمنع الأخرى عليه بعدما منحته كل شيء فيضطرب ويلهث بقوة وهو يحاول أن ينحيها عن عقله يرغب في الانخراط مع من ترغب فيه وفي سعادته ولا تهتم بأي شيء غيره ولكنه لا يقوى، فسقط في صراع أنهكه هو من التهم شفتيها بتوق مستعيدًا مذاق قبلاتها الرقيقة فينزعج بشده وهو يشعر باختلاف المذاق يجرح حلقه، كفيه اللذين يلامسانها فلا يستعذبان الجسد الذي أسفله رغم حلاوته التي يدركها جيدًا ونالها مرارًا ولكن كل ما يشعره الآن ليس بالعذوبة الماضية، تلهث أنفاسه ويضخ قلبه وتستبد رغبته الذكورية فيكاد أن يفرغها بها ولكن هناك ما يمنعه.. يكبله.. يوقفه لينتزع نفسه من فوقها كالملدوغ وهو يتنفس بقوة.. يشهق بعنف وهو يشعر برئتيه غير قادرتين على التنفس بشكلٍ سليم فتهلع عليه وهي تقترب منه تهتف بفزع هو الذي تراجع بعيدًا ليقف بمنتصف الغرفة عيناها جاحظتان بألم قوي يمزع حلقه يكتم أنفاسه ويضغط على رئتيه فيمنعه من التنفس بطريقة طبيعية: ما الأمر يا أدهم ؟! ما بالك يا حبيبي ؟!
انتفضت بهلع وهي تنظر إليه بصدمة ورعبها يستقر بقلبها وهي تدرك الدموع المحتقنه بحدقتيه فتهتز عيناها بعدم فهم لتهمس بغصة استحكمت حلقها وصدمة تحكمت بها: أدهم؟!
ليحاول أن يتنفس مرة.. ثانية.. لينفجر في الثالثة بشهقة بكاء غادرة لم يستطع التحكم بها ودموعه تنهمر على وجنتيه وبكائه يتعالى بنشيج افزعها لتضمه إلى صدرها بقوة وهي تهتف: بسم الله عليك .. بسم الله عليك يا حبيبي، اهدأ فقط اهدأ.
دفن وجهه بصدره وهو يذرف دموع مجمعه عن كل ما حدث له هذه الليلة القميئة خسارته التي نالها.. كبرياءه الذي كُسر.. كرامته التي بُعثرت.. وقلبه الذي تهشم إلى شظايا تنغزه وهو يعلم أنها رحلت وتركته من خلفها بعد كل ما قدمه إليها منحته خسارة موجعة لم يكن مستعدًا لها.
***
يقف أمام نعامته الأثيرة يربت على رأسها، يُملس على رقبتها، يخبرها باشتياقه إليها ويعتذر منها على غيابه عنها الفترة الماضية، يراضيها بكونه يمكث بجوارها هذه الأيام فهاك هو محدد الإقامة ببيته.. منزله الكبير، مزرعته التي يحبها والتي كانت أول شيء تملكه من أول صفقة سلاح كان وسيطًا رسميًا بها، تلك الصفقة التي طار بها فرحًا فعاد لخطيبته التي أصبحت زوجته فيم بعد يخبرها أن العالم كله أصبح ملك يمينه فتطلب ما تشاء فهو اليوم سيُلبي كل طلباتها، لا ينسى قط حينها أنها طلبت شقة أوسع قليلًا إذ ما استطاع من تلك الشقة التي منحوه إياها في سكن الضباط بالحي الراقي القريب من منزل والدها.
فضحك منها وهو يخبرها بعينين متقدتين: بل فيلا كبيرة لأجل عينيكِ يا جولز، تطلعت إليه بتعجب فأكمل مشاكسًا- أليست المجوهرات توضع في صندوق أنيق فخم ليحافظ عليها ويحميها؟!
ليستطرد بحماس : أنتِ الأخرى تستحقين فيلا أنيقة فخمة تسكنين بها.
حينها سألته بتعجب: من أين ستأتي بها يا هادي؟!
ابتسم إليها بغبطة: ربك كريم يا حبيبتي.
ليصمت لوهلة قبلما يهتف بحماس: أتدركين حتى الفيلا ليست من مقامكِ، سآتي إليكِ بقصر يشبه قصور باشوات زمان، ليصمت لبرهة قبلما يكمل وعيناه تدكن برغبة عنيفه في التباهي بسلطته.. نفوذه.. ومكانته التي وصل إليها رغم عن أنف الآخر الذي كان يترصد له فلم يقوى على الإطاحة به بسبب تخفيه في رداء السلطة الرسمي- بل سآتي لكِ بمزرعة كاملة يقع في منتصفها قصر فخم أنيق يشبه قصور الأساطير، لتكوني أنتِ ملكة الأساطير، وأكون أنا سلطانها
ضحكت برقة لتهز رأسها بيأس: أحلامك أصبحت دون لجام يا هادي.
ابتسم وأجابها بوضوح: نعم لأني أنا بدوري تخلصت من اللجام ورميته بأقرب سلة نفايات فأصبحت حرًا.. طليقًا لا يقيدني أحد لا أنا ولا طموحي الذي أطلقت له العنان وعليه سترين أننا سنصل لعباب السماء ولن يقوى أحدًا على التحكم بنا من جديد.
ابتسامة ساخرة شكلت ثغره وهو يهمهم لنفسه بصوتٍ مسموع: يظن أنه بعد كل هذا العمر سيقوى على اصطيادي وتكبيلي من جديد يا ليلان، لا يدرك أن وقت التحكم والقيد والسيطرة ولى وانتهى، لا يدرك أن زمنه هو بالأخص انتهى واندثر وأن من ينتظرون سقوطه أكثر بكثير من مواليه، فسعادة المستشار لا يليق بالمرحلة القادمة بل هو شوكة قوية صامدة في خاصرتنا جميعًا وعليه آن الأوان لنتخلص منه.
انتبه على اقتراب أحد رجاله فاستدار نحوه ليبتسم بترحاب لذاك الذي قدم هاتفًا بولاء صادق: سعادة الباشا.
تمتم بلطف: أميري الغالي.
صافحه تيمور باحتفاء بينما هو يشد على كفه في مصافحة قوية فيهتف تيمور: اشتقت إليك يا باشا.
أومأ هادي بعينيه: وأنا الآخر فعلت، أخبرني هل لديك جديد؟!
ابتسامة ماكرة زينت ثغر تيمور الذي همس بخفوت: بطاقة رابحة ستجعلك تتخلص من الكبير دون أن تتورط في الأمر.
ضيق هادي عينيه ليكمل تيمور ببساطة: بو سعده يبحث عن الخلاص بدوره فهو وعد حبيب البابا أن ينهي الأمر حفاظًا على حياة ولده ونفسيته الهشة التي تحتاج لعلاج.
توهجت عيني هادي بسعادة قوية غمرته ليهمهم وهو يشير لتيمور أن يثرثر إليه عن الأمر كاملًا فيسرد الآخر عليه بعضًا من تفاصيل وصلته ليهمس بجدية عندما استقرّا جالسان: ولكن هكذا سيصبح الأمر
قاطعه تيمور: يخص الأمن القومي ولا علاقة لنا به.
حرك هادي رأسه بتفهم: أعداء الوطن يتخلصون من حاميه، منطقي ومهيب ويليق به كثيرًا.
تطلع إليه تيمور متسائلًا: إذًا؟!
تنفس هادي بقوة: ضع الأمر نصب عينيك ولا تغفل عنه وأبلغني بالمستجدات أولًا بأول.
ابتسم بظفر وشماته استقرت بعمق عينيه: النهاية اقتربت كثيرًا يا سيدي، ولكن لا تقلق سأمنحك وداعًا فخمًا يليق بفخامة حضرتك.
انتهى الفصل السابع والثلاثون
قراءة ممتعة
رمضان كريم
القاكم بعد العيد باذن الله
كل سنة وانتم طيبين


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-03-24, 02:42 AM   #3307

همتي للمولى
 
الصورة الرمزية همتي للمولى

? العضوٌ??? » 400683
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 171
?  نُقآطِيْ » همتي للمولى is on a distinguished road
افتراضي

هذه الأحداث تحتاج لاكثر من شهر لالتقاط الأنفاس ???????????? مبدعة كالعادة ياسولي ...شابو ونرفع لك القبعة ????????
نهى حمزه likes this.

همتي للمولى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-24, 03:01 AM   #3308

ملكة حمادة

? العضوٌ??? » 288758
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,505
?  نُقآطِيْ » ملكة حمادة is on a distinguished road
افتراضي

رمضان كريم مبارك عليكم الشهر الفضيل

ملكة حمادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-24, 03:21 PM   #3309

أماني سلامة

? العضوٌ??? » 512748
?  التسِجيلٌ » Jul 2023
? مشَارَ?اتْي » 31
?  نُقآطِيْ » أماني سلامة is on a distinguished road
افتراضي

جميله مشاء الله تسلم ايدك

أماني سلامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-24, 11:59 PM   #3310

هالة سليم

? العضوٌ??? » 473134
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 66
?  نُقآطِيْ » هالة سليم is on a distinguished road
افتراضي

رواية رائعة

هالة سليم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:53 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.