دروب العشق بين كبريائى و قوتى *مكتملة*

[رنا الليثي]

خرجت روفانا بعد يومين من المشفى بصحبة إخوانها و بالطبع أُجرىَّ فحص ال(dna) لكلاً من روفانا و ماجد و نرجس فتطابقت نتائج ماجد و روفانا بينما ظهرت النتيجة سلبية فى تحليلها مع نرجس مما أكدَّ لروفانا أنه حقاً لا مفر مثلما قال آدم...حاول الكل أن يتعاملون بأن ما حدث كان أمراً طبيعياً لكنه لم يكن و لكن يجب التظاهر حتى يمر الوقت حينها شعر آدم بمدى حساسية الأمر على روفانا لذلك استأذن من نرجس بأن تبقى معه فى شقته إلى أن تمل و تطلب العودة حتى تستطيع نرجس التعامل مع ابناءها هى الأخرى فهى تعلم علم اليقين بأنهم قد تغيروا و خاصة مالك الذى أصبح منطوى عن الجميع....أما ماجد فكان كعادته يستمد الدعم و القوة من أخيه الأكبر فهو معترف بأنه لن يستطع التصرف فى هذا الأمر من دونه حتى بعد رؤية تصرفات ابنه الناضجة...

************

[رنا الليثي]

وافقت روفانا سريعاً على عرض آدم و سرعان ما تحضر هو الآخر لاستقبالها فى الشقة ففتح غرفة لم يكن يستخدمها و ابتاع لها غرفة نوم ذات طابع طفولى اختارتها سهيلة...فوجئت روفانا بكل تلك التحضيرات و سعدت كثيراً بغرفة نومها الجديدة كما سعدت بالتقرب أكثر من سهى التى كانت تقضى معها معظم الوقت حين يخرج آدم لعمله...بالطبع حاول آدم مراراً و تكراراً بأن يطهو لها مثلما كانت تطهو الخادمة ببيتها لكن كل محاولاته كانت تبوء بالفشل و لكن فى كل مرة كانت تحاول روفانا أن تشجعه و تثنى على طهيه المريع...حاولت هى الأخرى أن تفعل شيئاً مميزاً معه و بالفعل أظهرت ذلك فى ذوقها الفريد بإنتقاء ملابسه وإعطاءه نصائح عن الصيحة الأخيرة فى عالم الموضة لكل ما يخص الرجال حتى إنها قد أقنعته بأن يترك لحيته قصيرة خفيفة مما أضفى عليه وسامة قاتلة أهلكت قلوب موظفات الشركة مع طلته الجديدة تلك مما أثار حنق سهيلة التى اشتبكت مع معظم العاملات بالشركة بسببه إلى أن حكمت عليه بحلاقة لحيته وبالفعل إنصاع لحكمها بعد عدة اشتباكات بينهما تدخلت روفانا لحلها...
بالطبع لم تتوقف عن نصحه بما يجب أن يفعله ليكسب ود عز وعائلة سهيلة بأكملها كما لم يتوقف هو الآخر عن اسعادها بتلك الأشياء التافهة التى تحبها كالدمى و الحلويات...ظلا معاً لمدة أسبوعين استطاع فيهما آدم أن ينسيها كل شئ حتى موت منير فمعه اختبرت شعور حقاً جديد و مميز شعرت بدفئ لأول مرة تشعره و أمان جعلها تؤمن بأنه لن يتركها بالفعل...
بعد مرور تلك المدة شعرت بالإشتياق لأمها و قررت أن تفاتح آدم بالرجوع مرة أخرى...
"آدم..أريد العودة مرة أخرى"
ترك آدم ما بيده و نظر إلى روفانا الواقفة بواسطة عكازيها و رد قائلاً:
"كما تريدين...أنا لا زلت موجود إن أردتِ القدوم فى أى وقت..ولكننى أفكر فى شئ جديد تلك المرة"
دلفت إلى المطبخ لتقف بجانبه و هى تسأله بفضول:
"ما الذى تفكر به؟"
رفع آدم المقلاة من على النار و ذهب بها إلى إناء كبير و تحدث قائلاً:
"لا أعلم أفكر فى أن أجرب شعور المصيف العائلى تلك السنة..ما رأيك بأن "
قطع حديثه و شهق شهقة قوية أفزعت روفانا حتى سألته:
"ماذا بك آدم؟ هل أنت بخير؟"
رد و هو يقلب ما سكبه قائلاً:
"أيتها الغبية إنها شهقة الملوخية"
نظرت له ثم انفجرت ضاحكة فى وجهه بينما ظل يتحدث قائلاً:
"أنا مخطئ أننى أردت أن أطبخ لكِ الملوخية التى تحبينها"
أطلقت ضحكة عالية جعلته يكتم فمها بمزاح و هو يضحك قائلاً:
"صوتك يا غبية..سيظن الجيران أن معى راقصة"
هدأت من ضحكها ثم ردت قائلة:
"فكرة جميلة موافقة عليها.."
رد آدم و هو يلتفت مرة أخرى إلى الطعام قائلاً:
"إذا سنضطر إلى أن نخرج معاً لنبتاع ملابس جديدة"
صفقت بطفولة و قبلت صدغه ثم ذهبت و هى تعد ما سيبتاعاه معاً مما أضحكه كثيراً....

***********

[رنا الليثي]

جلست كعادتها بعد أن أنهت كل التزماتها و أخذت تتصفح تطبيق ال(فيسبوك) فوجدته ممتلئ بخبر القضية التى رُفِعتْ على فرع من فروع شركة الفارسى و شاهدت كمية التعليقات الحاملة للعديد من التكهنات و الظنون المشينة بحق آل الفارسى مما جعلها تختنق فأغلقت الهاتف و شردت مرة أخرى به...منذ وفاة عمها و قد تغير كثيراً أصبح منعزل أكثر و لا يتحدث إلى أى أحد حتى هى...لا تعلم ماذا عليها أن تفعل لتخرجه مما هو به؟...
"شفق..حبيبتى لماذا لازلتِ مستيقظة؟"
نظرت شفق لأمها التى دلفت غرفتها فجأة فضمت ركبتيها إلى صدرها فى حركة عفوية و ابتسمت فدلفت أمها لتجلس أمامها على السرير و تتحدث إليها قائلة:
"ماذا هناك حبيبتى؟ ما الذى أضاع النوم من عينيكِ؟"
ردت شفق مردفة:
"لا شئ ماما.."
ابتسمت مريهان و ردت بخبث قائلة:
"هل أنتِ متأكدة؟..أليس السبب مثلاً سامر؟"
نظرت شفق لمريهان بتردد فلم تمهلها الثانية عناء التفكير فى الرد لأنها تحدثت مردفة:
"حبيبة قلبى..لا تخجلين من مصارحتى فأنا أمك و صديقتك و بئر أسرارك...ربما لم تلاحظين أو تشعرين بحب سامر سوى مؤخراً لكننى راقبته طوال الوقت منذ أن كنتما طفلان أبلهان يلعبان معاً الغميضة...لن أكذب عليكِ و أقول أننى قد انزعجت من إحاطته لكِ الدائمة بل شعرت بالإطمئنان لوجوده المستمر بحياتك..سامر يملك قلب نقى و روح طيبة ليس من السهل العثور على مثلها تلك الأيام يكفى وقاره و إحترامه لذاته و لكل من حوله..صراحةً كنت أستعجب دوماً من أنه بن منير و لكن كما يقول المثل يخلق من ظهر الفاسد عالماً أو العكس لا أتذكر"
ضحكت شفق فابتسمت أمها و أكملت:
"أنتِ تحبينه لا تكذبين و تزيفين تلك الحقيقة...و إن أردتِ رأى أمك حبيبتك أنا لا أرى شاباً أفضل منه..ولكنك ورثتِ عناد أبيكِ و تحكمه برأيه و ذلك ما يجعلك تفكرين ألف مرة قبل القدوم على أى شئ حتى لو نطق أمامك"
ضحكت شفق و ردت مبررة:
"الأمر ليس كذلك بالطبع..فقط لست معتادة على..أتفهمين؟..تلك الأمور التى تفعلها كل فتاة من حب و زواج..فقط لا أستطيع تخيل نفسى بهذه الحياة"
ردت مريهان مردفة:
"سامحك الله يا إياد..هو من فعل بكِ كل هذا..هو من جعلكِ كالصبية..يابنيتى أنتِ فتاة ولا يوجد فتاة لا تقع فى الحب..فقط افعلِ ما يمليه عليكِ قلبكِ دون الاستماع لصياح عقلكِ حينها فقط ستتذوقين روعة الحب..ستسيقظين و تنامين على لحن تعزفه دقات قلبك المتلاحقة إثر تذكرك للحظة خاصة جعلتك تعرفين بأنه لا يوجد غيره يصلح لكِ"
اتسعت ابتسامة شفق و ردت بشقاوة مردفة:
"ما هذا يا مريهان؟ أصبحتِ تكتبين الأشعار فى الحب و ما يفعله.."
ضحكت مريهان و ردت فى محاولة واهية توارى بها خجلها مردفة:
"بالطبع أيتها الفتاة..فقط دعكِ منى الآن و انتبهِ لحالك.."
نهضت من مكانها وقبلت رأس ابنتها و تمنت لها أحلاماً سعيدة ثم خرجت لتترك شفق مرة أخرى مع شرودها إلى أن هبت فجأة من مجلسها و ذهبت بإتجاه خزانة الملابس تخرج منها ملابس رياضية مريحة تسمح لها بالتحرك قائلة:
"لقد حان الوقت لأستمع إلى قلبى كما قالت ماما"

***********

[رنا الليثي]

وصلت أخيراً لفيلا منير الفارسى بعد أن استطاعت أن تقفز ليلاً من شرفتها و بالطبع تخطت السور بمثل هذه الطريقة إلى أن وصلت للحديقة الخلفية الخاصة بالفيلا و تسلقت شجرة بالقرب من شرفته ثم قفزت منها إلى شرفته فى رشاقة و خفة حتى دخلت إلى الغرفة لكنها لم تجده بها فكادت أن تعود أدراجها لكن فضولها كأنثى استوقفها قليلاً مما جعلها تعيد التفكير فى أمر عودتها مرة أخرى فعادت و أنارت الغرفة و تأكدت من عدم وجوده بالمرحاض الملحق بالغرفة ثم جلست على مكتبه تتفحص ما تقع عليه يديها إلى أن وجدت دفتر مخملى مميز مما جعل قلبها يهدر و فتحته بخوف تتفحص خطه الساحر المتناسق فوق صفحات الدفتر بالطبع لا تخلُ صفحة من ذكرها بها كما غمرها الإنتشاء لقرأة ما كتبه عنها...توقفت عند صفحة وجدت بها الكتابة منتصفة فى وسط الصفحة فقرأت بشغف ما خطته مشاعره....

ساحرة قاتلة قوية رقيقة
تسألوننى من هى فأجيبكم بدقيقة
إنها معشوقتى ذات البسمة الجميلة
فحين أراها أؤمن بأن ما لى حيلة
فأنا التائه فى متاهات عينيها العسلية
و هى تلك الجميلة التى ينادونها بالمارية
مارية مرمرية الجسد و القوام
فكلما رأتها عيناى أبى الشوق أن ينام
و كيف ينام فى حضورها الطاغى وسط الأحلام
فهى تلك التى تصنع الإشراقة وسط الغيام
فحبيبتى تحمل آخر شعاع من الشمس ليخترق قلبى بهيام
هى الشفق الذى أسبح به فى الأيام
هى لمعة و إشراقة تنير طريقى فهى النجوم
لكننى لم أشق الليل برمحى حتى أرى النجوم تلمع
فقد طال بى الطريق و لم أكد أطرق حتى رأيت القمر يسطع
توقف نبضى و حُبِست أنفاسى و لم تعد هيبتى تنفع
ملعونٌ ذلك القلب الشجى الذى ما إن رأى طلتها و ارتوى لم يشبع

دمعت عينيها و قبلت الدفتر ثم أخذت تمسح بعينيها مرة أخرى على الكلمات و استوقفتها كلمة مارية فرددتها بصوت مسموع و كأنها تريد فهم ما تعنيه هذه الكلمة وسط ذلك اللحن العذب فوجدت صوته الرخيم يرد قائلاً:
"مارية تعنى المرأة الجميلة ناصعة البياض"

****************

[رنا الليثي]

انتهى فصل اليوم..متحمسة لقرأة تعليقاتكن مرة أخرى إلى اللقاء فى الفصل القادم بإذن الله😘💕

[shezo]

مرحبا."حصاد السنين".الحياة في حياة كلا منا ما هي إلا صفحة أولها الميلاد وآخرها الموت وبينهما نخط بأيدينا مسار تلك الحياة ونلونها بافعالنا خيرا كانت أم شرا وكلا محكوم بتصرفاته.
وللأسف هذه الصفحة قد تنعكس علي حياة الآخرين فتقلبها رأسا علي عقب.
وفاة منير المفاجئة فتحت كل صفحات الماضي وبشكل سئ أصاب الجميع بالصدمة والتي أبرزها موضوع روفانا والذى اخفي تفاصيله كل هذه السنوات واستطاع ليل الوصول لمعرفته حتي من قبل وفاةأبيه وكان لابد من إعلان الأمر الذى لم يفاجئ ماجد ولا آدم.
تهتز الأرض من تحت قدمي روفانا فما أسوأ أن تنتزع هوية انسان في لحظة فيجد أنه غريبا بين من ظنهم أسرته وعليه الانتماء لاخرى يتخبط بين هواجسه أسيتقبلهم .هل سيتقبلونه؟وهل ستستطيع ان تفارق اخوتها ؟
ينجح آدم بجدارة في انتزاع مخاوف روفانا تماما ولا يضغط عليها فيتركها لتقيم معه برغبتها وتعود لاخوتها متي أرادت إذ ليس من السهل انتزاع انسان من حياة وعمرا عاشه مع من ظنهم إخوته .
موضوع روفانا سيتم تسويته مع الزمن فهو خير طبيب أما الكارثة المسماة هشام الشريك الجديد هو المشكلة الحقيقية والذى ادخله منير عامدا متعمدا بينه وإخوته ليوجد في حياتهم هما جديدا.
الغريب في الأمر برمته أن أشقاء منير وباقى الأسرة لم يتفاجئوا من الأسرار التي ظهرت بعد وفاته كما لو كانوا يتوقعون أى سوء أو مشكلة تنتج منه فالرجل عاش عمرا نائيا عنهم مختلفا معهم في إدارتهم للعمل بل مختلفا حتي مع أولاده مستهجنا تلك العلاقة الوثيقة بينهم واولاد عمومته فالإنسان تاريخ لا يتغير ما دام هو مصر علي الخطأ وسوء الظن والتشكيك في نوايا اخوته سواء غيرة منهم أو عدم ثقة بالنفس .
وبالاخير يحصد الأبناء أخطاء آبائهم أو كما يقولون الآباء يزرعون الحصرم والأبناء يضرسون.
فصل جميل غاليتي القيتي الضوء فورا علي الأحداث دون مماطلة بأسلوبك المباشر المحدد ولونتي كل المشاعر المتضاربة بريشة فنانة متمكنة.
ننتظر بشوق باقي الأحداث.دمتي بخير حبيبتي

[رنا الليثي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo

مرحبا."حصاد السنين".الحياة في حياة كلا منا ما هي إلا صفحة أولها الميلاد وآخرها الموت وبينهما نخط بأيدينا مسار تلك الحياة ونلونها بافعالنا خيرا كانت أم شرا وكلا محكوم بتصرفاته.
وللأسف هذه الصفحة قد تنعكس علي حياة الآخرين فتقلبها رأسا علي عقب.
وفاة منير المفاجئة فتحت كل صفحات الماضي وبشكل سئ أصاب الجميع بالصدمة والتي أبرزها موضوع روفانا والذى اخفي تفاصيله كل هذه السنوات واستطاع ليل الوصول لمعرفته حتي من قبل وفاةأبيه وكان لابد من إعلان الأمر الذى لم يفاجئ ماجد ولا آدم.
تهتز الأرض من تحت قدمي روفانا فما أسوأ أن تنتزع هوية انسان في لحظة فيجد أنه غريبا بين من ظنهم أسرته وعليه الانتماء لاخرى يتخبط بين هواجسه أسيتقبلهم .هل سيتقبلونه؟وهل ستستطيع ان تفارق اخوتها ؟
ينجح آدم بجدارة في انتزاع مخاوف روفانا تماما ولا يضغط عليها فيتركها لتقيم معه برغبتها وتعود لاخوتها متي أرادت إذ ليس من السهل انتزاع انسان من حياة وعمرا عاشه مع من ظنهم إخوته .
موضوع روفانا سيتم تسويته مع الزمن فهو خير طبيب أما الكارثة المسماة هشام الشريك الجديد هو المشكلة الحقيقية والذى ادخله منير عامدا متعمدا بينه وإخوته ليوجد في حياتهم هما جديدا.
الغريب في الأمر برمته أن أشقاء منير وباقى الأسرة لم يتفاجئوا من الأسرار التي ظهرت بعد وفاته كما لو كانوا يتوقعون أى سوء أو مشكلة تنتج منه فالرجل عاش عمرا نائيا عنهم مختلفا معهم في إدارتهم للعمل بل مختلفا حتي مع أولاده مستهجنا تلك العلاقة الوثيقة بينهم واولاد عمومته فالإنسان تاريخ لا يتغير ما دام هو مصر علي الخطأ وسوء الظن والتشكيك في نوايا اخوته سواء غيرة منهم أو عدم ثقة بالنفس .
وبالاخير يحصد الأبناء أخطاء آبائهم أو كما يقولون الآباء يزرعون الحصرم والأبناء يضرسون.
فصل جميل غاليتي القيتي الضوء فورا علي الأحداث دون مماطلة بأسلوبك المباشر المحدد ولونتي كل المشاعر المتضاربة بريشة فنانة متمكنة.
ننتظر بشوق باقي الأحداث.دمتي بخير حبيبتي

جميلتي كنت مشتاقة إلى تعليقك الجميل ❤️ فكما ألون المشاعر تضعين أنتِ لمستك الجميلة فى تعليقك المبهج لتفسر كل ما كُتب و شُعر بين السطور لتضفين على الفصل روحاً أخرى أعتدت وجودها منذ أن إتيتِ... أشكرك غاليتى على كل شيء و أنا أعلم أن الشكر لن يفيكى حقك 😘😘

[عشقي بيتي]

فصل رااائع رنا
مسكينه روفاناكانت صدمتهاقويه
وصدمةالعائله بأكملهابسبب منيروافعاله
سلمت يداكي ياقمر موفقه باذن الله

[رنا الليثي]

الفصل الثانى و العشرون

"مارية تعنى المرأة الجميلة ناصعة البياض"
شعرت بأن كل شئ توقف حتى أنفاسها و تجمدت عن الحركة لتستمع إلى صوت خطواته و هو يسألها بنفس الهدوء الذى أجاب به على سؤالها المستتر مردفاً:
"لماذا أتيتِ شفق؟"
نهضت و التفتت و هى تجيبه بسؤال قائلة:
"أين كنت أولاً؟"
لم يرد ولاحظت بنطاله الأسود الممتلئ بأتربة و رمال فتوترت من الظن الذى ألقاه إليها تفكيرها و لكنها تأكدت منه حين رد قائلاً:
"كنت بمدافن العائلة"
شعرت بغصة فى قلبها جعلتها ترتجف خاصة مع جموده و هو يرد فاقتربت منه بخطوات هادئة لتكتشف مصحف بيده فأمسكت بيده برجاء مردفة:
"أعلم أنك حزين على فراقه لكن ذهابك للمدافن لن يرجعه سامر"
تحدث بصوت أثار الشجن بين ضلوعها مردفاً:
"أنا لا أذهب لأعيده شفق بل أذهب لأطمئنه.."
فرت دمعة متمردة من عينيها فمسحتها بسرعة حتى عاد يسألها مرة أخرى قائلاً:
"لم تخبرينى..لماذا أتيتِ؟"
لم تجد ما ترد به و شعرت بالإحراج و ظلت تفرك كفيها فوضع مصحفه على أقرب طاولة و تحدث بلهجة الآمر مردفاً:
"هيا لأوصلك إلى البيت فلا يجب أن تخرجين وحدك فى هذا الوقت مهما كان السبب"
استدار و كاد أن يسير لكنه تجمد حين سمعها تقول:
"أنا أحبك سامر..."
شعرت و كأنه تمثال يعجز عن الحركة فاستغلت عدم مواجهته لها و شجعت نفسها حتى أكملت قائلة:
"أعلم إن هذا أسوأ وقت للمصارحة و أعلم أننى غبية..لم أشعر بك لأننى إعتدت وجودك الدائم فى حياتى...لم أشعر إلا عندما وجدت أننى على وشك أن أفقدك..أنا غبية متعجرفة أتعامل بجفاء مع معظم من أعرفهم لا أتمتع بمشاعر مثل الفتيات ولست مثلهن فى أى شئ فى كل الأحوال..قليلاً ما أعجب بأى شئ رومانسى مثل الأفلام أو الأغانى وبدلاً من ذلك أفضل مشاهدة مباريات كرة القدم و المصارعة...
لا أعلم حقاً ما الذى رأيته بى ليجعلك تحبنى رغم أنك شاب وسيم و ذكى و مثقف و رياضى..وصالح..."
كانت على وشك الإكمال لكنه قاطعها مكملاً:
"ابتسامتك..شعرك...جمالك و عفويتك...حنانك الذى لا تشعرين بأنكِ تغدقين به على كل من حولك...برائتك..إذا أردت أن أحصر مميزاتك التى أحببتكِ من أجلها سأحتاج لعمرى كله و لن أستطع أن أحصرها كاملة..."
استدار ليواجهها مرة أخرى و لكنها تعجبت مما قرأته بعينيه لا تشعر بأنه سعيد لا تشعر بأن صدره يختلج بما فى صدرها فقط تشعر و كأنه فاقد المعنى الحقيقى للحياة...يتنفس دون وجود الروح التى إعتادت وجودها به لم تسأله فهى تعلم السبب بالطبع لكنها فاجأته حين اقتربت و وقفت على أطراف أصابعها لتضمه فى عناق قوى قائلة:
"ربما هذا سيحسن مما أنتَ به الآن"
رد وهو يبادلها العناق بصوت مرتعش علمت منه أنه يبكى قائلاً:
"ما أنا به لن يتحسن شفق.."
"ربما لن يتحسن لكنه سيمر و ستنسيك إياه الأيام فكل مُر سيمر"
ابتعد عنها و هو يمسح دموعه قائلاً:
"معكِ حق...كل مُر سيمر"
تنهد ثم أكمل:
"هيا شفق إن اكتشف عمى عدم وجودك بالبيت ستنشب الحرب العالمية الثالثة"
ردت بثقة مردفة:
"لن يعرف أحداً بخروجى لأن الكل نيام كما أننى قد خرجت من الشرفة"
فغر فاهه و سألها :
"هل معنى هذا أنكِ لم تدخلين من الباب هنا؟"
"بالطبع لا أيها الأحمق استخدمت الشجرة فى التسلق ثم قفزت إلى شرفتك"
قالتها و هى تشير له بينما لم يتخلص هو من أثر صدمة ما تقوله و لم يجعلها تتحدث أكثر فأخذها و نزل بها ليخرجا من الباب الخلفى الموجود بالمطبخ حتى يسير معها لفيلا عمه التى كانت على بعد شارعين من بيته....
*************

[رنا الليثي]

"كنت بإنتظار عودتك و لكنك أخذت وقتاً طويلاً ماجد"
قالتها مارى بعد أن ارتشفت من فنجانها بعض القهوة المُرَّة بمرارة ما ستسرده لماجد أمامها...
"نعم فكنت أبحث عن بيل..بحثت عنها بكل مكان حتى العناويين التى أعطيتها لى..لم أجدها مارى..أين هى؟"
ضحكت مارى بتهكم ثم ردت بنبرة جامدة خاوية من المشاعر مردفة:
"بيل ليست فى عالمنا ماجد..لقد ماتت منذ عامين"
هبَّ واقفاً هادراً بها:
"ما الذى تتفوهين به؟ هل جننتِ يا إمرأة؟"
تركت فنجانها و لم تنهض عن مجلسها و ردت بهدوء مفسرة:
"لم أفقد عقلى ماجد ما أخبرتك به حين أتيت لى كان بناءاً على وصيتها لى..لقد أُصيبت بسرطان فى الدم من المرحلة الأخيرة لم يتوفر إليها الوقت حتى لتلتقى بأطفالها و لذلك أخبرتنى بأن أفعل ما كانت ستفعله هى...تركت لى بعض الخطابات و ما كان على سوى أن أضع لها غلاف يتناسب مع موعد قدومك و ما قبلها...كانت تريد أن ترى آدم و تلك الفتاة التى تركتها لك..
شعرت بالذنب على كل ما فعلته بهما...و لذلك أرادت أن توقظ لك ضميرك حتى لا ترتكب نفس خطأها...استغل الوقت يا ماجد و ضم أطفالك فى كنفك...نحن نشيب و نهرم و لا نعلم هل ستوافينا المنية فى هدوء و صمت أم سنحتاج إلى من يساعدنا حتى نبلغها...لقد عاقبت نفسها بشتى الطرق منها إنها لم تحدثك فى أوج إحتياجها لك..أعلم أنك أتيت متأخراً و لكن أنت لا تعلم لربما كان تأخرك هو الشئ الوحيد الذى سيجعلك تنجح فى الوصول لمبتغاك...آخر شئ قالته لى أن أعطيك هذا الخطاب حين تعود لتسأل عنها بعد أن تجوب الأرض هائماً على وجهك دون إيجاد عبيرها حتى...ستجد ورقة مع الخطاب بها عنوان المقابر فلتذهب و تبحث عنها..لعلها تسمعك...."
أخذ من يدها الخطاب و الورقة و خرج إلى سيارته مسرعاً حتى انطلق إلى العنوان المكتوب بتلك الورقة لكنه تذكر شيئاً مهماً كان يجب عليه فعله قبل ذلك....

***********

يتبع على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t473107-32.html