آخر 10 مشاركات
جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          48 - لا تقل وداعا - ساندرا ماراتون (الكاتـب : فرح - )           »          قــصـــة قــــســـم وهـــــرة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          موسم الورد* متميزه * مكتملة (الكاتـب : Asma- - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          وداعا.. يليق بك || للكتابة : إيناس السيد (الكاتـب : enaasalsayed - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree11Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-02-21, 10:25 PM   #231

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي


الفصل العشرون والأخير

أَشارَت إِلَيها الشَّمسُ عِنـدَ غُروبِهـا * تَقولُ إِذا اِسوَدَّ الدُّجَى فَاطلِعِي بَعدي

وَقالَ لَها البَدرُ المُنيـرُ ألا اسفِـري * فَإِنَّكِ مِثلِي فِي الكَمالِ وَفِي السَّعـدِ

فَوَلَّت حَيـاءً ثُـمَّ أَرخَـت لِثامَهـا * وَقَد نَثَرَت مِن خَدِّها رَطِـبَ الـوَردِ

وَسَلَّت حُساماً مِن سَواجي جُفونِهـا * كَسَيفِ أَبيها القاطِعِ المُرهَـفِ الحَـدِّ

تُقاتِلُ عَيناها بِهِ وَهوَ مُغمَـدٌ وَمِـن * عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السيفُ فِي الغِمـدِ

وقف "يوسف" غير قادر على النطق بعدما سلب كلامها عقله وأسر قلبه ..
فتجمد لسانه للحظات ..
ثم اخذ نفسا عميقا ليقول بعدها شارحا بارتباك ما لم يستطع قوله من قبل :
_كنت تتسائلين ..اعني سألتني بالأمس عن سبب تخطيطي لما فعلناه ..
صمت مجددا لكنه عاد ليقول وكأنه يخرج الكلمات بشقاء:
_في الحقيقة كانت تلك أنانية مني في شيء ليس لي الحق فيه ..اقصد لم يكن لي الحق فيه دون شأن واضح لي بك لكني فعلت ذلك مدفوعا ب...

هم بقول "فعلت ذلك مدفوعا بمشاعري" لكنه شعر بكون الجملة مائعة ولم يستطع استكمال جملته المرتبكة والغير منمقة فقال وقد نفذ صبره من نفسه :
_نور انا أحبك .

على عكس ما توقع ،فقد ترقرقت عيناها بالدموع وانهمرت فوق وجنتيها وقد ارتسم على وجهها تعبير طفولي متأثر باك ،لكنها سرعان ما زمت شفتيها بغضب تضربه في كتفه بغيظ وتصيح:
_اخيرا نطقت !!
ظلت تضرب في كتفه وتصيح فتركها للحظات تفرغ ما بداخلها ثم امسك كفيها بكفيه مهدئا لتناظره بنظرة اوجعت قلبه قائلة:
_انتظرتها كثيرا يا يوسف ،كثيرا ..

تألم لكونه قد آلمها طويلا دون أن يشعر ..
وكاد يضيعها بكل غباء ..
اطرقت برأسها ارضا تبكي محاولة السيطرة وما زال يحتضن يديها ،فاقترب يأخذ رأسها في صدره دون شعور مرددا بتأثر:
_آسف ..انا آسف .


بعد قليل كانت تجلس بجانبه في السيارة رغم أنها مازالت لا تستسيغ قيادته قبل ان تشفى يده تماما رغم ازالته للجبيرة ..
فقالت باهتمام يشتاقه:
_كيف حال ذراعك؟
تنهد قائلا بمناكفة:
_بخير يا نور ،انها المرة الرابعة التي تسألين فيها خلال عشر دقائق .
اتسعت عيناها ترد بصدمة:
_هل مللت مني؟
عقد حابيه في عدم فهم لهذا الانقلاب العجيب قائلا:
_ماذا؟
قالت تشير اليه بنفس الملامح المصدومة:
_لقد تنهدت قبل الرد وكأنك تستحضر صبرا لاحتمالي!
رفع حاجبا يهتف باستنكار:
_انا؟؟
ردت :
_أنت حسبت عدد المرات التي كررت بها السؤال يا يوسف.

صمت للحظات يناظرها بعدم استيعاب ،ثم اعاد نظره للطريق يقول بلا حياء:
_جربي مشروب القرفة ..قد يفيد .
توردت وجنتيها بشدة ،ثم عادت بنظراتها للطريق امامها وهي تغوص في المقعد بحرج متمتمة:
_وقح .
لمحت ندبة في رقبته لم تحجبها ياقة قميصه فتذكرت ما حكته لها "مريم" عن ذلك اليوم المشؤوم ،واعتصر قلبها ألما له ..
ترددت للحظات ثم قالت بخفوت:
_هل مازالت تؤلمك؟
التفت اليها مستفسرا فرأي عينيها مسلطتين على ذلك الجزء من رقبته ،تشنجت ملامحه قليلا لكنه قال معيدا نظره الى الطريق:
_انه حادث قديم ،بالطبع لم تعد تؤلمني .
نظرت الى وجهة متابعة ملامحه وهي تقول:
_لم اقصد الندبة ..قصدت الذكرى.
صمت هنيهة ،ثم قال مجيبا سؤالها بسؤال:
_هل اخبرتك مريم؟
ردت دون تورية:
_نعم .
زفر مشيحا بوجهه فقالت بهدوء رغم توجعها له:
_هذا يعني انها بالفعل ما زالت تؤلمك.

صمت ..
ربما جرح جسده قد التئم لكن جرح روحه ؟
ما زال حيا ..غائرا .
يتظاهر بالنسيان لكنه ابدا لن يستطيع ان يمحي شعور كسرة وقهر وذل قد شعر بهم وهو قليل الحيلة مكتوف اليدين .
شعرت بالألم له ،لكنها ابتسمت بحب قائلة:
_أنا فخورة بك .
تقافز قلبه في صدره بفرحة عجيبة وكأنها قلدته وساما ملكيا بجملتها هذه ،فتأمل وجهها المتورد وعينيها اللتان ازدادتا نعاسا اثر نوبة البكاء التي انتابتها منذ قليل ،فتنحنح قائلا بزرقاوين مضيئتين:
_ربما علينا أن نعجل بعقد القران .
فضحكت تغوص في المعقد أكثر بخجل .
_____

لَو تعْلَم ما كانَ يُرْهِقَنِي
يُقْلِق مَضْجَعِي ويُؤَرِّقَنِي
يَنْسِفُ آمَالِي ويَتْرُكَنِي
وَسط الرُكَام..
لَفَرَدْتَ ضلُوعَك لِي سَكنًا
وفرَشْتَ فُؤَادَكَ لِي وَطنًا
وسحَبْتَ يَدِي لكَ مُنْتَشِلًا
من بَين الآلام..
أنَا نَثْرَةُ حِبْرٍ إنْ تَفْهَم
ودَمْغَةُ عَقْدٍ لَو تَعْلَم
أبَدًا بَاقِيَة لا تتَوَهَّم
ولا فِي الأحْلَام..
الآن بقَلبِي لَك دُرَّة
وبرَحِمي لكَ أيضًا بِذْرَة
تَنْمُو مَع حُبِّي لَكَ عُمْرًا
تُعْطِيكَ سَلَام..


دخلت خلفه مسرعة وهي تقول محاولة اقناعه:
_يا خالد الصيدلية لا تبعد ثلاثة امتار عن المنزل ،اين المشكلة؟
قال ناهيا الموضوع:
_أنني قلت لا ..ولا تعني لا .
وقفت "نهلة" متخصرة تحاول الا تفشل في تمالك اعصابها لتهتف:
_لست طفلة لتمنع عني امرا ما دون ابداء أسباب!
فتح الثلاجة يشرب من زجاجة عصير رأت أنه ينافسه في البرودة لحظتها دون أن يرد ..فوقفت تحدق به بذهول ،ثم نطقت مجددا:
_خالد أنا أحدثك!
اغلق الثلاجة متجها الى غرفتهما قائلا بصرامة:
_انهي هذا الموضوع يا نهلة ،الآن .
لم تستطع التحمل اكثر فجزت على اسنانها قائلة بغيظ:
_خالد أرجوك لا احب هذه الطريقة في التعامل ،أنت لا تحدث أحد العساكر لأنفذ الامر دون مناقشة.
خلع سترته ثم صاح بعدم صبر:
_انا اجلس في مكتبي قلقا واتصل بك بين الحين والاخر وانا اعلم انك في المنزل ،ما بالك بالنزول للعمل بالخارج!

اخذت نفسا عميقا لتزفره بهدوء وهي تتجه اليه تساعده في تبديل ملابسه قائلة بدلال:
_يا حبيبي انت تعلم انني ان كان مكتوبا لي ان يحدث لي شيئا فسيحدث وان كنت خلف مئة باب وليس بابا واحدا ..كما ان المنزل لم يحمني ذلك اليوم ،انا من استطعت التصرف.
تشنجت عضلاته فاحتضنته من الخلف واضعة ذقنها فوق كتفه وهي تردف:
_هل تعتقد أنه ان فكر احد في ايذائي ستكون فرصته اكبر عندما اكون بمفردي في منزل مغلق ،ام في صيدلية مفتوحة بها غيري من صيدلانيين ومشترين والشارع كله يرى ما يحدث بداخلها ؟
ناظرها بطرف عينه بعدم اقتناع فقالت بنظرة بريئة لتضغط عليه عاطفيا:
_لن يحدث شيء يا خالد صدقني ،انها اسفل المنزل !
اشاح بعينيه زافرا بصمت فقالت بشقاوة وهي تشدد من احتضانه:
_هل اعتبر هذه موافقة؟
ابعد ذراعيها عنه قائلا وهو يقوم من فوق الفراش:
_ابتعدي يا نهلة .
تشبثت به "نهلة" قافزة لتصعد خلف ظهره ،فتفاجئ بفعلتها لتميل برأسها تقبله عدة قبلات من وجنته ثم اعتدلت رافعة احد ذراعيها لتهتف:
_يعيش خالد السويفي ،يعيش يعيش يعيش .
قال كابتا ابتسامته وهو يعود للوراء محاولا انزالها:
_انزلي يا نهلة أنا لم اوافق بعد .
قالت وهي تتشبث اكثر كي لا تقع:
_لقد سكت ،والسكوت علامة الرضا .
رفع حاجبا بتسلية وقد أعجبه الوضع فقال بمكر:
_حقا؟
اومأت برأسها تنظر له من علو قائلة بتأكيد:
_حقا .
قال وهو يعود بها الى الوراء:
_حسنا اذا.
سقطت على الفراش مطلقة صرخة قصيرة متفاجئة ،فالتفت اليها مخيما فوقها ليقول وهو يميل اليها :
_ لا يوجد عمل يا نهلة .
ثم اطبق على شفتيها لتلف ذراعيها حول رقبته باستسلام حلو لدقيقة ..
لكنها دفعته لتعتليه بعدها قائلة:
_يوجد عمل يا خالد .
ثم مالت هي اليه تقبله فاستقبلها مرحبا بشغف ،ليدفعها بعد قليل عائدا لاعتلائها وهو يقول بانفاس لاهثة:
_قلت لا يوجد .
ردت بهمس وهي تراقبه يميل اليها مجددا:
_وانا قلت يوجد .
فأطبق على شفتيها مجددا ليكملا جدالهما بطريقة اخرى ..اكثر لذة .

يتبع ..


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 10:30 PM   #232

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي

"انت حامل سيدة مريم"

ظلت تلك الجملة تترد في اذنها وهي جالسة الى جانب زوجها في السيارة ..
لم تتخط مرحلة الصدمة بعد ..
وضعت يدها اسفل بطنها تتحسسه وكأنها تتأكد من وجود شيء ما بالداخل ،فابتسم "ليث" لأفعالها الطفولية ليسمعها تقول بذهول:
_هل يوجد طفل هنا ؟
ضحك قائلا بسعادة غامرة:
_نعم يا مريم لكنه ما زال في اول مراحل التكوين .
قالت بنفس الذهول:
_هل ينمو طفل منك في رحمي الآن ؟
مد يده يسحب يدها اليه ليقبلها ثم قال :
_ما زلت غير مستوعب أيضا ..واظن ان هذا بسبب ظروف زواجنا العجيبة ،لكن ..نعم .. ينمو طفل مني في رحمك الآن ،طفل سيأخذ من امه عينيها الزرقاوين ..
ابتسمت بخجل قبل ان تسمعه يكمل:
_ورأسها اليابس ..ومزاجيتها ،و عصبيتها ،و...
قاطعته تقول بغيظ:
_وماذا سيأخذ منك انت يا خبير الوراثة؟
نفش كتفيه قائلا بخيلاء:
_قوتي وصلابتي وشجاعتي ...
قالت مقاطعة :
_واستفزازك .
مال بجذعه عليها قليلا بجانبه قائلا ببرود وهو يلعب حاجبيه:
_وسيشاركني في رفع ضغطك يا روحي.

مطت شفتيها متصنعة الامتعاض ،ثم قالت وقد لمعت عينيها وكأنها بدأت للتو في استيعاب الموقف:
_ماذا لو كانت فتاة؟
قال مفكرا باستمتاع:
_حسنا ستأخذ أيضا من امها عينيها الزرقاوين ...
قاطعته وهي تطالعه بعينين براقتين:
_او تأخذ من ابيها عينيه العسليتين .
صمت للحظة ناظرا اليها ،ثم اكمل:
_ورأسها اليابس ومزاجيتها وعصبيتها ايضا.
زمت شفتيها وتكتف مشيحة بوجهها بعبوس ..فوارى ابتسامته صامتا لثوان ..ثم اقترب مشاكسا وهو يغمز:
_وجمالها .
لانت ملامحها قليلا لكنها ظلت متمسكة بعبوسها مشيحة بوجهها فأكمل:
_ورقتها..
عضت على شفتها السفلى كابحة ابتسامة تود الهرب ،بينما استمر وهو يراقبها بنظرات مختلسة:
_وبهائها.
اصدرت طقطقة معترضة من بين شفتيها تتصنع الحنق ،فقال ناظرا اليها بطرف عينيه:
_وحضورها الطاغي ربما !
حركت عينيها يمينا ويسارا ،ثم ارتسمت ابتسامة واسعة على ثغرها لم تنجح في كبحها ،فضحك ممسكا بيدها ليقبلها ثانية ثم قال مبدلا نظراته بينها وبين الطريق :
_تعرفين انني لست بليغا في التعبير عن مشاعري لكن ...
هم ان يكمل لكنها اوقفته برقة قائلة بابتسامة:
_لا تعبر بالكلمات .. أخبرني بقصيدة ..اشتقت لتعبيرك بالشعر .
نظر لها ممتنا لكون الطرق خالية في هذه الساعة من النهار كي يستطيع تأمل ملامحها كيفما يشاء ..ابطئ من سرعة السيارة ..وصمت هنيهة ثم قال باقتباس معبر:
_ كلُّ القصائدِ من عينيكِ أقبسها
ما كنتُ دونهما في الشعرِ مقتدراً
صارت عيونُكِ ألحاناً لأغنيتي
والقلبُ صار لألحانِ الهوى وتراً.
رأى الانبهار والتأثر في عينيها الجميلتين وكأنه قد ألقى عليها ديوانا للتو ..فحمد ربه أنهما قد وصلا الى منزلهما حتى لا يرتكب فعلا فاضحا في الطريق العام ..

صعدا الى منزلهما ،فألقت وشاحها على اقرب اريكة قائلة بحماس وهي تركض للداخل:
_سأخبر يوسف .
قال محذرا :
_تمهلي يا مريم !
وقفت قائلة بعدم فهم:
_لماذا؟
رد موضحا:
_أقصد تمهلي في السير .
اومأت برأسها ضاحكة ثم دلفت للداخل مسرعة ،فضرب كفا بكف يائسا ،ثم اخرج هاتفه ليخبر والده شاعرا بسعادة لا توصف.
____
بعد ايام ..

وقفت "نور" بغرفة مكتبها بتلك المستشفى الخاصة التي عملت بها مؤخرا بعد ان قررت الاستقرار بمصر ..
واكثر ما احبته بمقر عملها الجديد هو أنه يواجه قسم الشرطة الذي يعمل به "يوسف" وقد كان المرشح الاول لهذا المشفى حتى تكون قريبة منه ..
واليوم ..هو يوم عقد قرانهما !
هل تصدق هذا؟
لقد اتفق مع ابيها على ميعاد قريب لعقد القران معللا بأنهما يعرفان بعضهما البعض بالفعل فلا داعي لفترة الخطبة .. وحاليا هي خطيبته رسميا حتى تصبح زوجته بعد ساعات قليلة !
هل هذا حلم؟؟
احيانا تشعر بالشفقة على نفسها بسبب حالها هذه..

ربما لو كانت قد رأت عروس بالعمل صباح يوم عقد قرانها لاتهمتها بالجنون ..لكنها تقف الآن بمكتبها وهي تعلم أنه هو أيضا في مكتبه الآن .. انهما الاستثناء من كل قاعدة .

اتكأت على المكتب وهي تدقق في ملف الحالة الذي امامها ..دقيقتين ثم استقامت بجذعها تزفر بضيق ..
لمحته بعينيها خارجا من مبنى عمله ..فعقدت حاجبيها تنظر في ساعة يدها لتجد ان الوقت ما زال مبكرا ..
فخلعت مئزرها الابيض مسرعة وهي تمسك بحقيبتها لتغادر راكضة لعلها تلحق به..


هم "يوسف" بتدوير السيارة حين وجدها تركب بجانبه قائلة بسماجة:
_نهارك لذيذ.
رفع حاجبيه اندهاشا ثم قال بعدم فهم:
_ماذا تفعلين هنا؟
ردت:
_هذا ما كنت اود سؤاله الآن .
اخذ نفسا عميقا ليقول بهدوء يستحضره:
_عودي الى عملك يا نور لدي مشوار.
التفتت قائلة بجدية:
_هل بخصوص العمل؟
اجاب بصبر:
_لا .
استرخت في المقعد قائلة بثقة:
_اذا فهو يخصني.
رفع حاجبا قائلا باستنكار:
_ماذا؟
قالت ببساطة:
_ما يخصك يخصني مادام خارج حدود العمل .
تنفس بعمق مجددا ثم قال محايدا:
_حسنا ،سآخذك معي لكن ستنفذين ما اقوله لك بالحرف الواحد .
شعرت بالريبة من كلامه فسألت بتوجس:
_الى أين سنذهب بالضبط؟


بعد حوالي نصف ساعة ..توقفت سيارة "يوسف" في منطقة شبه خالية .. بدت وكأنها صحراء قاحلة!
خلع حزام الامام ليترجل من السيارة ،فهتفت من الداخل:
_هل آتي معك؟
اجاب ببديهية:
_بالطبع لن تبقي في هذا المكان وحدك.
نزلت مسرعة خلفه ،وتشكلت ابتسامة متحمسة فوق شفتيها وكأنه يأخذها الى الملاهي ..
فتحركا يصعدا صخورا ومرتفعات معرقلة حتى وصلا الى وجهتهما ..السجن .

سارت تتبعه وهي تتلفت بعينيها في المكان تواري توجسها ..أما عن مشيتها فقد كانت تمشي بثقة وخيلاء غير مبررين وكأنها آتية للتفتيش على احوال السجن..

وصل الى عنبر محدد ..فأصدر أمره الى الحارس ليفتح له الباب ،بينما التفت لها قائلا:
_انتظري هنا .
فأومات برأسها تتخذ موضعا بالخارج يجعلها ليست في مستوى نظر من بالداخل ..
هم الحارس بإغلاق الباب لكنها اوقفته ليبقيه مفتوحا بعض الشيء ..فنفذ الحارس بصمت متابعا معها ما يحدث بالداخل ..فيما أخرجت هي هاتفها في الخفاء لتسجل ما سيحدث .

دخل "يوسف" ببطء مطرقا برأسه بغموض ..فاعتدل المسجونون في جلساتهم بترقب ..عدا واحد فقط ..لم يستطع الاعتدال أو الحركة بشكل عام ..نائم على فراشه لا حول له ولا قوة ..
توقف "يوسف" امامه ..ثم رفع حاجبا يقول بنبرة جليدية:
_ألن تقف في استقبالي يا صدقي؟
ناظره اللواء السابق "صدقي" بحقد مجيبا :
_كما ترى ..لا استطيع.
طقطق "يوسف" بلسانه متصنعا الشفقة قائلا ببرود مستفز:
_مسكين .
ثم توقف قائلا بوجه خال من الملامح:
_لكني اريدك ان تستطيع.

ظل يناظره دون حراك ..يعلم ما يريد فعله ..هو اكثر من يفهم كيف تذل شخصا عاجزا عن اي تصرف سوى ان ينفذ اوامرك ..وهذا الشخص تحديدا لديه معه حساب ..حساب قديم جدا .
فقال "يوسف" بصرامة دبت بعض الرعب في نفوس المحيطين:
_هيا انا انتظر .

عافر للتحرك ضاغطا على اسنانه للاعتدال في جلسته ..
ظل لدقائق يحاول والآخر ينتظره بمنتهى الصبر ..هذا هو فن الانتقام .
علق "يوسف" على الموقف متهكما :
_لم يتحرك احد لمساعدتك حتى ..يبدو أنك محبوب هنا .
كز "صدقي" على اسنانه اكثر بغيظ ليقف اخيرا بصعوبة مستندا بذراعه المجبر الى الحائط ،فعلق "يوسف" مجددا بتهكم:
_سبحان الله تجبرنا سويا لكني نزعت جبيرتي قبلك بكثير ..يبدو أنها نوايا.
رد كاتما غيظه وهو يدرك انه تقصد اطلاق الرصاص بشكل يترك اثرا غائرا حتى يعذبه لفترة اطول:
_ماذا تريد مني الآن ؟
ثم اكمل ساخرا بوقاحة:
_أن أزحف؟

ارتفع حاجب "يوسف" قائلا:
_رغم صعوبة موقفك لا تزال سليط اللسان يا صدقي ..يعجبني الثبات على المبدأ .
ثم اردف بتهكم:
_حاشا لله يا صدقي هل أفعل أنا بك ذلك؟ أنت حبيبي .
ضاقت عيني "صدقي" مترقبا ما سوف يقول ،بينما قال "يوسف" آمرا ببرود بينما عيناه تشعان شماتة لم يرها فيهما من قبل:
_اركض .
اكفهرت ملامحه وعقد حاجبيه بغضب شاعرا بالاهانة ثم عقب باستنكار:
_ماذا ؟
كرر "يوسف" بنفس النبرة:
_اركض ..اما ان تركض حتى نهاية العنبر ،أو ترقص بمنتصفه ..اختر ما تريد .
صدرت بعض الضحكات من المسجونين الاخرين فقال "يوسف" بهدوء:
_سكوت .
ثم التفت برأسه لمصدر الضحكات مشكلا على وجهه تعبيرا مصطنعا يعني "لا يصح ذلك يا أولاد ،عيب" جعلهم يكتمون ضحكات اخرى ،فيما عاد "يوسف" بنظره الى "صدقي" قائلا بتعجب زائف:
_ألم تركض بعد؟ مللت من الانتظار يا رجل!
صاح "صدقي" بغضب كزئير التمس فيه بعضا من قهر اطربه:
_لن أستطيع!
رد "يوسف" بنبرة اذاعية:
_ثق بقدراتك تصل الى ما تتمنى .
صدرت بعض الضحكات مجددا فيما ظل "صدقي" واقفا يناظره بغيظ ،فنظر "يوسف" في ساعة يده ثم عاد اليه قائلا ببرود:
_ليس لدي الكثير من الوقت لأهدره معك .

حاول التحرك بقدم واحدة ،فأشار له "يوسف" بخط السير الذي سيركض به ليكون بعيدا عن الحائط حتى لا يستند اليه ..فحاول الحفاظ على اتزانه حتى لا يسقط وهو يتحرك بمشقة .
قال "يوسف" وهو يستند الى احد عمدان الأسرة بالعنبر :
_ان لم تعجبني الركضة سأجعلك تعيد من جديد .
ثم اكمل بغل واضح:
_وارني من سينجدك مني .

تحرك "صدقي" بضعة خطوات ثم سقط ارضا لانعدام توازنه ..فتحرك اليه "يوسف" ببطء متلذذ .. ليقف امامه قائلا ببرود يتقنه وهو يستمتع برؤية الذل متشكلا فوق ملامحه:
_يعجبني هذا التعبير الذي على وجهك الآن ،حقا يعجبني جدا .. وستظل طيلة حياتك تذكر ماذا فعل بك عز الدين ..وابن عز الدين.. ربما يمكنني الآن ..الآن فقط إغلاق حساب قديم ..مدته تزيد عن الخمسة عشر عام تقريبا.
ثم استقام شامخا وهو يقول :
_الى لقاء ليس قريبا يا صدقي ،فرؤيتك تجعلني اتقزز .

تحرك الى باب العنبر ،ثم استدار قائلا وكأنه تذكر شيئا ما:
_لا تساعدوه على النهوض ..اتركوه ليعتمد على نفسه .
ثم خرج ليغلق الحارس الباب من بعده على الفور ..

يتبع..


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 10:33 PM   #233

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي

تطلعت اليه "نور" بانبهار وهي تسير خلفه في ردهة السجن لتقول:
_لولا أنه سيكون غير لائقا ،لكنت صفقت لك في منتصف الردهة .
ابتسم لها قائلا:
_كان لابد أن أغلق تلك الصفحة من حياتي قبل زواجنا ..لا مزيد من التعقيدات النفسية .
ابتسمت له قائلة:
_اظن ان جرح روحك قد برأ اخيرا.
قلت ابتسامته قليلا ..ان صارحها ببعض من افكاره حتى وان كانت غير منطقية ستتفهمه صحيح؟
تنهد ليرد بخفوت متردد:
_ربما لو كان هذا قد حدث في حياة أمي لكان وقعه أكثر سعادة في نفسي .
قالت بابتسامة متعاطفة:
_رحمها الله ،انا لم أعرفها شخصيا لكن ..انا واثقة أنها عاشت وماتت فخورة بك .
ابتسم خارجا معها ليعبرا مجددا تلك الصخور والمنخفضات ..فأبعدها الى الخلف فجأة قائلا بتحذير:
_انتظري!
توقفت بريبة بينما نزل بجذعه ليأخذ بعض الحجارة ويلقي بها الى جانب حيوان ما لم تره ليخاف ويبعتد ..

فقالت "نور" مستفسرة وهي تهم بالتحرك معه بعد أن ابتعد ذلك الحيوان:
_ماذا كان؟
قال ببساطة:
_حيوانا صغيرا .
خمنت قائلة:
_هل كان كلبا ؟
اجاب :
_لا ،اصغر بقليل .
فقالت بحيرة:
_قطة؟
ليجيب :
_لا .
فقالت بنفاذ صبر:
_ماذا كان اذا يا يوسف؟
رد بنفس البساطة:
_لا تقلقي لم يكن بهذا السوء ..انه ثعلب.

صرخة عالية صدرت منها صمت أذنيه ،وجعلته ينتفض من مكانه واضعا يديه فوق أذنيه بانزعاج شديد ..ليتحرك بعدها قائلا:
_ان كان لديك أملا في انجاب اولاد مستقبليين ،فانسي.
تحركت خلفه مسرعة تقول برعب:
_انتظر لا تسير بدوني .
بينما اكمل هو كلامه ساخرا :
_كنت أريد أن انجب ولدا واسميه عز الدين ..عليه العوض ومنه العوض .
قالت مندمجة في الحوار بحماس طفولي دون أن تعي ما يشير اليه:
_أريد أن أنجب فتاة واسميها فيروز .
قال بنفاذ صبر وهو يشير اليها لتسير امامه:
_امشي يا نور .
فأومات برأسها كقطة مطيعة قائلة بخنوع جديد عليها بفضل تلك الفزعة السابقة:
_حاضر .

ركب السيارة ليجد رسائل من صديقيه وشقيقته ،قرأهم ليقول لها مندهشا:
_هل صورت ما حدث؟
اومأت برأسها فقال بنفس الاندهاش:
_كيف؟ والحارس؟
ردت بثقة وبساطة:
_غفلته .
ارتفع حاجبيه في ذهول لتقول بحماس صبياني :
_كان مشهدا رائعا بحق ..كان ينقص ان تسكب قارورة مياه فوق جبس يديه وقدمه.

ضحك بانتفاخ داخلي وسعادة لوجودها معه في هذه اللحظة .. ثم تحركا بالسيارة مسرعين من هذا المكان الشبيه للصحراء ..قبل أن يظهر حيوانا آخر فتقطع خلفه بحق !!

____
في المساء ..

وقفت "نهلة" امامها تضع اللمسات الاخيرة من زينة وجهها الرقيقة التي اصرت أن تضعها لها بنفسها .. بينما وقفت "مريم" بجانبها تدقق وتعطي رأيها ..

دخلت "شوشيت" تتعجلهن لتقول بصدمة الى "نهلة" التي تقف بعباءتها الخليجية التي كانت ترتديها حين اتت وشعرها المعقوص باهمال تمضع العلكة وهي تركز في وضع مساحيق التجميل للعروس:
_الم ترتدي ملابسك بعد؟
التفتت لها تقول بهدوء استفزها:
_لن آخذ وقتا لقد انتهيت من زينة العروس لم يتبق سوى اللمسات الاخيرة وسأرتدي على الفور .
قالت "مريم" وقد شعرت بالشفقة على تلك السيدة التي تكاد تصاب بنوبة قلبية من برود صديقتها:
_سأضع انا لها اللمسات الاخيرة ،اذهبي وتجهزي أنت يا نهلة.
تحركت "نهلة" بينما خرجت حماتها تستدعي الصبر ..
فقالت "مريم" وهي تحاول الرؤية بدقة من خلف تلك العدسات الطبية الا انها وجدت صعوبة في رؤية التفاصيل:
_هل اخبرك ماذا؟ ضعي اللمسات الأخيرة لنفسك حتى لا يتشوه وجهك.

ضحكت "نور" وهي تأخذ منها الأدوات بعد ان ضبطت من وضع حجابها المستحدث لتقول "نهلة" وهي تخرج من الحمام الملحق بالغرفة شاعرة ببعض التوعك بعد ان ارتدت فستانها سريعا:
_مازلت لا اصدق انني سأصبح عمة!
ضحكت "مريم" قائلة بسخرية:
_اذا كنت انا مازلت لا اصدق انني سأصبح أما!
نظرت "نور" الى ثوب "مريم" قائلة:
_صحيح! ارخي هذا الحزام قليلا عن خصرك.
قالت "مريم" باندهاش:
_لماذا؟ ما زلت بالشهر الاول بطني لم تكبر بعد ،والطفل بالاسفل بينما الحزام بالاعلى!
قالت "نور" ببرود مستفز كعادتها:
_ارخيه دون جدال يا مريم.
زفرت "مريم" ترخي الحزام بينما التفتت "نور" الى "نهلة" قائلة:
_ارخي انت الاخرى ربما يجد في الامور جديد.
ضحكت "نهلة" وهي ترتدي هي الاخرى حجابا رقيقا بعد ان وضعت بعض اللمسات من زينة الوجه لتقول:
_انتهينا ،هيا لقد تأخرنا ..امي تتصل بي تتعجلنا للخروج.
ابتسمت "مريم" بتأثر عند ذكر "نهلة" لسيرة والدتها ،متذكرة كم وقفت بجانبها هي واخيها كأم ثانية لهما مستشعرة محاولة تعويض ما تركته لهما والدتهما برحيلها المفاجئ ..ثم تقدمت الاخيرة من صديقتها العروس واقفة امامها بصمت متأثر للحظات ..قبل ان تحتضنها قائلة بعاطفة غلبتها:
_مبارك حبيبتي .
ردت "نور" متأثرة هي الاخرى:
_بارك الله بك وأسعدك يا قلبي .
ابتعدت لتتقدم "مريم" تحتضنها وهي تضحك موارية تأثرها:
_مبارك عليك اخي ،لكن اعلمي انني حماة شريرة جدا ،يكفي أنك ستأخذينه مني .
ضحكت "نور" تشعر بتأثرها قائلة:
_بارك الله بك ،اظن اننا لن نأخذ وقتا بعد حفل الزفاف لنلقي بعضنا بالصواني والحلل .
ضحكت "مريم" لتدخل "شوشيت" مجددا صائحة:
_ماذا تنتظرن؟ هيا بنا .
خرجت الفتاتان فوقفت "شوشيت" امام ابنتها مناكفة تواري تأثرها:
_متى كبرت لتصبحين عروسا؟
ابتسمت "نور" متأثرة تحتضنها لتقول والدتها:
_مبارك يا قطعة من قلبي ،أتمنى لك كل السعادة معه ،وأعرف أنه يحبك ولن يخذلني .
ابتعدت نور قائلة لوالدتها بمشاكسة حين شعرت بأنها على وشك البكاء:
_لم كل هذا يا شربات؟ مازال عقد قران فقط ..هل تعتقدين ان ابنتك ستتزوج بهذه السهولة دون ان تعذب الشاب المسكين معها؟
قالت والدتها بتهكم وهي تمسح دمعتين عن جفنيها بحرص:
_التهي يا نور ،فأنا قلقة أن تغتصبي الشاب حين يبتسم لك.
صاحت "نور" بصدمة لما قالته امها محاولة كتم ضحكاتها:
_أمييي!!!
دفعتها والدتها أمامها بعدم صبر هاتفة:
_هيا ،امامي يا نور .

يتبع ..


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 10:50 PM   #234

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي

"وأنا قبلت زواجها"

وقعت هذه الجملة في نفسها وقعا لا تعرف كيف تعبر عنه ..
وكأنها ظلت تركض وتركض طويلا ،ثم أخيرا ..فازت بالسباق .

انتشل "ليث" المنديل سريعا فحدجته زوجته شزرا ،بينما وقف "خالد" يتصنع الامتعاض في وجه صديقه العريس الذي ضحك بتأثر وهو يستقبل منهما التهنئة بالكلمات والاحضان ..
بينما وقفت "نور" كابحة عبراتها ،خاصة حين تقدم لها والدها دامع العينين مقبلا جبينها يتمنى لها السعادة ..ومن بعده شقيقها الذي احتضنها وأطال متستمتعا باغاظة صديقه من خلف ظهرها مخرجا له لسانه بطفولة ضحك لها الحاضرين ..
أقبلت الفتيات والسيدات من المعارف تهنئها في حين اخترقت الحضور "مودة" التي اتت من المطار مباشرة مع عائلتها ،تحتضنها بحنان أخت كبرى وهي تقول بمحبة:
_مبارك حبيبتي ،اسأل الله ان يكتب لك السعادة دائما .
ابتسمت "نور" بتأثر ترد التهنئة محاولة السيطرة على عبراتها ..لا تعرف لم الجميع مصر على أن يبكيها اليوم!

تقدم اليها وعلى وجهه ابتسامة عذبة ..هل حقا أصبح زوجها الآن؟
أم أنها تهذي!
سألت هذا السؤال لنفسها لما يزيد عن التسعين مرة منذ بداية اليوم ..وبكم لم تستطع عده منذ ذلك اليوم الذي اعترف لها به..

وقف امامها ..وصمت للحظات مأخوذا ..ثم احتضن رأسها بكفيه مقبلا جبينها ببطء متخم بالمشاعر فسقطت عبرة من عينيها..
أن تكون زوجته شرعيا ورسميا وأمام الجميع لهو أمر رائع .. ولم يفتها لمعة زرقاويه وانبهاره عندما رأى الحجاب فوق رأسها..
هي سعيدة ..حقا سعيدة.

قال بابتسامته التي تحطم اسوار قلبها:
_هناك اثنان "مبارك" علي قولهما الآن ،بم ابدأ؟
ضحكت بخجل ليقول بصدق:
_مفاجأة رائعة ،لم اتخيل أن يكون بهذا الجمال عليك .
توردت وجنتيها قائلة:
_كنت افكر في ارتداءه منذ فترة ،ولم ارد أن اوثق يوما كهذا بدونه.
ابتسم ممرا أنظاره فوق ثوبها .. يلف جسدها بانسابية دون ان يبرز مفاتنها ،ذو لون نبيذي يبرق ،من جانبي الفستان عند الخصر يخرج وشاحا طويلا من خامة الشيفون بنفس لون الفستان يغطي خلفية الفستان الى جانبيه بنعومة ،وقد ارتدت حجابا وحذاء بنفس لون الوشاح.

قالت وهما يتحركان معا تجاه الاريكة المخصصة لهما في القاعة :
_لم تخبرني برأيك في الفستان .
رد وهو يمرر عينيه عليه مجددا بنظرة سريعة:
_اردت أن أفعل ذلك عندما نكون وحدنا بعد الحفل .
توردت مجددا فأطبقت على شفتيها تنظر الى حلته السوداء لتقول:
_حلتك رائعة ،تبدو وسيما بشكل مبالغ به اليوم!
جلسا ،فابتسم قائلا:
_هل أقول لك لغزا؟
عقدت حاجبيها معقبة بعدم فهم:
_لغز !
اومأ بعينيه فقالت وهي لا تزال غير مستوعبة:
_حسنا ،قل .
اقترب منها بعض الشيء ليقول بخفوت :
_ سُلْطانهُ عليَّ وبهِ أنتِ
تزِيدينَهُ نُورًا وفِيهِ بِتِّ
كقَمَر الأقْمَارِ بهِ سَطعتِ
تائِهٌ يَتَسَاءَلُ من أين لهُ جِئْتِ
يَنتَفِضُ لذِكْرِكِ ولصَوْتِكِ أنتِ
يَتَراقَصُ كمَوجَةٍ لَعُوبْ..
في صَدْرِي والإنْكَارُ مَوْهِبَتِي
بسِحرِكِ جُذَبَ بعَيْنَيكِ يَغُوص..
فمَا هُو ذَاكَ الشَيءُ سَيِّدَتِي؟


هل كان ذلك موجها لها هي؟ اذا كان هو بعينيها يغوص فماذا تفعل هي في بحريه اللذان يسحبانها في دوامات عاتية كلما نظرت بهما ؟
ظلت أسيرة عينيه وكلماته لحظات ثم قالت:
_ان كنت قمرا ،فأنا آخذ النور منك يا يوسف .
تراقص قلبه في صدره وتلجم غير قادرا على الرد ..مبادلا اياها نظرات ابلغ من ابلغ كلمات ..
حين بدأت أغنية ما في القاعة فقامت "نور" بحماس تسحبه لينزلا الى ساحة الرقص..

كلام عينيه في الغرام احلى من الاغاني
من كلمتين من سلام ببقى حد تاني
لما يميل قبلي انا وياه يميل
تفديه عيوني وعمري كله مش قليل


تراقصت برقة تغنيها وتصحبها بحركات تعبيرية ..كانت تشعر بأن هذه الأغنية فصلت خصيصا من اجله ،من اجله هو فقط .

ليل يا ليل يا ليلي
يا ليل يا ليلي من غرامه ليلي طال
حبيب سنيني بينه وبيني
يا قلبي خطوة واحدة يعني مش خيال


كانت تتراقص على طول ذراعه ثم يقربها الى صدره لتعود وتبتعد ثم تقترب بحركات رقيقة ..
كان كالحلم ..ما يحدث ما هو الا ضربا من الخيال ..

يا روحي روحي معاه وفي جماله ضيعي
طمع في سحر الحياة حسنه مش طبيعي
ده اللي القمر من عينيه والله غار
دي الابتسامة شمس طالعة بالنهار


اقتربت تهمس في أذنه:
_كيف لكلمات أغنية أن تصفك بهذا الشكل ؟
رفع حاجبا يقول :
_حقا ؟ ظننتها تصفك أنت!
ضحكت برقة تعجبت لها في نفسها قائلة :
_بل تصفك وتصفك بشدة خاصة في الجملة الاخيرة!
قال مصطنعا عدم الملاحظة:
_اي جملة؟
ضيقت عينيها قائلة:
_لا تتخابث يا يوسف أعرف أنك سمعتها .
ضحك بشدة لردة فعلها الطفولية وهو يجذبها لتقترب ليرقصا على الاغنية الرقيقة التي بدأت بعدها ..

اقترب "ليث" من زوجته التي ارتدت فستانا أزرقا هادئا ،من الأعلى وحتى الخصر يبرق ومن فوقه طبقة مفرغة بأشكال ورود رقيقة ،وتنتهي اكمامه ضيقة تعلوها هذه الطبقة المفرغة على اتساع ليس بقليل ،وعند الخصر كان هناك حزاما حريريا من نفس لون الفستان ..وطرحة أفتح من لون الفستان بدرجتين..
احاطها بذراعه قائلا يناغشها:
_دائما ما تكونين الأجمل بين الحاضرات في حفلات الزفاف وعقد القران ،الا تراعين مشاعر العرائس؟
ابتسمت له قائلة:
_كما تكون أنت الأوسم بين الحاضرين وانا لا اتكلم .
ضحك ثم قال مصطنعا الذهول:
_هل تبارزيني؟
اومأت مجيبة بثقة:
_لقد تشربت الصنعة يا زعيم.
رفع حاجبيه باندهاش معلقا:
_هل تزوجت سباكا ام ماذا؟؟
ضحكت تسحبه الى ساحة الرقص وهي تقول:
_دعنا نشارك ،هيا.
فتركها تسحبه باستسلام ليشاركا في الرقصة ..

بينما على الجانب الآخر ..
وقفت "مودة" تمسك بيد صغيرتها "عائشة" فيما وقف زوجها حاملا صغيرهما "معاذ" وهو يقول موبخا :
_هل كلما حضرنا حفلا ستتشاجر مع احد ؟
حرك الصغير ذراعيه في الهواء بغضب صائحا:
_هم من يغضبوني !
رفع "سيف" حاجبيه قائلا باندهاش:
_ولم تذهب اليهم من الاساس؟ هل لو وقفت بجانبنا باحترام سيقولون ها هو من يقف باحترام؟؟

وقفت "مودة" التي ارتدت ثوبا باذنجاني اللون ببعض النقوش البسيطة من اعلى الجزع وحتى الخصر بالورود ومن عند الخصر بحزام معقود وحجابا أفتح درجة من لون الفستان ،لتقول الى صغيرها المشاغب:
_ها هي أختك تقف بجانبي بمنتهى اللطف ،هل يحدث لها شيء؟
حرك رأسه نافيا ،فأكملت:
_اذن نحترم انفسنا حتى يحترمنا الناس ،لا تكن مهزقا .
اومأ برأسه موافقا على مضض فأنزله أبيه ممسكا بيده وهو يقول محذرا:
_اياك أن أجد يدك هذه قد فلتت من يدي مجددا .
حدجه الصغير "معاذ" بامتعاض ثم اشاح بوجهه ،فكتمت "مودة" ضحكتها قائلة:
_لم تفرغ الالعاب القتالية الطاقة التي بداخله ،ماذا نفعل معه ثانية ؟
فحرك "سيف" كتفيه في يأس ثم رد:
_اتمنى ان يعقل عندما يكبر قليلا .

شكله مش موضوع بسيط
فيه غدر وفيه حوارات
ده انا بسهر بالساعات
كل ده بيحصل قوام
حاسس اني كده ابتديت
ابقى رومانسي وضعيف
ليه نومي بقى خفيف
كنت لما بنام بنام


امسك "يوسف" بيدها ليقربها منه يرقصان بانسجام على تلك الاغنية التي يحبانها وكانت شريكة وقت انكار المشاعر الذي مر به ..

الجمال عدى الكلام
تضحكي لي وتاخدي كام
ادفع العمر اللي جاي
بس وتردي السلام
مش بأفور صدقيني
حسي بيا كلميني
حتى لو موضوع غريب
اللي طالبه تفهميني
ده انا والله ابن ناس
مش بعاكس من الاساس


غمز مع الجملة الاخيرة فضحكت ،ليقول مغازلا:
_الجمال عدى الكلام فعلا .
ضحكت مجددا تقول بغيظ:
_لا تضحكني ابدو كالبلهاء .
قال ببراءة:
_انت من تضحكين على كل شيء ،كان من المفترض ان تخجلي او تبتسمي من هذه الجملة لا ان تضحكي!
كتمت ضحكتها وضربته على كتفه مغتاظة ليقول بنفس البراءة:
_وما ذنبي انا؟

هتقولي لي ده اندفاع
ويمكن تستغربيني
اوعي تمشي وتسيبيني
قبل ما اخلص كلام
انا شفتك قلبي ضاع
وده اصلا مش طبيعي
في الزحمة لو تضيعي
قولي على قلبي السلام


ضحكاتها ورقتها سلبت عقله وقلبه معا ..غير مصدق لكونها الآن .. زوجته!
زوجته؟ يا الله !
حقا وقع هذه الكلمة في النفس موقعا غريبا ..ولذيذا في نفس الوقت!
كم يشعر معها وكأن البهجة تحيط بقلبه وتعانقه .


بدأت الاغنية التي تلتها فصفر الجميع وبدأوا بالرقص على الايقاع بتناغم وكأنهم يتحدثون عن انفسهم بكلمات الاغنية..

معروف انا من زمان
ولا واحدة بتملا لي عينيا
جت هي حصل جنان
شكلي هيتعلم عليا
لا ده تعظيم سلام
حلوة جدا مش عادية


تراقص "ليث" و "مريم" بتناغم يتضاحكان ببهجة بينما كل فينة والاخرى ينبهها لتحترس في حركاتها..

ده الحب مالوش كبير
وانا قال ايه فاكر نفسي خبرة
وبوقع ناس كتير
وبعدي من خرم ابرة
قال ايه جامد خطير
خدت درس مية مية


تجمع الجميع في ساحة الرقص يتوسطم العروسان و "ليث" مع "مريم" و "خالد" مع "نهلة" يتقافزون ويرقصون ويغنون بحماس وسعادة ..

طب هي دي اختراع
قلبي راح غير مساره
دي جمالها يجيب صداع
كام برج من عقلي طاروا


وعند جملة "ايوه ام عيون فظاع دبت جوا القلب ناره" يمسك "ليث" بيد زوجته لتدور حول نفسها برقة وخيلاء ..


امسك "يوسف" بيد زوجته على طول ذراعه يسحبها اليه بتدريج مرح مع المقطع الغنائي حولهما ..

طب حبة حبة
قلبي شافها طب طبة
ده اللي كان مقفول بالضبة
وترباس ومافيش دخول


امسك "خالد" بيد نهلته يراقصها بفستانها الكشميري الذي يبرق حتى الخصر برقة وينزل بتنورة واسعة تختال بها كلما دارت في رقصتها ..

تأثير الهي
شد عقلي وانتباهي
غيرت انا اتجاهي
واتجننت مش معقول


قال "خالد" في اذنها بصوت مبتسم:
_مبارك .
ارتسمت ابتسامة حلوة فوق شفتيها قائلة:
_بارك الله لي بك ،هل كانت مفاجأة جيدة؟
ابتسم قائلا بصدق:
_لم تعجبني مفاجئة هكذا من قبل ..انها مذهلة .
اتسعت ابتسامتها ..دوما ما يمنحها الثقة في نفسها ،يشعرها كأنها الاجمل على الاطلاق رغم بساطة ملامحها وكل ما يخصها.. لكنه يحب هذه البساطة ..تسحره وكأن الله لم يخلق انثى مثلها ابدا!

مال "يوسف" على أذن "نور" قائلا :
_وانا لم ار اغنية تصف حالي كهذه ..ضيفيها لقائمة الاغاني التي صممت خصيصا من اجلي .
ابتسمت ..هل توجد من هي في سعادتها اليوم؟
هي لم تنطق الحجر فقط ..بل أصبح يغازل ويلقي اشعارا ويشاكس!!!
فكت الشيفرة بداخله وطببت جراحا لم تكن لتندمل بدونها ..محت كل ذكرى سيئة ونفضت كل ذرة غبار كانت قد تعششت فوق قلبه ،ولم تغادر قبل ان تنقش فوقه اسمها كملكية خاصة!

طب هي دي اختراع
قلبي راح غير مساره
دي جمالها يجيب صداع
كام برج من عقلي طاروا
ايوه ام عيون فظاع
دبت جوا القلب ناره
دبت جوا القلب ناره

طب هي دي اختراع؟!


اقترب الثلاثة اصدقاء من بعضهم البعض بحركة متفق عليها وهم يصعدون على حافة المنصة المجاورة لمقعد العروسين مع موسيقى وطنية قد انتشرت في المكان فجأة ..ثم شد الثلاثة من قامتهم وكل منهم يرفع كفه الى رأسه بتحية عسكرية اعتزازا وتشريفا ناظرين الى "حسن" الذي حاول مواراة تأثره قدر الامكان .. فالثلاثة _لن ينكر _ أولاده سواء من كان من صلبه او من ربى ..او من اعزه واعتز به..
فوقف فاردا قامته هو يبادلهم التحية بأخرى ..وقد تسللت بخبث بضعة عبرات تأثرا بين الصفيق الحاضرين .. ومن بينهم زوجات ابنائه ،حيث ركضت ابنة اخيه _بعد ان كانت تصفق وتلقي له بالقبلات_ واقتربت محتضنة اياه بشدة .. فربت على ظهرها بحنو قبل ان يبعتد بهدوء متمالكا عبرات تأثره ..ناظرا الى ثلاثتهم بفخر ..فخر لا يوصف .

نهاية الفصل العشرون


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 10:53 PM   #235

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي

الخاتمة

بعد شهرين ..

وقفت "مودة" في المطبخ تصنع الكعك وتتابع طفليها الجالسين في حجرتهما بعد ان عادا من دروسهما ..
دارت "عائشة" على اطراف اصابعها ثم توقفت لتميل بجذعها رافعة احد رجليها الى الاعلى بزاوية كبيرة ،ثم عادت تقف امام اخيها قائلة:
_تعلمنا حركات جديدة في درس الباليه .
قال "معاذ" بحماس:
_ونحن ايضا تعلمنا حركات جديدة ،وعلمني احد الاولاد الكبار هناك حركة واخبرني أنني اذا ما فعلتها لاحد يموت على الفور .
شهقت "عائشة" ببراءة قائلة:
_حقا؟
قال "معاذ" بعدم تأكيد:
_هو يقول أنه حقيقي لكنني لم اجربها بعد ،هيا لنجربها .
ثم امسك بيدها يهم بتجربة الحركة بها ،فجحظت عينا "مودة" تركض اليهما وهي تصيح:
_تجربا ماذا؟ هل اخبرك ان الحركة تدغدغ؟ انها تميت يا بني ادم!!!
حرك عينيه ببراءة ليقول:
_الا يمكنني تجربة الحركة ابدا؟
قالت بشكل قاطع:
_بالطبع لا يمكنك تجربتها ابدا يا معاذ.

فتح الباب ليدخل "سيف" قائلا بحاجبين معقودين:
_ماذا حدث ؟ لم تصيحين؟
تنهدت ثم قالت بهدوء حتى لا تلقي بكل شيء في وجهه بمجرد أن عاد:
_لا شيء ،ما اخبار العمل؟
سلم على طفليهما وقبلهما ثم خرج معها من غرفتهما ..لتعود هي للحظة مائلة بجذعها لداخل غرفتهما قائلة بتحذير الى صغيرها "معاذ" مختصرة ما تود قوله في كلمة واحدة وقد تشكلت على وجهها ملامح اجرامية:
_إياك!!
مط "معاذ" شفتيه بامتعاض بينما خرجت والدته الى زوجها بالخارج ،والذي قال مبتسما:
_يمكنني استلام العمل في مصر من الاسبوع القادم ،احزموا الحقائب .
اتسعت عينيها بمفاجأة ثم اتسعت ابتسامتها بشدة لتطوق عنقه هاتفة:
_كنت أعرف أنك تستطيع كنت اعرف .

ابتسم مقبلا رأسها بحب ،ثم مال بأذنه على بطنها مستمعا ومحدثا الضيف الجديد الذي سيشرف عالمهما بعد اشهر قليلة .. بينما خرج الصغيران على صوت والدتهما مهللين دون ان يعرفا سبب هذه الفرحة العارمة!!
____

لَو تَعْلَمِين مع مَنْ أنتِ تَلْعَبِين
وبَيْنَ شِقَّي الرحَىٰ تَضَعِين
لفَكَّرْتِ بَدَلًا مِنَ المَرَّةِ مَلايِين
وتَمَنَّيْتِ قُرْبِي الذي عَنْهُ تَرْغَبِين
لَو تَعْلَمِين..
كَمْ بِتِّ علَى ضِفَافِ قَلْبِي تَمْرَحِين
وتُقَهْقِهِين..
لَو تَعْلَمِين..
كَمْ لَيْل عِشْتُ بِمُفْرَدِي بَيْنَ الحَنِين
لَو تَعْلَمِين كَمْ كَوَانِي الشَوْقُ لِنَهْلَةٍ
كَاَنَت كَبَلْسَمِ رُوحٍ أو كَسُكْرَةٍ
أذَابَتْنِي فِيهَا هَاتَيْن الكَحِيلَتَين
لَو تَعْلَمِين..
كَمْ فَاضَ حُبُّكِ علَىٰ الضِفَافِ وأَغْرَق
كُل التَمَسُّكَ والتَحَلِّي بِمَبَادِئٍ
كَانَت أمَامَ حُسْنِكِ كَجَمْرٍ مِن نَارِ عِلِّيِين
لَو تَعْلَمِين..


اغلق "خالد" دفتره الذي كان يضع به ما يجيش بصدره حين كان يشعر بضغط يحاصره ..لم يكن يوما شاعرا او عاطفيا بشكل كبير ..بل يعترف انه وقتها وحتى الآن يستنكر ما فعل ..لكنه لم يندم .

تحرك مسرعا حين سمع خطوات زوجته السريعة تجاه المرحاض لتتقيأ مفرغة ما لم يدخل جوفها من الاساس!
وقف بجانبها مشفقا وهو يقول:
_انها المرة الرابعة خلال ساعات ..هل أنت متأكدة ان هذا طبيعيا ام نذهب الى ...؟
ابتسمت له مطمئنة وهي تتحس بطنها بارهاق قائلة:
_هذا طبيعي يا حبيبي ،لا تقلق انا بخير .
هم بالرد حين سمع دقات مزعجة يعرفها كلاهما فوق باب المنزل .. فقلب عينيه بملل وهو يتحرك ليفتح كي تدلف شقيقته بجلبتها المعتادة تشكي له من صديقه تارة ،تتسامر معهما تارة ،وتعطي تحذيرات طبية الى صديقتها تارة اخرى ..

قالت فجأة وكأنه أمر هام:
_صحيح ،معاذ يخبرك انها ان كانت فتاة فسيقتلها .
ارتفع حاجبا "خالد" ثم ضرب كفا بكف مندهشا وهو ينهض عن الجلسة ليرتدي ملابسه ذاهبا الى صديقه في ذلك الاجتماع الذي يقيمه الازواج في بيت احدهم كل فترة لكن هذه المرة بدون ثالثهم الذي استغل اجازته وسافر بزوجته لبضعة ايام مستجما ،بينما ضحكت الاثنتين لترد "نهلة" :
_هذا ما قاله الى ليث أيضا ،هو لا يطيق احدا حتى يطيق الفتيات الصغيرات .
قالت "نور" باستنكار:
_وكأنه هو البالغ الراشد؟
ثم اكملت بسيطرتها المعتادة والتي اسماها زوجها فيما بعد "جبروت" قائلة:
_انجبي اولا ولا تقلقي ،سأزوجها له وقدمه فوق رقبته .. وهذه الحركة ليست صعبة عليه بالمناسبة ،هو عبارة عن كتلة صغيرة من الاساس .

ضحكت "نهلة" وهي تنهض معها الى المطبخ لتحضرا التسالي والفشار متناقشتين في امور عدة ،بالطبع من بينها ما تفعله الاخرى في زوجها وتأخير الزفاف الذي ليس له تبريرا عندها سوى "لست مستعدة نفسيا بعد " ولم يعاندها هو في شيء ..بل كان اكثر من متفاهم محاولا طمأنتها تجاه ذلك الامر ..وها هي قد اوشكت على الاستسلام هازمة مخاوفها ،متسلحة بحبه لها .

يتبع ..


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 10:56 PM   #236

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي

جلس على الشاطئ في هدوء يراقب تلاطم الامواج الذي يذكره بعينيها ..وشرد في تفاصيلها وما توالت من احداث عليهما لدرجة انه لم يشعر بأي شيء حوله ..
فلم ينتبه الى تلك الفتاة الاجنبية التي مرت من امامه ولا الى العاصفة التي جاءت من بعدها بخطوات سريعة وحاجبين معقودين كهالتين تحيطا بزرقاويها المشتعلين بغضب بارز للعيان ..

تخصرت امامه قائلة بغيرة واضحة:
_هل اعجبك العرض؟
نظر لها بعدم فهم فأكملت بحاجبين مرتفعين:
_تحذلق تحذلق ..اتريد ان آتى لك ببقية الوفد السياحي الذي معها؟
فهم ما ترمي اليه فقام من جلسته ووقف امامها قائلا وهو ينظر بعينيها:
_لكني لم انتبه اليها من الاساس!
رفعت حاجبا قائلة بتهكم:
_حقا؟!!
ثم استدارت شارعة الذهاب من امامه قبل ان يمسك بكتفيها ويديرها اليه مجددا ،لتشيح بوجهها عنه متكتفة تهز قدمها في موضعها بعصبية ،فقال وهو يرمقها ويكتم ابتسامته:
_لم كل هذا الغضب ،اخبرتك انني لم انظر اليها !
ادارت عينيها له بإستنكار غاضب وقد اوقفت حركة قدمها ،فقال ببراءة:
_اقسم!
فكت ذراعيها وادارت اليه كامل وجهها قائلة بغضب طفولي:
_اليمين كاملا ..
فشل في كبح ابتسامته ،فابتسم بعذوبة قائلا:
_اقسم انني لم انتبه لها من الاساس .
لانت نظراتها قليلا قائلة بحيرة بين المنطق وقسمه:
_كيف؟
قال بعينين مجذوبتين لسماءيها المضيئتين على الدوام:
_كانت هناك شعلة صغيرة تشغل تفكيري..
عقدت حاجبيها بلطف معقبة:
_شعلة؟
اومأ بخفة مكملا:
_تجذبني للغوص ببحريها حتى في عدم وجودها ،هما امامي على الدوام.
توردت وجنتاها قائلة بخجل تحثه على الاسهاب في حديثه عنها:
_كيف تكون؟
ابتسم يرد بشغف:
_ بيْضَاءُ باكَرَهَا النَّعِيمُ كَأنَّهَا ..قَمَرٌ تَوَسَّطَ جُنْحُ لَيْلٍ أسْوَدِ
موسومة بالحسن ذات حواسد ..إن الحسان مظنة للحسد
وتَرى مَدَامِعَهَا تَرَقْرَقُ مُقْلَة *زرقاء* ..تَرْغَبُ عَنْ سَوَادِ الإِثمِدِ
خود إذا كثر الكلام تعوذت ..بحمى الحياء وإن تكلم تقصد .

تسارعت انفاسها وهي تشعر بطبول بين ضلوعها ككل مرة يخاطبها بذلك الاسلوب ..ازداد تورد وجنتيها فأطرقت برأسها في حياء ،قبل ان يقول قاطعا للاجواء الشاعرية ومدمرا للحظات الرومانسية:
_قيس بن الملوح .
اطبق على فمه كاتما ضحكته وقد رفعت انظارها اليه بغضب ،ثم لكزته في كتفه بضحكة مكتومة على افساده للحظة ..فأمسك بكفها ثم سحبها الى صدره محتضنا اياها على ذلك الشاطئ الخالي بعض الشيء في هذا الوقت من المساء ..
سكنت اليه لدقائق في صمت جميل ،قبل ان يقطعه قائلا بمشاكسة:
_لم تخبريني ..لماذا كنت غاضبة؟
تراجعت للخلف قليلا بارتباك ناظرة لاسفل ،فقال باحباط:
_الن تقوليها ابدا؟
رفعت نظرها اليه ثم تنفست بعمق قائلة :
_سأخبرك عن سبب غضبي ..
ثم همت بفعل شيء لكنها توقفت تنظر الى يديه ثم امسكتهما بين يديها وهي تغمغم :
_اين اليسار؟
لم يفهم ما تفعل لكنه وجدها لا تزال تمسك بيديه ثم استدارت توليه ظهرها لتضعهما اسفل كفيه وهي تنظر اليهما وكأنهما مسألة فيزيائة صعبة ،بينما يحاول فهم ما تفعله وهو يسند ذقنه فوق رأسها.. استدارت اليه بنفاذ صبر قائلة :
_اين يدك التي تأكل بها؟
رفع يده اليمين بإندهاش فأنزلتها له وهي تزفر بإنهاك قبل ان تقول وهي تشير بكفيها الرقيقين:
_حسنا ..

اشارت الى الجزء الأيسر من صدره قائلة ببطئ:
_هذا ملكي ..انظر ..انا هنا .
نظر لاصبعها الذي تشير به بذهول ثم نظر اليها وهي تكمل :
_هذا ..لا يستطيع حمل اثنتين يا ليث ..اما انا او لا احد ..اذا شعرت بيوم ما انه يضيق علي ،سأغادر فورا ..ولكن ليس قبل ان امزقك إربا يا ابن السويفي .

كان تهديدها ناعما مرطبا لقلبه ..في يوم ما ..لم يكن يشعر بتقديرها لمشاعره ،ولم يكن ليظن انه سيحدث بيوم من الايام ..لطالما حلم بكسب قلبها وسعى لذلك بكل ذرة في كيانه ..وقد كان .

احتضنها من ظهرها واضعا يده فوق بطنها التي تشكل بها بروزا خفيفا هامسا عند اذنها:
_أخبرتُكِ ذاتَ مرَّة..
عن جِنِّيَّةٍ حرَّة
تَطفُو وتُحَلِّقُ في السَماء
تَهْبِطُ على مَجَرِّة
وتعيدُها الكَرَّة..
وحيدةٌ تَجلِسُ بكِبريَاء
أنابِضي قارِّة
أَم واحَةٌ حارَّة
لتسكُنِيه بإكتِفَاء


_تمت بحمد الله_
مع حبي❤
والى لقاء قريب♥


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 11:00 PM   #237

آلاء الليل

? العضوٌ??? » 472405
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 477
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » آلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

و كانت النهاية فعلا جميلة و دافئة و سعيدة
شكرا رواية روعة في انتظارك في أعمال قادمة بإذن الله 😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍


آلاء الليل غير متواجد حالياً  
التوقيع
تابعوا معنا رواية أسيرة الثلاثمئةيوم للكاتبة المتألقة ملك علي على الرابط التالي
https://www.rewity.com/forum/t471930.html
رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 11:25 PM   #238

اللؤلؤة الوردية
 
الصورة الرمزية اللؤلؤة الوردية

? العضوٌ??? » 414871
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 722
?  نُقآطِيْ » اللؤلؤة الوردية is on a distinguished road
افتراضي

روووووووو،ووووووووووووووو وووووووووعة

تجنننننننننننننننننن

❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤


تسلم ايديك الحلوة يا قمر ومنتظرة جديدك لا تطولين علينا


اللؤلؤة الوردية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-21, 01:08 AM   #239

آية العيسوي

? العضوٌ??? » 475453
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 111
?  نُقآطِيْ » آية العيسوي is on a distinguished road
افتراضي

ايه الجمال دا هعيط والله 😭❤️❤️❤️❤️❤️
النهاية تحفة واطمنا عليهم كلهم بس كان نفسي اشوف فرح يوسف🌚❤️
مشهد كتب الكتاب قمررر انا فرحانة زى ما اكون انا اللي بتجوز 😂❤️
انا كنت برقص ع الاغاني معاهم 😭❤️❤️❤️
الف مبروك الختام للرحلة الممتعة دي وعقبال رويات كتير ودايما في نجاح 😘❤️❤️❤️❤️❤️


آية العيسوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-21, 01:53 AM   #240

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 41 ( الأعضاء 12 والزوار 29)

‏موضى و راكان, ‏Aisha hany, ‏آية العيسوي, ‏ع علا عامر, ‏هدهد الجناين, ‏ناهد ابراهيم, ‏Nour fekry94, ‏Sm-alamri, ‏زهرورة, ‏فاطمة محمد عبدالقادر, ‏Rima08, ‏شيرى حازم


زعلانة يا طمطم أن الرواية خلصت كأنهم أصدقائى و لن أراهم مرة أخرى
تسلمى يا جميلة روايتك ممتعة وفيها مواقف كثيرة أضحكتنى
فى أنتظار أبداع جديد تمنياتى لكى بكل التوفيق و التميز


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:23 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.