آخر 10 مشاركات
وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          أمير ليلى -ج1 من سلسلة حكايا القلوب- للمبدعة: سُلافه الشرقاوي *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          307 - اذا كنت تجرؤ ! - كارول مورتيمر (الكاتـب : سيرينا - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          الهاجس الخفى (4) للكاتبة: Charlotte Lamb *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          94 - رجل في عينيها - بيني جوردان (الكاتـب : * سوار العسل * - )           »          عادات خادعة - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة: Nor BLack(مكتملة&الروابط) (الكاتـب : Nor BLack - )           »          قيود العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : pretty dede - )           »          7- جنة الحب - مارى فيراريللا .. روايات غادة (الكاتـب : سنو وايت - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree626Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-10-21, 11:17 PM   #1001

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سحر عطية مشاهدة المشاركة
الفصل رااااااااااائع و اتمنى ان صفاء تقدر تحب عمار
تسلمي سحر❤ حنشوف صفاء حتقدر تحبه ولا لا


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-21, 11:18 PM   #1002

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شموخي ثمن صمتي مشاهدة المشاركة
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-21, 01:09 AM   #1003

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

ياعينى على اللى جرالك ياسيف كان نفسى سلمى هى اللى ينضرب رزاز الفلفل فى وشها تستاهله والله هى ومختار

عجبتنى شخصية سيف جدا واتمنى ان لينا ديه فرصة وتخرج برا دايرة مسئوليتها تجاه مالك وملك طبعا مش تتخلى عنهم بس تدى لنفسها فرصة انها تبنى حياة مستقلة بيها بعيدا عن مخاوفها من تكرار الماضى

موقف على كان حلو جدا انه يسمحلها تحلق بعيدا عن مسئولية ولاده لأنه مش قادر يتخطى موت تسنيم

كريم جرب نار الغيرة هههههههههه
صفاء مبهورة بعمار واتمنى تقدر تتجاوز الماضى وربنا يبعد عنها ابوها صاحب العقل الحجرى

الفصل جميل جدا تسلم ايدك


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 07-10-21, 07:36 PM   #1004

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
ياعينى على اللى جرالك ياسيف كان نفسى سلمى هى اللى ينضرب رزاز الفلفل فى وشها تستاهله والله هى ومختار

عجبتنى شخصية سيف جدا واتمنى ان لينا ديه فرصة وتخرج برا دايرة مسئوليتها تجاه مالك وملك طبعا مش تتخلى عنهم بس تدى لنفسها فرصة انها تبنى حياة مستقلة بيها بعيدا عن مخاوفها من تكرار الماضى

موقف على كان حلو جدا انه يسمحلها تحلق بعيدا عن مسئولية ولاده لأنه مش قادر يتخطى موت تسنيم

كريم جرب نار الغيرة هههههههههه
صفاء مبهورة بعمار واتمنى تقدر تتجاوز الماضى وربنا يبعد عنها ابوها صاحب العقل الحجرى

الفصل جميل جدا تسلم ايدك
الله يسلمك أم زياد تسلمي❤
سيف واللي عملته لينا في سيف دبحتله القطة بدري😃
صحيح علي اتصرف بعدم أنانية معاها لانه خلاص وصل لقناعة انه مش حيقدر يدخل علاقة دلوقتي ومحبش يظلم لينا.
كريم خليه يدوق نتايج عمايله السودة😀


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 07:56 PM   #1005

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
🙏😍😘😘
مساء الخير والعافية عليكم



تسجيل حضوووور ❤️😘❤️😘




في انتظار نزول الفصل


Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 08:23 PM   #1006

سوسن شريف

? العضوٌ??? » 481029
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 45
?  نُقآطِيْ » سوسن شريف is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله

سوسن شريف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 09:46 PM   #1007

شوشو العالم

? العضوٌ??? » 338522
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,012
?  نُقآطِيْ » شوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond repute
افتراضي

مسا الخير 🌹تسجيييل حضووور❤️

شوشو العالم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 11:09 PM   #1008

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الثاني والثلاثون(قبل الأخير)

فتح والده باب الشقة بمفتاحه ليجلب لكريم العشاء بعد رفضه الجلوس معهم، وضع ما يحمله على طاولة بجوار الباب ثم التفت يبحث بعينيه عن كريم فوجده يجلس شاردا على أحد المقاعد ولم يشعر حتى بقدومه، اقترب منه ثم هزه برفق فالتفت إليه كريم بفزع وسأله: هل هناك شيء؟ هل صفاء بخير؟
أسرع والده يطمئنه: بخير لا تقلق، أمك أصرت على أن أحضر لك العشاء، لماذا لم تجلس معنا بدلا من الجلوس هنا بمفردك.
زفر كريم براحه فهو منذ محاولة صفاء الانتحار يشعر بقلق ناحيتها لا يهدأ، رد على والده: خشيت أن تخجل صفاء من وجودي، ليت مرام بقت هنا معها كنت أشعر بالاطمئنان وهي هنا أمام عيني.
كانت قد بقت يومين مع صفاء ثم أصرت على الرجوع لمنزلها، طلبت من عصمت أن تأخذ صفاء معها ولكنه لم يستطع إجابة طلبها خوفا من رد فعل مختار إذا علم، ربما بعد أن تهدأ الأمور قليلا يترك صفاء تذهب لأخيها وتقيم معه فهو يدرك إنها سترتاح أكثر هناك مع منال ومرام، قال لابنه: أنا أيضا كنت مرتاح أثناء وجودها هنا ولكن عندما فكرت وجدت هذا أفضل لها فبقائها هنا قد يعرضها لموقف سخيف مع القاطنة بالأعلى وهي حامل وتحتاج للراحة النفسية والاستقرار والابتعاد عن الاستفزاز الذي تبرع فيه زوجتك.
"زوجته" بدت الكلمة غريبة على أذنيه ومنفرة بذات الوقت، أحيانا لا يصدق ما مر به، كيف وصل به الحال لتك النقطة، كيف غافلته نفسها فورطته في مستنقع آسن لا يستطيع الخروج منه، كيف استسلم لتهوره فأغرقه في هوة عميقة لا يستطيع الفكاك منها، كيف سمح لها بأن تتلاعب بعقله ومشاعره حتى أفقدته حياته المستقرة، هل يلومها أم يلوم نفسه، التفت لأبيه يقول بإنكار: مرام لم تتغير أليس كذلك؟
بهدوء رد عليه والده: أهذا سؤال انكاري أم استفهامي كريم؟ مرام تغيرت كثيرا وإن لم تدرك ذلك فأنت واقع بمشكلة كبيرة.
وكأنه لا يعلم، ولكنه لا يريد أن يصدق، يحاول خداع نفسه، فمرام القديمة كان واثقا أنه سيؤثر عليها ويجعلها تعود إليه أما مرام الجديدة فهو لا يجيد التعامل معها ولا يعرف مصير علاقته بها، بضيق قال لوالده: لقد اعتذرت لها عشرات المرات ولكنها لا تتقبل أسفي، ماذا أفعل؟
ببساطة أجابه والده: اعتذر لها مئات المرات حتى ترضى.
برجاء قال لوالده: لا تسخر مني يا أبي أرجوك.
اعتدل والده يقول له: ومن قال لك إنني أسخر منك، أنا أتكلم بجدية أتحسب ما فعلته يمحى باعتذار أو ينتهي بمراضاة، إنها بحاجة للشعور بندمك وأسفك، أعتذر لها إذا كان هذا سيريحها حتى لو وصلت لألف اعتذار، لقد سمعتك بأذنها يا كريم، لم يصل كلام إليها من أحد فننكر ما أوصلوه لها.
-كنت مخطئ في فهم نفسي ومشاعري يا أبي، الآن فهمت وأدركت ولكنها لا تصدقني ولا تتقبل كلامي تحسبني أقول لها ذلك فقط لتعود إلي.
بمنطق تحدث عصمت: وهل تلومها؟ موقفها طبيعي للغاية، سمعتك بأذنها ثم أكدت كلامك فتزوجت بعد انفصالكما بفترة بسيطة، هل ستصدقك الآن إذا قلت لها أنا أحبك بالطبع لن تفعل.
-لا تخيفني يا أبي وكأنك تقول إنها لن تعود إلي.
-لا تشغل بالك هل ستعود إليك أم لا بل أعمل على بناء رصيد جديد لك عندها وكف عن حصارها حتى لا تزيدها بعدا عنك.
-ابني رصيد عندها! أتقول إني لا أملك أي رصيد عندها لقد عشت معها ست سنوات كاملة يا أبي، أقسم لك لم أؤذيها يوما عامدا.
بصدق أجابه والده: أعلم يا بني، صدقني عندما تقدمت للزواج من مرام كنت خائف عليها منك خشيت أن يؤثر دلال سميرة عليك فتظلمها ولكنك خالفت ظني، كنت فخور بك وبمعاملتك لها وحرصك عليها، أنا موقن إنك طوال فترة زواجكما بنيت الكثير من الرصيد عندها ولكنك للأسف جمدت هذا الرصيد بما فعلته، هناك الكثير من الجليد يحاوطه ولن تنجح في الوصول إليها مرة أخرى إلا إذا أذبت هذا الجليد ووصلت إلى قلبها مرة أخرى.
-ليتني أمتلك آلة للزمن فأعود إلى الماضي وأغير كل ما حدث.
بتعقل قال له عصمت: ولكنك لا تملك آلة للزمن ولن تملكها فعليك أن تصلح ما تسببت به، أتعلم على قدر ألم التجربة إلا إنه يجب أن تعترف أن مرورك بها قد جعلك لأول مرة تنظر لداخلك وتبحث فيه، تواجه نفسك وتعترف بمشاعرك، من يدري لعل الخير يكمن في الشر.
-أي خير فيما أعيشه يا أبي، فقدت زوجتي وبعدت عن ابني ولا أعلم هل سأعود إليهما يوما أم سأظل مجرد ضيف يفتحوا له الباب متى شاءوا ويغلقوه متى أرادوا، الوضع يؤلمني يا أبي، لا أصدق إنني أقف أمام باب منزلي فأطرقه وأنتظر أن تفتح لي الباب، لا أستوعب إنها لم تعد زوجتي، ثم التفت لوالده يسأله بخوف: هل ستعود إلي؟ أم ستصلب رأيها حتى النهاية وتظل مصرة على الطلاق.

أغمض عصمت عينيه ثم أجابه بهمس: ليتني أعلم يا كريم فمرام تغيرت ولم يعد من السهل التنبؤ بردود أفعالها.
مرام التي كانت تحمل روح طفلة تسعد بالقليل كبرت على يديه ونضجت وفهمت الحياة، لقد تغيرت ولن تعود لبراءتها مرة أخرى، عليه أن يجني نتيجة ما زرع ويتعامل مع تلك الشخصية الجديدة التي باتت تحملها وتجعله يشعر بالحيرة، سأل والده: ألن تعود يوما كما كانت؟
-لا أحد يعود كما كان يا كريم، جميعنا نتغير ونحن سائرون في دروب الحياة، انا عندما أنظر لنفسي منذ عشر سنوات أشعر بالحيرة وأسأل نفسي هل هذا أنا؟ كيف تغيرت قناعاتي بهذا الشكل؟ كيف تغير تفكيري؟، العيب الحقيقي إذا ظللنا على حالنا ولم نتطور، عندها ستجرفنا الحياة ولن تسمح لنا بالبقاء، مرام اختارت أن تخرج من دور الضحية وتعيش وتبني نفسها وصدقني أنا فخور للغاية بها فواحدة أخرى تحمل ماضي ثقيل كماضيها كانت ستقف على جانب الطريق وتنوح وكان سيكون معها حق ولكنها لم تفعل.
مسح كريم على وجهه بتعب ثم قال لوالده: أتمنى فقط أن تعود لشخصيتها القديمة لتسامحني فأنا واثق من إنها كانت ستفعل أما شخصيتها الجديدة فتخيفني وتجعلني أشعر بالارتباك فانا أصبحت غير قادر على فهمها.
-دع الأمر للزمن يا كريم فوحده كفيل بحل الأمور، انه أمورك مع زوجتك أولا ثم بعدها تفرغ لمرام وإصلاح الأمور معها.
قال له كريم: أتمنى أن أغمض عيني فأجد الأسبوعين المتبقيين قد انتهوا وتخلصت منها للأبد.
سأله والده: أأنت واثق من أنك ستستطيع التخلص منها بعد أسبوعين؟ هذه المرأة غير سهلة وبالتأكيد أنت أدركت ذلك، حاذر من تلاعبها هي ووالديها فأنا موقن إنها تسيرهم وفق رغبتها.
-أعلم يا أبي حتى إنني بدأت أشك إنها من جعلت والدها يكلمني ويضغط علي حتى أبقيها في بيتي شهرين إضافيين ولكن ماذا أفعل لقد التزمت بكلمة ولن أستطيع التنصل منها.
بتحذير قال له عصمت: حاذر أن تورطك بوعد آخر فهي تبرع بالتلاعب فيكفي الأذى الذي سببته للآن.
بتحفز سال والده: هل فعلت شيئا؟ هل أساءت لك؟ أخبرني وسأصعد لأكسر رأسها.
-وهل تظنني سأسمح لها بان تتجاوز حدودها معي ولكني ضقت بوجودها بهذا البيت أتمنى أن تغادره بأسرع وقت ولكن ماذا سنفعل سنصبر فكما قلت بقى القليل.
شرد كلاهما والتزما بالصمت لبعض الوقت قبل أن يقطعه كريم قائلا: ليتني ما تهورت، ليتني حملت صفاتك وتعقلك ووزنك للأمور قبل التصرف.
بسخرية قال عصمت: تعقلي! لقد كنت مندفعا مثلك ذات يوم وسببت ألم صعب لوالدتك وصدقني للآن عندما أتذكره أشعر بالذنب يلفني.
-لا أصدق إنك كنت مندفع، تمنيت دوما أن أكون مثلك بحلمك وتعقلك ولكني للأسف ورثت عصبية أخوالي.
شرد عصمت بعيدا وهو يتذكر أيام مر عليها الكثير، عشرات السنين ومازال يشعر بها كأنها حدثت بالأمس، وككل مرة يتذكر ما حدث يشعر بالاختناق، شعر برغبة بالبوح هذه المرة عله يخفف اختناقه، ولعل كريم يستفيد من تجربته، قال له: أتعلم خطبت والدتك وأنا بعامي الجامعي الأخير، كانت ما زالت بالسابعة عشر، كان يتبقى لها عام واحد على إنهاء دراستها، كان بيت عمي مسعود تكاد تشع النار منه، كان رجلا غضوبا كلما مررت أمام بيتهم تسمع أصوات الصراخ، وأمك كانت نسخة من أبيها شديدة العصبية طويلة اللسان، عندما أخبرت والدي برغبتي صمت ولم يعقب فهو أخيه بالنهاية أما أمي فقد ظلت تبكي وتنوح لتصرفني عن هذه الزيجة ولكن والدي نهرها فصمتت ولكنها لم تكف عن البكاء كلما نظرت لوجهي وتذكرت.
ضحكة صاخبة فلتت من كريم فنهره والده: ألا تملك بعض الأدب يا ولد، أنا أتحدث عن والدتك.
استمر كريم في ضحكه ثم قال لوالده: صدقني أتفهم تماما جدتي رحمها الله.
-مر العام سريعا وتزوجنا فور تخرجي من الجامعة، كان معظم صديقات أمك قد تزوجن في السادسة عشر ولم يكملن تعليمهن فقد كانوا وقتها يقوموا بتسنين الفتيات والتلاعب بالأوراق الرسمية، تزوجنا وبدأت سميرة تشعر بالضغط فصديقاتها كلهم أنجبن بل وبعضهن كان عنده طفلين، كانت تتمنى أن تنجب بأسرع وقت، وبالفعل تحقق أملها وحملت لكن للأسف لم يكمل الحمل، فطيب الجميع خاطرها وأخبروها أن من الأفضل التعافي قبل التفكير بحمل آخر ولكنها لم تسمع كلام أحد كانت تبدو كمن دخل سباق، دخلنا في دوامة فكلما حملت لا يكتمل الحمل وهي لا تسمع كلام أحد ولا تستجيب للنصائح بالراحة، أتعلم كم ظللنا بهذه الدوامة؟ ثلاث سنوات كاملة حتى حملت بك وبمعجزة أكتمل حملك وأتيت للدنيا ولكن في لحظة وصولك أصيبت بنزيف شديد ولم يجد الأطباء حلا سوى استئصال الرحم، كانت في الثانية والعشرون وقتها، كانت شديدة الصغر على تجربة مريعة كهذه، لم تتقبل ما مرت به يوما وأظنها لم تتقبله للآن.
سأله كريم بخفوت: لماذا؟ فهي أنجبت بالنهاية.
زفر عصمت بضيق مجيبا: أنت لا تعرف طبيعة القرى يا كريم، صحيح إنها تطورت الآن ولم تصبح الأفكار عقيمة مثل السابق، إن لهم تركيبة مختلفة دوما يرون الأولاد هم العزوة والسند كلما زاد ولدك كلما اشتد ظهرك وقوى، كانت كلما جلست مع النساء يتهامسن حولها متحسرات على الشاب الذي حرم من العزوة بسبب عيب زوجته، مررنا بأيام صعبة وغرقت هي في بحور الاكتئاب حتى فوجئت بعمي ذات يوما يأتي ويخبرني إنه من حقي أن أتزوج وأنجب بعد أن عجزت ابنته عن منحي ما أريد.
اعتدل كريم يسأل والده بدهشة: جدي هو من طلب منك؟ كيف يفعل أب بابنته هذا.
-ألم أقل لك إنك لا تعرف عادات القرى، لقد فكر إنني بالتأكيد سأفعلها يوما فقال لأفعلها بإرادته وموافقته، قلت له يومها إنني لا أفكر بالزواج فأخبرني إن سميرة موافقة.
بذهول سأله كريم: أمي موافقة كيف!
-كنت شابا وقتها وللحظات أعجبتني الفكرة فما الضير في أن أتزوج مرة أخرى وأنجب ما دامت صاحبة الشأن موافقة، لحظات ووجدت عمي يسحبها خلفه يطلب منها إخباري بموافقتها على زواجي، رفعت عينيها وأخبرتني يومها بعيون منكسرة أن أتزوج، صدقني يا بني لو قلت لك إن نظرتها تلك لم تبارح عقلي للآن، ألوم نفسي كيف آلمتها وكسرتها بهذا الشكل، لم لم أنهي الموضوع مع عمي وأقول له إنني لا أفكر بالزواج، لم عرضتها لهذا الألم ،لم اندفعت وتهورت، أمك دوما كانت معتدة بنفسها تخطأ وترفع رأسها بشموخ وعناد وتقول إنها لم تفعل إلا الصواب ولكن في هذا اليوم أنا كسرتها، لم أستطع يومها تحمل نظرتها فقمت وقلت لعمي إنني لا أفكر بالزواج وإنك تكفيني عن جميع الأولاد، ولكن الأمر لم ينتهي ظل النساء يضايقنها حتى قررت أن أستقر هنا بالمدينة وأبعد عن كل تلك المشاحنات حتى أستطيع تربيتك بهدوء.
سأله كريم بفضول: هل لامتك أمي يوما؟
هز عصمت رأسه نفيا ثم أجابه: لا لم تفعل لم تتحدث عن هذا اليوم مطلقا طوال تلك السنوات.
-في الحقيقة يا أبي لم يكن هناك أحد ليتحمل أمي غيرك أنت بطل.
وبخه عصمت: أين كنت أنا وأنت تربى؟ ألا تملك بعض التهذيب وأنت تتحدث عن أمك.
ضحك كريم ثم قال لوالده بمرح: أنا أقول الحقيقة يا أبي، ولكن يبدو إنها تجاوزت الأمر ونسته، أنا لا أراك مخطئا فأنت رفضت عرض عمي بالنهاية بل وأحضرتها لهنا بعيدا عن كل تلك اللمزات.
-ليتني أوقفت عمي منذ البداية ليتني ما سمحت لها أن تقف وتخبرني بموافقتها على زواجي بأخرى، للآن ألوم نفسي يا بني، مر ثلاثون عاما على هذا الموقف وما زالت نظرة عينها المنكسرة أراها أمامي.
قال له كريم بخفوت: ولكنها نست الموقف بدليل إنها استكملت حياتها معك ليت مرام تنسى مثلها وتعود إلي.
النسيان تلك النعمة التي حبانا بها الله لنقدر على مواصلة الحياة.
نسيان آلام الفقد والخذلان وضربات الحياة.
نستمر لأنه كتب علينا البقاء فنمضي في طريقنا ونظن لوهلة إننا اجتزنا صعوبة ما مررنا به، فتصفعنا الحقيقة بمرارتها أننا لم ننسى ولكننا تأقلمنا.
هناك جزء من أعماقنا يتذكر ولكنه مدفون تحت العديد من الركام.
تكفي شعلة نار صغيرة ليحيا مجددا آلامنا مرة أخرى.
-وهل تظنها لو عادت ستعود كما كانت يا كريم؟ هل تعتقد إنكما ستستمران بالحياة من حيث توقفتما كأن شيئا لم يحدث؟ هناك ضربات في الحياة لا نعود بعدها كما كنا من قبل، ومرام تلقت منك ضربة مؤلمة للغاية.
بإنكار خائف قال له كريم: سنستمر أمي استمرت كأن لم يحدث شيئا تناست وأكملت لماذا لا تكون مرام مثلها.
-هناك فرق شاسع يا بني أتعلم ما هو؟ أمك كانت موقنة بمكانتها عندي تعرف إنني اخترتها من وسط عشرات الفتيات لشخصها هي رغم صفاتها التي كانت تنفر معظم الرجال منها وقتها، أما مرام فلا ترى هذه المكانة في قلبك تظن إنك تشفق عليها، هل فهمت ما الفارق بين الحكايتين.
بخفوت قال لوالده: أنت قصدت أن تقص علي حكايتك مع أمي أليس كذلك؟
الحقائق قد تكون أمام أعيننا ولكننا نعجز عن قراءتها وفهمها، ندير لها ظهورنا ونحاول التمسك ببعض الأوهام لننجو من صراعاتنا فنغرق أنفسنا وسط موجات من الجهل والإنكار.
-نعم يا بني قصدت، ليس من المهم الآن أن تقتنع مرام بأنك تحبها الأهم أن تمحي نظرتها لعلاقتكما التي غرستها بداخلها نتيجة تصرفاتك الحمقاء، يجب أن تمحي كلمة الشفقة من داخلها أن تجعلها تنظر لعلاقتكما بمنظور جديد هل فهمتني يا كريم؟
بقدر قساوة التجربة التي مررتم بها إلا أنه يجب أن تنظر لها بشكل إيجابي فهي وحدها من أعلمتك ماذا تعني لك مرام.
أغمض كريم عينيه بتعب وهو يشعر بالضغط يتزايد عليه من كل الجهات ولكن ما العمل فهو من وضع نفسه داخل المعضلة ووحدة من سينقذ نفسه منها.

**************************************

كان عمار يسابق الزمن لينهي المطلوب منه في ذلك الوقت القليل الذي حدده له مختار، دخل لغرفة لينا وصفاء وهو يحمل معه كتالوج الألوان لتختار صفاء ما تحبه، كالعادة عندما لمحته يدخل نكست رأسها وهربت من أي تواصل بين عينيهما، زفر بإحباط واقترب منها قائلا بهدوء: كيف حالك صفاء؟
لم يسمع إجابتها من كثرة انخفاض صوتها فأردف بصبر: لقد أحضرت لك الكتالوج لتختاري الألوان التي تحبيها.
بالكاد سمع همسها: أختر ما تشاء.
-لن أختار بل أنت من ستختارين الألوان لأنها شقتك وأنت من ستمكثين فيها وقت أطول مني، لقد رفضت الحضور مع عمي عصمت لرؤية الشقة وقلت لا بأس ستريها بعد ذلك ولكن اختيار الألوان والأثاث أنت من ستقومين به.
الاختيار كلمة بدت غريبة على سمعها.
لم تختار شيئا في بيتها الأول، لقد كانت تحلم بألوان معينة وقالتها يومها لمحسن وظنت إن اختيارها سينفذ ولكنها فوجئت بشيء آخر عندما ذهبت فحماتها لم تعجبها اختياراتها فتطوعت بالتغيير دون اخبارها أو اخبار محسن المسافر، حتى يوم شراء الأثاث عندما أشارت على ما يعجبها قوبلت بهجوم وأنها صغيرة ولا تعرف أنواع الخشب وأن ما اختارته من نوع رديء فانكمشت وصمتت وتركتهم يختاروا ما يشاءون، الآن يقف ويقول لها أنها تملك حق الاختيار وهل بقى لها أي حقوق في هذا العالم.
ظل يتطلع لملامحها الشاردة، كان يسأل نفسه فيما تفكر، سؤال خبيث تسلل لنفسه هل تذكرت مطلقها؟ نفض رأسه بعنف فهو يعلم أن هذا السؤال لو فكر به سيفتح عليه أبوابا من الجحيم لن يستطيع إغلاقها، عاود الحديث معها: لم تخبريني صفاء أي ألوان ستختارين فالعامل ينتظر ليبدأ.
قامت لينا من مكانها تساعد عمار فيبدوا إن صفاء لن تتحدث اليوم، جلست على يد المقعد وقالت لصفاء: بأي لون تحبين أن تطلى غرفة الأطفال؟ هل هناك لون معين ببالك؟
رفعت صفاء إليها عينين حائرتين متذكرة حوار دار بينها وبين محسن ذات يوم وهي تحكي له عن الألوان التي تريدها بحجرة الأطفال، خيالها لم يتحقق فهل سيحققه له المتجهم أم ستقول له شيئا ويذهب إلى والدته فتغير على هواها، قالت للينا: وما قيمة أن أقول ما أريد ما دام لن ينفذ بالنهاية.
بصبر قال لها عمار: ومن قال لك إنه لن ينفذ؟ كل ما ستطلبينه سأنفذه بالحرف الواحد فقط قولي ما تريدين.
-حقا! ألن تغير والدتك الألوان وتقول لك إنني صغيرة ولا أفهم بتلك الأمور.
بحيرة سألها: وما دخل والدتي بالأمر، إنه بيتك أنت فاختاري به ما تشائين.
بتشجيع قالت لها لينا: هيا اختاري صفاء وإذا وجدت أي شيء لم ينفذ مما اخترتِه عندها سنحقق مع عمار ولن نقبل سوى بما طلبت وأنا شاهدة على وعده لك مع إني أعرف إنك لن تكوني بحاجة لشهادتي فعمار ما دام أعطاك كلمته سينفذها، لنبدأ بحجرة الأطفال أي لون ترغبين؟
بخجل قالت صفاء: كنت أريد مزج لونين معا بالغرفة، اللون الزهري واللون الأزرق الفاتح وأتمنى أن ترسم بعض الرسومات الكارتونية على الحائط، ولكن أنا أعلم إنها ربما لن تكون فكرة..
قاطع كلامها وهو يكتب ما طلبت: اعتبريها نفذت ماذا عن باقي الحجرات.
بصوت خافت ردت وهي تخبره بما تريد ثم قالت له: وأنت من المؤكد تريد بعض الألوان اختر ما شئت.
ببساطة أجابها: أنا أريدك أنت ولا شيء يعنيني سواك.
أحمر وجهها من رده فقامت لينا تقول لهم: سأذهب لأرى مرام.
قامت صفاء مسرعة وهي تقول لها بارتباك: خذِني معك.
قال لها عمار بهدوء: اجلسي يا صفاء فأنا أريد أن أتحدث معك.
جلست بخجل وهي تتهرب من نظراته بينما انصرفت لينا تاركة لهما المجال ليتحدثا، قال عمار: سأرتب مع عمي عصمت موعد فأمي وشقيقاتي يريدون أن يتعرفوا عليك، أحببت أن أخبرك أولا حتى لا تتفاجئي، هل هناك يوم معين تفضلين زيارتهم فيه.
أمه تريد التعرف على خادمتها الجديدة هذا ما فكرت به، تريد أن تخبرها بنظامها التي ستسير عليه، وبالطبع ستخبرها إن خدمة شقيقاته واجب عليها، مرت بذاكرتها أيام زواجها تعبها وحمل المنزل عليها، دورانها كنحلة لا تهدأ بالبيت منذ السادسة، حرمانها من حقها بالنوم الطبيعي واستقرارها في شقتها، وبكل الغضب الذي تفجر من ذكرياتها قالت له بحدة: هل جاءت والدتك لتتعرف على خادمتها.
بذهول ردد كلمتها: خادمتها!
بنفس الحدة أكملت: نعم خادمتها ألم تتزوجني لهذا السبب حتى أخدم والدتك، اطمئن سأفعل كل ما تريد ليس هناك حاجة لتأتي وتخبرني بالتعليمات.
غضب من كلماتها، يتفهمها ويدرك مدى ألمها ولكنه لن يسمح بالتجاوز خصوصا في حق والدته، بتحذير قال لها: صفاء والدتي خط أحمر بالنسبة لي لا أسمح بتجاوزه أو التطاول عليه.
بمرارة قالت له: أعلم بالطبع والدتك وشقيقاتك خط أحمر لا يجوز المساس به أما أنا فخط يمكن للجميع الدهس عليه، لا تقلق أعرف جيدا مكانتي لست بحاجة لتذكيري.
أخذ نفس عميق ليهدأ غضبه ثم قال لها بهدوء: وأنت أيضا خط أحمر لا يمكن لأحد المساس به، لن أسمح أبدا بأن يسئ أحد إليك مهما كان كما لن أسمح لك بأن تسيئي لأمي ولشقيقاتي مهما كانت مبرراتك، أنا موجود لأحل أي خلاف ولأجلب حقك ممن أساء إليك وأنا موقن من أن والدتي لن تسيئ إليك يوما فأنا أعرفها.
كان يرسي قواعد حياته معها، يتفهمها ويعرف أي شعور قاتل تحياه ولكن رغم ذلك لن يسمح لها أن تفجر غضبها في أمه، سألها بحزم: هل فهمت ما قلت صفاء؟
كانت تشعر بغضب يتفجر داخلها وكأن ما عاشته قد اختار هذا الوقت للانفجار، بصوت عالي لم يسمعه من قبل منها فصوتها كان يسمعه بالكاد: وإذا لم أفهم ماذا ستفعل؟ هل ستضربني مثلا؟ لماذا تتمسك بهذه التمثيلية السخيفة عن الزواج، لماذا تجبر نفسك على شيء لن تتقبله، ما من رجل بالعالم يتقبل ما حدث لي فلماذا ستفعل أنت؟
نظر لها حتى انتهت من نوبة انفعالها ثم قال لها بهدوء غريب: انتظر اعتذارك.
تطلعت إليه بدهشة أهذا رده على انفجارها، بغيظ قالت له: لن أعتذر، أنا لم أخطئ حتى أعتذر.
بنفس الهدوء قال لها: ستعتذرين لأنك أخطأت في حقي وهذا سيكون نظام حياتنا المخطئ سيعتذر، هل تحبين أن أعدد لك أخطائك الآن في حقي.
نظرت له بدهشة تمنت أن يثور ويغضب، أن يتركها ويرحل، أن يفعل أي شيء ليكسر هالة المثالية التي تحيط به، أن يشعرها إنه مثل باقي الرجال فيخفف من احساسها بالدونية التي تشعر به جواره، استمعت لحديثه باندهاش: أولا قمت برفع صوتك علي وهذا أمر لا أقبله أبدا سأتجاوز هذه المرة ولكن لا تكرريها، تحدثت عن أمي بشكل لا يليق وأخيرا وصفتِني بعديم الرجولة.
باستنكار قالت له: أنا لم أصفك بشيء، لم يحدث هذا.
-ألم تقولي ما من رجل يقبل ما الذي يعنيه هذا برأيك؟
بدفاع عن نفسها قالت: لم أقصد ذلك أقسم لك، لم أقصد إهانتك أو التقليل منك.
بهدوء قال لها: حسنا ما دمت لم تقصدي فاعتذارك سيكفي مع وعد بعدم تكرار الأمر مرة أخرى.
كان مصمما على اعتذارها فهو يريد أن يضع قواعد حياته معها باكرا فلقد تعلم من والده مبكرا أن الدلال إذا زاد عن حده انقلب لكارثة وهو لا يريد سوى حياة مطمئنة معها.
بانفعال قالت له: لا تعاملني كما لو كنت طفلة.
-لو كنت أراك طفلة لم أكن لأخطبك وأقف أمامك الآن أسألك عن الألوان التي تحبيها في شقتنا، نظرتي إليك أبعد ما تكون عن نظرتي لطفلة، هيا صفاء لا تعاندي أنتظر اعتذارك.
ودت لو ترفض وتخرج من الحجرة ولكنها عجزت فقد آلمها قوله أنه فهم من حديثها أنها تتهمه بأنه عديم الرجولة، ودت لو تقول له إنه المعنى الخام للرجولة لكنها خجلت، وجدت نفسها تقول له بصوت خافت: أنا آسفة لم أقصد إهانتك.
-حسنا صفاء أقبل اعتذارك ولكن عديني أن هذا الأمر لن يتكرر، أنا لا أحب الصوت العالي وصدقيني في بيتي لم أرى يوما واحدا والدي أو والدتي صوتهما مرتفع على الآخر، كانا دوما يحلان خلافاتهما بهدوء.
بهمس قالت له أعدك فأردف: صفاء هناك شيء واحد سأطلبه منك، انسي ما مضى، لا تضعيني في مقارنة مع أحد سابق من حياتك، لا تعاملي أمي بنظرة مسبقة عن الحماة فأمي شخصية رائعة وأنا واثق إنك ستحبيها، أمي لا تحتاج لخادمة يا صفاء بل تحتاج لزوجة ابن تضيء حياتها، امي تعمل وصحتها جيدة للغاية تقوم بكل متطلبات البيت بل وتخدم شقيقاتي أحيانا بكل رحابة صدر.
-ألن تقول لي أن أذهب لشقتها كل يوم! أنظف لها البيت وأطهو لها الطعام، أن مفتاح شقتنا سيكون معها فتدخل متى شاءت وتخرج متى تشاء. قل الحقيقة ولا تخبرني بأمور وردية لن تحدث.
بوعد قال لها: شقة والدتي مقابلة لشقتنا يا صفاء ولكن أنت غير ملزمة بأي أمر متعلق بشقة أمي، إذا احتاجت أمي لمن يساعدها وقتها سأجلب لها سيدة مختصة وأتمنى أن لا تحتاج فأنت لا تعلمين أمي إنها كتلة من النشاط والطاقة، هذا وعدي لك أن تذهبين لأمي برغبتك وحدك وطبعا كما أخبرتك لن أسمح أبدا بالتجاوز في حق أمي.
كانت تتمنى أن تصدقه أن تؤمن إن هذه ستكون شكل حياتها ولكنها خائفة لأن خيبة الأمل هذه المرة ستكسرها وهي ليست بحاجة لكسر آخر، كان يتأمل حيرتها وألمها ولكنه لم يتدخل ترك لها مساحة لاستيعاب كلامه، ساد الصمت للحظات ثم قال لها: صفاء كل ما اطلبه منك أن تدخلي حياتنا بدون حكم مسبق وبدون حمل أي تجربة سابقة معك وأنا أعدك إنني سأحرص دوما على راحتك وسيكون شغلي الشاغل هو إسعادك، اعطي لحياتنا فرصة، أعلم إن زواجنا جاء على عجل وإنك غير مستعدة ولكن أرجو منك أن تقاومي من أجلنا فأنت تستحقين الراحة والسعادة.
صمت ولم يضيف شيئا آخر فقد قال كل ما يريد وحان دورها هي في الاستيعاب وخطو خطوة نحوه حتى ولو كانت شديدة الصغر

**********************************

كان يجلس بتوتر في صالة منزل عصمت، يخشى من مقابلة صفاء لأمه وشقيقاته، يتمنى لو تمر تلك المقابلة على خير، يحاول أن يقصي الأفكار السلبية عن رأسه متأملا إنها استوعبت كلامه ولن تفعل تصرف لا يليق مع والدته، أراحه وجود مرام، كان يجلس مع عصمت وكريم بينما دخل النساء غرفة أخرى ليجلسوا على راحتهم، كانت سميرة تجلس معهم منتظرين صفاء، قامت لتحضر لهم بعض المشروبات وتتعجل صفاء وهي تقول بنزق: بالتأكيد أخرتها تلك القصيرة فبطئها يشل ويتعب القلب.
التفتت حولها خوفا من أن يكون سمع همستها أحد، فهي ليست بحاجة لزيادة غضبهم فالأمور مع ابنها وزوجها ما زالت سيئة، مالت شقيقة عمار الكبرى على أمها تهمس بضيق: ما الذي يجبر عمار على الزواج من مطلقة؟ لا أعلم كيف وافقتيه على هذا الأمر يا أمي.
بحزم قالت لها فضيلة: أخيك يعلم ما يفعله ولا شأن لأحد باختياراته، ولا أريد فتح هذا الموضوع مرة أخرى، انتهينا.
بدا عدم الاقتناع على وجه ابنتيها فأردفت: إياكم أن تقولوا أي كلمة سخيفة أو تعلقوا على طلاقها وفكوا وجوهكم قليلا ماذا ستقول البنت على تجهمكم؟
بنزق قالت لها الصغرى: أين أهلها؟ هل من الطبيعي أن نأتي ونراها ببيت خالها.
بتحذير قالت لها فضيلة: خالها وعمتها من أهلها، والدها ووالدتها في قريتهم وسيأتون قبل الزفاف، اصمتوا وكفوا عن التذمر فعمار إذا سمع سيتضايق من حديثكم.
حمدت الله أن عمار لم يخبرهم بباقي ظروف صفاء فابنتيها يعيشون حالة غيرة سخيفة على شقيقهم، تعرف إنها حالة وستمر ولكنها تخاف من أن تؤثر نظراتهم على صفاء التي حدثها عمار عن مدى هشاشتها، دقائق ودخلت صفاء وورائها مرام، كانت تفرك يديها بارتباك فهي خائفة من تلك المقابلة، قامت فضيلة من مكانها وتقدمت منها ثم حضنتها بأمومية وهي تقول لها بدعم: مرحبا بعروس الغالي، يحق لابني أن يقع أمام كل هذا الجمال، فليحرسك الله يا ابنتي من العين.
سلمت مرام على شقيقتي عمار، كان واضحا من وجهيهما إنهما لا يتقبلان اختيار أخيهما، دعت في سرها ألا تنتبه صفاء لحالتهما، سلمت على فضيلة ثم جلست بالمقعد المقابل لها، أشارت فضيلة لصفاء قائلة: تعالي يا حبيبتي اجلسي بجواري.
جلست صفاء بجوارها بخجل بعد أن سلمت على شقيقتي عمار، لم تنتبه لملامحهما المنقبضة وربما كان هذا من حسن حظها، اقتربت منها رودينا تقول لها بانبهار: هل ملامحك حقيقية.
كانوا قد تركوا الأولاد بمنازلهم فهم كبار كفاية ليعتنوا بأنفسهم ولكن رودينا أصرت على القدوم، استجابت أمها لإلحاحها خصوصا إنها خافت عليها لصغر سنها، ابتسمت صفاء بارتباك وهي ترد على الصغيرة: حقيقية يا حبيبتي، ما اسمك؟
جلست رودينا على ساقها وهي ما زالت تحدق بها بانبهار ثم قالت: إنه أنت، لقد قال لي خالي إنه يعرف امرأة وجهها كالدمى.
قالت لها فضيلة: رودينا تعشق الدمى ومنذ شهور كانت تقول لخالها إنها تريد أن تغير ملامحها لتشبههم فأخبرتها إنه لا يوجد بشر يشبهون الدمى فقال لنا عمار يومها إنه يعرف واحدة تشبهم بشكل مذهل، يبدو إنك سرقت قلب ابني منذ شهور يا صفاء.
رمقت مرام فضيلة بامتنان وهي تدرك إنها قصدت حديثها مع صفاء، لماذا لا تكون حماتها بروعة فضيلة وتفهمها، لو تعلم الحموات إن بكلماتهم قد يعمرون بيوت أو يخربوها لفكروا ألف مرة قبل النطق بكلمة، تطلعت لصفاء التي أربكتها كلام فضيلة، كان عمار قد باح لأمه بما تفكر به صفاء فعزمت على أن تتدخل بحكمة لتقرب بينهما، ابنها اختار وانتهى الأمر دورها هي أن تدعمه حتى تمر المرحلة الأولى بحياته، كلماتها بعثرت صفاء فهي تؤكد على كلام عمار إنه يفكر بها منذ شهور، نظرت للصغيرة التي تسألها: أريد أن أشبهك؟ ماذا أفعل؟
ابتسمت للصغيرة وهي ترد عليها: ولكن أنت جميلة للغاية، لقد أعجبتني تصفيفة شعرك للغاية.
ابتسمت الصغيرة بسعادة فمالت صفاء تقبلها بحنان وقلبها يهفو لطفلة جميلة مثلها.
كانت معهم بجسدها ولكن عقلها يسبح بوادي آخر فهم
يريدونها أن تقتنع بوجود رجال مبهرين بتلك الحياة.
وقد كفت عن الانبهار منذ زمن وكبرت مدركة إن أبطال الروايات لن يكونوا موجودين يوما بأرض الواقع.
فما بالهم يتحدثون عنه كبطل رائع قفز من حقبة زمنية ماضية وهبط لزمنهم.
ربما هو لا يحمل مواصفات البطل الشكلية ولكنه يحمل روح الأبطال بامتياز، أخلاقه أخلاق رجل من تلك الأزمان البعيدة التي كانت تعيش بها الرجال الحقيقيون.
هل تقتنع بكلامهم أم تظل منكمشة بقوقعتها فهي أأمن لها!

********************************************

كان يتحدث مع عمار بعجالة وهو يركب سيارته: لا تقلق أنا بالطريق، سأصل قبلهم جهز أنت العقود وراجعها مع لينا، هل وصلت مرام؟
استمع لرد عمار ثم ودعه بعبارة قصيرة، أدار سيارته وقبل أن يحركها فوجئ بالباب يفتح وتدلف منه سلمى ملقية عليه تحية الصباح ببرود.
نظر إليها بغضب قائلا: ما الذي تفعليه؟ انزلي فعندي عمل مهم ولا طاقة لي بك.
كان يتجاهلها كليا منذ مقابلتها الأخيرة معه، يتعامل معها كأنها هواء لا يراه، وهي سئمت، هدنتها قاربت على النفاذ ولم يتبق على الوقت الذي طلبه منه والدها سوى أسبوعين، يجب أن تتصرف وتجد وسية للقرب منه فهي لن تسمح بأن ينفيها من عالمه برغبته، هي وحدها من ستضع كلمة النهاية، ببرود قالت له: أريد الذهاب لوالدي وقد سئم سيف من كثرة اتصالي به أنت زوجي ومن حقي عليك أن توصلني إلى المكان الذي أريده.
-أخبرتك من قبل ليس لك أي حقوق عندي سلمى، انزلي فقد تأخرت.
ببرود استرخت في مقعدها وهي تقول له: لن أنزل كريم، ما دمت متأخرا فمن الأفضل أن تبدأ بالتحرك حتى تصل في موعدك.
ود لو قام وجرها من السيارة ورماها على قارعة الطريق ولكن كبله بقايا من أدب ما زال يحملها ألا يعامل امرأة بعنف، ضرب المقود بعنف حتى آلمته يداه ثم أدار السيارة ووجهه متجهم، بنعومة قالت له: لا تتجهم هكذا حبيبي سيكون يوما رائعا ما دمت بدأته برؤيتي، هل تتذكر أيام الجامعة وتفاؤلك عندما تراني في الصباح، كنت تقول لي دوما إن رؤيتك لي تجلب البهجة ليومك.
بقسوة رد عليها: كنت أحمق، صغير ولا أعرف شيئا بهذه الحياة، انبهرت بجمالك ليس إلا، ومن فضلك لا أريد أن أسمع صوتك حتى نصل.
حافظت على نعومتها وكظمت غيظها وهي تهمس كأنها لم تسمع توبيخه: هل تتذكر أول عام جامعي لنا عندما التف حولك أصدقائك عندما رأوني، كانوا يحسدونك لأنك مرتبط بأجمل فتاة رأتها عيونهم، أنا ما زلت أحبك كريم وما زلت على استعداد أن أنسى كل ما حدث، لنبدأ معا صفحة جديدة.
فقد أعصابه فالتفت يصرخ بها: من أي طين صنعت، ألا تمتلكين بعض الاحساس، أنا أخبرك إني لا أطيقك، أشعر بثقل يجثم على أنفاسي وأنت بجانبي، أعد الأيام حتى أتخلص منك.
بادلته صراخه وقد عجزت عن تحمل إهانته: لأنك لا تستحق النعمة التي وهبت لك، الجميع يتمنى مني نظرة واحدة وأنت تدير وجهك...
شهقت برعب وهي تنتبه للطريق فالسيارة كانت تسير بسرعتها وكريم لاهي بشجاره معها ولم ينتبه لخروجه عن مساره واتجاهه نحو شجرة على جانب الطريق، انتبه على صرختها فالتفت سريعا وحاول الانحراف بالسيارة ولكن توقيته كان متأخرا قليلا فاصطدم جانب السيارة من ناحيته بقوة بالشجرة.
أنهى عمار ومرام اجتماعهم مع العملاء الجدد بعد توقيع العقود، رافقهم عمار حتى الباب ثم التفت لمرام وابتسم بسعادة قائلا: لا أصدق للآن أننا وقعنا هذه العقود، ستكون نقلة كبيرة لمكتبنا، لماذا أشعر إن لوالدك يد بالأمر فليس من المعقول أن يتركوا مكتب والدك بعد كل تلك السنين ويأتوا ليتعاقدوا معنا.
-لا يهمني عمار ما دام يريد دفع ديونه بهذه الطريقة فليدفع المهم عندي هو حصولنا على عملاء مميزين كهؤلاء، ثم أردفت بقلق: يقلقني غياب كريم، إنه حتى لم يتصل ويعتذر، هناك أمر غير طبيعي يحدث، لقد مرت ساعتين كاملتين وهو أخبرك إنه بالطريق.
قال لها بقلق مماثل: معك حق لقد اتصلت به كثيرا ولكنه لا يرد.
عاودت اتصالها به ولكنها تلقت نفس النتيجة فزفرت بضيق ثم قالت لعمار: أريد أن أتصل بخالتي سميرة ولكني أخشى أن أثير قلقها، أين ذهب؟
أخرج عمار هاتفه ليتصل ولكن هذه المرة تلقى إجابة من عمه عصمت، حاول الابتعاد حتى لا يثير قلق مرام ولكنها أحست فتبعته وهي تقول له: عمار رجاء افتح مكبر الصوت.
سمعت صوت عصمت بوضوح يقول: أهلا بني، كريم أخبرني أن أرد عليك، لقد صنع حادث صغير بسيارته ولكنه الحمد لله بخير فقط شرخ بسيط بيده اليسرى وعدة كدمات بسيطة في جسده.
شحب وجه عمار وهو ينظر لمرام التي شعرت بدوار يهاجمها فتمسكت بالمقعد، أسرع ينادي لينا وصفاء ليساعدوها ثم سأل عصمت: أين أنتم يا عمي؟
-ما زلنا في المستشفى بني، الأطباء مصرون على بعض الفحوصات وقالوا إنه من الأفضل البقاء تحت الملاحظة لبعض الوقت.
أغلق معه بعد أن أخذ منه رقم الحجرة واسم المستشفى، أسرعت لينا وصفاء لمرام الشاحبة الوجه، اجلسوها على أحد المقاعد ثم أعطتها لينا كوبا من الماء ولكنها رفضت والتفتت لعمار تقول له: خذني إليه يا عمار.
-بالطبع سآخذك ولكن اهدئي أولا واستجمعي نفسك، أنت سمعت عم عصمت بنفسك هو بخير، لا تقلقي.
قامت وهي تقول له بلهفة: خذني إليه الآن أرجوك يا عمار.
نظر عمار لصفاء ثم قال لها: هل تأتي معنا صفاء؟ فربما احتاجت مساعدتك.
بدون تفكير ردت عليه: بالطبع سآتي.
التفت إلى لينا معتذرا: عذرا لينا سنتركك بمفردك في المكتب.
-ليس هناك داعي للاعتذار عمار، فقط طمئني عليه عندما تصلون وتروه.
تحركوا لسيارة عمار، كان قلب مرام يخفق بعنف طوال الطريق خوفا عليه، هواجسها تسيطر عليها فتصور لها أسوأ السيناريوهات الممكنة، حاول عمار طمأنتها: مرام أنت سمعت صوت عمي عصمت بنفسك، تعرفين أن كريم ابنه الوحيد وكونه كان يحدثنا بمثل هذا الهدوء فهذا يعني أن كريم بخير.
-لن اطمأن حتى أراه بعيني يا عمار.
لا تعرف كيف وصلت ولا كيف صعدت للحجرة التي يمكث بها، كانت تريد شيئا واحدا أن تراه وتطمئن عليه بنفسها.
كان كريم جالس على الفراش يقول لأبيه بنزق: أريد أن أنصرف يا أبي، لا داعي لكل تلك الإجراءات السخيفة، أنا بخير الحمد لله.
بصبر قال له والده: سنفعل كما يقول الأطباء فأنت أخذت صدمة قوية وربما أصبت بارتجاج خفيف كما قالوا، اصبر قليلا بني.
قالت له رجاء بحنان: سلمك الله من كل سوء يا بني.
شكرها كريم بخفوت، كانت سلمى قد اتصلت برجاء وسيف وشقيقها الأكبر محمد فجاءوا فزعين عندما سمعوا بكلمة حادثة، لم تصاب بضرر فقط كدمة بسيطة بكتفها فالاصطدام كان من جانب كريم، قالت لكريم بحنان زائف: لا تقلق حبيبي سأعتني بك حتى تشفى.
نظر إليها بغيظ فهي لا تتعلم ومصرة على تكملة فصول مسرحيتها للنهاية، بجفاف قال لها: لا تقلقي نفسك فأمي ستعتني بي.
في نفس الأثناء كان عمار يطرق الباب، دخل ووراءه مرام وصفاء، ما إن لمحها كريم حتى قام من مكانه يقول لها: أنا بخير أقسم لك لا تخافي، ثم التفت لعمار يقول له بعتاب: لماذا أخبرتها؟
رد عليه عمار: كانت بجانبي عندما رددت على عمي عصمت، كيف حالك؟
اقترب عصمت من مرام الشاحبة وحاوطها بيديه ثم قال لها بحنان: إنه بخير كما تري.
أجلسها على الكرسي المجاور للفراش ووقف ورائها، جلس كريم على الفراش أمامها يتأملها بقلق فقد كان وجهها شاحبا للغاية ثم قال: هل أنت بخير؟ هل أحضر الطبيب ليعاينك؟
لم ترد عليه فقط كانت تتأمله وتحمد الله إنه بخير لم تكن تريد شيئا آخر، هزت رأسها نفيا ثم سألته بخفوت: هل تتألم؟
بلهجة متذمرة كعادته أجابها: اعطوني مسكنات للآلام ولا أشعر بشيء ولكنهم يصرون على احتجازي هنا، أنا سئمت أريد أن أخرج.
كانت رجاء وسيف يتأملون المشهد بعين غير راضية، فأمامهم كان رجلا يتناسى ألمه ليطمئن مطلقته الحامل حتى لا تفزع، نظراته إليها كانت نظرات رجل عاشق ملهوف بينما كلماته وتعابيره لسلمى كانت كلها تنم عن النفور، نظرت رجاء بحسرة لأختها وهي تتساءل أي جحيم ألقيت به نفسك يا سلمى؟
نظرت لبطن مرام الصغيرة ثم نظرت لوجهها الهادئ فرأت أنثى دافئة هدمت سلمى عشها الصغير بكل أنانية، كانت سلمى تحترق وهي ترى نظرات كريم لتلك المرأة، لم يراعي حتى وجود سيف وأشقائها ويحاول المحافظة على مشاعرها، بسخط قالت: إنه خائف على الجنين لذلك هو مهتم بها.
كانت عبارتها فجة تفوح برائحة الغيرة والكذب قالتها لحفظ ماء وجهها ولم تدرك إن كلماتها فجرت غضب كريم فأراق ماء وجهها أمام الجميع بدون ندم، قامت مرام من مكانها بعد عبارتها تقول لكريم: سأنصرف أنا كريم.
سحبها كريم من يدها لتجلس على الكرسي مرة أخرى وهو يقول لها بحزم: اجلسي مرام، لن تنصرفي من هنا قبل أن اطمئن عليك، وأريدك أيضا أن تسمعي ما سأقوله الآن.
التفت لسلمى ونظر إليها بغضب انتقل لكلماته: تعرفين إني خائف عليها هي قبل أي شيء، تعرفين وتنكرين وتستمرين في تمثيلية سخيفة لا أحدد متضرر منها غيرك، ألم تقولي لأشقائك أننا متفقون على الطلاق وإنه لولا طلب والدك لكنا طلقنا منذ أكثر من شهر ونصف.
لم تأخذه بها شفقة ولم يفكر في مراعاة مشاعرها، لماذا سيفعل وهي تدوس على من أمامها بلا رأفة ولا رحمة، لماذا سيفكر بها وهي تعجز عن التفكير بأي شخص سوى نفسها، كانت كلماته ضربة موجعه لنرجسيتها، أن يذكر ما حدث أمام أشقائها لهو أمر موجع لكبريائها، أن يتحدث أمام مطلقته وأبيه وعمار وصفاء دون مراعاة لمشاعرها لهو أمر جارح لكرامتها، طالما كان الأمر بعيد عن أشقائها فقد كانت تفعل ما يحلو لها أما الآن فهو سيحرجها وسيقولون عنها إنها تطارد رجلا لا يريدها، بغضب سأله شقيقها الأكبر محمد: ماذا طلب منك أبي؟
بصراحة أجابه كريم: بعد شهر من زواجنا أدركنا أن زواجنا كان خطئا منذ البداية، لم نستطع التفاهم ذهبت سلمى لبيت والدكم، وكنت عازم على الطلاق وقتها فاتصل بي والدك وطلب مني أن انتظر حتى نتم ثلاثة أشهر زواج ثم ننفصل حتى لا يتحدث الجيران وطلب مني أيضا أن تمكث ببيتي حتى لا ينتبه أحد لخلافنا ومن يومها تركت لها الشقة تقيم فيها بمفردها وأقيم أنا عند والدي، ما زلت عند وعدي لن أطلق إلا بعد مرور ثلاثة أشهر ولكن فعليا زواجنا انتهى منذ مدة طويلة.
احتقن وجه أشقائها وسيف بحرج ولكن رغم ذلك ورغم معرفته إنها المخطئة لم يستطع أن يقلل من قيمتها أمام زوجها وعائلته فقال محمد بغضب لكريم: ما دمت لا تريدها فهي الاخرى لا تريدك ولا معنى لبقائها في بيتك، انتهينا.
قال له كريم بنبرة اعتذار: أعتذر منك سيد محمد كنت أتمنى ألا تصل الامور بيننا لهذا الحد ولكنه النصيب.
التفت أخيها إليها قائلا: هيا يا سلمى لا معنى لبقائك هنا.
بوقاحة قالت له: لن يملي علي أحد ما يتوجب علي فعله يا أخي ما دام أبي وأمي على قيد الحياة، لن أخرج من بيت زوجي إلا برغبتي.
احتقن وجه محمد بغضب وقبل أن ينطق بحرف تدخل سيف يهدئه: حسنا خالي اهدأ أنا سأتصرف، خذ أنت أمي وانصرف وأنا سأحضرها مساء.
لم يتدخل أحد بالحوار فلقد قال كريم ما يريد وأنهى الأمر وفعل مثله والده وصمت راميًا الكرة بملعب إخوتها التي من الواضح إنهم لن يستطيعوا السيطرة عليها، تجاهل محمد كلام سيف وقال لسلمى: الآن ستذهبين وتجمعين ملابسك وسيرافقك سيف ولا أريد كلاماً آخر.
احتقن وجهها غيظا فهو ما زال يواصل إحراجها أمام تلك المرأة الكئيبة، مرام التي كانت تستمع إليهم بعقل غائب وما زالت تعيش صدمة إنها كادت تفقد كريم، لم تعيرها مرام أي اهتمام واكتفت بالصمت، بقسوة أردف محمد: هيا أمامي الآن.
بتهذيب قال له عصمت: لا داعي للعجلة سيد محمد، اهدأ ليس من الضروري أن تنصرف اليوم فربما احتاجت لبعض الوقت حتى تجمع أشياءها.
قالها من باب الذوق فهو لم يرى من عائلتها إلا كل خير، كان محمد يماثله بالعمر أو ربما يزيد عنه بسنوات قليلة رجلا دمث الأخلاق ولا يعرف للآن كيف تكون شقيقته تلك المرأة التي لا تملك ذرة واحدة من التهذيب، رد عليه محمد بجفاف: شكرا لك سيد عصمت لا داعي لاستمرار وضع سخيف كهذا ستأتي معي اليوم وغدا ننهي إجراءات الطلاق.
هل ستسمح لهم بالتحكم فيها، أن يسيروها على هواهم كما يريدون، لا لن تقبل بهذا باستفزاز تجيده قالت لكريم: أعرف أن الرجال يوفون بكلمتهم وأنت أعطيت كلمة لأبي.
احتقن وجهه غضبا من كلامها ولكنه تحكم بنفسه فهو لن يجعلها تعيش دور الضحية المظلومة أمام إخوتها، قال لها: أنا للأسف مضطر لإبقائك على ذمتي لأسبوعين إضافيين فقط من أجل كلمة قطعتها أمام والدك.
لم يتحمل محمد كلمة أخرى فأخته تهين كرامتها أمام عينيه بالتمسك بأذيال رجل ينفر منها، أمسكها من يدها بخشونة: هيا الآن أمامي ستجمعين أشياءك ولن تبقي لليلة واحدة في ذلك البيت.
صمتت حتى لا تهدر كرامتها أكثر أمامهم، تحركت معهم وخلفها رجاء وسيف وكلهم مشتعلون غضبا فسلمى أحرجتهم قبل أن تحرج نفسها، انفجر بها سيف فور خروجهم من الحجرة: لماذا تفعلين هذا بنفسك؟ لماذا تتمسكين برجل لا يريدك؟ لماذا تهينين نفسك وتهينينا معك.
رفعت رأسها بتكبر تقول له: لا شأن لك بما أفعله، لا شأن لكم بي ما دام أبي على وجه الحياة فهو وحده من سأسمع كلامه، سأفعل ما أشاء ولن أعود معكم.
بتحذير قال لها محمد: جربي أن تفعلي هذا وأقسم لك سترين وجها للحياة لم تجربيه من قبل، ستذهبين الآن وتجمعين أشياءك وأنا سأنتظرك بالأسفل، وأقسم لك إذا لم تفعلي ما أقول سأضربك أمامهم وصدقيني لن يمنعني أي شيء عن فعل ما أريد فأنت تجاوزت كل الحدود ويجب أن يوقفك أحدهم، إذا أردت أن أصفعك على وجهك الآن فقولي لا.
نظرت لأخيها بغضب، كادت ترد عليه وليفعل ما يشاء ولكن رجاء تدخلت تهدأ أخيها: اهدأ يا محمد نحن سنذهب معها أنا وسيف وسنساعدها في جمع أشياءها وهي ستنفذ كلامك بالحرف، أذهب أنت لعملك فأنا معها.
-لن أذهب لأي مكان يا رجاء سأنتظر أسفل المنزل حتى تجمع أغراضها وأقسم بالله لو لم تسمع كلامي فلن أتوانى عن ضربها لتراق كرامتها أمام زوجها وأهله كما أراقتها هي بالتمسك برجل لا يطيقها.
كادت ترد على أخيها بوقاحة ولكن رجاء لكزتها لتصمت، فأخيها محمد لم يكن بحال طبيعية وأيقنت إنه سيضربها بالفعل إذا تجاوزت حدها، قالت له: حسنا يا محمد كما تريد سآخذها في سيارة سيف وسنذهب لبيتها الآن.
تحركت معهم على مضض، قالت لسيف بعد أن ركبت السيارة: سيف أعطني هاتفك أريد أن أتصل بأبي فهاتفي كسرت شاشته وقت الحادثة.
بحزم قالت لها رجاء: لن تتصلي بهم يا سلمى أعرف ما تريدين، تريدين الاتصال بأبي وتقولي له ما حدث بصورة مغايرة حتى يتصل بمحمد ويعنفه، اليوم لن تبقي ببيت كريم انتهينا، ألا تملكين بعضا من ضمير! ألم تري مطلقته وفزعها عليه! ألم تري خوفه! لقد تناسى ألمه حتى يطمئنها، كيف فرقت بينهما بأنانيتك؟ إنه يحبها هي ألا ترين.
بغضب قالت لها سلمى: إياك أن تقولي هذا، كريم لا يحب أحد سواي، هي من سرقته مني، هي من تؤلبه ضدي سيفيق وسيعرف مدى خبثها وسيأتي ليعتذر مني وسترين.
بسخط قال لها سيف: لن تعترفين أبدا بخطئك ألم يقنعك الوضع اليوم؟ ألم تسمعي كلام كريم إنه لا يطيقك.
صرخت بغضب: كف عن كلامك السخيف، هي السبب.
كانت بداخلها طاقة حقد كلها موجهة لمرام، تود لو اختفت من على وجه الأرض فوحدها السبب بحالها، مرام التي كانت تسير بجوار كريم بصمت، لم يتحمل الأطباء نزقه وتذمره فسمحوا له بالانصراف مع العديد من التوصيات، قال عصمت لمرام: تعالي معنا حبيبتي، لن اطمأن وأنت بمفردك اليوم.
بخفوت قالت له: سآتي معكم عمي لن أستطيع الجلوس بمفردي اليوم، ولكن سأحضر إياد من الروضة أولا.
تدخل عمار بالحوار قائلا: أنا سأحضره مرام، اذهبي أنت مع عمي.
شكرته بخفوت فهي بالفعل ليس لديها طاقة للذهاب لأي مكان.
بعد ساعة اتصل بها عمار وأخبرها إنه وصل، فتحت الباب ثم وقفت بجوار السلم تنتظر ابنها، في تلك الأثناء كانت سلمى تهبط من شقتها بغضب وخلفها سيف يحمل حقيبتها بينما سبقتهم رجاء ونزلت قبلهم وتركتهم يغلقون باب الشقة، كانوا قد جمعوا ملابسها على غير رغبة منها، وجدت مرام أمامها فتفجر حقدها كله وهي تراها تقف ببطنها الممتلئة التي كانت السبب في عودة كريم لها، لم تنتبه لها مرام فقد كان كل تركيزها منصب على ابنها، صرخت بغل: أنت السبب أيتها الحقيرة.
انتبهت مرام لها فنظرت لها بفزع تراجعت خطوة للوراء فقد أدركت ما تنوي عليه، ولكن خطوتها لم تكن كافية ووصلت لها سلمى، كانت ثانية واحدة تفصلها عن رمي مرام من أعلى السلم، لحظة تنهي فيه حملها لتتخلص منها للأبد، فكريم بظنها لم يأخذ قرار للعودة إليها إلا بعد معرفته بحملها، لحظة واحدة رأت فيها مرام خسارتها ستخسر طفلتها، حاولت العودة للخلف ولكن سلمى وصلت إليها، لحظة فارقة تدخل فيها سيف وقد فهم ما تنوي سلمى عليه، لحظة وكان أمام مرام يحميها بجسده وهو يصرخ بخالته: هل جننت؟
لحظة وتفجر الموقف فصرخة سلمى نبهت الجالسين بالداخل، قام كريم وخلفه عصمت يجريان بفزع، سميرة أمسكت قلبها وهي تعدو للخارج وخلفها صفاء، لحظة رأوا فيها اندفاع سلمى ناحية مرام، حاول كريم التحرك ولكنها كانت بعيدة عنه، لحظة وقف فيها قلب عصمت لولا تدخل سيف وانقاذه لمرام، وهذه المرة لم يستطع عصمت التحمل، فقد هدوءه واتزانه وهو يصرخ بسلمى: أي شيطانة أنت، ألا تملكين بعض الضمير، سأذهب لقسم الشرطة وسأحرر محضرا ضدك، أنت خطر على البشر.
هرع كريم لمرام يسألها بخوف: هل أنت بخير؟
أومأت برأسها دون أن تتحدث فالتفت بغضب هو الآخر يؤمن على كلام والده: بالطبع سنحرر محضراً ضدها هل تظن إنني سأصمت.
بارتباك قال لهم سيف: كريم انظر أعلم مدى غضبك ولكن رجاء لا تدع الأمور تصل لهذه النقطة أنا سآخذها الآن ولن تراها مرة أخرى.
بثورة قال له كريم: لقد كادت تدفعها من فوق السلم هل تعلم أثر سقطة كهذه على امرأة حامل.
حاول سيف أن يكون هادئا ولا ينجر للغضب فخالته مخطئة، قال لكريم بهدوء: أعرف إنها مخطئة وأنا أعتذر بالنيابة عنها ولكن رجاء لنفترق بالمعروف.
بجمود رد عليه كريم: آسف سيف سأحرر محضرا ضدها وانتهى الأمر وسأطلب تعهدا عليها بعدم التعرض لمرام فخالتك لا تؤتمن.
دخلت مرام هاربة من كل هذا الجنون بالخارج وأخذت معها إياد المرتجف من صوت الصراخ، كانت سلمى مشتعلة من الغضب وهي تراه خائفا على الكئيبة، أرادت اهانته أمام الجميع بما فيهم صديقه الواقف يناظرها بغضب، ستفضحه ولن يستطيع أن يرفع رأسه بين الرجال بعد اليوم، بسخرية قالت لسميرة: هل تعرفين لم كريم مصر على الطلاق خالتي لأنه رجل عاجز جنسيا يجب أن تذهبي به لطبيب فهو يورط بنات الناس معه.
احمر وجه سميرة من الغضب الحقيرة تسب ابنها هي، لقد تجاوزت خطها الأحمر الوحيد بالحياة كريم، تفجرت براكين الغضب بداخلها فأعطتها قوة لشابة لم تتجاوز العشرين، أمسكتها من شعرها وهي تقول لها باشتعال: أيتها الحقيرة أأنت من تتهمين ابني باتهام هكذا، سأعلمك الأدب اليوم.
كانت تدهسها بأقدامها بغل وهي تمسك شعرها بقوة، صرخت سلمى من الألم وهي تستنجد بسيف، وقف كريم أمامه ببرود يقول: هل ستتدخل بين النساء سيف؟
شعر بالعجز وهي يرى خالته تضربها تلك المرأة بوحشية، كان الجميع يتفرج ببرود وكأنه يعجبهم الوضع، قال له عصمت بهدوء: حسنا سيف لن نحرر محضرا لا تقلق.
فهم سيف رسالته إنه يقول له لن أحرر محضرا ولكن أترك زوجتي تفعل ما تشاء بدون تدخل، رجع خطوة للوراء ووقف عاجزا فقد كبلت يديه فأمامه كانت خالته تهان بأبشع الطرق ولكنه لا يملك وسيلة للدفاع عنها.
بعض بضع دقائق قال عصمت لسميرة: يكفي سميرة لقد نالت درسها.
بوحشية قالت له: دعني أكمل إنها تستحق تلك الحقيرة تتحدث عن ابني بسوء.
سحبها للخلف قائلا: لقد تلقت درسها جيدا سلمت يداك يا أم كريم.
أسرع سيف لسلمى، كان وجهها وشعرها بوضع مزري، كانت الآلام منتشرة بجسدها كله، قالت لهم بصوت مختنق من الألم: سأريكم كلكم سأحرر محضرا وأضعكم كلكم بالسجن.
بشماتة قال لها كريم: صدقيني سأكون أكثر من سعيد لو فعلت هذا عندها سأحرر أنا الآخر محضرا بالتعرض لامرأة حامل.
بقسوة قال لها سيف وهو يجرها خلفه: اصمتي سلمي يكفي ما فعلتيه.
نزل السلالم يجرها خلفه قسرا وهو يحمل حقيبتها، كانت رجاء بالسيارة تشعر بالقلق فقد تأخروا قالت لأخيها: سأنزل لأرى لماذا تأخروا لقد كانوا ورائي.
شهقت بفزع وهى ترى وجه أختها نزلت بسرعة من السيارة لتطمأن عليها ولكنها تراجعت بذهول فأمام عينيها كان الماء ينسكب من الأعلى مغرقا سلمى، رفعت عينيها إلى الأعلى فوجدت سميرة تنظر لسلمى بشماتة.

*********************************************

كان الوجوم يسيطر على الجميع وهو يرون سلمى تبكي بمسكنة لوالديها، أصرت على الرجوع لبيت والدها ورفضت عرض رجاء باصطحابها لبيتها، بعدم رضى نظر الجميع إليها، كالعادة نجحت بالعيش بدور الضحية ودعمها والديها، كان والدها يقول بغضب: سأذهب وأحرر محضرا ضدهم.
قال له سيف بغضب: حسنا أفعل ذلك يا جدي وهم سيحرون محضرا، لقد كادت ابنتك تدفع مطلقته من أعلى السلم.
بدفاع قالت له جدته: كانت تدافع عن بيتها، تلك الحية خربته.
لم يستطع محمد التحمل فقام يقول بثورة: هي من هدمت بيتهم، هي الحية وليست تلك المرأة كفوا عن دلالها بهذا الشكل المقيت، إنها تدمر من حولها والله لو حررتم محضرا ضد زوجها سأشهد ضدها فقد طفح الكيل.
قال له والده بغضب: هل سترفع صوتك علي يا ولد هل جننت.
قامت رجاء فهي تدرك إنه لا فائدة مهما تحدثوا، قالت لأخيها برفق: هيا بنا يا محمد لننصرف نحن.
انصرفوا بالفعل فلم يعد هناك ما يقال بعد الذي حدث، عادوا بنفس الوجوم للمنزل، وبخ جمال ابنه فور أن فتح الباب: اتصل بك منذ الصباح لماذا لا ترد على هاتفك، كنت أريدك بأمر هام.
اعتذر لأبيه: آسف أبي لم أستطع الرد فاليوم كان صعبا للغاية.
سألهم جمال بقلق وهو يلمح تعابير وجوههم الواجمة: ماذا حدث؟
قص عليه سيف ما حدث بكلمات مختصرة فرفع جمال حاجبيه مندهشا وهو يقول لسيف: هل جنت سلمى؟ لماذا تفعل هذا بنفسها ولكن أتعلم ربما تفوق من تلك الضربات التي تلقتها فهي كانت بحاجة لعلقة ساخنة مثل تلك حتى تنتبه لتصرفاتها.
التفت سيف لرجاء التي تبكي من كلمات زوجها، مال على رأسها يقبلها قائلا: لماذا تبكين؟ أبي لا يقصد شيئا.
كانت سلمى نقطة ضعف كبيرة عندها، لا تستسيغ تصرفاتها ولا تقبلها ولكنها لا تملك سوى التألم مما حدث معها اليوم، قال لها جمال: تعرفين إنني أتفهم حبك لسلمى ولكنها كانت تحتاج درسا قاسيا علها تفيق كل ما أتمناه أن تتعلم درسها ولا تكرر أخطائها، هيا امسحي دموعك فعندي خبر سيبهجك.
رفعت إليه عينيها فمال يقبل رأسها مردفا: هيا ابتسمي حتى أقول لك ما أريد.
التفت لسيف يسأله بخبث: من قابلت بالأمس يا ترى؟
نظر له سيف بحيرة فأكمل: أستاذ عبد الله.
سأله سيف بحيرة: من أستاذ عبد الله؟
غمزه والده وهو يرد عليه: والدها.
تألقت عينا سيف ثم سأل والده بحماس: بهذه السرعة، أخبرني ماذا حدث، فيما تكلمتا؟ ما رأيك فيه؟
ضحك والده قائلا: أهدأ يا ولد سأقول لك كل شيء.
كانت رجاء تتطلع إليهم بدهشة ولم تفهم شيئا من كلامهم فسألتهم بسخط: هل تتحدثون بالألغاز؟ فليخبرني أحدكم ماذا يحدث.
قال لها جمال بهدوء: أتحدث عن عروس ابنك يا رجاء.
اعتدلت بلهفة تسأل سيف: هل قررت يا حبيبي؟ هل سنذهب لخطبتها.
-نعم يا أمي وتحدثت مع والدي وهو كان سيسأل عن أسرتها ثم نظر لوالده بلهفة منتظرا حديثه الذي لم يتأخر: لقد سألت عن عائلتها جيدا، عائلة لا غبار عليها حتى زوج شقيقتها رحمها الله رجل يضرب به المثل في أخلاقه، اكتشفت أن والدها زميل مهنة وسمعته المهنية شديدة النقاء، ذهبت أمس والتقيت به واليوم اتصل بي صباحا وأخبرني إنه ينتظرنا اليوم في الثامنة مساء.
بإحباط قال له سيف: اليوم! ألم يجد سوى اليوم! أمي لا أظنها مستعدة نفسيا اليوم للذهاب بعدما حدث مع سلمى.
بلهفة قامت والدته تقول له: بل مستعدة يا حبيبي، ولكن ليس أمامنا وقت فالآن الخامسة يجب أن نتجهز، يا إلهي يجب أن نتصل بسما.
هدأها زوجها بقوله: لقد اتصلت بسما وأخبرتها وستكون هنا في السابعة، واشتريت الهدية وأنا قادم ليس مطلوب منكم شيء سوى أن تجهزوا فقط.
احتضنت رجاء ابنها بفرحة وغمرت وجهه بالقبلات فأخيرا ستذهب لتخطب لابنها، لقد مد الله في عمرها حتى رأت هذا اليوم.
لوهلة شعر سيف بالسعادة قبل أن يتذكر اتصال حمزة وإبلاغه برفض لينا، بعد أن تركته أمه وذهبت لتعد الطعام قال لأبيه بإحباط: لقد رفضت يا أبي، ما حاجتنا للذهاب اليوم يا أبي.
-سنذهب اليوم بشكل رسمي وأنا واثق إن والدها سيؤثر عليها فلقد لمست منه قبولا بالأمس.
أمنية ملأت قلب سيف أن تكون زيارة اليوم مفتاح لقبول لينا.
لينا التي كانت تسمع والدها باندهاش ثم سألته: لماذا أعطيتهم موعدا اليوم يا أبي؟ لقد رفضته بالفعل وأبلغت حمزة.
بعتاب قال لها والدها: ألهذه الدرجة لا يعنيك إبلاغي يا لينا، لولا قدوم الرجل أمس لما عرفت بهذا العريس، لماذا تفعلين هذا يا ابنتي، الشاب جيد ومن أسرة طيبة والده سمعته طيبة للغاية في مهنتنا.
اعتذرت لأبيها بارتباك: آسفة أبي لم أقصد شيئا.
-لقد أعطيت موعدا لهم هل ستكسرين كلمتي أمامهم.
-بالطبع لن أفعل يا أبي.
بلهجة راجية قال لها: أريد أن يطلبوك من بيتي يا حبيبتي، وسأدعو عم رضوان وخالتك حتى لا تشعري بالوحدة.
-بالطبع يا أبي سأرتدي ملابسي وأحضر معك ولكن لا داعي لقدوم خالتي تعرف كم سيكون الوضع حرجا على كلاهما.
هز والدها رأسه بألم فهو خير من يدرك كره صفية لمجيدة، زفر بارتياح وهو يراها تقوم لتتجهز وبداخله أمل أن تكون هذه المرة مختلفة.
في تمام الثامنة كان جمال يطرق الباب مع عائلته، رحب بهم عبد الله ودعاهم للدخول، كان حمزة بجواره يستقبلهم، صافح سيف وهو يهمس له: أرى أحد لم يتقبل قول لا.
ضحك سيف وهو يقول له بهمس مماثل: لن أدعها حتى تقول نعم، كن واثقا من هذا.
جلسوا جميعا وسط ترحيب عبد الله، استأذن ليحضر لينا، دخل حجرتها بعد أن طرق الباب، دخل بعد أن سمحت له فوجدها جالسة بوجوم على الفراش، اقترب منها واحتضنها وهو يقول لها: تبدين كالقمر، ثم قال لها برجاء: أرجوك يا حبيبتي لا تتعجلي اعطي نفسك مهلة فهو يبدو شاب جيد.
كان يشعر بمرارة من تصرف صفية التي رفضت الخروج لاستقبال الضيوف وأخبرته إنها بحالة حداد على ابنتها، تحرك مع لينا للخارج وهو يعاتب نفسه أنه لم يدعو مجيدة، ليته قال لها حتى لا تشعر لينا بالوحدة في يوم كهذا.
ما إن دخلت لينا الحجرة حتى قامت رجاء واحتضنتها بحب، أخبرها سيف في الطريق إن لينا فقدت والدتها وعمرها أيام فتألم قلبها وعاهدت نفسها أن تكون لها أما، وجدت لينا نفسها مغمورة بعناق دافئ لم تستطع منه فكاكا، قالت لها رجاء بعد أن أبعدتها قليلا: تبدين كقطعة من القمر، لقد أحببتك فور رؤيتك.
لم تجد لينا ردا مناسبا فهي لم تتوقع هذه الحفاوة من والدته، غمرتها أخته بعناق دافئ هي الأخرى فزاد ارتباكها، ثم أخيرا والده الذي رحب بها برصانة ثم سيف الذي ودت لو فقأت عينه الخضراء على نظراته لها.
أفسحت لها والدته مكانا بجوارها وهي تقول لها: تعالي يا حبيبتي اجلسي بجانبي.
جلست بإحراج بجوارها ففاجأتها بإخراج خاتم وضعته في يدها وهي تقول لها بفرح: أتعرفين لقد نذرت أن أعطي هذا الخاتم لزوجة ابني، مبارك عليك يا حبيبتي، لقد كان خاتم أهدته لي جدتي يوم خطبتي وحفظته عمرا لأهديه لك، مبارك يا حبيبتي.
بارتباك قالت لها لينا: شكرا لك سيدتي ولكني لا أستطيع أن أقبل هدية ثمينة كتلك.
بعتاب قالت لها رجاء: وهل هناك هدايا بين الأم وابنتها ستكونين ابنتي قبل أن تكوني زوجة ابني.
رفعت لينا عينيها تستنجد بأبيها فوجدت نظرات سيف الضاحكة مسلطة عليها فنظرت له بغيظ، لقد رفضته وجاء مرة أخرى ووالدته تبدو مثله فهي تعاملها كأنها وافقت، نظرت لوالدها برجاء فتنحنح ليتكلم فنظرت له بأمل ولكنه فاجئها عندما قال: هيا لينا خذي سيف واجلسي معه قليلا بالصالة حتى تتعارفا.
قام سيف على الفور بينما تحركت هي على مضض تسير أمامه لترشده للطريق، ذهب حمزة ليحضر الضيافة التي سيقدمها بينما لم يستطع عبد الله الصمود فانسحب مستأذنا يريد أن يسمع ما ستقوله لينا لسيف.
بتحفز التفتت لسيف تسأله: هل تفسر لي ما يحدث سيد سيف، ألم يخبرك حمزة بقراري.
ببساطة أغاظتها أجابها وهو يجلس: أخبرني ولكن أبي لم يكن يعلم فتحدث مع والدك وصراحة وجدتها فرصة لإقناعك، لماذا ترفضين؟
بحدة قالت له: أخبرتك من قبل لن أسمح لأحد بأن يحدد علاقتي مع أولاد شقيقتي رحمها الله.
-وأنا أخبرتك إنني لن أبعدك عنهم ولن أتدخل يوما بعلاقتك معهم، سيكون لي رجاء وحيد هو أن لا تذهبي لبيتهم إلا في وجودي أنا أو حمزة أو والدك.
بغضب قالت له: أرأيت لم تتزوجني بعد وتتحكم في علاقتي بهم.
-أنا لا أتحكم لينا ولكن أطلب منك وأظن أن طلبي منطقي، أي رجل هذا الذي سيسمح لك بالذهاب لبيت مطلقك بمفردك!، ثم مال يسألها باهتمام: هل يسمح لك والدك بالذهاب هناك؟
ارتبكت ولم ترد فقال لها بانتصار: كما توقعت والدك لا يسمح لك بالذهاب هناك بمفردك لماذا إذا تستهجنين كلامي.
في تلك الأثناء كان حمزة يقترب من والده وهو يحمل صينية المشروبات يسأله بخفوت: هل هناك شيء يا أبي؟
- لا يا بني، كنت أود سماع ما تقوله لينا وكما خمنت سترفض من أجل الصغيرين، يبدو إنه قد حان أوان الانتقال من هنا يا بني، من غد أريدك أن تذهب لمكتب الxxxxات وتعرض شقتنا للبيع ولنبحث عن شقة بجوار علي حبذا لو كانت بنفس البناء فقد آن أن نرفع عن لينا مسئوليتها وندعها تبدأ حياتها.
-فكرة رائعة يا أبي ستجعل لينا تطمئن، فمالك وملك سيكونون بقربنا وربما توافق على سيف.
انسحبوا عائدين لضيوفهم تاركين لينا ورائهم تسأل سيف بحيرة: لماذا هذا الإصرار سيد سيف، ورجاء أخبرني برد مقنع.
-لا أملك أي ردود مقنعة فأنا منذ رأيتك وأنت لم تبارحي عقلي، أشعر إنني مقيد بك، كنت دائما أرفض الزواج وأعتز بعزوبيتي، تزوج جميع أصدقائي ولم أشعر بالغيرة ولا بالرغبة في اللحاق بهم ولكن منذ رأيتك تغير كل شيء، دائما كان عقلي ما يحركني، أعترف أنا رجل شديد العملية ولذلك أنا لا أفهم ما أمر به، أمي تقول إنه النصيب وصدقيني هذا هو التفسير الوحيد الذي وجدته.
تطلعت إليه وحيرتها تزداد هذا الرجل يسحبها نحوه بحرفية وهي لا تريد مبارحة مكانها، قالت له: مرام صديقتي وأنت تعرف سوء العلاقة بينها وبين خالتك.
سألها بحذر: هل حكت لك شيئا عما دار اليوم؟
قامت بتحفز تسأله: ماذا حدث؟
مسح وجهه وهو يسب سلمى بكل الألفاظ في سره دوما كانت توقعه بالمشاكل، قال لها بهدوء: حدثت مشادة بين كريم وسلمى ولن أحكي أكثر فصديقتك وحدها من لها الحق بأن تخبرك، مرام تبدو شخص جيد للغاية لماذا سأمنعك عن صداقتها لينا؟
-ربما لأن خالتك لا تطيقها وخالتك تبدو كشخص مخ.....
قال لها بتحذير: لينا توقفي، أعرف إنك تأخذين موقفا من خالتي وأنا لا أدافع عنها فهي مخطئة ولكن لن أسمح لك بالتجاوز في حقها كما لن أسمح لها بذلك.
بشراسة قالت له: ومن أنت حتى تسمح لها فلتقترب مني وسأريها.
-حسنا يا لينا، دعينا ننهي هذه السيرة، خالتي ستطلق من كريم وعلاقتها بصديقتك ستنتهي، رجاء لينا كف عن انتحال الأعذار، فكري قليلا واعطينا فرصة لنكمل معا رحلتنا بالحياة.
لم يضف كلاما آخر فقد قال كل ما عنده، تحركت وعادت لغرفة الضيوف ولحقها وبداخله أمنية تكبر أن توافق عليه عسلية العينين.

انتهى الفصل
أتمنى تشاركوني آرائكم بالفصل، دمتم بخير💖💖💖






hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 11:13 PM   #1009

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة maryam tamim مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
🙏😍😘😘
مساء الخير والعافية عليكم



تسجيل حضوووور ❤️😘❤️😘




في انتظار نزول الفصل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شوشو العالم مشاهدة المشاركة
مسا الخير 🌹تسجيييل حضووور❤️
منورين بحضوركم حبيباتي❤❤


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 11:15 PM   #1010

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سوسن شريف مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله
وعليكم السلام. اهلين سوسن❤❤


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:30 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.