16-08-21, 03:47 AM
| #562 | ||||||||||||
| مصممة في قسم وحي الاعضاء 
|  اقتباس:
| ||||||||||||
|  |
|
16-08-21, 04:33 AM
| #563 | |||||
| كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء
| اقتباس:
| |||||
|
| |
|
16-08-21, 01:15 PM
| #564 | ||||||||||||
| مصممة في قسم وحي الاعضاء
| اقتباس:
فعلا عزيزتي نموذج سميرة موجود في المجتمع وشخصيا اعرف نموذج حماة كـ سميرة تسعى لخراب بيت ابنها بسبب غيرتها من زوجته... تسلم ايدك عزيزتي استمري وبالتوفيق ان شاء الله | ||||||||||||
|
| |
|
16-08-21, 08:58 PM
| #565 | |||||||||||
| مصممة في قسم وحي الاعضاء
| مساء الخير تسجيــــــــل حضـــــــــور في أنتظـــــــــــار نزول الفصـــــــــل | |||||||||||
|
| |
|
16-08-21, 08:59 PM
| #566 | |||||||||||
| مصممة في قسم وحي الاعضاء
| Maryam Tamim, Nُ., منال سلامة, زهوةفرحة, سوسن شريف, deep, umomar_77, mango20103, Resonance, لامار جودت | |||||||||||
|
| |
|
16-08-21, 11:21 PM
| #567 | ||||
| سؤال حيرني لما مرام ترفض فكرة الزواج .انا لا اعني ان تتزوج انتقاما من كريم لكن ان تدعي افاقها مفتوحة فربما تلتقي من يعوضها اذا كان لانها تحب كريم فمن ممكن ان تحب مرة اخري فما سكين قلوب الا تقلبها و من قال ان الحب لا يكرق ببابنا مرتين ربما ان تحب ينفس القدر لكن الحترام و المودة الامان الذي لم يمنحما كريم يتجده افتراضا انها لم تكن حامل | ||||
|
| |
|
16-08-21, 11:57 PM
| #570 | ||||
| كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء
|  الفصل الثالث والعشرون كانت غاضبة لكلام المتجهم الوقح، تود لو تعود وتصرخ بوجهه إنه شخص عديم التهذيب، أغاظها كلام لينا أكثر وهي تخبرها أنها سمعت كلامه خطأ فهو عمار، وماذا يعني عمار هل هو شخص منزه من الخطأ!، كادت تتحرك بالفعل عائدة إليه لتصب عليه جام غضبها، تسمرت وهي تلمح هيئته وندائه باسمها، ضربات قلبها تتسارع بجنون، أنفاسها تتثاقل وقدميها ترتجفان، هزت رأسها تحاول إفاقة نفسها وهي تردد بصوت عالي" إنه كابوس لا تخافي مجرد كابوس ككل ليلة، اغمضِ عينيك وسيزول" قامت لينا بدهشة من مقعدها تنقل بصرها بينهما بحيرة، كان شاب لا تعرفه ولم تره من قبل، يقف ينظر لصفاء بعذاب والأخرى تغمض عينيها مرددة كلمات عجيبة عن الكوابيس، اقتربت منها لينا بقلق تسألها: صفاء هل هناك شيء حبيبتي؟ ماذا حدث؟ عن أي كابوس تتحدثين؟ أغمضت صفاء عينيها بقوة خائفة من أن تفتحهما وهي ترد عليها بارتجاف: ليس كابوس!، هل أنا مستيقظة يا لينا؟، ربما أصبت بالهلاوس، بالتأكيد فهذا هو التفسير الوحيد، أنا أهلوس. ازداد قلق لينا من كلماتها الغريبة، فقالت لها بقلق: أنا لا أفهم شيئا صفاء، سأنادي مرام. تمسكت بها بارتجاف وهي تقول لها بخوف: لا تتركيني، أنا خائفة، ثم سألتها بذعر: هل هناك رجل يقف أمام الباب أم أنا أهلوس؟ لم تجد لينا وقتا للإجابة فلقد تطوع محسن، محسن الذي كان يقف ينظر إليها بعذاب: -أنا هنا صفاء، أنا هنا حبيبتي. شهقت بخوف وهي تتراجع للوراء، كادت تتعثر فأمسكتها لينا بإحكام، سألتها صفاء برعب: هل سمعتي هذا الصوت؟ أم أنا وحدي من سمعته؟ ازدردت لينا ريقها بخوف وهي تشعر بأن صفاء في حالة غير طبيعية، ودت لو تذهب وتنادي مرام علها تعرف كيفية التصرف ولكن تمسك صفاء بها منعها، قالت لها: سمعته، هناك شاب يقف على باب الحجرة وهو من يتحدث. تراجعت صفاء للوراء ولينا تمسكها بإحكام وهي تردد بهستيرية: ليس كابوس، إنه هنا. اقترب محسن منها يقول لها بألم: صفاء حبيبتي افتحي عينيك. إنها محاصرة صوته يقترب، إنه هنا، فتحت عينيها فوجدت وجهه محدقا بها فانطلقت من حلقها صرخة ارتج لها قلب عمار، قفز من مكانه يجرى إلى غرفتهما، وهناك وجدها جالسة علي الأرض ترتجف بشكل لن يظن سيمحى من عقله ما حيا. كانت تكذب نفسها، ظنت إنها إذا فتحت عينيها ستزول هلاوسها ولكنها وجدته أمامها محدقا بوجهها، يهمس باسمها كما كان يهمس دوما عندما ترسل له صورة تعجبه أو تتعري أمامه في فيديو كما يطلب، إنها عارية هذا ما شعرت به وهو يحدق بها، لم يكن عندها رفاهية تحليل عذاب نظراته وألمها، فقط وجدت عينين تحدقان بها، تراجعت وكل الحجرة تمتلأ بالعيون من حولها، تحسست جسدها بهوس فوجدته بلا ملابس، العيون ما زالت تحدق والهمسات من حولها تشتعل، همساته عندما كان يتغزل بجسدها، إنها عارية، تراجعت للخلف وهي تحتضن نفسها محاولة أن تستر جسدها بيديها ولكن يديها لا تكفيان، سوءتها تظهر وجميع العيون تحدق بها، الهمسات الفاجرة تنتشر من حولها، إنها عارية، انهارت علي الأرض تجلس بوضع القرفصاء تخبأ سوءتها وتحتضن نفسها لتداري جسدها عن العيون، بلهفة بحثت حولها عن عين تعرفها، تريد مروان أو مصطفي سيستراها ولكنها لم تجدهما فبكت وهي تشعر بالخزي يلفها، كانت لينا تنظر لها بعجز لا تعرف كيف تتصرف، اقتربت منها تناديها بخوف: صفاء. سمعت الصوت بلهفة، إنه صوت تعرفه، إنه صوت لينا، من أين يأتي الصوت لا تعرف فهي لا تري بالغرفة سوى عيون فقط، توسلت إليها: استريني لينا أرجوك، أنا عارية استريني عن عيونهم أرجوك، استريني. حدق عمار في المشهد أمامه بصدمة، صفاء جالسة على الأرض تحتضن نفسها وتبكي وتتوسل للينا أن تسترها، كانت تبدو منفصلة عمن حولها وغارقة في خيالات تبتلعها، اقترب منها وركع بجوارها يسألها بخوف: صفاء ماذا حدث حبيبتي؟ أنا هنا بجوارك، اطمئني. لم ينتبه لكلمته، لم ينتبه أن كلمة حبيبتي خرجت من بين شفتيه بلا شعور، خرجت من قلبه مباشرة، ولكن محسن انتبه، انتبه وزاده هذا احتراقا وعذابا وهو يشاهد ما يحدث أمامه بعيون عاجزة. العيون تزداد واحدة، العيون تحدق بعريها، عاودت التوسل للينا: أرجوك استريني، أنا عارية، استريني. التفت للينا يسألها: ماذا حدث؟ ما سبب حالتها تلك؟ كانت لينا تركع بجوارها هي الأخرى وهي ترد عليه بقلق: لم يحدث شيء، بمجرد دلوف هذا الشاب للحجرة ومناداته باسمها دخلت في حالتها هذه. انتبه عمار لذلك الشاب الذي يقف خلفه وينظر لصفاء بعيون معذبة، قام يمسك به بغضب وهو يقول له بانفعال: ماذا فعلت لها؟ لم يرد عليه محسن بل كانت عيناه متعلقة بصفاء بألم وهو يرى حالتها الهستيرية، بينما قالت له لينا: لم يفعل شيئا فقط نادي باسمها، سأنادي مرام ربما تعرف كيف تتصرف. هرولت تنادي مرام التي كانت تجلس في غرفتها منهمكة في عملها كعادتها غير شاعرة بما يدور في الخارج فلقد اختارت غرفة منعزلة حتى تستطيع التركيز بعملها، اقتحمت لينا غرفتها فانتفضت مفزوعة ولينا تصرخ بانفعال: صفاء لا أدري ما بها، إنها بحالة هستيرية للغاية. قامت بفزع تجري خلف لينا، ازداد فزعها وهي ترى حالة صفاء الهستيرية، كانت جالسة على الأرض تتحسس جسدها بهوس وهي تردد بهستيرية: لينا أين أنت؟ استريني أرجوك. تسمرت مرام وهي لا تعرف كيف تتصرف، أفاقها صراخ عمار: مرام ماذا نفعل؟ هل تعرفين كيف نتصرف؟ نظرت له ثم اقتربت منها بارتجاف عندما سمعت صفاء تنادي باسمها، امسكت يديها تحاول طمأنتها ولكنها لم تفلح وهستيرية صفاء تتصاعد، انتبهت على صوت محسن المعذب وهو ينادى باسم صفاء بعذاب، فالتفتت إليه بغضب وقد فهمت الآن سبب حالة صفاء، قامت تصرخ فيه بانفعال: ما الذي أتي بك إلي هنا؟ ألم يكفي ما أصابها منك؟ قام عمار بتحفز يسألها: من هذا الرجل؟ ردت عليه: طليقها، ثم التفتت إلي محسن تردف: رجاء سيد محسن انصرف الآن، ربما إذا انصرفت تتحسن حالتها. -كيف سأنصرف واتركها هكذا. زفرت مرام بضيق ثم تحركت وهي تشير إليه ليتبعها ثم التفتت إلى لينا وعمار تقول لهما: اعتنيا بها، أظنها ستتحسن فور خروجه، سأصرفه وآتي. تحرك محسن خلف مرام وعينيه وقلبه وكل جوارحه متعلقة بها، لم تتحسن حالتها بعد خروجه فسألت لينا عمار بخوف: ماذا نفعل عمار؟ شعور بالعجز تملكه وهو يرى حالتها الهستيرية تزداد وتوسلها الغريب للينا بأن تسترها الذي يقطع قلبه، ضرب جبهته بيده يفكر في أي فكرة تسعفه وتنقذها من حالتها تلك، تذكر معطفه فقز من مكانه فسألته لينا: إلي أين عمار؟ لم يرد عليها بل هرول لمكتبه يلتقط معطفه ويعود لهما، لا يعرف هل ستنجح فكرته أم لا ولكنه لا يملك سواها الآن، وضع معطفه حول كتفيها وهو يشير للينا لتتحدث، خشى أن يتحدث هو فتسوء حالتها مع صوته الرجولي، قالت لها لينا بنبرة مطمئنة: انظري صفاء لقد وضعت ثياب عليك حبيبتي، سترتك كما طلبت، لا تخافي حبيبتي جسدك لا يظهر منه أي شيء. تحسست صفاء جسدها بلهفة فوجدت المعطف يحاوط جسدها فظلت تردد الحمد لله بلا توقف مما جعل عين لينا تدمع وهي ترى حال صديقتها المؤلم، ظل عمار ينظر إليها بترقب متسائلا بخوف هل انتهت نوبتها الآن أم مازال في عذابها بقية؟ لم يكن يوما شخصا يميل للعنف ولكن في هذه اللحظة ود لو يذهب ويضرب طليقها حتى يزهق أنفاسه، لم يكن يدرك ان محسن يمر بأكثر لحظاته ألما وعذابا، لم يتخيل للحظة أن تسوء حالتها هكذا عندما تراه، تخيل أن تبكي أن تعاتبه أن تغضب أو أن تطرده، كانت مرام تنظر إليه بغضب وذكريات تلك الأيام التي تلت طلاقه لصفاء تمر من أمامها، سألته بجفاف: ما الذي تريده سيد محسن؟ ألم يكفك ما فعلته بها؟ لقد استجمعناها بصعوبة بعد طلاقك لها، ألم يكفي كل ذلك الألم الذي سببته لها؟ ما الذي تريده الآن؟ لو كان في وضع طبيعي ما سمح لامرأة أن تكلمه هكذا قط، ولكنه لم يعترض، كبله ذنبه فرد عليها بضعف: جئت لأخبرها أنني انتقمت لها ممن آذاها، وصلت للرجل الذي نشر صورها وفعلت معه مثلما فعل معها وفضحته. كتفت ذراعيها تنظر له بنفور لم تستطع مدراته قائلة: جيد للغاية سيد محسن أدخلت السرور علي قلبي، ولكن ماذا عنك أنت، أنت أكثر من آذاها في هذا العالم، هل ستستطيع أن تنتقم لها من نفسك؟ وقعت الكلمات عليه كقنابل حارقة تكويه أكثر مما هو مكوي بنار الذنب، استمع لكلمات مرام التي أردفت: هل تعرف ما حدث لها بعد طلاقك لها، انهيار عصبي سيد محسن وأيام سوداء مرت عليها ما زالت تعاني من آثارها للآن، ثم رفعت سبابتها تردف بغضب: إنها لا تتمكن من النوم بسبب كوابيسها للآن وتأتي لتقول لي انتقمت لها. أخفض عينيه بخزي وشعوره بالذنب يقتله وهو يستمع لما مرت به بسببه هو، قال لها بعذاب: أريد أن أعتذر منها، أن أطلب منها السماح، أنا لا أنام الليل بسبب ذنبها الذي يحاوط رقبتي، أنا أحبها والله أحبها. لم تشعر بأي شفقة عليه، بقسوة قالت له: آسفة سيد محسن لن أستطيع أن أجعلك تقابلها، لقد رأيت بنفسك ما حدث لها عندما رأتك والله وحده يعلم هل ستتجاوز ما حدث اليوم وتستطيع مواصلة حياتها أم ستنتكس وتعود لنقطة البداية التي حاربنا طويلا حتى تتجاوزها، رجاء سيد محسن لا تظهر أمامها مرة أخرى. نكس رأسه بألم وهل هناك كلام يقال بعد الذي قيل، برجاء رفع رأسه يقول لمرام: عندما تشعرين يوما أنها تجاوزت الأمر هل تطلبين منها السماح لأجلي؟ أخبريها أن محسن يتعذب كما تتعذب هي وأكثر. نظرت له بدون رد فتحرك وقد أدرك أن وجوده لم يعد مناسباً بهذا المكان، تحرك خطوة ثم وقف وقد غلبته غيرته عليها فاستدار يسأل مرام: من هذا الشاب الذي كان بالحجرة يحاول تهدئتها. ببرود ردت عليه مرام: إنه رجل وكفى. هل كانت تقصد إهانته، لا يعلم ولكن الكلمة آلمته وذكرته أنه سقط ذات يوما باختبار الرجولة ولم يعد كما كان. كان عمار بنفس الوقت عيناه متعلقة بها برعب وقد حدث ما كان يخشاه، بعد كل الاستنزاف النفسي التي عايشته، بدأ وجهها بالإزرقاق وهي تكافح لالتقاط الهواء، تضع يدها على قلبها بألم وأصوات مرعبة تصدر من حلقها، نوبة هلع جديدة تداهمها أمامه، تذكر كل التعليمات التي قرأها في الأيام السابقة لمن يمر بهذه النوبة، أخذ يطمئنها بصوته يخبرها أنها بخير، يرشدها أن تتنفس بعمق ويحاول تشتيت أفكارها لشيء تحبه بينما لينا كانت تقف في مكانها متجمدة وهي تشعر أن أطرافها شلت وعيناها متعلقة بهما وقلبها يدعو لصفاء أن تمر هذه اللحظات علي خير، كم مرت من الدقائق عليها لا يعلم كل ما يعلمه أن قلبه كاد يتوقف خوفا عليها، عيناه متعلقة بها ولسانه يحاول طمأنتها، بدأ وجهها يعود له لونه وأنفاسها بالانتظام فأطلق زفرة ارتياح وهو يواصل الحديث معها: جيد صفاء أنت بخير لا تقلقي نحن هنا. نظرت إليه والخجل يلفها وقد بدأت تعي ما يحدث، لثاني مرة يشهد المتجهم انهيارها، ودت لو انشقت الأرض وابتلعتها وهي تتذكر ما حدث، بخوف سألت لينا: هل كان هنا حقا! أين هو! أين ذهب؟ هل جاء ليعيدني إليه؟ قطب عمار حاجبيه بغضب وخوف يتسلل لقلبه" هل جاء ليعيدها إليه حقا"، قسم ردده بداخله" لن يسمح بذلك أبدا". دخلت مرام الحجرة بلهفة بعد أن صرفت محسن، سألت صفاء بلهفة: كيف حالك حبيبتي؟ هل أنت بخير؟ لم تحتمل أعصاب صفاء أكثر من ذلك فانهارت ببكاء موجع وهي تتمسك بكف مرام تسألها بخوف: هل جاء ليعيدني إليه يا مرام؟ هل سيعيدني للقرية مرة أخرى؟ لن أتحمل يا مرام، لن أتحمل، سأموت لو أعادني لعصمته. طمأنتها مرام: لا تخافي حبيبتي، لن يعيدك لا تقلقي، جاء ليطلب منك السماح فقط. قالت لينا بغضب: السماح اللعنة عليه أينما كان. تمسكت صفاء بيد مرام وهي تقول لها برجاء: اتصلي بمروان أرجوك، أريد مروان. كان يري نظرة الذعر في عينيها فيود لو يمد ذراعيه ويضمها ويخبئها عن ذلك العالم القاسي الذي قتل روحها بهذا الشكل، ولكنه للأسف لا يملك الحق، حاول تهدئتها وقد خاف عليها بعد كل ما مرت به، بنبرة حنون قال لها: صفاء اهدئي، هيا خذي نفس عميق ولا تخافي، لن يستطيع أي شخص أخذك من هنا وأنا موجود. بنفس النبرة الراجية توسلته: أريد مروان. بحمائية رد وشعور يتملكه أنها له وحده، هو فقط من سيحميها ويداويها: أنت لست بحاجة لأي شخص وأنا موجود، اهدئي. رفعت عينيها بخوف فتلاقت عيناها به عندها علم أنه عشق وانتهي الأمر أنه غرق في بحورها وانتهي الأمر لن يستطيع الابتعاد عنها وانتهى الأمر رغم كل الصعوبات سيبحر معها حتى لو غرق وانتهي الأمر سيحارب نفسه من أجل عينيها وانتهي الأمر انتهي الأمر وبدأ عصر عشقها وحبها وتعويضها والغرق فيها حتي الثمالة. ******************************************* دقائق طويلة مرت عليهم حتى نجحت صفاء باستجماع نفسها، كانت تشرب من كوب الماء التي أعطتها له لينا بارتجاف ثم قالت لمرام: أريد أن أذهب للبيت مرام، سأتصل بمروان ليقلني. ابتسمت مرام بوجهها وهي تقول لها: بل أنا من سيقلك حبيبتي، سنذهب لبيتي ونقضي باقي اليوم معا، أنا بحاجة لإجازة. بلهجة حاولت أن تكون مرحة تدخلت لينا: وأنا أيضا سآتي معكم مرام. وقف يتابع حوارهم وكم تمنى أن يكون هو أيضا معها، راقب انصرافهم بعيون متعلقة بها، تحرك خلفهم ليطمئن عليها وقف أمام السيارة حتى استقلوها وتحركت مرام بها، لم يكن يعلم أن هناك عينان أخريان معلقان بالسيارة، كان محسن أيضا يراقب انصرافها هو الآخر ولكنه كان مختبأ خلف أحد السيارات خوفا من أن تراه، كان قلبه يرتجف ألما وعينيه تشاهداها بعذاب وقلبه يحترق غيرة وهو يرى نظرات هذا الرجل نحوها، كلاهما كان عاشقا ولكن شتان بينهما كلاهما تمنى في ذات اللحظة أن يعود الزمن للوراء فعمار تمني لو عرفها قبل عام فقط لخطفها وقتها وتزوجها وجنبها كل هذا العذاب. ومحسن تمنى لو عاد الزمن أيضا به فصانها من نفسه ولم يطلب منها ما طلب كلاهما كان يتألم من أجلها فعمار كان قلبه ينفطر خوفا عليها ويتمني لو كان بجانبها ليخفف عنها ومحسن كان يتألم ورحه تصرخ بعذاب محملة إياه ذنبها كلاهما اتخذ قرارا فعمار قرر أن يقتحم كل الحصون ليصل إليها ليكون بجوارها فيعوضها ويحميها ومحسن عزم هو الآخر علي عدم تركها لذلك الشاب الذي أمامه فهو أحق بها. كانت لحظات صعبة علي كليهما انتهت بانسحاب عمار لمكتبه بينما بقي محسن مختبأ خلف السيارة جالسا على الأرض يشعر أن الكون قد ضاق به بما رحب، رفع هاتفه يتصل بها يقول بحزم: سأعيدها، سأتصل بوالدها لأقابله وسأعيدها لعصمتي. صمت استمر للحظات قطعته هي بقولها: وماذا بعد أن تعيدها، هل ستستطيع أن تنظر بوجهها كأن لم يكن شيئا؟ هل ستنسي أن أشقائك قد رأوا صورها وهي عارية، وهي هل ستستطيع أن تنسي ما حدث؟ هل ستكمل معك حياتها وقد تخليت عنها في أسوأ لحظاتها، لا أنت ستنسي ولا هي ستغفر يا محسن، لقد انتهت حكايتكما معا، أقبل بهذا وجنبها وجنب نفسك الألم. بحرقة عاشق قال لها: هناك رجل يحبها ينظر إليها بنظرة عاشق، رجل تعمل معه كيف سأتحمل كل هذا الألم؟ لعنت كل صنف الرجال المعشش الغباء بعقولهم، لا يتحركون إلا عندما يشعرون بالخطر وتتحكم بهم الغيرة. بقلق سألته: هل ذهبت إليها؟ ألم تقل إنك ستراها من بعيد؟ هل قابلتها؟ أغمض عينيه بأسى وهو يتذكر لحظات انهيارها فور رؤيته، طال صمته فقلقت وعاودت سؤاله: محسن هل تسمعني؟ ماذا حدث بينكما؟ هل أخبرتها برغبتك في العودة؟ هل فاتحتها؟ كيف كان رد فعلها عندما رأتك؟ بإنكار قال: سأعيدها هذا الوضع الأفضل لها. بإصرار عاودت سؤالها: كيف كان ردة فعلها عندما رأتك يا محسن؟ لم يسيطر على دموعه وهو يقول لها بألم: انهارت وظلت تصرخ إنها عارية، كانت تتوسل أن يستروها من عيني. دمعت عيناها وهي تسمعه وعقلها يسحبها لأول لحظة انتهكت فيها وقضوا على انسانيتها فيها، كانت آخر مرة تبكي فيها ولكنها الآن وهي تستمع لما حدث لتلك المرأة لم تستطع السيطرة علي دموعها، قالت له بصوت مبحوح: لو كنت أخبرتني أنها استقبلتك بنظرة شوق أو عتاب لقلت لك عد إليها ولكن رؤيتها لك دفعتها للانهيار، اعتقها يا محسن واعتق نفسك من هذه العلاقة المميتة، انساها ودعها تنسى هي الأخرى فلقد عانت الكثير. بحرقة قال لها: اعتقها هل تريني أأسرها؟ أنا أحبها أعشقها. كان لا بد من بعض القسوة هنا قبل أن يقتل بغبائه روح تلك المرأة للأبد هذه المرة: اعتقها واعتق نفسك من تلك العلاقة المميتة التي ستميت كلاكما لو أصررت علي استكمالها، اعترف لقد انتهت قصتكما، بترت وآن لك أن تدفن ما بتر، لا تظهر أمامها ودعها تتعافي منك ومما سببته لها، لقد كسرت روحها بما فعلته ولكن تبقي عندها فرصة أن تجبر ذلك الشرخ مع الوقت وتتعافى، ولكن إذا أعدتها إليك ستقتل روحها للأبد وستبقي تلعنك ما حيت، هي لن تسامحك ولن تتجاوز ما مضي يا محسن. سمعت صوت أنفاسه العالية فعلمت آنها آلمته بقوة فأردفت ببعض الرقة: وأنت حاول ان تنساها، أنت رجل جيد يا محسن لست بشرير الحكاية وكلنا نخطأ ولكن خطأك كان سقطة مدوية أسقطتها في الوحل، اعتقها واعتق نفسك يا محسن ومن يدري ربما يوما ما تسامحك، عندها ستسامح نفسك وستمضي بحياتك إلي الأمام. سألها وهو يعلم الإجابة: هل ستسامحين والدك يوما؟ -فليلعنه الله. أغلق معها الخط فلم يعد بمقدوره الاستماع لكلمة إضافية، أفاقته كلماتها وأعادته لأرض الواقع هي لن تسامح والدها وصفاء لن تسامحه، صدقت العاهرة" بعض الذنوب غير قابلة للغفران من بني البشر" هناك من يودعون بالرحمات وهناك من يودعون باللعنات أما هو فيلعن نفسه وخطئه وضعفه في اليوم والليلة ألف مرة ولا يجد لنفسه غفرانا ولا مخرجا ملعون هو بعشقها ملعون بذنبها ملعون بجرمه في حقها ما حيا كان قد حرم قريته على نفسه ولكنه اليوم سيطلق بلده طلاقا بائنا لا عودة فيه سيهاجر وسيبحث عن وطن جديد وربما يبحث عن اسم جديد فربما إذا تخلي عن اسمه تزول لعنته وينال الغفران. ****************************************** زفرت بضيق وهي تخرج من غرفة إياد، سألتها لينا: هل رفضت الخروج معك؟ أومأت برأسها إيجابا وهي ترد عليها: أخبرتني أنها تريد النوم. -يا إلهي لقد قطعت قلبي اليوم، كيف تحتمل كل هذا الألم وحدها، إنها بحاجة ماسة لطبيب نفسي يا مرام حتى تتجاوز ما حدث. قالت لها مرام بحزن: إنها ترفض يا لينا، ثم أمسكت هاتفها وأردفت: سأتصل بكريم ليجلب إياد من الروضة ويقضي اليوم عند جديه حتى أتفرغ لصفاء. قالت لكريم ما تريده بكلمات مختصرة ثم أغلقت معه، فقالت لها لينا: الحمد لله أن كريم لم يكن موجودا اليوم، كان ليقتل طليقها لو رأي حالة صفاء. -معك حق أنا لا أعرف للآن كيف سأخبر مروان، إنه يفوق كريم عصبية وجنونا. نظرت لينا لساعتها ثم قامت من مكانها تقول لمرام: كنت أتمنى أن أجلس أكثر من ذلك ولكن الأولاد على وشك الوصول، طمئنيني عليها. رافقتها مرام للباب وودعتها ثم عادت لصفاء التي كانت تختبأ تحت الغطاء بخوف، نظرت إليها بحزن وعذرتها فما مرت به لم يكن سهلا، تعالى رنين هاتفها فخرجت لترد على هاتفها وجدته عمار، سألها ما إن فتحت الاتصال بلهفة: كيف حالها يا مرام؟ -سيء للغاية يا عمار، لم تتكلم ولم تأكل منذ عدنا. بنبرة راجية قال لها: أريد أن أسمع صوتها يا مرام. لم تقدر مع نبرته الراجية أن تقول له لا، تحركت لداخل الغرفة ووضعت الهاتف على الطاولة المجاورة للفراش، اقتربت من صفاء تقول لها بخفوت: صفاء حبيبتي، هيا لتأكلي شيئا. -لا أريد مرام أريد أن أنام. جلست مرام جوارها قائلة: ولكن أنت تعلمين ظروفي وأنا لن آكل إلا إذا أكلت أنت. قطب عمار بحيرة متسائلا ما معني ظروفي تلك؟، أرهف سمعه يلتقط صوتها الخافت بصعوبة: لماذا يحدث لي هذا؟ هل أنا سيئة إلي هذا الحد؟ لماذا عاد وظهر أمامي؟ هل سيعيدني إليه؟ سأموت لو عدت إليه يا مرام. أمسكت مرام بكفها بدعم، تطمئنها بقولها: لن يستطيع إرجاعك حبيبتي عدتك انتهت، ومروان ومصطفي لن يسمحا له وأنت تعلمين. بخوف تمكن منها أخبرتها: ولكنه لو ذهب لأبي سيوافق، سيعيدني إليه جبرا. خوف تمكن من قلب عمار وهو يسمع كلامها وعزم علي التحرك لن يترك الأمر للصدف، سيطلب يدها حتى يقطع الطريق علي ذلك المحسن، بينما قالت لها مرام: لا تقلقي حبيبتي، عمي عصمت هنا ولن يسمح أبدا برجوعك جبرا ومروان ومصطفي وكريم كلهم في ظهرك ويساندونك، أريدك فقط أن تتمالكِ نفسك فعندنا عمل كثير الفترة القادمة. -لن أذهب إلي ذلك المكتب مرة أخرى، قد يأتي محسن هناك. -لا تخافي فكلنا موجودين بجوارك، كريم وعمار ولينا وأنا، ولا أظنه سيقترب مرة أخرى بعد حديثي معه. نكست رأسها بخزي وهي تقول لها: كيف سأقابله مرة أخرى، بالتأكيد سيقول لك لا تدعي تلك المجنونة تعمل بمكتبي مرة أخرى. -من تقصدين؟ ارتفع حاجبيه وهو يسمع ردها" المتجهم"، سأل نفسه باستنكار" هل تقصدني أنا" أتاه التأكيد من مرام وهي تسألها: أتقصدين عمار؟ هزت رأسها إيجابا فشدتها مرام لتقوم من السرير وهي تقول لها: أنت لا تعرفين عمار، عمار بالطبع لن يقول هذا، بل إنه اتصل ليطمئن عليك، هيا اغسلي وجهك وأنا سأعد الطعام. ضحكت مرام وهي تسمع صوت عمار المستنكر عبر الهاتف: المتجهم، هل تطلق علي لقب المتجهم؟ -أنت تخيفها عمار، كلما رأيتها عبست، دعك من هذا الآن، ما الذي تريده عمار، أنت حسمت الأمر منذ مدة مع نفسك ما الذي حدث؟ بحسم أجابها فأبهج قلبها برده وقد اطمأنت أخيرا على صديقتها: سأحارب نفسي من أجلها لو لزم الأمر، مع السلامة مرام. ابتسمت وهي تتجه لمطبخها بحماس تهمس" ربما زيارة محسن رغم صعوبتها لها بعض الفوائد" *********************************** فتح كريم الباب لإياد ليدخل فدخل بحماس وأسرع لحضن جده الذي فتح له ذراعيه بترحيب، مالت سميرة عليه تقبله بحب وتسأله عن حاله لكن الصغير انكمش وهو يرى سلمى تجلس، سأل جده بخوف: أين أمي؟ رد عليه كريم: عندها عمل حبيبي ستجلس هنا قليلا وأنا سأوصلك لها في المساء. شعر الصغير بالذعر وبدأ بالبكاء مرددا" أريد الذهاب لأمي، لا أريد البقاء هنا" التف الجميع حوله يحاولون تهدئته، قالت سميرة بسخط وهو تري بكاء الصغير وعدم استجابته لكلامهم: هل تؤلبه أمه علينا؟ هل تقول له أن يبكي ويرفض المكوث عندنا، أنا.... ابتلعت كلماتها مع نظرة عصمت وكلمات كريم المستنكرة فلوت شفتيها بحنق، حمل عصمت الصغير وهو يقول له: لا تبك حبيبي أنا سأعيدك بنفسي. رمق كريم سلمى بنظرة شك، يكاد يجزم أنها السبب ولكنه لا يمسك دليل بيده، قال لوالده: أنا سأعيده أبي، ارتاح أنت. قال له عصمت بتصميم: لا سأعيده أنا فأنا أود الاطمئنان علي مرام. لم يقل له أن مرام أرسلت له رسالة منذ قليل تخبره أنها تريد أن تحكي له شيئا خاصا بصفاء، اتجه بالصغير للباب فهدأ علي الفور مما دفع عصمت لرمق سلمى بشك قبل أن ينصرف، ما إن أغلق عصمت الباب حتى قال لها كريم بنبرة هجومية: ماذا فعلت له، كان يبقي هنا طوال اليوم بدوني وبدون مرام ولم يبك يوما. قامت ترد عليه بانفعال: هل تتهمني أنني السبب بحالة ابنك، لماذا لا تتهم طليقتك أنها السبب، ربما هي من تسمم أفكاره. رفع سبابته بتهديد يقول لها: إياك أن تذكري مرام علي لسانك مرة أخرى وأقسم لو عرفت أنك آذيتي ابني بكلمه أو تصرف سأريك مالم تتخيليه أبدا. حاولت أمه تهدئته ولكنه لم يترك لها الفرصة وصعد لشقته، بغيظ التفتت سلمى لسميرة تقول لها: انظري خالتي ماذا يفعل معي بسببها تلك الشيطانة، لماذا يتعامل معها كأنها ملاك. قالت لها سميرة بنبرة ممتعضة: والله أحيانا أشك أنها تسحر له، المهم دعك من هذا ثم سألتها بلهفة: ألا يوجد شيء هذا الشهر، أريد أحفادا كثيرة سلمى. قبضت سلمى كفيها وهي تتذكر حالة كريم في الأيام الماضية، منذ عدة أيام لم يقربها، يتحجج بالتعب كل ليلة ويدير لها ظهره وينام، تشعر به ينظر لها نظرات غريبة لا تفهم معناها، بمسكنة قالت لسميرة: كريم يرفض خالتي، يخبرني أن ننتظر قليلا ولكن أرجوك لا تخبريه حتى لا يغضب مني، إنه مشغول دوما بها ولا يفكر في أي شيء آخر سواها، إنها توقف حياتنا وسعادتنا بتدخلها في حياتنا على الدوام. بغيظ من ابنها قالت لها سميرة: هل جن؟ العمر يجري وتلك المخبولة لم تنجب له سوي طفل واحد، لا أعلم كيف يطيقها، حتى أبوها وأمها لا يطيقانها. كان كريم يفتح باب الشقة ليخبر أمه أنه سيذهب لمقابله أصدقائه، قطب بحيرة وهو يسمع سلمي: إنها معدومة الكرامة لقد أخبرتها أنه يبقي معها شفقة ومع ذلك تطارده. اقترب وهو يسمع رد أمه: معك حق والله فلم نرى لها أما ولا أبا ولا أخا، شعوره شفقة نحوها صدقت. فزعا من صوته الذي تصاعد خلفهم فجأة: عن من تتحدثون؟ بارتباك قالت له أمه: إننا نتحدث عن إحدى المسلسلات التي نتابعها معا. نظر إليهم بشك ثم قال لأمه: سأذهب لمقابلة أحد أصدقائي. انصرف ولم يلقي بالا لسلمى التي كانت تحترق غيظا فلأول مرة يعاملها أحدهم بتجاهل، توعدته بسرها ستريه بينما كانت سميرة تشعر بالقلق والخوف من أن يفهم كريم أنهما كانا يتحدثان عن مرام. ******************************************** نام إياد علي قدم والدته، حاولت القيام به لتضعه في فراشه ولكنه استيقظ فزعا وتشبت بأحضانها فعاودت الجلوس وهي تمسح على شعره حتي يهدأ، نظر عصمت لإياد بقلق، لا يعلم سبب حالته ولكنه يقسم لو كانت هي السبب فلن يرحمها، مسح علي وجهه ثم سأل مرام: خيرا حبيبتي، أخبرتني برسالتك أنك تودين إخباري شيئا متعلقا بصفاء. حكت له ما حدث بكلمات مختصرة فاحتقن وجهه غضبا وهو يقول لها باستنكار: هل جن؟ ما الذي ذكره بها؟ هل يريد أن يهدم كل ما بنيناه طوال الفترة الماضية؟ ثم قام بعدة اتصالات ثم التفت إليها معقبا: لم يعد للقرية ولكنهم أخبروني أنه إذا ظهر أو علموا عنه شيئا سيخبرونني. -وماذا عن كريم ومروان؟ -لن نخبر هذان المجنونان بشيء، تعرفيهم لا يوجد عندهم عقل وقت الغضب. سألته بحيرة: ولكن بما سنبرر لمروان وكريم حالتها؟ إنها لا تنوي العودة للمكتب مرة أخرى تقول إنها ستبقي بالبيت، بالتأكيد سيسأل مروان وكريم عن السبب. استغرق لدقائق بتفكير عميق قبل أن يقول لها: وجدتها، سنستغل حبها لمروان وخوفها عليه، سنخبرها أن مروان سيفهم إذا بقت بالمنزل ولو عرف قد يقتل محسن، صفاء ستتماسك من أجل أخيها وستذهب للعمل، العمل يفيدها كثيرا يا مرام لقد تخطت خطوات كثيرة بسبب انشغالها وبسبب صحبتها لك، لن أدعها لتغوص مرة أخرى في تلك الغيبوبة. -هل تعتقد أن هذه الفكرة ستنجح؟ أومأ برأسه وهو يقول لها: ستنجح أنا أعرف صفاء، إنها متعلقة بمروان بشدة وهي تدرك مدي عصبيته، لن تسمح له أن يؤذي نفسه بسببها. استشعرت منطقية فكرته وتمنت أن تستجيب لهم صفاء. سألها عصمت: وأنت كيف حالك حبيبتي؟ وأخبار العمل بالجامعة؟ هل تقبل كريم الأمر أم ما زال يضايقك؟ كان كريم جالسا بنفس الوقت أمام شاطيء البحر مراقبا أمواجه الهائجة، شعر أن الموج صورة لأعماقه، فأعماقه كانت تفور مثل هذا الموج، لا تجد لها قرار ولا مرفأ، إنه حائر منذ حديثه مع والد مرام، يشعر بالتيه والتشتت ولا يفهم نفسه، ينظر إلي وجه سلمى كل يوم عله يجد إجابة ولكنه لا يجد ما يشفي قلبه، لم يستطع حتي أن يقربها خلال الأيام الماضية رغم محاولتها معه، لأول مرة منذ زواجهم لا يستجيب لإغرائها، يسأل نفسه كل يوم مئة مرة أيهما تحب مرام أم سلمى؟ ******************************************* تكاد تطير من فرط سعادتها، تود لو تقف وتحتضن كل المارين أمامها وتشاركهم بهجتها، أخبرتها طبيبتها منذ قليل أن الجنين فتاة، كانت تبتسم ببهجة وهي تقود سيارتها لتمر علي المكتب قبل أخذ إياد من روضته، لن تستطيع أن تخفي الخبر أكثر من ذلك، ستخبره اليوم وستتغلب سعادتها بالتأكيد علي مرارة الذكرى التي ستفجرها لحظات إخباره، عزمت على أن تخبره فقط و لا داعي للخوض في كلام لا طائل منه، ظلت علي إشراقتها وبهجتها حتى وصلت المكتب، مرت علي لينا وصفاء أولا لتطمئن علي صفاء، وجدت صفاء على حالتها منكمشة على نفسها ومنسحبة، ذكرتها بحالتها يوم أتت للعمل أول مرة، نجحت فكرة عصمت وخافت صفاء بالفعل علي مروان فعادت للعمل، قالت لهم بخفوت: سأخبره بحملي. ثم انسحبت بخطوات هادئة تطرق عليهم باب حجرتهم، أومأت لعمار بتحية بينما لم ينتبه كريم فقد كان منهمكا بالعمل، تنحنحت وهي تقول بهدوء: كريم هل أنت متفرغ؟ أحتاج للتحدث معك قليلا. قام عمار وانسحب تاركا لهم الحجرة ليتحدثا بحرية ووجدها فرصة ليطمئن علي صفاء، وقف على باب الحجرة يراقبها بحزن، عادت لانغلاقها علي نفسها وصمتها، حتى إنها عادت لحركتها القديمة بتخبئة وجهها عندما تراه، انتبهت لينا لوجوده فسألته: هل تريد شيئا عمار؟ جلس على المقعد المقابل لمكتب صفاء وهو يرد على لينا ببساطة: لا لينا فقط أردت أن أترك الحجرة لكريم ومرام، كيف حال ملك ومالك؟ ابتسمت لينا بود وهي ترد عليه: بخير حال عمار. التفت لصفاء يسألها بحذر: وكيف حال نور يا صفاء؟ انكمشت على نفسها مع سؤاله، تشعر بخجل بالغ كلما رأته بعد انهيارها أمامه، ردت بصوت خافت بالكاد سمعه: بخير. تدخلت لينا لتشجع صفاء علي الحديث قائلة لعمار: ملك ومالك منذ رأوها يتحدثوا عنها طوال الوقت، مالك مصمم علي أنها دمية وليست طفلة، أليس معك صورة لها ليراها عمار يا صفاء. أخرجت صفاء هاتفها وأخرجت صورة لنور وناولت هاتفها بلا كلام لعمار. دق قلب عمار بعنف وهو يتأمل الصورة، إنها صورة مصغرة من صفاء، تبدو كدمية حقيقية بجسدها الصغير، تمني من كل قلبه أن يرزقه الله بفتاة تشبهها منها هي، قال لها وهو يناولها هاتفها: إنها جميلة للغاية، كاد يقول لها أنها تشبهها ولكنه أمسك لسانه في آخر لحظة. نظرت إلي الصورة هي الأخرى وهي تهمس: أنا أحبها للغاية. قال لها بدون تفكير: وهي تحبك تحبك للغاية بل تعشقك. أنب نفسه فور انتباهه للكلمات التي خرجت منه بدون تفكير ولكنه لحسن الحظ لم تنتبه بينما راقبتهم لينا بسعادة وهي تتمنى أن يجمعهم الله علي خير فكلاهما يحتاج الآخر بقوة خصوصا صفاء. *************************** رفع كريم رأسه يسألها بدهشة: مرام أليس اليوم يوم عمل بالجامعة! هل حدث شيء؟ هل أنت بخير. جلست أمام المكتب وردت عليه: بخير كريم لا تقلق لم يحدث شيء فقط هناك أمر مهم أريد إخبارك به، هل أنت متفرغ؟ -تعلمين أنك لا تحتاجين لهذا السؤال، حتى لو كنت غير متفرغ سأفرغ نفسي لك، خيرا مرام. كان يتأمل ملامحها وهو مازال يشعر بالحيرة هناك شيء متغير بوجهها ولكنه لا يدري كنهه، أمسك لسانه عن التعليق فعندما علق المرة الفائتة غضبت ولم يدر سر غضبها للآن، صمت منتظرا حديثها، قالت له بهدوء: هل تتذكر يوم ذهابي إلي والدي، أخبرتك يومها أن هناك خبرين أود قولهم ولكنهما ثقال على نفسي وقلت لي يومها أنني لن أرتاح إلا إذا قلتهم. -أتذكر مرام ثم سألها بفضول: ما هو الخبر الثاني؟ صمتت وهي تشعر بالكلمات صعبة عليها، داهمتها كلمات سلمى فذكرتها بمكانتها عنده مجرد وعاء لأطفاله، طال صمتها فسألها: ما هو الخبر الثاني مرام؟ استجمعت شجاعتها وهي تهمس له: أنا حامل. نهض وقد هيئ له أنه استمع لكلماتها بشكل خاطئ، اقترب منها قائلا: معذرة مرام أعتقد إنني سمعت الكلمة بشكل خاطئ، هلا أعدت ما قلتيه. كانت كلمات سلمى تتردد في عقلها فتفسد بهجتها، فقالت له بجمود: لم تسمع بشكل خاطئ كريم بالفعل أنا حامل. تسمر مكانه للحظات لا يستوعب كلماتها قبل أن تغمره فرحة غامرة، سحب مقعد ليجلس أمامها مباشرة وهو يسألها ببهجة: حقا يا مرام أأنت حامل حقا؟ هزت رأسها إيجابا وهي تخفض رأسها حتى لا تقابل عينيه، بينما اقترب هو بكرسيه أكثر وهو يقول لها ببهجة حقيقية: مبروك يا مرام، لا يمكنك أن تتخيلي مدى سعادتي بهذا الخبر، هل عرف إياد؟ هل أخبرتِه. هزت رأسها نفيا وهي ترد عليه بهمس دون أن ترفع عينيها إليه: لا لم أخبره بعد فضلت أن نخبره معا. تطلع إليها بحيرة لا يعلم ما بها لماذا تبدو شديدة التوتر ويلمح حزن وألم بين نبراتها، ترجم أحاسيسه لسؤال: لماذا تبدين قلقة هكذا؟ هل هناك شيء يزعجك؟ هل أزعجك خبر حملك؟ رفعت وجهها تقول له باستنكار: أزعجني! بالطبع لا. -لماذا أنت قلقة هكذا إذا؟ أشعر أنك متوترة ومتألمة. قامت من مكانها تقول له بصوت خافت: أنا بخير، سأنصرف الآن لأحضر إياد من روضته. قامت وهي تلوم نفسها لماذا أخبرته اليوم؟ لماذا أفسدت بهجتها بخبر حملها بفتاه، ليتها استمتعت بسعادتها اليوم ولم تفسدها بإخباره، تطلع إلي ظهرها بحيرة قبل أن ينتبه لتاريخ طلاقهما، لقد مر على انفصالهما قرابة الثلاثة أشهر وهذا يعني أن الحمل بمرحلة متقدمة، اقترب منها وأمسك ذراعها وسألها وقد استشعر إن إجابتها لن تعجبه: لم تخبريني في أي شهر من الحمل أنت. استدارت إليه وقد بدأ غضبها يتفجر، غضبها الذي كتمته طوال ثلاثة أشهر منه لم تستطع كتمانه الآن وهي تقول له بانفعال: ولماذا تسأل؟ هل تشكك في حملي منك مثلا فهذا هو الشيء الذي لم تفعله للآن، هل تتهمني في أخلاقي بإمكانك اجراء... بترت عبارتها من ضغط كفه على ذراعها وعبارته التي قالها بانفلات تام: اخرسي الآن حالا لا أريد كلمة واحدة زائدة. سحبها نحو المقعد وهو يشير إليها لتجلس ثم جلس أمامها مردفا بنبرة غاضبة: اياك والعودة لهذا الكلام مرة أخري، تعلمين جيدا مدى ثقتي بك ولم أكن أعني هذا وأنا أدرك تماما أنك تفهمين جيدا ما أقصد، مرام نحن انفصلنا منذ شهرين وثلاثة أسابيع وقبلها لأكثر من أسبوعين كنت ترفضين قربي، هذا يعني انك في الشهر الثالث وبالطبع لن تصلي للشهر الثالث وأنت لا تشعرين بحملك، هل كنت تخفين خبر حملك عني؟ كتفت ذراعيها ورغبة عارمة في تحديه تملؤها، بنبرة متحدية أخبرته وهي تثبت عينيها في عينيه: أنا حامل بالشهر الخامس وليس الثالث. نظر إليها بذهول لا يصدق ما تقوله، ثم قال لها باستنكار: الخامس! ببرود أكدت على كلامه: نعم، أنهيت الأسبوع الأول من الشهر الخامس. كان ينظر إليها غير مصدق لما تتفوه به، بدأ الغضب يتصاعد داخله وهو يسألها: منذ متى تعرفين؟ بهدوء أجابته: منذ شهر وأسبوع تقريبا. صرخ بها بغضب وقد انفلتت أعصابه كليا: وكل هذه المدة تخفين عني هل جننت! حافظت على وجهتها الباردة التي تغيظه بينما داخلها كان يأن ألما، لم تظن أن مواجهته ستكون مؤلمة هكذا لها، قالت له ببرود: أنا فوجئت بالحمل ذهبت للطبيبة يومها وأنا أظن أني أعاني من فقر الدم وهو ما يسبب لي الدوار ففاجأتني بحملي، أتيت لأخبرك بعدها بيوم ولكنك سبقتني وأخبرتني بموعد زفافك فشعرت أن التوقيت غير مناسب. باستنكار قال لها: التوقيت غير مناسب! هل إخباري بالحمل له توقيت مناسب وغير مناسب! تصمتين لأكثر من شهر وتخفين الأمر عني! ما هذه القسوة مرام! نهضت وهي تقول له وقد بدأت تشعر بالاختناق، لو استكملا حديثهما أكثر من ذلك ستنفجر به، قالت له: هذا الحديث لا طائل منه، أنا أخبرتك الآن لا يوجد داعي لغضبك. كلماتها زادت من اشتعاله فصرخ بها: أخبرتك الآن! بكل بساطة تقولينها كأنك لم تفعلين شيئا! هل تعاقبيني أم ماذا! ردي علي ولا تنظرين إلي هكذا. نظرت إليه بغضب، بحسرة، بألم، هو المخطئ ويلومها الآن، صرخت به هي الأخرى وقد تناست ما عاهدت نفسها عليه بأن تغلق هذا الموضوع ولا تتكلم فيه: كنت أتمنى ألا أخبرك أبدا، ظننت أنني عنيت لك شيئا يوما ما، لم أطلب منك حبا بل وتفهمت رغبتك بالزواج منها، تركتك لتهنأ بحياتك، لم أتخيل يوما أن منزلتي في حياتك ستكون مجرد وعاء لحمل أطفالك التي تعجز زوجتك عن حملهم، لقد آلمتني للغاية أشعرتني أنني لا شيء بالنسبة لك، لقد قاومت نفسي كثيرا لأحضر وأخبرك وليتني لم أخبرك. كان ينظر إليها بعدم تصديق من صوتها العالي وملامحها الثائرة، منذ متى تحادثه مرام بهذا الشكل، لم يفهم أي شيء من كلماتها فقال لها بانفعال: لم أفهم شيء مما تقولين، ما هذا الذي تهذي به! أي وعاء هذا! هل تهربين من خطأك بتشتيتي بهذه الأحاديث الغريبة. بسخرية مريرة قالت له: أحقا لا تعلم عما أتحدث، كف عن الانكار كريم فلست ساذجة إلي هذا الحد. عقد حاجبيه وهو لا يفهم شيئا مما يدور حوله، حاول استرجاع كلامها عله يفهم ثم انتبه لما قالته فسألها بترقب: من أين عرفت أن سلمى عندها مشاكل بالحمل، أنا لم أخبر سوى أبي فقط، ثم أردف متسائلا: هل أخبرك أبي؟ هزت رأسها نفيا فبدأ يجمع خيوط حديثها العجيبة فاقترب منها وهو يسألها: هل أتت إليك سلمى؟ هل قالت لك شيئا؟ أخبريني مرام. رفعت سبابتها تحذره وهي تقول له بانفعال: لا تتعامل معي كأنني بلهاء كريم، ألم يكن هذا اتفاقك معها، أن تبقيني لأحمل لك الأطفال الذين تريدهم وتعجز هي عن حملهم، مكانتي عندك هي مجرد وعاء. الصدمة التي ظهرت علي وجهه أوقفت اندفاع كلامها فسألته بحذر: ألم ترسلها أنت؟ غضب هائل سيطر عليه وهو يأخذ مفاتيحه ويتحرك بسرعة وهو يقول لها بغضب: سأكسر رأسها على أكاذيبها. نهضت ورائه تناديه ولكنه لم يرد عليها، اختفي من أمامها بلمح البصر، خرج عمار من الحجرة يسألها بقلق: ماذا حدث مرام؟ قالت له برجاء: الحق به عمار لا تدعه يقود وهو في هذه الحالة. اندفع عمار يهبط السلالم قفزا ولكنه لم يلحق به فقد انطلق بالسيارة بالفعل بسرعة كبيرة، صعد لمرام يخبرها فحاولت الاتصال به ولكنه لم يرد عليها فأرسلت له رسالة" كريم أرجوك لا تتهور بالقيادة". سألها عمار بحيرة: ماذا حدث بينكما مرام؟ قالت لها لينا: اجلسي مرام، الانفعال غير جيد لك وكريم لا يفعل شيئا في حياته سوى إثارة أعصابك. بينما قالت لها صفاء: هل أنت بخير حبيبتي؟ هل نذهب للطبيبة؟ نقل عمار بصره بينهم بحيرة وهو يشعر بأن هناك شيء فاته، رحمته مرام من حيرته فقصت عليه ما حدث بكلمات مختصرة. ابتهجت ملامحه مع معرفته بالحمل فبارك لها وهو يتمنى في أعماقه أن يكن هذا الحمل تذكرة عودة صديقه لمرام، ثم انقبضت ملامحه بغضب وهو يستمع لما فعلته سلمى، قال لها بامتعاض: لم أتقبلها منذ أيام الجامعة، فرحت كثيرا بالماضي عندما تعرقل ارتباطهما، إنها لا تناسبه أبدا. لم تنجح في إخفاء المرارة من صوتها وهي تقول له: ولكنه يحبها ويجد سعادته معها، لا تقل هذا أمامه حتى لا يغضب منك فأنت أقرب صديق له. نظر إليها بشفقة، مرام مهما أنكرت يؤلمها الأمر، قال لها بخفوت: كيف صدقتيها مرام! لماذا لم تخبري كريم فور أن قالت لك هذا الكلام، كريم لم يكن ليرسلها أبدا إليك، كان يجب أن تعلمي أنها أتت لإزعاجك وتشجيعك على الطلاق حتى يكون كريم لها وحدها، هل هي سبب طلبك للطلاق؟ هزت رأسها نفيا وهي ترد عليه: لا، لقد اتخذت قرار الطلاق يوم سماعه يتحدث معك. نظر إليها عمار بحنان وهو يقول لها بدعم: تعرفين أنني اعتبرك شقيقة لي، وعندما يخطئ كريم سأقول لك، ولكن كريم لم ولن يفكر بك هكذا، ربما أنت لا تدركين للآن مدي مكانتك لدي كريم، لقد تبدل منذ طلاقكما، انطفئ، دوما مهموم وشارد، أنت رمانة ميزان كريم يا مرام. -شكرا علي محاولة رفع معنوياتي يا عمار، اطمئن أنا بخير، تجاوزت الموضوع وتأقلمت ولن أفكر بالرجوع إليه مرة أخرى أيا كانت الظروف، لقد انتهت حكايتنا معا وصدقني أنا لا أتمنى له سوى الخير. ابتسم وهو يشاكسها: ومن قال أن تعودي إليه الآن؟ بالعكس أنت أخذت القرار الصحيح الذي كنت سأقوله لشقيقتي لو كانت مكانك، عذبيه حتى يدرك قيمتك أنا أساندك في ذلك، ثم رفع كفه بمرح وهو يردف: ولكن لا تقولي له ما أخبرتك به فيد كريم ثقيلة للغاية. ضحكت علي كلماته بينما تدخلت لينا بالحوار تسأله بحماس: ماذا سيفعل معها عمار أنت تعرف صديقك، هل نبدأ بقول المرحومة سلمى من الآن. وبختها مرام بينما جارها عمار وهو يعدد على أصابعه: سيصرخ بها أولا ثم سيكسر رأسها وربما يرميها من النافذة. بإحباط قالت له لينا: للأسف لن نري ما سيحدث لهذه الأفعى. كانت صفاء تراقب ما حولها بصمت، كانت تتطلع لحديث عمار ومرام، شعرت به في هذا اللحظة وهو يتحدث بتعقل مع مرام شبيها لشقيقها مصطفي، نظرت له باستغراب وهي تراه يمازح لينا ويبتسم، إنها أول مرة تراه يبتسم دوما كان متجهما، قامت مرام وهي تقول لهم: لقد تأخرت على إياد يجب أن أنصرف الآن، أخذت صفاء حقيبتها وتبعتها وأنظار عمار معلقة بها وقد عزم علي الحديث مع والدته، هو رجل لا يحب أنصاف الحلول، سيتحدث مع والدته وبعدها سيخبر كريم بنيته ليتوسط له عند مروان لكن ليتخطي عقبة والدته أولا فهو يعلم أن اقناعها لن يكون أمرا سهلا. *********************************** جالسة مع حماتها في شقة الأخيرة يشاهدان إحدى المسلسلات الشهيرة، حملت عنها سميرة عبء إعداد الطعام بترحيب بل وكانت تشعر بفرحة ان ابنها موجود معها دائما ولم تأخذه زوجته بعيدا عنها كما فعلت مرام، دلف عصمت إلي المنزل يلقي عليهم بتحية ثم اتبعها بسؤال ساخر ما إن رأى ما يشاهدوه: هذه الاعادة رقم كم؟ تطلعت له سميرة بغيظ وهي تقول له: إنه مسلسل رائع، كريم علي وصول عندما يصل سأجهز الغذاء. صوت غلق الباب بعنف أجفلهم جميعا، التفتوا فوجدوا كريم يدخل كإعصار، قال له والده بغيظ: هل هذه طريقة لغلق الباب، لقد أفزعتنا. نظرة واحدة إلي وجه ولده أعلمته أن هناك شيء حدث، فملامحه ثائرة غاضبة ويبدو كمن يريد قتل أحدهم، استشعرت سميرة أيضا غضب ابنها فقامت من مكانها بقلق لتقترب منه و تسأله: ماذا حدث حبيبي؟ تجاهل سؤالها ثم سحب سلمى من ذراعها بعنف قائلا: تعالي معي الآن أريدك. شعرت بخوف شديد لم تشعر به من قبل، لأول مرة ترى كريم بهذا الغضب، لا تعرف ماذا حدث، صحيح إنه يتجنبها منذ عدة أيام ولكنهم في الصباح كانوا جيدين ولم تحدث مشكله بينهم، ما الذي حدث وبدله هكذا، سألته بنبرة مرتجفة وهي تثبت أقدامها بالأرض: ماذا هناك كريم؟ لماذا أنت غاضب بهذا الشكل؟ والده أيضا شعر بالخوف فابنه بحال غير طبيعية، خاف أن يؤذيها بفورة غضبه فسحبه للخلف محاولا تهدئته بقوله: ماذا هناك بني؟ هل حدث شيء؟ اهدأ قليلا فكل مشكلة ولها حل. نظر إليها وقد عجز عن التحكم بأعصابه فانفلتت ليصرخ بها: بأي حق تذهبي إليها وتقولي لها كلاما علي لساني لم أقله ولن أقوله يوما، بأي حق تجرحيها وتؤلميها بهذا الشكل، لكن أتعلمين الخطأ خطأي أنا وحدي أنا من .... قبض أبيه علي ذراعه محاولا تهدئته مقاطعا حديثه المنفعل: كريم استعذ بالله من الشيطان واهدأ قليلا، لا تقل شيئا الآن في لحظات غضبك. أما هي ففهمت ما حدث سبتها في أعماقها، فما الداعي لأن تخبره الآن بما حدث ومر عليه أكثر من شهرين، تلك اللعينة بشخصيتها الانطوائية توقعت أن تبتلع الكلام ولا تخبره ولكنها خبيثة، بثواني فكرت وعلمت أن سميرة ستكون بصفها، فعصرت دمعتين من عينيها واقتربت منها تقول بألم: انظري خالتي لما تفعله، إنها تؤلب كريم ضدي وأنا لم أفعل شيئا، إنها تبث سمومها كي تفسد حياتنا. التفتت لابنها تقول له بحنق غاضب: هذه الحرباء لماذا تسمع كلامها وتفسد حياتك، ماذا تريد منك؟ ألم تطلقها وانتهينا منها، لماذا تسمع كلامها إذا، إنها لا تريد سوى خراب بيتك. زعقة من عصمت باسمها دفعتها للإشاحة بيدها وهي تكمل غاضبة: لا أعرف هل سحرت لكم أم ماذا أنتما الاثنان، لا تتحملان كلمة عليها حتى وهي مخطئة، إنها تريد خراب بيت ابنك لماذا تدافع عنها الآن؟ بانفعال قال لها كريم: مرام ليست حرباء، من تدافعين عنها الآن ذهبت إليها قبل طلاقنا تخبرها علي لساني أني أريد الاستمرار معها فقط لانجاب الأولاد وإن قيمتها في حياتي مجرد وعاء لحمل أطفالي التي تعجز هي عن حملهم. هتاف محذر انطلق من عصمت باسم ابنه ينبهه لما يتفوه به والذي يعلم أنه مؤلم لأي أنثي، أما أمه فقد وبخته: وأنت استمعت لكلامها وصدقتها، وحتى لو كانت صادقة لماذا تخبرك الآن بعد كل هذه المدة، إنها تريد هدم حياتك. -أخبرتني لأنها لم تستطع إخفاء حملها أكثر من ذلك. ابتهجت ملامح والده وهو يهنئه بسعادة: مبارك يا بني، أكمل الله حملها علي خير. اندفعت والدته بعصبيتها المعهودة تقول له: تلك الساقطة من أين أتت بهذا الحمل، أنتما منفصلان منذ أكثر من شهرين و..... هذه المرة كانت صرخة من عصمت جعلتها تبتلع باقي كلماتها منتفضة من نظراته الغاضبة وكلامه" سميرة، هل جننتِ؟ ما هذا الذي تتفوهين به" أما كريم فقال لها بغضب: ما هذا الذي تقوليه أمي؟ تعلمين مرام جيدا فكيف تسيئين إليها بهذا الشكل، إنها حامل بالشهر الخامس، عرفت بحملها منذ شهر فقط ولكن زواجي وتوجه بأنظاره إلي سلمي المرتجفة التي صدمت بخبر الحمل، هذا الحمل قد يدفع كريم لإرجاعها لعصمته، تلك اللعينة كانت تخطط لأخذ إياد منها واقناع كريم بذلك وحماتها كانت أكثر من مرحبة بالفكرة، الآن انقلبت جميع خططها، اللعنة عليها، هي لا تثق بكريم إن أعاد تلك الحرباء لعصمته فقد اكتشفت إنها تحتل مكانة كبيرة لديه، مكانة قد يجهلها هو شخصيا، تطلعت إليه بذعر وهي يقترب منها مكملا حديثه الغاضب: وحديثك المسموم معها الذي لا أعرف من أين أتيت به منعاها من إخباري، بأي حق تختلقين هذا الكلام علي لساني، من أعطاك الحق لتجرحيها بهذا الشكل؟ ارتجفت وهي تتراجع للوراء شاعرة بالخوف، هي لم تعنف أبدا من والديها أو زوجها السابق، كان الجميع يدللها ويطلب رضاها والآن هي تختبر للحياة وجهها لم تراه من قبل. لم ترد علي كلامه بل نظرت لحماتها برجاء أن تنقذها مما هي فيه ولكن سميرة شعرت بالذعر هي الأخرى وهي تخشي أن ينكشف تواصلها مع سلمى قبل زواجها من كريم فابتلعت لسانها ولاذت بالصمت، بينما عصمت تذكر كلام صفاء يوم انهيار مرام أن امرأة زارتها في مكتبها فاشتعل هو الآخر غضبا بمشاعر أب كاد يفقد ابنته يومها وصرخ بها: لقد كدنا نفقدها يومها بسبب كلماتك المسمومة، كنت أنت تلك المرأة التي زارتها في المكتب وقالت عنها صفاء. إن كان كريم يشتعل غضبا فهو الآن بركانا يصب حمما حارقة وهو يفهم كلام والده ويتذكر ذلك اليوم وإن الله أنجاها يومها من حادث محقق، وقف والده أمامه يمنعه من أي تهور وهو يقول لسلمي بغضب: اصعدي إلي الأعلي هيا، لا تقفي أمامه وهو بحالته تلك. تسمرت قدماها فصرخ بها بغضب وهو لا يطيق رؤيتها: اصعدي حالا. فرت من أمامهما بذعر تفتح باب الشقة وتصعد جريا لشقتها لتحتمي بها، تنفست الصعداء فور دخولها، أغلقت الباب بإحكام خلفها وجلست خلف الباب لتلتقط أنفاسها، دقائق وطار الخوف وحل محله الغضب والرغبة بالانتقام، كيف يصرخان بها بهذا الشكل، كيف يعنفاها هي وأبيه من أجل تلك الحقيرة، ستترك له البيت حتى تعلمه الأدب، لن تعود حتى يأتيها زحفا متوسلا إليها أن تعود، اتصلت بهاتفها وما إن سمعت صوت سيف حتى قالت بنبرة باكية: سيف أريدك أن تأتي وتأخذني من هنا. أما كريم فكان يدور في الغرفة بغضب ما زال يسكنه، قال له عصمت بتوبيخ: هلا جلست، لقد أدرت رأسي معك، هيا تجهز لنذهب لنبارك لمرام وأنا سأشد أذنها لأنها أخفت عني خبر حملها كل تلك المدة. باستنكار قال له كريم: لقد أخفت عني أنا الآخر. -وهل تقارن نفسك بي يا ولد، فلتخفي عنك ولكن أنا لا. زفر كريم بضيق وهو يقول له: أجلها لغد يا أبي، أنا بحاجة للجلوس معها اليوم وأن أصفي الأمور بيننا. -علام تنوي كريم؟ بدون تفكير رد عليه: علي إعادتها بالطبع لعصمتي، هناك طفل آخر بالطريق ستكون بحاجة إلي أكثر من أي وقت سابق. نظر عصمت لابنه بغيظ وهو يستمع لكلماته ثم قال له بنفس الغيظ: هل هي من بحاجة إليك، مرة واحدة فقط كف عن غبائك هذا وافهم نفسك حتى لا تخسرها للأبد هذه المرة، مرة واحدة شغل عقلك هذا الذي أصابه الصدأ. جلس كريم بإنهاك علي الأريكة مغمضًا عينيه بتعب بدون أن يرد على والده فأكمل والده تقريعه: أتعلم أنا أفكر بأن نذهب للطبيب، بالتأكيد بعد إكمالك الثلاثين حدث شيء لعقلك فأوقف عمله. رفع إلي أبيه عينين حائرتين يسأله: ماذا أفعل إذا أخبرني؟ كيف أتركها وحيدة هكذا أنا لا أنام ليلا من القلق عليها وهي بمفردها مع إياد ولولا وجود مروان قريبا منها ما تركتها أبدا، والآن حمل أنا قلق عليها يا أبي. رفع والده سبابته بتحذير قائلا: إياك والتهور وفعل شيء ضد رغبتها وإلا سأكون أنا من يقف بوجهك هل فهمت؟ -سأتحدث معها فقط اطمئن. سأله عصمت بقرف: وماذا ستفعل مع تلك التي بالأعلى؟ بغضب مازال يتملكه قال له: سأتصل بوالدها، سأطلقها لا أريدها من بعد اليوم. بسخرية قال له عصمت: وتستغني عن حب حياتك يا ولد يا قاسي القلب. لم يرد علي والده بل أخذ مفاتيحه واتجه للباب ليذهب لمرام. بينما التفت عصمت إلي سميرة المنهمكة بحديث هاتفي وتطلب كميات مهولة من الطعام على الهاتف، سألها ما إن أغلقت الهاتف: هل ستدعين البلد كلها عندنا، ما هذا الكميات الضخمة التي تطلبيها. بنزق قالت له: إنها لحفيدي، بالتأكيد هي مشغولة بعملها ولا تهتم بحفيدي، سأجهز لها الطعام وأضعه لها بالمبرد حتى يتغذى الجنين جيدا. ضرب عصمت كفيه ببعض وهو يتحرك من أمامها مغمغا بخفوت: أقسم إنها عائلة من المجانين، لا يوجد منطق لديهم ولا عقل. ******************************************** ما إن فتحت الباب حتى سألها بألم: هل أنا سيء لهذا الحد في نظرك؟ هل أنا حقير لأرسل لك رسائل عن طريقها، كيف صدقتيها مرام. زفرت بارتياح عندما وجدته أمامها، وبخته وهي تغلق الباب خلفه قائلة: هل تعلم كم مرة اتصلت بك؟ ألن تكف عن تهورك هذا! -لماذا صدقتيها مرام؟ قادته لغرفة المعيشة وجلست بمقعد مقابل له وهي تقول له بنبرة راجية: كريم أرجوك لنغلق هذا الموضوع، يؤلمني الحديث فيه. حمد الله إن إياد نائم حتى يتحدث معها بحرية، قام من مكانه يجلس على ركبتيه أمامها قائلا بإصرار: سنتحدث، انظري في عيني مرام، لماذا تهربين من النظر في عيني؟ لماذا صدقتيها مرام؟ هل هناك شيء آخر لم تخبريني به؟ نظرت إليه بعتاب وهي تقول له بانفعال: أتعلم لم صدقتها كريم؟ في البداية لم أصدق، قلت لنفسي أنه من المستحيل أن يفكر بي كريم بهذا الشكل، قلت إنها كاذبة ولكني فوجئت بها تقول لي أنك تبقيني شفقة علي لأنني وحيدة في الحياة وأبي وأمي لفظاني من حياتهما ولا يحباني، كيف تحكي لها أمر كهذا كريم؟ كيف تخبرها بأمر خاص كهذا؟ وتريدني ألا أصدقها! بالطبع سأصدقها فمين أين ستعرف أمر كهذا سوى منك. نظر إليها بصدمة غير مصدقا ما أخبرتها به سلمى، دافع عن نفسه: أقسم لك لم أخبرها بشيء، لم أتحدث معها عنك سوى بكونك وهبتني أجمل أيام عمري، لم أتحدث عنك وعن والديك يوما معها أقسم لك. لمح عدم التصديق علي وجهها فقل لها بانفعال: أنت لا تصدقيني! -من أين ستعرف بأمر كهذا أخبرني. قفز حديث أمه وسلمي بالأمس أمامه، تذكر علاقتهما الوثيقة والألفة التي تعاملا بها في أول زيارة لهما ببيت سلمى، ربط الأحداث ببعضها سريعا ثم قال لها بإقرار: أمي. ثم أضاف بغضب: لا بد إنها أمي، هي من أخبرتها. بدهشة نظرت إليه ثم سألته: والدتك! ولماذا تفعل خالتي سميرة أمر كهذا. أغمض عينيه بألم وهو يشعر بالخيانة من أقرب الناس له، تطلعت إليه مرام وقد أيقنت أنه بالفعل لم يكن هو من أخبرها، فرحة غامرة احتلتها، هي اعتادت على عدم الحب، تأقلمت معه، صحيح تألمت عندما سمعته ولكنها تجاوزت الأمر ولكنها لم تتجاوز أبدا عدم احترامه لها، عدم تقديره لخصوصيتها ونشر أسرارها لحبيبته، نظرته الدونية لها أنها مجرد وعاء لأطفاله، أما الآن فراحة تغمرها وسعادة، تستطيع أن تعيش بدون حب ولكنها لن تستطيع أبدا أن تعيش بدون احترام الناس لها. نادت اسمه بخفوت فرفع عينيه المتألمة نحوها، تلاقت عيناهما ولأول مرة منذ شهور لا يرى نظرة الخذلان في عينيها، رأي عتابا وهي محقة بغضبها منه، كم أراحه هذا وكم يتمني أن يأتي اليوم الذي ستنظر إليه بنظراتها الدافئة دون عتاب، قال لها بأسف: آسف مرام، آسف أنني عرضتك لكل هذا الألم سامحيني. ثم أردف بلهفة: لقد رأيت أني مظلوم بهذا الأمر بنفسك، ألم يحن وقت العودة لحياتنا معا، لقد اشتقت إليك مرام. صمتت لحظات قبل أن تجيبه بهدوء: لن أكذب وأقول لك أن معرفتي بحقيقة الأمر لم تسعدني ولكن هذا لن يغير من حقيقة وضعنا شيئا، كنت طلبت الطلاق منك قبل مجيئها، مجيئها فقط سرع بالأمر، رجاء كريم لا تفتح هذا الموضوع معي مرة أخرى أنا أقلمت نفسي فحاول ان تأقلم نفسك أنت الآخر. ظهر الاحباط علي وجهه من ردها ولكنه لم يستسلم فعاود الحديث: أخبريني ما يرضيك وسأفعله فقط لنعود لبعضنا، أريد أن أكون بجوارك مرام و بجوار ابني، أريد أن أعود لهذا البيت مرام ولن أقبل سوى بهذا. -أنت موجود دائما هنا كريم، موجود بجوار إياد وستكون بجوار المولود عندما يأتي، بيننا الآن طفلين وهي علاقة ستستمر معنا طوال حياتنا، سنراعيهم معا ونتناقش من أجلهم كثيرا، سنوفر لهم بيئة صحية ولن نشعرهم أبدا بطلاقنا، سنبقي شركاء وأصدقاء وستبقي بيننا ذكريات ست سنوات كاملة هي الأروع بحياتي، ولكن قصتنا أنا وأنت انتهت، لم يعد هناك مرام وكريم بل أصبح هناك والدي إياد والمولود القادم. لم يرد عليها بكلمات هذه المرة بل بنظرات كلها وعد، كان يردد بأعماقه وعد قطعه علي نفسه" كان هناك وسيظل مرام وكريم، لم تنتهي حكايتنا مرام ويوما ما ستعودي إلي وهذا اليوم سيكون قريبا للغاية" انتهي الفصل أتمني تشاركوني آرائكم بالفصل، دمتم بخير🌹🌹🌹🌹🌹🌹 | ||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
626Likes
العرض العادي
