آخر 10 مشاركات
لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )           »          284 - أنت الثمن - هيلين بيانش _ حلوة قوى قوى (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          275 - قصر النار - إيما دارسي (الكاتـب : عنووود - )           »          269 - قطار النسيان - آن ميثر (الكاتـب : عنووود - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree27Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-01-21, 09:55 PM   #1

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
Rewitysmile10 أحضان دافئة * مكتملة *


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعضار وزوار منتدى روايتي الغالي....
طال غيابي عن المنتدى وطال اشتياقي لكم ولوجودكم بين أروقة صفحات منتدانا الأدبي عامة وصفحات حروفي خاااصة ،لكني أبيت ألا أعودكم إليكم إلا بحروف ومشاعر نابعة عن وجود حقيقي لقلوب تألمت وعاشت واقعًا قاسيًا ربما تعايش معه الكثير...
"أحضـــــــــــــــانٌ دافئة "
هي قصة واقعية بأحداث حقيقيـــــــــــة سردها لي أحد من عاشوها وعايشوا ألمها وحرقة ماذاقوه فيها..
فقررت أن أكتبها لكم بأسلوب جاهدت آملة أن يرقى لطيب إحساسكم وصدق قلوبٍ اعتصرتها تلك
الأحضان.....
إليكم.........أحضان دافئة .....بفصول خمسة وتنزيل متتابع ليوم واحد...متمنية أن تنال استحسانكم...
ودمتم بحفظ الرحمن وعونه ...

النوفيلا حصرية لشبكة روايتي الثقافية

عشق الياسمين.





روابط الفصول

الفصول 1, 2, 3,4, 5, الخاتمة .. بالأسفل




استارشا likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 16-01-21 الساعة 12:15 AM
عشق الياسمين غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى ...ترنيمة الفجر...




رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 09:59 PM   #2

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

" الأحضان الدافئة "
*...................*
الفصل الأول
ترجّلتُ من السيارة ببطٍء وعيناي ترتفعان تدريجيًا الى حيث تلك البوابة العريضة الممتدة في طرف الشارع الرئيسي، والى وتلك الأسوار الحديدية العالية أمامي والتي قد تجلس خلفها حلمي المنتظر..... الكثير من السيارات يتوقفن هنا، والكثير من النساء يتحركن باتجاهها ويدخلن بتبختر وهمساتهن المتسمة بالسرور صارت ترتفع لتصلني مع روائح العطور الفاخرة التي أخذت تزكم أنفي، بينما أنا....
مازلت واقفة بجمودٍ... أحاول ضبط هدير أنفاسي المتعالي، ومواراة الجنون العاصف بقلبي الصغير وبكل ذكرياتي المكنونة بداخله..
"هيا يا عزيزتي...علينا أن ندخل "
همست لي عمتي مقتربة مني بعدما أشارت للحراسة بالابتعاد وركن السيارة بعيدا...ثم أردفت قائلة :
"عليك ان تكوني قوية في هذا اليوم "
وقفتْ بجانبي وهي تضع كفها على ذراعي معطية لي جرعة من القوة والصبر الذي افتقدهما في هذه اللحظة...فحاولت اغتصاب ابتسامة مرتجفة من شفتي ومختلجة بمشاعر عاصفة يغلبها الخوف ...ذلك الخوف الذي يسري في عروقي مع الدم المنتفض من قلبي حاملا كل الهواجس والتساؤلات عن كيفية تلك اللحظات القادمة...!
ترى كيف هي....؟
وكيف يبدوا شكلها الآن..؟
هل ستعرفني ؟
هل ستشعر بي.....وهل ستدرك حقيقتي.....؟
وهل ستسعد لرؤيتي..؟؟؟
يا الهي....!!
أعطني القوة والصبر لأكون قوية وأراها من بعيد دون أن أفقد السيطرة على كل مشاعري الموءودة في صدري لأكثر من عشر سنوات...
" ريحانه.....اتفقنا على أن نراها من بعيٍد ،وبدون أن تشعر بنا ...فتماسكي وكوني قوية كما عهدتك يا ابنتي "
تنهدت مغتصة بدمع مُرّ يتكور بحلقي وصدري المُثقل بمشاعرٍ هي اكثر من تدركها!
فهي من ربتني واعتنت بي منذ ان كان عمري ست سنوات في محاولة لاحتواء ذلك الاحساس المؤلم بالفقد لأمي ..وهي من عايشت ألمي وأحست به....ووقفت دائما بجواري
بل هي من لها الفضل بعد الله لآتي إلی هنا وأراها.
وها أنا الآن أرى اختلاجات قلبها وارتجافة حدقتيها لما يحدث معي ،ولما سنقدم عليه من عمل وبدون علم أخيها...
أخيها......ذلك الرجل الذي فُرض علي أن أحمل اسمه وأناديه ب.....أبي.!
أبي !!!
وياله من اب ؟!!!
"ريحانه......اتسمعينني...؟
هل انت قادرة على الثبات عند رؤيتها ... أم تراجعنا وعدنا أدراجنا الان ؟"
أغمضت عيني بشدةٍ أردم نيران مشاعري المضطربة وأنا أشعر بأن صدري منذ الان يكاد ينفجر بأحزاني وكل اشتياقي لها ثم فتحت عيني راسمة على وجهي ابتسامة خادعة ترتجف كحالي وانا أقول:
" لا تقلقي يا عمتي ...سأكون قوية ولن ....لن أدعها تشعر بوجودي حتى "
ثم أردفت بابتسامة اشد اتساعا:
"سأكون بخير .....وسأراها من بعيد ثم.. ...نرحل "
وتقدمت أمامها بخطوات متسعة نحو تلك البوابة أمسك بكفي المرتعشة أسوارها الحديدية الباردة المضاهية لبرودة أطرافي وأتقدم بخطواتي حتی رأيت أحد الحراس الخاص بالقاعة يتقدم نحوي قائلا بكل احترام ورسمية:
"عفوا انستي الصغيرة... أرجوا منك ابراز الدعوة "
فاقتربت عمتي منه مبتسمة له وهي تدخل كفها لحقيبتها مبرزة دعوة الزفاف فأشار لنا بابتسامة رسمية سامحا لنا بالدخول إلى القاعة الخاصة بالزفاف...
وما أن خطوت أولى خطواتي على أرضية الدرج الرخامية المتناسقة في ألوانها وتصميمها حتى تناهى لمسمعي دوي مكبرات الصوات المرتجة بأناشيد الفرح والزفاف البهيج.....فشهقت بعمق مواصلة لخطواتي وأنا ألتهم المسافات مع خوفي التهاما حتى أصبحت في الداخل.. ...
حيث سأرى حلمي ....وأملي.....وروح قلبي..
حيثُ
أمي..!
٭٭٭٭٭٬٬٬٬٬٬٬٬٭٭٭٭٭٭٭٭
الأناشيد ترتج في كل أرجاء القاعة وصداها تضرب ببقية الأصوات عني عدى عن صوت ارتجاج نبضاتي الذي أصم أذني ....صوت يدوي ويضرب قلبي كلما تخيلت بأني سأراها وسأسمع صوتها الحاني...
نعم.....فصوت أمي مازال باق في مسمعي ...يطرب قلبي ويسعده بلحن دافئ حنون عاطفي استرجعه في كل لحظة حزن تغمرني وانا بعيدة عنها...
" ريحانه.....ريحانتي... يا وردتي الغالية... ويا فرحة عمري وأيامي ....تعالي إلي يا نور قلبي واغمريني بقبلة كالسكر من شفتيك ...تعالي واسكني في أحضان أمك المشتاقة إليك يا صغيرتي.."
تنهدت تنهيدة ألم مريرة لصوت رافق ذكريات جميلة حفرت في مخيلتي وانا ربما بعمر الخمس سنوات .
أتذكرها وأتذكر ملامح ضبابية لأمي وهي تدخل للبيت بابتسامة مشرقة ... فاتحة ذراعيها وأحضانها لي ....تناديني بكلماتها الرقيقة وتبتسم لي فأجري نحوها وأقفز إلی أحضانها بفرح وسعادة لتغمرني بدفئه وحبها الخالد ....
وما أجملها من ذكرى!
ذكرى جعلت احاسيسي تستعر في قلبي وتناجيها بلوعة وبسر:
"أمي .......أنا من أتيت هذه المرة إليك....وأنا هي المشتاقة بجنون لأحضانك ...وأنا هي من تريد أن تغمريها بقبلاتك وحبك ..فهل سأستطيع ذلك.....؟
وهل سأتحمل أن أحرم مما أتمناه...؟
وأن أبقى بعيدة عنك وأنا.....أنا من ظللت أحتضن ألمي واشتياقي بذراعي الخاويتين متخيلة احتضانك وصدرك الدافئ لزمن طويل ؟
أمي....أتسمعينني.....؟
أرجوك...كوني هنا...لأجلي....لأجلي ....أرجوك "
"صغيرتي....دعينا نخلع عبائتنا ونتظاهر بأننا نتزين...هيا ...فأنا لا أرغب بأن نثير شكوك اي أحد في القاعة ."
"حسنا "
قلتها بخفوت ثم أخذت أخلع عباءتي وأطويها لأضعها مع عمتي ،و اتجهت ناحية المرايا العريضة المتراصة بجوار بعضها على الجدران شارعة بتسريح شعري العسلي بمشط صغير اخرجته من حقيبتي الصغيرة .
أمرر مشطي علی شعري وأنا ابتلع وجعي المحترق وأقاوم رغبة عارمة في البكاء تتملكني الان... فها هي عيناي ترتجفان بشدة كقلبي وأنا أحدق فيمن خلفي من النساء القادمات باحثة عنها بوجهها الضبابي الذي لا اذكر منه الا ابتسامتها ...!
فذاك المدعو بأبي قد حرمني من الاحتفاظ بصورة لها كما حرمني من رؤيتها، بل حتى من نطق اسمها أو ذكرها أمامه...
كله كان محرما..
وارتكاب أي منهم يعد جريمة أستحق عليها العقاب..
وأي عقاب !!
عقاب لا ينتهي الا بدموع جارية وندوب دامية لعصا تخط طريقها المعتاد على كفي...

" اهلا أهلا بآل بيت الهدار....شرفتنا بحضورك سيدة ندى "
أفقت من شرودي على صوت سيدة تقترب منا...وعمتي بالذات تحييها بحبور وهي تحتضنها ..
"الشرف لنا سيدة مريم....فنحن في شوق عارم لحضور حفلتكم ورؤية زوجة ابنكم.... عروستكم الجميلة "
فردت بنبرة يظهر فيها التعالي وعدم الرضا :
"اه يا عزيزتي ...انا أكثر انسانة تمنت رؤية هذا اليوم ولكم تعبت في ذلك ،ولكم بذلت في سبيل ذلك الكثير ،لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن !
فإصرار ولدي على الزواج بهذه ........الفتاة القروية حطم كل أمالي ...ولولا عناده الذي أعرفه لما كنت قبلت بأن تكون هذه العروس كنتي أبدًا "
فقالت عمتي وهي تنقل نظراتها المرتبكة بيني وبين تلك السيدة :
"لا تقولي هكذا ....فكما سمعت بأن تلك القروية فاتنة الجمال وقد اكملت تعليمها الثانوي ايضا...وستدرس الجامعة بعد زواجها "
ثم أردفت بابتسامة بسيطة :
"والاهم ان أبنك قد أحبها وأختارها على الجميع "
فقالت الاخرى هامسة بخفوت طغى على ملامحها :
" وهذه هي المصيبة "
ثم أردفت بصوت مسموع وبابتسامةٍ مجاملة متداركة الامر :
"حسنا ...دعينا من الحديث عنها وأخبريني الان عن هذه الحورية الصغيرة...من تكون؟
فأنا أعرف ....بأنك ......لم تتزوجي بعد !!"
انقبضت ملامح وجهي باستياء وأنا لا أدري أيهم أشد وقعا على نفسي..أهو سخريتها واستهزائها بتلك العروس التي لا تكون الا ابنة خالي !
أم سخريتها المبطنة لعمتي وهي تذكرها بأنها لم تتزوج؟ !
فقررت أن أرد عليها بحدة وبنفس أسلوبها الساخر لكن عمتي الحبيبة كانت الاسرع إليها حيث قالت متجاهلة سخريتها :
" تلك الحورية هي ابنت اخي الكبرى ....ريحانه......وهي...وهي كابنة لي....بل هي ابنتي التي احبها"
نظراتها الحانية ونبرتها المهموسة بالحب حركت فؤادي نحوها فرمشت بعيني مرارا لأمنع دموعاً تكاد تنهمر بكل مرار ثم تحدثت بصوتٍ متهدج وأنا أُحتضنها من كتفها المجاور لي قائلة بصدق و الواقفة امامنا تنظر باستعلاء..
"وأنت كذلك يا عمتي .....أحبك جدا "
فضحكت تلك السيدة متعالية بتشدق أمقته :
"ياللا المشاعر الجياشة .....حقا قد أثرتما عواطفي..........وابنت من من بين زوجات الهدار ؟ "
عند هذه اللحظة...وتلك الكلمات شعرت بصقيع يجمدني ويفقدني حتى القدرة على التفكير ...فإن عرفت من تكون أمي فقد ينكشف أمرنا قبل اللقاء ،ولولا سرعة رد عمتي لكان حدث أمرا لا تحمد عقباه..
"اوه.....لا عليك من والدتها فنساء الهدار كثر وذكرهن يصيبني بالصداع لا غير"
وضحكت بقوة لتجاري ضحكاتها وتعاليها الى ان قالت باسمة وموجهة الكلام لي:
"معك حق ....لكن على الاقل لابد ان والدتها سيدة من سيدات المجتمع الراقي ....وليست قروية كعروستنا....ولو كان الامر بيدي ورأيتك من قبل كنت حاولت مجددا ان تكوني زوجة لابني الوحيد..."
فهمست بسري ساخرة من كلامها :
"لا اظن ذلك.....!"
فأردفت مودعة ومغادرة :
"والان اعذراني فعلي ان استقبل بقية الضيوف.....استمتعا بالحفله ....وطابت اوقاتكما "
انبثقت مني ابتسامة تشوبها المرارة وهمست وانا اراها تبتعد عنا ساحبة خلفها ذيل فستانها الأسود الطويل كلسانها لتستقبل نساء اخريات وتستمر بنفس الدور :
"تری كيف سيكون حديثها معي ان عرفت بحقيقة أمي وبأني ابنت فلاحة بسيطة.... لا غير .."
فردت عمتي بضحكة خفيفة ..
"بالتأكيد شيء آآآخر....ولا أرغب برؤية ذلك، وأحمد الله على عدم معرفتها بشيء ،وعلى ان اليوم هو حفل زفاف ابنها.....فالويل لمن ستصبح هذه المرأة حماتها....والويل لابنت خالتك منها يا صغيرتي "
فبادلتها الضحكة بفتور ثم عدت لما كنت عليه....أتلاعب بشعري وأنظر للمرآة بترصد وترقب وعيناي تتأرجحان في مقلتي تبحثان عنها في انعكاس المرايا حتى ضاق قلبي من طول انتظاره فهتفت بلا صبر ملتفة نحوها :
" عمتي...هل حقًا ستحضر أمي الزفاف...؟؟
وهل سأراها اليوم ؟ "
فاستدارت نحوي تناظرني لثواني بصمت والتأثر لحالي بات جليا في دموع شرعت تتكور في مقلتيها ببطء ...حتى اختفت وتلاشت تحت اجفانها بعد أن أطبقتهما وهي تقترب محتضنة لي بهدوء وهامسة لي بعطف بالغ في أذني :
"نعم ...ستحضر .....وسترينها يا قلب عمتك.....فاهدئي قليلا وكوني صبورة....."
ففاضت عيناي بالدمع معلنة العصيان مع نبضات قلبي المتسارعة في جنونها الهمجي لتتابع عمتي لحنها الحاني وهي ترخي ذراعيها ووجهها عني لتواجهني وتمد كفها لوجهي تمسح دموع تنحدر على خدي بلا هوادة :
"أعلم مدى اشتياقك لها...ورغبتك الكبيرة في احتضانها والبكاء على صدرها يا صغيرتي.....لكن ...تعرفين أن هذا الأمر ....صعب ...و إن ....إن بقيت على هذا الحال وانهرت فستكون النهاية مؤلمة لنا...وخصوصا أن اغلب المدعوين هنا يعرفوننا شخصيا...ونحن لا نريد لوالدك أن يعرف.... بأننا أتينا بك الى هنا لرؤية امك....هل تفهمين يا روح عمتك...؟
أتدركين جدية الامر ...؟؟
ثم لا تنسي بأنك وعدتني بأنك سترينها عن بعد فقط...وهذا لمصلحتك قبل كل شيء ."
فعاودت القوة مدعية وأنا امسح وجهي والتقط أنفاساً عميقة خانقة لدموع قد تضعفني ثم قلت :
" وأنا .....سأفي بوعدي لك يا عمتي ....حقا .....ولن أسبب الأذى لأحد"
عبست ملامحها وتغضن جبينها وهي تقول بحرقة
" أنا أسفة لأجلك كثيرا..وأعرف أن هذا الأمر سيكون صعبا عليك وقد يؤلمك كثيرًا ،لكن...صدقيني هذا أقصى ما نستطيع فعله !
والان اكملي زينتك وأنا سأذهب لاتقصى عن حضور
والدتك...هيا يا صغيرتي الفاتنه ...هيا "
ثم تركتني بابتسامة واتجهت للداخل متجولة في أرجاء القاعة تتجاذب الحديث المتباين مع بعض السيدات اللاتي لهن علاقة بالزفاف وبقيت لوحدي أمام المرآة ساهمة ضائعة أسرح شعري المنسدل بحرية على ظهري وعيناي المشتاقتان مازالتا تبحثان عنها .
وللحظات ظللت على تلك الحالة اراقب النساء وهن يتوافدن بكثرة في أبهى حلة وأجمل زينة...والكثير منهن...الكثير..... برفقة فتيات شابات بعمر الورد...وبعمري..
أنهن بناتهن..!
على الاغلب !
ولكم تبدو السعادة جلية على وجههن..
ربما......ربما لو عشت مع أمي لكنت أرافقها في كل زيارة لها، ولكنت وقفت أمامها الان..... لتسرح لي شعري بلمساتها الحانية وهمساتها كما يحدث أمامي...
لكم هن محظوظات....
وكم كان القدر كريم معهن....!
فهل يدركن ذلك..؟
وهل يعرفن بعظمة النعمة التي يعشنها..؟!!
لا أظن ذلك...!
ولن تدرك ذلك إلا من عاشت نفس الوجع ونفس الذكريات المؤلمة...
فتلك الذكرى مازالت بعقلي مذ كنت طفلة صغيرة لم تكمل الخمس سنوات...
(( ذكرى طفلة تجلس أمام والدتها الحبيبة لتمشط لها شعرها كما تحب وكما تفعل والدتها دائما...السعادة والفرح يملأ ن قلبها الصغير وأمها الحبيبة تسرحه لمرة ثانية وثالثة في نفس ذلك اليوم...وككل مرة كانت والدتها تنظر لها بابتسامة ضاحكة ينشرح لها صدرا الصغير ويشعرها بالأمان ......لكن ..وفي تلك المرة وعندما التفت الطفلة لترى الابتسامة في وجه أمها ...لم ترها ولم تشعر بالأمان....بل رأت سيلا من الدموع الغزيرة على وجهها الحزين..
والخوف من مجهول قادم يزحف من عينيها ...
وكأن خنجرا حادا غرس في قلب تلك الطفلة ليشطره لنصفين وهي ترى لأول مرة دموعها....
فارتمت بأحضانها وهي تتساءل عن سبب حزنها بينما والدتها تسرع لتضمها الى احضانها بقوة مقبلة رأسها ثم وجهها بقبلات متلاحقة وممتزجة بدموعها الساخنة...
ثم تقول لها بشهيق متفجر من صدرها...
"احبك يا ابنتي...احبك يا حبيبتي وبلسم روحي....احبك واحب كل هذا الحب والحنان الذي في قلبك....احبك يا ريحانتي... فانت حياتي وشمعة قلبي....انت روحي وفؤادي....انت.....انت ابنتي....ابنتي انا...ابنتي يا ريحانه
ولن اسمح لأحد بأن يبعدك عني....لن اسمح لهم...ابدا...ابدا "))
كلماتها المتهدجة كانت تحرقها وتخيفها...تبعث في داخلها رجفة غريبة اثارت كل مشاعرها لتبكي في أحضانها غير مدركة لما حدث..ولما هو ات
وكل ما تتذكره هو الغرق في أحضانها باكية كحالها الى إن شعرت بأيادي غليظة تمتد نحوها لتبعدها عن والدتها...
ولتحرمها من تلك الاحضان الدافئة وذاك الصدر الحنون..
صراخ والدتها ومحاولتها بابقائها في صدرها رافقه صراخ متعدد لأناس كثر كانوا من حولهما..
لكن اقواها ....كان لذلك الصوت الجهوري الذي امتد إليهما بيدين قويتين ظالمتين لينتزعها من ذراعيها الصغيرة عنوة غير ابه بمحاولات الجميع لاقناع والداتها بتسليمها برضا واقتناع وفقا لحكم شيوخ القبيلة...
صراخها المحترق باسمها....وعيناها العاصفتان بالألم ...ويداها العالقتان في الهواء وهم يمسكون بها كما يفعلون بطفلتها ذكرى قاسية جدًا..
بل الذكرى الأكثر إيلاما لقلبها الصغير .....الذكرى التي اختزنتها لسنوات أليمة حفرت في قلبها .. كأقسى لحظة وداع فرّقت انسان عن اخر... فراق طفلة عن أمها ...
أصابها حالة من الجنون والبكاء الهستيري لوقت طويل حتى أعياها التعب والحزن وفقدت القدرة على البكاء حتى ...
ولم تستفق من حالتها تلك .. إلا عندما وجدت نفسها في بيت كبير وغريب عنها...
فيه أناس كثر تعرفهم ولا تعرفهم... يقتربون منها ويبتسمون لها.....يغرقونها بأحضانهم .....وكلماتهم وهي تائهة...... ....ضائعة ....خائفة تبحث عن والدتها بينهم ...... عن ابتسامتها هي....وعن احضانها هي...وعن تلك العينان الحانيتان..
لكن...... لا تجدها...!
ولم ............تجدها لأيام طويلة ........!
ولن تجدها أبدا....كما كان دائما يقول لها والدها في وجهها صارخا ...ساخطا .....غير ابٍه بقلب طفلة حطموه لحظة أن أبعدوها عن عالمها الآمن....))
.
.
.

" ريحانه... ريحانه......صغيرتي....أتيتك بالخبر اليقين... لقد عرفت بأن والدتك هي مرافقة مع العروس كونها خالتها.... وهما لم يصلا حتى هذه اللحظة "
أشرقت الابتسامة في وجهي وتهللت نبضاتي فرحا لمعرفتي بوجود أمي سرعان ما تبدلت تلك الابتسامة المشرقة الى ابتسامة شاحبة .... ذابلة....تلاشت من وخزات حادة ضربت قلبي بقسوة وأنا أدرك بأنها..... مرافقة للعروس !
مرافقة لابنة خالتي !
ألم يكن من الواجب لو كانت برفقتي أنا....ابنتها !
أليس هذا حقي؟
حقي الذي سلبوني إياه؟!!
يالا السخرية...!
فتنهدت بحرقة جمر الانتظار والألم النابع من وحدتي لسنوات وامي بعيدة عني لتهمس عمتي ممسكة بيدي ومدركة لحرقتي:..
"هوني عليك يا صغيرتي... ودعينا ندخل لنجلس الى احدى الطاولات حتى تأتي ...هيا ولا تأخذي الامر بحساسية ...فالمهم أننا سنراها اليوم......أليس كذلك؟ "
وتحركت خلفها بجسد هائمة روحه وعينان غائمتان حزينتان وبال مشغول لا يفكر الا في لحظة اللقاء المنتظر .....
*...................*

استارشا likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى ...ترنيمة الفجر...




رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 10:03 PM   #3

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

( الفصل الثاني )

مرت قرابة الساعة وأنا جالسة بْآضطُرآبْ گبْرگآن ثـآئرْ يَغلُيَ ۆلُآ آحٍدِ يَشُعر بْثْۆرآنْ? آلُخـآمدِ فَيَ دِآخـلُ?....
قلُبْيَ يَحٍصٍيَ الدقائق واحدة تلو الأخرى للقائهّآ...وساقي يهتزان بلا ارادة مني ويداي تتلاعبان بكأس العصير الساكن بينهما...
بينما عيناي ترصـدان كل مـا يدور مـن حـولي...
ضحكات وهمسات غير مسموعة من دوي الأنغام المتعالية ...
والعديد من الفتيات اللاتي يتراقصن ويتمايلن أمامي على ألحان الفرح...
البهجة تغمر ملامحهن والحياة تبدو مشرقة في أعينهن الضاحكة وكأن لاهم لهن في هذه الحياة...
وهناك... على بعد طاولتين مني ...تجلس امرأة تبدو في منتصف عمرها ...تهمس بابتسامة جميلة لابنتها وبكلمات لا اسمعها .......
تعدل من مظهر ثياب ابنتها وغرة شعرها ثم تمسك بيدها لتنهض....
لربما تريدها أن ترقص..
نعم.........!
فها هي تتجه لمنتصف القاعة شارعة بالرقص والتغنج على الأنغام العالية ضاحكة بوجهها لأمها ملبية رغبتها...
ربما....!
فأمها تصفق بحبور وابتسامتها قد ملأت تقاسيم وجهها الحانية....
تری....لو كنت عشت في كنف أمي فهل كانت ستعاملني بكل هذه الرقة والدلال..؟؟
أو كانت ستبتسم لي بهذا الحنان؟
يا الهي....!
يبدو أني قد صرت انظر الى الجميع بعين الحسد..
فارحمني يا ألهي.... !
ارجوك ارحمني واجمعني بأمي عاجلًا غير اجلٍ....فقلبي قد ضاق ..... ضاق حقًا بكل ما يعتريه ...
ولم يعد يحتمل الفراق ....
فأنت الوحيد الذي تعرف بوجعي ومدى اشتياقي، وتدرك بأني انتظر هذا اللقاء منذ سنوات طويلة...منذ اللحظة التي أبعدوني فيها عنها...
.
.
"ريحانه....صغيرتي...فيما شردت؟ "
تنبهت لصوت عمتي وكفها الذي يهز كفي بقلق فزفرت محررة وجعي وقلت بتنهد بائس قد أضناني..
"ومن عداها......؟!
.
.
أمي.....الانسانة الوحيدة التي انتظرها لسنوات مرت علي كدهر......بينما هي....هي..... ربما لا تذكرني حتى"
-"ما هذا الهراء الذي تقولينه؟!"
ابتلعت غصص الالم المتكورة في حلقي وأكملت بث ألمي لها وعيناي تترصدان ملامحي المنعكسة والصارخة بالألم في حمرة ذلك العصير المتأرجح بين يدي:
"ليس هراءً يا عمتي ...بل هي الحقيقية....والحقيقة التي احاول تجاهلها ومنذ زمنالحقيقة التي واجهني بها أبي مرارا......أمي قد تخلت عنا....تركتني أنا وأخي واختارت حريتها..... على أن تبقى معنا....."
والتفت نحوها هاتفة و ناظرة بحدة تتكسر امام بؤسها اعتى القلوب:
"اليست هذه هي الحقيقة يا عمتي....؟
أليس هذا ما تنكرينه دائما.....؟
الم تتركنا امي....الم تتخلى عنا....الم تطلب خلعها من ابي وحياتنا لأجل حريتها...؟؟؟؟؟؟؟"

لم تجب ولم تنبس بحرف واحد فأردفت متسائلة بحرقة ممسكة بكفيها وناظرة اليها بتوسل لتجيبني:
"ارجوك عمتي....اخبريني على الاقل ما هو السبب القوي الذي جعل امي تخلع أبي أمام كل الناس وأمام وجهاء العشائر وتتخلى عنا؟
ارجوك يا عمتي..؟
اصبحت في السادسة عشر من عمري واظن انه من حقي ان اعرف الحقيقة....ثم.... ثم أنا لا أصدق ما قاله ابي عنها...وبأنها تركتنا...... لأجل ....لأجل حبيبها..... ابن عمها الذي لم تتزوجه حتى ...ورفضته كما رفضت غيره بعد ابي كما اخبرتني انت.... ارجوك عمتي...... ارجوك "
سحبت كفها من بين يدي هاربة بها وبوجهها ونظراتها بعيدا عني للحظات جعلتني استسلم واصمت........ حتى قالت وهي على حالها من الهروب:
"صدقيني.... والدك........والدك هو ...السبب لا غير.."
ثم التفتت نحوي بتردد وبعيون تتلألا بمشاعر منكسرة اقرب وهي تكمل ..
"منذ اللحظة التي رفضت به خطبته امام الجميع وهي قد صارت هدفه المنشود وغايته الاولى في الحياة...
الزواج من ليلى السالمي وكسرها واذلالها امامه.
وامام كل الناس..
فكيف تتجرأ تلك الفتاة القروية على رفضه وهو عامر الهدار..... من اكبر العائلات نسبا وفخرا في المدينه....بل من أكابر رجال الدولة المعروفين.
الا يكفيها شرفا بأنه يريدها كزوجة له....رغم فقرها وجهلها...ونسبها البسيط؟!!!! "
وتنهدت بقنوط قبل ان تتناول كأسها وترفعه لتدلق بما فيه الى جوفها دفعة واحدة ثم تقول بنبرة بائسة واضعة للكأس علی الطاولة:
"هكذا كان تفكيره يا صغيرتي....وهكذا كانت البداية...اعجاب ثم عناد....ثم اذلال ومهانة...والم
بسلطة والدك ونفوذه القوية استطاع ان يضغط على اسرة امك ليوافقوا على تزويجه بها...
وطبعًا كانت الورقة الرابحة اراضيهم الزراعية، وهي جل ما يملكونه وأكثر ما يخافون من فقدانه....
ورضخت امك لطلب الزواج....وتخلت عن حبها لابن عمها...أحمد السالمي والذي كان خطيبها منذ الطفولة... وتزوجت بأبيك لترضي والدها الحبيب وأخوتها....."
-"وبعد........ما الذي حدث يا عمتي..؟"
سحبت نفسا عميقا وأردفت:
"اه يا عزيزتي....ما حدث........ كان مؤلمًا للغايه....فقد تم الزواج بسرعة ورحل ابيك بأمك الى المدينة عروسا في ابهى حلة...عروسا تحترق بألمها وبصمت قاتل... وعندما دخلا القصر كان.... كان الجميع بانتظارهم ليستقبلا عروس العائلة المجيدة...وزوجة الابن الوحيد...
وياله من استقبال...!!!!!!
استقبال مقيت مازال محفورا في ذاكرتي حتى الان..
فما أن وصلا حتى تكدرت وجوه الجميع....لرؤية تلك العروس الواقفة بينهم وحيدة بلا حام لها ولا صاحب ..
منهم الرافض لنسبها... ومنهم الساخط لفقرها، ومنهم الضعيف الذي كان يرحم ضعفها وضعفه قبلها.....
اما زوجها .....أخي ...فقد انضم اليهم ليتوسطهم وهو يرمقها بنظراته الماكرة وبكل غروره وعتوه قال لها..
"مرحبا بك.... يا جاريتي الغالية في بيت سيدك الكبير أو......... سجنك الكبير!!!!! "
كلماته ألجمتنا كما ألجمت لسان أمك وجمّدت قدميها مكانها وهي تسمعه وتشهده يجلس على كرسيه المذهب ويكمل:
"هيا...تعالي وقدمي فروض الولاء والطاعة لي ولأفراد أسرتي بأكملها....هيا..... واقتربي لتقبلي قدم سيدك الجديد.....سيدك.. وسجانك.. وزوجك الذي رفضته بلا ادنى اهتمام لكرامته التي اهدرتها امام الحاضرين....هيا يا عزيزتي....فلا تخجلي فلا احد هنا غير اهلي....وهم سيصبحون بمثابة اهلك....هيا......ولا داع لهذا الجمود"
اكفهرت عيناها و احتدم وجهها باهتياجٍ ساخط وغير مصدق لما يأمرها به أو لما تسمعه منه...وكأنها.....كأنها كانت فعلا جارية...!
جارية....سجينة في قصره!!!
وما زاد ألمها وذهولها ما اردف به قائلا بسخرية..
("امامك خياران لا غير ....إما ان تنحني وتقبلي قدمي امام الجميع أو.....")
_أو...ماذا يا عمتي؟
قلتها متنهدة بحرقة وخوف من قادم أخشاه
(أو....... سيطلقها في نفس الليلة وبعد......بعد أن يأخذ حقه الشرعي منها !!!!)
وتعرفين يا ابنتي معنى ان تتطلق المرأة في ليلة زفافها!
العار.......العار لا غير
ولا استطيع أن أصف لك شعور والدتك في تلك اللحظة ... فوجهها صار شاحبًا متزلزلً الملامح والمشاعر أمامنا قبل أن تختار ويبتلعها القهر الى باطن الجحيم المنتظر "
تفجرت عيناي بالدهشة والألم وأنا أتخيل موقف أمي واحساسها وهي تذل امام الجميع وتهدد فهمست بألم يعتصر وجداني قبل لساني :
"وبعد ؟"
فقالت وهي تحاول امساك دموع تتجمع في عينيها:
"حاولنا مغادرة الصالة والابتعاد عن ذلك الجنون ..لكنه صرخ بنا موقفا اي اعتراضٍ وإن كان حتى مجرد اعتراض صامت...!
أما هو فأصر على موقفه....وكان فعلا جاد في ذلك...ووالدتك كانت في غنا عن فضيحة قد تقتل اباها واسرتها وتلطخ شرفها مدى العمر بعار هي بريئة منه.."
فنهضت هاتفة بلاشعور ..
"مستحيل...لا يمكن لأمي ان..".
-"بلى يا صغيرتي..... بلى.... امك فعلتها...ولأجل الجميع...انحنت امامنا ...وجثت امام قدمه بفستانها الابيض...لتقبل قدمه وتقبل اذلاله لها وتعلن انكسارها وانتصاره بانسياب دمعتان ثقيلتان علی وجهها اختلطتا بسواد كحل اقرب ما يكون كليلتها المنتظرة"
جن قلبي وفقدت القدرة على التفكير مما سمعته منها فهتفت بقهر بعمتي غير ابهة بمن حولي:
_"واين كنت يا عمتي؟
اين كنت؟
لم لم تدافعي عنها؟
لم لم تمنعيه....؟

لم لم تحمها ؟؟؟"
أخفضت وجهها وانسابت الدموع منها كطفل ارتكب ذنب ويبكي ندمه ،بينما أنا لم أع لنفسي ....ولم أدرك للدموع التي أخذت تقفز من عيني قفزا ، فأوصالي صارت ترتجف ارتجافا ، و قلبي يكاد يكسر ضلوعي من شدة نبضاته الصارخة بالألم والغضب، فجلست بانهاك واستسلام وانا اكثر من تدرك أنه لم يكن احد قادر على منعه...
"كنت هناك....ضعيفة بلا رأي ولا شأن....حالي كحال أمي وأبي اللذان عجزا عن حمايتها رغم رفضهم لها.....صدقيني...كنت أتعذب لجبني وضعفي امامه لسنوات ست عشت فيها... اشهد حياة امك معه ما بين شجارٍ وعنادٍ وليالٍ صارخٍة بالألم والعذاب ....ولك أن تتخيلي كم ذلك العذاب...الذي قد ذقنا منه..... الا القليل.....القليل فقط !!
وجهها كان غالبا ما يمتلأ بالكدمات....وجسدها تشوبه الندب....حتى....حتى عظامها لم تسلم من الكسر..ودائما ما كانت تخفي ذلك بابتسامات زائفة وألوان تجميلية كان يفرضها عليها...الا أن ذلك لم يوقف ألم دموعها التي كانت تذرفها في اول فرصة تكون فيها وحيدة تناظر جراحها وترثوا حياتها التي تموت ببطء... "
قلت بيأس ماسحة دموعي التي لا تكف عن النزول:
" مسكينة أمي.... لابد انها قد تعذبت كثيرا...... ...."
فقالت:
"للأسف..... نعم.... ولكم كانت امك حريصة على عدم اظهار الالم والحزن امامك انت بالذات...... لكن وفي اول فرصة سنحت لامك بزيارة للقرية طلبت الخلع من ابيك.متنازلة عن كل شيء ورامية بكل المجوهرات التي اهداها لها وبمهرها امامه وامامهم......وامام كل الحاضرين من وجهاء القرية الذين اتوا لاستقبال والدك.....وامام ما حدث ما كان لاباك الا ان يطلقها فوراً وبنفس اللحظة رداً لكرامته التي أُريقت بين الناس للمرة الثانية.....واه من تلك الكرامة المزعومة...بل الكبر والخيلاء المرضي الذي كان يحكمه...
وتعرفين أباك..... لابد له بأخذ ثأره منها ..
" وكنت انا واخي الوسيلة لذلك....اليس كذلك"
"نعم...وما اسرع ما تم ذلك..... فقد حكم الوجهاء له بأخذك من أمك لتعيشي معه... تنفيذا لرغبته بجعلك تحت وصايته ..اما اخاك فلم يستطع اخذه... وكان من نصيبها كونه مازال طفلا رضيعا لا يمكنهم تفريقه عنها ... لكنه.... خطفه بعد أقل من عام من حكمهم......وسافر بكما بعيدا من مدينة لمدينة ومن بلد لاخر.....وكل ذلك لاجل ان يحرق قلب أمك ويدميه..."
""لكن..... لم تكن امي الوحيدة التي احترق قلبها....لم تكن هي فقط"
قلتها بدمع حارق فردت بنفس الهمس المتألم:
"معك حق.....ليست هي فقط..... "
ثم شعرت باقترابها الوجل مني وضمها لكفي بارتجاف وهي تردف:
"ربما لو أن أمك كانت تدرك نتيجة ما فعلته لمى اقدمت على طلب الخلع من ابيك.... ولتحملت كل عذاب العالم على ان تبتعد عنكما...
وانا.... انا لم اخبرك طوال هذه السنوات ليس خوفًا من ان تكرهيني...لا... بل خوفا من ان تكرهي
والدك...رغم انه .....،قد تكفل بذلك شخصيًا..
أما عن عقاب ضعفي فكان بقائي..... بلا زواج وبلا حياة تخصني...او مستقبل حان يحتويني عند كبري ... فسامحيني يا صغيرتي.... سامحيني"
اعتصرت الالم في قلبي وقلت متداركة لوجعي وحزني الذي اعماني عن حب عمتي الصادق واهتمامها بنا لسنوات ثم قلت بنبرة حانية وصادقة:
"لا تقولي هذا ياعمتي....وانا لن اعاتبك ابدا...فلولاك لمى استطعت ان اعيش لحظة معه ومع جبروته وقسوته....ولمى كنت اليوم قادرة على رؤية امي ،اما عن حياتك فأبي ايضا من عرقلها برفضه لكل من يتقدم لك....
وكأنه...كأنه ابقاك بسببنا نحن ...وأنا .....أنا من عليها أن تطلب منك السماح ياعمتي الغاليه وليس انت "
فانشقت ابتسامة صغيرة من ثغر عمتي التقت بدموعها وهي ترفع ذراعها لتحتضنني بعمق هامسة بسعادة:
"كم أنا محظوظة بوجودك في حياتي ياصغيرتي ...كم أنا محظوظة "
"وأنا كذلك ياعمتي ......صدقا."
"نرجوا من الجميع أن يستعد لدخول العروس ....نرجوا من الجميع أن يستعد لدخول العروس "
عند تلك اللحظات علا هتاف من مكبر الصوت يعلن آخيرًا قدوم العروس المنتظرة، وقدوم...... حلمي الجميل معها...
فانتفض قلبي كجسدي الذي هب واقفا يتصاعد بأنفاسي التي صرخت فجأة لقرب لقياها لتمسك عمتي بيدي ناظرة الي بتوسل طالبة مني الجلوس والهدوء...
فعدت لاجلس على مضضٍ ونار تكويني وتحرق اخر ذرات الصبر في داخلي... ولم تكن الا لحظات...لحظات بسيطة حتى أنطفئت اضواء القاعة المتلألأة تدريجيا ثم سطع ضوء أبيض أشرق في طرف القاعة عند أعلى تلك الدرجات الواصلة من الدور الثاني الى حيث يجلس الجميع...
وابتدأت الزفة ....وعلا الذكر والصلاة على الحبيب وتلك العروس صارت تقف في أعلى الدرج بأبهی حلة ...
وماشأني بها !
فقلبي وعيناي وكل خلية في جسدي تنتفض باحثة عنها.... تهفو الى مرآها بشغف واشتياق سنوات مريرة ...لكني لم أرها !
فقلت بلهفة :
"أين هي ياعمتي....؟
أين هي ..؟
أنا لاأراها "
فقالت وعيناها تجولان معي :
"لابد من أنها قريبة من العروسة.......انتظريا عزيزتي نتظري.......هاهي ....هناك قد ظهرت "
هتفت بحدة
"اين ؟ "
فقالت..
"بين تلك النسوة التي ظهرن من خلف العروس ...تلك التي على يمينها وترتدي وشاحا زهريا على شعرها العسلي.." "
اتسعت عيناي بقوة ،و ارتجف جسدي الواقف على ساقين هشتين قد تنهارافي لحظة وأنا قد أصبحت أناظرها أخيرا...
هناك.....
حيثُ أمي....
أمي..... وتلك الابتسامة العالقة في ذاكرتي....تقف بعيدة عني...كبعد السماء عن الارض..... وبجوار تلك العروس...تنظر اليها باسمة ....تمسك بكفها بحنان ....ترتب طرحتها ...وتعدل من فستانها....وكأنها......كأنها ....ابنتها...
وليست أنا.!!
أمي !
"ريحانه....حبيبتي....تماسكي "
غلالة من الدموع أخذت تتجمع في مقلتي ثم تنهار بسرعة كما جسدي الذي اشعر به ينهاربين ذراعي عمتي وأنا لم أعد قادرة على رؤية شيئا...
فدموعي المتتابعة قد أعمتني وأنين قلبي المرتجف أتعبني وأنا ......أراها أخيرا ......
"انها......هي .....امي .....أمي الحبيبة.... كما كانت.....وكما كنت ...اتخيلها....انها هي....أمي "
_"نعم....انها هي ياصغيرتي....امك ليلى....وكما كانت... فاتنة... جميلة.... وشامخة بهيئتها. "
فشهقت بقوة معتصرة وجعي و دافنة وجهي على صدر عمتي متشبثة بها ودموعي الحارقةٍ تحفر وجنتي وتستنجد صاحبة ألمي أن تنزع كل الحزن منها...
"انها امي ياعمتي..... امي....امي التي تمنيت رؤيتها لسنوات.... أمي التي لاتعرف حتى بوجودي هنا... "
_"تحملي ياحبيتي...وتماسكي."
_"إنها أمي....أمي أنا....أمي "
_"هوني عليك ياصغيرتي ....وتوقفي عن البكاء "
فرفعت وجهي عن صدرها أشهق بحرقتي لأمحو تلك الدموع عن وجهي وانظر الى أمي متصنعة القوة لكن .....هيهات !
هيهات وهيهات...!!
فأنى للعاصفة المستعرة ان تهدأ ولم تفرغ بعد مافي جوفها المظلم .!!!
فسحابة المزن عادت تتجمع مجددا في عيني مشوشة علي رؤية وجهها الحاني...وهاهي العواصف تبرق وترعد في قلبي صارخة باعتراض ونحيب أنين مذبوح أنفاسه..
" انها.... أمي.... أمي ....وقريبة مني....لكن......لكن لااستطيع الاقتراب منها.......ولااستطيع حتى....مناداتها أو ....او الارتماء في أحضانها ياعمتي . "
فأحاطتني عمتي من خلفي بذراعيها مقبلة وجنتي لتبث لي مساندتها وتعاطفها وصوت شهقاتها المختنق بدموعها يفلت منها:
"آااااه ياصغيرتي "
بينما دموعي الحارقة تنساب بلاهوادة وشهقات قلبي المحتضر تخرج بين الحين والاخر مع همساتي بحروف اسمها الذي تمنيت مناجاتها به..
"امي.....أمي....انت امي ....فتعالي الي....وضميني لأحضانك ياأمي...أرجوك....أرجوك ""
فسحبت عمتي ذراعيها عني ثم نهضت فزعة لتقف أمامي ..تهزني من كتفي بهلع مع همساتها المذعورة بالخوف....
" ريحانه ....ريحانه اهدئي .....هل أنت بخير ؟
حاولي ان تتماسكي ياعزيزتي ... ريحانه"
برودة غريبة تتسلل الى أطرافي وثقل كبير يحط على رأسي... وعيناي المقتولتان بالألم قد أصبحتا عاجزتان عن رؤية شيء مع اشتعال تلك الاضواء...
عداها !
لااسمع شيئا ولاأشعر بشيء... حتى المكان أخذ يميد بي ....وأنفاسي تنسحب من صدري رويدا ....رويدا مع بقايا همسي المبحوح..
"أم.....ي"
"ريحانه....ريحانه لاتخيفيني...ارجوك "
فنهضت بارتجاف و بخطوات ضائعة.... خطوة.... خطوة... تلتها خطوات متسارعة... مبتعدة عن عمتي وعن الجميع......عن كل تلك الأصوات السعيدة....وعن تلك العروس....وعن أمي...!
أحاول أن أهرب ....بطوفان ألمي .....بنار اشتياقي ....بكل وجداني واحساسي .....وبكل قهري ودموعي....الى البعيد.....البعيد ..البعيد....حيث لاينفضح أمر هذه الدموع والألم..
لكن كل شيء أخذ يدور من حولي ...الجدران المزينة تتمايل.. و السقف يهوي بكل شيء... و الأرض ....تقترب مني.... و كل شيء ينطفئ .. .و ينطفئ ...ويختفي من أمامي عدى عن ابتسامتها.... التي
لم تكن لي..!
...................

استارشا likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى ...ترنيمة الفجر...




رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 10:11 PM   #4

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل الثالث
٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭

فتحت عيني المثقلتين ببطء على أصواتٍ متفاوتة تناديني وأكفف تضرب وجهي.. شيء بارد يلامس وجهي...ويثير رعشة في جسدي....ويوقظ حواسي.... إنها .....إنها قطرات من المياه الباردة تُنثر علی وجهي...
رمشت بعيني مرارا والصورة مازالت أمامي ضبابية ومشوشة..ومازالت الاشياء تتمايل بي، وانا اسمع صوتا مرتجفا مرعوبا يهمس باسمي :
"ريحانه...حبيبتي....اجيبيني..ت كلمي...قولي شيئا."
اغمضت عيني بقوة ثم فتحتهما ببطء لأری صاحبة ذلك الصوت ..فكانت عمتي التي تنظر إلي من خلف دموعها المهدورة بخوف اعتصره الألم وهي جاثية بجواري ورأسي ساكن في احضانها ...
فنظرت فيما حولي في محاولة لاستيعاب ماحدث فوجدت نفسي منهارة على الارضية الخارجية للقاعة وبعض النسوة يتهامس بقلق من حولي..
"مابالها؟!!!
۔لقد رأيتها وهي تفقد وعيها..
۔هل هي مريضة ياترى؟
۔لابد ان ضغطها انخفض...
۔مسكينة....اتمنى ان تكون بخير فهي تبدوا صغيرة...
۔معك حق"
اغمضتُ عيني بحرقة وأنا اتذكر ماحدث فانتفضت دمعة من عيني لتسيل مجددا وانا احاول النهوض بمفردي ،لكن لم استطع، فهمست لعمتي متمسكة بيديها وبصوت مخنوق مبحوح يكاد يسمع..
"انا ...بخير يا عمتي فلاتقلقي....فقط.......... ساعديني لأنهض"
فأمسكت بيدي ونهضت بانهاك مستندة بها لتتحرك بي بضع خطوات وتجلسني على احدى الكراسي الخارجية الموجودة بالصالة ، ثم همست بدمع لايتوقف وخوف مازال يسيطر على اوصالها المرتجفة:
"هل انت حقا بخير؟...هل تريني جيدا؟...لقد وقعت على الارض واوقفت قلبي معك ...تكلمي... الاتشعرين بأي ألم؟ "
_"أنا حقا....بخير"
قلتها والغصات عادت تتملكني وتتكور في حلقي من ذكرى ماحصل لتنفجر من عيني منهارة بضعفي وقلة حيلتي علی صدرها :
"بل لست بخير ياعمتي....لست بخير ...أنا اتألم ...اتألم بقوة....قلبي ينفطر بالألم وروحي تنتزع مني وهي قريبة.... لا تشعر بي.. لاتشعر بابنتها.....فخذيني ياعمتي....أخرجيني من هنا ...اخرجيني.....فقلبي لن يحتمل وجودها بقربي وبعدها في ذات الوقت....أرجوك ياعمتي ...أرجوك "
فقالت وهي ترفع وجهي عن صدرها تمسح دموعي ثم تمسح دموعها هي الاخرى وتعيد ترتيب هيئتها:
" حسنا ...سنغادر الان ،فاهدئي الان وكوني بخير"
ثم قبلت جبيني و نهضت من امامي مخرجة هاتفها من حقيبتها المرمية أرضا وهي تقول بتوتر:
" سأتصل بالسائق ليأتي ومن ثم نغادر....فماحدث يكفيك.... نعم يكفي ....أساسا ماكان يجب علي أحضارك إلی هنا......أنا المخطئة ،والملومة الوحيدة في ألمك هذا "
ثم تركتني بعد ان ارتدت عبائتها وخرجت لتتأكد من وجود السيارة كون السائق لم يجب عل اتصالاتها المتكررة.. واوصتني بعدم التحرك من مكاني ،بل طلبت من احدى النساء البقاء بجواري .فبقيت على حالي وإنهيار أنفاسي استمع لايقاع الموسيقى الذي مازال يصدح بزفة العروس .
تلك العروس التي كانت تقف بجوار أمي وتحظی بحبها واهتمامها ونظراتها عوضًا عني ؟..
ابنت خالتي .... مي.
التي عرفت بأن أمي قد تولت رعايتها هي واخوتها بعد وفاة والدتهم....وهاهي امي تقف بجوارها في هذه الليلة كأم لها....وأنا ...انا ......ابنتها الحقيقية ....واقفة بعيدة عنها....لاتعرف عني شيئا...ولا تشعر بوجودي، وربما....ربما قد نستنا...
نعم....... ربما من شدة كراهيتها لأبي قد كرهتنا أيضًا وتناستنا حتى انطوت صفحتنا.من حياتها ،وصرنا جزءاً من الماضي المنسي ..
ترقرقت الدموع في عيني مجددا وانسابت مع شهقات متهدجة تصاعدت متنازعة من قلبي بحرقة مما جعل الواقفات من حولي يدنون مني متسائلات بقلق ،فصرخت بهن بكل حنقي وغضبي ووجعي من هذا العالم بأن يدعنني وشأني ويتركنني لوحدتي وألمي كماأعتدت،أذرف دموعي لوحدي .
أغرق بوجعي بعيدة عنهم ،مخفية وجهي بين كفي،أطلق العنان لشلالات الدموع لأن تعبر عن قسوتها بالقدر الذي تشاء، لأبكي ظلم والدي الذي فرقني عنها، وظلم قدري الذي يمنعني من الاقتراب منها أو حتى من مناداتها بأمي.
"لماذا ياألهي..؟
لماذا؟؟؟"
لماذا.....لماذا؟؟؟"
بكيت وبكيت .....وبكيت بحرقة ....مخرجة كل وجعي وقهري ولم أتوقف عن البكاء إلا عندما أحسست بيد تمسك برأسي وصوت مبحوح دافئ يهمس بالقرب مني :
" عفوا.......هل أنت بخير ؟!"
احساس غريب راودني من نبرة صوتها الحانية ولهجها الغريبة المبحوحة ....احساس رقيق فلق صدري لنصفين وجعلني أرفع وجهي الباكي نحوها...نحو صاحبة ذلك الصوت...
" سمعت بأنك قد فقدت وعيك منذ وقت، والان رأيتك تبكين وبهذا الشكل ...فهل استطيع مساعدتك ياابنتي ؟ "
عيناي تتسعان بقوة متزلزلة بدموعي وبجنون ماتراه، وشفاهي ترتجف عاجزة كما هو حال كل خلية في قلبي ...... وأنا.....أنا ....أراها..... أمامي..... واقفة.... بكل كيانها وروحها.... تنظر لي بعينيها الناعستين ......... وتهمس لي... بحنان يذييييب أوصالي....
تسأل عن حالي..... وسبب بكائي .....وأحزاني...
وتناديني.......تناديني.... بابنتي.!
إنها هي.....هي... بوجهها الأبيض .....الجميل وعيونها الصافية... يتوسطها سواد ليلي ارى انعكاس وجهي الباكي وحلمي القريب فيه..
أرى... أيامي .....التي كنت اتمنى رؤيتها فيها...
وأرى....... ليالي.... التي كنت أبكي فيها ...وحيدة لفرقاها...
وأراها !!
هي.............
أمي !!!!!!!
فهل ترونها معي...؟
هل تسمعونها...؟
وهل تشعرون بي ؟؟؟؟
بل هل عاش أحدكم هذه اللحظة....؟؟؟
وهل يدرك أحدكم إحساسي الان.....وهي واقفة بقربي بعد كل هذا الفراق ؟؟!
ـ" تكلمي ياابنتي ...قولي شيئا ؟"
"مازلت تقول ابنتي....! "
ومازلتُ عاجزةً عن الكلام.... جامدة في مكاني ....كتمثال شمعي يحترق بصمت..... بلا حراك ولاحياة .....فقط قلب مهلوع وعيون متسعة ...متحجرة.... تمطر بدموع شتوية باردة حارقة لامسمع لها..
" يبدوا وجهك شاحبًا ومتعب....على الأقل اشربي من هذا العصير ...فسوف يفيدك"
جسدي المتصلب بدأ ينصهر رويدًا رويدًا تحت وقع اقترابها الشديد مني ، بينما أنفاسي مكتومة أحبسها في صدري بلا إرادة مني، فربما.....ربما خوفا من أن أطلقها فيختفي ......هذا الحلم الجميل...!!
عبير ذكرياتها الحانية يتدفق نحوي بسلاسة وأنا اشعر بقطرات باردة متدفقة تجري بفمي مما امتدت به يدها... لتسقيني ..........
تمد كفها نحوي وتسقيني...كما كانت تفعل في الماضي ...وأنا عدتُ طفلةً.. صغيرة ... ضائعة كقشة في بحر متلاطم بالمشاعر العاصفة والتي لايحكي عنها سوى دموعها الصامته...
"فتاة صغيرة وجميلة مثلك....ماالذي يبكيها؟؟؟"
أصابعها الرقيقة تمتد لعيني ماسحة لدموعي وهي تزيد في ارتجافي وضياعي بهمساتها المواسية و الطاعنة لي..
"هل أنت بمفردك.....؟
أين أمك...أو أحد من أقربائك؟
ألايوجد أحد معك؟؟ "
عند تلك الكلمات استيقظ عقلي واستنفرت جميع حواسي وتأهبت لتخبرني باقتراب المحضور!
فانتفضت واقفة أمامها بارتباك أخفي خوفي ونظراتي المرتجفة وأنا ادور بوجهي بعشوائية ,واتلفت فيما حولي لاأدرك كيف أتصرف ..!!
حتى رأيت عمتي تقف على بعد منا.... بوجل تشير لي بعينيهاألا أتهور وأندفع بمشاعري ...
فزاد ضياعي وزاد ألمي ولم أجد حلا لمى أنا فيه سوى الهروب.
تراجعت خطوة ثم استدرت بجسدي معطية ظهري لأمي ومخفية ارتجافة مازالت تبعثرني وتزلزل الأرض التي تحتي..تحرق جسدي بنارها...وتصهرني بقربها... حتى دموعي كادت تتبخر من شدةحرقتي وأنا أراها مازالت واقفة من انعكاس صورتها في المرأة .
تنظر لي والقلق يعصف بملامحها الناعمه...تحاول أن تفهم سبب ألمي وربما سبب هروبي منها ،فحاولت أن أتوقف عن هدر دموعي واظهار التماسك والثبات، لكنني لم استطع ..لم استطع....فماأعيشه في هذه اللحظة صعب على قلبي أن يتحمله...
صعب جدًا، ولأأظن أن أحدًا قادرٌ على تحمله.
من تمنيت رؤيتها.... ومناجاتها.... ومعانقتها تقف بقربي ،ولايفصلني عنها الا القليل ،القليل جدا... وأنا عاجزة حتى على.....البقاء بجوارها..
" حسنا.....يبدوا أنك تريدين البقاء لوحدك ...فاعذريني....وان احتجت لشيء فنحن هنا...واعذرينا عن اي تقصير بدر منا "
امتقع وجهي لكلماتها واظلم قلبي بضربة قاصمة تلقيتها وأنا التفت لأراها تودعني وتستدير بجسدها......مبتعدة عني......لتتركني وحيدة... مرة أخرى ...يتيمة الأم وهي بقربي ....
وأنا على حالي ... عاجزة في مكاني عن لملمة جروحي وسبر أغواري بالغرق في أحضانها......ارفع يدي نحوها بخوف ورعب ...واناجيها بقلب يتلظی بشوقها وعين ملتهبة لفرقاها...
"أمي....لاتذهبي...لاتبتعدي عني مرة أخرى.....لاتتركيني يتيمة وحيدة في هذه الحياة.....فنبضات قلبي بدأت تختفي معك....وأنفاسي تستل مني وتجرح صدري بحدة السيف ...وروحي ...روحي تهفوا اليك ياأمي...وتناديك فعودي وضميني...عودي وناديني بابنتي مجددا...ارجوك ...عودي
عودي الي واغرقيني....أغرقيني حبًا وحنانًا لأموت قريرة العين في أحضانك الدافئة.."
لكن..... رغم مناجاتي الملتهبة بدموعي وأنين شهقاتي المكتومة لم تشعربي!!
ولم تعد ولم تلتفت نحوي ، وبقيت واقفة بعينين غائمتين، مشيعتين لحلمي وقلب خاو ينازع الالم، ويد ممتدة في الهواء ..إلى حيث تبعثرت آخر آمالي و أحلامي ...
*...................*
بقيت لوقت لاأدركه جاثيةً في أحدى زوايا القاعة الخارجية متوارية عن الأنظار ومنهارة في أحضان عمتي، أرثي بدمعٌ ثقيل مدرار تلك اللحظات ... لحظة اللقاء والفراق....لحظة لم أهنأ فيها حتى بحضن خادع ...
الأسى يتملكني والنار تلسع قلبي بلا رحمة ممن تركتني ولم تشعر بي...
فأنا أبنتها....ابنتها الوحيدة التي لم تشعر بها ولم تتعرف لها....
شهقت بأنفاسي ضاربة على صدري بكفي وقائلة بمايختلج في قلبي من وجع لعمتي :
"أنا أبنتها ياعمتي ...أنا ابنتها أنا وليست هي ...لماذا تركتني...؟
لمى لم تتعرف علي..؟ !!
لمى لم يدق قلبها لي...؟ !!
ألم تشعري بي....؟!!
ألم تفهم سبب لهيبي ودموعي...؟!!
ألم تدرك بأني ابنتها؟؟؟؟؟؟
ااااااه ياعمتي......اااه
ألست ابنتها ؟!!!!"
أجيبيني....
فقالت عمتي باكية كحالي وهي تزيد من احتضاني :
"هوني عليك ياابنتي وارأفي بقلبك الصغير ..فهي قد فارقتك وانت بعمر الخمس سنوات...وقد تغيرتِ كثيرا "
-"لكن كان عليها ان تشعر بي ....أن تدرك حقيقتي أليست أمي؟!!
وأنا ابنتها ؟!
أليس قلب الأم لامثيل له.... أجيبيني؟
أجيبيني ؟؟؟؟؟؟؟؟ "
-"ارجوك ياصغيرتي.... توقفي عن تعذيب نفسك ودعينا نغادر ...ارجوك "
فهتفت منهارة بلا أدنى اهتمام :
"لن اغادر ،ولن ارحل "
ثم اردفت بقوة واناانظر إليها بانكسار وبقلب مرهق غائم ينتظر الخلاص :
" ولن أخاف... ولم يعد يعنيني غضب أبي بشيء"
ثم نهضت من أمامها مُلقية بألم توارى خلف كلماتي وفضحته دموعي:
"أنا لن أغادر ياعمتي... لا....لن أغادر....لن أغادر قبل أن أحدثها....لن أغادر قبل أن ....قبل أن ....أن أسمعها..... تناديني.... باابنتي مرة أخری على الاقل"
_"لاياريحانه...لا تفعلي "
"بلى....سأعود الى الداخل وسأتكلم معها....سأخذ نصيبي منها ولو....ولو كان من بعيد....ألا يحق لي ذلك ياعمتي؟
ألا يحق لي؟!!
ألا يحق لي بعد كل هذه السنوات أن أبقى معها ولو قليلا..؟
اجيبيني.... ردي علي؟
"
فنهضت عمتي لتقف أمامي ناظرة لي من خلف دموعها بصمت للحظات طالت بيننا، ثم قالت بتنهد واستسلام :
"بلى... يحق لك....يحق لك ياصغيرتي"
فعزمت بقايا أمري وقررت العودة اليها حاملة أشلاء جسدي المنهار وململمة بقايا أنفاسي ودموعي واتجهت نحو المغاسل لأفتح احدى الصنابير ثم أغسل وجهي مرارا وتكرارا.. عازمة بقوة على العودة لها وسرق لحظات بسيطة معها هي أدنى....أدنى شيء من حقوقي المسلوبة ...
...............
أصوات الزغاريد مازالت تجلجل في القاعة وروائح البخور تعبق في كل مكان وصدى الأناشيد يصم الاذان...وتلك العروس... تتوسط الفتيات الراقصات وهي تتمايل بفستانها الابيض وتدور بينهن كلعبة جميلة والجميع ينظر لها....
بينما هي هناك.......واقفة خلفها تنظر لها بسعادة بالغة....تصفق بيديها ضاحكة وهي تراها ترقص بخجل ...
إنه نفس المشهد يتكرر أمامي...!
وكأنها... والدتها !!!
هاهي تخترق الفتيات لتقترب من امي وتمسك بيدها راغبة بأن تراقصها وأمي تمانع ذلك.... حتى وافقت..
انها تمسك بيديها وتراقصها..... وتتمايل معها بخفة للحظات ....ولحظات اخرى تحظى بهل، فتحتضنها أمي مقبلة خدها ...وتعود لمراقصتها ثم....ثم
لااعرف !!
فأنا لم اعد قادرة على رؤية شيء.....لااقدر....لاأقدر
فدموعي لاتتوقف عن الجريان ... وقلبي يعتصر ببعدي عنها...
تأوهت بناري ومسحت دموعي التي لم تنقطع وأنا بت أدرك والاحظ نظرات من حولي...
لكن لايهمني ،ومن تهمني.... لم تعرف بحالي...
إنها تقبلها مجددا وتتركتها ،تنسحب مبتعدة ومتوارية عن الجميع...وكأنها....كأنها تواري دموعها.
ترى.....لماذا؟
لماذا ياأمي ؟
لماذا ؟
هل تذكرتني...؟
تذكرتني ياأمي...؟
هل تخيلتها أنا ؟
وهل تتمنين رؤيتي في هذه اللحظة....أم أن... هذه الدموع... هي دموع الأم لابنتها التي ربتها..؟
أحشائي تعتصر وتتلوی بالألم ، وفي قلبي تنهار قلاع شامخة من الأحلام على صدري فتحطم اضلاعه لرؤيتها... قريبة الوجود مني بعيدة القلب عني...فعزمت أمري ونهضت ضامة كفي الى صدري استجمع شجاعتي لأذهب نحوها علي أحظى بكلمات منها تحييني لسنوات اخرى سأقضيها بعيدة عنها، لكن... في نفس تلك اللحظة التي نهضت فيها التقت عيناها بي واشتعل قلبي عاصفا بخوف تملكني..
كيف لا وأنا أراها هي من بادرت بالقدوم نحوي متجاوزة كل الحضور حتی اصبحت واقفة امامي...!!!
تقول:
" سعيدة بأنك مازلت هنا.....فلقد ظننت بأنك قد غادرتي..."
ابتسامة مرتجفة نبعت من قلبي مع أنفاسي الهادرة لتصل لشفتي فاردفت ببتسامة مماثلة:
"هل تسمحين لي ...بالجلوس معك؟ "
اضطرب كياني ،وتلعثمت حروفي واختفت حتی أومأت لها بالموافقة وأنا أهيم أمامها بفرحة عادت تغمرني ...
"تبدين أفضل بكثير عما كنت عليه رغم تورم جفنيك واحمرار أنفك الصغير هذا "
قالت جملتها بعشوائية جميلة واصبعها يلامس أنفي غير مدركة لتأثير لمستها الدافئة التي تبعثر روحي وتلملمه في لحظات:
" مااسمك ياابنتي....ولمى انت صامتة هكذا؟
ألا تسمعيني صوتك؟ "
تسألني عن اسمي بلطف وأنا جالسة بجوارها يلفحني دفء أمومتها مخدرة كل وجع كان يعتريني منذ لحظات...فقلت:
" اسمي ....اسمي هو.... س.س ....ساره...نعم اسمي هو.... ساره "
قالت:
"ساره ...اسمك جميل حقا ..كصاحبة هذا الصوت الرقيق ..."
قالتها ثم عادت بوجهها ونظراتها نحو تلك العروس، فتملكني الوجوم والقنوط من مفارقتها لي حتى ولو بنظراتها...ولربما لاحظت وجومي فقالت لي معيدة نفس الحركة ولكنها هذه المرة تلامس خدي المجروحين بدموعي :
"لمى عبس هذا الوجه الجميل مجددا ؟
وأين أهلك...؟
الايوجد أحد معك في هذا الزفاف؟"
ارتجفت حدقتي باضطراب وانفلق صدري إنذارا بعاصفة جديدة وهي تسألني عن اهلي فقلت لها موارية عيناي ومخفضة وجهي:
"لا.... أحد معي، فقد ....أتيت لوحدي"
فقالت :
" تحضرين الزفاف لوحدك وفي هذا العمر ....!
كم عمرك....؟ !!!
وكيف سمحت امك بذلك؟!!!"
قبضت على يدي بقوة وقلت وانا على حالي مخفضة وجهي انظر الى ماتحت الطاولة...الى قدمي المرتجفتين...والى الارض التي تهتز بي ...والى قعر الجحيم الذي اهوي به وبكل هدوء..
"عمري...ستة عشر عاما.....وليس...ليس لدي أم "
وسقطت دمعة من عيني تلتها دمعة اخرى واخرى حتى شهقت بأنفاسي وانا اعتصر كفي بقوة..
فمايحدث معي كثير...كثير ولم أعد أتحمله...
فشعرت بأنفاسها وهي تقترب مني ويدها وهي تربت على شعري بحنان هامسة بي :
"ألهذا كنت تبكين...؟
ألأنك وحيده وليس لديك أم.....؟ "
فرفعت وجهي نحوها مع دمعات اخرى أشد ألما وسقوطا وانا اهمس ببحة تفجر اعتی الصخور:
" نعم.....كنت ابكي ....متمنية..... لوكانت أمي بقربي مثل كل الفتيات...تقف بجواري وتحتضنني ...وتسرح شعري ....كطفلة صغيرة تجلس ضاحكة امام ووالدتها التي تحبها"
لمعت الدموع في عينيها مع صمت خيم بيننا طويلا، ولم يقطعه سوى همس امراءة طلبت منها القيام معها لان العروس تريدهابجوارها.
فزفرت بتنهيدة أحرقت أضلعي قبلها ثم قالت للأخرى:
:"حسنا.....اخبريها بأني سآتي حالا."
فاعتصرت عيني بكل خيبتي التي حصلت عليها واسقطت وجهي هذه المرة على الطاولة بين ذراعي مخفية ألمي ومتوارية ببقية مشاعر أهدرتها عيناي وهي قد نهضت لتتركني مجددا ..
فجأة...
أحسست بكفها يلامس شعري الطويل ويعبث به بحركة من أصابعها وهي تهمس بقربي :
"شعرك جميل وناعم ولايحتاج لأحد بأن يسرحه..."
فرفعت وجهي نحوها بتفاجأ اعانقها بعيني وأتشبع من حنانها المشع وهي تردف ناظرة الى عيني نظرة ممتزجة بالحزن والحب معا :
"كان لي... ابنت مرهفة الاحساس مثلك...لها نفس لون عينيك ولون شعرك ونفس النعومة...........وكانت دائما .....تبكي ان رفضت تسريحه...وكانت تحب أن ارتبه لها دائما ...وعندما كنت أمِل كنت اسرحه بيدي...وهي تضحك بسرور وتجري لتلعب مجددا ناثرة ماقمت به ثم تعود مجددا لأسرحه.."
تشتت عقلُي وتلعثمت الكلمات على لساني ..وأنا أشعر بأنها تتذكرني وتستحضر وجودي أمامي فسألتها بتمعض والحروف تتصارع في عقلي قبل أن تخرج من بين أسناني المسطكة ألما، حتى عصرت لساني لتخرج الكلمات مني عنوة
"وأين.....أين هي...؟
هل ......هي بجوارك ....الان؟ "
ابتسمت ابتسامةً باردة شابتها ألمٌ مرير وأصابعها تتباطأ حركتها على شعري هامسة ببحة محتنقة.. مجروحة بأشواك الماضي الداميه..
" لا......هي ...ليست بجواري الان "
ثم صمتت قليلاًقبل ان تتنهد وتردف بنفس النبرة :
" لكنها هنا.....بقلبي ....دائما "
وتلألات الدموع تحت ستأىر أجفانها التي اغمضتهما حتى لاتنهار ثم عادت لتنظر لي وهشيم التيه والضياع يضطرم بيننا.. .. اُرسل إليها نجواي بأنني أنا.... ابنتها وهي ضائعة في ذكراها.
ياالهي...!!
هل لهذا العذاب من خلاص..؟
عدت بوجهي للأمام أعتصر دموعي الحارة مجددا و ازم شفتي المرتجفتين والراغبتين في الصراخ عاليا قبل أن انفجر بقلبي واخبرها بأني هي...ابنتها...... ريحانه...وردتها الغالية
من كانت تلاعبها وتسرح لها شعرها بكل حب...
من أبعدوها عنها وجعلوها يتيمة الام...
وحيدة بلا أم ولاحب ولاحنان..
فظللت علی حالي وظلت هي علی حالها أصابعها تتخلل خصلات شعري وأنا أذوب أمامها بدموعي من فرط الحرارة النابعة من حنانها...
أتلاشى بشوقي لها الى سابع أرض....واحترق بوعدي لعمتي حد الموت..
وحدي معها.... ولايوجد أحد من حولنا من هذا العالم...مثل ماكنا في ذلك البيت القديم......
أم وطفلتها الصغيرة
لاغير.!!!!
" والان ....أديري وجهك .....امم ....هكذا أصبحت أجمل....وهذه الضفيرة الجانبية ستناسب وجهك الجذاب حتما..."
فنهضت ملتفتة نحو أمي التي كانت تشرق بالسعادة وهي تنظر لي، فبادلتها سعادتها ماسحة دموعي وشاكرة لها فأمسكت يدي وتحركت بي متجاوزة عدة طاولات بضيوفها حتی وجدت نفسي أمثل أمام احدى المرايا وهي واقفة خلفي تمسك بذراعي وتهمس لي ببتسامة لاأعرف كيف سأعيش بقية أيامي بدونها :
"انظري بنفسك كم تبدين جميلة "
فقلت وانا انظر لعينيها في المراه:
"نعم....أبدوا جميلة جدا....بل هذا ....هو اليوم الوحيد الذي ارى فيه نفسي جميلة هكذا......شكرا لك."
فقالت بخجل:
" ليس الى هذا الحد ....فأنا لااجيد الكثير..لكنها افضل من اللاشيء"
قلت..
" هل تصدقيني... إن اخبرتك انك الوحيدة التي سمحت لها بأن تسرح شعري بعد.......بعد أمي "
فاتسعت حدقتي عينيها بلمعان دمع صاف وهادر اختفى تحت اجفانها وانعكس على ملامحها وهي تجيبني...
"حقا..........لابد ....انك كنت تحبينها ....كثيرا...حتما هي كانت محظوظة بابنت مثلك .."
قلت..
"شكرا لك.....على كل شيء "
وخيم صمت رخيم بيننا رغم كل ايقاعات الزفاف وبقينا شاردتين كلا في عالمها الذي لايلتقي الا في قلبينا حتى تحركت شفتيها ونبست بجملة ترددت في قولها مرارا..
"هل......هل...اقصد .....هل حقا ..اسمك هو ...ساره"
العاصفة الهائجة في صدري قد وصلتها و الإعصار هبّ واقتلع امي من قوقعتها لترميها في قلب الحقيقة فتجعلها تعاني باحساسها الذي اظنه قد تملكها..
فهل تشعرين باني ابنتك ياامي...؟
هل تظننين بأني ابنتك ريحانه.؟
هل احسست بي..؟
وهل هذا يكفيك ياريحانه؟
هل يكفيك احساس قلبها بك؟
وهذه اللحظات ؟؟؟
فهي لم تنساك كماظنت...ولن تنساك...
فانسحبي.....انسحبي قبل ان تغرقي.
وتغرقيها معك...
ياالهي.....انقذني قبل ان اغرق واستحيل الى ذرات متلاشية الوجود على صدرها ...ارجوك..
دموع اخرى قاتلة لحروفي سالت مجيبة لها فقالت بارتباك وتلعثم بكلماتها المحرجة والمصاحبة لضحكتها الدامعة:
"ياالهي....لاتهتمي لسؤالي فيبدوا بأن.... أن ... مشاعري قد تخبطت برؤيتك واحساسي بحبك لامك...انا اسفه "
ثم ضحكت برقة تخفي دموعها التي تتلالأ بين رموشها حتى اتت نفس تلك السيدة لتقول بتذمر ...
"سيدة ليلى.....مي تريد أن تأخذ صورا معك وتطلب وجودك حالا...ارجوك تعالي معي "
فقالت..
"اه ...لقد نسيت الامر....اناقادمة الان "
فاخذت نفسا عميقا بعمق ماسأطلبه والتفت نحوها معانقة ليدي المرتجفتين وانا ارغب ان اطلب منها اخرطلب...
ان تضمني الى صدرها لمرة واحدة...
تضمني بقوة لأخترق قلبها وروحها وأشعر بد فء الامومة واشتم رائحتها...رائحة الام التي طالما اشتقت لها...
لكني وفي اخر لحظة لي عدلت عن قراري و ابتلعته مع وجعي اقاوم الرغبة العارمة أن تتعلق بصدرها باكية .. لأنني بت إدرك بأني قد أتلاشى على صدرها حد اعترافي بالحقيفية لها لأتحرر من ألمي وأحررها معي....
فقلت لها بصوت خرج مرتعشاً من وسط عاصفة تضربني بلارحمة ..
" لن انسى ....لطفك معي ...وحنانك الذي غمرتني به....سيدتي ...حقا....انا ممتنة لك ...."
فنظرت إليه مُضيقةً عينيها تبتسم بتررد وكأنها تحاول تبيّن احساسها الذي تشوش في قلبها واستعادة قوتها ..ثم .. ردت بنبرة عاطفية وهي ترفع يدها نحوي لتلامس خدي براحة كفها ..
" اتمنى لك .....السعادة ياابنتي ... "
فاغمضت عيني بهدوء وانا اميل بوجهي جانبا لأعانق راحة كفها الناعمة بتلذذ جنة تمنيها لسنوات طويلة قبل أن تسحبها وتسحب روحي معها وهي تتحرك مبتعدة عني ..
تنهدت اخيرا صارخة بشهقاتي التي فككت لها العنان لتنطلق ورائها وعمتي تقف على بعد بعيون دامعة ترقب كل شيء بحزن صارخ على كل ملامحها...
انظر اليها صارخة بكل وجعي في دموعي الساخنه...
اخبرها بأني تنازلت عن احتضانها حتى لااضعف..
اخبرها بأني كنت على بعد خطوة من حلمي وتنازلت عنه
لأجلها...
اخبرها بقهر أن امي كانت امامي ...تتمنى لقائي وانا تركتها..
تركتها لتبتعد عني لغيري وانا ...وانا بقربها ...واقرب مما تتخيل..
اخبرها بأني ...اني قد وفيت بوعدي لها ...ولم اخبرها...
نعم لم اخبرها بأني لست ساره....بل ابنتها ريحانه...
فاجابت نجوى قلبي المفطور ببتسامة رضى لوفائي بوعدي ثم تلتها دمعة ثقيلة من عينيها وهي تحرك شفتيها لتهتف :
" ليلــــــــــــــی..!!!"
............................

استارشا likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى ...ترنيمة الفجر...




رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 10:17 PM   #5

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

بإذن الله التتمة ل (الاحضان الدافئة ) غدا صباحا ...
ودمتم بحفظ الرحمن

استارشا likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى ...ترنيمة الفجر...




رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 10:42 PM   #6

أميرة الوفاء

مشرفة منتدى الصور وpuzzle star ومُحيي عبق روايتي الأصيل ولؤلؤة بحر الورق وحارسة سراديب الحكايات وراوي القلوب وفراشة الروايات المنقولةونجم خباياجنون المطر

 
الصورة الرمزية أميرة الوفاء

? العضوٌ??? » 393922
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 11,306
?  نُقآطِيْ » أميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond repute
افتراضي

ألف مبـار? النوفيـلا ياسمينـة

أتمنى لك التوفيق
وتحقيق النجاح والتميز
اللي تتمنيه

استارشا likes this.

أميرة الوفاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 10:16 AM   #7

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الوفاء مشاهدة المشاركة
ألف مبـار? النوفيـلا ياسمينـة

أتمنى لك التوفيق
وتحقيق النجاح والتميز
اللي تتمنيه


يبارك بأيامك وعمرك كله اميرتيـــــــــــــــــــ ــــــــ الغاليه...
وبإذن الله تعجبك النوفيلا

استارشا likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى ...ترنيمة الفجر...




رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 10:16 AM   #8

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل الرابع
*****************
تصدع قلبي لمناداتها لأمي وتسارعت الدماء في عروقي متصادمة ببعضها في جنون عارم وفوضوي وأنا ارى امي تتوقف
بخطواتها وتلتفت نحو الجهة الأخرى ...نحو من نادتها.. نحو عمتي التي اقتربت منها بخطوات وجلة غير مخفية دموعها المتتابعة حتى صارت ماثلة امامها بصمت طال بينهما كان أبلغ من اي لغة ..وانتهى بحروف امي المختنقة والمتفاجأة ..
" ن...ن...ندى !"
ابتسامة مهتزة ودامعة من عمتي تلتها جملة مشتعلة :
"نعم....ندى ياليلى....وبعد كل هذه السنوات.....ندى ...من تعهدت لك بتربية ابنتك وحمايتها......نعم ياليلى....هذا انا..
ندى الهدار "
فعاد الصمت بينهما.....صمت مؤلم وطويل شعرت به يطول لطول السنوات التي فرقتنا، وانا .....واقفة خلفها تتلاطمني الامواج العاتية وحيدة بينهما اغرق وانتظر من ينقذني مما انا فيه حتى رأيتها تلتفت ببطء بوجهها نحوي ناظرة لي بعيون متسعة زائغة دامعة تذرف الدمع المدرار تباعا ثم تعود بوجهها نحو عمتي لتهمس بوجل باكي ومقطوع ...
"هل.....هل..... هي....هل هي؟؟؟ "
واختنقت الكلمات بشهقاتها المتهدجة وانهيار انفاسها المكتومة وهي تعتصر عينيها بقوة وتهز رأسها يمينا ويسارا في عدم تصديق للحقيقة التي تشعر بها حتى فجرتها عمتي أمامها رحمة بي وبها ..
"نعم....هي.....ابنتك ياليلى ....ابنتك الوحيدة.. ريحانه"
كل شيء توقف !!
كل شيء كان يتحرك في هذا المكان توقف فجأة ... !
بل كل العالم الذي كان يدور من حولي منذ وقت قد توقف فجأة بما فيهم قلبي المزلزل بوجعي والامي واشتياقي.... حتى قلبي المتزلزل برؤيتها ، وصدري الهادر بأنفاسي قد صمتا..
كل شيء توقف...وصمت........وخشع امام مانطقت به عمتي..
وأمام أمي ..
أمي .....التي وقف بها الزمان هنا وعند هذه اللحظة وهي قد التفتت لتراني وتصبح امامي .... أنا ....فقط..!
تعرف بحقيقيتي وحقيقة تلك الدموع الحارقة...
عيناي أصبحتا عاجزتان عن الرؤية.... . الغشاوة تغطي عينيي من غلالة الدموع المتجمعة فيهما وجيش المشاعر المتلاطمة بعنف تتسابق لتصرخ باسمها
أمي ...!
أمي...!
أمي ...!
أردت أن أهمس باسمها .. ...أن أناديها .... أن أصرخ كماتمنيت زمنا....
أمي.....
امي.
لكنني بقيت في مكاني عاجزة كجثة جامدة متصلبة متخشبة كما أنا .لاحياة في سوى من تلك الدموع المنهمرة ..
وأول شيء كان قد تحرك من هذا العالم الجامد دموع أمي المنسابة على وجهها ثم شفتاها... ... ثم يدها التي ترتفع نحوي ببطء.... و بصعوبة و بجهد و بحروف متقطعة متهدجة لتقول :
" ري......ري... ريحانه.....ريحانه...ابنتي ....ريحانتي"
ثم فجأة ، وبدون أن أستوعب شيئا ....شعرت بنفسي بين أحضانها غارقة بدموعها تلفحني شهقاتها المتأججة بجنون تلك اللحظة وآهاتها الممتزجة بدموعها لتذيبني وتصهر جمودي الذي تملكني:
"ريحااااانه....... ابنتي....ابنتي.......انت ابنتي.... حبيبة قلبي ووردتي الغالية ....روحي ومهجة فؤادي...ريحانه.....يااااااااا لهي...
اخيرا رأيتك...اخيرا احتضنتك ياحبيبتي....ريحانه...ياقلب امك ....اااااه "
أطلقت هذه الآهة ، ثم خرت بي أرضا وأنا لاأشعر بساقي بل بجسدي الذي انهارمعها منصهرا ليلتحم بوجعه مع اهاتها...
وكأنني أعيش في حلم ولاأصدقه.!!!
أجيبوني.... أرجوكم .... أجيبوني...
إن كان هذا حلم ماأعيشه أم وهم....؟؟
إن كنت في أحضانها أم لا.....؟؟
هل هذه هي..... امي...... حلمي ..... تغرقني في أحضانها ترويني بدموعها، وتحرقني بأنفاسها المرتجفة...؟؟
متشبثة بي بذعر وتكاد تخترق جسدي وهي تصرخ بي ....؟؟
ارجوكم أجيبوني ...؟!
"كنت اشعر.....كنت اشعر بذلك....قلبي كان يقول لي بأنك ابنتي...لكني كنت اكذبه ...أكذبه واقول مستحيل ان تكوني انت واني سأراك يوما....
اااااااااه ياالهي ااااااه"
ترفع وجهي نحوها وتنصهر بوجهها على خدي تبكي عليه وتصرخ بوجعها ودموعها صاهرة بأنفاسها كل خلية في روحي..... تنتحب بحرقة السنوات التي فرقتنا ومعجزة القدر الذي جمعنا....
تمطرني بالقبلات تارة وبأنين أنفاسها تارة ثم تعود لتغرقني في صدرها علها تشبع قلبا خاويا كحالي...
فأغمصت عيني بقوة معتصرة مااعيشه لادرك حقيقة هذا الحلم الجميل الذي اتنعم فيه، وعندما فتحته كنت مازلت غارقة فيه وفي احضانها المحترقة وبجنون هذا اللقاء فتحررت الاهات من قلبي منفجرة بنيران الاسى والشوق الطويل لها ..
"أمــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــي

أاااه......اااااه ياأمي.....ااااه....
لكم اشتقت لك .....وكم تمنيت رؤيتك ولقائك هذا.......كم بكيت ليال وحيدة... اتمنى فيها أحضانك الدافئة......فاحضنيني يأمي بقوة...احتضنيني وضميني لصدرك.....أسكنيني في قلبك ولاتتركيني.....لاتتركيني وحيدة مرة اخرى......فأنا احبك...احبك جدا ياأمي .. أحبك وطالما تمنيت هذه اللحظة وحلمت بها ...امي.. امي... اااااااه"
فعلت شهقاتها المغمورة بشلالات دموعها وهي تزيد في احتضاني واعتصاري بين ضلوعها متهدجة بكلامها ..
"وأنا كذلك ياابنتي.....لكم تمنيت مثل هذه اللحظة وكم.... كم حلمت بها حتى طال الامل وتملكني الألم من طول الفراق .... فسامحيني ياقلب امك ...سامحيني فقد حرموني منك ...حرموني وعذبوني بفراقك وسفره البعيد بك حتى لأاجدك انت واخاك ..ولكم .....لكم رسمتك بقلبي وحفرتك بداخله ولكم............... تخيلت ملامحك ...وكم شممت رائحتك الزكية في بقايا ثيابك التي احتفظ بها...
ولكم سهرت ليال طويلة باكية وداعية لله ان يحميك ويجمعني بك انت واخاك...
حمدالك ياالله......حمدا لك ياالهي "
"احضنيني ياأمي ...احضنيني الى صدرك وقبليني ...دعي احضاني تتشبع بصدرك ودعيني اشتم فيك رائحتك...رائحة الام التي طالما تمنيتها .وحلمت بها ..
امي.....أمي.....امــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــي

*********************
كل الدموع التي ذرفتها لسنوات عشتها وحيدة وبعيدة عنها لاتساوي ذرة من الدموع التي تفجرت من بئر عيني في تلك اللحظة.
فكل مواجعي وآلامي وأحلامي قد تحررت ... صارخة وغارقة في ثنايا صدرها المتأجج كحالي...
لقد كنت غارقة في أحضانها لأبعد حد....أغرق وأغرق واستقي من احضانها واطوقها بذراعي بقوة حتى.....
حتى شعرت بروحي المشتاقة والعطشى قد اخترقت قفصها الصدري وأخترقت ضلوعها لتدخل الى قلبها وتحتله متنعمة بحنانها وجنون نبضاتها الصارخة باسمي انا .... .
دموعها تغرقني... وأنفاسها تعصف بي... وقلبها المتوهج يحتويني ويكتنفني ليسكنني في حشايا الروح.
تلك الروح التي امتزجت مع روحي وهي تغلفني بذراعيها لأعيش بينهما وأتتنعم بربيع لن ينتهي ...
وجنة لاتفنى.. استسلم لها ملبية....مناجية و منهارة على صدرها بدموع الفرح والالم الى أن...رفعت وجهي الباكي عن ربيعي الدافئ رغبة في الغرق أكثر بتفاصيل وجهها الذي طالما تخيلته في قلبي منذ عرفت نفسي...
وهذا كان حالها...
أطلت النظر فيها بضحكات باكية أرسم كل تفصيلة في وجه جنتي وأنحته في قلبي وفي ذاكرتي ووجداني لأعيش به بقية أيامي.......
أمواج من المشاعر تجانست وامتزجت مع دموعها وشقاتها وانفاسها المضطربة لترتفع عاليا بنحيب أبكى كل من حولنا من بشر ..ولم نشعر بأنفسنا ونحن غارقتان في بحر هذا الحب الا عندما اتت مي بنفسها مدركة بأن خالتها قد التقت بابنتها اخيرا...فجلست بجوارنا تبكي معنا فرحة امي وفرحتي حالها كحال من ترك العرس واكتفى برؤية لقائنا الحارق...

" كم كنت محظوظة ياأختي...فأنت .....أنت قد رأيت والدتنا وتنعمت بأحضانها أخيرا "
قالها اخي الصغير فارس بتنهد حارق ونبرة مختنقة ترافقت مع دموعه التي انهارت تباعاً من عينيه العسليتين ببحسرةمماجعل
الالم يعاودني ويوخز قلبي بقسوة، فاقتربت اكثر منه لأمسك كفيه الصغيرتين وأقبلهما ثم اقول :
" أقسم لك أني لوكنت قادرة على جعلك تأتي معي لفعلتها يااخي..ثم أني ...لم اخطط لمواجهتها واخبارها بالحقيقة ...فكل مااردته هو رؤيتها من بعيد...ولقد اخبرتك كيف سارت الامور "
فرفع نظراته الحزينة نحوي وهو يهمس بتهدج :
"أخبريني.......كيف تبدوا ؟ هل هي جميلة...؟
هل نشبهها...؟ وهل هي طيبة وحنونة ...؟
وهل..... تذكرني...؟
هل...... هل سألت عني؟ "
احتضنت رأسه أمسح على شعره هامسة له بمشاعر صادقة غارقة في ذكراها :
" كانت .....كحورية من الجنة ...تشع بابتسامتها الدافئة كالشمس وقلبها يتدفق حنانا وطهرا كنهر جار لاينضب..
اما عيناها فكانتاصافيتين لم أرى فيهما سوى الطيبة والخير...بينما أحضانها فهي....هي...لااعرف يااخي...لاأعرف.. لكني شعرت بنفسي بأني في أحضان الجنة ...اتنفس عبير انفاسها واستمد دفء الربيع من صدرها واغرق فيها..اغرق ..بنشوة ولذة ...لامثيل لها "
أخفض أخي رأسه ليضعه على صدري ثم حرر يديه ليحيطني بذراعيه الصغيرتين معانقا لي مع انفجار شهقاته المكتومة التي تتعالى من صدره وهي يتهدج باكيا :
"ضميني ياأختي.....ضميني ودعيني اغرق انا الاخر في صدرك....لعلي شتم رائحة امي فيك....احتضنيني بقوة فأنا أشعر بأن أمي هنا....ساكنه في احضانك ولم تفارقه بعد..."

ففاضت عيناي بالدمع وأغرقته في أحضاني بقوة وهو يبكي ويزداد تشبثا بي حتى همست له باسمة من بين دموعي :
"اتصدق بأن امي قد طلبت ذلك.."
فرفع وجهه الباكي نحوي ينظر لي بعيون دامعة متسعة تترقب ماتتمناه فاردفت صادقة و ماسحة دموعه:
" لقد قالت لي ....بأن احتضنك وأقبلك مرارا عنها واخبرك بأنك كنت ومازلت حرقة قلبها في هذه الدنيا منذ اختطفك ابونا منها وانت لم تكمل السنتين بعد....
وبأنها.... تتحرق ليل نهار لرؤيتك امامها.... رجلا كبير قويا ذا شهامة ورجولة لليضاهيه فيها احد لتأتي وتأخذها ونعيش معا في بيت واحد يجمعنا بكل حب" ...
ابتسامة بريئة لاحت على شفتيه الصغيرتين وهو يسمع ماأخبرته به ثم اخذ يمسح بقايا دمعه هامسا :
"سأكون قويا ياأمي ...سأكون رجلا قويا ولن ابكي...نعم...لن ابكي ...ولن اضعف...وسأتي اليك يوما واخذك بعيدا عن كل من ظلمونا ...اعدك بذلك ياامي.....أعدك."
فربت بيدي على ذراعيه بفخر قائلة:
"وستكون امي حتما سعيدة وفخورة بك "
فهز رأسه مؤكدا عزمه ثم عاود احتضاني بقوة يتنفس بعمق يستنشق بنشوة عبير أحضان غرقت فيها قبله...
وبقينا على تلك الحال للحظات حتى سمعنا صوت أبي الهادر وغضبه الذي كنت أدرك وقوعه في أي لحظة.....فهو حتما قد عرف بلقائي بأمي ..والفضل يعود لأولئك السيدات التي شهدن لقائنا ....وحتما لن يمرر الامر على خير..
انتفض اخي من صدري فزعا ينظر لي بقلب مهلوع والرجفة أخذت تسري في كل ملامحه وهو يهمس باضطراب
"اختي....اختي لابد ان ابي قد عرف بأمرك"
انقبضت ملامحي بخوف من غضب قادم واعتصر قلبي بقبضة حديدة وانا اعض على شفتي بقوة وكأنني اقبض على الخوف الذي داهمني وانا اسمع صراخه بعمتي ..
فقلت لفارس محاولة مواره خوفي والتحلي بالشجاعه:
"لاتقلق......ولاتخف...لن يحدث شيء ..اذهب انت الى غرفتك وابقى فيها...واياك ان تخرج منها "
"لكن! "
"لاتقل لكن....ونفذ ماامرك به...هيا...اذهب واغلق الباب على نفسك وأغمض عينيك وتذكر ماقلته لك عن والدتنا حتى تهدأ وتنام "
"وستكونين بخير.؟ "
"نعم....سأكون بخير... فهيا...غادر قبل ان يأتي أبي الى هنا... هيا"
"حسنا "
فغادر الغرفة على مضض والخوف قد تملكه كما تملكني ...فأنا اكثر من ذاقت من غضب ابي ...وهاانا اسمع صوت عمتي الصارخ بالغضب والألم...
" إنها أمها وكان من حقها أن تراها ومنذ زمن، فأوقف ظلمك ياعامر... أوقفه وارحم ابنتك التي كانت تموت أمامنا بفرقاها "
ــ"هي ابنتي أنا ولاعلاقة لأحد بها...حتى أنت!! "
"لا...!!
" ليست ابنتك لوحدك..... فأنا من ربيتها واهتممت بها ولي الحق في التصرف معها"
ــ"أبدا لايحق لك..... أبدا!!!
صراخ وشجار انتهى پصوت ألم تناهى لمسامعي وبالقرب من غرفتي...
لابد أنها تحاول منعه مني...ولابد...... أنه..... أنه.... يضربها....
"عمتي الحبيبة........ سامحيني.......سامحيني ياعمتي..
..فكله بسببي ....بسببي أنا
ياالهي.."


*................*
ظللت واقفة...جامدة... في منتصف الغرفة أغمض عيني بقوة واضعة كفي على أذني بخوف مهول...أترقب دخوله وانازع بأنفاسي المرتجفة لتستقر في صدر تبعثرت خلاياه بهلعي وصوت خطواته المتسارعة تقترب من غرفتي بسرعة حتى انفتح الباب صارعا به على الحائط بضربة واحدة من قدمه....
أين انت أيتها اللعينـــــــــــــــــــ ــــــــــــــــه؟؟!!!! "

انه امامي...يقترب مني بخطوات ثقيلة والنيران تتأجج في عينيه المتقدتين بالغضب ..وجهه مكفهر محمر يقطر شرارا وموتا قادما يجتزه بين قبضة كفه التي هوت في ثوان على وجهي بقوة مرارا حتى.... سقطت أرضا .!!

اشعر بالارتجاج في راسي من قوة صفعاته.... سيل من الدماء تتدفق من انفي و ربما شفتي و غشاوة سوداء اعمتني للحظات وهو يزمجر بطوفان غضبه من حولي:
" فعلتها اذا....فعلتها ياابنت ليلى ...فعلتها...وكسرت قول ابيك...فعلتها متحديا لي ولقسمي ...مثلك مثلما فعلت أمك "
قبضة حديدية تغرق في شعري.. تنتزعه من جذوره وجسدي يرتفع عاليا عن الارض مع قطرات الدماء التي تتناثر من وجهي الذي قد اصبح امام نيرانه..
"ظننت اني محوت ذكراها من عقلك الغبي هذا وبأنك قد نسيت امرها ...لكني اكتشفت بأني كنت الغبي الوحيد في هذا القصر وبأنك اتخذتني سخرية تلعبين بها..."
صفعة اخرى تهاوت على وجهي جعلتني اسقط مجددا وبلا حراك...
وكأن مطارق من حديد هي ماضربت وجهي...ألم يفتت عظامه ويسحقه على الارض...
" صرت تخططين وتنفذين ياابنت ليلى...تأتي الي وتستأذنين مني....وتقولين زفاف اقارب صديقتك وانت ترغبين بحضوره .....وتتوسلين مرارا وتكرارا وانت في الاخير ذاهبة للقاء تلك الساقطة !!"
حاولت جاهدة التكلم والدفاع عن أمي التي ينعتها بالساقطة ...حاولت مجابهته واخباره بأنها أمي... أمي التي أنجبتني واعطتني روحا من روحها...
وأنها.... وانها... لكني لم استطع.
أشعر بأن لساني قد شل...وبأنه لاياوجد لي حتى اسنان في فمي...بل ربما صرت انازع انفاسي الاخيرة مع تلك الرؤية التي باتت محدودة الاتساع..
" أتعرفين شيئا....انا المخطئ الوحيد في هذا البيت...انا المخطئ الذي ترك تلك العصا معلقة على جدران غرفتك ظانا مني انك قد كبرت...ولاينفع ضربك....ولم ادرك للحظة بأنك قد كبرت علي و تمردت
...انا ...انا من سيعيد تربيتك ياابنت ليلى وسيعلمك معنى ان تكسري اوامري وكيف تكوني ابنت عامر الهدار فقط."
زمجر بوعيده وانا اشعر بخطواته تبتعد عني الى حيث تلك العصا المعلقة على الحائط والتي قد عشت معها الكثير...
الكثير من الاسى والذكريات المنتهية بحفر عصا الخيزران على يدي....
لكن.... هذه المرة أشعر بأنها ستحفر في جسدي بأكمله بل ربما تنتهي على جسدي محطمة لتموت أو اموت أنا ..
" سأريك يابنت عامر عاقبة مافعلته ...سأرييييك ."
وانطلقت تلك العصا مأمورة على جسدي تأخذ نصيبها مني واخذ نصيبي المر منها لأصرخ متالمة ومتأوهة من حدتها.
"اااه"
صرخات اااه انفلتت مني عاليا مع حدة تلك العصا التي اخذت تضرب كل جزء في جسدي بلا رحمة ....وبعد أن تنتهي الضربة الاولى تلسعني ضربة أخرى... وقبل أن أشعر بالألم في موضع, يصاب موضع آخر.
.كانت عصاه تتلوى علي بسرعة كحالي تسلب معها اهات أنفاسي فتصرخ دموعي عوضا عنها مستنجدة صارخة وهو مستمر في سلخ ظهري وقصمه .....يحفر ندبا دامية وينثر هشيم غضبه ومقته على بقايا جسدي...
فتكورت على نفسي محتضنة صدري بذراعي أستنجد بأمي لتحميني...لتسبر جروحي النازفة وتطفئ لهيب أوجاعي .
وآه ياأمي.... آاااااه كم تحملتي منه !
ااااااه..
ألهذا تركته؟؟؟
ألهذ فارقتنا....؟؟؟
سنوات طويلة وأنا أتعذب بغضبه وكرهه ،لكن...هذه المرة هي الأشد والأقسى...
ليتك لم تلدينا يأامي....و ليت الموت يأخذني الان ويرحمني.
فأنا أتوجع....أتوجع و أتلوّى ......أتجرع
عذابا ينسي المرء اسمه ياأمي...
أمي....أجيبيني....
هل تشعرين بعذابي الان......؟
هل تشعرين بتنازع أنفاسي نار آلامي..؟
أني أموت....أموت ياأمي ....ولاأملك الا هذه الأحضان الخاوية ،ورائحتك العالقة فيها.
"أمي "
*...................*

استارشا likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى ...ترنيمة الفجر...




رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 10:19 AM   #9

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

(الفصل الخامس )
***************
مرمية على الأرض بلا حراك ..بقايا جسدٍ دامٍ وروح تتنازع الانفاس... جثة تنتظر كفنها الابيض ورحيلها لمأواها الاخير علی هذه الدنيا .
أناة تخرج من صدري المحطم.... شائكة .....دامية بجروحها...
وأصوات خافتة تراودني وتهيم من حولي ...اصوات مضطربة لاأستوعبها....أقواها صوتٌ مزعج يناديني ....صوت لايتوقف ولايستكين....يستحث كل حواسي لتستجيب...يستنفر خلايا عقلي الغارقة في غيبوبته لتصحو....
فلا مجيب...
فظللت غارقةً في عالمي البعيد عنهم، ووجعي المتنازع الاليم.
لكنّ ذلك الصوت مازال يتوسل لي أن أجيب...يهمس لي وبلحن حزين ...
كأنني أسمع نحيبه المهزوم....بكائه المكتوم بشهقات متهدجة..
"ريحانه....ريحانه"
احاول الاستجابة لذلك الصوت الحزين وفتح عيني الغارقتين في ظلامهما...فلا استطيع .
وكم هو صعب فتحهما... وكم هو مؤلم ....وشبه مستحيل..!
الظلام يحيط بي كما الالم الذي يفتك بكل جزء في جسدي .
"أختي....أرجوك ...اجيبيني "
ذاك الصوت.......!
أخي.....فارس..............أخي الحبيب..
ياالهي....
إنه يناديني وبصوت حزين ومنكسر
أخي .
أخي...
حاولت لملمة حواسي المشتته والتي بدأت اشعر بعودتها لي وفتحت عيني جاهدة رؤية أي شيء واستيعاب مايحدث . فوجدت أنني مرمية على الأرض... ..بلا أدنی قوة ولاقدرة على الحراك...
الذكريات تعود بي عاصفة بعتوٍ لتفتك بي وتلقيني في دوامتها.
لقاء أمي و هجوم أبي الضاري بعمتي، وجنونه الهائج بي ، وتلك ال......تلك العصا التي كان يضربني بها وبلا هوادة...
والتي لا أدري حتی متى توقفت عن قتلي ،ومتى انطفئت تلك النيران المتأججة من حولي ؟ ..
أتذكر الان ...أني كنت ابكي بحرقة ألمي .. وأنا أغوص بين أحضاني ..... أعمق وأعمق.....استنجد بأحضان أمي لتحميني ....وتأخذني إليها.....شيئا فشيئا...حتی بدأ يتلاشی الالم من حولي ،وبدأت خفقات قلب تتباطأ... وأنفاسي تنسحب من صدري... .... حتى اختفى كل شيء من حولي .
"اختي....ردي علي... ...ارجوك يااختي...ارجوك "
اخي..
كلماته المحترقة ببكائة تثير قلبي الموجوع، فحاولت أن أهمس له وأهبّ جالسة غير أني شعرت بأن الأرض ملتصقة بي وترفص مفارقتي،بل داهمتني آلام حادة في جسدي كله وأعادتني إلى ماكنت عليه مجبرةً.. منهارة بلا حراك....
فنظرت بنصف عيني المفتوحتين الى حيث مصدر ذلك النحيب المكتوم....
فوجدته صادرا من خلف باب غرفتي المغلقة ..
حاولت مجددا النهوض بجسدي فازداد ألمي وصار أقوى واشد .
الغرفة تدور بي ومطارق حديدة تضرب رأسي ،وتدق طبول الحرب العاتية فيه، حتى الرؤية امامي صارت جدا ضعيفة ...
لربما لقوة الصفعات التي حطمت وجهي بأكمله..!
"ريحانه....اجيبيني ...لاتتركيني "
اخي... الالام فضيعة بداخلي ولاقدرة لي على النهوض...حتی أنفاسي تعجز أن تُجيب نحيبك..
استسلمت منهارة بلا ادنی قوة...جثة غارقة في الظلام مجددا وهاربة للبعيد بكل ألمها...إليها...إلی من أحببتها وانتظرتها لسنوات...
الی من تناديني بحب واشتياق أحن اليهما..
"ريحانه.....ريحانه....ابنتي ....حبيبتي الصغيرة "
فتحت عيني بصعوبة لاراها وأتأكد من وجودها من حولي ....فكانت هيا...
ابتسمت لرؤياها بضعف وهي تبدوا كجنة سماوية تنزلت أمامي .
فهمست واحساس بالسعادة يتسلل لقلبي بلقياها:.
"امي.....انت هنا "
اتسعت ابتسامتها اكثر وهي تهمس لي..
"نعم ياروح امك.... .انا هنا"
حاولت رفع يدي نحوها ....لأتلمسها ولأحضنها ،لكن يدي كانت اضعف واشد وهنًا من ان ترتفع وتنهض بي نحوها، فاقتربت هي مني لتجثو بجواري وترفع رأسي المتصدع ألما عن الارض ثم تحتضنني وهي ترفع جسدي الى صدرها الدافئ وتقول:
"انهضي ياصغيرتي هيا...انهضي "
همست دافنة وجهي بصدرها:
"أمي.....حبيبتي....انا لاأستطيع.....لاأستطيع أن انهض ياامي...لست قادرة علی ذلك."
فقالت:
"بلى تستطيعين....وستنهضي مجددا ،وتعودين لناوتكوني اقوى وأشد صلابة من هذا الألم "
"لاأريد العودة ياأمي ....أنا حقا متعبة...متعبةٌ جدا وأتألم بقوة .....أرغب أن أرتاح وأبقى هناعلی صدرك و...في أحضانك ...بلافراق ،ولااتركها ابدا "
فقالت بهلع:
"لا...لن تبقي هنا...ولن تنتظري .....مازلت صغيرة والحياة تنتظرك..."
قلت متهدجة باكية اغرقها بألمي:
"لااستطيع ياامي...ولم أعد قادرة علی العيش هناك.. أنا محطمة ،وقلبي يؤلمني....يؤلمني بقوة.. لدرجة بأني أشعر بتهتكه ...لن استطيع النهوض ولاالعودة له ولالتلك الحياة الظالمة الخاوية بدونك ياامي "
۔"بلى ستعودين وستتغلبين على هذا الالم ياصغيرتي ...ستعودين وستعيشين لنجتمع معا ونعيش سوية كما وعدتني... فلاتستسلمي وقاومي .لاجلي ولاجلك ولاجل اخاك.....فلاتضعفي ...."
رفعت وجهي نحوها ونظرت الى ذلك الوجه الحزين والى تلك الدموع المنسابة من عينيها الرحيمتين والتي انهارت لتصل الى وجهي طالبة بمثيلاتها من عيني فازدت تشبثا بأحضانها وانا اهمس باكية ببقايا انفاسي المتنازعة من اغوار جروحي..
" لم أعد قادرة على البقاء بدونك ياأمي....أنا أتألم.....وأموت ...بل ..أشعر بأني فعلاًأموت ....أموت ببطء وكل نفس انتزعه من صدري بألم كانتزاع السكاكين من جسدي .."
"روحي وقلبي فداء لك ياابنتي"
"احبك ياامي....أحبك ..فسامحيني... لأني لا استطيع الوفاء بوعدي لك"
فاتسعت عيناها وهتفت بي وهي تهزني بقوة بينما جسدي وأجفاني ينهاران باستسلام محتفظتان باخر نظرة لوجها قبل ان يغرقا بهدوء وسلام في بحر لجي عميق خافيا عني رؤيتها ورؤية تلك الحياة الظالمة وسامحا لي فقط بسماع صوتها المهلوع بالالم قبل الرحيل...
"لا...لاتغمضي عينيك ياريحانتي...لاتتركيني ....فأنت لايمكنك ان تموتي ....لايمكنك ان ترحلي بعد ان وجدتك.....لايمكن ذلك...فانت مازلت صغيرة...والحياة امامك ياابنتي.....ريحانه....
انهضي وافتحي عينيك وعودي لهذه الحياة....هيا ياابنتي هيا.....انا واثقة بأنك قوية وستعودين و.ستعيشينها بقوة كما عشت سنوات وحيدة بدوني ..وستكبرين وتأتين الي لنعيش سوية....ريحانه هل تسمعينني ......؟
هل تسمعينني ....؟
لاتستسلمي للموت ياابنتي ولاتضعفي...ارجوك لاتموتي....لاتموتي ياريحانه......ريحانه.....ريحان� � ...
ريحاااااانـــــــــــــــ ــــــــــه !."

"اختي....ارجوك لاتموتي....اجيبيني....يارب ..لاتأخذها مني ياالهي...لاتدعها تمت....ريحانه ...لاتموتي...لاتموتي ياريحانه.....اختي..... اااااه.."

شهقت بقوة كالناجية من الغرق المحتم وفتحت عيني الغارقتين في الظلام لأعود الى عالمي الذي لايمنحني سوى الاحساس بالألم....
اتنازع الانفاس مجددا و نور سماوي يتسلل الى وجهي معلنا بدء يوم جديد وحياة مشرقه....رفعت نظري نحوه...الى نور الفجر الساطع المتخلل لستائر الغرفة..
"انه الفجر....."
ابتسمت رغما عن ألم وجهي .....ابتسمت للفجر وللحياة ولوجه أمي الذي اتخيله أمامي اذا عرفت بأني سأظل قوية رغم كل الظلام الذي يحيط بي ....
رغم ظلم أبي وجبروته ..رغم جراحي وألمي...ورغم كل تهديداته وماسيفعله..
لذا حاولت النهوض مستخدمة يديّ الاثنتين لأنهض عن وضعي المضطجع... بكل ضعف... كعجوزة طاعنة في السن... واهنة القوى ... لاتبصر جيدا.....وغير قادرة على الثبات في اتكائها ،والآلام تضرب كل أجزاء جسدها ...حتى رأسي مفتت بصداع رهيب مع دوار مقيت جعلني اقع مجددا ...لكن كان همس اخي المبحوح أشد وقعا على نفسي...
فحبوت حبوا باتجاه الباب... حيث اسمعه واحن اليه وعندما استطعت الوصول للباب همست له متصنعة بعض القوة في صوتي وأنا أمد كفي الى تحت الباب لعلي الامس أصابعه واطمئنه...
" فارس ....اخي ال.....حبيب....أنا بخير...هل تسمعني .........هل ترى كفي؟ "
فانقطع بكاؤه ولامست أصابعه الصغيرة بارتجاف أصابعي وهو يقول بصوت امتزج بحزنه وفرحه :
"اختي ...هذه انت....هل انت بخير...اجيبيني ؟"
فقلت بصعوبة اخفيها بمجهود مضني..
" نعم...أنا... بخير ...وسأظل بخير ولن أترك. يدك أبدا "
فشهق باكيا متهدجا بأنفاسه المتألمة وهو يحمد الله:
"اختي..... ظننتك قد مت..... حمدا لله يااختي ...حمدالله....كنت خائفا بأنك....بأنك قد .....مت وتركتني"
ابتلعت غصص الألم بداخلي ثم قلت :
"لقد وعدت امي بأني.... سأكون قوية ولن أتركك....وأنا لن اتركك ...وسأتحمل ...سأتحمل حتى يأتي ذلك اليوم ...اليوم الذي سنرحل فيه سوية عن هذا البيت ونذهب اليها "
فرد باكيا..
"حقا "
فتنهدت تنهيدة ألم مريرة وأردفت هامسة بحرقة دمعة تسللت بين جروحي.
"نعم.....سنتحمل وسنعيش هنا ...حتى نكون قادرين على الرحيل اليها...فكن قويا... ولاتخف...لأني منذ اليوم... لن أخاف منه أبدا.. ابدا"
وتلتها دمعة حارقة اخرى وانا احاول جاهدة زرع بذرة الطمأنينة في قلبه الصغير قبل قلبي ليهدأ ويستكين وبقيت على حالتي تلك ساكنة على الارض وملامسة بكفي لأصابعه من تحت الباب المغلق ومحتضنة بيدي الاخرى لصدري استحضر أحضان أمي الدافئة واشتمها لتبعث فيني القوة لأعيش وأحقق حلمي..
وأنا على ثقة بأني سأعود إليك ياأمي وأحتضنك مجددا كما حدث بالأمس ...لكن ....عندم اعود لن افارقك ولن ابتعد عنك وسأعيش معك انا واخي سوية وبلا فراق..
الا........
فراق الموت ياامي


*********************



{الخاتمة }
٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭

تقف أمام نافذة غرفتها بتهالك ,تتكئ على الزجاج ترقب بألم الفجر المنبثق بخجل من دجى الليل الطويل وتبكي لقائها المتحرق بابنتها متذكرة تلك اللحظات الحميمة بينهما وذلك اللقاء المنصهر بفرقةسنوات مريرة ...
تبكي لحظة الفراق التي ودعتها فيه مجبرة..... ووجهها الباكي وعيناها المحترقتان بدموع الوداع.....تكتوي لألم ابنتها وذكرى الماضي ورماده الذي نثرته تلك الأحضان الدافئة مشعلة النار على جروحها التي ذاقتها من ويلات غضب قاتلها أحقاده....
يعتصر قلبها المهترئ بالوجع وهي تنتحب بصمت رافقها لسنوات لم تنسى فيها تلك الصرخات الباكية باسمها وتلك العيون البريئة المستنجدة بها كي لايفرقوها عن أمها..
وذلك الطفل الصغير الذي اخذوه عنوة من أمامها وهو لاعب ضاحك بين ذراعيها لتخطفه قلوب لارحمة فيها لاستغاثة أم وصغيرها...
ولاتملك من قوة لها في هذه الحياة سوی الدعاء ....
الدعاء لمن بيده كلةشيء ...
ليحمي لها من تنتظرهما ويجمعها بهما... ليريها نور عدله من بين كل هذا الظلم...

فأي ليل شديد الظلمة قد أغرقها....؟؟؟؟
وأي ظلم طالها وأفنى حياتها وهي تنتظرهما ..؟؟
وهل تستطيع يوما مسامحة من ظلمهم ؟؟؟

ياالهي.....
إن كنت سامحت عبادك السيئيين
فأنا لن أسامح
وإن سامحت كل الظالمين ..
فأنا لن أسامح
أنت إله وتستطيع المسامحة
تقول إنه عبدي وتصفح عنه
وأنت تعرف ماعانيت...
حتی وإن سامحت ..
أنا لن أسامح
إن سامحت أنت.....أنا لن أسامح
إن سامحت كل الظالمين....
أنا لن أسامح..

.
.
. (اقتباس)
.................

استارشا likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى ...ترنيمة الفجر...




رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 04:38 PM   #10

عشقي بيتي

نجم روايتي وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 427263
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,408
?  نُقآطِيْ » عشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond repute
افتراضي

راااائعه ياسمينه كروعتك
قسمابالله اوجعت قلبي وجددت ذكريات
اليمه مرت في حياتي جعلتي دموعي تنسكب
بدون شعورترى ماهي نهايةالحكايه ام ان النهايه لم تخط سطورها
في الواقع
ابدعتي ياقلبي بقوة
موفقه باذن الله

استارشا likes this.

عشقي بيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:35 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.