آخر 10 مشاركات
عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          382 - زهرة المطر - بارباره مكماهون (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          ذكرى ضاعت منه(132)للكاتبة:Dani Collins (الجزء الثاني من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          1- أهواك - شارلوت لامب * (الكاتـب : فرح - )           »          [تحميل] زينه هي الموت والمنعوت والنجوى بقلم/black widow(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          لا ترحلي - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::اسراء علي(Moonlight) - كاملة+رابط (الكاتـب : بحر الجراح - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          تحميل روايات جديده 2012 txt على جوالك موسوعه متكامله من الروايات (الكاتـب : MRAMY - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-21, 03:12 AM   #561

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 4 والزوار 6)

‏موضى و راكان, ‏Nour fekry94, ‏رحمةة, ‏rontii




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مبدعة يا مروة روايتك شيقة و ممتعة وأنت ذات موهبة خلاقة و متمكنة و متميزة

سعيدة جدا لمتابعة روايتك مرة ثانية بعد أن حالت الظروف أن أكمل متابعتها فى البداية

تمنياتى بتحقيق أمنيتك بالنشر الورقى بإذن الله لهذه الرواية و غيرها من أبداعاتك التى أنتظر نشرها


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-21, 12:12 PM   #562

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Icon26

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 4 والزوار 6)

‏موضى و راكان, ‏Nour fekry94, ‏رحمةة, ‏rontii




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مبدعة يا مروة روايتك شيقة و ممتعة وأنت ذات موهبة خلاقة و متمكنة و متميزة

سعيدة جدا لمتابعة روايتك مرة ثانية بعد أن حالت الظروف أن أكمل متابعتها فى البداية

تمنياتى بتحقيق أمنيتك بالنشر الورقى بإذن الله لهذه الرواية و غيرها من أبداعاتك التى أنتظر نشرها



شكرا جزيلا حبيبتي.. وسعيدة جدا لعودتك لاستكمال القراءة وان الرواية ظلت عند حسن ظنك.. تحياتي


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-07-21, 08:24 PM   #563

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile8 تصميمات

تصميمات جديدة لصديقتي شيرين حسين من أجواء الفصلين ١٨ و١٩





حابة اشكرها جدا على إبداعاتها ..
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-07-21, 05:22 PM   #564

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 الفصل العشرون - القسم الأول

الفصل العشرون
حازم



أكره الاستجوابات.. أكره الاعترافات..
باختصار.. أكره الأفعوانيات..

لماذا أشعر أن حياتي تحولت مؤخرا إلى لعبة أفعوانية ضخمة مليئة بالالتفافات المزعجة والانزلاقات الحابسة للأنفاس والالتواءات الخالعة للقلوب؟

لماذا لا تسير حياتي مثلا بنفس سلاسة تجول الفأر داخل المتاهة حتى يصل إلى قطعة الجبن اللذيذة فيتناول طعامه في سلام وهدوء بعيدا عن الألغاز الذهنية والعبث بكل أنواعه؟

لقد أصابني الصداع كليا بعد ما حدث من أمور غريبة اليوم، وخاصة نهايته تلك التي لم تكن أبدا في الحسبان.

كان الضيوف قد غادروا بعد أن أمضوا برفقتنا أمسية مبهجة ومسلية.
في الحقيقة.. سعدت بها بشكل خاص لسببين..

الأول بالتأكيد أنها حولت انتقال حسام إلى المنزل إلى احتفال مبهج بدلا من أن يكون أمرا مؤلما يذكّره بإصابته التي ستترك على الأرجح آثارها عليه نفسيا وجسديا مدى الحياة..

أما السبب الثاني فهو اندماج شروق بشكل ما في حياتنا العائلية، خاصة بعد تصرفها عند حمام السباحة..
حتى ولو كرفيقة سكن.. على الأقل هي لا تشعر بالوحشة والاغتراب داخل جدران هذا المنزل.. وبدأت تتقبله كمقر لإقامتها للأجل الذي تحدده هي بعيدا عن ضغوط والدها وتهديداته..

ورغم أنها لا تعرف الحقيقة كاملة، إلا أن ذكاءها قد جعلها تستنبط الكثير من الأمور التي تكتنف علاقتي بوالدها، وأسلوب هذا الأخير في تحقيق المكاسب بعمله وطريقته في الانتصار على منافسيه..
حتى أنني صرت أتساءل عما إذا كان عليّ أن أحتفظ بما أخفيه عنها أم أعترف لها بكل شيء..

لكن.. هل ستتقبلني عندما تعرف كل الحقائق؟
وهل هي تتقبلني الآن؟
على الأقل.. قل نفورها نحوي نوعا ما..
أو هكذا أظن..

كان كلانا منشغلا بترتيب غرفة الجلوس بعد مغادرة الضيوف، عندما اقتربت مني شروق وسألتني همسا: "هل ما زالت عضلاتك تؤلمك؟"..
أ
جبتها بابتسامة عريضة لم أستطع السيطرة عليها: "ليس بشكل ملحوظ.. فقط ألم بسيط للغاية أتجاهله بالتنظيف.. لا يحتاج حتى للمسكنات.. بالمناسبة شكرا على مشروب السموزي الشهي"..

ردت شروق بحمائية: "وكنت للتو تخبر أصدقاءك أنني لم أعد أي طبقٍ من أجلك منذ زواجنا"..
اختضبت وجنتاها باللون الأحمر الرائق.. وكأن اندفاعها بالكلمات قد أصابها بالحياء.. ثم استطردت بصوت خفيض: "احرص على أن تأخذ بعض الأقراص المسكنة للآلام، ثم ضع بعض المرهم الباسط للعضلات قبل النوم".

جاء صوت حسام من الخلف بهدوء وكأنه قد تراجع بالفعل لخارج الغرفة: "إذًا سأقول لكما تصبحان على خير وأتوجه الآن إلى غرفتي.. وتهانينا مجددا على زواجكما وانتقالكما لهذا المنزل الجميل.. أنا سعيد أننا سنصبح جميعا.. احم.. جيران.. نعيش في ود وسلام تحت سقف واحد.. كنت دائما أريد أن يكون لي أخت".

التفتت شروق نحوه وأهدته ابتسامة ناعمة وطبيعية تخلو من أي تكلف أو مجاملة، وهي تصيح بمرح: "وأنا سعيدة أنني سأكون جارتك أيها السيد الكاتب"، لتتسع ابتسامة حسام بلا أي مبرر..

أجبت بصوت جاء خشنا بعض الشيء: "حسنا يا أخي.. هيا لأوصلك لغرفتك.. ولنترك شروق لإكمال التنظيف.. فهي الآن إحدى ساكنات المنزل وعليها واجبات مثل باقي سكانه تماما.. لن تتلقى معاملة خاصة أبدا فقط لأنها سيدة"..

رفعت هي أحد حاجبيها مسددة نظرة قاسية نحوي، لكنها لحسن الحظ امتنعت عن التعليق في وجود حسام الذي بدأ يتحرك بكرسيه في الاتجاه العكسي بينما أنا ألاحقه لأرشده لمكان غرفته الجديدة.

فور أن وصلنا إلى غرفته بالطابق الأرضي، بادرته قائلا بتفكر: "أرى أنك تجيد التعامل مع المقعد ذي العجلات".

أجاب حسام بمرح مصطنع: "لقد اكتسبت خبرة هائلة من التدريب عليه خلال الأيام الماضية في المستشفى.. بينما أنت كعريس كنت منشغلا بشهر العسل مع عروسك"، ثم تنهد بشكل مفتعل وقال ممازحا: "أخبرني قليلا عن شهر العسل.. أو بمعنى أصح.. ما مقدار العسل الذي سمحت لك شروق بتذوقه؟"

عاجلته بصفعة مصوبة نحو أسفل رأسه، ليرفع هو راحته يتحسسها بألم زائف، ثم قال بجدية: "حقا يا أخي.. أخبرني كيف أصبحت العلاقة بينكما الآن.. لقد لاحظت بعض الانجذاب وكانت هناك شحنات كهربائية متطايرة في الأجواء عندما وصلنا قبل ساعات.. حتى أنها كانت تحتضنك بقوة وكنتما مبللين بالكامل وملابسكما تبدو مبعثرة للغاية.. يتملكني الفضول أقسم بالله.. هل تم المراد؟".

هذه المرة لكمته برفق على جانب فكه الأيمن وزجرته بحزم: "كف عن الوقاحة يا حقير.. لم يحدث أي شيء.. أنا.. احم.. أصبت بشد عضلي أثناء السباحة وهي كانت تساعدني على النهوض والعودة للمنزل حتى لا أصاب بنزلة برد في هذا الطقس.. ثم.. أعدت لي مشروب السموثي".

انفجر حسام في نوبة ضحك بينما أخذ يتحسس فكه عند موقع اللكمة، ثم قال من بين ضحكاته: "ولماذا نطقت آخر جملتين بهيام شديد؟ أكل تلك الابتسامة العريضة من أجل مشروبٍ مثلجٍ فقط؟ أنت حالة ميؤوس منها يا عريس"..

صفعته مرة ثانية مستحقة على مؤخرة رأسه، وأجبته بحقد وتوعد: "حسنا.. لنرّ عند زواجك كيف ستتصرف أنت؟ أظن أن من سيكون حظها عثرا وتقترن بك ستطردك شر طردة ليلة الزفاف ولن تسمح لك بالاقتراب منها أبدا".

ارتسم بعض الحزن للحظات على عينيّ حسام، لكنه أغمضهما لثوان ثم فتحهما ثانيا والبهجة تشع منهما بتصنع..
وكأن شيئا لم يكن..
تبا للساني الأحمق..

عاجلت بالاعتذار: "عذرا أخي.. أنا كنت أمازحك ولكنني غليظ ثقيل اللسان كما تعلم"..

ابتسم حسام بود، ثم علّق: "أعلم.. أعلم.. فهذه العائلة لن تتحمل اثنين بنفس الوسامة وخفة الظل والذكاء المتقد والرجولة الاستثنائية.. وحلاوة اللسان"، منهيا كلامه بغمزة ثم اتبعها بإخراج لسانه لي تطبيقا لنفس حركته التي تميز بها منذ الطفولة قاصدا استفزازي..

مرت بضع دقائق وأنا أخبر حسام عن بعض التفاصيل الخاصة بغرفته متجنبا النظر لعينيه مباشرة..

أخذت أشرح كيف تم العمل عليها لتناسب وضعه الصحي بإضافة دعامات للجدران حتى يتكئ عليها عندما يبدأ مرحلة السير بمفرده وبدون العكاز، وكذلك استعرضت كيف تمت المحافظة على المساحات واسعة بالاكتفاء بالقليل من قطع الأثاث، حتى يتمكن من التحرك بسلاسة بكرسيه وبعدها بالعكازات التي سيبدأ التحرك بها متخليا تماما عن المقعد المتحرك إلا للضرورة خلال يومين على أقصى تقدير كما فهمت.

قاطع حسام استرسالي متحدثا بجدية: "حازم.. لماذا تتجنب النظر إليّ؟ أما زال يحكمك الشعور بالذنب.. لقد أخبرتك من قبل أن ما حدث لساقي لم تكن أنت سببا له.. بل كان قدرا ساقته الخيانة وأعوان الباطل.. أنا حتى لست غاضبا.. ربما أنت لا تصدقني الآن.. لكنني على يقين تام أن ما حدث لي ولغيري ممن فقدوا البصر أو تعرضوا لعاهات مستديمة أخرى أو من فقدوا حياتهم بسبب جنون النظام وأعوانه.. كل تلك الإصابات والأرواح التي تم إزهاقها في ريعان الشباب هي الثمن الذي يستحقه الوطن وهي الوقود الذي يزيد الثوار إصرارا على إكمال حلمهم بالتغيير الحقيقي والتحول الديمقراطي وفصل السلطات وتفعيل المراقبة عليها من جهات مستقلة بدلا من الانفراد بالسلطة كأول مسببات الفساد".

ما زال ينبري بأحلامه الوردية، مثله مثل شروق تماما، وكأنهما لم يدرسا تاريخ بلدهما جيدا.
التفتت نحوه بإصرار وأنا أرد بكل ما تبقى لدي من طاقة: "يا بني.. منذ متى كانت هذه الدولة تقوم على تبادل القيادات وتقسيم السلطات.. الوطن منذ فجر التاريخ يقوم على الحكم الفرد.. على نظام مركزي يعتمد على ضم السلطات كاملة في قبضة واحدة.. حتى الحقبة الليبرالية بين عشرينات وثلاثينات القرن الماضي خلال العهد الملكي، والتي يتغنى بها الكثيرون ويصفها بأنها أزهى عصور الليبرالية الاجتماعية والديمقراطية السياسية، بل ويحلمون بتطبيق ما يشبهها من أساليب الحكم الحكم.. ألم تكن هذه الفترة واحدة من أكثر الفترات التي سيطر عليها البلبلة وعدم الاستقرار وتغيير الحكومات بشكل متتابع وانتهت بطريقة دموية في عهد محمد محمود باشا الذي اشتهر بلقب (القبضة الحديدية) والذي لسخرية القدر يُطلق اسمه على نفس الشارع الذي شهد أعنف المواجهات خلال الأيام الأولى للتظاهرات؟ كف عن أحلامك الوردية".

رد حسام بنزق: "الثورة ستحقق أهدافها.. فقط نحتاج بعض الوقت"..

عارضت أنا بضيق: "آية أهداف يا أخي؟ ما هي أهدافكم من البداية؟ (الحرية والعدالة الاجتماعية
والكرامة الانسانية) كلمات مطاطة واسعة.. الكون كله يسعى لتحقيقها وفقا لاحتياجات وظروف كل دولة.. لكن هذه ليست أهداف بل مبادئ عامة.. كما أنكم أنفسكم قد غيرتم طلباتكم أكثر من مرة.. في البداية طالبتم بزيادة الحريات الاجتماعية وحرية الرأي والتعبير.. وبعدها طالبتهم بتغيير الحكومة.. وبعدها طالبتم بتقويض مشروع التوريث ومنع ابن الرئيس من ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. وفي النهاية طالبتم بإسقاط النظام نفسه.. وعندما تنحى الرئيس فعلا.. لم تكتفوا.. والآن تريدون التحكم في مقاليد الحياة في هذا الوطن.. أراهنك أن الأمور لن تعود لوضعها بل ستحدث مظاهرات جديدة ومطالبات جديدة.. وسيشعر المواطنون أنكم تمنعون سير الحياة بشكلها الطبيعي وتريدون التدخل في كل صغيرة وكبيرة في حاضر الوطن ومستقبله، وهذا من شأنه أن يجعل الناس تكرهكم.. وتخسرون كل الدعم الشعبي الذي حققتموه حتى الآن".

كاد حسام أن يشرع في التدخل بالرد، فرفعت يدي أوقفه، وأكملت بنفس الغيظ: "ثم من هو قائد الثورة الذي سيحرص على متابعة تنفيذ تلك الأهداف المزعومة.. هذه الثورة يتيمة وبلا قائد.. وبالتأكيد سيتم وأدها في مهدها على يد جماعات المصلحة التي كانت تسعى في البداية لإفسادها وإشاعة الفوضى وأعمال العنف، وعندما فشلت في ذلك، بدأت تحاول الاختلاط مع المتظاهرين حتى تحقق مكاسبها من ورائهم ووقتها ستلفظهم تماما.. هي كانت حركة شجاعة لا شك إلا أنها تفتقر للكثير حتى تتحول إلى قوة مسيطرة تستطيع الاضطلاع بمقاليد الحكم..".

زفرت بنزق ثم تابعت رافضا منحه الفرصة للكلام: "أخبرني بالله عليك.. هل هناك في تاريخ العالم كله ثورة نجحت وحققت أهدافها كاملة بعد ثمانية عشر يوما فقط من الاعتصامات؟ أضف على ذلك أنها كانت بالفعل سلمية ولم تشوبها آفة الصراعات المسلحة كما يحدث في دول أخرى مثل آريتيريا أو الصومال على سبيل المثال؟ إذا سألتني عن رأيي الشخصي.. فأنا أتوقع أنه سيكون هناك طرف هو الأكثر استعدادا على شحذ الأصوات حتى يفوز في آية انتخابات مقبلة مستغلا لعبة الديمقراطية التي طالبتم أنتم بها.. ووقت أن يصل للسلطة.. لن تروا للديمقراطية وجها.. سيفرض أنصاره سطوتهم على كل مناحي البلاد، وسينفذون مخططاتهم الخاصة.. هؤلاء الذين تمت معاملتهم لعشرات السنوات على أنهم تنظيمات محظورة سيستغلون الآن حالة الحماس الثوري ويطلبون المصالحة ويقدمون أنفسهم على أنهم أحد الفصائل الثورية، ثم ينفردون بالبلاد ويمارسون أبشع أنواع الديكتاتورية.. فالفاشية ذات المرجعية الدينية لا يمكن معارضتها بسهولة.. صدقني وقتها ستندمون كثيرا".

وقبل أن يعلق هو، زفرت بضيق وأنهيت قائلا: "لا تتأمل الكثير بعد الآن.. ولتفرح بإلغاء مشروع التوريث.. هذا إنجاز في حد ذاته.. ونصيحتي الشخصية لك أن تبدأ التركيز على حياتك والاستشفاء من إصابتك.. عد للكتابة والانطلاق في تحقيق حلمك الخاص بتحقيق الشهرة والنجاح كمؤلف سينمائي.. وأنا من جانبي سأدعمك بكل ما أستطيع.. لكن رجاء كف عن الحديث عن الثورة.. يكفيني تلك الحاذقة الأخرى التي صدعت رأسي وأجهدتني كليا بآرائها وتدويناتها وركضها من هذه المسيرة لذلك الاعتصام حتى كادت أن تفقد حياتها.. مرتين".

وضع حسام كفه أسفل ذقنه وأخذ يتفرس قليلا في ملامحي وكأنه يحاول قراءة شيء خفي بين كلماتي، ثم تنهد، وقال: "حسنا.. لنتفق على ألا نتفق فيما يخص آراءنا وأحلامنا المتعلقة بمستقبل الثورة.. أما فيما يتعلق بمستقبلك أنت يا أخي الحبيب.."..

توقف هو عن الكلام ثم سحبني من ذراعي لأسقط إلى جانب كرسيه فجلست القرفصاء حتى نتماثل في الطول ونتبادل النظر من نفس المستوى.. ثم مد هو ذراعه ليطوق به كتفي وهو يقول بنبرة تشع صدقا: "خذ بنصيحتي.. وأنا أعدك أن أحاول تنفيذ نصيحتك.. ونصيحتي هي.. أن تستسلم..".

رفعت حاجبيّ مندهشا غير قادر على تفسير مقصده، فأكمل هو: "نعم أن تستسلم وتتقرب منها.. ربما لم تلاحظ أنت الأمر، لكنني لاحظته جيدا هذا المساء.. هي أصبحت تميل نحوك.. حتى أنني لا أبالغ إن قلت إنها معجبة بك دون أن يدرك أيكما.. أعنى أنه لا يمكن أن تكون بكل هذا الفضول نحوك ما لم تكن معجبة بك قليلا.. ربما هي لا تسمح لعقلها بالتفكير بك بموضوعية حتى لا تسلم نبضات قلبها معترفة بحبك، إلا أن أفعالها تفضحها.. طوال الجلسة كانت نظراتها المختلسة موجهة نحوك عندما تظن أن لا أحد يلاحظ اتجاه عينيها.. حتى أنها صنعت السموثي من أجلك.. وأنت بنفسك اعترفت أنها حرصت على إنقاذك من الغرق"..

قاطعته بنزق: "لم أكن أغرق.. كنت قد تركت المسبح بالفعل لكن عضلاتي تشنجت بعدها ولم أستطع التحرك"..

رد هو بتسلٍ: "أيا كان.. هي ساعدتك وسمحت لك بأن تستند عليها وجففت ثيابك وصنعت لك المشروب وأسندتك بكل قوتها، ولم تتركك لتتجمد في هذا الطقس البارد.. بل إنها استقبلت أصدقاءك بود ولطافة.. وتصرفت بلباقة كعروس وسيدة منزل حقيقية دون أن تسبب لك الإحراج.. ليس من سبب يدفعها للقيام بكل تلك الأشياء ما لم تكن قد بدأت تشعر بالإعجاب نحوك.. فلا تنصت لرأسك اليابس واتخذ المبادرة".


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-07-21, 05:39 PM   #565

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 الفصل العشرون - القسم الثاني

لا تنصت لرأسك اليابس واتخذ المبادرة...
كانت كلمات حسام تدور في رأسي وأنا أصعد بتعجل إلى غرفة شروق لكي أزينها بقطعة الديكور التي أحضرتها لها أثناء قيامي بالتسوق لشراء حاجيات المنزل الجديد ولكن لم أتشجع لأن أمنحها لها كهدية انتقال للمنزل الجديد وجها لوجه.

سأنفذ كلام الأحمق الصغير وإذا جاء بنتيجة عكسية.. سأحطم ساقه الأخرى..

أثناء صعودي للغرفة، تسللت إلى حيث كانت شروق منهمكة في جمع بعض الطعام الفائض الذي لم يقربه أحد، حيث كانت تقوم بتخزينه في صناديق داخل الثلاجة، وجمع بقايا ما تم تناوله في أكياس بلاستيكية لنقله لصندوق القمامة.

بداخلها سيدة منزل هذه الـــ شروق، ولكنها لا تعطي لنفسها الفرصة لاستكشافها.. ربما أساعدها قليلا إذا استمر زواجنا لفترة أطول بعد..

أو سأدللها كأميرة أضاءت بوهجها الخاص كهف الشبح المقفر فحولته لقصر مهيب يسطع بألوان الأمل والبهجة..

تحركت بخفة قاصدا غرفتها لأضع على سريرها هدية الانتقال للبيت الجديد.. وهي عبارة عن تمثال صغير منحوت من الجبس الملون بألوان مائية زاهية.

التمثال لطبيبة ترتدي زيها الطبي الكامل وتمسك بإحدى يديها ترمومتر قياس الحرارة وبالأخرى جهاز قياس ضغط الدم، بينما تضع جهاز الضغط على فخذيها مثل آلة التشيللو وتقوم بالعزف عليه بواسطة الترمومتر، وعلى وجهها علامات السرور والرضا.

أرجو أن تتفهم معنى التمثال هذه المرة ولا تسخر منه مثل الشبكة الذهبية هدية الزواج..
الأمر فقط أنني لا أستطيع المقاومة عندما أجد بعض أغراض الزينة والديكور المستوحاة من عالم الطب.. فهي تذكّرني بها وتجعلني أرغب في شرائها وتقديمها لها فورا.. لكنها حمقاء تظن أنني أسخر منها..

كنت أشرع بمغادرة الغرفة.. عندما وصل تنبيه وصول رسالة نصية على هاتفي عبر تطبيق محادثات (واتساب)، كان المرسل هو خالد..

بالطبع لن يمرر الليلة بدون تعليق وقح كما فعل الأحمق الآخر.. ألم تكفه تلك الكلمات الوقحة التي أطلقها بالفعل على مسامع شروق منذ ساعات..
غبي عديم الحياء..

طالعت الرسالة التي كانت تقول:
( بالله عليك يا أخي ما سر هذه الإطلالة الغريبة التي وجدناك عليها؟
شورت مبلل وكنزة مبعثرة وزوجتك تسندك كمن تلقى ضربا موجعا؟ أو خسر رهانا مذلا
هل كنت تلعب دور لص الغسيل أم ماذا؟..
والله تملأ الظنون رأسي بأفكار خليعة أخجل حتى من الإفصاح عنها
).

وقبل أن أرد عليه، جاءت رسالة ثانية تقول:
(خشيت من الاتصال بك كي لا تكون زوجتك بجانبك وأنت تعرفني لا أستطيع التحكم فيما يخرج من فمي الكبير.. ولكن صدقا.. كان شكلكما اليوم رائقا ..
وشعرت لأول مرة أن شروق بدأت تنجذب لك حقا.. صدقني يا ولد هي معجبة بك تماما..
أرجوك توقف عن التصرف بمثالية مقيتة وأمسك بزمام الأمور..
والله لقد فضحتنا في كل الأوساط لأنك تعاملها تماما كما تعامل أخاك ..
احم.. ربما تطاولت قليلا..
تجاهل الجملة الأخيرة ..
)

علا رنين الإشعار برسالة ثالثة.. لن يتوقف هذا الأحمق عن رفع ضغطي برسائله الوقحة على ما يبدو..

(ولكن يا حازم ما سر إصرار زوجتك على تلك الإطلالات الغريبة؟..
تارة ترتدي طقما رياضيا بنيا بشعا.. وتارة بملابس مبللة وإطلالة أكثر غرابة..
حسنا.. لا ترد.. أنا فقط أمزح..
تجاهل كل ما قلته.. ولكن لا تتجاهل ما سأقوله الآن ..
أرجوك يا حازم خذ المبادرة.. لن تتقدم اأبدا إذا ظللتما تسيران في نفس البقعة
).

خذ المبادرة.. خذ المبادرة..

كلاهما يكرران نفس الكلام.. وكأن الأحمق والغبي قد اتحدا ضدي..
هل يريدان أن أغتصبها مثلا؟

والله أنا أكابد الويلات بالسيطرة على نفسي يوميا وأنا أراها أمامي مثالا للحُسن والأنوثة و.. المزاج الناري المجنون.. صدق من وصفها بأنها تشبه الألعاب النارية.. جذابة ومبهجة وتنفجر بشكل جميل لتملأ حياتي بالألوان..

ولكن.. لا يمكن أن أقترب منها حتى تأذن هي..
ولا أظن أن هذا سيحدث قريبا..
بل أبدا لأكن صادقا وواقعيا.

عدت إلى المطبخ بخطوات متباطئة بلا حماس، لأجد شروق تكاد تنتهي من التنظيف، فاقتربت منها أنتوي مساعدتها محدثا بعض الصخب كي أنبهها لوجودي، فالتفتت هي نحوي بابتسامة لطيفة.

تركت الكيس الذي كنت أحمله، والتفتت إليها كليا وعلت شفتيّ ابتسامة رائقة تشبثت بها بعناد رافضا وأدها.. ثم قلت بصوت هادئ ونبرة صادقة: "شروق.. شكرا لكل ما قمتِ به اليوم.. وبالأخص لحسن استقبالك للضيوف"..

ردت هي ضاحكة بعفوية: "هل رأيت صدمتهم عندما شاهدوا شكلنا الغريب بملابسنا المبللة المبعثرة.. سخر الجميع من هيئتنا وملابسنا.. أنت السبب يا متهور.. والله مت من الحرج وكنت أريد الركض لتغيير ملابسي.. هل يصح أن أستقبل ضيوفا لأول مرة في منزليــــ/نا بملابس مجعدة بعد يوم كامل من التنظيف؟"..

هل قالت (منزلي) لتوها ثم بترتها بتعجل؟ هل تعتبر المنزل يخصها؟
لماذا عدلتها لـ منزلنا.. أتظن أنني سأغضب لأنها جمعتنا بكلمة واحدة؟
بل أنا في قمة سعادتي.. هذا تطور مذهل..

ارتسمت على وجهي ابتسامة عابثة، وأخذت أرد متسليا: "هل وبختني لتوك ياطبيبة؟"..

تصنعت هي الانشغال بجمع بعض الأطباق الورقية وهي ترد بارتباك واضح، متعمدة تجاهل الإجابة عن تساؤلي الممازح: "أعني أن الاحتفال بعودة حسام واستقباله بطريقة تبهجه هو أكثر ما شغلني في هذا الوقت".

حاولت السيطرة على رد فعلي بينما امتقاع وجهي واحتكاك أسناني ببعضها يكتم الكلمات التي كانت تتحين فرصتها للخروج من فمي..

انتظرت دقيقة.. ثم أخرى لتمر العاصفة صمتا بداخلي، ثم قلت: "ومع ذلك.. كان استقبالك للجميع رائعا.. وكلهم لمسوا الود واللطف الذين تعاملتي بهما معهم.. كما أشكرك أيضا على قيامك بالتنظيف.. أنتِ لم تكوني مضطرة أبدا للقيام بذلك.. كنت سأنهي التنظيف فور أن أوصل حسام لغرفته واطمئن لاعتياده على الوضع الجديد".

التوى ثغر شروق بابتسامة متهكمة، ثم ردت: "غريبة.. ألم تقل منذ أقل من ساعة أنك لن تسمح لي بآية معاملة خاصة لأنني سيدة؟".

ارتبكت من كلامها المفاجئ.. وهربت الكلمات من بين شفتيّ..
ببضع كلمات نقلتني من حالة العبث إلى الإحراج التام..
"هذا لأن.. لأنك.. لأن".. حاولت الإتيان بأي رد ولكن عقلي الغبي لم يسعفني..

يبدو أنها قد أشفقت عليّ بسبب تعثري الواضح في الرد، فالتقطت هي طرف الحديث مجددا، لتكمل بقولها: "بما أنني من سكان هذا المنزل.. فيجب عليّ أن أشارك بنصيبي في الأعمال المنزلية طالما أن إقامتي هنا ستطول.. ولكن اعفني من الطبخ فأنا لست ماهرة به".

كانت ابتسامتي قد اتسعت عند كلمة (ستطول)، ولكنني أردت ممازحتها أيضا فقلت متسليا: "لا تقلقي لن أسمح لكِ بالطبخ من الأساس.. فلا نريد التعرض لحالة تسمم أو تلبك معوي.. وهذا المسكين حسام بالتأكيد لن يرغب في زيارة آية مستشفى لشهور قادمة بعد ما مر به".

بدا عليها الغضب وهمت للانصراف، فتبعتها بسرعة وأمسكت بمرفقها لكي تلتف وتواجهني..
كان اقترابها خطرا.. جدا.. ولكن ممتعا جدا في الوقت نفسه..

متجاهلا الشذرات المتقدة التي تطايرت في محيطي، قلت بسرعة متراجعا عن مزحتي العابثة: "كنت أمازحك.. رجاء لا تخرجي مزاجك الناري الآن.. ما زلت متعبا وأريد الانتهاء من أعمال التنظيف حتى أنام.. هيا.. إلى الأعلى.. عليك بالاستعداد للنوم".. ثم نظرت إليها من أعلى لأسفل وابتسمت نصف ابتسامة وأكملت: "ولا تنسي تبديل ملابسك الفاخرة تلك بأخرى بسيطة للنوم".

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

كنت قد انتهيت من التنظيف ومررت على غرفة حسام للاطمئنان إلى استعداده للنوم دون آية مشكلة، خاصة وأنه قد رفض مساعدتي له في تبديل ملابسه مؤكدا أن الأمر لم يعد صعبا بعد أن تخلص من آلام جذعه وكتفيه وبات يستطيع إدخال السراويل الواسعة بساقه دون مشاكل، ثم يكمل ارتداء ملابسه بالتحامل قليلا على العكازات..

صعدت لغرفتي ثم تأكدت من غلق شروق الباب الفاصل بين غرفتينا، بعدها شرعت في إخراج ملابس بيتية رياضية مريحة وأنا أخلع الكنزة وسروال الجينز اللذين ارتديتهما على عجل قبل ساعات عندما فاجأنا الضيوف..

توجهت للاستحمام في الحمام الملحق بالغرفة بسروال الجينز بعد أن خلعت الكنزة، وعندما كدت أقترب من الباب، انفتح الباب الفاصل المؤدي لغرفة شروق فجأة، فتسمرت في مكاني واستدرت أواجهها..

تحركت شروق لغرفتي حاملة تمثال الطبيبة الملون بيدها وعلى وجهها ابتسامة بهيجة بفم فاغر وعينين شبه مغمضتين قبل أن تتحول بكليتها في الاتجاه المعاكس وتعطيني ظهرها، وهي تداري خجلها قائلة: "آسفة جدا.. لم أظن أنك ستغير ملابسك الآن.. كنت فقط.. أممم.. كنت أريد أن أشكرك على الهدية".

وضعت المنشفة على كتفيّ العاريين كيفما اتفق، وقبضت يدها قبل أن تفلت هاربة إلى غرفتها من جديد، ثم قلت بتعجل: "إذن لن تسخري من هديتي كما المرة السابقة؟ هل أعجبتك حقا؟"

التفت شروق لتقف في مواجهتي لكنها حركت بصرها في اتجاهات متعددة من حولي متجنبة النظر مباشرة نحوي، وأجابت بكلمات متعجلة تكاد تتقافز من بين شفتيها: "آاه.. نعم.. أعجبتني كثيرا.. فكرتها وألوانها.. والنحت المتقن للتفاصيل بأنامل مبدعة.. لقد وجدت تلك الهدية لنفسها مكانا دائما على المنضدة الجانبية المجاورة لسريري.. في الحقيقة أنا أختلس النظر إليها من وقت لآخر وأضحك كثيرا كلما وقعت عيناي عليها.. أقصد.. اممم.. أقصد..".

كانت في حالة متوترة عكسها اكتساء وجنتيها بوردات الخجل، فبدت شهية للغاية..

لو أن بإمكاني احتضانها قليلا أو اقتناص قبلة صغيرة من بين شفتيها الجميلتين المزينتين بلون الخوخ..

متأكد أن لهما نفس ملمسه المخملي.. ورائحته.. ومذاقه أيضا..
احمم.. تأدب يا بغل..
أ
دخلت كفيّ بالجيوب الجانبية للسروال بحركة رتيبة لا تعكس أبدا ما يدور في رأسي من أفكار.. صاخبة.. وملونة.. وملتهبة بل زاهية الوضوح.. ثم أجبت بصوت حيادي: "سعيد أنها أعجبتك. أنا للأسف لا أمتلك موهبة نحت أعمال فنية مثل تلك القطعة، لكن فور أن رأيتها تذكرتك على الفور وقمت بشرائه بنية إهدائه لك بمناسبة الانتقال للبيت الجديد، لكن رد فعلك على شبكة الزواج جعلني أتراجع في تقديمها لك بالأمس، ولكن اليوم رأيت أن حالتك المزاجية كانت جيدة وظننت أنك لن تتلقي الأمر بشكل سلبي.. مجددا"

توقفت للحظة ورفعت أصابعي إلى رأسي أمررها بين خصلات شعري بارتباك، ثم أكملت بثقة وليدة: "أريد أن أوضح أيضا أن هدية الزفاف لم يتم تصميمها بهذا الشكل بغرض السخرية منك.. تذكرين أن ظروف الزواج نفسها كانت.. سريعة بعض الشيء وأردت أن أعبر عن تقديري لك بطريقة تناسب شخصيتك خاصة وأنه كان من المستحيل أن تقومي بانتقاء الشبكة بنفسك في ظل الوضع الذي تم به الإتفاق على العرس.. فأردت إضافة لمسة طريفة قليلا لتقلل من توتر الأجواء الصادمة التي زلزلت عالمك كله بلا شك..".

توقفت قليلا ثم تحدثت بنبرة أكثر جدية قائلا: "فكرت في اختيار هدية بهذا التصميم لأنك اخترتِ مهنة سامية تحاولين من خلالها بكل طاقتك أن تنقذي الأرواح وتمنحي اليائسين أملا في النجاة والشفاء، وتسعين لتخفيف آلام المرضى ومساعدتهم على تخطي أوجاعهم أو نسيانها على أقل تقدير.. من لا يُقدّر ذلك؟"، ثم منحتها ابتسامة لطيفة وأكملت بمزح: "وحتى إذا أغضبتك الشبكة كثيرا وقتها فلتمرريها لي مثلما مررت اختيارك لفستان الزفاف"، ثم غمزتها بتلاعب واضح..

ردت شروق مازحة وقد رفعت أحد حاجبيها بتحدٍ: "ألم يعجبك الفستان؟ ظننت أنه كان اختيارا مثاليا".

للحظة تركت لعينيّ الرد بدلا من كلماتي.. وتلك العينين تخليتا عن كل تحفظ سابق والتهمتاها بجوع واضح وهي تمر ببطء شديد على تفاصيل جسمها التي فشلت منامتها المخملية الشتوية في إخفاء تكويناته وانحناءاته الأنثوية المهلكة.. ثم أجبت ببطء: "بل أعجبني.. بشدة.. يكفي أنه.. لا عليك"..

علقّت هي بفضول غير مدركة نهائيا أنني قد وصلت لآخر حبال تحملّي: "أنه ماذا؟".

هذه البريئة تظن أنه من السهل أن أقف أمامها هكذا دون أن يهتز داخلي الذي يئن من توبيخ ضميري المنهك بسبب الصور التفصيلية التي تتلاحق على رأسي ويشبعها خيالي الوقح..

تنحنحت لأسيطر على صوتي الذي غلفته حشرجة مفاجئة، ثم قلت بنبرة بطيئة: "لا أظنكِ تودين سماع ما برأسي من تقييم لإطلالتك بتلك الليلة".

من جديد، حركت شروق عينيها في كل اتجاه متجنبة النظر إليّ بشكل مباشر، قبل أن تستقر عيناها على اللوحة المعلقة أعلى مخدعي، لتقول بفضول حقيقي تدعمه محاولة واضحة لتغيير مجرى الحديث: "أرى أنك قد غيرت لوحة الشطرنج التي كانت تزين غرفتك القديمة.. ألم تكن مصرا عليها؟.. مهلا.. أليست تلك لوحة "مصاص الدماء" للرسام إدفارت مونك؟"..

ارتسمت على وجهي علامات القرف من كلماتها.. بينما أخذت أنظر للوحة الفتاة ذات الشعر الأحمر الناري وهي تحتضن حبيبها وتقبله في مؤخرة عنقه بحب، ثم أجبت بشيء من التوبيخ والتعالي: "كان مونك يكره من يطلقون عليها اسم "لوحة مصاص الدماء" وكان يفضل الاسم الأصلي الذي أطلقه على لوحته (الحب والألم) فالفتاة كما ترين بعينيك تمنح حبيبها قبلة تبثه فيها دعمها وحنانها وعشقها بينما هو يرتمي في أحضانها لكي يتخلص من كل آلامه، هي لم تكن تمتص دماءه كما يفسر البعض".

يبدو أن كلماتي أغضبتها فردت بنزق: "أعرف.. حتى أن البعض يعتقد أن الحبيبة هنا تمثل الخلاص للشاب من كل أوجاعه.. أو تمثل رمق ذكرى حلوة من ماضيه يحاول التمسك بها في خضم صراعاته.. كنت أمازحك فقط.. لكن لماذا اخترت أن تؤطر اللوحة بهذا الاقتباس الشهير للكاتب والفيلسوف فيودور دوستويفسكي؟"..

توقفت شروق عن الكلام فجأة، وفتحت فمها دهشة، ثم تحركت خطوتين نحو اللوحة لتراها عن قرب، وتابعت بنبرة مشدوهة: "عفوا.. هل تلك الكلمات موشاة بماء الذهب؟ تبدو بديعة للغاية".
اللوحة التي كانت تتصدر غرفتي كانت تصميما مزدوجا يجمع بين الكلاسيكية والعصرية، قمت باقتراحه على مصمم جرافيك منذ فترة بغرض تجديد غرفتي، وكانت شبه جاهزة بالفعل، قبل أن تندلع الثورة، ووقتها قمت بإرجاء عملية الاستلام، إلى أن شاءت الظروف أن تزين أعلى سريري بالمنزل الجديد.

كانت اللوحة مرسومة بمزيج من الألوان الصاخبة كالأحمر والأخضر والأزرق والألوان الباهتة الأهدأ لتعكس حالتين متعاكستين.. الأولى لفتاة محبة تحتضن حبيبها وتدعمه والثانية للحبيب الذي قهرته آلامه وقضت على قوته فارتمى في أحضانها يلتمس منها السند والعون والاحتواء، ثم امتد التصميم أسفل اللوحة بألوان داكنة منقوشا عليها باللون الذهبي وبخط عتيق عبارة شهيرة باللغة الإنجليزية من رواية دوستويفسكي الشهيرة "مذلون مهانون"، كان فحواها: (لا بد أن نتألم حتى النهاية في سبيل سعادتنا المقبلة التي يجب أن نشتريها بآلام جديدة. إن الألم يُطَهِّر كل شيء. آه، يا لكثر تألمنا في هذا الوجود).

أجبتها بهدوء: "نعم النقوش بخطوط لاتينية عتيقة مزخرفة مزينة بماء الذهب وتعلوها مواد حافظة لتثبيت اللون وحتى يتماشى مع طبيعة اللوحة التشكيلية.. في الحقيقة التصميم نفسه فكرتي لكنني لم أنفذه بنفسي لأنني لا أمتلك آية موهبة فنية كما ترين.. بل صنعه مصمم جرافيك من أجلي وقام بطباعته وتنفيذ النقوش بنفسه، ولكن اندلاع الثورة ثم إصابة حسام حالا دون أن أهتم بتسلمها قبل البدء في إعداد هذا المنزل.. كانت ستزين غرفتي بالشقة القديمة.. ولكنها تناسب هذه الغرفة.. ألا تتفقين معي؟".

كانت عيناها تجولان بالغرفة وتتوقفان قليلا عند وجهي نزولا إلى صدري العاري الذي تغطيه المنشفة بالكاد ثم تتحرك مجددا في اتجاهات أخرى بشكل عشوائي، ثم ردت باندفاع: "نعم.. نعم.. سأتركك لتنام.. تصبح على خير"، والتفتت لتعود لغرفتها، ثم عادت من جديد لتلف بشكل عكسي وتقف أمامي بتحفز وهي تقول: "كنت أريد أن أشكرك على الهدية.. و لكي أنبهك أيضا أنه لا يحق لك دخول غرفتي حتى إذا لم أكن متواجدة بداخلها، ولذلك سأنفذ اتفاقنا، وسأقوم الآن بغلق أقفالها من الداخل.. تصبح على خير.. مرة أخرى.. سلام"، ثم اندفعت هاربة لغرفتها بخطوات رشيقة، مغلقة الباب الذي تبعه صوت غلق الأقفال كما وعدت تماما.. لتضع بذلك حاجزا جديدا بيننا.. كنت أنا من هيأته لها..



يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-07-21, 05:48 PM   #566

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 الفصل العشرون - القسم الثالث

لم يفلح تدفق الماء الساخن على رأسي في إيقاف فوضى الأفكار الصاخبة التي كانت تتلاعب بخفة وجنون بين جنبات عقلي..

تتابعت كلمات خالد وحسام بزئير غليظ برأسي..
(اتخذ المبادرة.. اتخذ المبادرة.. هي معجبة بك)..

هل هي حقا معجبة بي؟ هل بدأت تميل لي وتثق بي؟ أم أن تقربها الناشئ تجاهي هو مجرد اعتياد بسبب وجودها في نفس محيطي لعدة أيام متتالية؟

هل سعيها لتخفيف آلامي بدافع نبيل كونها طبيبة بالأساس أم كنوع من الشفقة تجاه حماقاتي التي تتعرى شيئا فشيئا أمامها؟ هل الفضول الذي يملؤها حول حياتي ومرضي وطبيعة علاقتي بوالدها الملعون هدفه أن تهيئ خطة مناسبة للتخلص من كلينا أم... ؟؟

أم ماذا يا حازم؟ هل صدقت أنها حقا ستنظر إليك كرجل وتقع في غرامك؟
على أي أساس يا كتلة البؤس والحماقة؟

أخرج تلك الأفكار من رأسك فورا وركز حاليا على مساعدة أخيك على الشفاء وحمايتها هي من شرور والدها ومكائده التي يقوم بحياكتها في الوقت الراهن بدون أدنى تأخير، فهو الآن كأسد جريح على وشك الوقوع في شرك الصيادين والعرض داخل القفص كوسيلة للتسلية بعد أن نجحت التظاهرات في إسقاط رأس النظام، وستكون الخطوة التالية بكل تأكيد هي تقديم رموزه للمحاكمة.. خاصة إذا تسربت أخبار عن تخطيطه وتمويله لعملية الهجوم على المتظاهرين يوم الثاني من فبراير..

بعد أن أنهيت استحمامي، توجهت رأسا لفراشي، وأنا أُمني نفسي بليلة هانئة من النوم العميق..

مرت دقائق.. أو ساعات قبل أن استيقظ على صوت صرخات حادة.. قفزت من سريري كالمذعور وأخذت أدور في الغرفة لا أدري ماذا أفعل قبل أن يتجدد الصراخ مرة أخرى آتيا من حيث تنام هي..
هتفت فزعا: "شروق"..

تحركت قدماي هرولة نحو باب غرفتها تزامنا مع استعادة عقلي انتعاشه وتأهبت حواسي لمجرد التفكير في احتمال تعرضها لكارثة بالداخل دفعتها للصراخ بهذا الشكل..

في البداية.. طرقت الباب بخفة وأخذت أناديها مفتعلا الهدوء: "شروق.. هل أنت بخير؟".. لكنها لم ترد، فأرهفت السمع بمحاذاة الباب ليأتيني صوت نشيجها من الجهة الثانية..

لم أستطع التحمل بعدها وانتظار أن تفتح هي لي بنفسها.. فلتذهب الكياسة إلى الجحيم.. يجب أن أطمئن عليها.. الآن.. فورا..

أسرعت نحو المكتب القابع بآخر الركن الموازي للباب وأحضرت سكين فتح المظروفات، وبعد بضع ثوانٍ من العبث بالمقبض وخلخلة لسانه بدأ الباب يفقد تماسكه، لأدفعه عدة دفعات بكتفي وأركله بقدمي حتى انكسر المقبض أخيرا وانفتح الباب.

لاحقت عيناي شروق ماسحة الغرفة من أقصاها لأقصاها برغم الظلام، لأجدها متكومة على أرضية الغرفة بجوار سريرها مستندة بظهرها على الجدار وهي تدفن وجهها بين كفيها بينما تستند برأسها على ركبتيها ويغطيها سحابة من الشعر البني المختلط بخصلات تميل للون الأحمر، فتحجب كل تفاصيلها في وضع ينضح بالألم والحزن.

ركضت نحوها بخفة في بضع وثبات لأنزل جالسا على ركبتي أمامها.. أمسكت يديها بإحدى كفيّ، ثم رفعت ذقنها بالكف الأخرى لتقابل عيناي وجهها المحتقن بالدموع مخلفا تورمات بالجفون والوجنتين والشفتين اللتين ترتعشان قهرا..

للحظة.. فقط للحظة.. غمرتها بين ذراعي ونيتي أن أزرعها بين ضلوعي حيث الدفء والحنان لأنسيها ما تسبب في إيلامها بهذا الشكل..
وللحظة.. فقط للحظة.. استسلمت هي لهذا العناق..

لا أدري من منا كان بحاجة لهذا العناق أكثر من الآخر.. هل أنا من أهدهدها أم هي من تبثني الطمأنينة؟

ثم مرت لحظة.. وأخرى.. وثالثة، قبل أن تبعد هي يديها.. بعدها تصلّب جذعها، ثم دفعتني بقوتها الهزيلة لكي تضع مسافة جديدة بيننا.. ثم صاحت بانفعال مجنون ارتسم بوضوح على صفحتيّ عينيها: "أنت.. أنت.. كيف دخلت إلى هنا؟ من سمح لك أصلا بالدخول؟".

تبا، لقد عاد مزاجها الناري للظهور حتى في حالتها تلك..

لا بأس يا طبيبة.. يبدو أنك لا تتعاطين جيدا مع الذوق.. لنعود للؤم والجلافة..

رسمت ابتسامة سخيفة على وجهي وأخذت أجيب ببرود: "كنت نائما في أمان الله لأستيقظ على صوت صراخك المزعج.. بالتأكيد سأندفع لغرفتك فربما كسرتِ ساقيكِ وأنتِ تسيرين أثناء النوم أو شيء من هذا القبيل"..

لأكن صادقا، لم أكن في مزاج للتصرف بوغادة بينما أموت ببطء لكي أفهم سبب انهيارها بهذا الشكل، ولكن على ما يبدو هذا ما كانت تحتاجه هي الآن، حيث استجابت حواسها لاستفزازي، وانتفخت أوداجها، لتزفر ببطء وكأنها تحاول السيطرة على أعصابها من تحطم محتمل، ثم ردت بغلظة: "هذا الباب تم تركيبه لسبب واحد.. وأنت كنت قد وعدتني أنك لن تقتحم غرفتي.. لم تمر سوى بضع سويعات يا هذا.. وها أنت قد استغليت الفرصة لكي تقتحم مساحتي الخاصة من جديد.. لقد حطمت الباب منذ اليوم الأول.. أنت فعلا خبير بالأفعال الإجرامية.. هيا ابتعد عني.. تحرك وعد إلى غرفتك.. لا أريد رؤية وجهك.. خصوصا الآن".

نهضت من مكاني وابتعدت خطوتين عنها كي أعطيها إحساسا بالخصوصية توسلته بعينيها رغم نبرتها الصارمة، لكن كيف لي أن أتركها هكذا، فأجبتها مهادنا: "لا بأس.. سأغادر.. لكن بعد أن تحكي لي أولا عن سبب صراخك بهذا الشكل".

ازدردت ريقها وقالت بعد برهة: "كابوس.. رأيت كابوسا مزعجا.. هذا كل شيء.. هلا تركتني بمفردي رجاء؟ أريد أن أعود للنوم".

صوتها البائس المغلف بنبرة توسل تصارعت مع نظرات ممتقعة تطل من عينيها، منعاني من الضغط عليها أكثر من ذلك، فقلت بنبرة عازمة: "حسنا.. سأغادر.. ولكن حاولي أن تهدئي قليلا ولا تتوجهي للنوم مباشرة الآن.. جربي القراءة قليلا.. أو مشاهدة بعض المقاطع الطريفة.. لن أنام بكل الأحوال.. إذا احتجت شيئا نادني ولا تترددي.. تصبحين على خير".

خرجت من غرفتها وأنا أعلم أن تلك الليلة ستكون طويلة بعد أن قرر النوم الهروب من ذلك الجناح عقب ما حدث للتو، فجلست أرضا مستندا على الجدار الموازي للباب، وأخرجت هاتفي بغية تصفح شبكة الانترنت، وإذا بإشعار منشور جديد على مدونة شروق..
كان المنشور عبارة عن كلمتين فقط: "كلكم تقرفونني".

رباه.. ماذا تقصد؟ هل لهذه الدرجة تمقت تواجدي حولها؟

نبضات من نارٍ مستعرٍ بدأت تطرق بداخل قلبي ليتردد صداها كصعقات كهربية تلهب خافقي وتلف جسمي كله من رأسي حتى قدميّ..

ماذا فعلتُ لها حتى تحلم بكابوس مخيف ثم تعلن قرفها مني للجميع بهذا الشكل؟

كنت ألتزم حدودي ووفرت لها بيئة آمنة لتشعر بالاستقلال والراحة.. حتى أنها ليست مضطرة لتبادلني التحية إذا لم تكن راغبة بذلك..

تبا لكل شيء
لقد تعبت والله.. لقد سأمت تلك الأفعوانية التي تحطم أوصالي ألف مرة في اليوم..

بنفس غضبى ثائرة من هذا الإجحاف، قررت الرد عليها، حتى ولو خفية.. فلا سبيل للمواجهة الآن..
بدون أن أتردد ضغطت على علامة الرد على منشورها، ثم بحثت عبر الانترنت عن اقتباس شهير للكاتب أحمد خالد توفيق تقول كلماته: ( كنت أظن ان من يحبني سيحبني حتي وأنا غارق في ظلامي حتي وأنا ممتلئ بالندوب النفسية، حتي وأنا عاجز عن حب نفسي..سيحبني رغما عن هذا لكن لا أحد يخاطر ويدخل يده في جُب بئر.. كلهم يريدوننا بنسختنا السعيدة.. الظلام لنا وحدنا )، ونسخته في صندوق الرد ثم ضغطت تأكيد الرد.

وضعت الهاتف جانبا وأسندت رأسي للخلف وأخذت أضربه في الجدار ضربات خفيفة برتابة.. لا أدري هل أعاقب نفسي أم أريحها!

كنت يائسا وغاضبا بشدة.. أحاول استلهام أي مصدر للاسترخاء.. أو للهدوء.. أو حتى لتجاهل ما يعصف بداخلي من مشاعر سوداء غليظة..

يبدو أنني أحفر في صخرة من الجرانيت لن تستحيل أبدا لتمثال جميل يتغنى بكماله كل من يطالعه..

لن يكون هناك أبدا ما يُسمى "حازم وشروق".. ليس وكأن بيننا شيء قد انتهى.. فلماذا أشعر بالحداد الآن؟

وهذان الأحمقان خالد وحسام يصران أنها معجبة بي وأن عليّ التودد إليها واتخاذ المبادرة..

لا مبادرات.. لا محاولات..
لن نصبح ثنائي أبدا.. هي لن تتقبلني مهما فعلت..
لقد سئمت.. تماما.

القرار الأخير.. سألتزم جانبي من الاتفاق وابتعد عن محيطها أمتار كلما تواجدت بالقرب مني.. حتى تقرر هي الرحيل..

جاء إشعار آخر على الهاتف معلنا ورود تعليق منها على الرد الذي تركته سابقا.. كان تعليقها فقط عبارة عن رمز تعبيري لوجه يفكر باندهاش..

أتريد تفسيرا؟
لا والله.. كفى.. لم أهتم بالرد عليها.. لقد قررت وانتهى الأمر.. لا مزيد من الخطوات لكسب قلبها.

وبينما أهم بإغلاق الهاتف والعودة لسريري، انتبهت أن شروق قد قامت لتوها بتعديل منشورها، وقد أرفقت ما كتبته سابقا برابط لخبر قصير بأحد المواقع الإخبارية فحواه أنه قد تم القبض على طبيبة شابة ضمن شبكة للآداب، وما استتبعه من توقيع الكشف الطبي عليها ليثبت الطب الشرعي لاحقا في تقريره عذريتها وأنها لا تنتمي لتلك الشبكة وتم إلقاء القبض عليها بالخطأ بسبب تواجدها في نفس مكان ضبط المتهمات بالصدفة.

الخبر في فحواه يشير لواقعة غريبة وغير مألوفة في مجتمعنا المعروف بتحفظه، ربما يكون هذا سبب ثورتها الغاضبة منذ قليل بالإضافة لما كتبته على المدونة.. لكن لماذا كانت تصرخ بهذا الخوف؟ هل تعرف هذه الطبيبة شخصيا؟

أخذت أمشط شبكة الانترنت بحثا عن أخبار شبيهة عن تلك الواقعة، فلم أجدها إلا عبر بعض المواقع المعروفة برغبتها في رفع معدلات المشاهدة، حتى أن بعضهم قد نجح في كشف هوية الطبيبة، ودلف محرر الخبر إلى صفحتها الخاصة عبر موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وسحب بعض صورها وأضافها إلى الخبر لإضافة الحصرية تحت عنوان (الكشف عن هوية طبيبة شبكة الدعارة العذراء)..

بينما اتخذت مواقع أخرى الخبر فرصة للهجوم من جديد على أجهزة الشرطة في محاولة مكشوفة لإثارة الجدل وتحفيز الرأي العام ضدها..

استزدت في البحث حول الأسباب القانونية التي قد تدفع قوات الأمن لإجراء مثل هذا الفحص ومدى قانونيته، لأجد بعض المصادر القانونية تشير إلى أحقية رجال الأمن بإجرائه خاصة للمشتبهات في القضايا المخلة بالآداب أو في حال إدعاء بعض المقبوض عليهن بتعرضهن للاعتداء داخل الحجز المؤقت كنوع من التعذيب، وذلك لإثبات حالتهن في المحاضر الرسمية قبل إيداعهن قيد الاحتجاز على ذمة التحقيقات وتحويلهن للنيابة العامة لتستكمل البت في القضايا.

بعد أن أمضيت وقتا قارب على ساعة ونصف في البحث عبر الانترنت عن تفاصيل جديدة عن الواقعة، لاحظت أنه قد جاء إشعار بتعليق من شروق منذ حوالي الساعة لكنني لم أنتبه له وقتها..
التعليق جاء على هيئة سؤال من كلمتين فقط: "من أنت؟"..

من جديد تعيد عليّ نفس السؤال أملا في ورود إجابة هذه المرة..
لكن أتراها مستعدة حقا للإجابة!..
هل أغامر كما يدفعني حسام وخالد؟

ضغطت على علامة الرد، وكتبت دون أن أوقف نفسي: "أنا بيدق يتجاهله الكثيرون ولا يظنون أن له قدرات مميزة وفارقة في تحقيق المكسب.. غير أنني إذا تحركت بشكل سليم، أزلزل رقعة الشطرنج وأُسقِط الملك بهزيمة نكراء.. بكلمة واحدة أحطم المعبد على من فيه.. يحيطني الظلام ولكن قلبي بقعة ضوء.. لا تظهر لمرأى العين، ولكن من يمتلك شجاعة الاقتراب سيشعر بها وينعم بدفئها وأمانها".

بينما كنت أضغط على زر تأكيد الإرسال، كان باب الغرفة المجاورة ينفتح بهدوء، رفعت ناظريّ لأجد شروق تخرج منه ببطء وقد كسا الإجهاد الشديد ملامحها.. ظلت تدور بعينيها في الغرفة بحثا عني غير مدركة أني أتقوقع أرضا جوار ساقيها..

عندما لم تجدني ممدا على السرير.. عبست بعض الشيء، ثم عاودت البحث بمقلتيها من جديد في كافة الأرجاء حتى انتبهت لجلوسي على الأرض بجوارها.. فتحركت نحوي بينما طفقت أسارع بإخفاء الهاتف بجيب بنطالي الجانبي كي لا تنتبه إلى ما كنت أفعله قبل قليل وتكتشف هويتي التي أخفيها عنها لتكون متنفسا لي لكي أحادثها من خلالها بحرية..

وقفت أمامي مباشرة، وأطرقت رأسها ببؤس طفولي حتى التقت عينانا، ثم سألت بصوت خفيض: "هل يمكن أن أنام بجوارك.. الليلة فقط؟ أنا.. أنا لا أستطيع النوم بالداخل.. تداهمني الكوابيس كلما أغمضت عينيّ.. وأنا متعبة للغاية".

هل تسأل؟ هل تتوسل؟
هي فقط تأمر وأنا ألبي.. ليتها تعلم!

نهضت بتمهل كي لا أفزعها، ثم مددت كفي واحتضنت يدها الصغيرة وسحبتها برفق لتتبعني إلى السرير، وأخذت أسألها ممازحا بصوت هادئ: "على أي طرف تريدين النوم؟"..
ردت هي بخجل: "لا يهم.. فقط أريد النوم في الاتجاه العكسي".. ثم أمسكت ببعض الخداديات

ورتبتها على الواجهة الجنوبية للسرير، وافترشته وسحبت الغطاء بكل هدوء غير عابئة لكون قدميها ستمسيان مقابلتين لوجهي عندما أتمدد بجوارها.

توجهت للخزانة لأحضر غطاء آخر، ثم تحركت للجهة الأخرى من السرير وارتميت على أقصى الطرف المقابل حتى أمنحها بعض الخصوصية والمساحة الكافية لكي تنام براحة دون أن تضطر لأن تنكمش بجسمها بحيز محدود فتتشنج عضلاتها..

ستكون ليلة طويلة للغاية.. لكن لا بأس.. كل شيء يهون من أجلها..

لو كان لكوابيسها فائدة الليلة.. فهي أنها ستمنع سيل الخيالات الوقحة من مداهمة عقلي طوال الليل..

بعد دقيقتين، جاء صوت شروق خافتا مترددا: "حازم.. هل نمت؟"..
أجبتها بهدوء: "ليس بعد.. هل تريدين شيئا؟"

زفرت هي برقة.. ثم أخذت تتقلب على السرير لتستقر على ظهرها ووجهها مسلطا على سقف
الغرفة.. بعدها قالت برجاء مستتر: "تحدث في أي شيء".

تبعتها بالاستقرار على ظهري أيضا في الزاوية الأخرى ورفعت رأسي قليلا مستندا على باطن السرير، حتى أبدو شبه جالسٍ بينما ساقاي مازالتا ممدتين كما هما أسفل الغطاء، ثم وضعت راحتي اليسرى أعلى الغطاء وفوقها اليمنى في وضع استرخاء مهذب، ثم سألتها بفضول: "عن أي
شيء ينتابك الفضول هذه المرة يا طبيبة؟"..

أجابت هي بسرعة: "صدقني ليس فضولا.. لا أبحث عن معلومة عن شيء محدد.. فقط.. تحدث حتى يغلبني النوم.. احكي لي عن.. عن.. احكي لي عن تعاملك مع الإيمباثية.. عن الطبيب الذي تراجعه".

تنهدت بصوت مسموع، ثم شرعت في الحديث متيقنا أن الليلة ستكون متعبة للغاية..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-07-21, 05:53 PM   #567

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: الفصل العشرون - القسم الرابع

قلت بصوت حيادي يخلو من الحماس: "أنا أتابع حالتي مع الدكتور فؤاد السمري منذ حوالي عشر سنوات أو أقل قليلا.. هو واحد من أشهر أطباء علم النفس السلوكي وحالات الاضطرابات النفسية الناتجة عن عدم التوازن في كيمياء المخ كما يعالج بعض حالات أمراض اضطرابات الشخصية.. ومن القليلين المهتمين بالتشاعر برغم ندرته.. فالأبحاث حول هذا المرض حتى عالميا ليست مكثفة..".

تنهدت قليلا ثم أكملت: "في الحقيقة خالد هو من عرفني عليه.. وهو من اكتشف ما أعانيه دون أن أشرح له.. لن تصدقي أننا لم نكن أصدقاء أبدا في بداية تعارفنا.. كنا نتنافس في بطولات الملاكمة.. وكنت أبغضه بشدة.. أبغض حيويته وثقته بنفسه.. ورغم أنه لم يكن أبدا متنمرا أو مغرورا، إلا أنني كنت أقاوم محاولاته للاقتراب مني بشدة.. لكنه لم ييأس أبدا وعندما ضاق ذرعا بتصرفاتي العدائية أخذني بنفسه إلى الطبيب الذي كان يعالج صديقه الراحل.. هو فهم حالتي قبل أن أجد لها أنا تفسيرا مفهوما"

رفعت شروق وجهها الذي تحول للوحة من الاندهاش، فمنحتها ابتسامة خفيفة، ثم أكملت: "أمر لا يُصدق أن يلتقي شخصا اثنين يعانيان من نفس المرض النادر بتفاصيل متشابهة.. أليس كذلك؟ لكن هذا كان لحُسن حظي على الأرجح.. أو ربما.. ربما أرسله الله لي ووضعه في طريقي في وقتٍ كنتُ فيه على وشك الانهيار والاستسلام تماما.. خاصة وأنني عشت سنينٍ طوال وأنا أصدق أنني أعاني من لوثة عقلية تجعل الآخرين ينفرون مني ويظنون أن مجرد تواجدهم في محيطي كفيل بنقل العدوى إليهم.. وأنا نفسي كنت أبعد نفسي عنهم خوفا من هذا الأمر.. لأنني لم أتمنى لأحدٍ أبدا أن يعيش نفس ما أعايشه كل ساعة.. كل يوم.. بلا راحة".

كانت علامات الإشفاق جلية على وجهها بعد أن التفت لتتكئ على جانبها، بينما تسند رأسها بكفها بعد أن ثبتت مرفقها بوضع عمودي كي تتلاقا أعيننا فنتبادل الحديث بشكل أكثر.. حميمية..

لم أعطها فرصة للتعليق وإبداء تعاطفها تجاهي.. لن أتحمل ذلك منها الآن.. ليس وهي تريد أن تتعرف على طبيعة مرضي..

فأكملت الحديث بلا توقف: "للأسف أقدم صديقه كريم على الانتحار عندما يئس من العثور على الدعم والمساندة، بينما كانت مشاعره تمزقه من الداخل ليغمره الاكتئاب، حتى العقاقير المهدئة لم تفلح في إخراجه من حالة الشعور بالكمد التي سيطرت عليه، وعاش بعدها خالد حزينا لسنوات وهو يشعر بالتقصير لأنه لم يساعد صديقه بقدر أكبر لكي يحميه من الإقدام على إنهاء حياته هكذا.. وبعدها ببضعة أعوام قابلني خالد ليلاحظ أعراض مماثلة كانت تظهر عليّ دون أن أنتبه رغم محاولتي السيطرة على الأمر وإخفائه خوفا من التنمر أو الاستغلال أو التعرض للإيذاء.. كنت وقتها أفرغ كل طاقاتي السلبية من خلال الملاكمة ومن خلال.. احم.. الجلسات التي كان يقدمها لي والدك كعلاج بدلا من إيذاء الذات.. في الحقيقة كنت أؤمن وقتها أنها كانت علاجا كافيا وفعالا بالفعل.. لأنها كانت تحفز هرمونات مثل الأدرينالين ثم الإندروفين بداخلي.. ليتشتت الاضطراب الكيميائي بمخي.. وبعدها تضيع أصوات الآلام النفسية ويعلو فقط أنين الألم البدني..".

تنهدت بألم مسترجعا بذهني فترة بائسة من حياتي، ثم تابعت قبل أن تسرقني الذكريات إلى سردابها الممتد بلا نهاية: "وعندما قابلت الدكتور فؤاد لأول مرة كنت شبه محطم، ولهذا بدأ معي ببعض العقاقير مثل فلوكسيتين وألبراكس، ونصحني أن أقاوم محاولات الـSelf-Harm وأن أتشبث برياضة الملاكمة لعمل نوع من الإتزان الداخلي لانفعالاتي واستغلالها كمتنفس لاضطراب مشاعري.. كما شجعني على محاولة التأقلم مع حالتي وعدم رفضها.. بل احتوائها بأن يكون تواجدي الاجتماعي مقنن في محيط مألوف وآمن بعيدا عن الانفعالات السلبية كالحزن والغضب والانكسار وأنين المرض.. وأن أتجنب أيضا الأشخاص كثيري الشكوى أو المتواكلين الذين يعتمدون على الآخرين دائما لأنهم سيستغلون ذلك الجزء مني الذي يسعى دائما لإرضاء الآخرين وتنفيذ رغباتهم وهو أمر مجهد للغاية.. أي أنه نصحني أن أتصرف تماما كالانطوائيين لحماية نفسي من الإيذاء الخارجي".

قاطعتني شروق لتعلق بتفكر: "ألهذا تجيد الطهي؟"، أجبت بجدية: "نوعا ما.. لقد أحببت الطهي لأنه نشاط يمكنني القيام به في بيئة مقننة والاستمتاع بنتائجه بدلا من الخروج بشكل متكرر في تجمعات خارجية.. كما أنني كنت أعتني بأخي، وهو بالتأكيد لم يشكو من مهاراتي في الطبخ.. ربما إذا لم تكن هذه الهواية محببة إلى قلبي وتساعدني على الاسترخاء، ما كنت استمتعت بها لهذا الحد"..

علقت هي ضاحكة: "حقا.. أنت بارع للغاية في إعداد المخبوزات.. ربما عليك أن تقلل من صنعها خلال الفترة المقبلة.. وإلا سيصبح قوامي متوازي مستطيلات"..

عقبت سريعا دون أن أمنع نفسي: "بل أنت رائعة الجمال بكل حالاتك"..
رفعت شروق رأسها قليلا عن الوسادة لتلتقي أعيننا لبضع ثوان، ثم عادت للاسترخاء على ظهرها من جديد وهي تنظر للسقف..

استطردت أنا كالأبله متحررا تماما مما قلته قبل دقيقة واحدة: "امم.. المشكلة أن هذا المرض تحديدا يجمع التناقضات، فهو من ناحية يجعلك تشبهين مرضى التقلبات المزاجية أو الاضطراب ثنائي القطب، وذلك لتأثر المريض ببوصلة المشاعر المحيطة به والتي تنعكس عليه تلقائيا دون أن يستطيع منعها، غير أنه إذا لم يكن حذرا يسقط في نوبات اكتئاب عميقة وطويلة، كما أن رغبته في الشعور بسعادة الآخرين ورضاهم قد تجعله يفرط في العطاء ويركز على احتياجات الناس بدلا من احتياجاته هو الشخصية.. وإذا ابتعد بقرار شخصي عن الناس، فإنه سيشعر بالوحدة والنبذ."

اعتدلت شروق في نومتها واستقرت على جانبها الأيمن من جديد، وأسندت رأسها بيدها بنفس الوضعية السابقة، ثم علقت بنبرة متفائلة: "لا تقل لي أن هذا المرض ليست له آية إيجابيات يا حازم.. أقصد أن..ألا تظن أن الأمر يشبه قليلا الحاسة السادسة التي كان يمتلكها بطل فيلم What women Want.. أنت لديك ميزة بالتعرف على ما يضمره الآخرون وهذا يجعلك متأهبا لما قد يصدر عنهم من تصرفات.. أي أن مرضك مثلما يجردك من القدرة على السيطرة على انفعالاتك الخاصة، فهو أيضا يعمل كدرع واقٍ لك ممن قد يؤذيك بشكل متعمد.. أنا لا أسفه أو أقلل من شدة ما تمر به.. صدقني.. فقد رأيت عن قرب ما تعيشه بشكل يومي.. ولكن ألا يكون الألم أقل حدة إذا لم يكن متعمدا ولم يكن يخص أحدا تهتم به بشكل خاص؟".

أجبت بابتسامة هادئة: " وجهة نظرك سليمة بشكل كبير.. ولكن عندما تهاجمني نوبة المشاعر السلبية بشكل مفاجئ، فإنها تكاد تقتلعني من جذوري كطوفان كاسح قبل حتى أن أحاول التعامل معها، ووقتها يكون عليّ التعامل مع تأثيراتها بعد أن تكون قد تطفلت على مشاعري واستهلكتها بالفعل.. ولكن دعينا من الأمر.. ألا تريدين الحديث عن كوابيسك المزعجة؟ أنا مستعد لأسمعك في أي وقت".

رمقتني شروق بنظرة محتدة، ثم قالت بانفعال: "لا أريد أن أحكي شيئا الليلة"..

قاطعتها بهدوء: "إذًا هل تفضلين أن تظل تلك الكوابيس المزعجة مسيطرة على عقلك فتحرمك الراحة والنوم؟ تحدثي قليلا.. ربما كان سردك لها بصوتٍ عالٍ سببا في التخلص منها"..

زفرت هي بحنق، ثم نهضت لكي تعتدل جالسة على السرير وقد عقدت قدميها أسفل ساقيها، وبدأت تسرد ما كانت تحاول إخفاءه بداخلها: "الكوابيس سببها خبر قرأته عبر مواقع الأخبار على الإنترنت قبل النوم.. خبر مزعج حقا.. ويؤكد أن لا أحد آمن في هذا البلد.. يشهّرون بالطبيبة ويعرضون اسمها وصورتها.. أوليس ما حدث لها من الأساس غير قانوني؟".

أجبتها بهدوء متصنعا عدم معرفة ما تشير هي إليه: "أي حادث تم بشكل غير قانوني؟ وأي خبر ضايقك بهذا الشكل؟.. لا أفهم"..

أجابت شروق بحنق واضح: "خبر عن إلقاء القبض على طبيبة للاشتباه في انضمامها إلى.. إلى شبكة منافية للآداب، ثم توقيع.. أممم.. فحص العذرية عليها جبرا للتأكد من.. أمم.. أنها لا تعمل بتلك الشبكة"، ثم أطرقت برأسها في حياء برغم ضيق ما بين حاجبيها من الغضب، لترفع رأسها مجددا، وهي تصيح باستياء: "كيف يفعلون ذلك ويهينون البنات بتلك الطريقة الجارحة للكرامة؟ ليس من حقهم".

اعتدلت في جلستي لأجلس بنفس وضعيتها في الجهة المقابلة، ثم بدأت أتحدث بشيء من الحيادية: "لقد طالعت هذا الخبر منذ قليل عبر بعض المنصات الإخبارية، وللحق أثار دهشتي للوهلة الأولى لأن من قاموا بنشره أولا هم بعض المواقع المعروفة بإثارة الجدل بعناوين ساخنة تشحن الجمهور بهدف رفع معدلات القراءة، والمصدر الوحيد الذي يُعتد به لهذا الخبر هو وكالة أنباء أجنبية.. ألا يثير هذا بعض الشكوك بداخلك؟ لماذا يتم نشر الخبر الآن في هذا التوقيت تحديدا بعد إعلان انتهاء الاعتصامات رغم مرور بضعة أيام على حدوثه فعليا؟ ولماذا الخبر يأتي عن وكالة أجنبية وليس من صحف محلية؟" لتجيب هي بانفعال: "لأن الصحف المحلية ما زالت خاضعة بالفعل لبقايا النظام الساقط وتخضع لأوامر شفوية بعدم النشر في بعض القضايا".

استطردت مكملا: "هذا صحيح إلى حدٍ ما.. لكن التوقيت نفسه يثير الغموض.. فالواقعة على ما يبدو قد مر عليها بعض الوقت ولم تحدث بالأمس مثلا.. هناك من يحيك في الظلام أزمات مفتعلة جديدة.. تماما كما حدث خلال فترة الاعتصام نفسها، كما أنه من حق السلطات القانونية إخضاع المشتبه بهن للكشف الطبي لفحص العذرية وهذا ما يخوله القانون للجهات الأمنية"..

قاطعتني بحدة: "وهل كل من تمر بجوار مكان مشبوه صارت من ضمن المشتبه بهن؟".

أجبت بنفس الهدوء: "على الأقل بعضهن.. أنت لا تعلمي ملابسات ما حدث، والخبر الذي تم تداوله منقوص ولا يكشف تفاصيل الواقعة، وقبل أن تنقضي عليّ بإحدى المزهريات دعيني أوضح.. أنت بالتأكيد سمعت عن مصطلح الطرف الثالث الذي بات يتردد مؤخرا عبر وسائل الإعلام مشيرا للكثير من المخربين الذين اندسوا بين المتظاهرين لنشر الفوضى وأعمال العنف.. أو الاستفادة من تلك الفوضى بسرقة الآثار أو العبث بوثائق حكومية هامة في عدة قطاعات، وهنا كان لابد لجهات أمنية عليا هدفها الرئيسي حماية الأمن العام أن تتدخل لحماية منشآت حيوية وجهات حكومية تخص الشعب أولا وأخيرا وإذا نجح المخربون في إتلافها ستكون النتيجة كارثية.. أسوأ كثيرا من ديكتاتورية سياسية واحتكار وتضخم اقتصادي".

توقفت لبضع ثوانٍ حتى تمر كلماتي داخل عقلها وتبدأ في تداولها وربما الاقتناع بها، ثم أكملت بعدها: "كما لا ننكر أنه أثناء محاولة قوات الأمن استعادة زمام الأمور وحماية المواطنين والمنشآت وكذلك الإمساك بشبكات غير قانونية استغلت حالة عدم الاستقرار البسيطة لانشغال الجميع بأحداث الاعتصامات، ستكون هناك بعض الحوادث غير المألوفة مثل فحوص العذرية التي يلجأ إليها رجال الأمن حتى لا تتهمهم إحدى المشتبه بهن لاحقا بالاعتداء عليها أو ما شابه خاصة في ظل التوتر السائد حاليا بين المواطنين ورجال الأمن نتج عنه محاولات لتصيد الأخطاء لهم أو توريطهم في اتهامات لا تمت للواقع بصلة".

تنهدت شروق، فأكملت أنا بسرعة: "كما قد يكون هناك ضحايا تصادف وجودهم في المكان غير المناسب، ومنهن بعض الفتيات اللاتي قد يتم إلقاء القبض عليهن لمجرد تواجدهن بمحيط المكان الذي كانت تؤمنه الجهات المختصة.. أثق أن الطبيبة وغيرها ممن تم إلقاء القبض عليهن للاشتباه يعشن حاليا في حالة من الصدمة جراء الموقف المهين الذي تعرضن له.. وأنا آسف حقا لما حدث لهن، ولهذا نقول دائما (اتقوا الشبهات)"، ثم طالعتها بنظرة شبه موبخة كي أعيدها إلى وقت إصرارها على المشاركة في التظاهرات برغم خطورة الأمر عليها كونها فتاة قد تجد نفسها في قلب مواجهات عنيفة ولا تستطيع حماية نفسها..

ألم يحدث لها هذا؟ مرتين؟

لكنني لا أستطيع التصريح.. فهي لا تعلم أنني أعلم.. بل كنت حاضرا بنفسي وعايشت كلا الموقفين وما زلت أحمل ندبة وجعهما حتى الآن بداخلي، لدرجة أنني بت أريد أن أمنعها من الخروج أصلا أو ملاصقتها كحارس خاص..

خرجت من شرودي، ونظرت إليها مجددا وأنا أركز مقلتي بحجري القمر المتألقين بزرقة ساحرة كست مقلتيها واللذين تعكرا قليلا بسبب البكاء والإجهاد ببعض الغيوم الرمادية الموشاة بإحمرار الحزن والغضب.
سألتها بفضول لم أخفه: "ما لا أفهمه يا طبيبة هو ماهية العلاقة بين مثل هذا الخبر وبين دخولك في نوبات مزعجة من الكوابيس المتتالية؟"..

أطرقت شروق بنظرها للأسفل، ثم أجابت بصوت خفيض مجروح: "كلما دخلت في النوم، كنت أحلم أنني.. أنني أنا من يتم إخضاعها قسرا لهذا الفحص المهين.. فأستيقظ فزعة مرتعبة.. ومتقززة و..".

شهقت شروق بإجفال عندما وجدتني أنتشلها من مجلسها لأغمرها بين ذراعيّ في حضنٍ قاسٍ يكاد يعجن ضلوعها ويسحقها لأزرعها من جديد بداخل ضلوعي أنا لتكون حامية لها من كل شيء..

الصورة التي حكتها جعلت النيران تفور داخل رأسي رغم أنها مجرد صورة خيالية من أضغاث الأحلام..
أخذت أربت براحتي يدي على كتفيها وظهرها وكأنني أؤكد لعقلي.. أنا هنا بخير.. ولم تتأذى.. لم يحدث لها شيء كهذا يدحر كبرياءها ويفتت ثقتها بنفسها ويجعلها تكره أنوثتها.

حمدت الله ألف مرة أن جعلني سببا في حمايتها خلال مشاركتها الأولى بالمظاهرات وتعطيل مشاركاتها المحتملة في آية فعاليات لاحقة بانشغالها بأمر زواجنا المفاجئ..
هي هنا الآن تحت رعايتي وحمايتي.. وهذا ما يهم..

بعد لحظات.. أو ربما دقائق أبدت شروق تململها لكي أفلتها من بين ذراعيّ بعد أن أظهرت للوهلة الأولى تقبلا غير متوقع لهذا العناق العفوي.. وكأنها كانت بالفعل تحتاجه دون أن تعترف بذلك فاستسلمت له بحياء..

في اللحظة التالية، تجنبت شروق النظر لعيني مباشرة، وقالت بهدوء وهي تستوي على جانبها من السرير وترفع الغطاء لرقبتها: "حسنا.. أنا سأنام الآن.. وأنت.. أنت لن تخون ثقتي.. ألست كذلك؟"..
أجبتها متعجلا بصدق: "أعاهدك بروحي".. مكملا بهمس لم يصل لمسامعها (يا روحي).


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-07-21, 05:58 PM   #568

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 الفصل العشرون - القسم الخامس

مرت أكثر من أربع ساعات أخرى وهي نائمة بجواري بسكينة تحتضن جانبي الأيسر بالكامل بذراعها وساقها تاركة يدها ترتاح على خافقي..

أعترف.. لقد خنت وعدي لها قليلا.. لكنني لم أخن ثقتها..
فقط تسللت لكي أنام بجوارها.. رأسي توازي رأسها وجسدي يتمدد بجوارها دون انتهاز للفرص.. مكتفيا فقط بمراقبتها عن قرب والنهل من جمالها الآخاذ بعينيّ النهمتين بدلا من البقاء منبوذا في الجهة المقابلة على السرير يواجه وجهي قدميها كالمنبوذ،

أما هي فأصبحت أكثر سخاء بعد أن دخلت في النوم العميق، حيث غيرت وضعية نومها لتتمدد براحة أكثر وتتلمس مني الدفء والأمان.. مطبقة بساقها وذراعها على جسدي المسجى جوارها..
وأنا لم أرفض..

أعني أنني لم أتحرك ولم أحاول ملامستها بدون أن تشعر ، ولم أفكر حتى في أن أسرق قبلة أُمني نفسي بها منذ دهور..

فقط أخذت أراقب وجهها البهي، وأستمتع بحُسن قسماتها الشهية..
تلك الأنف الصغيرة والفم الوردي الممتلئ بشفاه خُلقت للإغراء.. وشعرها المتدرج بتخضبات لونية مختلفة بين الأحمر والبني لتجعله يشبه أوراق الخريف بألوانها الدافئة، والذي حبس أنفاسي منذ تشابك مع أسلاك الانترنت وكنت محظوظا وقتها بتمرير أصابعي بين خصلاته الحريرية لكي أخلصّه قبل أن يتمزق.

حينئذ كنت مبهورا كليا بشكلها الفاتن ووقفت متجمدا أمام هيئتها الملكية رغم ما كانت ترتديه من ملابس مجعدة بعد جولة طويلة من ترتيب الأثاث..
وهل تجرد طبقة من الغبار الماسة من فخامتها؟

لكنها الآن وهي نائمة بجواري على بعد بضعة سنتيمترات لا أكثر وتحتضن خصري بذراعها بعفوية، أصبحت فتنتها مضاعفة مئات المرات.. فهي لأول مرة تثق بي وتبثني همها بدون تحفظ كما أنها طلبت بنفسها النوم.. هنا إلى جواري.. على سريري.. وإهدائي ساعات استثنائية من القرب أنهل فيها من جمالها الأخاذ واختزنه بداخلي لأهدئ بعضا من أشواقي التي ترهق رجولتي التي تتحين الفرصة للتلاعب واللهو بلا ضابط ولا رابط متعللة بوجود وثيقة زواج رسمية تمنحني ذلك الحق..
وأي حق بدون أن تسمح لي حبيبتي؟

استهلكت طاقتي كلها خلال تلك الساعات كي أظل ثابتا دون أن أتململ أو أحرك عضلة واحدة حتى لا تستيقظ أو تغير وضعيتها.

الليلة الأطول في حياتي.. لكنها أيضا الأجمل.. أعني أنني قد راقبتها من قبل خلال نومها.. ولكن حدث هذا في زمن آخر، حين كانت هي مكدومة ومتألمة بعد نجاتها من معركة غير متكافئة مع وحشين كادا أن يأخذا حياتها بعنفهما نتيجة تهورها الأحمق..
لكنها اليوم تنام مستكينة مطمئنة..

كانت شروق في نومها تشبه جنيات الليل أو الكائنات الأسطورية التي تمتلئ سحرا وغموضا ولا يستطيع أحد تخمين ما إذا كن ينتمين لقوى الخير أم الشر.. وكأن حياتهن تقوم فقط على تطويع الجميع تحت قبضتهن فيتسلين بالسيطرة على تفاصيل حياة الآخرين بالمشاغبات والمقالب المبتكرة بلا أي اكتراث..

غير أنني للمرة الأولى أشعر أنها تخصني وبأنها سمحت لي أخيرا أن أصبح جزء صغيرا من عالمها الخاص.. برغبة منها شخصيا.. حتى وإذا كانت ستملأ حياتي بالمشاغبات وتقلباتها النارية التي لا تنتهي..

مرت عدة دقائق أخرى وأنا ألاحقها بنظراتي المتلصصة المتفحصة المتمردة على صوت الضمير بداخلي، قبل أن تتحرك هي بتكاسل وترفع ذراعها لأعلى لتضرب أناملها أنفي وجبهتي برفق، لتنتبه فجأة وتستيقظ بصخب هاتفة: "ماذا حدث؟ لماذا أنت هنا؟".. ثم استدارت برأسها يمنة ويسرى، لتستطرد: "أقصد.. لماذا أنا هنا.. على سريرك؟".. ثم بدت وكأنها قد تذكرت كل ما حدث الليلة السابقة، فعضت بأسنانها على شفتها السفلية وكأنها تمنع نفسها من المزيد من الكلام.

أجبتها متسليا: "لو كنت أعلم أنك ستنامين بجانبي بكل تلك الأريحية ما كنت لأصر عليك لغلق الباب بقفل المقبض الداخلي.. بل لم أكن لأقوم بتركيب باب فاصل بيننا من الأساس".

اكتسى وجه شروق بحمرة داكنة وحركت نظراتها تجاه غرفتها، ثم بدأت بالتحرك وهي تحرك أغطية السرير تبحث عن أمر ما..

سألتها بفضول: "عم تبحثين في هذا الصباح الباكر؟"، لتجيب هي بسخافة: "عن حجابي بالطبع".

هنا لم أستطع التوقف عن مشاغبتها، فتصنعت تقليد صوتها وأنا أردد بسخافة: "عن حجابي الطبع"، ثم أكملت بتحدٍ: "هل تعلمين كم مرة رأيت شعرك حتى الآن؟ ارتاحي يا فتاة.. ليس هناك من داعٍ لكي تغطيه من الأساس.. فأنا زوجك إذا لم تكوني تذكرين.. كما أنه ليس فاتنا لهذا الحد..".

رفعت شروق يديها تلقائيا تتحسس شعرها وكأن كلامي قد ضايقها، فقلت لكي أشتت تركيزها: "اسمعي يا ابنتي.. من الواضح أن كلينا صرنا شريكا سكن لفترة طويلة غير محددة، ولن تنتهي في المدى المنظور، ولذلك لا أنصحك أن يظل شعرك مكتوما طوال الوقت أسفل حجابك العجيب الذي يشبه البوتقة"، ثم رفعت سبابتي بتهديد وأكملت: "لكن هذا لا يعني أن تظهريه بكل أريحية أمام حسام.. نحن عائلة محافظة.. ولا يمكن أن أسمح لزوجتي أن تتعامل بدون تحفظ أمام أخي.. أتفهمين؟"..

وقفت شروق أمامي وهي تتخصر فاغرة فمها، وعيناها تطلقان موجات كهربية لاسعة تتأرجح بين الدهشة والغضب والصدمة، ثم تحسست شعرها ببطء من جديد.. بعدها زينت وجهها بنصف ابتسامة جعلت وجنتها اليمنى أكثر توردا لكن هيئتها ككل كانت تشي بالكثير من الازدراء لتقول بصوت خافت: "وأنا التي كنت أفكر مؤخرا في قص شعري.. لقد مللت من شكله.. وبما أنك تريد رؤيته كلما جاءتك الفرصة، فالأفضل أن أقصه.. فهو.. ملكي.. أنا.. وليس معرضا ثلاثي الأبعاد لكل من هب ودب".

وقفت أمامها ليملأ طولي المحيط حولها، فتشعر هي بتضاؤل قامتها مقارنة بي، ثم قلت متصنعا الغضب: "كل من هب ودب؟ والله لولا أنني أريد النزول لإعداد الفطور وإيقاظ حسام ومساعدته في تغيير ثيابه والتعود على أجواء المنزل، لكنت خصصت بعض الوقت لمعاقبتك"..

تخصرت هي من جديد ونفخت صدرها بطريقة بدت لي مضحكة للغاية، وهي تتصنع القوة وتقول بنبرة مستاءة للغاية: "أنت.. تعاقبني.. أنا؟"، ثم أشاحت بيدها بطريقة تمثيلية، كمن تعتقد أنها تفوقني قوة بدنية ويمكنها هزيمتي بسهولة ودون مجهود، ثم هتفت بهزء ممازح: "حازم.. تحرك من أمامي.. هيا اذهب".

كنت في طريقي لمغادرة الغرفة، عندما التفتت إليها، وحدثتها بنبرة جادة: "شروق.. أعرف كم أنتِ دائما قوية.. لكن منظرك بالأمس أصابني بالذعر.. إذا كنتِ تشعرين نحوي ولو بقليل من الثقة رجاء لا تخفي عني شيئا بعد الآن.. لن أستطيع حمايتك ما دمت تخبئين عني ما يؤلمك بهذا الشكل.. لا توجعي قلبي بالله عليك".

أطرقت شروق بنظراتها للأسفل، ثم حركت رأسها إيماء بهزة واحدة موافقة، لترفع عينيها من جديد، وهي تسألني بفضول مفاجئ وبصوت خافت: "حازم.. ماذا كان قصدك عندما قلت بأن كل شيء مختلف معي".

اتخذ المبادرة.. هي معجبة بك..

كانت كلمات حسام وخالد تتكرر برأسي وأنا أجيبها بدون تحفظ: "منذ أن رأيتك للمرة الأولى وأنتِ مثل الشمس.. تجذبينني إليك لأسبح في مدارك دون مقاومة أو رغبة في الابتعاد.. ولا أشعر أنني حيا إلا عندما أكون بالقرب منكِ.. أتنعم بضوئك وأشعتك الدافئة.. حتى إذا كنتِ ستحرقينني في النهاية بلهيب القرب.. فلا بأس"، وتركتها مغادرا الغرفة قبل أن تبدي هي أي رد فعل.


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-07-21, 06:03 PM   #569

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
1111 الفصل العشرون - القسم السادس والأخير

أمضيت نحو ساعة ونصف برفقة حسام وأنا أساعده في التأقلم على وضعه الجديد، وساعدته لتجربة العكازات قليلا ثم اصطحبته لغرفة اللياقة البدنية لكي يبدأ ببعض التمرينات التي كان يمارسها داخل المستشفى إلى أن يصل أخصائي العلاج الطبيعي الجديد ويستكمل رحلته معه للاستشفاء حتى يتمكن من الحركة بمفرده بإذن الله وبدون حاجة للجلوس على المقعد المتحرك أو الاستناد على العكازات.

وأثناء ممارسة حسام لتدريباته، قصصت عليه ما حدث خلال الأيام الماضية من زيارتي للدكتور فؤاد بسبب تدهور حالتي النفسية نتيجة الضغوط الأخيرة، كما أخبرته عن قراري بترك العمل لدى رحيم عماد الدين نهائيا.

قطعت شروق جلستنا الهادئة باقتحامها غرفة الجيم بعد أن أنهت استحمامها وبدلت ملابسها لإطلالة عملية من بلوفر طويل فضفاض يصل للركبتين مع سروال ضيق وقبعة جلدية تشبه أغطية الرأس الخاصة بالسباحات ولكن مزينة من الجانب بفراشات بارزة..
هل تزين قبعاتها الغريبة يدويا؟ لا أظن أن تلك القبعة تباع مزخرفة هكذا..

كان شكلها يبدو طفوليا وغريبا في نفس الوقت، خاصة وهي تحاول تجنب النظر لي وانشغلت كليا بالحديث مع حسام الذي أنهى تدريباته واقترح التوجه لغرفة المعيشة القريبة من المطبخ والتي تطل عليه من خلال جدار نصفي يفصل بينهما ويعمل كمنضدة مستطيلة تزينها مقاعد طويلة تشبه الجلسات الجانبية في المقاهي العصرية.

تركتهما يتسامران وتوجهت للاستحمام وتبديل ملابسي ثم عدت سريعا لإعداد الفطار.
وبينما أنا منشغل بإعداد الطعام، كانت نظراتي تتحرك بين وقت وآخر نحو حسام وشروق اللذين كانا يتبادلان الحديث بأصوات خفيضة لا تصل إليّ، لكن بدا وكأنهما يستعيدان ذكريات الأيام الأولى للاعتصام والتي انتهت بإصابة حسام اللعينة.

تركت ما بيدي ووقفت متجمدا عاقدا حاجبيّ بضيق وفاغرا فمي بشكل جزئي ضاغطا على أسناني بعنف، بينما أتابع أمامي شروق تقترب ببطء من حسام، ثم تمسك كفه براحتيها لتبدأ الهمس له ببضع كلمات غير مسموعة من تلك الزاوية، بينما وجهها يكتسي بالحزن، فيما كان حسام يمنحها ابتسامة خفيفة وكأن كلا منهما يواسي الآخر..

اشتعلت النيران بداخلي، فوضعت المنشفة جانبا بغضب وغل، ثم تحركت نحوهما، لتلتقط أذناي بعضا من كلماتهما، حيث كانت شروق تخبره على ما يبدو عن قيامي بإيذاء نفسي وتستسفر منه عن مدى علمه بهذا الأمر، لكنه فور أن رآني أقترب، قام بتغيير اتجاه الكلام كي لا ألتقط ما يتحدثان بشأنه، ثم مازح قائلا بنبرة مرتفعة حريصا على أن تصل إليّ وكأنه يقصد لفت انتباهها إلى ضرورة تغيير دفة الحديث: "يضربني ويعذبني دائما يا شروق.. الحمد لله الذي أرسلك لنا لتكوني حكما ينصفني ضد جبروته.. انظري كيف يتوعدني بنظراته؟ والله لقد خفت حقا.. يداي ترجفان "، ثم تظاهر بالارتعاد خوفا مما قد يحل به مني بينما عيناه تلمعان بخبث خفي أفهم مقصده جيدا..

(خذ المبادرة)

أطلقت زمجرة عصبية من حلقي، قبل أن أضغط بقبضتي على جانبي الكرسي المتحرك الخاص به وأنا أوجهه في اتجاه غرفة الطعام، وأقول بكلمات نافدة الصبر: "هيا يا أخي لأصحبك لغرفة الطعام.. لقد انتهيت من إعداد الفطار"، ثم التفتت بعنف ناحية شروق وأنا أجز على أسناني وأقول محاولا الهدوء: "وأنتِ.. اسبقيني على المطبخ حتى تجهزي الأطباق معي"..

صاح حسام مبتهجا: "أخيرا سنأكل.. اذهبا أنتما لتحضير الأطباق وأنا سأسبقكما لغرفة المائدة.. لا أحتاج مساعدتك يا كبير.. إنها قريبة والطريق إليها واسعا.. سأحرك الكرسي بلا عقبات".

ما أن دلفت شروق للمطبخ حتى التقطت أنفها روائح الأطعمة الشهية، فقالت بإعجاب حقيقي: "الرائحة مذهلة.. ماذا أعددت لنا اليوم؟"، واتجهت نحو الموقد لكي ترفع الأغطية وتتفحص الأطباق الساخنة بفضول.

كنت قد وقفت أمامها مستندا على إحدى الخزانات وقد عقدت ذراعيّ أعلى صدري، فأجبت بضيق: "أعددت شكشوكة البيض بالبروكولي المفضلة لحسام وبيض مقلي بخليط الجبن والريحان.. وفول بالزبدة البلدي والسجق ومخبوزات طازجة سريعة التحضير بالسبانخ والجبن الرومي وأخرى بجبن الريكفورد والمتوزاريلا.. وهذه بعض أطباق الجبن والقشدة والمربى الجاهزة مع مخلل الزيتون.. وبعض حبات الطماطم الشيري وحلقات الفلفل الملون والجرجير.. هيا ساعديني في سكبها في أطباق صغيرة لترتيبها على المائدة".

نظرت لي شروق بابتسامة واسعة، ثم استطالت النظرة أكثر مما يجب، لتتساءل بخجل: حازم.. ما هي أهم المكونات التي تعتمد عليها في مطبخك؟".

للحظة شعرت أن سؤالها ليس له علاقة نهائيا بالمطبخ، ولكنني أجبتها ببطء وأنا أمنحها نظرات تفوق بلاغتها كلماتي التالية: "القرفة.. هي لاذعة بعض الشيء لكن لا غنى عنها سواء في الاطباق الرئيسية أو الحلوى أو حتى المقبلات.. ويتم إضافتها للمشروبات لتمنحها نكهة خاصة وتعطي الجسم دفئا.. طعمكِ للوهلة اللأولى يبدو لاذعا.. ولكن في الواقع عند مزجها مع المقادير الصحيحة تصبح حلوة.. حلوة للغاية".

تبا.. هل زل لساني للتو وقلت (طعمكِ) بدلا من (طعمها)؟؟
ليكن.. سأتظاهر بأنني لم أنتبه لما حدث..أما شروق، فقد أطرقت برأسها ولم تعقب..

(خذ المبادرة.. هي معجبة بك)
عادت كلمات الأحمقين تتردد مرة أخرى داخل رأسي..
وأنا هذه المرة.. قررت الاستسلام..

ملأت طبقين من الخزف بالبيض ثم تحركت نحو شروق وأنا أنظر إليها كمسحور فقد كل قدرته على التعقل وأصبح يتصرف بعفوية دون إرادة منه على إيقاف مع صرخ به داخله ليجبره على التنفيذ..

وضعت الطبقين بكفيّ شروق فتجمدت هي بسبب ثقلهما، ثم انحنيت قليلا لتصبح المسافة بين وجهينا سنتيمترات قليلة، ثم همست في أذنها: "لا تسقطي هذين الطبقين مهما حدث.. يقال إن تحطم الآنية الخاصة بأول طبخة يتم طهيها في بيت جديد يُعد فألا سيئا.. وكما ترين، بيتنا لا يحتاج أي سوء حظٍ إضافي.. كما أننا لا نريد إفزاع حسام الذي ينتظرنا الآن في غرفة الطعام إذا ما سمع أصوات التهشم.. بالإضافة إلى أن تلك الأطباق جديدة.. وغالية للغاية.. سأحزن للغاية إذا تهمشت.. كما أننا سنبقى وقتها بلا طعام لأنني سأضطر للتنظيف بدلا من إعداد إفطار آخر.. فقط لا تتحركي"..

ارتسمت على وجهها علامات الذعر وهي تسأل متوجسة: "حازم.. ماذا هناك؟"، لأقترب منها متخطيا حد الخطر وأنا أجيبها بصوت أجش: "لقد نسيت أن أتفقد المذاق"، ثم أغمضت عيناي لتتلامس شفتانا برقة شديدة كاتحاد رقيق بين كرتين هشتين من حلوى غزل البنات..

وهي.. أغمضت عينيها وتاهت في لُجة وردية ناعمة..

لم أرتوِ من قبلة دافئة يتيمة..
أي فقير محروم يشبع بلقيمة واحدة بعد جوع واشتهاء لسنوات..

بعفوية يحركها القلب ويغض العقل الطرف عنها بينما تختبرها الشفاه بفرحة لا توصف، أخذت أقبلها بنهم وتلذذ ولكن بنفس الرقة لأشعر بها وقد ذابت تماما في عالم خيالي بعيدا عن كل ما يدور في تلك الحياة حتى بدأت يداها بالاهتزاز وكادتا تُسقِطان الطبقين، لأمد يديّ وأحتضن كفيها ثم أسحب الطبقين لأحرر راحتيها من الأسر بنفس اللحظة التي كانت شفتاي تسبران أغوار ثغرها الناعم على مهلٍ.. فتعلقت يداها في الهواء بلا هدف وعقلها منشغل بمحاولة استيعاب موجة وليدة من بشائر هوى حط على شطآنها بنعومة القطن وبهجة الفراشات..

كانت قبلة تلامس شفتين ناعمتين وتحتضن روحا نقية تستحق العشق والتدليل بألف قبلة يوميا..
كانت هي ما زالت غارقة في تلك الغيمة الوردية من غزل البنات، لأبتعد أنا عنها لبضعة سنتيمترات أراقب تزلزل كيانها تأثرا بما حدث رغم ثباتها في نفس البقعة كما أمرتها قبل دقائق..

عدت للهمس بأذنها بصوت تتثاءب بين موجاته الرغبة وتتمطى بانتباه متوسلة السماح لها بالمزيد: "أشهى وأطيب مما تصورت.. على ما يبدو هذا هو ألذ طبق أتذوقه في حياتي.. طبق المارشميلو الحلو بلمسته الحريرية ونكهة القشدة الطازجة المذابة بين طبقاته".

استدرت بنية التحرك لغرفة المائدة، متجاهلا تلك المتخشبة في وضعية مضحكة للغاية وهي مازالت مغمضة العينين ويديها معلقتين في الهواء.. لكنها لم تستمر سوى لثوانٍ معدودة قبل أن تستفيق من حالة الخدر، وتقول بصوت غاضب مستنكر اهتز له الطبقان اللذين يستقران أعلى كفيّ: "أنت.. أنت.. هل لأنني نمت بجوارك ستبدأ الآن بهذه التجاوزات؟"

ضحكة مجلجلة كانت رد فعلي الأول على كلماتها الطفولية، قبل أن أجيبها متسليا: "آية تجاوزات يا زوجتي العزيزة.. هل كنتِ نائمة لحظة عقد القران أم أن هناك فتاة أخرى قد وقّعت نيابة عنك على الوثيقة؟ والله يا شروقي لقد قاومت كثيرا حتى لا أخلف الوعد وأخون ثقتك بي خلال ساعات نومك.. صدقي أو لا تصدقي.. أنا لم أنم لحظة.. هذبت نفسي طول الوقت ووبختها مئات المرات.. ثلاثون مرة على الأقل كل ساعة، وتعذبت كل دقيقة، واحترقت كل ثانية .. لكن الآن.. لم أستطع المقاومة أكثر من ذلك.. فأنا بشر يا عالم.. والله كنت سأنفجر لمليون قطعة مثل حالات الانفجار المفاجئ بحقول الألغام أو ظاهرة الاحتراق البشري الذاتي التي لم يجد العلم لها تفسيرا.. من يدري.. ربما تكون ظروف مشابهة هي السبب..".

تحركت خطوتين مبتعدا منهيا كلماتي بغمزة وقحة وأنا أقول: "أنا أتضور جوعا.. هيا أسرعي.. احملي باقي الأطباق واتبعيني".

تركتها تموج بالانفعال خلفي وأنا أتحرك بالأطباق متوجها نحو غرفة المائدة ومتجاهلا لتلك التي تتصارع بين الغضب والدهشة، أما خافقي الذي كان دائما ينبض برتابة بين ضلوعي، صار يختبر لأول مرة نبضات عشوائية مزعجة طامعة ترغب بالمزيد. ويعترف أخيرا بصخب جنوني لا يمكن تجاهله.. أنه في ورطة..


نهاية الفصل - قراءة سعيدة
دمتن في ود وحب وسعادة وصحة وسلام


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-07-21, 06:23 PM   #570

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Chirolp Krackr

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 29 ( الأعضاء 2 والزوار 27)
‏مروة سالم, ‏أنثى المجدولين


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:49 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.