آخر 10 مشاركات
دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          الغيـرة العميـــاء (27) للكاتبة الرائعة: فـــــرح *مميزة & كاملة* (الكاتـب : فرح - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          هائمون في مضمار العشق (2) .. سلسلة النهاية * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          1025 -البطل الطليق - ريبيكا وينترز - عبير دار النحاس ** (الكاتـب : Just Faith - )           »          234 - طفل اسمه ماتيو - سارة جرانت - ع.ق ( مكتبة مدبولى ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          دموع تبتسم (38) للكاتبة: شارلوت ... كاملة ... (الكاتـب : najima - )           »          عيون الغزلان (60) ~Deers eyes ~ للكاتبة لامارا ~ *متميزة* ((كاملة)). (الكاتـب : لامارا - )           »          93- رجل من ورق - كارول مورتمر - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          خلاص اليوناني (154) للكاتبة: Kate Hewitt *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-07-21, 06:45 PM   #2391

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الثالث عشر

في غرفة مالك..
حيث تضج الغرفة بظلام دامس غمغم يزيد المتمدد على فراشه الصغير أرضا
((عمي مالك.. هل أنتَ مستيقظ؟))
فتح مالك عينيه ببطء ثم أضاء المصباح الخافت القابع فوق المنضدة الصغيرة الملتصقة بسريره..
مد يده للأسفل يقول بحنو ابتسامته الرجولية تتألق
((تعال يا يزيد وتمدد على فراشي هنا دعنا ندردش قليلا قبل النوم))
بحماس أومأ يزيد له وهو يقوم من مضجعه ويتسلق سريره الواسع ليتوسد الطرف الآخر..
مرر مالك أنامله الرجولية فوق شعر يزيد المموج وهو يسأله
((لماذا تناديني عمي يا يزيد؟ ألهذه الدرجة أنا لا أستحق حتى سماع كلمة "أبي" العذبة منك؟))
رد يزيد بحذره الطفولي
((أمي قالت حتى لو كنا بمفردنا فعليّ أن أدعوك بـ"عم" فقط خوفا أن أخطئ بمناداتك بغير وعي عندما نكون مع الآخرين))
كانت ملامح مالك وهو يتلقى الإجابة من ابنه الذي من صلبه هادئة لا تحمل أي تعبير وإن كان قد ظهر في عمق خضرة عينيه نوعًا من خيبة الأمل والجرح..
لكن عادت ابتسامته الرجولية المفعمة بالحنو تتألق على شفتيه وهو يقول بينما يمسك كفه الصغيرة الغضة
((لكن عندما نكون وحيدين أريد منك أن تدعوني فقط "أبي".. لم أتحدث بشأن هذا معك في الماضي لأني كنت أرى بأني لم أفعل لك ما يجعلني أستحقها.. لكن ألا يمكن أن أكون أنانيا وأطلب ما لا أستحقه منك؟))
احتارت ملامح يزيد بدون أن ينطق برد..
فزفر مالك نفسا ملتهبا بالذنب الذي يتعاظم داخله ثم عاد يقول بعينين لامعتين
((أرجوك ادعني ب"أبي" لا "عمي"))
خرجت الحروف من بين شفتي الصغير بعفوية
((أبي أنتَ..))
ضغط مالك على كفه وكأنه نسى أنها يد طفل لكنه لم يشعر بنفسه وهو يبتسم بتأثر إزاء تلك الحروف الجميلة المنسابة إلى أذنه..
رفع كفه يلثمها وقلبه يهدر بإحساس الأبوة الذي يستمتع به في هذه اللحظات المسروقة..
ثم اعتدل جالسا على السرير بحركة فجائية وهو يحمل يزيد ويأخذه بحضنه يضمه متمتما بحرارة
((أنا أحبك يا ابني))
شدد مالك من ضمه وعَبرة غير ملحوظة تنزلق على وجنته فتحرق صدره قبل عينيه.. ليقول بصوتٍ متحشرج
((عندما نكون معا وحيدين لا أريد أن أسمع منك إلا هذه الكلمة قبل أي جملة يا يزيد.. مفهوم؟))
شعر يزيد بعظامه تكاد تئن فحاول التخلص من تكبيل والده وهو يقول باختناق
((أبي.. أبي.. أنتَ تخنقني))
ابتعد مالك عنه وكلمة "أبي" تدق نبض قلبه.. ثم قال له مبتسما
((ما أحلاها كلمة "أبي" منك حقا يا يزيد.. المهم ماذا كنت تريد أيها الغالي ابن الغالية؟))
عقد يزيد حاجبيه وهو يرمش بعينيه وشرد يتذكر ماذا كان يريد أن يسأله من البداية قبل أن يشهق متذكرا ثم تساءل ببراءة
((لماذا لون عينيّ مختلف عن لون عينيك؟))
احتارت ملامح مالك وهو يسأله مستغربا
((ماذا تعني!))
وضح يزيد له بجدية تشوبها العجب
((لون عينا فهد وباسم مشابه للون عيني والدهما الفاتح.. أما أنا فعيني لونهما مختلف عنك.. حتى لون شعري الأسود مختلف عن لون شعرك البُني المحمر..))
ارتسمت ابتسامة مستمتعة على شفتي مالك بينما يتابع يزيد التحسر بطفولية
((أستاذي يقول بأن ملامحي شبيهة لك تماما باستثناء اختلاف لون العينين والشعر))
تلاشت ابتسامة مالك وهو يتأمل ملامح يزيد التي تشبهه.. بل نسخة مصغرة منه عندما كان بعمره..
وفجأة باغت كلام أستاذ يزيد عقله في إحدى المواقف عندما طلب منه بخزي ألا يخبر أحد بأبوته ليزيد كما باقي أساتذة يزيد في مدرسته القابعة بالقرية لأنهم يعرفون والده الحاج يعقوب! ولن يحتاج أحدهم إلا أن يلقي نظرة على اسم يزيد الرباعي ليعرف من هي عائلته!
وكم تمنى لو تدرك سمية الألم والطعنات التي يتلقاها من أنظار كل من يعرف بأن يزيد ابنه الذي يخفيه عن الجميع!
لو أنها تعيش ربع الذي يعيشه هنا بين الرجال لما أصرت بأنانية عليه أن يخفي الأمر حتى يصير يزيد أكبر..
أغمض مالك عينيه محاولا التغلب على ذلك الشعور القاسي وهو يفكر كم سيضيع من عمره وعمر ابنه قبل أن يستطيع أن يعترف به ابنا أمام الجميع؟
فتح مالك عينيه متنهدا بحرقة قلب وأجاب ابنه شارحا له بابتسامة مرهقة وقلبه يعود ليهدر بإحساس الأبوة الذي يختبره
((لون عينيّ شبيهان بلون عيني أمي زاهية يا يزيد.. وحتى شعري البُني المحمر مثل لون شعرها.. أنا وتوأمي نشبه أمنا بشكل رهيب.. وأنت بالفعل رغم شبهك الكبير بي إلا أنك ورثت من أمك الجميلة لون شعرها وكذا العينان.. أتذكر بأنها كانت تمتلك شعر خلاب أسود..))
بتر مالك كلماته وتوقف عن وصف شعر سمية واجتذاب الذكرى ثم هز رأسه ينفض تلك الخيالات المهلكة من رأسه..
لا يجوز أن يتذكرها وهي الآن لم تعد تحل له..
هي لم تعد زوجته منذ أن أنجبت يزيد..
ولا يحق أبدًا أن يظل محتفظا بهذه الذكريات قبل أن يتزوجا مجددا..
حول مالك أنظاره عن يزيد والتفاؤل يغمره بأنه وعلى الأقل عليه أن يحمد الله أن زواجه القصير منها أثمر بطفل ملائكي بلغ السابعة من عمره سيربطه بها إلى الأبد محيطا إياه بالأمل بأنهما سيعودان لبعضهما مستقبلا..
أخذ مالك نفسا عميقا وزفره بإرهاق تزامنا مع صوت ابنه الحائر
((توأمك؟ اسمه مازن؟))
ابتسم مالك وأومأ برأسه يجيبه
((نعم توأمي مازن.. شقيقي التوأم بمثل عمري ولكن يصغرني بدقائق قليلة فقط.. للأسف لم تتاح الفرصة لك لتتعرف عليه..))
ثم اتسعت ابتسامة مالك وشعت عيناه بوهج مثير خاصة وهو يقول بينما يعتدل واقفا ويمسك رسغه جاذبا إياه وراءه
((انهض يا يزيد دعني أريك صوري في طفولتي))
فتح مالك نور غرفته وبدأ بفتح جواريره بحماس يبحث في أشيائه القديمة..
بمجرد أن وجد الألبومات القديمة حتى أخرجها ثم أجلس يزيد فوق حجره وبدأ يتصفحها أمامه..
بدآ يمضيان وقتًا ممتعًا بدرجة لا توصف وهو يريه كل الصور وذكرى التقاطها المحفوظة في ذهنه..
من أصدقائه القدامى أو ذكريات مشتركة سعيدة مع عائلته تعيده سنوات إلى الوراء..
قال يزيد له بمباغتة
((في ذلك اليوم أرتني أمي صور لي لم يسبق وأن رأيتها قبلا وعندما طلبت منها أخذ الألبوم لأريه لك رفضت ذلك..))
قال مالك والشرر يتطاير من عينيه
((تلك اللئيمة هل رفضت حقا؟))
قال يزيد يفتن على والدته دون أن يرف له جفن
((نعم رفضت لكن سأتسلل وأسرق الألبوم لأطلعك عليه دون علمها، فيه صوري لذا هو من حقي))
صوب مالك نظرات مريبة تجاه طفله قبل أن يغمز له إحدى عينيه وهو يقول
((لا يا يزيد إذا كانت أمك ترفض أن تري الألبوم لي فلا تجلبه لي، عيب أن تخالف كلام أمك))
كتم يزيد ضحكته وهو يفهم مقصد أبيه المناقض لكلامه..
فيما عاد مالك يناظر صور الألبوم الذي يمسكه فقال بحنين وهو يشير لإحدى الصور
((هذا أنا الواقف يمين أمي ومازن يقف يسارها))
أشار يزيد الي صورة أبيه وقال بصدق طفولي
((أنتَ أوسم من عمي مازن يا أبي))
نظر مالك بتأثر ليزيد وجذبه بعناق قوي قبل أن يبتعد ويقول له وهو يلثم جبينه
((فلتسلم كلمة "أبي" من ثغرك يا حبيبي أنتَ))
كسى الاحمرار وجه الصغير وهو يقول له بخجل
((أنا جاد.. أنتَ أوسم من عمي رغم تشابهكما..))
نظر مالك للصورة وقال موافقا
((فعلا نحن متشابهان جدًّا.. حتى بعد أن تخطينا سن الثامنة والعشرين.. لكن وجهي أنحف منه ويميل للسمار.. وشعري مموج على عكس شعره الأملس))
تغضنت ملامح الصغير فجأة بالألم وهو يمعن النظر لباقي الصور التي كانت تضم والده وعمه مع والديهم ثم تساءل بصوتٍ حزين مشبع بالبراءة
((هل أبيك وأمك هم جدي وجدتي؟))
ضيق مالك عينيه ثم رفع إحدى حاجبيه يتساءل متهكما
((بالتأكيد أيها الذكي.. وهل هذا سؤال منطقي!))
رفع يزيد حاجبيه يتساءل بنبرة تشوبها البراءة وشفافية روحه
((هل سيحبانني جدي وجدتي مثل فهد وباسم إذا ما عرفوا بأني ابنك؟))
انتزع صوت يزيد الضعيف ونبرته المشدوهة قلب مالك من مكانه ومزقه شر تمزيق..
كلمات طفله هزته حتى أعمق أعماقه وهو يدرك مقصده..
فازدرد ريقه بصعوبة ثم قال بابتسامة متشنجة
((نعم بالتأكيد.. بالتأكيد يا حبيبي..))
تهدل كتفي يزيد يقول بحزن رقيق يلين الحجر
((لكن لا أشعر بأن أمك يمكن أن تحبني..))
اشتدت عينا مالك بنظرة مؤكدة لامعة وهو يقول له
((أيها السخيف ستحبك هي بالذات أكثر من أي حفيد آخر فأنا أسميتك على اسم والدها.. ستكون أنت المفضل عندها))
طالعه يزيد بحزن ظلل عينيه ثم تساءل متعجبا بغير تصديق
((سأكون المفضل! لا أظن ذلك))
زفر مالك نفسا مثقلا بالذنب الذي يتعاظم داخله في كل ثانية تمر وهو يخفي هذه الحقيقة!
فقال بشيء من التأكيد وهو يحاول الابتسام
((أعرف أنهما لا يظهران أي مودة لك لكن صدقني بمجرد أن يعرفا حقيقتك سيغرقانك بالحب والحنان.. قريبا سنعود أنا وأمك لبعضنا وستعيش معنا هنا ولن يعترض أي أحد على وجودك))
تخضب وجه يزيد ومقلتيه بالدموع فأخفاهما في كفه وأطلق لها العنان..
عقد مالك حاجبيه بشدة والألم ينال كل جوارحه كأب نذل مقصر بحق ابنه من كل النواحي والأبعاد..
ثم شد على يزيد إلى صدره يعاهده
((صدقني سنعود أنا وأمك.. لقد كادت أن تقتنع بالعودة لي.. أما بالنسبة لعائلتي فأنا لا أحمل هما تجاههم فبمجرد أن يعرفوا بأني سبق وكنت متزوجا من سمية حتى يسارعوا بالموافقة على زواجنا دون أي مشاكل وسنكمل حياتنا بكل سعادة وهناء))
كان مالك يرتب لكل شيء بسلاسة عجيبة رغم شعوره بشيء من الخوف المفاجئ يدك قلبه حول مسألة تقبل عائلته لزواجه السابق من سمية..
ربما لن يكون بهذه السهولة!


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 06:47 PM   #2392

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

ليلا.. في جناح نورين..
أحضرت الأطباق من رفوفها وبدأت ترتب سفرة رومانسية على الطاولة بينما تملأ المكان بالشموع والورود الحمراء..
ثم فتحت الأكياس التي جلبتها عند ذهابها للسوق مع رتيل في ذاك اليوم..
الليلة مناسبة لكل ما خططت له كمكافأة لمصعب على تحملها الفترة الماضية واحتوائه لحزنها وبؤسها ومساعدتها على تخطي خسارة جنينها..
كانت قد اشترت الكثير من القطع بألوان رومانسية حالمة بدرجات فاتحة ومشرقة من اللون الوردي.. والمصنوعة من قماش الشيفون البالغ الرقة المزيّن بتطريز رائع ولمسات من دانتيل الجوبير الأنيق..
ارتدت أكثر قطعة ناسبت قوامها وأخفت من عيوب جسدها الذي اختلف قليلا بعد فترة حملها..
شعرها الأشقر انساب إلى منكبها النحيل وجزء منه استلقى بدلال على ظهرها..
بدت القطعة فيها بالغة في الرقة المزدانة وبلمسات رائعة جذابة..
شعرت بصوتٍ فتح مقبض الباب..
إنه موعد عودة مصعب..
ارتدت فوق تلك القطعة مئزرا حريريا قصيرا ثم سارعت تسير بخطوات مترددة لتستقبله..
أغلق مصعب الباب خلفه بإحكام ثم استدار على عقبيه ليتخشب مكانه وهو يطالعها تقف أمامه مبتسمة ببشاشة رغم ارتباكها وهي تقول
((أخيرا جئت! لقد جهزت لك العشاء هنا))
لف الذهول ملامح مصعب ولم يستجب لها بحرف مِمَّا جعلها تمسكه من يده وتجره للداخل تقول دون أن تنحسر ابتسامتها هادرة
((هيا اغتسل وغير ملابسك ريثما انتهي من اللمسات الأخيرة للعشاء))
مجددا لم ينطق بشيء بل كان يطالعها بانشداه أبله.. فازدادت ابتسامتها اتساعا وهي تجره نحو الحمام قائلة أمامه ونظراته تجردها من المئزر المغوي الذي ترتديه
((هيا يا مصعب..))
بمجرد أن انتهى وغير ملابسه حتى دخل للغرفة الأخرى المرافقة لغرفة نومهما ليجدها تقوم بإشعال آخر الشموع العطرية الموضوعة فوق طاولة العشاء والمنسقة بطريقة رومانسية لافتة..
بدا مصعب عاجز عن الكلام قبل أن يقول وهو يسحب كرسيا ليجلس عليه
((ما هذا الذي تفعلينه؟))
قبل أن تنضم له سارعت بمغادرة المكان وهي تقول
((انتظر.. سأحضر لك كأس مشروب غازي نسيت أن أضعه))
فتحت الثلاثة الصغيرة وأخرجت على الفور علبة مشروب غازي ثم أفرغتها في كأس زجاجي..
ثم فكت رباط مأزرها وسارعت تعود مكانها وهي تتقدم ببطء قاصدة لفت انتباهه لما كانت ترتديه تحت المئزر واستعدادها لقضاء ليلة خاصة الآن فهما لم يحظيا بواحدة منذ أن خسرت جنينها..
وضعت الكأس أمامه وسألته بشيء من التوتر
((هل اختلف مظهر جسدي عن قبل؟))
لم يرد عليها وهو على تعابيره مِمَّا جعلها تزداد توترا..
حاولت أن تستدير لتجلس مكانها مقابله إلا أنه أمسك رسغها يقربها منه هامسا
((هل هذه الفاتنة المتلاعبة التي أمامي هي حقا زوجتي نورين العفريتة والطفولية؟))
تطلعت له بدلال حانق تقول
((هل أنا طفولية؟))
ما إن رآها تزمّ شفتيها وتهم بالابتعاد عنه حتى شدها له يدفن وجهه في عنقها يتحسس ريحها العبقة..
وصله صوت ضحكاتها الخافتة باعتراض
((ليس الآن.. بعد العشاء الذي جهزته يا مصعب))
قال بعاطفة حارة وقد هز الشوق قلبه وأضناه
((هل تعرفين منذ متى لم أقاربك يا نورين؟))
أبعدت وجهها عنه قليلا تطالع عيناه المتوقدتان بولع التوق فتزيد من خفقات قلبها..
إلا أنها قالت له بخفوت وهي تحاول أن تنسل من محبسها بين ذراعيه
((حسنًا ولكن ليس قبل أن تأكل شيئا مِمَّا أعددته..))
لكنه جذبها نحوه أكثر يعتصر ضلوعها في أحضانه هامسا بثمالة وهو يقبل كل إنش في وجهها
((أنتِ.. الليلة.. عشاءي.. يا.. نورين))
حاولت مجددا بتلاعب محبب أن تعترض إلا أنه أسكتها قبل أن تنحدر قبلاته نحو شفتيها وهو يهمس لها بصوتٍ أجش بالرغبة
((لقد اشتقت حقا لك))
وما مرت ثوان حتى حملها بذراعيه نحو سريرهما لتشهق عاليا قبل أن يتصاعد رنين ضحكاتها المبتهجة وهي تحيط رقبته بكلتا يديها..
لقد تغير معها.. ليس للحد الذي تريده..
لكنه لم يعد ذاك الرجل البارد.. الهادئ طوال الوقت معها..
.
.
في الصباح..
استند مصعب على مرفقه ينظر إليها تتململ أثناء نومها فمال لها ينثر القبلات الناعمة بأنحاء وجهها..
ابتسم بخفة عليها فقد أنهكها كل ما تبادلاه في ليلة الأمس..
لكن عليه التفكير بجدية في الانتقال من هذه المساحة الصغيرة المتاحة لهما في القصر إلى شقة خاصة بهما..
تململت في فراشها أكثر قبل أن تفتح عينيها الناعستين..
تمطت في مكانها قبل أن تعقد حاجبيها بنصف وعي وهي تراه يطالعها بنظرات مستمتعة..
مرت دقائق قبل أن تتضرج وجنتيها بحمرة الخجل عند تذكر ما حدث بينهما من أحداث ليلة أمس العاصفة..
ابتسم مصعب المتنعّم بقربها الشديد منه ثم ربت على مقدمة رأسها بحنان وراقب نظراتها هادرًا بصوتٍ رخيم
((صباح الخير))
ازدادت حُمرة وجنتيها إلا أنها استوت جالسةً وهي تتمتم بخفوت حانق
((لكن لم تأكل شيء مِمَّا أعددته في الأمس))
ضحك من قلبه على كلامها ثم رفع إحدى ذراعيه ليلامس بأصابعه خصل شعرها هادرًا بعاطفة
((كنتِ في غاية الجمال والسخاء دون تحفظ في الأمس))
برقت عينا نورين فجأة لتقول له بلهفة ونعومة
((انتظر قليلا سأذهب لأغسل وجهي أولا.. ثم آتي لك بشيء))
قفزت من السرير تتجه نحو الحمام وسرعان ما خرجت منه وهي تجفف وجهها بينما تسأله عن الجلبة التي حدثت قبل قليل
((هل كان أحد هنا؟))
أخبرها مصعب وهو يعود ليجلس على السرير ويضع طبقا ممتلئا فوق المنضدة الملاصقة للسرير
((لقد جلبت لي نجوم طبق طعام تقول بأنه من سمية))
سارت نورين إلى خزانتها تفتحها وتخرج شيئا منها وهي تقول
((أنا محظوظة بسمية.. إنها ترسل لي منذ أن خسرت الجنين يوما بعد يوم من الأطايب التي أحبها..))
تساءل وعينيه على الكيس الورقي الفخم الذي تمسكه
((هل هذه الهدية لي؟))
جلست على السرير متربعة وهي تقول بحماس بينما تناوله الكيس
((نعم اشتريت لك هدية عطر رجالـي فاخر.. كنت سأريه لك في الأمس.. لكن لم تسمح الفرصة))
انتهى مصعب من إزالة الورق اللامع ولف الذهول نظراته فقال وهو يتفحص العطر
((إنه من ماركة غالية جدًّا.. لماذا اشتريته لي؟))
عبست في وجهه ثم قالت تدعي التدلل
((تسأل عن السعر بدلا من أن تعبر عن امتنانك لي))
التفت لها وزاوية ثغره تميل لترسم ابتسامة جانبية
((نعم سأعاتبك.. لم يكن عليك شراء هدية بهذا الثمن لي.. فأنا لا أظن بأن مدخرات مصروفك الذي أعطيه لك تسمح لك باقتناء شيء بهذا السعر.. أخبريني كم سعرها بالضبط حتى أعوضك؟))
قالت تناغشه ردًا وهي ترفع يدها كي تلامس ذقنه
((لا علاقة لك بسعر هذه الهدية..))
زادت ابتسامته الرجولية اتساعا وهو يقول بعبث
((إذن سأكون ملزما أن أردها لك بهدية أبهظ منها))
ابتسمت له بغنج ناعم وهي تقول بينما تهز كتفيها
((هذا الأمر يعود لك))
مد مصعب يده يلتقط الطبق الذي صنعته سمية قائلا
((كلي قليلا منه..))
أقترب أكثر منها ورفع الملعقة يحشرها داخل فمها قائلا
((عليك أن تنهيه كله..))
وهي لم تمتنع فقد كانت شهيتها مفتوحة والطبق بغاية اللذة..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 06:50 PM   #2393

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في شركة القاني..
في إحدى القاعات الضخمة داخل مبنى الشركة كانت تقام احتفالية سنوية تأسيس فرع شركة القاني الثانية....
اليوم هو الذكرى العاشرة على تأسيس هذا الفرع فكان الحفل ضخما وأكبر بكثير من حفل الإطلاق نفسه..
حتى أن الاحتفال رعاه دولة رئيس الوزراء وحضر معه ثلة من أصحاب المعالي والعطوفة وعدد من مسؤولي الشركة وشركائها المحليين.. إضافةً لممثلي الصحافة والإعلام والمختصين والخبراء في هذا المجال..
من كثرة الأشخاص المهمين شعرت شيرين بنفسها غاية في الضآلة أمامهم..
لكنها لم ترغب بمغادرة هذا الحفل وقد شعرت بجمال شعور أن تكون بين الأناس الأغنياء والمهمين وممن يحظون بمناصب مرموقة..
جذب انتباه شيرين صوت أحد الرجال بينما يتقدم منها لترسم ابتسامة وهي تنتبه بأنه أحد مدراءها السابقين عندما كانت مجرد موظفة خدمة عملاء في هذه الشركة..
قال المدير الخمسيني لها بترحيب وحفاوة
((لا أصدق لقائنا هذا، فأنا لم أراكِ أبدًا منذ انتقالي لفرع العاصمة))
تألقت الابتسامة على شيرين وهي تقول بمرح
((نعم أنا مسرورة جدًّا لرؤيتي لك يا سيدي فأنتَ من ألطف وأكثر المدراء الذين قابلتهم في شركة القاني، بل الأصح أن أقول الوحيد.. حتى عندما أصبحت مشرفة لم أعرف أن أتحلى ولو بربع تفهمك ولطفك))
قهقه المدير عاليا يشاركها الضحك على كلامها ولم تجد شيرين أي ضرورة للتحفظ وهو فعلا من أكثر المدراء الخلوقين والخدومين الذين مروا عليها..
خفتت ضحكات المدير بينما يسألها
((ما هي آخر أخبارك يا شيرين؟ هل تزوجتِ؟))
ارتبكت ملامح شيرين فجأة وترددت قبل أن تجيبه
((لا ما زلت عزباء))
ورغما عنها انحسرت ابتسامتها ولولا يقينها بأخلاق مديرها هذا لم تكن لتسمح له بمثل هذا السؤال الشخصي..
هتف أحد الرجال من زملاء المدير باسمه يدعوه للتسليم على رجال آخرين فتطلع المدير لشيرين بعجل يقول بتهذيب
((أنا أعرف يا شيرين رجل خلوق ذو مكانه مرموقة تعب من العزوبية ويريد الزواج.. ويبحث عن بنت حلال مثلك.. سأرسل صورته لك على رقم هاتفك لو تكرمتي وأعطيته لي الآن.. وإذا ما شعرت بأي بادرة قبول أعلميني رجاءً لعله يحدث بينكما نصيب))
ازدردت شيرين ريقها وأخفضت بصرها بينما يكمل المدير بحرج
((أنا آسف يبدو أن كلامي كان مباشرا وبدون مقدمات وبطريقة غير لائقة.. ولكن أنا أتمنى حقا من أعماق قلبي أن تعطي الرجل فرصة))
ابتسمت شيرين بتشنج وهي تقول بينما تكتب له رقمها على هاتفه
((حسنا لا بأس أرسل لي صورته ورقمه وسأفكر بالأمر))
أشرق وجه المدير بالفرح وهو يقول
((لا تتصورين سعادتي الآن.. أتمنى أن يحدث النصيب بينكما فصديقي هذا رجل محترم))
غادر المدير يلحق بزميله الذي لا يزال يشير إليه للقدوم..
ولم يمض وقت حتى وصلت رسالة لشيرين تتضمن صورة صديق المدير..
فتحتها شيرين وسرعان ما جحظت عيناها بصدمة..
فصورة العريس كانت لرجل خمسيني أو ستيني.. المهم أن رأسه قد اشتعل شيبًا..
والله أعلم ما سبب بقائه حتى الآن بلا زواج!
شعرت شيرين بإهانة بالغة جعلتها ترغب أن تجهش بالبكاء وسط جموع الناس في هذا الاحتفال..
خاصة وأن الموسيقى من حولها وربما لن ينتبه أحد لها!
هل هي بنظر الناس وصلت للعمر الذي يجعلها عروس مناسبة لرجل مثله؟
صحيح أنها في السنوات الأخيرة أصرت بأنها لن تتزوج إلا من رجل يكبرها بالكثير فمعظم الذين يتقدمون لها من عمرها أو أصغر منها
يخبرونها صراحة بأنهم تقدموا لها على شرط أن تظل بعملها وتساعدهم بالإنفاق!
وهي لا تريد ترك عملها بعد الزواج ولكنها في نفس الوقت لن تقبل أن يتزوجها صعلوك عاطل عن العمل من أجل راتبها وحسب..
لكن لا يعني أن تقبل الزواج برجل يكبرها بهذا المقدار!
أغمضت شيرين عينيها وأخذت نفسا عميقا!
ربما عليها التفكير بجدية في عرض وليد بالزواج ليس من أجل والد سهر وحسب بل من أجلها هي..
فذلك اللعين وليد هو من تسبب لها بكل هذا بعدما شوه سمعتها ثم حاصرها طوال هذه السنوات!
.
.
مساءً..
منزل عائلة سهر..
عادت شيرين من الخارج ثم دخلت غرفة النوم لتجلس على السرير بينما تطلب رقما ما..
تنهدت تُقوي نفسها وما إن جاءها الرد على الهاتف حتى قالت مباشرة ودون مقدمات
((بعد تفكير مضني وعميق أريد أن أخبرك بأني موافقة على عرضك للزواج مني يا وليد))
همهم لها وليد قبل أن يقول بتهكم مستمتع
((تفكير حكيم من شخص متهور ومتسرع مثلك))
قاطعته بصلابة تملي عليه
((لكن لدي شروط..))
ارتفعت زاوية فاهه وهو يقول لها
((ما هي؟ أفحميني..))
بنفس نبرتها السابقة أجابت
((في البداية أريد كل الأوراق التي تثبت بأنه يمكنك التبرع بجزء من كبدك لوالد سهر، وأنا بطرقي الخاصة سأعرف كذبها من صحتها حتى أتأكد من أنك لا تتلاعب بي أو تخدعني، فقد سمعت بأن التبرع بالكبد يجب أن يكون من قريب للمريض وأنت لا تمت بأي صلة لسهر.. هذا أولا..))
قال بثقة دون أن يرف له جفن
((لك كل الحق، بعد انتهاء عملك مري على مكتبي وسأكون قد جهزت لك كل الأوراق اللازمة))
صمتت قليلا ولا تنكر أن ثقة وسرعة ما قاله أراحها قليلا.. قد يكون حقا صادق ولا يتلاعب بها.. فتمتمت بهدوء له
((ممتاز..))
حثها وليد على الإكمال وهو يقول
((وثانيا؟))
قالت شيرين بصوتٍ أجوف.. أقرب للموت
((ثانيا أريد أن تتحدث عن براءتي من البهتان الذي قلته في حق سمعتي وما قذفتني به قبل سنوات عندما تركتني في ذلك اليوم..))
لم يدعها تكمل وهو يقاطعها بشيء من الانفعال وقد نجحت في جعله يتخلى عن تسليته في استفزازها
((وهل كنت لأتحدث علنا في سمعة فتاة كنت أعرف جليا بأني لن أتركها طويلا وسأعود لأتزوجها عاجلا أو آجلا.. إنها أمي وبغير علمي من نشرت ذاك الكلام، وفي الحقيقة لم ألمها فقد كان قلبها محروق على وحيدها وهو يتعرض للخيانة من خطيبته، ففعلت ما فعلته بغير وعي أو إدراك منها.. لكن على كل حال، فمجرد عودتي لك سيكمم الأفواه في القرية عن كل ما حدث بالماضي))
أرجعت رأسها للخلف وهي تهدر بغضبٍ شديد لتغمغم
((لن أتحدث في موضوع الخيانة، فأنا وأنت نعرف أنه في الماضي لم يكن هناك خائن بيننا سواك يا وليد..))
حاول وليد التحلي بالصبر والهدوء وهو يسمعها.. رغم يقينه من أنه لن يتقبلها كزوجة له إلا بعد أن ينتقم لنفسه من خيانتها له في الماضي.. وخيانتها له في الحاضر..
إذا لم يفد بعده عنها طوال السنوات الماضية وزواجه من غيرها في إطفاء النيران المتأججة في قلبه أو تطييب جراحه.. فزواجه منها سيفعل!
تمتم وليد أخيرا متسائلا بصوتٍ فاتر أجوف
((هل هناك شرط ثالث؟))
زمّت شفتيها بضيق للحظة.. ثم زفرت لتقول على مضض
((نعم.. العلاقة الزوجية..))
زاغت عيني وليد بخفر عند هذه الكلمة ليتذكر حقيقة أنها تزوجت رجل قبله..
خطى في الرواق بضع خطوات ثم توقف وهو يتراجع حتى استند للجدار برأسه محدقًا في السقف بعينين زجاجيتين..
ودون أن يشعر وجد كفيه تضغطان الهاتف بكل قوته حتى نفرت العروق في عنقه..
أخيرا سألها من بين أسنانه
((ما بها العلاقة الزوجية! ألا يكفي بأنك تزوجت من رجل قبلي.. وليس أي رجل.. بل ابن عمي!))
هدرت شيرين بدفاعية توقفه عند حده
((على رسلك يا وليد.. فأنتَ أيضًا تزوجت من امرأة قبلي.. كنت تعاشرها طوال عشر سنوات أما أنا فلم يستمر الأمر بيني وبين معاذ أكثر من أسابيع..))
وجد نفسه يصرخ بهياجٍ مكانه وهو يركل جدارًا بقدمه غير آبها لسماع أحد العاملين في مكتبه له
((ادخلي مباشرة في الشرط الثالث وحسب))
تلاعبت ابتسامة جنونية بشفتيها أخفت عنه بؤسها وأرضت السادية بداخلها..
لا تصدق حقا بأن خدعة زواجها انطلت عليه.. حقا لا تصدق!
كما لا تصدق أن معاذ لم يفشِ بحقيقة ما حدث..
كل الأمور تسير إلى صالحها بشكل رهيب!
لا تصدق أن تلك الفكرة المجنونة التي ظهرت لها بغتة وارتسمت أمامها بلا سابق تخطيط كلوحة واضحة المعالم قد نجحت..
لكن تسرب المقت فجأة إلى خلايا جسدها وتحسرت بأنه عاجلا أو أجلا سيكتشف وليد حقيقة أن زواجها من معاذ ما هي إلا خدعة سخيفة..
قطع وليد حبل أفكارها وهو يقول بصوت نافذ الصبر
((أنا أنتظر يا شيرين شرطك الثالث..))
عقدت حاجبيها وهي تقول بثبات
((شرطي الثالث والأخير بأنه لن يحدث بيننا أي علاقة زوجية قبل أن تتمم العملية.. كنت سأشترط ألا نتزوج قبل عملية والد سهر الجراحية لكن أعرف بأن الثقة بيننا معدومة لذلك سأقبل أن يتم عقد القران وحفل الزواج لكن لن أسمح أن يحدث شيء بيننا قبل أن تقوم بالتبرع له، هنا نكون قد وصلنا لحل وسط يرضينا نحن الاثنين))
توترت قليلا عندما لم تجد منه ردا لكنه سرعان ما قال بهدوء قاتم
((موافق..))
ردت عليه شيرين بنفس الهدوء
((عملي وصديقاتي وزميلاتي لن يتغير فيه شيء بعد زواجي منك، يفترض أن يكون هذا الأمر مفروغ منه لهذا لم أضعه في قائمة شروطي المبدئية، وإذا وجدت أي حاجة لإملاء المزيد من الشروط سأطلعك عليها يا وليد..))
خرج منه صوت مستهزئ قبل أن يقول بصوتٍ مغتاظ
((بالطبع، سأكون أكثر من مرحب لأستمع لها بأي وقت..))
أبعد وليد الهاتف عن أذنه ينوي إغلاقه قبل أن تعاود القول
((لحظة، وليد.. هل لا زلت معي؟))
عقد حاجبيه يسألها بخشونة
((نعم أنا كذلك.. هل طرأ على ذهنك أي شروط أخرى؟))
قالت شيرين له بصوتٍ يلفه التحقير والنفور في آن واحد
((لا ليس شروط.. لكن أجد بأني مضطرة بحكم الأخلاق أن أخبرك بأن حياتك ستكون كالجحيم معي، فأنت أكثر رجل أكرهه وأشمئز منه ولا أطيقه في هذا العالم ولولا والد سهر وعائلتها التي أدين لها بالكثير لما كنت سمحت لنفسي أتزوج من ح-ق-ي-ر مثلك.. عليك أن تكون موقن من هذه الحقيقة))
ثم أغلقت شيرين الهاتف دون أن تنتظر منه أي كلمة.. يكفيها الانتشاء برشقه بين الحين والأخر بكلمات سامة لها مفعول قاسي على أي رجل يمتلك كبرياء..
غادرت شيرين غرفة النوم للخارج دون أن تلاحظ شحوب ملامح سهر التي استمتعت لمحادثتهما كاملة


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 06:51 PM   #2394

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في اليوم التالي..
دلف وليد لداخل مكتبه ينكب على عمله ويدفن نفسه بين ملفاته وأوراقه المتكدسة عندما وصل إليه صوت جلبة وضجيج من الخارج..
استقام واقفا من مكانه باندفاع عندما فُتح باب مكتبه بهمجية ودلفت منه امرأة للداخل يبدو عليها علامات العدوانية..
أمسكت مساعدة وليد ذراع المرأة وهي تقول له معتذرة بحرج
((لقد دخلت يا سيد وليد هنا رغما عني ولم تقبل أن تعطيني اسمها لأعرف إذا ما كان لها حجز اليوم..))
كانت مساعدته لا تزال تحاول جر المرأة الواقفة بصلابة أمام وليد إلى الخارج..
عندما غمغم بصوتٍ متشكك وهو يضيق عينيه المصوبتان نحوها
((سهر.. سهر الفايد؟))
كانت سهر واقفة مكانها تلهث وكأنها قطعت سباقًا طويلًا فقد كانت تسابق خطواتها السريعة في صعود الدرج للوصول إلي حيث يقبع مكتب وليد في هذه البناية..
فتمتمت مجيبة وليد بصوتها اللاهث
((نعم صحيح أنا سهر))
تطلع وليد بملامحه الحادة لمساعدته يأمرها
((يمكنك تأجيل أي شيء في جدولي لوقت لاحق))
أومأت له المساعدة برأسها مطيعة بينما تستدير على عقبيها للخارج وتغلق الباب خلفها..
فسارعت سهر إلى المنضدة أمام وليد تنحني وهي تضرب على سطح مكتبه بقبضتيها هاتفة بنبرة نارية شرسة
((بدون أي مقدمات.. أنا لن أسمح لك أن تتزوج من صديقتي.. يمكنك مشكورا أن تتبرع لوالدي إذا أردت، لكن لا دخل لأبي بينكما))
ظل وليد ينظر لوجهها بصمتٍ قاتم للحظات ثم تساءل بهدوء وبريق خافت متهكم يلمع من عينيه
((هل شيرين هي أكثر أهمية عندك من والدك؟))
اشتد الغضب داخل سهر واندفعت الدماء برأسها في غليان متصاعد..
يستحيل أن تقبل على صديقتها الزواج برجل مثله!
بدون وعي هتفت به سهر بشراسة
((لا أنا ولا والدي قد يقبل لشيرين أن تتزوج من شخص ح-ق-ي-ر قاسي مثلك..))
نظراتها العدوانية المصوبة نحوه بثت النشوة في جسده فأكمل بنبرة مستفزة
((حسنا لن أتزوجها ولن أتبرع))
ألقت سهر عليه سيل من الأسئلة المستنكرة بغضب ملامحها ونبرتها الصلبة المشحونة
((لماذا لن تتبرع له؟ ما الذي قد يضرك لو تبرعت له؟ سيأخذون بعملية جراحية جزء من كبدك ويضعونه داخل أبي، وكبدك سينمو ويعود إلى حجمه الطبيعي وقدرته في غضون شهرين بعد إجراء الجراحة، وفي الوقت نفسه سينمو جزء الكبد عند أبي ويستعيد وظائف الكبد الطبيعية لديه.. ما الذي قد تخسره لو فعلت ذلك؟))
كتم وليد ضحكة صاخبة مكتفيا بابتسامة مستهزئة رققت ملامحه الحادة ليقول أخيرا مختصرا
((الحقيقة لا أحب أن أقوم بأي شيء دون مقابل))
مسدت سهر جبهتها بأصابعها مرتبكة ثم قالت على مضض
((إذن فلا تفكر بأني قد أسمح لك أن تتزوج من شيرين، ولو أصرت شيرين فسأخبر أبي بكل شي وهو بنفسه من سيرفض عرض تبرعك، لا يمكن أن يعيش أبي على حساب عذاب شيرين، من المستحيل أن أقبل أن تعود شيرين لشخص فعل بها كل ما فعلته، أقل ما فعلته بها هو تركها في نفس يوم زفافكما لتتزوج من غيرها))
ثم شمخت سهر بنظرها وحدجته بنظرةٍ حادة أخيرة وهي تردف من بين أسنانها بتحدٍ سافر
((مقدما أقول لك أن زواجك بها لن يتم))
بلحظة واحدة طفا شيطان وليد فضاعت ابتسامته بإظلام عينيه اللتان تلونتا بشيء من لون الدماء.. وتوحشتا..
يدرك بأن سهر قادرة فعلا على إثناء شيرين عن موافقتها..
وبحركة حادة كان يستدير لإحدى الخزائن الموضوعة في ركن ما ويفتحهم..
أخرج من إحدى جواريرها مجلدا كان قابعا في الداخل..
ثم استدار على عقبيه نحوها يهتف بها بقوة
((وهل سألتي نفسك عن السبب الذي جعلني أتركها في نفس يوم زفافنا؟))
ازدردت سهر ريقها من انقلاب هيئته وهي تجيب
((بلى أعلم، لقد أخبرتني شيرين عن سبب تركك إياها..))
((لا أظن فعلا بأنها أخبرتك بخيانتها لي فتصرفاتك وكلامك لا يوحي بأن هذا ما قالته))
شحبت ملامح سهر وخفق قلبها بخوفٍ حقيقي بينما تمتمت باقتضاب
((خيانة؟ لا يمكن لشيرين أن تخونك أبدًا..))
غمغم وليد ببرود
((بلى فعلت))
كانت سهر تهز رأسها غير مستوعبة ما نطقه لذا همست متهكمة
((هل تقصد بكلمة "خيانة" معنى مجازي أم معنى..))
قاطع شكوكها بنبرته الحادة الراسخة وهو يناولها الأوراق الموضوعة في ملف
((خذي واقراي تلك الرسائل التي كتبتها للشاب الأخر، وكلها مكتوبة بخطها.. كانت قد كتبتها قبل وقت قصير جدًّا من موعد يوم زفافنا.. يدعى ذاك الشاب نائل.. هذه هي صورته))
في نهاية حديثه أخرج صورة لشاب بدا في مقتبل عمره فنظرت سهر إلى الصورة وهي تقول
((لا يمكن أن أصدق ذلك..))
قال وليد بصوت مشروخ متحشرج
((وأنا لم اصدق هذه الرسائل، فواجهتها وسألتها، كنت مستعدا أن اصدقها لو كذبت عليّ وقالت بأن كل ما كتبته لذاك الشاب ما هو إلا أوهام وأكاذيب، ولكنها لم تفعل، قالت بشكل واضح وصريح بأن ما شعرته تجاه ذاك الشاب نائل كان حبا))
رفعت سهر يدها إلى عنقها شاعرة بغصة تمنعها عن التنفس وهي تهمس بغير تصديق
((أنتَ كاذب لا أصدقك))
((أنا أتفهمك ولكان عندي نفس ردة فعلك لو كنت مكانك، ولكن خذي وقتك يا سهر في قراءة هذه الرسائل ثم واجهي شيرين))
((لا يمكن.. مستحيل.. لم أسمع بهذا المدعو نائل طوال عمر صداقتي مع شيرين..))
تضاربت مشاعر وليد بعنف ليطل منها احتياج صارخ أن يحطم أي شيء أمامه.. فتابع هتافه بنبرته القوية
((تخيلي يا سهر وضعي نفسك مكاني.. ماذا كنت ستفعلين لو عرفت في نفس اليوم المقرر لزفافكما بأن المرأة التي حاربت الجميع للزواج منها تخونك بالمشاعر وتتبادل رسائل الحب مع شاب آخر؟))
راقبت بتوجس رهيب تجهم ملامحه ونظراته النارية..
إنه يكذب.. مؤكد هو يكذب..
ازدردت ريقها قبل أن تسأله هامسة
((كيف عرفت بها؟))
قال بصوتٍ مخيف رغم انخفاض نبرته
((الشاب نفسه كتب لي رسالة يشرح فيها الانهيار والدمار الذي يشعر به لأنها تركته ورفضت أن تتزوجه من أجلي، لأني من عائلة ذات خلفية اجتماعية واقتصادية أفضل منه))
تسمرت مكانها وقد فقدت ملامح وجهها جميع ألوان حيويتها ووقفت شاحبة أمامه فعرض عليها ببساطة
((أُفضل أن تذهبي لمكان آخر وتقرأي هذه الرسائل على راحتك، فاليوم حافل بالنسبة لي وهناك مواعيد مهمة مع عملائي ولا أستطيع أن أضيع وقتي أكثر..))
ارتجفت يدي سهر الممسكة بالأوراق بينما تقول متلعثمة بارتباك وتشتت
((وليد أنا.. أنا سأقرأ كل شي ولكن.. لكن..))
بدا صوت وليد أجش وهو يقول لها
((أتفهم أمرك.. أنتَ مستغربة مني أني لا زلت أريدها حتى بعدما خانتني أول مرة بتلك الرسائل، وخانتني المرة الثانية بعد زواجها من ابن عمي.. نعم معك حق.. ولكن ماذا أفعل! هذه هي إرادة قلبي السخيف.. إنه مُصر على أن يذلني في عمري هذا))
تماسكت سهر بشق الأنفس وكانت تريد أن تستدير للخارج عندما ناداها مرة أخرى وهو يناولها أوراقا أخرى
((سهر لحظة.. قبل أن تذهبي.. أعطي هذه الأوراق لشيرين.. لقد طلبتها مني حتى تتأكد من صدق كلامي بشأن التبرع.. أعطيها لها لو سمحتي..))
تشبثت سهر بإطار الباب وهي تترنح بملامح شاحبة لكنها أجبرت نفسها على سحب الأوراق منه بعصبية قبل أن تغادر للخارج بخطواتٍ سريعة مندفعة..
.
.
مساء..
كانت شيرين تتوسد سريرها وتقرأ كتابا ما كمحاولة للاسترخاء بعد ضغط يوم عمل مرهق..
عندما طُرق باب الغرفة سمحت للطارق بالدخول لتدلف تمارا والدة سهر تتقدم نحوها بعصبية هادرة بجنون
((أين هي سهر؟ هاتفها مغلق تماما وخطيبها ا-ل-م-س-و-ف المحتال يرن عليّ منذ ساعة.. يبدو أنها لا ترد عليه حتى))
اعتدلت شيرين شبه جالسة وهي تقول بخفوت
((وأنا أيضًا لا ترد عليّ))
رفعت تمارا هاتفها تنظر له بغل عندما صدح صوت رنينه مجددا ثم ناولته لشيرين تقول بصوتٍ مغتاظ
((خذي يا شيرين وردي على هذا المحتال فهو يتصل بي بإلحاح ويظنني من أمنع سهر من الرد عليّه، أخبريه أن سهر ليست هنا فأنا لو أجبت على اتصاله لن يحدث خيرا أبدًا))
غادرت تمارا غرفة النوم تترك شيرين في مأزق حرج وهي محتارة إذا ما كان عليها الرد على خطيب سهر..
لكن وقبل أن يخفت رنين الهاتف سارعت تجيب وتقول بادئة بلطف زائد رغم توتر صوتها
((مرحبا سيد قصي.. أنا شيرين.. صديقة سهر..))
استغربت شيرين سماع صوت تأتأة من جهته وكأنه صدم من ردها..
قبل أن يسعل بمحاولة تجلية صوته ويرد عليها برسمية وصوته الرخيم يدل على هيبة من يتحدث معها
((مرحبا، آنسة شيرين..))
تشنجت قسمات شيرين المبتسمة بينما تقول بصوتٍ لبق
((سهر ليست في البيت، نحاول الاتصال عليها ولا ترد، لكن أظن بأنها بخير، لا تقلق عليها أرجوك يا سيد قصي))
رد قصي بإيجاز قبل أن يغلق الخط عليها
((إلى اللقاء..))
اتسعت عينا شيرين باستغراب وهي تنظر للهاتف لا تصدق كيف اختصر حديثه معها بهذا الشكل المنعدم اللباقة..
شردت عيناها قليلا وهي تفكر بأن صوته مألوف جدًّا لها رغم أنها لم تتحدث له سابقا..
هي أصلا لم تراه إلا مرة أو مرتين من بعيد أثناء عقد قرانه بسهر!
ضيقت شيرين عينيها تعتصر عقلها وتحاول جيدا تذكر من لديه صوت مشابه له دون فائدة..
خرجت من شرودها فجأة وهي ترفع نظرها نحو الباب لتجد سهر واقفة أمامه بملامح متجهمة..
اتسعت عيناها وتحفزت تقوم من مكانها نحوها تسألها باستهجان
((سهر أين كنت طوال هذا الوقت؟ هاتفك مغلق، حتى أنك لم تعلمي أحد بمكان تواجدك))
في آخر حديثها رفعت يدها تمسك مرفق سهر التي سرعان ما نفضتها لتقول بصوتٍ متعب
((اتركيني يا شيرين))
بدت سهر بوجه آخر وهي تتحدث معها.. وجه متعب ومرهق رغم تماسكه..
توجهت سهر ببطء نحو السرير تجلس على طرفه بإنهاك قبل أن ترمي كومة الأوراق التي تمسكها فوق السرير..
فتساءلت شيرين بتردد وبداخلها عدم اطمئنان
((ما هذه الأوراق؟))
رفعت سهر وجهها الجامد تجيبها بفتور
((هذه إثباتات بأن وليد قادر على التبرع لوالدي بجزء من كبده))
نظرت شيرين لها بتشكك وبدا لها سبب مظهر وتصرفات سهر الآن.. فتصلبت نبرتها وهي تتساءل
((هل كنت عند ذاك المنحط وليد؟))
زمّت سهر شفتيها للحظات قبل أن تجيبها بنبرة لائمة
((شيرين لقد أخبرني وليد عن سبب تركه لك في يوم زفافكما.. وأيضا..))
كتفت شيرين ذراعيها تتساءل بصوتٍ قوي
((وماذا أيضًا قال لك لتنقبلي عليّ بهذا الشكل الفظيع؟))
ردت سهر بلامبالاة ظاهرية
((لا يوجد مزيد، فقط أخبرني عن السبب، وعن تلك الرسائل التي كتبتها لزميلك المدعو نائل))
مالت شيرين بفمها ممتعضة لكنها قالت ببرود
((الآن فهمت سبب طريقتك في الحديث معي، إذن دعيني أخبرك كل ما حدث بالتفصيل قبل يوم زفافنا.. فكل الأحداث تبدو مثالية حينما تُروى من طرف واحد.. لكن سرعان ما ستتغير نظرتك بل وتنقلب إلى الضد ما أن تسمعيها من الطرف المقابل))
ضيقت سهر عينيها تسألها بتوجس
((وضحي لي كل شيء وسبب ما كتبتيه))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 06:52 PM   #2395

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في المدينة..
أمام منزل غنوة..
ركنت غنوة دراجتها النارية لتحرر رتيل أخيرا أصابعها المتشبثة بقوة بمعطفها وتترجل من الدراجة النارية بحذر..
خلعت رتيل الخوذة الواقية بينما تقول بنشوة
((رباه كم هو جميل ركوب الدراجة.. كلما أصعد فوقها وأجلس خلفك بينما تقودينها أشعر وكأنني أحلق..))
ضحكت رتيل بانتشاء وبهجة تجربة الدراجة النارية ثم تمتمت مردفه
((عندما سمعت مصعب مرة يحدث زوجته عن شعورها وهي تستقل الدراجة وتجلس خلفه وأنا أنام وأحلم بركوبها.. وبفضلك تحقق حلمي في تجربتها، أضحى أحب ما على قلبي المجيء عندك وركوبها كما تجرب نورين دراجة زوجها))
بدأت غنوة تقوم بركن الدراجة ووضع الأقفال عليها بينما تهتف متهكمة
((نعم جربتيها بالضبط كما فعلت نورين بل وعلى نفس دراجة زوجها تلك التي سرقتها))
اختفت ابتسامة رتيل تماما بغيمة سوداء أخفت لمعان عينيها وهي تتذكر أن هذه الدراجة كانت هي السبب في جعل غنوة تسرقها من شقيق مؤيد مصعب.. صحيح بأنها قامت بالتسلل ووضع مغلف في سيارته بثمنها وأكثر.. لكن هذا لا يقلل من ذنب السرقة!
تمتمت رتيل باختناق قبل أن تدخل منزل غنوة
((حسنا أغلقي المخزن جدًّا عليها يا غنوة ولندلف للداخل))
أغلقت رتيل الباب خلفها بإحكام ثم بدأت جلبتها في فك عقد وشاحها لتقول لها غنوة بحنق وهي تقفز متمددة على إحدى الأرائك
((رتيل عليك التوقف عن ارتداء تلك القمصان الطويلة والحجاب عندما تأتين لهنا.. إنها حتى تعيق ركوبك للدراجة.. لا أعرف كيف تستمتعين أثناء ارتداء مثل هذه الأشياء الفضفاضة الواسعة.. الحجاب فقط للقرية.. أما هنا فتحرري منه مثلي..))
رفعت رتيل عينيها تحدجها بنظرات خطيرة وهي تتمتم بتحذير
((اختصري يا غنوة، كم من مرة عليّ أن أقول لك لا تتناقشي معي بهذا الموضوع))
لوت غنوة فاهها وهي تشيح بوجهها جانبا..
أما رتيل فهي حقا تحب غنوة وتحب الأيام التي تقضيها معها هنا في منزلها في المدينة.. بل هي أفضل أيام حياتها..
لكن المشكلة فيها أحيانا هي وساوسها وضغطها عليها بأن تتحرر من كل القيم التي تتبناها..
وهنا فقط تحاول إيقافها عند حدها..
حاولت رتيل تلطيف الأجواء وهي تعود لهالة ذهولها السابق بينما تقول
((من علمك قيادة الدراجات يا غنوة؟ لطالما أصابني شغف الدراجات النارية منذ طفولتي))
رفعت غنوة رأسها بغرور فطري وقالت منتشيه بفخر
((معي الرخصة منذ زمن.. ولشح المال لم أستطع توفير ثمن الدراجة لكن بفضلك أو بفضل شقيق زوجك ها قد أصبحت عندي واحدة))
أومأت لها رتيل رأسها فقالت غنوة مقترحة بحماس وهي تعتدل جالسة على الأريكة
((ما رأيك أن نستضيف الآن حفلة راقصة؟))
تسرب الضيق لوجه رتيل وهي تقول بامتعاض
((لا.. لا أريد..))
رفعت غنوة حاجبيها تقول بضيق
((لماذا؟ سأضع أغانيك المفضلة والأضواء وسنستمتع سويا مع صديقاتي اللاتي سأدعوهن، ربما أعلمك أيضًا بعض حركات الرقص الجديدة.. أو حتى نجرب الرقص الكلاسيكي))
كتفت رتيل ذراعيها تقول بهدوء متناقض مع السخرية التي علت ملامحها
((لا يا غنوة.. لا أريدك أن تدعي أحدا آخر عندما يأتي موعد زيارتي الأسبوعية لك.. لا أرتاح لصديقاتك.. إنهن أسوء منك بالتحرر.. أوه فقط انسي.. يمكننا أن نرقص نحن وحسب.. أو فقط دعينا نفعل أي شيء آخر..))
هزت رتيل كتفيها في نهاية حديثها بلامبالاة لا تريد الخوض أكثر في الحديث.. في حين عادت غنوة تقول مقترحة وهي تلامس خصلات شعرها
((كنت أفكر بأنه مضى وقت طويل لم أغير تصفيفة ولون شعري.. هل تحبين أن تغيري أيضًا وتجددي معي؟ شعرك حالك السواد منذ الأزل))
تنهدت رتيل ثم قال بصوتٍ يلفه البؤس متحسرة
((لا لن أغير شيء، مؤيد يكره أن أصبغ شعري ويحذرني أن أفكر في ذلك حتى، لا لشيء إلا أنه كرجل متخلف ينظر لصبغ الشعر نوع من أنواع الانفلات!))
قالت غنوة بامتعاضٍ أقرب للشعور بالغثيان
((يا إلهي أستاذ مانع وصل لمرحلة صعبة حقا، دماغه متعبة ولست متفائلة بأنه قد يُشفى))
أخفضت رتيل بصرها وهي تقول بصوتٍ خافت
((على كل حال بعد كل هذه السنين صرت أفهم تناقضات مؤيد وطباعه وأحاول التعامل مع غيرته واندفاع أفعاله وغضبه قدر الإمكان..))
نظرت غنوة بطرف عينيها لرتيل وهي تقول بنبرة ذات مغزى
((لو كنت مكانك لتطلقت وارتحت منه..))
انتفضت رتيل كالعاصفة الهوجاء وعيناها تتطايران بشرر ناري وهي تهتف بغضب متأجج
((توقفي عن جلب سيرة الطلاق في كل مرة يا غنوة وإلا لن آتي هنا مرة أخرى.. لقد بات الموضوع فعلا مزعج.. ألا حديث عندك إلا طلاقي؟))
لم ترتبك ملامح غنوة حرجًا.. بل على العكس ارتسم على وجهها الاستياء وهي ترد بامتعاضٍ شرس
((ألهذه الدرجة تحبينه رغم خيانته لك؟))
قالت رتيل بمنطقها وبصوتٍ أجش حزين
((المسألة ليست مسألة حب، بل إن الحياة مع رجل مثله أرحم من الحياة مع عائلتي المتزمتة.. هل تعرفين أن العودة لمنزلي مطلقة حيث تعيش أمي المتزمتة بعادات الماضي المتخلفة وإخوتي الأكثر تشددا من مؤيد يعني الانتحار؟ لن أعود قادرة على القدوم عندك حتى!))
رفعت غنوة حاجبيها تمعن التفكير بكلام رتيل لتكمل الأخرى باقتضاب
((لو لم تكن لدي عائلة كعائلتي فأقسم لك لحاولت الطلاق حتى لو ترتب عن الأمر أن أتخلى عن ولديّ.. ولجئت هنا لأعيش عندك بحرية))
وعند ذكر سيرة ولديها فهد وباسم.. تقوست شفتي رتيل لترتجف حزنا وحسرة لتقول بصوتٍ متحشرج
((آه ولديّ المسكينين! إنهما يخطران على بالي في كل مرة آتي هنا خاصة عندما أذهب معك لأي مطعم أو سينما.. أقصى أمانيهم أن يذهبا معي أو مع والدهما إلى هذه الأماكن لكن مؤيد يرفض رفضا قاطعا..))
تطلعت غنوة إلى ملامحها الشاردة الحزينة والذابلة ثم قالت متسائلة بحيرة
((لماذا لا تجلبيهما معك؟))
أجابت رتيل بحزن وشعورٍ كئيب يغلف قلبها
((لا أستطيع إنهما صغيران وأخاف أن يفتنا عليّ لوالدهما أو أحد من العائلة.. أنتَ تعرفين أن الصغار لا يستطيعون كتم السر أبدًا.. ولا أستطيع أن أخاطر بهكذا امر.. عليّ أن أكون حذرة إذا أردت ألا ينكشف هذا السر ولا ينفصل رأسي عن باقي جسدي))
ثم ازدادت ملامح رتيل بؤسا وهي تقول
((غدا عليّ أن أعود للقرية إلى حيث النكد والتكتم.. يا إلهي لا أريد العودة.. لا أريد.. لماذا تمر الأيام سريعة بشكل رهيب عندما أكون عندك وتمر بطيئة كالجحيم عندما أكون هناك!))
تنهدت غنوة وتقدمت نحو رتيل تمد ذراعها تحيط به كتفيها وهي تقول مشجعة
((حسنا دعينا نستغل آخر ساعات لك هنا قبل العودة بالمرح بدلا من التحسر والغرق في مآسي الحياة.. هل أذهب بك لزيارة متحف أو معرض للفنون رغم كرهي لهذه الأماكن المملة؟))
تبدلت ملامح رتيل للنقيض وهي تقول بحماس وبهجة
((نعم.. نعم يا غنوة.. أعشق المتاحف وكل شيء له صلة بالتاريخ والفنون.. إنها عشقي، دعينا نذهب لهناك))
قالت غنوة لها بمرح وهي تغمزها بابتسامة
((من عيوني.. سأذهب لأبحث الآن عن المعارض المقامة قريبًا ونذهب لها معًا.. ربما يستضيفون أنشطة جانبية كالندوات والمحاضرات وعروض الأفلام أيضًا..))
حلقت عينا رتيل بلهفة وانفجرت أساريرها بينما تصفق بيديها
((سيكون هذا من حسن حظي..))
أما غنوة ففكرت بأن عليها أن تقلل من تحريض رتيل على الطلاق.. على الأقل بشكل مبدئي..
ثم هي وبل الأحوال تستفيد منها ماديا كلما جاءت عندها..
يكفي بأنها تدفع لها مبالغ طائلة كإيجار من نقودها عن كل يوم تمكثه هنا!


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 06:52 PM   #2396

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

كانت سمية جالسة تطالع بشجن صورة قديمة لها تمسكها بأصابعها..
بدأت تتكالب عليها ذكريات الماضي لتنهش بقسوة شيء من قلبها..
رحلت ذاكرتها للماضي..
إلى ما قبل سنين..
بعدما تطلقت من زوجها الأول كامل وقبلها فقدت طفلها منه..
مرت لأشهر بوقت عصيب جدًّا.. ما بين كآبة وانهيار..
والدها قد توفي حديثا وأمها المريضة تبذل جهدها لمواساتها دون فائدة..
صرخت فجأة وهي تتهالك أرضا لتسارع والدتها بلحاقها..
كانت تكشف قميصها عن ظهرها لتفهم أمها أن سبب انهيارها وبكائها المفاجئ هو ملاحظتها بأن الطفح اليوم انتشر على ظهرها أكثر مما سبق..
بدأت أمها تبكي لبكاء ابنتها الوحيدة وهي تراها في حالة انهيار تام بعد طلاقها..
شكت إلى الله بينها وبين نفسها جور العباد.. ثم تمتمت بصوتٍ متحشرج
((انسيه يا سمية.. انسيه.. لقد طلبتِ الطلاق منه وأصررتِ عليه فتحملي مسؤولية قرارك..))
قالت سمية من بين بكائها بصوتٍ متقطع النبرات
((لم أتوقع أنني سأعاني بهذا الشكل.. لكن أعرف بأني سأعاني في الحالتين، بقيت معه أو تطلقت منه))
جثت والدة سمية على ركبتها إلى جوارها والتقطت كفها بين راحتيها قائلة بإرهاق
((إذا كنت ستعانين في الحالتين.. إذن سأذهب له.. وأتوسل منه لو تطلب الأمر حتى يعيدك له.. ما رأيك؟))
هزت سمية رأسها يمينا ويسارًا وهي تتمتم بتوسل يائس حتى الموت
((لا أمي من المستحيل.. من المستحيل أن أعود له.. لن أستطيع تحمل ما كنت أتحمله عندما كنت متزوجة منه.. لن أستطيع.. لن أستطيع..))
ثم أردفت بشعور الغدر ذاك
((لقد عرفت بأن والدا كامل طلبا منه أن يفسخ خطبته مني ويتزوج من أرملة أخيه عندما مات ولكنه رفض بحجة أنني انتظرته منذ سنوات ولا يستطيع أن يتركني فجأة فضلا عن اعتقاده بأنه يستحق فتاة لم يسبق وأن تزوجت مثله.. لكن بعد زواجه مني اكتشف فجأة بأنه بدأ يحبها..))
تراخت تعابير الصدمة على وجه والدة سمية ثم فتحت ذراعيها لابنتها لتستجيب سمية منهكة وتلتجأ إليها معانقة..
بدأت والدتها تحتضنها وتشعر بارتجاف جسدها فتشدد من احتضانها وهي تقول
((ستتخطين الأمر إذن.. وستعود بشرتك صافية نقية كما السابق))
قالت سمية من بين بكائها
((ولكن حساسيتي الموسمية هذه لم تكن يوما بهذه الفظاعة وهذا الانتشار بجلدي كما هي الآن!))
رفعت أمها يدها تمررها على شعرها بحنان وهي تؤكد عليها
((ربما ولكنها ستزول))
أغمضت سمية عينيها ثم تمتمت بيأس
((لا أصدق بأن كل الأطباء الذين ذهبنا لهم عجزوا عن إيجاد علاج لي مكتفين أن يشخصوا سبب تفاقم حساسيتي الموسمية أنها أسباب نفسية فقط))
ابتعدت عنها أمها قليلا تقول لها بالمنطق
((إنهم محقون فالعوامل النفسية تزيد من حِدتها.. والأطباء يعرفون العلاقة بين التوتر والقلق وبعض فئات الجلد.. وكل هذا الطفح الذي انتشر سيزول عندما تتحسن حالتك النفسية.. فتوقفي عن الحزن والانعزال وتسليم نفسك كفريسة للانطواء والاكتئاب))
تمتمت سمية بحشرجة وهي تهز رأسها
((الأمر ليس سهلا يا أمي))
مدت والدة سمية يدها تحيط يد ابنتها مجددا وهي تقول
((لذلك عليك الذهاب في أقرب وقت ممكن إلى إحدى الحمامات المشهورة الحارة وسط صخور الجبل.. وتبقين هناك لأسابيع بين شلالاتها الكبريتية الحارة وأملاحها الفريدة لعل الله يكتب لك علاج كل هذا الطفح والحساسية))
انعقد حاجبي سمية بينما ارتخت أهدابها وهي تسبلهما لتقول
((سأذهب إلى هناك أنا وأنتِ؟ هل سنتحمل أن نمكث أسابيع هناك؟ أنتِ تعرفين يا أمي أن أسعار الفنادق باهظة في الأماكن العلاجية والسياحية))
قالت أمها لها بصوتها المجهد
((لا زالت أموال مؤخرك معك وسأضيف عليها مبلغا إضافيا كنت أذخره منذ مدة لوقت الحاجة))
تطلعت سمية لأمها بحيرة وتردد قبل أن تتساءل بحيرة
((متى ادخرتِ تلك الأموال يا أمي؟))
قالت لها والدتها بشيء من الأسى
((سمية استمعي لي.. لن أذهب معك فصحتي لن تتحمل أن أتنقل هنا وهناك.. سيذهب شخص آخر معك..))
صمتت سمية للحظات قبل أن تسألها مجددا وصوتها يرتعش إرهاقا وضياعًا
((من هو هذا الشخص يا أمي؟))
برقت عينا والدة سمية بعزيمة.. ستنفذ ما تخطط له.. لن يهمها مصلحة أحد إلا ابنتها..
يعلم الله بأنها ما كانت تلجأ لهذا الأمر وتدمر مستقبل شاب كان لوالديه فضلا عليها هي وعائلتها بعد الله..
ولكن لقد نفذت من رأسها الحلول باستثناء هذا الحل..
.
.
بعد ذلك لم تعرف سمية ماذا حدث بالضبط أو كيف.. لكنه حدث!
لا تدري كيف أقنعتها والدتها أن مالك الذي لم تراه منذ زواجها بكامل وحتى بعد طلاقها منه قد عرض عليها أن يذهب معها إلى تلك البقعة العلاجية وبأنه سيتزوجها فقط ليحل له مرافقتها هناك.. وبمجرد أن تنتهي رحلة علاجها حتى يطلقها دون أن يسجل هذا الزواج في المحكمة!
ولن يعلم بزواجهما أحد من عائلته التي سبق وتحجج مالك لهم بأنه سيؤجل إحدى فصوله الجامعية ليسكن مؤقتا في مدينة أخرى من أجل أخذ إحدى الدورات المهمة لتخصصه الجامعي..
لم تكن سمية مقتنعة أبدًا بهذا الكلام لكن إلحاح والدتها وعدم توازنها النفسي أو العقلي جعلها ترضخ في النهاية..
تزوجته أمام الشيخ وأمها وقريبين لها وصديق.. ثم حزمت أمتعتها.. وكانت تجلس بجانبه في إحدى الحافلات الذاهبة للمكان الذي ينشدون الذهاب إليه.. دون أن تتحدث معه بكلمة في الطريق..
.
.
في اليوم الأول..
كانت قد وصلت إلى المنتجع السياحي والعلاجي.. حيث تسقط فيه مياه حارة من جبال قاحلة لتكون أحواض ماء أو حمامات صحية طبيعية تحيطها جبال داكنة..
وبفعل الحرارة الجوفية.. تشق المياه الحارة صخورا نارية لتنهمر عيونا وشلاّلات.. راسمة لوحة بانورامية ألوانها أحضان الطبيعة وعمقها إرث تاريخي..
بقيت سمية هناك طوال اليوم وعندما عادت إلى الفندق الذي تقيم فيه لم تجد أي أثر لمالك..
لكنها لم تهتم بل عادت لتغرق في أحزانها وبكائها..
.
.
وفي صباح اليوم الثاني.. كان مالك من أيقظها بعد أن أحضر لها وله الفطور بوجه خال التعابير..
بعد الفطور أوصلها إلى الشلالات ثم مضى مغادرا تاركا إياها بمفردها..
ولم تكن تعرف بأنه يراقبها عن كثب من بعيد دون أن تشعر..
ومضى نفس المنوال لأسبوع كامل..
بعد ذلك عادت كعادتها من المنتجع إلى غرفتها في الفندق لتُفاجأ به يعود خلفها بدقائق ويخبرها بأنه سينام في نفس الغرفة معها..
لم تعترض أبدًا بل شعرت بحملها الثقيل عليه فقد كان ينام طوال الأيام السابقة عند الشلالات في العراء..
رغم أنه لم يكن في غرفة الفندق فراش أو غطاء إضافي إلا أن مالك نام على أريكة صغيرة لا تتسع لطوله بعد أن أبدت هي رفضا غير منطوق بأنه لا يمكنه مشاركتها نفس السرير الواسع..
تمددت بملابس محتشمة ولم تتحرر حتى من حجابها..
حاولت سمية عند حلول الليل أن تكتم بكائها وانهياراتها المعتادة يوميا في مثل هذا الوقت لكنها لم تقدر..
فهلعت للحمام مهرولة تغلق الباب خلفها..
وقفت بملابسها تحت رشاش الماء في حوض الاستحمام تحتضن جسدها بانهيار..
وكل خلية في جسدها تنتفض..
ومع الثواني التي تزداد كان بكاءها يحتد فتنزلق عبراتها كالجمر وقلبها يئن بألم.. بوجع.. بشوق.. بضياع..
قبل أن ترفع رأسها مصدومة عندما فُتح مقبض الباب..
وجدت مالك يدلف للداخل ويقف أمامها وبصره موجه بنظرات ممعنة لها لم يسبق وأن وجهها إليها من قبل..
ظنته سيسارع الاعتذار لدخوله عليها هنا بالخطأ.. إلا أنه لم يفعل..
بل تقدم منها دون اكتراث يغلق رشاش الماء ثم يجتذبها له معانقا إياها بقوة غير آبها لملابسه التي تبللت أيضًا معها..
كانت منهكة الأعصاب.. متفجرة الحواس.. لم تملك قدرة أن تبعده بل على العكس.. ارتفع صوت بكائها عاليا..
وهو لم ينطق بحرف طوال الوقت بل شدد أكثر من احتضانها..
وظلا هكذا لدقائق.. طويلة.. جدًّا..
شعرت خلالها بطمأنينة رهيبة من يده التي تمسد على شعرها المبلل بينما يهدهدها كطفلة بائسة..
وعندما خفت بكائها وهدأت ابتعد قليلا عنها ثم رفع وجهها المنكس قائلا بهمس حازم
((سمية افتحي عينيك))
ببطء فتحت عينيها تصوب نظرها المشوش بفعل الدموع عليه فأكمل
((انسيه وركزي على نفسك.. لقد تزوج وانتهى الأمر.. لقد سمعت أيضًا بأن أرملة أخيه حامل بالفعل بطفله...))
لم تكن تعرف بأمر حمل أرملة أخيه..
فكان الأمر بمثابة القضاء على آخر أمل متبقي لها من أمنية سخيفة متمثلة في ندم كامل على ما فعله ويعود معتذرا لها..
عندها فقدت أي قدرة لها على الثبات أو الصلابة وعادت تنفجر في البكاء وهي تنفض يده عن وجهها الذي أشاحته جانبا..
لكن مالك لم ييأس فحاوط رأسها المبلل بكفيه ورفع وجهها لتنظر إليه عنوة وهو يقول لها
((انسيه فقط.. لقد باعك بالرخيص فلماذا لا تنسينه وحسب؟))
هزت رأسها له مؤيدة بعزم ممزوج بالأمل
((سأفعل.. سأنساه.. سأنساه مثلما فعل..))
مد مالك إحدى ذراعيه دون أن يفلتها بالذراع الأخرى ليلتقط أقرب منشفة تطالها يده..
ثم لفها حولها وهو ينهضها من مكانها هادرا بهدوء
((تعالي للداخل.. عليك تغيير ملابسك))
استجابت وخضعت لأمره بهدوء مريب وهناك أجلسها على مقعد بلاستيكي..
ثم لثم جبينها يهمس بصوتٍ أجش
((سأذهب لإحضار ملابس جافة لك..))
لكن وقبل أن يبتعد سارعت تحتضنه وهي تهمس له لاهثة بامتنان ورهبة منه
((شكرا لك يا مالك لقدومك معي.. شكرا لك))
صدمت نفسها قبل أن تصدمه بما فعلته.. بل تقبلها لقربه ما صدمها أكثر..
حتى لو كانت الآن زوجة له لكن هذا القرب كله منه.. ولثمه لها.. وعناقها له..
كله لم يكن يجب أن يحدث!
أما مالك فحرك حلقه بصعوبة وهو يشعر بنفسه غير قادر على التحمل أكثر..
بالكاد هو يمسك نفسه..
لكنه استدار وضمها إليه بقوة حتى كاد أن يدخلها في ثنايا عظامه..
قبل أن تتصاعد وتيرة أنفاسه فيبعدها عنه وتمضي نظراته لتستقر على عينيها المليئتين بالدموع.. ثم هبطتا إلى.. شفتيها..
((رباه..))
همس بصوتٍ أجش من إثر الرغبة وهو يجاهد للتحكم برباطة جأشه وعدم الانهيار..
لكنه كان أضعف بكثير وهو يرى حلمه متمثل أمامه..
بل ويربطهما رابط شرعي!
من جهتها لم تهبه أيّ رد وهو لم يكن بحاجة لإذن ليميل بوجهه عنها ويروي عطشه من منبع شفتيها بقبلة ناعمة شعر أثنائها باختضاض جسدها.. وبشيء من الرفض!
حرّرها مالك وأسند جبينه على جبينها وتمتم بصوت أجش من إثر الرغبة ومرتجفا بعض الشيء
((أنا.. أحبك))
ارتعشت خفقات قلبها بقوة وهي تنظر له بانشداه..
بردة فعل منها مختلفة كليا عندما اعترف لها بحبه أول مرة!
كانت تلهث بجنون فتشعل جنونه المشتاق لهفة ورغبة في التهور أكثر..
حاولت سمية الاعتراض ولو بكلمة لكن اختنقت الكلمات بالهجوم العاطفي السافر الثاني على شفتيها.. حتى كادت أن تقع أرضا لولا التفاف ذراعيه حول خصرها..
ودقيقة وراء أخرى أحس برفضها يقل وبسكونها يزيد..
وسرعان ما بدأت تذوب بسيل قبلاته الحارة.. وتنهدات روحه المحترقة.. وخفقات قلبه المتزايدة..
بعد قليل أحست سمية بتشوش ذهنها وبدا كل شيء من حولها ضبابيا..
لم تعد تعرف أين هي وماذا تفعل!
وكيف ذابت بين ذراعي مالك حتى نالها كاملة.. بمنتهى الرقة.. منتهى العاطفة..
انتهى الأمر به يعانقها بقوة بينما يترك لها العنان لتبكي بقدر ما تشاء..
لم تكن تصدق ما حدث!
كيف لم تستمر بمقاومتها له؟
هل بسبب فيض لمساته العجيبة؟ أم بسبب صبره وحنانه الذي أبداه نحوها؟
استمرت غارقة في دوامة الذنب وتأنيب الضمير.. حتى أسدلت جفنيها تغط في نوم عميق..
أما هو فشدد من اجتذابه لها في هذا الظلام الدامس وقد أنهكه نيل المراد أخيرا أكثر من انتظاره..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 06:53 PM   #2397

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في الصباح..
ابعد مالك خصلة شعر عن خد سمية الذي سلبته الدموع الجافة نعومته ثم مرّر إصبعا واحدا على طول خدها قبل أن يتحرك للأعلى ليمرره بخفة بالغة فوق رموشها المنسدلة..
لم يكن يصدق كيف ضاعت في الأمس بين ذراعيه!
ورغم همس اعتراضاتها الواهنة إلا أن ارتباكها بدا كارتباك اللمسة الأولى..
حتى ثغرها الرقيق بدا وكأنه يختبر معنى القبلة الأولى منه هو..
بدت وكأنها تجربتها الأولى كما هي تجربته الأولى..
فلم يشعر بأي حرج أو تردد..
تململت سمية من مكانها وما إن فتحت جفنيها المثقلين حتى وضع واجهة الثبات وهو يعلمها ببرود
((لقد جلبت خدمة الفندق طعام الفطور.. تناوليه لوحدك ثم اذهبي للمنتجع.. وانا سأغادر الآن..))
بمجرد أن غادر حتى تذكرت كل ما حدث معها في الأمس وانفجرت بالبكاء..
كان عقلها رافضا كليا ما حدث ولا يتقبله.. فمالك بالنسبة لها مجرد صديق.. أخ صغير..
.
.
ذهبت للمنتج العلاجي وأمضت طول النهار فيه بوجه شاحب لا تصدق استسلامها المخزي له في الأمس..
كررت على نفسها بصرامة ألا تسمح لمالك بالاقتراب منها لو قرر النوم مرة أخرى في نفس الغرفة معها..
لكن عندما حل الليل وعاد مالك مباشرة ورائها أدركت بأنه يمضي نهاره في مراقبتها..
حاول مالك مجددا الاقتراب منها ولصدمتها لم تستطع أن تعترض أمامه إلا باعتراضات واهية.. استطاع إخمادها لتتلاشى من أمامه..
فبعد أن أمضت طول اليوم بين الشلالات غارقة في الذنب والخزي وتأنيب الضمير جاء الليل ليمحو كل ما عزمت عليه لتستسلم بسحر عجيب له..
وتلك الرابطة الشرعية بينهما هي ما تجعل اعتراضاتها أوهن..
.
.
وهكذا مضى الشهرين في المنتجع العلاجي..
في النهار يغيب عنها ولا يظهر إلا عندما يريد توصيلها للمنتج أو لمكان آخر..
وفي الليل يبيت بعضها في الخارج وبعضها الآخر في داخل غرفتهما حيث يحرص كل الحرص على وجودها بين ذراعيه بعد أن يعرف كيف يوقد عواطفها ويطوعها بصبره وحنانه..
عرف كيف يخترقها فقد أمضت وقت طويل مضني ومثقل بالألم والهجران والقسوة ولم يكن هناك أسهل من أن تخضع لإرادته ورغبته وتتغيب عن إدراكها..
خاصة وهو حريص على إرضائها ومراعاتها كل الحرص والمراعاة..
.
.
قبل أن تأتيه مرة بثبات ووجه شاحب تطلب منه أن يعيدها لقريتهم فقد اكتفت من وجودها في هذا المنتجع..
لم يعرف سر إصرارها على العودة رغم تحسن حالها هنا لكن عندما نظر بتمعن في وجهها المتشنج عرف بأن الأمر جلل..
ولم يجد أمامه إلا أن يخضع أمام رغبتها وهو يحضر نفسه لاطلاع عائلته بزواجه منها وتحمل مسؤولية كل شيء بصلابة وثبات..
استقلا الاثنين الحافلة التي تقلهما من المدينة التي يتواجد فيها المنتجع إلى المدينة التي تتواجد بها قريتهم..
جلست سمية بجانبه باضطراب وقسمات وجهها متشنجة بينما ذهنها شارد تماما..
يجلدها ويؤنبها على انزلاقها في هذا المنحدر..
لقد سقطت في الهاوية متناسية تلك الفروق بينهما..
متناسية أن من أمامها هو مالك.. صديقها.. أخاها الصغير.. ابن أسيادها..
أي هوان تلبسها لتمحو إدراكها وتنسى حقيقة وضعها وتمنح نفسها الحق في خوض غمار تلك العاطفة مع شاب لا تملك له أية مشاعر حب تجاهه حتى لو كان يربطهما رباط مقدس الآن!
وبمجرد أن حطت الحافلة عند مدخل القرية حتى سارعت سمية تستقل بحقائبها الكثيرة سيارة أجرة إلى بيتها دون أن تطلب منه مرافقتها..
فاستقل سيارة أجرة أخرى له..
وصل للقرية ثم اتجه نحو بيت سمية..
وقف أمام باب منزلها المفتوح وهتاف سمية الباكي يتصاعد عاليا مع والدتها ليصله..
((أمي أقول لك بأني حامل.. حامل.. أنا متأكدة من أني حامل..))
((أنا لم أتوقع بأنك قد تحملين بظرف..))
((أعرف أمي وأنا أيضًا كنت أظن بأني أعاني من خطب ما.. فأثناء زواجي من كامل لم أستطع الإنجاب إلا بعد مدة.. الآن ماذا سأفعل! كيف سأشرح الأمر!))
((اسكتي يا سمية ولا تدعي على نفسك.. لا تتحدثي وكأن ما في بطنك ابن حرام))
((لا أقول ابن حرام ولكننا لم نثبت زواجنا في المحكمة.. ووالد الطفل شاب لم يتخرج من جامعته بعد.. لقد دمرت مستقبله ومستقبل ابني قبل أن يأتي للحياة.. لا أستطيع مواجهة أحد.. أفضل الموت قبل أن أؤذي مالك أو أعرض طفل لا ذنب له لكل هذه التساؤلات..))
((توقفي عن الدعاء على نفسك.. أنتِ لم تخطئي بشيء.. ابن الحاج يعقوب الكانز تزوج منك بكامل قواه العقلية وجعلك تحملين بطفله.. ليست مشكلتك.. هو رجل وعليه أن يتحمل مسؤوليتك ومسؤولية زواجه منك ويعلنه..))
((لا يا أمي لن أسمح بذلك.. لم يخطأ بشيء إلا عندما تنازل وألحت عليه شهامته أن يتزوجني ليرافقني للمنتجع البعيد من هنا.. إنه خطأي أنا لم يكن عليّ أن استسلم أنا الناضجة))
((أيتها الغبية توقفي عن لوم نفسك.. في اللحظة التي غادرت بها القرية نشرت أخبار زواجك في كل مكان والجميع يعرف الآن أنك برفقة زوجك وقريبا سنقول هويته))
((أمي كيف تفعلين هذا؟ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ هل تكافئين مالك على معروفه لي بوضعه في مثل هذه الورطة؟ هل كنت من البداية تخططين للإيقاع به وإجباره على إعلان هذا الزواج حتى لو لم أحمل منه أيضًا!))
((سمية زواجك مثبت في المحكمة.. أنتِ بنظر القانون كما الشرع زوجته أيضًا..))
((ما هذا الذي تقولينه يا أمي؟ كيف ثبتي العقد؟ ماذا سيقول مالك لو عرف بأنك تخدعينه وتريدين أن تدمري مستقبله وتستدعي سخط والديه وترغميه على البقاء زوجا لي؟ ما الذي فعلتيه يا أمي! لن أسامحك أو أسامح نفسي على ما فعلناه به))
كانت سمية تحاول الخروج من المنزل لكنها شهقت بصدمة عندما وجدته واقفا أمام الباب وقد سمع أغلب ما دار بينهما..
شحب وجهها شحوبا يحاكى الموتى وتمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها!
بدأت تذوب من الحرج.. تتآكل من سخطها على روحها.. تستنفذ أشنع النعوت وأحقرها لتلقيها على نفسها..
خنقتها غصة خزي من حالها لكنها كانت تجاهد لإخراج الصوت من شفتيها والنطق بأي شيء قد يحاول تخفيف موقفها أمامه وتخبره بأنها لم تقصد توريطه وإيذائه..
لكن مالك أشاح بوجهه المتجهم جانبا عنها.. وبدا وكأنه.. وكأنه.. غير متفاجئ مما سمع..
حتى قال أخيرا بصوتٍ خشن
((أنا بنفسي من قمت بتثبيت زواجنا في المحكمة.. وليس لأحد حق الاعتراض..))
تدلى فك سمية حتى كاد يقع أرضا واتسعت عيناها..
مالك كان لديه فكرة واضحة تماما عن تخطيط أمها بل وساعدها على ذلك!
خرجت سمية من حالة الجمود وسارعت تخرج رأسها من طرف الباب تتأكد من أن لا أحد هنا ثم سحبت مالك من مرفقه للداخل وأغلقت باب منزلهم..
كانت تلهث بشكل غريب عندما أجلسته على الأريكة وجلست بجانبه لتقول بإصرار وتشتت
((عليك أن تطلقني فورا يا مالك.. من أجلك أقول هذا.. لا يجب أن يعرف أحد من والديك بزواجنا..))
وكأنها صفعته بأصابع حديدية!
فزادت حدقتاه اتساعًا وتلبدت أطرافه لثوان قبل أن يصرخ مستنكرا
((أنتِ تحملين طفلي فكيف تريدين مني أن أحررك؟))
أغمضت عينيها تحاول استعادة رباطة جأشها قبل أن تقول بهدوء مغيظ
((مالك اسمعني جيدا.. عليك أن تطلقني هذا ما يجب أن يحدث))
هدر مالك بجنونٍ مطبق وقد اسودت الرؤية أمام عينيه
((مستحيل.. سأذهب الآن لأخبر عائلتي بزواجي منك وبأنك حامل بالفعل))
ابتلعت الغصة وهي مستمرة في محاولة التماسك قبل أن تقول
((لا لن تفعل.. ستقيم الدنيا ولن تقعد لو أخبرت عائلتك بما حصل..))
قاطعها هاتفا بحنقٍ أهوج
((لن يحدث شيء فأنتِ حامل وزواجنا مسجل ولا مجال للتراجع عن أي شيء))
انفلتت أعصاب سمية فقالت بنفاذ صبر وهي تضرب فوق ذراع الأريكة بانفعال
((بل سيحدث الكثير.. سيضعك والداك بين خيارين أحلاهما مر.. سيخيرونك بين تطليقي مقابل مسامحتك على ما فعلته وبالطبع بمجرد أن ألد سينتزعون الطفل مني وسيحرمونني من رؤيته وتربيته..))
مال مالك بوجهه قليلًا عاقدًا حاجبيه ثم وجد نفسه يردد بشرود متشنج
((لن يحصل، مستحيل، لن أتخلى عنك ولن أسمح لأحد بانتزاع الطفل منك))
لوحت سمية بيدها متوترة ثم هتفت بعصبية
((إذن فأنتَ ستجبرهم على الخيار الأخر.. وهو التبرؤ منك ومن ولدك.. سيقطعون عنك دعمهم المالي وبالتالي ستضطر لترك جامعتك والعمل..))
مال بعينيه نحوها يقول بتحدٍ سافر
((لا يهمني سأتركها، وسأبحث عن عمل آخر..))
ردت سمية بقنوطٍ واقتضاب
((أنت في سنتك الأخيرة.. يكفي الفصل الذي أجلته بسببي.. لا تتهور أكثر من ذلك.. وأي عمل هذا الذي سيدر عليك دخلا يجعلك تعيش بنفس الرفاهية التي اعتدت على عيشها منذ صغرك.. لن تستطيع..))
انبثقت تعاسة العاشق على وجهه بينما يغمغم رافضا
((لا تهمني كل هذه الأمور.. أريد فقط أن أكون مع المرأة التي أحبها..))
أظهرت سمية واجهة جامدة وهي تقول بحسم رغم اضطراب صوتها
((مالك لقد حسمت الأمر.. ستطلقني.. وأنا سأربي هذا الطفل بنفسي وسأتحمل لوحدي مسؤوليته.. وبمجرد أن يكبر الطفل ويحين الوقت المناسب ستخبر عائلتك.. هكذا حتى لو فكروا بحرماني من الطفل فلن يستطيعوا بعد أن يكون قد أدرك بأني أمه..))
دفن رأسه بين كفيه وهو يميل للأمام محدقًا في الأرض بتخاذل في حين وضعت أمها يدها تغطي فمها وهي تقول بصوتٍ باكي متحسر على ابنتها الوحيدة
((هل ستطلقين للمرة الثانية أيتها الغبية؟ ماذا سنقول للجميع بعد طلاقك الثاني؟ كيف سأبرر الأمر لهم؟))
استقامت سمية من مكانها والتفت نحو أمها تقول بجفاء وقسوة
((مثلما أخبرتِ الجميع بزواجي للمرة الثانية يمكنك أن تعاودي نشر خبر طلاقي بعد حملي منه..))
ثارت أعصاب مالك فجأة فلوح بيده لتهبط على المنضدة الموضوعة أمامه هاتفًا بسخط جعل كل من سمية وأمها تنتفضان مكانهما لوهلة
((لماذا لا ترينني رجلا كفاية لأتحمل مسؤوليتك ومسؤولية الجنين الذي في بطنك؟))
وقف مالك بعنف من مكانه تزامنا مع نهاية حديثه..
لكنها لم تعطيه أي رد فعل إلا أن ضاقت عيناها للحظات ثم قالت له بتبلد
((لا تنظر للموضوع من هذه الزاوية.. الأمر فقط بأنك ستشكرني بعد سنوات على ما أفعله!))
تسمر مالك مكانه بوجهٍ مسود وقد تحفزت جميع خلايا مخه قبل أن ينطق مستنكرا ببطء
((أشكرك على ماذا؟ أشكرك لأنك تحاولين الضغط عليّ وتدمير ما بيننا؟))
ازداد انعقاد حاجبيه وزمّ شفتيه يريد الصراخ أكثر بوجهها مستنكرا لكنها رفعت يدها معترضة تقول بصوتٍ باتر
((مالك.. علينا أن ننفصل وحسب.. أنتَ لا زلت في مقتبل عمرك وأمامك الكثير لتجربه قبل أن تربط نفسك بامرأة.. عندما تمضي السنوات ستعي بأن ما فعلته كان لمصلحتك.. ستشكرني جدًّا.. وستكون ممتن لي.. فليس من السهل أن تتحمل مسؤولية زوجة تكبرك وغير متكافئة معك))
مسح على وجهه بإعياء مستغفرا قبل أن يهمس لها بوهن يحمل إصرارا بدأ يتفتت
((سمية أنا لن أطلق.. وسأخبر الآن عائلتي بحملك..))
توقفت مكانها للحظات وأصابعها تنفرد على بطنها بحركة غريزية منذ أن عرفت بحملها.. ثم قالت بصوتٍ متحشرج دون أن تلتفت له
((إذا أردت منهم أن ينتزعوا طفلي بعد أن ألده ويجبرونني على الرحيل من هذا البيت الذي عشت فيه طوال عمري فيمكنك إخبارهم.. ولكن سننفصل أيضًا في النهاية))
وهكذا استطاعت بالضغط النفسي والعاطفي على مالك أن تقنعه بالطلاق وكتمان سر يزيد على أن يعلنوه لاحقا بعدما يكبر!
عاشت أياما صعبة وقاسية أثناء حمل يزيد وما زاد الأمر ألما فقدانها لوالدتها..
لكن مالك كان معها لآخر لحظة.. وكان هو من يمدها بسيولة مالية تكفي حاجتها وأكثر..
فقد كان يتملكه الخوف أن ما يدفعه لا يكفي أن يغطي كل نفقاتها هي وابنه..
وهو أعلم الناس بعفتها وأنها من المستحيل أن تمد يدها لأحد ولو كان من والد ابنها والمسؤول عن الإنفاق عليها!
لم يطلب من والديه أي مصروف إضافي حتى لا يلاحظا ما يثير الريبة..
اضطر أن يبيع حاسوبه وألعاب البلايستيشن الباهظة التي كان يحب مشاركة توأمه في لعبها..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 06:53 PM   #2398

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

عقب إنجاب سمية لطفلها بقيت لدقائق تطالع سقف غرفة المشفى الأبيض..
كانت متعبة.. مرهقة.. مستنزفة..
لقد مرت بأصعب وأقسى ساعات مرت في حياتها..
أغمضت عينيها لدقائق قبل أن تفتحهما عندما أوقظتها حاجتها الأمومية لاحتضان طفلها الذي لم تكن قد رأته بعد..
دخل فجأة عليها مالك وهو يحمل الطفل بين يديه بحذر وحيطة فغمغمت بوهن وهي ترفع إحدى يديها
((هاته أضمه لصدري يا مالك))
مد مالك يديه لها بالطفل لتتناوله منه بلهفة شديدة بينما تسمعه يقول بحنو
((لقد أذنت في أذنه اليمنى..))
بدأت عينا سمية تأخذها برحلة استكشاف حول ملامح طفلها..
قبل أن تضمه بخوف وقد بدأت دموعها تسيل فوق وجنتيها بنعومة وبلا صوت..
كانت ترتجف أثناء احتضانها ابنها.. لقد عاشت الأشهر الأخيرة في خوف من أن يعرف أحد من أفراد عائلة مالك بحقيقة ما جرى ويأخذوه منها رغما عنها..
ابتسم مالك بحنو لها رغم القلق الذي استبد به عليها قبل قليل..
كان منظرها آسرا وهي تضم طفلهما بأمومة فياضة رغم تعبها وضعفها..
لكنه احتاج فعلًا أن يربط جأشه ويتحكم بلهفته المشتعلة في مقلتيه كما الجمر في فؤاده شوقًا لها..
فهي الآن بعد إنجابها انتهت عدتها ولم تعد تحل له.. لم يعد يربطه شيء بها إلا هذا الطفل الملائكي الصغير..
ابتلع مالك تلك الغصة المسننة وهو يفكر بهذه الحقيقة المرة بألم..
رباه! هي لم تعد امرأته.. لم تعد ملكه..
لقد منحها الطلاق الذي أرادته وتركها تحرق فؤاده..
كل شيء انتهى..
شعر باختناق رهيب يسحق كل فرحته بقدوم هذا الطفل..
لكنه تجاهل أنين فؤاده وتطلع عليها عندما سألته بابتسامة خلابة رغم شحوب وجهها وإجهاد صوتها
((ماذا ستسميه؟))
ترققت نظراته تأثرًا له وهو يهمس بتردد
((أنا؟ أنا من سأسميه؟))
هزت رأسها مصرة دون أن تنحسر ابتسامتها
((أنت والده وأريدك أنتَ أن تسميه))
سالت دمعة حارّة على خدّ سمية وهي تراه يداعب بإبهامه وجه الصغير بحذر قبل أن يتمتم
((يزيد.. أمي تحب هذا الاسم جدًّا.. وكانت تريد تسميتي أنا أو توأمي به لولا إصرار أبي أن تبدأ أسمائنا بحرف ميم كإخوتي الذين يكبرونني، وأشك بأنه لو أنجبت زوجة أخي مؤيد صبيا سيقبل أخي بتسميته يزيد كما تريد أمي!))
.
.
إنجاب يزيد وقدومه للحياة أسعد قلبها وأضاف شيئا من الحب والاهتمام لحياتها التي كانت تلونها الكآبة والبؤس..
كانت تتلمس في أحضانه العزاء.. السلوان.. والصبر..
حنانه وضحكاته ومشاكساته كانت هي ما تواسيها في كل ما يواجهها في هذه الحياة بوحدتها وقلة سندها..
لن تنكر أن مالك كان دائما أمامها وخلف ظهرها..
يقف في جانبها.. ماديا ومعنويا..
لكن لم تكن تشعر بالسعادة لما تتلقاه منه إنما شعرت بأنه استغلال واستنزاف له..
على عكس ما تتلقاه من ابنها..
يؤلمها أن يكبر ابنها بين عائلة والده وأولاد عمه دون أن يعرفوا حقيقته..
ويؤلمها أن يعاني ابنها النبذ والكراهية منهم..
لكنها في صميم قلبها لم تكن لتغير شيئا لو عاد بها الزمن..
لم تكن لتسمح لهذه الحقيقة أن تُعلن وتخسر الشيء الوحيد المتبقي في حياتها!


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 06:54 PM   #2399

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

تنهدت رتيل بشيء من البؤس وهي تناظر تلك القطع التي اشترتها..
منذ أن ذهبت في ذاك اليوم للتسوق مع نورين ولمحت بمصادفة ما اشترته من ملابس خاصة حتى أجبرها عقلها أن تدخل هي نفس المتجر..
صحيح بأن مؤيد كان يطالعها باشمئزاز كلما كانت ترتدي مثل هذه القطع في بداية زواجهما ويخبرها بكل وضوح ألا تكرر ارتداءها مجددا..
لكن وبما أنه قد مر سنوات على زواجهما.. وحواجز التزمت والانغلاق في مؤيد بدأت تنهار فيه شيئا فشيئا..
فلم لا تعود لتجربة هذه الأشياء أمامه لعلها تجتذبه قليلا لها وهي التي سبق ويأست بدل المرة ألف مرة من اجتذابه؟
لمعت عينا رتيل بعزم.. الليلة ستفعلها..
أمسكت رتيل هاتفها تكتب بكلمات قليلة رسالة مختصرة وترسلها لزوجها..
عادت تنظر للقطع التي اشترتها والتي كانت بألوان من درجات الأحمر الفاقع الجريء بتصاميم مختلفة وقمة في الإثارة..
بدأت ترتدي أكثر قطعة جرأة مصممة من قماش الكشمير الناعم والدانتيل الفاخر..
وقفت أمام المرأة الطويلة تناظر نفسها بانبهار وغرور..
كانت غلالتها الحمراء الرقيقة لا تلبسها الفتاة إلا بين يدي عشيقها..
خفتت الإضاءة..
وبمجرد أن فتح مقبض الباب ودلف منه مؤيد حتى هتف بحنق
((بماذا تريدينني يا رتيل؟ ولماذا هذه الغرفة مظلمة؟ أين أنتِ يا..))
بتر مؤيد كلماته عندما شعر بها تقترب من مصباح موضوع جانبا وتشعل إضاءته الخافتة ثم تسير بخطوات رشيقة لتستقبله
((أنا هنا..))
انتشر الوجوم فجأة في ملامح مؤيد وهو يلاحظ ما ترتديه زوجته.. فسارع يغلق الباب خلفه بإحكام خوفا من دخول أحد الغرفة بلا إذن وهو لا يزال يصوب نظره نحوها..
اهتزت ثقة رتيل عندما ازدادت ملامح وجهه وجوما..
لكنها لم تظهر أي شيء من ذلك بل تقدمت ببطء وهي تتمايل بإثارة مقصودة نحوه..
رفعت أصابعها الرشيقة تفتح أول أزرار القميص الذي يرتديه إلا أنه رفع كفه ينفضها عنه قائلا ببرود
((أنا متعب..))
اتعست عيناها لردة فعله فتابع سيره نحو الأريكة ليجلس عليها بينما يفتح هاتفه باقتضاب..
ازدردت ريقها ثم جاهدت نفسها ألا تستسلم
تقترب منه مجددا.. فجلست على ذراع الأريكة بجانبه لتسأله بصوت مبحوح ودعوة أكثر جرأة وبطريقة غير مسبوقة لها منذ زواجهما
((هل أنتَ متعب؟ سأقوم بتدليكك.. فقد اشتقت لك))
أبعد ذراعها عنه بقوة واشمئزاز وهو يقول
((رتيل.. هل يمكن أن أطلب منك أن تقومي بتغيير ما ترتدينه؟))
فغرت شفتيها برجفة وتبدل لونها ثم سألته بصوتٍ خفيض
((ألم يعجبك؟))
أغمض عينيه وبذل مجهودًا مضاعفًا بلجم انفعاله ثم فتحهما يقول ببرود جليدي وشرارات النفور من كلماته تصل لها
((فقط غيريه وارتدي شيئا آخر من مناماتك المعتادة))
ازداد انخطاف لون رتيل من كلامه وازداد لون عينيها قتامة وهي تراه يحطم أنوثتها وكبرياءها برفض هذه المبادرة منها!
وبدأ شيء من القهر.. النبذ.. الاحتقار.. يتسلل للظلام في داخلها..
لماذا لا يمكن أن يتصرف ولو لمرة واحدة كرجل طبيعي!
لماذا لا يبهجه محاولاتها في إسعاده؟
لملمت رتيل بقايا كرامتها ثم ذهبت للحمام تتحرر مما كانت تلبسه..
وقفت أمام المياه المتدفقة الحارة فوقها بينما تغرقُ في أفكار سلبية عديدة..
وكل دقيقة تمر عليها كانت حرارة المياه تزداد إلا أنها لم تشعر بالألم.. فما بداخلها كان أكبر وأشد حرارة.. بل احتراقا..
لم أزعجه ما ارتدته له؟
هل كان هناك خطئا في زينة وجهها الصارخة؟
لماذا كره مبادرتها هذه؟
أليست جميلة كتلك النساء اللاتي يحب أن يتسكع معهن؟
لا بل هي كذلك وأجمل منهن.. ليست بحاجة أن تراهن لتعرف هذه الحقيقة..
كل ما في الأمر أن زوجها لا حاجة له أن يمتع ناظره في زوجته حلاله.. وعنده بديل يسد احتياجاته..
استندت رتيل بكفيها الى الحائط وقد بدأ الألم يزداد في داخلها.. ويصبح عنيفا.. عنيفا جدا.. أكثر من أي لحظة مرت عليها في حياتها..
مهما أنكرت يظل ألم نفوره منها وعدم تأثره بها أكثر من أن تتحمله!
خرجت من الحمام وسارعت تجفف نفسها وترتدي إحدى منامتها العشوائية..
اقتربت من السرير تنفض الغطاء الذي وضعت فوقه مجموعة من الشموع العطرية وأوراق الورد قبل أن تسحبهم بواسطة المكنسة الكهربائية..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 06:55 PM   #2400

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

أطفأت المكنسة الكهربائية ثم وقفت عندما سمعت صوت وقع خطواته يقترب منها..بادلته النظرات بقوة وبغض.. كانت ملامحه غير مقروءة في هذه اللحظة..
اقترب مؤيد أكثر منها يمعن النظر في وجهها الصافي والخالي من أي مساحيق ومنامتها الداكنة التي ترتديها..
وبمجرد أن وقف أمامها حتى تجاوزته نحو غرفة النوم ثم اندفعت بكل غيظ نحو فراشها تدس نفسها به..
تكورت كالجنين وأرادت أن تبكي.. إلا أن طبيعتها الصلبة منعتها..
شعرت به بعد دقائق يدلف للغرفة.. يطفئ النور.. يقترب منها.. ثم يدخل الفراش ويضع يده على كتفها هادرا بصوتٍ أبح
((رتيل انظري لي..))
نفضت كفه من على كتفها ورفضت النظر له مما جعله يلتصق بها ويدفن وجهه في شعرها..
حاولت أن تبعده عنها وتنسل من محبسها بين ذراعيه بقوة هادرة بصوتٍ متهدج باستهجان
((ابتعد عن يا مؤيد.. أريد النوم))
لم يعطها مجال فأردفت بصوتٍ يلفه تناقضاته
((توقف عن العبث بمشاعري والتلاعب بأعصابي.. توقف عن التصرف وكأنك مجنون أو تعاني من خطب ما في عقلك!))
لكنه جذبها نحوه أكثر يعتصر ضلوعها في أحضانه هامسا وهو يضع شفتيه فوق بشرة وجهها
((أنا لا أعبث.. سنتحدث لاحقا))
اشتدت شفتاها كالوتر تنفر رفضا لتقول
((أنا الآن أريد النوم.. لذا رجاء ابتعد عن زوجتك القبيحة))
إلا أنه أسكتها عندما انحدر بفمه نحو شفتيها بينما تسللت يديه أسفل منامتها لتجوب جسدها..
هامسا لها بصوتٍ أجش بالرغبة
((زوجتي أنا جميلة))
رغم الرفض الذي كانت تصر عليه أمامه.. إلا أن اجتياحه اللحوح وهو يقبل عليها بكل هذه الرغبة كان أقوى من أن تصر على رفضها..
لم تكن تصدق ما يحدث.. لقد كان حقا راغبا بها أكثر من أي مرة مضت..
لكن إذا كان يقمع كل تلك الرغبة بها فلماذا فعل ما فعله قبل قليل؟
تلاشت تلك الأفكار السلبية وتوقفت عن التفكير بأي شيء إلا الغرق معه في هذه الدوامات..


************


انتهى الفصل.


فصل يوم الاثنين هذا كان طويل جدا ويمكن من اطول الفصول حتى الان..

اتمنى ما تحرموني من تعليقاتكم الجميلة..



Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:27 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.