آخر 10 مشاركات
آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          فلتسمعي أنين إحتضاري *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          77. متى تذوب الثلوج - سارة كريفن - دار الكتاب العربي (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          440 - أبحث عن قلبي - هيلين بروكس ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          لا ياقلب - مارغريت ديلي -كنوز أحلام القديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          عندما ينتهي الكذب - هيلين بيانشين - روايات ديانا** (الكاتـب : angel08 - )           »          الهاجس الخفى (4) للكاتبة: Charlotte Lamb *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          78- الآمال الضائعة - فيوليت دينسبير - دار الكتاب العربي (الكاتـب : أناناسة - )           »          زهرة صباحية - آمى لورين - روايات ديانا - (حصرياً) (الكاتـب : Gege86 - )           »          قبل الوداع ارجوك.. لاتذكريني ! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-03-21, 06:49 PM   #241

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الثاني
اغلق مصعب الباب خلفه وضاقت عيناه وهو ينظر لها تجلس على الأريكة المقابلة لسريرهم الزوجي متكومة على نفسها بتشنج..
زفر نفسا طويلًا قبل أن يدلف للداخل يأخذ حماما سريعا ويغير ملابسه لمنامة مريحة..
كان يرفع غطاء السرير يهم للنوم عندما ألقى نظرة عليها فوجدها على جلستها كما هي بنظر شارد كما ذهنها..
لم يهتم وهو يطفئ الإنارة ويتمدد على سريره مغمض العينين ومنهك الجسد..
ومرت دقائق فقط عندما دمدم بخشونة لها
((هيا قومي للنوم))
خرجت من شرودها تنتبه أنه أطفأ الأنوار ومتمدد في سريره.. وكأنها كانت مغيبة قبل قليل..
استجابت لما طلبه.. اعتدلت من مكانها بهدوء واتجهت نحو منضدة الزينة تزيل الحلي الذهبي وبدلت ملابسها ثم تمددت بجانبه..
دقيقة.. دقيتين.. ثلاث وكانت تقترب وتقلص المسافة بينهما وترفع أناملها تغمرهم في شعره لتشعر تلقائيا بتصلبه وهو يهمس بها بصوتٍ خشن خفيض
((ابتعدي.. أنا مرهق وأريد النوم من اجل عمل الغد))
استمرت تمشط شعره بأناملها وهي تقول بطفولية
((يمكنك النوم.. وما يمنعك؟))
أزاح رأسه عن مرمي أناملها ليقول بحدة
((أنتِ من تمنعيني))
أحزنها نفوره واعتصر الألم قلبها فسكن كل ما فيها في صمت بائس..
قبل أن تقرر أن تعود لتقترب منه هامسة بصوتٍ مرتعش
((أرجوك خدني في أحضانك.. ألم تكن تسمح لي بذلك في البداية؟))
وصله صوته لها بفتور أجوف
((هذا كان فقط في البداية وحتى تعتادي على كل شيء.. انتهى وقت الدلال.. لو كنت غولا يُفترض أن تكوني قد اعتدتِ))
ارتعشت أوصالها وارتجفت شفتاها المتفرقتين فأغلقتهما بخيبة كبيرة تظلل أفاقها.. قبل أن تهمس له باختناق مكتوم متألم
((لا أحد يحبني هنا.. وأنا أتفهم واعرف السبب.. ولكن ليس أنتَ أيضًا))
لم يجبها ولم تشعر بأي حركة صادرة منه.. لا زال كما هو متمددا يعطيها ظهره..
فعادت تقترب منه مرة أخرى متوسلة بصوتٍ مرتعش
((أرجوكَ يا مصعب))
شيء ما أمام رجائها وتوسلها الواهن تحرك فيه ليتبرم لها بنفاذ صبر
((خمس دقائق.. فقط خمس دقائق وبعدها أكريميني بهدوئك حتى أستطيع النوم))
فغر مصعب عينيه يرمش توترا وهو يشعر بها تنقض عليه معانقة إياه من الخلف وتحيطه بذراعيها وتعانق سيقانهما.. تتشبث بها كغريقة..
لكنه تحامل على نفسه وقرر ألا يعترض ويتركها على حالها.. فقط هذه المرة.. قبل أن يغمض عينيه..
أنفاسه المنتظمة التي شعرت بها بعد دقائق جعلتها تهمس باسمه بصوتٍ خافت
((مصعب.. مصعب.. هل أنتَ مستيقظ؟))
وعندما لم تصلها أي إجابة أدركت بأنه أخيرا قد غرق في نومه بعد أن هده إجهاد العمل في المستشفى..
فابتسمت تلك الابتسامة الشقية وهي تحرره وتبتعد عنه قليلا حتى تقلب جسده الثقيل لجهتها قبل أن تعود مكانها وتضع رأسها على صدره تطلع لوجهه النائم بعمق وتتأمله قبل أن تضيع في أحضانه وتغرق هي الأخرى في نوم عميق..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:50 PM   #242

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

عند صلاة الفجر.. في ذلك الوقت المشبع بالسكون والتجلي..
تململ مصعب في مكانه يفتح عينيه بتثاقل قبل أن تتسع عينيه وهو يجد وجهها في وجهه..
رفع احدى حاجبيه وهو يلاحظ أنها تكبله تماما.. كالقردة..
فك وحرر نفسه منها مهمهما وهو يشعر بعظامه تئن ألما من نومه بهذه الطريقة طوال ليلة الأمس..
تنهد وهو يطلع لها نائمة متمددة ببراءة فوق السرير.. لوهلة رمقها بنظرات النفور وكيف تحاول دائما أن تضل ملتصقة به بمجرد أن يعود للبيت..
هو لا يلومها كثيرًا.. فهي هنا وحيدة وخائفة ولا بد أنأهل بيته لا يوفرون أي جهد في جعل حياتها أكثر صعوبة..
كم يجاهد في تذكير نفسه بأنه ليس لها ذنب في أي ما جري ليحيى.. ابن عمه وصديق روحه.. خاصة وهي تقرب قاتله بصلة قرابة بعيدة..
وحتى لو كانت صلتها متينة فلا يظن نفسه قادرا على أخذها بذنبه.. فمهما حاول سابقا معاملتها بقسوة أو ازدراء إلا أنه يتراجع.. لا يستطيع.. رغما عنه..
هو من عشيرة رجالها لا تترك لها ثأرًا.. لكن في عرفه الثأر لا يُأخذ إلا من رجل مثله..
أخذ مصعب نفسا عميقا بينما يمسح وجهه بكلتا يديه.. ثم غادر السرير.. وهي لم تستيقظ إلا قبل طلوع الشمس بقليل على جلبته الصباحية الروتينية التي افتعلها وهو يجهز نفسه للخروج لعمله في المشفى..
فنهضت بتثاقل تفتح إحدى عينيها وهي تقول بصوتٍ أجش ناعس
((هل أعد لك الفطور؟))
أجابها وهو يرتدي ساعته على عجل
((لا ليس هناك متسع من الوقت..))
اعتدلت من مكانها واقفة تتجول في الغرفة بتيه ريثما ينهي تجهيز نفسه..
وما إن وقف أمام مرآة منضدة الزينة يلقي نظرة أخيرة على مظهره قبل الخروج حتى حسمت أمرها مستجمعه قوتها ثم خطت بالقرب منه بتعابير مترددة هادرة
((مصعب هناك أمر عليّ إخبارك به))
تخشب مكانه والتفت ينظر لها فسارعت تشيح بنظرها عنه كأنها لا تريد مواجهته..
حلت الجدية ملامح وجهه وضيق عنينه قائلًا بحزم
((ما هي المصيبة التي قمتي بها؟ وجهك لا يبشر بالخير))
رفعت وجهها تسارع هزه بالنفي وهي تقول
((لا لم افعل أي شيء.. بل كنت أريد إخبارك بأن زوجة أخيك أخذت مفتاح جناحنا))
اتسعت عيناه باستهجان متقد بكل ما فيه وتساءل
((كيف أخذت مفتاح الجناح؟))
هزت كتفيها وهي ترد ببساطة
((يعني أخذته.. قالت بأنها فعلت ذلك حتى تستطيع فتح الباب صباحا عندما لا استيقظ على طرقها للباب))
عقد حاجبيه يستفهم منها
((إذن مفتاح جناحي معها الآن؟))
ردت عليه ببراءة
((لا أدري.. قالت ستعطيه لوالدتك))
رأته يومئ برأسه بتفكير وبدت عينيه متوعدتين وهو يتمتم لها بصوتٍ خافت
((حسنًا سأتفاهم مع أمي))
استدار للخلف لتعاود القول
((مصعب هناك أمر أخر.. لا أريد أن انزل للأسفل.. فبعد ما حدث في الأمس.. أعني..))
ارتبكت في أخر كلماتها فبترتهم وهي تراه يطالعها بوجه خال من التعابير..
تحرك حلقها وأخفضت وجهها.. إلا أنه قال بصوتٍ حيادي
((حسنًا فهمت سأتحدث أيضًا مع أمي بهذا الأمر))
ثم استدار مغادرا نحو الباب فلحقته بلهفة متفاجئة مِمَّا قاله لتسأله بخشية
((ماذا ستخبر والدتك؟ هل ستغضب مني؟))
ابعد يديها التي تمسك ذراعه بنزق ثم نظر لها يجيبها باقتضاب
((لن تغضب امي..))
وفي نهاية كلامه قام بإخراج إحدى المفاتيح من سلسلته التي يضعها في محفظته.. فتناولته منه وهي تسمعها يقول
((وخدي مفتاحي واغلق الباب خلفي ولا تفتحيه أبدًا وأنا سأقوم بأخذ المفتاح الأخر منها))
وقبل أن يخبأ محفظته عقد حاجبيه متسائلا وهو يتفقد جيوب بنطاله
((لحظة.. هاتفي ليس هنا.. هل أخذتيه؟))
فغرت شفتيها شاهقة كمن تذكر شيء وهرولت للداخل ثم عادت خلال ثوان تناوله الهاتف هادرة
((ها هو لم ألمسه أبدًا منذ أن جئت من الأمس))
تسلم الهاتف منه بوجوم وفتح شاشته يقول وهو يرفع حاجبيه
((جيد.. لهذا شحنه كما هو من الأمس تقريبا))
عقدت يديها خلف ظهرها ورسمت له تلك الابتسامة المشاغبة المعتذرة عما تفعله أحيانا وفي ذات الوقت لا تعده بالتوقف عن ذلك مستقبلا..
فطالعها بامتعاض مضيقاً عينيه قبل أن يقول بصوتٍ خفيض مقتضب وهو يفتح مقبض الباب
((ألا تملين من تنزيل هذه الألعاب بعد كل مرة احذفها؟ كم مرة عليّ أن أعيد عليك بأني لا أحبك أن تلمسي هاتفي؟ لا تجبريني على تغيير رقمه))
هزت وجهها مبتسمة ببشاشة وفي عينيها الصافيتين وميض تحدٍ سافرٍ خفي بأنه لن يفعل ذلك.. لوحت بيديها له مودعة برقة
((إلى اللقاء يا زوجي العزيز))
أغلقت الباب خلفه فسارع خطواته ينزل الدرج الذي يتوسط الصالة..
وقف أمام غرفة والديه مترددا في طرق الباب خاصة في هذا الوقت المبكر..
لكن اختصرت عليه والدته وهي تبادر بفتح الباب لتقول بدهشة وهي تراه واقفا أمامها
((ألم تذهب لعملك بعد يا مصعب؟))
رد عليها بهدوء
((صباح الخير يا أمي.. نعم سأذهب الآن لعملي ولكن..))
رفعت زاهية حاجبيها تسأله
((هل هناك شيء ما؟))
تنحنح مصعب يجلي صوته قبل أن يقول
((لكن كنت أريد قبل ذلك أريد الاستفسار منك بخصوص أخذ زوجة أخي مفتاح جناحي من نورين))
بهدوء ووقار أومأت له وأجابت
((نعم بالفعل لقد أعطته لي.. وقالت بأنها فعلت ذلك لأن زوجتك تتعمد صباحا عدم فتح الباب لها))
انعقد حاجباه ولم يستطع منع نفسه من أن يظهر الضيق والاستياء وهو يقول
((أمي ليس من اللائق أن يكون مفتاح جناحي مع أحد أخر غيري.. تعرفين أن المساس بخصوصيتي يثير حفيظتي.. حذري أم فهد من عدم تكرارها مرة أخرى))
بالكاد استطاع مصعب أن ينهي حديثه عند هذا الحد دون أن يفرط أو ينفعل على ما فعلته زوجة أخيه أكثر..
فالجميع يعرف هنا بأنه لا يحب أن يتجاوز أحد خصوصياته أو محظوراته الشحيحة..
وتفهمت والدته هذا الأمر جيدا فأخبرته بهدوء وهي تهم بالاستدارة
((حسنًا.. لا تقلق.. سأجلب المفتاح لك))
عادت تدلف لإحضار المفتاح ثم ناولته إياه ليقول لها بعد لحظات يعلمها
((أمي طلبت منها ألا تغادر جناحها اليوم))
أمعنت النظر في ملامح وجه ابنها تسأله باستغراب
((لماذا هل هي مريضة؟))
تطلع لها بثبات يجيبها
((لا أريدها أن تنزل اليوم ولا في أي يوم أخر.. القائمين على أعمال المنزل يستطيعون القيام بواجبهم تجاهه على أتم وجه دون الحاجة لها.. صحيح؟))
ظهر العجب على وجهها وهي تقول باقتضاب
((نعم أنتَ تقصد بأنك لا تريد منها أن تساعد في أعمال المنزل أو المطبخ؟))
قال مصعب لها بتفسير
((لا أظن بأنك تجبرين أي من نساء إخوتي على العمل في المنزل.. وأيضا..))
عبس وجهها وسألتها بحدة
((وأيضا ماذا تأمر يا مصعب؟))
ابعد تواصل العينين وأجاب بنبرة ذات مغزى
((أريدها بكامل طاقتها في أخر الليل يا أمي لا وجها باهتا وجسدا منهكا.. فقط لا غير))
تشتت نظر والدته بحرج بالغ وقالت متفهمة
((حسنًا.. لا تقلق))
انتظر للحظات ثم سألها قبل أن يستدير
((سأذهب الآن.. هل تريدين شيء أخر؟))
باغتته امه بسؤال متردد
((هل هي حامل؟))
توقف مصعب مكانه وأغمض عينيه بضيق ثم أجاب دون أن ينظر لها
((لا أمي ليس بعد..))
أومأت زاهية برأسها بخفوت وهي تدعو أن يرافقه الله بالسلامة فرد عليها السلام وغادر متابعا الطريق أمامه خارج منزله..
في حين تشجعت رتيل التي كانت تراقبهم عن بعد أن تتقدم من حماتها متسائلة بفضول
((صباح الخير.. هل هناك شيء يا عمتي؟))
التفتت لها منتبهة على وجودها لتأمرها بهدوء وهي تغلق باب غرفة نومها خلفها
((لا أبدًا.. اصنعي القهوة الصباحية لي ريثما أتأكد من استيقاظ مالك ليشاركنا إياه أنا والحاج))
عدلت رتيل وشاحها المرخي وهي تقول بابتسامة متكلفة
((من عيوني سأعدها الآن))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:51 PM   #243

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

وقفت زاهية أمام غرفة مالك تطرق بابه بهدوء..
عاطفة الأمومة الجياشة فيها لا تفرق بين أبنائها الخمسة.. ولطالما اعتبرت أن لكل منهم ذات المحبة والمقدار..
لكن بحكم أن التؤام مالك ومازن كانوا أصغر أبنائها وأحوجهم للاهتمام والرعاية بصغرهم مال قلبها وحتى الآن لهم هم دونا عن إخوتهم..
ولأن مازن ومنذ سنوات سافر مغتربا عنهم ويقصر في سؤاله معها لا يظل عندها إلا مالك الذي تحب مجالسته في أوقات فراغه..
عندما لم تجد أي رد من ابنها هتفت باستغراب وصوت أعلى
((مالك.. هل أنتَ مستيقظ؟ مالك!))
كانت تهم بفتح الباب والدخول لإيقاظه لولا أن وصلها صوته الأجش
((نعم أمي.. لحظات.. أنا قادم))
وفتح الباب عليها يطل عليها بشعره الأشعث البُني المائل للأحمر الغامق يفتح فقط إحدى عينيه
((صباح الخير.. لقد عدت للنوم قليلا بعد الفجر.. هل هناك شيء؟))
رق قلبها على مظهره الناعس فقالت له مبتسمة بحنان
((كنت أريد أن التأكد من استيقاظك خشية أن يفوتك وقت العمل))
رفع مالك يده اليسرى ينظر في ساعته ليقول مستغربا
((حقا؟ الأمر فقط أن الوقت مبكر قليلا))
زادت ابتسامتها الوقورة اتساعا وهي تقول
((نعم اعرف أريد منك شرب القهوة معي أنا ووالدك بغرفتنا))
رفع أنامله يمسد جبينه وهو يقول مغمض العينين
((اشعر بصداع حاد.. لذا القهوة فكرة جيدة.. دعيني أغير ملابسي وأنزل))
.
.
كان يعقوب جالسا أمام منضدة غرفة نومه الفاخرة الخشبية حينما قامت زوجته الجالسة مقابله برفع دله القهوة تصب السائل البني شهي الرائحة في القدحين الموضوعين على المنضدة..
تصاعدت صوت طرقات على الباب لتلتفت زاهية سامحة
((تفضل يا مالك))
فتح مالك الباب يدلف للداخل قائلًا وهو يمسك بيده كف يزيد الصغير
((سيدخل يزيد معي.. صباح الخير يا أبي))
توقفت زاهية عما تفعل وتطلعت بعجب لابنها تسأله
((ماذا؟ لم جاء معك؟))
أجاب مالك دون أن تنحسر ابتسامته رغم توتره من الوجوم الذي حل على وجهي والديه
((لقد نام في غرفتي الأمس يا أمي.. هل نسيتِ ما حدث لسمية؟))
قالت بتجهم وهي تتابع مالك يتقدم منهم ويزيح كرسي ليُجلس يزيد عليه ثم ينضم هو معهم
((ولكن.. ولكن ظننت بأنه نائم في غرفة باسم وفهد.. هل كان هناك في الداخل عندما كنت عندك قبل قليل؟))
استشعر مالك بيد يزيد الصغيرة ت بقميصه ارتعاشه.. لا بد أنه ورغم صغر سنه الذي لا يتجاوز الست سنوات إلا أنه يدرك أن والديه لا يحبانه ولا يحبذان وجوده من الأساس هنا في هذا القصر.. وهذا الأمر ألمه بعمق..
نظر مالك لوالدته يجيبها
((نعم أمي.. لقد رتبت له فراشا في الأمس وأيقظته قبل قليل))
انعقد حاجبا يعقوب الذي كان لا يقل سخطا عن زوجته وهو يسال ابنه مستنكرا
((أنتَ تظل يا مالك رجل غريب عنه.. كيف جعلته ينام عندك؟ كان الأجدر بك أن تدعه ينام في غرفة أولاد أخيك إذا كانت امه عاجزة عن الاهتمام به))
نظر مالك لأبيه يجيبه بعبوس
((أبي كان يزيد في الأمس مريضا وخائفا على امه وكان بحاجة لوجودي معه حتى يهدأ وينام بطمأنينة))
انعقد حاجبا زاهية قليلاً وهي تسأله بخفوت مقتضب
((من أين جلبت له ملابسه؟))
هنا لم يتحمل يزيد الصغير نظرات العجوزان له ووجد نفسه يقوم من مكانه ويقف عند مالك يدفن وجهه في قميصه فأحاطت ذراع مالك ظهر الصغير بينما يجيب أبيه
((في الأمس أحضرت لي نجوم من غرفته منامته وملابس وحقيبة مدرسته))
غمغم يعقوب بغير رضا
((تبارك الرحمن قمت بنفسك بمساعدته بالاغتسال وارتداء ملابس مدرسته وحتى تمشيط شعره!))
ثم تمتم بصوتٍ غافت مقتضب كمن يحدث نفسه
((والله لو قيل لي أن افعل كل هذا لاحد أبنائي في صغرهم أو أحفادي لما فعلت.. وأنتَ تفعله لشخص لا يقربك ولا يربطك به أي صلة))
استقام مالك من مكانه يحمل يزيد ويرفع بيده الأخرى وجهه المنكس يسأله باهتمام
((هل أنتَ جائع يا يزيد؟))
قال الصغير بخفوت
((لا أبدًا..))
علا صوت زاهية وهي تقول باقتضاب
((الفطور نجهزه في العادة بعد أن يستيقظ كل أهل البيت.. تكون قد ذهبت للمدرسة التي تعمل فيها يا مالك))
عانق يزيد بيديه رقبة مالك ودفن وجهه في كتفه فناظر مالك والدته بعتاب بينما يخبر الصغير
((تعال لأعد لك شيئا سريعا.. ثم أوصلك لمدرستك))
لقد جعل مالك الصغير يرافقه على أمل التخلص من كل الانفعالات القاتمة التي سيطرت عليه في الأمس ولم لكن يريد من أحد حتى لو كان والديه أن يتسببا بأذيته نفسيا..
فغادر الغرفة مغلقا الباب خلفه دون أن يشارك والديه القهوة.. مِمَّا جعل يعقوب يشعر بنفور حقيقي..
عليه أن يجعل ابنه بدرك بأنه ليس من اللائق لرجل مثله أن يصحب معه طفلا صغيرا لا يقربه بل وينام معه في نفس الغرفة!
فناظر زوجته قائلًا بحدة
((لا يعجبني حاله أبدًا.. متى ينوي ابنك التزوج؟ هل ستتركينه طويلا على راحته؟))
تنهدت زاهية بحزن ثم طالعته تقول بروية
((على رسلك يا حاج.. ما زال في السابعة والعشرين من عمره.. الرائج للشباب هذه الأيام الزواج في سن الثلاثين..))
قاطعها يعقوب يقول بتزمت
((وما لنا في الرائج! أخوته الأربعة.. بل حتى تؤامه متزوج وابنته بعمر ذاك الطفل يزيد.. فلماذا لا يفعل مثلهم؟ دعيه يتزوج وينجب وينشغل مع أطفاله بدلا من أطفال العالم))
وافقته الراي قائلة
((حسنًا معك حق))



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:16 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:51 PM   #244

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

أمسكت رتيل إحدى زجاجات العطر ورشت منه فوق ملابسها بإفراط ثم أغمضت عينيها تستنشق عنق الزجاجة بعمق تملي رئتيها من رائحته الزكية..لقد قررت بان تعتبر نفسها لم تسمع شيء من محادثة زوجها وأخيه المتعلقة بشأن صفات امرأة أحلامه.. ونفضت عنها ذاك الضعف المتخاذل البغيض وها هي تقرر أن تكمل عيش حياتها كما تريد وتستمتع بالخيارات المحدودة أمامها..
لم تلحظ دخول زوجها الغرفة ولم تشعر بخطواته وهو يقول بينما يتطلع لها بوجوم
((لماذا تتعطرين؟))
اجابته وهي تنظر لانعكاس شكلها في المرأة ومبتسمة بثقة وكبرياء
((ستزورنا بعض النسوة من صديقات وجارات أمك))
وقف مؤيد مكانه يتأمل ثوبها الضيق وقدها الرشيق بنظراتٍ صامتة طويلة.. يكاد أن يلتهمها بعينيه فقط بملامح لا تعبير لها..
عندما انتبهت رتيل على نظراته رفع نظره لها يقول بجفاء
((هل ستخرجين لهم بهذه الملابس؟))
استدارت رتيل له بتوجس هادرة وقد بدأ الخوف يدب بقلبها من نظراته
((نعم فهي ستكون جلسة نساء فقط))
ضاقت عيناه وهو يقترب أكثر منها قائلا بتهديد واضح
((حتى لو كانت الجلسة فقط للنساء أنا لا اقبل عليك ارتداء مثل هذا الثوب بضيقه وقصره.. فغيريه حالا))
عقدت حاجبيها تقول متبرمة
((ليس ضيقا يا مؤيد وليس قصيرا لا تبالغ..))
أغمض عينيه وهو ينفث نفسًا مكتومًا حانقًا ثم قال أمرا بتسلط
((أذهبي واستبدلي الثوب بأخر محتشم))
رفرفت بعينيها في محاولة عقيمة لتكرر عليه
((ولكن يا مؤيد الجلسة فقط للنساء))
هتف بها بحسم بنظرات حادة
((حتى أمامي لا ترتدي مثل هذه الملابس.. يكفي نقاشا إلى هنا))
تحرك حلقها وهي تبتلع ريقها ثم قالت مستنكرة بصوتٍ أجش
((إذا لم ارتدي هذا الثوب أمامك أو أمام النساء في مجلس أمك.. لمن سأرتديه إذن؟))
أجابها بصوتٍ فاتر
((لا ترتديه أبدًا واحرقي هذه القطعة أو اتلفيها))
لم تعلم من اجن جاءت شجاعتها وقد اشتعل غضب حرمانها الذي يثور فقالت
((هل تعرف كم ثمنها يا مؤيد لتطلب مني ذلك؟))
إلا أنه رد عليها بهدوء وفتور
((ليست مشكلتي.. ولم يكن عليك الإقدام على شرائها وأنتِ تعرفين رأيي سابقا بهذا النوع من الملابس..))
ثم استرسل كلامه وهو يشير لوجهها
((وزينة وجهك أزيلها))
رفعت أناملها لثغرها تقول باقتضاب
((لا أضع إلا حمرة شفاه))
أخبرها بنفس تسلطه المستبد
((لونها فاقع.. لا أحب أن تضعي أي شيء على وجهك أمامي فكيف تريدين مني أن اسمح لك الخروج لهم بهذه الهيئة!))
ثم دلف للداخل تاركا إياه بكل حنق العالم فقامت بإمساك زجاجة العطر وقذفها أسفل قدميها لتتكسر لشظايا متنافرة متمتمه بحنق وهي تتهاوى جالسة على سريرها
((لن اخرج لهم إذن وسأظل في غرفتي هنا))
ما إن عاد مؤيد عن نظر أرضا للشظايا الزجاجية ثم طالع ملامحها الممتعضة بنظرة عدائية يقول
((نحن متزوجان منذ سبع سنوات ولسنا حديثي الزواج حتى تتصرفي وكأنك مصدوم من طباعي.. زوجتي أنا لم أتزوجها لتبهر وتعجب الأخرين.. حتى لو كانوا نساء))
وبدون لامبالاة داس بحذائه المنزلي فوق صرير الزجاج ليعود للداخل..
في حين هي تراجعت لتستند بجسدها على ظهر السرير تفكر بامتعاض.. بأنها لا تفهم زوجها.. أليس هو رجل حاله كحال الرجال؟
إذن لماذا لا يحب.. بل لا يقبل أن تظهر أن تتزين ولو كان وحيدان!
ألا يحب أن يمتلك زوجة مبهرة وجميلة ولو لنفسه؟
اجتاحت العدوانية عينيها..
فلم قد يهتم بامتلاك زوجة مبهرة إذا كان يتلاقى مع نساء أخريات متبرجات وسافرات يعوضنه عن هذا الأمر!
كان يقول بأن كل ما بينه وبين النساء هي علاقات عمل؟
الأحمق.. وهل يظنها ابنة الأمس لتصدقه!
لم تنتبه رتيل جراء شرودها من الطرقات فوق بابها التي كانت تتزايد.. حتى فُتح الباب بحذر وطلت من فتحته دارين تتساءل بخفوت
((هل هناك أحد هنا؟ زوجة عمي رتيل أين أنتِ؟))
فتحت الباب اكتر باستغراب وهي تراها تجلس على السرير وتضم ركبتيها لصدرها ونظراتها الشاردة غارقة بعيدا عن كل ما حولها..
دلفت للداخل تقترب منها هي وابنة عمها هدى الصغيرة لتقول بصوتٍ جهوري
((امرأة عمي ماذا تفعلين؟))
جفلت رتيل وانتبهت على وجود دارين لتنتفض مكانها قائلة باعتراض
((كيف دخلتي هنا بلا اخذ الإذن؟ هل أنتِ صغيرة؟))
هزت دارين كتفيها ببرود وقالت
((جدتي تنادي عليك وتقول لك أسرعي))
تنحنحت رتيل تجلي حنجرتها قبل أن تقول وهي تخفض قدميها أرضا
((حسنا أنا قادمة.. وأرتدي أي شيء من الخرق البالية التي امتلكها واخرج))
أومأت دارين بهدوء وهي تكتف ذراعيها وتراقبها تنهض من مكانها وتقوم بتكنيس الأرض من الأرض.. وعندما انتهت رتيل من التنظيف وطالت مدة الصمت..
حدجتها رتيل بنظراتها الواجمة بانتظار مغادرتها.. فظهر التردد على صوت دارين وهي تسألها
((هل غادر أبي؟))
أجابتها ببساطة
((نعم غادر.. لقد انتهت عطلته))
رمشت دارين بعينيها وقالت بحزن
((أي عطلة هذه.. وهو لا يأتي لهنا إلا كل عدة أشهر.. ولا يرد على اتصالاتي إلا ما ندر))
رق قلب رتيل قليلا لابنة الاثني عشر عاما الحزينة أمامها فقالت لها بتعاطف حاولت عدم إظهاره
((إن والدك رائد من الطبيعي ألا يكون متفرغا لك بشكل دائم))
حدجتها دارين بضيق وهي تقول بامتعاض
((نعم بالتأكيد لن يكون متفرغا لي بشكل دائم ولا حتى بشكل نادر.. سينسى أساسا ملامح وجهي من قلة رؤيته لي..))
بترت دارين نهاية حديثها وهي تطالع عمها يخرج بينما يجفف شعره المشغول لتهتف له بحماس
((عمي مؤيد.. كيف حالك؟))
ضحكت هدى الأخرى بطفولية وهي تهرول باتجاه عمها الذي حملها فتعلقت بعنقه واحتضنته متمتمه
((اشتقت لك يا عمي))
ابتعدت عنه ترى وجهه ليسألها بابتسامة بشوشة
((كيف حالها أميرتي هدى؟))
بللت رتيل شفتيها بلسانها وهي تراقب المشهد أمامها بتعابير متجهمة بشدّة تعلن عن شجار زوجية على وشك الاندلاع بينهما..
فهو لا يهتم بولديه الاثنين بمقدار ما يهتم بابنتي أخوته..
مسدت هدى جديلتها وهي تشعر بعدم ارتياح بسبب تلك الأربطة الوردية التي تُصر والدتها على تزينها بهم بينما تتساءل
((عمي هل أنتَ متفرغ الآن؟))
أخفضها مؤيد أرضا وهو يقول لها
((لماذا؟ هل تريدين أن اذهب بك أنتِ ودارين لشراء بعض المثلجات؟))
قفزت هدى موافقة بفرح في حين أبدت دارين الحماس وهي تقول قبل أن تغادر مهرولة
((نعم ساحب ذلك.. سأذهب لأتجهز))
بمجرد أن غادرت دارين وهدى لتغير ملابسهن حتى وقفت رتيل من مكانها تقول لزوجها
((انتظر يا مؤيد لأنادي على باسم وفهد ليأتيا معك))
نظر لها يقول بتجهم
((لا تناديهم لا أحب اصطحابهم لمكان فهما مشاكسان سأقوم بأخذ الفتاتان فقط))
اتسعت عيناها ثم قالت مستنكرة
((مشاغبان! انهم مسكينان.. أرجوك يا مؤيد دعني أناديهما لتأخذهم أصدقني سيحزنان لو عرفا بأنك أخذت ابنتا أخويك ولم تأخذهما مجددا))
تمتم لها وهو يغادر جناحها متجاهلا إياها
((اسكتي يا امرأة))
تقبضت يدا رتيل غضبا ودمدمت بغل بعد أن رحل
((تبا لك يا مؤيد))




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:16 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:52 PM   #245

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في النادي.. حيث تجلس سهر مع والديها حول طاولة دائرية يتناولون احدى الوجبات الخفيفة..خرج صوت تمارا حانقًا مستاءً
((ها قد جاء خطيبك المبجل يا سهر))
رفعت سهر وجهها وما إن رأت الرجل القادم حتى استقامت واقفة تقول له بلهفة وحرارة
((مرحبا يا قصي.. لقد تأخرت))
بادلها قصي ابتسامته الجذابة قائلا وهو ينظر لها ثم لوالديها
((مرحبا يا سهر.. مرحبا يا حمايّ الحبيبين.. كيف حالكما؟))
أومأ والد سهر بكلمات الحمد لقصي مبتسما ببشاشة في حين تمتمت تمارا من بين أسنانها المطبقة
((مرحبا يا صهري العزيز.. لم أراك منذ أخر مرة كنا نتحدث بشأن تحديد حفل زفافكما))
انتشر التوتر على ملامح وجه قصي.. كما كل مرة تلح تمارا بتعجيله للزواج.. إلا أنه قال بابتسامة مرتبكة مجاملة تواري تذبذب صوته
((نعم صحيح.. أنا انشغلت قليلا في عملي بشركة عائلتي.. ولكن أعدك أن أعوض عن هذا التقصير))
كانت سهر تحدق بأمها بصدمة من طريقة كلامها مع خطيبها بهذه الطريقة المهينة..
إلا أنها حاولت أن تحكم سيطرتها على الموقف ورسمت ابتسامة تخفف من وطأة كلمات أمها الجلفة.. لتعقب في حرج وهي تشير للمقعد الفارغ بجانبها
((اجلس هنا يا قصي))
نظر قصي لوالديها يسأل بتهذيب بعد لحظات تردد
((سأحب أن اجلس هنا ولكن هل يمكن أن اسرق سهر منكما لدقائق قليلة؟))
ساد صمت مطبق بينهم وتمارا ترشق قصي بنظرات طويلة قبل أن تجيبه مستمرة باستفزازه
((اجلسا حول تلك الطاولة أمامنا.. كما تعلم حتى لو تم عقد قرانكما فلا يعني أن تأخذا راحتكما وكأنكما متزوجين))
اضطربت ملامح قصي بمزيد من التوتر إلا أنه قال مبتسما بامتنان وحرج
((شكرا لك يا حماتي الجميلة))
تقدم قصي نحو احدى الطاولات أمام طاولة والدي سهر.. ثم أزاح كرسي لسهر لتجلس عليه وجلس هو مقابلها..
كانت سهر تشعر بإحراج بالغ من كلام وتصرف أمها مع خطيبها أكثر منه..
لم تعد أمها أبدًا تعامله بألفة وتودد كما الماضي في بداية خطبتهما عندما كانت لا تفكر بشيء إلا استمالته واسترضائه..
تنهد قصي جالسا وشبك كفيه ببعضهما فوق الطاولة وهو يتساءل باهتمام
((كيف حالك يا باربي؟ وكيف حال صحة والدك؟))
تململت بمكانها ثم أسندت رأسها بكفها وهي تجيبه منتشيه ببهجة
((بألف خير وأبي حالته بحمد الله حالته مستقرة هذه الايام.. وأنت؟))
غمغم قصي بكلمات الحمد سعيدا للنظر لخطيبته التي يشبه وجهها شكل لعبة "الباربي" ثم طلب لها كأس عصير وله فنجان قهوة بينما يثرثرا بمواضيع عامة قبل أن تقول له من بين حديثها وهي تقلب الثلج في كوب العصير
((اليوم سأزور صديقتي لأرى مكتبها الجديد.. والدي سيوصلانني لهناك لأجلس عندها لمدة قصيرة))
عند ذكر سهر سيرة صديقتها رفع قصي وجهه لها متجهماً عاقداً حاجبيه قبل أن يصدر عنه تأوه مندهش
((أوه فعلا؟ تلك صديقتك المفضلة.. ما اسمها؟))
خرج سؤاله في أخر الجملة بلامبالاة ظاهرية تخفي ترقبه للإجابة لتخبره اسمها
((شيري))
ظهر تمثيل قصي فاشلا تماما وهو يبدي الذهول بينما يقول متظاهرا بأنه تذكرها الآن
((أوه نعم شيرين تلك.. نعم.. تذكرت.. المهم ما هو اسم الشركة التي تعمل فيها؟))
هزت كتفها وهي تجيبه بعفوية
((تعمل في شركة القاني بالفرع الثاني والقابع في مدينتنا.. لقد ترقت لمرتبة مشرف.. هل سمعت باسم الشركة سابقا؟))
رفع حاجبيه وهو يتابع أسئلته الفضولية بصوتٍ خالٍ من أي حماس
((أوه نعم بالتأكيد.. هل انتقلت حديثا للشركة في هذا المنصب؟))
((لا هي تعمل في شركة القاني من بداية تأسيس هذا الفرع هنا.. لكن انتقلت إلى القسم الأخر فقط مؤخرا بعد أن حصلت على ترقيات متتالية))
ارتعاشه طفيفة سرت في جسده مما سمعه لم يظهرها.. بل أنكس نظره الشارد بإماءة من رأسه متمتمًا
((مبارك لها المنصب.. لا بد أنها تستحقه))
واستمر في شروده عابسًا وكأنه يفكر بحل معضلة ما..
فإذن شيرين تعمل في نفس شركة القاني معه.. ولم يسبق وأن رآها في الشركة لأنها كانت تعمل في مبنى وقسم أخر..
عليه أن يكون أكثر حذرا من الآن وصاعدا حتى لا تعرف علاقته بسهر.. والا سيتم كشفه بسهولة..
لم تنتبه سهر على القلق الجلي في وجه خطيبها وهي منتشيه بالحماس بينما تتحدث عن شيرين
((نعم هي تستحقه حقا.. فقد بدأت عملها في شركة القاني قبل سنوات كموظفة خدمة عملاء على احدى مشاريع الاتصالات.. وبعد مرور وقت من التحاقها بكوادر الشركة وبناءً على مؤشرات الأداء الفعلية خلال تلك الفترة تم ترفيعها درجة ثم درجة إلى أن وصلت لموقعها الحالي كمشرفة للمكان))
عاد مجددا يشيد بها دون أن يظهره أي من القلق الذي يشعر به
((أوه فعلا؟ هذا جيد!))
((نعم فالشركة تقوم بإتاحة الفرص للكوادر الداخلية للتقديم على الوظائف الشاغرة في جميع الأقسام بلا استثناء بناءً على الجهود المبذولة من قبل الموظفين))
احتسي قصي من القهوة التي صنعتها الماكينة بتلذذ ثم قال متهكما
((أول مرة أجد أحد يمتدح هذه الشركة))
عقدت سهر حاجبيها وهي تسأله
((لماذا؟ شركة القاني تخدم شريحة واسعة من أبناء الوطن بامتلاكها فرعين وتساعد على توظيف وتدريب ما يزيد عن ألف موظف))
همهم قصي لها بشبه موافقة لتستطرد سهر بعبوس وهي تزم شفتيها
((ليتني كنت إنسانة مثابرة وناجحة مثل شيرين.. لكن أنا لا أماثلها حتى بالنصف))
رشقها بنظرات مرحة عرف من خلالها أنها تقصد بكلامها أن يغرقها بالإطراء وينفي كلامها.. فعقب على كلماتها مستنكرا
((لماذا تتحدثين عن نفسك بهذا الشكل؟ وهل هي أفضل منك بشيء حتى لا تضاهيها؟))
تنهدت سهر وهي تسند ظهرها للكرسي ثم قالت بدلال وعبوس
((الكثير يا قصي يخبرونني بأني إنسانة تافهة لا تفكر سوى في الاستمتاع بوقتها أكثر مما ينبغي وهذا ينفر الناس من شخصيتي ويغطي على جمالي))
صدر من قصي صوت خشن مستنكر وهو يقرب منها وجهه
((لا حبيبتي سهر على العكــــــــــس.. أنتِ جميلة كباربي وشخصيتك أجمل))
كلامه جعل ابتسامتها تتسع فقالت مغترة بدلال
((هل حقا شخصيتي جميلة بنظرك؟ لأنني اسمع البعض يقول بأني إنسانة تافهة ومستعرضة؟))
أومأ نافياثم تشدق ببساطة يناغشها متلذذا بحمرة خديها
((لا أبدًا.. وحتى لو كنت كذلك فهذا ليس مهم.. من السهل أن تغيري شخصيتك.. أما الوجه والمظهر الخارجي فلا مساحيق الزينة ولا عيادات التجميل قادرة على تغييره ليماثل جمالك وحسنك أنتِ))
ضحكت سهر بخفوت على كلامه وهي تنظر له بحب متدفق وشعرت بأنها لا تريد إلا أن تبقى معه.. فقد أفسدها بحبه ودلاله بطريقة تجعلها لا تكاد تتخيل حياتها بدونه..
وهو في المقابلة لا يدع شركة عائلتها التي يعمل بها ولا شيء أخر يشغله عن الاهتمام بها.. وكأنها هي فقط محور حياتها وكل ما يهمه في هذا العالم..
صدح رنين هاتفه ليخرجه قصي متمتمًا
((لا بد أنه مدير أعمالي.. سأرد عليه))
فتح الخط وهو يدير ظهره للجهة الأخرى بمنأى عنها ثم أخفض صوته يجيب واهما من يسمعه أن رجل ذو شأن ومكانة..
عقب انتهائه من المكالمة استدار نحو سهر يغمغم وهو يعيد الهاتف لجيب قميصه
((أنا بحاجة للرحيل الآن فلدي عمل))
اخرج بقشيش يضعه داخل القائمة ثم اعتدل واقفا وهو يسمع سهر تقول
((إذن أنا سأغادر الآن مع والدي حتى يوصلاني لشركة شيرين.. إلى اللقاء))
لوح قصي لها مدمدما وهو يراها تلوح له بحب بينما تخطو باتجاه والديها
((إلى اللقاء يا باربي))
====
جلست سهر على احدى الكراسي الموضوعة أمام مكتب شيرين التي سألتها مبتهجة وهي تراها تنظر في إرجاء الغرفة بينما تحبس أنفاسها بانبهار
((هذا هو مكتبي الجديد في مبنى القسم الذي تم نقلي له.. ما رأيك به؟))
التفتت سهر لها تقول بحفاوة وإعجاب
((رائع.. مذهل يا شيري))
جلست شيرين خلف مكتبها منفجرة الأسارير.. ففرحة ترقيها لا تزال تملؤها..
فهي تعمل في الفرع الثاني لشركة القاني التي تدير واحدا من أكبر مراكز الاتصال في المنطقة منذ سنوات طويلة..
ورغم أن تخصصها الجامعي في المحاماة لا يمت أي صلة من قريب أو بعيد لمجال ونوع عملها هنا إلا إنها استطاعت أن تحصل على هذه الترقية بعملها المجد والتزامها وعلاقتها الطيبة مع باقي زملائها..
تراخت في جلستها ثم قالت بابتسامتها المشعة وصوتها المفعم بالحماس
((العلاوة التي أضيفت لراتبي مع هذه الترقية هي المذهلة بحق يا سهر الليالي))
رفعت سهر حاجبيها وهي تقول بنبرة تسلية وسعيدة من أجلها
((من حقك أن تشعري بالفخر وقد ترقيت لرتبة مشرف يا شيري.. كان علينا أن نحتفل بمثل هذا المنصب بشكل أفضل))
أومأت شيرين برأسها موافقة وهي تقول بينما ترسم تلك الملامح المشيدة بنفسها
((أنا فعلا فخورة بنفسي ولأول مرة أكون كذلك يا سهر.. فقد كنت الأجدر بهذا المنصب ومنذ زمن.. لكن يمكنك أن تقولي بأن مدير الموقع السابق كان عائقا في ترقيتي لأنه كان خائفا أن يأتي اليوم وأخذ منصبه وبالتالي كان عليه أن يحيط نفسه بمجموعة من المديرين الفاشلين مثله ممن لا يملكون أدنى فكرة عما يحدث حولهم لكن يخافون بدورهم على مناصبهم.. لكن ها قد ذهب وجاء مدير موقع غيره ورأى بأني صاحبة أفضل مهارات وخبرة لأكون في موقعي هذا))
اعتدلت شيرين في جلستها وبدأت تعود للنظر في الحاسوب أمامها بينما تسترسل بعجلة
((حسنا يا سهر سأعود لعملي الآن بما أنه قد انتهت فترة راحة الغداء بالفعل ويمكنك المغادرة))
حملت سهر حقيبتها واستقامت واقفة قبل أن تنظر باستغراب هي وشيرين عندما تناهى إلى سمعهما صوت رجولي مألوف
((هل جئت بوقت مناسب إذا كانت قد انتهت فترة راحتك؟))
تمتمت شيرين بصوت باهت وعينيها تتشرب هيئة الرجل الذي يلج متقدما مرتديا حلة داكنة
((وليد!))
ابتسم وليد وقال بصوت رائق مبحوح
((نعم يا كحيلة العينين))
زعقت سهر به بغل وانفعال
((اخرس والا القت تهمة التحرش اللفظي بك.. واحتجت إلى محامي ليخرجك من السجن أيها المحامي الأخرق))
اتسعت عينا شيرين وهي تردع صديقتها بصوتٍ خافت
((سهر اخفضي صوتك.. أنتما في مكاني بالعمل ومكتبي مفتوح))
غمغمت سهر من بين أسنانها
((ولكن يا شيري..))
رجتها شيرين هامسة بقلق
((أرجوكِ يا سهر.. أستطيع تدبر امري وحدي.. ولكن لا أستطيع المخاطرة وإثارة أي صوت أو أي جلبة مهما كانت صغيرة.. فأنا لا أريد أثارة أي مشاكل أو أقاويل))
التفتت سهر تنظر لوليد تزم شفتيها بغضب حقيقي قبل أن توجه لنظراته المستمتعة كلماتها المهددة
((حسنا سأغادر المكان.. وأنت الأخر إياك أن تطيل هنا وتسبب المشاكل لها))
اكتفى وليد أن يحافظ على ابتسامته التي تزيد من جاذبيته الرجولية الفارضة لحضورها الطاغي بينما يرى سهر ترحل من المكتب بخطوات عنيفة..
نظر للجهة الأخرى لشيرين التي تسدد نظراتها المشتعلة لحدقتيه مباشرة فكبلها بأغلال نظراته.. لتندلع في الأجواء نيران ذكريات الماضي بينهما لم يخمده إلا صوته قائلا بتسلية
((صديقتك سهر إنسانه لطيفة))
لم تعلق على كلامه الساخر.. اكتفت برمقه بنظرات محتقرة..
مما جعله يتقدم أكثر ليجلس على احدى الكراسي أمام طاولة مكتبها ويجلس واضعا ساقا فوق أخرى هادرا
((في البداية.. مبارك الترقية في عملك))
اخترقت رائحة عطره الرجولي النفاذ مسامات انفها إلا أنها تمالكت نفسها وشعرت بشيء من التأثير إلا أنها ردت عليه ببرود
((بدون مقدمات أخبرني لماذا جئت.. الم أعلمك أني أريد أن يكون كل تعاملك مع المحامي الخاص بي؟ هل تريد أن أقاضيك لمجيئك لمكان عملي؟ فما تفعله الآن لا يمكن أن أتهاون به.. لا أتهاون بأي شيء يمس سمعتي أو عملي))
رفع حاجبيه وهو يقول لها باستمتاع
((يبدو أن زياتي أزعجتك))
ردت عليه على الفور
((نعم كثيرا))
صمت قليلا وشبك أنامل يديه ببعضها ثم قال بهدوء
((ألا خطط مستقبلية لك في العمل بالمحاماة المجال الذي قمت بدراسته في الجامعة؟))
((لا.. فكل ما يتعلق بالمحاماة وما درسته في الجامعة نسيته كليا بعد مرور أكثر من عقد على تخرجي.. ولا أفكر إلا أن أبقى موظفة هنا في شركة القاني.. فيها أمان وظيفي وتأمين صحي وضمان اجتماعي وعلاوات.. ماذا أريد أكثر؟))
همهم لها وليد وهو يومئ برأسه.. فطالعته بعينيها الكحيلتين وجعلت أطراف رموشها تغطي جزء من نظرتها وهي تقول
((هل من المنطقي أن تحرض موكليك ليعودوا ويرفعوا عليّ مجددا تلك القضية التي يطالبوني فيها بدفع مبالغ طائلة من اجل عملية قد يحتاج ولدهم أن يقوم بها بالعشر سنوات القادمة؟))
ضحك وليد لملامح الامتعاض على وجهها وقال متهكما
((لقد اصطدمت بابنهم ومن حقهم أن يحصلوا كل التعويضات اللازمة ليضمنوا حق ابنهم وان يعود كما السابق بلا أي خدش))
تغضنت ملامحها وانعقد حاجبيها لتهتف بغضب
((هذا عندما يكون الخطأ كليا يقع على عاتقي لا على ابنهم.. فقد كنت استخدم حقي في الطريق استخدامًا مشروعًا ولم أقع في أي تقصير أو مخالفة تحملني جزءًا من المسؤولية في حادث الدهس))
قال وليد بابتسامة متلاعبة
((صحيح معك حق.. لكن أنتِ تعرفين يا كحيلة العينين أنه وللأسف حسب قانون السير المعمول به في بلادنا فإن السائق يتحمل دائما مسؤولية وقوع حوادث السير بشتى أنواعها عندما يكون هو مركبته طرفا في هذه الحوادث))
ردت بعصبية حانقة
((نعم اعرف.. وربما هذا ما جعل بعض الأشخاص يستغلون هذا القانون بافتعال حوادث مصطنعة))
قال لها وليد ببساطة مستفزة
((ولكن موكليّ على حسب رؤيتي فهم ليسوا من الممتهنين لهذه المهنة.. كل ما في الأمر أن ولدهم كان يركض بالشارع بتهور واصطدم بسيارتك أنتِ دون غيرك.. لسوء حظك.. وعائلته قررت أن تستغل ما حدث والمسؤولية التي تقع على عاتقك كسائقة مهما كان سبب الحادث لاستنزافك حتى أخر رمق فيكي وحتى يحصلوا على تأمين دهسه من شركة التأمين))
تهاوى التحدي عن ملامحها وأخفضت وجهها غمغمت شيرين بصوتٍ واهن متألم ظلما
((قانون مجحف.. هناك الكثير من السائقين الذين لا ذنب لهم))
اخذ وليد نفسا من بين شفتيه مفكرا قبل أن يقول
((أتفهم معاناتك فهنا يتم التعامل بنص القانون لا بروحه))
أطرقت شيرين رأسها وهي تصر على أسنانها..
لماذا لا يتحمل المشاة مسؤولية كاملة كما السائق عندما لا يلتزمون بقانون المشاة المتعلق باستخدام الأماكن المخصصة لهم؟
أدار وليد عينيه في الأجواء قبل أن يقول عارضا بنبرة ذات مغزى
((هل تريدين أن تشكي لي عن الظلم الذي تشعرين به إزاء القضايا المرفوعة لك كصديق.. بعيدا عن كوني محامي الطرف الأخر))
رفعت شيرين وجهها عند عرضه هذا وتصلبت ملامحها واشتدت نظراتها حتى بدت كصقر جارح وهي تقول
((لا.. ليس لدي أي شكوى.. وإن كان فأنا لا أشكو.. ففي الشكوى انحناء.. وأنا نبض عروقي كبرياء))
ثم أعقبت كلامها أمرة
((والآن أكرمني برحيلك.. ولو سمحت فليكن كل حديثك بشأن القضية مع محامي الخاص.. فأنا لم اعد شيرين القديمة التي كنت تظهر في حياتها من حين لأخر فقط لتظهر جبروتك وبأنك قادر على كسرها وذلها))
رفع حاجبه ليقول مبتسما بنبرة جليدية مستفزة
((لقد كنت انتقم منك لخيانتك.. كنت عاشق مطعون بكرامته وحبه.. تخبطي جعلني افعل أي شيء في سبيل وقف نزيف قلبي.. حتى لو كان إضرام النار فيكِ))
ارتعش شيء في داخل شيرين..
وذاكرتها تعود لذلك اليوم الذي كانت تحلم فيه بالزفاف كأي فتاة.. وتكوين أسرة هي سيدتها مع من اختارته واختارها شريكة لحياته..
قبل أن تصل تلك الرسائل له ولعائلته..
هي لم تنسَ شيء من انتقامه وما فعله بها على مدار السنوات وما جعلها تمر به..
فقالت بصوتٍ قاسي رغم تحشرج صوتها
((وما فعلته بي كان انكى من حرقي حية يا وليد بتركي في يوم زفافنا والزواج من امرأة أخرى أمام كل من كان من المفترض أن يحضر زفافك بي))
ثم استرسلت كلامها باختناق
((يا ليتك اكتفيت بذلك.. لكنك حرصت على أن تشوه سمعتي وأخلاقي أمام كل من في القرية ونشر تلك الرسائل وخصوصياتي.. رغم أن ما فعلته لم يكن خيانة إلا من وجه نظرك وحدك.. أما من وجهة نظري لا.. فقد كتبتها في وقت كنت اعتبر نفسي منفصلة عنك))
قال وليد لها بصلابة وثبات
((لقد انتهى وقت العتاب والحديث في موضوع مرّ عليه سنوات طويلة.. فكما سبق وقلت لك سأعود لك عندما يشفى قلبي مما فعلتيه بي.. وأظن بأن هذا الوقت أتى))
ظلت مشدوهة النظر له للحظات!
هل يظن أنه يمكنه أن يعود بهذا البساطة بعد أن دمر حياتها حرفيا؟
هل يظن أنها يمكن أن تنسى وبكل بساطة ما عانته من الأم وأوجاع نفسيه عندما تركها في نفس اليوم المقرر لزفافهما في ظل ظلم كل من القرية لها؟
ألا يعرف بأنها آنذاك ظلت حبيسة منزلها لأشهر طويلة بمعزل عن البشر بسبب المضايقات الاجتماعية التي تعرضت لها ولتجنب أي كلمات أو مواقف تقلل منها وتنال من سمعتها..
بل وما قد تسبب لها بصدمة نفسية عندما أعلن زواجه بنفس اليوم من أخرى غيرها..
ما نالته منه وتسبب بنظرة سوداوية تجاهها.. وقلل من فرصة زواجها مرة أخرى..
بسبب ما فعله بها وتزامنًا مع وفاة والدتها من المرض والحزن عليها قرر والدها الرحيل من القرية والانتقال لمكان أخر في المدينة بلا أي أملاك أو أموال تاركا منجرته ومصدر رزقه الوحيد هناك..
كل هذا فقط ليرضى وليد بانتقامه ورد كرامته المزعومة منها..
لم تجد إلا أن تتمتم متسائلة بنبرة ساخرة مريرة كالحنظل
((ماذا! نعود؟ هل أنتَ مجنون؟))
تغضن جبينه وقال بجفاء
((نعم مجنون أنا لأقرر العودة لك بعد ما فعلتيه في الماضي.. ولكني أدركت بعد مرور كل هذه السنوات بأن حكاية قلبي لن تنتهي معك.. ولن أشفى أبدًا منك.. لذا يكفي انتقاما ولنعد بعضنا))
لا تعرف كيف ضحكت بتوتر ضحكة مبتورة قبل أن تقول ساخرة
((أنتَ مجنون يا وليد لظنك بأنك قد تفلت بكل الإجرام الذي فعلته بحقي ثم تطالبني بكل بساطة أن أعود لك وبدون أي نقاش.. لأن هذا لن يحدث.. على جثتي فقط))
هدر لها بجمود
((اعرف أن كلامك يعكس جرحك العميق لما قمت به معك.. لكن آذيتك كانت الطريقة الوحيد لتشفى كرامتي وقلبي على حد سواء وأعود لأتقبلك مجددا في حياتي وزوجة لي.. الآن أنا لا اطلب الكثير.. أريد منا فقط العودة لخط سيرنا الصحيح في الحياة.. للطريق الذي أضعناه في وقت ما من عمرنا دون أن نشعر))
سألته وهي تضع عينيها في عينيه
((وكيف ستقبل كرامتك أن تتزوجني أمام نفس الأشخاص الذين شهدوا الفضيحة المدوية بي؟))
وضع يديه على المكتب وقرب رأسه منها يقول
((أنا لم افضح شيء مما حدث.. كل ما قيل سببه فقط إلغاء زفافنا المفاجئ بنفس اليوم المفترض أن يُعقد فيه.. وكل تلك الألسن ستخرس عندما أعود لك.. أنا سبيلك الوحيد لترد لك كرامتك المهدورة وتعودي للقرية مرفوعة الرأس.. فهم سيطنون بأني لم اعد لك إلا بعد أن تأكدت كذب ما أشيع عنك))
داعبت شبه ابتسامة وجهها وهي تقول
((ومن قال لك بأني اهتم ما يحاكى عني وعن سمعتي في القرية؟ والدي رحمه الله فضل الرحيل للمدينة لهنا منذ تلك الحادث بلا عودة.. ولن يهمني شيء أخر.. وكل ما بيننا الآن هو تلك القضية))
قال لها بفظاظة بصوته البغيض على قلبها
((تعرفين يا شيرين بأن أخر ما أفكر به هو رضاك على العودة رغم أن وجودها سيكون أفضل.. خاصة وأنتِ تعرفين أنه لا خيار أمامك بهذه الظروف التي تعيشينها إلا أن تخضعي لي))
فارت الدماء في عروقها وهي تتلمس التقليل منها في كلامه.. فردعته بصوت مختنق وهي تشدد على كلماتها
((ليس لي رد لك إلا "على جثتي أن يحدث ذلك يا وليد".. أفضل أنا أبقى وحيدة أن أموت على أن يربطني شيء بك))
صوتها المنخفض ونبرتها المجروحة أشعرته بألمها الكامن في داخلها إلا أنه ظل على جبروته وهو يسألها
((ألم تنكسري بعد يا شيرين بعد مرور كل هذه السنين؟ إذا لم أتزوجك فسينتهي بك الحال عجوز وحيدة بلا ولد ولا سند ولا أقارب باستثناء أخوالك الذين لا يزالون يعيشون في القرية ولا يعرفون عنك شيئا.. فأنا لن اسمح لك أني تتزوجي من غيري.. وعمرك يا شيرين لا يسعفك أن تتحدي وتماطلي في شيء سيحدث رغما عنك عاجلا وآجلا))



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:19 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:52 PM   #246

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

منحت شيرين نفسها لحظة واحدة تمتص فيها تلك الإهانة في سخريته قبل أن تقول بصوتٍ ناعم جميل تستفزه رافضة أن تشعره انكسارها
((ولكن أنا بالفعل سأتزوج قريبا.. لذا يبدو منظرك بكل صدق الآن أحمقا وأنت تظن أن لك القدرة أو السلطة في حياتي وقرارتي بعدما فعلته بي))
عقد حاجبيه يسألها على الفور بعدوانية
((ماذا تقصدين؟))
نظراته المظلمة أسرت روحها وفي ذات الوقت أشعرتها بالتشفي..
مجرد حديثها عن زواجها أمامه قلب حاله لهذا الحد..
فكيف عندما يراها متزوجة من رجل غيره.. ويعرف هوية من ستتزوج به!
أنهت شيرين تخيلاتها السادية بحقه وشمخت بذقنها ثم قالت بصوتٍ صلب كالصخور
((يفصلني وقت قصير قبل أن أكون متزوجة بالفعل من رجل أخر رائع..))
داعبت تلك الابتسامة الواثقة ثغره وهو يقول بصوتٍ مسيطر
((أنا أحيط بالفعل يا شيرين بحياتك من كل الجوانب.. ولو كان هناك أي رجل في حياتك أو حاول التقدم لك لم أكن لأجد صعوبة في المعرفة.. فتوقفي عن إغاظتي وادعاء الكذب))
لذة بالتشفي غمرتها أكثر مما سبق وهي تقول مؤكدة
((أنا لا أدعي.. هناك رجل بالفعل تقدم لي وانا وافقت وسنتزوج قريبا))
اندلعت النيران في حدقتيه وهو يقوم من مكانه ويقترب منها مشرفا عليها بطوله المهيب فتضطر أن ترفع راسها كي تواجهه وهو يقول محافظا على ابتسامته اللعينة
بدت عيناه في هذه اللحظة مظلمتان.. لا بل مجرمتان ككل حرف ينطقه
((هل وافقتِ عليه حقا؟ ظنا منك أنك تنتقمين مني بهذه الطريقة؟))
انتشى قلبها بل ضحكت وشعت عيناها برضا انتقامي ثم تمتمت
((يبدو أني أخذتك الآن على محمل الجد إلى حد بدأت أن تظن أن كل صغيرة وكبيرة سأفعلها أو أقولها أنتَ المقصود بها.. على رسلك يا وليد.. حياتي لا تتمحور عليك.. أنا تلاشيت واختفيت من عالم منذ زمن طويل وعليك أن تفعل هذا أيضًا))
خلخل خصلات شعره بأصابعه بتوتر ليقول بابتسامة يكبح من خلالها غضبه الذي على وشك الاندلاع
((من هذا الذي تجرأ على طلب يدك؟ ومِن من قام بطلب يدك إذا كان المتبقي من عائلتك هم أخوالك الذين لا يزالون يعيشون في القرية؟))
بعينين ضبابيتين راقبت هيجان غضبه وأجابتها بهدوء أثار حفيظته
((ليس لك أي علاقة بأي تفاصيل أخرى))
صرخ بها بهياج وهو يصفع كفيه فوق مكتبها
((قلت لك أخبريني من.. من هذا الذي يجرأ على الاقتراب من المرأة التي أريدها))
اهتزت حدقتيها وارتعش جسدها وهي تنظر من خلال الباب المفتوح والفاصل الزجاجي برعب خوفا من أن يتجمع أحد..
عليها ألا تستفزه أو تسمح له بأن ينفعل فهو أكثر من قادرة على التسبب بفضيحة مدوية لها هنا قد تؤثر على عملها هنا..
لم يمضِ الكثير على ترقيتها الجديدة وكل من حولها يتبرص على فرصة ليثبت أنها ليست جديرة بها..
عليها أن تكون أكثر حذر..
وجهت شيرين نظرها له وبحثت عن صوتها في مكان ما بحنجرتها لتستدعيه وتقول راجية بخفوت
((اهدأ.. أرجوك اهدأ.. الباب مفتوح وصوتك عالي))
لم يخفض من نبرته وهو يزعق بغضب مستعر وهو يدور حول المكتب ليقترب منها
((لا لن افعل عندما اعلم أن هناك رجل أخر تجرأ على الاقتراب من ممتلكاتي))
هاجمته شيرين من مكانها بحقد تغلغل بداخلها بقسوة وهي جالسة فوق الكرسي بأسلوب باهت لا مفعول له
((أنا لست من ممتلكاتك ولست حق مكتسب لك))
اهتزت حدقتيه وهو ينحني برأسه ببطء مغمغما
((بل أنتِ كذلك.. وإذا كنت في الماضي تركتك بملء إرادتي فأنا الآن قررت بان ينتهي كل هذا ونعود لبعضنا))
لم يكن أمامها إلا أن تتحامل على الأم الماضي وسياط كلامه بصبر قبل أن تأخذه على محمل عقله وتقول بصوتٍ سقيم
((اخرج أيها الهمجي.. لقد كنت اختلق ما قلته سابقا.. أساسا من سيقبل الزواج بي بعد ما حصل!))
تراجع وليد للخلف وهو لا يزال يطالعها بعينيه محافظا على قسوة تعابيرها حتى قرر أن يقول بصوتٍ سادي مميت
((اعرف ذلك وهذا ما يجعلني أمرر الأمر لك.. لكن إياكِ أن تفكري حتى مجرد تفكير بالأمر يا شيرين))
رمى ما في جعبته ثم غادر المكان كله تاركا إياها مكانها والخوف يسكنها مما قد يفعله..
أغمضت عينيها تهدأ أنفاسها المتزايدة..
عليها أن تعجل في زواجها قبل أن يعلم وليد به ويفسده.. لن تطلع أحد في هذا الزواج إلا قلة القليل قبل أن يتم..




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:20 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:53 PM   #247

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

بمجرد أن شعرت زاهية التي كانت جالسة في حديقة منزلهم بين الزرع والمساحات الخضراء وقع أقدام تقترب منها حتى التفتت لتقول بابتسامة ((كيف حالك يا مصعب؟ هل عدت الآن؟ عافاك الله))
أومأ لها لتعود وتقول لابنها بحنان تدعوه
((ما رأيك أن تصعد لتغتسل ريثما أخبرهم أن يجهزوا لك الآن الطعام وتأكل هنا معي؟ لقد أكلنا على الغداء..))
قاطعها في هدوء وهو يضع يديه في جيبي بنطاله
((أمي لا داعي.. لقد طلبنا أنا وزملائي من احدى المطعم واكلنا هناك كالعادة))
قوست حاجبيها بغضب أمومي وهي تقول بحزم
((لا افهم لماذا يا مصعب لا تحب أن تأكل بالعادة معنا أي من وجبات الطعام.. وإذا ما فعلت فتقتات الفُتات وكأنك مرغم))
لا ينكر مصعب أن والدته في الأشهر الأخيرة باتت تشعر فيه دائما بنظرة أمومية مشعة من عينيها لم يرها بهذا الوضوح من قبل.. ربما لأنها تعرف بأنه أكثر من عني له ابن عمه يحيى! وكان شاكرا لهذا فقال لها بعينين تشعان امتنان
((أمي لا تقلقي عليّ فأنا لطالما كنت معتادا أن اطلب أكلا جاهزا في عملي))
ضيقت عينيها مغمغمه
((ماذا فيه أكل المطاعم لتفضله على البيت؟ عليك الاهتمام بصحتك أكثر.. مؤخرا خسرت الكثير من وزنك..))
اخفض نظره يتطلع لنفسه وهو يجيبها بحنق
((أمي لطالما كنت كذلك ثم إن ما مررنا بها مؤخرا ليس قليلا))
تكدرت ملامحها لتذكيرها مصعب بما حدث فدمدمت بصوت مؤثر
((حسنا فهمت معك حق))
القى السلام عليها ودلف لداخل منزلهم ثم صعد الدرج الذي ينتصف الصالة للدور العلوي إلى حيث جناحه..
فتح الباب ودلف للداخل يغير ملابسه ويأخذ حماما سريعا بروتين يومي معتاد عليه بعد عودته..
كان يجفف شعره بالمنشفة عندما سمع صوت فتح الباب من قبل نورين التي كانت تحمل صينية فيها عدة أطباق الباب خلفها..
تطلعت نحوه ليسألها بتعابير مبهمة
((أين كنت يا نورين؟))
هل طلب أحد منك أن تخرجي من هنا؟)
ارتكبت قليلا واضطربت يديها التي تحمل فيها الصينية فعاجلها بسؤال أخر
((هل طلب منك أحد الخروج من هنا؟))
سارعت تجيبه نافية بلهفة
((لا أبدًا.. بل أنا من خرجت بنفسي.. لقد كنت في منزل سمية.. أنا اعتذر كان يجب عليّ أن استأذن منك قبلا.. لكن ليس عندي هاتف وظننت بأنك لن تمانع لأن بيتها لا يفصله عنا إلا حديقة المنزل الخلفية))
كان الخوف قد أخذ منها كل مأخذ فجأة من ردة فعله وهي تراه يطالعها بوجوم فأشاحت بوجهها جانبا.. هي خرجت لأنها لم تتخيل بأنه سيرفض..
وصلها صوته مدمدما وقد انفرجت ملامحه
((سمية؟ كيف حال يديها؟ حسنا لا بأس))
رفعت عينيها له تسأله بانشداه
((إذن لا تمانع أن اذهب عندها كل حين وأخر؟ فأمك طلبت منها ألا تدخل المطبخ وبالتالي المنزل كله!))
رفع مصعب احدى يديه يمرر أنامله في شعره المبتل بينما يهدر لها بتأنيب مشيرا بعينيه للصينية التي تحملها
((حسنا لا بأس يا نورين.. ولكن ألم تخبريني بانك لا تريدين النزول للأسفل وجعلتني أطلب من أمي ذلك؟ لأجدك الآن قد خرجت من تلقاء نفسك!))
امتلأ وجهها بابتسامة غير عادية وهي ترد بغموض بينما ترفع الصينية التي تمسكها
((أنا فقط أعددت كمية قليلة من الطعام لك لتأكله بعد عودتك للعمل.. طعام مختلف عن الذي صنع للباقي))
جلس على طرف فراش سرير وهو يقول بوجوم
((أنا أنتِ تعرفين أني أكل قبل العودة لهنا))
سارعت تجلب منضدة صغيرة تضعها أمامه قبل أن تضع الصينية فوقها وهي تقول
((صنعت لك الفاصولياء بدون إضافة أي من البصل أو الثوم))
صوب نظراته إليها يغمغم
((لم افهم عليكِ))
اجابته بحماس وهي تمسك يديه وتضع الملعقة
((لقد لاحظت بأنك لا تحب لا الثوم ولا البصل في الأكل.. مع أني لا أدري كيف يمكن صنع وجبة طعام بدون هذه المنكهات.. لكن صنعتها لك بدون إضافتها))
ظهرت الحيرة عليه فدفعته ليأكل قائلة برجاء رقيق
((هيا أرجوك تذوق.. فقط ملعقة على الأقل))
بمجرد أن تناول أول لقمة حتى سألته مترقبة
((ما هو رأيك؟))
ضايقت عينيه وقوس حاجبيه مجيبا إياها بنزق
((لا بأس به))
عادت تسأله بإلحاح
((هل الملح جيد أيضًا؟))
زفر بضيق قبل أن يقول مجددا
((لا بأس به أيضًا))
صدح صوتها مجددا تجذبه لها وهي تقول بلهفة
((أخبرني ما هي الأكلات والنكهات التي تعشقها وسأحاول صنعها بالطريقة التي تحبها))
ثم عادت تسترسل كلامها وهي تشبك أناملها بحماس
((لقد حسبت الملح بالملي.. فأنا اعرف بأن نعمة تطلب منهم أن يعدو الأكل بدون وضع الملح أبدًا من اجل ضغط والدك.. وأنت لا تحب أن تستخدم الملاحة بعد طهي الأكل مثل باقي عائلتك.. لذا هل أعجبك ملحه؟))
كان ينظر لها بملامح مبهمة وهو يراها تتحدث عن ملح ونكهات الطعام بشيء من الشجن.. فأرخى نظراته يبتسم لأول مرة منذ دخل هنا تلك الابتسامة الرجولية النادرة التي تحلي محياه الوسيم وهو يقول
((ملحه جيد.. أستطيع أكله.. أخيرا وجدت منك فائدة واحدة حتى لو لم تكن بأمر مهم))
اغتارت وهي تقول له بدلال
((صدقني أنا مليئة بالفوائد والمميزات.. أنا بحاجة منك فقط أن تعطيني فرصة لأريك إبداعي))
عقد حاجبيه قائلا بهدوء
((لا شكرا لنتوقف عن مسألة الطهي))
أومأت له تقول وهي تحافظ على ابتسامتها السخيفة
((بشكل مبدئي حسنا.. المهم أخبرني ماهي الأكلات الأخرى التي تحبها؟))
ازداد التواء حاجبيه وهو يقول لها مفكرا باختصار
((ليس هناك شيء معين.. هم خمس أو ست أنواع من الأطعمة التي أحبها وأكررها على مدار الشهر))
زمّت شفتيها بإحباط ويداها على حجرها في دلالة إلى يأسها وفراغ حيلتها من عدم مجاراته في الحديث معها.. ثم قالت عابسة
((مهما بدون صعبا لكن لن أيأس أبدًا.. سأحاول بذل جهدي لأسحب البساط من تحت أقدام المطاعم دون أن تشعر أنتَ بنفسك))
عاد يأكل من أمامه دون أن يعطيها أي انتباه أو يتحدث معها..
فشعرت بأن هذا الذي أمامها هو أكثر رجل غامض قابلته.. دخيلته لا يمكن الوصول إليها ولا التكهن بها..
ينظر لكل شيء نظرة لامبالية.. وكأن لا شيء في العالم يمكن أن يثير دهشته..
انتظرته أن ينهي طعامه ليقوم من مكانه ويغتسل في الحمام المرافق بينما يخبرها
((نظفي الطاولة واستعدي للنوم))
فعلت ما أمرها به متنهدة..
عندما أطفأ مصعب النور قامت بالقفز فوق السرير متمددة وهي تمسك أداة التحكم عن بعد تفتح التلفاز مغمغمه
((اليوم نهضت بوقت متأخر لذا سأسهر على التلفاز))
لن تنكر أنه اليوم كان رائعا لعدم اضطرارها للقيام بأعمال المنزل في الأسفل أو في المطبخ.. لقد وجدت وقتا لتقوم بكل ما كانت تريد فعله من ترتيب وتنظيف في جناحها..
رفع الغطاء يضطجع تحته قائلا بصرامة
((أريد النوم.. اغلقيه))
بعناد طفولي رددت
((لا أريد))
فجأة ابعد الغطاء عنه وقام من مكانه.. احضر فراشا وغطاء أخر وبهدوء دلف للشرفة واغلقها خلفه..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:55 PM   #248

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

فاتسعت عينيها وأغلقت التلفاز ثم لحقته تفتح الشرفة هادرة بشيء من الاعتذار والندم
((حسنا أغلقت التلفاز.. لا يوجد شيء يستحق المشاهدة.. عد مكانك))
إلا أنه أعطاها ظهره قائلا بخفوت لوجوده في الشرفة
((اغربي عن وجهي أريد النوم))
فخطت بخفة نحوه وأخفضت نفسها تهمس بأذنه
((حسنا سأحضر غطائي وفراش لأنام بجانبك.. انتظرني))
تحفز يستدير لها قائلا بحزم
((إياك أن تحضري شيء.. ابتعدي فقط))
لف الحزن ملامحها وهي تقول برجاء
((أرجوك أريد أن أكون معك))
زفر مصعب بضيق.. إلا أنه اعتدل واقفا من مكانه وحمل الفراش والغطاء للداخل..
ألقى الفراش أرضا واتجه نحو الثلاجة الصغيرة الموضوعة في الزاوية وما إن فتحها حتى صدح صوته باستياء
((من أخذ كل علب المشروبات الغازية خاصتي؟))
تطلع نحوها بتجهم بالغ ونفاذ صبر في إشارة لكونها المدانة الوحيدة..
فابتسمت له ابتسامة متذبذبة وهي تقول بصوتٍ خافت
((لقد كان هناك الكثير منها فتخلصت منهم.. أنتَ تشرب منهم بإسراف وهذا ليس جيد لصحتك.. أنتَ ممرض وأكثر من تعرف بأن هذه المشروبات تتسبب بهشاشة العظام..))
كان صوتها في نهاية الحديث يخفت تدريجيا حتى بترته تماما وهي تشعر بملامحه تزداد تجهما حتى رفع سبابته محذرا إياها بلهجة شديدة
((إياكِ أن تقتربي من ثلاجتي وما أضعه فيها.. إذا أردتِ أن نضل على وفاق هنا.. هل تفهمين؟))
هزت رأسها على الفور بارتباك ودون أن تنحسر ابتسامتها المتلبكة ثم قالت له تراضيه
((في المرة المقبلة إذا عبأتها سأترك لك علبتين أو ثلاثة))
زمجر بها لترفع كلتا يديها تغلق فمها ليتقدم من السرير دون أن يبعد نظراته الحادة عن عينيها ثم عاد يدفن نفسه فيه..
وبهدوء هي انضمت للنوم بجانبه تغمغم بما قد يلطف الأجواء بينهما
((أهلا بعودتك.. فالسرير بدونك لا شيء))
ثم حاولت أن تقترب منه تقلص المسافة بينهما وهي تراه متمدد مكانه يعطيها ظهره فهدر على الفور بنزق
((وإياك ثم إياك أن تطوقيني بقدميك ويديك كالأمس.. لقد كسرتي ظهري ومرافقي.. والا فخلية النحل التي أريتك إياها في ذلك اليوم سأحطمها فوق رأسك))
تغضن جبينها تقول له مستخفة
((سمية تمر دائما عليها ولا يلمسها النحل.. قالت بإن نحل العسل غير مؤذي))
وصلها رده بفتور
((سنرى إذا ما كان مؤذي أو لا عندما أجربه عليك))
لكزت كتفه بيدها بحنق.. ثم قالت له بضجر
((حياتك مملة.. من المشفى للبيت للنوم.. وفي أيام إجازتك الثلاثة خلال الأسبوع تقضيها في النوم هنا.. ماذا تفعل غير هذا؟ لم أرَ في حياتي شخصٌ هادئ ومنعزل مثلك))
ثم وضعت رأسها فوق الوسادة وهي تشعر بألم حاولت عدم إظهاره..
لم لا يطيقها ولا يحاول الاقتراب منها ليلا أو نهارا.. أنه ينفر منها بطريق تبدو وكأنها رغما عنه.. وكأنه كلما حاول أن يجبر نفسه على الاعتياد عليها يظهر شيء ليمنعه!
وهنا بدأت الهواجس تغمر عقلها..
هل يمكن أن يكون بسبب ما حدث بينهما في أول ليلة؟ هل يمكن أن يكون في واقع الأمر لا يصدقها وما زال الشك ينتابه فيما حدث رغم إدعائه عكس ذلك حتى لا يغرق القريتين في الدماء؟
عند هذه النقطة بتر مصعب سيل أفكارها وفتح عينيه يجيبها هامسا ببرود
((حياتي هكذا فقط منذ موت يحيى))
اختفي الدم من وجهها وهي تسمع جوابه كماء ناري يصب فوق رأسها لتذكر سر زواجهما الذي تجاهد لنسيانه!
ازدردت ريقها ثم تمتمت بخفوت قبل أن تغمض عينيها
((رحمه الله وغفر له))



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:20 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:55 PM   #249

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

ليلا كانت تتقلب شيرين على سريرها بتوتر وأرق وكأنها تتقلب فوق جمر من نار..
رغم إخراجها وليد من حياتها إلا أنه لم يتوانى أن يظهر كل سنة.. أكثر أو أقل.. في حياتها ليظهر جبروته عليها ويذلها..
أخف ما في الأمر أنه عندما حضر إلى مقر عملها الذي ترقت فيه وصار لها فيه منصب كبير.. شعرت بأنها تستطيع أن تجابهه وتكون ندا له!
اليوم وبشكل حرفي كانت مواجهتهما متكافئة على عكس ما كانت عليه عند أول مواجهة لهما بعد رحيلها مع أبيها من القرية..
ضيقت عينيها تجتذب تلك الذكرى المريرة البعيدة..
قبل سنوات طويلة..
عندما كانت تعمل موظفة في دوام جزئي في أحد المطاعم مع سهر.. التي التقت بها أول مرة في حياتها هناك ولم تكن تعرف بشأن خلفية عائلتها الثرية..
كانت شيرين تعمل في غسل الأطباق كالعادة عندما قالت متسائلة
((لا يوجد عمل كثير اليوم.. لماذا يا ترى لم يأتي أي من زبائن لأكثر من ساعة يا سهر؟))
((ببساطة لأنه هناك رجل ما جاء ليحتفل بتخرج زوجته وقام بحجز المطعم كاملا لهما))
زمّت شفتيها ثم قالت بقليل من الغبطة
((حقا؟ كم هو لطيف أن يصدر تصرف مثل هذا من رجل))
تابعت شيرين عملها في غسل الأطباق وتنظيف المطبخ قبل أن تتفاجأ بدخول أحد الموظفين من زملائها يقول أمرا
((المدير يطلب منك يا شيرين أنتِ وسهر أن تقومي بإيصال الأطباق التي طلباها السيد وزوجته لهما))
استدارت له قائلة باعتراض
((ماذا هل جننت؟ وظيفتي هنا أن أقوم بغسل الأطباق في المطبخ لمدة تسع ساعات فقط.. إيصال الأطباق للزبائن هي وظيفتك أنتَ وغيرك ممن يعمل هنا كنادل))
ابتسم الشاب بشماتة قبل أن يقول لها متكتفا
((السيد الذي حجز المطعم أمر أن يتم توصيل الأطباق من قبل الموظفات فقط.. وبما أنه لا يوجد لدينا نادلات هنا فهي مهمتك أنتِ وسهر))
خرج صوت سهر حادًا معترضًا
((اعتذر للمدير وأخبره أن هذا ليس عملنا هنا.. فليوظف أخريات غيرنا للعمل كنادلات))
خرج الشاب من المطبخ ليوصل رد شيرين وسهر للمدير وسرعان ما عاد محملا تحذير مدير عملهم
((المدير يشتعل غضبا وأخبرني إذا رفضتما توصيل الأطباق للسيد الذي قام بحجز المطعم له ولزوجته فاعتبرا نفسكما مفصولتان.. ها ماذا أرد عليه؟))
ضربت شيرين المنشفة الذي كانت تمسكها بالطاولة وهي تقول باقتضاب
((هذا ليس عدلا.. أنا تقدمت لهذه الوظيفة لأنه قيل لي بأن كل ما عليّ القيام به هو غسيل الأطباق دون أن اضطر إلى التعامل مع الزبائن))
قالت سهر له بتجهم وببرود
((اذهب وأخبره أننا لن نوصل أي شيء.. وسنترك العمل هنا بمجرد أن ينتهي اليوم))
هز الموظف كتفيه ببساطة واستدار مغادرا وهو ينوي إيصال ردهما لمديره.. في حين التفتت شيرين بقلق لسهر تقول
((سهر ماذا لو صدق وعيده وقام بطردنا من هنا؟))
أعادت سهر خصلاتها للخلف وهي تقول بلامبالاة
((فليفعل.. وقتها سأطلب السماح من أمي وستعود لتسمح لي بالعيش معها ومع والدي وريثما أجد وظيفة أخرى سأعود لأتمرد عليها مرة أخرى))
عقدت شيرين حاجبيها وقالت بتيه وهي تجلس على احدى الكراسي
((لكن أنا وضعي مختلف.. أنا أعمل هنا من خلف ظهر والدي.. انهما يعتقدان بأني أخرج كل صباح من البيت لأني أتدرب في احدى مكاتب المحاماة ولا يعرفان عن حقيقة عملي.. إذا فصلت من هنا فلا اعرف أين سأجد مكان أو متجر أخر لأعمل فيه دون أن اضطر للاختلاط مع موظفين أو زبائن.. لأنه لو تعرف عليّ أحد بأن اعمل في مطعم فستكون مصيبة))
شعرت سهر بضيقها فقالت وهي تميل برأسها
((إذن هل ستصعدين فوق لخدمتهم؟))
هزت شيرين رأسها بعزم ثم طالعتها تقول وهي تخرج من المطبخ
((نعم.. مجرد دقائق نضع الطعام فيها وينتهي الأمر.. اتبعيني يا سهر))
.
.
بدأت شيرين بحمل الأطباق هي وسهر وإيصالها للزبون الذي كان قد حجز دورا كاملا من المطعم له ولزوجته للاحتفال بتخرجها..
لم تخفِ شيرين بمجرد دخولها المكان انبهارها من الزينة والبالونات التي نُسقت بطريقة مميزة احتفاء بطلب الزبون..
وصلت الفتاتين لطاولة الزبون ووضعن الأطباق من الصينية فوق الطاولة..
غادرت سهر المكان في حين قالت شيرين وهي ترسم ابتسامة رسمية ومرحبة
((هل أنتَ بحاجة لأي شيء أخر يا..))
ضاعت أخر كلماتها في نهاية حديثها وشحب وجهها بينما تلاشت تلك الابتسامة من على وجهها تدريجيا..
عندما رفع الرجل أمامها وجهه بعنجهية.. لم تصدق أنه هو.. وليد..
كانت تنظر له بمقلتين مرتاعتين لا تصدق إلى أي حد وصل بانتقامه منها بينما هو يلتهم ملامحها بهدوء ونهم..
قبل أن يسال وليد زوجته بينما عينيه تفترسان ملامحها باستمتاع ونشوة
((هل أنتِ بحاجة لاي شيء أخر يا حبيبتي؟))
رمقت شيرين بغيظ المرأة الجالسة مقابله تهز وجهها السمح..
عادت تنظر لوليد قائلة من بين أسنانها
((هل هناك أي أوامر أخرى يا سيدي؟))
أخبرها وليد بصوتٍ فاتر أجوف
((أريد منكِ أن تحضري لي الهدايا التي جلبتها لزوجتي ووضعتها عند الزاوية بعد نصف ساعة))
هزت رأسها وهي تقول بوجه يلفه الضيق
((حسنا.. أي أوامر أخرى؟))
غمغم بفظاظة جمدتها
((احتاطي حذرا أثناء حملك الهدية الحمراء الضخمة لو سمحتِ))
شعرت شيرين بنفسها غارقة بالذل وهي تتلاقى أوامره.. ويغمرها الهوان..
دموع حارقة لذعت حدقتيها ولكنها احتجزتهم خلف أهدافها وهي تدرك أنها تخدم الرجل وزوجته التي تزوجها في نفس اليوم الذي هجرها فيه في يوم زفافهم المفترض..
أومأت شيرين بوجهها له متمتمه بخفوت
((حسنا.. لا تقلق))
استدارت على الفور مبتعدة عنه بإعياء ومسرعة الخطى نحو دورة المياه..
أغلقت الباب خلفها مختليه بنفسها لتبكي ذلها لوحدها.. لدقائق..
فقط دقائق تعطي الحرية وتسمح لدموعها أن تنهمر كالأمطار قبل أن تخنقها وتموت..
.
.
استشعر وليد ضيق زوجته أثناء تناولهما الطعام ليرفع رأسه يسألها
((هل هناك شيء يا حبيبتي؟))
اجابته بخفوت وهي تقسم قطعة اللحم أمامها بالسكين والشوكة
((كانت طريقة كلامك مع الفتاتين فيها شيء من الفظاظة رغم لباقة حديثك.. عليك أن تكون الطف مع من هم أقل منك حظا في الحياة))
ضيف وليد عينيه وهو يجيبها بتصميم
((بل علينا يا حبيبتي ألا نعطي أي شخص أكبر من حجمه في هذا العالم.. فيتمرد))
عقدت زوجته حاجبيها معترضة
((ولكن يا وليد..))
قاطعها ينهي النقاش بابتسامة
((يكفي يا حبيبتي تحدثا عن أناس من أمثالهم.. لا أريد أن أفسد يومنا الخاص ومفاجأتي لك بمناسبة تخرجك))
استسلمت لكلامه وهي تعتدل واقفة
((سأذهب لدورة المياه))
أومأ لها وليد وهو يراها تبتعد عن الطاولة تزامنا مع قدوم شيرين التي كانت تحمل الهدايا كلهم هدية فوق الأخرى يكاد يختل توازنها عند مشيها..
وضعت الهدايا فوق كرسي فارغ بغلظة ثم طالعت وليد بازدراء وهي ترفع أحد حاجبيها للحظات بتحد سافر..
كان بإمكانها أن تطلب من سهر إحضارهم.. لكنها أصرت على الاستجابة لأمره وجلبتهم بنفسها.. ثم سألت وليد بثبات تحسد عليه
((هل هناك أي شيء أخر سيدي؟))
أسفت لنفسها أن تعترف أن محاولته لإهانتها نجحت في أن تطولها وأصابتها في الصميم..
أما هو لم يلن قلبه على ما يفعله بها بل اشتعلت مقلتيه بمزيد من الرغبة.. في إذلالها.. فهدر لها بمجرد اختلائهما بصوتٍ متلاعب.. أجش
((كيف حالك يا شيرين؟))
قربت رأسها له قائلة بصوتٍ مرتجف وقد فشلت في إخراجه صلبا
((لماذا جئت خصيصا لهذا المطعم الذي اعمل به رغم أنه لا يتناسب مع مكانة أشخاص مثلك.. هل تنتقم مني؟))
لوى فمه بتهكم يجيب ببطء شديد
((لماذا قد انتقم منك يا شيرين؟ ثأري وقد أخذته منك بعد فضح حقيقتك وتركك في يوم زفافنا.. فماذا بقي لانتقم لأجله؟))
برقت عينيها بشراسة ثم قالت وهي ترمقه باحتقار
((إذن كرر هذا الكلام على نفسك لعلك تدركه.. ودعني في حالي.. لا أريد شيء من هذه الدنيا إلا أن أبقى بعيدة عنك وعن تلك القرية البائسة))
ثم رسمت تلك الابتسامة التي لا تفشل في استفزازه وهي تشمخ بذقنها بينما تقول بعنفوان وكبرياء
((سأتزوج من رجلا أخر ينسيني البؤس وأيامي التي عشتها معك..))
قاطعها قائلا وهو يضغط على كل كلمة تخرج من فمه كالطلقة
((اخرسي.. يا شيرين.. ولا.. تحلمي.. بذلك))
ثم اعتدل واقفا ينفث الهواء كنيران مشتعلة وصرّ على أسنانه بهسيس مخيف لها
((هل تظنين بأني سأسمح لك في الزواج من رجل غيري؟))
تحدته بذروة لا تنطفئ بحدقتيها هادرة
((ولماذا قد احتاج لاذنك؟ ومن أنتَ غير حقير كنت مخطوبة له وتخلصت منه..))
برقت مقلتاه بقوة وهو يميل بوجهه منها
((لن اسمح لك حتى أن تحلمي بالارتباط برجل غيري.. حتى لو ترتب الأمر عليه أن اقتل أي رجل يفكر بالاقتراب منك))
تهديده الإجرامي تسرب إلى جسدها كصعقة تيار كهربائية قشعرت جلدها.. فأطبقت شفتيها بقوة وملامحها تشع بالعنف لتهتف فجأة وقد بدأ جدار محافظتها على هدوئها بالتصدع مهددا بالانهيار
((هل أنتَ مجنون! لقد تزوجت من غيري فبأي حق تمنعني من الزواج من غيرك؟))
رد أمام عينيها الكحيلتين اللتان تفيضان أمامه بالغل والإحساس العارم بالظلم
((لن تكوني لاحد غيري.. فلا تحلمي بغير ذلك.. أما متى سأتزوجك فهذا يعتمد على متى تخفت شعلة الانتقام والكره التي املكها تجاهك))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:56 PM   #250

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

كانت أنفاسها في تهجد في حين عاد شيء من الهدوء لوليد وهو يأمرها
((وهذا أخر يوم لك في هذا المطعم.. لا افهم كيف قبل رجل كوالدك على عملك في مثل هذا المكان))
هتفت به باستنكار محمل بكل طاقات الغضب داخلها
((ألا تفهم بأنه ليس لك علاقة بحياتي يا وليد حتى لو عملت في نادي ليلي!))
وقاحتها في نهاية الحديث جعل ملامحه تتوتر للحظات.. قبل أن يضرب بساقه الكرسي ويوقع الهدايا كلها أرضا فيُسمح صوته تهشمها عاليًا..
اتسعت عينا شيرين مما فعله لكنها شهقت بصدمة وهي تسمع صوته يتعالى في المكان كله
((أين الإدارة هنا.. هل هذه طريقة للتعامل مع الموظفين هنا؟))
ارتبكت قليلا وتطلعت حولها بتشتت قبل أن تسأله متوترة بصوتٍ خفيض مضطرب
((لماذا قمتَ بكسر الهدايا؟))
لم يجبها بل تابع الصراخ باستياء
((أين الإدارة في هذا المطعم!))
شحب وجه شيرين واستدارت للخلف وصوت مديرها في المطعم يتناهى لسمعها..
وبمجرد أن وقف المدير أمامها حتى سارع يسال قلقا
((سيد وليد هل حصل شيء هنا؟))
اخفض المدير نظره أرضا إلى حيت احدى الهدايا المهمشة بأجزاء متناثرة ثم نظر نحو شيرين جازرًا
((كيف كسرتي الهدية التي جلبها السيد وليد لزوجته يا شيرين؟))
فهمت شيرين سبب الجلبة التي قصد فعلها وليد.. فنظرت له ترمقه بشرر مدافعة عن نفسها
((هذا الوضيع الذي أمامك من فعلها))
بهت وجه المدير ليهتف بها بصدمة
((كيف تتحدثين عن زبوننا بهذا الشكل!))
التفتت لوليد عندما قال ببرود بينما يرمقها بتشفي وارتواء
((هل هكذا تعلمون النادلات في مطعكم أن يتعاملوا مع الزبائن؟))
تدخل المدير أمرا على الفور
((اعتذري منه يا شيرين اعتذري من السيد وليد حالا عن كسرك الهدية وإساءتك الكلام معه))
الألم الفظيع الذي فاض من عينيها الكحيلتين جلد بلهيب سياطه أعماق روحه وهو يرى الموقف الذي أوقعها به..
ولكنه تجاسر على نفسه وداس على أي مشاعر شفقة وليدة ليقول للمدير
((أول وأخر تجربة لي في هذا المطعم.. شكرا لإفسادكم يومي المميز هذا مع زوجتي))
تقدم وليد جُمان التي كانت تقف جانبا وتراقب المشهد ببهوت ليمسك يدها بنية المغادرة.. بينما المدير يلح في الاعتذار له
((اعتذر منك يا سيد وليد.. هي في الأصل تعمل هنا في غسل الصحون لا تقديم الطلبات.. من الاستحالة أن نوظف أشخاصًا غير كفؤين للتعامل مع الزبائن المحترمين من أمثالك))
نظر وليد بطرف عينيه لشيرين التي كانت تقف مكانها وقد لاحت على شفتيه ابتسامة تشفي وهو يرى وجهها المحتقن وقبضتاها المشدودتان على جانبها..
السادية في داخله راضية جدا عما فعله..
فلا هو ولا قلبه سيهدأ قبل أن يأخذ بثأره كاملا منها.. حتى النهاية..
انتبه وليد للمدير المستمر باعتذاره بقلق ر
((أرجوكَ رافقنا للأسفل يا سيدي واعدك بأنك لن تكون إلا راضيا وسيتم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمعاقبة الموظفة))
.
.
جلست شيرين على احدى الكراسي حول منضدة المطبخ ثم دفنت وجهها في كلتا يديها تجهش ببكاء عنيف..
جلست سهر على كرسي قريب منها ورفعت راحة يدها تمررها على ظهرها المهتز ثم قالت تواسيها بصوتٍ متعاطف
((توقفي عن البكاء.. ستجدين مكان أفضل للعمل فيه))
قالت من بين شهقاتها بصوتٍ مكتوم
((أنتِ لا تفهمين يا سهر.. أنا بحاجة للمال من أجل دفع أخر قسط للدورة التي أخذتها قبل فترة))
ارتفع حاجبا سهر متسائلة
((ألم تنهي تلك الدورة بعد؟))
أبعدت شيرين يديها عن وجهها المحتقن بالدموع
((بلى يا سهر أنهيتها ولكن بقي قسط أخير ولان مدير المكان يعرفني أمهلني المدة التي أريدها لأدفع الثمن المتبقي عليّ.. وكنت قد وعدته بدفعه قريبا ولكن بعد أن طردت اليوم فمن أين سأجد عملا أخر يعطي أجرة يومية يناسبني))
تحفزت سهر لتسألها بحزم
((شيرين أخبريني كم المبلغ المتبقي لأقساط تلك الدورة وسأدبره لك الآن في هذه اللحظة.. أخبريني كم هو فقط؟))
رشقتها شيرين بنظرات مقتضبة وهي تسألها بحيرة
((من أين لك المال يا سهر.. هل العمل هنا يكفي أساسا إيجار المنزل الذي تسكنين فيه؟))
زفرت سهر بضجر قبل أن تعود وتلح عليها
((وما شأنك بمصادري.. أخبريني فقط إلى كم أنتِ بحاجة؟))
فغرت شيرين شفتيها تنوي الإجابة قبل أن تنتبه لسهر تنظر لأحد ما خلفها.. فحركت نظرها إلى حيث تنظر صديقتها واستدارت لتجد وليد واقفا بصمت وعينين مظلمتين..
مالت على الفور للأمام واندفعت واقفة وهي تهتف به
((منذ متى وأنتَ هنا أيها الحقير؟))
لم يجبها بل حافظ على صمته وتعابيره..
نظرت سهر لكلاهما وشعرت بوجود ماضي أو قيد ما بينهما..
في حين ظل وليد يسدد نظراته مباشرة لحدقتيها المتأججتين رغم تبلدها بالدموع قبل أن يقول بصوتٍ فاتر أجوف
((إياكِ أن تفكري في العمل بمكان مشابه لهنا))
رشقته بشرر لاهب.. بالكاد وبشق الأنفس تمسك نفسها من الانقضاض عليه وتمزيقه..
وقبل أن يستدير متجها لخارج المطبخ أخرج من جيب سترتها مغلفا مغلقا وألقى به على الطاولة أمامها بإهمال ثم انصرف مغادرًا..
سقطت شيرين جالسة على مقعدها دافنة وجهها بين كفيها..
في حين فتحت سهر المغلف لتصدر منها شهقة دهشة قبل أن تقول
((هناك مال في المغلف.. الورق النقدية ذات قيمة كبيرة))
أبعدت شيرين وجهها عن مرمى يديها ثم قالت وهي تنظر للمال بصدمة
((الوضيع.. هل يظنني متشردة؟))
تزايدت وتيرة أنفاس شيرين بغضب وبدأت ترمش بعينيها بمحاولة منع المزيد من الدموع من التساقط..
دخل أحد الموظفين الذي يعمل في المطعم يقول بصرامة
((المدير يا شيرين يقول لك أن تحزمي أغراضك وتغادري المطعم فورا.. وأنتِ يا سهر تعالي لتنظفي الفوضى التي أحدثتها صديقتك))
إلا أن سهر تخصرت وهي تقول بصوتٍ ناعم مستفز
((لن افعل فأنا مستقيلة))
قال الموظف معترضا
((ولكن لا يمكنك أن تستقيلي بمنتصف اليوم وبدون حتى أن نجد بديلة عنك.. لقد طردت شيرين فمن أين سنجد الآن فتاة تعمل في المطبخ بدلا منكما))
رسمت سهر له تلك الابتسامة المستفزة وهي تقول
((ليست مشكلتي.. فنحن نعمل هنا بدون أي ضمان أو عقد))

انتهى الفصل.



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:21 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:49 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.