آخر 10 مشاركات
413 - حبيبتي كاذبة - لين غراهام (الكاتـب : فرح - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          9 - الرحلة - آن ويل - ق .ع ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          83 - حائرة - فيوليت وينسبير - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          278 - لا أحد يريد الحب- ساندرا فيلد (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          158 - امرأة من زجاج - ساندرا فيلد(تم تجديد الرابط) (الكاتـب : فرح - )           »          أحبك.. دائماً وأبداً (30) للكاتبة الرائعة: مورا أسامة *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : مورا اسامة - )           »          معضلة في شمال الطائف * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : ظِل السحاب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-03-21, 06:51 PM   #141

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الأول
بعد مرور ثلاثة أشهر..
اخترق ضوء الشروق نافذةالغرفة فارضًا الاستيقاظ على نورين التي فردت ذراعيها لتتيح المجال لقفصها الصدري استنشاق أكبر كم من نسيم الصباح المار من النافذة المفتوحة نسبيا فوقها وتنعش رئتيها..
اعتدلت جالسة تفرك عينيها الناعستين ثم نظرت بجانبها لتجد نفسها وحيدة فوق السرير..
لابد أنها لم تشعر على مصعب وهو يستيقظ بعد الفجر بقليل للذهاب إلى عمله فاليوم هو مناوبته في المشفى..
أجفلها صوت طرقات باب جناحها القوية التي تعلن عن نفاذ صاحبها..
الطارقة هي رتيل بلا شك وهذا موعدها في معظم صباحات اليوم..
فالاستيقاظ مبكرًا في هذا المنزل ليس خيارًا.. صحيح أنه امر جيد للصحة.. لكنه ليس بهذه الروعة أيضًا..
سارعت نورين فتح الباب ترد بصوتٍ أجش
((صباح الخير))
رمقتها رتيل الواقفة متخصرة بحنق قبل أن تقول بنبرة عصبية تعلن عن سخطها
((أي خير وقد جعلتني اطرق بابك لعشر دقائق مستمرة.. كل هذا نوم؟ أم تفعلين هذا عامدة متعمدة لجعلي انتظر طويلا وامل وأتركك بحالك؟))
نظرت نورين إلى الساعة الجدارية المعلقة ثم نظرت لرتيل قائلة
((لا ارمي إلى ذلك.. أنا فقط أحب النوم في الصباح واستشعر لذة فيه لهذا تأخرت قليلا))
كلام نورين زاد منامتعاض رتيل وغضبها.. فقالت بنزق وهي تمد يدها وتفردها
((اعطيني مفتاح جناحك.. لا أريد أن تغلقي الباب خاصة في الصباح حتى ادخل عندك وأيقظك من نومك بسرعة))
طالعتها نورين بشفاه منفرجة ونظرات مشدوهة.. هل تمازحها تلك الواقفة أمامها أم أصابها الجنون! فقالت مستهجنة
((هل أنتِ واعية لما تطلبينه مني؟))
تقدمت رتيل بضع خطوات للداخل وهي تقول بأنظارها الجليدية
((أنا لا امزح.. اعطيني المفتاح هيا..))
بترت رتيل كلامها عند مرأى المفتاح الموضوع في مكانه فسحبته فورا لتهتف نورين معترضة
((أنتِ فعلا مجنونة.. أعيدي المفتاح مكانه))
تبسمت رتيل بنفس النظرات الجليدية وأجابتها بنبرةٍ ناعمة مستمتعة
((خذي المفتاح من عمتي التي لا أظن أنها ستوافق أن تعطيه لك.. فلا داعي لإغلاق الجناح.. لن يدخله أحد غيري في الصباح لأتأكد من إيقاظك بناء على أوامر عمتي))
كظمت نورين غيظها وظلت صامتة فهو سلاحها الوحيد أمام تجبر وتسلط رتيل عندما تكون وحيدة..
فرتيل الكنة المحبوبة هنا وحبيبة حماتها.. هي إمراه لا مثيل في عنجهيتها.. تحب أن تلقي الأوامر على كل من حولها بلا أي رفق..ولا يستطيع أحد مجابهتها..
لكن عند عودة مصعب ستخبره عما فعلته وتطلب منه التصرف معها..
قالت رتيل بصوتٍ متسلط
((هيا انزلي لتساعدي الخدم في إعداد الفطور))
همست نورين تجذب الحروف من بين أوتار حنجرتها عنوة
((سأفعل حالا))
تنهدت ببؤس وتهدلت كتفيها بخضوعوهي تطالع رتيل تعطيها ظهرها وتنزل الدرج الذي يتوسط صالة المنزل..
دخلت للحمام المرافق للغرفة تغتسل سريعا ثم خرجت وغيرت منامتها الحريرية لثوب واسع طويل بلون الخشب الداكن وغطت شعرها بوشاح أسود أحاطته بشكل فضفاض حول رأسها..
ثم أسرعت تنزل خلف رتيل مستجيبةحتى لا تستجلب سخطها
فمنذ دخولها هذا البيت منذ عدة أشهر كعروس لحل الثأر.. أو بالأحرى كخادمة وهي تحاول التأقلم بوضعها..
يمكنها القول بأنها عرفت طباع وأحوال أبناء هذا المنزل الخمسة..
الكبير معاذ أرمل منذ ثمانية سنوات وتبعا لعمله كرائدة يعيش في المدينة ولا يزور بيت العائلة هنا إلا كل عدة أشهر.. رغم أن ابنته الوحيدة دارين ابنة الثانية عشر سنة تعيش هنا..
الابن الثاني مؤيد هو أسوأهم ومن يثير الذعر في كل خلية من جسدها كلما تلاقت الأعين بينهما.. وهو زوج تلك الحية الرقطاء رتيل وأب لصبيين.. لكن ما يهون الأمر عليها أنه الأخر يعمل في التجارة ويعيش في المدينة ولا يزور عائلته إلا في نهاية كل أسبوعين..
والأصغر من مصعب هم التؤام مالك ومازن..
مالك الذي يشابه مصعب في طبيعته الساكنة والتي يترجمها البعض على أنها تعالٍ وعجرفة..
أما مازن المغترب منذ قدومها لهنا فلا تعرف عنه شيء.. ولا حتى عن زوجته ياسمين التي تظل منزوية بغرفتها ولوحدها هي وابنتها هدى ولا تحب الاختلاط معهم.. حتى في أوقات الطعام..
دلفت نورين لمطبخ المنزل الضخم الذي كان لزاما عليه أن يكون بهذا الحجم لأن العاملين فيه لا يقومون بصناعة وجبات عائلة الحاج يعقوب الكانز فقط.. بل يوفرون يوميا ما لا يقل عن وجبتين طعام لعشرات الأشخاص العاملين في بساتين ومزارع الحاج وحديقة قصره الضخمة..
لهذا المطبخ شبه منفصل عن المنزل الضخم وعلى النساء عندما يدخلنه تغطيه شعرهن فهو أكثر من مكان لتحضير الطعام وله عدة أبواب للخارج ويمكن غالبا لأي أحد الدخول والخروج منه من العالمين..
كما هو مرتبط بالدور السفلي المخصص لنوم والعاملين في المنزل ممن يزيد عددهم عن عدد أفراد عائلة الحاج يعقوب والقائمين بأغراض الطهي والتنظيف والاهتمام بشؤون أصحاب المنزل واحتياجاتهم وملابسهم..
كانت نورين قد بدأت في إعداد الخضروات وتقشير البطاطا عندما فُتح باب المطبخ الذي يصل بالحديقة من قبل سمية التي قالت لها بوجه بشوش بمجرد أن لمحتها
((هل استيقظت بالفعل يا نورين! صباح الخير.. كيف حالك؟))
بادلتها الابتسامة وهي تشكو لها ازدراء الحال بمرح
((نعم رتيل أيقظتني حتى قبل استيقاظ العاملين في المنزللإعداد الفطور))
هزت سمية رأسها بيأس من تصرفات رتيل.. إلا أنها لم تعقب على الأمر بل قالت عارضة المساعدة
((اعطيني القفازات ودعيني اغسل الأطباق التي قمت باستخدامها))
لوحت يدها برفض وهي تقول بصدق
((لا.. يا سمية لا داعي.. عملك في الحديقة فقط وليس هنا))
إلا أن سمية توجهت إلى حيث القفازات معلقة وأخذتهم لتبدأ بارتدائهم قائلة
((قليل من المساعدة لك ريثما تستيقظ العاملات في المطبخ لن تضر يا نورين.. دعيني ألبس هذه القفازات المطاطية فقط لأن جلد يدي حساس بشكل بالغ لمواد التنظيف))
بدأت سمية بسكب الماء فوق الأواني قبل وضعهم بعضهم في جلاية الأطباق ليتناهى إلى سمعها صوت الأخرى
((أزهار الجوري الوردية والبيضاء التي زرعتيها على طول السياج منظرها خلاب.. لا بد أنك استغرقت وقت وجهد طويل فيها))
((نعم معك حق.. منذ أن تعلمت العناية بالنباتات وحبها منذ صغري وأنا أحب أن اقضي ساعات طويلة في حديقة وبساتين الحاج يعقوب))
أكملت كل منهما عملها وهما تثرثران بأحاديث ممتعة لا تخلوا من بعض الضحكات بين حين وأخر..
قبل أن يقاطعها صوت أقدام قادمة من الحديقة الخلفية حتى باب المطبخ..
انتبهتا لرجل يطرف الباب قبل فتحه مباشرة ليقف عند عتبته يرمق بنظراته الثاقبة سمية وهو يقول
((صباح الخير))
رمقته سمية ببغض خفي ولم تجيبه بل ظلت تنظر له متجهمة بانتظاره أن يقول ما جاء من أجله في هذا الصباح الباكر..
ابتسم الرجل الذي بدا بأنه مزارع يعمل في الأراضي والمسؤول عن أحضار الطعام من المطبخ تلك الابتسامة الثقيلة على قلبها وهو يقول بصوته البغيض
((أريد منك يا سمية أن تجهزي الفطور للعاملين في البساتين الآن))
نظرت له بصوب عينيه بكل ما حملته من قوة وحزم وقالت له
((يمكنك يا أخي أن تنتظر استيقاظ مدبرة المنزل السيدة نعمة وهي ستخبر من يعمل في المطبخ أن يحضر الفطور لهم.. فهذا ليس عملي كما تعرف))
طالع الرجل ملامح وجه سمية الممتعضة بنظرات مستمتعة وهو يستمر بإطالة الحديث معها
((بحثت عن السيدة نعمة ولم أجدها لذا قومي بالعمل إذا تكرمتي))
احتدت نظراتها أكثر مع استسهاله في الحديث معها خاصة وهي تتفهم ما يريده في خوضه جدال عقيم معها.. فهو يتبرص بها منذ وقت طويل دون رادع..
فهي في حسبته كمطلقة امرأة متلهفة.. لقمة سائغة.. وسهلة المنال..
تمالكت سمية أعصابها وحافظت على هدوئها وهي تقول بنبرة باترة
((أستميحك عذرا لكن أنا مشغولة))
ضحكَ الرجل ضحكةً مستفزة وقال لها وهو يميل متكئا على الحائط
((هل غضبتي يا سمية مني؟))
تمنت لو ترديه نظراتها صريعا.. إلا أنها تجملت بالصبر والبرود قائلة
((لا.. لم اغضب.. لا تقلق يمكنك المغادرة الآن))
رفع الرجل حاجبيه البغيضين يستمر بمجادلتها
((لكن علامات الحنق ظاهرة على وجهك.. يبدو أن كلامي أزعجك..))
ظهرت ملامح الغضب ممزوجة بالاشمئزاز منه جلية على وجهها.. وكانت تريد التحدث بما يردعه ويبعده من هنا قبل أن يجفلوا الثلاثة على صوت رجولي ارتجت جدران المطبخ لشراسته
((ماذا تفعل هنا؟))
عقد الحرج لسان الرجل الذي اعتدل مستقيما في وقفته برزانة وقال متلعثما
((سيد مالك.. صباح.. صباح الخير.. كنت اطلب من سمية أن تقوم بإعداد..))
قاطعه مالك مرة أخرى بنبرات حادة ساخطة وعيناه لامعتان بشرر مريب
((وقالت لك بأنه ليس عملها.. فكم مرة عليها أن تعيد كلامها لتستوعب؟))
اعترض الرجل بوهن
((ولكن يا سيد مالك أنا لا أجد واحدة من العاملات في المطبخ.. والعمال يريدون الفطور الآن..))
هتف مالك بسخط وهو يتقدم تجاهه
((إذا تدبر أمرك وابحث عن نعمة بدلا من الإسهاب في الحديث مع من لا يعنيها ذلك))
بهت وجه الرجل من غضب مالك وارتد خطوتان إلى الخلف بقلق.. حاول الاعتراض مرة أخرى
((ولكن..))
تصاعدت نبرة صوت مالك وهو يقول بنفاذ صبر
((غادر من المطبخ ولا تدخل له إلا كمجرد معبر الى جناح العاملين أو للحديقة الخلفية))
تنحنح الرجل مما سمعه وكسى الاحمرار وجهه وكان يريد التبرير إلا أن صوت مالك الحازم علا هاتفًا
((قلت لك غادر من هنا))
لم يكن يريد أن يجادله أكثر فهو يعرف أن مالك بارد الأعصاب والمحافظ على هدوئه في مختلف المواقف يصبح على النقيض تماما عندما يغضبه أحد..
فتمتم الرجل بخفوت قبل أن يغادر المطبخ نحو الحديقة متعثر الخطوات
((حسنًا يا سيد مالك))
استدار مالك نصف استدارة يرمي بنظراته الحادة لنورين ثم سمية..
تراجعت نورين المشدوهة بنظراتها للخلف ولوهلة تلبسها خوف من مظهره ومما ظهر عليه بشكل يخالف طبعه الهادئ والمسالم
الذي لا يمكن لأحد أن يجعله يقلق أو يضطرب..
في حين بقيت سمية ثابتة وهي تبصر ذلك اللهيب المتوقد بعينيه المصوبتين نحوها بينما يهتف فيها أمرًا بتسلط
((عندما تكونين هنا لا تفتحي مجال لأي كان في الحديث معك من البداية))
تصلبت ملامح وجه سمية وحاولت مقاطعته إلا أن الدم تدافع بعروقه النافرة وهو يردف بحدة
((خاصة ذلك الوقح الذي كان هنا.. لا تعجبني نظراته ولا طريقة حديثه))
نظرت سمية بطرف عينها لنورين التي بدت متشنجة بملامح يلفها الحذر والريبة مِمَّا فعله مالك قبل قليل.. فهي تعيش في نفس هذا القصر منذ أشهر ولا بد أنها الآن تتساءل بقلق عن سبب هذا الانفعال المبالغ به والغريب على مالك الذي يصعب استفزازه!
بل والأنكى أنه لو تواجد أحد أخر من الخدم أو العاملين هنا وشهد ما فعله مالك كان ليكثُر القيل والقال وتتوالى التكهنات والتساؤلات..
أعادت سمية نظرها لمالك بتأنيب شرس.. لكن ولأنها لم تكن تريد فتح مجال للأخذ والعطاء بينهما أمام نورين.. آثرت أن تكتفي بالقول الهادئ المغلف بالبرود
((شكرا لك يا مالك لكن لا داعي لتكرار ما فعلته.. فأنا أكثر من قادرة على ردع هو وأمثاله.. لست ضعيفة ولا عاجزة))
استغربت نورين طريقة حديث سمية مع مالك البعيدة كل البعد عن الرسمية.. بل وحتى لأنها لم تناديه ب"سيد" قبل اسمه كما هي معتادة مع الجميع هنا..
قاطع حوارهم صوت طفولي يدخل من باب المطبخ الخارجي مهرولا نحو سمية يحتضن خصرها
((صباح الخير يا أمي))
انحنت سمية لولدها الذي انتشلها من هذا الجو الملبد بالتوتر لتقبل رأسه مهمهمه ببشاشة
((صباح الخير أيها الشقي.. لقد استيقظت اليوم مبكرا دون الحاجة لاي عملية مداهمة من قبلي))
أجابها الصغير بفخر
((نعم وارتديت زي المدرسة أيضًا))
تطلع يزيد الصغير ابن الست سنوات خلفه لمالك الذي تبدد الحنق والشدة من على ملامحه وقال بصوتٍ مفعم بالحماس
((هذا لان عم مالك قال بأنه سيوصلني اليوم للمدرسة))
ترك يزيد امه متجها نحو مالك الذي رفعه وداعب بحنان خصلات شعره السوداء قائلًا بابتسامة
((نعم سأفعل ولكن عليك أن تنهي إفطارك بسرعة حتى لا تؤخرني يا يزيد))
داعبت ابتسامة فاه نورين وهي تقول متطوعة
((لقد جهزت الفطور لك يا يزيد))
كسى البرود صوت ووجه سمية وهي تقول معترضة
((اذهب يا مالك لوحدك فيزيد يأخذ وقتًا أثناء تناوله الفطور))
اعترض يزيد بإحباط وهو ينزل أرضًا
((إذن لن أكل شيء يا أمي حتى لا أؤخر عم مالك))
نظرت لابنها بحزم هادرة
((اسمع الكلام يا يزيد ولا تثير المتاعب..))
سحبت نورين يزيد تطبطب فوق رأسه تراضيه
((ستذهب في يوم أخر مع عمك مالك))
إلا أن يزيد هز رأسه رافضا مغمغمًا
((لا أريد أن اكل.. منذ زمن لم اذهب مع عم مالك))
رشق مالك سمية المتزمتة على رأيها بضيق.. لا يفهم أبدًا محاولاتها لإبعاد ابنها عنه..
دلفت رتيل للمطبخ التي أحست بالجلبة فيه وشعرت بتواجد مالك وهي تعدل من وشاحها المرخي حول رأسها ثم هدرت
((إذا اصطحبت يزيد معك من سيذهب برفقة أولادي للمدرسة يا مالك؟ أنتَ تعرف بأنهم يخافون الذهاب للمدرسة بدونه.. انتظر أن ينهو فطورهم وخذهم جميعا معك))
تجلت ملامح التجهم على وجهه فرد على زوجة أخيه بصوتٍ فاتر
((غيرت رائيي.. سأذهب لوحدي حتى لا أتأخر عن عملي في المدرسة.. لن انتظر حتى يستيقظ الجميع))
غادر مالك المطبخ وبعد لحظات تردد لحقته سمية..
في حين وجهت رتيل نظراتها لنورين التي كانت تمسك يزيد لتقول بصوتٍ قاسي لها
((لماذا أنتِ وحدك مستيقظة؟ أين الباقي؟))
هزت نورين كتفيها تقول ببساطة
((أيقظي أنتِ الباقي))
زفرت رتيل نفسا طويلًا قبل أن تمتم متذمرة
((عليّ أن أخبر عمتي بأن نعمة لم تعد مدبرة منزل صارمة كالسابق.. لا اصدق بأننا نحن أصحاب المنزل نستيقظ قبل من يعملون به))
ضيقت رتيل عينيها وهي ترى نورين مشغولة بإطعام يزيد حزين الملامح لتقول بحدة لها
((أنا أيقظتك من النوم لتعدي الفطار لنا جميعا لا لابن المرأة التي تعمل في الحديقة عندنا))
أجابتها نورين ببرود بدون أن تنظر لها
((أنا أرى أن تتابعي ما كنتي تفعلينه بدون أن تأبهي لما أقوم به))
رمقتها رتيل بسخط ثم استدارت تعود لإيقاظ ولديها..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-21, 06:51 PM   #142

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

توقف مالك على صوت سمية المنادي له ليلتفت لها هادرا بتجهم
((ماذا هناك؟))
توقفت مكانها تحافظ على مسافة جيدة بينهما.. ثم قالت بنبرة حاولت جاهدة أن تخرج ثابتة
((مالك إياك أن يتكرر شيء مِمَّا حدث قبل قليل.. ماذا لو كان أحد ما معنا غير زوجة أخيك؟ ما تفعله سيثير أقاويل أنا في غنى عنها))
رفع حاجبية ثم تساءل بوجه خال من أي تعابير
((وماذا فعلتُ قبل قليل لأجلب الأقاويل لك؟))
كتفت ذراعيها تنظر إليه بصرامة هادرة
((أنا أستطيع جيدا الدفاع عن نفسي والتصدي لمن يحاول تجاوز حدوده معي.. فلا تتدخل أرجوكَ))
اقترب مالك منها خطوتين بلامبالاة ثم كست الجدية نبرته وهو يقول بما لا يقبل النقاش
((بمجرد عمل أي امرأة لصالح عائلتي فهي من مسؤوليتي.. وخاصة أنتِ.. سواء أثناء تواجدك في المطبخ أو الحديقة))
ثم أعطاها ظهره مغادرًا المكان كله لعمله..



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 01:13 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-21, 06:52 PM   #143

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

وقف مؤيد أمام منضدة الزينة يجفف شعره عقب أن أخذ حماما دافئا منعشا..
صدح صوت زوجته المتذمر عاليا وهي تشير لزجاجة العطر فوق السرير التي استعملها مؤيد ورماها
((هذا العطر غالي كن حذرا أثناء استخدامه))
تناولت الزجاجة لتضعها فوق المنضدة بعنف واقتضاب فعقب مؤيد عاقدًا حاجبيه
((على رسلك.. ستحطمينه))
ظلت رتيل على ملامحها المتجهمة وهي تجلس بقوة فوق السرير تكتف ذراعيها..
فهم مؤيد أنها تريد منه أن يسألها عن سبب غضبها.. لكنه سألها عوضا عن ذلك وهو يرمي المنشفة أرضًا
((هل الفطور جاهز؟))
زفرت أنفاسها ثم قالت بجفاء وهي ترفع ذقنها
((لا تقلق لقد أنهضت زوجة أخيك مبكرا حتى قبل الخدم لتعده))
رفع عينيه إليها ثم لم يلبث أن ضحك ضحكة خشنة وهو يقول بصوتٍ خفيض
((أحسنتِ.. أنا متطمئن أنك تقومين بواجبك على أكمل وجه في جعل حياتها كالجحيم.. فأي فتاة من أمثالها يجب عليها أن تتحول إلى خادمة في بيت عائلة زوجها))
سمع صوتها الهادئ من خلفه يقول ببرود
((لا تقلق من هذه الناحية))
أخيرا تنازل مؤيد ليسألها وهو يستدير ناحيتها
((ما سر تجهمك منذ عودتك من الخارج؟))
استقامت من مكانها واقفة وأطلقت تنهيدةً لم تبشره بالخير قبل أن تبدأ شكواها
((لا يعجبني أخيك مالك.. أنه يعير ابن تلك البستانية اهتمام أكثر من ابنيك أنت! دائما ما يعرض على أمه أن يقوم بتوصيله للمدرسة ولا يسأل عن باسم وفهد.. وحتى في خروجاته مع أصدقائه للعب كرة القدم يصطحب يزيد معه بدلا منهما))
انفرجت شفتي مؤيد بابتسامة متهكمة وهو يقول مستنكرا
((فليصحب من يشاء معه وماذا سيأثر عليّ!))
اجابته على الفور بانفعال
((لن يؤثر عليك شيء.. ففهد وباسم هم فقط المتأثران.. ولداي المسكينان لا يجدان من يهتم بهما.. عمهم ينشغل عنهم بابن البستانية ووالدهما لا يرونه إلا في نهاية كل أسبوعين.. ورغم ذلك ينشغل فيها بغمر ابنة أخيه الصغيرة هدى بحنانه واهتمام بدلا من منهما))
ذهل مؤيد وهو يحدق في زوجته التي كانت تتحدث مراقباً تلك الانفعالات المبالغة بها على ملامحها..
عقدت حاجبيها تسأله
((لماذا تحدق بي كأني بلهاء؟))
نظر من حوله يحاول أن يتمالك صبره قبل أن يقول هادرا باستياء
((لا حول ولا قوة إلا بالله.. هل هذا وقت نكدك يا امرأة! لست متفرغا لسماع هذه الترهات منك))
اتسعت عيناها قليلاً لكنها تمالكت نفسها وسيطرت على خيبة الأمل التي اجتاحتها بسبب عدم أخذه كلامها على محمل الجدية..
لكنها قررت أن تتجنب الخوض في هذا الموضوع لتقول ببرود مغيرة الموضوع
((هيا أخبرني متى سأذهب لعائلتي؟ لقد اشتقت لهم وأريد زيارتهم))
انعقد حاجباه في شدة من طريقة حديثها وجلبها سيرة زيارة عائلتها وكأنها تتعمد إفساد إجازته التي يقضيها هنا فهتف صارخا
((حتى باليومين الوحيدين التي أعود فيهم للمنزل تصرين على إفسادهم لي.. سأريحك من وجهي وأضل غائب عن هنا لأشهر حتى لا تريني ولا تسمعيني أسطوانتك التي لا تنتهي))
رفعت ذقنها قليلاً ثم همست من بين أسنانها بغيظ
((لماذا تصرخ يا مؤيد؟ أنا اتحدت معك وأتحاور بالهدوء))
وجهه الذي أصبح مكفهرا غاضبا جعلها تتراجع مبتعدة عنه قدر الإمكان ثم أردفت بصوتٍ متوتر
((كل هذا لأني طلبت منك زيارة عائلتي؟ ولكن مضى أكثر من شهر على أخر زيارة لي لهم))
رد عليها بسخط
((وما المشكلة؟ كثير من النساء لا يذهبن لأهلهن لعدة شهور.. انظري لعروس الثأر تلك.. لم تخطوا قدمها قرية عائلتها منذ زواجها من اخي))
قالت مستنكرة بغضب
((وهل تقارنني بامرأة اتخذوها قربان ليقفوا حربًا كانت لتحصل بين عشيرتين!))
صدح صوته صارخًا في المكان يرج الجدران
((ألن نتوقف عن هذه السيرة؟ لا أريدك أن تزوري عائلتك لا اليوم ولا الشهر القادم حتى.. أنا الرجل هنا وأسير حياتي وزوجتي وبيتي كما أريد.. ومتى ما أردت سأجعلك تزورينهم بدون أي نقاشات سابقة أو حوارات لا أحبها))
بدأ صدرها يرتفع وينخفض سريعا فهو الآن سيكمل وصلة صراخه ككل مرة تحاول مناقشته بشيء غير آبهٍ لمن يسمعهم..
العيش مع رجل كمؤيد غاضب وعصبي المزاج كالعيش بالقرب من فوهة بركان..
كل مرة يأتي من إجازة عمله تضل هي وولديها في حالة قلق دائم وتوتر فهو قد ينفجر ويثور في أي لحظة ولأي سبب مهما كان تافها فيفسد أجواء المنزل ليوم كامل أو حتى لأيام عدة..
رمشت رتيل بعينيها وهي تحاول التخلص من تلك الغصة التي اعترضت حلقها ثم قالت بصوتٍ أجش خشن
((مؤيد أخفض صوتك العالي.. سيسمعنا من في الخارج))
عندما هم مؤيد أن يفتح فاهه مجددا قاطعهما صوت طرقات الحاجة زاهية فوق الباب..
أغمض مؤيد عينيه يسمح لأمه بالدخول لتفعل وتغلق الباب خلفها هامسة بصرامة
((اخفض صوتك العالي يا مؤيد.. هل تظن نفسك تعيش هنا وحيدا؟))
توترت ملامح رتيل عند كلام زاهية والتفتت بارتباك نحو مؤيد الذي قال ممتعضا
((سأفعل بعد أن تتعلم كنتك التوقف عن صب نكدها عليّ))
صمتت زاهية للحظات ثم قالت بحزم
((لقد جهزوا طعام الفطور تعال لتشاركنا يا مؤيد))
غادر مؤيد للخارج مهمهمًا بكلمات خافتة غاضبة.. لتنظر زاهية نحو رتيل بتجهم.. فسارعت الأخرى الدفاع عن نفسها
((لم افعل شيء يا عمتي.. كل هذا لأني طلبت منه أن أزور عائلتي الذين لم أزرهم منذ شهر لأني اشتقت لهم))
رقت ملامح زاهية وهي تدرك أن الحق مع كنتها فتنهدت قبل أن تقول لها بصوتٍ هادئ
((معك حق ولكن يبدو أنك قلتيها لمؤيد بطريقة تسببت في إغضابه.. أنتِ تعرفين بأنه سريع الغضب والعصبية حتى لأسباب تافهة))
قالت رتيل بصوتٍ مشبع بالقهر
((نعم اعلم ذلك.. حتى يظهر رجولته وتفوقه عليّ في الطباع الحادة))
((لا تتخلي يا رتيل عن الأمل في التحكم بعصبيته.. إن للمرأة قوة عاطفية كبيرة تمكنها بالتحكم بكثير من الأشياء من ضمنها احتواء غضب وعصبية زوجها.. انتبهي فقط على رد فعلك لكيلا يسير الموقف باتجاه منعطف خطير.. فهو كمن يرمي النار.. وأنتِ عليك أن تحمي نفسك دون أن تحترقي))
استدارت زاهية للخارج هادرة بخفوت
((هيا تعالي لتناول الطعام وتجهيز ولديك للمدرسة يا رتيل))
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-21, 06:53 PM   #144

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

اجتمعت العائلة جميعها حول سفرة الفطور الذي ترأسها الحاج يعقوب..
بدأت رتيل توزع أرغفة الخبز عليهم.. تناول معاذ حصته منها ثم التفت لوالده متسائلا بابتسامة
((أين هي زوجة أخي مصعب؟ هذه أول مرة أخذ إجازة من عملي وأبيت هنا ولم أراها حتى الآن))
جاءه الرد من زاهية التي قالت بجفاء
((إنها لا تفضل الجلوس معنا إلا مع وجود زوجها.. وأنتِ تعرف أنه هو ومالك يذهبان لعملهما في وقت مبكر))
عق معاذ حاجبيه بتساؤل
((لماذا لا تجلس معكم إلا بحضور زوجها؟))
تدخلت دارين ابنة الثانية عشرة وأجابت والدها بنبرة ذات مغزى
((إنها تخاف من امرأة عمي رتيل فهي تسيء معاملتها يا أبي))
ضيقت رتيل عينيها بتوعد وهي ترمق دارين تلك الصغيرة المدللة التي تضل تتربص فيها..
في حين تصلبت ملامح معاذ وهو يزجر ابنته
((دارين تكلمي باحترام عن زوجة عمك فهي بمثابة أم ثانية لك))
انتشر الحنق على ملامحها لطريقة تحدث أبيها معها وهي ترى ابتسامة الانتصار على وجه رتيل..
فاستقامت واقفة من مكانها تقول بصوتٍ متحشرج
((لم أخطأ بشيء يا أبي.. أنتَ سالت وانا أجبت اختصار))
انخفضت تحمل حقيبة كتفها المدرسية ثم غمغمت قبل أن تغادر
((لقد شبعت.. سأذهب الآن لمدرستي))
لم تهتم دارين لصوت جدتها التي طلبت منها أن تكمل طعامها أولا.. بل عجلت خطواتها لتغادر المنزل..
عند عتبة الباب التفتت للخلف تسمع هتاف ياسمين زوجة عمها مناديه عليها..
قالت ياسمين التي كانت تحمل ابنتها وتحاول اللحاق بها
((هدى جاهزة خديها معك للمدرسة ليوصلكم السائق معا))
ربتت ياسمين فوق شعر دارين قبل أن تبتعد مودعة إياهم..
فتنهدت بضجر وهي تمسك يد ابنة عمها الصغيرة متجهة نحو السيارة التي تقلهما إلى مدرسة البنات في القرية..



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 01:12 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-21, 06:54 PM   #145

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

فتحت سهر احدى عينيها الناعستين وقد استيقظت على صوت آنين صديقتها شيرين أثناء نومها في نفس الغرفة معها..
أضاءت المصباح ذو الضوء الخافت تتفقدها فشعرت بالقلق وهي ترى جسدها متشنج وملامحها متغضنة بالألم والعرق يتصبب من وجهها بكثرة..
وكأنها تعاني من كابوس فضيع..
[size=3[/size]أبعدت الغطاء عنها واقتربت منها تهزها بلطف هادرة
((شيري حبيبتي استيقظي.. أنتِ بخير؟ أيًا كان ما ترينه فهو مجرد كابوس سيزول فورا.. شيري استيقظي))
وكانت هزات سهر الرقيقة هي ما جعلت شيرين وتفيق من نومها بشهقة قوية وتعتدل فجأة جالسة..
رفعت سهر منديلا إليها تمسح عنها قطرات العرق التي يتصبب عن جبينها متسائلة بهمس
((هل أنتِ مريضة يا شيري؟))
أجابتها من بين لهاثها القوي بينما تريح جسدها على ظهر السرير
((لا تقلقي أنا بخير))
تلفتت للظلام النسبي حولها إلا من إضاءة خافتة لتعي أنها كانت نائمة في غرفة سهر.. كما تفعل منذ شهر بعد إنهائها عقد إيجار منزلها..
أغمضت عينيها وهي تكرر بينها وبين نفسها بإن ما كانت تعيشه قبل دقائق هو مجرد كابوس.. ثم مسحت وجهها بيديها تأخذ نفسًا عميقًا محاولة أن تسترخي..
هل عاد ذلك الكابوس ليدهما من جديد بسبب عودة تواصل وليد معها؟
ولكن ألا يُفترض أنها سبق وتعالجت وتعافت وصار ما فعله بها مجرد ذكرى سيئة من الماضي رغم نتائجها التي تأكلها وتحرقها حتى هذا اللحظة؟
وكأن سهر شعرت بما تفكير صديقتها غارق فسألتها وهي تربت على شعرها الطويل الأسود
((هل كنت تحلمين بشيء يتعلق بوليد بسبب تواصله معك مؤخرا؟))
أومأت بوجهها ثم قالت بصوتٍ مضطرب وهي تحدق بسهر بألم
((نعم.. لقد تبرع ذلك الوضيع ليكون محامي الطرف الأخر.. ومجانا.. فعادوا لرفع قضية أخرى عليّ بشأن حادث ابنهم))
شتمت سهر وليد بغل بصوتٍ خافت فقد كانت أكثر من شهد على ما فعله بها في عدة مواقف متفرقة في الماضي.. إنه لا يتركها بحالها..
ازدردت شيرين ريقها لتتابع بصوتها المنهك
((بعد حادث السيارة الذي حصل قبل ثلاث سنوات صارت حالة الطفل عادية ولم يعد يحتاج للعلاج.. خسروا أخر قضية رفعوها ضدي فلم تكن التقارير الطبية التي يمتلكونها مهمة أو تثبت كلامهم.. ولكن بفضل وليد عادوا مجددا لرفعها))
قالت سهر بنبرة ملأتها بكل ما تستطيع من احتقار
((أناس دنيئين وبلا ضمير.. لا اصدق كيف لحب المال أن يجعل الإنسان يصر على الادعاء بالإصابة))
إحساس بالقهر ملأ روح شيرين وهي تغمغم
((معك حق فما يقومون به هو استغلال غير طبيعي وتكسب غير منطقي.. حتى الوقود يطلبون مني دفع ثمنه مبالغا وأضعافا في كل مرة يذهبون للمشفى))
أخذت شيرين نفسا طويلا لعلها تهدأ ما يعتمل في صدرها من إحساس بالظلم لتردف
((لا أقول ذلك لان الأمر متعلق بي ولكن أنا وأبي رحمه الله لم نقصر تجاه الطفل الذي صدمته.. ذهبنا به للمشفى وذهبت لأثبت راضية مرضية حق الطفل ودون تحقيق بأسباب الحادث رغم أنه من رمى بنفسه عليّ))
بحزن عادت ذاكرتها لتلك الليلة قبل ثلاث سنوات..
عندما كانت تقود سيارتها في وقت متأخر عائدة هي ووالدها إلى المنزل..
كانت تسير مسرعة لخلو الشارع من السيارات قبل أن يظهر أمامها ودون سابق انتظار طفل صغير.. وكأنه كان ينتظرها..
كان الحادث بسيطا فقد حاولت بكل طاقتها وسيطرتها أن تتفاداه قدر الإمكان..
لم يجدوا حولهم إلا الجبال والتلال على جانبي الطريق فقد كانت منطقة غير مأهولة..
فحمل والدها الصبي وبعدها قادت على الفور لأقرب مستشفى..
وقام فريق الطوارئ بإسعاف أصابته التي لم تتجاوز إلا بعض الرضوض..
وأخبرهم الصبي عن مكان بيته وقام والدها في الاتصال بعائلته الذين أخرجوه مع تقرير للطبيب يفيد بلزوم زيارة الطفل لاحقا للمستشفى لمزيد من الاطمئنان..
ومن هنا بدأت تفاصيل مأساتها التي لا تزال تعيشها حتى الآن..
وبدأت تفاصيل العلاج وحكاية استنزافها من جديد..
فالعائلة لم تقبل أن يكمل ولدها علاجه إلا بأفضل المشافي الخاصة وباهظة الثمن..
وفي جلسات المحكمة التي لا نهاية لها يلزمونها في كل جلسة بدفع التقارير والفحوصات المخصصة للصبي..
شعرت سهر بصديقتها تصارع بين أحاسيس مختلطة باليأس والإنهاك والقهر.. فقالت له مبتسمة بتعاطف
((صدقيني ستكون الأمور أفضل مستقبلا))
إلا أن شيرين أومأت برأسها قائلة بصوتٍ يقطر همًا وبؤسًا
((ما أعانيه ليس سهلا يا سهر.. فأنا موظفة كما تعلمين وكل يوم أغيب فيه عن عملي أتعرض للحسم من راتبي.. منذ ثلاث سنوات والقضايا التي يتم رفعها عليّ من قبلهم واستمرارهم بزيارة المشافي والأطباء بلا داعي يلتهم معظم راتبي.. انهم يستنزفونِ ماديا ومعنويا بلا رحمة))
اعتدلت سهر واقفة قائلة بهدوء
((سأذهب لأعد كوبين من الشاي الدافئ حتى يزول الأرق وتستطيعي النوم لعملك في الغد.. فلا يصح أن تبدأ في التأخر بحضوره بعد الترقية التي حصلتي عليها يا شيري))
ابتسمت شيرين لكلام صديقتها بينما تراها تغادر الغرفة..
في حين ذهبت سهر للمطبخ.. أشعلت الإضاءة ثم الموقد وبدأت بإعداد الشاي قبل أن تشعر على صوت خطوات من خلفها وتشهق مكانها بفزع هاتفة
((أمــــــــــي.. ماذا تفعلين؟))
كتفت تمارا والدة سهر ذراعيها التي كانت ترتدي مئزرا حريرا مخصص للنوم ثم قالت بينما ترمق ابنتها بوجوم
((عما كنتما تتحدثان أنتِ وشيرين؟))
أشاحت سهر بوجهها جانبا تتنهد بانزعاج ثم عادت تنظر لامها قائلة بعتاب
((أمــــــــــــي.. هل كنت تسترقين السمع علينا؟ هل يصح أن يخرج هذا التصرف من سيدة مجتمع راقية مثلك؟))
كان أخر كلام سهر متهكما فعقدت تمارا حاجبيها تقول بامتعاض
((أنا لم أكن أتنصت.. كنت أريد طرق الباب المفتوح عليكما عندما مررت على غرفتك وشعرت بأنكما لا زلتما مستيقظتان.. وصدفة سمعت حديث شيرين.. هل تعاني ضائقة مالية؟))
أعادت شهر شعرها للخف وعادت تكمل صنع الشاي وهي تقول لامها
((لا يا أمي.. كانت فقط تتكلم عن حادثة الاصطدام بالطفل التي حصلت قبل عدة سنوات))
رفعت تمارا احدى حاجبيها تقول مستفسرة بلا مواربة
((هل كانت تقصد أن تطلب منك مثلا قرضا أو ما شبه فهي عندها فكرة عن ثروة والدك؟ لأنه ألا يكفي بأننا نأويها في منزلنا..))
استدارت سهر باقتضاب نحو أمها قائلة
((إلى ماذا تلمحين يا أمي؟ هل سبق وطلبت شرين مني مالا طوال سنوات صداقتنا لتطلب الآن؟))
نظرات سهر المقتضبة المصوبة نحو أمها كانت تحذرها حتى من الظن السيء بشيرين..
إلا أن تمارا تجاهلتها وهي تجيب بشيء من الامتعاض
((لا ولكن وقتها كان والدها على قيد الحياة.. لكن بعد وفاته لم يبقَ لها أحد يساعدها ماديا أو معنويا غيرك))
قالت سهر بتقرير
((أمي إنها لا تحتاج أحدا.. فالراتب الذي تتقضاه من عملها وخاصة بعد ترقيها يغنيها عن منية إنسان.. هي قررت أن تنهي عقد إيجار المنزل الذي تسكن فيه لأنها تخاف الوحدة والبقاء بمفردها فيه منذ وفاة والدها))
ثم تخصرت يدي سهر وهي تكمل مردفه بحزم
((ثم وماذا لو احتاجت مالا؟ كل ما املكه هو فداء لها))
عوجت تمارا فاهها ثم قالت
((أرأيتِ يا سهر كيف يسهل استغلالك من قبل الأشخاص الذين يحاوطونك؟))
أطفأت سهر الموقد بعد غليان الشاي ثم ضيقت عينيها وهي تصحح لأمها
((أمي بل هي من يتم استغلالها من طرفي.. فهل كنت أجد في الماضي غيرها من يأويني في بيتهم ويطعمني ويشربني بدون أن يتذمر عندما تطرديني من البيت؟))
وقبل أن تخرج سهر من المطبخ هرولت شيرين إلى غرفة النوم بخفة على رؤوس أصابعها حتى لا يشعر أحد بها..
أغلقت الباب خلفها وعادت لتتمدد فوق سريرها..
ما سمعته قبل قليل من والدة السهر التي تعرف أنها لم تحبها يوما جعلها تشعر بالكآبة تتسلل لداخلها أكثر مما سبق..
لقد قررت أن تنهي عقد أجار شقتها القديمة وتعيش في منزل عائلة سهر حتى توفر من مرتبها قدر الإمكان بعد نفاد مدخراتها لمواجهة الأيام المقبلة..
فمع تدخل وليد لن يكون أبدًا سهل ما ينتظرها..
أرجعت راسها للخلف وهي تأخذ نفسا عميقا.. مرهقة هي بكل ما لتلك الكلمة العميقة من معنى..
مرهقه من جبروت رجل سبق ودمر حياتها في الماضي ولا يم بين حين وأخر أن يظهر مجددا ليمتع نفسه في إذلالها..
بالرغم من بقايا حب غابر بداخلها له كلما تواجهت معه..
اخرج صوت سهر التي فتحت الباب ودلفت للداخل من شرودها وهي تقول متسائلة
((لم تنامي بعد يا شيرين؟))
أخذت شيرين كوب الشاي منها بامتنان هادرة
((بدأ النعاس يسيطر عليّ.. لكن كنت انتظرك حتى تنهي من إعداد الشاي أولا))
ارتشفت من الكوب الذي تمسكه قليلا قبل أن تستطرد
((ما رأيك أن تزوريني في عملي غدا أو بعد الغد لتلقي نظرة على مكتبي الذي تم نقله للمبنى الجديد الذي سأكون مشرفة عليه؟))
صدر صوت وصول رسالة لهاتف سهر فأمسكته بلهفة تقرأ ما وصل لها وقد رسم على وجهها ابتسامة حالمة..
بدأت سهر تضغط فوق شاشة الهاتف على أناملها ترد عليها بينما تجيب شيرين بغير انتباه
((حسنا سأرى.. ربما سأذهب صباحا لك في زيارة قصيرة.. فأنا اتفقت في الغد أن ألتقي بقصي في النادي مع والديّ))
كتفت شيرين يدها وقالت وهي تزم شفتيها
((لا اقصد أن أبدو غيورة واعرف أن خطيبك ثري لكن ألا يبدو أحيانا أن لا عمل له إلا ملاقاتك والحديث معك؟ كيف يجد وقتا لإدارة شركته وهو يبقى على تواصل تام معك.. إنه حتى يرافق عائلتك عند السفر للخارج لأيام طويلة))
رفعت سهر وجهها متغضنة الملامح لها ثم أجابت مدافعة عنه
((يعرف كيف ينظم وقته ويهتم بعمله وبي في نفس الوقت.. لا افهم لماذا تستغربين أفعاله وأنتِ حتى لم تتعاملي معه أو تريه إلا مرات شحيحة!))
أنهت شيرين تجرع أخر ما تبقى في كوبها ووضعته فوق المنضدة الملاصقة لسريرها وقالت وهي تدفن نفسها تحت الغطاء
((لا استغرب أفعاله بل أفعالك أنتِ.. متى ستتزوجان على كل حال يا سهر؟))
قلبت سهر عينيها وهي تقول بضجر
((يا الهي كم اكره هذا السؤال.. ألا يكفي تساؤلات أمي التي تقرع فيها رأس قصي لتعجيل موعد زفافنا! والآن أنتِ؟))
هدرت لها شيرين بجدية
((أمك محقة.. أنتما مخطوبان منذ سنتين.. وكلاكما في الثانية والثلاثين.. فماذا تنتظران أكثر؟))
زفرت سهر نفسا حانقا وهي تغلق هاتفها ثم تدخل جسدها تحت غطائها قائلة باعتراض
((لا أمي ليست محقة.. فقد سبق ووضح قصي لها ولابي عندما خطبني بأنه لن يقدر على الزواج بي مباشرة.. فجل وقته وماله يستثمرهما في عمله في شركة عائلته.. وهو حتى الآن ليس جاهز للزواج على شروط وطلبات أمي الباهظة.. وأمي لن تقبل أن يتم الزواج إلا بحفل أسطوري تعويضا لحقل عقد قراننا الصغير وتجهيز فيلا ضخمة لحياتنا الزوجية))
عقدت شيرين حاجبيها وهي تسألها
((ماذا قلتي لي اسم شركته تلك وكيف يديرها من هنا إذا كان مقرها في الخارج؟))
ظهر التيه على وجه سهر وتغضنت ملامحها الناعمة لتقول بتردد
((إنها شركة الكرتونيات.. مممم بصراحة أظل أنسى اسمها لأنه عبارة عن رموز.. أما عن طريقة إدارته للشركة فما أدراني))
كانت ملامح شيرين وجهها جامدة وهي تقول بنبرة جادة أقرب لتوعيها
((مخطوبة لقصي منذ سنتين ولا تدرين تلك الأمور البديهية؟ الم يحاول أبيك سؤاله من قبل عن عمله وما شابه هذه الأمور؟))
أجابت بصوتٍ خافت
((بالطبع يسأله وقصي يجيبه.. ولكن لا اصغي أنا لهذا النوع من الأحاديث))
ظهر الاستهجان على ملامح شيرين وهي تقول لها بوجوم
((اذن ماذا تفعلان طوال فترة لقاؤكما؟ أنتِ الآن لا تعملين ولا تدرسين وجل وقتك تقضيه معه.. وإذا ما عدت للبيت تضلين تتحدثين معه صوتا وصورة على الهاتف.. فبماذا تتحدثان إذن؟))
حركة خفيفة من راس سهر وصمتها جعل شيرين تفهم لتسترسل بصوتٍ دافئ وعينين تفضيان بالاهتمام الصادق
((أنا لا اهتم إذا ما فكرتي باني غيورة أو حسودة منك لأني لا املك ما تملكين رغم تقارب أعمارنا.. لكن هذا لا يعني ألا أحاول أن أنصحك.. عليك أن تكوني يا سهر أكثر من وجه جميل بالنسبة لخطيبك قصي.. حاولي أن تكون إنسانة مثقفة وأكثر من واجهة جميلة أمامه.. تحدثا سويا عن مستقبلكما معا والعائلة التي تنويان إنشائها وعمله ومواعيده.. بدلا من تضييع كل وقتكما بالاستمتاع بوقتكما))
تحرك حلق سهر وهي تهمس بصوتٍ لا يكاد يسمع وهي تمدد على سريرها بغية إنهاء الحديث
((حسنا يا شيرين))
شعرت شيرين بأنها ضايقت صديقتها بلا سبب له داعي.. رغم أنها لم ترد إلا مصلحتها وإدخال كلام والدتها الذي لا تصغي إليه لرأسها..
فتمتمت بخفوت
((طابت ليلتك))
ردت سهر عليها بينما أطفأت شيرين ضوء المصباح الخافت بجانبها فوق المنضدة..
لينتشر الظلام في أرجاء الغرفة في حين تنهدت سهر بضيق ووضعت رأسها فوق وسادتها..
تعلقت عينيها بالسقف لدقائق وعقلها لا يفكر إلا بأخر ما قالته شيرين عن زواجها هي وقصي..
لربما هي محقة.. عليها التحدث معه في هذا الأمر..
=========
وقفت نورين في غرفة الحاجة زاهية بوجه منكس بينما تفرك أناملها بقوة حتى كادت أن تطحن مفاصلها من فرط شعورها بالتوتر..
لقد أخبرتها مدبرة المنزل نعمة بأن والدة زوجها تريدها في غرفتها من أجل شيء عاجل..
وها هي تقف هنا بانتظار ما تريده حماتها أخباره لها..
لم يسبق وان انفردت معها منذ زواجها في مكان واحد.. لذا بدا الحال الآن مثير للارتباك فعلا..
اتسعت عينا نورين وفغرت شفتيها قليلا وهي تراها تُخرج من الصندوق عقدًا ذهبيًا من عدة أدوار.. ثم تقترب منها بينما ترفع العقد الذهبي..
فأحنت نورين رأسها قليلا حتى تلبسها إياه.. ثم أخفضت نظرها تطالع العقد ببريقه الأخاذ يتدلى منها..
أخذت زاهية تحضر أساور ذهبية وتعود لتلبيسها هادرة بصوتها الوقور
((لقد كانت عندي منذ مدة وكنت انتظر الوقت المناسب منذ زواجك حتى اعطيها لك))
انشقت ابتسامة من ثغر نورين وهي تحرك يديها مسروقة الأنفاس
((إنها كثيرة.. لن أتحمل أن اسمع رنينهم كلما حركت ذراعيّ))
سكنت زاهية تنظر في عيني نورين اللامعتين بالانبهار.. ثم قالت لها بملامح غير مقروءة
((ارتدي حليك الذهبي دائما ولا تخلعيه.. مثل ياسمين.. ورتيل.. تعلمي كيف تكونين مثلهن))
لم تتكدر ملامح نورين لذكر رتيل بل تجاهلت الأمر وهي تسمع حماتها تكمل
((ستأتي بعض النساء لزيارتي في المجلس بعد قليل.. جهزي ما ستقدمينه لضيافتهم.. ثم اصعدي لجناحك لتتزيني وتتعطري وترتدي أفضل ما عندك من ملابس وتعالي لتقدمي بنفسك الضيافة لهن))
رغم أن نورين قد لاحظت أن نساء القرية تجتمع عندها دائما كل مساء يحتسين القهوة ويأكلن المقبلات.. ولا ينقطعن أبدًا عنها..
إلا أنها تطلعت في عينيها باستغراب مغمغمه بتساؤل
((أي نساء؟))
أجابتها بهدوء
((بعض الجارات والصديقات حتى يقدمن لك الهدايا والنقوط بناء على طلبهن.. فأنتِ بالنهاية زوجة ابني منذ ثلاثة أشهر.. ولن أستطيع إخفاءك عنهن أكثر من ذلك))
حركت حلقها بارتباك إلا أنها سارعت الابتسام وهي تقول طائعة
((حسنا سأفعل.. عن إذنك))
واستدارت للخلف وقبل أن تفتح مقبض الباب جاءها صوت زاهية متسائلا
((ألا تشعرين بأي شيء مختلف هذه الأيام؟ لقد مر ثلاثة أشهر على زواجك من ابني فهل أنتِ..))
بترت زاهية سؤالها وقد أوصلت معناه لها.. فنكست نورني رأسها تجيبها بخفوت
((لا أبدًا.. أنا آسفة))
لف الإحباط صوت زاهية وهي تقول لها بقنوط
((لعله خير.. لا بأس.. هيا أسرعي وتجهزي الآن))
اجتاحت مرارة خيبة الأمل نورين مثلها تماما.. لكن ماذا تفعل وهي مرة واحدة فقط التي تلك التي حصلت بينهما!
.
.
بمجرد أن خرجت نورين حتى هلعت مسرعة لجناحها.. تنتقي أفضل ما عندها من جلابيب حريرية..
طلبت من سمية أن تجهز ضيافة النساء من أولها لأخرها.. فبالكاد يكفي الوقت لتتجهز هي..
اغتسلت وتزينت وتعطرت.. وبمجرد أن انتهت.. حتى دلفت لمجلس النساء بعد أن طرقت الباب وأذن لها بخطوات ثابتة رغم ترنحها بعض الشيء تحت ثقل ما تحمله بصينية التقديم الفاخرة والكبيرة..
راقبتها زاهية تقدم أمام كل من الضيفات كاس عصير مثلج وصحن يحوي قطعة حلوة.. وهي تدعو الله ألا تخجلها أمامهم..
أتمت نورين توزيع ما في الصينية ثم جلست بتهذيب بالغ بجانب زاهية دون أن ترفع عينيها خجلا..
لحظات كانت حتى علت زغرودة إحدى النساء الجالسات وسرعان ما شاركنها الباقيات.. ثم بدأن بإهدائها أجمل المباركات..
لم تذكر أو تشر إحداهما لا من قريب ولا من بعيد كيف تم زواجها من مصعب..
ولم يخرج من إحداهن إلا طيب الكلام من تشيد ومجاملة زاهية بها وبحسن أدبها وجمالها وهذا ما جعلها تشعر بالاعتزاز طوال وقت جلوسها..
في حين كانت زاهية بين كل وهلة وأخرى تطالعها بنظرات تتلألأ بالفخر ووجها الوقور يرسم ابتسامة هادئة تشع رضًا..
ولن تبالغ لو قالت بأنها أعجبتها مثل رتيل بالضبط وهي التي ظنت بأنها لن تحصل يوما على كنة بمثل اتزانها وكياستها..



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 01:23 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-21, 06:54 PM   #146

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

تمددت رتيل بأريحية على سريرها بينما تسمع سؤال صديقتها على الهاتف
((هل جاء زوجك مانع من عمله اليوم يا رتيل؟))
((نعم يا غنوة.. لقد عاد مؤيد وسيظل لثلاثة أيام قبل أن يعود لعمله وتجارته في المدينة))
((إذن لماذا لا تقضين معه الوقت بدلا من الحديث معي على الهاتف؟))
((ليس متفرغا الآن فهو بالعادة يقضي معظم وقته في الإجازة بغرفة والدته.. والآن هو في سطح المنزل لأن أخيه الكبير هنا أيضًا))
((هل يظن نفسه أعزب! عليه أن يقضي الوقت معك ومع ولديك بدلا من والدته.. لو كنت مكانك لقلبت حياته لجحيم ولمنعته من رؤية امه))
عقدت رتيل حاجبيها وهي تعتدل جالسة ثم قالت مستنكرة
((هل أنتِ مجنونة يا غنوة! وما قد يضرني جلوسه مع أمه! دعيه يجلس عندها بقدر ما يريد.. أفضل من قضائه الوقت مع امرأة أخرى أو إحدى أصدقائه الذي أكرههم))
((أوه فعلا معك حق))
خرجت تنهيدة من غنوة وعم الصمت بينهما قبل أن تكسره وهي تتحدث بالموضوع الذي اتصلت به من أجله
((إذن.. ألن تزورني قريبا؟))
خرج صوت رتيل بائسا وهي تقول بإحباط
((لا يا غنوة.. تشاجرت معه اليوم كثيرًا لأزور عائلتي إلا أنه رفض بشدة فقط من باب إظهار رجولته والتحدي))
تذمرت غنوة قائلة بحنق
((أوف يا رتيل.. لم أراك منذ زمن إلى متى سيظل الحال هكذا! اشتقت لمغامراتنا معًا))
قالت رتيل بحسرة وأسف تضربها بالصميم
((وانا أيضًا اشتقت لتلك الأيام التي اترك فيها باسم وفهد عند عمتي وادّعي أني ذاهبة عند أمي ليومين وحيدة بينما في الحقيقة اذهب عندك))
قالت غنوة بحذر
((هل تظنين أنه بدأ يشك بمسألة قدومك عندي؟))
سارعت رتيل تنفي على الفور
((لا مستحيل.. أنه فقط يتكاسل أن يوصلني لمنزل عائلتي في القرية المجاورة))
قالت غنوة باستياء
((زوجك مانع متشدد ومتعصب وضيق الأفق))
نظرت رتيل بعينيها للسقف وهي تقول بصوت يقطر ندمًا
((لا اصدق أني كنت أحبه قبل زواجي منه حبا جنونيا.. هل تصدقين يا غنوة أني كنت أناجي الله أن يكون مؤيد نصيبي عندما طلبتني أمه له؟))
علت قهقهة غنوة الساخرة فأردفت رتيل وهي تعتدل واقفة من على سريرها
((سأذهب الآن لأحضر الشاي له كما طلب مني قبل قليل.. إلى اللقاء))
أغلقت رتيل الهاتف ووضعته جانبا ثم وضعت وشاحا ابيضا حول رأسها مغادرة للخارج..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-21, 06:55 PM   #147

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في سطح المنزل العالي والواسع والمزين ببعض النباتات والمزروعات المنزلية..
كان كل من مؤيد ومعاذ يقفان متكئان فوق سور السطح الذي يطل على مساحات خضراء شاسعة من أراضي وبساتين القرى..
مع غروب الشمس هبّت نسمات من الرياح عليهما.. تنفس مؤيد الصعداء قبل أن يقول
((منذ زمن لم نجلس هكذا يا معاذ.. لم اعد أحب العودة للقرية إلا عندما اعرف أنك هنا))
وجه معاذ نظراته لأخيه ليرد مبتسما
((ومالك ومصعب ألا تحب الجلوس معهم!))
خرجت قهقهة خشنة قصيرة من مؤيد ثم قال
((صدق أو لا.. لكن طوال وجودي هنا لا أتحدث معهما ولا أراهما إلا صدفة.. كلاهما غارق في عمله وأصدقائه وكلاهما من النوع الكتوم الهادئ.. أنتَ فقط من اعتبرك صديقي بجانبك كونك أخي))
تنهد معاذ بعمق واستدار يحمل شاف مياه ليرش القليل منه على أرض السطح لتبريدها بينما يهدر
((كبرنا يا مؤيد وكل واحد سرقته الحياة بعيدا عن الأخر وضعفت أواصر أخوتنا ولم تعد متينة كالسابق))
((معك حق))
جلس مؤيد حيث يضع الوسائد والإسفنجات وتبعه معاذ بينما يسأله بهدوء
((لماذا كنت تصيح في الصباح الباكر؟ لا يجوز يا أخي أن تضل على طبعك العصبي هذا))
تمدد مؤيد فوق إحدى الفراش يتمتع بانخفاض درجات الحرارة والنسمات الليلية ثم أجابه
((ليس كل الرجال المتزوجين والغارقين مع نكد النساء قادرين على التحكم بأعصابهم يا أخي.. ليس الجميع محظوظين وأرامل من أمثالك))
شبح ابتسامة متهكمة ارتسم على ثغر معاذ من كلام أخيه رغم أنه قد ضرب وترا حساسا فيه عند ذكر امرأته المتوفاة التي كانت بالنسبة له تؤام روحه..
لكنه لم يؤاخذ مؤيد فهو يعرف تصلُّب شعوره وضَيْق أُفُق إحساسه بالآخَرين!
اكتفى يلكز كتفه بخشونة هادرا
((غليظ أنتَ يا مؤيد.. أراهن بأنك أنتَ النكدي في البيت.. وهي لها الجنة بإذن الله جزاء لصبرها عليك))
أدار مؤيد رأسه نحو أخيه يقول باستياء
((تريد مني أن أرسلها لتزور أمها كل شهر.. تخيل!))
هدر معاذ بدهشة وتفكه
((كل شهر! هي الابنة الوحيدة لأمها.. ألا يجب عليها أن تذهب كل أسبوع؟))
رد مؤيد عليه بملامحه الجادة الخشنة وتعابيره المتأهبة
((معاذ توقف أنتَ الأخر.. لا تشعرني أن أمها وحيدة لا تعيش مع ابنيها في نفس المنزل.. إذا كانت تحب أمها لهذا الحد فلم يجبرها أحد أن تتزوج وتتركها))
انكمشت ملامح معاذ وقال بشيء من الامتعاض
((يا أخي أنتَ ظالم.. تحرم زوجتك من ابسط حقوقها وهي زيارة أمها بين كل حين وأخر!))
رد مؤيد بجفاء ونبرته يشوبها القسوة
((أحرمها! إنها تعيش في منزل ووضع مالي لم تكن لتحلم فيه في منزل عائلتها))
حافظ معاذ على سكون ملامحه بينما يخبره بتلقائية
((ومن قال لك ما قصدته هو المال والرفاهية.. هناك أشياء لا تشترى بالمال.. كالحب والرعاية والتواد والتواصل.. وهذا ما تفتقر وجودك في حياتك.. عملك لا يترتب عليه أن تضل في المدينة ولا يحتاج منك أن تؤجر شقة هناك لتظل معظم الأيام فيها هنا والله اعلم ماذا تفعل لوحدك فيها..))
تحفزت ملامح وجه مؤيد ليسارع بالاعتدال جالسا ثم خرج صوته بدون أن يشعر عاليا غاضبا بينما يقول بنبرة جادة
((لحظة.. لحظة.. لحظة يا أخي أنا لا اسمح لك أن تصوب اتهاماتك.. معَاذَ الله أن اقترب من الحرام))
ضاقت عينا معاذ وهو يرمقه بنظرة مفادها عدم تصديقه.. وقال وحاجبيه يزدادان انعقادًا
((لقد رأيتك يا مؤيد بأم عيني في إحدى الأيام تجلس مع امرأة سافرة في إحدى المطاعم.. ماذا تسمي هذا؟))
اضطربت ملامح وجه مؤيد إلا أنه حافظ على صلابته وهو يقول
((متى رأيتني؟ متى كان ذلك؟ وكيف شكل المرأة؟ هل كانت ذات شعر أشقر طويل؟ إنها إحدى عملائي ولها أصول غربية وكنا نتناقش بشأن عملنا.. إياك أن تسيء الظن بي))
صمت معاذ للحظة وهو يرمي أخيه بنظرةٍ سوداء ثم قال بنبرةٍ جافة تحمل بعض السخرية
((لا من رأيتها معك امرأة صهباء وشعرها قصير.. هل غيرت لون وشكل تصفيفة شعرها أم هي امرأة أخرى!))
ورغما عنه خرجت تلك الضحكة الخافتة منه فقال متهكما وهو يرفع عينيه للسماء بلا تصديق
((رباه مؤيد.. ماذا تفعل بحياتك هناك في المدينة! الأمر أسوء مما ظننت))
شد مؤيد على أسنانه بغيظ إلا أنه نظر بعينيه المشعتين بنظرات التهديد والغضب لأخيه.. ثم غمغم بصوتٍ خفيض وهو يرنو بعينيه المهتزتين على أخيه بينما يرفع سبابته منبها
((لن أعيد كلامي مجددا يا معاذ.. أنا لا اسمح لك.. أنا أتعامل مع مختلف العملاء من نساء أو رجال.. والتقي بعميلاتِ من النساء في لقاءات محترمة في أماكن عامة.. مقاهي.. نوادي.. هذه هي الأماكن التي نجلس فيها))
لم يتمكن معاذ من خنق ضحكة ساخرة أخرى خانته وانفلتت من بين شفتيه ليقول
((لا محترم يا أخي.. محترم جدًّا.. تذبحني باحترامك.. لا أدري كيف سأقتنع أن علاقتك مع تلك النساء هي مجرد علاقات عمل!))
تنهد مؤيد باقتضاب وعاد يتمدد وينظر للسماء متمتما بامتعاض
((صدق أو لا هذا امر عائد لك ولا يهمني.. كل ما في الأمر أني أحب أن أعيش حياتي بشكل جيد ولا ادخر شيء من المتعة))
صوب معاذ نظراته الساخرة عليه وهو يقول
((نعم عش حياتك بشكل جيد.. أما عندما طلبت منك أن تسمح لزوجتك أن ترافق ابنتي للنادي نهاية كل أسبوع لهناك اعتذرت متأسفا بأنك لا تحب أن تخرج زوجتك من البيت بشكل متكرر.. تحل عليك ما حرمته على دارين وزوجتك))
غمغم مؤيد بهدوء دون أن ينظر له
((يا أخي أنا حر لا أحب أن تذهب زوجتي لتلك الأماكن.. إذا أردت مرافق لابنتك حتى تسمح لها للذهاب هناك تزوج يا أخي وستحل مشكلة دارين.. أما المرأة المسؤول عنها في حياتي فأنا حر بالسماح لها بالذهاب أو لا))
استنكر معاذ كلامه قائلًا
((لكن لم هذا التناقض في حياتك يا مؤيد! ترفض ذهاب زوجتك إلى أماكن عادية ومألوفة في حين أنك تذهب وترتاد أماكن أفظع مع صديقاتك!))
رفرفت عينا مؤيد صامتا لوهلة كمن يستجمع سيطرته على نفسه ثم قال بجدية
((لأني رجل يا معاذ.. رجل ولي مطلق الحرية في تلبية كل رغباتي واحتياجاتي.. ولن يحاسبني المجتمع يوما عليها.. بينما يقيس المجتمع مكانة زوجتي بمدى حفظها والتزامها))
سبق وكان لمعاذ فكرة عن طباع وتفكير شقيقه إلا أن كلامه هذا أثار استهجانه فتساءل
((من أين تجلب هذا الكلام يا أخي؟ هل يتعامل والدنا بهذا الشكل مع أمنا؟ ألا تراه يقدرها ويحترمها ويحبها ويعاملها بالمودة والرحمة؟))
تمتم مؤيد بضيق
((أنتِ لا تدري شيء يا معاذ فلا تتدخل))
إلا أن معاذ أكمل الحديث وهو يقول بجدية
((ألم تقل بأنك تعاني من نكدها؟ إذن دعها تذهب وتجرب ولا تحرمها من شيء.. صدقني ستريحك أنتَ.. ثم هي في النهاية إنسانة بحاجة لمصادر إشباع.. كصديقات ونشاطات.. حتى يضل الحب عامرا بينكما ولا..))
قاطع مؤيد كلامه على الفور بهدوء وجفاء
((ومن قال لك أني أحبها؟))
صمت معاذ لحظات باستغراب.. قبل أن يقول متوجسا بخفوت
((الم تنتظرها سنوات حتى تنهي دراستها وتتزوجها؟ ألا تحبها حقا؟))
أجاب مؤيد ببرود وبساطة
((نعم لكنها ابنة إحدى صديقات أمي.. وأمي من اختارتها زوجة لي))
ضيق معاذ عينيه متسائلا
((مؤيد.. إذا لم تكن تحبها لم تزوجت منها؟ الست رجلا وقادر على اختيار أي امرأة تريد الزواج منها؟))
أوما مؤيد رأسه ببساطة ثم قال
((نعم اعرف أني لم أكن مرغما على الزواج ولكن شعرت بان عليّ فعل ذلك لإرضاء أمي.. وعائلتي.. فقط.. ثم.. ثم كنت بحاجة لتكون زوجتي وأم أولادي امرأة مطيعة.. خلوقة.. تتحمل المسؤولية.. من عائلة لها نسبها.. وأستطيع أن أثق فيها أثناء غيابي مثل أمي))
فتح معاذ كفيه متسائل بجدية
((ممتاز.. كل هذا فيها ولا تحبها وتتسكع مع نساء أخريات في المدينة؟))
رد مؤيد ببلادة
((نعم لان زوجتي كما أخبرتك تزوجتها لافتخر بها أمام مجتمعي وعائلتي وأقاربي.. ولكنها ليست هي الفتاة التي أحلم بها.. ولا حتى نفس التي حلمت في الزواج منها وليست حتى قريبة من صورة المرأة التي تحاكي تصوراتي العميقة))
هز معاذ رأسه بيأس من كلام أخيه ثم قال مستسلما
((لا أدري ماذا أقول لك إلا أن تحاول تغييرها لتصبح فتاة أحلامك بدلا من التسكع مع هؤلاء النساء في المدينة))
خرجت من مؤيد تنهيدة عميق.. قبل أن يقول بصوتٍ صادق وثقيل
((ألم أقل لم بأنك لا تفهمني.. كيف تريد مني أن أغير رتيل وأنا تزوجتها لأنها كذلك ولأني لا أريد أن أغيرها.. فشخصيتها وما هي عليه لها قالبها الذي لا يجوز أن تخرج عنه.. والا لن تصبح صالحة لفكرة أن تكون زوجة لي ولتربية أولادي.. بينما مشاعري واحتياجاتي العاطفية كلها سأذخرها لنساء أخريات))
تغضن جبين معاذ باستهجان متسائلا
((تذخرهم لأخريات؟ تلك النساء اللواتي تقابلهن في المدينة؟ إذن فضحت نفسك واعترفت بأن الأمر لا يقتصر معهن على لقاءات العمل))
أغمض مؤيد عينيه عن تأمل السماء ثم قال
((لا.. هن حقا مجرد عميلات عندي.. أنا أتحدث عن امرأة أخرى ابحث عنها وأتمنى أن أجدها يوما))
رفع معاذ إحدى حاجبيه ومال بظهره يسأله
((من هي المرأة التي تتمنى أن تجدها يوما ما؟ هل اعرف عنها شيء؟))
هز مؤيد رأسه وقال
((لا أحد يعرفها ولا حتى أنا لأنها من خيالي))
ضحك معاذ بخفوت لا يحمل من المرح شيئا ثم قال
((مجنون.. أكاد اقسم بذلك.. هل أنتَ حقا في الثالثة والثلاثين من عمرك يا مؤيد؟))
لم ينزعج مؤيد من نعته بل قال بهدوء
((نعم أنا مجنون.. لأني عندما أجد تلك المرأة فأنا مستعد لأهدم كل ما بنيته في السابق من أجلها رغم أني لم أحدد بعد ملامحها ولم أعثر عليها لكن أقسم بأني سأفعل إن وجدتها.. أريدها جميلة.. وبصفات كثيرة.. لا أظن بأني سأجد فيها كل ما أريده.. لكن على الأقل أريد أن أجد فيها بعض ما أتمنى فلي الحق في الاستمتاع قبل أن يتقدم بي العمر أكثر))
تمتم معاذ بصراحة
((أشفق على زوجتك التي تعيش معك))
ساد صمت طويل بينهما لم يقطعه سوى صوت حركة الرياح مع أوراق الأشجار..
فتح مؤيد عينيه يكسر الصمت قائلا بنبرة فيها بحة وهو يغير الموضوع السابق
((تعاد وتمدد بجانبي يا معاذ تأمل السماء.. بدأ الظلام ينتشر وازدادت النجوم المتلألئة تألقًا فيه))
ابتسم معاذ موافقا وألقى بإحدى الوسائد ثم وضع رأسه فوقها يتمتع هو الأخر بالهواء المنعش ويسرح في هذا المشهد الرباني..
شعر مؤيد بجفونه تزداد ثقلا وكاد أن يغفو قبل أن يقول بصوتٍ أجش
((ما رأيك أن نصلي العشاء ثم نبيت على السطح هنا كما كنا نفعل في أيام صبانا))
لم يبدِ معاذ الاقتناع وهو يجيبه بصوتٍ ناعس
((إنسَ الفكرة.. لن أتحمل أن أجبر غدا على الاستيقاظ في وقت مبكر جداً حين تشرق الشمس وتبدأ حركة الناس والضجيج في الشوارع))
وخفتت أصواتهما غير مدركين للمرأة الواقفة جانبا ورائهما متجمدة الحواس لا الجسد من كم الإهانات التي خرجت من فم زوجها أمام أخيه عنها..
وجهها شاحب.. عينيها محتقنتين.. والدموع متجمدة بها..
يديها الممسكتين بصينية الشاي ترتجفان.. وقلبها متسارع الخفقات..
أسدلت جفونها للحظات تحاول استيعاب ما سمعته طوال حديثهما..
والذي مضمونه بأنها ليست بالنسبة له إلا زوجة وأم الولدين وقد اختارها ليرضي مجتمعه وعائلته فقط لا غير..
ليس وكأنها تجهل هذه الحقيقة.. لكن يضل سماعها صراحة أمرا مُرًا كالعلقم..
تعرف أن عمله لا يتطلب بقائه هناك كل هذا.. وأن هناك غرضًا وراء استئجاره شقة في المدينة وعدم عودته هنا إلا عدة أيام كل أسبوعيين وكأن منزله فندق للزيارات!
بل ما سبق وأثار استغرابها أنه بطبعه يحب أجواء قريته ويختنق من الازدحام والضوضاء.. ومعتاد على رائحة النباتات والعيش في الهواء الطلق!
لكن ليس هنا عميلات متبرجات شقراوات هنا يستطيع الخروج معهن والتنزه من حين لأخر..
شعرت رتيل بنفسها يضيق فاستدارت للخلف تغادر المكان كله بخفة خطواتها..
وما أن ابتعدت كفاية حتى أخذت نفسا عميقا..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-21, 06:56 PM   #148

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

دخلت رتيل المطبخ شاردة الذهن بدون أن تنتبه على المتواجدين فيه ووضعت صينية الشاي فوق الرخام..
تصاعد رنين الهاتف المرة الثانية فارتأت أن ترفعه وتفتح الخط على المتصل والذي كان زوجها.. مؤيد
((أين أنتِ يا رتيل؟ الم أخبرك أن تعدي الشاي قبل ساعة؟))
همست بصوتٍ فاتر أجوف
((سأعده الآن واعطيه لاحد غيري ليجلبه لك))
وصلها صوته صارخا باقتضاب
((لم تعديه حتى الآن؟ هيا أسرعي سننام قبل أن يجهز))
أغلقت رتيل الهاتف بغل وأمسكت إبريق الشاي تفرغه تحت أنظار نجوم التي جاءتها مستهجنة تقول
((لماذا ترمين ما في الإبريق يا سيدة رتيل؟ ألم يعجبك الذي أعددته؟))
التفتت رتيل بوجهها الواجم تضع عينيها بعيني الخادمة الشابة التي تعمل عندهم
((لم يعجبني كمية سكر الشاي.. أعديه مرة ثانية يا نجوم وأنا من سأضع السكر فيه بنفسي))
أومأت نجوم رأسها بطاعة لرتيل قبل أن تشهق متألمة من لكزات والدتها منال التي قالت لها من بين أسنانها مؤنبة بقسوة
((نجوم أيتها البلهاء هل عليّ أن أضل أعلمك حتى الشاي كيف تعيرين مقدار السكر؟))
مطت نجوم شفتيها وهي تمسد بيدها مكان الضربة قبل أن تبدأ بوضع إبريق أخر مملوء بالماء فوق الموقد..
دخلت مدبرة المنزل نعمة للمطبخ لتتسع عينيها ويرتسم الضيق على وجهها وهي ترى مالك بأخذ مكان في زاوية المطبخ بهدوء بينما يجلس يزيد فوق الطاولة يجهز له عصيدته المفضلة..
اقتربت نعمة من منال هامسة ونظرها لا زال مصوبا لمالك
((ماذا يفعل السيد مالك هنا يا منال؟))
حدجت منال سمية التي كانت تقف بجانبها بنظراتها وأجابت نعمة
((لا شيء.. ابن الهانم مكتئب وهو هنا يطيب بخاطره لأنه يخشى أن يذهب لنومه حزينا وبمعدة فارغة))
ازدردت سمية ريقها وقد فهمت من نظراتهما لها ولمالك برفقة ابنها عما يتهامسن..
اقتربت نعمة منها توبخها هامسة بحدة
((أكم مرة عليّ أن أقول لك ألا تدخلي المطبخ؟ عملك في حديقة المنزل وحسب.. وابنك الشقي لا تجلبيه معك ليفتعل المشاكل ويشغل السيد مالك))
شيء من الحرج والألم غشي ملامح سمية لما تسمعه من حدة وكأنها مذنبة تستحق التوبيخ..
رفعت أنظارها لنعمة متمتمه
((أنا ومنذ مدة طويلة لا ادخل المطبخ أبدًا إلا لمساعدة نورين بين الحين والأخر.. وكنت سأغادر لأعود لبيتي وقد تأخر الوقت لولا أن السيد مالك تمسك بيزيد))
هدرت بها نعمة بحزم
((هم زوجوها من أحد أولادهم حتى تخدمهم لا لنخدمها نحن.. ألا تعرفين أن قريبها هو من قتل يحيى ابن شقيق الحاج يعقوب عامدا متعمدا؟))
وأيدتها منال قائلة وهي تومئ برأسها
((لقد قيل لنا من قبل السيدة زاهية ورتيل ألا نعاملها هنا إلا كخادمة فلا تعصيها بما تفعلينه))
تمتمت سمية بهمس تتلمس عطفهم على نورين
((هي فعلا طلبت مني ألا اسبق اسمها بكلمة "سيدة".. وانا لا أقوم إلا بمساعدتها في المطبخ فقط ببعض الأمور لأنها ما تزال صغيرة على كل هذا))
ظهر السخط على وجه نعمة ولم يعجبها ما سمعته من سمية إلا أنها ابتعدت عنها متوجهة نحو مالك هاتفة بصرامة
((كفى يا يزيد.. لقد أتعبت السيد مالك.. هيا قم يا ولد بلا دلال))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-21, 06:57 PM   #149

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

قال مالك بهدوء دون أني يعطي انتباهه لها
((دعيه يا نعمة.. لقد أنهيت الآن صنع العصيدة أخيرا))
أمعنت نعمة النظر في يزيد الذي كان يخفض بصرها حتى لا يواجهها وقد أدرك رغم صغر سنه بأنها لا توده ولا تحبذ تواجده هنا كما الباقيين.. ثم قالت لمالك
((أنا احفظه منذ صغره إنه يحب أن يتظاهر بالمرض ولفت الانتباه لأقل شيء يحدث له.. إنه يتدلل ويتصرف كطفل صغير لا كابن تسع سنوات))
صوب مالك نظراته الحادة لنعمة قائلا بهدوء
((توقفي يا نعمة.. ولا تفسدي شهيته قبل الأكل.. وجهه باهت.. وهو مريض))
تخصرت منال تلوك فاهها قبل أن تتمتم كمن تحدث نفسها ولكن بصوتٍ مسموع
((عند هذا الولد يزيد والد حي يرزق فلماذا لا يتدلل عليه هو بدلا من غيره!))
رفرفت سمية بعينيها تمنع عبارتها المتجمعة من الخروج.. لقد طفح الكيل وعليها بالفعل ألا تخطوا بقدمها لمطبخ الحاج يعقوب مجددا..
فالجميع هنا من أصحاب المنزل والعاملين فيه لا يطيقون تواجدها أبدًا فيه..
كانت تهم بأخذ يزيد من مالك إلا أنها سمعت نعمة تقول بنبرة هادئة
((سيد مالك بدأت مؤخرا تتردد كثيرًا على المطبخ.. وهذا لا يجوز.. أنا أتحدث من أجلك أنتَ))
كانت نظرات نعمة الصارمة متحدية لمالك الذي ضيق عينيه..
قالت سمية بصوتٍ متحشرج وهي تمد يدها لابنها
((يزيد تعال.. هيا تعال.. لنذهب الآن للبيت))
تطلع يزيد في ملامح وجه أمه التي نبأته بألا يجرؤ حتى بالاعتراض فهذا امر جدي ولا يتحمل تذمره..
إلا أنه اخفض وجهه الشاحب من إعيائه وتمتم بتبرم طفولي
((أمي.. أنا مريض وسأتناول من العصيدة أولا))
اتسعت عيناها من رفض ابنها لتقول بعيني صارمتين وهي تقترب منه أكثر
((يزيد هيا تعال))
رجاها بصوته المتعب
((أمي.. لا أريد.. دعيني أضل أكثر قليلا))
رشق مالك كل من نعمة ومنال بغضب يستعر من خضراويه لما تسببا بقوله من كلام جعل سمية تقرر أخذ يزيد بعيدا..
كانت سمية التي تحمل يزيد تهم بالخروج من المطبخ من الباب المطل للبستان في الخارج تزمنا مع دخول نورين المطبخ هاتفة باسمها بصوتٍ مفعم بالبهجة..
فالتفتت سمية باستغراب تسألها
((ما بك يا نورين؟ هل انتهت زيارة النساء عند السيدة زاهية؟))
تقدمت نورين منها لهفة وابتسمت ممتنة وهي تقول بصوتٍ لطيف
((لا ولكن استأذنت الخروج.. لقد أعجبتهن الضيافة شكرا لكِ يا سمية.. أتعبتِ نفسك كثيرًا أثناء مساعدتي رغم أنه ليس من واجبك))
ابتسمت سمية ترد بنبرة جشيه
((لا تقولي هذا.. أقل من واجبي))
تدخلت منال قائلة بوقاحة
((طبعا أقل من واجبك.. فالحاج يعقوب خيره عليك وعلى الكل))
لم يكن مالك راضي عما تفعله سمية من تطوع بمساعدة نورين حتى لو كان بطيب خاطر فهي هنا ليست خادمة..
لكن الأنكى من ذلك أنه كان ساخطا على كل العاملين في منزلهم وهو يراهم يسيئون معاملتها بهذا الشكل رغم لطفها البالغ مع الجميع..
وبالرغم من الغضب الكامن بداخله اكتفى يردع منال قائلا بصوتٍ مقتضب
((توقفي عن كلماتك السامة هذه))
إلا أنها ردت مغمغمه بلامبالاة أو احترام لأبن سيد منزلها
((لم أخطئ بشيء مما قلته يا سيد مالك))
بدأت نورين تمرر يدها فوق شعر يزيد الناعم تداعبه وقد بدا الإعياء جليا عليه..
في حين أخذت نعمة نفسا طويلًا لم تزفره..
كانت تريد التدخل إلا أن وجود مالك هنا في المطبخ يعيق عملها هنا ويقلل من هيبتها..
لم تكن راضية أبدًا عن تواجده هنا وكانت تفكر بإخبار والدته سيدة هذا المنزل عن كثرة دخوله لهنا والتدخل في سلطتها في تدبير أمور المنزل والعاملين فيه..
أنهت نجوم صنع الشاي وتطلعت لرتيل التي كانت تقف مائلة ومتكأه على الرخام بينما تكتف ذراعيها..
ذهنها.. عينيها.. وكل ما فيها شارد لعالم أخر وكأنها ليست هنا ولم تشهد كل ما حدت قبل قليل..
هتفت نجوم باسمها عدة مرات قبل أن تنتبه رتيل متجهمة لها لتقول نجوم بلطف
((لقد أنهيت الشاي يا سيدة رتيل.. تفضلي))
قامت رتيل بتعديل الوشاح وهي تقول بفظاظة
((ضعيه هنا ريثما أضع السكر في داخلها وأحركه))
أومأت نجوم وابتعدت فأخذت رتيل صينية الشاي وفتحت إحدى العلب التي كانت تحوي ملح ووضعت أطنانا منها داخل إبريق الشاي..
عقدت منال حاجبيها وهي تناظر بصمت وذهول ما تفعل رتيل بدون أن تفهم غايتها قبل أن تسمعها تنادي نورين بصوتٍ جهوري قائلة
((نورين اذهبي وأرسلي الشاي لزوجي وأخيه في سطح المنزل))
استدارت لها تقول لرتيل بتعابير حازمة وقد اكتفت من استعبادها كما أن الخوف لا يزال يدب بداخلها من اسم مؤيد
((اذهبي أنتِ واجلبي لهما الشاي.. لم أنا؟))
شهقت رتيل وهي ترى نورين تتحداها بصلابة فهتفت فيها بحدة
((عندما أقول شيء عليك أن تنفذيه بلا أي نقاش.. وعليك طاعتي))
ردت نورين بثبات
((لا أريد))
توحشت ملامح رتيل وهي تزعق فيها بينما لا تزال تحمل صينية الشاي
((هل تقولين لي لا صراحة؟ هل هذه بوادر تمرد يا نورين؟))
لم تتراجع نورين رغم الخوف الطفيف الذي دب فيها لتقول
((زوجك أنتِ اذهبي واخدميه))
تدخلت منال وهي تزجر نورين هادرة
((قالت لك السيدة رتيل أن تذهبي بالشاي لهما فوق فافعلي بدون أي نقاش))
التفتت نورين تنظر لها قائلة
((لا أريد.. ولا اسمح لك في التحدث معي بهذا الشكل))
التفتت سمية تنظر لمالك الذي لوح لها برأسها أن تتدخل قبل أن تدخل النساء في عراك..
فأنزلت سمية ابنها الذي كانت تحمله وتقدمت منهن قائلة بينما تبعد يد منال التي تمسك ذراع نورين برفق
((منال حرري يدها سيقع الشاي الساخن الذي تمسكه السيدة رتيل عليها))
أعطت رتيل صينية الشاي لمنال تمسكه بيد واحد بينما تهتف بسمية
((لا تتدخلي وابتعدي.. أنا لا اسمح لك))
كانت أنظار سمية كلها موجهة على صينية الشاي التي تحملها منال بيد واحد متذبذبة الحركة لتقول
((سيدة رتيل أرجوكِ انتبهي سيسقط الشاي عليها))
نظرت رتيل لنورين تأمرها مجددا
((اصعدي بالشاي فوق ولا تثيري أي فضائح هنا))
تأجج غضب نورين من طريقة معاملة رتيل منها..
شعرت بأنها نالت كفايتها فصرخت وهي تقوم متهورة بدفع الصينية التي تمسكها منال قريبة منها ليتهاوى أرضا صارخة
((دعيه يسقط لترتاحي يا رتيل))
ابتعدت النساء كلهن شاهقان وقد تناثرت قطرات من الشاي المغلي عليهن..
إلا على سمية كان نصيبها أن سقط الشاي كله على يديها فأجفلتها شهقة ملتاعة لتخرج منها صرخة ألم من حرارة الشاي الساخن..
تصلب نورين ورتيل مكانهما بصدمة لما حدث لها.. وخرجت باقي شهقات النساء عاليا..
هلع مالك نحوها يسألها والذعر عليها يملأ عينيه
((سمية.. سمية هل أنتِ بخير؟))
خرجت الكلمات منها متشنجة بينما تغمض عينيها من شدة ألم ما تشعر به
((أوه.. يا إلهي.. يدي))
أمسكتها نعمة من مرفقها على الفور وجرته نحو صنبور المياه لينسكب الماء عليها بينما ترفع كميها..
هال ملك منظر جلد يدا سمية الحمراوين بفعل الشاي الساخن الذي انسكب فوقهما.. فهو الأدرى بمدى رقة وحساسية بشرتها..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-21, 07:01 PM   #150

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

دمعت عينا نورين وتزايدت وتيرة أنفاسها بخوف لأنها كانت المتسببة لما حدث لها..
دخلت زاهية المطبخ ومعها إحدى الجارات التي كانت عندها لتسأل فزعة
((ماذا يحدث هنا؟ أصواتكم وصلت عنا))
كانت في هذه الأثناء تقترب نورين من سمية بمحاولة الاطمئنان على يدها الموضوع تحت الماء البارد إلا أن صوت مالك يردعها علا هاتفا
((ابتعدي عنها.. كل ما حدث لها بسببك أنتِ))
خرج صوت نورين مرتعش وهي تقول معتذرة بارتباك
((لكن لم اقصد.. كنت أريد أن ارميه أرضا لا عليها))
لم يرأف مالك بها وهو يستمر بجزرها
((ابتعدي من هنا إذن))
اتسعت عينا زاهية من ردة فعل ابنها.. بل عن سبب وجوده هنا.. شتت نظرها للفوضى الحادثة في المطبخ ثم نظرت لرتيل التي كانت تقف مكانها تسألها
((ماذا حدث هنا؟))
أخفضت رتيل وجهها وكان كل ما فيها متشنجا..
خافت منال عليها أن تعترف فتدخلت قائلة بمسكنة
((كما تريين يا حاجة زاهية.. طلبت السيدة رتيل من نورين جلب الشاي إلا أنها رفضت وقامت برميه أرضا وسكبت ما فيه على سمية))
بالكاد تماسكت نورين وهي ترى نظرات زاهية والجارة التي جاءت معها.. كن يرمقنها بسخط وخيبة أمل..
ومن فرط الأحراج الذي كان يجتاحها لم تقدر على النطق بشيء..
اقتربت زاهية من سمية التي كانت تغمض عينيها تكتم ألمها بصعوبة لتسألها
((هل يداك بخير الآن؟))
أومأت سمية برأسها تقول بشق الأنفس
((نعم بخير.. الحق عليّ أنا من تدخلت ودفعت يدها فانسكب عليّ))
نظرت زاهية بطرف عينها لابنها مالك بانزعاج لتواجده هنا بينما تراه يجلس على الكرسي وهو يُجلس يزيد المرتاع على امه فوق حجره ويده يمررها فوق ظهره ليهدئه..
ثم عادت تنظر لسمية المتألمة قائلة بصرامة لا تناسب الموقف
((إذن لا تتدخلي أبدًا مرة أخرى حتى لا يحدث امر مماثل لهذه مجددا))
وكما توقعت قال مالك وتدخل معترضا
((أمي لقد أصيبت بحروق ربما تكون من الدرجة الثانية وأنتِ تلومينها هنا!))
قالت الجارة التي جاءت مع زاهية
((ماذا تفعل يا مالك هنا؟ من غير اللائق تواجدك هنا مع النساء.. غادر مع الطفل))
وقف مالك من مكانه وهو لا يزل يحمل يزيد
((سأذهب بها للمشفى ليتفحص الطبيب حالتها))
جحظت عينا زاهية لعرض ابنها الجريء الذي قاله الآن.. فعضت على شفتها قبل أن تردعه
((مالك اخرج من هنا ودعني أرى أنا يديها.. لن تحتاج لطبيب))
استجاب مالك على مضض وخطى نحو الخارج.. في حين قالت نعمة وهي تغلق صنبور المياه
((لا تقلق لا تبدو إصابات بالغة تستدعي ذهابها للمشفى.. سأضع الدواء المخصص للحروق واضمد يدها وسينتهي الأمر))
اقتربت نورين من سمية هامسة
((أنا أسفه حقا لم اقصد ما فعلته))
رفعت سمية نظرها قائلة بنبرة ودودة رغم ألمها
((لا دخل لك أبدًا.. الخطأ خطئي))
عندما كان مالك خارجا من عتبة باب المطبخ إلى الداخل اتسعت عيناه متمتما
((مصعب؟ هل جئت؟))
ظل مصعب الواقف مكانه يطالع ملامح أخيه الأصغر سنا المضطربة.. والى الطفل الصغير مرتعش الجسد دليلا على بكائه الذي يحمله..
فعقد حاجبيه يسأله بصوتٍ فيه بحة
((ما الذي يحدث في المطبخ يا مالك؟))
التفت مالك ينظر لداخل المطبخ.. إلى حيث تقف نورين.. ثم قال بجفاء إلى أخيه
((زوجتك سكبت الشاي الساخن على سمية))
اتسعت عينا مصعب لما سمعه وتحفز يدخل على الفور للمطبخ هادرا بنورين بحدة
((ماذا فعلتي؟))
اتسعت عينا نورين اللتان تلمعان بالدموع وهي ترى زوجها يقف أمامها فازدردت ريقها وبدت من هيئة وجهها كطفلة مذنبة..
فتطوعت منال لتجيب مصعب بازدراء
((رمت إبريق الشاي متعمدة أرضا فانسكب على سمية))
شعرت زاهية بالحرج مما يحدث الآن خاصة مع تواجد جارتها معها شاهدة..
فقالت بصوتٍ مقتضب لابنها
((خذ يا مصعب زوجتك وابتعدا من هنا))
وهي تحبس أنفاسها خوفا وجزعا ...وخزيا..
عاد مصعب يطالع نورين ولوهلة ترنحت في وقفتها وهي ترى وجهه يتصلب وملامحه تشتد.. بدت ملامحه في هذه الحظة قاتمه..
حاولت ترطيب شفتيها وفغرت شفتيها قليلا تجاهد النطق بأي شيء وتبرير موقفها إلا أن صوت مصعب جاء بصوتٍ جاف قاسي وهو يأمرها
((اصعدي فوق))
ثم توجه نحو والدته وسمية وقال لنجوم
((أحضري لي يا نجوم علبه الإسعافات الأولية ودعيني أرى يداها يا أمي))
بدأ مصعب يوجه والدته ونعمة الإجراءات اللازم فعلها على يد سمية بدء من وضع مرهم علاج الحروق حتى تضميده وقال في النهاية مطمئنا سمية
((لا تقلقي لن يترتب عن الحرق ضرر كبير ولن يطال الطبقات الأكثر عمقا في الجلد.. سيشفى الحرق من أسبوعين إلى ثلاثة فقط لا تحاولي التخلص من الفقاعات التي ستظهر على سطح الجلد))
ثم نظر إلى أخيه الذي كان لا زال واقفا عند عتبة المطبخ يطمئنه بعينيه عليها.. وكأنها تخصه..
ورغم ذلك لم يكن مالك مطمئنًا..
فمع أن مصعب أكد أن إصابة يديها لا تحتاج الذهاب للطبيب.. إلا أنه في النهاية ليس طبيبا مختصا.. بل مجرد ممرض..
لذا تمنى لو يصحبها إلى طبيب مختص..
استدار مالك للخلف يخرج متجها نحو الدرج ليصعد نحو غرفته إلا أن نداء صوت رتيل أوقفه مكانه..
التفت لها باستغراب يراها تقول على استحياء وخجلا مما فعلته قليلا
((لقد تبرعت نجوم أن تنام في منزل سمية لتهتم بها بسبب إصابتها.. اعطيني يزيد وسأذهب به لغرفة باسم وفهد لينام معهما))
وكانت رتيل قد مدت ذراعيها لتأخذ يزيد.. شعر مالك بتصلب الصغير بين يديه بإشارة أنه لا يريد أن يذهب معها..
وكيف يذهب أو يرتاح تجاهها وهي لم توفر في أي مرة سابقة أن تعبر عن سخطها وكرهها لابن البستانية في أن يكون بنفس منزلة ابنيها..
فقست ملامح مالك وهو يخبرها بجفاء
((لا يريد.. سأفرش له مكانا في غرفتي وسينام عندي عدة أيام حتى تشفى أمه))
اتسعت عينا رتيل وظلت متجمدة مكانها.. لا من طريقة جفاء مالك في الحديث معها قبل أن يغادر.. بل بسبب ما قاله..
هي ليست أول مرة ينام يزيد معه في نفس الغرفة.. بل سبق وذهب في رحلات عديدة وقام باصطحابه معه.. لكنه يظل غريبا عنه..
فكيف تأمنه سمية بابنها إلى هذا الحد!
تصاعد رنين هاتف رتيل لتتسع عينيها وهي ترى زوجها صاحب الصوت ففتحت عليه الخط قائلة بخشية على الفور قبل أن تعطيه مجالا للحديث.. أو للصراخ
((الآن.. الآن سأصعد بالشاي لكم.. انتظر عشر دقائق))
وأغلقت الخط في وجهه فورا وهي تسرع الخطوات عائدة للمطبخ..
.
.
قامت زاهية بتوديع زوارها وعندما مرت في البهو وجدت نورين تقف امامها بينما تقول بكلمات متعثرة
((عمتي أرجوكِ اسمحي لي أن أبرر موقفي.. أنا لم أتعمد رمي الشاي الساخن على سمية..))
قاطعتها زاهية وملامح قاسيه ترتسم على وجهها
((اغربي من أمام وجهي.. لقد خيبت ظني بك وأفسدتِ زيارة النسوة لي))
إلا أن نورين ظلت واقفة مكانها كاللوح الخشبي.. لا تريد الحراك قبل أن تبرر نفسها..
فنظرت لمصعب الجالس على أريكة سوداء أنيقة موضوع في المنتصف يدفن وجهه في يديه.. باديا الإنهاك عليه.. ربما بسبب العمل.. فقد عاد توا منه دون أن يجد مجالا للاستحمام أو تغير ملابسه..
لم تراعي زاهية وضع ابنها وهي تهتف به بحزم
((خذ زوجتك ولا تريني وجهها يا مصعب))
ابعد مصعب يديه عن مرمى وجهه يناظر نورين هادرا بينما يقف من مكانه
((اصعدي خلفي))
لكنها ظلت مكانها تهز رأسها نفيا وهي تنظر للأرض
((رتيل هي من تسببت بكل هذه الفوضى في المطبخ قبل قليل))
لكن مصعب لم يهتم بكلامها فاقترب منها يمسك ذراعها هادرا
((سنتحدث فوق))
انتفضت نورين وهي تشعر بيده تقبض على ذراعها بقوة هامسا
((الحقيني بدون أي كلمة))
ثم جرها خلفه ولم تجد أمامها إلا أن ترضخ لأمره وتسير خلفه مجارية خطواته الواسعة والسريعة..
كل ما فيها كان مستسلما حتى عبراتها المتساقطة على وجنتيها كانت تنزلق بصمت..

انتهى الفصل.



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 01:15 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:47 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.